منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   ديوان الشاعر سميح القاسم (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=1924)

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 12:27 AM

غوانتانامو

هنا يَفسُدُ الملحُ. يأسنُ ماءُ الينابيعِ. يؤذي النسيمُ. ويُعدي الغمامُ
هنا تثلجُ الشمسُ. مبخرةُ الثلجِ تُشعلُ شعرَ الحواجبِ والأنفِ. تدنو الأفاعي. وينأى الحمامُ
هنا يسهرُ الموتُ في اليومِ دهراً. وروحُ الحياةِ تنامُ نهاراً ودهراً تنامُ
بكاءُ الرجالِ هنا. وبكاءُ النساءِ. ليضحكَ ملءَ البكاءِ لئامٌ لئامُ
هنا غوانتانامو..
وجوهٌ وما من وجوهٍ. وصوتٌ ولا صوتَ. والوقتُ لا يعرفُ الوقتَ. لا ضوءَ. لا همسَ. لا لمسَ. لا شيءَ. لا شمسَ. ليلٌ. وليلٌ يجبُّ النهارْ
وقيدٌ يُسمَّى السِّوارْ
وقيدٌ دماءٌ. وقيدٌ دمارْ
وراءَ الجدارِ. وراءَ الحديدِ. وراء الجدارْ
هنا قلقٌ لا يفيقُ. هنا أرقٌ لا ينامُ
هنا غوانتانامو..
تدفُّ رفوفُ العصافيرِ رُعباً. وتخفقُ أجنحةُ الموتِ في فخِّ أسلاكِهِ الشائكهْ
ويسطو طنينُ الذبابِ على ثَمَرِ الأعينِ الهالكهْ
وتعلو على لهبِ الدمِّ والدّمعِ أبخرةٌ فاتكهْ
ويهوي الظلامُ
هنا غوانتانامو..
أتعلمُ أُمُّكَ أنّكَ تذوي حنيناً إليها؟ أتعلمُ أمّكَ يا أيّهذا الأسيرُ الغريبْ
أتعلمُ أنّك تلمحُ في الموتِ كفَّ الطبيبْ
أتعلمُ أمكَ أنكَ في ربقةِ الأسرِ تحلمُ حرّاً
بدفءِ يديها
وتبكي عليكَ. وتبكي عليها
وأنّك تدعو وتدعو. وأنّ السماواتِ لا تستجيب
لأنك في غوانتانامو
وبعضُ الدّعاءِ مَلامُ..
تضنُّ القلوبُ بأسرارها. ويبوحُ المسدَّسُ. ما الحلُّ؟
يا جنرالَ الظلامِ . ويا سيّدَ النفطِ والحلِّ والرّبطِ . ما الحلُّ
يا سيّدَ البورصةِ الخائفهْ
ويا قاتلَ الوقتِ في رَحْمِ ساعاتِنا الواقفهْ
إلى أين تمضي جنائزُ أحلامِك النازفهْ
إلى أين يمضي السلامُ؟
إلى أين يمضي الكلامُ؟
إلى غوانتانامو..
تعيشُ اللغاتُ هنا. وتموتُ اللغاتْ
على الملحِ والدمعِ والذكرياتْ
وتؤوي بقايا الرفاتِ بقايا الرفاتْ
وأحذيةُ الجندِ لا تستريحُ. وقبضاتُهم لا تريحُ. وما من شرائعَ. ما من وصايا. ولا دينَ. لا ربَّ. لا شرقَ. لا غربَ. ما من حدودٍ. وما من جهاتْ
هنا كوكبٌ خارجَ الأرضِ. لا تُشرقُ الشمسُ فيه. وما من حياةٍ عليه. وما من حروبٍ. وليسَ عليه سلامُ
هنا كوكبٌ خارجَ الجاذبيَّهْ
وما من معانٍ إلهيَّةٍ تدَّعيهِ
وما من رؤىً آدميَّهْ
ظلامٌ
ظلامٌ
ظلامُ
هنا.. غوانتانامو..
جناحُ الفراشةِ ينسى زهورَ الربيعِ. جناح الفراشةِ ينسى الربيعَ القديمَ الجديدَ القريبَ البعيدَ. ويسقطُ في النارِ. لا طَلْعَ. لا زرعَ. كفُّ الأسيرِ جناحُ الفراشةِ. مَن أشعَلَ النارَ في البدءِ؟ مَن أرهبَ النسمةَ
الوادعَهْ
ومن أرعبَ الوردةَ الطالعهْ
لتسقطَ كفُّ الأسيرِ. ويسقطَ قلبُ الطليقِ. على لهبِ الفاجعَهْ
ويرحلَ بالراحلينَ المقامُ
إلى غوانتانامو..
كلامٌ جميلٌ عن العدلِ والظلمِ. والحربِ والسلمِ. في مجلسِ الحسنِ والصونِ والأمنِ. في كافيتيريا الرصيفِ. وفي البرلمانِ. وفي المهرجانِ. وبين القضاةِ. وفي الجامعاتِ. كلامٌ غزيرٌ. وحلوٌ
مريرٌ. ومَرَّ الكرامِ يمرُّ عليه الكرامُ
ويمضي الصدى. ويضيعُ الكلامُ
ولا شيءَ يبقى سوى.. غوانتانامو..
ويبقى غبارٌ على صُوَرِ العائلهْ
ووجهٌ يغيبُ رويداً رويداً. وتشحُب ألوانُه الحائلهْ
وسيّدةٌ عُمرُها ألفُ عُمرٍ. تقاومُ قامتُها المائلهْ
لترفعَ عينينِ ذابلتينِ إلى صورةِ الأُسرةِ الذابله
"تُرى أين أنتَ؟"
"متى ستعودُ؟"
"وهل ستعودُ قُبيل رحيلي؟"
"لأمِّك حقٌّ عليكَ. ترفَّقْ بأمِّك يا ابني. تعالَ قليلاً. ألستَ ترى أنّني راحلهْ؟"
"تُرى أين أنتَ؟"
وتجهلُ أُمُّ الأسيرِ البعيدِ مكاناً بعيداً
يسمُّونَهُ غوانتانامو
وتبكي.. وتبكي عليها العنادلُ. تبكي النسورُ. ويبكي اليمامُ..
هنا وطنُ الحزنِ من كلِّ جنسٍ ولونٍ. هنا وطنُ الخوفِ والخسفِ من كلِّ صنفٍ. هنا وطن السحقِ والمحقِ والموتِ كيف تشاءُ المشيئةُ موتٌ ترابٌ. وموتٌ رخامُ
هنا غوانتانامو
أراجيحُ ضوءٍ شحيحٍ عقاربُ ساعتِهِ المفلتهْ
ورقّاصُ ساعتِهِ الميّتهْ
هنا غوانتانامو
يغنّي المغنّي الأسيرُ دماً. يا صديقي المغنّي
لجرحِكَ إيقاعُ جرحي
لصوتِكَ أوتارُ حزني
لموتِكَ ما ظلَّ لي من حياتي
وما ظلَّ للموتِ منّي
وكلُّ زمانٍ هُلامُ
وكلُّ مكانٍ هُلامُ
سوى غوانتانامو..
لبرجِ المراقبةِ الجهْمِ أن يستثيرَ الرياحَ وأن يستفزَّ الجهاتْ
وللحارسِ الفظّ أن يشتُمَ الأمَّهاتْ
وللثكناتِ .. وللأسلحهْ
ممارسةُ الحلمِ بالمذبحهْ
وللزيتِ والشَّحم والفحمِ أن تتحدّى طموحَ الزهورِ
وأن تتصدّى لتوقِ النباتْ
وللقبضاتِ. وللأحذيهْ
معاقبةُ الأغنيهْ
وقمعُ الصَّلاةْ
هنا ما يشاءُ النِّظامُ
وفوضى تُرتِّبُ فوضى
ويُسكِتُ جوعاً صِيامُ
هنا غوانتانامو..
ينامون بين الأسرَّةِ والريحِ. أهدابُهم في النجومِ. وأطرافُهم في مياهِ المحيطِ. ينامونَ صفراً عُراةً وسوداً وبيضاً عراةً وسُمراً عُراةً. لحافُ السماءِ غطاءٌ ثقيلٌ. ينامون بين شفيرِ الجحيمِ وحبلِ الخلاصِ.
وهل من خلاصٍ سوى ما تُتيحُ حبالَ المشانقِ؟ هل من خلاصٍ سوى ما تُتيحُ حبالُ المشانقِ؟ مَن يُصدرُ الحُكمَ يا حضراتِ القضاةِ الغزاةِ الطغاةِ؟ ينامون أسرى الحنينِ وأسرى الجنونِ. ولا نومَ . لا صحوَ. ما
من أسِرَّهْ
سوى شُهُبٍ من شظايا المجرَّهْ
وما من لحافٍ سوى ما يُهيل القتامُ
على غوانتانامو
وأكفانِ حزنٍ. ونيرانِ حَسْرَهْ
هنا غوانتانامو
تقولُ الدساتيرُ ما لا تقولُ البنادقْ
تقولُ المغاربُ ما لا تقولُ المشارقْ
تقولُ الأراجيحُ ما لا تقولُ المشانقْ
يقولُ الأساطينُ في فنِّ قتلِ المحبَّةِ. ما لا
تقولُ أناشيدُ عاشقْ
فماذا يقولُ لنا الاتهامُ؟
وماذا يقولُ لنا غوانتانامو؟
وماذا يقولُ رمادُ المحارِقِ. ماذا يقولُ رمادُ المحارقْ؟
وماذا يقولُ زجاجُ النوافذِ للشمسِ والريحِ؟ ماذا
يقولُ القميصُ العتيقُ لعاصفةِ الرملِ والثلجِ؟ مِن
أينَ تأتي الأفاعي إلى غُرفِ النّوم؟ ما يفعلُ الطفلُ
بالقنبلهْ
وكيف يردُّ الذبيحُ على الأسئلهْ
وماذا تقولُ لصاعقةٍ سُنبُلهْ
وماذا تقولُ الصبيّةُ بعد اقتناصِ أبيها
وكيف يجيبُ الغُلامُ
على غوانتانامو؟
لأنَّ دماءَ المسيحِ تسحُّ على شُرفةِ الأرضِ
من شُرفةِ الآخرهْ
لأنَّ دموعَ النبيّينَ تنفعُ إن لم تعُدْ تنفع الآصرهْ
وتَشفع للأُممِ الصابِرهْ
لأنّ الخليقةَ مؤمنَةٌ أوّلَ الأمرِ بالله. موعودةٌ
آخرَ الأمرِ بالرحمةِ الغامرهْ
لأنّ النفوسَ البسيطةَ طيّبةٌ غافرهْ
فهل تتخلَّى السماءُ؟ وهل يستريحُ الأنامُ
إلى الصمتِ والموتِ في غوانتانامو؟
لإيكاروسِ العصرِ حكمةُ ذيذالوسِ العصرِ..
O.k... فهمنا الرسالةَ. لكنَّ أجنحةَ الطائراتِ الرهيبةِ أقوى من الرّيشِ والريحِ. أسرعُ من نبضةِ القلبِ في قلعةِ البنتاغونِ القصيَّهْ
ويسقطُ إيكاروسُ العصرِ. تسقطُ حكمةُ ذيذالوسِ العصرِ،
بين المارينـزِ وحاملةِ الطائراتِ العصيَّهْ
وتبقى التفاصيلُ. لكنْ تضيعُ القضيَّهْ
ويبقى الحلالُ. ويبقى الحرامُ
ويبقى النـّزيفُ على غوانتانامو..
متى تسقطُ الكأسُ من كفِّ يوضاسَ؟ أين الوصايا؟ وأين المرايا؟ أليسَ هنا أَحَدٌ؟ أين أنتم؟ وهُم؟ أين نحنُ؟ وأين قضاةُ النظامِ الجديدِ؟ ألم يفرغوا من طقوسِ العشاءِ الأخيرِ؟ ومن خطّةِ الضَّربِ والصَّلبِ؟ أين رُعاةُ
الحقوقِ؟ وأينَ حُماةُ الحدودِ؟ ألم يشبعوا من طعامِ العشاءِ الأخيرِ؟ ألم يكفِهم جسدي خبزهم ودمي خمرهم؟ يتخمونَ على رسلِهم. يثملونَ على رِسلِهم. يصخبونَ. وشاهدةُ القبرِ بينهم المائدهْ
ووجبتُهم جثّتي الخامدهْ
هنا غوانتانامو
هنا تتهاوى النواميسُ. يسقطُ سرُّ اللّغاتِ. هنا تتشظّى الجراحُ. هنا تتلظّى الرياحُ. متى تنهضُ الشمسُ من قبرِها؟
متى تُسفرُ الأرضُ عن فجرِها؟
متى تتصدَّى حياةٌ لموتٍ؟ متى تتحدّى الحروبَ السلامُ؟
كفى غوانتانامو
كفى غوانتانامو
كفى غوانتانامو
كفى

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 12:28 AM

البيان قبل الأخير ..

البيان قبل الأخير عن واقع الـحال مع الغزاة الّذين لا يقرأون
----------------
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
يَوْمُ الْحِسَابِ فَاتَكُمْ
وَبَعْثَرَتْ أَوْقَاتَكُمْ
أَرْقَامُهَا الْمُبَعْثَرَهْ
فَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ...
تَدَفَّقُوا مِنْ مَجْزَرَهْ
وَانْطَلِقُوا فِي مَجْزَرَه
أَشْلاَءُ قَتْلاَنَا عَلَى نَهْرِ الدِّمَاءِ قَنْطَرَهْ
فَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
تَزَوَّجُوا دَبَّابَةً
وَأَنْجِبُوا مُحَنْزَرَهْ
وَحَاوِلُوا
وَعَلِّلُوا
وَقَاتِلُوا
وَقَتِّلُوا
كُلُّ شَهِيدٍ غَيْمَةٌ
تَصْعَدُ مِنْ تُرَابِنَا
تَهْمِي عَلَى حِرَابِكُمْ
وَمَرَّةً أُخْرَى وَرَاءَ مَرَّةٍ أُخْرَى
يَعُودُ غَيْمَةً مِنْ بَابِنَا
كُلُّ شَهِيدٍ غَيْمَةٌ
كُلُّ وَلِيدٍ شَجَرَهْ
فَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
يَا أَيُّهَا الآتُونَ مِنْ عَذَابِكُمْ
عُودُوا عَلَى عَذَابِنَا
عُودُوا إِلَى صَوَابِنَا
أَلشَّمْسُ فِي كِتَابِنَا
فَأَيُّ شَيْءٍ غَيْرَ هَذَا اللَّيْلِ فِي كِتَابُكُمْ
يَا أَيُّهَا الآتُونَ مِنْ عَذَابِكُمْ
لاَ. لاَ تَعُدُّا الْعَشَرَهْ
وَغَازِلُوا قَاذِفَةً
وَعَاشِرُوا مُدَمِّرَهْ
وَأَتْقِنُوا الْمَكَائِدَ الْمُحْكَمَةَ الْمُدَبَّرَهْ
خُذُوا دَمِي حِبْرًا لَكُمْ
وَدَبِّجُوا قَصَائِدَ الْمَدِيحِ
فِي الْمَذَابِحِ الْمُظَفَّرَهْ
وَسَمِّمُوا السَّنَابِلْ
وَهَدِّمُوا الْمَنَازِلْ
وَأَطْلِقُوا النَّارَ عَلَى فَرَاشَةِ السَّلاَمْ
وَكَسِّرُوا الْعِظَامْ
لاَ بَأْسَ لَوْ تَصِيرُ مَزْهَرِيَّةً
عِظَامُنَا الْمُكَسَّرَهْ
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ
مَنْ أَوْصَدَ السِّحْرَ عَلَى قُلُوبِكُمْ؟
مَنْ كَدَّسَ الأَلْغَازَ فِي دُرُوبِكُمْ؟
مَنْ أَرْشَدَ النَّصْلَ إِلَى دِمَائِنَا؟
مَنْ دَلَّ أَشْبَاحَ الأَسَاطِيرِ عَلَى أَسْمَائِنَا؟
مَنْ أَشْعَلَ الْفَتِيل؟
مَنْ لاَطَمَ الْقَتِيلَ بِالْقَتِيلْ؟
لاَ تَسْأَلُوا
لاَ تَقْبَلُوا
لاَ تَعْبَأُوا بِالدَّمْعَةِ الْمُفَكِّرَهْ
وَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
مِنْ هَهُنَا كَرَّتْ جُيُوشٌ مِثْلَكُمْ
وَهَهُنَا فَرَّتْ جُيُوشٌ قَبْلَكُمْ
فَاقْتَحِمُوا
وَالْتَحِمُوا
وَأَخْطِئُوا
وَاتَّهِمُوا
مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا لَكُمْ
قَاضٍ، بِمَا تَرَوْنَهُ حَقًّا وَعَدْلاً يَحْكُمُ
وَنَحْنُ لَسْنَا غَيْرَ اُسْطُوَانَةٍ مُكَرَّرَهْ
أَقْوَالُنَا. فِي عُرْفِكُمْ. مُزَوَّرَهْ
كُوشَانُنَا، شُهُودُنَا، عُقُودُنَا مُزَوَّرَهْ
وَجَدُّنَا مُزَوَّرٌ
وَأُمُّنَا مُزَوَّرَهْ
وَلَحْمُنَا وَدَمُّنَا شَهَادَةٌ مُزَوَّرَهْ
لاَ.. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ...
جِئْتُمْ
إِذَنْ، فَلْيَخْرُجِ الْقَتْلَى إِلَى الشَّوَارِعْ
وَلْيَخْرُجِ الآبَاءُ وَالأَبْنَاءُ.. لِلشَّوَارِعْ
وَلْتَخْرُجِ الأَقْلاَمُ وَالدَّفَاتِرُ الْبَيْضَاءُ
وَالأَصَابِعْوَلْتَخْرُجِ الْمَكَاحِلْ
وَخُصَلُ النَّعْنَاعِ وَالْجَدَائِلْ
وَلْتَخْرُجِ الأَفْكَارُ وَالأَشْعَارُ وَالآرَاءُ
وَالْفَصَائِلْ
وَلْيَخْرُجِ الْمُنَظِّرُ الْمُبَشِّرُ الْمُقَاتِلْ
وَلْتَخْرُجِ الأَحْلاَمُ مِنْ كَابُوسِهَا
وَلْتَخْرُجِ الأَلْفَاظُ مِنْ قَامُوسِهَا
وَلْتَخْرُجِ الْبُيُوتُ وَالْوَرْشَاتُ والْمَزَارعْ
وَلْتَخْرُجِ الْمِحْنَةُ وَاللَّعْنَةُ لِلشَّوَارِعْ
وَلْتَخْرُجِ النَّكْبَةُ وَالنَّكْسَةُ لِلشَّوَارِعْ
وَلْيَخْرُجِ الدَّجَاجُ وَالسِّيَاجُ لِلشَّوَارِعْ
وَلْتَخْرُجِ الْبُطُونُ وَالأَفْخَاذُ وَالأَحْلاَفُ
وَالأَحْزَابْ
وَلْتَخْرُجِ الأَدْيَانُ وَالشَّرَائِعْ
وَلْتَخْرُجِ الأَشْيَاءُ وَالأَسْمَاءُ وَالأَلْقَابْ
وَلْيَخْرُجِ الْحُبُّ عَلَى أَجْنِحَةِ الضَّغِينَهْ
أَبْيَضَ فِي أَزِقَّةِ الْمُخَيَّمْ
أَسْوَدَ فِي كُوفِيَّةِ الْمُلَثَّمْ
أَخْضَرَ فِي حَارَاتِنَا الْحَزِينَهْ
أَحْمَرَ فِي انْتِفَاضَةِ الْقَرْيَةِ
وَالْمَدِينَهْ
وَلْتَخْرُجِ الأُهْزُوجَةُ الشَّعْبِيَّهْ
وَلْتَخْرُجِ الْقَضِيَّهْ...
حِئْتُمْ
إِذَنْ فَلْتَخْرُجِ السَّاحَاتُ وَالشَّوَارِعْ
فَيْضًا مِنَ النُّورِ
عَلَى الْعَتْمَةِ فِي السَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
سَدًّا مِنَ اللَّحْمِ
عَلَى مَدٍّ مِنَ الْفُولاَذِ وَالْمَطَامِعْ
أَلْكُلُّ.. لِلسَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
وَالْكُلُّ.. فِي السَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
وَلْتُدْرِكِ الْمَصَارِعُ الْمَصَارِعْ
وَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ...
جِئْتُمْ
إِذَنْ فَلْيَأْخُذِ الْفُولاَذُ مَا يَشَاءْ
وَلْتَأْخُذِ الْهِرَاوَةُ الْحَمْقَاءْ
وَلْيَأْخُذِ الْمَطَّاطُ وَالرَّصَاصْ
وَلْتَأْخُذِ الأَسْلاَكُ وَالْغَازَاتُ مَا تَشَاءْ
أبْرَقَتِ الْكَآبَهْ
فِي أُفُقِ الْكَوَارِثِ الصَّمَّاءْ
وَأَرْعَدَتْ إِرَادَةُ الْخَلاَصْ
فَلْتَخْتَصِرْ تَارِيخَهَا السَّحَابَهْ
وَلْتُمْطِرِ الدِّمَاءْ
وَلْتُمْطِرِ الدِّمَاءْ
وَلْتُزْهِرِ السُّفُوحُ وَالسُّهُولُ وَالْوِدْيَانْ
قَتْلَى وَزَيْتُونًا وَزَعْفَرَانْ
وَلْتَقْدَحِ الشَّرَارَهْ
بِحِكْمَةِ الْحِجَارَهْ
وَلْيَخْتَرِعْ إِنْسَانَهُ الإِنْسَانْ
فَلاَ تَعُدُّا الْعَشَرَهْ
وَلاَ نَعُدُّ الْعَشَرَهْ
تَرَاجَعَ الصِّفْرُ إِلَى الصِّفْرِ
انْطَلِقْ
مِنْ قُمْقُمِ الْمَوْتِ
إِلَى سَمَائِكَ الْمُحَرَّرَهْ
وَأَرْضِكَ الْمُحَرَّرَهْ
عِمْلاَقُنَا مِقْلاَعُنَا
مِقْلاَعُنَا عِمْلاَقُنَا
وَلاَ تَعُدَّ الْعَشَرَهْ
لاَ
لاَ تَعُدَّ الْعَشَرَهْ!!

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 12:28 AM

ألا تشعرين ؟

ألا تشعرين؟....
بأنّا فقدنا الكثير.
وصار كلاماً هوانا الكبير.
فلا لهفةٌ .. لا حنين...
ولا فرحةٌ في القلوب، إذا ما التقينا
ولا دهشةٌ في العيون..
ألا تشعرين؟..
بأنّ لقاءاتنا جامدة.
وقُبلاتنا باردة.
وأنّا فقدنا حماس اللقاء
وصرنا نجاملُ في كل شيءٍ.. وننسى
وقد يرتمي موعدٌ.. جثّةٌ هامدة.
فنكذبُ في عُذرنا.. ثم ننسى
ألا تشعرين؟..
بأنّ رسائلنا الخاطفة.
غدت مبهماتٍ .. قصيرة.
فلا حسّ .. لا روح فيها.. ولا عاطفة.
ولا غمغماتٌ خياليةٌ
ولا أمنياتٌ.. ولا همساتٌ مثيرة!
وأن جواباتنا أصبحت لفتاتٍ بعيدة.
كعبءٍ ثقيلٍ..نخلّصُ منه كواهلنا المتعبة.
ألا تشعرين؟..
بدنيا تهاوت.. ودنيا جديدة.
ألا تشعرين ؟..
بأن نهايتنا مرّةٌ .. مرعبة.
لأنّ نهايتنا .. لم تكن مرّةٌ .. مرعبة؟!..

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 12:29 AM

بطاقات معايدة إلى الجهات الست

أُسْوَةً بالملائكةِ الخائفينَ على غيمةٍ خائفهْ
في مَدى العاصفهْ
أُسْوَةً بالأباطرةِ الغابرينْ
والقياصرةِ الغاربينْ
في صدى المدنِ الغاربَهْ
وبوقتٍ يسيرُ على ساعتي الواقفَهْ
أُسْوَةً بالصعاليكِ والهومْلِسّ
بين أنقاضِ مانهاتن الكاذبَهْ
أُسْوَةً بالمساكينِ في تورا بورا،
وإخوتِهم، تحت ما ظلَّ من لعنةِ التوأمينِ،
ونارِ جهنَّمها اللاهبَهْ
أُسْوَةً بالجياعِ ونارِ الإطاراتِ في بوينس إيريسْ،
وبالشرطةِ الغاضبَهْ
أُسْوَةً بالرجالِ السكارى الوحيدين تحت المصابيحِ،
في لندنَ السائبَهْ
أُسْوَةً بالمغاربةِ الهائمينَ على أوجه الذلِّ والموتِ ،
في ليلِ مِلِّيلَةَ الخائبَهْ
أُسْوَةً بالمصلّينَ في يأسهم
والمقيمينَ ، أسرى بيوتِ الصفيح العتيقْ
أُسْوَةً بالصديقِ الذي باعَهُ مُخبرٌ ،
كانَ أمسِ الصديقَ الصديقْ
أُسْوَةً بالرهائن في قبضةِ الخاطفينْ
أُسْوَةً برفاقِ الطريقْ
أُسْوَةً بالجنودِ الصِّغار على حربِ أسيادهم ،
وعلى حفنةٍ من طحينْ
أُسْوَةً بالمساجين ظنّاً ،
على ذمّةِ البحثِ عن تهمةٍ لائقَهْ
أُسْوَةً بالقراصنةِ الميّتينْ
بضحايا الأعاصيرِ والسفنِ الغارقَهْ
بالرعاةِ الذين أتى القحطُ عاماً فعاماً
على جُلِّ إيمانهمْ
وعلى كُلِّ قُطعانهمْ
أُسْوَةً بالشبابِ المهاجرِ سرّاً ،
إلى لقمةٍ ممكنَهْ
خارجَ الجوعِ في وطنِ الفاقةِ المزمنَهْ
أُسْوَةً بالفدائيِّ أَوقَعَهُ خائنٌ في كمينْ
أُسْوَةً بالنواصي التي جزَّها النزقُ الجاهليّ
والرقابِ التي حزَّها الهَوَسُ الهائجُ المائجُ الفوضويّ
أُسْوَةً بالمذيعِ الحزينْ
مُعلناً ذَبْحَ سبعينَ شخصاً من العُزَّلِ الآمنينْ
باسم ربِّ السماءِ الغفورِ الرحيمْ
والرسولِ العظيمْ
والكتابِ الكريمْ
وصراط الهدى المستقيمْ
أُسْوَةً باليتامى الصغارْ
بالمسنّينَ في عزلةِ الزمنِ المستعارْ
بينَ نارٍ وماءٍ.. وماءٍ ونارْ
أُسْوَةً بالجرار التي انكسرتْ ،
قبلَ أن تبلغَ الماءَ ،
في واحةٍ تشتهيها القفارْ
أُسْوَةً بالمياهِ التي أُهرقتْ في الرمالِ ،
ولم تستطعْها الجرارْ
أُسْوَةً بالعبيد الذينْ
أَعتقتْهم سيولُ الدماءْ
ثمَّ عادوا إلى رِبْقَةِ السادةِ المترفينْ
في سبيلِ الدواءْ
وبقايا بقايا غذاءْ
أُسْوَةً بالقوانين ، تقهرها ظاهرَهْ
بالبحارِ التي تدَّعيها سفينَهْ
بالجهاتِ التي اختصرتْها مدينَهْ
بالزمانِ المقيمِ على اللحظةِ العابرَهْ
أُسْوَةً برجالِ الفضاءِ وحربِ النجومِ اللعينَهْ
أُسْوَةً بضحايا الحوادثِ في الطرقِ المتعَبَهْ
وضحايا السلامْ
وضحايا الحروبِ وأسرارِها المرعبَهْ
وضحايا الكلامْ
وضحايا السكوتِ عن القائلينَ بحُكم الظلامْ
وبفوضى النظامْ
أُسْوَةً بالمياهِ التي انحسرتْ ،
عن رمادِ الجفافْ
والجذوعِ التي انكسرتْ ،
واستحالَ القطافْ
أُسْوَةً بالشعوبِ التي أوشكتْ أن تبيدْ
واللغات التي أوشكتْ أن تبيدْ
في كهوفِ النظامِ الجديدْ
أُسْوَةً بضحايا البطالَهْ
يبحثونَ عن القوتِ في حاوياتِ الزبالَهْ
أُسْوَةً بالطيورِ التي هاجرتْ
ثم عادتْ إلى حقلِهَا الموسميّ
في الشمالِ القَصِيّ
لم تجدْ أيَّ حقلٍ.. ولا شيءَ غير المطارْ
والفراشاتُ ظلُّ الفراشاتِ في المشهد المعدنيّ
ظِلُّ نفاثةٍ قابعَهْ
خلفَ نفّاثةٍ طالعَهْ
بعدَ نفّاثةٍ ضائعَهْ
خلفَ نفّاثةٍ راجعَهْ
لم تجدْ غير دوّامةٍ من دُوارْ
أُسْوَةً بغيومِ الشتاءِ على موتها مُطبِقَهْ
بالبراكينِ في آخرِ العمرِ.. مُرهَقةً مُرهِقَهْ
بالرياحِ التي نصبتْ نفسها مشنقَهْ
وتدلَّتْ إلى قبرِهَا
بين قيعانِ وديانها الضيّقَهْ
أُسْوَةً بالشعوبِ التي فقدتْ أرضَها
بضحايا الزلازلِ والإيدز والجوعِ والأوبئَهْ
أُسْوَةً بالبلادِ التي خسرتْ عِرضَها
ومواعيدَ تاريخها المُرجأهْ
في سُدى هيئةِ الأُمم المطفَأَهْ
أُسْوَةً بي أنا
نازفاً جارحا
غامضاً واضِحا
غاضباً جامحا
أُسْوَةً بي أنا
مؤمناً كافراً
كافراً مؤمِنا
أُسْوَةً بي أنا
أرتدي كفني
صارخاً: آخ يا جبلي المُنحني
آخ يا وطني
آخ يا وطني
آخ يا وطني !

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 12:30 AM

تعالي لنرسم معاً قوس قزح

نازلاً كنت : على سلم أحزان الهزيمة
نازلاً .. يمتصني موت بطيء
صارخاً في وجه أحزاني القديمة :
أحرقيني ! أحرقيني .. لأضيء !
لم أكن وحدي ،
ووحدي كنت ، في العتمة وحدي
راكعاً .. أبكي ، أصلي ، أتطهر
جبهتي قطعة شمع فوق زندي
وفمي .. ناي مكسّر ..
كان صدري ردهة ،
كانت ملايين مئه
سجداً في ردهتي ..
كانت عيوناً مطفأه !
واستوى المارق والقديس
في الجرح الجديد
واستوى المارق والقديس
في العار الجديد
واستوى المارق والقديس
يا أرض .. فميدي
واغفري لي ، نازلاً يمتصني الموت البطيء
واغفري لي صرختي للنار في ذل سجودي :
أحرقيني .. أحرقيني لأضيء
نازلاً كنت ،
وكان الحزن مرساتي الوحيدة
يوم ناديت من الشط البعيد
يوم ضمدت جبيني بقصيدة
عن مزاميري وأسواق العبيد
من تكونين ؟
أأختاً نسيتها
ليلة الهجرة أمي ، في السرير
ثم باعوها لريح ، حملتها
عبر باب الليل .. للمنفى الكبير ؟
من تكونين ؟
أجيبيني .. أجيبي !
أي أخت ، بين آلاف السبايا
عرفت وجهي ، ونادت : يا حبيبي !
فتلقتها يدايا ؟
أغمضي عينيك من عار الهزيمة
أغمضى عينيك .. وابكي ، واحضنيني
ودعيني أشرب الدمع .. دعيني
يبست حنجرتي ريح الهزيمة
وكأنا منذ عشرين التقينا
وكأنا ما افترقنا
وكأنا ما احترقنا
شبك الحب يديه بيدينا ..
وتحدثنا عن الغربة والسجن الكبير
عن أغانينا لفجر في الزمن
وانحسار الليل عن وجه الوطن
وتحدثنا عن الكوخ الصغير
بين احراج الجبل ..
وستأتين بطفلة
ونسميها " طلل "
وستأتيني بدوريّ وفلـّه
وبديوان غزل !
قلت لي - أذكر -
من أي قرار
صوتك مشحون حزناً وغضب
قلت يا حبي ، من زحف التتار
وانكسارات العرب !
قلت لي : في أي أرض حجرية
بذرتك الريح من عشرين عام
قلت : في ظل دواليك السبيه
وعلى أنقاض أبراج الحمام !
قلت : في صوتك نار وثنية
قلت : حتى تلد الريح الغمام
جعلوا جرحي دواة ، ولذا
فأنا أكتب شعري بشظية
وأغني للسلام !
وبكينا
مثل طفلين غريبين ، بكينا
الحمام الزاجل الناطر في الأقفاص ، يبكي ..
والحمام الزاجل العائد في الأقفاص
... يبكي
ارفعي عينيك !
أحزان الهزيمة
غيمه تنثرها هبة الريح
ارفعي عينيك ، فالأم الرحيمة
لم تزل تنجب ، والأفق فسيح
ارفعي عينيك ،
من عشرين عام
وأنا أرسم عينيك ، على جدران سجني
وإذا حال الظلام
بين عيني وعينيك ،
على جدران سجني
يتراءى وجهك المعبود
في وهمي ،
فأبكي .. وأغني
نحن يا غاليتي من واديين
كل واد يتبناه شبح
فتعالي . . لنحيل الشبحين
غيمه يشربها قوس قزح !
وسآتيك بطفلة
ونسميها " طلل "
وسآتيك بدوريّ وفلـّه
وبديوان غزل !!

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 12:31 AM

طائر الرعد

و يكون أن يأتي
يأتي مع الشمس
وجه تشَّوه في غبار مناهج الدرس
و يكون أن يأتي
بعد انتحار القحط في صوتي
شيء . . روائعه بلا حدّ
شيء يسمّى في الأغاني
طائر الرعد
لا بد أن يأتي
فلقد بلغناها
بلغنا قمة الموت

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 12:32 AM

مَا مِن حوارٍ مَعك بعدَ الآن..

مَا مِن حوارٍ مَعك بعدَ الآن..
إنَّهُ مُجرَّدُ انفجارٍ آخر!
(إلى محمود درويش)
تَخلَّيتَ عن وِزرِ حُزني
ووزرِ حياتي
وحَمَّلتَني وزرَ مَوتِكَ،
أنتَ تركْتَ الحصانَ وَحيداً.. لماذا؟
وآثَرْتَ صَهوةَ مَوتِكَ أُفقاً،
وآثَرتَ حُزني مَلاذا
أجبني. أجبني.. لماذا؟
*
عَصَافيرُنا يا صَديقي تطيرُ بِلا أَجنحهْ
وأَحلامُنا يا رَفيقي تَطيرُ بِلا مِرْوَحَهْ
تَطيرُ على شَرَكِ الماءِ والنَّار. والنَّارِ والماءِ.
مَا مِن مكانٍ تحطُّ عليهِ.. سوى المذبَحَهْ
وتَنسى مناقيرَها في تُرابِ القُبورِ الجماعيَّةِ.. الحَبُّ والحُبُّ
أَرضٌ مُحَرَّمَةٌ يا صَديقي
وتَنفَرِطُ المسْبَحَهْ
هو الخوفُ والموتُ في الخوفِ. والأمنُ في الموتِ
لا أمْنَ في مجلِسِ الأَمنِ يا صاحبي. مجلسُ الأمنِ
أرضٌ مُحايدَةٌ يا رفيقي
ونحنُ عذابُ الدروبِ
وسخطُ الجِهاتِ
ونحنُ غُبارُ الشُّعوبِ
وعَجْزُ اللُّغاتِ
وبَعضُ الصَّلاةِ
على مَا يُتاحُ مِنَ الأَضرِحَهْ
وفي الموتِ تكبُرُ أرتالُ إخوتنا الطارئينْ
وأعدائِنا الطارئينْ
ويزدَحمُ الطقسُ بالمترَفين الذينْ
يُحبّونَنا مَيِّتينْ
ولكنْ يُحبُّونَنَا يا صديقي
بِكُلِّ الشُّكُوكِ وكُلِّ اليَقينْ
وهاجَرْتَ حُزناً. إلى باطلِ الحقِّ هاجَرْتَ
مِن باطلِ الباطِلِ
ومِن بابلٍ بابلٍ
إلى بابلٍ بابلِ
ومِن تافِهٍ قاتلٍ
إلى تافِهٍ جاهِلِ
ومِن مُجرمٍ غاصِبٍ
إلى مُتخَمٍ قاتلِ
ومِن مفترٍ سافلٍ
إلى مُدَّعٍ فاشِلِ
ومِن زائِلٍ زائِلٍ
إلى زائِلٍ زائِلِ
وماذا وَجَدْتَ هُناكْ
سِوى مَا سِوايَ
وماذا وَجّدْتَ
سِوى مَا سِواكْ؟
أَخي دَعْكَ مِن هذه المسألَهْ
تُحِبُّ أخي.. وأُحِبُّ أَخاكْ
وأَنتَ رَحَلْتَ. رَحَلْتَ.
ولم أبْقَ كالسَّيفِ فرداً. وما أنا سَيفٌ ولا سُنبُلَهْ
وَلا وَردةٌ في يَميني.. وَلا قُنبُلَهْ
لأنّي قَدِمْتُ إلى الأرضِ قبلكَ،
صِرْتُ بما قَدَّرَ اللهُ. صِرْتُ
أنا أوَّلَ الأسئلَهْ
إذنْ.. فَلْتَكُنْ خَاتَمَ الأسئِلَهْ
لَعّلَّ الإجاباتِ تَستَصْغِرُ المشكلَهْ
وَتَستَدْرِجُ البدءَ بالبَسمَلَهْ
إلى أوَّلِ النّورِ في نَفَقِ المعضِلَهْ..
*
تَخَفَّيْتَ بِالموتِ،
تَكتيكُنا لم يُطِعْ إستراتيجيا انتظارِ العَجَائِبْ
ومَا مِن جيوشٍ. ومَا مِن زُحوفٍ. ومَا مِن حُشودٍ.
ومَا مِن صُفوفٍ. ومَا مِن سَرايا. ومَا مِن كَتائِبْ
ومَا مِن جِوارٍ. ومَا مِن حِوارٍ. ومَا مِن دِيارٍ.
ومَا مِن أقارِبْ
تَخَفَّيْتَ بِالموْتِ. لكنْ تَجَلَّى لِكُلِّ الخلائِقِ
زَحْفُ العَقَارِبْ
يُحاصِرُ أكْفانَنا يا رفيقي ويَغْزو المضَارِبَ تِلْوَ المضارِبْ
ونحنُ مِنَ البَدْوِ. كُنّا بثوبٍ مِنَ الخيشِ. صِرنا
بربطَةِ عُنْقٍ. مِنَ البَدْوِ كُنّا وصِرنا.
وذُبيانُ تَغزو. وعَبْسٌ تُحارِبْ.
*
وهَا هُنَّ يا صاحبي دُونَ بابِكْ
عجائِزُ زوربا تَزَاحَمْنَ فَوقَ عَذابِكْ
تَدَافَعْنَ فَحماً وشَمعاً
تَشَمَّمْنَ مَوتَكَ قَبل مُعايشَةِ الموتِ فيكَ
وفَتَّشْنَ بينَ ثيابي وبينَ ثيابِكْ
عنِ الثَّروةِ الممكنهْ
عنِ السرِّ. سِرِّ القصيدَهْ
وسِرِّ العَقيدَهْ
وأوجاعِها المزمِنَهْ
وسِرِّ حُضورِكَ مِلءَ غِيابِكْ
وفَتَّشْنَ عمَّا تقولُ الوصيَّهْ
فَهَلْ مِن وَصيَّهْ؟
جُموعُ دُخانٍ وقَشٍّ تُجَلجِلُ في ساحَةِ الموتِ:
أينَ الوصيَّهْ؟
نُريدُ الوصيَّهْ!
ومَا أنتَ كسرى. ولا أنتَ قيصَرْ
لأنَّكَ أعلى وأغلى وأكبَرْ
وأنتَ الوصيَّهْ
وسِرُّ القضيَّهْ
ولكنَّها الجاهليَّهْ
أجلْ يا أخي في عَذابي
وفي مِحْنَتي واغترابي
أتسمَعُني؟ إنَّها الجاهليَّهْ
وَلا شيءَ فيها أَقَلُّ كَثيراً سِوى الوَرْدِ،
والشَّوكُ أَقسى كَثيراً. وأَعتى كَثيراً. وَأكثَرْ
ألا إنَّها يا أخي الجاهليَّهْ
وَلا جلفَ مِنَّا يُطيقُ سَماعَ الوَصيَّهْ
وَأنتَ الوَصيَّةُ. أنتَ الوَصيَّةُ
واللهُ أكبَرْ..
*
سَتذكُرُ. لَو قَدَّرَ الله أنْ تَذكُرا
وتَذكُرُ لَو شِئْتَ أنْ تَذكُرا
قرأْنا امرأَ القَيسِ في هاجِسِ الموتِ،
نحنُ قرأْنا مَعاً حُزنَ لوركا
وَلاميّةَ الشّنفرى
وسُخطَ نيرودا وسِحرَ أراغون
ومُعجزَةَ المتنبّي،
أَلَمْ يصهَر الدَّهرَ قافيةً.. والرَّدَى منبرا
قرأْنا مَعاً خَوفَ ناظم حِكمَت
وشوقَ "أتاتورك". هذا الحقيقيّ
شَوقَ أخينا الشّقيّ المشَرَّدْ
لأُمِّ محمَّدْ
وطفلِ العَذابِ "محمَّد"
وسِجنِ البلادِ المؤبَّدْ
قرأْنا مَعاً مَا كَتَبنا مَعاً وكَتَبنا
لبِروَتنا السَّالِفَهْ
وَرامَتِنا الخائِفَهْ
وَعكّا وحيفا وعمّان والنّاصرَهْ
لبيروتَ والشّام والقاهِرَهْ
وللأمَّةِ الصَّابرَهْ
وللثورَةِ الزَّاحفَهْ
وَلا شَيءَ. لا شَيءَ إلاّ تَعاويذ أحلامِنا النَّازِفَهْ
وساعاتِنا الواقِفَهْ
وأشلاءَ أوجاعِنا الثَّائِرَهْ
*
وَمِن كُلِّ قلبِكَ أنتَ كَتبتُ
وَأنتَ كَتبتَ.. ومِن كُلِّ قلبي
كَتَبْنا لشعْبٍ بأرضٍ.. وأرضٍ بشعبِ
كَتَبْنا بحُبٍّ.. لِحُبِّ
وتعلَمُ أنَّا كَرِهْنا الكراهيّةَ الشَّاحبَهْ
كَرِهْنا الغُزاةَ الطُّغاةَ،
وَلا.. ما كَرِهْنا اليهودَ ولا الإنجليزَ،
وَلا أيَّ شَعبٍ عَدُوٍ.. ولا أيَّ شَعبٍ صديقٍ،
كَرِهْنا زبانيةَ الدولِ الكاذِبَهْ
وَقُطعانَ أوْباشِها السَّائِبَهْ
كَرِهْنا جنازيرَ دبَّابَةٍ غاصِبَهْ
وأجنحَةَ الطائِراتِ المغيرَةِ والقُوَّةَ الضَّارِبَهْ
كَرِهْنا سَوَاطيرَ جُدرانِهِم في عِظامِ الرّقابِ
وأوتادَهُم في الترابِ وَرَاءَ الترابِ وَرَاءَ الترابِ
يقولونَ للجوِّ والبَرِّ إنّا نُحاولُ للبحْرِ إلقاءَهُم،
يكذبُونْ
وهُم يضحكُونَ بُكاءً مَريراً وَيستعطفونْ
ويلقونَنَا للسَّرابِ
ويلقونَنَا للأفاعِي
ويلقونَنَا للذّئابِ
ويلقونَنَا في الخرابِ
ويلقونَنا في ضَياعِ الضَّياعِ
وتَعلَمُ يا صاحبي. أنتَ تَعلَمْ
بأنَّ جَهَنَّم مَلَّتْ جَهّنَّمْ
وعَافَتْ جَهَنَّمْ
لماذا تموتُ إذاً. ولماذا أعيشُ إذاً. ولماذا
نموتُ. نعيشُ. نموتُ. نموتُ
على هيئَةِ الأُممِ السَّاخِرهْ
وَعُهْرِ ملفَّاتِها الفاجِرَهْ
لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟..
ومَا كُلُّ هذا الدَّمار وهذا السقوط وهذا العذاب
ومَا كلُّ هذا؟ وهذا؟ وهذا؟
*
تذكَّرْ
وقدْ يُسعِفُ اللهُ مَيْتاً بأنْ يتذكَّرَ. لله نحنُ.
فحاول إذن.. وتذكَّرْ
تذكَّرْ رضا الوالِدَهْ
لأُمَّينِ في واحِدَهْ
ونعمةَ كُبَّتِها.. زينة المائِدَهْ
وطُهرَ الرَّغيفِ المقمَّرْ
تذكَّرْ
أباً لا يُجيدُ الصّياحْ
ولا يتذمَّرْ
تذكَّرْ
أباً لا يضيقُ ولا يتأفَّفُ مِن سَهَرٍ صاخِبٍ للصَّباحْ
تذكَّرْ كَثيراً. ولا تتذكَّرْ
كَثيراً. فبعضُ الحِكاياتِ سُكَّرْ
وكُلُّ الخرافاتِ سُمٌّ مُقَطَّرْ
ونحنُ ضَحايا الخرافاتِ. نحنُ ضَحايا نبوخذ نصّرْ
وأيتام هتلَرْ
ومِن دَمِنا للطُّغاةِ نبيذٌ
ومِن لَحمِنا للغُزاةِ أكاليلُ غارٍ ووردٍ
ومِسْكٌ. وَعَنبَرْ
فَلا تتذكِّرْ
قيوداً وسجناً وعسكَرْ
وبيتاً مُدَمَّرْ
وَليلاً طَويلاً. وَقَهراً ثقيلاً وسَطواً تكرَّرْ
وَلا تتذكَّرْ
لا تتذكَّرْ
لا تتذكَّرْ..
*
لأنّا صديقانِ في الأرضِ والشّعبِ والعُمرِ والشِّعرِ،
نحنُ صريحانِ في الحبِّ والموتِ.. يوماً غَضِبْتُ عليكَ..
ويوماً غَضِبْتَ عَلَيّْ
وَمَا كانَ شَيءٌ لدَيكَ. وَمَا كانَ شَيءٌ لَدَيّْ
سِوَى أنّنا مِن تُرابٍ عَصِيّْ
وَدَمْعٍ سَخيّْ
نَهاراً كَتبْتُ إليكَ. وَليلاً كَتَبْتَ إليّْ
وأعيادُ ميلادِنا طالما أنذَرَتْنا بسِرٍّ خَفِيّْ
وَمَوتٍ قريبٍ.. وَحُلمٍ قَصِيّْ
ويومَ احتَفَلْتَ بخمسينَ عاماً مِنَ العُمرِ،
عُمرِ الشَّريدِ الشَّقيّ البَقيّْ
ضَحِكنا مَعاً وَبَكَيْنا مَعاً حينَ غنَّى وصلّى
يُعايدُكَ الصَّاحبُ الرَّبَذيّْ:
على وَرَقِ السنديانْ
وُلِدْنا صباحاً
لأُمٍّ ندىً وأبٍ زَعفرانْ
ومتنا مساءً بِلا أبوَينِ.. على بَحرِ غُربتِنا
في زَوارِقَ مِن وَرَقِ السيلوفانْ
على وَرَقِ البَحرِ. لَيلاً.
كَتَبْنا نشيدَ الغَرَقْ
وَعُدْنا احتَرَقْنا بِنارِ مَطالِعِنا
والنّشيدُ احتَرَقْ
بنارِ مَدَامِعِنا
والوَرَقْ
يطيرُ بأجْنِحَةٍ مِن دُخانْ
وهَا نحنُ يا صاحبي. صَفحَتانْ
وَوَجهٌ قديمٌ يُقَلِّبُنا مِن جديدٍ
على صَفَحاتِ كتابِ القَلَقْ
وهَا نحنُ. لا نحنُ. مَيْتٌ وَحَيٌّ. وَحَيٌّ وَمَيْتْ
"بَكَى صاحبي"،
على سَطحِ غُربَتِهِ مُستَغيثاً
"بَكَى صاحبي"..
وَبَكَى.. وَبَكَيْتْ
على سَطحِ بَيْتْ
ألا ليتَ لَيتْ
ويا ليتَ لَيتْ
وُلِدنا ومتنا على وَرَقِ السنديانْ..
*
ويوماً كَتَبْتُ إليكَ. ويوماً كَتَبْتَ إليّْ
"أُسميكَ نرجسةً حَولَ قلبي"..
وقلبُكَ أرضي وأهلي وشعبي
وقلبُكَ.. قلبي..
*
يقولونَ موتُكَ كانَ غريباً.. ووجهُ الغَرابَةِ أنّكَ عِشْتَ
وأنّي أعيشُ. وأنّا نَعيشُ. وتعلَمُ. تَعلَمُ أنّا
حُكِمْنا بموتٍ سريعٍ يمُرُّ ببُطءٍ
وتَعلَمُ تَعْلَمُ أنّا اجترَحْنا الحياةَ
على خطأٍ مَطْبَعِيّْ
وتَعلَمُ أنّا تأجَّلَ إعدامُنا ألف مَرَّهْ
لِسَكْرَةِجَلاّدِنا تِلْوَ سَكْرهْ
وللهِ مَجْدُ الأعالي. ونصلُ السَّلام الكلام على الأرضِ..
والناسُ فيهم – سِوانا – المسَرَّهْ
أنحنُ مِن الناسِ؟ هل نحنُ حقاً مِن الناسِ؟
مَن نحنُ حقاً؟ ومَن نحنُ حَقاً؟ سألْنا لأوّلِ مَرَّهْ
وَآخرِ مَرَّهْ
وَلا يَستَقيمُ السّؤالُ لكي يستَقيمَ الجوابُ. وها نحنُ
نَمكُثُ في حَسْرَةٍ بعدَ حَسْرَهْ
وكُلُّ غَريبٍ يعيشُ على ألفِ حَيْرَهْ
ويحملُ كُلُّ قَتيلٍ على الظَّهرِ قَبرَهْ
ويَسبُرُ غَوْرَ المجَرَّةِ.. يَسبُرُ غَوْرَ المجَرَّهْ..
*
تُعانقُني أُمُّنا. أُمُّ أحمدَ. في جَزَعٍ مُرهَقٍ بعذابِ
السِّنينْ
وعِبءِ الحنينْ
وَتَفْتَحُ كَفَّينِ واهِنَتَينِ موبِّخَتَينِ. وَتَسأَلُ صارخةً
دُونَ صَوتٍ. وتسألُ أينَ أَخوكَ؟ أَجِبْ. لا تُخبِّئ عَلَيَّ.
أجِبْ أينَ محمود؟ أينَ أخوكَ؟
تُزلزِلُني أُمُّنا بالسّؤالِ؟ فماذا أقولُ لَهَا؟
هَلْ أقولُ مَضَى في الصَّباحِ ليأْخُذَ قَهوَتَهُ بالحليبِ
على سِحرِ أرصِفَةِ الشانزيليزيه. أمْ أدَّعي
أنَّكَ الآن في جَلسَةٍ طارِئَهْ
وَهَلْ أدَّعي أنَّكَ الآن في سَهرَةٍ هادِئهْ
وَهَلْ أُتْقِنُ الزَّعْمَ أنّكَ في موعِدٍ للغَرَامِ،
تُقابِلُ كاتبةً لاجئَهْ
وَهَلْ ستُصَدِّقُ أنّكَ تُلقي قصائِدَكَ الآنَ
في صالَةٍ دافِئَهْ
بأنْفاسِ ألفَينِ مِن مُعجَبيكَ.. وكيفَ أقولُ
أخي راحَ يا أُمَّنا ليَرَى بارِئَهْ..
أخي راحَ يا أُمَّنا والتقى بارِئَهْ..
*
إذنْ. أنتَ مُرتَحِلٌ عن دِيارِ الأحبَّةِ. لا بأسَ.
هَا أنتَ مُرتَحِلٌ لدِيارِ الأحبَّةِ. سَلِّمْ عَلَيهِم:
راشد حسين
فدوى طوقان
توفيق زيّاد
إميل توما
مُعين بسيسو
عصام العباسي
ياسر عرفات
إميل حبيبي
الشيخ إمام
أحمد ياسين
سعدالله ونُّوس
كاتب ياسين
جورج حبش
نجيب محفوظ
أبو علي مصطفى
يوسف حنا
ممدوح عدوان
خليل الوزير
نزيه خير
رفائيل ألبرتي
ناجي العلي
إسماعيل شمُّوط
بلند الحيدري
محمد مهدي الجواهري
يانيس ريتسوس
ألكسندر بن
يوسف شاهين
يوسف إدريس
سهيل إدريس
رجاء النقاش
عبد الوهاب البياتي
غسَّان كنفاني
نزار قباني
كَفاني. كَفاني. وكُثرٌ سِواهم. وكُثرٌ فسلِّم عليهم. وسَوفَ
تُقابِلُ في جَنَّةِ الخُلدِ "سامي". أخانا الجميلَ الأصيلَ.
وَهلْ يعزِفونَ على العُودِ في جَنَّةِ الخُلْدِ؟ أَحبَبْتَ
سامي مَع العودِ في قَعدَةِ "العَينِ".. سامي مَضَى
وَهْوَ في مِثلِ عُمرِكَ.. (67).. لا. لا أُطيقُ العَدَدْ
وأنتُمْ أبَدْ
يضُمُّ الأبَدْ
ويَمْحُو الأبَدْ
وَأَعلَمُ. سوفَ تَعودونَ. ذاتَ صباحٍ جديدٍ تعودُونَ
للدَّار والجار والقدس والشمس. سَوفَ تَعودونَ.
حَياً تَعودُ. وَمَيْتاً تَعودُ. وسَوفَ تَعودون. مَا مِن كَفَنْ
يَليقُ بِنا غيرَ دَمعَةِ أُمٍّ تبلُّ تُرابَ الوَطَنْ
ومَا مِن بِلادٍ تَليقُ بِنا ونَليقُ بِها غير هذي البلادْ
ويوم المعادِ قريبٌ كيومِ المعادْ
وحُلم المغنّي كِفاحٌ
وموتُ المغنّي جهادُ الجِهادْ..
*
إذاً أنتَ مُرتحلٌ عَن دِيارِ الأحِبَّةِ
في زّوْرَقٍ للنجاةِ. على سَطْحِ بحرٍ
أُسمّيهِ يا صاحبي أَدْمُعَكْ
وَلولا اعتصامي بحبلٍ مِن الله يدنو سريعاً. ولكنْ ببطءٍ..
لكُنتُ زَجَرْتُكَ: خُذني مَعَكْ
وخُذني مَعَكْ
خُذني مَعَكْ..
الرامة
10 آب 2008

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 12:33 AM

موعظةٌ لجُمعةِ الخلاص

على مَلأ اللهِ أعلنُ روحي وضوئي. وأشهَدُ. فاشهَدْ
أنا ملكُ القدسِ. نجلُ يبوسَ. وريثُ سلالةِ كنعانَ. وحدي
خليفةُ روحِ النبيّ القديمِ الجديدِ محمَّدْ
أنا ملكُ القُدسِ. لا أنتَ، ريتشاردْ!
أنا ملكُ القُدسِ، فاسحَبْ فلولَكْ
مِراسيَ صعبٌ. ولحميَ مُرٌّ
فأطعِمْ قطيعَ جيوشكَ لحمَ الكلابِ،
وأطعِمْ قطيعَ الكلابِ.. خيولَكْ
ضللتَ السبيلَ. ضللتً سبيلكَ أنتَ.. وأخطأتَ أنتَ
تجاوزتَ كلَّ الحدودِ
بلاطي من النار والجمرِ،
أينَ تجرُّ ذيولَكْ؟
وعرشي قصيٌّ. ومُلكي عصيٌّ عليكَ
فكيفَ تتيهُ؟ وكيفَ تُصعِّرُ خدّاً وجيعاً؟
وأنشوطتي أقسمتْ أن تطولَ وتقصُرَ،
حتى تُحاصِرَ طولَكْ
جهلتَ كتابي،
وتاريخَ وجهي وكفِّي وبابي
وعلَّمكَ الحرفَ سيفي
لتقرأ تحت الرمادِ طُلولَكْ
لعلَّكَ تُدركُ أن القديمَ حُلولي
وأنَّ الجديدَ عذابي
يُسفِّهُ فيكَ فضولَكْ
ويرفضُ في إرثِ أهلي حلولَكْ
وأن بزوغَ دمي الحرِّ والحيِّ يكفي أُفولَكْ
فلملِمْ سيوفكَ. واحزِمْ دروعكَ. ريتشارد
وباشِرْ رحيلَكْ
ستنزلُ أنتَ.. لأصعَدْ
بلادي بلادي. ومملكتي القدسُ. ريتشاردْ
وأنتَ اقترفتَ خروجي من البيت، بيتي،
وأنتَ اقترفتَ دخولَكْ
وآن الأوانُ لترحَلَ. ريتشارد
ضبابُك يطلب نوراً جديداً. وأنتَ تحاربُ نوري القديمَ
تجرَّعْ حلاوةَ بأسي. تجرَّعْ مرارةَ يأسكَ،
واجمَعْ شظايا جنونك من تحتِ خُفَّيَّ،
كدِّسْ حَفاءَ هزائمك السودِ. لُذْ
بشراعِ القراصنةِ الطارئينَ. وغرِّبْ
إلى حالِ غربكَ. ريتشارد.
تزولُ جرائمكَ الدامياتُ. وأنتَ تذلُّ. وأنتَ تزولُ
وكم آن لي أن أُذِلَّكَ. كم آنَ لي أن أُزيلَكْ
أنا ملكُ القدسِ. فاختَرْ سبيلَكْ
وهاجِرْ
إلى الموتِ. إن شئتَ. ريتشارد.
وإن شئتَ دربَ الحياةِ فخُذها وسافرْ
على صهواتِ الدماءِ وفي مركباتِ المجازرْ
إلى حيثُ أَلقتْ..
بلادي بلادي. وأنتَ تُكابِرْ
وفي ألفِ ليلٍ وليلٍ تُغامِرْ
فغادِرْ.. وغادِرْ..
إلى حيثُ ألقتْ..
ولا تنسَ. ريتشارد.
أنا ملكُ القدسِ. من أوَّلِ النقْبِ حتى أعالي الجليلِ،
فأينَ ستُشفي غليلَكْ؟
ويا أسداً من دخانٍ وقشٍّ
ونارٍ وبطشٍ
وحقدٍ وجهلٍ وطيشٍ
تزولُ. إذاً. أيها التيسُ. ريتشارد
وقد آنَ لي. آنَ لي. أن أُزيلَكْ
أتفهمُ. ريتشارد؟
ستفهمُ. ريتشارد.
أقولُ لك الآنَ باسم الفصولْ
وباسم النبوءات. باسم الولاداتِ. باسم الأناشيد. باسم البداياتِ
باسم المسيح وباسم الرسولْ
وباسم السنابلِ والورد. باسمِ اللغات وباسم الحقولْ
وباسم الشواطيء. باسم الجبال ووديانها والسهولْ
وباسم الحروبِ أقولُ. وباسم السلامِ أقولْ:
هي القدسُ. روحٌ. وهاجسُ سرٍّ وشعرٍ ومعنى
وجغرافيا تحتفي بالمجرَّةِ حلماً
ويسري إليها نبيٌّ
ووحيٌ يُعرِّجُ في زرقةِ الله والمنتهى
فلا تتوعَّدْ
بسيفِ الجنونِ المجرَّدْ
هي القدسُ ريتشاردْ
لها ما لنا. ولها ما لها
هي القدسُ ريتشارد
وأنتَ تُداهمُها بالصليبِ، وتخلعُ أبوابَها بالمطامعْ
وتجهلُ سرَّ الصليبِ. وحلمَ يسوع المسيحِ. وأحزانَ مَريَمْ
وظِلُّكَ يرسمُ سوقَ أوروپا وتجّارَها والبضائعْ
وأوهامَ شارٍ. وأحلامَ بائعْ
ويرسمُ ظِلُّكَ نجمةَ داوودَ. ريتشارد
وأعلمُ ما لستَ تعلَمْ
هيَ القدسُ. ريتشارد
فلا تتغطرسْ. ولا تتوهَّمْ
ليَ القدسُ. ريتشارد
أنا القُدسُ. ريتشارد
لنا القدسُ. ريتشارد
صليباً. هلالاً. ونجمةَ داوودَ. ريتشارد
وجسمُكَ يلبسُ دِرع الحديدِ
ليخدعَ معنى الوجودِ وربَّ الجنودِ
وروحكَ تخلعُ أسمالها
وتذهبُ ريحُكَ. تذهبُ ريحُكْ
وتذهبُ أنتَ هلاماً
وتبقى كلاماً
يضيقُ عليهِ ضريحُكْ
وللقدسِ أبوابُها الواسعَهْ
وأسماؤها الرائعَهْ
وأسماؤنا الحلوةُ المرَّةُ اللاذعَهْ
وللقدسِ نجمتُها الطالعَهْ
وللقدسِ أقداسُها. فلتحجَّ إليها الشعوبُ
جميعُ الشعوبِ،
قلوباً بإيمانها خاشعَهْ
وطُهْرَ أَكُفٍّ إلى ربها ضارعَهْ
وأقسمُ. أقسمُ. ريتشارد
على صخرةِ القدسِ أقسمُ أن يتكسَّرَ حقدُ السيوفِ
وأن يتحطَّمَ طيشُ الرماحِ
ووعداً. وعهداً. سنخلقُ منها المناجِلَ،
نصنعُ منها المحاريثَ. كيف نشاءُ. ونبدعُ منها المطارِقْ
وفي سِرِّ أنهارها نحنُ نطفئُ وهمَ الحرائقْ
ونُغرقُ حقدَ الخنادقْ
ونُبدعُ دفءَ البيوتِ. ودفءَ القلوبِ. وسحرَ الحدائقْ
وأقسمُ ريتشارد
يميني مشيئَةُ خَلقٍ وخالِقْ
ويا أَسَدَ القشِّ والطيشِ والغشِّ. ريتشارد،
تفضَّلْ
فتحتُ الطريقَ أمامكَ. فارحَلْ
تفضَّلْ
سأعطيكَ بعضَ زهورِ الجليلِ
وبعضَ نبيذِ الخليلِ. وخلِّ الخليلِ
وأعطيكَ زيتونةً لتضيءَ بلادَكَ
أُعطيكَ ذاكرةً من نخيلي
ومن نبعِ موعظتي السلسبيلِ
ولكن.. تفضَّلْ
تَسَهَّلْ
ولا تتمهَّلْ
أنا ملكُ القدسِ. دعْ لي الصليبَ
ودعْ لي الهلالَ. ونجمةَ داوودَ. وارحَلْ
ولا تتمَلْمَلْ
ولا تتطفَّلْ
إذا شئتَ. حيَّاً. سترحَلْ
وإن شئتَ. مَيْتاً. سترحَلْ
تفضَّلْ.. لترحَلْ..
سترحَلْ
إلى حيثُ ألقتْ..
لترحَلْ
إلى حيثُ ألقتْ..
سترحَل
وترحَلْ
وترحَلْ
وترحَلْ..
(الرامة)

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 12:34 AM

شعبي حَيّ !

كَذَبَ زَعمُ الزاعم أنك صفحة تاريخ مطويّة
خَرَصٌ قول الشانيء إنك مسكون بالموت
حيّ أنت
حي في ساعد عامل
حي في جبهة فلاح
حي في عزم مقاتل
يغزل من أوردة الليل الرابخ أوردة لصباح ..
كذب زعم الزاعم أنّك مسكونٌ بالموت
يا شعبي
حيٌّ حيٌّ أنت ..
يَدُك المرفوعة في وجه الظالم
راية جيل يمضي
و هو يهز الجيل القادم :
" قاومتُ .. فقاوم ! "
صوتُك يا شعبي أغنيتي الشعبيّة
من بيت تمتد إلى بيت
و تزلزل جدران سجون القاتل و السارق
في الرملة .. في المجدل .. في شطَّة
في الدامون و عكا و الجلَمه
و تزلزل جدران "المسكوبية " ..
دمك النازف . يا شعبي . رايتك اللينينيّة
و الأرض بطاقتك الحزبية
و الأرض . . شيوعيّة !
إنهضْ فوق ركام الموت
و لتسمع كل جهات العالم هذا الصوت
يا شعبي الغاضب .. حيّ أنت !
أَقدِمْ يا إعصار الموت الزاحف
أَقدِمْ
لستُ بخائف
أقدم يا إعصار
قد تحني قامتها شجرة
لكن لن تحني قامتها كل الأشجار !
أقدم يا إعصار
و اشهدْ رايتك المنكسِرة
تحت إرادة هذا السد
كتف تسند كتفاً
ويَدٌ راسخةٌ في يد !
أَقدم يا نتن الأزمنة المحتضرة
كي يفهم أعداء الشمس
من نهبوا خيرات الشرق
بزجاجة كوكا كولا
و بربطة عنق
كي يفهم أعداء الشمس
هذا الدرس :
أرتال الدبابات الجرّارة
أقوى منها قصّاصةُ طفل
أسراب الفانتوم ،
مهما كانت عاليةً
أعلى منها خصية طفل
و جيوش العدوان و آلات الحرب الهمجيّة
السافر منها . و الكامن في سوء النية
تقهرها بسمةُ طفل!
و ليفهم كل الجنرالات الحمقى
أن النصر الأكبر
معقود للجنرال الاكبر
اكتوبر !
و ليفهم كل السادة
و كلاب السادة :
مهما طال الليل
نحن نُقصّر عمر الليل
فانهض فوق ركام الموت
يا شعبي حي أنت !
إنهض في دمك النازف ( رايتك اللينينيّة )
في غضب الأرض ( بطاقتك الحزبيّة )
و الأرض ... شيوعيّة !!

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 12:35 AM

عينُ الصوابْ

في الكون متّسع لكلّ الناسِ. لا تسألْ بما بدأ الجوابْ !
في الكون متّسع لكلّ الناسِ. والاشياءِ. والأسماءِ.
للكتبِ القديمةِ والجديدةِ. للموانئ. للمقابر والمصانعِ.
للمزارعِ والمطاعم والشوارعِ. للمدارس والحدائق والأغاني
للكراسي والمشاجبِ والثيابْ
ولحفلةِ الميلاد متّسع. وللتأبين متّسع. وللفوضى.
لنار الشّعر. للكيمياءِ. للتفاح والأطفال والأجيالِ.
للأديان والأحزاب. للشّرفاتِ. للقطط الأليفةِ.
للسياحة. للأرانب والثعالبِ والزواحف "الكلابْ"
في الكون متسع لوجه الله والإنسان للحرب المباغتةِ
الفظيعة. للحضور وللسلام وللقطيعةِ والغيابْ
للحبّ. للتدخين والإقلاعِ عنه. وللجريمة والعقابْ
للبنسلين الشّهم. والإيدز الرهيب. وللجياعِ
وللطعام. وللظّماءِ وللشرابْ
للبحث والتنقيبِ. والإحصاء. والتّعدين. للخطط الجريئةِ.
واحتمالِ الشكّ في خطأ يقود الى صوابْ
عينِ الصوابْ
في الكونِ متّسع لروحِ النار والجلنارِ. للذكرى
مع الأفراح والأحزانِ. للتفسير والتأويلِ. للشّغَف المذكّرِ
بين تأنيث السنابلِ والزنابقِ في كوابيس التبخّر والتصحّرِ
واختبارات السواعد والمعاولِ واليبابْ
في الأرض متّسع لما تعظِ المآذن. في ابتهالاتِ النواقيسِ
الرصينة. للجسور وللبخورِ وللبروج وللصلاةِ وللقبابْ
في الكون متّسع لأهل الكونِ. من صفرٍ الى بيضٍ. ومن حُمْرٍ
الى سُمْر وسودْ
ولديه متّسع لنا العربِ، اليهودْ
ولنا الفرنسيين والألمان والأتراك والإسبان والشيشان
والبلغار والرومان والفرس. المغاربة. الصقالبة. الهنودْ
ولديه متّسع لكونفوشيوس وبوذا
ولديه متّسع لموسى
ولديه متّسع لعيسى
لمحمّد. ولآلهِ ولصحبهِ. للعلم والإيمان. والكفرانِ والغفرانِ
متّسع لمتّسع وضيقْ
ولديه متّسع لما يسَعُ العدوّ مع الصديقْ
ولديه متّسع لنخترع التحيّة من عباراتِ الشتائم والسّبابْ
ونشقّ في الصوّان بابًا. بعدهُ بابٌ.. وبابْ
لم يبقَ من حُلم أخير عندنا. إلا وباغتَهُ الضبابْ
وصرامة الفولاذِ تعبث بالدماءِ وبالهواجس والترابْ
فليقرأ الأميّ والأعمى هوامشَ حزننا الباقي،
على يأس الدفاترِ وانكسارات الكتابْ
في هيبةِ اليرقات موعظةٌ. وفي نحلٍ بلا عسلٍ. وفي
عُري السنابل والمناجل. في الفراء وفي الرياشِ. وفي
الحدود وفي الجموحِ. من العقاب الى الثوابْ
والتيهُ موعظة الجهاتْ
والجوعُ موعظة القليل من البقايا والفُتاتْ
والموتُ موعظة الحياةْ
والماء موعظةُ السرابْ
ويقول وادٍ: انني جبل على ظهري أنامُ. ودونيَ الوادي
الذي تدعونه جبلاً. أرى ما لا ترونَ. وأصطفي لي
حكمة التاريخِ والجغرافيا.. ولديّ خاتمة الحسابْ !
في الكون متّسع لهم
في الكون متّسع لنا
للشنفرى وابنِ الحسين وبايرون المبعوثِ في لوركا وفيَّ.
لأمِّ كلثومٍ وكاروزو وسيناترا وإيديت بياف متّسع
لبتهوفن وشعبولا ومادونا ومايكل جاكسون المنثورِ
مثلَ قشور بزر ملاعب الفوتبول والكولا. ومتّسع
لإنترنت والموبايل. والفرس المطهّمةِ الأصيلة. في
سباقِ الخيل والليموزين والهليكوبتر العفريتِ.
للشعراء والعلماءِ والأمراء متّسع. وللفقراءِ والفقهاءِ
والسفهاء والقنّاصةِ العميان. والأزياء والتحف القديمةِ.
والمواليد الجياع الى حليب الأمهاتِ النازفاتِ على الحواجزِ
والحدودِ. ولاجتماع طارئ في مجلس الامن المؤجّل
باسم تأمين النّصابْ
في الكون متّسع لتلويثِ الفضاء. وللنظافةِ والنقاءِ.
وللصناعاتِ الثقيلةِ. والسجون. وكلّ ما يُرضي العذابْ
ولكلِّ ما يُرضي الطفولهْ
ولكلِّ ما يرضي الشبابْ
ولكلِّ ما يبقى لإرضاءِ الكهولهْ
في الكونِ متّسع لكلِّ الناسِ.
لا تسألْ بما بدأ الجوابْ
في الكون متّسع لكلِّ الناسِ.
هل في الناسِ متّسع لبعض الكونِ؟
لم أسألْ بما بدأ الجوابْ !
وأريدُ حقن ضلالةِ الكلمات بالمصل الصوابْ
عينِ الصوابْ
تعبتْ حمامةُ نُوحنا الأزليِّ. فاحمِلْ غصنَ زيتونٍ جديدًا،
قبلَ طوفانٍ جديدٍ،
وانطلقْ فينا. وبشّر بالسلامِ على الخليقةِ.. يا غُرابْ !
عينُ الصوابْ
عينُ الصوابْ
عينُ الصوابْ ! !
(الرامة)


الساعة الآن 01:30 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى