![]() |
[align=justify]و لأنها أعظم ما يشتغل به الإنسان عن الذكر (1), وقال الفراء : التجارة لأهل الجلب ، والبيع ما باعه الرجل على بدنه ، وخصّ قوم التجارة هاهنا بالشراء لذكر البيع بعدها ، وبمثل قول الفراء . قال الواقدي ، فقال : التجار هم : الجلاب المسافرون ، والباعة : هم المقيمون .
و ذكر الرازي(2) سبب إعادة ذكر البيع ؟ فقال الجواب عنه من وجوه : الأول : أن التجارة جنس يدخل تحت أنواع الشراء والبيع إلا أنه سبحانه خص البيع بالذكر لأنه في الإلهاء أدخل ، لأن الربح الحاصل في البيع يقين ناجز ، والربح الحاصل في الشراء شك مستقبل الثاني : أن البيع يقتضي تبديل العرض بالنقد ، والشراء بالعكس والرغبة في تحصيل النقد أكثر من العكس الثالث : قال الفراء : التجارة لأهل الجلب ، يقال : اتجر فلان في كذا إذا جلبه من غير بلده ، والبيع ما باعه على يديه . و خص الرجال بالذكر؟ لأن النساء لسن من أهل التجارات أو الجماعات (3). الباب الرابع : أحكام التجارة في القرآن , و فيه فصول : الفصل الأول : وجوب التجارة مع الله الفصل الثاني : التجارة مع الله , وفيه مباحث : الأول : التعريف الثاني : رأس مالها الثالث : كيفيتها و آدابها الرابع : مرابحها الفصل الثالث : التجارة مع الإنسان , وفيه مباحث : المبحث الأول : الترغيب في التجارة المبحث الثاني : حرص الناس على هذه التجارة المبحث الثالث : أحكام و آداب التجارة , وفيه مطالب : __________ (1) فتح القدير , ج 4 ص 35 . أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري , الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل , دار الفكر , بلا سنة الطبع , ج , (2) محمَّد بن عُمَر بن الحسن بن الحسين التَّيميّ ، الإمام فخر الدين الرازي , ولد 543 ه , و توفي 606 . (3) أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي , مفاتيح الغيب , ج 11 ص 344 من موقع التفاسير www.altafsir.com[/align] |
[align=justify]... المطلب الأول : النهي عن التجارة بالباطل .
المطلب الثاني : أن تكون التجارة عن تراض . ... المطلب الثالث : عدم الكتابة في التجارة الحاضرة . ... المطلب الرابع : ألا تشغل التجارة عن عبادة الله و الإيمان به . المطلب الخامس : يوم القيامة أخوف إليه من الكساد . ... المطلب السادس : بغية التجار الثواب و الأجور من الله . ... المطلب السابع : التحلي بالخلق الحسن . الفصل الأول : وجوب التجارة مع الله التجارة مع الله تعالى هي حقيقة هذه الحياة الفانية , فالمسلم عليه أن يذكر دائما أنه في تجارة مستمرة مع ربه , كل ساعة و كل دقيقة حتى كل ثانية لا يخلو من عملية البيع و الشراء , ماذا باع لله ؟ و أي سلعة عرض إليه تعالى ؟ , هل هي سلع مقبولة أو مردودة ؟ . و إذا كان الهدف من هذه الحياة هو عبادة الله تعالى و ابتغاء مرضاته فلا مفر إذن من التجارة مع الله , فهي واجبة بموجب الحياة في هذه الدنيا . قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ , تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ , يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ , وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ(1). __________ (1) الصف : 10-13[/align] |
[align=justify]فطوبى لكل مسلم و مؤمن تاجر سلعته إلى الله تعالى , طوبى له بالفوز العظيم و النجاح الحقيقي في الدنيا من النصر و الفتح القريب , و الفوز الأخروي بدخول الجنة التي تجري من تحتها الأنهار و بيوت جميلة طيبة يسكنها مع الحور العين و ذلك هو الفوز العظيم . و القول بوجوب التجارة مع الله مستدل بهذه الآية , لأن التجارة التي تنجي من العذاب هي الإيمان بالله مع تطبيقه في مجال الجهاد بالأموال و الأنفس و الإيمان بالله أمر واجب و هو من المعلوم في الدين بالضروروة , لذا قرأ ابن مسعود رضي الله عنه الآية بالأمر بدلا من المضارع أي ( آمنوا بالله و رسوله و تجاهدون إلخ .... ) (1) , و «تُؤمِنُونَ» عند المبرد(2) والزجاج(3) في معنى آمنوا (4) ,كما ذكر ابن عاشور مجيء { يغفر } مجْزوماً تنبيه على أن { تؤمنون } { وتجاهدون } وإن جاءا في صيغة الخبر فالمراد الأمرُ لأن الجزم إنما يكون في جواب الطلب لا في جواب الخبر(5) , و قد علمنا أن الأصل في الأمر للوجوب.
و فسر ابن كثير: { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } أي: إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه، غفرت لكم الزلات، وأدخلتكم الجنات، والمساكن الطيبات، والدرجات العاليات (6). __________ (1) فتح القدير , ج 5 ص 222 . (2) محمد بن يزيد بن عبد الأكبر المعروف بالمبرد ، (ولد 210 هـ/825 م) هو أحد العلماء الجهابذة في علوم البلاغة والنحو والنقد، عاش في العصر العباسي في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) (3) ابراهيم بن السري بن سهل الزجاج (أبو اسحاق) النحوي، اللغوي، المفسر. (4) تفسير القرطبي , ص 5600 , من الشاملة . (5) ابن عاشور , التحرير والتنوير , ج 15 ص 67 , من موقع التفاسير www.altafsir.com (6) أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي , تفسير القرآن العظيم , ج 4 ص 386[/align] |
[align=justify]ومن جانب المادي فقد وعد الله تعالى للتجار معه مرابح كثيرة يحبها الإنسان فصلتها الآيات التي تليها, فأي إنسان عاقل لا يتطلع إلى هذه الأرباح ؟ و قد جاءت الآية بصيغة الاستفهام (هل ) , والاستفهام مستعمل في العَرض مجازاً لأن العارض قد يسأل المعروضَ عليه ليعلم رغبته في الأمر المعروض كما يقال : هل لك في كذا؟ أو هل لك إلى كذا؟ والعرض هنا كناية عن التشويق إلى الأمر المعروض ، وهو دلالته إياهم على تجارة نافعة (1).
فما هي هذه التجارة ؟ و كيف ؟ و ما مميزاتها ؟ الفصل الثاني : التجارة مع الله , وفيه مباحث : المبحث الأول : التعريف التجارة مع الله هي عمل العلماء الذين يخشون الله كما تناولت الآيتان من سورة فاطر : وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) فبعد أن ذكر سبحانه الذين يخشونه و هم العلماء , ذكر أعمالهم وهي : تلاوة كتابه , و إقامة الصلاة , و الإنفاق سرا و علنا . و هؤلاء العلماء زاولوا التجارة مع الله أي أطاعوا الله من أجل الثواب منه . __________ (1) ابن عاشور , التحرير والتنوير , ج 15 ص 67 , من موقع التفاسير [/align] |
[align=justify]قال صاحب الكشاف : التجارة بمعنى طلب الثواب بالطاعة (1), و معنى { يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ } أي: يرجون ثوابا عند الله لا بد من حصوله (2) .
وهي التجارة التي لن تبور أي لن تخسر أو لن تكسد ولن تهلك . فالتجار مع الله هم أولياؤه المهتدون , ربحت تجارتهم أيما ربح , بخلاف المنافقين الذين خسروا , كما قال : أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (3) . قال ابن جرير : وتأويل ذلك أن المنافقين - بشرائهم الضلالةَ بالهدى- خسروا ولم يربحوا، لأن الرابح من التجّار: المستبدِلُ من سلعته المملوكة عليه بدلا هو أنفسَ من سلعته المملوكة أو أفضلَ من ثمنها الذي يبتاعها به. فأما المستبدِلُ من سلعته بدلا دُونها ودونَ الثمن الذي ابتاعها به ، فهو الخاسر في تجارته لا شكّ. فكذلك الكافر والمنافق، لأنهما اختارَا الحيرة والعمى على الرشاد والهدى، والخوفَ والرعبَ على الحفظ والأمن، واستبدلا في العاجل: بالرَّشاد الحيرة، وبالهُدى الضلالةَ، وبالحفظ الخوفَ، وبالأمن الرعبَ - مع ما قد أعد لهما في الآجل من أليم العقاب وشديد العذاب، فخابا وخَسِرا، ذلك هو الخسران المبين (4). __________ (1) أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري , الكشاف عن حقائق التنزيل و عيون الأقاويل في وجوه التأويل , دار الفكر , بلا سنة الطبع , ج 3 , ص 308 . (2) أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي , تفسير القرآن العظيم , دار المعرفة بيروت لبنان , الطبعة الثانية , 1407- 1987 , ج 3 ص 301 (3) البقرة :16 (4) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ,جامع البيان في تأويل القرآن , ج 1 ص 173 , دار الكتب العلمية , الطبعة الأولى 1412- 1992 .[/align] |
[align=justify]فما أخسره من التجار و ما أجهله بالأرباح . و بين صاحب روح المعاني بأن المقصد الأصلي من الآية تصوير خسارهم بفوت الفوائد المترتبة على الهدى التي هي كالربح وإضاعة الهدى الذي هو كرأس المال بصورة خسارة التاجر الفائت للربح المضيع لرأس المال حتى كأنه هو على سبيل الاستعارة التمثيلية مبالغة في تخسيرهم ووقوعهم في أشنع الخسار الذي يتحاشى عنه أولو الأبصار (1).
و ذكر الرازي في تفسير آية الصف , وهو قوله تعالى : { على تجارة } هي التجارة بين أهل الإيمان وحضرة الله تعالى ، والتجارة عبارة عن معاوضة الشيء بالشيء ، وكما أن التجارة تنجي التاجر من محنة الفقر ، ورحمة الصبر على ما هو من لوازمه ، فكذلك هذه التجارة وهي التصديق بالجنان والإقرار باللسان ، كما قيل في تعريف الإيمان فلهذا قال : بلفظ التجارة ، وكما أن التجارة في الربح والخسران ، فكذلك في هذا ، فإن من آمن وعمل صالحاً فله الأجر ، والربح الوافر ، واليسار المبين ، ومن أعرض عن العمل الصالح فله التحسر والخسران المبين (2). هذا , و يتبين لنا أن التجارة مع الله هي الإيمان بالله مع فعل الطاعات من التلاوة و الصلاة و الصدقة - وهذه الثلاثة من أسباب الهداية - و الجهاد في سبيله بالمال و النفس مع الإخلاص كما أشار إليه تفسير القرطبي : { يَرْجُونَ تجارة لَّن تَبُورَ } إشارة إلى الإخلاص ، أي ينفقون لا ليقال إنه كريم ولا لشيء من الأشياء غير وجه الله ، فإن غير الله بائر والتاجر فيه تجارته بائرة (3). و قد صرح و أوضح الله سبحانه و تعالى هذه التجارة , فقال : __________ (1) روح المعاني , ج 1 ص 173 من الشاملة . (2) أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي , مفاتيح الغيب , ج 12 ص 475 من موقع التفاسير www.altafsir.com (3) القرطبي ,[/align] |
[align=justify]إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة :111)
و في حديث الذي رواه أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ..... وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا قَالَ الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (1) . المبحث الثاني : رأسمال التجارة مع الله إن كل تجارة لا بد فيها من الرأسمال , سواء أكان أصلا ماديا محسوسا أو أصلا معنويا , و قد تسمى بالأصول غير منظورة (2) . و معنى الرأسمال في الاقتصاد هو الإسهام في النشاط الإتناجي من خلال الاستثمار في رأس المال المادي (مثل المصانع و المكاتب و الآلات و الأدوات) و رأس المال البشري (مثل التعليم العام و التدريب المهني) و يشكل رأس المال أحد عوامل الإتناج الرئيسية الثلاثة ( الرأسمال , العمالة , الموارد الطبيعية ) .(3) __________ (1) سنن الترمذي , الحديث رقم 3439 باب ما جاء في عقد التسبيح باليد , من الشاملة . (2) هي أصول غير مادية , مثل سمعة المحل , و براءات الاختراع و العلامات التجارية (trademark) معجم الاقتصاد , 209 , كرستوفر باس و صاحباه , تعريب عمرالأيوبي (3) معجم الاقتصاد , 56[/align] |
[align=justify]و رأسمال هذه التجارة هو : النفس و المال و قد ذكرهما الله في الآيتين بصورة الجمع ( أموال و أنفس ) في قوله : ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ..) و قوله : ( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ..., ) , و بعبارة الاقتصاد على التاجر مع الله أن يستثمر من نفسه و ماله في إنتاج الطاعات و القربات إلى الله سبحانه و تعالى .
و قد مثل الله سبحانه وتعالى إثابة المجاهدين بالجنة على بذلهم أنفسهم وأموالهم في سبيل الله بالشراء ، وأصل الشراء بين العباد هو : إخراج الشيء عن الملك بشيء آخر مثله أو دونه ، أو أنفع منه ، فهؤلاء المجاهدون باعوا أنفسهم من الله بالجنة التي أعدها للمؤمنين ، أي : بأن يكونوا من جملة أهل الجنة ، وممن يسكنها فقد جادوا بأنفسهم ، وهي أنفس الأعلاق ، والجود بها غاية الجود : يجود بالنفس أن ضنّ الجبان بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود والمراد بالأنفس هنا : أنفس المجاهدين ، وبالأموال : ما ينفقونه في الجهاد (1) . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا (2) . __________ (1) فتح القدير , ج 3 ص 322 , من الشاملة (2) أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري , الجامع الصحيح, رقم 327 , باب ما جاء في فضل الوضوء , ج 2 ص ,140 , دار الفكر , بلا سنة الطبع .[/align] |
[align=justify]المبحث الثالث : سلع التجارة مع الله ( كيفية التجارة معه )
كيف تتم هذه التجارة مع الله ؟ ما هي السلعة أو المبيعات ؟ للجواب على الأسئلة , نقرأ قوله تعالى في القرآن الكريم : إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (1) , و قوله : إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (2) , و قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ , تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (3) . من الآيات السابقة نستخلص سلع التجارة مع الله و هي كما في الصورة التالية : Radial Diagram و نبين إجمالا , هذه المبيعات مستمدا من القرآن و السنة و ما كتبه العلماء فيها : السلعة الأولى : الإيمان بالله هو الركن الأول من أركان الإيمان الستة , كما بينه الله تعالى في قوله : لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ... إلخ (4) و كما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه لما سأله جبريل , وهو الحديث الطويل جاء فيه __________ (1) التوية : 111 (2) فاطر : 29 (3) الصف : 10-11 (4) البقرة : 177)[/align] |
[align=justify]قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ (1) .
والإيمان في الاصطلاح الشرعي أو الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو: التصديق الجازم، والإقرار الكامل، والاعتراف التام؛ بوجود الله تعالى وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، واستحقاقه وحده العبادة، واطمئنان القلب بذلك اطمئناناً تُرى آثاره في سلوك الإنسان، والتزامه بأوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه. وأن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم رسول الله، وخاتم النبيين، وقبول جميع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن ربه - جل وعلا - وعن دين الإسلام؛ من الأمور الغيبية، والأحكام الشرعية، وبجميع مفردات الدين، والانقياد له صلى الله عليه وسلم بالطاعة المطلقة فيما أمر به، والكف عما نهى عنه صلى الله عليه وسلم وزجر؛ ظاهراً وباطناً، وإظهار الخضوع والطمأنينة لكل ذلك. وملخصه: (هو جميع الطاعات الباطنة والظاهرة). الباطنة : كأعمال القلب، وهي تصديق القلب وإقراره. الظاهرة : أفعال البدن من الواجبات والمندوبات. ويجب أن يتبع ذلك كله: قول اللسان، وعمل الجوارح والأركان، ولا يجزيء واحد من الثلاث إلا بالآخر؛ لأن أعمال الجوارح داخلة في مسمى الإيمان، وجزء منه. فمسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة؛ كما أجمع عليه أئمتهم وعلماؤهم، هو: (تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية) (2) . __________ (1) اللؤلؤ و المرجان , 1 ص 5 (2) عبد الله الأثري , الإيمان حقيقته , خوارمه , نواقضه عند أهل السنة, ص 12[/align] |
الساعة الآن 09:58 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |