منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   كتاب إعتقال لحظة هاربة للكاتبة السورية غادة السمان كاملا (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=8219)

المُنـى 10 - 7 - 2010 08:59 PM

(( اعتقال مقدمات فراق))
كأن الموسيقى القادمة عبر النوافذ
وجدت لتعذبنا...
تذكرنا
كيف كنا
يوم استمعنا الى هذا اللحن
منذ عام
و كيف صرنا..
و كيف كان الحب متقدا كاتون
و كيف انطفأت النار و همدت
و لم يبقى في لحظتنا الآن
غير مزيج الرماد و ماء المطر : طين اللامبالاة...
***
كأن الصور
وجدت لتعذبنا
و لهفة نظراتنا في صورنا القديمة
و التهاب ضحكات الفرح
تجعل وجوهنا في هذه اللحظة
صورة للفتور و اللامبالاة الكئيبة قليلا
و الكالحة كثوب عتيق..
***
كأن اللقاء
وجد ليعذبنا...
و الغرفة التي كانت تحتضننا
كتوأم في رحم حجري
صارت آلافا من الغرف
تضم آلافا من الجدران و الدهاليز
بيني و بينك
و صار الصمت حاكما
و الاغتراب سيدا...
و الحذر المهذب العدواني المناخ حوارنا....
***
كأن الشموع
وجدت لتعذبنا...
فهي تشتعل و تحترق و تنتهي
دون ان تشعل في عيوننا ومضة
و دون ان تركض في عيوننا شرارة...
***
كأن البخور
وجد ليعذبنا
فقد صارت رائحته الكآبة و النعاس
و تثاؤب كاهنة في معبد مهجور...
***
إن شيئا في هذا الكون
لايمكن ان يلتقي بآخر
دون حادث ما...
له صوت و رائحة و مذاق لقائنا..
و في هذه اللحظة
ألصق بأذني كاس الماء
و بداخله قطعة الثلج
فاسمع صوت فوران ما كالغليان
الا لقائنا ...صار دون الغليان او التبريد
صار له صورة الموت و هموده دون وقعه..
و هذا الكاس المشبوب بالغليان المائي و الثلجي
فيه من الحياة اكثر مما في التقائنا...
***
موسيقانا
شموعنا
صورنا
لحظات لقائنا
و حتى قطعة الثلج في كأس مائنا
تصرخ كلها في وجوهنا:
انتهى زمن الحب...
بدأ زمن الفراق...
فمن يقولها للآخر أولا؟
***
من أحب اكثر
سيمضي اولا...
من وعي حيوية الماضي النابض
ستفجعه بلادة الحاضر...
من منا سيصرخ في وجه الآخر
- قبل الآخر-
لم يبقى من صرخة حبنا
الا الصدى...
لم تبق منه في مرآة الذكرى
غير ما تبقى داخل المرآة
بعد ان نغادرها؟...
5/2/1976

________

المُنـى 10 - 7 - 2010 08:59 PM

(( اعتقال قبلة مختلسة))
أوقفني الحاجز:
كنت قادمة من لقاء حبيبي
و ذاهبة الى لقاء حبيبي
فتشوني
ووجدوا جيوبي محشوة بالنجوم
و قال رجل الحاجز:
سنعتقلها بتهمة نقل متفجرات
***
سالوني: ايتها المرأة الغامضة
ماذا تفعلين في شوراع الليل؟
قلت لهم : احاول اعتقال تلك القلبة المختلسة
الهاربة الى الماضي
لحظة قبلني في الشارع
امام باب "نبتون روم" الملجأ
و أمام الهاربين من القصف
كانت السماء صفحة حمراء
و الشوارع بارودا متفجرا..
و الزمن لحظة هاربة ...
و العمر قطا راكضا يغيبه المنعطف...
و كانت القبلة المختلسة
زخما من الحياة المتوقدة
في وجه هذا الموت كله
و قال رجال الحاجز:
سنعتقلها بتهمة ممارسة الارهاب ايضا
***
قال رجال الحاجز : افتحي صندوق سيارتك
افتحي عينيك جيدا تفتيش
نريد تفتيشهما...
و فتشو عيني
و شاهدوا صورتك
و انا اهديك وردة
و انت تقول لي : اني جائع
و تلتهم الوردة!!
و انزلقت عبر مواسير رشاشاتهم
اركض نحو ذلك المقهى
نحو تلك الطاولة و علبة غلواز و قهوة حارة
نحو تلك اللحظة البالغة العذوبة و الشراسة
و انت تلتهم ورودي
و نضحك كالبكاء
تلك اللحظة التي قضت من يومها اشهرا
و هي تركض هاربة الى الخلف
وسط قطار الزمن المتجه الى الوراء!
دون ان تغادرني حرارتها!
***
سالوني : ماذا تفعلين لو تركناك؟
قلت لهم : ساتابع اعتقال تلك القبلة المختلسة
ساتابع زراعة الياسمين
في غمازتيه حين يضحك!
سألوني : ما هذه الاوراق؟
قلت : رسالة حب
و هنا صرخ رئيسهم : مناشير...
مناشير للتحريض على الحياة ...
اقتلوها.."حب؟". اقتولها الآن
***
حين اخترق الرصاص راسي
لم اتالم كثيرا
فقد كنت في تلك اللحظة
بين ذراعيك على رصيف " نبتون روم"
و انت تغمرني بتلك القبلة المختلسة اللمنسية
و قد نجحت اخيرا في اعتقالها!...
31/12/1977

_______

المُنـى 10 - 7 - 2010 09:00 PM

(( اعتقال خرافة ))
..و كان وسيما دونما حدود
و اظلمه حين اقول "وسيما"
كان في وجهه لهبة من التوق الى المجهول
و كان في جبينه
لفحة من الجوع الى المستحيل
و كان في خديه
ظل ذلك الحزن الالهي الغامض
و في عينيه
تشتعل براكين شهوة ما
و عند شفتيه
تضيىء برك الجنون
***
...و كان ساحرا
مستعصيا على الاعتقال بالرسم او الكتابة
او الموسيقى او حتى السحر..
ولو شاهده مايكل انجلو
لملأبتماثيله ما تبقى من تلال فلورنسا...
ولو شاهده رفائيل
لبدل تقاطيع جسد المسيح في لوحاته
***
...و كان خرافي السحر و الحضور
مضيئا كسواد المطلق
و معتما كوضوح الشمس
و حينما يخفي وجهه بيده
تصير اصابعه فخا للوعي
و تترك نفسك تسقط و تسقط
و تتدحرج على جبال صدره و كتفه
و صمته و سريته
و تتلاشى ....و تحتضر بسعادة مطلقة ...
1/8/1976

المُنـى 10 - 7 - 2010 09:00 PM

(( اعتقال ذاكرة مثقوبة ))
بدأت انسى كل شيء
الا انت...
بدأت انسى تفاصيل ملامح الرجال
اللذين عرفتهم قبلك
و ظننت علاماتهم الفارقة
مصابيح مضيئة
في درب ايامي الاسفلتية الموعرة ...
***
بدأت انسى
فوق الخد الايمن ام الايسر
كانت تلك الشامة النافرة
التي اتعثر بها كلما قبلته
ذلك الرجل
الذي اشقاني و اشقيته...
بدأت انسى
فوق ساعده الايمن او الايسر
كان اثر الجرح المندمل
لذلك الرجل الذي حاول اغراقي
في بركة من التخدير...و فشل
لكنني احببته...
***
بدأت انسى ذاكرتي
و بدا جسدك يصيير الليل
و شفتاك الافق
و معك صرت اتذكر اللحظات العتيقة كلها
التي كنت اتوهمها ستصيير مؤلمة
حين تصير مجرد ذكريات:
فتنزلق الآن فوق جلدي كغبار الطريق..
***
و معك صار بوسعي ان استمع
الى الموسيقى
التي سمعتها و اياهم في ذلك الزمان الهارب
دون ان احلم بغير حياتي معك..
معك لم تعد الموسيقى
جرحا في القلب
يذكر بتلك الايام السائبة عبر الاصابع...
و ذلك الثقب في الذاكرة الذي حفرته
فرغت عبره رمالا كانت رجالا...
***
بدأت اغرق تماما
في بركة ذقنك
و اضيع في غابات شاربيك...
بدأت ...أحبك
و اضبطك تحت جلدي اكثر من مرة
و لكن حذار من ذاكرتي المثقوبة
فقد تتسرب انت ايضا عبرها ...
ذات يوم!
2/9/1976

المُنـى 10 - 7 - 2010 09:01 PM

(( اعتقال لحظة هشة ))
ما اجمل ان اكون معك...
يصيير حديث العاديين مثيرا
كنظرية اينشتاين....
و السموم سحابة بنفسجية
اطير عليها
لا مسمارا لوجع الجسد...
***
ما اجمل ان اكون معك
لا بارحة و لا غدا
و قارب اللحظة يرحل بنا
الى جزر نتوهم
انه لم تطاها قدم..
و مرتفعات
لم تعرفها رئة بشرية ..
ما اجمل ان اكون معك
و تحتلني موجات فرح خفي
لاسباب غامضة
و اصير مرهقة لومضاتك كلها
و لصمتك و كلامك
و احبك و احبك و احبك
13/4/1975 طرابلس صباحا

المُنـى 10 - 7 - 2010 09:01 PM

((اعتقال عقاب))
انه العقاب...
ان تكون لك ساقان مختلفتان
و ليل اخر و فراش اخر
و حلم اخر و قدر اخر
و اصدقاء آخرون
و درب اخرى
و أن احبك!...
***
انه العقاب
ان تمضي
كائنا مستقلا
ان تفكر باشخاص باشخاص لا اعرفهم
و تتذكر احداثا لم نعشها معا
و تحاور اصواتا لم اسمعها
و تصافح أي لم المسها
و أن أحبك!...
***
انه العقاب
انهم قصوك من ضلعي
و منحوك جدسا غير جسدي
و ذاكرة غير ذاكرتي
و نزوات غير نزواتي
و عمرا غير عمري
و أن أحبك بعد هذا كله !
22/10/1977

المُنـى 10 - 7 - 2010 09:02 PM

(( اعتقال لحظة دنيئة))
آه كيف تتحرك
و كل عضو في جسدك
يرحب بالآخر
سعيدا بجواره!
***
شهي و مفترس
و حينما تنهض عن مقعدك
و تنتصب بقامتك الوقحة
تطاردك شهواتي
كيعاسيب الحقول المضيئة
و أغرس فيك اسنان احلامي
كسمكة القرش
***
تمشي
مهرجانا من الرجولة
امام باب منامة طالبات مراهقات...
يحلمن بك
و يحملن منك كل ليلة
بينما هن يضاجعن عفتهن
***
شهي و مفترس
و كلما غادرتني
ولو الى الشجرة المجاورة
اشعر بوحشة من أجهضت
بعد مقتل حبيبها...
***
شهي و مفترس
أتأملك
و افكر بوسيلة لتحنيطك هنا!....
18/12/1976

__________

المُنـى 10 - 7 - 2010 09:02 PM

(( اعتقال منقار طائر!...))
لا ترتد قبعتك الملونة
الهزلية الرياش
الشبيهة بطرابيش الكرنفالات
***
و لا تجرني من يدي
في الشوارع المزدحمة بالحمقى و السكارى...
و لا تغمرني بالبالونات الملونة
و القبلات المتفجرة كفراقيع العيد ...
و لا تضع في فمك تلك الصفارة الحمقاء
التي تتطاول حين تنفخ فيها
و تبدو مثل منقار طائر غبي...
***
و لا تقل لي " كل عام و انت بخير "
فأنا لست بخير
حينما تبدو لي ضالا
كطفل في غابة الوهم و الديكورات
و الصفارة في فمك
كمناقير الطيور الغبية الضالة
ووجهك مشوه بفرحة مفتعلة...
***
" كل عام و انت ذاتك حقا" يا حبيبي الطائر الضال المنقار..
***
الا ترى مضاضي الدماء
خلف زينة الاعياد الملونة
يحيقون بنا من كل جانب؟
الا تراهم يخترعون لنا افراحا مزيفة
و اعيادا وهمية
نتلهى بها عن دق المسامير
في اخشاب مشانقهم؟!
1977/1978 ليلة راس السنة الميلادية

__________________

المُنـى 10 - 7 - 2010 09:03 PM

(( اعتقال القاتل و القتيل معا ))
...ها انا انتهي كالعادة
مع رجلين
احدهما كنت احبه
و الآخر صرت اكرهه
و كلاهما أنت!..
**
لقد انتصب جدار
بيني و (بينكما)
عبثا احطمه
بمعول التفاؤل الزجاجي
***
آه ماذا تقول ( لكما)
من قلبها موجة ملونة
استسلمت لمراكب الرياح النارية
آه ماذا تقول ( لكما)
من نسيت ان الحب
حفنة غبار مضيء
على شاطىء رمال الزمن
عبثا نعتقله بين الأصابع
كطفل بريد امتلاك حفنة رمل في يده...
و لأنه يشدد قبضته عليها
تنزلق من بين تنهدات اصابعه...
***
و ها انا انتهي كالعادة
مع رجلين
رجل خذلني
و رجل خذلته
و كلاهما انت ...
رجل قتلني
و رجل قتلته
و كلاهما انت
رجل احببته
و رجل كرهته
و كلاهما انت
***
و ها انا من جديد
وحيدة و معزولة
و يتدفق من عروقي
دم اخضر
كنزف غابات تتوجع
على امتداد الافق
دونما نهاية ...
و عبثا اعمر بيت سكيني
بهدوء النملة
و عبثا الملم ذاتي الممزقة ( بينكما)
***
.. و ها انا انتهي كالعادة
مع رجلين
احدهما كنت احبه
و الآخر صرت اكرهه
و كلاهما انت!..
***
اطوف في خرائب حبنا
و الزمن كلب يعوي في اثري
و يطاردني ناهشا اطراف ذاكرتي...
و البلابل المعدنية
تزعق بحناجرها النارية المنصهرة
و الفرح يولي الادبار ..
و اكاد اعلق في صنارة الشوق
و اتدلى منها في شحوب الغابة
مثل مشنوق على شجرة الفجر
***
و تطلع الي من رئتي
فيموت الانتحار منتحرا!..
***
لكن نجوم النسيان الخضراء
تسارع لتنبت بارضي المحروقة
و اخلعك عني
كما تخلع الافعى ما كان بعضها
و انضوك عني
كما ينضو الجريح كفنه وقت الغروب
ليرتدي شمس الغد
***
وداعا لرعبي من عذوبة احدكما
و شراسة الآخر ...
وداعا لسحر احدكما
لمسة الموت الخاطف للآخر!
***
وداعا حنان الدفء الربيعي
يعقبه العنف الصقيعي البارد
و عنف المناخات اللانسانية
و الصمت المشحون العدواني
الصمت الصراخي الفتاك
وداعا ايها السيدان معا: القتيل و القاتل ....
1/12/1977

المُنـى 10 - 7 - 2010 09:03 PM

(( اعتقال الرجل الآتي ))
اقترب او ابتعد
و املأ ايامي ببياض البجع في الذاكرة
و أغاني السواقي...
و ضحك السنابل في الريح
و عنفوان اضاءة الغابات...
او خلفني لأمسية أخرى باردة
يجلدها نزف المطر..
***
اقترب او ابتعد
و اغمرني بعذوبة القبل الشتائية
المختلسة قرب بائع الكستناء..
او خلني فريسة وحيدة
امام نوافذ البيوت الموصدة المجهولة
نصف المضاءة...
تعال و دع السلام المضيء
يغمرني كنوم الطفل...
او اهجرني
و دع صبير التوق ينمو فوق لساني ..
لا فرق ...
فقد احببتك
تماما كما احببت قبلك
و كما ساحب بعدك...
***
سواء لدي
حنوت او قسوت
سواء لدي
الرعد الليلي او النها المشمس
فالينبوع في داخلي انا
و هو يتفجر في المناخات كلها
و الانواء و القارات و الفصول كلها ...
ليغسل كل شيء بالحب ...الحب ...
***
أنا المرأة التي لا تدمع
لأنها لا تعرف من الفصول غير فصل الحب
و ساظل أحب و احب ...
أحبك الآن بصدق
كما أحببت الآخر قبلك بصدق
و كما سأحب الرجل الآتي !...
12/11/1977

____________


الساعة الآن 06:12 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى