![]() |
التقرير الذي قدمه الشهيد في دورة المجلس المركزي المنعقدة في تونس5-6/10/1987 تقرير عن الأرض المحتلة: أيها الأخوة والأخوات … أعضاء المجلس المركزي لا أحد ينسى مواقف شعبنا الفلسطيني داخل الوطن المحتل، ولا ننسى بالطبع تلك العواطف الوطنية التي رافقت الحوار الوطني وتجسيد أمنية جماهيرنا بانعقاد دورة صمود شعبنا ووحدته الوطنية .. الدورة الثامنة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر العاصمة وما سبق ورافق ثم ما تلاها، من موقف وطني ملتحم ومتفاعل ممتد مع نتائج الدورة في تعزيز وحدة العمل والوطني .. كان له أثره المتواصل في زيادة زخم الانتفاضة الشعبية التي عمّت الداخل .. وامتدت شهوراً .. بدأت قبل نهاية عام 1986 في مواجهة الأحداث الدامية التي نفذها المستوطنون الصهاينة في القدس العربية متوافقة مع جريمة العدوان على مخيمات شعبنا في كل مكان والتي ترافقت أيضاً مع تصاعد نضالات شعبنا ضد ممارسات الاحتلال واجراءاته القمعية اعتداءاته الوحشية المتواصلة .. وكانت تتوالى المناسبات الوطنية لتلهب الإنتفاضة حدة وتوهجاً. وحين جاء عقد دورة المجلس الماضية تابع العالم كله صوت شعبنا في الداخل معبراً عن الدعم والتأييد للوحدة الوطنية الفلسطينية وعن التفاف جماهيرنا حول م. ت. ف. – الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده .. واستقبلت رئاسة المجلس الوطني العرائض والبيانات من سائر المؤسسات الوطنية والهيئات والمنظمات والاتحادات والنقابات والأطر الجماهيرية والجمعيات والشخصيات الوطنية والاجتماعية من جميع أطراف الوطن المحتل في الضفة والقطاع وفلسطين المحتلة عام 1948. وبعد المجلس .. كان هناك زخم العطاء الجماهيري في صفوف شعبنا بالمزيد من النضال على كل الأصعدة .. والمزيد من الحرص على معالجة بعض مظاهر التمزق في بعض المؤسسات صدى لوحدة العمل في الخارج .. ولا زال الجهد متواصلاً على هذا الدرب في شتى المجالات ومنذ دورة المجلس الماضية شهد عامنا استمرارية الانتفاضة التي تعتبر بحق أعنف وأطول الانتفاضات التي شهدها الوطن المحتل في أعوامنا السابقة. في المدارس والجامعات والمعاهد دفع طلبتنا الشهداء والجرحى وهم يواجهون بطش الاحتلال .. ويتصدون لعمليات الاقتحام المتواصلة جامعاتنا ومدارسنا بالقنابل والرصاص والغاز المسيل للدموع وكانت جامعات بيرزيت والنجاح .. وبيت لحم والخليل .. وغزة والقدس بكلياتها ومعاهدها قواعد تحدٍ دائم ليش الاحتلال وإرهابه ورصاصه وقنابله. مثلما كانت مخيمات فلسطين هناك مواقع مواجهة مستمرة جسّدتها بطولات أهلنا في مخيمات بلاطة .. والدهيشة .. وجباليا .. وقلنديا وغيرها من مخيماتنا الفلسطينية .. يقتحمها العدو برصاصة وقنابله .. يقوم بعمليات التفتيش والتمشيط المتواصل فيها .. يفرض منع التجول .. والاعتقال الجماعي ويعتقل المئات ويفرض الإقامة الجبرية .. ثم يبني أسواراً من الأسمنت المسلح حولها معتقداً أنه يخمد صوت أهلنا .. إذا به لحظة انتهاء الحصار ومنع التجول يجدد التظاهر والتصدي ضد علميات القمع الوحشي. وتتوالى سياسة القبضة الحديدية كما تسمى، وهي سياسة العدو الصهيوني التي تجسد عقيدته العدوانية، سواء كان شارون صاحب مجزرة صبرا وشاتيلا .. أو رابين صاحب مجازر الاقتحام العدواني لمخيمات الدهيشة وبلاطة وقلنديا وغزة وجباليا .. وتترسّخ شراسة المحتل الصهيوني فيما يعيش شعبنا رغم عمليات منع التجول .. والاقامة الجبرية .. والإبعاد .. ونسف المنازل .. والاعتقال الجماعي .. بجانب سياسة الاستيطان ومصادرة الأرض .. والاعتداء على المقدسات .. وزرع المستوطنات .. ومحاولات التهجير والتلويح بالطرد .. إلى غير ذلك مما تنقله الوكالات يومياً، وتتابعون تفاصيله ولا شك. قد يمر الخبر أمامك يا أخي ,جامد الحروف ..باهت الكلمات ..ولكننا واثقون أنك تقرأ مع تلك الحروف مشاعر الأهل في الوطن السليب,وهم يفتحون عيونهم في قرية أو مزرعة على جرافات العدو وهي تسحق الشجر والثمر, وتصادر أرض الفلاح المواطن بشتى الأسباب .. أمنية كانت، أو لصالح مستوطنة قريبة .. أو إدعاء ملكية، أو تزييف أوراق أو لما يسمونه – النفع العام – وإلى غير ذلك .. ومعه تشرّد عائلات .. وتُدميّر بيوت .. وتحترق قلوب .. وتتمزّق أكباد .. ولقد مرّت الذكرى العشرون للإحتلال وشعبنا يعيش ليله نهاره في قلق دائم ومفاجآت متواصلة للعدوان على حقه .. وأرضه وحياته. مع عمليات القمع المتواصلة في شتى الميادين أصدر العدو تشريعاته التي يبدل فيها القوانين، وبلغت الأوامر العسكرية التي اعتبرت "شريعة جديدة يحكم بوساطتها" أكثر من (2100) أمر عسكري خاص بالضفة والقطاع، تلك التي يعمل من خلالها لتسهيل سلب الأرض، وتسهيل إدارته لجوانب حياة شعبنا بالصورة التي تهيئ لخدمة أهدافه ومخططاته. وليس جديداً أن نكرر أمامكم أرقام ما صادره العدو من أرض الوطن، ففي الضفة الغربية بلغ مجموع المساحة المصادرة منها (2.816.000) دونم وهي تعادل الآن نسبة (53%) من مساحتها، وفي غزة بلغت نسبة الأرض المصادرة من القطاع (38%) من مساحته، وما زال يمتد ويصادر. حتى 01/09/1987 كان هناك ما لا يقل عن (70.000) دونم تمّت، مصادرتها إضافة لأراضي لم يتم تحديدها بعد. وزرع العدو في الضفة والقطاع ما لا يقل عن (186) مستوطنة بلغ الآن عدد السكان بها ما لا يقل عن (71.000) مستوطن، ولنذكر أن المخطط المرسوم – إذا تمكنوا من ذلك – يرمي لإقامة (165) مستوطنة جديدة حتى سنة 2010 كما يعلنون، لنضرب مثلاً أمامكم أيها الأخوة، فيما يري لمدينة القدس التي نتحمل جميعاً مسئولية شد الأنظار بقوة إلى مخططات عدونا هناك وما يعمل من أجل تهويد هذه المدينة المقدسة. |
التقرير الذي قدمه ابو جهاد في دورة المجلس المركزي المنعقدة في بغداد 7-12/1/1988 بسم الله الرحمن الرحيم أيها الأخوة/رئيس وأعضاء المجلس المركزي حفظهم الله تحية الثورة وبعد في هذا اليوم، وفي بداية الشهر الثاني على التوالي تواصل جماهير شعبنا في كافة أرجاء فلسطين انتفاضتها الثورية الكبرى، محققة بشجاعتها واستعدادها اللامحدود للعطاء منعطفاً تاريخياً في مسيرة قضيتنا ونضالنا الفلسطيني. وفي وقت لا زالت فيه الإنتفاضة الكبرى تتوهج بدماء الشهداء والجرحى وتضحيات وعذابات ألوف المعتقلين، وبعطاء كافة جماهير شعبنا ومعاناتهم فإن العالم أدرك ومنذ اللحظة الأولى مغزاها ومعناها، وأدرك مجدداً أن الشعب الفلسطيني مصمم على إستمرار نضاله وتضحياته من اجل لا إنتزاع حقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة بقيادة (م. ت. ف.) ممثله الشرعي والوحيد. وحين نبدأ الحديث عن الإنتفاضة الثورية واندلاعها، يجدر بنا التوقف أمام محطات ثلاث *أولا : إن الانتفاضة قرار دائم وممارسة يومية لدى جماهير شعبنا في فلسطين ومواجهة مستمرة للإحتلال الإسرائيلي لم تتوقف، ذلك أن قراءة سريعة في وقائع الأعوام الماضية على الإحتلال تبرز جيداً أن شعبنا كان مستمراً وعلى الدوام في مواجهات المتواصلة للمحتلين وبرامجهم ومخططاتهم وسياساتهم، وسقط خلال الأعوام الماضية بإمتدادها المئات من أبناء شعبنا شهداء برصاص العدو المحتل، وجرح الآلاف خلال مسيرة التظاهرات الجماهيرية المتواصلة، وخلال سنوات الإحتلال العشرون الماضية للضفة الغربية والقطاع سجّلت نحو أكثر من نصف مليون حالة إعتقال مختلفة في السجون الإسرائلية وتم الإعلان رسمياً عن إبعاد أكثر من( 2100) من المواطنين *ثانيا: أصالة هذه الإنتفاضة الثورية، والقدرة الفذّة لشعبنا على مواصلة العطاء وبذل التضحيات دون كلل أو وهن وإرهاق، فهذه الإنتفاضة الجارية إنما تشكل تواصلاً تاريخياً متجدداً لنضالات شعبنا وجماهيرنا وتضحياتها في تاريخ الكفاح الوطني الفلسطيني الشامل والمتكامل داخل وخارج الأرض المحتلة. وعودة إلى وقائع الأربعة عشر شهراً الماضية والتي تشير إلى أنه منذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) عام 1986 وحتى هذه اللحظة تعيش فلسطين حالة غليان جماهيري واسع، ولنعد بذاكرتنا إلى ذلك التاريخ من خريف عام 1986، حيث تفجّرت الإنتفاضة على قاعدة محاربة برنامج محاولة خلق وإقامة قيادة بديلة لمنظمة التحرير، ويوم سقط أربعة شهداء في جامعة بيرزيت، ومخيم بلاطة. وظلّ شعبنا يمارس ويصنع مختلف أشكال النضال الجماهيري على مدى الشهور التالية، لقد كانت هناك دورة أخرى تذكرونها قبيل وخلال انعقاد الدورة الثامنة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني وفي ذكرى مرور عشرين عاماً على إحتلال الضفة والقطاع في الخامس من حزيران (يونيو) ثم بلغت ذروة أخرى في الذكرى السبعين لوعد بلفور، واثناء انعقاد القمة العربية في عمان حتى يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني وعلى هذا الدرب الملتهب استمرت حركة الشعب ومواجهته للإحتلال، ولنتذكر أن 39 شهيداً وأربعمائة وثمانين جريحاً سقطوا برصاص جيش الإحتلال ضد المتظاهرين من أبناء شعبنا، وذلك قبل بداية الإنتفاضة الأخيرة التي واصلت فيها الجماهير نضالها الملتهب منذ التاسع من كانون الأول ديسمبر سنة 1987، تلك التي ما زالت تفرض وقائعها أمام العالم بهذا الزخم الهائل لقضية شعبنا وثورته ومنظمته. * ثالثا:ً ان هذه الانتفاضة الثورة قد جاءت تتويجاً لمجمل النضال الوطني المتواصل في الداخل بكل تراكماته النضالية، ودروسه، وعبره، وتجاربه لم تكن حركة الشعب هذه مقطوعة أو منفصلة عن مجمل المسيرة النضالية الطويلة لهذا الشعب، بل جاءت نتاجاً طبيعياً لهذه المسيرة التي تقودها م.ت.ف. فهذه الجماهير التي خرجت في أنحاء فلسطين لتفرض سلطة الشعب الثورية ولساعات طويلة، بل ولأيام ممتدة على المخيمات وساحات المدن، وإذا كثف جيش العدو وجوده نهاراً، فهي المتواجدة ليلاً بسيطرتها على الأحياء والشوارع. انها هذه الجماهير التي ولدت وكبرت ونضجت في لهيب معاناة القمع الصهيوني والوحشي، ولهيب الكفاح الوطني الفلسطيني الذي كان الرد العربي الوحيد على العدو في أعقاب هزيمة سنة 1967م. * أيها الأخوة: ان كل عبارات التميجد والإعتزاز والتحية لا تكفي لتثمين انتفاضة ونضال شعبنا في فلسطيننا، فجماهير شعبنا في الداخل عودتنا وعوّدت العالم أن تهب في اللحظة الصعبة دائماً، أو كلما أحاطت بثورتنا في الخارج أزمة أو محنة، لكي ترفع الراية عالياً وترسل صوت شعبنا معبراً عن حقيقة وحدة شعبنا وتماسكه في الداخل والخارج لحمة واحدة وجسداً واحد، وها هي جماهيرنا في هذه المرحلة تمضي معبأة بحماس وجراة منقطعة النظير، مسلّحة أولاً وقبل كل شئ بالبرنامج والشعارات السياسية للمنظمة، ومرتكزة على ذلك التراث الهائل من التربة النضالية في مواجهة العدو، تسجل انتفاضتها الجديدة لتعيد توضيح الصورة الفلسطينية التي لم توقف لحظة المؤامرات الهادفة لتشويهها تحت مختلف العناوين، تأتي لتمدنا بزخم جديد يفتح أمامنا آفاقاً واسعة لتصعيد نضالنا مرتكزين في الأساس على نضال جماهير شعبنا وعطائها واستعدادها وتجسيدها لفلسطين أرضاً، ووطناً، ومنظمة، وقيادة، وشعباً، وحدة واحدة لا تنفصم. |
كلمة الشهيد ابو جهاد في ندوة اتحاد المحامين العرب بسم الله الرحمن الرحيم ان كل حركة في وسط أمتنا لها دورها ولها تأثيرها على نضال جماهير شعبنا في الأرض المحتلة، وإن كنت لست من أرباب البيان وأنتم فرسانه إلاّ أني بحديث مناضل في هذه الساحة أرجو أن يضعكم في جانب من جوانب هذه الصورة التي أوفيتم جوانب كثيرة منها وما سمعناها اليوم، شئ يدل على عمق المتابعة اليومية لهذا النضال والتجاوب القومي العميق مع هذا النضال الذي يعتبر ولا شك رأس حربة في نضال أمتنا العربية، ذلك أن الأمر ليس نضال قطر إننا دائماً نقول في نضالنا إننا رأس الحربة من أمتنا نستمد العزم منها ونستمد الروح، ومنها تزداد قدرتنا على العطاء بصورة متواصلة، وإذا لبسنا يوماً ثياب فلسطين كقطر، فهي ليست إلاّ لأنها الضحية التي تعرّضت لهذا العدوان ومن واجب أمتنا في لحظة من اللحظات إذا تعرّضت بعض أقطارنا للخطر أن تقف كل الأمة العربية خلف هذه الضحية، حتى يكون لنضالها معنى ويكون لها تأثير. أيها الأخوة يناضل الشعب وجاءت انتفاضته لتشد أنظار العالم بأسره ولم تكن هذه الانتفاضة مقطوعة عن مجريات نضاله اليومي الذي توالي وتتابع، هذه الإنتفاضة لم تكن إلاّ حلقة من حلقات هذا النضال، إنها الأكثر عنفاً، انها الأكثر شمولاً في ساحتنا، ولكنها كانت جزءاً من هذا النضال اليومي المتواصل الذي لم يتوقف وعبّرت يوم تفجّرت هذه الانتفاضة عن عمق المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني لم تكن هبة عاطفية عارمة ولم تكن عصبة مؤقتة تعبر عن شحنات الغضب التي تحملها إنما كانت امتداداً، لأن هذه الانتفاضة كانت عند شعبنا قراراً يومياً ونضالاً متواصلاً عبر كل السنوات الماضية، أنها صورة من النضال السياسي الذي يواصله هذا الشعب داخل الوطن المحتل، صورة من النضال السياسي الذي لم يتوقف طيلة السنوات الماضية وإذا أردنا أن نتحدث عنها فهي التي بدأت مع بدء الاحتلال الإسرائيلي في عام 1967، بعد أيام من الاحتلال كانت مظاهرات الشعب في شوارع القدس وفي كل مكان تعبر عن رفضها للاحتلال، وإذا توالت الأيام التي تلت وفرضت على شعبنا فترة من الهدوء إلاّ أنها كانت تنتهز كل فرصة لتتفجر من جديد وتنطلق مرة أخرى تعبر عن ذاتها ووجودها، وحينما انطلقت الثورة الفلسطينية أعطت مزيداً من العزم لأهلنا في داخل الوطن المحتل أنها عبّرت أيضاً عن صورة من صور الرفض والمواجهة لهذا العدو ورفض الاحتلال والمواجهة له بوسائل النضال العسكري، إضافة إلى تلك الحركة السياسية في الساحة العربية والعالمية التي لها دورها أيضاً، حينها كان يدرك العدو الإسرائيلي ماذا يعني نضال الثورة الفلسطينية في الخارج ونضال الشعب في الداخل، كان دائماً يوجه ضرباته إلى قواعد الثورة الفلسطينية في الخارج هادفاً من ذلك أن يؤثر على إرادة الجماهير في الوطن المحتل وأن يهز هذه الإرادة وأن يشعرها بالإحباط واليأس، هذا كان أحد الأهداف الأساسية عندما يضرب قواعد الثورة أو مخيماتها في لبنان، أو في أي مكان كانت تتواجد فيه هذه الثورة، أو في أماكن تجمعات شعبنا، ومثلما كان أيضاً عندما يستفرد أو يحاول الاستفراد بأبناء شعبنا في داخل الوطن المحتل، كان لهذا أرضاً تأثيره على من في الخارج، وهذا الترابط جزء من استراتيجية عدونا الإسرائيلي يدركها حق الإدراك والمعرفة ولذلك إذا دققنا النظر في مثل من الأمثلة التي تمثلت في عدوان 1982، دعونا ندقق ماذا كان الهدف الإسرائيلي في تلك المرحلة، إذا رجعنا إلى الوثائق التي نشرت عن تكل الحرب في كتاب الحرب المضللة الذي كتبه الكاتبان الإسرائيليان المعروفان، زئيف شيف ويهود أيعري، نص أهداف العدوان الإسرائيلي لعام 1982 الذي قدمه شارون إلى مجلس الوزراء الإسرائيلي واعتمدت قبل عدة أشهر من بدء المعركة في لبنان وهي التي جدد اعتمادها قبل أسبوع من بدء حرب حزيران 1982، ماذا كانت تلك الأهداف، أنها تقول بالحرف الواحد حسب ما جاء في تلك الوثيقة هدف المعركة: أولاً: تدمير البنية التحتية، لـ (م.ت.ف.) وتدمير قدراتها العسكرية ومؤسساتها السياسية ثانياً: الإتيان ببشير الجميل رئيساً لجمهورية لبنان. ثالثاً: بعد توزع قوات الثورة الفلسطينية على المناطق العربية حسب تعبير الخطة الإسرائيلية تفقد بذلك إستقلاليتها مما يضعف سيطرة (م.ت.ف. )على المناطق المحتلة وهذا مما يهيئ الفرصة لإسرائيل في المناطق المدارة لإقامة حكم ذاتي حسب الشروط والمبادئ الإسرائيلية، هذا هو الهدف الآخر المربوط بشعبنا والذي يهدفون منه أيضاً إلى ضرب شعبنا، ضرب الخارج يربطونه بضرب الداخل، ثم بعد ذلك يضيف وهذا يفرض أمراً واقعاً يمتد ثلاثين عاماً، هذه العبارات بنصها الحرفي وثيقة في كتاب الحرب المضللة. هذه صورة توضح مدى ترابط الداخل والخارج في إستراتيجية عدونا، وكيف أنه يريد أن يضرب القوة والقدرة التي نشأت في الخارج حتى يؤثر ذلك على الداخل فيهيئ له الفرصة ليقيم الحكم الذاتي حسب الشروط والمبادئ الإسرائيلية، هذا الحكم الذاتي الذي يعرّفونه: أنه لا يملك السكان الأرض، ولا حتى الماء الذي في جوف الأرض، وهكذا كان المخطط الإسرائيلي. وبالطبع جاءت الأيام التي بعدها لتثبت لعدونا، فشل خطته وبالفعل عادت من جديد ونهضت من جديد قدرة وقوة م.ت.ف. منذ عام 1982 عندما عادت من جديد ونهضت من جديد قدرة وقوة (م.ت.ف.) منذ عام 1982 عندما أعادت بناء قواتها وتدريبها وتسليحها وأعادت مؤسساتها السياسية وعلى الصعيد السياسي عادت من جديد تأخذ دورها في ساحتنا الفلسطينية وتؤدي دورها وخاصة بعدما تعززت بدورة المجلس الوطني الأخيرة في الجزائر دورة الوحدة الوطنية الفلسطينية و ما كان لها من أثر داخل الوطن المحتل، أيضاً هذا الدور الذي قامت به ترافق بالنضال الوطني الفلسطيني في الأرض المحتلة، هذا النضال الذي كان نضالاً سياسياً يرتبط مع كل حدث يقع، عندما كانت تتعرض الثورة الفلسطينية لمشكلة. عندما كانت المخيمات الفلسطينية في لبنان سواء بمجزرة شارون في صبرا وشاتيلا وما بعدها من أحداث حدثت في الساحة اللبنانية وفي مخيماتنا، كان الصوت الذي يأتي من الداخل هو أول الأصوات التي تبادر بالتعبير عن موقف الإدانة وتعطي رأيها وموقفها وهذا كان يتوالى يوماً بعد يوم مع كل حدث، وعندما كان يحدث الحصار على المخيمات كنا نجد من هؤلاء الحركة السياسية التي لها دورها وتأثيرها في أوساط جماهيرنا الشعبية هناك وحتى التبرع بالدم وجمع المواد التموينية وتوالت هذه النشاطات السياسية التي كانت في داخل الأرض المحتلة وتجددت بصورة من التظاهرات اليومية والانتفاضات المتواصلة، ويكفي أن نعود إلى بعض الأرقام التي نذكر فيها مرحلة السنوات الثلاث الأخيرة على سبيل المثال وذلك يعطي صورة عن استمرارية هذا النضال: ففي 85 19 كان هناك عمليات الاحتجاج والإضراب حوالي 543 حركة احتجاج وإضراب وتظاهرات واعتصام عام 87 حتى ما قبل الانتفاضة كان هناك 317 حركة احتجاج جماهيري واسعة بالإضافة 1265 تحرك ما بين إضراب واعتصام وتظاهرة، وهذا يعطي صورة عن الوضع في داخل الأرض المحتلة من تحركات سياسية ومن هنا يجب أن لا يفوتنا واقع أرضنا المحتلة وأن نعطيه نظرة فاحصة فقد كان هنا هذا الإحتلال الذي كانت مهمته الأساسية كيف يدمر كل جوانب الحياة الفلسطينية في الأرض المحتلة، هذا الإحتلال كان له دور وردات فعل وله أثر بالنسبة لماضي نفوس جماهيرنا مما يزيدها اشتعالاً وتفراً ويكون في حركة مواجهة ونضال ضد الإحتلال عندما ندقق النظر في وطننا المحتل، كانت سياسة العدو أن يدمر حياتنا في كل قناة من قنوات هذه الحياة ولنقرب بعض الأمثلة التي تجسد هذه الممارسات الإسرائيلية ولنرى في مجال التعليم مثلاً واحداً ففي عام 1967 كان عدد الطلبة الذين أنهوا المرحلة الثانوية حوالي 3500 طالب، أما في عام 1987 فقد زاد على 18 ألف طالب، وإذا دققنا النظر في ذلك فسوف نجد أنه من جانب السلطة الإسرائيلية لم يكن هناك أي مساعدة أو بناء مدرسة أو فصل دراسي واحد لهذا المستوى فكيف لبقية المدارس فالإحتلال لم يبنِ مدرسة واحدة رغم الأرقام التي تحملها الدعاية الإسرائيلية، لم يبنَ مدرسة خلال عشرين عاماً من الحصار التي تلف العالم حولهم، وكم كانت نسبة التطور في داخل الوطن المحتل؟، نجد أن هذا التطور وزيادة أعداد الطلبة في الأرض المحتلة والتي أصبحت نسبة تقارب 40% من سكان الوطن المحتل هؤلاء لم يكن هنا ما يعلن العدو أنه بني المدارس، كثير من المدارس التي بنيت وبالعشرات بنيت من جهود المواطنين عندما كانوا يجمعون التبرعات ليبنوا هذه المدارس. وعلى صعيد الخسائر نجد أنه في عام 1985 سقط لنا 42 شهيداً و 165 جريحاً، وفي عام 1986 سقط لنا 34 شهيداً و 208 جريحاً، وفي عام 1987 ما قبل الإنتفاضة سقط لنا 39 شهيداً و 455 جريحاً وهذا يوضح كم كانت التظاهرات والإحتجاجات مستمرة، وعندما نبدأ لنستمر أسبوعاً وتهدأ أسبوعاً لتتفجّر مرة أخرى، لتستمر شهوراً ولكن في هذه المرة إستمرت وأخذت الطابع الإستراتيجي، لأننا لا بد أن نعرف أن هذه الإنتفاضة لم تأتِ من فراغ وانما أتت كحلقة من حلقات النضال الشعبي الفلسطيني داخل الوطن المحتل، ولم تكن هبة عاطفية لأنها جاءت نتيجة تراكمات نضالية ونتيجة تفاعل وحركة منظمة أيضاً كان لها دورها هذه الحركة المنظمة والإطارات الجماهيرية التي بدأ تشكيلها وخاصةفي المرحلة التي تلت عام 1982 كان تركيز قيادة الثورة في اجتماعاتها أن الساحة الأكثر سخونة والتي يجب أن يتجه إليها الجهد الأساسي هي ساحة الوطن المحتل وأن أي ساحة أخرى هي مساندة وأن ساحة الجهد الرئيس هي ساحة الوطن المحتل، ولذلك كل الجهود يجب أن تتوالى في داخل الوطن المحتل لدعم صمود جماهيرنا حتى تستطيع أن تعبئ كل الجهود إلى أن تتصاعد وتتفجر الثورة الدائمة حتى تحقيق أهداف شعبنا. من الجهود التي قدمتها اللجنة المشتركة التي ساعدت في بناء العشرات من المدارس بالإضافة على جهود بعض الجهات أو الأفراد الذين قدموا لبناء مدارس. |
قيادة الانتفاضة تنعي القائد أبو جهاد http://www.m5zzn.com/upload/uploads/...9caa729993.jpg أصدرت القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة بيان النعي الآتي باستشهاد أبو جهاد نائب القائد العام بسم الله الرحمن الرحيم نداء.. نداء.. نداء لا يصوت يعلو فوق صوت الانتفاضة لا صوت يعلو فوق صوت شعب فلسطين / شعب منظمة التحرير الفلسطينية "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " صدق الله العظيم تنعي القيادة الوطنية للانتفاضة في المناطق المحتلة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى جماهير شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده الشهيد والمناضل البطل الأخ خليل الوزير أبو جهاد نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي اغتيل صباح اليوم السبت 16 نيسان 1988 فوق ارض تونس وهو يؤدي واجبه الثوري والكفاحي برصاصات الصهاينة النازيين الجدد محاولين بذلك الخروج من مأزقهم الخانق وإطفاء لهيب انتفاضة شعبنا العملاقة. إن القيادة الوطنية الموحدة لتدعوا جماهير شعبنا في الأرض المحتلة إلى الإضراب العام لمدة ثلاثة أيام ابتداء من يوم الأحد 17/4/1988 ورفع الرايات السوداء والإعلام الفلسطينية في كل مكان وبيت وتحويل هذه الأيام إلى أيام لهب وغضب جماهيري وجحيم على أعدائنا الصهاينة وللتأكيد على إن الإجراءات الوحشية والقمعية الصهيونية وفي مقدمتها الاغتيالات لن تزيدنا إلا تمسكا بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد وقائد نضالنا ولن تزيدنا إلا إصرارا على المضي قدما في ثورتنا الشعبية الجبارة وعهدا وقسما لشهيدنا القائد البطل إن نواصل الدرب الذي سلكه وان ننتقم لدمه الطاهر الزكي حتى تتحقق أهداف وحقوق شعبنا في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية المجد والخلود لشهيدنا البطل القائد خليل الوزير أبو جهاد ولكل شهداء فلسطين عاشت الانتفاضة الفلسطينية المجيدة عاشت منظمة التحرير الفلسطينية مثلا شرعيا ووحيدا لشعبنا البطل وأنها لثورة حتى النصر القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة / قيادة منظمة التحرير الفلسطينية 17/4/1988 http://www.awraaaq.com/vb/alfatek_2_...ons/report.gif |
"بيان حركة فتح في الوطن المحتل" بسم الله الرحمن الرحيم "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً" من قال إنّ القائد مات؟ من قال إنّ أبا جهاد رحل؟ ومن قال إنّ النجم غاب من فضاء الوطن؟ من لم يسمع ويردد ما قاله القائد والرمز ويحفظ وصاياه. "إنّه فينا ونحن فيه""إن هذه الإنتفاضة الباسلة داخل الوطن المحتل ليست هبة عاطفية، بل نتيجة لتراكمات نضالية وحركة تفاعل منظم، …" الأخ أبو جهاد يا جماهير شعبنا المقاومة البطلة، يا أبناء فلسطين، ويا إخوة الشهيد "خليل الوزير" أبو جهاد يا صُنّاع الملحمة البطولية، ويا حُماة الوطن، يا أبناء وأخوات وأمهات، ويا أجداد الشهيد، ويا كل عائلة فلسطينية داخل وخارج الوطن المحتل فلسطين: أبو جهاد لم يرحل، ولم يترك الخندق؛ كلنا أبو جهاد، وكلنا أبناء لأبي جهاد، فالقائد والرمز لا يذوب في الطلقات، ولا يخرج من الصدر، ولا يودع المدارس والجامعات والأطفال والمؤسسات والمساجد والكنائس، أو المدينة والمخيم، والقرية والطرقات لم يغادرنا ولن نغادره؛ مثل الأرض والحجر، مثل الماء والشجر، ومثل الثائر وبندقيته، ومثل الفلسطيني وهويته يا جماهير الإنتفاضة الباسلة؛ يا أبناء الثورة الشعبية العارمة، لقد جاء حادث استشهاد الأخ الرائد والمعلِّم كنتيجة لإستراتيجية ثابتة للعدو الصهيوني؛ قائمة على الغدر والإغتيال وسفك الدماء، وكنتيجة تزامنت مع انتصار ثورتنا وقيادتنا، وهزيمة العدو الصهيوني وإلى الأبد. فبعدما فشل العدو الغاشم في إجهاض الإنتفاضة الباسلة؛ وبالتنسيق والتخطيط الجاد والمدرس و بعناء مع الولايات المتحدة الأمريكية، أو احتوائها والإلتفاف عليها، وبعدما عجزت كل وسائل القمع في انهاء المعارك الضارية، والتي قتل فيها الأطفال الأبرياء والشيوخ، والأمهات والفتيات العُزّلْ، وبعد العقوبات الجماعية والإعتقالات بالآلاف وعشرات الآلاف لأبناء شعبنا داخل الوطن المحتل، وإغلاق الجامعات والمدارس، وحرمان أبناء شعبنا من حقوقهم الطبيعية والإنسانية في العلم والتعليم، والإبعادات، وسياسة الحصار الإقتصادي والإعلامي، وإعلان الوطن المحتل منطقة عسكرية مغلقة، وقطع الماء والكهرباء عن قُرانا ومُخيماتنا، وتسميم الهواء، وتلويث البيئة الفلسطينية بسموم قنابل الغاز المختلفة والمُحرّمة دولياً،ودفن الأحياء من أبنائنا على أيدي جنود الإحتلال وقطعان مستوطنيه، وبعدما أعطى المستوطنون الصلاحية في مشاركة السلطة في إدارة المعركة ضد أبناء شعبنا،وبعدما هدم العدو المئات من البيوت، وجرح بالرصاص الحي والمطاطي الآلاف من أبنائنا الفلسطينيين، وبعدما خسر المعركة، وانكشف وتعرّت جرائمه أمام الرأي العام، بدأ العدو يشعر بحالة من اليأس والإحباط والإرتباك، وبعدما سقط قناع الديمقراطية، وظهر عدونا على حقيقته النازية والهتلرية، في أواخر القرن العشرين، وبعدما فقد هذا العدو زمام السيطرة على الأوضاع بكاملها، فنزل إلى الشارع الفلسطيني بكامل عدته وعديده، وبكامل جيشه وقطعان مستوطنيه، والمفرج عنهم من الصهاينة القتلة واللصوص، يشاركوا جميعاً في مواصلة القتال ضد شعبنا الفلسطيني، الذي جابه كل عتاد وجيش ومستوطني ودبابات وطائرات العدو بالحجر المقدس والقنبلة الحارقة، وبالإدارة التي لا تلين بعد كل هذا الفشل وهذه الهزيمة التي زادت من تخبطه وحقده ونازيته، ارتد عدونا، كعادته، لينقل المعركة إلى خارج الوطن المحتل، إدراكاً منه بأن شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج بنية واحدة، وشعب واحد، فأرسل عدداً من القتلة الجبناء ليتسللوا تحت جُنح الظلام إلى مقر إقامة الأخ أبو جهاد في تونس فإقتحموا البيت وأطلقوا وابلاً من الرصاص على جسد شهيدنا البطل، في السادس عشر من نيسان (ابريل) عام 1988 وبدافع الحقد الناتج عن طبيعتهم الفاشية والنازية، وكردة فعل مجرمة حمقاء على الفعل الجبان البشع، ظناً منهم أنه سيؤدي إلى إطفاء نار ونور ثورتنا وانتفاضته الباسلة، ولإرهاب شعبنا وإسكات صوت الحق والعدل والإنسانية المتمثِّل في التصدي والتحدي للباطل والطُغيان والإحتلال الغاشم. ولكن جماهير شعبنا الفلسطينية، داخل الوطن المحتل وخارجه، لن توقف انتفاضتها كل جرائم الإحتلال، ولن تهز إرادتنا كل وسائل الغدر والقمع وكما قالها الأخ الشهيد: "نلملم جراحنا ونمضي أصلب من ذي قبل والمعركة متواصلة حتى النصر العظيم يا جماهير شعبنا الفلسطيني المكافح ان حركتكم الرائدة فتح؛ وهي تخوض معركتها الضارية معكم وبكم ضد أعداء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، لتجدد العهد والقسم لشهيدنا البطل،ورائد نضالنا الرمز أبو جهاد،ولكل شهدائنا الذين سقطوا وصاروا مشاعلاً على طريق الدولة الفلسطينية المستقلة، ولكل جرحانا ومعتقلينا البواسل،ولكل أبناء شعبنا الفلسطيني المقاوم، على المضي قُدُماً وأكثر إيماناً وإصراراً في مواصلة حمل وصية الشهيد القائد في النضال حتى التحرير والنصر العظيم ان حركتكم "فتح" لتعاهد كل الشرفاء والأحرار في العالم، وكل إخوة ورفاق الأخ الشهيد في حركات التحرر العالمية، وكل مقاتل من أجل الحرية والعدالة في العالم، على مواصلة درب النضال الذي رسمه وحدده الشهيد البطل الأخ أبو جهاد، ومواصلة الثورة والإنتفاضة الشعبية وطريق الكفاح المُسلّح، وأن تبقى البندقية عالية؛ على زنادها نشد حتى نيل كامل حقوق شعبنا الفلسطيني غير منقوصة،وعلى راسها حق العودة وتقرير المصير،وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وإلى الأبد، بقيادة ممثلنا الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى رأسها الأخ القائد والرمز الكبير أبو عمّار،وعهداً أن نحافظ على الحركة وديمومة الثورة، وعهداً أن لا يذهب دم الشهيد هدراً، لن يذهب دم الشهيد هدراً يا جماهير شعبنا الباسلة إن أهداف ومرامي العدو ومؤامراته الدنيئة والبشعة، لن تمر ولن تتحقق، إذ أن ثورتنا ونضالاتنا البطولية ستسقط كل مراهنات الأعداء، وأن وحدة شعبنا العظيمة التي تتعزز اليوم أكثر من أي وقت مضى، لدليل قاطع وأكيد على هزيمة الإحتلال على طريق نيل شعبنا للحرية والإستقلال. فمزيداً من التصدي والتصعيد بالسكين نقاتل، بالطلقة نقاتل،، بالصدور العارية والإيمان والإرادة الحُرة نُقاتل، وبالقنبلة الحارقة الشعبية نقاتل، وبالقوس والنشاب نقاتل، وبكل الوسائل الشعبية نقاتل، وبالإضرابات نقاتل، وبالتعاضد والتراحم والتكاتف ورص الصفوف نقاتل كلكم جنود لهذا الوطن، كلكم حراس لهذا القرار وكلكم مسئول: الأب مسئول؛ والأم مسئولة؛ والشبل مسئول؛ والأخت مسئولة؛ والطبيب والمهندس والتاجر والفلاح والطالب والعامل؛ وكل فتى وامرأة مسئولون فلنقاوم، فالعدو يستهدفنا جميعا فلنقاوم بقيادة م.ت.ف. بقيادة الانتفاضة الموحدة،ولنواصل حمل أمانة الواجب والشهيد ولنقاوم. وأنتم يا أبناء شعبنا، كلكم مطلوبون إلى المعركة وكلكم لبيتم نداء فلسطين، نداء الشهيد، نداء الواجب،ونداء الثورة فكم أنت عظيم يا شعب الشهداء والمشاعل. لشهيدنا وقائدنا ورائدنا ومعلمنا، ولروحه المنتشرة في كل أنحاء الوطن الحبيب،ولدمائه الزكية الطاهرة نقول،وتقول لروحك المجموعات الضاربة: قسماً أن نبقى أوفياء لتعاليمك، وعهداً أن نواصل مسيرتك الشاقة والطويلة، وقسماً وعهداً أن نُحافظ على عهدك وقسمك، فأنت يا أبا جهاد لم ترحل عنّا، أنت فينا الحياة ونحن فيك، ولن يفلح الصهاينة الطغاة في ملاحقة روحك؛ الأرض والوطن والهوية والطفل والحجر، فلك العهد أن يبقى العهد ولك القسم أن يبقى القسم، ولنجعل يا جماهيرنا البطلة أيامنا القادمة أيام استنفار واشتعال وغضب، ولنحرق الأرض ونزلزلها تحت أقدام الطغاة الصهاينة النازيين، إلى أن يرحلوا عن وطننا وارضنا، وعلى أن تقام دولتنا الفلسطينية المستقلة بقيادة م.ت.ف. فإمّا النصر أو الشهادة. وليكن شهر رمضان شهر تضحية وعطاء وصبر ومثابرة،وصمود وتصدي ،وليكن شهر رمضان شهر الإنتصارات وشهر البطولات، ميلاداً جديداً، ولتكن صورة الشهيد البطل وتعاليمه الثوررية وروحه في القدس ونابلس وغزة والخليل وبيت لحم وأريحا والناصرة والجليل والمثلث والنقب؛ وفي كل قرى ومدن ومخيمات فلسطين؛ النبض الذي يعطينا الأمل والحياة ومواصلة النضال حتى النصر العظيم. عاشت م.ت.ف. ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا البطل عاشت القيادة الوطنية الموحّدة للإنتفاضة في المناطق المحتلة عاشت نضالات القوات الضاربة في المناطق المحتلة عاشت وبقيت تعاليم ودروس المعلم الشهيد أبو جهاد المجد والخلود لشهيدنا القائد ولكل شهداء ثورتنا المنتصرة حتماً، والويل للصهاينة الجبناء وانها لثورة حتى النصر حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" http://www.awraaaq.com/vb/alfatek_2_...ons/report.gif |
قديس الثورة لا يليق الحزن بشعب مثل شعبه، فحياة هذا الصقر الفلسطيني، الحافلة بعذاب الفكرة والحلم والميلاد، كانت وتكون وستكون صرخة مدوية ضد الحزن. يليق بهذا الصقر الفلسطيني الغضب الوطني، أيام للغضب، أشهر للغضب، سنوات للغضب، العمر كله غضب، فلا لهذا الحزن الذي لا تحبه والذي ترفضه طريقاً لاستعادتك طريقاً لمواصلتك، طريقاً لتحقيق حلمك.الصقر الفلسطيني، وهو الذي كان في أعماق قلبه عُصارة حزن وألم وأسى، علّمنا القوّة من دموع الأطفال في المخيمات، وحوّلها إلى درع وقذيفة.ليس أمامنا غير طريقه، الكبرياء العصيبة على الجبروت الكلي. نعم مفجوعون ، ولكن بكبرياء. ونترك للريح أن تكون حزينة ونسمح لأنفسنا بمزيد من الغضب، فليس أمامنا غير حياته دستوراً ونبراساً لحياتنا.عندما وقع ما وقع يوم 16 نيسان، عيوننا صارت أنهاراً، فلقد بكينا الرجل الذي لا تنزل دمعته قط طوال حياته التي نعرفها، كان يبكي في داخله، وكان الألم يمزّقه وهو صابر، صامد، عنيد، يهز كتفيه ويقول "بسيطة يا أخ ". كان عصي الدمع شيمته الصبر. وكان يبحر بعيداً ، ويطير ويخترق السحب، ويذهب نبياً في صحراء. ويعود إلينا برقاً يلمع، نجماً هادياً، في التيه والليل الطويل . إن الكبرياء لا تمنعني من الاعتراف بقسوة غيابك، وفقط في حالتك لا تؤدي اللغة دورها، لغتنا تصفنا، أنها نسبية، وأنت (حياً)، وأنت الآن كذلك (حياً) وستظل كذلك (حياً)، حلمت بالمطلق، وها أنت الآن تتحد به، اللغة لا تصلك، ولأنك العناد ذاته، والصبر ذاته، والحركة، والعمل، والحلم والواقع، فقد سقطت دائماً وبعيداً عنك، الكلمات الكبيرة لكوارثنا. وأنا على يقين أنك الآن تلوذ بالصمت كعادتك، وتخفي غضبك عنا، لتفجّره في وجه أعدائنا. إن أبناءك في الانتفاضة ساروا على خطاك، فقد رفعوا أعلاماً سوداء وفجرّوا الأرض تحت أقدام المحتلين، وكان يوم السادس عشر من نيسان عام 1988، يوماً مشهوداً، ويقول أبناؤك أنهم يعاهدون روحك على الغضب، وأن فلسطين وطنك، وطنك وحدك. الآن تذهب، ونحن نبحث عنك، نتابع أخبارك نسترد بها وطناً ضاع، وحلماً تحطّم، وليس العالم على ما يرام، وليس الفلسطينيون على ما يرام، نعم وقعت كارثة لنا، ولكن عليك أن تصبر علينا بعض الوقت وأن تُمهلنا لبعض الوقت، ولا نقول وعداً، فلم تكون تحب الوعود، كنت سيد الزمن، وسيد المكان، فكنت العمل، وكنت الوعد الحق. وقد جرت العادة في الماضي أن نطلق العنان لوصف المستحيل حين يقهرنا الممكن، وما كان يعتبر حلاً سحر ياً مستحيلاً في الزمن الذي مضى قبل حياتك صار في حياتك أمراً سهلاً ويسيراً وبسيطاً جداً، مألوفاً وليس خارقاً، فالبطولة في مفهومك، أمر عادي جداً، وليس من مواصفات خاصة للبطل، فالبطولة عمل إنساني، ولا شئ يمنع طفل المخيمات أن يكون بطلاً، ولا شئ يمنع الفدائي أن يكون بطلاً، ولا شئ يمنع الفلاح والعامل والمثقف والرجل والمرأة والشيخ، أن يكتبوا أسماءهم في سجل الأبطال، واسمح لي الآن ولكن بعد الكارثة – أن أعترف بأنك في بساطة حياتك حفرت الصخر بأظافرك، والآن ها هو شعبك بأكمله يحفر الصخر، والهيكل ينهار، والمعبد يسقط، رجل مجبول على العمل والصبر، وبنداء التاريخ، ومسكون بحس المهمة التاريخية، وما ممن قوة فينا أو في غيرنا، كانت قادرة على تغيير هذا الرجل، فقد كان قاطرة تدر التاريخ إلى الأمام، وإذا كان الوقت مبكراً رداً على فتح سجل حياته، ودراسة أقواله وأفعاله وتقديم مفهومه الهائل للثورة وللسياسة وللكلمات وللتحليل الواقعي والنقدي لكل المعطيات، فأنني أسجل هنا، انه رجل المهمة التاريخية المسكون بالعمل والصبر، والمثابرة، والجلد والجهد، والصلابة العنيدة، لم يكن يشغله عن فلسطين شاغل، وبالنسبة إليه، لم يكن هناك مكان صالح للعمل وآخر لا يصلح، فالعمل هو الحياة، والانقطاع عن العمل أو العجز عن العمل، كان بالنسبة إليه ماضياً لن يعود أبداً، فالفلسطينيون ليسوا أسرى المكان والزمان، أنهم أسياد المكان والزمان، وبفعل هذا الرؤية المستحيلة والواقعة ضاقت به الأمكنة، دون أن يتوقف لحظة واحدة عن العمل؟ يحمل المفاجأة، والبشارة ويمضي إلى العمل . يرى الطريق الطويل من أوله إلى آخره، ويسير في تخومه الصعبة المسالك طاوياً صفحة اليوم الذي صار ماضياً. يأتي إلينا بالنشيد فيزعزع الجمود ويعيد الحركة ونعود معها إلى الواقع والحياة ويمضي إلى العمل، "فحركة فتح هي حركة عمل، وليس غير العمل طريقاً لحياة فتح. الوقت ينقصه دائماً، فالوقت لا يكفي لحلم أفكاره وترمتها، ولهذا يضيق ذراعاً اجتماعات الطويلة دون أن يعبر عن ضيقه مطلقاً، وحين يطمئن قلبه إلى وصول الفكرة الصحيحة إلى الوعي، يغادر المكان على رؤوس أصابعه متوجهاً إلى محراب العمل، وميدانه، ليركِّب المعادلات من جديد، حتى تصبح الفكرة عملاً. ولأن هذا الرجل البسيط المتواضع كرّس حياته للعمل، وحده، فليس هناك من ثوري سعى إلى العمل من أجل شعبه إلاّ وكان على صلة وثيقة مع "أبو جهاد"، الذي لم يكن متطلباً مطلقاً قبل بدء العمل لشروط نظرية، "ليست أكثر من تريد للواقع يبتعد عن التجريد والتنظير، ويعيش الواقع بكل تفاصيله، فالتجريد والتنظير يعكسان ضبابية في منهاج العمل، وما دام في خضم الحياة ذاتها، وفي قلب العمل بالذات، فقد اختلفت مقاييسه كلية، يمسك بالقلم والورقة، ويضع مشروع العمل، وكانت مفاجأة مذهلة للعديد من الثوّار الطريقة التي عاملهم بها أبو جهاد"، تكفي الدرجة الدنيا من الوضوح لمباشرة العمل ورغم هذا التكريس الأبدي لفكّره ولحياته ولوقته من أجل عمل ساطع باتجاه الوطن، فلم يكن ليغيب عن حياة الثورة في الساعات الصعبة، وإذا بهذا الصوفي المتصوِّف، المتعبِّد في محراب العمل، يتكشّف عن قدرات خارقة لإعادة اللحمة والمحبة إلى القلوب والصفوف. من منكم اختلف معه ولو لمرة واحدة؟ من منكم لم يجد عنده فرصة للعمل؟ من منكم لم تأخذه الدهشة والحيرة في الساعات الصعبة، ويستمع إليه يجد المخرج، ويذلل الصعاب، ويأتينا بنقاط اللقاء. مرّت الثورة في المحن القاسية، ومرّ رجالها وسط الخضم بالمفارقات المخيفة، ولكن قدّيس الثورة، لا يعترف بذلك مطلقاً، بل يضمّد جراحه النازفة، وينطلق لرد الهجمة المضادة ضدّ الوحدة. في مقره في مخيم البداوي أيام الحصار الصعب، كان يجلس، وتساقطت عدة قذائف مستهدفة مقره بالذات وشخصه بالذات، تحرّكنا من المكان، وكان يخجل من الانفعال المفاجئ أمام الصدمة، يتريّث في حركته لتبدو عادية، ليرفع الاضطراب عن مقاتليه، حين عدنا إلى المكان كانت الأوراق الممزقة تلفت انتباهي، وأمسكت بورقة مكتوبة بخط يده، وفعلاً ذهلت وأنا أقرأ تلك الرسالة الموجّهة من "أبو جهاد" إلى رئيس عربي، حين سألته عنها قال: "لن أدّخر وسعاً لوقف هذا الاقتتال، العدو الإسرائيلي وحده يستفيد من هذه المعارك في طرابلس والشمال ونحن كلنا عرب، والعرب بجهة واحدة ضد "إسرائيل" وعلى الدوام رفض أبو جهاد هذا الاقتتال المفتعل، ودافع عن الثورة بالقدر الذي يسمح بوقف الاقتتال، وحين كان يصله خبر عن جهود عربية لوقف الاقتتال، أن يفرح من كل قلبه، ويقول: "هذه ضربة للعدو الإسرائيلي". لم يترك لحظة في حياته تمر دون أن يبني وحدة مقاتلة في ساحتنا الفلسطينية، وفي عدن، عندما بدأ الحوار الوطني، كان يترأس جلسات الحوار، وكان عليه أن يستمع لكل شئ، قد لا يخطر اليوم على بال أحد، وبهدوء مذهل كان يكتب ما يسمع، وبمحبة الأب لأبنائه كان يناقش الأخوان، وبالتفاني وحده، كانت فكرته عن شعبه وعن ثورته وعن الوحدة الوطنية وعن البرنامج السياسي هي أساس عودة الجميع إلى البيت الفلسطيني. من حقنا أن نضع البرنامج الذي يوحّدنا على أساس التحرير، ولا مانع لديه من تسليط النقد ضد أخطاء الماضي، ولا مانع لديه مطلقاً، ما دام الجميع سيعودون إلى الوحدة، وإلى البيت وإلى العمل، أن يتقبّل انتقاد الأخوة بصدر رحب. ولهذا فلماذا نضيّع الوقت في المماحكات العقيمة؟ تعالوا نبدأ الآن من جديد، أنظروا كم خسرنا بالفرقة وكم ربح العدو، وهدفنا جميعاً فلسطين، والعمل وحده طريقنا، فتعالوا نضع برنامج العمل على الفور. وقد لا يكون معروفاً الآن، أن "أبو جهاد" كان يفاجئنا جميعاً باتفاقاته الوحدوية عندما يلتقي بإخوانه من قادة المنظمات الفدائية، ولكنه "أبو جهاد" الذي يستحيل أن نقول له "لا"، وتثبت الأيام بعد ذلك، أن ما سعى إليه كان نتيجة تقدير صحيح للوضع وللموقف، حين كنا نراجعه في الصيغ الجديدة التي وافق عليها مقارنة بالصيغ المتفق عليها سابقاً، كان يهز كتفيه ويقول كلمته المشهورة "بسيطة يا أخ، فالمهم أن نستعيد وحدة البيت الفلسطيني. ورغم أن الأرض العربية بما رحبت قد ضاقت به، وأن الأمكنة لم تعد تتسع له، فانه ظل على قناعته الراسخة، بأنه حتى في ظل أسوأ الأوضاع العربية، يجب أن يقع عمل ضد "إسرائيل وكان بارعاً في تدبير أمور العمل حتى وهو يجري محادثات رسمية مع الرؤساء مع الوزراء ومع المختصين، فلم يكن يشغله شاغل مهما بدا عظيماً في نظر الآخرين عن زرع عبوة في الأرض المحتلة، وعن عقد اللقاءات مع الذين يعملون في الأرض المحتلة، في المطار وفي الفندق وفي الطائرة، وفي قصر الضيافة، وأمام الناس وفي السر، وفي العلن كان لا يفكر بغير العمل، وبغير أولئك الذين يتحمّلون مشقة إنجازه على الوجه الأكمل. لهذا ضاقت الأرض العربية به، ولم تعد الأمكنة تتسع له، لأنه لا يكل ولا يمل، ولا يهدأ ولا ينام، حتى يحرك ساكناً في هذا الكون الذي يتسع للظلم الذي وقع على شعبه. عدوّه السكون والعجز عن العمل في وجه الظلم الذي لحق بشعبه، مع كل تقديره العميق والصادق للأفراد وللقوى ولظروفها، كان مؤمناً على الدوام بهامش يصل إليه ليزرع عبوّة في الأرض المحتلة. هذه الحياة الحافلة لم تذهب هدراً، إنها الآن حياة الشعب كله، حياة الرجال والنساء والشيوخ والصغار، كل يعمل، وكل لديه القدرة على العمل، إن الشعب الذي يثور الآن بالحجارة وبالصدور العارية قد عرف طريقه يا أبا جهاد، فلا خوف عليه، فأنت تملأ وجدانه، تملأ عقله، تسير معه ويسير معك، والذي يعرفون هذه الحقيقة الحتمية، حاربوك جميعاً حتى لا تنتصر، لأن انتصارك تغيير في العالم، ولكن القافلة تسير، وأنت على رأس القافلة، ولن أتحدّث عن دمك الذي في أعناقنا جميعاً، لن أعدك، ولن يعدك أحد، فأنت تكره الوعود، وتعشق العمل الذي صنع الثورة وصنع الانتفاضة، مجدك إلى الأبد. الآن تستمر الانتفاضة كما لو أنت لم تسافر هذا السفر الطويل، فلا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة. وإذا كانت الثورة حياتك وليس لحياة أخرى غيرها كما تعرف ونعرف فإن الثورة تستمر وإذا كانت الانتفاضة حياتك وليس لك حياة غيرها، كما تعرف ونعرف فالانتفاضة مستمرة، ويبرهن أبطالها يومياً عن جدارة تليق بك وتليق بالثورة وتليق بالانتفاضة. علّمتنا كيف نكبر على الجراح، ولكن جرحك عميق، فكيف نقفز فوق الجسر الآن؟ إنه العذاب الإنساني الذي كنت تخفيه عنّا جميعاً، وتقف صامداً وصامتاً أمام العواصف الهواء، وتقتحم الجسر وتفتح الطريق. الآن تذهب إلى الوطن بعد أن مهّدت كل الطرق، وذللت كل الصعاب، وفينا روح ومعنا دستورك، ومعنا مسيرة حياتك. بدأت من نقطة الصفر لتوصل شعب وتصل إلى نقطة اللاعودة في الصراع من أجل الوطن، بعدك الماضي الذي كرهته لن يعود، فخطك البياني في صعود، وأعداؤك يهبطون إلى القاع المظلم، بطولة عارية تحدّث التاريخ الزائف، وانتصرت. احمد عبد الرحمن |
أبو جهاد خليل الوزير نموذج القائد الوطني الفذ بقلم / عبد العزيز شاهين – ابو علي عضو المجلس الثوري لحركة أجل لقد كانت حياة أبي جهاد بيننا سريعة .. ولكنها كانت عميقة ومؤثرة كانت باستمرار محافظة على اتجاهها وكانت بوصلتها دوما نحو فلسطين .. وكل تفاصيل حياة الرجل تُـقرأ بسهولة على ضوء هذا المعْطي الكبير . بتأمل شخصيته ودونما إعياء ، نرى أنها عاشت حياة خاصة جداً ، حياة متواضعة للغاية ، ومثابرة دءوبة حتى النخاع ، ومقاتلة ضد الوهن والعجز والإحباط والتخريب والتواكل وضد العدو .. حياة تنظيمية منضبطة وجدية ملتزمة .. وعسكرية صارمة .. مؤدية الواجب المقتنعة به وكما هو الواجب كاملاً . ومع هذه الخاصية الذاتية كان إيمانه العميق بضرورة بناء المؤسسة على أسلم المناهج العلمية وأدق تفصيلاتها ، وإعطائها الفرصة للوصول إلى كل منابع الجهد الفلسطيني واستيعاب كل الفعل الوطني ، لبلورة معادلة " الكل الوطني " . كانت حياة (أبو جهاد) السريعة عناويناً لكل ما سبق وبتكثيف جعل الوقوف أمام إحداها يتطلب من الجهد والوقت الكثير لإبراز ما كان للرجل من دور في صياغة المشروع الوطني المعاصر . إنها حياة نقرأ فيها بوضوح دليل الكفاح الوطني الفلسطيني بعد نكبة فلسطين والرد العملي الميداني / لرسم خارطة فلسطين في الوعي والواقع على ذرات الوطن.. ذرة ذرة بعيداً عن قيود اللغة وسجن الشعارات والكلمات التي ليس لها قيمة والفاقدة معانيها (حتى ) على الأوراق .. ذهب لمهمته التطوعية تسبقهُ مناقيتهُ فاتحاً باب الفعل الإيجابي لإنجاز الهدف الوطني مؤمناً وبعمق أن شلال الدماء المتدفق من شرايين وأوردة الثوار و المتدافع في ساحات المواجهة مع العدو سيحفظ ديمومة الثورة حتى النصر ..وأن دماء الشهداء عهداً وقَسَماً في ذمة الثوار ونبراساً لهم نحو الهدف لاستمرار ديمومة الثورة ..،. تتنفس في صدر الشهيد القائد الرمز تنهدات عجوز ثكلى ،. وترنو له أم أيتام تحت سقف قرميد مخيم ..، . ينز قلبه ألماً لطوابير اللاجئين المُقْتَلَعين من أرضهم ..،. ويسهده معاناة سجين في ليل شتاء طويل ..،. فكان اندفاعه نحو هدفه بكل ذلك العنفوان ولأنه كان على قدر عظيم من نبل المشاعر ورهافة الحس تكفي أن يذوب في ( "العام-الموضوع " الوطني)، فقط كان "أبو جهاد" كتاب الفلسطيني الخاص والمقدس جداً الذي لا يصعب على قارئه أن يردد ترانيمه السهلة الممتنعة : وطن اسمه فلسطين ، مقاومة أداتها الاستراتيجية بندقية ، بكل إيمان المناضلين وعناد الثوار وشفافية الشعراء ونقاء القديسين .. بكل الوعي نواصل مسيرنا نحو هدفنا.. أبو جهاد المشروع : لقد كان "أبو جهاد" مُعَلِماً لأجيال من المناضلين الفلسطينيين ولعله من أبرز مُعَلمي المشروع الوطني المعاصر .. ولقد كان كذلك مَعْلَماً للوطنية الفلسطينية . كان صاحب خيار القتال للخروج من " دُوّار" النكبة / نحو في مرحلة كانت فيها كل التيارات الفكرية والسياسية الفلسطينية منشغلة بالصياغات الفكرية أو اللغوية في محاولة الرد على النكبة .. بينما " أبو جهاد" المتجاوز لمرحلة التردد والفوضى يسير نحو الفعل الإيجابي في الاتجاه الصحيح فكان أول الرصاص."الرصاص" لإنهاء مرحلة الانتظار .. انتظار أن يأتي الحل من خارج الفلسطيني المعني مباشرة بالوقوف ضد الهجمة الصهيونية والمشروع الصهيوني .. فكانت الطلقة الأولى تعني بالنسبة له فتح عناوين العمل كله من أجل بناء المشروع الوطني فالكيان الوطني ، وهذا يعني تلازم التعليمات بالممارسة فكانت أفكاره منصبة على جعل التواصل سلوكاً تلقائياً للمناضلين، وديمومة الثورة هدفا مقدساً لكل الثوار / كما كان وعي العلاقات السليمة بين الإنسان والمكان وعلاقتهما بالزمان تقود للفعل الايجابي المستند على الصمود أمام العدوان وَرَدهِ بالصدام المباشر وغير المباشر. كان شهيدنا القائد الرمز يُجزم بحتمية الاشتباك لرد العدوان والعنف الدموي لهجمة المشروع الاستعماري الصهيوني ، هذه الهجمة التي تفتق عنها هذا الصراع المفتوح والدائر رحاه على أكثر من جبهة ، لقد حسم " أبو جهاد " بأن هذا الصراع سيقود في كل الاحتمالات إلى استبدال خارطة "سايكس – بيكو" بخارطة الطريق للوطن العربي الكبير لأننا نكون قد أنجزنا خارطة المشروع الوطني الفلسطيني وهكذا اختصر (أبو جهاد) جدلية الوحدة والتحرير عملياً ..فالوحدة تصبح برنامجاً عملياً وسلوكاً يومياً عندما تتجه كل الجهود من كل المواقع لدحر الغزوة الصهيونية على فلسطين .. إن الوحدة حينذاك تكون قد عبدت بالدم وتعمدت بآيات التكامل والتعاضد والتآخي في جبهة واحدة من أجل هدف واضح . لقد كانت الخمسينات شاهدة على ميلاد اللحظة الأولى للخيار العسكري .. ففي حين كانت الفوضى تلف الجميع .. تحرك (أبو جهاد) مع نفر من أصدقائه في اول عملية عسكرية تستهدف مؤسسات الغزو الصهيوني .. وتم نسف خزان " زوهر للمياه " في 25/2/1955 وجاء رد الفعل الصهيوني بعملية عسكرية 28/2/1955 على مثلث الشهداء في مدخل مدينة غزة الجنوبي استهدفت النجدة الآتية من الجنوب حيث استشهد في تلك الواقعة 38 شهيداً . وكانت هذه الحادثة منعطفاً قلب المنطقة .. حيث وجدت مصر ضرورة التحرك نحو الكتلة الشرقية وكانت صفقة السلاح الروسية والمعروفة بصفقة السلاح التشيكي .. ودخلت المنطقة إلى ساحة الصراع وأبعاده ونتائجه . أبو جهاد الفتح : في أتون التحولات المهمة في المنطقة وتولد مناخ جديد كان التحرك نحو صناعة أداة التغيير الأهم وصناعة ذراع رافعة المقاومة والثورة الأطول والأهم في التاريخ الفلسطيني المعاصر ، فكانت الخطوات الأولى نحو ذلك سارهاً جنباً إلى جنب مع " الختيار " وإخوانهما في الخلية الأولى .. وكان ميلاد حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " . ومنذ بناء الخلية الأولى انتشر أبو جهاد في كل مكان لبناء الخلايا داعية لمقاومة ومنظماً ومحرضاً لمقاومة عسكرية ، فكما أنه رجل الخيار العسكري بكل معنى الكلمة وبكل أنواع الأسلحة ومن كل مواقع الجغرافيا ، كذلك فإنه القائد السياسي الذي ينبع وعيه ومعالجاته من حقيقة إيمانه بعدالة قضيته (..) التي جَعَلَت منه المُحاوِر الوطني والقومي والاممي القادر وبمنتهى السهولة على إيصال وجهة نظره إلى مُحاوِرِه إسهاماً في صياغة الفكرة المتقاربة لترسيخ مبدأ التكامل والانتقال إلى الفكرة الأرقى الأكثر خدمة للمصلحة الوطنية العليا .. باختصار العمل بكليته وبأقصى قدراته وإمكانياته من أجل القضية . لقد تمثل أبو جهاد (فتح) في كل همسة وحركة وكلمة وفعل وكان يحسب كل ذلك في ميزان فتح ، همه كله أن يزيح من أمامها ما يعيقها عن التقدم لصناعة الموقف الإيجابي وتكريس خارطة الوطن على الجغرافيا .. ويجعل منها قوة القاطرة القادرة على جر عربات القطار الوطني على سكة الفعل المتجه نحو محطة الحرية والاستقلال . وتسلح أبو جهاد طيلة سنوات نضاله بسمات كادت أن لا تتضح بمثل ما اتضحت فيه. الثوري : كان الرافض للأحكام المسبقة والتحليل بالظن, والتفسيرات الملتوية المنغلقة .. وكان المُسْتَقْبِل للأخر/ والأصيل في تحركه نحو التكامل مع الآخر على أرضية العمل الوطني، وكان القادر على الانتقال للموقع الآخر أكثر فعالية وإيجابية ، فإن المعيار الوطني الثوري في وجهة نظر " أبو جهاد " – هو الأفضل للقضية . المُنظّّر التنظيمي : فكان أبو جهاد البعيد عن/ الانفعال-هذا الانفعال الذي يذهب بصاحبه بعيدا عن دقة جوهر المسألة /, وكان الرافض للنمطية والصنمية المنبثقة عن نمطية أحكام القوالب الإيديولوجية الجاهزة . المثابر : كان أبو جهاد هو الحافر في الصخر بالأظافر من اجل رسم لوحة الغد التي تليق بـ(كم التضحيات ونوعها) .. تضحيات شعبنا وأمتنا وأحرار وثوار وشرفاء العالم .. حافرا في الصخر لبناء الخلايا .. ولبناء المؤسسة .. ولبناء العلاقة .. وتوفير مستلزمات النضال . كان أبو جهاد الباسم الثغر .. الحاسم ابدا .. والمؤكد ان التردد هو الاب الشرعي للفشل .. وكان أبو جهاد "عتّال" الهم الوطني وجسر التوحد الفصائلي وصمام أمان الفعل التكاملي ..كان ذلك كله لتقديره حجم خطورة الهجمة الصهيونية ومعرفته لحقيقة عنفها الدموي .. ولإطلاعه على أسرار المشروع الصهيوني وتحالفاته وولعة بحقيقة الجغرافيا وأهميتها في الصراع ، وأهمية التحالفات الاستراتيجية وكيف تُبْنى .. وكان تحركه الدائم انطلاقاً من جملة هذه المعطيات نحو كسر وضع قائم وخلق وضع ملائم ..،. وكان وعيه بطبيعة الصراع مع المشروع الصهيوني يندرج تحت المقولة الآتية " إنك قد ترى المسائل تسير في اتجاه الخطر بالنسبة لك .. ولكن لا تفقد أعصابك .. تأكد أن هناك أخطار أخرى كبيرة تتهدد عدوك " إذا وجدت نفسك في وضع حرج فليس معنى ذلك أن عدوك في وضع آمن أو مريح وهكذا كان تحركه وفعله وقوله يرتكز دوماً إلى قاعدة حتمية النصر .. النصر للحل الإنساني الأمثل القائم على الحق في المُوَاطَنَة .. كانت حركته في كل تفضيلاتها وتفصيلاتها متشبعة بروح النصر والتأكد من إنجازه / لأنه كان مؤمناً بانتصار قوة الإرادة .. أجّل كان مؤمناً بقانون التاريخ " الدم -دوماً ينتصر على السيف " . آمن شهيدنا القائد الرمز بأهمية الانفتاح على كل حركات التحرر الوطني في العالم وذلك منذ البدايات .. مؤمناً بأن المُضطهدين جبهة واحدة ضد الإمبرياليين المُسْتَعْمِرين ، وكان يرى طبيعة التحالفات بين الاستعماريين وفي مقابل ذلك كان داعية عظيماً لتعاون وتعاضد حركات التحرر الوطني العالمية ، وكان المبادر دوماً ليقاسمها ذخيرته ولقمة خبر المقاتلين الفلسطينيين/ آخذاً بعين الاعتبار الإفرازات الضاغطة بخصوصية قضيتنا في صراعنا المفتوح والخاص جداً ضد المشروع الإحتلالي الاستيطاني الصهيوني ، وكان يدرك "أبو جهاد" أن كثيراً من حركات التحرر هذه ستنال أهدافها قبل ان تنال حركة التحرر الفلسطيني أهدافها . فتحرك بروح السياسي البصير لحركة المستقبل يعزز علاقاته متأكداً أن هذه الحركات المناضلة ضد الاستعمار تمثل رصيداً ثابتاً وداعماً لنا بعد انتزاعها وإنجازها لاستقلالها الوطني ، وهذا ما كان فعلاً رحل الاستعمار واستقلت المستعمرات وأصبحت دولا مستقلة صديقة وثابتة في صداقتها مع قضية شعبنا. كان تماس هذه الأفكار المباشر الأول مع الأصدقاء في كوريا وفيتنام والصين وغيرها.. واستمرت هذه الصداقات ظهيراً ومعيناً لا ينضب لدعمنا سياسياً وعسكرياً ولدعمنا بكل أشكال الإسناد . لقد كانت بصماته واضحة في علاقات الثورة الفلسطينية مع حركات التحرير في آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا .. وقدر هؤلاء الأصدقاء (لأبي جهاد) دوره في خلق روحية التعاون بين الوطنيين الأحرارفي العالم ضد المستعمرين الإمبرياليين. ولعل ما قام به القائد "الجنرال نجوين جياب" بما يمثله من رمزية وطنية فيتنامية وأممية عندما توجه في مثل هذا اليوم عند سماع الدنيا نبأ استشهاد "أبي جهاد" .. توجه "الجنرال جياب" إلى سفارة م.ت.ف في هانوي ليكتب في سجل التعازي ما نصه : " قدم "الرفيق أبو جهاد" دائماً الدعم النشيط للشعب الفيتنامي وإني لأكن له المشاعر الأخوية الحميمة .. لقد ترك لي "الرفيق أبو جهاد" الذكريات العميقة ، لقد كان قائداً عبقرياً خلاقاً وله ثقة كبيرة بالانتصار النهائي للثورة الفلسطينية " . أبو جهاد ركن في حالة قيادية خاصة : إن الثقة الكبيرة بانتصار الثورة الفلسطينية هي الخلفية العميقة للثورة منذ منتصف الخمسينات وصولاً للأشهر الأخيرة في نهاية القرن عندما انبعثت الـ (لا ) الكبيرة على لسان " الختيار " في كامبد ديفيد . إنها الأرضية الواحدة التي أنبتت الشجرة الواحدة / شجرة أصلها ثابت في الأرض، متعددة الأُكل تؤتي أكلها كل حين ، إنها شجرة الثورة الفلسطينية .. وإن كان هذا صحيح على مستوى / عموم الثوار فكيف سيكون على مستوى قيادات تاريخية خاصة/ موغلة في الخصوصية الثورية استطاعت أن تصنع مركز استقطاب للهم والهمة الفلسطينيين .. حالة قيادية خاصة .. قل مثيلها في حركات التحرر الوطني وَأَدت التناحر ورفضت التنافر .. وعمدت إلى التكامل والتلاحم فَحَرّمَت الاقتتال وجعلت الدم الوطني حرام في كل الساحات ، حرام في كل الأزمنة ، حرام في كل الظروف ، حرمت الاستقواء بآخرين على الثورة .. ودفعت بالحوار إلى أرقى المصاف . هذا الحوار أصبح يُعرف بحوار غابة البنادق وديمقراطيتها .. تناغم هذا الارتقاء النوعي في الأداء القيادي بين (أبو جهاد) وجميع إخوانه على مستوى القيادة وتمايز في ظاهرة ثنائية قل نظيرها عبر قرن كامل .. قرن التحرر الوطني ، إنها ثنائية القائد ونائبه القائد .. القائد الرمز الوطني للمشروع الوطني الفلسطيني المعاصر ، والقائد الفذ نائبه ، فكانا وجهان لحقيقة واحدة . أبو جهاد المدرسة : إنها مدرسة : تتضح معالمها في مبادئ أساسية كانت الممارسة أكثر جلاءاً وتميزاً بها من الأقوال :- - دع الأعمال تتحدث عن نفسها . - تحرير الأرض والإنسان . - البرنامج المرحلي هو الابن الشرعي للمشروع الوطني النابع من الشرعية التاريخية . - التعامل بالممكن .. بالمتوفر باليد ، وصولاً للتعامل مع المطلوب توفرهُ وذلك لأحداث التغْيير المطلوب . - إنها مدرسة لا تدع الواقع أمراً مُسَلماً به .. ادرسه وتمحصه وقَلِبهُ على كل الوجوه والأبعاد فمعرفة تاريخ الظاهرة جزء من النجاح لإحراز وإنجاز حلها ، وكذا الواقع إنه ظاهرة ، وهو كالظلام ، ولا تلْقنهُ ، بل إشعل شمعة لتبدد أستاره ، ونَشّطَ شهيدنا القائد الرمز وفَعّلَ الممارسة العملية لتغيير الواقع وذلك بتجميع النقاط بالتراكم لصالح نضالنا الوطني في ساحات الصراع ، والتدرج والتقدم لمربعات جديدة / فما دُمْنا لا نحوز عناصر وعوامل القوة وغير قادرين على إحداث التغيير بالضربة القاضية ، فلما لا يكون ذلك بالتراكم التدريجي / في جميع ميادين ساحة الصراع. - إنها مدرسة اللقاء على أرض المعركة ، وهذا يكون على أرضية الشعار المركزي لشعبنا في مرحلة التحرر الوطني ألا وهو – الوحدة الوطنية – بما تمثل من أهم الضرورات المطلقة التي لا يمكن القفز عنها أو التهاون حيالها ، وكذا فإن هذا اللقاء وفي هذه المواقع [ أرض المعركة ] .. يؤكد توظيف كل الطاقات لتفجير الكفاح المسلح وديمومة/ ويفرض حتمية القتال على صعيد واحد / على جبهة واحدة / لرص وحدة القوى المكافحة في محصلة فعل وفعالية ، لكيلا يُفَتَت الجهد والدماغ . - إنهْا مدرسة التركيز على قومية المعركة ، وبأن ثورتنا الفلسطينية تقاتل وتناضل في خندق الدفاع الأول عن العروبة ، وهذا لم يمنع من الدعوة لاستقلالية قرار الثورة ورفض وصاية النظام العربي الرسمي ، والتركيز على الدور الفلسطيني وتنشيطه وتفعيلة في كل الميادين. - إنها مدرسة وعي التعامل مع المستجدات من المعطيات خدمة لإدارة الصراع توافقاً مع الشرعية السياسية خدمة للشرعية التاريخية ورفض القولية والمُضي للإبقاء على القاعدة الصلبة اللازمة لتطور الفعل الوطني الثوري . - إنها مدرسة المبادرة النضالية والمثابرة العملية للحفاظ على ديمومة العطاء على أرض الصراع الحقيقي والعمل على ديمومة التطوير المتصاعد في جوهر الاداء ، لإحداث التغيير المرتقب . - إنها مدرسة وعي العلاقة بين الثابت والمتغير ، بين الاستراتيجي والتكتيكي وجدلية العلاقة بينهما ، وكذا إنسجامهما لتحقيق الهدف المقدس (تحرير الأرض والإنسان ) ، وهي مع كل ذلك متمسكة بـِ (الحل الإنساني ) – للقضية الفلسطينية القائم على حق المواطنة الفلسطيني . - إنها مدرسة التمترس في خندق الثوابت والتشبث بالصلابة الاستراتيجية والتحلي بأعلى درجات المرونة التكتيكية . أجل رحل قديس الثورة .. رحل بكبرياء .. رحل وهو يقاتل حتى الرمق الأخير .. رحل وهو يضغط على زناد مسدسه نعم .. طلقة واحدة أطلقها .. هذا صحيح ولكنه طلقة مشروعية القتال في أسوأ الظروف وشرعية الثورة على المجرمين المغتصبين مهما بلغ حجم قوتهم .. إنها مشروعية التحدي وهي مع ذلك كله إيمان بحتمية الانتصار . عندما رحلت .. حزنت منا القلوب .. دمعت منا العيون .. وتذكرنا .. إن أياً منا لم يَر دمعة لك قط .. وتذكرنا جميعاً كم مرة اعتراك –أسوة بكل البشر – اعتراك الألم ومزق أعماقك .. وبقيت صامداً أمامنا .. بكل العنفوان والإباء .. بكل الشموخ والعناد الثوري .. تفلسف ديمومة الثورة .. هازاً كتفيك " بسيطة يا أخ .. نحاول مرة ثانية ، ستكون الأمور أحسن " . الحرية للأرض والشعب ، والمجد للشهداء والنصر للثورة . |
النداء رقم (14) للإنتفاضة المباركة نداء للشهيد القائد أبو جهاد http://www.m5zzn.com/upload/uploads/...f938f65e46.jpg اعلان أيام الجمع والأحاد أياماً للصلاة على روح القائد أبو جهاد . اعلان يوم 23/04 ذكرى أسبوع الشهيد ويوم غضب مميز. اعلان يوم 28/04 يوماً للمبعدين. الأيام من 22 وحتى 29/04 أياماً للغضب الفلسطيني وتوجيه الضربات الموجّهة للكيان الصهيوني. صدر يوم 19/04/1988 في جميع الأراضي المحتلة النداء رقم 14 الذي سمّته القيادة الموحّدة للإنتفاضة نداء الشهيد القائد و المعلم الأخ خليل الوزير أبو جهاد. وحدد البيان برنامج تصعيد الإنتفاضة والمواجهة ضد الإرهاب والإحتلال الصهيوني وطوال الفترة من 22/04 وحتى 29/04 وفيما يلي نص البيان بسم الله الرحمن الرحيم نداء .. نداء .. نداء لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة، لا صوت يعلو فوق شعب فلسطين، شعب منظمة التحرير الفلسطينية نداء رقم (14) نداء الشهيد القائد والمعلم والرمز الأخ خليل الوزير أبو جهاد بيان صادر عن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية القيادة الوطنية الموحدة للإنتفاضة في الأرض المحتلة. يا جماهير شعبنا المكافح في كل مكان يا إخوة ورفاق درب الشهيد البطل أبو جهاد، يا جماهير الإنتفاضة الباسلة، امتدت يد الفاشية والنازية والجديدة للكيان الصهيوني لتضيف جريمة أخرى علىسلسلة الجرائم اليومية النكراء التي تقترفها بحق شعبنا الفلسطيني البطل ورمز نضاله منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في كافة أماكن تواجده.في محاولة يائسة لإجهاض الانتفاضة المجيدة وأصبح الكيان الصهيوني الفاشي المنصوب غارقاً حتى عنقه في بحر من الدماء الزكية، التي سالت على أرض الفدى والنضال المشروع في سبيل انتزاع الحقوق الوطنية لشعبنا البطل،وإن سقط جسدك يا ابن فلسطين البار ويا رمز التحدي والنضال والعطاء واشراقات العمل الثوري المقدس وحتى زرع رصاصات الحقد المسموم في جسدك الطاهر، فستبقى المعلم والملهم لأجيال شعبنا المتجددة المناضلة حتى النصر وستبقى حياً مكافحاً فوق ربى فلسطين. وستبقى في قلب وعقل أطفال وشيوخ ونساء وشباب وفتيات شعبنا العظيم وعهداً لك يا شهيدنا الرمز ويا معلم الأجيال أن نبقى على العهد والقسم وسنستمر في الكفاح والنضال حتى تحقيق كامل أهداف شعبنا وطموحاته، فلن يذهب دمك ودماء شهدائنا هدراً أبداً فإما الشهادة وإما أن نرفع الراية التي نذرت نفسك لأجلها عالية خفّاقة فوق القدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة، فالعهد هو العهد والقسم هو القسم حتى النصر أو الشهادة على درب الحرية والإستقلال. يا جماهير شعبنا المناضل، يظن الكيان الصهيوني الفاشي وعبر تطبيقه السافر لإجراءاته القمعية والمتمثلة بسياسة الإغتيال والقتل والعقوبات الجماعية عبر أشكال الحصار الإقتصادي لمدننا ومخيماتنا وقرانا وعبر قرارات الإبعاد وهدم البيوت وفرض منع التجول الطويل وإغلاق المناطق وكسر العظام والأطراف، واستخدام قنابل الغاز السام، والمداهمات الليلية وتحطيم كل ما تطاله أيدي القوات الفاشية من أملاك المواطنين ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق والأعراف الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، وإن دلّت سياسة العدو الصهيوني على شئ فإنما تدل على مدى التخبط والإضطراب الذي يعيشه ومدى قوة الضربات الموجعة التي تكيلها الإنتفاضة الباسلة لقواته النازية ولإقتصاده القائم على مص دماء جماهيرنا. مزيداً من التلاحم والوحدة ومزيداً من كيل الضربات الموجعة لجسد الفاشي المترهّل وقواته بالحجر والمولوتوف والكرات الحديدة والقوس والنشاب والنقافة وكرات اللهب وكل ما بين أيديكم ولتحرق الأرض تحت أقدام الغزاة، لتحرق الأرض تحت أقدام القتل،ولنثأر عبر كل الإمكانيات المتوفرة من قتلة أبناء شعبنا ورفاق دم شهيدنا الرمز أبو جهاد وكل شهداء شعبنا الأبرار. يا أهلنا ويا جماهيرنا الصابرة الصامدة، ها أنتم تواصلون بكل المجد والفخر وعبر إمكانياتكم العظيمة طريق الكفاح والنضال وتصعدون من انتفاضتكم الباسلة العملاقة وها أنتم تصنعون الأساس الثابت والمتين لتحقيق العصيان المدني والشامل وها هي قيادتنا العظيمة تسطر عبر تحركها السياسي المكثّف أروع الإنجازات والتأييد المتعاظم لثورة شعبنا المظفرة وبدعم خلاّق وتحرك مشترك مع القوى الصديقة وفي مقدمتها التحرك الأخير بين منظمة التحرير الفلسطينية والإتحاد السوفياتي الصديق، على طريق عقد المؤتمر الدولي كامل الصلاحيات والتمثيل الفلسطيني بوفد مستقل فيه تجسيداً للحقوق الوطنية المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الأمر الذي أكدهته الغالبية العظمى من دول العالم، لقد جاءت هذه الإنجازات ثمرة طيبة من ثمار إنتفاضتنا المجيدة فمزيداً من تصعيد النضال ضد الإحتلال وأجهزته وعملائه وعلى راسهم اللجان البلدية المعنية ومزيداً من توسيع وتشكيل لجاننا الشعبية والفرق الضاربة ولجان الأحياء والحراسة والتموين،ومزيداً من التلاحم وتوحيد الجهد النضالي الوطني في كل المواقع ومزيداً من المقاطعة للمنتوجات الصهيونية التي يتوافر لها بديل من المصنوعات المحلية وكل ما يمكن الإستغناء عنه. وان يلتزم التجار بمقاطعة مصاصي دمائنا جهاز الجمارك والضرائب والإستقالة لمن تخلفوا في أجهزة الشرطة والضرائب وندعوكم إلى اللحاق سريعاً بزملائكم وعدم الإختباء وراء الإجازات معنيين الشعب لأن يد الشعب ستطال كل الخارجين عن ركب الإنتفاضة المظفرة. يا جماهير إنتفاضتنا المجيدة، انسجاماً مع برنامج الإنتفاضة النضالي نؤكد ما يلي أولاً: نؤكد أهمية الإلتزام الكامل بعدم دفع الضرائب لمصاصي دم شعبنا. ثانياً: نقيم عالياً بدور أهلنا ولجاننا الزراعية والشعبية ولجان الأحياء على استجابتهم لنداء الأرض والقيام بالزراعة البيتية وقطع الأراضي عبر التعاونيات الزراعية وندعو كافة لجاننا وأهلنا إلى تعميق وتوسيع نطاق الزراعة والتعاونيات حتى يشمل كافة أجزاء وطننا الحبيب. ثالثاً: ندعو جماهيرنا وأهلنا إلىالإستمرار في الترشيد الإقتصادي والإختصار في النفقات خلال شهر رمضان المبارك، شهر التضحية والتعاون والعطاء. رابعاً: ندعو عمالنا إلى المزيد من مقاطعة العمل في المستوطنات الصهيونية ومقاطعة العمل فيها مقاطعة تامة. خامساً: توسيع مجال العمل لكافة اللجان الصحية والإسراع في مدّ يد العون لأهلنا في كافة الأماكن وزيادة تنظيم دورات الإسعاف الأولي والطب الوقائي والتوعية الصحية وندعو الإخوة الأطباء إلى تخفيض رسوم كشفياتهم دعماً لجماهير شعبناً. سادساً: إلتزاماً بقرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية القاضي بدعم المستقيلين من جهاز الشرطة والضرائب وعمالنا البواسل الذين قطعوا العمل في المستوطنات الصهيونية ستقوم اللجان الشعبية واللجان المختلفة بمد يد العون والمساعدة لهؤلاء جميعاً سابعاً:نحيي جماهير الجولان البطلة ونؤكد على النضال بيننا ونحيي الجماهير الفلسطينية والعربية داخل الكيان الصهيوني وفي الدول العربية على مساندتهم لإنتفاضتنا ولنهب جميعنا ضد الإحتلال والظلم وندعم الحكومات العربية إلى إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين والعرب في معتقلاتها خدمة لإنتفاضة شعبنا. ثامناً: ندعو المدراء العاملين في دوائر الإدارة المدنية في قطاع غزة للإستقالة الفورية من مناصبهم. تاسعاً: ضرورة أن تتحمّل اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالة الغوث الدولية مسئولياتهما تجاه توفير المواد التموينية والطبية للمدن والقرى والمخيمات المحاصرة والخاضعة لمنع التجوّل. يا جماهير انتفاضتنا العملاقة التزاماً في البرنامج النضالي للقيادة الوطنية الموحّدة الذراع الكفاحي لمنظمة التحرير الفلسطينية ندعوكم إلى ما يلي: 1)إعلان أيام الجمعة والاحاد ايام صلوات على روح شهيدنا الرمز وكل شهداء فلسطين والقيام بالمسيرات والجنائز الرمزية ترفع خلالها الرايات السوداء والإعلام الفلسطينية. 2)إعلان يوم 32/4/1988 بمناسبة مرور أسبوع على استشهاد القائد أبو جهاد يوم غضب مميز تشارك فيه كافة الفعاليات النضالية 3)اعلان يوم 28/4/1988 يوم إضراب شامل وفعاليات نضالية تضامنا مع مناضلينا المبعدين واستنكاراً لسياسة الإبعاد التعسفية. 4)تعتبر باقي الأيام أيام غضب وتصعيد وإستنكاراً لسياسة القتل والإغتيال وفرض منع التجوّل الطويل الأمد وقتل الأطفال بالغاز السام، والإعتقالات الجماعية التعسفية تشارك فيه كافة الفعاليات بوتيرة نضالية مميزة. 5)وتدعو كافة الأطر الشعبية واللجان العاملة إلى تنفيذ كافة الفعاليات الكفاحية والنضالية وتوظيف كافة الإمكانيات والوسائل تنفيذاً لقرار القيادة الوطنية الموحّدة لجعل الأيام من تاريخ 22/4 ولغاية 29/04/1988 أياماً للغضب الفلسطيني لكيل الضربات الموجعة للكيان الصهيوني وقواته وقطعان مستوطنيه، أياماً للتصعيد في وجه قاتل شهدائنا الأبرار. يا جماهيرنا ويا أخوة شهيدنا الحبيب أبو جهاد وكل الشهداء الأبرار مزيداً من العطاء من التضحية مزيداً من الوحدة الوطنية والتلاحم مزيداً من توظيف كل الإمكانيات والطاقات ومزيداً من إلقاء الحجارة المقدسة والمولوتوف والضرب بيد من حديد في جسد الكيان الفاشي المترهل ولتزلزل الأرض تحت أقدام الغزاة. شلال الدم الفلسطيني لن ينضب، وعهداً لشهيدنا البطل أبو جهاد وكل شهدائنا الأبرار أنه سيأتي اليوم الذي يزغرد فيه الكلاشينكوف في كل بقعة من بقاع فلسطين وفي كل قرية ومخيم ومدينة ليضع برصاصاته نهاية للفاشية الصهيونية ويحصد شعبنا حقوقه الوطنية المشروعة بقائده نضاله منظمة التحرير الفلسطينية، والعهد هو العهد والقسم هو القسم، فإما النصر واما الشهادة في سبيل فلسطين حرّة مستقلة. وإننا لمنتصرون |
خليل الوزير ومرارة الحرية كان المشهد مهيأ لطقس آخر... كانت قرطاج منذ قليل محطة قصيرة لسرب الطيور العائدة من هجرة البحر وكان البحر يدل على أول البحر. أما اللغة، لغتنا، فقد استعادت بهاء الأبجدية الأولى وشرعت في محل ما يفيض عنها من خيبة وخيام. فنحن الذين صرنا قادرين على الفرح، قد صرنا قادرين على تركيب الوطن، حجراً على حجر، من حجر لا من كلام كأننا ندخل في النشيد الحافي، أو نخرج منه واضحين واضحين، على طريق واضح وحاد، اليوم لا غداً بعدما صار الوقت في أيدينا ملك أيدينا وعما قليل عما قليل تمشي أنية العمر على قدميها الداميتين إلى بيتها الأول كنا ننشد صعوبة الفرح،بعدما أدمنا ما يدمينا من أحزان الرحيل كنا نقرع باب البهجة البعيد كنا نسمع الصدى القريب. لكن خليل الوزير ماذا فعل خليل الوزير؟ لم يجرحنا من قبل، ولم يغضب أحد منا أصابع يد ترقص العاصفة. وتعد الأيام الموعودة على سبابة وإبهام بشاشة تضحك من أعماق من أعمال الليل. والفة تصطاد النحل والنمور الشرسة أخ للجميع.. أب للجميع وعيد بلا ميعاد. فلماذا يجرحنا حبيبنا الآن؟ لماذا يغدر بأقحوان السفوح: لماذا يجعل إبريل أقسى الشهور؟ لماذا يغتالنا ويصرخ جدوا لي قبراً في أي مكان هذا الذي يؤسس ذلك الوطن لماذا يرمي بهذا السؤال؟ لما يطلب جملة إعتراضية؟ لقد رمينا منذ قليل بالمفردات التي لا تليق بهذا الوقت ولا تليق بما أعد لجيل النصر من نصر. تلك عادات البطل الذي لا يعرف أنه بطل في قلبه سلام يراه على الخارج في قلبه سلام يحجب المفاجأة.. وتلك عادات البطل التراجيدي على الأسطورة أن تكتمل بتدخل مباغت من قدر لا يعمل إلا بشروطه الخاصة الساخرة. إذ ليس من حق البطل ان يشهد ختام النشيد على أن يعد النصر ولا يتمتع بالنصر الحرية ولا يتحرر عليه أن يسقط على اللحظة القصيرة الفاصلة بين زمنين.. على برزخ هو جسده وعليه أن يورث لا أن يرث. قال أبوه: إني أنتظر هذه اللحظة منذ عشرين سنة أما إبنه الأصغر، "نضال" ابن العامين، فقد كان يلعب بلعبه العمر : شارة النصر .. شارة النصر التي أعادها له أبوه، قبل أن ينجبه بعشرين عاما. وأشتد تعليق " نضال" بشارة النصر منذ تسلل من وابل الرصاص، ليلة السبت الماضي، ورأى أباه نائما ً في بحيرة من شقائق النعمان وها هو على سلم الطائرة التي تحمل قلبنا الجماعي من تونس إلى الشام يودعنا بشارة النصر ويودعنا شارة النصر ويودعنا شارة النصر.. لكن " حنان و"إيمان" لا تعرفان تماماً متى تبتسمان ومتى تبكيان، منذ أخذهما أبوهما "ابو جهاد" إلى مطلع القصيدة الطويلة.. ومنذ أمسك "جهاد" بذيل الريح. فماذا فعل القتلة؟ لقد جرحونا في أوج الصعود إلى درج الغد والبرتقال جرحونا في النخاع، ان الجرح عميق وموجع إلى درجة لا نشعر معها إلا بمرارة الحرية ، فالحرية ليست قرصاً من عسل الحرية ليست ورداً على سياج بعيد. لقد جرحونا، لندرك ما لا يدركون لندرك أنه ليس في وسع العاصفة أن تتوقف في منتصف الصفصافة. جرحونا لندرك ما لا يدركون لندرك ان الانتفاضة هي الوطن والحرية معا... إن اغتيال خليل الوزير هو محاولة لاغتيال الانتفاضة فهل في مقدور الأعداء أن يطفئوا بداخل خليل الوزير طيب الانتفاضة؟ لقد توهجت وتأججت وتزوجت دمه الناري لأن الجرح لا يقوي مناعة الجسد فحسب، بل ينشب مخالب الروح أيضاً وخليل الوزير يتحول في هذه الأقاليم من بطل إلى أسطورة تنفخ في حجارة الوطن نفس الحياة الأولى ونداء الرعد النبوي. إنهضي أنهضي ... لتبني لنا وطنا من سلام لتبني لنا لغة من رخام... فماذا فعل القتلة؟ لقد احتاجوا إلى ساحتهم الخاصة ليرسموا مشهدهم الخاص، ولينقلوا المعركة إلى مجالهم الحيوي: الإرهاب لأنهم في حادة إلى انتصار المقومات الأولى على انفجار الأرض في نسيج الوجود وكأنهم وهم يلعنون جوهر هويتهم الإرهابية، يريدون أن يستدرجونا إلى الملامح التي يحددونها لصورتنا، بعدما إتضح الفارق الشاسع، بين صورتين. صورة المدافعين عن الحرية والوطن وصورة الغزاة المتخمين بآلة القتل. فماذا فعل القتلة أكثر من الإفصاح عن هويتهم؟ لقد اغتالونا كثيرا ...كثيراً في كل مكان بكاتم الصوت ذاته، وبالقناع ذاته. وانتصروا علينا في شروط الغابة، غابتهم، في معركة ليست ، معركتنا، هم الإرهابيون بامتياز ، هم القتلة بامتياز، هم القراصنة بامتياز، هم قطاع الطرق بامتياز... فماذا بعد ماذا بعد سيحتاج الوعي العالمي المتفرج إلى وقت أطول وإلى إغتيال أكثر، كي يعيد صياغة مفهوم جديد عن الإرهاب إزاء حرج قانوني يسببه تباهي دولة بتفوقها في فن الإرهاب بعدما إعتاد الصاق هذه التهمة بالضحية. ومن مالترف أن نعيد طرح السؤال الساذج من هو الإرهابي؟ من هو الإرهابي؟ هل هو الولد الذي يقاوم الدبابة بحجر أم هي الدولة التي تغتال الولد بدبابة... من هو الإرهابي؟ هل هو الشغب الذي يدافع عن حقه في الوجود أمام حرب الإبادة، أم هي الدولة التي تغتال خليل الوزير في تونس؟ لتذهب هذه الأسئلة إلى الجحيم... فلن يتمكن العدو من استدراجنا إلى ناموسة وإلى عمليات التباس الفوارق. فإن الانتفاضة التي كانت أحد التجليات الكبرى لأحلام خليل الوزير ولتضحياته العظيمة، ستواصل إبداع قدرتها على الإستمرار والتطور لقد سقط فارس الانتفاضة وهو يتلمس سنابل القمح الذي أمضى حياته في بذاره، في كل حقل وعلى كل صخرة. لقد سقط الذراع بعدما نما الزرع وإنتهت فصول الجفاف... لم تذهب لحظة من حياة خليل سدى لقد وزع جسه على كل الخنادق، وإخترق الحصار تلو الحصار. وها هو الآن يرش دمه المتفجر على مشهد الميلاد العظيم ها هو يرى الجنين في سعاة الولادة الكبرى.. هو هو يتحرر من المنافي التي لا حصر لها ويفرغها على عتبة الوطن. لمن ندرك حتى هذه اللحظة، أن خليل الوزير قد غاب، فهو الذي يدفع الإنتفاضة الآن على مستوى أعلى من التصعيد،وهو الذي يحرك في الواقع الملتهب، هنا وهناك، سبق الساعات التي تسبق النصر... ولكننا كنا ندرك، دائما أنه أكثر من مبنى وأوسع من مؤسسة. انه أفق في رجل في كل واحد منا أثر فيه. وفيه موسوعة البلاد: أسماء الناس، وأسماء البنات. وأسماء الجماد، كان يحفظ الوطن ويتلوه بتدفق التفاصيل كما يحفظ الطالب درسه الأول... ولا مكان لمكانه.. أنه منتشر كالأنهار التي تعرف مصبها ولا تعرف ضفافها. وهو رمز لكل ما هو حيوي في حياتنا المحرومة من إنضباط التقاليد. إلى هذا الحد يصل به الزهد: إلى حد حرمان نفسه من لذة المشاركة في النصر... لم نفتقده بعد، لأنه لا يزال بيننا، ومعنا وحارسا لحدود الحلم... سنفتقده أكثر هناك، حين نهنئ بعضنا البعض بالنصر، ولن نجده بيننا... هناك... أمام الشجرة التي غرسها، وتحت الراية التي رفعها، هناك.. سيختلط العيد بالحداد، هناك... سنبكي عليه أكثر؟ هناك... سنذوق مرارة الحرية؟ هناك... سنجهش: أين أبو جهاد؟ محمود درويش |
فيديو للشهيد أبو جهاد خلال عرض عسكري لقوات الثورة الفلسطينية في لبنان للتحميل http://rapidshare.com/files/107436223/beirut.wmv للمشاهدة على الانترنت فيديو للشهيد أبو جهاد لحظة وصوله إلى تونس بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من لبنان للتحميل http://rapidshare.com/files/10742670...ad_tunisia.wmv للمشاهدة على الانترنت |
الساعة الآن 04:40 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |