منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   سير أعلام النبلاء - محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=4018)

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 02:50 AM

زيد بن الخطاب

ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح [ ص: 298 ] السيد الشهيد المجاهد التقي أبو عبد الرحمن القرشي العدوي ، أخو أمير المؤمنين عمر . وكان أسن من عمر ، وأسلم قبله .

وكان أسمر طويلا جدا ، شهد بدرا والمشاهد ، وكان قد آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين معن بن عدي العجلاني .

ولقد قال له عمر يوم بدر : البس درعي . قال : إني أريد من الشهادة ما تريد . قال : فتركاها جميعا .

وكانت راية المسلمين معه يوم اليمامة فلم يزل يقدم بها في نحر العدو ، ثم قاتل حتى قتل ، فوقعت الراية ، فأخذها سالم مولى أبي حذيفة . وحزن عليه عمر ، وكان يقول : أسلم قبلي ، واستشهد قبلي . وكان يقول : ما هبت الصبا إلا وأنا أجد ريح زيد .

حدث عنه ابن أخيه عبد الله بن عمر خبر النهي عن قتل عوامر البيوت . وروى عنه ولده عبد الرحمن بن زيد حديثين .

استشهد في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة واستشهد يومئذ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم نحو من ست مائة ، منهم : أبو حذيفة بن عتبة العبشمي ، ومولاه سالم أحد القراء ، وأبو مرثد كناز بن الحصين الغنوي ، [ ص: 299 ] وثابت بن قيس بن شماس ، وعبد الله بن سهيل بن عمرو القرشي العامري ، وعباد بن بشر الأشهلي الذي أضاءت له عصاه ومعن بن عدي بن الجد بن العجلان الأنصاري أخو عاصم ، وأبو النعمان بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي ، وأبو دجانة سماك بن خرشة الساعدي الأنصاري ، وعبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول الأنصاري . وعشرتهم بدريون . ويقال : إن أبا دجانة هو الذي قتل يومئذ مسيلمة الكذاب .

أسعد بن زرارة

ابن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار .

السيد نقيب بني النجار أبو أمامة الأنصاري الخزرجي ، من كبراء الصحابة . [ ص: 300 ]

توفي شهيدا بالذبحة فلم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده نقيبا على بني النجار وقال : " أنا نقيبكم " فكانوا يفخرون بذلك .

قال ابن إسحاق : توفي والنبي - صلى الله عليه وسلم - يبني مسجده قبل بدر .

قال أبو العباس الدغولي : قيل : إنه لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل العقبة الأولى بسنة مع خمسة نفر من الخزرج ، فآمنوا به ، فلما قدموا المدينة تكلموا بالإسلام في قومهم ، فلما كان العام المقبل ، خرج منهم اثنا عشر رجلا ، فهي العقبة الأولى ، فانصرفوا معهم ، وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مصعب بن عمير يقرأهم ويفقههم .

قال ابن إسحاق : حدثنا محمد بن أبي أمامة بن سهل ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، قال : كنت قائد أبي حين عمي ، فإذا خرجت به إلى الجمعة ، فسمع الأذان ، صلى على أبي أمامة ، واستغفر له . فقلت : يا أبة ، أرأيت استغفارك لأبي أمامة كلما سمعت أذان الجمعة ما هو ؟ قال : أي بني ، كان أول من جمع بنا بالمدينة في هزم النبيت من حرة بني بياضة يقال له : نقيع الخضمات قلت : فكم كنتم يومئذ ؟ قال : أربعون رجلا . فكان أسعد مقدم النقباء الاثني عشر ، فهو نقيب بني النجار ، وأسيد بن الحضير نقيب بني عبد الأشهل ، [ ص: 301 ] عبد الأشهل وأبو الهيثم بن التيهان البلوي من حلفاء بني عبد الأشهل ، وسعد بن خيثمة الأوسي أحد بني غنم بن سلم ، وسعد بن الربيع الخزرجي الحارثي قتل يوم أحد ، وعبد الله بن رواحة بن ثعلبة الخزرجي الحارثي قتل يوم مؤتة وعبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر السلمي نقيب بني سلمة ، وسعد بن عبادة بن دليم الخزرجي الساعدي رئيس ، نقيب ; والمنذر بن عمرو الساعدي النقيب قتل يوم بئر معونة ، والبراء بن معرور الخزرجي السلمي ، وعبادة بن الصامت الخزرجي من القواقلة ورافع بن مالك الخزرجي الزرقي - رضي الله عنهم .

وروى شعبة : عن محمد بن عبد الرحمن ، أن جده أسعد بن زرارة أصابه وجع الذبح في حلقه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لأبلغن أو لأبلين في أبي أمامة عذرا . فكواه بيده فمات ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ميتة سوء لليهود ; يقولون : هلا دفع عن صاحبه . ولا أملك له ولا لنفسي من الله شيئا

. [ ص: 302 ] وقيل : إنه مات في السنة الأولى من الهجرة - رضي الله عنه - وقد مات فيها ثلاثة أنفس من كبراء الجاهلية ، ومشيخة قريش : العاص بن وائل السهمي والد عمرو ، والوليد بن المغيرة المخزومي ، والد خالد ، وأبو أحيحة سعيد بن العاص الأموي .

الواقدي : حدثني معمر ، عن الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل ، قال : هم اثنا عشر نقيبا رأسهم أسعد بن زرارة .

وعن عمر : عن عائشة ، قالت : نقب النبي - صلى الله عليه وسلم - أسعد على النقباء وعن خبيب بن عبد الرحمن ، قال : خرج أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس إلى مكة إلى عتبة بن ربيعة ، فسمعا برسول الله ، فأتياه ، فعرض عليهما الإسلام ، وقرأ عليهما القرآن ، فأسلما ، فكانا أول من قدم المدينة بالإسلام .

وعن أم خارجة : أخبرتني النوار أم زيد بن ثابت أنها رأت أسعد بن زرارة قبل مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس الصلوات الخمس ، يجمع بهم في مسجد بناه . قالت : فأنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم صلى في ذلك المسجد وبناه ، فهو مسجده اليوم .

إسرائيل : عن منصور ، عن محمد بن عبد الرحمن ، قال : أخذت أسعد بن زرارة الذبحة ، [ ص: 303 ] فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : اكتو ; فإني لا ألوم نفسي عليك .

زهير بن معاوية : عن أبي الزبير ، عن عمرو بن شعيب ، عن بعض الصحابة ، قال : كوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسعد مرتين في حلقه من الذبحة وقال : لا أدع في نفسي منه حرجا .

الثوري : عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : كواه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكحله مرتين .

وقيل : كواه فحجر به حلقه - يعني بالكي .

وقيل : أوصى أسعد ببناته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكن ثلاثا . فكن في عيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدرن معه في بيوت نسائه ، وهن : فريعة ، وكبشة ، وحبيبة . فقدم عليه حلي فيه ذهب ولؤلؤ ، فحلاهن منه .

وعن ابن أبي الرجال ، قال : جاءت بنو النجار ، فقالوا : مات نقيبنا أسعد ، فنقب علينا يا رسول الله . قال : أنا نقيبكم .

قال الواقدي : الأنصار يقولون : أول مدفون بالبقيع أسعد ، والمهاجرون يقولون : أول من دفن به عثمان بن مظعون

. [ ص: 304 ] وعن أبي أمامة بن سهل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد أسعد ، وأخذته الشوكة فأمر به فطوق عنقه بالكي طوقا ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى توفي - رضي الله عنه .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 02:52 AM

عتبة بن غزوان

ابن جابر بن وهيب ، السيد الأمير المجاهد أبو غزوان المازني ، حليف بني عبد شمس .

أسلم سابع سبعة في الإسلام ، وهاجر إلى الحبشة ، ثم شهد بدرا والمشاهد . وكان أحد الرماة المذكورين ، ومن أمراء الغزاة ، وهو الذي اختط البصرة وأنشأها .

حدث عنه خالد بن عمير العدوي ، وقبيصة بن جابر ، وهارون بن رئاب ، والحسن البصري ، ولم يلحقاه ، وغنيم بن قيس المازني . وقيل : كنيته أبو عبد الله . [ ص: 305 ]

ابن سعد : أنبأنا محمد بن عمر ، حدثنا جبير بن عبد الله ، وإبراهيم بن عبد الله من ولد عتبة بن غزوان .

قالا : استعمل عمر عتبة بن غزوان على البصرة فهو الذي مصر البصرة واختطها ، وكانت قبلها الأبلة ، وبنى المسجد بقصب ، ولم يبن بها دارا .

وقيل : كانت البصرة قبل تسمى أرض الهند ، فأول ما نزلها عتبة ، كان في ثمان مائة ، وسميت البصرة بحجارة سود كانت هناك ، فلما كثروا بنوا سبع دساكر من لبن ، اثنتين منها في الخريبة ، فكان أهلها يغزون جبال فارس .

قال ابن سعد : كان سعد يكتب إلى عتبة وهو عامله ، فوجد من ذلك ، واستأذن عمر أن يقدم عليه ، فأذن له . فاستخلف على البصرة المغيرة ، فشكا إلى عمر تسلط سعد عليه ، فسكت عمر ، فأعاد عليه عتبة وأكثر ، قال : وما عليك يا عتبة أن تقر بالأمر لرجل من قريش ؟ قال : أولست من قريش ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : حليف القوم منهم ولي صحبة قديمة . قال : لا [ ص: 306 ] ننكر ذلك من فضلك . قال : أما إذ صار الأمر إلى هذا ، فوالله لا أرجع إلى البصرة أبدا . فأبى عمر ورده ، فمات بالطريق ، أصابه البطن .

وقدم سويد غلامه بتركته على عمر ، وذلك سنة سبع عشرة - رضي الله عنه .

توفي بطريق البصرة وافدا إلى المدينة سنة سبع عشرة وقيل : مات سنة خمس عشرة وعاش سبعا وخمسين سنة - رضي الله عنه . له حديث في صحيح مسلم .

أبو نعامة السعدي : عن خالد بن عمير وشويس قالا : خطبنا عتبة بن غزوان فقال : ألا إن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء ، وإنكم في دار تنتقلون عنها ، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم . وذكر الحديث .
[ ص: 307 ] عكاشة بن محصن

السعيد الشهيد أبو محصن الأسدي حليف قريش ، من السابقين الأولين البدريين أهل الجنة .

استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على سرية الغمر فلم يلقوا كيدا .

وروي عن أم قيس بنت محصن قالت : توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعكاشة ابن أربع وأربعين سنة .

قال : وقتل بعد ذلك بسنة ببزاخة في خلافة أبي بكر الصديق سنة اثنتي عشرة ، وكان من أجمل الرجال ، - رضي الله عنه . [ ص: 308 ]

كذا هذا القول ، والصحيح أن مقتله كان في سنة إحدى عشرة ، قتله طليحة الأسدي الذي ارتد ، ثم أسلم بعد وحسن إسلامه .

وقد أبلى عكاشة يوم بدر بلاء حسنا ، وانكسر سيفه في يده ، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عرجونا من نخل أو عودا ، فعاد - بإذن الله - في يده سيفا ، فقاتل به وشهد به المشاهد .

حدث عنه أبو هريرة ، وابن عباس ، وغيرهما .

وكان خالد بن الوليد قد جهزه مع ثابت بن أقرم الأنصاري العجلاني طليعة له على فرسين ، فظفر بهما طليحة فقتلهما ، وكان ثابت بدريا كبير القدر ، ولم يرو شيئا .

وقيل : إن ابن رواحة الأمير يوم مؤتة لما أصيب ، دفع الراية إلى ثابت بن أقرم ، فلم يطق ، فدفعها إلى خالد ، وقال : أنت أعلم بالحرب مني .

ثابت بن قيس

ابن شماس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج ، أبو محمد ، وقيل : أبو عبد الرحمن . [ ص: 309 ]

خطيب الأنصار كان من نجباء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يشهد بدرا ، شهد أحدا ، وبيعة الرضوان .

وأمه هند الطائية ، وقيل : بل كبشة بنت واقد بن الإطنابة ، وإخوته لأمه عبد الله بن رواحة ، وعمرة بنت رواحة .

وكان زوج جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول ، فولدت له محمدا .

قال ابن إسحاق : قيل : آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين عمار ، وقيل : بل المؤاخاة بين عمار وحذيفة . وكان جهير الصوت ، خطيبا ، بليغا .

الأنصاري : حدثني حميد ، عن أنس ، قال : خطب ثابت بن قيس مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، فقال : نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا ، فما لنا ؟ قال : الجنة . قالوا : رضينا .

مالك وغيره : عن ابن شهاب ، عن إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس أن ثابت بن قيس قال : يا رسول الله ، إني أخشى أن أكون قد هلكت ، ينهانا الله أن نحب أن نحمد بما لا نفعل ، وأجدني أحب الحمد . وينهانا الله عن الخيلاء ، [ ص: 310 ] وإني امرؤ أحب الجمال ، وينهانا الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك ، وأنا رجل رفيع الصوت ، فقال : يا ثابت ، أما ترضى أن تعيش حميدا ، وتقتل شهيدا ، وتدخل الجنة ؟ .

أيوب ، عن عكرمة ، قال : لما نزلت لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية ، قال ثابت بن قيس : أنا كنت أرفع صوتي فوق صوته ، فأنا من أهل النار . فقعد في بيته ، فتفقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ما أقعده فقال : بل هو من أهل الجنة ، فلما كان يوم اليمامة ، انهزم الناس ، فقال ثابت : أف لهؤلاء ولما يعبدون ! وأف لهؤلاء ولما يصنعون ! يا معشر الأنصار ، خلوا سنني لعلي أصلى بحرها ساعة ، ورجل قائم على ثلمة ، فقتله وقتل . [ ص: 311 ]

أيوب ، عن ثمامة بن عبد الله ، عن أنس ، قال : أتيت على ثابت بن قيس يوم اليمامة وهو يتحنط ، فقلت : أي عم ، ألا ترى ما لقي الناس ؟ فقال : الآن يا ابن أخي .

ابن عون : حدثنا موسى بن أنس ، عن أنس ، قال : جئته وهو يتحنط ، فقلت : ألا ترى ؟ فقال : الآن يا ابن أخي . ثم أقبل ، فقال : هكذا عن وجوهنا نقارع القوم ، بئس ما عودتم أقرانكم ، ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقاتل حتى قتل .

حماد بن سلمة : أنبأنا ثابت ، عن أنس أن ثابت بن قيس جاء يوم اليمامة وقد تحنط ، ولبس ثوبين أبيضين ، فكفن فيهما ، وقد انهزم القوم ، فقال : اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ، وأعتذر من صنيع هؤلاء ، بئس ما عودتم أقرانكم ! خلوا بيننا وبينهم ساعة ، فحمل ، فقاتل حتى قتل ، وكانت درعه قد سرقت ، فرآه رجل في النوم ، فقال له : إنها في قدر تحت إكاف ، [ ص: 312 ] بمكان كذا وكذا ، وأوصاه بوصايا ، فنظروا فوجدوا الدرع كما قال . وأنفذوا وصاياه .

سهيل : عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس .

وعن الزهري : أن وفد تميم قدموا ، وافتخر خطيبهم بأمور ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس : قم فأجب خطيبهم . فقام ، فحمد الله وأبلغ ، وسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون بمقامه .

وهو الذي أتت زوجته جميلة تشكوه وتقول : يا رسول الله : لا أنا ولا ثابت بن قيس . قال : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم . فاختلعت منه

[ ص: 313 ] وقيل : ولدت محمدا بعد ، فجعلته في لفيف وأرسلت به إلى ثابت ، فأتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحنكه وسماه محمدا . فاتخذ له مرضعا .

قال الحاكم : كان ثابت على الأنصار يوم اليمامة ، ثم روى في ترجمته أحاديث منها لعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : حدثني عطاء الخراساني قال : قدمت المدينة ، فأتيت ابنة ثابت بن قيس ، فذكرت قصة أبيها ، قالت : لما نزلت لا ترفعوا أصواتكم جلس أبي يبكي . فذكرت الحديث .

وفيه : فلما استشهد رآه رجل ، فقال : إني لما قتلت ، انتزع درعي رجل من المسلمين وخبأه ، فأكب عليه برمة ، وجعل عليها رحلا ، فائت الأمير فأخبره ، وإياك أن تقول : هذا حلم ، فتضيعه ، وإذا أتيت المدينة فقل لخليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن علي من الدين كذا وكذا ، وغلامي فلان عتيق ، وإياك أن تقول : هذا حلم ، فتضيعه . فأتاه فأخبره الخبر ، فنفذ وصيته ، فلا نعلم أحدا بعد ما مات أنفذت وصيته غير ثابت بن قيس - رضي الله عنه .

وقد قتل محمد ، ويحيى ، وعبد الله بنو ثابت بن قيس يوم الحرة .

ومن الاتفاق أن بني ثابت بن قيس بن الخطيم الأوسي الظفري وهم : عمر ، ومحمد ، ويزيد ، قتلوا أيضا يوم الحرة ، وله أيضا صحبة ، ورواية في السنن وأبوه من فحول شعراء الأوس ، مات قبل فشو الإسلام بالمدينة ، ومن [ ص: 314 ] ذريته عدي بن ثابت محدث الكوفة ، وإنما هو عدي بن أبان بن ثابت بن قيس بن الخطيم بن عمرو بن يزيد بن سواد بن ظفر الظفري . نسب إلى جده .


أرب جمـال 8 - 2 - 2010 02:54 AM

شهداء أجنادين واليرموك

وقعة أجنادين كانت بين الرملة وبيت جبرين في جمادى سنة ثلاث عشرة . فاستشهد :

نعيم بن النحام القرشي العدوي من المهاجرين .

وأبان بن سعيد بن العاص الأموي ، وقيل : قتل يوم اليرموك ، وهو الذي أجار عثمان لما نفذه النبي - صلى الله عليه وسلم - رسولا إلى قريش يوم الحديبية .

وهشام بن العاص بن وائل السهمي ، أخو عمرو ، يكنى أبا مطيع ، اللذان قال فيهما النبي - صلى الله عليه وسلم - : ابنا العاص مؤمنان وقيل : قتل يوم اليرموك . [ ص: 315 ] وكان أسلم وهاجر إلى الحبشة ، ثم هاجر إلى المدينة سنة خمس ، وكان بطلا شجاعا يتمنى الشهادة فرزقها .

وضرار بن الأزور الأسدي ، أحد الأبطال ، له صحبة ، وحديث واحد . وكان على ميسرة خالد يوم بصرى ، وله مواقف مشهودة . وقيل : مات بالجزيرة بعد .

وطليب بن عمير بن وهب بن كثير بن عبد الدار بن قصي بن كلاب العبدري ، أخو مصعب ، وهو ابن عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - أروى . بدري من السابقين ، هاجر أيضا إلى الحبشة الهجرة الثانية .

قال الزبير بن بكار : قيل كان أبو جهل يشتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ طليب لحي جمل ، فشجه به ، قال غير الزبير : فأوثقوه ، فخلصه أبو لهب خاله .

وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بن هاشم ، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برز بطريق ، فضربه عبد الله بعد منازلة طويلة على عاتقه ، فأثبته ، وقطع الدرع ، وأشرع في منكبه ، ولما التحم الحرب ، وجد مقتولا ، - رضي الله عنه - قيل : عاش ثلاثين سنة ، ويقال : ثبت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين .

وهبار بن الأسود القرشي الأسدي له صحبة . روى عنه ابناه : عبد الملك وأبو عبد الله ، وعروة ، وسليمان بن يسار ، واستشهد بأجنادين . من الطلقاء .

وهبار بن سفيان بن عبد الأسد المخزومي ، من مهاجرة الحبشة ، قتل يومئذ ، وقيل يوم اليرموك .

وخالد بن سعيد بن العاص الأموي ، من مهاجرة الحبشة ، كبير القدر ، يقال : أصيب يوم أجنادين . [ ص: 316 ]

وسلمة بن هشام هو أخو أبي جهل ، من السابقين ، هاجر إلى الحبشة ، ثم رجع إلى مكة ، فحبسه أخوه ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو له ولعياش بن أبي ربيعة في القنوت ، ثم هرب مهاجرا بعد الخندق .

وعكرمة بن أبي جهل ، استشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة .

وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عياش المخزومي ، المدعو له في القنوت ، وروى عنه ابنه عبد الله ، وكان أخا أبي جهل لأمه .

وعبد الرحمن بن العوام بن خويلد الأسدي ، أخو الزبير ، حضر بدرا على الشرك ، ثم أسلم ، وجاهد ، وحسن إسلامه .

وعامر بن أبي وقاص مالك بن أهيب ، أخو سعد بن أبي وقاص الزهري ، أحد السابقين ، ومن مهاجرة الحبشة ، قدم دمشق ، وهم محاصروها بولاية أبي عبيدة . استشهد باليرموك ، وقيل بأجنادين .

ونضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة العبدري ، من مسلمة الفتح . كان أحد الحلماء وهو ممن تألفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بمائة بعير ، قتل يومئذ .

طليحة بن خويلد

ابن نوفل الأسدي . [ ص: 317 ]

البطل الكرار صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن يضرب بشجاعته المثل ، أسلم سنة تسع ، ثم ارتد وظلم نفسه ، وتنبأ بنجد ، وتمت له حروب مع المسلمين ، ثم انهزم وخذل ، ولحق بآل جفنة الغسانيين بالشام ، ثم ارعوى وأسلم ، وحسن إسلامه لما توفي الصديق ، وأحرم بالحج ، فلما رآه عمر قال : يا طليحة ، لا أحبك بعد قتلك عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم . وكانا طليعة لخالد يوم بزاخة ، فقتلهما طليحة وأخوه .

ثم شهد القادسية ، ونهاوند ، وكتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص : أن شاور طليحة في أمر الحرب ، ولا توله شيئا .

قال محمد بن سعد : كان طليحة يعد بألف فارس لشجاعته وشدته .

قلت : أبلى يوم نهاوند ثم استشهد - رضي الله عنه وسامحه .

[ ص: 318 ] سعد بن الربيع

ابن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج .

الأنصاري الخزرجي الحارثي البدري النقيب الشهيد الذي آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبينعبد الرحمن بن عوف ، فعزم على أن يعطي عبد الرحمن شطر ماله ، ويطلق إحدى زوجتيه ، ليتزوج بها ، فامتنع عبد الرحمن من ذلك ، ودعا له . وكان أحد النقباء ليلة العقبة .

ابن إسحاق : عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع ؟ فقال رجل من الأنصار : أنا . فخرج يطوف في القتلى ، حتى وجد سعدا جريحا مثبتا بآخر رمق ، فقال : يا سعد ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات ؟ قال : فإني في الأموات ، فأبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلام وقل : إن سعدا يقول : جزاك الله عني خير ما جزى نبيا عن أمته ، وأبلغ قومك مني السلام ، [ ص: 319 ] وقل لهم : إن سعدا يقول لكم : إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم ومنكم عين تطرف .

عبد الله بن محمد بن عقيل : عن جابر بن عبد الله قال : جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد ، فقالت : يا رسول الله ، هاتان بنتا سعد ، قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا ، وإن عمهما أخذ مالهما ، فلم يدع لهما مالا ، ولا تنكحان إلا ولهما مال ، قال : يقضي الله في ذلك . فأنزلت آية المواريث ، فبعث إلى عمهما فقال : أعط بنتي سعد الثلثين ، وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فهو لك .

عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه قال : بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد أطلب سعد بن الربيع ، فقال لي : إن رأيته ، فأقره مني السلام ، وقل له : يقول لك رسول الله : كيف تجدك ؟ فطفت بين القتلى ، فأصبته وهو في آخر رمق ، وبه سبعون ضربة ، فأخبرته ، فقال : على رسول الله السلام وعليك ، قل له : يا رسول الله ، أجد ريح الجنة ، وقل لقومي الأنصار : لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيكم شفر يطرف ، قال : وفاضت نفسه ، - رضي الله عنه - .

[ ص: 320 ] أخرجه البيهقي ، ثم ساقه بنحوه من طريق ابن إسحاق ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة نحو ما مر .

ونقل ابن عبد البر عن مالك بن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من يأتينا بخبر سعد ؟ فقال رجل : أنا . فذهب يطوف بين القتلى ، فوجده وبه رمق ، فقال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لآتيه بخبرك ، قال : فاذهب فأقره مني السلام ، وأخبره أنني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة ، وقد أنفذت مقاتلي .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 02:55 AM

معن بن عدي

ابن الجد بن العجلان الأنصاري العجلاني العقبي البدري ، من حلفاء بني مالك بن عوف من سادة الأنصار ، كان يكتب العربية قبل الإسلام .

قال ابن سعد : وله عقب اليوم .

وروى الزهري : عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس : أن معن بن عدي أحد الرجلين اللذين لقيا أبا بكر وعمر ، وهما يريدان سقيفة بني ساعدة ، [ ص: 321 ] فقالا لأبي بكر وعمر : لا عليكم أن لا تقربوهم ، واقضوا أمركم .

قال عروة : بلغنا أن الناس بكوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : ليتنا متنا قبله ، نخشى أن نفتتن بعده . فقال معن : لكني والله ما أحب أني مت قبله حتى أصدقه ميتا كما صدقته حيا .

قال ابن الأثير : معن بن عدي بن العجلان البلوي ، حليف بني عمرو بن عوف ، عقبي بدري مشهور .

قلت : هو أخو عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان البلوي ، حليف بني عمرو بن عوف .

وكان عاصم سيد بني العجلان ، وهو والد أبي البداح بن عاصم ، شهد عاصم بدرا أيضا ، وحديثه في السنن الأربعة .

وكان معن ممن استشهد يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة .

عبد الله بن عبد الله بن أبي

ابن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم - وسالم هو الذي يقال له الحبلى لعظم بطنه - بن غنم بن عوف بن الخزرج ، الأنصاري الخزرجي ، المعروف والده بابن سلول المنافق المشهور ، وسلول الخزاعية هي والدة أبي المذكور . [ ص: 322 ]

وقد كان عبد الله بن عبد الله من سادة الصحابة وأخيارهم ، وكان اسمه الحباب ، وبه كان أبوه يكنى ، فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - وسماه عبد الله .

شهد بدرا وما بعدها ، وذكر أبو عبد الله بن منده أن أنفه أصيب يوم أحد ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ أنفا من ذهب .

والأشبه في ذلك ما روي عن عائشة ، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أنه قال : ندرت ثنيتي فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتخذ ثنية من ذهب .

استشهد عبد الله يوم اليمامة وقد مات أبوه سنة تسع ، فألبسه النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه وصلى عليه ، واستغفر له إكراما لولده ، حتى نزلت : ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره الآية [ التوبة : 89 ] . [ ص: 323 ] وقد كان رئيسا مطاعا ، عزم أهل المدينة قبل أن يهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يملكوه عليهم ، فانحل أمره ، ولا حصل دنيا ولا آخرة ، نسأل الله العافية .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 02:57 AM

عكرمة بن أبي جهل ( ت )

عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي ، الشريف الرئيس الشهيد ، أبو عثمان القرشي المخزومي المكي .
عبد الله بن عمرو بن حرام

ابن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن [ ص: 325 ] أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج ، الأنصاري السلمي ، أبو جابر أحد النقباء ليلة العقبة شهد بدرا واستشهد يوم أحد .

شعبة : عن ابن المنكدر ، عن جابر : لما قتل أبي يوم أحد ، جعلت أكشف عن وجهه وأبكي ، وجعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهوني وهو لا ينهاني ، وجعلت عمتي تبكيه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : تبكيه أو لا تبكيه ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفعتموه .

شريك : عن الأسود بن قيس ، عن نبيح العنزي ، عن جابر قال : أصيب أبي وخالي يوم أحد ، فجاءت أمي بهما قد عرضتهما على ناقة ، فأقبلت بهما إلى المدينة ، فنادى مناد : ادفنوا القتلى في مصارعهم ، فردا حتى دفنا في مصارعهما . [ ص: 326 ] قال مالك : كفن هو وعمرو بن الجموح في كفن واحد .

وقال الأوزاعي : عن الزهري ، عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج لدفن شهداء أحد ، قال : زملوهم بجراحهم ، فأنا شهيد عليهم . وكفن أبي في نمرة .

قال ابن سعد : قالوا : وكان عبد الله أول من قتل يوم أحد ، وكان أحمر أصلع ليس بالطويل ، وكان عمرو بن الجموح طويلا ، فدفنا معا عند السيل ، فحفر السيل عنهما ، وعليهما نمرة ، وقد أصاب عبد الله جرح في وجهه فيده على جرحه ، فأميطت يده ، فانبعث الدم ، فردت ، فسكن الدم .

قال جابر : فرأيت أبي في حفرته ، كأنه نائم ، وما تغير من حاله شيء ، وبين ذلك ست وأربعون سنة ، فحولا إلى مكان آخر ، وأخرجوا رطابا يتثنون .

أبو الزبير : عن جابر قال : صرخ بنا إلى قتلانا ، حين أجرى معاوية العين ، فأخرجناهم لينة أجسادهم ، تتثنى أطرافهم .

ابن أبي نجيح : عن عطاء ، عن جابر قال : دفن رجل مع أبي ، فلم تطب نفسي ، حتى أخرجته ودفنته وحده . [ ص: 327 ]

سعيد بن يزيد أبو مسلمة : عن أبي نضرة ، عن جابر ، قال أبي : أرجو أن أكون في أول من يصاب غدا ، فأوصيك ببناتي خيرا ، فأصيب ، فدفنته مع آخر ، فلم تدعني نفسي حتى استخرجته ودفنته وحده بعد ستة أشهر ، فإذا الأرض لم تأكل منه شيئا ، إلا بعض شحمة أذنه .

الشعبي : حدثني جابر ، أن أباه توفي ، وعليه دين ، قال : فأتيت رسول الله فقلت : إن أبي ترك عليه دينا ، وليس عندنا إلا ما يخرج من نخله ، فانطلق معي لئلا يفحش علي الغرماء . قال : فمشى حول بيدر من بيادر التمر ، ودعا ، ثم جلس عليه ، فأوفاهم الذي لهم ، وبقي مثل الذي أعطاهم .

وفي الصحيح أحاديث في ذلك .

وقال ابن المديني : حدثنا موسى بن إبراهيم ، حدثنا طلحة بن خراش ، سمع جابرا يقول : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحا ، فقال : يا عبدي ، سلني أعطك . قال : أسألك أن تردني إلى الدنيا ، فأقتل فيك ثانيا ، فقال : إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون . قال : يا رب ، فأبلغ من ورائي . فأنزل الله : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون [ آل عمران : 169 ] .

[ ص: 328 ] وروي نحوه من حديث عائشة .

ابن إسحاق : حدثنا عاصم بن عمر ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا ذكر أصحاب أحد : والله لوددت أني غودرت مع أصحاب فحص الجبل .

يقول : قتلت معهم - صلى الله عليه وسلم .

لما قتل أبوه ، تحولت رئاسة بني مخزوم إلى عكرمة ، ثم إنه أسلم وحسن ، إسلامه بالمرة .

قال ابن أبي مليكة : كان عكرمة إذا اجتهد في اليمين قال : لا والذي نجاني يوم بدر .

ولما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هرب منها عكرمة وصفوان بن أمية بن خلف ، [ ص: 324 ] فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمنهما ، وصفح عنهما ، فأقبلا إليه .

استوعب أخباره أبو القاسم ابن عساكر .

أخرجه الترمذي من طريق مصعب بن سعد ، عن عكرمة - ولم يدركه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : مرحبا بالراكب المهاجر ، قال : فقلت : يا رسول الله ، والله لا أدع نفقة أنفقتها عليك ، إلا أنفقت مثلها في سبيل الله .

ولم يعقب عكرمة .

قال الشافعي : كان محمود البلاء في الإسلام - رضي الله عنه .

قال أبو إسحاق السبيعي : نزل عكرمة يوم اليرموك ، فقاتل قتالا شديدا ، ثم استشهد ، فوجدوا به بضعا وسبعين من طعنة ورمية وضربة .

وقال عروة وابن سعد وطائفة : قتل يوم أجنادين .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 05:16 PM

عبد الله بن عمرو بن حرام

ابن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن [ ص: 325 ] أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج ، الأنصاري السلمي ، أبو جابر أحد النقباء ليلة العقبة شهد بدرا واستشهد يوم أحد .

يزيد بن أبي سفيان ( ق )

ابن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي . [ ص: 329 ]

أخو معاوية من أبيه ، ويقال له يزيد الخير ، وأمه هي زينب بنت نوفل الكنانية ، وهو أخو أم المؤمنين أم حبيبة .

كان من العقلاء الألباء ، والشجعان المذكورين ، أسلم يوم الفتح ، وحسن إسلامه ، وشهد حنينا ، فقيل : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية فضة ، وهو أحد الأمراء الأربعة الذين ندبهم أبو بكر لغزو الروم ، عقد له أبو بكر ، ومشى معه تحت ركابه يسايره ، ويودعه ، ويوصيه ، وما ذاك إلا لشرفه وكمال دينه ، ولما فتحت دمشق أمره عمر عليها .

له حديث في الوضوء رواه ابن ماجه وله عن أبي بكر .

حدث عنه أبو عبد الله الأشعري ، وجنادة بن أبي أمية .

وله ترجمة طويلة في تاريخ الحافظ أبي القاسم .

وعلى يده كان فتح قيسارية التي بالشام .

روى عوف الأعرابي ، عن مهاجر أبي مخلد قال : حدثني أبو العالية قال : غزا يزيد بن أبي سفيان بالناس ، فوقعت جارية نفيسة في سهم رجل ، فاغتصبها يزيد ، فأتاه أبو ذر ، فقال : رد على الرجل جاريته ، فتلكأ ، فقال : لئن [ ص: 330 ] فعلت ذلك ، لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد . فقال : نشدتك الله ، أنا منهم ؟ قال : لا . فرد على الرجل جاريته أخرجه الروياني في " مسنده " .

قال إبراهيم بن سعد : كان يزيد بن أبي سفيان على ربع ، وأبو عبيدة على ربع ، وعمرو بن العاص على ربع ، وشرحبيل بن حسنة على ربع ، يعني يوم اليرموك . ولم يكن يومئذ عليهم أمير .

توفي يزيد في الطاعون سنة ثماني عشرة ولما احتضر ، استعمل أخاه معاوية على عمله ، فأقره عمر على ذلك احتراما ليزيد ، وتنفيذا لتوليته .

ومات هذه السنة في الطاعون أبو عبيدة أمين الأمة ، ومعاذ بن جبل سيد العلماء ، والأمير المجاهد شرحبيل بن حسنة حليف بني زهرة ، وابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - الفضل بن العباس وله بضع وعشرون سنة ، والحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي أبو عبد الرحمن من الصحابة الأشراف ، وهو أخو أبي جهل ، وأبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري - رضي الله عنهم .

شعبة : عن ابن المنكدر ، عن جابر : لما قتل أبي يوم أحد ، جعلت أكشف عن وجهه وأبكي ، وجعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهوني وهو لا ينهاني ، وجعلت عمتي تبكيه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : تبكيه أو لا تبكيه ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفعتموه .

شريك : عن الأسود بن قيس ، عن نبيح العنزي ، عن جابر قال : أصيب أبي وخالي يوم أحد ، فجاءت أمي بهما قد عرضتهما على ناقة ، فأقبلت بهما إلى المدينة ، فنادى مناد : ادفنوا القتلى في مصارعهم ، فردا حتى دفنا في مصارعهما . [ ص: 326 ] قال مالك : كفن هو وعمرو بن الجموح في كفن واحد .

وقال الأوزاعي : عن الزهري ، عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج لدفن شهداء أحد ، قال : زملوهم بجراحهم ، فأنا شهيد عليهم . وكفن أبي في نمرة .

قال ابن سعد : قالوا : وكان عبد الله أول من قتل يوم أحد ، وكان أحمر أصلع ليس بالطويل ، وكان عمرو بن الجموح طويلا ، فدفنا معا عند السيل ، فحفر السيل عنهما ، وعليهما نمرة ، وقد أصاب عبد الله جرح في وجهه فيده على جرحه ، فأميطت يده ، فانبعث الدم ، فردت ، فسكن الدم .

قال جابر : فرأيت أبي في حفرته ، كأنه نائم ، وما تغير من حاله شيء ، وبين ذلك ست وأربعون سنة ، فحولا إلى مكان آخر ، وأخرجوا رطابا يتثنون .

أبو الزبير : عن جابر قال : صرخ بنا إلى قتلانا ، حين أجرى معاوية العين ، فأخرجناهم لينة أجسادهم ، تتثنى أطرافهم .

ابن أبي نجيح : عن عطاء ، عن جابر قال : دفن رجل مع أبي ، فلم تطب نفسي ، حتى أخرجته ودفنته وحده . [ ص: 327 ]

سعيد بن يزيد أبو مسلمة : عن أبي نضرة ، عن جابر ، قال أبي : أرجو أن أكون في أول من يصاب غدا ، فأوصيك ببناتي خيرا ، فأصيب ، فدفنته مع آخر ، فلم تدعني نفسي حتى استخرجته ودفنته وحده بعد ستة أشهر ، فإذا الأرض لم تأكل منه شيئا ، إلا بعض شحمة أذنه .

الشعبي : حدثني جابر ، أن أباه توفي ، وعليه دين ، قال : فأتيت رسول الله فقلت : إن أبي ترك عليه دينا ، وليس عندنا إلا ما يخرج من نخله ، فانطلق معي لئلا يفحش علي الغرماء . قال : فمشى حول بيدر من بيادر التمر ، ودعا ، ثم جلس عليه ، فأوفاهم الذي لهم ، وبقي مثل الذي أعطاهم .

وفي الصحيح أحاديث في ذلك .

وقال ابن المديني : حدثنا موسى بن إبراهيم ، حدثنا طلحة بن خراش ، سمع جابرا يقول : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحا ، فقال : يا عبدي ، سلني أعطك . قال : أسألك أن تردني إلى الدنيا ، فأقتل فيك ثانيا ، فقال : إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون . قال : يا رب ، فأبلغ من ورائي . فأنزل الله : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون [ آل عمران : 169 ] .

[ ص: 328 ] وروي نحوه من حديث عائشة .

ابن إسحاق : حدثنا عاصم بن عمر ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا ذكر أصحاب أحد : والله لوددت أني غودرت مع أصحاب فحص الجبل .

يقول : قتلت معهم - صلى الله عليه وسلم .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 05:19 PM

أبو العاص بن الربيع

ابن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي العبشمي . [ ص: 331 ]

صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوج بنته زينب ، وهو والد أمامة التي كان يحملها النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته .

واسمه لقيط ، وقيل : اسم أبيه ربيعة ، وهو ابن أخت أم المؤمنين خديجة ، أمه هي هالة بنت خويلد ، وكان أبو العاص يدعى جرو البطحاء .

أسلم قبل الحديبية بخمسة أشهر .

قال المسور بن مخرمة : أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي العاص في مصاهرته خيرا وقال : حدثني فصدقني ، ووعدني ، فوفى لي وكان قد وعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع إلى مكة ، بعد وقعة بدر ، فيبعث إليه بزينب ابنته ، فوفى بوعده ، وفارقها مع شدة حبه لها ، وكان من تجار قريش وأمنائهم ، وما علمت له رواية . [ ص: 332 ]

ولما هاجر ، رد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - زوجته زينب بعد ستة أعوام على النكاح الأول وجاء في رواية أنه ردها إليه بعقد جديد ، وقد كانت زوجته لما أسر نوبة بدر ، بعثت قلادتها لتفتكه بها ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن رأيتم أن تطلقوا لهذه أسيرها فبادر الصحابة إلى ذلك .

ومن السيرة أنها بعثت في فدائه قلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها ، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رق لها ، وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ، وتردوا عليها ؟ قالوا : نعم . وأطلقوه ، فأخذ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخلي سبيل زينب - وكانت من المستضعفين من النساء - واستكتمه النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وبعث زيد بن حارثة [ ص: 333 ] ورجلا من الأنصار ، فقال : كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب ، فتصحبانها . وذلك بعد بدر بشهر .

فلما قدم أبو العاص مكة ، أمرها باللحوق بأبيها ، فتجهزت ، فقدم أخو زوجها كنانة - قلت : وهو ابن خالتها - بعيرا ، فركبت ، وأخذ قوسه وكنانته نهارا ، فخرجوا في طلبها ، فبرك كنانة ، ونثر كنانته بذي طوى ، فروعها هبار بن الأسود بالرمح ، فقال كنانة : والله لا يدنو أحد إلا وضعت فيه سهما ، فقال أبو سفيان : كف أيها الرجل عنا نبلك حتى نكلمك . فكف ، فوقف عليه ، فقال : إنك لم تصب ، خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية ، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا ، وما دخل علينا من محمد ، فيظن الناس أن ذلك عن ذل أصابنا ، ولعمري ما بنا بحبسها عن أبيها من حاجة ، ارجع بها ، حتى إذا هدت الأصوات ، وتحدث الناس أنا رددناها ، فسلها سرا ، وألحقها بأبيها . قال : ففعل ، وخرج بها بعد ليال ، فسلمها إلى زيد وصاحبه ، فقدما بها .

فلما كان قبل الفتح ، خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام بماله ومال كثير لقريش ، فلما رجع لقيته سرية ، فأصابوا ما معه ، وأعجزهم هربا ، فقدموا بما أصابوا ، وأقبل هو في الليل حتى دخل على زينب ، فاستجار بها فأجارته ، فلما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس في صلاة الصبح ، صرخت زينب من صفة النساء : أيها الناس ، قد أجرت أبا العاص بن الربيع . وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السرية الذين أصابوا ماله ، فقال : إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم ، وقد أصبتم له مالا ، فإن تحسنوا وتردوه ، فإنا نحب ذلك ، وإن أبيتم فهو فيء الله ; فأنتم أحق به . قالوا : بل نرده . فردوه كله .

ثم ذهب به إلى مكة ، فأدى إلى كل ذي مال ماله ، ثم قال : يا معشر قريش ، هل [ ص: 334 ] بقي لأحد منكم عندي شيء ؟ قالوا : لا ، فجزاك الله خيرا . قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا خوف أن تظنوا أني إنما أردت أكل أموالكم . ثم قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعن ابن عباس قال : رد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب على النكاح الأول ، لم يحدث شيئا .

زينب

زينب هذه كانت - رضي الله عنها - أكبر بنات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتوفيت سنة ثمان من الهجرة وغسلتها أم عطية ، فأعطاهن حقوه ، وقال : أشعرنها إياه . [ ص: 335 ]

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبها ، ويثني عليها - رضي الله عنها - عاشت نحو ثلاثين سنة .

ومات أبو العاص في شهر ذي الحجة سنة اثنتي عشرة في خلافة الصديق .

أمامة بنت أبي العاص

التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحملها في صلاته .

هي بنت بنته ، تزوج بها علي بن أبي طالب في خلافة عمر ، وبقيت عنده مدة ، وجاءته الأولاد منها ، وعاشت بعده حتى تزوج بها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ، فتوفيت عنده بعد أن ولدت له يحيى بن المغيرة .

ماتت في دولة معاوية بن أبي سفيان ولم ترو شيئا .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 05:25 PM

أبو زيد

هو من كبار الصحابة وممن حفظ القرآن كله في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم . [ ص: 336 ]

قال ابن سعد : هو ثابت بن زيد بن قيس بن زيد بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج .

حدثنا أبو زيد النحوي سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير بن أبي زيد الأنصاري ثابت بن زيد ، قال النحوي : هو جدي .

شهد أحدا ، وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن ، نزل البصرة واختط بها ، ثم قدم المدينة فمات بها ، فوقف عمر على قبره ، فقال : رحمك الله أبا زيد ; لقد دفن اليوم أعظم أهل الأرض أمانة . وقتل ابنه بشير يوم الحرة .

العقدي : حدثنا علي بن المبارك ، عن الحسن أبي محمد قال : دخلنا على أبي زيد ، وكانت رجله أصيبت يوم أحد ، فأذن وأقام قاعدا .

وقيل : اسم أبي زيد أوس ، وقيل : معاذ . والأول أصح .

عباد بن بشر

ابن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل .

الإمام أبو الربيع الأنصاري الأشهلي ، أحد البدريين .

كان من سادة الأوس ، عاش خمسا وأربعين سنة ، وهو الذي أضاءت له عصاته ليلة انقلب إلى منزله من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

أسلم على يد مصعب بن عمير ، وكان أحد من قتل كعب بن الأشرف اليهودي واستعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على صدقات مزينة وبني سليم ، وجعله على حرسه في غزوة تبوك ، وكان كبير القدر - رضي الله عنه .

أبلى يوم اليمامة بلاء حسنا ، وكان أحد الشجعان الموصوفين .

ابن إسحاق : عن يحيى بن عباد بن عبد الله عن أبيه ، قال : قالت عائشة : ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا ، كلهم من بني عبد الأشهل : سعد بن معاذ ، وعباد بن بشر ، وأسيد بن حضير [ ص: 338 ]

آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة .

وروي بإسناد ضعيف عن أبي سعيد الخدري : سمع عباد بن بشر يقول : رأيت الليلة كأن السماء فرجت لي ، ثم أطبقت علي ، فهي إن شاء الله الشهادة . نظر يوم اليمامة وهو يصيح : احطموا جفون السيوف . وقاتل حتى قتل بضربات في وجهه - رضي الله عنه .

ابن إسحاق : عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة قال : تهجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي ، فسمع صوت عباد بن بشر ، فقال : يا عائشة ، هذا صوت عباد بن بشر ؟ قلت : نعم . قال : اللهم اغفر له .

حماد بن سلمة : عن محمد بن إسحاق ، عن حصين بن عبد الرحمن الخطمي ، عن عبد الرحمن بن ثابت الأنصاري ، عن عباد بن بشر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يا معشر الأنصار ، أنتم الشعار والناس الدثار .

[ ص: 339 ] قال علي بن المديني : لا أحفظ لعباد سواه .

عباد بن بشر بن قيظي الأشهلي ، قال ابن الأثير : وقع تخبيط في اسم جده . قال : وإنما هو عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن الأوس الأوسي .

استشهد - رضي الله عنه - يوم اليمامة .

أما عباد بن بشر بن قيظي ، فهو أنصاري من بني حارثة ، أم قومه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - له حديث في الاستدارة في الصلاة إلى الكعبة . والله أعلم .

قال عباد بن عبد الله بن الزبير : ما سماني أبي عبادا إلا به - يعني بالأشهلي .

ومن شعره :
صرخت له فلم يعرض لصوتي ووافى طالعا من رأس جذر فعدت له فقال من المنادي
فقلت أخوك عباد بن بشر [ ص: 340 ] وهذي درعنا رهنا فخذها
لشهر إن وفى أو نصف شهر فقال : معاشر سغبوا وجاعوا
وما عدموا الغنى من غير فقر فأقبل نحونا يهوي سريعا
وقال لنا لقد جئتم لأمر وفي أيماننا بيض حداد
مجربة ، بها الكفار نفري فعانقه ابن مسلمة المردي
به الكفار كالليث الهزبر وشد بسيفه صلتا عليه
فقطره أبو عبس بن جبر وكان الله سادسنا فأبنا
بأنعم نعمة وأعز نصر
لعباد حديث واحد مر ، وهو لابن إسحاق ، عن حصين بن عبد الرحمن الأنصاري ، عن عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت ، عن عباد بن بشر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يا معشر الأنصار ، أنتم الشعار والناس الدثار ، فلا أوتين من قبلكم .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 08:07 PM

عبد الله بن عمرو بن حرام

ابن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن [ ص: 325 ] أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج ، الأنصاري السلمي ، أبو جابر أحد النقباء ليلة العقبة شهد بدرا واستشهد يوم أحد .

شعبة : عن ابن المنكدر ، عن جابر : لما قتل أبي يوم أحد ، جعلت أكشف عن وجهه وأبكي ، وجعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهوني وهو لا ينهاني ، وجعلت عمتي تبكيه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : تبكيه أو لا تبكيه ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفعتموه .

شريك : عن الأسود بن قيس ، عن نبيح العنزي ، عن جابر قال : أصيب أبي وخالي يوم أحد ، فجاءت أمي بهما قد عرضتهما على ناقة ، فأقبلت بهما إلى المدينة ، فنادى مناد : ادفنوا القتلى في مصارعهم ، فردا حتى دفنا في مصارعهما . [ ص: 326 ] قال مالك : كفن هو وعمرو بن الجموح في كفن واحد .

وقال الأوزاعي : عن الزهري ، عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج لدفن شهداء أحد ، قال : زملوهم بجراحهم ، فأنا شهيد عليهم . وكفن أبي في نمرة .

قال ابن سعد : قالوا : وكان عبد الله أول من قتل يوم أحد ، وكان أحمر أصلع ليس بالطويل ، وكان عمرو بن الجموح طويلا ، فدفنا معا عند السيل ، فحفر السيل عنهما ، وعليهما نمرة ، وقد أصاب عبد الله جرح في وجهه فيده على جرحه ، فأميطت يده ، فانبعث الدم ، فردت ، فسكن الدم .

قال جابر : فرأيت أبي في حفرته ، كأنه نائم ، وما تغير من حاله شيء ، وبين ذلك ست وأربعون سنة ، فحولا إلى مكان آخر ، وأخرجوا رطابا يتثنون .

أبو الزبير : عن جابر قال : صرخ بنا إلى قتلانا ، حين أجرى معاوية العين ، فأخرجناهم لينة أجسادهم ، تتثنى أطرافهم .

ابن أبي نجيح : عن عطاء ، عن جابر قال : دفن رجل مع أبي ، فلم تطب نفسي ، حتى أخرجته ودفنته وحده . [ ص: 327 ]

سعيد بن يزيد أبو مسلمة : عن أبي نضرة ، عن جابر ، قال أبي : أرجو أن أكون في أول من يصاب غدا ، فأوصيك ببناتي خيرا ، فأصيب ، فدفنته مع آخر ، فلم تدعني نفسي حتى استخرجته ودفنته وحده بعد ستة أشهر ، فإذا الأرض لم تأكل منه شيئا ، إلا بعض شحمة أذنه .

الشعبي : حدثني جابر ، أن أباه توفي ، وعليه دين ، قال : فأتيت رسول الله فقلت : إن أبي ترك عليه دينا ، وليس عندنا إلا ما يخرج من نخله ، فانطلق معي لئلا يفحش علي الغرماء . قال : فمشى حول بيدر من بيادر التمر ، ودعا ، ثم جلس عليه ، فأوفاهم الذي لهم ، وبقي مثل الذي أعطاهم .

وفي الصحيح أحاديث في ذلك .

وقال ابن المديني : حدثنا موسى بن إبراهيم ، حدثنا طلحة بن خراش ، سمع جابرا يقول : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحا ، فقال : يا عبدي ، سلني أعطك . قال : أسألك أن تردني إلى الدنيا ، فأقتل فيك ثانيا ، فقال : إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون . قال : يا رب ، فأبلغ من ورائي . فأنزل الله : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون [ آل عمران : 169 ] .

[ ص: 328 ] وروي نحوه من حديث عائشة .

ابن إسحاق : حدثنا عاصم بن عمر ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا ذكر أصحاب أحد : والله لوددت أني غودرت مع أصحاب فحص الجبل .

يقول : قتلت معهم - صلى الله عليه وسلم .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 08:08 PM

يزيد بن أبي سفيان ( ق )

ابن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي . [ ص: 329 ]

أخو معاوية من أبيه ، ويقال له يزيد الخير ، وأمه هي زينب بنت نوفل الكنانية ، وهو أخو أم المؤمنين أم حبيبة .

كان من العقلاء الألباء ، والشجعان المذكورين ، أسلم يوم الفتح ، وحسن إسلامه ، وشهد حنينا ، فقيل : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية فضة ، وهو أحد الأمراء الأربعة الذين ندبهم أبو بكر لغزو الروم ، عقد له أبو بكر ، ومشى معه تحت ركابه يسايره ، ويودعه ، ويوصيه ، وما ذاك إلا لشرفه وكمال دينه ، ولما فتحت دمشق أمره عمر عليها .

له حديث في الوضوء رواه ابن ماجه وله عن أبي بكر .

حدث عنه أبو عبد الله الأشعري ، وجنادة بن أبي أمية .

وله ترجمة طويلة في تاريخ الحافظ أبي القاسم .

وعلى يده كان فتح قيسارية التي بالشام .

روى عوف الأعرابي ، عن مهاجر أبي مخلد قال : حدثني أبو العالية قال : غزا يزيد بن أبي سفيان بالناس ، فوقعت جارية نفيسة في سهم رجل ، فاغتصبها يزيد ، فأتاه أبو ذر ، فقال : رد على الرجل جاريته ، فتلكأ ، فقال : لئن [ ص: 330 ] فعلت ذلك ، لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد . فقال : نشدتك الله ، أنا منهم ؟ قال : لا . فرد على الرجل جاريته أخرجه الروياني في " مسنده " .

قال إبراهيم بن سعد : كان يزيد بن أبي سفيان على ربع ، وأبو عبيدة على ربع ، وعمرو بن العاص على ربع ، وشرحبيل بن حسنة على ربع ، يعني يوم اليرموك . ولم يكن يومئذ عليهم أمير .

توفي يزيد في الطاعون سنة ثماني عشرة ولما احتضر ، استعمل أخاه معاوية على عمله ، فأقره عمر على ذلك احتراما ليزيد ، وتنفيذا لتوليته .

ومات هذه السنة في الطاعون أبو عبيدة أمين الأمة ، ومعاذ بن جبل سيد العلماء ، والأمير المجاهد شرحبيل بن حسنة حليف بني زهرة ، وابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - الفضل بن العباس وله بضع وعشرون سنة ، والحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي أبو عبد الرحمن من الصحابة الأشراف ، وهو أخو أبي جهل ، وأبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري - رضي الله عنهم .


الساعة الآن 01:13 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى