منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=1959)

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:32 AM

ألست ترى أن المقام على شفا وأن بياض الصبح ليس بذي خفا وكم رسم دار للأجنة قد عفا وكأن حديثًا للوفود معرفًا فأصبح وحش المنتدى يتجنب ولله في الدارات ذات المصانع أخلاء صدق كالنجوم الطوالع أشيع بينهم كل أبيض ناصع وأرجع حتى لست يومًا براجع فيا ليتني في قسمتي أتهيب أقرطبة لم يثنني عنك سلوان ولا بمثل إخواني بمغناك إخوان وإني إذا لم أسق ماءك ظمآن ولكن عداني عنك أمر له شان إليك تناهى والحسود معذب ألم تك خصت باختيار الخلايف ودانت لهم فيها ملوك الطوايف وعض ثقاف الملك كل مخالف بكل حسام مرهف الحد راعف به تحقن الآجال طورًا وتسكب إلى ملكها انقاد الملوك وسلموا وكتبتها ندا الوفود ويمموا وفيها استفادوا شرحهم وتعلموا وعاذوا بها من دهر وتحرموا فنكب عنهم صرفه المتحسب علوت فما في الحسن فوقك مرتقا هواؤك مختار وتربك منتقا وجسرك للدنيا وللدنيا وللدين ملتقى وبيتك مربوع القواعد بالتقا إلى فضله لأكباب تنضي وتضرب تولى خيار التابعين بقاءه وخطوا بأطراف العوالي فناءه ومدوا طويلا صيته وثناء فلا زال مخلوع عليه سناه يقوم عليه الثناء ويخطب مصابيحه مثل النجوم الشوابك تمزق أثواب النجوم الحوالك وتحفظه من كل لاه وسالك أجاد تنقض انقضاض النيازك فإبشارهم بالطبطبية تنهب أجدك لم تشهد بها ليلة القدر وقد جاش بر الناس منه إلى بحر وقد أسرجت فيه جبال من الزهر فلو أن ذلك النور يقبس من فجر لأوشك نور الفجر يفني ونضب كأن للثرياوات أطواد من نرجس ذوايبه تهفو بأدنى تنفس وطيب دخان الند من كل معطس وأنفاسه في كل جسم ملبس وأذياله فوق الكواكب تسحب إلى أن تبدت راية الفجر تزحف وقد قضى الذي لا يسوف تولوا وأزهار المصابيح تقطف وأبصارها صونًا تغض وتطرف فحسن دفاع الله أحمى وأرهب وفي ظهوها المعشون كل مرفع وفي بطنها الممشوق كل مشفع متى تأته شكوى الظلامة ترفع وكل بعيد المستغاث مدفع من الله في تلك المواطن يقرب وكم كربة ملئ الجوانح والقلب طرقت وقد نام المواسون من صحب بروعتها قبر الولى لي رهب وناديت في الترب المقدس يا رب فأبت بما يهوى الفؤاد ويرغب فيا صحبي حان قبلك مصرعي وكنت على عهد الوفا والرضا معي فحط بضاحي ذلك السرى مضجعي وذرني فجار القوم غير مروع فضدهم للجار أهل ومرحب رعى الله من يرعى العهود علىالنوى ويظهر بالقول المحبر ما نوى ولبيته من مستحكم الود والهوى يرى كل واد غير واديه مجتوى وكتابة ذي الوزارتين رحمه الله كالشمس شهرة والبحر والقطر كثرة ونحن نثبت له شيئًا من ذلك ليلًا يخلو هذا الكتاب من شيء من بيانه‏.‏
كتب يرجع الوزير أبا بكر بن عبد العزيز من رسالة كتب بها إليه مع حاج يضرب القرعة‏:‏ أطال الله بقاء وليي وإمامي الذي له إكباري وإعظامي وفي سلكه اتسامى وانتظامي وإلى ملكه انتسابي واعتزايي وبوده افتخاري وانتزايي للفضايل مجيبًا ومبديًا وللمحامد مشتملا ومرتديًا وبالغرايب متحفًا ومهديًا ولا زال الرخاء وأزل وجد من المصافاة وهزل وسحت من المراعاة وزل‏.‏
وصل كتابه صحبة عراف اليمامة وفخر نجد وتهامه يقرظه ويزكيه ويصفه بالخب يفسره ويجليه والخفي يظهره ويبديه ولعله رائد لابن أبي صايد أو هاد للمسيح الدجال قايد‏.‏
أشهد شهادة إنصاف أن عنده لعضبًا صاف ولو كان هناك ناظر صادق طاف ولله خطايا الألطاف لقلت هو باد غير خاف من بين كل ناعل وحاف‏.‏
وسأخبرك أيدك الله بما اتفق وكيف طار ونعق وتوسد الكرامة وارتفق طرق له وصفك ونعتك وثقفه بريك ونحتك ورفعه للعيون جدك وبختك وامتدت نحوه النواظر واستشرفه الغايب والحاضر وتسابق إليه النابه والخامل وازدحم عليه العاطل والعامل‏.‏
هذا يلتمس مزيدًا وذاك يبتغي حظًا جديدًا وهذا يطلب تقليدًا وذلك يسل إلى مغاليقه إقليدًا‏.‏
فكلما حزب وغل وجلب حلب واستدر وتلقاه وإن ساءه الغيب بما سر‏.‏
وكنت واتغت جملة من الأعيان ووافقت ثلة من جلة الإخوان على تمشية أمره وتوشية ذكره فلما صدقت تلك الفرقة واستوت بهم تلك الفرقة أحضرناه للسبار وأقعدناه للنقد والاختيار وأردنا أن نقف على جلايا تلك الأخبار فأحضرنا طحنًا ونطعًا وسرينا عنه من الوحشة قطعًا وقلنا له خذ هفوك ولا توردنا إلا صفوك ولا تصانعنا في الكريهة التي نراها والحادثة تستفظع ذكراها فما عندنا جهل وما منا إلا محتنك كهل لا يتكاده حزن ولا يستخفه سهل فسكن جايش فوره وضرب بلحيته على زوره ثم صدفينا النظر وصوب واستهل صارخًا وثوب وتحرج من الكذب وتحوب وقال لست للعشرة خابطًا ولا للطرف غامضًا ولا عن الصدق إذا صدع حايدًا ولا للغدر ممن وقع منه ذايدًا ولا بمعجزات النبوة لاعبًا ولا لصريح الجد مداعيًا ولا تطيبني مسألة ولا حلوان ولا تستفزني نضايد كثيرة ولا ألوان‏.‏
وإنما هو رسم وخط ورفع وحط ونحس وسعد ونقد ووعد ويوم وغد‏.‏
فققلنا له الآن صحت الوفادة وأينعت الإرادة‏.‏
ثم نظر إلينا نظر المستقل واجتذب النطع اجتذاب المدل ونثل الطجن وهاله وأداره حتى استدار هاله ثم قال يا أيها الملأ هذا المبتدأ فأيكم يبدأ‏.‏
فرمقني القوم بأبصارهم وفغروا وكبروا وليتهم عند ذلك صفروا‏.‏
فقلت يا قوم قد عضضت على ناجذي حلمًا وقتلت شأني كله علمًا وعقدت بيني وبين غد سلمًا فكيف أستكشف عما أعرف وأسبقهم عما لا يستبهم‏.‏
على الرحمن توكلت وعلى الشيطان تركلت ومن كسبي أكلت وفي مبرك السلامة بركت وجسيمات الأمور تركتني وتركت والنفس المطمئنة رجوت ولعلني قد نجوت وأصبت فيما نحوت‏.‏
فلحظتني عند هذه المقالة عينه وطواني صدقه ومينه‏.‏
ثم صار القوم دوني أنيجية وأعد له كل تورية وتعمية‏.‏
فقال قايل منهم نعالوا نشترك في ضمير ونرمه بهذا الطاغية ابن رذمير ففي كل قلب منه ندب كبير والسؤال عنه دين وأدب فإن أصابه استرحنا من النصب والشخوص وحرنا من العموم إلى الخصوص وإن أخطأه فهو لما سواه أخطأ ولما يدعيه ويريده منه أبطأ‏.‏
فقالوا نعم ما عرضت وأحسن بما رويت وفرضت‏.‏
فلما رأيناه يثقل التعريض ويحكم التقرير والتعويض قلنا له حقق ضميرك كل التحقيق وضع مسبحتك في الدقيق‏.‏
فابتدر ما أمر وحسر عن ذراعه وشمر ومرت أصبعه في خطه مر الذر المتهالك ووقعت وقع القطر المتدارك لا تمس الطحن إلا تحليلا وغمزًا كالوهم قليلا فطورًا يستقيم سبيلا وتارة يستدير إكليلا وآونة يأتي بالسماء ونجومها قبيلا‏.‏
فكان هنالك لنعش من بنات وللثريا من إخوات وطير قابضاتن وصافات وأسراب ناشرات خافقات‏.‏
فلما استوفى عدده وبلغ أمده وختم طرائقه وقدده وأعطى الأصول وفروعها وتدبر تفاريقها وجموعها‏.‏
فجمع وتقبض وفتر ثم انتفض وصعد ذهنه وتسافه وأخذ الطحن فسافه وزفر وشهق وعشر ونهق وألصق بظهره حشاه وكتم الربو ثم أفشاه وقال هذا الذي كنت أخشاه عميتم الأثر وكتمتم حقيقة الخبر وعثرتم خاطي فيما عثر ونثرتم نظام الحدس فما انتثر‏.‏
سألتم عن روح شارد وشيطان مارد وصادر مع اللحظات وارد‏.‏
لا وطن دارًا‏.‏
ولا يأوي قرارًا ولا يطعم النوم إلا غرارًا‏.‏
نعم أمره عندي مستقر‏.‏
هو زنديق مستتر وشهاب من شهب الكفر مستمر‏.‏
ثم رجع البصر واختصر‏.‏
وعاد إلى الحساب يتقراه والصواب يتحراه‏.‏
وتتبع أديم الطحن ففراه وقال أعوذ بالله من شر ما أراه‏.‏
إلى كم أرى في غلاء وبلاء كأني لست ذا أمرار وأحلاء تالله لو كانت قرعة رفعة وعلا ما غاب عني اللحياني ذو السبلة ولواجهنا البياض ذو الغرة المستقلة مواجهة حسان لجبله‏.‏
النحس على هذا الروح قد رتب وكتب عليه من الشقاء ما كتب وأخرج النصرة الداخلة من العتب‏.‏
ثم أشار إلى الحمرة وكأنما وضع يده على جمرة وقال كوسج نعي وسناط الوجه شقي وثقاف وطريق وجماعة وتفريق وقبض خارج ومنكوس مارج‏.‏
ثم وضع عمامته ولولب هامته وأمال وجهه فجرًا طلقًا ثم عرضه مجنًا مطرقًا وعقد أنامله عضا وأدمى صدره دعًا ورضًا وقطع بصره لمحًا وغضًا وتكفأ وتقلع وأدلع لسانه فاندلع‏.‏
فقلنا شر تأبطه أو شيطان يتخبطه أو قرين يستنزله ويختله أو رؤى في الذرة والغارب يفتله‏.‏
ثم تجاحظ وتحاذر وتضاءل وتنازر وقال والذي أحيا عزر وأخرج إبراهيم من آزر وملك عنان الريح وأذعن له كل شيء بالسجود والتسبيح إنه لمن عباد المسيح‏.‏
هيهات هيهات لا أضعضع بظن ولا يقعقع لي بشن ولا أنازع من هذه الفنون في فن‏.‏
قد ركبت أثباج البحار وقطعت نياط المفاوز والقفار‏.‏
وشافهني الحرم والبيت وصافحني الحجر الكميت وأحرمت ولبيت وطفت ووفيت ورزت المصطفى صلى الله عليه وسلم وتحفيت‏.‏
ثم ملت على عدن وانحدرت عن اليمن واستسقيت كل راعدة وأتيت كل قاعدة ورأيت صاحب الجمل قس بن ساعدة وردت عكاظ وصدقت الحفاظ وقدت العصية بنسع ومسحت الشامات بأخمس وتسع ووقفت حيث وقف الحكمان وشهدت زحف التركمان وكيف تصاوات القروم وغلبت الروم وهزم المدبر المقبل واكتسحت الجحا الإبل‏.‏
فقلنا لله أنت لقد جليت عن نفسك وأربى يومك على أمسك ولقد صدق مطريك ووفت صحيفة تزكيك وما كانت فراستنا لتخيب فيك‏.‏
فماذا تستقري من اللوح وترى في ذلك الروح بعيشك ألاما أمتعتنا بالإفشاء والبوح‏.‏
فرجع في البحث أدراجه وطالع كواكبه وأبراجه وظل على مادة الطحن يرقم ويرمق ويفتق ويرتق‏.‏
ثم جعل يبتسم وقال أحلف بالله وأقسم لقد استقاما النسم وإنه لكما أرسم وأسم وإني لا أجده إلا لاغبًا مبهورًا ومنكودًا مقهورًا‏.‏
ولن يلبث إلا شهورًا قد أفل طالع جده وفل حده وأتى عليه نقي خده وصي لم يملك أبوه وملك جده فقلنا صرحت وأوضحت وشهرت هذا المستور وفصحت وإن ساعدك قدر وكان لك عن هذا الورود صدر فحظك مبتدر وخطك صاف لا يشوبه كدر‏.‏
فقال هذا أمر قد آن أو كان وسيأتيكم الخبر الآن‏.‏
فانفصلنا وأصغينا الآذان وجعلنا نتلقى الركبا فلم يرعنا إلا النعمى الناجمة والبشرى الهاجمة بما بان فأدهنا في شأنه ولم يكن يعاوده خوف طغيانه فإذا الخبر لم يخط صماخه وكأنما كان عودًا وافي مناخه أو طايرًا أم أفراخه‏.‏
فلم ينشب أن أقبل يصمد نحونا أي صمد ويتعرضنا على عمد تعرض الجوزاء للنجوم وينقض انقضاض نيازك النجوم وقال ألم يأن أن تدينوا لي بالإكبار وتعلموا أني من الجهابذة الكبار فقلنا منك الإسجاح فقد ملكت ومنك ولك النجاح أية سلكت‏.‏
فأطرق زهوًا وأعرض عنا لهوًا وقال اعلموا أن القرعة لو طوت أسرارها ومنعتني أخبارها لمزقت صدراها وذروت غبارها ولكان لي عنها أوسع منتدح وأنجد زناد يقدح أين أنتم عن رصدي الأحلاك وعلمي بالأفلاك أنا في مرج الموج وأوج الأوج والمتفرد بعلم الفرد والزوج ومسترط السرطان ومستدير الدبران وبايع المشتري بالميزان والقابض بيوم الحساب والعمل على روق الثور وذنب الحمل أعقد نصل العقرب وأقيد الأبعد والأقرب لصيد أوابدها بالدقايق الدرج حتى اضطر سارحها إلى الحرج وأصبحها في أضيق منعرج أنا استذكرت بالأنبار فرحة الإقبال وترحة الإدبار وطالعت إقليدس فاستنبطته وصارعت المجسطي فجسطنته وارتمطت إلى الأرتماطيق وأطقت الألوطيق ولحظت التحليل بحل ما عقده وانتضيته ما مطل به الجهابذة فنفذه‏.‏
وعاينت زحل حين استقل على بعيره ورحل وضايقته في ساحته وحصرته في مساحته وحضرت قرانه وشهدت تقدمه ومرانه وشاهدته شفرًا بشفر وناجاني برقًا يعد في الكفر وتخريبه لملك الصفر وتغريقه لبلاد اللطينة وإنجاز الوعد في فتح قسنطينة‏.‏
أنا عقدت رشا الدلو وذروت غبار الحوت للغلو‏.‏
أنا اقتدحت سقط الجوزهر فلاح بعد خفايه وظهر‏.‏
أنا استشرت الهلال من مكامن سرره وأخذت عليه ثنايا سفره وقددت قلامته من ظفره ودللت طير الصاير على شجره فجنيت المر من ثمره أنا طرقت الزهرة في خدرها صافحتها من الفكرة بيد لم تدرها‏.‏
أنا أذكيت على ذكاء فظلت تلتهب‏.‏
وأحرزتها من الوهم شطنا أجذبها به فتنجذب‏.‏
أنا أنعي للمعتبرين حياتها فيشبهون الحسنة ويتحرون أوقاتها حتى تنتشر بعد الطي حياتها وتستقيل من العثار آياتها‏.‏
أنا انتضيت للشباب شرخًا واضرمت للمريخ عقارًا ومرخًا حتى أتغانى بملاحم حروبه وحوادث طلوعه وغروبه وتلمظه إلى النجيع وولوغه في مهجة البطل السجيع‏.‏
أنا أبري من اللمم وأشفي من الصمم وأنقل العطس إلى الشمم فقلنا أما الأولى فقد سلمنا لك جميعها وأما هذه الثلاثة فلن تستطيعها‏.‏
قال فلم تعجزون ولا تستخزون‏.‏
فقلنا من كان له علاج فبنفسه يبدأ ونغب بغيره‏.‏
ولسنا نريدك ولكن تهتز يدك‏.‏
قال أما من بينهم روى‏.‏
وأقي في روعه ما ألقى في روعي فمثله كالصارم حسنه في فرنده لا غمده وجماله في حده لا في خده والمرء كما قيل بأصغريه لا بمنخريه والشأن في الحيزوم لا في الخيشوم وفي الذكرين لا في الأنثيين وبعد فهو كلام ظاهره إجمال وباطنه احتمال وسأنبئكم بغزارة سيله وفجر ليله‏.‏
أما الأفطس فيدلي الضغنة وتيزوج في آل جفنه‏.‏
فإن الله أتم جاء الولد أتم وإن نام عرق خاله بقي الولد بحاله‏.‏
وأما الأصم فيخرج عن الغلام وبلا قال ويطلب في بني السميعة بركة الإسمية والفال فإن الله أراد ظفر بالمراد وجاء ابنه أسمع من قراد‏.‏
فأحس من بعض الحاضرين تمريضًا وعاين طرفًا غضيضًا فتعكر وتشذر وطوف وحذر وقال صاحب الشريعة سماهم بني السميعة قوموا يا بني اللكيعة فقد قطعتم رزقي وآذيتم طرقي وأذللتم ضربي وطرقي وسددتم طوقي وأخذتم على أفقي غربي وشرقي ذروني للتي هي للبلية تجني ثم الوجد يعني لو شرب نواديه إثر تجني‏.‏
ثم نجا بعزمته سميلًا وأرسل بنات نعش ذيلا وقد أفاد بما استصحب من ميامنك ليلًا كذبني أيدك الله عند نواه ولم يطلعني طلع ما نواه وما ذاك إلا لمطمع لواه ومغنم هواه فرفعت لي بعد وداعه نجوه ورمتني بشخصه فجوة فقلت ما أراك === إلا غائل أوثت عنك الحبائل‏.‏
فسراك سرى قين وحديثك مين ألم تعبر دجيلا ويممت سهيلا‏.‏
فقال طربت إلى الأصفية الصغار وشاقني الشوق بين الطواغيت والأصفار‏.‏
فقلت له هلم إلى خط نعيده وحظ نستفيد‏.‏
فقال لولا أن تقولوا الساعة متى وتطالبوني بإجياء الموتي لما أجمعت إلى الغرب غروبًا ولأريتكم من الحذق ضروبًا‏.‏
ثم قال إن لي بالحضرة أفراخًا وأما استصرخت عليها استصراخًا وانسلخت منها انسلاخًا وأعيا على أمره فلم أعلم له ظعنًا ولا مناخًا‏.‏
فلبثت كذلك أيامًا قد اعتم علي أمره اعتيامًا ولم أعرف له إنجادًا ولا اهتمامًا فإذا به وقد اضمرت عنه بأسًا ولم أطمع فيه رأسًا قد أشب لي شبابًا ولمعت صلعته شهابًا تكتنفه صرة وبيمناه قوصرة‏.‏
وتوود يسراه جرة‏.‏
فقلت له قاتلك الله‏.‏
ما أشد فقدانك إلا فقدتك وما أذكر وجداتك إلا وجدتك أين أفراخك والأم التي جذبها استصراخك‏.‏
فقال الصعلوك لو أعلم مذاهبه تحرم مناهبه وتحدم مراهبه‏.‏
ذرني وعلاجي أحاجي وأداجي وأعاين وأناجي وأتقلب في بركة دعاء الباجي‏.‏
فقلت له مالك وللميت ورحم الله من سميت‏.‏
قال لما أذن الله فالتأمت الشيمة وتمزقت عني المشيمة هممت بالسرق ولففت في الخرق وفارقت من الضيق منتداه وأفلتتني يداه فحنكني السعد بتمر المدينة وسقاني من ماء البلدة الأمينة وعوذني بدعوات متينة فها أنا كما ترى أتهادى واجتذب وأستحلي وأستعذب‏.‏
فقلنا لعمرك إنه لفضل عميم لولا الصميم وإنها لمنقبة لولا العقبة وأثرة ملتمسة لولا العطسة‏.‏
فقال دعنا من زخاريفك وأغضض من عنان تصاريفك‏.‏
البازل لا يكون إلا ذميما والليث لا يوجد إلا شميما ثم قام وحمل وابتدر وارتجل‏:‏ عيشنا كله خدع فاترك اللوم عنك ودع أنا كالليث والليوث لأرسانها ترع ولها الأوجه السيمة من يلقها يرع أي حسن لمازن بيد الدل يخترع أنا كالسيف حده لا يبالي بما وقع إنما الحسن للمهاة وللظبي يا لكع فقلت تباُ لك ساير اليوم إنك لتريش وتبري وتقد وتفري وتحاسن وتقابح وتارش وتنابح وتحب وتتأمل وتحسن وتغلغل وتشاعر وتراجز وتناطح وتناجز‏.‏
وأنت على هذا كله مصر ما جزاؤك إلا ريح فيها صر فما هو إلا أن غفلت عنه لمحة طرف أو نفحة عرف ثم التفت وإذا به قد أفلس وكأنما كان رقًا خلس ولم أدر أقام أو جلس‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:33 AM

ومحاسنه القطر الذي لا يعد والأمر الذي يأخذه الحد‏.‏
وكفى بهذه الرسالة دليلا على جلالة مقداره وتدفق بحاره وفخازه لما اشتملت عليه من بلاغة وبيان وبساط حال أنت على خبره بعيان وعلوم ذات افتنان خلد الله عليه الرحمة وضاعف له المنة والنعمة‏.‏
مولده‏:‏ بأوايل ربيع الثاني عام خمس وستين وأربع ماية‏.‏
وفاته من خط الحافظ المحدث أبي القاسم بن بشكوال رحمه الله‏.‏
كان ممن أصيب أيام الهرج بقرطبة فعظم المصاب به الشيخ الأجل ذو الوزارتين السيد الكامل الشهير الأثير الأديب اللغوي السري الكاتب البليغ معجزة زمانه وسابق أقرانه ذو المحاسن الجمة الجليلة الباهرة والأدوات الرفيعة الزكية الطاهرة الكاملة المجمع على تناهي نباهته وحمد خصاله وفصاحته من لا يشق غباره ولا تلحق آثاره معجزة زمانه في صناعة النثر النظم أبو عبد الله بن أبي الخصال رحمه الله تعالى ورضي عنه ونضر وجهه‏.‏
ألفى مقتولا قرب باب داره بالمدينة وقد سلب ما كان عليه بعد نهب داره واستيصال حاله وذهاب ماله‏.‏
وذلك يوم السبت الثاني عشر من شهر ذي الحجة من سنة أربعين وخمسماية‏.‏
فاحتمل إلى الربض الشرقي بحومة الدرب فغسل هنالك وكفن ودفن بمقبرة ابن عباس عصر يوم الأحد بعده ونعى إلى الناس وهم مشغولون بما كانوا بسبيله من الفتنة‏.‏
فكثر التفجع لفقده والتأسف على مصاب مثله وأجمعوا على أنه كان آخر رجال الأندلس علما ًوحلما وفهمًا ومعرفة‏.‏
وذكاء وحكمة ويقظة وجلالة ونباهة وتفننًا في العلوم‏.‏
وكان له رحمه الله اهتمام بها وتقدم في معرفتها وإتقانها‏.‏
وكان رحمه الله صاحب لغة وتاريخ وحديث وخبر وسير ومعرفة برجال الحديث مضطلعا بها ومعرفة بوقائع العرب وأيام الناس وبالنثر والنظم‏.‏
وكان جزل القول عذب اللفظ حلو الكلام عذب الفكاهة فصيح اللسان بارع الخط حسنه ومتقنه‏.‏
كان في ذلك كله واحد عصره‏.‏
ونسيج وحده يسلم إليه في ذلك كله مع جمال منظره وحسن خلقه وكرم فعاله ومشاركته لإخوانه‏.‏
وكان مع ذلك كله جميل التواضع حسن المعاشرة لأهل العلم مسارعًا لمهماتهم نهاضًا بتكاليفهم حافظًا لعهدهم مكرمًا لنبهائهم واسع الصدر حسن المجالسة والمحادثة كثير المذاكرة جم الإفادة‏.‏
له تصانيف جليلة نبيهة ظهر فيها علمه وفهمه أخذها الناس عنه مع ساير ما كان يحمله ويتقنه عن أشياخه الذين أخذ عنهم وسمع منهم وقرأ عليهم‏.‏
وقال غيره‏:‏ قتل بدرب الفرعوني بقرب رحبه أبان بداخل مدينة قرطبة قرب باب عبد الجبار يوم دخلها النصارى مع أميرهم ملك طليطلة يوم قيام ابن حمدين واقتتاله مع يحيى بن علي بن غانية المسوفي الملثم المرابطي يوم الأحد لثلاث عشرة مضت من ذي الحجة عام أربعين وخمسمائة‏.‏
قتله بربر المصامدة رجالة أهل دولة اللثام لحسن ملبسه ولم يعرفوه وقتلوا معه ابن أخته عبد الله بن عبد العزيز بن مسعود وكان أنكحه إبنته فقتلا معا‏.‏
وكان محمد خيرة الشيوخ وعبد الله خيرة الأحداث رحمهما الله تعالى‏.‏
محمد بن مفضل بن مهيب اللخمي يكنى أبا بكر من أهل شلب من العليا‏.‏
حاله قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير كان منقبضًا عن الناس أديبًا شاعرا خمس عشرينيات الفازازي رحمه الله تعالى‏.‏
وذكره صاحب الذيل‏.‏
وقال لي شيخنا أبو البركات وهو جده أبو أبيه ما معناه‏:‏ كان شريفًا عالي الهمة عظيم الوقار ألوفا صموتا نحيف الجسم آدم اللون خفيف العارض مقطب الوجه دايم العبوس شامخ الأنف إلا أنه كان رجلا عالما راسخا عظيم النزاهة حافظا للمروءة شهير الذكر خطيبًا مصقعًا مهيبًا كشهرته قديم الرياسة يعضد حديثه قديمه‏.‏
واستقر بألمرية لما تغلب العدو على بلد سلفه‏.‏
ولما توفي شيخ المشايخ أبو إسحق بن الحجاج‏.‏
تنافس الناس من البلدين وغيرهم في خطبة إبنته‏.‏
قال شيخنا أبو البركات ومن خصه نقلت وكان ابن مهيب واحدًا منهم في الإلحاح بالخطبة متقدمًا في حلبتهم بجيوش الأشعار‏.‏
ورام غلبته ذوو اليسار من حيث كان بحمراء جيش الإعسار فأذلهم بالمقابلة في عقر الدار فلم يرجعوا من الغنيمة إلا بالفرار‏.‏
قلت وجلب في هذا المعنى شعرًا كثيرًا ناسب الغرض‏.‏
ونال من المتغلب على ألمرية على عهده حظوة فاستظهر به تارة على معقل مرشانة وتارة على الرسالة إلى الحضرة الحفصية بتونس‏.‏
ولما آب من سفره إليها سعى به لديه بما أوجب أن يحجر عليه التصرف وسجنه بمنزله‏.‏
فلما قصد ألمرية الغالب بالله مستخلصا إياها من يد الرييس أبي عبد الله بن الرميمي ونزل بمدينتها وحاصر قصبتها وقع اختيار الحاصر والمحصور على تعيين ابن مهيب بمحاولة الأمر وعقد الصلح رضي بدينه وأمانته فعقد الصلح بينهما على أن يسلم ابن الرميمي القصبة ويعان على ركوب البحر بماله وأهله وولده فتأتى ذلك واكتسب عند الغالب بالله ما شاء من عزة وتجلة‏.‏
وقفني شيخنا أبو البركات على ظهير سلطاني صدر عن الأمير الغالب بالله يدل على جلالة قدره نصه‏:‏ هذا ظهير كريم أظهر العناية الحافلة لمستوحيها ومستحقها وأجراه من الرعاية الكاملة على الحب طرقها‏.‏
أمر بإحكام أحكامه والتزام العمل بفصوله وأقسامه الأمير عبد الله محمد بن يوسف بن نصر نصر الله أعلامه وأدام لإقامة قسط العدل أيامه لوليه العلي المكانة وصفيه المليء بأثرتي المعرفة والديانة الحري بما اختصه أيده الله من الحفظ لمرتبته السامية والصيانة‏.‏
للشيخ الفقيه الجليل العالم الأوحد العلم الأتقى الأزهر الفاضل الخطيب الأرفع المحدث الثقة الراوية الصالح السني الحافظ الحافل الماجد السري الطاهر المكرم المبرور الكامل أبي بكر بن الشيخ الوزير الأجل الفقيه الحسيب الأصيل الأمجد المكرم المبرور الأفضل المرحوم أبي عمرو ابن مهيب أدام الله عزة جانبه ووصل بالعلم والعمل أرتقاء مراتبه أقام به الشواهد على اعتقاده أنه أخلص أوليائه ودًا وأفضلهم قصدًا وأكرمهم عهدًا حين ظهرت له‏.‏
أيده الله آثار آرايه الأصيلة وبانت في الصلاح والإصلاح ميامن مناقبه الجميلة ووجب له من العناية والمزيات أتم ما توجبه معارفه وتقتضيه مجادته وزهادته التي لا يفند في وصفها واصف‏.‏
وأعلن بأنه دام عزه أحق من حفظت عليه مرتبة صدور العلماء الراسخين في العلم وأبقيت مزية ما تميز به من التقى والورع الكافلي والحلم وبرع بصلة العناية بجانبه لما أهلته إليه معرفته من نف المتعلمين وإرشاد من يسترشده في مسايل الدين من المسلمين وأفصح بأنه أولى مخصوص بالتجلة والتوقي وأجدر منصوص على أن قدره لديه معتمد بالتكريم والتكبير‏.‏
وأمر أعلى الله أمره أن يستمر له ولزوجه الحرة الأصيلة الزكية التقية الصالحة المصونة المكرمة المبرورة عائشة بنت الشيخ الفقيه الجليل العالم الصالح السني الزاهد الفاضل المرحوم المقدس‏.‏
الأرضي أبي إسحق بن الحاج ما اطردت به العادة لهما قديمًا وحديثًا وتضمنه الظهيران الكريمان‏.‏
المؤرخ أحدهما بالعشر الأواخر لشوال عام خمسة وثلاثين وستماية من صرف النظر في أعشارهما وزكواتهما إليهما لضعا ذلك في أحق الوجوه ويؤديا فيه حق لله تعالى ما مثلهما علمًا ودينًا من يؤديه موكولًا ذلك لله إلى ما لديهما من نشر الأمانة مصروفًا إلى نظرهما الجاري مع العلم والديانة وتجديد أحكام ما بأيديهما من الظهاير والأوامر القديمة والحديثة المتضمنة تسويغ الأملاك على اختلافها وتباين أجناسها وأوصافها لهما ولأعقاب أعقابهما على التأبيد والتخليد والمحاشاة من اللوازم والمعلوز وللغارم وأن يطرد لشركائهما وعمرة أملاكهما ووكلايهما وحواشيهما ومن اتصل بهما جميل العناية وحفيل الرعاية وموصول الحماية الاستمرار الذي يطرد العمل به مدى الأيام وتتوالى التمشية له من غير انصرام على الدوام موفي بذلك ما يحق لجانب الفقيه العالم الأوحد الأسنى أب يبكر أدام الله عزته من حظوظ الإجلال منتهي فيه إلى أبعد آماد العنايات الشريفة الفسيحة المجال مقضي على حق ما انفرد به من العلم واتصف به من الديانة اللذين أضفيا عليه ملابس البهاء والجلال‏.‏
فمن وقف على هذا الظهير الكريم من الولاة والعمال وساير ولاة الأشغال وليتلقه بغاية الائتمار والامتثال إن شاء الله‏.‏
وكتب في الثاني عشر من ذي الحجة عام ثلاثة وأربعين وستمائة‏.‏
أخذ عن أبي العباس أحمد بن منذر الإشبيلي تلا عليه بإشبيلية وعلى عباس ابن عطية أبي عمرو‏.‏
وروى عن أبي محمد عبد الكبير الإشبيلي وصحب أبا الحسن بن زرقون وتفقه عليه‏.‏
وانتقل إلى ألمرية‏.‏
فصحب أبا إسحق البليفيقي وأخذ عنه وتزوج ابنته‏.‏
وأجاز له أبو عبد الله بن هشام الشواش وغيره‏.‏
ثم انتقل آخر عمره إلى سبتة‏.‏
شعره نقلت من خط شيخنا أبي البركات قوله في غرض الوصية‏:‏ الليل النوى هل من سبيل إلى فجر ويا قلب كم تأسى ويا دمع كم تجري أبى القلب إلا أن يهيم بحبكم وأن تبرحوا إلا القليل عن الفكر رحلت عنكم لا بقلبي وإنما تركت لديكم حين ودعتكم سري أعود بدهر الوصل من حين هجركم ورب وصال مستعاد من الهجر للعباب نفسي لست أنفق قربكم لزهدي فيكم بل حرصت على البر تقطع أكباد عليكم صبابة فاصبر إن الخير أجمع في الصبر ويا لقلب من لا يصلح الصبر عنهم وإن كان خيرا فهو عنهم من الشر ألا يا أخي فاسمع وصاتي فإنها لبتك لعمري من أخ سالم الصدر يحبك في ذات الإله ويبتغي بحبك عند الله مدخر الأجر لا إنما التوفيق كنت من أهله مراعاة حق الله في السر والجهر بتوجيده في ذاته وصفاته وأفعاله أيضًا وفي الندى والأمر فثابر على القرار والأثر الذي الذي يصح عن المختار والسادة الغر وعد لك الخيرات عما سواها وكن بها مستمسكا أبد الدهر إذا يسلك الشيطان فجًا سوى الذي سلكت ولا يلفى سبيلا إلى مكر وفرق الأجناس حاشى تقيهم فقد ظهر الإفساد في البر والبحر ولا تنسني واذكر أخاك بدعوة فإنك منه يا أخي لعلى ذكر قال شيخنا أبو البركات ومن شعره ومن خطه نقلت‏:‏ للصالحين إلى الصلاح طريق رحبت بهم وعدت عليك تضيق صرفوا النفوس من الهوى عن صوبها فغدت إلى طلب النجاة تتوق منها بعد أبيات‏:‏ يا قرة العين استمع من ناصح في صدره قلب عليك شفيق لا تخد عنك ترهات أحدثت وخز عبلات للجهول تروق واعكف على القرآن دهرك واجتمع فالشغل عنك لغيره تفريق واهجر بني الدنيا فإن بهجرهم يتضاعف الإيمان والتصديق والحق بقوم قد عنوا بتجارة نفقت لهم يوم القيامة سوق واحفظ لسانك عن إذاية مسلم فسبابه قال الرسول فسوق لا تبك هم الرزق فهو مقدر والعبد طول حياته مرزوق ولترض بالرحمن ربًا حاكمًا ودع الفضول فمنه ضل فريق حلوا عقال عقولهم وتحكموا إن التحكم بالعقول مروق ولقد أتتك نصيحتي ولشمسها في أفق حبك يا حبيب شروق فكن القريب مكانه من نفعها فمكان سدتها إليك سحيق واصطد بباري العزم أطيار الرضا فأخوك غاية بازه التحقيق ولتجعل التسبيح شأنك إنه في الصعب من شأنه التصفيق كمدارك الأصوات منها طيب تسلو النفوس به ومنه نهيق وعليكم مني تحية من له قلب إليكم أجمعه مشوق وقال ألفيت بخطه ما نصه وكان بعض السفهاء قد كتب إلي بيتين من شعروهما‏:‏ إليك أبا بكر رفعت وسيلتي ومثلك من تلقى إليه الوسائل غرقت ببحر الذل يوما وليس لي بأرضكم إلا اهتمامك ساحل وأساء المحاولة في دفعها فصرفته ولم أقف عليهما فضرب عليهما وكتب في ظهرهما‏:‏ حللت أبا بكر بموطن عزة فأنسيت ما قد كنت فيه من الذل وأصلك من كبر وكن متكبرًا وكيف يطيب الفرع من ذلك الأصل وكتبت إليه صحبة دراهم وجهت بها إليه‏:‏ جفوت وما زال الجفا سجية لمثلك ما إن زال تبلى بها مثل وما قلت في أصلي فكذبة فاجر رأى الفرع محمودًا فعاب على الأصل وبالإفك ما عثرت لا بحقيقة فما الكبر من شأني ولا كنت في ذل وما زلت والله الحميد مكرمًا وفي نائبات الدهر للعقد والحل وكيف نسخت المدح بالذم قبل أن تبث لي الشكوى وتدلي بما تدل ولكن لؤم الطبع يحمل أهله على الصعب من سب الكرام أو النيل إن كان بعض الكبر نقصا فإنه عليك من الأوغاد يحسب في الفصل وما الذل إلا ما أتى بك نحونا فقيرًا من التقوى سليبًا من العقل ومطلوبك الدنيا فخذها خسيسة توافي خسيس النفس والقول والفعل وما الجود إلا ما أصبت مكانه ومهما فقدت الأصل لا عار في البخل ومثلك من يجفي ويقلب خاسئًا فلست لإسداء الصنيعة بالأهل ولكنني عودت نفسي عادة من البذل لم أعدل بها قط عن نذل فخذها لحاك الله غير مبارك لسعيك فيها يا بن خانية النعل ومثلي من يوذي فيحتمل الأذى ولكنه قد يدر الجهل بالجهل وقد قال من لا شك في قوله من الحكما القتل أذهب للقتل فإن زدتنا زدنا وإن كنت نادمًا قبلناك أخذًا في أمورك بالعدل في أنفسهم وتكبروا فثاروا بسبب ذلك بطبيرة وجهاتها ثار منهم عبد الرحمن جد أبي بكر ثم حسن ثم عامر أخوه وإلى هذا أشار أبو بكر بن مهيب بقوله في بعض شعره‏:‏ إن لم أكن ملكا فكنت ريسًا وأنشد في الصلة الزبيرية قوله رحمه الله‏:‏ أملي من الدنيا المباحة كسرة أبقى بها رمقي ودار نابية قد أضرب الزمان عن سكانها فكأنها في القفر دار خالية ومن شعره في المقطوعات‏:‏ ترحل صبري والولوع مقيم وصح اشتياقي والسلو سقيم فيا ليت شعري هل أفوز بعطف من زينت خدي وردًا عليه أقوم ويا جنة قد حيل بينها بقلبي من شوقتي إليك جحيم دخوله غرناطة قال الشيخ دخل غرناطة مرتين أخبرني بذلك الشيخ القاضي أبو الحسن ابن عبيدة وهو بصير بأخباره إذ هو من أصحاب سلفه وممن رافق جده في الكتب عن بعض الأمراء مدة وفي توفي بسبتة أو لليلة من جمادة الآخرة عام خمسة وأربعين وستماية‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:34 AM

ابن خطاب الغافقي محمد بن عبد الله بن داود بن خطاب الغافقي حاله من صلة ابن الزبير‏:‏ كان كاتبًا بارعًا شاعرًا مجيدًا له مشاركة في أصول الفقه وعلم الكلام وغير ذلك مع نباهة وحسن فهم ذو فضل وتعقل وحسن سمت‏.‏
وورد على غرناطة واستعمل في الكتابة السلطانية مدة وكان معلوم القدر معظما عند الكافة‏.‏
ثم إنه رجع إلى مرسية وقد ساءت أحوالها فأقام بها مدة ثم انفصل عنه وقد اشتدت أحوالها واستقر بالعدوة بعد مكابدة‏.‏
قلت أخبرني شيخنا أبو الحسن الجياب رحمه الله قال كان شكس الأخلاق متقاطبًا زاهيًا بنفسه ابتدأ يومًا كتابًا مصدرًا مخطبته فقال فيه يصف صاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عفوة العفوة وتركه لأمر عرض له فنظر إليه الفقيه عمر اللوشي وهو كاتب المقام السلطاني فظن لقصوره أنه وهم وأراد الصفوة فأصلحه فلما عاد ونظر إليه مزقه وكسر الآلة وقال لا أقيم بموضع بلغ فيه الجهل إلى هذا القدر وبتسور به الإصلاح على قلم يطمع بعد في مقامه‏.‏
وانصرف واستقر بتلمسان كاتبًا عن سلطانها أبي يحييى يغمراسن بن ريان‏.‏
وزعموا أن المستنصر أبا عبد الله بن الأمير أبي زكريا استقدمه على عادته في استدعاء الكتاب المشاهير والعلماء وبعث إليه ألف دينار من الذهب العين فاعتذر ورد عليه المال وكانت أشق ما مر على المستنصر وظهر له علو شأنه وبعد همته‏.‏
مشيخته روى عن القاضيين أبي عيسى بن أبي السداد وأبي بكر محرز وعن الأستاذ أبي بكر محمد بن محمد المعروف بالقرشي وقرأ وسمع على هؤلاء ببلده وأجاز له كتابة أبو الربيع بن سالم وغيره‏.‏
شعره من ذلك قوله‏:‏ أقنع بما أوتيته تنل الغنا وإذا دهتك ملمة فتصبر واعلم بأن الرزق مقسوم فلو رمنا زيادة ذرة لم نقدر والله أرحم بالعباد فلا تسل أحدًا تعش عيش الكرام وتؤجر وإذا سخطت لبؤس حالك مرة ورأيت نفسك قد غوت فلتبصر ومما قاله في صباه‏:‏ يا دعوة شاك ما قد دهاه من لحاظ رشاك ظبي تصدى للقلوب يصيدها من ناظريه في سلاح شاك ورمى وإن قالوا رنا عن فاتر ساج عليه سيم النساك قد كنت أحذر بطشه لو أنني أبصرت منه مخايل الفتاك أو ما عليه ولا عليه حاكم يحمي ثغورك أو يحوط حماك أو ما لجارك ذمة مرعية أبذا يظل دم الغريب طلاك إني استتمت إلى ظلالك ضلة فإذا ظباءك ماضيات ظباك ما لي أخاطب بانة ما أن تعي قولا ولا ترثي لدمعة باك أكريمة الحيين هل لمتيم رحمي لديك فأرتجي رحماك أصبتني بعد المشيب وليس من عذر لمن لم يصبه ثراك ولا ما جذبت عنائي لوعة والله يشهد أنني لولاك لما دعا داعي هواك أجبته من لا يجيب إذا دعت عيناك أصليتني نار الصدود وإنني راض بأن أصلى ولا أسلاك وتركت قلبي طايرًا متخبطا شباك ختلك أو بطعن سباك وتركت قلبي طايرًا متخبطا شباك ختلك أو بطعن سباك ومنعت أجفاني لذيذ منامها كي لا يتيح لي الكرى لقياك ولقد عجبت وأنت جد بخيلة أن أعرت الشمس بعض حلاك إني لأيأس من وصلك تارة لكن أعلل مطمعي بعلاك أسماك أنك قد خفضت مكانتي هلا خلعت علي من سيماك إني معناك المتيم فليكن حظي لديك مناسبًا مغناك تثني معاطفك الصبا خوطية وكذا الصبا فصباك مثل حماك أبعدتني منها بطعنة رامح ألذاك سمتك الورى بسمك أأموت من عطش وثغرك مورد فيه الحياة استودعتها فاك هلا تني عن حلوة فلعله وضعت أداة النفي في اسم لماك وقال يجيب أبا عبد الله بن خميس رحمه الله عن قصيدة بعث بها إليه أولها‏:‏ رد في حدايق مايها مرتاد قد لذ مورود وطاب مراد سالت على العافي جداوله كما صالت على العادي بدا ناد فشددت رحل مصيتي منه إلى حيث السيادة تبتنى وتشاد وركبت ناجية مبارية الصبا خضرًا فوق خضارة تعتاد يغتادها سكانها قلب على من كان من سكانها استبداد عجبًا لهم أحلامهم عادية تمضي عليهم حكمها أعواد خبر تلمسانًا بأنني جيتها لما دعاني نحوها الرواد وعاقتها سمعًا ولم أر حسنها لما دعاني نحوها الرواد وعاقتها سمعًا ولم أر حسنها إلا أناسًا حدثوا فأجاد ولرب حسن لا ثواه ناظر وبراه لا يخفى عليه فؤاد ودخلتها فدخلت منها جنة سكانها لا تخفى ولا حياد ورأيت فضلا باهرا ومكارما وعلا تغاضر دونها التعداد أهل الرواية والدراية والندا في نورهم أبدا لنا استمداد وأود حين أخط أطيب ذكرهم لو أن أسود مقلتي مداد وقال يخاطبه وقد وقف على بعض قصيدة‏:‏ رقت حواشي طبعك ابن خميس فهفا قريضك بن وهاج رسيسى ولمثله يصبو الحليم ويمترى ما للشروق به وسير العيس لك في البلاغة والبلاغة بعض ما تحويه من أثر محل رييسى نظم ونثر لا تباري فيهما تمهدت ذاك وذا بعلم الطوس وقال عند وفاته وربما نسبت لغيره‏:‏ رب أنت الحليم فاغفر ذنوبي ليس يغفو عن الذنوب سواكا رب ثبت عند السؤال لساني وأقمني على طريق هداكا رب كن إذا وقفت ذليلا ناكس الرأي استحي أن أراكا رب من لي والنار قد قربت لي وأنا قد أبحت عهد حماكا رب مالي من عدة لمآلى غير أني أعددت صدق رجاكا رب أقررت أني عبد سوء حلمك الجم غره فعصاكا نثره ومن نثره ما خاطب به صديقين له بمرسية من مدينة إشبيلية‏:‏ كتبت كتب الله لكما فوزًا بالحسنى وأجناكما من ثمرات إحسانه أكثر ما يجنى‏.‏
من إشبيلية وحالي بحمد الله حسنة ونفسي بحب قربكما مرتهنة وعلى بما لديكما من السراوة التي جبلتما على فطرتها وامتزتما في الاجتلاء بغرتها علم لا يدخله الشك ونسبتي إلى ودكما الذي لبسته معلمًا وتقلدته محرمًا لا يعبر عن معناها إلا بما لا يزال ولا ينفك‏.‏
فلنثن عنان القلم عن مداده ونأخذ في حديث سواه‏.‏
وصلنا إشبيلية ضحوة يوم الثلاثاء خامس ربيع الآخر ولقينا الإفانت على ميلين وفزنا بما ظهر من بشره واعتنايه بقرار الخاطر وقرة العين ونزلنا في الأخبية خارج البلد موضعا يعرف بالقنب قد تفجر عيونا وجمع ماؤه وهواؤه من المحاسن فنونا وعرض علينا النزول في الديار داخل المدينة فرأينا المقام فيه أحد الأسباب المسعدة على حفظ الصحة المعينة ورغبنا عن المدينة لحرها الوهاج وغبارها العجاج ومايها الأجاج‏.‏
ولما ثاب من النشاط البارح واستقل من المطي الرازح طفت في خارجها وداخلها ووقفت على مباينها المشيدة ومنازلها ورأيت انسياب أراقشها وتقصيت آثار طريانتها وبراقشها فشاهدت من المباني العتيقة والمنارة الأنيقة ما يملا أعين النظار وينفسح فيه مجال الاعتبار‏.‏
على أين ما رأيتها إلا بعد ما استولى عليها الخسف‏.‏
وبان عنها الظرف ونبا عنها الطرف فلا ترى من مغانيها إلا طللا دارسا والتلمح من بدايعها إلا محيًا عابسا لكن الرائي إذا قدر وضعها الأول وركب وهمه من مباينها ما تحلل وتخيل في ذهنه حسنها وتمثل تصور حسنًا يدعو إلى المجون ويسلى عن الشجون لولا أنها عرضت لأشمط راهب‏.‏
لما دان إلا بدن ولا تقرب بغير قارب وحسبي أن أصفها بما يقيها من القبول وأقول إنها في البلاد بمنزلة الربيع من الفصول ولولا أن خاطري مقسم وفكري حده مثلم لقضيت من الإطناب وطرًا ولم أدع من معاهدها عينًا إلا وصفتها ولا أثرًا‏.‏
توفي بتلمسان يوم عاشوراء سنة ست وثمانين وستماية‏.‏
ابن الصايغ محمد بن عبد الله بن محمد بن لب الأمي يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الصايغ بالصاد المهملة والغين المعجمة من أهل ألمرية‏.‏
حاله من خط شيخنا أبي البركات في الكتاب المؤتم على أنباء أبناء الزمن‏.‏
كان سهلا سلس القياد لذيذ العشرة دمث الأخلاق ميالا إلى الدعة نفورا عن النصب يركن إلى فضل نباهة وذكا يحاسب بها عند التحصيل والدراسة والدؤوب على الطلب من رجل يجري من الألحان على مضمار لطيف ولم يكن له صوت رخيم يساوق إنطباعه في التلحين يخبر ذلك بالأوتار‏.‏
وحاول من ذلك بيده مع أصحابه ما لاذ به الظرفاء منهم‏.‏
واستعمل بدار الأشراف بألمرية فأحكم تلك الطريقة في أقرب زمان وجاء زمامه يروق من ذلك العمل شأنه‏.‏
ثم نهضت به همته إلى أرفع من ذلك فسار إلى غرناطة وقرأ بها العربية وغيرها وانخرط في سلك نبهاء الطلبة لأدنى مدة ثم رحل إلى بلاد المشرق في حدود العشرين وسبعمائة فلم يتجاوز القاهرة لموافقة هواها علة‏.‏
‏.‏
‏.‏
‏.‏
‏.‏
كان يشكوها وأخذ في إقراء العربية بها وعرف بها إلى أن صار يدعي بأبي عبد الله النوي‏.‏
قال شيخنا المذكور ورأى في صغره فارة أنثى فقال هذه قرينة فلقب بذلك وصار هذا اللقب أغلب من إسمه ومعرفته‏.‏
وجرى ذكره في التاج بما نصه‏:‏ لج معرفة لا يغيض وصاحب فنون يأخذ فيها ويفيض‏.‏
نشأ ببلده مسثمرًا عن ساعد اجتهاده وشارك في قنن العلم ووهاده حتى أينع روضه وفهق حوضه‏.‏
ثم أخذ في إراحة ذاته وشام بإرقة لذاته ثم سار في البطالة سير الجموح وواصل الغبوق بالصبوح حتى قضى وطره وسيم بطره وركب الفلك وخاض اللجج الحلك واستقر بمصر على النعمة العريضة على شك في قضائه الحجة العريضة وهو بمدرستها الصالحية نبيه المكانة معدود في أهل العلم والديانة‏.‏
مشيخته قرأ بألمرية على المكثب أبي عبد الله الميرقي وأخذ عن شيخ الجماعة أبي الحسن بن أبي العيش وقرأ بالحضرة على الخطيب أبي الحسن القيجاطي وغيره‏.‏
وأخذ بالقاهرة عن الأستاذ أبي حيان وانتفع به وبجاهه‏.‏
شعره قال شيخنا أبو البركات وكان أخذ من قرض جيد الشعر بالحظ الوافر‏.‏
فمن شعره ما نقله إلينا الحاج الحافظ المكثب أبو جعفر بن غصن حسبما قيده عنه بمصر‏.‏
بعد المزار ولوعته أشواق حكما بفيض مدامع الأماق وخفوق نجي النسيم إذا سرى أذكى لهيب فؤادي الخفاق أمعللي ن التواصل في غد من ذا الذي لغد فدينك باق إن الليالي سبق قد أقبلت وإذا تولت لم تنل بلحاق فصفح تمدونه على الحمى سقى الحما صوب الغمام الواكف الرقراق فيه لذي القلب السليم وداده قلب سليم يا له من راق قلب غداة فراقهم فارقته لا كان في الأيام يوم فراق يا ساريًا والليل ساج عاكف يفتري للعلا بنجايب ونياق عرج على مثوى النبي محمد خير البرية ذي المنخل البراق ورسول رب العالمين ومن له حفظ العهود وصحة الميثاق الظاهر الآيات قام دليلها والطاهر الأخلاق والأعراق بدر الهدى البادي آياته وجبينه كالشمس في الإشراق


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:35 AM

والصادق المأمون أكرم مرسل سارت رسالته إلى الآفاق والصادق المأمون أكرم مرسل سارت رسالته إلى الآفاق أعلى الكرام ندًا وأبسطهم يدًا قبضت عنان المجد باستحقاق وأشد خلق الله إقداما إذا حمي الوطيس وشمرت عن ساق أمضاهم والخيل تعثر في القنا وتجول سبحًا في الدم المهراق من صير الأديان دينًا واحدا من بعد إشراق مضى ونفاق وأجحلنا من حرمة الإسلام في ظل ظليل وارف الأوراق لو أن للبدر المنير كماله ما ناله كسف ونكس محاق لو أن للبحرين جود يمينه أمن السفين غوايل الإغراق لو أن للآباء رحمة قلبه ذابت نفوسهم من الإشفاق ذو العلم والخفي المنجلي والجاه والشرف القديم الباق آياته شهب وغر بنانه سحب النوال تدر بالأرزاق فاحت فيوح الأرض وهو غياثها وربت ربي الإيمان وهو الشاق ثنت المعارض خيرًا لما حكت فلق الصباح وكان ذا إفلاق يقظ الفؤاد سرى وقد هجع الورى لمقام صدق فوق ظهر براق وسما وأملاك السما تحفه حتى تجاوزهن سبع طباق منها‏:‏ يا ذا الذي اتصل الرجا بحبله وانبت من هذا للورى بطلاق حبي إليك وسيلتي وذخيرتي إني من الأعمال ذو إملاق وإليك أعملت الرواحل ضمرًا تختال بين الوخد والأعناق يحدو بهن من النحيب مردد وتقودهن أزمة الأشواق غرض إليه فوقنا أسهمًا وهي القسى برين كالأفواق وأنختها بفنايك الرحب الذي وسع الورى بالنايل الدقاق وقوي مؤملك الشفاعة في غد وكفى بها هبة من الرزاق وعليك يا خير الأنام تحية تحيي النفوس بنشرها الفتاق وأثبار مسجده الذي برحابه لمعامل الرحمن أي نفاق لا جود فيه بأدمع أسلاكها منظومة بترايب وتراق أغدو بتقبيل على حصبايه وعلى كرام جدره بعناق وعليك ذا النورين تسليم له نور يلوح بصفحه المهراق كفوًا لنبي وكفوا على جنة خيرت له بشهادة وصداق وعلى أب السبطين من سبق الألى سبقوا إلى الإسلام أي سباق الطاهر الصهر ابن عم المصطفى شرف على التعميم والإطلاق مبدي القضا من وراء حجابها ومقتح الأحكام عن إغلاق يغزو العداة بغلظة فيعيدهم بصوارم تفري القفار رقاق راياته لا شيء من عقيانها بمطار يوم وغي ولا بمطاق وعلى كرام سنة عثرت بهم عند النظام ليالي النساق ما بين أروع ما جد نيرانه جنح الظلام تشب للطراق ولما سني الله في الروم الوقعة المبيرة والوقيعة الشهيرة التي أجلت عن قتل مليكهم معركتها وانتهت للفتح معركتها وحركتها وعمت الإسلام بإتعاس فل الكفر بركتها قدم مع الوفود من أهل بلده وهنأ أمير المسلمين بفتحه ذلك وطلوع ولده فقال‏:‏ أمليك أم بدر الدجا الوضاح وحسامه أم بارق لماح أعلى المسالك ما بنته يد التقى وعمادها الأعلام والأرماح وأحق من يدعي خليفة ربه ملك خلافته هدى ونجاح كأمير أندلس وناصرها الذي أفنى العداة حسامه السفاح أسمى الملوك أبو الوليد المرتضى وأعز من شرفت به الأمداح هو دوحة الملك العلي فروعها وبراحتيه ترزق الأدواج وبمحو رسم عداته بلباته نطق الكتاب وخطت الألواح بدر الكمال لو أن بدرا مثله لم يبد خشية نوره الإصباح بحر النوال لو أن بدرا مثله لارتاع خشية فيضه الملاح ولمثله قاد الجياد عدوه فخبا له قدح وخاب قداح فأبادهم وملوكهم فتح بدا وبسعد جدك ربنا فتاح وقواصل تبري بهن مفاصل وصفاح يفري بهن صفاح لم تفن كلهم سيوف الهند بل لسيوف جودك في النفوس جراح ما زال حي عداك يحسد ميتهم ويحث فوتًا عاجلا فيراح فاقتل كبيرهم واحي صغيرهم واسب النسا فيما عليك جناح تستبيح ما حاط العداة وما حموا وحماك يا منصور ليس يباح يامة الكفران تفنيدًا وهل لجفون أعمى ينجلي مصباح وجوان يرتشف الندى فنديمه غربانه ووساده الصفاح وكذلك المطران جاد رسومه قطر المنايا الصارم الطفاح أروس أم تبيض النعام بمرجنا أصنافكم هذي أم الأشباح ما للمطامير اشتكت من ضيقها بالمال والأسرى وهن فساح جارت بكم أبطالنا فكأنكم كشح وجيش المسلمين وشاح قد انثنت بطحاؤنا بحطامكم ونباتها الريحان والتفاح تالله ما كنتم بأول عسكر أمل النجاح وحينه يجتاح القس غركم ليهلك نسلكم بسيوفنا إن إفكه لصراح كم ذا يسخركم ويسخر منكم غدرًا ومكرًا إنه لوقاح منها‏:‏ وفوارس نشوا لهب فراس طلبوا انتشاو الدما للراح أربوا على الأسد الهزبر بسالة مع أنهم غر الوجوه صباح خاضوا بحار الحرب يطمو بحرها ووطيسها حامي الصلى لفاح ما هم ببذل نفوسهم ونفيسهم عن النوال والنزال سجاح وإذا هم ذكروا بناد فانتشق مسكا تضوع عرفه النفاح فغدا وراح النصر يقدم جمعهم ويحفهم حيث اعتدوا أو راح سناك مولانا بسعد مقيل خلصاء قد عمتهم له أفراح وهنا ونالك بالأمير تجدد كل بحبك نفسه ترتاح قد جاء بعد العسر يسر شامل قد جاء بعد الشدة الإنجاح فالحمد لله الذي قد خصنا ولنا بحمدك بعده إفصاح وعلى المقام المولوي تحية كالزهر إذ تهدى شذاه رياح ما خط مدحك في الطروس محبر ومحيي دجاجر الأصيل صباح وقال يرثي الخطيب ببلده الشهير الفاضل أبا الحسن بن شعيب رحمه الله‏.‏
بوادي لقد حملت ما ليس لقواه فراق ولي شرق الأرض تقواه بليت بذا التفريق فاصبر فربما بلغت بحسن الصبر ما تمناه شجا كل نفس فقد أنفس جوهر تعد ولاتحصى كرام سجاياه بكى كلنا حزنًا عليه كما بكى لفرقته محرابه ومصلاه فلله خطب جليل لقد رمى أجل خطيب بالجلالة مصماه فلولاكم يغلب تأسينا الأسى ولم يشمل الشمل التفجع لولاه خطيب جلا فصل الخطاب بيانه وأعدل قاض فاضل في قضاياه وجسم الهدى الرحب السبيل وروحه ولفظ العلى الفخ الأصيل ومعناه مطيع رفيع خاضع متواضع كريم حليم طاهر القلب أواه متى يمشي هونًا ليس إلا لمسجد تميد خجلا أرض بها حط نعلاه تكلمه عرف وذكر وحكمة تلذ بها الأسماع ما كان أحلاه كذا صمته خوف وفكر وخشية فما زال يخشى الله والكل يخشاه يصوم وقد طال النهار مهجرًا وتبحر بالليل للتغمض عيناه فكم دارس أحياه من أربع التقا وكم غاسق من حندس الليل أحياه فيا طيبا أصلًا وذكرًا وترية ومنه استفاد الطيب أطيب رياه وفي حشرقة تحن ومرتجًا وباطنا وأمن سني شمس الضحى من محياه محيًا يروي الناظرين تهللًا فتعرفه في الصاحلين بسيماه بحبك هامت كل نفس منيبة كذا من أحب الله حببه الله نال شعيب في الزمان بدوره ولم تكن الشمس المنيرة إلاه أعزي أولى الإيمان كلا بفقده نعم أسنيه بحبه مأواه سقى الله وسمى الحيا ذلك الثرى وغاداه صوب الغاديات ومياه كما قد سقاه ليلة الدفن ربه من الغيث وكاف السحاب وأسخاه ترضوا عن القاضي الإمام خطيبكم فقد رضي الحمن عنه وأرضاه وصلوا على هادي الأنام نبيكم صلاة بها يمحو المسيء خطاياه عليك سلام الله ما الروض فاح إن سرت سحرًا ريح الصبا بخزاماه توفي رحمه الله في رمضان تحقيقًا من سنة خمس على شك وسبع ماية أخبرني بذلك من يوثق به‏.‏
محمد بن عبد الله بن الحاج البضيعة من أهل مالقة وتردد كثيرًا على الحضرة مسترفدًا ومنشدًا وفي غير ذلك من الأغراض يكنى أبا عبد الله‏.‏
حاله وشعره من الإكليل‏:‏ شاعر اتخذ النظم بضاعة وما ترك السعي في مذاهبه ساعة أجرى في الملا لا في الخلا وجعل ذكره دلوه في الدلا وركض في حبلة النجبا النجايب ورمى في الخواطي بسهم صايب فخرج بهرجه ونفق وارتفد بسببه وارتفق‏.‏
وهو الآن قد سالمته السنون وكأنما أمن المنون من رجل مكفوف الأذى حسن الحالة إلا إذا هذا قلت ثبت هذا والمذكور حي وقد مات رحمه الله‏.‏
ومن شعره‏:‏ رجاي في المولى العظيم عظيم غنيت به حيث الغنى بمديم وحسبي الرجا فيمن عليه معولي حديث حديث لم يزل وخديم وما عرفت نفسي سوى باب فضله على ثقة أن الكريم كريم وما اعتصم المملوك إلا بحبله فجانبه نعمى لنا ونعيم رضاه سبيل للنجاة وحبه طريق لجنات النعيم قديم وأنشد يومًا الأمير ثالث الأمراء من بين نصر يهنيه بالملك ويعزيه‏:‏ على من تنشر اليوم البنود وتحت لواء من ترى الجنود وقال على هذا الكذا الذي بين يديك فخجل وعظم استظراف الحاضرين لذلك‏.‏
توفي في كذا وسبعمائة‏.‏
محمد بن عبد الله بن فطيس يكنى أبا عبد الله من أهل مالقة‏.‏
وقال الأستاذ من بيت فطيس الألبيريين‏.‏
حاله قال طبيب ماهر وأديب شاعر كان في أيام بني حسون يخف عليهم وله فيهم أمدح كثيرة‏.‏
يذكر أنه دخل يومًا على القاضي أبي مروان بن حسون بعد انقطاع عن زيارته فعتبه القاضي فاعتذر ثم أنشد‏:‏ يا حاملًا من علاه تاجًا ومن سنا وجهه سراجا لو كان رودي عديل ودي لكنت من بابك الرتاجا إ لم يعرج عليك شخصي نفسي وروحي عليك عاجا وذكره ابن عسكر في كتابه‏.‏
ابن الحكيم اللخمي محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى بن محمد بن فتوح ابن محمد بن أيوب ابن محمد بن الحكيم اللخمي ذو الوزارتين يكنى أبا عبد الله رندي النشأة إشبيلي الأصل يرجع بيته وبيت بين حجاج وبيت بين عباد إلى خرثومة واحدة وانتقل سلفه إلى رندة في دولة بني عباد ويحيى جد والده هو المعروف بالحكيم لطلبه‏.‏
وقدم ذو الوزارتين على حضرة غرناطة أيام السلطان أبي عبد الله محمد بن محمد بن نصر إثر قفوله من الحج في رحلته التي رافق فيها العلامة أبا عبد الله بن رشيد الفهري فألحقه السلطان بكتابه وأقام يكتب له في ديوان الإنشاء إلى أن توفي هذا السلطان وتقلد الملك بعده ولي عهده أبو عبد الله المخلوع فقلده الوزارة والكتابة وأشرك معه في الوزارة أبا سلطان عبد العزيز بن سلطان الداني‏.‏
فلما توفي أبو سلطان أفرده السلطان بالوزارة ولقبه ذا الوزارتين وصار صاحب أمره إلى أن توفي بحضرة غرناطة قتيلا نفعه الله تعالى‏.‏
غدوة يوم الفطر مستهل شوال سنة ثمان وسبعمائة وذلك لتاريخ خلع سلطانه وخلافة أخيه أمير المسلمين أبي الجيوش مكانه‏.‏
حاله كان رحمه الله تعالى علمًا في الفضيلة والسراوة ومكارم الأخلاق كريم النفس واسع الإيثار متين الحرمة عالي الهمة كاتبًا بليغًا أديبًا شاعرًا حسن الخط يكتب خطوطًا على أنواع كلها جميلة الانطباع خطيبًا فصيح القلم زاكي الشيم مؤثرًا لأهل العلم والأدب برًا بأهل الفضل والحسب نفقت بمدته للفضائل أسواق وأشرقت بإمداده للفضائل آفاق‏.‏
ومن عائد الصلة‏:‏ كان رحمه الله فريد دهره سماحة وبشاشة ولوذعية وانطباعًا رقيق الحاشية نافذ العزمة مهتزًا للمديح طلقًا لأمل كهفًا لغريب برمكي المائدة مهلبي الحلوى ريان من الأدب مضطلعًا بالرواية مستكثرًا من الفائدة‏.‏
يقوم على المسائل الفقهية ويتقدم الناس في باب التحسين والتقبيح ورفع راية الحديث والتحديث نفق بضاعة الطلب وأحيا معالم الأدب وأكرم العلم والعلماء ولم تشغله الساسة عن النظر ولا عاقه تدبير الملك عن المالعة والسماع والإفراط في اقتناء الكتب حتى ضاقت قصوره عن خزائنها وأثرت أنديته من ذخائرها‏.‏
قام له الدهر على رجل وأخدمه صدور البيوتات وأعلام الرياسات وخوطب من البلاد النازحة وأمل من الآفاق النائية‏.‏
رحلته ونباهته رحل إلى الحجاز الشريف من بلده على فتاء سنة أول عام ثلاث وثمانين وستمائة فحج وزار وتجول في بلاد المشرق منتجعًا عوالي الرواية في مظانها ومنقرًا عنها عند مسني شيوخها وقيد الأناشيد الغريبة والأبيات المرقصة وأقام بمكة شرفها الله من شهر رمضان إلى انقضاء الموسم فأخذ بها عن جماعة يأتي ذكرهم في مشيخته‏.‏
وانصرف إلى المدينة المشرفة ثم قفل مع الركب الشامي إلى دمشق ثم كر إلى المغرب لا يمر بمجلس علم أو تعلم إلا روى أو روى‏.‏
واحتل رندة حرسها الله أواخر عام خمسة وثمانين وستمائة وأقام بها عينًا في قرابته وعلمًا في أهله معظمًا عندهم إلى أن أوقع السلطان بالوزراء من بني حبيب الوقيعة البرمكية‏.‏
وورد رندة في أثر ذلك في شهر جمادة الآخرة من عام ستة وثمانين وستماية فتعرض إليه ومدحه وهنأه بقصيدة طويلة من أوليات شعره أولها‏:‏ ل إلى رج عشيات الوصال سبب أم ذاك من ضرب المحال فلما أنشدها إياه أعجب به وبحسن خطه ونصاعة ظرفه فأثنى عليه واستدعاه إلى الوقادة على حضرته فوفد إليها في آخر العام المذكور فأثبته في خواص دولته وأحظاه لديه إلى أن رقاه إلى كتابة الإنشاء ببابه‏.‏
واستمرت حاله معظم القدر مخصوصًا بالمزية إلى أن توفي السلطان ثاني الملوك من بني نصر وتقلد الملك بعده ولي عهده أبو عبد الله فزاد في إحظائه وتقريبه وجمع له بين الكتابة والوزارة ولقبه بذي الوزارتين وأعطاه العلامة وقلده الأمر فبعد الصيت وطاب الذكر إلى أن كان من الأمر ما يأتي به الذكر قريبًا إنشاء الله تعالى‏.‏
مشيخته قرا برندة على الشيخ النحوي أبي الحسن علي بن يوسف العبدري السفاح القرآن العظيم بالروايات السبع‏.‏
والعربية وغير ذلك‏.‏
وعلى الخطيب بها أبي القاسم ابن الأيسر وأخذ عن والده جميع مروياته‏.‏
واستجاز له في صغره أعلام ذلك الزمان وأخذ في رحلته عن الجلة من الجملة الذين يضيق عن أمثالهم الحصر‏.‏
فمنهم أبو اليمن جار الله بن عساكر لقيه بالحرم الشريف وانتفع به واستكثر من الرواية عنه‏.‏
ومنهم الشيخ أبو العز عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني المعروف بابن هبة الله الحراني‏.‏
ومنهم الشيخ الشريف أبو العباس أحمد بن عبد الله بن عمر بن معطي بن الإمام الجزائري جزائر المغرب نزيل بغداد‏.‏
ومنهم الشيخ أبو الصفا خليل بن أبي بكر بن محمد المرادي الحنبلي لقيه بالقاهرة‏.‏
ومنهم الشيخ رضي الدين القسطميني أبو بكر‏.‏
ومنهم الشيخ شرف الدين الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي إمام الديار المصرية في الحديث ومؤرخها وحافظها‏.‏
ومنهم عبد المنعم بن محمد بن يوسف بن أحمد الخيمي شهاب الدين أبو عبد الله نزيل مشهد الحسين بن علي قرأ عليه قصيدته البائية الفريدة التي أولها‏:‏ يا مطلبًا ليس لي في غريه أرب إليك آل النقصي وانتهى الطلب ومنها البيت المشهور الذي وقع النزاع فيه‏:‏ يا بارقًا بأعالي الرقمتين بدا لقد حكيت ولكن فاتك السبب ومنهم عبد المولى يحيى بن حماد البعلبكي مولده سنة إحدى عشرة وستمائة‏.‏
ومنهم محمد بن بكر بن خلف بن أبي القاسم الصفار‏.‏
ومنهم الشيخ أبو الفضل الأديب جمال الدين بن أبي الخير بن علي بن عبد الله بن رواحة‏.‏
ومنهم محمد بن يحيى بن عبد الله القرشي جمال الدين أبو صادق ومن تخريجه الأربعون المروية بالأسانيد المصرية‏.‏
وسمع الحلبيات من ابن عماد الحراني والشيخ أبي الفضل عبد الرحيم خطيب الجزيرة ومولده سنة ثمان وتسعين وخمسمائة‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن عباس الأشعري تقي الدين الحافظ أبو القاسم‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن عبد المجيد الأنماطي‏.‏
ومنهم أبو البدر بن عبد الله ابن أبي الزبير الكاتب المصري‏.‏
ومنهم الشيخ عبد الرحيم بن عبد المنعم بن خلف التدميري‏.‏
ومن رؤساء شيوخه الشيخ محيي الدين أبو الفضل‏.‏
ومنهم زينب بنت الإمام الفضل وسمعت من أبيها‏.‏
ومنهم محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد الخراساني أبو عبد الله موقر الدين وألبسه خرقة التصوف‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن يحيى بن هبيرة الشيياني شرف الدين‏.‏
ومنهم الشيخ شهاب الدين أحمد بن عيسى بن عيسى بن يوسف بن إبراهيم بن إسماعيل السلفي‏.‏
ومنهم الشيخ علي بن عبد الكريم بن عبد الله الدمشقي أبو الحسن ولد سنة سبع وتسعين وخمسماية‏.‏
ومنهم الشيخ غازي بن أبي الفضل بن عبد الوهاب الجلاوي‏.‏
ومنهم الشيخ نور الدين علي بن محمد أبي البركات الأنصاري المقرئ بحرم الخليل سمع من أبي الحسن علي بن شجاع‏.‏
ومنهم يوسف بن داود بن عيسى بن أيوب الحنفي‏.‏
ومنهم الملك الأوحد يعقوب بن الملك الناصر صلاح الدين وداود بن الملك المعظم عيسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب‏.‏
ومنهم عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي بن جعفر القرشي الزهري خطيب القدس‏.‏
ومنهم الشيخ عبد الحفيظ ابن بدران ويدعى علي الدين من أهل بانياس سمع من ابن صيصري‏.‏
ومنهم الشيخ علي بن عبد الرحمن بن عبد المنعم المقدسي‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن محمد بن سالم ابن يوسف بن اسلم القرشي جمال الدين‏.‏
ومنهم عبد الواسع بن عبد الكافي شمس الدين‏.‏
ومنهم الشيخ أحمد بن أحمد الزجاجي البغدادي الغمام تقي الدين‏.‏
ومنهم عبد الجميل بن أحمد ين الزجاج‏.‏
ومنهم فاطمة بنت إبراهيم بن محمد بن محمود بن جوهر البعلبكي الشيخة الكاتبة الخيرة أم الخير‏.‏
ومنهم الشيخ يوسف ابن أبي ناصر السفاوي‏.‏
ومنهم الشيخ عبد السلام بن محمد بن مزروع أبو محمد عفيف الدين‏.‏
ومنهم الشيخ أحمد بن عثمان بن محمد الشافعي البخاري شمس الدين‏.‏
ومنهم الشيخ عبد الله بن خير بن أبي مجمد بن خلف القرشي‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الباقي بن علي الصواف شرف الدين‏.‏
ومنهم الشيخ علي بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن زريق الكاتب لقيه بتونس‏.‏
ومنهم الشيخ سليمان بن علي بن عبد الله الكاتب التلمساني عفيف الدين الصوفي الأديب نزيل دمشق ومولده بتلمسان‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد الميموني البستي القسطلاني قطب الدين الغمام المفتي شيخ دار الحديث الكاملية بالقاهرة المعزية ومنهم الشيخ عبد الكريم بن علي بن جعفر القرشي جمال الدين‏.‏
ومنهم الشيخ أحمد بن محمد بن عبد الظاهر جمال الدين‏.‏
ومنهم محمد بن محمد بن إبراهيم النجاشي‏.‏
ومنهم الشيخ عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر الطبري إمام الروضة النبوية ثم الصخرة القدسية‏.‏
ومنهم الشيخ فخر الدين عثمان بن أبي محمد بن إسماعيل بن جندرة‏.‏
ومنهم الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العلي بن أنسكرت فخر الدين‏.‏
ومنهم الشيخ ثابت بن علي بن عبد العزيز بن قاسم بن عبد الرازق سمع على ابن المغير البغدادي‏.‏
ومنهم الشيخ أمين الدين أبو الهامات جبريل بن إسماعيل بن سيد الأهل الغساني‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الله الأندلسي الأصل شرف الدين سمع من علم الدين الشيخوني وغيره‏.‏
ومنهم الشيخ محمد بن محمد الشامي الشافعي الدمشقي إمام مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه يدعى شمس الدين سمع من الزبيدي‏.‏
ومنهم الشيخ يحيى بن الخضر بن حاتم الأنصاري يعرف بابن عز الدولة‏.‏
وأجاز له جماعة منهم ابن عماد الحراني ومنهم ابن يحيى بن محمد بن محمد الهمداني كمال الدين وسمع من ابن الزجاج وابن رواح الحميري‏.‏
ومنهم الشيخ عبد الملك أبو المعالي بن مفضل الواسطي عرف بابن الجوزي سمع على جماعة منهم شعيب الزعفراني ومنهم الشيخ محمد بن أحمد بن ياسر بن شاكر الحاكمي‏.‏
ومنهم الإمام مفتي المسلمين رضي الله عنه‏.‏
ومنهم أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن خليل العسقلاني المكي‏.‏
ومنهم الخطيب أبو عبد الله محمد بن صالح بن أحمد بن محمد بن رحيمة الكناني خطيب بجاية‏.‏
ومنهم قاضي القضاة ببلاد إفريقية أبو العباس ابن الغماز البلتسي لقيه بتونس‏.‏
ومنهم الفقيه العلامة الوزير أبو القاسم محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن يوسف ين جزي الكلبي‏.‏
ومنهم الشيخ أبو محمد عبد اله بن يوسف الخلابي‏.‏
ومنهم الشيخ المغربي أبو محمد الحجاج ابن يوسف بن إبراهيم بن عتاب لقيه بتونس‏.‏
ومنهم الشيخ المغربي أبو محمد الحجاج ابن يوسف ين إبراهيم بن عتاب لقيه بتونس‏.‏
ومنهم الشيخ الفقيه أبو بكر بن محمد ابن إبراهيم بن محمد بن يربوع السبتي‏.‏
ومنهم الإمام قدوة النحاة أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عبد الله بن أبي الربيع القرشي‏.‏
ومنهم الإمام أبو علي ناصر الدين منصور بن أحمد ابن عبد الحق الزواوي المشدالي من أهل بجاية‏.‏
ومنهم الخطيب القاضي أبو عمرو إسحق بن أبي إسحق بن عبد الوهاب الرندي‏.‏
إلى طائفة كبيرة من أهل المشرق والمغرب‏.‏
محنته أغلى به الأمير ولي العهد بسبب أمور اختلف فيها منها أبيات في هجو الدولة النصرية الله أعلم بصحة نسبتها إليه فأوقع به وناله بين يديه نكال كبير أفلت منه برفق واختفى مدة في المآذن المقفلة والأماكن الخفية حتى أصحى له جو سخطه وقضى الله برد أمره إليه وستيلايه على ما وراء بابه‏.‏
من روى عنه أخذ عنه الخطيب الصالح أبو إسحق بن أبي العاصي وتدبج معه رفيقه عبد الله بن رشيد وغير واحد‏.‏
وكان ممدوحًا وممن مدحه الرئيس أبو محمد عبد المهيمن الحضرمي والرئيس أبو الحسن بن الجياب وناهيك بهما‏.‏
ومن بديع مدح ابن الجياب له قصيدة راثية رائقة يهنيه فيها بعيد الفطر منها في أولها‏:‏ يا قادمًا عمت الدنيا بشائره أهلا بمقدمك الميمون طائره ومرحبًا بك من عيد تحف به من السعادة أجناد تظاهره قدمت فالخلق في نعمى وفي جذل أبدي بك البشر باديه وحاضره الأرض قد لبست أثواب سندسها والروض قد بسمت منه أزهره حاكت يد الغيث في ساحاته حللا لما سقاها دراكًا منك باكره فلاح فيها من الأنوار باهرها وفاح فيها من النوار عاطره وقام فيها خطيب الطير مرتجلا والزهر قد رصعت منه منابره موشي ثوب طواه الدهر آونة فها هو اليوم للأبصار ناشره فالغصن من نشوة يثني معاطفه والطير من طرب تشدو مزاهره وللكمام انشقاق عن أزاهرها كما بدت لك من خل ضمائره لله يومك ما أذكى فضائله قامت لدين الهوى فيه شعائره فافخر بحق على الأيام قاطبة فما لفضلك من ند يظاهره فأنت في عصرنا كابن الحكيم إذا قيست بفخر أولي العليا مفاخره يلتاح منه بأفق الملك نور هدى تضاءل الشمس مهما لاح زاهره مجد صميم على عرش السماك سما طالت مبانيه واستعلت مظاهره وزارة الدين والعلم الذي رفعت أعلامه والندى الفياض زاخره وليس هذا ببدع من مكارمه ساوت أواثله فيه أواخره يلقى الأمور بصدر مه منشرح بحر وآراؤه العظمى جواهره راعى أمور بصدر منه منشرح بحر وآراؤه العظمى جواهره راعي أمور الرعايا معملًا نظرًا كمثل علياه معدومًا نظائره والملك سير في تدبيره حكمًا تنال ما عجزت عنه عما كره سياسة الحكم لا بطش يكدرها فهو المهيب وما تخشى بوادره لا يصدر الملك إلا عن إشارته فالرشد لا تتعداه مصائره تجري الأمور على أقصى إرداته كأنما دهره فيه يشاوره وكم مقام له في كل مكرمة أنست موارده فيها مصادره فليس يجحده إلا أخو حسد يرى الصباح فيعشي منه ناظره لا ملك أكبر من ملك يدبره لا ملك أسعد من ملك يؤازره يا عز أمر به أشتدت مضاربه يا حسن ملك به ازدانت محاضره تثني البلاد وأهلوها بما عرفوا ويشهد الدهر آتيه وعابره بشرى لآمله الموصول مأمله تعسًا لحاسده المقطوع دابره فالعلم قد أشرقت نورًا مطالعه والجود قد أسبلت سحًا مواطره والناس في بشر والملك في ظفر عال على كل عالي القدر قاهره والأرض قد ملئت أمنًا جوانبها بيمن من خلصت فيها سرائره وإلى أياديه من مثنى وواحدة تساجل البحر إن فاضت زواخره فكل يوم تلقانا عوارفه كساه أمواله الطولي دفاتره فمن يؤدي لما أولاه من نعم شكرًا ولو أن سحبانا يظاهره يا أيها العبد بادر لثم راحته فلثمها خير مأمول تبادره وافخر بأن لقيت ابن الحكيم على عصر يباريك أو دهر تفاخره ولي الصيام وقد عظمت حرمته فأجره لك وافيه ووافره ومن مدح الرئيس أبي محمد عبد المهيمن الحضرمي له قوله‏:‏ تراءى سحيرا والنسيم عليل وللنجم طرف بالصباح كليل وللفجر نهر خاضه الليل فاعتلت شوى أدهم الظلماء منه خجول بريق بأعلى الرقمتين كأنه طلائع شهب السماء تجول فمزق ساجي الليل منه شرارة وخرق ستر الغيم منه نصول تبسم ثغر الروض عند ابتسامه وفاضت عيون للغمام همول ومالت غصون البان نشوي كأنها يدار عليها من صباه شمول وغنت على تلك الغصون حمائم لهن حفيف فوقها وهديل إذا سجعت في لحنها ثم قرقرت يطيح خفيف دونها وثقيل سقى الله ربعًا لا يزال يشوقني إليه رسوم دونها وطلول وجاد رياه كلما ذر شارق من الودق هتان أجش هطول ومالي أستسقي الغمام ومدمعي سفوح على تلك العراص همول وعاذلة باتت تلوم على السرى وتكثر من تعذالها وتطيل تقول إلى كم ذا فراق وغربة ونأي على ما خيلت ورحيل فأما تريني من ممارسة الهوى نحيلا فحد المشرفي نحيل وفوق أنابيب البراعة صفوة تزين وفي قد القناة ذبول ولولا السرى لم يحتل البدر كاملا ولا بات منه للسعود نزيل ولولا اغتراب المرء في طلب العلا لما كان نحو المجد منه وصول ولولا نوال ابن الحكيم محمد لأصبح ربع المجد وهو محيل وزير سما فوق السماك جلالة وليس له إلا نجوم قبيل من القوم أما في الندى فإنهم هضاب وأما في الندى فسيول حووا شرف العلياء إرثا ومكسبًا وطابت فروع منهم وأصول وما جونة هطالة ذات هيدب مرتها شمول مرجف وقبول لها رجل من رعدها ولوامع من البرق عنها للعيون كلول كما هدرت وسط القلاص وأرسلت شقاشقها عند الهياج فحول بأجود من كف الوزير محمد إذا ما توالت للسنين محول ولا روضة بالحسن طيبة الشذا يتم عليها أذخر وجليل وقد أذكيت للزهر فيها مجامر تعطر منها للنسيم ذيول بأطيب من أخلاقه الغر كلما تفاقم خطب للزمان يهول حويت أبا عبد الإله مناقبًا تفوت يدي من رامها وتطول فغرناطة مصر وأنت خصيبها ونائل يمناك الكريمة نيل فداك رجال حاولوا درك العلا ببخل وهل نال العلاء بخيل تخيرك المولى وزيرًا وناصحًا فكان له مما أراد حصول وألقي مقاليد الأمور مفوضا إليك فلم يعدل يمينك سول وقام بحفظ الملك منك مؤيد نهوض بما أعيا سواك كفيل وساس الرعاي منك أشوس باسل مبيد العدا للمعتفين منيل وأبلج وقاد الجبين كأنما على وجنتيه للنضار مسيل تهيم به العلياء حتى كأنها بثينة في الحب وهو جميل له عزمات لو أعير مضاؤها حسام لما نالت ظباه فلول سرى ذكره في الخافقين فأصبحت إليه قلوب العالمين تميل وأغدي قريضي جوده وثناؤه فأصبح في أقصى البلاد يجول إليك أيا فخر الوزارة أرقلت برحلي هوجاء الثجاء ذلول تسددني سهمًا لكل ثنية ضوامر أشباها لقسي نحول تسددني سهمًا لكل ثنية ضوامر أشباها لقسي نحول وقد لفظتني الأرض حتى رمت إلى ذراك برحلي هوجل وهجول فقيدت أفراسي به وركائبي ولذ مقام لي به وحلول وقد كنت ذا نفس عزوف وهمة عليها لأحداث الزمان دحول وتهوي العلا حظي وتغري بضده لذاك اعترته رقة ونحول وتأبي لي الأيام إلا إدالة فصونك لي أن الزمان مديل فكل خضوع في جنابك عزة وكل اعتزاز قد عداك خمول شعره وبضاعته في الشعر مزجاة وإن كان أعلم الناس بنقده وأشدهم تيقظًا لمواقعه الحسنة وأضدادها‏.‏
فمن ذلك قوله ورفعه إلى السلطان ببلده رندة وهو إذا ذاك فتى يملأ العين أبهة


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:36 AM


ويستميل القلوب لباقة وهي ومن خطه نقلت‏:‏ هل إلى رد عشيات الوصال سبب أم ذاك من ضرب المحال حالة يسرى بها الوهم إلى أنها تثبت براءًا باعتلال إذا مجال الوصل فيها مسرحي ونعيمي آمر فيها ووال ولحالات التراضي جوله مزجت بين قبول واقتبال فبوادي الخيف خفي مسعد وبأكناف مني أسني نوال لست أنسى الأنس فيها أبدًا لا ولا بالعذل في ذاك أبال وغزال قد بدا لي وجهه فرأيت البدر في حال الكمال ما أمال التيه من أعطافه لم يكن إلا على فضل اعتدال خص بالحسن فما أنت ترى بعده للناس حظًا في الجمال من تسلى عن هواه فأنا بسواه عن هواه غير سال فلئن أتعبني حبي له فكم نلت به أنعم حال إذ لآلئ حيده من قبلي ووشاحاه يميني وشمال خلف النوم لي السهد به وترامى الشخص لا طيف الخيال فيداوي بلماه ظمئي مزجك الصبهاء بالماء لزلال ذو أياد شملت كل الورى ومعال يا لها خير معال همة هامت بأحوال التقى وصفات بالجلالات حوال وقف النفس على إجهادها بين صوم وصلاة ونوال ومنها في ذكر القوم الموقع بهم‏:‏ وفريق من عتاة عاندوا أمره فاستوجبوا سوء نكال غرهم طول التجافي عنهم مع شيطان لهم كان موال فلقد كانت بهم رندة أو أهلها في سوء تدبير وحال ما يعود اليوم إلا بادروا برواة ونكيرات ثقال طوقوا النعمى فلما أنكروا طوقوا العدل بذي البيض العوال ما طل الدهر بهم غريمه فهو الآن وفي بعد المطال ولقد كنت غريم الدهر إذ شدني جورهم شد عقال ولكم نافرته مجتهدًا عندما ضاق بهم صدر احتمال ها أنا أنشدكم مهنئًا من بديع النظم بالسحر الحلال فأنا العبد الذي حبكم لم يزل والله في قلبي وبال أورقت روضة آمالي لكم وتولاها الكبير المتعال واقتنيت الجاه من خدمتكم فهو ما أدخره من كنز مال ومنها‏:‏ يا أمير المسلمين هذه خدمة تنبئ عن أصدق حال هي بنت ساعة أو ليلة سهلت الحب في ذاك الجلال ما عليها إذ أجادت مدحها من بعيد الفهم يلغيها وقال فهي في تأدية الشكر لكم أبدًا بين احتفاء واحتفال وكتب رحمه الله يخاطب أهله من مدينة تونس‏:‏ حي حي بالله يا ريح نجد وتحمل عظيم شوقي ووجدي وإذا ما بثثت حالي فبلغ من سلامي لهم على قدر ودي ما تناسيتهم وهل في مغيبي هم نسوني على تطاول بعدي فتلطف عند المرور عليهم وحقوقًا لهم على فأد قل لهم قد غدوت من وجدهم في حال شوق لكل رند وزند وإن استفسروا حديثي فإني باعتناء الإله بلغت قصدي فله الحمد إذ حباني بلطف عنده قل كل شكر وحمد قال شيخنا أبو بكر ولده وجدت بخطه رحمة الله عليه رسالة خاطب بها أخاه أبا إسحق إبراهيم افتتحها بقصيدة أولها‏.‏
ذكر اللوى شوقًا إلى أقماره فقضى أسى أو كاد من تذكاره وعلا زفير حريق نار ضلوعه فرمى على وجناتنه بشراره لو كنت تبصر خطه في خده لقرأت سر الوجد من أسطاره يا عاذليه اقصروا فلربما أفضى عتابكم إلى إضراره إن لم تعينوه على برجانه لا تنكروا بالله خلع عذاره ما كان اكتمه لأسرار الهوى لو أن جند الصبر من أنصاره بخل اللوى بالساكنيه وطيفهم وحديثه ونسيمه ومزاره فاقر السلام عليه قدر محبتي فيه وترفيعي إلى مقداره وألمم بسائر أخوتي وقرابتي من لم أكن لجوارهم بالكاره ما منه إلا أخ أو سيد أبدًا أرى دأبي على إكباره فاثبت لذاك الحي أن أخاهم في حفظ عهدهم على استبصاره ما منزل اللذات في أوطانه كلا ولا السلوان من أوطاره وقال رحمه الله في غرض كلفه سلطانه القول فيه‏:‏ ألا واصل مواصلة العقار ودع عنك التخلق بالوقار وقم واخلع عذارك في غزال يحق لمثله خلع العذار قضيب مائس من فوق دعص تعمم بالدجى فوق النهار ولاح بخده ألف ولام فصار معرفًا بين الدراري رماني قاسم والسين صاد بأشفار تنوب عن الشفار وقد قسمت محاسن وجنتيه على صدين من ماء ونار فمالي عن مذاهبه ذهاب وهذا فيه أشعاري شعار وقال العلامة ابن رشيد في ملئ العببة لما قدمنا المدينة سنة 684 للهجرة كان معي رفيقي الوزير أبو عبد الله بن أبي القاسم الحكيم وكان أرمد فلما دخلنا ذا الحليفة أو نحوها نزلنا عن الأكوار وقوي الشوق لقرب المزار فنزل وبادر إلى المشي على قدميه احتسابًا لتلك الآثار وإعظامًا لمن حل في تلك الديار فأحس بالشفاء فأنشد لنفسه في وصف الحال قوله‏:‏ ولما رأينا من ربوع حبيبنا بيثرب أعلامًا أثرن لنا الحبا وبالترب مها إذ كحلنا جفوننا شفينا فلا بأسًا نخاف ولا كربا وحين تبدى للعيون جمالها ومن بعدها عنا أديلت لنا قربا نزلنا من الأكوار نمشي كرامة لمن حل فيها أن نلم به ركبا نسح سجال الدمع في عرصاتها ونلثم من حب لواطئه التربا وإن بقائي دونه لخسارة ولو أن كفي تملأ الشرق والغربا فيا عجبًا ممن يحب بزعمه يقيم مع الدعوى ويستعمل الكتبا وزلات مثلي لا تعد كثيرة وبعدي عن المختار أعظمها ذنبا يصون بالعقل الفتى نفسه كما يصون الحر أسراره لا سيما إن كان في غربة يحتاج أن يعرف مقداره وقوله رحمه الله‏:‏ إني لأعسر أحيانًا فيلحقني يسر من الله أن العسر قد زالا يقول خير الورى في سنة ثبتت أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا وهو من أحسن ما قاله رحمه الله‏.‏
ومن شعره قوله‏:‏ فقدت حياتي بالفراق ومن غدا بحال نوى عمن يحب فقد فقد ومن أجل بعدي من ديار ألفتها جحيم فؤادي قد تلظى وقد وقد وحكى أن ذا الوزارتين المترجم لما اجتمع مع الفقيه الكاتب ابن أبي مدين‏.‏
أنشده ابن أبي مدين‏:‏ عشقتكمو بالسمع نبل لقاكم وسمع الفتى يهوي لعمر كطرفه وحببني ذكر الجليس إليكمو فلما التقينا كنتم فوق وصفه فأنشده ذو الوزارتين ابن الحكيم قوله‏:‏ حتى رأى بصرى فوق الذي سمعت أذنى فوفق بين السمع والبصر ومن نظمه مما يكتب على قوس‏:‏ أنا عدة للدين في يد من غدا لله منتصرًا على أعدائه أحكي الهلال وأسهمي في رجمها لمن اعتدى تحكي رجوم سمائه قد جاء في القرآن أني عدة إذ نص خير الخلق محكم آياته وإذا العدو أصابه سهمي فقد سبق القضاء بهلكه وفنائه ومن توقيعه ما نقلته من خط ولده أبي بكر في كتابه المسمى بالموارد المستعذية وكان بمدينة وادي آش الفقيه الكذا أبو عبد الله محمد بن غالب الطريفي فكتب يومًا إلى الشيخ خاصة والدي وخلاصته أبي جعفر ابن داود قصيدة طويلة على روى السين يشتكي فيها من جور مشرف بلدهم إذ ذاك أبي القاسم بن حسان منها‏:‏ فيا صفى أبي العباس كيف ترى وأنت كيس من فيها من أكياس ولوه إن كان ممن ترتضون به فقد دنا الفتح للأشراف في فاس ومنها يستطر ذكر ذي الوزارتين رحمه الله‏:‏ للشرق فضل منه أشرقت شهب من نورهم اقبسونا كل مقباس إن أفرطت بابن حسان غواثله فالأمر يكسوه ثوب الذل والياس وإن تزل به في جوره قدم كان الجزاء له ضربًا على الراس فقد أقامني المولى بنعمته لبث أحكامه بالعدل في الناس كتابته وهي مرتفعة عن نمط شعره‏.‏
فمن ذلك رسالة كتبها عن سلطانه في فتح مدينة قيجاطة‏:‏ من الأمير فلان أيده الله ونصره ووفقه لما يحب حتى يكون ممن قام بفرض الجهاد ونشره‏.‏
إلى ابننا الذي تمنحه الحب والرضى ونسأل الله أن يهبه الخلال التي تستحسن والشيم التي ترتضى الولد الأنجب الأرضى الأنجد الأرشد الأسعد محمد والى الله تعالى إسعاده وتولى بالتوفيق والإرشاد سداده وأطلع عليه من أنباء الفتوح المبشرة بالنصر الممنوح ما يكمل من بغيته في نصر دين الإسلام ويسني مراده‏.‏
أما بعد حمد الله الذي جعل الجهاد في سبيله أفضل الأعمال الذي يقربه إلى رضاه وندب إليه بما وعد من الثواب عليه فقال يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال تنبيهًا على محل الثقة بأن الفئة القليلة من أوليائه تغلب الفئة الكثيرة من أعدائه وتدارك دين الإسلام بإنجاز وعده في قوله ولينصرن الله من ينصره على رغم أنف من ظن أنه خاذله تعالى الله عن خذلان جنده‏.‏
والصلاة والسلام على نبيه ورسوله ومجتباه لهداية الخلق لسلوك سبيل الحق والعمل بمقتضاه‏.‏
قال تعالى فيما أنزل‏:‏ ‏"‏ قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ‏"‏ تحريضًا على أن يمحوا ظلام ضلالهم بنور هداه‏.‏
صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأبرار وأصحابه الأشداء على الكفار الذين جردوا في نصرة دينه صوارم العزم وأمضوا ظباه وفتحوا ما زوى له من مشارق الأرض ومغاربها حتى عم الإسلام حد المعمور ومنتهاه‏.‏
فإنا كتبنا لكم‏.‏
كتب الله لكم من سماع البشائر ما يعود بتحويل الأحوال وأطلع عليكم من أنباء الفتوح ما يلوح بآفاق الآمال مبشرا باليمن والإقبال‏.‏
من قيجاطة وبركان ثقتنا بالله وحده تظهر لنا ورد مشرع الفتح فترج عذب نطافه والحمد لله الذي هدانا لأن نتقلد نجادها ونمتطي جوادها ونستوري زنادها ونستفتح بها مغالق المآرب ولطائف المطالب حتى دخلت الملة الحنيفية في هذه الجزيرة الأندلسية أغوارها وأنجادها‏.‏
وقد تقرر عند الخاص والعام من أهل الإسلام واشتهر في جميع الأقطار اشتهار الصبح في سواد الظلام أنا ما قصرنا في الاستنصار والاستنفار ولا قصرنا عن الاعتضاد لكل من أملنا معونته والاستظهار ولا اكتفينا بمطولات الرسائل وبنات الأفكار حتى اقتحمنا بنفوسنا لجج البحار وسمحنا بالطارف من أموالنا والتلاد وأعطينا رجاء نصرة الإسلام موفور الأموال والبلاد واشترينا بما أنعم الله به علينا ما فرض الله على كافة أهل الإسلام من الجهاد فلم يكن بين تلبية المدعو وزهده وبين قبوله ورده إلا كما يحسو الطائر ماء الثماد ويأبى الله أن يكل نصر هذه الجزيرة إلى سواه وأن يجعل فيها سببًا إلا لمن أخلص لوجهه الكريم علانيته ونجواه‏.‏
ولما أسلم الإسلام بهذه الجزيرة الغريبة إلى مثاويه وبقي المسلمون يتوقعون حادثًا ساءت ظنونهم لمباديه ألقينا إلى الثقة بالله تعالى وحده يد الاستسلام وشمرنا عن ساعد الجد والاجتهاد في جهاد عبدة الأصنام وأخذنا بمقتضى قوله العالى وأنفقوا في سبيل الله أخذ الاعتزام فأمدنا الله تعالى بتوالي البشائر ونصرنا بألطاف أغنى فيها خلوص الضمائر عن قواد العساكر ونقلنا على أيدي قوادنا ورجالنا من السبايا والغنائم ما عد ذكره في الآفاق كالمثل السائر وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها وكيف يحصيها المحصي أو يحصرها الحاصر‏.‏
وحين أبدت لنا العناية الربانية وجوه الفتوح سافرة المحيا‏.‏
وانتشقنا نسيم النصر الممنوح عبق الريا استخرنا الله تعالى في الغزو بأنفسنا ونعم المستخار وكتبنا إلى من قرب من عمالنا بالحض على الجهاد والاستنفار‏.‏
وحين وافى من خف للجهاد من الأجناد والمطجوعين وغدوا بحكم رغبتهم في الثواب على طاعة الله مجتميعن خرجنا بهم ونصر الله تعالى أهدى دليل وعناية الله بهذه الفئة المفردة من المسلمين تقضي بتقريب البعيد من آمالنا وتكثير القليل‏.‏
ونحن نسأل الله تعالى أن يحملنا على جادة الرضا والقبول وأن يرشدنا إلى طريق يفضي إلى بلوغ الأمنية والمأمول إلى أن حللنا عشية يوم الأحد ثاني يوم خروجنا بمقربة حصن اللقوة فأدرنا به‏.‏
التدبير واستشرنا من أوليائنا من تحققنا نصحه فيما يشير فاقتضى الرأي المقترن بالرشاد المؤذن بالإسعاد قصد قيجاطة لما رجى من تيسير فتحها وأملا في إضاءة فجر الأماني لديها وبيان صبحها فسرنا نوها في جيش يجر على المجرة ذيل النقع المثار ويضيق عن كثرته واسع الأقطار ويقر عين الإسلام بما اشتمل عليه من الحماة والأنصار تطير بهم نياتهم بأجنحة العزم إلى قبض أرواح الكفار‏.‏
فلما وصلنا إلى وادي يانه على مقربة منها نزلنا به نريح الجياد ونكمل التأهب للقتال الاستعداد وبات المسلمون ليلتهم يسألون الله تعالى بأن يمنحهم الإعانة بتأييده والإمداد‏.‏
وحين فجر الفجر وأنار النهار وقدحتن به الأصباح زند الأنوار ركبنا إليها والعساكر قد انتظمت عقودها والسيوف قد كادت تلفظها غمودها وبصاير الأولياء المجاهدين قد لاح من نصر الله تعالى معهودها‏.‏
فلما وصلناها وجدنا ناسنا قد سبقوا إليها بالبوس وهتكوا ستر عصمتها المحروس وأذن لها بزوال النعم وذهاب النفوس فعاجلها الأولياء بالقتال وأهدوا إليها حمر المنايا من زرق النصال ورشقوا جنودها بالنبال وجدوا بنات الآجال فلما رأوا ما لا طاقة لهم به لاذوا بالفرار من الأسوار وولوا الأدبار وودعوا الديار وما فيها من الآثار‏.‏
وتسنم المسلمون ذروة البلد الأول فملكوه وخرقوا حجاب الستر المسدول عليه وهتكوه وتسرعوا إلى البلد الثاني وقد ملأ النصارى أسواره من حماة رجالهم وانتقوهم من متخيري أبطالهم ممن وثقوا بإقدامه في حماية ضلالهم فحمل عليهم المسلمون حملة عرفوهم بها كيف يكون اللقاء وصرفوهم إلى ما تنصرف إليه أرواحهم من الشقاء وأظهروا لهم من صدق العزايم ما علموا به أن لدين الإسلام أنصارًا لا يرغبون بأنفسهم عن الذب عنه وحماية راياته ولا يصدرون إلا إلى طاعة الله ابتغاء مرضاته‏.‏
وبادر جماعة إلى إضرام باب المدينة بالنيران وعقدوا تحت سماء العجاج منها سماء الدخان ورموا النصارى من النبال بشهب تتبع منهم كل شيطان‏.‏
فهزم الله النصارى وولوا أدبارهم وقذف الله في قلوبهم الرعب فأخلوا بروجهم وأسوارهم وتسنمها المسلمون معلنين شعار الإسلام رافعين من الرايات الحمر كواكب في سماء السعادة تبشر بتيسير كل مرام‏.‏
ودخلوا المدينة فألفوا بها من القوت والعتاد والمتاع الفاخر الذي يربو على العتداد ما ملأ كل يمين وشمال وظهروا عليها بعد بلوغ الأماني على الكمال وقتلوا بها من الحماة أعداء أبدوا في حماية ضلالهم ماضي الغنا والاعتزام وأعملوا فيهم ماضي العوامل وشبا الإضرام‏.‏
وارتفع الصارى إلى القصبة لائذين بامتناعها معتصمين بعلوها وارتفاعها متخليلين لضلالهم وعدم استبصارهم أن نور الهدى لا يحل بديارهم‏.‏
فرأينا أن نرقى الرجال إلى أبراج البلد وأسواره وأمرناهم أن يبيتوا طول ليلتهم مضيقين على من اعتصم بالقصبة في حصاره وعمدنا بالعسكر المظفر إلى موضع استيطانه من المحلة المنصورة واستقراره‏.‏
فلما بدا ضوء الصباح بنور الإشراق ولاح وجه الغزالة طارحًا شعاعه على الآفاق أمرنا بترتيب العساكر على القصبة للحصار وعينا لكل جماعة مهنهم جهة يبادرون إلى منازلتها بالقتال أشد البدار فانتهى المسلمون من ذلك إلى غاية لم تخطر للكافرين ببال وجرعوهم كؤوس المنايا وأداروا بها بنات الحنايا فأفضت السجال وأظهر الكفار مع وقوعهم في بحر الموت صبرا وطمعوا أن يقيموا بذلك لصلباتهم عذرا‏.‏
فلما رأوا من عزمنا ما لم تتخيله ظنونهم وأوهامهم وصابرهم المسلمون عند النزال مصابرة عظم فيها إقدامهم وثبتت أقدامهم ألقوا بأيديهم إلى التهلكة إلقاء من هاله لمعان الأسنة واهتزاز ردينيات القنا ولاذوا بطلب الأمان لياذ الغريق بالساحل بعد ما أشرف على الفناء وهبط زعيمهم مقتحمًا خطر تلك المسالك متضرعًا تضرع من طمع في الحياة بعد ما أخذته أيدي المهالك وشرط أن يملكنا القصبة‏.‏
ويبقى خديمًا لنا بما بيده من البلاد الكثيرة والكتيبة المتخبة فلم نظهر له عند ذلك قبولًا ولم نجعل له إلى تكميل ما رغب فيه سبلا فقاده البأس الشديد إلى الإذعان ورغب أن يكمل ما نريده على شرط الأمان‏.‏
فأسعفنا رغبته على شروط بعد عهد المسلمين بمثلها وهيئت الأسباب بما نعتمده من الثقة بالله وحده في أمورنا كلها وذلك على كذا وكذا‏.‏
وحين كملت الشروط حق التكميل وظهرت لنا منه إمارات الوفاء الجميل دخلنا القصبة حماها الله وقد أغنى يوم النصر عن شهر السلاح كما أغنى ضوء الصبح عن نور المصباح ورفعت على أبراجها حمر الأعلام ناطقة عن الإسلام بالتعريف والإعلام‏.‏
وفي الحين وجهنا من يقبض تلك الحصون ويزيل ما بها من جرم الكفر المأفون أمناء ردالنا‏.‏
فالحمد لله على هذه النعمة التي أحدثت للقلوب استبشارًا وخفضت علم التثليث ورفعت للتوحيد منارًا وأظهرت للملة الحنيفية على أعدائها اعتلاء واستكبارًا‏.‏
وهذا القدر من الفتح وإن كان سامي الفخر باقي الذكر بقائ الدهر فإننا لنرجو من الله أن يتبعه بما هو أعلى منه متانة وأعظم في قلوب أهل إيمان موقعًا وأعز مكانة وأن يرغم بما يظهر على أيدينا من عز الإسلام أنف من أظهر له عنادًا وخذلانا‏.‏
فاستبشروا بهذا الفتح العظيم وبشروا واشكروا الله عليه فواجب أن تشكروا‏.‏
وقد كتبنا هذا ونحن على عزمنا في غزو بلاد الكفار والسعي الحميد إلى التنكيل بهم والإضرار والمسلمون أعزهم الله في أرضهم يشنون المغار ويمتلكون الأنجاد منها والأغوار ويكثرون القتل والإسار ويحمون أينما نزلوا السيف والنار والسلام‏.‏
ومن نثر آخر إجازة ما صورته‏:‏ وها أنا أجري منه على حسن معتقده وأكله في هذا الغرض إلى ما رآه بمقتضى تودده وأجيز له ولولديه أقر الله بهما عينه وجمع بينهما وبينه رواية جميع ما نقلته وحملته وحسن اطلاعه يفصل من ذلك ما أجملته فقد أطلقت لهم الإذن في جميعه وأبحت لهم الحمل عني ولهم الاختيار في تنويعه‏.‏
والله سبحانه وتعالى يخلص أعمالنا لذاته و يجعلها في ابتغاء مرضاته‏.‏
قال هذا محمد بن عبد الرحمن بن الحكيم حامدًا لله عز وجل ومصليًا ومسلمًا‏.‏
وفاته قتل حمه الله صبيحة عيد الفطر من عام ثمانية وسبعمائة وذلك لتاريخ خلع سلطانه‏.‏
واستولت يد الغوغاء على منازله شغلهم بها مدبر الفتنة خيفة من أن يعاجلوه قبل تمام أمره‏.‏
فضاع بها مال لا يكتب وعروض لا يعلم لها قيمة من الكتب والذخيرة والفرش والآنية والسلاح والمتاع والخرثي وأخفرت ذمته وتعدى به عدوة القتل إلى المثلة وقانا الله مصارع السوء فطييف بشلوه وانتهب فضاع ولم يقبر وجرت فيه شناعة كبيرة رحمه الله تعالى‏.‏
مولده برندة ظهر يوم الاثنين الحادي والعشرين من ربيع الأول المبارك من عام ستين وستمائة‏.‏
وممن رثاه شيخنا أبو بكر بي شبرين رحمه الله تعالى بقوله‏:‏ ومما شجاني أن أهين مكانها وأهمل قدر ما عهدناه مهملا ألا أصنع بها يا دهر ما أنت صانع فما كنت إلا عبدها المتذللا سفكت وما كان الرقوء نواله لقد جئتها شنعاء فاضحة الملا يكفي سبنتي أزرق العين مطرق عدا فغدا في غيه متوغلا لنعم قتيل القوم في يوم عيده قتيل تبكيه المكارم والعلا إلا إن يوم ابن الحكيم لمثكل فؤادي فما ينفك ما عشت مثكلا فقدناه في يوم أغر محجل ففي الحشر نلقاه أغر محجلا سمت نحوه الأيام وهو عميدها فلم تشكر النعمى ولم تحفظ الولا وخانته رجل في الطواف به سعت فناء بصدر للعلوم تحملا وجدل لم يحضره في الحي ناصر فمن مبلغ الأحياء أن مهلهلا يد الله في ذاك الأديم ممزقا تبارك ما هبت جنوبًا وشمألا ومن حزني أن لست أعرف ملحدًا له فأرى للترب منه مقبلا رويدك يا من قد غدا شامتًا به فبالأمس ما كان العماد المؤملا وكنا نغادي أو نراوح بابه وقد ظل في أوج العلا متوقلا وما زج منه الحزن طول اعتبارنا ولم ندر ماذا منهما كان أطولا وهاج لنا شجوًا تذكر مجلس له كان يهدي الحي والملأ الألى به كانت الدنيا تؤخر مدبرًا من الناس حتمًا أو تقدم مقبلا لتبك عيون الباكيات على فتى كريم إذا ما أسبغ العرف أجزلا على خادم الآثار تتلى صحائحا على حامل القرآن يتلى مفصلا على عضد الملك الذي قد تضوعت مكارمه في الأرض مشكًا ومندلا على قاسم الأموال فينا على الذي وضعنا لديه كل إصر على علا وأني لنا من بعده متعلل وما كان في حاجاتنا متعللا ألا يا قصير العمر يا كامل العلا يمينًا لقد غادرت حزنًا مؤثلا بسوء المصلى أن هلكت ولم تقم عليك صلاة فيه يشهدها الملا وذاك لأن الأمر فيه شهادة وسنتها محفوظة لن تبدلا فيا أيها الميت الكريم الذي قضى سعيدًا حميدًا فاضلًا ومفضلا لتنهل من رب السماء شهادة تلاقي ببشرى وجهك المتهللا رثيتك عن حب ثوى في جوانحي فما ودع القلب العميد وما قلا تناساك حتى ما تمر بباله ولم يدكر ذاك الندى والتفضلا يرابض في مثواك كل عشية صفيف شواء أو قديدًا معجلا لحي الله من ينسى الأذمة رافضًا ويذهل مهما أصبح الأمر مشكلا حمانيك يا بدر الهدى فلشد ما تركت بدور الأفق بعد أفلا وكنت لآمالي حياة هنيئة فغادرت مني اليوم قلبًا مقتلا فلا وأبيك الخير ما أنا بالذي على البعد يئس من ذمامك ما خلا فأنت الذي آويتني متغربًا وأنت الذي أكرمتني متطفلا فإن لم أنل منك الذي كنت آملًا فما كنت إلا المحسن المتفضلا فآليت لا ينفك قلبي مكممدًا عليك ولا ينفك دمعي مسبلا العقيلي الجراوي محمد بن عبد الرحمن العقيلي الجراوي من أهل وادي آش وسكن غرناطة‏.‏
العقيلي الجراوي محمد بن عبد الرحمن العقيلي الجراوي من أهل وادي آش وسكن غرناطة‏.‏
حاله فقيه أديب متطبب متقن في علوم جمة شاعر مطبوع يكنى أبا بكر‏.‏
محمد بن عبد الرحمن المتأهل من أهل وادي آش يعرف بعمامتي حاله من التاج‏:‏ ناظم أبيات وموضح غرر وشيات وصاحب توقيعات رفيعات وإشارات ذوات شارات وكان شاعرًا مكثارًا وجوادًا لا يخاف عثارًا‏.‏
أدخل على أمير بلده المخلوع عن ملكه بعد انتثار سلكه وخروج الحضرة عن ملكه واستقراره بوادي آش مروع البال معللا بالآمال وقد بلغه دخول طبرنش في طاعته فأنشده من ساعته‏:‏ خذها إليك طبرنشا شفع بها وادي الأشا والأم تتبع بنتها والله يفعل ما يشا ومن نوادره العذبة يطلب خطة الحسبة‏:‏ أنلني يا خير البرية خطة ترفعني قدرًا وتكسبني عزًا فأعتز في أهلي كما اعتز بيدق على سفرة الشطرنج لما انثنى فرزًا فوقع الأمر بظهر رقعته ما ثبت في حرف النون عند ذكره والاحتجاج بفضله‏.‏
كان حيًا بعد سنة سبع عشرة وسبعمائة‏.‏
وفد على الحضرة مرات كثيرة‏.‏
ابن طفيل القيسي محمد بن عبد الملك بن محمد بن محمد بن طفيل القيسي من أهل وادي آش يكنى أبا بكر‏.‏
حاله كان عالمًا صدرًا حكيمًا فيلسوفًا عارفًا بالمقالات والآراء كلفًا بالحكمة المشرقية محققًا متصوفًا طبيبًا ماهرًا فقيهًا بارع الأدب ناظمًا ناثرًا مشاركًا في جملة من الفنون‏.‏
مشيخته روى عن أبي محمد الرشاطي وعبدالحق بن عطية وغيرهما‏.‏
حظوته ودخوله غرناطة اختص بالريس أبي جعفر وأبي الحسن نب ملحان‏.‏
قال ابن الأبار في تحفته وكتب لوالي غرناطة وقتًا‏.‏
تواليفه رسالة حي بن يقظان والأرجوزة الطبية المجهولة وغير ذلك‏.‏
قال وهو القايل من قصيدة في فتح قفصة سنة ست وتسعين وأنقذت إلى البلاد‏:‏ ولما انقضى الفتح الذي كان يرتجى وأصبح حزب الله أغلب غالب وانجزنا وعد من الله صادق كفيل بإبطال الظنون الكواذب وساعدنا التوفيق حتى بينت مقاصدنا مشروحة بالعواقب وأذعن من عليا هلال بن عامر أبي ولبي الأمر كل مجانب وهبوا إذا هب النسيم كما سرى ولم يتركوا بالشرق علقة آيب يغص بهم عرض الفلا وهو واسع وقد زاحموا الآفاق من كل جانب كأن بسيط الأرض حلقة خاتم بهم وخضم البحر بعض المذانب ومد على حكم الصغار لسلمنا يديه عظيم الروم في حال راغب يصرح بالرويا وبين ضلوعه نفس مذعور ونفرة راهب وعي من لسان الحال أفصح خطبة ما وضحت عنه فصاح القواضب وأبصر متن الأرض كفة حامل عليه وإصراه في كف حالب أشرنا بأعناق الجياد إليكم وعدبًا عليكم من صدور الركايب إلى بقعة قد بين الله فضلها بمن حل فيها من ولي وصاحب وله أيضًا‏:‏ ألمت وقد نام الرقيب وهوما وأسرت الوادي العقيق من الحما وراح إلى نجد فرحت منجدا ومرت بنعمان فأضحى منعما وجرت على ترب المخصب ذيلها فما زال ذاك الترب نهبًا مقسما تناقله أيدي التجار لطيمة ويحمله الدارين أيان يمما ولما رأت أن لا ظلام يجنها وأن سراها فيه لن يتكتما سرت عذبات الربط عن حر وجهها فأبدت شعاعًا يرفع اليوم مظلما فكان تجليها حجاب جمالها كشمس الضحى يعشى بها الطرف كلما ولما رأت زهر الكواكب أنها هي النير الأسمى وإن كان باسما بكت أسفًا أن لم تغز بجوارها وأسعدها صوب الغمام فأسجما فجلت يمج القطر ريان بردها فتنفضه كالدر فذًا وتوأما يضم علينا الماء فضل زكاتها كمل بل سقط الطل نورًا مكممًا ويفتق نضح الغيث طيب عرفها نسيم الصبا بين العرار منسما وجلت عن ثناياها وأومض برقها فلم أدر من شق الدجنة منهما ونظم سمطى ثغرها ووشاحها فأبصرت در الثغر أحلى وأنظما ونظم سمطى ثغرها ووشاحها فأبصرت در الثغر أحلى وأنظما تقول وقد ألممت أطراف كمها يدي وقد أنعلت أخمثها الغما نشدتك لا يذهب بك الشوق مذهبًا يسهل صعبًا أو يرخص مأثما فأقصرت لا مستغنيًا عن نوالها ولكن رأيت الصبر أوفى وأكرما وقال‏:‏ أتذكر إذ مسحت بفيك عيني وقد حل البكا فيها عقوده ذكرت بأن ريقك ماء ورد فقابلت الحرارة بالبرودة وقال‏:‏ سألت من المليحة برء دايي برشف برودها العذب المزاج فما زالت تقبل في جفوني وتبهرني بأصناف الحجاج وقالت إن طرفك أصلًا لدايك فليقدم في العلاج


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:37 AM

توفي بمراكش سنة إحدى وثمانين وخمسماية وحضر السلطان جنازته‏.‏
روى عن أبي عبد الله بن حميد وابن أبي القاسم السهيلي وابن حبيش وروى عنه بنوه أبو جعفر وأبو القاسم وعبد الرحمن وأبو جعفر ابن عثمان وأبو القاسم البلوي‏.‏
تواليفه له اختصار حسن في إصلاح المنطق ورسايل مشهورة تناقلها الناس وشعره يحسن في بعضه‏.‏
جاهه حدث الشيخ أبو القاسم البلوي قال كنت أخف إليه وأشفع عنده في كبار المسايل فيسرع في قضايها‏.‏
ولقد عرضت لبعض أصحابي من أهل بلاد الأندلس حاجة مهمة كبيرة وجب علي السعي فيها ورحوته من جميل أثره في تيسير أمرها وكان قد أصابه حينئذ التياث لزم من أجله داره ودخلت عليه عايدًا فأطال السؤال عن حالي وتبسط معي في الكلام مبالغة في تأنيس فأجلت ذكر الحاجة ورغبت منه في الشفاعة عند السلطان في شأنها وكان مضطجعًا فاستوى جالسًا وقال لي جهل الناس قدري وكررها ثلاثًا في مثل هذا أشفع إلى أمير المؤمنين هات الدواة والقرطاس فناولته إياهما فكتب برغبتي ورفعه إلى السلطان فصرف في الحين معلمًا فاستدعاني ودفعه إلي وقال يا أبا القاسم لا أرضى منك أن تحجم عني في التماس قضاء حاجة تعرضت لك خاصة وإن كانت لأحد من معارفك عامة كبرت أو صغرت فألتزم قضاءها وعلى الوفا فإن لكل مكتسب زكاة وزكاة الجاه بذله‏.‏
وحدثني شيخي أبو الحسن بن الجياب عمن حدثه من أشياخه قال عرض أبو عبد الله بن عياش والكاتب ابن القالمي على المنصور كتابين وهو في بعض الغزوات في كسلب البرد وبين يديه كانون جمر‏.‏
وكان ابن عياش بارع الخط وابن القالمي ركيكه ويفضله في البلاغة أو بالعكس الشك مني‏.‏
وقال المنصور أي كتب لو كان بهذا الخط وأي خط لو كان بهذا الكتب فرضي ابن القالمي وسخط ابن عياش‏.‏
فانتزع الكتاب من يد المنصور وطرحه في النار وانصرف‏.‏
قال فتغير وجه المنصور وابتدر أحد الأشياخ فقال يا أمير المؤمنين طعنتم له في الوسيلة التي عرفته ببابكم فعظمت غيرته لمعرفته بقدر السبب الموصل إليكم‏.‏
فسرى عن المنصور وقال لأجد خدامه إذهب إلى السبي فاختر أجمل نساء الأبكار وأت بابن عياش فقل له هذه تطفي من خلقك‏.‏
قال ابن عياش يخاطب ولده وقد حدث الحديث‏:‏ هي أمك يا محمد أو فلان‏.‏
ومحاورته الدالة على جلالة قدره قال ابن خميس حدثني خالي أبو عبد الله ابن عسكر أن الكاتب أبا عبد الله بن عياش كتب يومًا كتابًا ليهودي فكتب فيه ويحمل على البر والكرامة‏.‏
فقال له المصور من أين لك أن تقول في كافر ويحمل على ابر والكرامة‏.‏
فقال له المنصور من أين لك أن تقول في كافر ويحمل على البر والكرامة‏.‏
فقال ففكرت ساعة وقد علمت أن الاعتراض يلزمني فقلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ‏"‏ وهذا عام في الكافر وغيره‏.‏
فقال نعم هذه الكرامة فالمبرة أين أخذتها قال فسكت ولم أجد جوابًا قال فقرأ المنصور أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ‏"‏ لا ينهاكم الله عن الدين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوحكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ‏"‏‏.‏
قال فشهدت بذلك وشكرته‏.‏
شعره من شعره‏:‏ بلنسية بيني عن العلياء سلوة فإنك روض لا أحن لزهرك وكيف يجب المرء دارًا تقسمت على صارمي جذع وفتنة مشرك وذكره الأديب أبو بحر صفوان بن إدريس في زاد المسافر عند اسم ابن عياش قال اجتمعنا في ليلة بمراكش فقال أبو عبد الله ابن عياش‏:‏ أشفارها أم صارم الحجاج وجفونها أم فتنة الحلاج فإذا نظرت لأرضها وسمائها لم تلف غير أسنة وزجاج وقال في المصحف الإمام المنسوب إلى عثمان بن عفان لما أمر المنصور بتحليته بنفيس الدر من قصيده‏:‏ ونقلت من كل ملك ذخيرة كأنهم كانوا برسم مكاسبه فإن ورث الأملاك شرقًا ومغربًا فكم قد أخلوا جاهلين بواجبه وألبسته الدر والياقوت حلية وغيرك قد رواه من دم صاحبه كتابته قال ابن سعيد في المرقصات والمطربات أبو عبد الله بن عياش كاتب الناصر وغيره من بني عبد المؤمن وواسطة عقد ترسيله قوله في رسالة كتبها في نزول الناصر على المهدية بحرًا وبرًا واسترجاعها من أيدي الملثمين‏:‏ ولما حللنا عرى السفر بأن حللنا حمى المهدية تفاءلنا بأن تكون لمن حل بساحتها هدية فأحدقنا بها إحداق الهدب بالعين وأطرنا لمختلس وصالها غربان البين فبانت بليلة باسنية وصابح يومًا صافحته فيه يد المنية‏.‏
ولما اجتلينا منها عروسًا قد مد بين يديها بساط الماء وتوجهت بالهلال وقرطته بالثريا ووشجت بنجوم السماء والسحب تسحب عليها أردانها فترتديها تارة متلثمة وطورًا سافرة وكأنما شرفاتها المشرفة أنامل مخضبة بالدياجي مختتمة بالكواكب الزاهرة تضحي عن شنب لا تزال تقبله أفواه المجانيق وتمسي باسمة عن لعس لا تبرح ترشفه شفاه سهام الحريق خطبناها فأرادت التنبيه على قدرها والتوفير في إعلاء مهرها ومن خطب الحسناء لم يغله المهر فتمنعت تمنع المقصورات في الخيام وأطالت إعمال العامل في خدمتها وتجريد الحسام إلى أن تحققت عظم موقعها في النفوس ورأت كثرة ما ألقى لها من نثار الرؤوس جنحت إلى الإحصان بعد النشوز ورأت اللجاج في الامتناع من قبول الإحسان لا يجوز فأمكنت زمامها من يد خاطبها فبانت معرسًا حيث لا حجال إلا من البنود ولا خلوق إلا من دماء أبطال الجنود فأصبح وقد تلألأت بهذه البشاير وجوه الأفكار وطارت بمسارها سوايح البراري وسوانح البحار‏.‏
فالحمد لله الذي أقر الحق في نصابه واسترجعه من أيدي غصابه حمدًا يجمع شمل النعم ويلقحها كما تلقح الرياح الديم فشنفوا الأسماع بهذه البشاير واملئوا الصدور بما يرويه لكم من أحاديثها كل وارد وصادر فهو الفتح الذي تفتحت له أبواب السماء وعم الخير واليمن به بسيطي الشرق والماء فشكر الله عليه فرض في كل قطر من أقطار الأرض‏.‏
دخل غرناطة مرتادًا ومتعلمًا ومجتازًا‏.‏
مولده‏:‏ ببرشانة بلده عام خمسين وخمس ماية‏.‏
وفاته‏:‏ توفي بمراكش في شهر رجب الفرد من عام ثمانية عشرة وستماية رحمه الله‏.‏
ابن محمد الهمداني محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد الهمداني من أهل وادي آش يكنى أبا القاسم ويعرف بابن البراق‏.‏
حاله قال ابن عبد الملك كان محدثًا حافظًا راوية مكثرا ثقة ضابطًا شهر بحفظ كتب كثيرة من الحديث وغيره ذا نظر صالح في الطلب أديبًا بارعًا كاتبًا بليغًا مكثرًا لجيده سريع البديهة في النظم والنثر والأدب أغلب عليه‏.‏
قال أبو القاسم بن المواعيني ما رأيت في عباد الله أسرع ارتجالًا منه‏.‏
مشيخته روى عن أبي بحر يوسف بن أحمد بن أبي عيشون وأبي بكر بن زرقون وابن قيد وابن إبراهيم بن المل وابن النعمة وصحبه ولقيه بمراكش ووليد بن موفق وأبي عبد الله بن يوسف بن سعادة ولازمه أزيد من ست سنين وأكثر عنه وابن العمرسي وأبي العباس بن إدريس والخروبي وتلا عليه بالسبع وأكثر عنه وعرض عليه من حفظه كثيرًا وابن مضاء وأبي علي بن عرب وأبي القاسم بن حبيش وابن عبد الجبار وأبي محمد بن سهل الضرير وعاشر وقاسم بن دحمان وأبي يوسف بن طلحة‏.‏
وأجاز له أبو بكر بن العربي وابن خير وابن مندلة‏.‏
وابن تمارة وأبو الحسن شريح وابن هذيل ويونس بن مغيث وأبو الجليل مفرج ين سلمة وأبو عبد الله حفيد مكي وأبو عبد الرحمن بن مساعد وأبو عامر محمد بن أحمد السالمي أبو القاسم بن بشكوال وأبو محمد بن عبيد الله وأبو مروان البياض وابن قزمان وأبو الوليد بن حجاج‏.‏
من روى عنه روى عنه ابنه أبو القاسم وأبو الحسن بن محمد بن بقي الغساني وأبو عبد الله محمد بن يحيى السكري وأبو العباس النباتي وأبو عمرو بن عياد وهو أسن منه وأبو الكرم جودى‏.‏
تواليفه صنف في الأدب مصنفات منها بهجة الأفكار وفرصة التذكار في مختار الأشعار ومباشرة ليلة السفح ومقاله في الإخوان خرجها من شواهد الحكم ومصنف في أخبار معاوية والدر المنظم في الإحسار المعظم ومجموع في الألغاز ورضة الحدائق في تأليف الكلام الرائق مجموع نظمه ونثره وملقي السبل في فضل رمضان وقصيدته في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وخطرات الواجد في رثاء الواحد ورجوم الإنذار بهجوم العذار إلى غير ذلك‏.‏
محنته غربه الأمير ابن سعد من وطنه وألزمه سكنى مرسية ثم بلنسية‏.‏
ولما مات ابن سعد آخر يوم من رجب سبع وستين وخمس ماية عاد إلى وطنه واستقر به يفيده الدية إلى آخر عمره‏.‏
شعره وشعره كثير‏.‏
فمن ذلك القصيدة الشهيرة في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر صحابته‏:‏ بالهضب هضب زرود أو تلعاتها ساقتك هاتفة على نغماتها مصدورة تفتن في جيعهافيبين نفث السحر في نفثاتها إن راغها راد الضحى أو راعها جنح الدجا سيان في ذكراتها هذا يمتعها وذاك يشوقها والموت في يقظاتها وسناتها ولولا التعلل بالكرى ينتابها نضحت فزور الطيف برح شكاتها ولئن نصقت لها به فتقول من يلقى الرياح بملتقى هباتها مطلولة الفرعين يلحفها الربى كتفًا ويلثمها المنى زهراتها وتسيغها ماء النخيلة جرعة لغياضها من مجتني نجلاتها منها‏:‏ يا من تبلج نوره عن صادع بالواضحات الغر من آياتها يا شارعًا في أمة جعلت به وسطًا فغالت مستدام حياتها في دار خلد لا يشيب وليدها حيث الشباب يرف في وجناتها يا مصطفاها مرفع قدرها بأكنفها يا منتهى علياتها يا منتقاها من راومة هاشم يا هاشم الصلبان في نزواتها يا خاضدًا للشرك شوكة حزبه يا يا فعًا للعرب في جمراتها قلت نقل الشيخ أزيد من ذلك أو ضعفه أو نحوه‏.‏
إلى أن قال وهي طويلة قلت وثقيلة الروح‏.‏
ولقد صدق في قوله‏.‏
ومن شعره‏:‏ وتسيغها ماء النخيلة جرعة لغياضها من مجتني نجلاتها منها‏:‏ يا من تبلج نوره عن صادع بالواضحات الغر من آياتها يا شارعًا في أمة جعلت به وسطًا فغالت مستدام حياتها في دار خلد لا يشيب وليدها حيث الشباب يرف في وجناتها يا مصطفاها مرفع قدرها بأكنفها يا منتهى علياتها يا منتقاها من راومة هاشم يا هاشم الصلبان في نزواتها يا خاضدًا للشرك شوكة حزبه يا يا فعًا للعرب في جمراتها قلت نقل الشيخ أزيد من ذلك أو ضعفه أو نحوه‏.‏
إلى أن قال وهي طويلة قلت وثقيلة الروح‏.‏
ولقد صدق في قوله‏.‏
ومن شعره‏:‏ يا بدر تم طالعًا في الحشيي برح بي منك أوان المغيب فمن يكن يزهى بلبس المنى فإن زهوى بلحاس النحيب فمن يكن يزهى بلبس المنى فإن زهوى بلحاس النحيب في ساعة قصر أنيابها غييته لي وحضور الرقيب وقال‏:‏ رثوا القباب بأدمع مغضوضة ذوي للفراق وأكبد تتصرم فللنفس في تلك الربوع حبيبة والقلب في إثر الوداع مقسم هل لي بهاتيك الظبا إلماعة أم هل لذاك السرب شمل ينظم حقًا فقدت الذات عند فراقهم فالشخص يوجد والحقيقة تعدم وفاته توفي ببلده لثلاث بقين من رمضان ست وتسعين وخمس ماية‏.‏
قال أبو القاسم المواعيني عثر في مشيه فسقط فكان سبب منيته ودخل غرناطة في غير ما وجهة منها راويا عن أبي القاسم بن الفرس‏.‏
ومع ذلك فهو من أحوازها وبنياتها‏.‏
ابن خاتمة الأنصاري محمد بن علي بن نحمد بن علي بن محمد بن خاتمة الأنصاري لئن كنت تجهل ما في الحب من محن أنا الخبير فغيري اليوم لا تسل أنا الذي قد حلبت الحب أشطره فلم يفدني لا حولي ولا حيل لا أشرب الراح كي أحلو براحتها لكن لأدفع ما بالنفس من كسل ولا أجول بطرفي في الرياض سوى ذكري لأيامنا في ظلها الأول أنا العهد مضى ما كان أعذبه لم يبق لي غير آيات من الخبل كم فديتك يا قلبي وأنت على تلك الغواية لم تبرح ولم تزل فاختر لنفسك إما أن تصاحبني حلوًا وإلا فدعني منك وارتحل فقد تبعتك حتى سرت من شغفي ولوعتي في الهوى أعجوبة المثل ومن شعره‏:‏ ومض البرق فثار القلق ومضى النوم وحل الأرق وينعاني من غرامي قد شكا ودموعي من ولوعي تنطق ودليلي في غليلي زفرتي وعذابي بانتحابي أصدق إذ شبابي والتصايي جمعا ورياض الأنس غض مونق شت يوم البين شملي ليت ما خلق البين لقلب يعشق آه من يوم قضى له فرقة شاب مني يوم حلت مفرق ومن ذلك‏:‏ أيا جيرة الحي الممنع جاره سقى ريقكم دمعي إذا بخل الوبل متى غبتم عني فأنتم بخاطري وإن تقصدوا ذلي فقد لذني الذل عذابكم قرب وبخلكم ندى وإذلاكم عز وهجرانكم وصل وأنتم نعيمي لا نعمت بغريكم وروضي لا ما أريد ولا ظل ومن ظريف نزعاته قوله‏:‏ الرفع نعتكم لا خابك أمل والخفض شيمة شأني والهوى دول هل منكم لي عطف بعد بعدكم إذ ليس لي منكم يا سادتي بدل وفاته اعتبط في الطاعون في أوايل ربيع الأول عام خمسين وسبعماية‏.‏
ورد إلى الحضرة غير ما مرة‏.‏
ابن قزمان الزهري محمد بن عيسى بن عبد الملك بن قزمان الزهري من أهل قرطبة يكنى أبا بكر حاله نسيج وحده أدبًا وظرفًا ولوذعية وشهرة‏.‏
قال ابن عبد الملك كان أديبًا بارعًا محسنًا شاعرًا حلو الكلام مليح التندير مبرزًا في نظم الطريقة الهزلية بلسان عوام الأندلس الملقب بالزجل‏.‏
قلت وهذه الطريقة بديعة يتحكم فيها ألقاب البديع وتنفسخ لكثير مما يضيق سلوكه على الشاعر‏.‏
وبلغ فيها أبو بكر مبلغًا حجره الله عن سواه‏.‏
فهو آيتها المعجزة وحجتها البالغة وفارسها العلم والمبتدي فيها والمتمم رحمه الله‏.‏
وقال الفتح فيه‏:‏ مبرز في البيان ومحرز السبق عند تسابق الأعيان اشتمل عليه المتوكل على الله اشتمالًا رقاه إلى مجالس وكساه ملابس واقتطع أسمى الرتب وتبوأها ونال أسنى الخطط وما تمالأها‏.‏
شعره قال الفتح وقد أثبت له ما يعلم به رفيع قدره ويعرف كيف أسا الزمن بغدره قوله‏:‏ وتجللوا الغدران من ماذيهم مرتجة إلا على الأكتاف وكتب إليه ذو الوزارتين أبو عبد الله بن أبي الخصال يستدعيه إلى مجلس أنس‏:‏ أني أهزك هز الصارم الخذم وبيننا كل ما تدريه من ذمم ذاك شاك من قطع أنس أنت واصله بما لديك من الآداب والحكم وشت شمل كرام أنت ناظمه ورد دعوة أهل المجد والكرم ولو دعيت إلى أمثالها لسعت إليك سعي مشوق هائم قدم وإن نشطت لتصريفي صرفت له وجهي وكنت من الأعوان والخدم وما أريد سوى عفو تجود به وفي حديثك ما يشفي من الألم أنت المقدم في فخر وفي أدب فاطلع علينا طلوع السيد العمم فأجابه رحمه الله‏:‏ أتى من المجد أمر لا مرد له نمشي على الرأس فيه لا على القدم لبيك لبيك أضعافًا مضاعفة إني أجبت ولكن داعي الكرم لي همة ولأهل العز مطمحها لا زلت في كل مجد مطمح الهمم وإن حقك معروف وملتزم وكيف يوجد عندي غير ملتزم حتى يكون كلام الحاضرين بها عند الصباح وما بالعهد من قدم يا ليلة السفح هلا عدت ثانية سقى زمانك هطال من الديم وقال في غرض النسيب‏:‏ يا رب يوم زادني فيه من أطلع من غربه كوكبا ذو شفة لمياء معسولة ينشع من خديه ماء الصبا قلت له وهب لي بها قبلة فقال لي مبتسما مرحبا فذقت شيئًا لم أذق مثله لله ما أحلى وما أعذبا أسعدني الله بإسعاده يا شقوتي يا شقوتي لو أبا وقال‏:‏ جئت لتوديعه وقد ذرفت عيناي من حسرة وعيناه في موكب البين باكين ولا أصعب من موقف وقفناه معانقًا جيده على حذر فمن رآني مقبلًا فاه نغص توديعه لعاشقه ما كان من قبل قد تمناه وقال يعتذر ارتجالا وأحسن ما أراد‏:‏ وإن أكن مظعنًا مصباح بيتكم فكل من فيكم في البيت مصباح وقال يهني بعرسك وإن أكن مظعنًا مصباح بيتكم فكل من فيكم في البيت مصباح وقال يهني بعرسك صرفت إليك وجوهها الأفراح وتكنفتك سعادة ونجاح فاقض المآرب في زمان صالح لا سد عنك من الزمان صلاح إن كان كالشمس المنيرة حسنها فالبدر أنت وما عليك جناح لا فرق بينكما لرأي فاستوى زي النساء قلادة ووشاح هل يوقد المصباح عند كما مهجًا وكلاكما ببهائه مصباح أحرزت يا عبد العزيز محاسنا كثرت فلم تستوفها الأمداح يا من له كف تجود وأضلع مطوى على حفظ الوداد شجاح ما ألقت الحاجات دوني قفلها إلا ويمن يمينك المفتاح في كل ما تنحو إليه ملاحة وكذاك أفعال المليح ملاح ومن الحكمة قوله‏:‏ كثير المال تبذله فيبقى ولا يبقى مع البخل القليل وعهدي بالشباب وحسن قدي حكى ألف ابن مقلة في الكتاب فصرت اليوم منحنيًا كأني أفتش في التراب على الشباب وقال رحمه الله‏:‏ يمسك الفارس رمحًا وأنا أمسك فيها قصبة وكلانا بطل في حربه إن الأقلام رماح الكتبة قال ابن عبد الملك‏:‏ أنشدت على شيخنا أبي الحسن الرعيني قال أخبرنا الراوية أبو القاسم بن الطيلسان قال سألته يعني أبا القاسم أحمد بن أبي بكر هذا أن ينشد شيئًا من شعر أبيه المغرب فأخرج لي قطعة بخط أبيه وأنشده‏.‏
وقال أنشدني أبي رحمه الله لنفسه‏:‏ أحسن ما نيط في الدعا لمن رتب في خطة من الخطط خلصك الله من عوايقها ودمت في عصمة من الغلط مقربًا منك ما تسر به وكل مكروهة على شحط الكل بالعدل منك مغتبط وليس في الناس غير مغتبط وليس يخليك من أنا لكها من عمل بالنجاة مرتبط رفعتم يا بني رفاعة ما كان من المعلوات في هبط ومنبر الحق من سواه بكم فها هو الآن غير مختلط وانضبط الأمر واستقام لكم ولم يكن من قبل ذا بمنضبط أتيت في كل ما أتيت به فالغيث بعد الرجا والقنط جللت عمن سواك منزلة فلست ممن سواك في نمط أنت من المجد والعلا طرف وكلهم في العلا من الوسط كتابته وقفت من ذلك على أفانين‏.‏
منها في استهلال شهر رمضان قوله‏:‏ سلام على أنس المجتهدين وراحة المتهجدين وقرة أعين المهتدين والذي زين الله به الدنيا وأعز به الدين‏.‏
شرف الله به الإسلام وجعل أيامه رقومًا في عواتق الأيام‏.‏
وشهوره غررًا في جباه الأعلام وحل به عن رقاب الأمة قلايد الآثام ونزه فيه الأسماع عن المكاره وصان الأفواه من رفث الكلام‏.‏
أشهد أن اله أنبني عليك وأدخل من شاء الجنة على يديك وخصك من الفضايل بما يمشي فيه التفسير حتى يكل ويسأم ذلك اللسان ويمل وأبادت ذنوب الأمة بمثل ما أبادت الشمس الظل ذلك الذي يتهلل للسماء هلاله ويهتز العرش لجلاله وترتج الملايكة في حين إقباله وتدخل الحور العين في زينتها تكريمًا وتلتزم إجلاله وتعظيمًا ويهتدي فيه الناس إلى دينهم صراطًا مستقيمًا وتغل الشياطين على ما خليت‏.‏
وتذوق وبال ما كادت به وتخيلت ويشمر التقي لعبادة ربه ذيلًا وتهبط الملايكة إلى سماء الدنيا ليلا وينتظم المتقون في ديوانه انتظام السلك‏.‏
ويكون خلوف فم الصايم عند الله أطيب من ريح المسك وتفتح الجنة أبوابًا ويغفر لمن صامه إيمانًا واحتسابًا جزاء من ربك عطاء حسابا وبما فضلك الله على سائر الشهور وقضى لك بالشرف والفضل المشهور‏.‏
فرضك في كتابه ومدحك في خطابه حيث قال شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان يعني تكبير الناس عليك وتقليب أحداقهم بالنظر إليك حين لثمت بالسحاب ونظرت من تحت ذلك النقاب وقد يمتاز الشيب وأن استتر بالخضاب حتى إذا وقف الأيمة منك على الصحيح وصرحوا برؤيتك كل التصريح نظرت كل جماعة في اجتماعها وتأهبت القراء لإشفاعها واندفعت الأصوات باختلاف أنواعها وتضرعت الألباب وطلبت المواقف أواخر العشار والأحزاب وابتديت ألم ذلك الكتاب عندما أوقدت قناديل كأنما قد بدت من الصباح ورقصت رقص النواهد عند هبوب الرياح والله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح فأملك المسلمون في سر وجهر وحطت أثقال السيئات عن كل ظهر والتمست الليلة التي هي خير من ألف شهر فنشط الصالحون بك صومًا وهجر المتهجدون في ليلك نومًا وأكملناك إن أذن الله ثلاثين يوما‏.‏
فيا أيها الذي رحل رحل بعد مقامة وقام للسفر من مقامه ورأى من قضى حقه ومن قصر في صيامه فمشى الناس إلى تشييعه وبكوا لفراقه وتوديعه وندم المضيع على ما كان من تضييعه ولم يثق بدوام العيش إلى وقت رجوعه فعض على كفه ندمًا وبكت عيه ماء وكبده دمًا‏.‏
رويدًا حتى أمرح في ميدان فراتك وأتضرع إلى حنانك وإشفاقك وأتشفى من تقبيلك وعناقك وأسل منك حاجة إن أراد الله قضاها وشاء نفوذها وإمضاها إذا أنت وقفت لرب العالمين فقبلك من قوم وردك في وجوه آخرين‏.‏
إن تثنى جميلًا فعسى يصفح لعهده وإن أسا فعلم الله أني نويت التوبة أولا وآخرًا وأملت الأداء باطنا وظاهرا وكنت على ذلك لو هدى الله قادرًا وإنما علم من تقصير الإنسان ما علم وللمرء ما قضى عليه به وحكم وإن النفس لأمارة بالسوء غلا من رحم فإن غفر فبطوله وإحسانه وإن عاقب فيما قدمت يد العبد من عصيانه فيا وحشة لهذه الفرقة ويا أسفًا على بعد الشقة ويا شد ما خلفته لنا بفراقك من الجهد والمشقة ولطالما هجر الإنسان بك ذنبه وراقب إعظامًا لكربه وشرحت إلى أعمال البر قلبه‏.‏
ومع هذا أتراك ترجع وترى أم تضم علينا دونك أطباق الثرى‏.‏
فيا ويلنا إن حل الأجل ولم أقض دينك ورجعت وقد حال الموت بيني وبينك‏.‏
فأغرب لا جعله الله آخر التوديع وأي قلب يستطيع‏.‏
وقال في استهلال شوال‏:‏ ولكل مقام مقال‏.‏
الله أكبر هذا هلال شوال قد طلع وكر في منازله وقطع وغاب أحد عشر شهرًا ثم رجع‏.‏
مالي أراه رقيق الاستهلال خفي الهلال وروحًا تردد في مثل انملال ما باله أمسى الله رسمه وصحح جسمه ورفع في شهور العام اسمه على وجهه صفرة بينة ونار إشراقه لينة وأرى السحاب تعتمده وتقف وتغشاه سويعة وتنصرف ما أراه إلا بطول ذلك المقام وتوالي الأهوال العظام‏.‏
أصابه مرض في فصل من فصول العام فعادته كما يعاد المريض وبكته الأيام الغر والليالي البيض وقلن كلأك الله وكفاك وحاطك وشفاك وقل كيف نجدك لا فض فاك هذا على الظن لا على التحقيق ومجاز لا يحكم التصديق‏.‏
وإنه ليبعد مثل هذا المقدار أن يقدح فيه طول الغيب وتواتر الأسفار‏.‏
أليس هو قد ألف مجالي الرياح وصحب برد الصباح وشاهد الأهوية مع الغدو والرواح وطواها بتجربته طي الوشاح‏.‏
ما ذاك إلا أنه رأى الشمس في بعض الأيام ماشية والحسن يأخذ منها وسطًا وحاشية ودلائل شبابها ظاهرة فاشية فوقع منها في نفسه ما وقع وثبت على قلبه من النظر ما زرع ووقع في شركها وحق له أن يقع‏.‏
فرثت هي لحاله وأشفقت ونهجت بوصالها وتأنقت وقطعت من معدن نيلها وأنفقت ورأت أنها له شاكله يبلغ أملها وتبلغ مأمله ولذلك ما مدت لذيذ السماح فتعرضت بالعشي وارتصدها في الصباح مع ما أيقنا به من النقطاع ويمسنا من الاجتماع كما نفد القدر وصدر الخبر‏.‏
وقال تعلن لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر فوجد لذلك وجدًا شديدًا وأذاقه مع الساعات شوقًا جديدًا وأصبح بها دنفًا وأمسى عميدًا حتى سلب ذلب بهاه وأذهب سناه ورده النحول كما شاه ولقي مها مثل ما لقي غيلان من ميته وجميل من بثينته وحن إليها حنين عروة إلى عفرا وموعدهما يوم وهب ناقته الصفراء‏.‏
على رسك أني وهمت وحسبت ذلك حقًا وتوهمت والآن وقد فطنت وأصبت الفص فيما ظننت إنه لقي رمضان ي إقباله وضمه نقصان هلاله وصامه فجأة ولم يك في باله فأثر ذلك في وجهه الطلق وأضعفه كما فعل بساير الخلق وها هو قد أقبل من سفره البعيد فقل هو هلال الفطر أو قل هو هلال العيد فلقه صباح مشى الناس فيه مشيى الحباب ولبسوا أفضل الثياب وبرزوا إلى مصلاهم من كل باب فارتفعت همة الإسلام‏.‏
وشرفت أمة محمد عليه السلام وخطب بالناس ودعا للإمام عندما طلعت الشمس بوجه المرآة ولون كصفا المهراة‏.‏
وخرج لا ينسيها ريم الفلاة‏.‏
وقضوا السنة وبذلوا الجهد في ذلك والمنة وسألوا من الله أن يدخلهم الجنة ثم خطبوا حمدًا لله وشكرًا وذكروه كذكرهم آبائهم أو أشد ذكرًا ثم انصرفوا راشدين وافترقوا حامدين وشبك الشيخ بيديه ونظر الشاب في كفيه‏.‏
ورجعوا على غير الطريق الذي أتوا عليه فلقد استشفى من الرؤية ذو عينين وتذكر العاشق موقف البين وشق المتنزه بين الصفين فنقل عينيه من الوشيي إلى الديباج ووجوه كضوء السراج وعيون أقتل من سيف الحجاج ونظرات لا يدفع داؤها بالعلاج وقد زينت العيون بالتكحيل والشعور بالترجيل وكرر السواك على مواضع التقبيل وطوقت الأعناق بالعقود وضرب الفكر في صفحات الخدود ومد بالغالية على مواضع السجود وأقبلت صنعًا بأوشيتها وعنت بأرديتها ودخلت العروس في حليتها ورقمت الكفوف بالحناء وأثني على الحسن وهو أحق بالثناء وطلقت التوبة ثلاثًا بعد البناء وغص الذراع بالسوار وتختم في اليمين واليسار وأمسكت الثياب بأيدي الأبكار ومشت الإماء أمام الأحرار وتقدمت الدايات بالأطفال الصغار وامتلأت الدنيا سررًا وانقلب الكل إلى أهله مسرورًا‏.‏
وبينما كانت الحال كما نصصت والحكاية كما قصصت إذ لألأت الدنيا برقًا وامتد مع الأفقين غربًا وشرقًا ورد لمعانه عيون الناظرين زرقًا ولولا أنه جرب حتى يدرا لقيل قد طلعت مع الشمس شمس أخرى حتى أقبل من شرفت العرب بنسبه وفخر الإسلام بسببه من انتسب إلى زهرة وقصي وازدانت به آل غالب وآلي لؤي من إذا ذكر المجد فهو ممسك بنده أو الفضل فهو لابس برده أو الفخر فهو واسطة عقده أو الحسن فهو نسيج وحده الذي رفع لواء العليا وعارضت مكارمه صوب الحبا وحكت محاسنه زهرة الحياة الدنيا‏.‏
فأما وجهه فكما شرقت الشمس وأشرقت وغربت كواكب سمايها وشرقت وتفتحت أطواق الليل عن غرر ومجده وتشققت‏.‏
ولولا حيًا يغلب عليه وخفر يصحبه إذا نظرت إليه لاستحال النهار وغارت لنوره كواكب الأسحار ولكاد سنا برقه يذهب بالأبصار لا يحفل بالصبح إذا انفلق ولا بالفجر إذا عم آفاق الدجا وطبق ولو بدا للمسافر في ليله لطرق قد عجم الأبنوس على العاد وأدار جفنًا كما عطف على أطفالها النعاج يضرب بها ضرب السيف ويلم بالفؤاد إلمام الطيف ويتلقاها السحر تلقي الكريم للضيف لو جردها على الريم لوقف أو على فرعون ما صرف من سحره ما صرف أو على بسطام ابن قيس لألقى سلاحه وانصرف‏.‏
وأما أدواته فكما انشقت الأرض عن نباتها وأخذت زخرفها في إنباتها ونفخ عرف النسيم في جنباتها يتفنن أفانين الزهر ويتقلب تقلب الدهر وتطلع له نوادر كالنجوم الزهر لو أبصره مطرف ما شهر بخطه ولا جر من العجب ذيل مرطه ولا كان المخبر معه من شرطه‏.‏
وأما أنه لو قرى على سحبان كتابه وانحدر على نهره عبابه وملأت مسامعه أطنابه وأسبابه ما قام في بيانه ولا قعد ولنزل عن مقامه الذي إليه صعد ولا خلف من بلاغته ما وعد‏.‏
لعمرك ما كان بشر بن المعتمر بتفنن للبلاغة فنونًا ولا يتقبلها بطونًا ومتونًا ولا أبو العتاهية ليشرطها كلامًا موزونًا ولا نمق الحسن بن سهل الألفاظ ولا رفع قس بن ساعدة صوته بعكاظ ولا أغلظ زيد بن علي هشامًا بما أغاظ‏.‏
وأما مكارمه فكما انسكب الغيث عن ظلاله وخرج الودق من غلاله فتدارك النعمة عن فوتها وأحيا الأرض بعد موتها‏.‏
ذلك الشريف الأجل الوزير الأفضل أبو طالب ابن القرشي الزهري أدام الله اعتزازه كما رقم في حلل الفخر طرازه فاجتمعت به السيادة بعد افتراقها‏.‏
وأشرق وجه الأرض لإشراقها والتفت الثياب بالثياب وضم الركاب بالركاب ولا عهد كأيام الشباب فوصل القريب البعيد وهنوه كما جرت العادة بالعيد فوقف مع ركابه وسلمت وجرت كلامًا وبه تكلمت فقلت تقبل الله سعيك وزكى عملك وبلغك فيما توده أملك ولا تأملت وجهًا من السرور غلا تأملك ونفعك بما أوليت وأجزل حظك على ما صمت وصليت ووافقتك لعل وساعدتك ليت وهناك عيد الفطر وهنأته وبداك بالمسرات وبدأته وتبرأ لك الدهر مما تحسد وبرأته‏.‏
وهكذا بحول الله أعياد واعتياد وعمر في دوام وعز في ازدياد والسنة تفصح بفضلك إفصاح الخطباء من إياد وأقرأ عليك سلام الله ما أشرق الضحا ودام الفطر والأضحى‏.‏

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:39 AM


دخل غرناطة وتردد إليها غير ما مرة وأقام بها وامتدح ابن أضحى وابن هاني وابن سعيد وغيرهم من أهلها‏.‏
قال ابن سعيد في طالعه وقد وصف وصول ابن قزمان إلى غرناطة واجتماعه بجنبته بقرية الزاوية من خارجها بنزهون القليعية الأديبة وما جرى بينهما وأنها قالت له بعقب ارتجال بديع وكان لبس غفاره صفراء أحسنت يا بقرة بني إسرائيل إلا أنك لا تسر الناظرين فقال لها إن لم أسر الناظرين فأنا أسر السامعين وإنما يطلب سرور الناظرين منك يا فاعلة يا صانعة‏.‏
وتمكن السكر من ابن قزمان وآل الأمر إلى أن تدافعوا معه حتى رموه في البركة فما خرج منها إلا وثيابه تقطر وقد شرب كثيرًا من الماء فقال إسمع يا وزير ثم أنشد‏:‏ إيه أبا بكر ولا حول لي بدفع أعيان وأنذال وذات جرح واسع دافق بالماء يحكي حال أذيال غرقتني في الماء يا سيدي كفره بالتغريق في المال فأمر بتجريده وخلع عليه ما يليق به ولمن يمر لهم بعد عهدهم بمثله‏.‏
ولم ينتقل ابن عزمان من غرناطة إلا بعد ما أجزل من الإحسان ومدحه بما هو في ديوان أزجاله‏.‏
جرت عليه بابن حمدين محنة كبيرة عظم لها نكاله بسبب شكاسة أخلاق كان موصوفًا بها وحدة شقي بسببها‏.‏
وقد ألم الفتح في قلايده بذلك واختلت حاله بآخرة واحتاج بعد انفصال أمر مخدومه الذي نوه به‏.‏
توفي بقرطبة لليلة بقيت من رمضان سنة خمس وخمسين وخمس ماية والأمير ابن سعد يحاصر قرطبة‏.‏
رحمه الله‏.‏
محمد بن غالب الرصافي يكنى أبا عبد الله بلنسي الأصل سكن غرناطة مدة ثم مالقة‏.‏
حاله قال الأستاذ كان فحلًا من فحول الشعراء ورئيسًا في الأدباء عفيفًا ساكنًا وقورًا ذا سمت وعقل‏.‏
وقال القاضي كان شاعرًا مجيدًا رقيق الغزل سلس الطبع بارع التشبيهات بديع الاستعارات نبيل المقاصد والأغراض كاتبًا بليغًا دنيًا وقورًا عفيفًا متفقهًا عالي الهمة حسن الخلق والخلق والسمت تام العقل مقبلًا على ما يعنيه من التعيش بصناعة الرفي التي كان يعالجها بيده لم يبتذل نفسه في خدمة والتعرض لانتجاع بقافية خلا وقت سكناه بغرناطة فغنه امتدح واليها حينئذ ثم نزع عن ذلك راضيًا بالخمول حالًا والقناعة مالًا على شدة الرغبة فيه واغتنام ما يصدر عنه‏.‏
أخبار عقله وسكونه قال الفقيه أبو الحسن شاكر بن الفخار المالقي وكان خبيرًا بأحواله‏:‏ ما رأيت عمري رجلًا أحسن سمتًا وأطول صمتًا من أبي عبد الله الرصافي‏.‏
وقال غيره من أصحابه كان رفاء فما سمع له أحد من جيرانه كلمة في أحد‏.‏
وقال أبو عمرو ابن سالم كان صاحبًا لأبي ولقيته غير ما مرة وكان له موضع يخرج إليه في فصل العصير فكنت أجتاز عليه مع أبي فألثم يده فربما قبل رأسي ودعا لي وكان أبي يسله الدعاء فيخجل ويقول أنا والله أصغر من ذلك‏.‏
قال وكان بإزايه أبو جعفر البلنسي‏.‏
وكان متوقد الخاطر فربما تكلم مع أحد التجار فكان منه هفوة فيقول له جلساؤه شتان والله بينك وبين أبي عبيد الله في العقل والصمت فربما طالبه بأشياء ليجاوبه عليها فما يزيد على التبسم‏.‏
فلما كان أحد الأيام جاء البلنسي ليفتح دكانه‏.‏
فتعمد إلقاء الغلق من يده فوقع على رأس أبي عبد الله‏.‏
وهو مقبل على شغله فسال دمه فما زاد على أن قام ومسح الدم ثم ربط رأسه وعاد إلى شغله‏.‏
فلما رأى ذلك منه أبو جعفر ترامى عليه وجعل يقبل يديه ويقول والله ما سمعت برجل أصبر منك ولا أعقل‏.‏
شعره وشعره لا نهاية فوفه رونقًا ومائية وحلاوة وطلاوة ورقة ديباجة وتمكن ألفاظ وتأصل معنى‏.‏
وكان رحمه الله قد خرج صغيرًا من وطنه فكان أبدًا يكثر الحنين إليه ويقصر أكثر منظومه عليه‏.‏
ومحاسنه كثيرة فيه فمن ذلك قوله‏:‏ هل المسك مفتوتًا بمدرجة الصبا أم القوم أجروا من بلنسية ذكرا خليلي عوجا بي قليلًا فإنه حديث كبرد الماء في الكبد الحرا قفا غير مأمورين ولتتصديا على ثقة للمزن فاستسقيا القطرا بجسر معان والرصافة إنه على القطر أن يسقى الرصافة والجسرا بلادي التي ريشت قويد متى بها فريخًا وأورثتني قرارتها وكرا فبادي أنيق العيش في رريق الصبا أبى الله أن أنسى اغتراري بها غرًا لبسنا بها ثوب الشباب لباسها ولكن عرينا من حلاه ولم تعرا أمنزلنا عصر الشبيبة ما الذي طوى دوننا تلك الشبيبة والعصرا محل أغر العهد لم نبد ذكره على كبد إلا امترى أدمعًا حمرا أكل مكان كان في الأرض مسقطًا لرأس الفتى يهواه ما عاش مضطرا ولا مثل مدحو من المسك تربة تملي الصبا فيه حيقتها عطرا نبات كأن الخد يحمل نوره تخال لجينًا في أعاليه أو تبرا وما كثر صيع المجرة جللت نواصيه الأزهار واشتبكت زهرا أنيق كريان الحياة التي خلت طليق كريعان الشباب الذي مرا بلنسية تلك الزمردة التي تسيل عليها كل لؤلؤة نهرا كأن عروسًا أبدع الله حسنها فصير من شرخ الشباب لها عمرا يويد منها شعشعانية الضحى مضاحكة الشمس البحيرة والبحرا تراجم أنفاس الرياح بزهرها نجومًا فلا شيطان يغربها ذعرا وإن كان قد مدت يد البين بيننا من الأرض ما يهوى المجد به شهرا هي الدرة البيضاء من حيت جدتها أضاءت ومن للدر أن يشبه الدرا خليلي أن أسدر لها فإنها هي الوطن المحبوب أوكلته الصدرا ولم أطوعنها الخطو هجرًا لها إذًا فلا لثمت نعلي مساكنها الخضرا ولكن إجلالًا لتربتها التي تضم فتاها الندب أو كهلها الحرا أكارم عاث الدهر ما شاء فيهم فبادت لياليهم فهل أشتكى الدهرا هجوع ببطن وأرض قد ضرب الردى عليهم قبيبات فويق الثرى غبرا تقضوا فمن نجم سالك ساقط أبي الله أن يرعى السماك أو والنشر ومن سابق هذا إذا شا غاية شا وغير محمود جياد العلى خضرا أناس إذا لاقيت من شيت منهم تلقوك لا غث الحديث ولا غمرا ثلاثة أمجاد من النفر الألى زكوا خبرًا بين الورى وزكوا خبرا تكلتهم ثكلًا دهى العين والحشى فعجرذا أمًا وسجر ذا جمرا كفى حزنًا أني تباعدت عنهم فلم ألق من سرى منها ولا سرا وإلى متى أسل بهم كل راكب ليظهر لي خيرًا تأبط لي شرا أباحثه عن صالحات عهدتها هناك فيسبني بما يقصم الظهرا محيًا خليل عاض ماء حياته وساكن قصر أضر مسكنه القبرا وأزهر كالإصباح قد كنت أجتلي سناء كما يستقبل الأرق الفجرا يصرف ما بين اليراعة والقنا أنامله لا بل هواطله الغرا طويل نجاد السيف لان كأنما تخطى به في البرد خطية سمرا سقته على ما فيك من أريحية خلايق هن الخمر أو تشبه الخمرا ونشر محيا للمكارم لو سرت حمياه في وه الأصيل لما اصفرا هل السعد إلا حيث حط صعيده لمن بل في شفري ضريح له شفرا طوين الليالي طيهن وإنما طوين عني التجلد والصبرا فلا حرمت سقياه أدمع مزنة ترى مبسم النوار عنبر معترا وقال برثي أبا محمد بن أبي العباس بمالقة‏:‏ أبنى البلاغة فيم حفل النادى هبها عكاظ فأين قس أياد أما البيان فقد أجر لسانه فيكم بفتكته الحمام العاد عرشت سما علايكم ما أنتم من بعد ذلكم الشهاب الهادي حطوا على عمد الطريق فقد خبت لآلى ذاك الكوكب الوقاد ما فل لهزمه الصقيل وإنما نثرت كعوب قناكم المناد إيه عميد الحي غير مدافع إيه فدى لك غابر الأمجاد ما عذر سلك كنت عقد نظامه إن لم يصر بردًا إلى الأباد كثف الحجاب فما ترى متفضلا في ساعة تصغي به وتناد ألمم بربعك غير مأمور فقد غص القنا بأرجل القصاد خبرًا يبلغه غير مأمور فقد غص الفنا بأرجل القصاد خبرًا يبلغه إليك ودونه أمن العداة وراحة الحساد قد طأطأ الجبل المنيف قذاله للجار بعدك واقشعر الواد أعد التفاتك نحونا وأظنه مثل الحديث لديك غير معاد هذا الصباح ولا تهب إلى متى طال الرقاد ولات حين رقاد وكأنما قال الردى نم وادعًا سبقت إلى البشرى بحسن معاد أموسدًا تلك الرخام بمرقد أخشن به من مرقد ووساد خضبت بقدرك حفرة فكأنها من جوفها في مثل حرف الصاد وثر لجنبك من أثاث مخيم ترب ند وصفايح أنضاد يا ظاعنًا ركب السرى في ليلة طار الدليل بها وحاد الحاد أعزز علينا أن حططت بمنزل تبل عن الزوار والعواد جار الأفراد هنالك جيرة سقيًا لتلك الجيرة الأفراد الساكنين إلى المعاد قبابهم منشورة الأطناب والأغماد من كل ملقية الجراب بمضرب ناب البلى فيه عن الأوتاد بعرس السفر الألى ركبوا السرى مجهولة الغايات والآماد سيان فيهم ليلة ونهارها ما أشبه التأويب بالإسناد لحق البطون من اللعب على الطوى وعلى الرواحل عنفوان الزاد لله هم فلشد ما نفضوا من أمتعة الحياة في حقايب الأجساد هل للعلا بك بعدها من نهضة أم لانقضاء نواك من ميعاد بأبي رقد ساروا بنعشك صارم كثرت حمايله على الأكناد ذلت عوانق حاميك فإنها شاموك في غمد بغير نجاد نعم الذما البر ما قد غوروا جثمانه بالأبرق المنقاد عليا خص بها الضريح وإنما نعم الغوير بأبؤس الأنجاد أبنى العباس أي حلاحل سلبتكم الدنيا وأي مصاد هل كان إلا العين وافق سهمها قدرًا فأقصد أيما إقصاد أخلل جد لا يسد مكانه بالإخوة النجباء والأولاد ولكم يرى بك من هضاب لم يكن لولاك غير دكادك ووهاد ما زلت تنعشها بسيبك قابضًا منها على الأضباع والأعضاد حتى أراك أبا محمد الردى كيف انهداد بواذخ الأطواد يا حرها من جمرة مشبوبة يلقى لها الأيدي على الأكتاد كيف العزاء وإنها لرزية خرج الأسى فيها عن المعتاد صدع النعاة بها فقلتن لمدمعي كيف انسكابك يا أبا الجواد بقصير مجتهد وحسبك غاية لو قد بلغت بها كبير مراد أما الدموع فهي أضعف ناصر لكنهن كثيرة التعداد ثم السلام ولا أغب قراره وأرتك صوب روايح وغواد تسقيك ما سفحت عليك يراعة في خد قرطاس دموع مداد ومن غرامياته وإخوانياته قوله من قصيدة‏:‏ عاد الحديث إلى ما جر أطيبه والشيء يبعث ذكر الشيء عن سبب إيه عن الكدية البيضاء إن لها هوى يغلب أخيك الواله الوصب راوح بها السهل من أكنافها وأرح ركابنا ليلنا هذا من التعب وانضح نواحيها من مقلتيك وسل من الكثيب الكريم العهد في الكتب وقل لسرحته يا سرحة كرمت على أبي عامر عزي عن السحب يا عذبة الماء والظل انغمى طفلا حييت ممسية ميادة الغضب ماذا على ظلك الألمى وقد قلصت أفياؤه لو ضفى شيًا لمغترب أهكذا تنقضي نفسي لديك ظما الله في رمق من جارك الجنب لولاك يا سرح لم يبق الفلا عطلا من السرى والدجا خفاقة الطنب إنا إذا ما تصدى من هوى طلل عجنا عليه فحييناه عن كثب مستعطفين سخيات الشئون له حتى يحاك عليه مموق العشب سلي خميلتك الريا بأية ما كانت ترف بها ريحانة الأدب عن فتية نزلوا على سرارتها عفت محاسنهم إلا من الكتب محافظين على العليا وربما هزوا السجايا قليلًا بابنة النب حتى إذا ما قضوا من كأسها وطرًا وضاحكوها لدى جد من طرب راحوا رواحًا وقد ريدت عمايمهم حلمًا ودارت على أسفي من السبب لا يظهر الشكر حالًا في ذوايبهم إلا التفات الصبا في السن العذب المنزلين القوافي ن معاقلها والخاضدين لديها شوكة العرب ومن مقطوعاته قوله‏:‏ دعاك خليل والأصيل كأنه عليل يقضي مدة الزمن الباق دعاك خليل والأصيل كأنه عليل يقضي مدة الزمن الباق إلى شط منساب كأنك ماؤه صفًا ضميرًا وعذوبة أخلاق ومهوي جناح للصبا يمسح الربا خفي الخوافي والقوادم خفاق وفتيان صدق كالنجوم تألفوا على النأي من شتى بروج وآفاق وجالت بعيني في الرياض التفاتة حبست بها كأسي قليلًا عن الساق على سطر خيري ذكرتك فانثنى يميل بأعناق ويرنو بأحداق وقف وقفة المحبوب منه فإنها شمايل مشغوف بمرآك مشتاق وصل زهرات منه صفر كأنها وقد خضلت قطرًا محاجر عشاق وقال وكلفها في حايك وهو بديع‏.‏
قالوا وقد أكثروا في حبه عذل لو لم تهم بمزال القدر مبتذل فقلت لو أن أمري في الصبابة لي لاخترت ذاك ولكن ليس ذلك ل في كل قلب عزيزات مذللة للحسن والحسن ملك حيث جل ول علقته حبيبي الثغر عاطره دري لون المحيا أحور المقل إذا تأملته أعطاك ملتفتًا ما شيت من لحظات الشادن الوجل هيهات أبغي به من غيره بدلا أخرى الليالي وهل في الغير من بدل غزيل لم تزل في الغزل جايلة بنانه جولان الفطر في الغزل جذلان تلعب بالمحراك أنمله على السدي لعب الأيام بالأمل ما أن يني تعب الأطراف مشتغلا أفديه من تعب الأطراف مشتغل وقال‏:‏ ومهفهف كالغصن إلا أنه سلب التثني النوم عن أثنايه أضحى ينام وقد تخدد خده عرقًا فقلت الورد رش بمايه وقال‏:‏ أدرها فالغمامة قد أجالت سيوف البرق في لمم البطاح وراق الروض طاووسًا بهيًا تهب عليه أنفاس الرياح تقول وقد ثنى قزح عليه ثياب الغيم معلمة النواح خذوا للصحو أهبتكم فإني أعرت المزن قادمتي جناح وقال‏:‏ أدرها على أمر فما ثم من بأس وإن جددت آذانها ورق الآس وما هي إلا ضاحكا غمايم لواعب من ومض البروق بمقياس ووفد رياح زعزع النهر مدة كما وطيت درعًا سنا بك أفراس وقال في وصف مغن محسن‏:‏ ومطارح مما تحس بنانه صوتًا أفاض عليه ماء وقاره وقال يصف جدول ماء عليه سرحة ولها حكاية معروفة‏:‏ ومهدل الشطين تحسب أنه متسيل من درة لصفايه وقال يصف جدول ماء عليه سرحة ولها حكاية معروفة‏:‏ ومهدل الشطين تحسب أنه متسيل من درة لصفايه فاءت عليه مع العشية سرحة صدئت لفيئتها صفيحة مايه فتراه أزرق في غلالة سمرة كالدارع استلقى بظل لوايه نثره ابن أبي بكر القرشي المالقي محمد بن قاسم بن أبي بكر القرشي المالقي من أهل مالقة وسكن غرناطة وتردد إليها حاله كان لبيبًا لوذعيًا جامعًا لخصال من خط بارع وكتابة ونظم وشطرنج إلى نادر حار وخاطر ذكي وجرأة‏.‏
توجه إلى العدوة وارتسم بها طبيبًا وتولى النظر على المارستان بفاس في ربيع الثاني من عام أربعة وخمسين وسبعمائة‏.‏
شعره أنشدني بمدينة فاس عام ستة وخمسين في وجهتي رسولا إلى المغرب قوله في رجل يقطع في الكاغد‏:‏ أبا علي حسينا أين الوفا منك أينا قد بين الدمع وجدي وأنت تزداد بينا بلت لحاظك قلبي تا لله ما قلت مينا بقيط تفتر حسنا وجمت تزداد زينا وقال أيضًا‏:‏ فضل التجارات باد في الصناعات لولا الذي هو فيها هاجر عات حاز الجمال فأعياني وأعجزني وإن دعيت بوصاف ونعات وكان شديد المغالطة ذاهبًا أقصى مذاهب القحة يحرك من لا يتحرك ويغضب من لا يغضب‏.‏
عتب يومًا جدته على طعام طبخته له ولم يستطبه وكان بين يديه القط يصدعه بصياد طلبه فقال له ضجرًا خمسمائة سوط فقالت له جدته لم تعط هذه السياط للقط إنما عنيتني بها وأعطيتها باسم القط فقال لها حاش لله يا مولاتي وبهذا البخل تدريني أو الزحام عليها بل ذلك للقط حلالًا طيبًا ولك أنت ألف من طيبة قلب فأرسلها مثلا وما زلنا نتفكه بذلك وكان في هذا الباب لا يشق غباره‏.‏
مولده‏:‏ بمالقة عام ثلاثة وسبع ماية‏.‏
وفاته‏:‏ بعث إلي الفقيه أبو عبد الله الشديد يعرفني أنه توفي في أواسط عام سبعة وخمسين وسبعمائة‏.‏
محمد بن سليمان بن القصيرة أبو بكر كاتب الدولة اللمتونية وعلم وقته‏.‏
حاله قال ابن الصيرفي الوزير الكاتب الناظم الناثر القايم بعمود الكتابة والحامل للواء والبلاغة والسابق الذي لا يشق غباره ولا تخمد أبدًا أنواره‏.‏
اجتمع له براعة النثر وجزالة النظم رقيق النسيج حصيف المتن رقعته ماشيت في العين واليد‏.‏
قال ابن عبد الملك وكان كاتبًا مجيدًا بارع الخط كتب عن يوسف بن تاشفين‏.‏
مشيخته روى عن أبي الحجاج الأعلم وأبي الحسن بن شريح وروى عنه أبو الوليد هشام بن يوسف بن الملجوم لقيه بمراكش‏.‏
شعره وهو عندي في نمط دون ما وصف به‏.‏
فمن ذلك قوله من قصيدة أنحى فيها على ابن ذي النون ومدح ابن عباد عند خلع ابن جهور أبي الوليد وتصيير قرطبة إليه‏:‏ وهل قدرت مذ أوحشته طلايع الظهور عليه أن تؤنسه الخمر ألم يجن يحيى من تعاطيك ظله سجا لك هيهات السهى من ك يا بدر لجاراك واستوفيت أبعد غاية وآخره عن شأوك الكف والعثر فأحرزت فضل السبق عفوًا وكفه على رغمه مما توهمه صفر ويا شد ما أغرته قرطبة وقد أبشرتها خيلنا فكان لك الدر ومنها‏:‏ أتتك وقد أزرى ببهجة حسنها ولا لأنها من جور مالكها طمر فألبستها من سابغ العدل حلة زهاها بها تيه وغازلها كبر وجاءتك متفالا فضمخ حيها وازدانها من ذكرك المعتلى عطر وأجريت ماء الجود في عرصاتها فروض حتى كاد أن يورق الصخر وطاب هوا أفقها فكأنها تهب نسيمًا فيه أخلاقك الزهر وما أدركتهم في هواك هوادة وما أثتمروا إلا لما أمر البر وما قلدوك لأمر إلا لواجب جئته فيه المجر والغمر وبوأهم في ذروة المجد معقلا حرام على الأيام إلمامه حجر فلولاك لم تفصل عرى الإصر عنهم ولا انفك من ربق الأذى لهم أسر فلولاك لم تفصل عرى الإصر عنهم ولا انفك من ربق الأذى لهم أسر أعدت نهار ليلهم ولطالما أراهم نجوم الليل في أفقه الظهر ولا زلت تؤويهم إلى ظل دوحة من العز في أرحابها النعم لخضر كتابته وهي من قلة التصنع والإخشوشان بحيث لا يخفى غرضها‏.‏
ولكل زمان رجاله‏.‏
وهي مع ذلك تزينها السذاجة وتشفع لها الغضاضة‏.‏
كتب عن الأمير يوسف بن تاشفين ولاية عهده لولده‏:‏ هذا كتاب تولية عظيم جسيم وتوصية حميم كريم مهدت على الرضا قواعده وأكدت بيد التقوى مواعده ومعاقده وسددت إلى الحسني مقاصده وأبعدت عن الهوادة والهوى مصادره وموارده‏.‏
أنفذه أمير المسلمين وناصر الدين أبو يعقوب يوسف بن تاشفين أدام الله أمره وأعز نصره وأطال فيما يرضيه منه ويرضى به عنه عمره غير محاب ولا تارك في النصيحة لله ولرسوله والمسلمين وموضع ارتياب لمرتاب للأمير الأجل أبي الحسن علي ابنه المتقبل هممه وشيمه المتأثل حلمه وتحلمه الناشئ في حجر تقويمه وتأديبه المتصرف بين يدي تخريجه وتدريبه أدام الله عزه وتوفيقه ونهج إلى كل صالح من الأعمال طريقه وقد تهمم بمن تحت بحبل دعوته الغايب والشهيد وتطمين من أعلام الناس وخيارهم نفوس قلقة وتنام عيون لم تزل مخافة إقذئها مورقة ويشمل الناس كافة السرور والاستبشار وتتمكن لديهم الدعة ويتمهد القرار وتنشأ لهم في الصلاح آمال ويستقبلهم جد صالح وإقبال‏.‏
والله يبارك لهم بيعة رضوان وصفقة رجحان ودعوة يمن وأمان إنه على ما يشاء قدير لا إله إلا هو نعم المولى ونعم النصير‏.‏
شهد على إشهاد أمير المسلمين بكل ما ذكر عنه فوق هذا من بيعته ولقيه حملة عنه ممن التزم البيعة المنصوصة قبل وأعطة صفقته طائعًا متبرعًا بها‏.‏
وبالله التوفيق‏.‏
وكتب بحضرة قرطبة في ذي الحجة سنة ست وتسعين وأربعمائة‏.‏
دخل غرناطة غير ما مرة وحده وفي ركاب أميره‏.‏
توفي في جمادى الآخرة من عام ثمانية وخمسمائة‏.‏
التميمي المازني محمد بن يوسف بن عبد الله بن إبراهيم التميمي المازني من أهل سرقسطة ودخل غرناطة وروى عن أبي الحسن بن الباذش بها يكنى أبا الطاهر‏.‏
وله المقامات اللزوميات العروفة‏.‏
حاله كان كاتبًا لغويًا شاعرًا معتمدًا في الأدب فردًا متقدمًا في ذلك في وقته وله المقامات المعروفة وشعره كثير مدون‏.‏
مشيخته روى عن أبي علي الصدفي وأبي محمد بن السيد وأبي الحسن بن الأخضر وأبي عبد الله بن سليمان المعروف بابن أخت غانم وأبي محمد بن عتاب وأبي الحسن بن الباذش‏.‏
وأبي محمد عبد الله بن محمد التجيبي الدكلي وأبي القاسم ابن صوابه وأبي عمران بن أبي تليد وغيرهم‏.‏
أخذ عنه القاضي أبو العباس ابن مضاء أخذ عنه الكامل للمبرد قال‏.‏
وعليه اعتمد في تقييده‏.‏
وروى عنه المقري المسن الخطيب أبو جعفر بن يحيى الكتامي وذكره هو وابن مضاء‏.‏
توفي بقرطبة ظهر يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وخمسماية بزمانة لازمته نحوا من ثلاثة أعوام نفعه الله‏.‏
شعره أيا قمر أتطلع من وشاح على غض فاخر من كل راح أدار السحر من عينيه خمرًا معتقة فأسكر كل صاح وأهدى إذ تهادى كل طيب كخوط البان في أيدي الرياح وأحيا حين حيا نفس صب غدت في قبضة الحب المتاح وسوغ منه عتبي بعد عتب وعللني براح فوق راح وأجناني الأماني في أمان وجنح الليل مسدول الجناح وقال أيضًا‏:‏ ومنعم الأعطاف معسول اللما ما شيت من بدع المحاسن فيه لما ظفرت بليلة من وصله والصب غير الوصل لا يشفيه أنضحت وردة خده بنفسي وظللت أشرب ماءها من فيه حكت السلاف صفاته بحبابهامن ثغره ومذاقها من رشفه وتوردت فحكت شقايق خده وتأرجت فيسيمها من عرفه لعبت بألباب الرجال وغادرت أجسامهم صرعى كفعلة طرفه ومن الغرباء في هذا الحرف محمد بن حسن العمراني الشريف من أهل فاس حاله كان جهويًا ساذجًا خشن البزة غير مرهف التجند ينظم الشعر ويذكر كثيرًا من مسائل الفروع ومعانات الفرائض يجعجع بها في مجالس الدروس تشقى به المدرسون على وتيرة من صحة السجية وحسن العهد وقلة التصنع‏.‏
وجرى ذكره في الكليل‏:‏ كريم الانتماء مستظل بأغصان الشجرة الشماء من رجل سليم الضمير ذي باطن أصفى من الماء النمير له في الشعر طبع بشهد بعروبية أصوله ومضاء نصوله‏.‏
فمن ذلك قوله يخاطب السلطان أمير المسلمين وقد أمر له بكسوة‏:‏ منحت منحت النضر والعز والرضا ولا زلت بالإحسان له مقرضًا ولا زلت للعليا جني مكارمًا وللإمر الملك العزيز مقيضا ولا زالت الأملاك باسمك تتقي وجيشك وفرًا يملأ الأرض والفضا تقر به الدين الحنيف وأهله تقمع جبارًا وتهلك مبغضا وصلت شريف البيت من آل هاشم وخولته أسنى مراد ومقتضا وجدت بإعطاء اللجين وكسوة ستكسي ثوبًا من النور أبيضا وما زالت الأنصار تفعل هكذا نال علي في الزمان الذي مضا هم نصروا الهادي وآووا وجدلوا بحد ذباب السيف من كان معرضا فخذ ذا أبا الحجاج من خير مادح لخير مليك في البرية مرتضا فقد كان قبل اليوم غاض قريضه فلما رأى الإحسان منك تفيضا ومن حكم القول اللهى متح اللهى ومن مدح الأملاك يرجو التعرضا فلا زال يهديك الشريف قاصدا ينال بها منك المودة والرضا وقال يخاطب من أخلفته بوارق الأمل فيه وخابت لديه وسائل قوافيه‏:‏ الشعر أسنى كلام خص بالعرب والجود في كل صنف خير مكتسب وأفضل الشعر أبيات يقدمها في صدر حاجته من كان ذا أدب وما زالت الأنصار تفعل هكذا نال علي في الزمان الذي مضا هم نصروا الهادي وآووا وجدلوا بحد ذباب السيف من كان معرضا فخذ ذا أبا الحجاج من خير مادح لخير مليك في البرية مرتضا فقد كان قبل اليوم غاض قريضه فلما رأى الإحسان منك تفيضا ومن حكم القول اللهى متح اللهى ومن مدح الأملاك يرجو التعرضا فلا زال يهديك الشريف قاصدا ينال بها منك المودة والرضا وقال يخاطب من أخلفته بوارق الأمل فيه وخابت لديه وسائل قوافيه‏:‏ الشعر أسنى كلام خص بالعرب والجود في كل صنف خير مكتسب وأفضل الشعر أبيات يقدمها في صدر حاجته من كان ذا أدب فما يوفي كريم حق مادحه لو كان أولاه ما يحويه من نشب المال يفني إذا طال الثواء به والمدح يبقى مدى الأزمان والحقب مدحتهم بكلام لو مدحت به دهري أمنت من الإملاق والنصب مدحتهم بكلام لو مدحت به دهري أمنت من الإملاق والنصب فعاد مدحي لهم هجوًا يضدقه من لؤمهم عودتي عنهم بلا أرب فكان ما قلت من مدحهم كذبًا أستغفر الله من زور ومن كذب وقال في غرض يظهر من الأبيات يخاطب السلطان‏:‏ مالي أرى تاج الملوك وحوله عبدان لا حلم ولا آداب فكأنه البازي الصيود وحوله نغر يقلب ريشه وغراب يا أيها الملك الكرام جدوده أسنى المحافل غيرها أتراب أبدلهما من بالبيض من صفيهما إن العبيد محلها الأبواب وفاته توفي في حدود ثمانية وأربعين وسبعمائة أو بعد ذلك‏.‏
ابن العشاب محمد بن محمد بن إبراهيم بن المرادي ابن العشاب وتردد وقدم على هذا الوطن قدوم النسيم البليل على كبد العليل‏.‏
ولما استقر به قراره واشتمل على جفنه غراره بادرت إلى مؤانسته وثابرت على مجالسته‏.‏
فاجتليت للسرو شخصًا وطالعت ديوان الوفا مستقصا‏.‏


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:40 AM

شعره وشعره ليس بحايد عن الإحسان ولا غفل من النكت الحسان‏.‏
فمن ذلك ما خاطبني به‏:‏ بيمن أبي عبد الله محمد يمن هدأ القطر وانسجم القطر أفاض علينا من جزيل عطايه بحور الديم المد ليس لها جزر وأنسنا لما عدمنا مغانيًا إذا ذكرت في القلب من ذكرها عبر هنييًا بعيد الفطر يا خير ماجد كريم به تسمو السيادة والفخر ودمت مدى الأيام في ظل نعمة تطيع لك الدنيا ويعنو لك الدهر ومما خاطب به سلطانه في حال الاعتقال‏:‏ لعل عفوك بعد السخط يغشاني يومًا فينعش قلب الوالد العان مولاي رحماك إني قد عهدتك ذا حلم وعفو وإشفاق وتحنان فقد تناهى الأسى عندي وعذبني وشرد النوم عن عيني وأعيان وحق ألايك الحسنى وما لك من طول وفضل وإنعام وإحسان إني ولو حلت البلوى على كيدي وأسبكت فوق خد دمعي القان لواثق بجمتم منك يطرقني عما قريب وعفو عاجل دان دامت سعودك في الدنيا مضاعفة تذل طوعًا كل سلطان ابن عبد الملك محمد بن محمد بن عبد الملك بن محمد بن سعيد الأنصاري الأوسي يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن عبد الملك من أهل مراكش وسكن غرناطة‏.‏
حاله من عايد الصلة‏:‏ كان رحمه الله غريب المنزع شديد الانقباض محجوب المحاسن تنبو العين عنه جهامة وغرابة شكل ووحشة ظاهر في طي ذلك أدب غض ونفس حرة وحيديث ممتع وأبوة كريمة أحد الصابرين على الجهد المتمسكين بأسباب الحشمة الراضين بالخصاصة‏.‏
وأبوه قاضي القضاة نسيج وحده الإمام العالم التاريخي المتبحر في الأدب تقلبت به أيدي الدهر بعد وفاته لتبعة سلطت على نسبه فاستقر بمالقة متحارفًا مقدورًا عليه لا يهتدي لمكان فضله إلا من عثر عليه جزافا‏.‏
شعره من لم يصن في أمل وجهه عنك فصن وجهك عن رده ومما خاطبني به قوله‏:‏ وليت ولاية أحسنت فيها ليعلم أنها شرفت بقدرك وكم وال أساء فقيل فيه دني القدر ليس لها بمدرك وأنشدني في ذلك أيضًا رحمة الله عليه‏:‏ وليت فقيل أحس خير وال فعاق مدى مدركها بفضله وكم وال أساء فقيل دنا فمحا محاسنها بفعله ومما خاطب به السلطان يستعديه على من مطله من العمال وعذر عليه واجبه من الطعام والمال‏:‏ مولاي نصيرًا فكم يضام من ما له غيرك اعتصام أمرت لي بالخلاص فمر لي عنده المال والطعام فقال ما اعتاده جوابًا وحسبي الله والإمام هذا مقام ولا فعال بغير مولاي والسلام وفاته فقد في وقيعة على المسلمين من جيش مالقة بأخواز إستبة في ذي قعدة من عام ثلاثة وأربعين وسبعمائة‏.‏
ابن خميس محمد بن خميس بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد ابن خميس الحجري حجرذي رعين التلمسان يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن خميس حاله من عايد الصلة‏:‏ كان رحمه اله نسيج وحده زهدًا وانقباضًا وأدبًا وهمة حسن الشيبة جميل الهيئة سليم الصدر قليل التصنع بعيد عن الريا والهوادة عاملًا على السياحة والعزلة عالما بالمعارف القديمة‏.‏
مضطلعًا بتفاريق النحل قايمًا على صناعة العربية والأصلين طبقة الوقت في الشعر وفحل الأوان في النظم المطول أقدر الناس على اجتلاب الغريب ومزج الجزالة بالسلاسة ووضع الألفاظ البيانية مواضعها‏.‏
شديد الانتقا وإلا رجا خامد نار الروية منافسًا في الطريقة منافسة كبيرة‏.‏
كتب بتلمسان عن ملوكها من بني زيان ثم فر عنهم وقد أوجس منهم خيفة‏.‏
لبعض ما يجري بأبواب الملوك‏.‏
وبعد ذلك بمدة قدم غرناطة فاهتز الوزير ابن الحكيم لتلقيه ومت إليه بالوسيلة العلمية واجتدبه بخطبة التلميذ واستفزه بتأنيسه وبره وأقعده للإقراء بجواره‏.‏
وكان يروم الرحلة وينوي السفر والقضاء يثبطه‏.‏
حدثني شيخنا الرئيس أبو الحسن بن الجياب قال بلغ الوزير أبا عبد الله الحكيم أنه يروم السفر فشق ذلك عليه وكلفنا تحريك الحديث بحضرته‏.‏
وجرى ذلك‏.‏
فقال الشيخ أنا كالدم بطبعي أتحرك في كل ربيع‏.‏
شعره وشعره بديع‏.‏
فمن ذلك قوله يمدح أبا سعيد بن عامر ويذكر الوحشة الواقعة بينه وبين أبي بكر بن خطاب‏:‏ مشوق زار ربعك يا إماما محا آثار دمنتها التثاما تتبع ريقه الطل ارتشافًا فما نفعت ولا نقعت أواما وقبل خد وردتها جهارا وما راعى لضرتها ذماما وما لحريم بيتك أن يدانى ولا لعلا قدرك أن يساما ولكن عاش في رسم مغنى تجشمه سلامًا واستلامًا نفس روضة المطول وهنا فحن وشم رياه فهاما تلقى طيب حديثا روت مسندًا عنه النعاما وأخطأت الطريق إلى حماها فردتك العرادة والخزآما فلا تبصر بسرحتها قضيبًا ولا تذعر بمسرحها سواما وعانق قربانتها اراتباطًا وصافح كف سوسنها التزاما ونافح عرف زهرتها كبًا تعاطك ماء ريقتها مداما ويا برقًا أضاء على أوال يمانيًا متى جيت الشآما أثغر إمامة أنت ابتسامًا أم الدر الأوامي انتظاما خفقت ببطن واديها لوًا ولحت على ثنيتها حساما أمشبه قلبي المضني احتداما على م ذدت عن عيني المناما ولم أسهرتني وطردت عني خيالًا كان يأتيني لماما وأبلغ منه تأريقًا لجفني كلام أثخن الأحشا كلاما تعرض لي فأيقظت القوافي ولو ترك القطا يومًا لناما وقيل وما أرى يومي كأمسي جدعت رواطبا وقلبت هاما وجرعت العدو سمًا زعافًا فكان لحسد موتًا زواما نزعت شواه كبشهم نطاحا ولم أترك لقرمهم سناما به وبما أذلق من لساني أفل الصارم العضب انهزاما وغرام الوزير أبي سعيد أصرفه إذا شيت انتقاما به وبنجله البر انتصارى لما أكلوه من لحمي حراما وردت فلم أرد إلا سرابا وشمت فلم أشم إلا جهاما قطعت الأرض طولًا ثم عرضًا أزور بني ممالكها الكراما وجا جانبي على كرم نداهم وأعجلت الخوافي والقداما وذللت المطامع من إبايي وقبلت البراجم والسلاما ومن أدبي نصبت لهم حبالا أصيد بها النعام ولا النعاما فلم أر مثل ربعي دار أنس ولم أر مثل عثمن إماما ولا كأبيه أو كنى أبيه أبي يحيى غيوثًا أو رهاما كفاني بابن عامر خفض عيش ورفع مكاتبي إلا أضاما وإني من ولايك في يفاع أقابل منهم بدرهم التمام ومن شعره رحمه الله قوله‏:‏ تراجع من دنياك ما أنت تارك وتسلها العتيي وها هي فارك حلالك منها ما خلا لك في الصبا فأنت على حلوايه متهالك تظاه بالسلوان عنها تجملا فقلبك محزون وثغرك ضاحك تنزهت عنها نخوة لا زهادةوشعر عذاري أسود اللون حالك ليالي تغري بي وإن هي أعرضت زنانب من ضواتها وعواتك غصون قدود في حقاف روادف تمايل من ثقل بين الأرايك تطاعنني منهن في كل ملعب ثدي كأسنان الرماح فواتك وكم كلة فيها هنكت ودونها صدور العوالي والسيوف البواتك ولا خدن إلا ما أعدت ردينه لطالبها أو ما تحير هالك تضل فواد المرء عن قصد رشده فواتر ألحاظ للظبا الفواتك وفي كل سن لابن آدم وإن تطل سنوه طباع جمة وعوايك وإلا فمالي بعد ما شاب مفرقي وأعجز رأيي عجز من الركارك أجوب إليها كل بيداء سملق ترافقني فيها الرجال الجواتك واسترشد الشهب الشوابك جار إذا اشتبهت فيها هي المسالك نهازز أمثال الجياد توودة أغوارب أمثال الهضاب توامك ذو أهل عن عض الرجال ظهورها إذا ما اشتكت عض السروج الموارك إذا ما نبا عن سنبك الأرض سنبك هلعن فلانت تحتهن السنابك تقد بنا في كل قاع وفدفد بوايكها والمنغيات الدراهك فأمامها ري كالسحاب موالع وأمامها ركًا كالرياح بواشك قلاص بأطواف الجديل بوالع وجرد لأوساط الشكيم عوالك ترامى بها ليد النوق كل مرتمي فهن نواح للردى أو هوالك وكم منزل خليته لطلابها تعفيه تعدي السافيات السواهك يمر به زواره وعفاته وما آن به إلا الصوق الحبايك وآثارتنا تقادم عهدهم وهن عليه جانيات بوارك لوارب أفراس ونؤى حذاة ثلاث أثاف كالحمام سوادك تمر عليه نسمة الفجر مثلما تمر على طيب العروس المدارك وأرك بكالشهذ ينفح برده لمجهول حسي ماله للدهر مبانك يطلبها مني غريم مماحك ويمطلني منها عديم مماعك أحاول منها لما تعذر في الصبا ومن دونه وقع الحمام المواشك تهاون بالإفك الرجال جهالة وما أهلك الأحياء إلا الأفايك تزن طول تسهادي وقدري تململى طوال الليالي والنجوم النوابك تغير على الدهر منه جحافل كأن مدوم الرجم فيها نيازك فليت الذي سودت فيها معوض بما بيضت مني دجاها الحوالك ألا لا تذكريني تلمسان والهوى وما دهكت منا الخطوب الدواهك فإن ادكار ما مضى من زمانها لجسمي وللصبر الجميل لناهك ولا تصفن أمواهها لي فإنها لنيران أشواقي إليها محارك ومن حال عن عهد أو أخفر ذمة فإني على تلك العهود لرامك سقى منزلي فيها وإن مح رسمه عهاد الغوادي والدموع السوافك وجادت ثرى قبر بمسجد صالح رواعدها والمدخمات الحواشك ولا أقلعت عن دار يونس مزنة هوى صداه لقطرها المتدارك إلى أن يروق الناظرين رواؤها ويرضى الرعاوي نبتها المتلاحك ويصبح من حول الحيا في عراصها زرق تحكى بسطها ودرانك ولا برحت منه ملايكة الرضى تصلي على ذاك الصدى وتبارك ألا ليت شعري هل تقضي لبانتي إذا ما انقضت عشر عليها دكادك وهل تمكن الطيف المغب زيارة فيرقب أو تلقى إليه الروامك وهل تغفل الأيام عنها بقدر ما تودي إليها بالعتاب الحالك ويا ليت شعري أرض تقلني إذا كل عن رحلي الجلال اللكالك وأي غرار من صفاها يحثني إذا فقدتني مسها والدكادك إذا جهل الناس الزمان فإنني بدونهم دون الأنام لحاتك تثبت إذا ما قمت تعمل خطوة فإن بقاع الأرض طرًا شوائك ولا تبذل وجهًا لصاحب نعمة فما مثل بذل الوجه للستر هاتك تجشم ما استطعت واحذر أذاهم ولا تلقهم إلا وهرك شانك فكل على ما أنعم الله حاسد وكل إذا لم يعصم الله حاسك ولا تأنس ريبة الزمان فإنه بمن فات منا لا محالة فانك تمنى مصاب بربر وأعاره وترضى ذكامي فارس والهنادك وبدرت الليالي الجون حوضى لجاجها وتعرف إقدامي عليها المهالك فما أذعنت إلا إلى عشار ولا أصفقت إلا على الشكاشك به شرفت أذواوها وملوكها كما شرفت بالنويهار البرامك فلا تدعون غيري لدفع ملمة إذا ما دهى من حادث الدهر داهك فما إن لذاك الصوت غيرى سامع وما إن لبيت المجد بعدي سامك يغص ويشجي نهشل ومجاشع بما أورثتني حمير والسكاسك تفارقني روحي التي لست غيرها وطيب ثناي لاصق بي صايك وماذا عسى ترجو لداتي وأرتجي وقد شمطت منا اللحا والأفانك يعود لنا شرخ الشاب الذي مضى إذا عاد للدنيا عقيل ومالك ومن شعره أيضًا قوله‏:‏ سحت بساحك يا محل الأدمع وتصرمت سفًا عليك الأضلع ولطالما جادت ثرى الأمال من جاوي مؤمك الغيوث الهمع لله أيام بها قضيتها قد كنت أعلم أنها لا ترجع فلقد رشفت بها رضاب مدامة بنسيم أنفاس البديع تشعشع في روضة يرضيك منها أنها مرعى لأفكار الندام ومشرع تجري بها فقر سكنت رهانها أجدى بميدان الكلام وأسرع نفاثة الأنواء في عقد الثرى والنفت في عقد الثرى لا يمنع حتى إذا حاك الربيع برودها وكسا رباها وشيه المتنوع بدأت كمايم زهرها تبدي بها بدعًا تفرق تارة وتجمع قد صم منها ما تجمع مغلق إذ بت منها ما تفرق مصقع وكلاهما مهما أردت مسالم ومحارب ومؤمن ومروع كل له شرع البيان محلل المنكر في مثل هذا مدفع حيث ازدهت أنوار كل حديقة أدبًا ينظم تارة ويسجع فمرجل من رقمها ومهلل ومسمط من نظمها ومصرع أبدي البديع بها بدايع صنعه فمجنس ومبدل ومرصع وموشح ومرشح ومصدر ومكرر ومفرع ومتبع كل بروق بها بحسن روايه وإذا تزين به كلامك تبرع ولقد غدوت بها وفي وكناتها طير لها فوق الغصون ترجع بمطهم الفكر الذي ما إن له إلا بمستن الأدلة مرتع قيد المطالب لا يزال تحبه بين الجياد لعتقه أو يوضع من بعد ما عفت النواري سبله ومحت معالمه البرياح الأربع لكنني جددت دانر رسمه فطريقه من بعد ذلك مهيع أوضحت فهم حدوده وضروبه والكل في كل المسالك ينفع حتى وردت من السماع مواردًا فيها لظمآن المباحث مكرع مع كل مصقل الذكاء فحدسه لذكاء أسرار الطبايع مطلع يرتاد من نجع العناصر نجعه فيها مصيف للعقول ومرتع لا شيء أبدع من تجاورها وما يبتدي بها ذاك التجاور أبدع فإذا تشعشع مزجها أورى بها نار الحباحب مرجها المتشعشع فمكين سر حياته بحبابها من بعد قدح زنادها مستودع وهنا تفاض عليه صورته التي لبهائها شم الطبايع تخضع من واهب الصور التي قد خصها ببديع حكمته الحكيم المبدع رب له في كل شيء حكمة يقضي بها البدعى والمتشرع وحللت من أرض الرياضة أربعًا نفسي الفداء لها وهذي الأربع قامت زوايها فما أوتادها إلا تقوم ما تقيم الأضلع فأجل ما قد سمته بحولها من بارق لجناب رشدي يلمع لا شك أن وراءه مطرًا له في كل ضرب من قياسي موقع بحر روى مترع ملاحه من فيضه هذا الروي المترع لم لا أضيع بها عهاد مدامعي إني إذًا لعهوها لمضيع خلي لو لم تسعداني في البكا لقطعت من حبليكما ما يقطع أرأيتما نفسًا تفارق جسمها وبه تنعمها ولا تتوجع عظمت رزيتها وأي رزية ظلت لها أكبادنا تتصدع هذي حمامك يا علي سواجع وأخالها أسفًا عليها تسجع إن طارحتني ورقها فبأضلعي شوق يطارحه ادكار موجع آه على جسمي الذي فارقته لا كنت ممن جسمه لا يرجع ومر العجاب رجوع ما أودى به دهر بتشتت الأحبة مولع الحور منه إذا استمر طبيعة والعدل منه إذا استقام تطبع هذي عقوبة زلة سلفت بها من أكل طعمته التي لا تشبع قد كنت أمنع رسخ نفسي قبلها واليوم أوجب أنه لا يمنع دار يدر الرزق من أخلاقها ولكم دعا داع بها من يوضع وكأن مجلسها البهي بصدرها ملك بأعلى دسته متربع وكأن مجمر عنبر بفنايها يذكي ما قد سيف منه يسطع وكأنها المتوكلية بهجة وعلي بن الجهم فيها يبدع في حجر ضب خافض بجواره من كان قبل له العوامل ترفع يا نفثة المصدور كم لك قبلها من زفرة بين الجوانح تسفع وعساك تنقع غل بك إنها بجحيم ما أسبلته لا تنقع لله أنت مذاعة أودعتها من كل سر بالضمائر يودع بدوية في لفظها ونظامها حضرية فيما به يترجع لم لا تشفع في الذي أشكو بها ومثالها في مثله يتشفع ككملت وما افترعت فأي خريدة لو كان يفرعها همام أروع بارت علي فأصبحت لحيائها منى بضافي مرطها تتلفع ومن شعره قوله يمدح ذا الوزارتين أبا عبد الله بن الحكيم وهي من مشاهير أمداحه‏:‏ سل الريح إن لم تسعد السفن أنواء فعند صباها من تلمسان أنباء تمر الليالي ليلة بعد ليلة وللأذن إصغاء وللعين إكلاء وإني لأصبو للصبا كلما سرت وللنجم مهما كان للنجم أصباء وأهدي إليها كل حين تحية وفي رد إهداء التحية إهداء واستجلب النوم الغرار ومضجعي قتاد كما شاءت نواها وسلاء لعل خيالًا من لدنها يمر بي ففي مره بي من جوى الشرق إبراء وكيف خلوص الطيف منها وحولها عيون لها في كل طالعة راء وإني لمشتاق إليها ومنبئ ببعض اشتياقي لو تمكن إنباء وكم قايل تفنى غرامًا بحيها وقد أخلقت منها ملاء وإملاء لعشرة أعوام عليها تجرمت إذا مضى قيظ بها جاء إهراء يطنب فيها عابثون وحزب ويرحل عنها قاطنون وأحياء كأن رماح الذاهبين لملكها قداح وأموال المنازل أبداء فلا تبغين فيها مناخًا لراكب فقد قلصت منها ظلال وأفياء ومن عجبي أن طال سقمي ونزعها وقسم إضناء علينا وإطناء وكم أرجفوا غيظًا بها ثم أرجؤا فيكذب إرجاف ويصدق إرجاء فيا منزلًا نال الردى منه ما اشتهى ترى وهل لعمر الأنس بعدك إنساء وهل للظى الحرب التي فيك تلتظي إذا ما انقضت أيام بوسك إطفاء وهل لي زمان أرتجي فيه عودة إليك ووجه البشر أزهر وضاء فوا سيئى حالي إن هلكت ولم أقل لصحبي بها الغر الكرام الاهاؤا ولم أطرق الدير الذي كنت طارقًا كعادي وبدر الأفق أسلغ مسناء أطيف به حتى تهر كلابه وقد نام عساس وهوم سباء ولا صاحب الأحسام ولهذم وطرف لخد الليل مذ كان وطاء وأسحم قاري كشعري حلكة تلألأ فيه من سنى الصبح أضواء فما لشرابي في سواك مرارة ولا لطعامي دون بابك إمراء وباداري الأولى بدرب حلاوة وقد جد عيث في بلاها وأرداء أما آن أن يحمى حماك كعهده وتجتاز أحماش عليك وأحماء أما آن أن يعشو لنارك طارق جنيب له رفع إليك ودأداء يرجى نوالا أو يؤمل دعوة فما زال قار في ذراك وقراء أحن لها ما أطت النيب حولها وما عاقها عن مورد الماء إظماء كذلك جدي في صحابي وأسرتي ومن لي به من أهل ودي إن فاؤوا ولولا جوار ابن الحكيم محمد لما فات نفسي من بني الدهر إقماء حماني فلم تنتب محلى نوايب بسوء ولم ترزأ فؤادي أرزاء وأكفاء بيتي في كفالة جاهه فصاروا عبيدًا لي وهم لي أكفاء يؤمون قصدي طاعة ومحبة فما عفتة عافوا وما شئته شاء دعاني إلى المجد الذي كنت آملا فلم يك لي عن دعوة المجد إبطاء وبوأني من هضبة العز تلعة يناجي السها منه صعود وطأطاء يشايعني فيها إذا سرت حافظ ويكلأني منها إذا نمت كلاء ولا مثل نومي في كفالة غيره وللذيب إلمام وللصل إلماء بغيضة ليث أو بمرقب خالب تند كسًا فيه وتقطع أكساء إذا كان لي من نايب الملك كافل ففي حيثما هومت كن وإدفاء وأخوان صدق من صنايع جاهه يبادرني منهم قيام وإيلاء سر اع لما يرجى من الخير عندهم ومن كل ما يخشى من الشر إبراء إليك أيا عبد الآله صنعتها لزومية فيها لوجدي إفشاء أذعت بها السر الذي كان قبلها عليه لأحناء الجوانح إضناء وإن لم يكمن كل الذي كنت آملًا واعوز إكلاء فما عاز إكماء ومن يتكلف مفحما شكر منة فما لي إلى ذاك التكلف إلجاء إذا منشد لم يكن عنك ومنشئ فلا كان إنشاد ولا كان إنشاء ومن شعره قوله‏.‏
أطار فؤادي برق ألاحا رقم ضم بعد لو كر جناحا كأن تألقه في الدجا حسام جبان يهاب الكفاحا أضاء وللعين إغفاءة تلذ إذا ما سنى الفجر لاحا كمعني خفي بدا بعضه وزيد بيانا فزاد اتضاحا كأن النجوم وقد غربت نواهل ماء صدرن قماحا لواغب باتت تجد السرى فأدركها الصبح روحى طلاحا وقد لبس الليل أسما له فمحت عليه بلا وانصياحا وأيقظ روض ابربا زهره فمحت عليه بلا وانصياحا وأيقظ روض الربا زهره فحيا نسيم صباه الصباحا أتى يستفيض دموعي امتياحا ويلهب نار ضلوعي اقتداحا فلم يلق دجن انتحابي شحيحا ولم يلف زند اشتياقي شحاحا ولولا توقد نار الحشى لانفدت ماء جفوني امتياحا ومما يشرد عني الكرى هديل حمام إذا نمت صاحا ينوح علي وأبكي له فأقطع ليلى بكًا أو نباحا أعين أريحى أطلب الأسى عليك وما زدت إلا انتزاحا دعيني أرد ماء دمعي فلم أرد بعد مايك ماء قراحا أحن إليك إذا سفت ريحا وأبكي عليك إذا ذقت راحا وأفني التياحا إليك وكم أشحت بوجهي عنك اتشاحا ولولا سخايم قوم أبوا إيابي ركبت إليك الرياحا أباحوا حماي وكم مرة حميت حمى عرضهم أن يباحا ودافعت عنهم بشعري انتصارا فكان الجزاء جلاى المتاحا أباعوا ودادي بخسا فسل أكان سماحهم بي رباحا وأغروا بنفسي طلابها سرارًا فجاءوا لقتلي صراحا فشاورت نفسي في ذا فما رأت لي بغير الفلاة فلاحا فبت أناغي نجوم الدجا نجاء فلم ألق إلا نجاحا أجوب الدياجير وحدي ولا مؤانس إلا القطا والسراحا وإلا الثعالب تحتس في مبيتي فتملأ سمعي ضباحا أجوز الأفاحيص فيحًا قفارا وأعرو الأداحي غبرا فساحا فأعيي شوارد هذي عداء وأعلو لواغي تلك صياحا وجواب بدو إذا استنبحوا أجابوا عواء وأموا النباحا يرون قتالي في الحجر حلًا وإذهاب نفسي فيه مباحا قصدت هناهم فلم أخطهم أعاجم شوس العيون قباحا فسل كيف كان خلاصي من أسارهم أسرى أم سراحا ولا مثل بيت تيممته فلم ألف إلا الغنا والسماحا عيابا ملاء ونيبًا سمانا وغيدًا خدالا وعودًا أقاحا وإلا أعاريب شم الأنوف كرام الجدود فصاحًا صباحا وإلا يعافير سود العيون يرين فساد المحب صلاحا وتحت الوجا طلًا ربرب لو أن القيان رفعن الوجاحا أراني محاسن منه فلم أطق عن حماه بقلبي براحا محيًا وسيمًا وفرعًا أثيثا وقدًا قويمًا وردفًا رداحا وأبدي لعيني بدايع لم يدع لي عقلًا بها حين راحا إذا لم يرد غير سفك دمي فحل وبل له ما استباحا وما زلت سمحًا بنفسي كذا متى ما رأيت الوجوه الملاحا وباين رشيد تعوذت من هواه فقد زدت فيه افتضاحا وقد ضاق صدري عن كتمه وأودعته جفن عيني فباحا وبابن رشيد تعوذت من خطوب أجلن علي القداحا ألح الزمان بأحداثه فألقيت طوعًا إليه السلاحا أعاد شبابي مشيبًا كما سمعت وصير نسكي طلاحا وفرق بيني وبين الأهيل ولم ير ذا عليه جناحا أخي وسميى أصخ مسعدًا لشجو حزين إليك استراحا فقد جب ظهري على ضعفه كدامًا وأدهاى شواتي نطاحا وأعجل سيري عنه ولم يدعني أودع تلك البطاحا نأى بصديقك عن ربعه فكان له النأي موتًا صراحا وكان عزيزًا على قومه إذا هاج خاضوا إليه الرماحا فها هو إن قال لم يلتفت إليه امتهانًا له واطراحا عجبت لدهري هذا وما ألاقي مساء به وصباحا لقد هد مني ركنًا شديدًا وذلل مني حياء لقاحا وقيت الردى من أخ مخلص لو استطعت طرت إليه ارتياحا وإني على فيح ما بيننا لأتبع ذاك الشذا حيث فاحا أحن إليه حنين الفحول ونوح الحمام إذا ما ألاحا إن شيت عرفان حالي وما يعانيه جسمي ضني أو صحاحا فقلب يذوب إليك اشتياقا وصدر يفاح إليك انشراحا وغرس وداد أصاب فضاء نديًا وصادف أرضًا براحا كراسخ مجد تأثلته فلم تخش بعد عليه امتصاحا وعلياء بوئتها لو بغى سموًا إليها السماك لطاحا ودرس علوم تهيم بها عمرت الغدو به والرواحا نشأت عن الخير واعتدته فلم تدر إلا التقي والصلاحا وقمت لها أيما رحلة كسحت المعارف فيها اكتساحا بهرت رجال الحديث اقتداء وفت رجال الكمال اقتراحا فما إن جليس إذا قلت قال أو أن الخطيب إذا لحت لاحا ولو لم تحج بها مكة لحج الملايك عنك صراحا وأما أنا بعد نهي النهى فما زادني الطبع إلا جماحا أدير كؤوس هواي اغتباقا وأشرب ماء دموعي اصطباحا فبرد جواي برد جواب توبخ فيه مشي الوقاحا وهن بنيات فكري وقد أتينك فاخفض لهن الجناحا ومن شعره رحمه الله قوله يمدح ذا الوزارتين المتقدم ذكره ويذكر غفارة وجهها له مع هدية‏:‏ كبت العدى إنعامك البغت فلي الهنا وللعدى الكبت يا من إلى جدوي أنامله يزجي للسفين وتزجر البخت لولاك لم يوصل بناحية وخد ولم يقطع بها دشت خولتني ما لم تسعه يدي فأصابني من كثره غمت شتى أياد كلما عظمت عندي تلكأ خاطري الهت يعيي لساني عن إذاعتها ويضيق عن شكري لها الوقت وطأت لي الدنيا فلا عوج فيما أرى منها ولا أمت أمكنتني منها فما ليدي ردء ولا لمقالتي عت بالغت في بري ولا نسب أدلي إليك ودادي البحت بوركت من رجل برؤيته يوسي الضنا ويعالج الغت لو سار في بهماء مقفرة في حيث لا ماء ولا نبت لتفجر الماء النمير بها ولأعشبت أرجاؤها المرت لا تحسبن البخت نيل عني نيل الرضا منه هو البخت آلت جلالته وحق لها أن لا يحيط بكنهها نعت أظهرت دين الله في زمن ما زال يغلب حقه البهت شيدته وهددت ممتعضًا لضياعه ما شيد الجبت أمنت أرض المسلمين فلا ذئب يخاف بها ولا لصت ونهجت سبيل المكرمات فما لمؤمل عن غايه ألت لم تبق غفلًا من متالعها إلا وفيه لحاير برت هادن ظفاة الكفر ما هدأت حتى يجيء نهارها المحت دعها تودع في معاقلها ما لم تعد جفاتها العفت كم ذدتها عنا وقد هبرت لهراشنا أشداقها الهرت بوقوف طرفك عند شدته يبأى ويفخر ملكها الرت ويشكر ما اظهرت من كرم في ذاك تفصح عجمها المرت لك من ممالكها وإن رغمت ما جال فيه جوادك الحت ولكل أصيد من بطارقها في كل أرى له دعت لولا لباك البيض ما أرقت للقايها أفراسنا الكمت عنده لمن ينتابه مقة ولمن ينيب لغيره مقت ولو أن بيضك لم تسل لما ذلت أنوف طغاتها السلت يا ابن الحكيم أمنت صرف ردى أبدًا له في أثلتي نحت وبيمنه أنست من أملي ما لم يكن يومًا له عرت وببأسه أطفى شرارة من يعثو وأقدح أنف من يعت عم الورى جودًا وفضل غنى حتى تساوى العد والغلت وهمي على عال ومنخفض لم يبق فوق لا ولا تحت ظل إذا نصطاف معتدل عطر الشذا وحيًا إذا نشت يتضاءل الصبح المنير إذا لاقى سناه جبينك الصلت حتى كأن شمس الضحى قمر وكأن ضوء شعاعها فخت وغيبة في لطف صنعتها يمضي الزمان وما لها أخت ينأى الندى بها إذا لبست ويتيه إن طويت بها التخت زنجية لكن لمحتدها في الروم يعنو القس والشنت مثل العروس على منصتها من شأنها التزيين والزت لأكون أنحل ما أكون هدى فيها فيعبل جسمي الشخت وبمثل شيبي فوق حلكتها يبدو الوقار ويحفظ السمت تظهريني بلباسها وبه عندي لها الإيثار ما عشت لا زلت تؤثرني بها أبدًا ولا تف من يشقي بذا السلت ومن شعره أيضًا في المدح قوله رحمه الله من قصيدة ثبتت في ديوان مجموع من أمداحه منها قوله‏:‏ طرقتك وهنًا أخت آل علاج والركب بين دكادك وحراج ومن شعره أيضًا في المدح قوله رحمه الله من قصيدة ثبتت في ديوان مجموع من أمداحه منها قوله‏:‏ طرقتك وهنًا أخت آل علاج والركب بين دكادك وحراج في ليلة ليلاء لم ينبح بها كلب ولم يصرخ أذين دجاج أني اهتدت لمضللين توهنوا منها لهتك دياجر ودياج متسربلى برد الظلام كأنهم فيه قداح في رماية ساج وثقوا بمحمود السرى وتسلموا لمخارم مجهولة وفجاج ومنازل درس الرسوم بلاقع أخوين من هيج ومن هجهاج محت معالمهن غير مثلم كسوار تاج أو كدملج عاج ومواثل مثل الحمام جواثم ورق وأسمج دائم التشحاج ومشجج ما زال منهل الحيا يبكي صداه بدمعه الثجاج حتى أعاد لعوده أوراقه خضر الظلال ذكية الآراج وكسا عراة عراصه من وشيه حللا تبور صنعة الديباج كم ليلة مرت ولم يشعر بها غيري وغير منادمي وسراج بتنا ندير إلى انبلاج صباحها كأس الهوى صرفًا بغير مزاج وتدير أعيننا حديث غرامنا بمرامز من فضها وأحاج بمآرج النفحات من دارين أو بمدارج النسمات من دراج وخلوص ود في نقاء سريره كسلاف راح في صفاء زجاج أمحضته حظي من الزمن الذي أعيي مراسي أهله وعلاج واخترت قرب جواره لخلوصه وتركت كل مماذق مراج ما في زمانك غير فاخلص له غيبًا وداهن من أردت وداج لا تحلفن بغيره واستعفين بوقاره عن كل غمر ماج أترك بني الدنيا وأعرض عنهم فعساك تطعم لذة الإثلاح نزهت نفسي عنهم بنواله وحفظتها من جاهه بسياج أصبحت من آلايه وولايه في عزة ضحيا وعز داج وغمامه الهامي على آماله من غير إرعاد ولا إرعاج وهزبر آجام القنى الضاري إذا سقطت عواتمها على الأزجاج ضمن الإله له على أعدايه ما شاء من ظفر ومن إفلاج أبقى أبو عبد الإله محمد ما شاد والده أبو الحجاج وبني أبو إسحق قبل وصنوه ركنا الضعيف ومعدنا المحتاج وجرى على آثار أسلاف لهم درجوا وكلهم على منهاج ما منهم إلا أعز مبارك مصباح ليل أو صباح عجاج بيت بنوه من سراوة حمير في الذروة العلياء من صنهاج كم كان في الماضين من أسلافهم من رب إكليل وصاحب تاج أساس كل رياسة ورؤس كل سياسة وليوث كل هياج أعيت نجوم الليل من سهر وما أعيا أبو موسى من الإدلاج حتى أصارته لرحمة ربه يوم العقاب وقيعة الأعلاج

أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:41 AM



محنته أحظاه وزير الدولة أبو عبد الله ابن المحروق واختصه ورتب له بالحمراء جراية وقلد نظره خزانة الكتب السلطانية‏.‏
ثم فسد ما بينهما فاتهمه ببراءات كانت تطرح بمذامه بمسجد البيازين وترصد ما فيها فزعم أنه هو الذي طرحها بمحراب المسجد فقبض عليه واعتقل ثم وفاته ولما بلغته بإفريقية وفاة مخيفة كر راجعًا إلى الأندلس فتوفي في طريقه ببونه من بلاد العناب أو بأحوازها في أواخر عام ثلاثين أو أقرب من الأواخر وسبعماية‏.‏
محمد بن جابر بن يحيى بن محمد بن ذي النون التغلبي ويعرف بابن الرمالية من أهل غرناطة ويعرف خلفه الآن ببني مرزبة ولهم أصالة وقدم وجدة‏.‏
حاله فقيه نبيه نبيل ذكي عنده معرفة بالفقه والأدب والعربية حسن المشاركة والمحاضرة حاضر الذهن ذاكر لما قرأه‏.‏
مشيخته روى عن الإمام أبي بكر بن العربي‏.‏
قال أبو القاسم الملاحي وحدثني سنة أربع وسماية قال حدثني الإمام أبو بكر بن العربي رضي الله عنه قال حدثني محمد بن عبد الملك السبتي قال خرجت مع أبي الفضل الجزيري مشيعين لقافلة الحاج من بغداد ومودعين لها من الغد وحين أصبحنا أثيرت الجمال وفرض الناس الرحال ونحن بموضع يعرف بجب عميرة إذا بفتى شاحب اللون حسن الوجه يشيع الرواحل راحلة بعد أخرى فنيت ومشى الحاج وهو يقول في أثناء تردده ونظره أليها‏:‏ أحجاج بيت الله في أي هودج وفي أي بيت من بيوتكم حبى أأبقى رهين القلب في أرض غربة وحاديكم يحدو فؤادي مع الركب قول أسفًا لم أقض منكم لبانتي ولم أتمتع بالسلام وبالقرب وفرق بيني بالرحيل وبينكم فها أنذا أقضي على إثركم نحبي يقولون هذا آخر العهد منكم فقلت وهذا آخر العهد من قلب قال فلما كمل الحج المشى‏.‏
وانقطع رجاؤه وجعل يخطو هايمًا وهو ينشد ثم رمى بنفسه إلى الأرض وقال‏:‏ خل دمع العين ينهمل بأن من تهواه وارتحل أي دمع صاله كلف فهو يوم البين ينهمل قال ثم مال على الأرض قبادرنا إليه فوجدناه ميتًا فحفرنا له لحدًا وغسلناه كفناه في رداء وصلينا عليه‏.‏
ودفناه‏.‏
محمد بن محمد بن يبش العبدري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن بيبش حاله كان خيرًا منقبضًا عفا متصاونًا مشتغلًا بما يعنيه‏.‏
مضطلعًا بالعربية عاكفا عمره على تحقيق اللغة مشاركًا في الطب‏.‏
متعيشًا من التجارة في الكتب‏.‏
أثرى منها وحسنت حاله‏.‏
وانتقل إلى سكنى سبتة إلى أن حططت بها رسولًا في عام اثنتين وخمسين وسبعماية‏.‏
فستدعيته ونقلته إلى بلده فقعد للاقراء به إلى أن توفي‏.‏
وجرى ذكره في بعض الموضوعات الأدبية بما نصه‏:‏ معلم مدرب مسهل مقرب له في صنعة العربية باع مديد وفي هدفها سهم سديد ومشاركة في الأدب لايفارقها تسديد خاصى المنازع مختصرها مرتب الأحوال مقررها تميز لأول وقته بالتجارة في الكتب فسلطت عليها منه أرضة آكلة وسهم أصاب من رميتها شاكلة أترب بسببها وأثرى وأغنى جهة وأفقر أخرى وانتقل لهذا العهد الأخير إلى سكنى غرناطة مسقط رأسه ومنبت غرسه وجرت عليه جراية من أحباسها ووقع عليه قبول من ناسها وبها تلاحق به الحمام فكان من ترابها البداية مشيخته قرأ على شيخ الجماعة ببلده أبي جعفر بن الزبير وعلى الخطيب أبي عبد الله بن رشيد والوزير أبي محمد بن المؤذن المرادي والأستاذ عبد الله بن الكماد وسمع على الوزير المسن أبي محمد عبد المنعم بن سماك‏.‏
وقرأ بسبتة على الأستاذ أبي إسحاق الغافق‏.‏
شعره أنشدني بدار الصناعة السلطانية من سبتة تاسع جمادى الأولى من عام اثنين وخمسين المذكور عند توجهي في غرض الرسالة إلى السلطان ملك المغرب قوله يجيب عن الأبيات المشهورة التي أكثر فيها الناس وهي‏:‏ يا ساكنا قلبي المعنى وليس فيه سواك ثان لأي معنى كسرت قلبي وما ألتقى فيه ساكنان تحلتني طايعًا فؤادًا فصار إذ حزته مكان لاغرو إذا كان لي مضافًا اني على الكسر فيه بان وقال يخاطب أبا العباس عميد سبتة أعزه الله وهي مما أنشدنيه في التاريخ المذكور وقد أنا ملك الغر التي سيب جودها يفيض كفيض المزن بالصيب القطر أتتنى منها تحفة مثل عدها إذا انتضيت كانتكمرهفة السمر هي الصفر لاكن تعلم البيض انها محكمة فيها على النفع والضر مهذبة الأوصال ممشوقة كما تصاع سهام الرمى من خالص التبر فقبلتها عشرًا ومثلث أنى ظفرت بلثم في أناملك العشر وأنشدني في التاريخ المذكور في ترتيب حروف الصحاح قوله‏:‏ أساجعة بالواديين تبوئى ثمارًا جنتها حاليات خواضب دعى ذكر روض زاره سقى شربه صباح ضحى ‏"‏ طير طما ‏"‏ عصايب غرام فؤادي قاذف كل ليلة متى مانأى وهنا هواه يراقب ومن مطولاته ما رفعه على يدي السلطان وهو قوله‏:‏ ديار خطها مجد قديم وشاد بناءها شرف صميم وحل جنابها الأعلى علًا يقصر عنه رضوى أو شميم سقى نجدًا بها وهضاب نجد عماد ثرة وحيًا تميم ولا عدمت رباه رباب مزن يغادى روضهن ويستديم وتنشره الصبا فتريك درًا نشيرًا خانه عقد نظيم وظلت في طلال الأيك تشدو مطرقة لها صوت رخيم ترجع في الغصون فنون شجع بألحان لها يصبو الحليم أهم بملتقى السوادى تجد وليس سواه في واد أهيم وكنت صرفت عنه النفس كرها وما برحت على نجد تحوم له بيت سما فوق الثريا وعز لايخيمولايريم تبوأ من بني نصر علاها وأنصار للنبي له أروم أفاض على الوررى نيلًا وعدلًا سواء فيه مثرٍ أوعديم ملاذ للملوك إذا ألمت صروف الدهر أو خطب جسيم تؤمله فتامن في ذراه وتدنو من علاه فيستقيم ويبدو في ندى الملك بدرًا تحف به الملوك وهم نجوم يوجه يوسفى الحسن طلق يضى بنوره الليل البهيم وتلقاه للعافة له ابتسام ومنه للعدى أخذ للييم فيا شرف الملوك لك انقطاعي وإني في محلكم خديم فللظماورودك خير ورد نمير ماؤه عذب جيم ولا أضحى وفي معناك ظل ظليل حين تحندم السموم ركبت البحر نحوك والمطايا تسير لها ذميل أو رسيم وإن علاك إن عطفت بلحظ على فذلك العز المقيم فوا أسفى على عمر تقضي بدارٍ ليس لي فيه حميم سوى ثمر للفؤاد ذهبت عنه وبين جوانحي منه كلوم ودون لقابها عرض الفيافي ونجد موجه طود عظيم لعل الله ينعم باجتماع وينظم شلنا اليسر الرحيم بقيت بغبطة وقرارعن يملك سعده أبدًايدوم كما دامت حلى الأنصار تتلى يشيد بذكرها الذكر الحكيم عليك تحية عطر شذاها تعرف الروض جادته الغيوم مولده بغرناطة في رجب ثمانين وستماية‏.‏
وتوفي عام ثلاثة وخمسين وسبعماية ودفن بباب البيرة وتبعه من الناس ثناء حسن رحمه الله‏.‏
من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بنسبه حاله من عايد الصلة‏:‏ كان حافظًا للقرآن طيب النغمة به طرفًا في ذلك من أهل المشاركة في العلم واعظًا بليغًا أستإذا يقوم على العربية قيام تحقيق ويستحضر الشواهد من كتاب الله وخطب العرب وأشعارها بعيد العرين في ذلك آخذًا في الأدب حفظة للأناشيد والمطولات بقية حسنة ممتعة‏.‏
مشيخته قرأ على الأستاذ أبى عبد الله بن الفخار الأركثى وبه تأدب ولازمه كثيرًا فانتفع به‏.‏
شعره مما صدر به رسالة لزوجه وهو نازح عنها ببعض البلاد‏.‏
فقال‏:‏ سلام كرشف الطل في مييم الورد وسيل نسيم الريح بالقضب الملد سلام كما ارتاح المشوق مبشرًا برويا من يهواه من دون مما وعد سلام كما يرضى المحب حبيبه من الجد في الإخلاص والصدق في الوعد على ظبية في الأنس مرتعها الحشا فتدوى إليه لا لشيح ولا ررند ومن أطلع البدر التمام جبينهايرى تحت ليلٍ من دجا الشعر مسود وثغر أقاحٍزانه سمط لؤلؤ يجب به المررجان في أحكم النضد يجول به سلسال راحٍ معتق حمته ظبا الألحاظ صونًا عن الورد فلله عينا من رأى بدر أسعد وروضة أزهار علت غصن القد وبشرى لصب فاز منها بلمحة من القرب بشراه بمستكمل السعد وأضحى هواها كامنًا بين أضلعي كمزن خفي النار في باطن الزند وراحت فراح الروح إثر رحلها وودعت صبرى حين ودعها كبد وصارت لي الأيام تبدو لياليًا وقد كان ليل الوصل صبحًا بها يبد فساعاتها كالدهر طولًا وطالما حكى الدهر ساعات بها قصرًا عندي ومنها‏:‏ ترى قلبها هل هام مني بمثل ما بقلبي من الحب الملازم والوجد وهل ترعى ذمتي ومودتي كما أنا أرعاها على القرب والبعد إليك خطابي والحديث لغايب كنيت بلفظي عن مغيبك بالعمد توفي ببغرناطة تحت جراية من أمرايها لاختصاصه بقراءة القرآن على قبورهم في التاسع عشر من شعبان عام ستة وثلاثين وسبعماية‏.‏
توفي ببغرناطة تحت جراية من أمرايها لاختصاصه بقراءة القرآن على قبورهم في التاسع عشر من شعبان عام ستة وثلاثين وسبعماية‏.‏
محمد بن عبد الولى الرعيني من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بالعواد حاله من ‏"‏ عايد الصلة ‏"‏‏:‏ الشيخ المكتب والأستاذ الصالح سابق الميدان وعلم أعلام القرآن في إتقان تجويده والمعرفة بطرق روايته والاضطلاع بفنونه لايشق غباره ولايتعاطى طلقه ولا تأتي الأيام بمثله‏.‏
تستقصر بين يديه مدارك الأعلام وتظهر سقطات الأيمة‏.‏
مهتديًا إلى مكان الحجج على المسايل‏.‏
مصروف عنان الأشغال إليه مستندًا إلى نغمةٍ رخيمة وإتقان غير متكلف وحفظ غزير وطلب إلى التصدر للإفراد فأبى لشدة انقباضه‏.‏
فنبهت بالباب السلطاني على وجوب نصيه للناس فكان ‏"‏ ذلك ‏"‏ في شهر شعبان من عام وفاته فانتفع به‏.‏
وكان أدأب الناس على سنة والزمهم لميقات ورد‏.‏
يجعل جيرانه حركته إلى ذلك ليلًا‏.‏
ميقاتًا لايختلف ولا يكذب في ترحيل الليل‏.‏
‏"‏ شديد الطرب ‏"‏ مليح الترتيب لاتمر به ساعة ضياعًا إلا وقد عمرها بشأن حاله من ‏"‏ عايد الصلة ‏"‏‏:‏ أستاذ الجماعة وعلم الصناعة وسيبويه العصر وآخر الطبقة من أهل هذا الفن كان رحمه الله فاضلًا تقيًا منقبضًا‏.‏
عاكفًا على العلم ملازمًا للتدريس إمام الأيمة من غير مدافع مبرزًا أمام أعلام البصريين من النحاة منتشر الذكر بعيد الصيت عظيم الشهرة مستجر الحفظ يتفجر بالعربية تفجر البحر ويسترسل استرسال القطر قد الطت دمه ولحمه لايشكل عليه منها مشكل ولا يعوزه توجيه ولاتشذ عنه حجة‏.‏
جدد بالأندلس ما كان قد درس من لسان العرب من لدن وفاة أبي على الشلوبين مقيم السوق على عهده‏.‏
وكانت له مشاركة في غير صناعة العربية من قراءات وفقه وعروض وتفسير‏.‏
وتقدم خطيبًا بالجامع الأعظم وقعد للتدريس بالمدرسة النصرية وقل في الأندلس من لم يأخذ عنه من لطلبة‏.‏
واستعمل في السفارة إلى العدوة مع مثله من الفقهاء فكانت له حيث حل الشهرة وعليه الازدحام والغاشبة وخرج ودرب وأقرأ وأجاز لايأخذ على ذلك ‏"‏ أجرًا ‏"‏ وخصوصًا فيما ‏"‏ دون ‏"‏ البداية إلا الجراية المعروفة مقتصدًا في أحواله وقورًا مفرط الطول نحيفًا سريع الخطو قليل الالتفات والتعريج متوسط الزي متبذلًا في معالجة مايتملكه بخارج البلد قليل مشيخته قرأ بسبتة على الشيخ الإمام أبي إسحق الغافقى ولامه كثيرًا وأخذ عنه وأكثر عليه‏.‏
وقرأ على الإمام الصالح أبي عبد الله بن حريث والمقرررى الشريف الفاضل أبي العباس الحسنى والشيخ الأستاذ النظار أبي القاسم بن الشاط‏.‏
وأخذ عن الخطيب المحدث أبي عبد الله بن رشيد‏.‏
والقاضي أبي عبد الله بن القرطبي وغيرهم‏.‏
وهو أستاذي قرأت عليه القرآن وكتابي الجمل والإيضاح وحضرت عليه دولًا من الكتاب ولازمته مدة وعاشرته وتوجه صحبتي في الرسالة إلى المغرب‏.‏
توفي بغرناطة ليلة الإثنين الثاني عشر من رجب عام أربعة وخمسين وسبعماية وكانت جنازته حالفة‏.‏
وخمدت قرايح الآخذين عنه ممن يدلى دلو أدب‏.‏
فيأتي بماء أو حماة على كثرتهم تقصيرًا عن الحق وقدحًا في نسب الوفاء إلا ما كان من بعض من تأخر أخذه عنه‏.‏
وهو محمد بن عبد الله اللوشي فإنه قال‏:‏ وعين هذه الأبيات قراها‏:‏ ويوم نعى الناعي شهاب المحامد تغيرت الدنيا لمصرع واحد فلا عذر للعينين إن لم تسايحا بدمع يحكاكي الوبل يشفى لواحد طواه الردى ماكل حي يهابه وما ورده عارًا بشين لوارد لقد غيبت منه المكارم في بالثرى غداة نوى وانسد باب الفوايد فياحاملي أعواده ما علمتم بسؤدده الجم الكريم المحاند وياحفرة خطت له اليوم مضجعًا سقتك الغوادي الصادقات الرواعد إلا ياحمام الأيك ساعدني بالبكا على لم الدنيا وزين المشاهد على أني لو استطعت الفدا فديته بأنفس آل من طريف وتالد محمد ماللنعمى لموتك غضة توقف ولا ماء الحياة ببارد وكيف وباب العلم بعدك مغلق ومورده المتروك بين الموارد أأستاذنا كنت الرجا لآمل فأصبحت مهجور الفنا لقاصد فلا تبعدن شيخ المعارف والحجا ليس الذي تحت التراب بباعد لتبك العلوم بعدك شجوها وبقفر لها ربع العلا والمعاهد ليبك عليك الجود والدين والتقا وحسب البكا أن صرت ملحود لاحد أولاي من للمشكلات يبينها فيجلى عمى كل القلوب الشواهد ومن ذا يحل المقفلات صعابها ومن ذا الذي يهدي السبيل لحايد وبالكوكبا غال النهار ضياءه وشيكًا وهل هذا الزمان بخالد سأبكيك ما لاحت بروق لشايم وأرعاك ما كان الغمام بعابد وبالكوكبا غال النهار ضياءه وشيكًا وهل هذا الزمان بخالد سأبكيك ما لاحت بروق لشايم وأرعاك ما كان الغمام بعابد عليك سلام الله ما دامت الصبا يغصنٍ في الأراكة مايد ‏"‏ قلت‏:‏ العجب من الشيخ ابن الخطيب‏.‏
كيف قال وخمدت قرايح الآخذين عنه وهو من أجل من أخذ عنه حسبما قرره آنفًا بل أخص من ذلك المعاشرة والسفارة للعدوة‏.‏
وهو مع ذلك أقدرهم على هذا الشأن وأسخاهم قريحة في هذا الميدان وإن أتى غيره بماء أوحمأة أتى هو بالبحر الذي لاساحل له‏.‏
ولعمري لو قام هو بما يجب من ذلك لزال القدح في نسب وفاء الغيرر فعين مانسبه من التقصير عن الحق في ذلك متوجه عليه ولاحق له ولايبعد عنده أن يكون وقع بينهما ما أوجب إعراضه مما يقع في الأزمان ولاسيما بين أهل هذا الشأن فيكون ذلك سببًا في إعراض الغير مشيًا في غرضه ومساعدة له‏.‏
والله أعلم بحقيقة ذلك كله ‏"‏ محمد بن محمد البلنسى من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله حاله محمد بن سعد بن محمد بن لب بن حسن ابن حسن بن عبد الرحمن بن بقى يكنى أبا عبد الله ويعرف باسم جده أوليته كان القاضي العدل أبو عبد الله بن هشام قاضي الجماعة بالأندلس يجل سلفه وبنسبة إلى بقي بن مخلد قاضي بالخلافة بقرطبة‏.‏
وابن هشام ممن يحتج به‏.‏
حاله هذا الرجل فاضل حسن الخلق جميل العشرة كريم الصحبة مبذول المشاركة معروف الذكاء والعفة مبسوط الكنف مع الانقباض فكه مع الحشمة تسع الطوائف أكناف خلفه ويعم المتضادين رحب ذرعه‏.‏
طالب محصل‏.‏
حصيف العقل حسن المشاركة في فنون من فقه وقراءات ونحو وغير ذلك‏.‏
تلكم للناس بجامع الربض ثم بمسجد البكلاي المجاور للزاوية والتربة اللتين أقمتهما بأخشارش من داخل الحضرة وحلق به لتعليم العلم فأنثال عليه المتعلم والمستفيد والسامع لاجادة بيانه وحسن تفهيمه‏.‏
مشيخته قرأ القرآن بجرف نافع على أبيه وعلى الشيخ الخطيب المكتب أبي عبد الله بن عامور‏.‏
وقرأ العربية على إمام الجماعة الأستاذ أبي عبد الله بن الفخار وجود عليه القرآن بالقراءات السبع وقرأ على الأستاذ أبي سعيد بن لب شعره أنشدني من ذلك قوله بعد الانصراف من مواراة جنازة‏:‏ كم أرى مدمن لهو ودعه لست أخلى ساعة من تبعه كاكن لي عذر لدى عهد الصبا وأنا آمل في العمر سعه أو ما يوقظنا من كلنا أنفًا لقبره قد شيعه سيما وقد بدا في مفرقي ماإخال الموت قد جاء معه فدعوني ساعة أبكي على عمر أمسيت ممن ضيعه ومن شعره في النوم وهو كثير مايطرفه‏:‏ أباد البين أجناد التلاقي وحالت بيننا خيل الفراق فجودوا وارحموا وارثوا ورقوا على من جفنه سكب المآقي ياصاحبي قفا المطايا واشفقًا فالعبيد عبده إذا انتهى وانقضى زمان هل يرسل الله من يرده مولده في الثاني عشر لصفر من عام اثنين وعشرين وسبعماية‏.‏
الطراز محمد بن علي بن يوسف الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بالطراز حاله من صلة ابن الزبير‏:‏ كان رحمه الله مقريًا جليلًا ومحدثًا حافلًا به ختم بالمغرب هذا الباب البتية‏.‏
وكان ضابطًا متقتنًا ومقيدًا حافلًا بارع الخط حسن الوراقة عارفًا بالأسانيد والطرق والرجال وطبقاتهم مقربًا عارفًا بالأسانيد والقراءات ماهرًا في صناعة التجويد مشاركًا في بعلم العربية والفقه والأصول وغير ذلك كاتبًا نبيلًا مجموعًا فاضلًا متخلقًا ثقة فيما روى عدلًا ممن يرجع إليه فيما قيد وضبط ولإتقانه وحذقه‏.‏
كتب بخطه كثيرًا وترك أمهات حديثية اعتمدها الناس بعده وعولوا عليها‏.‏
وتجرد آخر عمره إلى كتاب ‏"‏ مشارق الأنوار ‏"‏ تأليف القاضي أبي الفضل عياض وكان قد تركه في مبيضة في أنهى درجات النسخ والإدماج والإشكال وإهمال الحروف حتى اخترمت منفعتها حتى استوفى ما نقل منه المؤلف وجمع عليها أصولًا حافلة وأمهات جامعة من الأغربة وكتب اللغة فتخلص الكتاب على أتم وجه وأحسنه وكمل من غير أن يسقط منه حرف ولا كلمة‏.‏
والكتاب في ذاته لم يؤلف مثله‏.‏
مشيخته روى عن القاضي ابن الطباع وعن أبي عبد الله بن صاحب الأحكام والمتكلم وأبي محمد بن عبد الصمد بن أبي رجا وأبي القاسم الملاحى وأبي محمد الكواب وغيرهم ‏"‏ أخذ عن هؤلاء كلهم ببلده ‏"‏ وبقرطبة عن جماعة وبمالقة كذلك وبسبتة‏.‏
وبإشبيلية عن أبي بالحسن بن زرقون وابن عبد النور‏.‏
وبفاس وبمرسية عن جماعة‏.‏
قلت‏:‏ هذه الترجمعة في الأصل المختصر منه هذا طويله واختصرتها لطولها‏.‏
توفي ببغرناطة ثالث شوال عام خمسة وأربعين وستماية وكانت جنازته من أحفل جنازة إذ كان الله قد وضع له ودا في قلوب المؤمنين‏.‏
ابن حيان النفزي محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان النفزي
من أهل غرناطة يكنى أبا حيان ويلقب من الألقاب المشرقية بأثير الدين حاله كان نسيج وحده في ثقوب الذهن وصحة الإدراك ‏"‏ والحفظ ‏"‏ والاضطلاع بعلم العربية والتفسير وطريق الرواية إمام النحاة في زمانه غير مدافع نشأ ببلده غرناطة مشارًا إليه في التبريز بميدان الإدراك وتغيير يالسوابق في مضمار التحصيل‏.‏
ونالته نبوة لحق بسببها بالمشرق واستقر السوابق في مضمار التحصيل‏.‏
ونالته نبوة لحق بسببها بالمشرق واستقر بمصر فنال ما شاء من عز وشهرة وتأثلٍ وبروحظوة وأضحى لمن حل بساحته من المغاربة ملجًا وعدة‏.‏
وكان شديد البسط مهيبًا جهوريًا مع الدعابة والغزل وطرح السمت شاعرًا مكثرًا مليح الحديث لايمل وإن أطال وأسن جدًا وانتفع به‏.‏
قال بعض أصحابنا دخلت عليه وهو يتوضًا وقد استقر على إحدى رجليه لغسل الأخرى كما تفعل البرك والأوز فقال لو كنت اليوم جار شلير ما تركني لهذا العمل في هذا السن‏.‏
قرأ ببلده على الأستاذ حايز الرياسة أبي جعفر بن الزبير ولازمه وانتسب إليه وانتفع به وشاد له بالمشرق ذكرًا كبيرًا‏.‏
ويقال إنه نادى في الناس عندما بلغه نعية وصلى عليه بالقاهرة وله إليه‏.‏
مخاطبات أدبية اختصرتها وعلى الأستاذ الخطيب أبي جعفر علي بن محمد الرعيني الطباع والخطيب الصالح ولي الله أبي الحسن فضل بن محمد بن علي ابن ابراهيم بن فضيلة المافري‏.‏
وروى عن القاضي المحدث أبي على الحسين ابن عبد العزيز بن أبي ألأحواض الفهرى والمكتب أبي بسهل اليسر بن عبد الله ابن محمد بن خلف بن اليسر القشيري والأستاذ أبي الحسن بن الصابيغ والأديب الكاتب أبي محمد عبد الله بن هرون الطائي بتونس وعلى المسند صفى الدين أبي محمد عبد الوهاب بن حسن بن إسماعيل بن مظفر بن الفرات الحسنى بالأسكندرية والمسند الأصولي وجيه الدين أبي عبد الله محمد ابن عبد الرحمن بن أحمد بن عمران الأنصاري بالثغر والمحدث نجيب الدين أبي عبد الله محمد ىبن أحمد بن محمد بن المؤيد الهمداني بالقاهرة وغيرهم ممن يشق إحصارهم‏.‏
كالإمام بهاء الدين محمد بن ابراهيم ابن محمد بن أبي نصر بن النحاس الشافعي‏.‏
قرأ عليه جميع كتاب سيبويه في سنة ثمان وثمانين وستماية وقال له عند ختمه لم يقرأه على أحد غيره‏.‏
وتواليفه كثيرة منها شرحه كتاب ‏"‏ تسهيل الفوايد لابن مالك‏:‏ وهو بديع وقد وقفت على بعبضه بغرناطة في عام سبعة وخمسين وسبعماية‏.‏
وكتابه في تفسير الكتاب العزيز وهو المسمى ‏"‏ بالبحر المحيد ‏"‏ تسمية زعموا موافقة للغرض‏.‏
وألف كتابًا في نحو اللسان التركى حدثنا عنه الجملة الكثيرة من أصحابنا كالحاج أبي يزيد خالد بن عيسى والمقرى الخطيب أبي جعفر الشقورى والشريف أبي عبد الله بن راجح وشيخنا الخطيب أبي عبد بن مرزوق‏.‏
وقال حدثنا الأستاذ العلامة المتفنن أبو جعفر أحمد بن ابراهيم بن الزبير سماعًا من لفظه وكتبًا من خطه بغرناطة عن الكاتب أبي بإسحق بن عامر الهمداني الطوسى بفتح الطاء حدثنا أبو عبد الله بن محمد العنسى القرطبي وهو آخر من حدث عنه أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الحافظ الجياني ناحكم بن محمد نا أبو بكر بن المهندس نا عبد الله ابن محمد نا طالوت بن عياد بن بصال بن جعفرن سمعت أبا إمامة الباهلي بقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ أكفلوا لي بيت أهل لكن في الجنة إذا حدث أحدكم بلا كذب وإذا ايتمن فلا يخن وإذا وعد فلا يخلف‏.‏
غضوا أيساركم وكفوا أيديكم واحفظوا فروجكم‏.‏
وقال أنشدنا الخطيب أبو جعفر الطباع‏.‏
قال أنشدنا ابن خلفون‏.‏
قال أنشدنا أبو عبد الله محمد بن سعيد‏.‏
قال أنشدنا أبو عمران موسى ابن أبي تليد لنفسه‏:‏
فهمه في خلاص مهجته ** يروم تخليصها فيشتبك
ومن ملحه‏:‏ قال قدم علينا الشيخ المحدث أبو العلاء محمد بن أبي بكر البخاري الفرضى بالقاهرة في طلب الحديث‏.‏
وكان رجلًا حسنًا طيب الأخلاق لطيف المزاج فكنا نسايره في طلب الحديث فإذا رأى صورة حسنة قال هذا حديث على شرط البخاري فنظمت هذه الأبيات‏:‏ بدا كهلال العيد وقت طلوعه وماس كغصن الخيزران المنعم غزال رخيم الدل وافي مواصلا موافقة منه على رغم لوم مليح غريب الحسن أصبح معلمًا بخمرة خد بالمحاسن معلم وقالوا على شرط البخاري قد أتى فقلنا على شرط البخاري ومسلم فقال مولاي أنا البخاري فمن مسلم فقلت له أنت البخاري وأنا مسلم محنته حملته حدة الشبيبة على ‏"‏ التعريض للأستاذ ‏"‏ أبي جعفر الطباع وقد وقعت بينه وبين أستاذه ابن الزبير الوحشة فنال منه وتصدى للتأليف في الرد عليه وتكذيب روايته فرفع أمره إلى السلطان فامتعض له ونفذ الأمر بتنكيله فاختفى ثم أجاز البحر مختفيًا ولحق بالمشرق يلتفت خلفه‏.‏


أرب جمـال 27 - 11 - 2009 06:43 AM

شعره وشعره كثير بحيث يتصف بالإجادة وضدها‏.‏
فمن مطولاته رحمه الله قوله‏:‏
لا تعذلاه فما ذو الحب معذول ** العقل مختبل والقلب متبول
هزت له أسمرًا من خوط قامتها ** فما انثنى للصب إلا وهو مقتول
جميلة فصل الحسن البيع لها ** فكم لها جمل منه وتفصيل
فالنحر ذو غنجٍ والعرف ذو أرج ** والخصر مختطف والعنق مجدول
هيفاء ينبس في الخصر الوشاح لها ** ردمًا تخرس في الساق الخلاخيل
من اللواتي غذاهن النعيم فما ** يشقين آباؤها الصيد البهاليل
نزر الكلام غميات الجواب ** إذا سلن بعد الصحا حصر مكاسيل
من حليها ومناها مونس وهدى ** فليس يلحقها ذعر وتضليل
حلت بمنعقد الزوراء زارة شوسا ** غياري فعقد الصبر محلول
أتاك منك نذير فأنذرن به ** وبادر التوب إن التوب مقبول
وأمل العفر واسلك مهمها قدفا ** إلى رضى الله إن العفو مأمول
إن الجهاد وحج البيت مختتما ** بزورة المصطفى للعفو تأميل
فشق حيزوم هذا الليل ممتطيًا ** أخا خرام به قد يبلغ السؤل
أقب أعوج يعزي للوجيه له ** وجه أغر وفي الرجلين تحجيل
جفر حوافره معر قوايمه ** ضمر أياطله وللذيل عثكول
إذا توجه أصغى وهو ملتفت ** ساعر اعتقا فيهن تأليل
إن تعارض به هوجا هاج له ** جرى يرى البرق عنه وهو مخذول
يحمى حوزة الإسلام ملتقيًا ** كتايبا غص منها العرض والطول
كتايبًا قد عموا عن كل واضحةٍ ** من الكتاب وغرتهم أباطيل
في رماقط ضرب الموت الزوام ** به سرادقًا فعليهم منه تخييل
هيجا يشرف فيها المشرفي على ** هام العدو ويصحب النقع تظليل
يلاطم الريح منه أبيض نفق ** له من السحب المزبد إكليل
يعلو حضارة منه شامخ جلل ** سام طفا وهو بالنكباء محمول
كأنما هو في طخيا لجتة ** أيم يعرو أديم السيل شمليسل
ما زالت الموج تعليه وتخفضه ** حتى بدا من منار الثغر قنديل
وكبر الناس أعلاه الرنيم ** وكلهم طرفه بالشهد مكحول
وصافحوا البيد بعد اليم وابتدروا ** سبلًا بها لجناب الله توصيل
على نجايب تتلوه أجنابها خيل ** بها الخير معقود ومعقول
في موكب تزحف الأرض الفضاء به ** أضحت وموحشها بالناس مأمول
يطارد الوحش منه فيلق لجب ** حتى لقد ذعرت في بيدها الغول
سيوفهم طرب نحو الحجاز فهم ** ذوو ارتياح على أكوارها ميل
شعث رؤسهم يبس شفاهم ** خوص عيونهم غرب مهازيل
حتى إذا لاح من بيت الإله لهم ** نور إذا هم على الغبرا أراحيل
تعرفوا عرفات واقفين بها ** لهم إلى الله تكبير وتهليل
لما قضينا من الغراء منسكنا ** ثرنا وكل بنار الشوق مشمول
شدنا إلى الشد قميات التي ** سكنت أبدانهن وأفناهن تنقيل
إلى الرسول تزجي كل تعلمة ** أجل من نجوة تزجى المراسيل
من أنزلت فيه آيات مطهرة ** وأورثت فيه توراته وإنجيل
وعطرت من شذاه كل ناحية ** كأنما المسك في الأرجاء محلول
سر من العالم العلوي ضمنه ** جسم من الجوهر الأرضي محمول
نور تمثل في أبصارنا بشرًا ** على الملايك من سيماه تمثيل
لقد تسامى وجبريل مصاميه ** إلى مقام راخى فيه جبريل
أوحى إليه الذي أوحاه من كثب ** فالقلب واع بسر الله مشغول
يتلو كتابًا من الرحمن جاء به ** مطهرًا ظاهر منه وتأويل
جارٍ على منهج الأعراب أعجزهم ** باقٍ مع الدهر لاياتيه تبديل
لاذو بذوبان خطى وبتر ظبا ** يوم الوغا واعتراهم منه تنكيل
فمونف في جبال الوهد منحدر ** وموثق في حبال الغد مكبول
مازال بالعضب هتاكًا سوابغهم ** حتى انثنى العصب منهم وهو مفلول
وقد تحطم في نحر العدا قصد ** أصم الوشج وخانتها العواميل
من لايعدله القرآن كان له ** من الصفاد وبيض البتر تعديل
وكم له معجزا غير القرآن أتى فيه ** من الحق منقول ومعقول
فللرسول انشقاق البدر نشهده ** كما لموسى انفلاق البحر منقول
ونبع ماء فرات من أنامله ** كالعين ثرت فجا الهتان ماء النيل
رووا الخميس وهم زهاء سبع مي ** مع الركاب فمشروب محمول
ومى عين بكف جاء يحملها ** قتادة وله شكوى وتعويل
فكانت أحسن عينيه ولا عجب ** مست أناميل فيها اليمن مجعول
والجذع حن إليه حين فارقه ** حنين ولهى لها للروم مثكول
والعنكبوت بباب الغار قد نسجت ** حتى كأن رداءً منه مسدول
وفرخت في حماه الورق ساجعة ** تبكي وما دمعها في الخد مطول
هذا وكم معجزات للرسول أتت ** لها من الله أمداد وتأصيل
غدت من الكثر أعداد النجوم فما ** يحصى لها عددًا كتب ولاقيل
قد انقضت معجزات الرسل منذ قضوا ** نحبًا وأعجم منها ذلك الجيل
ومعجزات رسول الله باقية ** محفوظة مالها في الدهر تحويل
تكفل الله هذا الذكر يحفظه ** وهل يضيع الذي بالله مكفول
هدى المفاخر لايحظى الملوك بها ** الملك منقطع والوحي موصول
ومن مطولاته في غرض يظهر منها‏:‏
هو العلم لا كالعلم شيء تراوده ** لقد فاز باغيه وأنجح قاصده
وما فضل الإنسان إلابعلمه ** وما امتاز إلا ثاقب الذهن واقده
وقد قصرت أعمارنا وعلومنا ** يطول علينا حصرها ونكابده
لقد حاز في الدنيا فخارًا وسوددًا ** أبو الأسود الديلي فللجر سانده
هو استنبط العلم الذي جل قدره ** وطار به للعرب ذكر نعاوده
وساد عطا نجله ابن هرمز ويحيى ** ونصر ثم ميمون ماهده
وعنبسة قد كان أبرع صحبه ** فقد قلدت جيد المعالي قلايده
ومازال هذا العلم تنميه سادة ** جهابذة تبلى به وتعاضده
إلى أن أتى الدهر العقيم بواحد ** من الأزد تنميه إليه فرايده
إمام الورى ذاك الخليل بن أحمد ** أقرله بالسبق في العلم حاسده
وبالبصرة الغرا قد لاح فجره ** فنارت أدانيه وضاءت أباعده
ياذكى الورى ذهنًا وأصدق لهجة ** إذا ظن أمرًا قلت ماهو شاهده
وما أن يروى بل جميع علومه ** بداية أعيت كل حبرٍ تجالده
هو الواضع الثاني الذي فاق أولا ** ولا ثالث في الناس تصمى قواصده
فقد كان ربانى أهل زمانه ** صوم قوم راكع الليل ساجده
وأكثر سكناه بقفر بحيث لا ** تناغيه إلا عفره وأوابده
وما قوته إلا شعير يسيغه ** بماء قراح ليس تغشى موارده
عزوبًا عن الدنيا وعن زهراتها ** وشوقًا إلى المولى وما هو واعده
ولما رأى من سيبويه نجابة ** وأيقن أن الحين أدناه باعده
تخيره إذ كان وارث علمه ** ولا طفه حتى كأن هو والده
وعلمه شيئًا فشيئًا علومه إلى ** أن بدت سيماه واشتد ساعده
فإذ ذاك وافاه من الله وعده ** وراح وحيد العصر اذ جاء واحده
أتى سيبويه ناشرًا لعلومه ** فلولاه أضحى للنحو عطلًا شواهده
وأبدى كتابًا كان فخرًا وجوده ** لحطان إذ كعب بن عمرو محاتده
وجمع فيه ما تفرق في الورى ** فطارفه يعزى إليه وتالده
بعمرو بن عثمان بن قنبر الرضا ** أطاعت عواصيه وتابت شوارده
عليك قرآن النحو نحو ابن قنبر ** فآياته مشهودة وشواهده
إذا كنت يومًا محكمًا في كتابه ** فإنك فينا نابه القدر ماجده
ولست تبالي إن فككت رموزه ** أعضك دهر أم عرتك ثرايده
هو العضب إن تلق الهياج شهرته ** وإن لاتصب حربًا فإنك غامده
تلقاه كل بالقبول وبالرضى فذور ** الفهم من تبدو إليه مقاصده
ولم يعترض فيه سوى ابن طراوة ** وكان طريًا لم تقادم معاهده
وجسره طعن الميرد قبله ** وإن الثمالي بارد الذهن خامده
هما ماهما صارامدى الدهر ضحكة ** يزيف ما قالا وتبدو مفاسده
تكون صحيح العقل حتى إذا ترى ** تبارى أبا بشرٍ إذا أنت فاسده
يقول امرؤ قد خامر الكبر رأسه ** وقد ظن أن النحو سهل مقاصده
ولم يشتغل إلا بنزر مسايل ** من الفقه وفي أوراقه هو راصده
وقد نال بين الناس جاهًا ورتبه ** وألهاك عن نيل المعالي ولا بده
وما ذاق للآداب طعمًا ولم يبت ** يعنى بمنظوم ونثر يجاوده
لعمرك ماذو لحية وتسمت ** وإطراق رأس والجهات تساعده
فيمشي على الأرض الهوينا كأنما ** إلى الملإ الأعلى تناهت مراصده
وإبهامك الجهال أنك عالم ** وأنك فرد في الوجود وزاهده
بأجلب للنحو الذي أنت هاجر ** من الدرس بالليل الذي أنت هاجده
أصاح تجنب من غوى مخذل ** وخذ في طريق النحو أنك راشده
لك الخير فادأب ساهرًا في علومه ** ‏"‏ فلم تشم ‏"‏ إلا ساهر الطرف ساهده
ولا ترج في الدنيا ثوابًا فإنما ** لدى الله حقًا أنت لاشك واجده
ذوو النحو في الدنيا قليل حظوظهم ** وذو الجهل فيها وافر الحظ زايده
لهم أسوة فيها على لغدٍ مضى ** ولم يلق في الدنيا صديقًا يساعده
مضى بعده عنها الخليل فلم ينل ** كفافًا ولم يعدم حسودًا يناكده
ولاقي أبا بشرٍ سفيهها غداة ** تمالت في ضلال يمادده
أتى نحو هارون يناظر شيخه ** فنفحة حتى تبدت مناكده
ولابن زياد شركة في مراده ** ولابن رشيد بشرك للقلب رابده
هما جرعا إلى على وقنبر ** أفاويق سم لم تنجد أساوده
أبكى على عمرو ولا عمر مثله ** إذا مشكل أعيا وأعوز ناقده
قضى نحبه شرخ الشبيبة لم يرع ** بشيب ولم تعلق بذام معاقده
لقد كان للناس اعتناء بعلمه ** بشرقٍ وغربٍ تستنار فوايده
والآن فلا شخص على الأرض قارئ ** كتاب أبي بشرٍ ولا هو رايده
سوى معثر بالغرب فيهم تلفت ** إليه وشوق ليس يخبو مواقده
وما زال منا أهل أندلس له ** جهابذ تبدى فضله وتناجده
وإني في مصر على ضعف ناصري ** صره ما دمت حيًا وعاضده
أثار أثير الغرب للنحو كامنًا ** وعالجه حتى تبدت قواعده
وأحيا أبو حيان ميت علومه ** فأصبح علم النحو ينفق كاسده
إذا مغربي حط بالثغر رحله ** تيقن أن النحو أخفاه لاحده
علا عقله فيهم هواه فما ذرى ** بأن هوى الإنسان للنار قايده
أقمنا بمصر عشرين حجة ** يشاهدنا ذو أمرهم ونشاهده
فلما ننل منهم مدى الدهر طايلا ** ولما نجد فيهم صديقًا نوادده
لنا سلوة فيمن سردنا حديثهم ** وقد يتسلى بالذي قال سارده
أخي إن تصل يومًا وبلغت سالمًا ** لغرناطة فانفذ لما أنا عاهده
وقبل ثرى أرض بها حل ملكنا ** وسلطاننا الشهم الجميل عوايده
مبيد العدا قتلًا وقد عمر شرهم ** ومحي الندى فضلًا وقد رم هامده
أفاض على الإسلام جودًا ونجدةً ** فعز مواليه وذل معانده
وعم بها إخواننا بتحية ** وخص بها الأستاذ لاعاش كايده
جزى الله عنا شيخنا وإمامنا ** وأستاذنا الحبر الذي عم فايده
لقد أطلعت جيان أوحد عصره ** فللغرب فخر أعجز الشرق خالده
مؤرخة نحوية وإمامة محدثة ** جلت وصحت مسانده
وإني وإن شطت بنا غربة النوى ** لشاكر له في كل وقت وحامده
بغرناطة روحي وفي مصر جثتي ** ترى هل يثنى الفرد من هو فارده
أبا جعفر خذها قوافى من فتى ** تتيه على غر القوافي قصايده
يسير بلا إذن إلى الأذن حسنها ** فيرتاح سماع لها ومناشده
غريبة شكل كم حوت من غرايب ** مجيدة أصل أنتجتها أماجده
فلولاك يامولاى ما فاه مقولي ** بمصر ولا حبرت ما أنا قاصده
لهذبتني حتى أحوك مفوقًا من النظم ** لايبلى مدى الدهر آبده
وأذكيت فكري بعد ما كان خامدًا ** وقيد شعري بعد ما ند شارده
جعلت ختامًا فيه ذكرك إنه ** هو المسك بل أعلى وإن عز ناشده
ومما دون المطولات قوله رحمه الله‏:‏
تفردت لما أن جمعت بذات ** وأسكنت لما أن بدت حركات
فلم أر في الأكوان غيرًا لأنني ** أزحت عن الأغيار روح حيات
أقامت زمانًا في حجاب فعندما ** تزحزح عنها رامت الخلوات
لنقضي بها ما فات من طيب أنسنا ** بها وننال الجمع بعد شتات
ومن النسيب قوله‏:‏
كتم اللسان ومدمعى قد باحا ** وثوى الأسى عندي وأسى راحا
إني أحب طي ما نشر الهوى ** نشرًا وما زال الهوى إفصاحًا
ومهجتي من لا أصرح باسمه ** ومن الإشارة ما يكون صراحًا
ريم أروم حنوه وجنوحه ** ويروم عني جفوة وجماحًا
أبدى لنا من شعره وجبينه ضدين ** ذا ليلًا وذاك صباحًا
عجبًا له يأسو الجسوم بطبه ** ولكم بأرواحٍ أثار جراحًا
فبلقطه برء الأخيذ ولحظه ** أخذ البرى فما بطيق براحًا
ناديته في ليلة لا ثالث إلا ** أخوه البدر عارف لاحا
يا حسنها من ليلة لو أنها ** دامت ومدت لتوصال جناحًا
وقال‏:‏
جمعت معاني الحسن فيك فقد ** غدت قيد القلوب وفتنة الأبصار
متصاون خفير إذا ناطقته ** أغضى حيًا في سكون وقار
في وجهه زهرات لفظ تجتلي ** من نرجس مع وردة وبهار
خاف اقتطاف الورد من جنباتها ** فأدار من أسر سياج عذار
وتسللت نمل العذار بخده ** ليردن شهدة ريقه المعطار
وبخده ورد حمتها وردها ** فوقفن بين الورد والإصدار
كم ذا أوارى في هواه مهجتي ** ولقد وشى بي فيه فرط أوار
ومن نظمه من المقطوعات في شتى الأغراض قوله رحمه الله‏:‏
أزحت نفسي من الإيناس بالناس ** لما غنيت عن الأكياس بالياس
وصرت في البيت وحدي لا أرى أحدًا ** بنات فكري وكتبر هن جلاس
وقال‏:‏
وزهدني في جمعي المال إنه إذا ما ** انتهى عند الفتى فارق العمرا
فلا روحه يومًا أراح من العنا ** ولم يكتسب حمدًا ولم يدخر أجرًا
وقال‏:‏
سعت حية من شعره نحو صدغه ** وما انفصلت من خده إن ذا عجب
وأعجب من أن سلسال ريقه برود ** و لكن شب في قلبي اللهــــب
وقال‏:‏
راض حبيبي عارض ** قد بدا يا حسنه من عارض
رابض وظن قوم أن قلبي سلا ** والأصل لا يعتد بالعارض
وقال‏:‏
سال في الخد للحبيب عذار ** وهو لاشك سايل مرحوم
وسألت التثامه فتجنى** فأنا اليوم سايل محروم
وقال‏:‏
جننت بها سوداء لون وناظر ** ويا طالما كان الجنون بسوداء
وجدت بها برد النعيم وإن فؤادي ** منها في جحيم ولأواء
وقال في فتى يسمى مظلوم‏:‏
وما كنت أدري أن مالك مهجتي ** يتسمى بمظلوم وظلم جفاوه
إلى أن دعاني للصبا فأجبته ** ومن يك مظلومًا أجيب دعاؤه
وقال‏:‏
جن غيري بعارض فترجى ** أهله أن يفيق عما قريب
وفؤادي بعارضين مصاب ** فهو داء أعيى دواء الطبيب
وقال‏:‏
شكا الخصر منه ما يلاقي بردفه ** وأضعف غصن البان جر كثيب
إذا كان منه البعض يظلم بعضه ** فما حال شط المزار غريــب
وقال‏:‏
وذو شفةٍ لميا زينت بشامة من المسك ** في رشافها يذهب النسك
ظميت إليها ريقةً كوثرية ** بمثل لقايي ثغرها ينظم الســــلك
أجل شفيعٍ ليس يمكن رده ** دراهم بيض للجروح مراهم
تصير صعب الأمر أسهل ماترى ** ويقضي لباناتٍ للفتى وهو نايم
وقال‏:‏
نعيد ود قريب ضل كبير عتب قليل عتبًا كالشمس ظرفًا كالمسك عرفًا كالخشف طرفًا كالصخر قلبًا ‏.‏
وقال‏:‏
عداتي لهم فضل على ومنة ** فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا
هم بحثوا عن رتى فاجتنبتها ** وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
مولده‏:‏ ولد بغرناطة عام اثنين وخمسين وستماية‏.‏
وفاته‏:‏ أخبرني الحاج الخطيب الفاضل أبو جعفر الشقوري رحمه الله‏.‏
قال توفي عام خمسة وأربعين وسبع ماية بمصر ودفن بالقرافة‏.‏
وكانت جنازته حافلة‏.‏


الساعة الآن 06:10 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى