![]() |
ومن الطاريين عليها في هذا الحرف ابن الكماد اليكي محمد بن أحمد بن داود بن موسى بن مالك اللخمي اليكي من أهل بلش يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الكماد حاله من " عايد الصلة ": كان من جلة صدور " الفقهاء " الفضلاء زهدا وقناعة وانقباضًا إلى دماثة الخلق ولين الجانب " وحسن اللقاء " والسذاجة المموهة بالغفلة والعمل على التقشف والعزلة قديم السماع والرحلة إماما مشهورًا في القراءات يرحل إليه ويعول عليه إتقانًا ومعرفة منها بالأصول كثير المحافظة والضبط محدثًا ثبتًا بليلغ التحرز شديد الثقة فقيهًا متصرفًا في المسايل أعرف الناس بعقد الشروط ذا حظ من العربية واللغة والأدب. رحل إلى اللعدوة وتجول في بلاد الأندلس فأخذ عن كثير من الأعلام وروي وقيد وصنف وأفاد وتصدر للإقراء بغرناطة وبلش وعيرهما وتخرج بين يديه جملة وافرة من العلماء والطلبة وانتفعوا به. مشيخته قرأ ببلده مرسية على الأستاذ أبى الحسن على بن محمد بن لب بن أحمد ابن أبي بكر الرقوطي والمقرى أبى الحسن بن خلف الرشاطي والمحدث الجليل أبى محمد بن عبد الله بن داود بن خطاب الغافقي المرسى. وممن أجازه الفقيه أبو عثمان سعيد بن عمرو البطرني والقاضي أبو علي بن أبي الأحوص لقيه ببلش مالقة وبسطة فروى عنه الكثير والأستاذ أبو القاسم بن الأصهر الحارثي لقيه بألمرية. ولقي بغرناطة الأستاذ أبا جعفر الطباع والوزير الراوية أبا القاسم محمد بن يحيى بن عبد الرحمن ابن جزى الكلبي روى عنه وأجازه. وكتب له بالإجازة جماعة كبيرة من أهل المشرق والمغرب حسبما تضمنه برنامجه. تواليفه اختصر كتاب " المقنع " في القراءات اختصارًا بديعًا وسماه كتاب " الممتع في تهذيب المقنع " وغير ذلك. شعره من ذلك وقد وقف على أبيات ابي القاسم بن الصقر في فضل الحديث: لقد حاز أصحاب الحديث وأهله شأوًا وتوتيرًا ومجدًا مخلدًا بدعوة خبر الخلق أفضل مرسل محمد المبعوث بالنور والهدا بدعوة خبر الخلق أفضل مرسل محمد المبعوث بالنور والهدا فهم دونوا علم الحديث وأتقنوا ونصوا بتبيين صحيحًا ومسندا وجاءوا بأخبار الرسول وصحبه على وجهها لفظًا ورسمًا مقيدا وهم نقلوا الآثار والسنن التي من أصبح ذا لفظًا ورسمًا مقيدًا وهم نقلوا الآثار والسنن التيمن أصبح ذا أخذ بها فقد اهتدا وما قصروا فيها بفقهٍ ولا ونوا بل التزموا حدًا وحزمًا مؤكدًا وهم أوضحوا من بعدهم باجتهادهم وبيينهم سبل الهدى لمن اقتدا جزاهم إله العرش عنا بنصحهم بأحسن ماجازي نصيحًا ومرشدًا ونسله سبحانه نه هديهم وسعيًا إلى التقوى سبيلًا ومقصدًا ومن شعره رحمه الله قوله: عليك بالصبر وكن راضيًا بما قضاه الله تلقى النجاح واسلك طريق المجد والهج به فهو الذي يرضاه أهل الصلاح وقد ألف شيخنا أبو البركات بن الحاج جزءًا سماه " شعر من لا شعر له " فيه من شعر هذا مولده قبل الأربعين وستماية. وتوفي ثاني شهر الله المحرم عام اثنى عشر وسبعماية ابن حفيد الأمين مولده قبل الأربعين وستماية. وتوفي ثاني شهر الله المحرم عام اثنى عشر وسبعماية ابن حفيد الأمين محمد بن أحمد بن علي الغساني من أهل مالقه يكنى أبا القاسم ويعرف بابن حفيد الأمين حاله كان من أهل العلم والفضل والدين المتين والدؤوب على تدريس كتب الفقه. استظهر كتاب " الجواهر " لابن شاس واضطلع بها فكان مجلسه من مجالس الحفاظ حفاظ المذهب وانتفع به الناس وكان معظمًا فيهم متبركًا به على سنن الصالحين من الزهد والانقباض وعدم المبالاة بالملبس والمطعم. وقال صاحبنا الفقيه أبو الحسن النباهي في تذييله لتاريخ مالقة: كان رجلا ساذجًا مخشوشنًا سنى المنازع شديد الإنكار على أهل البدع. جلس للتحليق العام محمد بن أحمد بن علي بن قاسم المذحجي من هل ملتماس يكنى أبا عبد الله حاله من العايد: كان رحمه الله من بلده وأعيانهم أستاذا متفننًا مقريًا لكتاب الله كاتبًا بليغًا شديد العناية بالكتب كثير المغالاة في قيمها وأثمانها حتى صارله من أعلاقها وذخايرها ماعجز عن تحصيله كثير من أهل بلده. كتب بخطه وقيد كثيرًا من كتب العلم. وكان مقربًا مجودًا عارفًا بالقراءات بصيرًا بالعربية ثقة ضابطًا مبرزًا في العدالة حريصًا على العلم استفادة ثم إفادة لا يأنف من حمله عن أقرانه وانتفع به هل بلده والغرباء أكثر. مشيخته أخذ عن طايفة من أهل العلم. منهم الشيخان الرحلتان أبو عبد الله ابن الكماد وأبو جعفر بن الزيات عظيمًا بلده والخطيب ولي الله أبو عبد الله الطنجالي والقاضي أبو عبد الله بن بكر. وروى عن الشيخ الوزير أبي عبد الله بن ربيع وابنه الراوية أبي عامر والخطيب الصالح أبي إسحق بن أبي العاصي. وروى عن الشيخ الراوية الرحال أبي عبد الله ابن عامر الوادي أشى مولده ولد ببلش عام ثمانية وثمانين وستماية وفاته: توفي ببلش عاشر شهر شعبان من عام أربعة وثلاثين وسبعماية. محمد بن أحمد بن علي الغساني من أهل مالقة يكنى أبا الحكم ويعرف بابن حفيد الأمين حاله من العايد: كان هذا الشيخ من أهل العلم والدين المتين والجرى على سنن الفقهاء والتقدمين عقد الشروط بمالقة مدة طويلة في العدول المبرزين وجلس للتحليق في المسجد الأعظم من مالقة بعد فقد أخيه أبى القاسم وخطب بمسجد مالقة الأعظم. ثم أخر عن الخطبة لمشاحنة وقعت بينه وبين بعض الولاة أثمرت في إحنته. ولم يزل على ما كان عليه من الاجتهاد في العبادة والتقييد للعلم والاشتغال به والعناية بأهله إلى أن توفي على خير عمل. مشيخته قرأ على الأستاذ الخطيب أبى محمد الباهلي وروى عن جلة من الشيوخ مثل صهره الخطيب الوالي أبي عبد الله الطنجالي وشاركه في أكثر شيوخه والأديب الحاج الصالح أبي القاسم مولده: ولد بمالقة عام ثلاثة وسبعين وستماية وفاته: توفي بمالقة يوم الأربعاء الثامن عشر لذي حجة من عام تسعة وأربعين وسبعماية. ودخل غرناطة غير ما مرة مع الوفود من أهل بلده وفي أغراضه الخاصة. محمد بن أحمد الرقوطي المرسي يكنى أبا بكر حاله كان طرفًا في المعرفة بالفنون القديمة المنطق والهندسة والعدد والموسيقا الطب فيلوسفًا طبيبًا ماهرًا آية الله في المعرفة بالألسن. يقرى الأمم بألسنتهم فنونهم التي يرغبون في تعلمها شديد الباو مترفعًا. متعاطيًا. عرف طاغية الروم حقه لما تغلب على مرسية فبنى له مدرسة يقرى فيها المسلمين والنصارى واليهود ولم يزل معظمًا عنده. ومما يحكى من ملحه معه أنه قال له يومًا وقد أدنى منزلته وأشاد بفضله لو تنصرت وحصلت الكمال كان عندي لك كذا وكذا وكنت كذا فأجابه بما أقنعه. ولما خرج من عنده قال لأصحابه أنا الآن أعبد واحدًا وقد عجزت عما يجب له فيكف يحالي لو كنت أعبد ثلاثة كما أراد مني وطلبه سلطان المسلمين ثاني الملوك من بني نصر واستقدمه وتلمذ له وأسكنه في أعدل البقع من حضرته. وكان الطلبة يغشون منزله المعروف له وهو بيدى الآن فتعلم عليه الطب والتعاليم وغيرها إذا كان لا يجاري في ذلك. وكان قوى العارضة مضطلعًا بالجدل وكان السلطان يجمع بينه وبين منتابي حضرته ممن يقدم منتحلا صناعة أو علمًا فيظهر عليهم لتمكنه ودالته حسبما يانى في إسم أبي الحسن الأبدي وأبي القاسم بن خلصون إن شاء الله. وكان يركب إلى باب السلطان عظيم التودة معار البغلة رايق البزة رفيق المشي إلى أن توفي بها. سمح الله له. ابن الدباغ الإشبيلي محمد بن ابراهيم بن المفرج الأوسي المعروف بابن الدباغ الإشبيلي. كان واحد عصره في حفظ مذهب مالك وفي عقد الوثائق ومعرفة عللها عارفًا بالنحو واللفة والأدب والكتابة والشعر والتاريخ. وكان كثير البشاشة عظيم انقباض طيب النفس جميل المعاشرة كثير المشاركة شديد الواضع صبورًا على المطالعة سهل الألفاظ في تعليمه وإقرايه. أقرأ بجامع غرناطة لأكابر علمايها الفقه وأصوله وأقرأ به الفروع والعقايد للعامة مدة. وأقرأ بجامع باب الفخارين وبمسجد ابن عزرة وغيره. مشيخته قرأ على والده الأستاذ أبي إسحق ابراهيم وعلى الأستاذ أبي الحسن الدباج وعلى القاضي أبي الوليد محمد بن الحاج التجيبي القرطبي وعلى القاضي أبي عبد الله بن عياض وفاته توفي برندة يوم الجمعة أول يوم من شوال عند انصراف الناس من صلاة الجمعة من عام ثمانية وستين وستماية ابن الرقام محمد بن إبراهيم بن محمد الأوسي ابن أهل مرسية نزيل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الرقام الشيخ الأستاذ المتفنن. حاله كان نسيج وحده وفريد دهره علمًا بالحساب والهندسة والطب والهيئة وغير ذلك مديد الباع. أصيل المعرفة. مضطلعًا متجرًا لايشق غبارة. أقرأ التعاليم والطب والأصول بغرناطة لما استقدمه السلطان ثاني الملوك من بني نصر من مدينة بجاية فانتفع الناس به وأوضح المشكلات وسيل من الأقطار النازحة في الأوهام العارضة ودون في هذه الفنون كلها ولخص ولم يفتر من تقييد وشرح وتلخيص وتدوين. تواليفه وتواليفه كثيرة منها كتابة الكبير على طريقة كتاب " الشفا " والزيج القويم الغريب المرصد والبنية رسايله على جداول ابن إسحق وعدل مناخ الأهلة وعليه كان العمل. وقيد أبكار الأفكار في الأصول ولخص المباحث كتاب الحيوان والخواص. ومقالاته كثيرة جدًا ودواوينه عديدة. محمد بن جعفر بن أحمد بن خلف بن حميد ابن مأمون الأنصاري ونسبه أبو محمد القرطبي أمويا من صريحهم بلنس الأصل يكنى أبا عبد الله حاله كان صدرًا في متقنى القرآن العظيم وأيمة تجويده مبرزًا في النحو إمامًا معتمدًا عليه بارع الأدب وافر الحظ من البلاغة والتصرف البديع في الكتابة طيب الإمتاع بما يورده من الفنون كريم الأخلاق حسن السمت كثير البشر وقورًا دينًا عارفًا ورعًا وافر الحظ من رواية الحديث. مشيخته روى عن أبي إسحق بن صالح وأبي بكر بن أبي ركب وأبي جعفر ابن ثعبان وأبي الحجاج القفال وأبي الحسن شريح وأبي محمد عبد الحق ابن عطية وأبي الحسن بن ثابت وأبي الحسن بن هذيل وتلا عليه بالسبع وأبو عبد الله بن عبد الرحمن المذحجي الغرناظي وابن فرح القيسي و أبي القاسم خلف بن فرتون. ولم يذكر أنهم أجازوا له. وكتب له أبو بكر عبد العزيز بن سدير وابن العزفي وابن قندلة فأبو الحسن طارق بن موسى وابن موهب ويونس بن مغيث وأبو جعفر بن أيوب وأبو الحكم عبد الرحمن بن غشيان وأبو عبد الله الجياني المعروف بالبغدادي. وذكر أبو عبد الله بن يربوع أن له راوية عن أبي الحسن بن الطراوة. من روى عنه روى عنه أبو بحر صفوان بن إدريس وأبو بكر بن عتيق الأزدى وابن قترال وأبو جعفر الجيار والذهبي وابن عميرة الشيهد وأبو الحسن بن عزمون وابن عبد الرزق وأبو الحسن عبيد الله بن عاصم الداري وأبو الربيع بن سالم وأبو زكريا الجعفري وأبو سليمان ابن حوط الله وأبو عبد الله الأندرشي وابن الحسين بن محبر وابن ابراهيم الريسى وابن صلتان وابن عبد الحق التلمسني وابن يربوع وأبو العباس العزفي وأبو عثمن سعد الحفار وأبو علي عمر بن جميع وأبو عمران بن إسحق وأبو القاسم الطيب بن هرقال وعبد الرحيم ابن إبراهيم بن قريش الملاحي وأبو محمد بن دلف بن اليسر وأبو الوليد ابن الحجاج. |
تواليفه له شرح على " إيضاح الفارسي " وآخر على جمل الزجاجي " وفاته: توفي بمرسية إثر صدوره عن غرناطة عشى يوم السبت لثلاث عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة ست وثمانين وخمسماية محمد بن حكم بن أحمد بن باق الجذامي من أهل سرقسطة. سكن غرناطة ثم فاس يكنى أبا جعفر حاله كان مقربًا مجودًا محققًا بعلم الكلام وأصول الفقه محصلًا لهما متقدمًا في النحو حافظًا للغة حاضر الذكر لأقوال تلك العلوم جيد النظر متوقد الذهن ذكي القلب. فصيح اللسان. ولي أحكام فاس وأفتى فيها ودرس بها العربية كتاب سيبويه وغير ذلك. مشيخته روى عن أبي الأصبغ بن سهل وأبوى الحسن الحضرمي وابن سابق وأبي جعفر بن جراح وأبي طالب السرقسطي الأديبين وأبوي عبد الله ابن نصر وابن يحيى بن هشام المحدث وأبيالعباس الدلاءي وأبي عبيد الله البكري وأبي عمر أحمد بن مروان القيرواني وأبي محمد ابن قورش وأبي مروان بن سراج. وأجاز له أبو الوليد الباجي رحمه الله. روى عنه أبو إسحق بن قرقول وأبو الحسن صالح بن خلف وأبو عبد الله بن حسن السبتي وأبو الحسن الأبدي وتوفي قبله وابن خلف بن الأيسر والنميري وأبو العباس بن عبد الرحمن ابن الصقر وأبو علي حسن بن الجزار وأبو الفضل بن هرون الأزدي وأبو محمد عبد الحق بن بونه وقاسم بن دحمان وأبو مروان بن الصقيل الوقشى. تواليفه شرح " إيضاح الفارسي " وكان قيمًا على كتابة وصنف في الجدل مصنفين كبيرًا وصغيرًا. وله عقيدة جيدة. وفاته: توفي بفاس وقيل بتلمسان سنة ثلاث وثلاثين وخمس ماية محمد بن حسن بن محمد بن عبد الله بن خلف بن يوسف ابن خلف الأنصاري من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الحاج وبابن صاحب الصلاة. حاله كان مقريًا صدرًا في أيمة التجويد محدثًا متقنًا ضابطًا نبيل الخط والتقييد دينًا فاضلا. وصنف في الحديث وخطب بجامع بلده. وأم في الفريضة زمانًا واستمرت حاله كذلك من نشر العلم وبثه إلى أن كرمه الله بالشهادة في وقيعة العقاب. دخوله غرناطة راويًا عن ابن الفرس وابن عروس وغرهما مشيخته روى بالأندلس عن الحجاج ابن الشيخ وأبي الحسن بن كوثر وأبي خالد يزيد بن رفاعة وأكثر عنه وأبوى عبد الله بن عروس ابن الفخار وأبي محمد بن حوط الله وعبد الحق بن بونه وعبد الصمد ابن يعيش وعبد المنعم بن الفرس وأجازوا له. وتلا القرآن على أبي عبد الله الإستجي. وروى الحديث عن أبي جعفر الحصار. وحج في نحو سنة ثمانين وخمسماية. وأخذ عن جماعة من أهل المشرق كأبي الطاهر الخشوعي وغيره. وفاته: توفي شهيدًا محرضًا صابرا يوم الاثنين منتصف صفر عام تسعة وستماية. ابن قرال محمد بن محمد بن أحمد بن على الأنصاري يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن قرال من أهل مالقة طالب عفيف مجتهد خير. قرأ بغرناطة وقام على فن العربية قيامًا بالغًا وشارك في غيره وانتسخ الكثير من الدواوين بخط بالغ أقصى مبالغ الإجادة والحسن وانتقل إلى مالقة فأقرأ بها العربية واقتدى بصهره الصالح أبي عبد الله القطان فكان من أهل الصلاح والفضل. وتوفي في محرم عام خمسين وسبعماية. القللوس محمد بن محمد بن إدريس بن مالك بن عبد الواحد ابن عبد الملك ابن محمد بن سعيد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الله القضاعي من أهل إسطبونة يكنى أبا بكر ويعرف بالقللوس. حاله كان رحمه الله إمامًا في العربية والعروض والقوافي موصوفًا بذلك منسوبًا إليه يحفظ الكثير من كتاب سيبويه ولايفارقه بياض يومه شديد التعصب له مع خفة وطيش يحمله على التوغل في ذلك. حدثني شيخنا أبو الحسن بن الجياب رحمه الله قال وقف أبو بكر القللوس يومًا على القاضي أبي عمرو بن الرندون وكان شديد الوقار مهيبًا وتكلم في مسألة من العربية نقلها عن سيبويه فقال القاضي أبو عمرو. أخطأ سيبويه. فأصاب أبا بكر القللوس قلق كاد يلبط به الأرض ولم يقدر على جوابه بما يشفى به صدره لمكان رتبته قال فكان يدور بالمسجد والدموع تنحدر على وجهه وهو يقول أخطأ من خطاه يكررها والقاضي أبو عمرو يتغافل عنه ويزرى عليه. وكان مع ذلك. مشاركًا في فنون من فقه وقراءات. وفرايض من أعلام الحفاظ للغة حجة في العروض والقوافي يخطط بالقافي عند ذكره في الكتب. وله في ذلك العروض والقوافي يخطط بالقافي عند ذكره في الكتب. وله في ذلك تواليف بديعة. وولى الخطابة ببلده مدة وقعد للتدريس به وانثال عليه الناس وأخذوا عنه. ونسخ بيده الكثير وقيد وكان بقطره علمًا من أعلام الفضل والإيثار والمشاركة. تواليفه نظم رجزًا شهيرًا في الفرايض علمًا وعملًا ونظم في العروض والقوافي وألف كتاب " الدرة المكنونة في محاسن إسطبونة " وألف تأليفًا حسنًا في ترحيل يالشمس وسوسطات الفجر ومعرفة الأوقات ونظم أرجوزة في شرح ملاحن ابن دريد وأرجوزة في شرح كتاب " الفصيح ". ورفع للوزير ابن الحكيم كتابًا في الخواص وصنعة الأمدة والتطبع الشاب. غريبًا في معناه. مشيخته قرأ على الأستاذ أبي الحسن بن أبي الربيع ولازمه وأخذ عنه. وعن أبي القاسم بن الحصار الضرير السبتي وعلى الأستاذ أبي جعفر بن الزبير بغرناطة وغيرهم. شعره علاه رياض أورقت بمحامد تنور بالجدوى وتثمر بالأمل تسح عليها من نداه غمامة تروى ثرى المعروف بالعل والنيل وهل هو إلا الشمس نفسًا ورفعة فيغرب بالجدوى ويبعد بالأمل تعم أياديه البرية كلها فدان وقاصٍ جود كفيه قد شمل وهي طويلة. ونقلت من خط صاحبنا أبي الحسن النباهي. قال يمدح أبا عبد الله الرنداحي: أطلع بأفق الراح كاس الراح ** وصل الزمان مساءه بصباح خذها على رغم العذول مدامة ** تنفى الهموم وتأت بالأفراح والأرض قد لبست برود أزاهر ** وتمنطقت من نهرها بوشاح والجو إذ يبكي بدمع غمامة ** ضحك الربيع له بثغر أقاح والروض مرقوم بوشى أزاهر ** والطير يفصح أيما إفصاح والغصن من طرب يميل كأنما ** سقيت بكف الريح كأس الراح والورد منتظم على أغصانه ** يبدو فتحسبه خدود ملاح ببلده عصر يوم الجمعة الثامن عشر لرجب الفردسنة سبع وسبعماية ابن أبي الجيش محمد بن محمد بن محارب الصريحي من أهل مالقة. يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن أبي الجيش حاله وأوليته أصل سلفه من حصن يسر من عمل مرسية من بيت حسب وأصالة ولخؤولته بالجهة التاكرونية ثورة وقفلت فيه في عايد الصلة: كان من صدور المقريين وأعلام المتصدرين تفننًا واضطلاعًا وإدراكًا ونظرًا. إمامًا في الفرايض والحساب قايمًا على العربية مشاركًا في الفقه والأصول وكثير من العلوم العقلية. قعد للإقراء بمالفة وخطب بجامع الربض. مشيخته قرأ على الأستاذ القاضي المتفنن أبي عبد الله بن بكر ولازمه. ثم ساء مابينهما في مسألة وقعت بمالقة وهي تجويز الخلف في وعد الله شنع فيها على شيخنا المذكور ونسبه إلى أن قال وعد الله ليس بلازم الصدق بل يجوز فيه الخلف إذ الأشياء في حقه متساوية وكتب في ذلك أسئلة للعلماء بالمغرب فقاطعه وهجره. ولما ولى القاضي أبو عبد الله بن بكر القضاء خافه فوجه عنه إثر ولايته فلم يشك في الشر فلما دخل عليه رحب به وأظهر له القبول عليه والعفو عنه واستانف مودته فكانت تعد في مآثر يالقاضي رحمه الله ورحل المذكور إلى سبتة فقرأ بها على الأستاذ أبي إسحق الغافقي ومن عاصره ثم عاد إلى مالقة فالتزم التدريس بها إلى حين وفاته. دخوله غرناطة دخل غرناطة مرات متعلمًان وطالب حاج. ودعى إلى الإقراء بمدارستها النصرية عام تسعة وأربعين وسبع ماية فقدم على الباب السلطاني واعتذر بما قبل فيه عذره. وكان قد شرع في تقييد مفيد على كتاب التسهيل لابن مالك. في غاية النبل والاستيفاء والحصر والتوجيه عاقته المنية عن إتمامه. وفاته: توفي بمالقة في كاينة الطاعون الأعظم في أخريات ربيع الآخر من عام خمسين وسبعماية بعد أن تصدق بمال كثير وعهد بريع مجد لطلبة العلم وحبس عليهم كتبه. محمد بن محمد بن لبي الكناني من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن لب حاله كان ذاكرًا للعلوم القديمة. معتنيًا بها. عاكفًا عليها متقدمًا في علمها على أهل وقته لم يكن يشاركه أحد في معرفتها من الرياضيات والطبيعيات والإلآلهيات ذاكرًا لمذاهب القدماء ومآخذهم في ذلك حافظًا جدًا ذاكرًا لمذاهب المتكلمين من الأشعرية وغيرهم إلا أنه يوثر ماغلب عليه من مآخذ خصومهم وكان نفوذه في فهمه دون نفوذه في حفظه فكان معتمده على حفظه في إيراده ومناظرته وكان ذاكرًا مع ذلك لأصول الفقه وفروعه عجبًا في ذلك إذا وردت مسألة أورد ماللناس فيها من المذاهب. وعزم عليه آخر عمره فقعد بجامع مالقة يتكلم على الموطا وما كان من قبل تهيأ لذلك إلا أنه ستر عليه حفظه وتعظم أهل بلده له. قال ابن الزبير وكانت فيه لوثة واخشيشان وكان له أرب في التطواف وخصوصًا بأرض النصارى يتكلم مع الأساقفة في الدين فيظهر عليهم وكانت أموره غريبة من امتزاج اليقظة بالغفلة وخلط السذاجة بالدعابة. يحكى عنه أنه كانت له شجرة تين بداره بمالقة فباع ما عليها من أحد أهل السوق فلما هم بجمعها ذهب ليمهد للتين بالورق في الوعاء فمنعه من ذلك وقال له إنما اشتريت التين ولم تدخل الورق في البيع فتعب ذلك المشترى ما شاء الله وجلب ورقًا من غيرها حتى انقضى الأمر وعزم على معاملته في السنة الثانية فأول مااشترط الورق فرغ من الغلة دعاه فقال له احمل ورقك فإنه يوذيني فأصابه من المشقة في جمعه من أطراف الغصون مالم يكن يحستب ولم تات السنة الثالثة إلا وللرجل فقيه اشترط مقدار الكفاية من الورق فسامحه ورفق به. دخل غرناطة وغيرها وأخباره عجيبة. قال أبو جعفر بن الزبير: عرض لي بمالقة مسايل يرجع بعضها إلى الطريقة البيانية والمآخذ الأدبية وضحت ضرورة إلى الأخذ معه فيها وفي آيات من الكتاب العزيز فاستدعيته إلى منزلي وكان فيه تخلق وحسن ملاقاة. مع خفته الطبيعية وتشتت منازعه فأجاب وأخذت معه في ذلك فألفيته صايمًا عن ذلك جملة. وصمته قال وكان القاضي الجليل أبو القاسم بن ربيع وأخوه أبو الحسن ينافرانه على الإطلاق ويحذران منه وهو كان الظاهر من حاله. قال واستدعاني في مرض اشتد به قبل خروجي وفاته: توفي بمالقة ووصى قبل موته بوصايا من ماله. في صدقات وأشباهها وحبس داره وطايفة من كتبه على الجامع الكبير بمالقة. محمد بن محمد البدوي الخطيب بالربض من بلش يكنى أبا عبد الله. حاله من العايد: كان رحمه الله حسن التلاوة لكتاب الله ذا قدمٍ في الفقه له معرفة بالأصلين شاعرًا مجيدًا بصيرًا بليغًا في خطبته حسن الوعظ سريع الدمعة. حج ولقى جلة. وأقرأ ببلش زمانًا وانتفع به ولقى شدايد أثلها الحسد. مشيخته قرأ العلم على الشيخين المقريين الحجتين أبي جعفر بن الزيات وأبي عبد الله بن الكماد وقرأ العربية والأصلين على الأستاذ أبي عمرو ابن منظور ولازمه وانتفع به وقرأ الفقه على الشيخ القاضي أبي عبد الله ابن عبد السلام بمدينة تونس. شعره خال على خدك أم عنبر ولؤلؤ ثغرك أم جوهر أوريت نار الوجد طي الحشا فصارت النار به تسعر لو جدت لي منك برشف اللما لقلت خمر عسل سكر دعني في الحب أذب حسرة سفك دم العاشق لا ينكر وقال: عيناي تفهم من عينيك أسرارا وورد خدك يذكي في الحشا نارا ملكت قلب محب فيك مكتيب قد أثر الدمع في خديه آثارا رضاب ثغرك يروي حر غلته يا ليت نفسي تقضي منه أوطارا أنعم بطيف منك ألمحه مإذا عليك بطيف منك لو زارا نفسي فداؤك من ظبي به كلف يصبو له القلب مضطرًا ومختارا وقال: أيها الظبي ترفق بكييب قد هلك ألذنب تتجنى أم لشيء يوصلك إن روحي لك ملك وكذا قلبي لك ومن مجموع نظمه ونثره ما خاطبني به وقد طلبت من أدبه لبعض ما صدر عني من ومن مجموع نظمه ونثره ما خاطبني به وقد طلبت من أدبه لبعض ما صدر عني من المجموعات: يا سيدي أبقاك الله بهجة للأعيان الفضلاء وحجة لأعلام العلاء ولا زلت تسير فوق النسر وتجري في الفضايل على كرم النجر. ذكر لي فلان أنكم أردتم أن يرد على كمالكم بعض الهذيان الصادر عن معظم جلالكم فأكبرت ذلك ورأيتني لست هنالك وعجبت أن ينظم مع الدر السبج أو يضارع العمش الدعج بيد أن لنظم الدر صناع والحديث قد يذاع ولا يضاع وحين اعتذرت له فلم يعذرني وانتظرته فلم ينظرني بعد أن استعفيته فأبى واستنهضت جواد الإجابة فكبى وسلك غير طريقي ولم يبلغني ريقي وفيت الغرض وقضيت من إجابته الحق المفترض ورددت عن تعذاله النصيح وأثبت هنا ما معناه صحيح ولفظه غير فصيح: بريت من حولي ومن قوتي بحول من لا حول إلا له وثقت بالخالق فهو الذي يدبر العبد وأفعاله وقلت بالحرم عند الملتزم من المنظوم في مثل ذلك: أمولاي بالباب ذو فاقة وهذا يحط خطايا الأمم فجد لي بعفوك عن زلتي يجود الكريم بقدر الكرم دم وابق للمجد كهفًا والعلا وزرًا فإنما المجد شخص أنت ناظره مؤملًا منك خيرًا أنت صانعه وصانع الخير عند الله شاكره وما وليت وما أوليت من حسن فللناس والعالم العلوي ذاكره بقيت تكسب من والاك مكرمة وناصرًا أبدًا من قل ناصره عذرًا لك الفضل عما جيت من خطإ أن يخط مثلي يومًا أنت عاذره ثم السلام على علياك من رجل تهدى الذي يخفى ضمايره دخوله غرناطة: دخلها غير ما مرة ولقيته بها لتقضي بعض أغراض بباب السلطان مما يليق بمثله. مولده. وفاته: توفي ببلش في أخريات عام خمسين وسبعماية. ابن عبد الله العبدري محمد بن عبد الله بن ميمون بن إدريس بن محمد ابن عبد الله العبدري حاله كان عالمًا بالقراءات ذاكرًا للتفسير حافظًا للفقه واللغات والأدب شاعرًا محسنًا كاتبًا بليغًا مبرزًا في النحو جميل العشرة حسن الخلق متواضعًا فكه المحاضرة مليح المداعبة. وصنف في غير ما فن من العلم وكلامه كثير مدون نظمًا ونثرًا. مشيخته روى عن أبي بكر بن العربي وأبي الحسن شريح وعبد الرحمن ابن بقي وابن الباذش ويونس بن مغيث وأبي عبد الله بن الحاج وأبي محمد بن عتاب وأبي الوليد بن رشد ولازمه عشرين سنة. قرأ عليهم وسمع وأجازوا له وسمع أبا بحر الأسدي وأبوي بكر عياش ابن عبد الملك وابن أبي ركب وأبا جعفر بن سانجة وأبا الحسن عبد الجليل وأبا عبد الله بن خلف الأيسري وابن المناصف وابن أخت غانم ولم يذكر أنهم أجازوا له وروى أيضًا عن أبوي عبد الله مكي وابن المعمر وأبي الوليد بن طريف. من روى عنه: روى عنه أبو البقاء بعيش بن القديم وأبو الحسن ابن مؤمن وأبو زكريا المرجيعي وأبو يحيى أبو بكر الضرير واختص به. من مصنفاته مشاحذ الأفكار في مآخذ النظار وشرحاه الكبير والصغير على جمل الزجاجي وشرح أبيات الإيضاح العضدي ومقامات الحريري وشرح معشراته الغزلية ومكفراته الزهدية إلى غير ذلك وهما مما أبان عن وفور علمه وغزارة مادته واتساع معارفه وحسن تصرفه. دخل غرناطة راويًا عن الحسن بن الباذش ومثله. محنته كان يحضر مجلس عبد المؤمن مع أكابر من يحضره من العلماء فيشف على أكثرهم بما كان لديه من التحقيق بالمعارف إلى أن أنشد أبا محمد عبد المؤمن أبياتًا كان نظمها في أبي القاسم عبد المنعم بن محمد ابن تست وهي: أبا قاسم والهوى جنة وها أنا من مسها لم أفق تقحمت جامح نار الضلوع كما خضت بحر دموع الحدق أكنت الخليل أكنت الكليم أمنت الحريق أمنت الغرق فهجره عبد المؤمن ومنعه من الحضور بمجلسه وصرف بنيه عن القراءة عليه وسرى ذلك في أكثر من كان يقرأ عليه ويتردد إليه. على أنه كان في الطبقة العليا من الطهارة والعفاف. قال في أبي القاسم المذكور وكان أزرق وقد دخل عليه ومعه أبو عبد الله محمد بن أحمد الشاطبي وأبو عثمان سعيد بن قوسرة. فقال ابن قوسرة: عابوه بالزرق الذي يجفونه والماء أزرق والعينان كذلك فقال أبو عبد الله الشاطبي: الماء يهدي للنفوس حياتها والرمح يشرع للمنون مسالكا فقال أبو بكر بن ميمون المترجم به: وكذلك في أجفانه سبب الردى ولاكن أرى طيب الحياة هنالكا ومما استفاض من شعره قوله في زمن الصبا عفا الله عنه: لا تكثرت بفراق أوطان الصبا فعسى تنال بغيرهن سعودا والدر ينظم عند فقد بحاره بجميل أجياد الحسان عقودا ومن مشهور شعره: توسلت يا ربي بأني مؤمن وما قلت أني سامع ومطيع أيصلى بحر النار عاص موحد وأنت كريم والرسول شفيع وقال في مرضه: أولها مخبر بثان ذاك أمان وذا منية وفاته: توفي بمراكش يوم الثلاثاء اثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة سبع وستين وخمسماية ودفن بمقبرة تاغزوت داخل مراكش وقد قارب السبعين سنة. محمد بن أرقم النميري محمد بن عبد الله بن عبد العظيم بن أرقم النميري من أهل وادي آش يكنى أبا عامر. حاله كان أحد شيوخ بلده وطلبته مشاركًا في فنون من فقه وأدب وعربية وهي أغلب الفنون عليه مطرح السمت مخشوشن الزي قليل المبالاة بنفسه مختصرًا في كافة شيونه مليح الدعابة شديد الحمل كثير التواضع وبيته معمور بالعلماء أولي الأصالة والتعين تصدر ببلده للفتيا والتدريس والإسماع. مشيخته قرأ على الأستاذ القاضي أبي خالد بن أرقم والأستاذ أبي العباس ابن عبد النور. وروى عن أبيه مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الوزير العالم أبي عبد الله بن ربيع والقاضي أبي جعفر بن مسعدة والأستاذ أبي جعفر بن الزبير وولي الله الحسن بن فضيلة. ورحل إلى العدوة فأخذ بسبتة عن الأستاذ أبي بكر بن عبيدة والإمام الزاهد أبي عبد الله بن شعره وهو من الجزء المسمى بشعر من لا شعر له والحمد لله. فمن ذلك قوله يمدح أبا زكريا العزفي بسبتة ويذكر ظفره بالأسطول من قصيدة أولها: أما الوصال فإنه كالعيد عذر المتيم واضح في الغد وفاته: توفي ببلده عام أربعين وسبعماية. ودخل غرناطة راويًا ومتعلمًا وغير ذلك. محمد بن الجد الفهري محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن فرج بن الجد الفهري الحافظ الجليل يكنى أبا بكر جليل إشبيلية وزعيم وقته في الحفظ. لبلي الأصل إشبيلي استدعاه السيد أبو سعيد والي غرناطة فأقام بها عنده في جملة من الفضلاء مثله سنين. ذكر ذلك صاحب كتاب ثورة المريدين. حاله كان في حفظ الفقه بحرًا يغرف من محيط. يقال إنه ما طالع شيئًا من الكتب فنسيه إلى الجلالة والأصالة وبعد الصيت واشتهار المحل. وكان مع هذا يتكلم عند الملوك ويخطب بين يديها مشيخته روى عن أبي الحسن بن الأخضر أخذ عنه كتاب سيبويه وغيره ذلك وعن أبي محمد بن عتاب وسمع عليه بعض الموطأ وعن أبي بحر الأسدي وأبي الوليد بن طريف وأبي القاسم بن منظور القاضي وسمع عليه صحيح البخاري كله وشريح بن محمد وأبي الوليد بن رشد وناوله كتاب البيان والتحصيل. وكتاب المقدمات. لقي هؤلاء كلهم وأجازوا له عامة. وأخذ أيضًا عن مالك بن وهيب. من حدث عنه أبو الحسن بن زرقون وأبو محمد القرطبي الحافظ وإبنا حوط الله وغيرهم. وعليه من ختمت به المائة السادسة كأبي محمد بن جمهور وأبي العباس بن خليل وإخوته الثلاثة أبي محمد عبد الله وأبي زيد عبد الرحمن وأبي محمد عبد الحق. قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير: حدثني عنه ابن خليل وأبو القاسم الجياني وأبو الحسن بن السراج. مولده: بلبلة في ربيع الأول سنة ست وثمانين وخمسماية. ذكره ابن الملجوم وأبو الربيع بن سالم وابن فرتون. محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد ابن أحمد بن الفخار الجذامي يكنى أبا بكر أركشي المولد المنشأ مالقي الاستيطان شريشي التدرب والقراءة. حاله من عايد الصلة: كان رحمه الله خيرًا صالحًا شديد الانقباض مغرقًا في باب الورع سليم الباطن كثير العكوف على العلم والملازمة قليل الرياء والتصنع. خرج من بلده أركش عند استيلاء العدو على قصبتها وكان يصفها وينشد فيها من شعر أستاذه الأديب أبي الحسن الكرماني: أكرم بأركش دارا تاهت على البدر قدرا يخاطب المجد عنها لقلب تدنى شكرا واستوطن مدينة شريش وقرأ بها وروى بها عن علمائها واقرأ بها. ولما استولى العدو عليها لحق بالجزيرة الخضراء فدرس بها ثم عبر البحر إلى سبتة. فقرأ بها وروى. ثم كر إلى الأندلس فقصد غرناطة وأخذ عن أهلها. ثم استوطن مالقة وتصدر للإقراء بها مفيد التعليم متفننه من فقه وعربية وقراءات وأدب وحديث عظيم الصبر مستغرق الوقت يدرس من لدن صلاة الصبح إلى الزوال. ثم يسند ظهره إلى طاق المسجد بعد ذلك فيقرى وتأتيه النساء من خلفه للفتيا فيفتيهن عل حال سؤالا تهن إلى نصف ما بين العصر والعشاء الأولى. ثم يأتي المسجد الأعظم بعد الغروب فيقعد للفتيا إلى العشاء الآخرة من غير أن يقبل من أحد شيئًا. ومن أخذ منه بعد تحكيم الورع أثابه بمثله. ما رئي في وقته أورع منه. وكان يتخذ رومية مملوكة لا يشتمل منزله على سواها فإذا أنس منها الضجر للحصر وتمادى الحجاب أعتقها وأصحبها إلى أرضها. ونشأت بينه وبين فقهاء بلده خصومة في أمور عدوها عليه مما ارتكبها لاجتهاده في مناط الفتوى وعقد لهم أمير المسلمين بالأندلس مجلسًا أجلى عن ظهوره فيه وبقاء رسمه فكانت محنة وخلصه الله منها. وبلغ من تعظيم الناس إياه وانحياشهم إليه مبلغًا لم ينله مثله وانتفع بتعليمه واستفيد منه الأدب على نسكه وسذاجته. مشيخته قرأ ببلده شريش على المكتب الحاج أبي محمد عبد الله بن أبي بكر ابن داود القيسي وعلى الأستاذ أبي بكر محمد بن الرباح وعلى الأستاذ أبي الحسن علي بن إبراهيم بن حكيم السكوني الكرماني. أخذ عنه العربية والأدب وعلى الحافظ أبي الحسن علي بن عيسى المعروف بابن متيوان وعلى الأصولي الكاتب أبي الحسن هلال بن أبي سنان الأزدي المراكشي وعلى الخطيب أبي العرب إسمعيل بن إبراهيم الأنصاري وعلى الفقيه أبي عبد الله الجنيدي المعروف بالغراق وعلى الفقيه العددي أبي عبد الله محمد بن علي بن يوسف المعروف بابن الكاتب المكناسي. وقرأ بالجزيرة الخضراء على الخطيب الصالح أبي محمد الركبي وروى عنه وقرأ بها على الخطيب أبي عبيد الله بن خميس وعلى الأصولي أبي أمية. وقرأ بسبتة على الأستاذ الفرضي إمام النحاة أبي الحسن بن أبي الربيع وعلى أبي يعقوب المحبساني وعلى المحدث أبي عمرو عثمان بن عبد الله العبدري وعلى الفقيه المالكي الحافظ أبي الحسن المتيوي والأصولي أبي الحسن البصري والفقيه المعمر الراوية أبي عبد الله محمد الأزدي والمحدث الحافظ أبي محمد بن الكماد وعلى الأستاذ العروضي الكفيف أبي الحسن بن الخضار التلمساني. ولقي بغرناطة قاضي الجماعة أبا القاسم ابن أبي عامر بن ربيع والأستاذ أبا جعفر الطباع وأبا الوليد إسمعيل ابن عيسى بن أبي الوليد الأزدي والأستاذ أبا الحسن بن الصايغ. ولقي بمالقة الخطيب الصالح أبا محمد عبد العظيم بن الشيخ والراوية أبا عبد الله محمد بن علي بن الحسن الجذامي السهيلي. وسمع على الراوية أبي عمرو ابن حوط الله وعلى الأستاذ أبي عبد الله بن عباس القرطبي. كان رحمه الله مغري بالتأليف فألف نحو الثلاثين تأليفًا في فنون مختلفة منها كتاب تحبير نظم الجمان في تفسير أم القرآن و " انتفاع الطلبة النبهاء في اجتماع السبعة القراء ". و " الأحاديث الأربعون بما ينتفع به القارئون والسامعون " وكتاب " منظوم الدرر في شرح كتاب المختصر " و " كتاب نصح المقالة في شرح الرسالة " وكتاب " الجواب المختصر المروم في تحريم سكنى المسلمين ببلاد الروم " وكتاب " استواء النهج في تحريم اللعب بالشطرنج " وكتاب " جواب البيان على مصارمة أهل الزمان " وكتاب تفضيل صلاة الصبح للجماعة في آخر الوقت المختار على صلاة الصبح للمنفرد في أول وقتها بالابتجدار " وكتاب " إرشاد السالك في بيان إسناد زياد عن مالك " وكتاب " الجوابات المجتمعة عن السؤالات المنوعة " وكتاب " إملا فوايد الدول في ابتداء مقاصد الجمل " وكتاب " منهج الضوابط المقسمة في شرح قوانين المقدمة " وكتاب " التكملة والتبرية في إعراب البسملة والتصلية " وكتاب " سح مزنة الانتخاب في شرح خطبة الكتاب ". ومنها اللايح المعتمد عليه في الرد على من رفع الخبر بلا إلى سيبويه وغير ذلك من مجيد ومقصر. |
شعره وشعره كثير غريب النزعة دال على السذاجة وعدم الاسترابة والشعور والغفلة المعربة عن السلامة من ارتكاب الحوشى واقتحام الضرار واسعمال الألفاظ المشتركة التي تتشبث بها أطراف الملاحين والمعاريض ولع كثير من أهل زمانه بالرد عليه والتملح بما يصدر عنه منهم القاضي أبو عبد الله بن عبد الملك. ومن منتخب شعره قوله: أنظر إلى ورد الرياض كأنه ديباج خد في بنان زبرجد قد فتحته نضارة فبدا له في القلب رونق صفرةٍ كالعسجد حكت الجوانب خدحب ناعم والقلب يحكى خد صب مكمد حدث الفقيه العدل أبو جعفر أحمد بن مفضل المالقى قال قال لي يومًا الشيخ الأستاذ أبو بكر بن الفخار خرجت ذات يوم وأنا شاب من حلقة الأستاذ بشريش أعادها الله للإسلام في جملة من الطلبة وكان يقابل باب المسجد حانوت سراج وإذا فتى وسيم في الحانوت يرقم جلدًا كان في يده فقالوا لي لاتجاوز هذا الباب حتى تصنع لنا شعرًا في هذا الفتى. فقلت: ورب معذر للحب داع يروق بهاء منظره البهيج وشى في وجنتيه وشيًا كوشى يديه في أدم السروج بحصن أركش بلده وكان لا خبر به في ما بين الثلاثين والأربعين وست ماية. وفاته توفي بمالقة في عام ثلاثة وعشرين وسبعماية وكانت جنازته بمالقة مشهورة ابن العربي محمد بن علي بن عمر بن يحيى بن العربي الغساني من أهل الحمة من عمل المرية يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن العربي وينتمي في بني أسود من أعيانها. حاله من العايد: كان رحمه الله من أهل العلم والدين والفضل طلق الوجه حسن السير كثير الحياء كأنك إذا كلمته تخاطب البكر العذراء لا تلقاه إلا مبتسمًا في حسن سمت وفضل هوىً وجميل وقار كثير الخشوع وخصوصًا عند الدهول في الصلاة تلوح عليه بذلك عند تلاوته سيمى الحضور وحلاوة الإقبال. وكان له تحقق بضبط القراءات والقيام عليها وعناية بعلم العربية مع مشاركة في غير ذلك من الفنون السنية والعلوم الدينية. انتصب للإقراء والتدريس بالحمة المذكورة فقرب النجعة على أهل الحصون والقرى الشرقية فصار مجتمعًا لأرباب الطلب من أهل تلك الجهات ومرتفقاتهم. وكان رجلًا صالحًا مبارك النية حسن التعليم نفع الله به من هنالك وتخرج على يديه جمع وافر من الطلبة عمرت بهم ساير الحصون. وكان له منزل رحب للقاصدين ومنتدى عذب للواردين. تجول في آخرة بالأندلس والعدوة وأخذ عمن لقى بها من العلماء وأقام مدة بسبتة مكبًا على قراءة القرآن والعربية. وبعد عوده من تجواله لزم التصدر للإقراء بحيث ذكر وقد كانت الحواضر فقيرة لمثله غير آنه آثر الوطن واختار الاقتصارد. m0شخته أخذ يألمرية عن شيخها أبى الحسن بن أبى العيش وبغرناطة عن الأستاذ أبي جعفر بن الزبير والعدل أبي الحسن بن مستقور. وببلش عن الأستاذ أبي عبد الله بن الكماد والخطيب أبي جعفر بن الزيات. وبمالقة عن الأستاذ أبي عبد الله بن الفخار والشيخ أبي عبد الله محمد بن يحيى بن ربيع الأشعري. وبالجزيرة عن خطيبها أبي العباس بن خميس. وبسبتة عن الأستاذ أبي إسحق العافقي والخطيب أبي عبد الله بن رشيد والإمام الصالح أبي عبد الله محمد بن محمد بن حريث والقاضي أبي عبد الله القرطبي والزاهد أبي عبد الله بن معلى الشيخ الخطيب أبي عبد الله العغماري. وبمكناسة عن القاضي وارياش. وبفاس من الحاج الخطيب أبي الربيع سليمان بن مفتاح اللجاي والأستاذ أبي الحسن بن سليمان والأستاذ أبي عبد الله بن أجروم الصنهاجي والحاج أبي القاسم بن رجا ابن محمد بن علي وغيرهم وكل من ذكر أجازله عامة مولده: في أول عام اثنين وثمانين وستماية وفاته: توفي بالحمة ليلة الإثنين الثامن عشر لشهر محرم عام ثمانية وأربعين وسبعماية. اليتيم محمد بن علي بن محمد العبدري من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله ويعرف باليتيم حاله كان رحمه الله أحد الظرفاء من أهل بلده مليح الشكل حسن الشيبة لوذعيًا في وقار رشيق النظم والنثر غزلا مع الصون كثير الدعابة من غير إفحاش غزير الأدب حسن الصوت رايق الخطبن بديع الوراقة معسول الألفاظ ممتع المجالسة طيب العشرة. أدب الصبيان مدة وعقد الشروط أخرى وكان يقرأ كتب الحيدث والتفسير والرقايق للعامة بالمسجد الأعظم بأعذب نغمة وأمثل طريقة مذ أزيد من ثلاثين سنة لم يخل منها وقتًا إلا ليلتين إحداهما بسبب امتساكناب به في نزهة برياض بعض الطلبة. لم يخلف مثله بعده. وخطب بقصبه مالقة ومال أخيرًا إلى نظر الطب فكان الناس يميلون اليه وينتفعون به لسياغ مشاركته وعموم وجرى ذكره في " التاج المحلى " بما نصه: مجموع أدوات حسان من خط ونغمة ولسان أوراقه روض تضوع نسماته وبشره صبح تتألق قسماته ولايخفى سماته. يقرطس أغراض الدعابة ويصميها ويفوق سهام الفكاهة إلى مراميها فكلما صدرت في عصره قصيدة هازلة أو أبيات منحطة عن الإجادة نازلة خمس أبياتها وذيلها وصرف معانيها وسهلها وتركها سمر الندمان وأضحوكة الزمان. وهو الآن خطيب المسجد الأعلى من مالقة متحل بوقار وسكينة حال من أهلها بمكانةٍ مكينة لسهولة جانبه واتضاح مقاصده في الخير ومذاهبه. واشتغل لأول أمره بالتعليم والتكتيب وبلغ الغاية في الوقار والترتيب وللشباب لم ينصل خضابه ولا شلت للمشيب عضابه ونفسه بالمحاسن كلفة وشأنه كله هوى ومحبة ولذلك ماخاطبه به بعض أودايه وكلاهما رمى أهله بدايه حسبما يأتي خلال هذا المقول وفي أثنايه بحول الله. شعره كتبت إليه أسأل منه ماأثبت في كتاب " التاج " من شعره فكتب إلى: أما العرام فلم أخلل بمذهبه فلم حرمت فؤادي نيل مطلبه يامعرضًا عن فؤادٍ لم يزل كلفًا بحبه ذا حذار من تجنبه أيام وصلك مبذول وبرك بي مجدد قد صفا لي عذب مشربه وسمع ودك عن إفك العواذل فيشغلٍ وبدر الدجى ناسٍ لمغربه أ لأنت تمنعني نيل الرضا كرمًا ولا فؤادي بوانٍ ف يتطلبه لله عرفك ماأذكى تنسمه لو كنت تمنحني استشاق طيبه أنت الحبيب الذي لم أتخذ بدلًا منه وحاش لقلبي من تقلبه ياابن الخطيب الذي قد فقت كل سنًا أزال عن ناظري إظلام غيهبه محمد الحسن في خلقٍ وفي خلق كملت باسمك معنى الحسن فازه به نأيت أو غبت مالي عن هواك غنى لانيقص البدر حسنًا في بتغيبه سيان حال التداني والبعاد وهل لمبصر البدر نيل في ترقبه يامن أحسن ظنى في رضاه وما ينفك يبدى قبيحًا من تغضبه إن كان ذنبي الهوى فالقلب منيلايصغى لسمع ملامٍ من مؤنبه فأجبته بهذه الرسالة وهي ظريفة في معناها: " ياسيدي الذي إذا رفعت راية ثنايه تلقيتها باليدين وإذا قسمت سهام وداده على ذوي اعتقاده كنت صاحب الفريضة والدين دام بقاؤك لطرفةٍ تبديها وغريبةٍ تردفها بأخرى تليها وعقيلة بيان تحليها ونفس أخذ الحزن بكظمها وكلف الدهر بشت نظمها تونسها وتسليها لم أزل أعزك الله أشد على بدايعها بد الضنين وأقتنى درر كلامك ونفثات أقلامك اقتناء الدر الثمين والأيام بلقياك تعد ولا تسعد وفي هذه الأيام انثالت على سماؤك بعد قحط وتوالت على آلاوك على شحط وزارتني من عقايل بيانك كل فاتنة الطرف عاطرة العرف رافلةٍ في حلل البيان والظرف لو ضربت بيوتها بالحجار لأقرت لنا العرب العاربة بالإعجاز ماشيت من رصف المبنى ومطاوعة اللفظ لغرض المعنى وطيب الأسلوب والتشبث بالقلوب. غير أن سيدى أفرط في التنزل وخلط المخاطبة بالتغزل وراجع الالتفات ورام استدراك مافات. يرحم الله شاعر المعرة فلقد أجاد في قوله وأمكر مناجاةً للشوق بعد انصرام حوله فقال: أبعد حولٍ تناجي للشوق ناجية هلا ونحن على عشر من العشر وقد تجاوزت في الأمل وأنسيت أخبار صاحبك عبد الصمد فأقسم بألفات القدود وهمزات الجفون السود وحاملى الأرواح مع الألواح بالغدو والرواح لولا بعد مزارك ماأمنت غايلة ماتحت إزارك إني حققت الغرض وبحثت عن المشكل الذي عرض فقلت للخواطر انتقال ولكل مقام مقال وتختلف الحوايج باختلاف الأوقات ثم رفع اللبس خبر الثقات. ومنها: وتعرفت ما كان من مراجعة سيدي لحرفة التكتيب والتعليم والحنين إلى العهد القديم فسررت باستقامة حاله وفضل ماله وإن لاحظ الملاحظ ماقال الجاحظ فاعتراض لا يرد وقياس لا يضطرد جبذا والله عيش أهل التاديب فلا بالضنك ولا بالجديب معاهدة الإحسان. ومشاهدة الصور الحسان يمينًا إن المعلمين لسادة المسلمين وإني لأنظر منهم كلما خطرت على المكاتب أمرًا فوق المراتب من كل مسيطرالدرة متقطب الأسرة متنمر للوارد تنمر الهرة يغدو إلى مكتبه والأمير ف يموكبه حتى إذا استقل في فرشه واستولى على عرشه وترنم بتلاوة قانونه وورشه أطهر للخلق احتقارًا وأندى بالجبال وقارًا ورفعت إليه الخصوم ووقف بين يديه الظالم والظلوم فتقول كسرى في إيوانه والرشيد في زمانه والحجاج بين أعوانه. وإذا استولى على البدر السرار وتبين للشهر القرار وتحرك إلى الخوج تحرك القرد إلى الفرج. أستغفر الله مما يشق على سيدي سماعه وتشمئز من ذكراه طباعه شيم اللسان خلط الإساءة بالإحسان والغفلة من صفات الإنسان. فأي عيش هذا العيش وكيف حال أمير هذا الجيش طاعة معروقة ووجوه إليه مصروفة فإن أشار بالإنصات تتحقق الفصات فكأنما طمس الأفواه ولام بين الشفاه. وإنه أمر بالإفصاح وتلاوة الألواح علا الضجيج والعجيج وحف به كما حف بالبيت الحجيج. وكم بين ذلك من رشوة تدمن وغمزة لاتحس ووعد يستنجز وحاجةٍ تستعجل وتحفز. هنا الله سيدي ماخوله وأنساه بطيب آخره أوله. وقد بعثت بدعابتي هذه مع إجلال قدره والثقة بسعة صدره فليتلقها بيمينه ويفسح لها في المرتبة بينه وبين خدينه ويفرغ لمراجعتها وقتًا من أوقاته بمقتضى دينه وفضل يقينه والسلام. ومن شعره ما كتب به إلى: آيات حسنك حج للقال في الحب قايمة على العذال يا من سبا طوعًا عقول ذوي النهى ببلاغةٍ قد أيدت بجمال يستعبد الأبصار والأسماع ما يجلو ويتلو من سنى مقال وعليك أهواء النفوس بأسرها وقفت فطيرك لا يمر ببال رفعت لريه في البلاغة راية لما احتللت بها وحيد كمال وغدت تباهي منك بالبدر الذي تعنو البدور لنوره المتلال مإذا ترى يا ابن الخطيب لخاطب ودًا ينافس فيك كل مقال جذبته نحو هواك غر محاسن مشفوعة أفرادها بمعال وشمايل رقت لرقة طبعها فزلالها يزري بكل زلال يستخدم الياقوت عند نظامها فمقصر من قاسها بلال سبق الأخير الأولين بفضلها فغدا المقدم تابعًا للتال شغفي بذكر من عقايلها إذا تبدو تصان من الحجا بحجال فابعث بها نلت المنا ممهورة طيب الثنا لنقدها والكال لا زلت شمسًا في الفضايل يهتدي بسناك في الأفعال والأقوال ثم السلام عليك يترى ما تلت بكر الزمان رواف الآصال ومن الدعابة وقد وقعت إليها الإشارة من قبل ما كتب به إليه صديقه الملاطف أبو علي بن عبد السلام: أبا عبد الله نداء خل وفي جاء يمنحك النصيحة إلى كم تألف الشبان غيًا وخذلانا أما تخشى الفضيحة فأجابه رحمه الله: فديتك صاحب السمة المليحة ومن طابت أرومته الصريحة ونم قلبي وضعت له محلًا فما عنه يحل بأن أزيحه وزاد تشوقي أبيات شعر أتت منكم بألفاظ فصيحة ولم تقصد بها جدًا ولاكن قصدت بها مداعبة قبيحة فقلت أتألف الشبان غيا وخذلانا أما تخشى الفضيحة وفيهم حرفتي وقوام عيشي وأحوالي بخلطتهم نجيحة وأمري فيهم أمر مطاع وأوجههم مصابيح صبيحة وتعلم أنني رجل حصور وتعرف ذاك معرفة صحيحة قال في التاج: ولما اشتهر المشيب بعارضه ولمته وخفر الدهر لعمود صباه وإذمته أقلع واسترجع وتألم لما فرط وتوجع وهو الآن من جلة الخطباء طاهر العرض والثوب خالص من الشوب باد عليه قبول قابل التوب. وفاته رحمه الله: في آخر صفر من عام خمسين وسبعماية في وقيعة الطاعون العام ودخل غرناطة. ومن الغرباء في هذا الباب محمد بن مرزوق العجيسي محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن مرزوق العجيسي من أهل تلمسان يكنى أبا عبد الله ويلقب من الألقاب المشرقية بشمس الدين حاله هذا الرجل من طرف دهره ظرفًا وخصوصية ولطافة مليح التوسل حسن اللقاء مبذول البشر كثير التودد نظيف البزة لطيف التأتي خير البيت طلق الوجه خلوب اللسان طيب الحديث مقدر الألفاظ عارف بالأبواب درب على صحبة الملوك والأشراف متقاض لإيثار السلاطين والأمراء يسحرهم بخلابة لفظه ويفتلهم في الذروة والغارب بتنزله ويهتدي إلى أغراضهم الكمينة بحذقه ويصنع غاشيتهم بتلطفه ممزوج الدعابة بالوقار والفكاهة بالنسك والحشمة بالبسط عظيم المشاركة لأهل وده والتعصب لإخوانه إلف مألوف كثير الأتباع والعلق مسخر الرقاع في سبيل الوساطة مجدي الجاه غاص المنزل بالطلبة منقاد الدعوة بارع الخط أنيقه عذب التلاوة متسع الرواية مشارك في فنون من أصول وفروع وتفسير يكتب ويشعر ويقيد ويؤلف فلا يعدو السداد في ذلك فارس منبر غير جزوع ولا هيابة. رحل إلى المشرق في كنف حشمة نم جناب والده رحمه الله فحج وجاور ولقي الجلة ثم فارقة وقد عرف بالمشرق حقه وصرف وجهه إلى المغرب فاشتمل عليه السلطان أبو الحسن أميره اشتمالًا خلطه بنفسه وجعله مفضي سره وإمام جمعته وخطيب منبره وأمين رسالته فقدم في غرضها على الأندلس في أواخر عام ثمانية وأربعين وسبعماية واجذبه سلطانها رحمه الله وأجراه على تلك الوتيرة فقلده الخطبة بمسجده في السادس لصفر عام ثلاثة وخمسين وسبعماية وأقعده للإقراء بالمدرسة من حضرته. وفي أخريات عام أربعة وخمسين بعده أطرف عنه حفن بره في أسلوب طماح ودالة وسبيل هوى وقحة فاغتنم العبرة وانتهز الفرصة وأنفذ في الرحيل العزمة وانصرف عزيز الرحلة مغبوط المنقلب في أوايل شعبان عام أربعة وخمسين وسبعماية فاستقر بباب ملك المغرب أمير المؤمنين أبي عنان فارس في محل تجلة وبساط قرب مشترك الجاه مجدي التوسط ناجع الشفاعة والله يتولاه ويزيده من فضله. مشيخته من كتابه المسمى عجالة المتسوفز المستجاز في ذكر من سمع من المشايخ دون من أجاز من أئمة المغرب والشام والحجاز. فممن لقيه بالمدينة المشرفة على ساكنها الصلاة والسلام الإمام العلامة عز الدين محمد أبو الحسن ابن علي بن إسمعيل الواسطي صاحب خطتي الإمامة والخطابة بالمسجد النبوي الكريم وأفرد جزءًا في مناقبه. ومنهم الشيخ الإمام جمال الدين أبو عبد الله محمدبن أحمد بن خلف بن عيسى الخزرجي السعدي العبادي تحمل عن عفيف الدين أبي محمد عبد السلام بن مزروع وأبي اليمن وغيره. والشيخ الإمام خادم الوقت بالمسجد الكريم ونائب الإمامة والخطابة به ومنشد الأمداح النبوية هنالك. وبمكة شرفها الله الشيخ المعمر الثقة شرف الدين أبو عبد الله عيسى بن عبد الله الحجي المكي. ولا شيخ الصالح شرف الدين خضر بن عبد الرحمن العجمي. والشيخ مقري الحرم برهان الدين إبراهيم بن مسعود بن إبراهيم الآبلي المصري. والشيخ الإمام الصالح أبو محمد عبد الله بن أسعد الشافعي الحجة انتهت إليه الرياسة العلمية والخطط الشرعية بالحرم. والشيخ قاضي القضاة وخطيب الخطباء عز الدين أبو عمر عبد العزيز بن محمد بن جماعة الكناني قاضي القضاة بمصر. وبمصر الشيخ علاء الدين القونوي. والتقي السعدي وقاضي القضاة القزويني والشرف أقضى القضاة الإخميمي وكثيرون غيرهم. وسمع من عدد عديد آخر من أعلام القضاة والحفاظ والعلماء بتونس وبجابة والزاب وتلمسان. اقتضى الخوض الواقع بين يدي تاميل الأمير أبي الحسن رحمه الله وتوقع عودة الأمر إليه وقد ألقاه اليم بالساحل بمدينة الجزاير أن قبض عليه بتلمسان أمراؤها المتوثبون عليها في هذه الفترة من بني زيان إرضاء لقبيلهم المتهم بمداخلته وقد رحل عنهم دسيسًا من أميرهم عثمن بن يحيى بن عبد الرحمن بن يغمراسن فصرف مأخوذًا عليه طريقه منتهبًا رحله منتهكة حرمته وأسكن قرارة مطبق عميق القعر مقفل المسلك حريز القفل ثاني اثنين. ولأيام قتل ثانيه ذبحًا بمقربة من شفى تلك الركية وانقطع لشدة لاثقاف أثره أيقن الناس بفوات الأمر فيه. ولزمان من محنته ظهرت عليه بركة سلفه في خبر ينظر بطرقه إلى الكرامة فنجا ولا تسل كيف وخلصه الله خلاصًا جميلًا وقدم على الأندلس والله ينفعه بمحنته. شعره وما وقع من المكاتبة بيني وبينه ركب مع السلطان خارج الحمراء أيام ضربت اللوز قبابها البيض وزينت الفحص العريض والروض الأريض فارتجل في ذلك: أنظر إلى النوار في أغصانه يحكى النجوم إذا تبدت في الحلك حيًا أمير المسلمين وقال قد عميت بصيرة من بغيرك مثلك أنت الذي صعدت به أوصافه فيقال فيه ذا مليك أو ملك ولما قدمت على مدينة فاس في غرض الرسالة خاطبني بمنزل الشاطبي على مرحلة منها بما نصه: يا قادمًا وافي بكل نجاج أبشر بما تلقاه من أفراح هذي ذرى ملك الملوك فلذ بها تنل المنى وتفز بكل سماح مغني الإمام أبي عنان يممن تظفر ببحر في العلى طفاح من قاس جود أبي عنان ذي الندى بسواه قاس البحر بالضحضاح ملك يفيض على العفاة نواله قبل السوال وقبل بسطة راح فلجود كعب وابن سعدي في الندى ذكر محاه من نداه ماح ما أن رأيت ولا سمعت بمثله من أريحي للندى مرتاح بسط الأمان على الأنام فأصبحوا قد ألحفوا منه بظل جناح وهمي على العافين سيب نواله حتى حكى سح الغمام الساح فنواله وجلاله وفعاله فاقت وأعيت ألسن المداح فانهض أبا عبد الإله تفز بما تبغيه من أمل ونيل نجاح لا زلت ترتشف الأماني راحة من راحة المولى بكل صباح والحمد لله يا سيدي وأخي على نعمه التي لا تحصى حمدًا يؤم به جميعنا المقصد الأسنى فيبلغ الأمد الأقصى فطالما كان معظم سيدي للأسى في خبال وللأسف بين اشتغال بال واشتغال بلبال ولقدومكم على هذا المقام العلي في ارتقاب ولمواعدكم بذلك في تحقق وقوعه من غير شك ولا ارتياب فها أنت تجتلي من هذا المقام العلي لتشيعك وجوه المسرات صباحًا وتتلقى أحاديث مكارمه ومواهبه مسندة صحاحًا بحول الله. ولسيدي الفضل في قبول مركوبه الواصل إليه بسرجه ولجامه فهو من بعض ما لدي المحب من إحسان مولاي وإنعامه. ولعمري لقد كان وافدًا على سيدي في مستقره مع غيره. فالحمد لله الذي يسر في إيصاله على أفضل أحواله. فراجعته بقولي: راحت تذكرني كؤوس الراح والقرب يخفض للجنوح جناح وسرت تدل على القبول كأنما دل النسيم على انبلاج صباح حسناء قد غنيت بحسن صفاتها عن دملج وقلادة ووشاح بخليفة الله المؤيد فارس شمس المعالي الأزهر الوضاح ما شيت من همم ومن سيم غدت كالزهر أو كالزهر في الأدواح فضل الملوك فليس يدرك شأوه أني يقاس الغمر بالضحضاح أسنى بني عباسهم بلوانه المنصور أو بحسامه السفاح وغدت مغاني الملك لما حلها تزهي ببدر هدى وبحر سماح وحياة من أهداك تحفة قادم في العرف منها راحة الأرواح ما زلت أجعل ذكره وثناءه روحي وريحاني الأريج وراح ولقد تمازج حبه بجوارحي كتمازج الأجسام بالأرواح ولو أنني أبصرت يومًا في يدي أمري لطرت إليه دون جناح فالأن ساعدني الزمان وأيقنت من قربه نفسي بفوز قداح إيه أبا عبد الإلآه وإنه لنداء ود في علاك صراح أما إذا استنجدتني من بعد ما ركدت لما خبت الخطوب رياح وبالحق من مدح المولى الخليفة صدعت وألفتني وقد سطت بي الأوحال حتى كادت تتلف الرحال والحاجة إلى الغذاء قد شمرت كشح البطين وثانية العجماوين قد توقع فوات وقتها وإن كانت صلاتها صلاة الطين والفكر قد غاض معينه وضعف وعلى الله جزاء المولى الذي يعينه فعزتني بكتيبة بيان أسدها هصور وعلمها منصور وألفاظها ليس فيها قصور ومعانيها عليها الحسن مقصور واعتراف مثلي بالعجز في المضايق حول ومنة وقول لا أدري للعالم فكيف لغيره جنة. لا كنها بشرتني بما يقل لمهديه بذل النفوس وإن جلت وأطلعتني من اسراء على وجه تحسده الشمس إذا تجلت بما أعلمت به من جميل اعتقاد مولانا أمير المؤمنين أيده الله في عبده وصدق المخيلة في كرم مجده. وهذا هو الجود المحض والفضل الذي شكره هو الفرض. وتلك الخلافة المولوية تتصف بصفة من يبدأ بالنوال من قبل الضراعة والسؤال من غير اعتبار للأسباب ولا مجازاة للأعمال. نسأل الله أن يبقى منها على الإسلام أوفي الظلال ويبلغها من فضله أقصى الآمال. ووصل ما بعثه سيدي صحبتها من الهدية والتحفة الودية وقبلتها امتثالًا واستجليت منها عتقًا وجمالًا. وسيدي في الوقت أنسب إلى اتخاذ ذلك الجنس وأقدر على الاستكثار من إناث اليهم والإنس. وأنا ضعيف القدرة غير مستطيع لذلك إلا في الندرة فلو رأى سيدي ورأيه سداد وقصده فضل ووداد أن ينقل القضية إلى باب العارية من باب الهبة مع وجوب الحقوق المترتبة لبسط خاطري وجمعه وعمل في رفع المؤنة على شاكلة ونجره وسيدي في الإسعاف على الله أجره وهذا أمر عرض وفرض فرض وعلى نظره المعول واعتماد إغضائه هو المعقول الأول. والسلام على سيدي من معظم قدره وملتزم بره ابن الخطيب في ليلة الأحد السابع والعشرين لذي قعدة سنة خمسة وخمسين وسبعماية والسماء قد جادت بمطر سهرت منه الأجفان وظن أنه طوفان واللحاق في غد بالباب المولوي مؤمل بحول الله. ومن الشعر المنسوب إلى محاسنه ما أنشد عنه وبين يديه في ليلة الميلاد المعظم من عام ثلاثة وستين وسبعماية بمدينة فاس المحروسة: أيا نسيم السحر بالله بلغ خبر ** إن أنت يومًا بالحمى جررت فضل المثزر ثم حثثت الخطو من فوق الكثيب الأعفر ** مستقريًا في عشبه خفى وطئ المطر تروى عن الضحاك في الروض حديث الزهر ** مخلق الأذيال بالعبير أو بالعنبر وحقهم ما غيرت ودي صروف الغير ** لله عهد فيه قضيت حميد الأثر أيامه هي التي أحسبها من عمري ** ويا لليل فيه ما عيب بغير القصر العمر فينان ووجه الدهر طلق الغرر ** والشمل بالأحباب منظوم كنظم الدرر صفو من العيش بلا شائبة من كدر ** ما بين أهل تقطف الأنس حنى الثمر وبين آمال تبيح القرب صافي الغدر ** يا شجرات الحي حياك الحيا من شجر إذا أجال الشوق في تلك المغاني فكري ** خرجت من خدي حديث الدمع فوق الطرر تخبط بالأخفاف مظلوم البرا وهو بري ** قد عطفت عن ميد والتفت عن حور قسي سير ما سوى العزم لها من وتر ** حتى إذا الأعلام حلست لحفي البشر واسبتشر النازح بالقرب ونيل الوطر ** وعين الميقات للسفر نجاح السفر والناس بين محرم بالحج أو معتمر ** لبيك لبيك إله الخلق باري الصور ولاحت الكعبة بيت الله ذات الأثر ** مقام إبراهيم والمأمن عند الذعر واغتنم القوم طواف القادم المبتدر ** وأعقبوا ركعتي السعي استلام الحجر وفي منى نالوا المنى وأيقنوا بالظفر ** وبعد رمى الجمرا ت كان حلق الشعر أكرم بذاك الصحب والله وذاك النفر ** يا فوزه من موقف يا ربحه من متجر حتى إذا كان الوداع وطواف الصدر ** فأي صبر لم يخن أو جلد لم يغدر وأي وجد لم يصل وسلوة لم تهجر ** ما أفجع البين لقلب الواله المستغفر ثم ثنوا نحو رسول الله سير الضمر ** فعاينوا في طيبة لألاء نور نير زاروا رسول الله واستشفعوا بلثم الجدر ** نالوا به ما أملوا وعرجوا في الأثر ربع ترى مستنزل الآي به والسور ** وملتقى جبريل بالهادي الزكي العنصر وروضة الجنة بين روضة ومنبر ** منخب الله ومختار الورى من مضر والمنتقى والكون من ملابس الخلق عرى ** إذ لم يكن في أفق من زحل أو مشتر ذو المعجزات الغر أمثال النجوم الزهر ** يشهد بالصدق له منها انشقاق القمر والضب والظبي إلى نطق الحصى والشجر ** من أطعم الألف بصاع في صحيح الخبر والجيش رواه بماء الراحة المنهمر ** يا نكتة الكون التي فاتت منال الفكر إيوان كسرى ارتج إذ ضاقت قصور قيصر ** وموقد النار طفا كأنها لم تسعر يا عمدتي يا ملجئي يا مفزعي يا وزري ** يا من له اللواء والحوض وورد الكوثر |
يا منقد الغرقى وهم رهن العذاب الأكبر ** إن لم تحقق أملي بؤت بسعي المخبر صلى عليك الله يا نور الدجا المعتكر ** يا ويح نفسي كم أرى من غفلتي في غمر واحسروا من قلة الزاد وبعد السفر ** يحجني والله بالبرهان وعظ المنبر يا حسنها من خطب لو حركت من نظر ** يا حسنها من شجر لو أورقت من ثمر وليس ما مر من الأيام بالمنتظر ** وقل ما أن حمدت سلامة في غرر ولي غريم لا يني عن طلب المنكسر ** يا نفس جدي قد بدا الصبح ألا فاعتبري واتعظي بمن مضى وارتدعى وازدجرى ** ما بعد شيب الفود من مرتقب فشمري أنت وإن طال المدى في قلعة أو سفر ** وليس من عذر يقيم حجة المعتذر يا ليت شعري والمنى تسرق طيب العمر ** هل ارتجى من عودة أو رجعة أو صدر مقتديًا بمن مضى من سلف ومعثر ** نالوا جوار الله وهو الفخر للمفتخر أكرم من نال المنى بالمرهفات البتر ** ممهد الملك وسيف الحق والليث الجري خليفة الله الذي فاق بحسن السير ** وكان منه الخبر في العلباء وفق الخبر فصدق التصديق من مرآه للتصور ** ومستعين الله في ورد له وصدر فاق الملوك الصيد بالمجد الرفيع الخطر ** فأصبحت ألقابهم منسية لم تذكر وحاز منهم أوحد وصف العديد الأكثر ** برأيه المأمون أو عسكره المظفر بسيفه السفاح أو بعزمه المقتدر ** بالعلم المنصور أو بالذابل المستنصر ووردت على باب السلطان الكبير العالم أبي عنان فبلوت من مشاركته وحميد سعيه ما يليق بمثله. ولما نكبه لم أقصر عن ممكن حيلة في أمره ولما هلك السلطان أبو عنان رحمه الله وصار الأمر لأخيه المتلاحق من الأندلس أبي سالم بعد الولد المسمى بالسعيد كان ممن دمث له الطاعة وأناخ راحلة الملك وحلب ضرع الدعوة وخطب عروس الموهبة فأنشب ظفره في متات معقود من لدن الأب مشدود من لدن القربة فاستحكم عن قرب واستغلظ عن كثب فاستولى على أمره وخلطه بنفسه ولم يستأثر عنه ببثة ولا انفرد بما سوى بضع أهله. بحيث لا يقطع في شيء إا عن رأيه ولا يمحو ويثبت إلا واقفًا عند حده فغشيت بابه الوفود وصرفت إليه الوجوه ووقفت عليه الآمال وخدمته الأشراف وجلبت إلى سدته بضايع العقول والأموال وهادته وخدمته الأشراف وجلبت إلى سدته بضايع العقول والأموال وهادته الملوك فلا تحدو الحداة إلا إليه ولا تحط الرحال إلا لديه. إن حضر أجرى الرسم وأنفذ الأمر والنهي لحظًا أو سرارًا أو مكاتبة وإن غاب ترددت الرقاع واختلفت الرسل. ثم انفرد أخيرًا ببيت الخلوة ومنتبذ المناجاة من دونه مصطف الوزراء وغايات الحجاب فإذا انصرف تبعته الدنيا وسارت بين يديه الوزراء ووقفت ببابه الأمراء قد وسع الكل لحظه وشملهم بحسب الرتب والأموال رعيه ووسم أفذادهم تسويده وعقدت ببنان عليتهم بنانه. لاكن رضي الناس غاية لا تدرك والحقد بين بني آدم قديم وقبيل الملك مباين لمثله فطويت الجوانح منه على سل وحنيت الضلوع على بث وأغمضت الجفون على قذى إلى أن كان من نكبته ما هو معروف جعلها الله له طهورًا. ولما جرت الحادثة على السلطان بالأندلس وكان لحاق جميعنا بالمغرب جنيت ثمرة ما أسلفته في وده فوفي كيل الوفا وأشرك في الجاه وأدر الرزق ورفع المجلس بعد التسبيب في الخلاص والسعي في الجبر جبره الله تعإلى وكان له أحوج ما يكون إلى ذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. ولما انقضى أمر سلطانه رحمه الله وقذف به بحر التمحيص إلى شطه وأضحى جو النكبة بعد انطباقه آثر التشريق بأهله وجملته واستقر بتونس خطيب الخلافة مقيمًا على رسمه من التجلة ذايع الفضل هنالك والمشاركة وهو بحاله الموصوفة إلى الآن كان الله له. وكنت أحسست منه في بعض الكتب الواردة صاغية إلى الدنيا وحنينًا لما فارق من غرورها فحملني الطور الذي ارتكبته في هذه الأيام بتوفيق الله على أن خاطبته بهذه الرسالة وحقها أن يجعلها خدمة الملوك ممن ينسب إلى نبل أو يلم بمعرفة مصحفًا يدرسه وشعارًا يلتزمه وهي: سيدي الذي يده البيضاء لم تذهب بشهرتها المكافاة ولم تختلف في مدحها الأفعال ولا تغايرت في حمدها الصفات ولا تزال تعترف بها العظام الرفات أطلقك الله من أسر الكون كما أطلقك من أسر بعضه ورشدك في سمايه العالية وأرضه وحقر الحظ في عين بصيرتك بما يحملك على رفضه. اتصل بي الخبر السار من تركك لشأنك وإجناء الله إياك ثمرة إحسانك وإنجياب ظلام الشدة الحالك عن أفق حالك. فكبرت لانتشاق عفو الله العاطر واستعبرت لتضاؤل الشدة بين يدي الفرج لا بسوى ذلك من رضى مخلوق يومر فيأتمر ويدعوه القضاء فيبتدر إنما هو فيئ وظل ليس له من الأمر شيء ونسأله جل وتعإلى أن يجعلها آخر عهدك بالدنيا وبنيها وأول معارج نفسك التي تقربها من الحق وتدنيها وكأنني والله أحس بثقل هذه الدعوة على سمعك ومضادتها ولا حول ولا قوة إلا بالله لطبعك وأنا أنافرك إلى العقل الذي هو قسطاس الله في عالم الإنسان والآلة لبث العدلي والإحسان والملك الذي يبين عنه ترجمان اللسان فأقول ليمت شعرى ما الذي غبط سيدى بالدنيا. وإن بلغ من زبرجها الرتبة العليا وأفرض المثال لحالة إقبالها ووصل حبالها وضراعة سبالها وخشوع جبالها. ألتوقع المكروه صباح مسا وارتقاب الحوالة التي تديل من النعيم الباسا ولزوم المنافسة التي تعادى الأشراف والرؤسا. ألترثبق العتب حتى على التقصير في الكتب وظعينة جار الجنب وولوع الصديق بإحصاء الذنب. ألنسبة وقايع الدولة إليك وأنت بري وتطويقك الموبقات وأنت منها عرى. ألا ستهدافك للمضار التي تنتجها غيرة الفروج والأحقاد التي تضطبنها ركبة السروج وسرحة المروج ونجوم السما ذات البروج. ألتقليدك التقصير فيما ضاقت عنه طاقتك وصحت إليه فاقتك من حاجة لا يقتضي قضاها الوجود ولا يكيفها الركوع للملك والسجود. ألقطع الزمان بين سلطان يعبد وسهام للغيوب تكبد وعجاجة شر تلبد وأقبوحة تخلد وتوبد ألوزير يصانع ويداري وذي حجة صحيحة يجادل في مرضاة السلطان ويمارى وعورة لاتوارى. ألمباكرة كل عايب حاسد وعدو ومستأسد وسوق للإنصاف والشفقة كاسد وحال فاسد أللوفود تتزاحم بسدتك مكلفة لك غير ما في طوقك فإن لم تنل أغراضها قلبت عليك السما من فوقك. ألجلساء ببابك لا يقطعون زمن رجوعك وإيابك إلا بقبيح اغتيابك فالتصرفات تمقت والقواطع النجوميات توقت والألاقى تبث والسعايات تحث والسماجد يشتكى قيها البث يعتقدون أن السلطان في يدك بمنزلة الحمار المدبور واليتيم المحجور والأسير المامور ليس له شهرة ولا غضب. ولا أمل في الملك ولا أرب ولا موجدى لأحد كامنة وللشر ضامنة وليس في نفسه عن رأي نفرى ولا بإزاء مالا يقبله نزوة وطفرة إنما هو جارحة لصيدك وعان في قيدك وآلة لتصرف كيدك وأنك علة حيفه ومسلط سيفه. الشرار يسملون عيون الناس باسمك ثم يمزقون بالغيبة مزق جسمك قد تنخلهم الوجود أخبث مافيه واختارهم السفيه فالسفيه إذا الخير يسره الله عن الدول ويخفيه ويقنعه بالقليل فيكفيه. فهم يمتاحون بك ويولونك الملامة ويقتحمون عليك أبواب القول ويسدون طرق السلامة وليس لك في أثناء هذه إلا مايعوزك مع ارتفاعه ولايفوتك مع انقشاعه وذهاب صداعه من غذاء يشبع وثوب يقنع وفراش ينيهم وخديم يقعد ويقيم. وماالفاية في فرش تحتها حمر الغضا ومال من ورايه سوء القضا وجاه يحلق عليه سيف مننضا وإذا بلغت النفس إلى الالتذاذ بما لاتملك واللجاج حول المسقط الذي تعلم أنها فيه تملك فكيف ينسب إلى نبل أو يسر مع السعادة في سبل وإن وجدت في القعود بمجلس التحية بعض الأريحية فليت شعرى أي شيء زادها أو معنى أفادها إلا مباكرة وجه الحاسد وذي القلب الفاسد ومواجهة العدو المستاسد. أو شعرت ببعض الإيناس في الركوب بين الناس هل التذت إلا بحلم كاذب أو جذبها غير الغرور مجاذب. إنما الحلية وافتك من يحدق إلى البزة ويستطيل مدة العزة ويرتاب إذا حدث بخبرك ويتبع بالنقد والتجسس مواقع نظرك ويمنعك من شارة أنسك ويحتال على فراغ كيسك ويضمر الشر لك ولرسيك وأي راحة لمن لايباشر قصده ويسير متى شا وحده ولو صح في هذه الحال لله حظ وهبه زهيدًا أوعين للرشد عملًا حميدًا لساغ الصاب وخفت الأوصاب وسهل المصاب. لاكن الوقت أشغل والفكر أوغل والزمن قد غمرته الحصص الوهمية واستنفدت منه الكمية. أما ليله ففكر أو نوم وعتب يجر الضراس ولوم وأما يومه فتدبير وقبيل ودبير وأمور يعيا بها ثبير وبلاء مبير ولغط لايدخل فيه حكيم كبير وأنا بمثل ذلك خبير. ووالله ياسيدي ومن فلق الحب وأخرج الأب وذرا من مشى ومادب وسمى نفسه الرب لو تعلق المال الذي يجده هذا الكدح ويورى سقيطه هذا القدح بإذيال الكواكب وزاحمت البدر بدره بالمناكب لاورثه عقب ولاخلص به محتقب ولا فاز به سافر ولا منتقب. والشاهد الدول والمشايم الأول. فأين الرباع المقتناة وأين الديار المبتداة وأين الحدايق المغترسات وأين الذخاير المختلسات وأين الودايع المؤملة وأين الأمانات المحملة تأذن الله بتتبيرها وإدناء وتار التيار من دنانيرها فقفلما تلقى أعقابهم إلا أعربًا للطمور مترمقين بجرايات الشهور متعللين بالهباء المنثور يطردون من الأبواب التي حجب عندها آباؤهم وعرف منها إباؤهم وشم من مقاصيرها عنبرهم وكباؤهم لم تسامحهم الأيام إلا في إرث محررٍ أو حلال مقرر وربما محقة الحرام وتعذر منه المرام. هذه أعزك الله حال قبولها مالها مع الترفيه وعلى فرض أن يستوفي العمر في العز مستوفيه. وأما ضده من عدو يتحكم وينتقم وحوت بغى يبتلع ويلتقم وطبق يحجب الهواء ويطيل في التراب الثوا وثعبان قميد يعض الساق وشوبوب عذاب يمزق الإبشار الرقاق وغيلة يهديها الواقب الغاسق ويوجرعها العدو الفاسق مع الأفوال ولا شروق فهل في شئ من هذا مغتبط لنفس حرة أو مايساوى جرعة حالٍ مرة. . واحسرتاه للأحلام ضلت وللأقدام زلت ويالها مصيبة جلت ولسيدي أن يقول حكمت على باستثقال الموعظة واستجفانها ومراودة الدنيا بين خلانها وأكفايها وتناسى عدم وفايها فأقول الطبيب بالعلل أدرى والشفيق بسوء الظن مغرى. وكيف لا وأنا أقف على السحاآت بخط سيدي من مطارح الاعتقال ومثاقف النوب الثقال وحلوات الاستعداد للقاء الخطوب الشداد ونوش الأسنة الحداد وحيث يجمل تمثله ألا تصرف في غير الخضوع لله بنانًا ولايثنى لمخلوق عنانًا. وأتعرف أنها قد ملأت الجو الدو وقصدت الجماد والبو تقتحم أكف أولى الشمات وحفظة المذمات وأعوان النوب الملمات زيادة في الشقا وقصد أبرياء من الاختيار والانتق مشتملة من التجاوز على إغرب من العنقا ومن النقاق على أشهر من البلقا. فهذا يوصف بالإمامة وهذا ينسب في الجود إلى كعب بن مامة وهذا يجعل من أهل الكرامة وهذا يجعل من أهل الكرامة وهذا يكلف الدعاء وليس من أهل وهذا يطلب منه لقا الصالحين وليسوا من شكله إلى ما أحفظنى والله من البحث عن السموم وكتب النجوم والمذموم من المعلوم هلا كان من ينظر في ذلك قد قوطع بتاتًا وأعتقد أن الله جعل لزمن الخير والشر ميقاتًا وأنا لانملك موتًا ولا نشورًا ولا حياتًا وأن اللوح قد حصر الأشياء محورًا وإثباتًا فكيف نرجو لما منع منالًا أو نستطيع مما قدر إفلاتًا. أفيدونا ما يرجح العقيدة المقررة نتحول إليه وبينوا لنا الحق نعول عليه. الله الله ياسيدي في النفس المرشحة وللذات المحلات بالفضايل الموشحة والسلف الشهير الخير والعمر المشرف على الرحلة بعد حث السير ودع الدنيا لأهلها فما أركس حطوظهم وأخس لحوظهم وأقل متاعهم وأعجل إسراعهم وأكثر عناؤهم وأقصر أناؤهم: ماتم إلا ما رأيت وربما تعي السلامة والناس إما جائر أو حاير يشكو ظلامه والله ما احتقب الحريص سوى الذنوب أو الملامة هل ثم شك في المعاد الحق أو يوم القيامة قولوا لنا ماعندكم أهل الخطابة والإمامة وإن رميت بأحجارى وأوحرت المر من أشجارى فوالله ماتلبست منها لليوم بشيء قديم ولا حديث ولا استاثرت بطيب فضلًا عن خبيث. وما أنا إلا عابر سبيل وهاجر مرعى وبيل ومرتقب وعد قدر فيه الإنجاز وعاكف على حقيقة لا تعرف المجاز قد فررت من الدنيا كما يفر من الأسد وحاولت المقاطعة حتى بين روحي والجسد وغسل الله قلبي وله الحمد من الطمع والحسد فلم أبق عادة إلا قطعتها ولا جنة للصبر إلا ادرعتها. أما اللباس فالصوف وأما الزهد فيما في أيدي الناس فمعروف وأما المال الغبيط فعلى الصدقة مصروف. ووالله لو علمت أن حالي هذه تتصل وعراها لاتنفصل وأن ترتيبي هذا يدوم ولا يجيزني الوعد المحتوم والوقت المعلوم لمت أسفًا وحسبي الله وكفا ومع هذا ياسيدي فالموعظة تتلقى من لسان الوجود والحكمة ضالة المؤمن يطلبها ببذل المجهود ويأخذها من غير اعتبار بمحلها المذموم أو المحمود. ولقد أعملت نظرى فيما يكافئ عني بعض يدك أو ينتمي في الفضل إلى أمدك فلم أر لك الدنيا كفا. هذا لو كنت صاحب دنيا وألفيت بذل النفس قليلًا لك من غير شرطٍ ولا ثنيا فلما ألهمني الله لمخاطبتك بهذه النصيحة المفرغة في قالب الجفا لمن لايثبت عين الصفا ولا يشيم بارقه الوفا ولايعرف قاذورة الدنيا معرفة مثلى من المتدنسين بها لا منهمكين وينظر عوراه الفادح بعين اليقين يعلم أنها المومسة التي حسنها زور وعاشقها مغرور وسرورها شرو تبين لي أني قد كافيت صنيعتك المتقدمة وخرجت عن عهدتك الملتزمة ومحضت لله النصح الذي يقر بعز الله ذاتك ويطيب حياتك ويحي مواتك ويريح جوارحك من الوصب وقلبك من النصب ويحقر الدنيا وأهلها في عينك إذا اعتبرت ويلاشى عظايمها لديك إذا اختبرت كل من تقع عليه عينك حقير قليلن وفقير ذليل لايفضلك بشيء إلا باقتفاء رشد أو ترك غى أثوابه النبيهة يجردها الغاسل وعروة غيره يفصلها الفاصل وماله الحاضر الحاصل يعيث فيه الحسام الفاصل والله ماتعين للخلف إلا ماتعين للسلف ولامصير المجموع إلا إلى التلف ولا صح من الهياط والمياط والصياح والعياط وجمع القيراط إلى القيراط والاستظهار بالوزعة والأشراط والخبط والخباط والاستكثار والاغتباط الغلو والاشتطاط وبنا الصرح وعمل الساباط ورفع العماد وإدارة الفسطاط إلا ألم يذهب القوة وبنسى الآمال المرجوة ثم نفس يصعد وسكرات تتردد وحسرات لفراق الدنيا تتجدد ولسان يثقل عين تبصر الفراق الحق وتمقل. قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون. ثم القبر وما بعده والله منجز وعيده ووعده. فالإضراب وافضراب والتراب التراب وإن اعتذر سيدى بقلة الجلد لكثرة الولد فهو ابن مرزوق لا ابن رزاق وبيده من التسبب ما يتكفل بإمساك أرماق. أين النسخ الذي يتبلغ الإنسان بأجرته في كن حجرته لابل السؤال الذي لاعار عند الحاجة بمعرته السؤال والله أقوم طريقًا وأكرم فريقًا من يد تمتد إلى حرام لا يقوم بمرام ولا يومن من ضرام أحرقت فيه الحلل وقلبت الأديان والملل وضربت الابشار ونحرت العشار ولم يصل منه على يدي واسطة السوؤ المعشار. ثم طلب عند الشدة ففضح وبان سومه ووضح اللهم طهر منا أيدينا وقلوبنا وبلغنا من الانصراف إليك مطلوبنا وعرفنا بمن لايعرف غيرك ولا يسترفد إلا خبرك ياألله. وحقيق على الفضلاء إن جنح سيدي منها إلى إشارة أو أعمل في احتلابها إضباره. أولبس منها شارة أو تشوف إلى خدمة إمارة ألا يحسنوا ظنونهم بعدها بابن ناس ولا يغتروا بسمت ولا خلقٍ ولا لباس فما عدا عما بدا. تقضي العمر في سجن وقيد وعمرو وزيد وضر وكيد وطراد صبد وسعد وسعيد وعبد وعبيد فمتى تظهر الأفكار ويقر القرار وتلازم الأدكار وتشام الأنوار وتتجلى الأسرار ثم يقع الشهود الذي تذهب معه الأفكار ثم يحق الوصول الذي إليه من كل ماسواه الفرار وعليه السدار. وحق الحق الذي ماسواه فباطل والفيض الرحماني الذي ربابه لابد هاطل ماشاب مخاطبتي لك شايبة بريب ولقد محضت لك مايمحضه الحبيب إلى الحبيب فيحمل جفا في الذي حملت عليه الغيرة ولاتظن بي غيره. وإن أقدر قدرى في مكاشفة سيادتك بهذا البث في الأسلوب الرث فالحق أقدم وبناؤه لايهدم وشأني معروف في مواجهة الجبابرة على حين يدى إلى رفدهم ممدودة ونفس في النفوس المتهافتة عليهم معدودة وشبابي فاحم وعلى الشهوات مزاحم فكيف بي اليوم مع الشيب ونصح الجيب واستكشاف العيب إنما أنا اليوم على كل من عرفني كل ثقيل وسيف العدل في كفى صقيل أعذل أهل الهوى وليست النفوس في القبول سوا ولا لكل من ضر دوا وقد شفيت صدري وإن جهلت قدري فاحملني حملك الله على الجادة الواضحة وسحب عليك ستر الأبوة الصالحة والسلام. ابن عياض رحمه الله واستبحر فيه طلب أهل العدوتين بنظم مقطوعات تتضمن الثناء على الكتاب المذكور وإطراء مؤلفة فانثال عليه من ذلك الطم والرم بما تعددت منه الأوراق واختلفت في الإجاجة وغيرها الأرزاق وإيثارًا لغرضه ومبادرة من أهل الجهات لإسعاف أريه وطلب مني أن ألم في ذلك بشيء فكتبت في ذلك: شفا عياض للصدور شفاء وليس بفض قد حواه خفاء هدية بر لم يكن لجزيلها سوى الأدر والذكر الجميل كفاء وفي لنبى الله حق وفاته وأكرم أوصاف الكرام وفاء وجاء به بحرًا بقول بفضله على البحر طعم طيب وصفاء وحق رسول الله بعد وفاته رعاه وإغفال الحقوق جفاء هو الذخر يغنى في الحياة عتاده ويترك منه اليقين رفاء هو الأثر المحمود ليس يناله دثور ولا يخشى عليه عفاء حرصت على الإطناب في نشر فضله وتمجيده لو ساعدتني فاء واستزاد من هذا الغرض الذي لم يقنع منه بالقليل فبعثت إليه من محل انتقالي بمدينة سلا حرسها الله: جدل الباطل للحق بأسياف مواض وشفى من يشتكي الغلة في زرق الحياض أي بنيان معار آمن فوق انقضاض أي عهد ليس يرمى بانتكاث وانتقاض ومعان في سطور كأسود في غياض وشفاء لصدور من ضنى الجهل مراض حرر القصد فما شين بنقد واعتراض يا أبا الفضل أذر بأن الله عن سعيك راض فاز عبد أقرض الله برجحان القراض وجبت عز المزايا من طوال وعراض لك يا أصدق راو لك يا أعدل قاض لرسول الله وفيت بجد وانتهاض فتولى بسط ما أجملت من غر انقباض ساهر لم يدر في استخلاصه طعم اغتماض دام في علو ومن عاداه يهوى في انخفاض ما وشى الصبح الدياجي في سواد ببياض ثم نظمت له أيضًا في الغرض المذكور والإكثار من هذا النمط في هذا الموضع ليس على سبيل التبجح بغرابته وإجادته ولاكن على سبيل الإشادة بالشرح المشار إليه فهو بالغ غاية الإستبحار. حييت يا مختط يبت بن نوح بكل مزن يغتدى أو يروح وحمل الريحان ريح الصبا أمانة ي كل إلى كل روح دار أبي الفضل عياض الذي أضحت برياه رياضًا تفوح يا ناقل الآثار يعنى بها وواصلًا في العلم جرى المجموح طرفك في الفخر بعيد المدا طرفك للمجد شديد الطموح كفاك إعجازًا كتاب الشفا والصبح لا ينكر عند الوضوح تأرج العرف وطاب الجنى وكيف لا يثمر أو لا يفوح تأرج العرف وطاب الجنى وكيف لايثمر أو لا يفوح وحلة من طيب خير الورى في الجيب والأعطاف منها نضوح ومعلم للدين شيدته فهذه الأعلام منه تلوح فقل لهامان كذا أو فلا يامن أضل الرشد تبنى الصروح في أحسن التقويم أنشأته خلقًا جديدًا بين جسم وروح فعمره المكتوب لا ينقضى إذا تقضى عمر سام ونوح كأنه في الحف ريح الصبا وكل عطف فهو غض مروح ما عذر مشغوف بخير الورى إن هاج منه الذكر أن لا يبوح عجبت من أكباد أهل الهوى وقد سطا البعد وطال النزوح إن ذكر المحبوب سالت دما ما هن أكباد ولكن جروح يا سيد الأوضاع يا من له بسيد الإرسال فضل الرجوع مولده: بتلمسان عام أحد عشر وسبعماية التميمي التسلى الكرسوطى محمد بن عبد الرحمن بن سعد التميمي التسلى الكرسوطى من أهل فاسن نزيل مالقة يكنى أبا عبد الله. حاله الشيخ الفقيه المتكلم أبو عبد الله غزير الحفظ متبحر الذكر عديم القرين عظيم الاطلاع عارف بأسماء الأوضاع ينثال منه على السايل كثيب مهيل ينقل الفقه منسوبًا إلى أمانة ومنوطًا برجاله والحديث بأسانيده ومتونه خوار العنان وساع الخطو بعيد الشأو يفيض من حديث إلى فقه ومن أدب إلى حكاية ويتعدى ذلك إلى غرايب المنظومات مما يختص بنظمه أولو الشطارة والحرفة من المغاربة ويستظهر مطولات القصاص وطوابير الوعاظ ومساطير أهل الكدية في أسلوب وقاحٍ يفضحه الإعراب حسن الخلق جم الاحتمال. مطرح الوقار رافض التصنع متبذل اللبسة رحيب أكناف المرارة لأهل الولايات يلقى بمعاطنهم البرك وينوط بهم الوسائل كثير المشاركة لوصلايه محصب على أهل بيته حدب على بنيه. قدم على الأندلس عام اثنين وعشرين وسبعماية فأقام بالجزيرة مقريًا بمسجد الصواع منها ومسجد الرايات. ثم قدم على مالقة وأقرأ بها ثم قدم على غرناطة عام خمسة وعشرين وسبعماية فتعرف على أرباب الأمر بما نجحت حيلته وخف به موقعه فلم يعدم صلة ولافقد مرفقة حتى ارتاش وتأثل بمحل سكناه من مالقة مدرة مغلة وعقارا مفيدا. وطال قعوده لسرد الفقه بمسجدها الجامع نمير في الركب مهجور الحلقة حملا من الخاصة والعامة لتلبسه بالعرض الأدنى. وهو الآن خطيب مسجد القصبة بها ومحله من الشهرة بالحفظ والاستظهار لفوع الفقه كبير. |
وفاته: توفي بغرناطة في عشر الستين وأربعمائة قلت قد تقدم اعتذاري عن إثبات مثله في هذا المختصر فلينظر هناك إن شاء الله. بن أبي زمنين عدنان المرى محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بان إبراهيم بن محمد بن أبي زمنين عدنان بن بشير بن كثير المرى حاله كان من كبار المحدثين والعلماء الراسخين وأجل وقته قدرًا في العلم والرواية والحفظ للرأي والتمييز للحديث والمعرفة باختلاف العلماء متفننًا في العلم مضطلعًا بالأدب قارضًا للشعر متصرفًا في حفظ المعاني والأخبار مع النسك والزهد والأخذ بسنن الصالحين والتخلق بأخلاقهم. لم يزل أمة في الخير قانتًا لله منيبًا له عالمًا زاهدا صالحًا خيرًا متقشفًا كثير التبتل والتزلف بالخيرات مسارعًا إلى الصالحات دايم الصلاة والبكاء واعظًا مذكرًا بالله داعيًا إليه ورعًا ملبى الصدقة معينًا على النايبة مواسيًا بجاهه وماله ذا لسانٍ وببان تصغى إليه الافئدة فصيحًا بهيًا عربيًا شريفًا أبى النفس عالي الهمة طيب المجالسة أنيس المشاهدة ذكيًا راسخًا في كل جم من العلوم صيرفيًا جهبذًا ما رؤى قبله ولا بعده مثله. مشيخته سكن قرطبة وسمع بها من أحمد بن مطرف ووهب بن مسرة الحجارى وعن أبان بن عيسى بن محمد بن دنير وعن والده عبيد الله بن عيسى. من روى عنه: روى عنه الزاهد أبو اسحق إبراهيم بن مسعود الإلبيرى وغيره. تواليفه ألف كتاب المغرب في اختصار المدونة ثلاثين جزءًا ليس في المختصرات مثله بإجماع والمهذب في تفسير الموطأ والمشتل في أصول الوثايق وحياة القلوب وأنس الفريد ومنتخب الاحكام والنصائح المنظومة وتفسير القرآن. مولده: في المحرم سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. وفاته: توفي في شهر ربيع الثاني عام ثمانية وتسعين وثلاثمائة بحاضرة إلبيرة رحمه الله ونفع به. محمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن قاسم بن مشرف بن قاسم ابن محمد بن هاني اللخمى القايصي يكنى أبا الحسن حاله كان وزيرًا جليلًا فقيهًا رفيعًا جوادا أديبًا جيد الشعر عارفًا بصناعة النحو والعروض واللغة والأدب والطب من أهل الرواية والدراية مشيخته روى عن الحافظ أبي بكر بن عطية وأبي محمد بن عتاب وأبي الوليد بن رشد القاضي الإمام ولا قاضي أبي محمد عبد الله بن علي بن سمجون. شعره من شعره قوله: يا حرقة البين كويت الحشا حتى أذبت القلب في أضلعه أذكيت فيه النار حتى غدا ينساب ذاك الذوب من مدمعه يا سؤل هذا القلب حتى متى يوسى برشف الريق من منبعه فإن في الشهد شفًا للورى لا سيما إن يصر من مكسرعه والله يدني منكم عاجلًا ويبلغ القلب إلى مطمعه. مولده: ولد في الثالث الأخير من ليلة الجمعة لثلاث بقين لذى حجة سنة ثمان وتسعين توفي في آخر جمادى الأخرى سنة ست وتسعين وخمسمائة. محمد بن أحمد الغساني محمد بن عبد الرحمن بن عبد السلام بن أحمد بن يوسف ابن أحمد الغساني من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله حاله كان محدثًا نبيلًا حاذقًا ذكيًا وله شرح جليل على كتاب الشهاب واختصار حسن في اقتباس الأنوار للرشاطى. وكان كاتبًا وافر الحظ من الأدب يقرض شعرًا لا بآس به. من شعره في ذكر أنساب طبقات العرب: الشعب ثم قبيلة وعمارة بطن وفخذ الفصيلة تابعه فالشعب يجمع للقبائل كلها ثم القبيلة للعمارة جامعة والبطن يجمعه العمار فاعلمن والفخذ يجمعه البطون الواسعة والفخذ يجمع للفصايل كلها جاءت على نسق لها متتابعة وقريشها تسمو العبارة يافتى وقصى بطن الأعادي قامعة ذا ما ثم فخذ وذا عباسهاالا الفصيلة لا تناط بسايعة ولد بغرناطة سنة ثمان وستين وخمسماية. وفاته: بمرسية في رمضان تسع عشرة وستماية ابن حقل الغافقي محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم بن مفرج بن أحمد بن عبد الواحد ابن حريث بن جعفر بن سعيد بن محمد بن حقل الغافقي من ولد مروان بن حقل النازل بقرية الملاحة من قنب قيس من عمل إلبيرة يكنى أبا القاسم ويعرف بالملاحي. وقد نقلنا عنه الكثير وهو من المفاخر الغرناطية. حاله كان محدثا راوية معتنيا أديبًا مؤرخًا فاضلًا جليلًا. قال الأستاذ في الصلة: كان من أفضل الناس وأحسنهم عشرة وألينهم كلمة وأكثرهم مروءة وأحسنهم خلقًا وخلقًا ما رأيت مثله قدس الله تربته. وذكره صاحب الذيل الأستاذ أبو عبد الله بن عبد الملك وأطنب فيه وذكره المحدث أبو عبد الله الطنجالي وذكره ابن عساكر في تاريخه. مشيخته روى عن أبيه أبي محمد وأبي القاسم بن بشكوال وأبي العباس بن اليتيم وعالم كثير من غير بلده ومن أهل بلده سوى أبيه وعن أبي سليمان داود بن يزيد بن عبد الله السعدي القلعي لازمه مدة وعن أبي خالد بن رفاعة اللخمي وأبي محمد عبد الحق بن يزيد العبدري وأبي جعفر عبد الرحمن بن الحسن بن القصير وأبي بكر بن طلحة ابن أحمد بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي وأبي محمد عبد المنعم بن عبد الرحيم وأبي جعفر بن حكم الحصار وأبي عبد الله بن عروس وأبي الحسن بن كوثر وأبي بكر الكتندي وأبي إسحق بن الجلا وأبي بكر بن زمنين وأبي القاسم بن سمجون وأبي محمد بن عبد الصمد ابن محمد بن يعيش الغساني. وكان من المكثرين في باب الرواية أهل الضبط والتقييد والإتقان بارع الخط حسن الوراقة أديبًا بارعًا ذاكرًا للتاريخ والرجال عارفًا بالأنساب نقادًا حافظًا للأسانيد ثقة عدلًا مشاركًا في فنون سياسيًا. وروى عنه الأستاذ واعتنى بالرواية عنه. وقال الأستاذ حدثني عنه من شيوخي جماعة منهم القاضي العدل أبو بكر بن المرابط. تواليفه ألف كتابه في تاريخ علماء إلبيرة واحتفل فيه. وألف كتاب الشجرة في الأنساب وكتاب الأربعين حديثًا وكتاب فضايل القرآن وبرنامج روايته وغير ذلك. مولده: سنة تسع وأربعين وخمسماية. الشقوري محمد بن علي بن عبد الله اللخمي يكنى أبا عبد الله ويعرف بالشقوري منسوبًا إلى مدينة شقورة ومنها أهله صاحبنا طبيب دار الإمارة حفظه الله. حاله هذا الرجل طرف في الخير والأمانة فذ في حسن المشاركة نقي في حب الصالحين كثير الهوى إلى أهل التقوى حذر من التفريط حريص على التعلق بجناب الله. نشأ سابغ رداء العفة كثيف جلباب الصيانة متصدرًا للعلاج زمن المراهقة معمًا مخولًا في الصناعة بادي الوقار في سن الحشمة. ثم نظر واجتهد فأحرز الشهرة بدينه ويمن نقيبته وكثرة حيطته ولطيف علاجه ونجح تجربته. ثم كلف بصحبة الصالحين وخاض في السلوك وأخذ نفسه بالارتياض والمجاهدة حتى ظهرت عليه آثار ذلك. واستدعاه السلطان لعلاج نفسه فاغتبط به وشد اليد عليه وظهر له فضله وهو لهذا العهد ببابه حميد السيرة قويم الطريقة صحيح العقد حسن التدبير عظيم المشاركة للناس أشد الخلق حرصًا على سعادة من صحبه وأكثرهم ثناء عليه وأصرحهم نصيحة له نبيل الأغراض فطن المقاصد قايم على الصنعة مبين العبارة معتدل في البحث والمذاكرة متكلم في طريقة الصوفية عديم النظير في الفضل وكرم النفس. شيوخه قرأ على جده للأب وعلى الحكيم الوزير خالد بن خالد من شيوخ غرناطة وعلى شيخنا الحكيم الفاضل أبي زكريا بن هذيل ولازمه وانتفع به وسلك بالشيخ الصوفي أبي مهذب عيسى الزيات ثم أخيه الصالح الفاضل أبي جعفر الزيات والتزم طريقته وظهرت عليه بركته. تواليفه ألف كتبًا نبيلة منها تحفة المتوسل في صنعة الطب وكتابًا سماه الجهاد الأكبر وآخر سماه قمع اليهودي عن تعدي الحدود أحسن فيه ما شاء. شعره أنشدني بعد ممانعة واعتذار إذ هذا الغرض ليس من شأنه: سالت ركاب العز أين ركابي فابدي عنادا ثم رد جوابي ركابك مع سيري يسير بسيره بغير حول مذ حللت جنابي وهي متعددة. ولد في عام سبعة وعشرين وسبعماية. الشفرة محمد بن علي بن فرج القربلياني يكنى أبا عبد الله ويعرف بالشفرة حاله كان رجلًا ساذجًا مشتغلا بصناعة الطب عاكفا عليها عمره محققًا لكثير من أعيان النبات كلفًا به متعيشًا من عشبه أول أمره وارتاد المنابت وسرح بالجبال ثم تصدر للعلاج ورأس به وحفظ الكثير من أقوال أهله ونسخ جملة من كنانيشه على ركاكة خطه وعالج السلطان نصر المستقر بوادي آش وقد طرق من بها مرض وافد حمل علاجه المشاقحة لأجله وعظم الهلاك فيمن اختص بتدبيره فطوف القلب المبارك بمبراه. ثم رحل إلى العدوة وأقام بمراكش سنين عدة ثم كر إلى غرناطة في عام أحد وستين وبها هلك على أثر وصوله. مشيخته زعم أنه قرأ على أبيه ببلده من قربليان بلد الدجن وأخذ الجراحة عن فوج من محسني صناعة عمل اليد من الروح. وقرأ على الطبيب عبد الله بن سراج وغيره. وفاته: في السابع عشر لربيع الأول عام أحد وستين وسبعماية. محمد بن علي بن يوسف بن محمد السكوني ابن اللؤلؤة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن اللؤلؤة أصله من جهة قمارش. حاله رحل في فتايه بعد أن شدا شيئًا من الطلب وكلف بالرواية والتقيد فلقي مشخة وأخذ عن جلة وقدم على بلده حسن الحالة مستقيم الطريقة ظاهر الانقباض والعفة وأدخل الأندلس فوايد وقصايد وكان ممن ينتفع به لو أمهلته المنية. شعره مما نسبه إلى نفسه من الشعر قوله: يا من عليه اعتمادي في قل أمري وكثره سهل على ارتحالي إلى النبي وقبره فذاك أقصى مرادي من الوجود بأسره ومن ذلك: أمن بعد ما لاح المشيب بمفرقي أميل لزور بالغرور مصاغ وأرتاح للذات والشيب منذر بما ليس عنه للأنام مراغ ومن يمت قبل المشيب فإنه يراع بهول بعده ويراغ فيا رب وفقني إلى ما يكون لي به للذي أرجوه منك بلاغ توفي معتبطًا في وقيعة الطاعون عام خمسين وسبعماية خطيبًا بحصن قمارش. ابن سودة المري محمد بن سودة بن إبراهيم بن سودة المري أصله من بشرة غرناطة يكنى أبا عبد الله. حاله من بعض التواريخ المتأخرة: كان شيخًا جليلًا كاتبًا مجيدًا بارع الأدب رايق الشعر سيال القريحة سريع البديهة عارفًا بالنحو واللغة والتاريخ ذاكرًا لأيام السلف طيب المحاضرة مليح الشيبة حسن الهيئة مع الدين والفضل والطهارة والوقار والصمت. مشيخته قرأ بغرناطة على الحافظ أبي محمد عبد المنعم بن عبد الرحيم بن الفرس وغيره من شيوخ غرناطة. وبمالقة على الأستاذ أبي القاسم السهيلي وبجيان على ابن يربوع وبإشبيلية على الحسن بن زرقون وغيره من نظرائه. أدبه قال الغافقي كانت بينه وبين الشيخ الفقيه واحد عصره أبي الحسن سهل بن مالك مكاتبات محنته أصابه في آخر عمره نكبة ثقيلة أسر هو وأولاده فكانت وفاته أسفًا لما جرى عليهم نفعه الله. توفي في حدود سبعة وثلاثين وستماية. محمد بن يزيد ين رفاعة الأموي البيري أصله من قرية طرش حاله طلب العلم وعني بسمعه ونسخ أكثر كتبه بخطه وكان لغويًا شاعرًا من الفقهاء المشاورين الموثقين وولي الصلاة بالحاضرة وعزل وسرد الصوم عن نذر لزمه عمره. مشيخته سمع من شيوخ إلبيرة محمد بن فطيس وابن عمريل وهاشم ابن خالد وعثمان بن جهير وحفص بن نجيح وبقرطبة من عبيد الله ابن يحيى بن يحيى وغيره. من حكاياته: قال المؤرخ من غريب ما جرى لأبي علي البغدادي في مقدمه إلى قرطبة أن الخليفة الحكم أمر ابن الرما حس عامله على كورتي إلبيرة وبجانة أن يجيء مع أبي علي في وفد من وجوه رعيته وكانوا يتذاكرون الأدب في طريقهم إلى أن تجاروا يومًا وهم سايرون أدب عبد الملك بن مروان ومساءلته جلساءه عن أفضل المناديل وإنشاده بيت عبدة بن الطبيب: ثمت قمنا إلى جرد مسومة أعرقهن لأيدينا مناديل وكان الذاكر للحكاية أبو علي فأنشد الكلمة في البيت أعراقها فلوى ابن رفاعة عنانه منصرفًا وقال مع هذا يوفد على أمير المؤمنين وتتجشم الرحلة العظيمة وهو لا يقيم وزن بيت مشهور في الناس لا يغلط فيه الصبيان والله لاتبعته خطوة وانصرف عن الجماعة وندبه أميره ابن الرماحس ورامه بأن لا يفعل فلم يجد فيه حيلة فكتب إلى الخليفة يعرفه بابن رفاعة ويصف ما جرى معه فأجابه الحكم على ظهر كتابه: الحمد لله الذي جعل في بادية من بوادينا من يخطئ وفد أهل العراق وابن رفاعة بالرضا أولى منه بالسخط فدعه لشأنه وأقدم بالرجل غير منتقص من تكريمه فسوف يعليه الاختبار أو يحطه. |
توفي سنة ثلاث أو أربع وأربعمائة. محمد بن خميس الأنصاري محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي ابن أبي بكر بن خميس الأنصاري من أهل الجزيرة الخضراء حاله كان فاضلًا وقورًا مشاركًا خطيبًا فقيهًا مجودًا للقرآن قديم الطلب شهير البيت معروف التعين نبيه السلف في القضاء والخطابة والإقراء مضى عمره خطيبًا بمسجد بلده الجزيرة الخضراء إلى أن تغلب العدو عليها وباشر الحصار بها عشرين شهرًا نفعه الله ثم انتقل إلى مدينة سبتة فاستقر خطيبًا بها إلى حين وفاته. مشيخته قرأ على والده رحمه الله وعلى شيخه وشيخ أبيه أبي عمر وعباس ابن الطفيل الشهير بابن عظيمة وعلى الأستاذ أبي جعفر بن الزبير والخطيب أبي عبد الله بن رشيد بغرناطة عند قدومه عليها والقاضي أبي المجد بن أبي الأحوص قاضي بلده وكتب له بالإجازة الوزير أبو عبد الله بن أبي عامر بن ربيع وأجازه الخطباء الثلاثة أبو عبد الله الطنجالي وأبو محمد الباهلي وأبو عثمن بن سعيد وأخذ عن القاضي بسبتة أبي عبد الله الحضرمي والإمام الصالح أبي عبد الله بن حريث والمحدث أبي القاسم التجيبي والأستاذ أبي عبد الله بن عبد المنعم والأخوين أبي عبد الله وأبي إبراهيم ابني يربوع. قال وكلهم لقيته وسمعت منه. وأجاز لي إجازة عامة ما عدا الإمام ابن حريث فإنه أجاز لي والخطيب ابن عزمون وغيرهم ممن تضمنه برنامجه. تواليفه قال وكان أحد بلغاء عصره وله مصنفات منها النفحة الأرجية في الغزوة المرجية ودخل غرناطة مع مثله من مشيخته بلده في البيعات أظن ذلك. توفي في الطاعون بسبتة أخر جمادى الآخر من عام خمسين وسبعماية. محمد بن أحمد بن عبد الله العطار من أهل ألمرية. حاله: من بعض التقييدات كان فتى وسيمًا وقورًا صيبًا متعففًا نجيبًا ذكيًا. كتب عن شيخنا أبي البركات بن الحاج وناب عنه في القضاء وانتقل بانتقاله إلى غرناطة فكتب بها. وكان ينظم نظمًا مترفعًا عن الوسط. وجرى ذكره في الإكليل بما نصه: ممن نبغ نوجب وخلق له البر بذاته ووجب تحلى بوقار وشعشع للأدب كاس عقار إلا أنه اخترم في اقتبالن وأصيب الأجل بنبال. من شعره قوله من قصيدة: دعاني على طول البعاد هواها وقد سد أبواب اللقا نواها وقد شمت برقا للقا مبشرًا وقد نفحت ريح الصبا بشذاها وجن دجى ليل بخيل بصبحه كما بخلت ليلى بطيف سراها وقاد زمان قايد الحب قاصدا ربوعاثوت ليلى بطول قناها وناديت والأشواق بالوجد برحت ودمعي أجرى سابغً للقاها أبا كعبة الحسن التي لنفس ترتجي رضاها وحاشى أن يخيب رجاها أحبك يا ليلى على البعد والنوى وبي منك أشوقا تشب لظاها إلى أن بدا الصبح المشتت شملنا وما بلغت نفسي المشوق مناها فمدت يمينًا للوداع ودمعها يكفكفه خوف الرقيب سراها وقالت وداعًا لا وداع تفرق لعل الليالي أن تديل نواها تذكرنا ليلى معاهد باللوى رعى الله ليلات اللوى ورعاها توفي في الطاعون الأعظم عام خمسين وسبعمائة. محمد بن أحمد بن المراكشي من أهل ألمرية يكنى أبا عبد الله ويعرف بالمراكشي حاله كان فتى جميل الرؤيا سكوتًا مطبوعًا على المغافصة والغمز مهتديًا إلى خفي الحيلة قادرًا على المباحثة ذكيًا متسورًا على الكلام في الصنايع والألقاب من غير تدرب ولا حنكة دمث الأخلاق لين العريكة انتحل الطب وتصدر للعلاد والمداواة واضطبن أغلوطة صارت له بها شهرة وهي رق يشتمل على أعداد وخطوط وزايرجة وجداول غريبة الأشكال تحتها علامات فيها اصطلاحات الصنايع والعلوم ويتصل بها قصيدة رويها لأم الألف أولها وهي منسوبة لأبي العباس السبتي. يقول سبتي ويحمد ربه مصل على هاد إلى الناس أرسلا وأنها مدخل للزيرجة ذكر أنه عثر عليها في مظنة غريبة وظفر برسالة العمل بها وتحرى بالإعلام بالكنايات والإخبار بالخفي وتقدمة المعرفة والإنذار بالوقايع حتى استهوى بذلك جماعة من المشيخة ممن كان يركن إلى رجحان نظره وسلامة فطرته واستغلت الشهادة له بالإصابة سجية النفوس في حرصها على إثبات دعاوي المتحرفين أخبرني بعهم أنه خبأ له عظمًا صغيرًا يكون في أطراف أجنحة الطير أخذه من جناح ديك وزعم أرباب الخواص أنه يزيل الإعياء إذا علق فتصرف على عاداته من الدخول في تلك الجداول وأخذ الأعداد الكثير يضربها آونة ويقسمها أخرى ويستخرج من تلك الجداول جيوبًا وسهامًا ويأخذ جذورًا وينتج له العمل آخرًا حروفًا مقطعة ببقيها الطرح يولف منها كلامًا تقتنص منه الفائدة فكان في ذلك بيت شعر: وفي يدكم عظم صغير مدور يزيل به الإعياء من كان في السفر وأخبرني آخرون أنه سيل في نازلة فقهية لم يلق فيها نص فأخبر أن النص فيها موجود بمالقة فكان كذلك. وعارض ذلك كله جلة من أشياخنا فذكرني الشيخ نسيج وحده أبو الحسن بن الجياب أنه سامره يخرج خبيئته سواد ليلة فتأمل ما يصنعه فلم يأت بشيء ولا ذهب إلى عمل يتعقل وظاهر الأمر أن تلك الحال كانت مبنية على تخيل وتخمين وتختلف فيه الإصابة وضدها بحسب الحالة والقايل لتصرف الحيلة فيه فاقتضى ذلك تأميل طائفة من أهل الدول إياه وانتسخوا نظاير من تلك الزيرجة المموهة ممطولين منه بطريق التصرف فيها إلى اليوم واتصل بالسلطان فأرسم ببابه وتعدى الإنس إلى طب الجن فافتضح أمره وهم به فنجا مفلتًا. ولم تزل حاله مضطربة إلى أن دعى من العدوة وسلطانها منازل مدينة تلمسان ووصلت الكتب عنه فتوجه في جفن هيئ له ولم ينشب أن توفي بالمحلة في أوايل عام سبعة وثلاثين وسبعماية. محمد بن بكرون بن حزب الله من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله. حاله من أهل الخصوصية والفضل ظاهر الاقتصاد كثير التخلق حسن اللقاء دايم الطريقة مختصر الملبس والمأكل على سنن الفضلاء وأخلاق الجلة. انتظم لهذا العهد في نمط من يستجاز ويجيز. وكان غفلًا فأقام رسمًا محمودًا ولم يقصر عن غاية الاستعداد. مشيخته منهم الأستاذ مولى النعمة على أهل بلده أبو محمد عبد الواحد بن أبي السداد الباهلي قرأ عليه القرآن العظيم أربعة عشر ختمة قراءة تجويد وإتقان بالأحرف السبعة وسمع عليه كتبًا كثيرة وقال عند ذكره في بعض الاستدعاءات: ولازمته رضي الله عنه وأرضاه إلى حين وفاته ونلت من عظيم بركاته وخالص دعواته ما هو عندي من أجل الوسايل وأعظم الذخيرة وأفضل ما أعددته لهذه الدار والدار الآخرة. وكان في صدر هذا الشيخ الفاضل كثير من علم اليقين. وهو علم يجعله الله في قلب العبد إذا أحبه لأنه يؤول بأهله إلى احتمال المكروه والتزام الصبر ومجاهدة الهوى ومحاسبة النفس ومراعاة خواطر القلب والمراقبة لله والحياء من الله وصحة المعاملة له ودوام الإقبال عليه وصحة النية واستشعار الخشية. قال الله تعإلى: " إنما يخشى الله من عباده العلماء " فكفى بخشية الله علمًا وبالإقبال عليه عزًا. قلت وإنما نقلت هذا لأن مثله لا يصدر إلا عن ذي حركة ومضطبن بركة ومنهم الشيخ الخطيب الفاضل ولي الله أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الطنجالي. دخل غرناطة راويًا وفي غير ذلك في شئونه وهو الآن ببلده مالقة يخطب ببعض المساجد الجامعة بها على الحال الموصوفة. محمد بن الحسن الميورقي محمد بن الحسن بن أحمد بن يحيى الأنصاري الخزرجي الميورقي الأصل سكن غرناطة. حاله كان محدثًا عالي الرواية عارفًا بالحديث وعلله وأسماء رجاله مشهورًا بالإتقان والضبط ثقة فيما نقل وروى دينًا زكيًا متحاملًا فاضلًا خيرًا متقللًا من الدنيا ظاهري المذهب داوديه يغلب عليه الزهد والفضل. مشيخته روى بالأندلس عن أبي بكر بن عبد الباقي بن محمد بن الحجاري وأبي علي الصدفي الغساني وأبي مروان الباجي ورحل إلى المشرق وحج وأخذ بمكة كرمها الله عن أبي ثابت وأبي الفتح عبد الله بن محمد البيضاوي وأبي نصر عبد الملك بن أبي مسلم العمراني. قلت وغيرهم اختصرتهم لطولهم. وقفل إلى الأندلس فحدث بغير بلده منها لتجواله فيها. ومن روى عنه: روى عنه أبو بكر بن رزق وأبو جعفر بن الغاسل وغيرهم. محنته إمتحن من قبل علي بن يوسف بن تاشفين فحمل إليه صحبة أبي الحكم بن يوجان وأبي العباس بن العريف وضرب بالسوط عن أمره وسجنه وقتًا ثم سرحه وعاد إلى الأندلس وأقام بها يسيرًا ثم انصرف إلى المشرق فتوقف بالجزاير وتوفي بها في شهر رمضان سنة سبع المعمم الساحلي محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم الأنصاري الساحلي يكنى أبا عبد الله ويعرف ببلده مالقة بالمعمم حاله كان طبقة من طبقات الكفاة ظرفًا ورواءً وعارضةً وترتيبًا تجلل بفضل شهرة أبيه وجعل بعض المترفين من وزراء الدول بالمغرب أيام وجهته إليه وصحبة الشيمخ الصالح أبيه في غرض السفارة مالًا عريضًا لينفقه في سبيل البر فبنى المدرسة غربي المسجد الأعظم ووقف عليها الرباع وابتنى غيرها من المساجد فحصلت الشهرة ونبه الذكر وتطور ورام العروج في مدارج السلوك وانقطع إلى الخلوة فنصلت الصبغة وغلبت الطبيعة وتأثل له مال جم اختلف في سبب اقتنايه وأظهر التجر المرهف الجوانب بالجاه العريض والحرص الشديد والمسامحة في باب الورع فتبنك به نعيمًا من ملبس ومطعم وطيب وترفه وطارد به اللذة ما شاء في باب النكاح استمتاعًا وذواقًا يتبع رايد الطرف ويقلد شاهد السمع حتى نعى عليه. وولي الخطابة بالمسجد الأعظم بعد أبيه فأقام الرسم وأوسع المنبر ما شاء من جهورية وعارضة وتسور على أعراض وألفاظ في أسلوب ناب عن الخشوع عريق في نسب القحة. ثم رحل إلى المشرق مرة ثانية وكر إلى بلده مليح الشيبة بادي الوقار نبيه الرتبة فتولى الخطابة إلى وفاته. |
شعره مدح السلطان وأنشد له في المواليد النبوية. ورفع إلى السلطان بحضرتي هذه الأبيات: مولاي يا خير أعلام السلاطين ومن له الفضل في الدنيا وفي الدين ومن له سير ناهيك من سير وافت بأكرم تحسين وتحصين شرفت عبدك تشريفًا له رتب فوق النجوم التي فوق الأفق تعلين وكان لي موعد مولاي أنجزه وزاد في العز بعد الرتبة الدون والله ما الشكر مني قاضيًا وطرى ولو أتيت به حينًا على حين لكن دعايي وحبي قد رضيتهما كفا أفعاله الغر الميامين وعند عبدك إخلاص يواصله في خدمة لم يزل للخير تدنين وسوف أنصح كل النصح مغتنما رضي إمام له فضل يرجين جوزيت عني أمير المسلمين بما ترضاه للملك من نصر وتمكين وأنت أكرم من ساس الأنام ومن عم البلاد بتسكين وتهدين ومن كمثل أبي عبد الآله إذا أضحى الفخار لنا رحب الميادين محمد بن أبي الحجاج خيرة من أهدى إليه مدحًا بالسعد يحظين وجه جميل وأفعال تناسبه ودولة دولة المأمون تنسين لا زال في السعد والإسعاد ما سجعت ورق الحمام على قضب البساتين محمد بن عبد الرحمن الكاتب يكنى أبا عبد الله من أهل غرناطة أصله من وادي آش حاله كان طالبًا نبيهًا كاتبًا جليلًا جيد الكتابة. كتب عن بعض أبناء الخليفة أبي يعقوب واختص بالسيد أبي زيد بغرناطة وبشرق الأندلس وكان أثيرًا عنده مكرمًا. وكان رحمه الله شاعرًا مطبوعًا ذا معرفة جيدة بالعدد والمساحة ثم نزع عن الكتابة واشتغل بالعمل فراش فيه وولي إشراف بنيات غرناطة. ثم ولي إشراف غرناطة فكف يده وظهرت نصيحته. ثم نقل إلى حضرة مراكش فولى إشرافها مدة ثم صرف عنها إلى غرناطة وقدم على النظر في المستخلص إلى أن توفي. مناقبه أشهد لما قربت وفاته أنه كان قد أخرج في صحته وجوازه أربعة آلاف دنير من صميم ماله لتتميم القنطرة التي بنيت على وادي شنجيل بخارج غرناطة. وكان قبل ذلك قد بنى مسجد دار القضاء من ماله وتأنق في بنائه وأصلح مساجد عدة وفعل خيرًا نفعه الله. من شعره ما كتب به إلى الشيخ أبي يحيى بن أبي عمران وزير الخلافة وهو بحال شكاية أصابته: شكوت فأضنى المجد برح شكاته وفارق وجه الشمس حسن آياته وعادت بعديك الزمان زمانة تعدت إلى عواد وأساته وغيض ما للبشر لما تبسطت يد للسقم في ساحات كافي كفاته فكيف بمقصوص وصلت جناحه وأدهم قد سربلته بشاته وممتحن لولاك أذعن خبرة وهان على الأيام غمز قناته أمعلق آمالي ومطمح همتي وواهب نفسي في عداد مباته سأستقبل النعمى ببرك غضة ويصغر ذنب الدهر في حسناته وتسطو عين الحق منك بمرهف تراع الخطوب الجور من فتكاته وتطلع في أفق الخلافة نيرًا تطالعنا الأقمار من قسماته حرام على الشكوى اعتياد مطهر حياة الدنا والدين طي حياته فما عرضت في قصده بمساءة ولكن ترجت أن ترى في عفاته قال الغافقي قرأ بمالقة على الأستاذ أبي زيد السهيلي رحمه الله. وتوفي بغرناطة سنة سبع وستماية ودفن بداره بجهة قنطرة القاضي منها على ضفة الوادي. محمد بن عبد الملك بن عمار بن ياسر محمد بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد بن الحسن بن عثمان ابن محمد بن عبد الله بن سعيد بن عمار بن ياسر أوليته قد وقع التنبيه عليها ويقع بحول الله. حاله كان وزيرًا جليلًا بعيد الصيت عالي الذكر رفيع الهمة كثير الأمل. نباهته ذكره ابن صاحب الصلاة في تاريخه في الموحدين فنبه على مكانة محمد بن عبد الملك منهم في الرأي والحظوة والأخذ عنه في أمور الأندلس وأثنى عليه. وذكره أبو زيد السهيلي في شرح السيرة الكريمة حتى انتهى إلى حديث كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الموجه إلى هرقل وأن محمد بن عبد الملك عاينه عند أذفونش مكرمًا مفتخرًا به. والقضية مشهورة. وأما محله من أمداح الشعراء فهو الذي مدحه الأديب أبو عبد الله الرصافي بقوله: وفيه يقول أبو عبد الله بن شرف من قصيدة: يا رحمة الله للراجي ونقمته لكل باغ طغا عن خيرة الرسل لم تبق منهم كفورًا دون مرقبة مطالعًا منك حتفًا غير منفصل كما بزاتك لم تترك بأرضهم وحشا يفر ولا طيرا بلا وجل وكان كثير الصيد ومتردد الغارات. مناقبه في الدين قالوا لما أنشده أبو عبد الله الرصافي في القصيدة التي مطلعها: لمحلك الترفيع والتعظيم ولوجهك التقديس والتكريم حلف ألا يسمعها وقال على جايزتك لكن طباعي لا تحتمل مثل هذا فقال الرصافي ومن مثلك ومن يستحق ذلك في الوقت غيرك فقال له دعني من خداعك أنا وما أعلمه عن نفسي. شعره أنشده صاحب الطالع ولا يذكر له غيره: ولا تبحثن في عذر من جاء تايبًا فليس كريمًا من يباحث في عذر وولي من الأعمال للموحدين كثيرًا كمختص حضرة مراكش ودار السلاح وسلا وإشبيلية وغرناطة واتصلت ولايته على أعمال غرناطة وكان من شيوخها وأعيانها. محنته وعمل فيه عقد بأن بداره من أصناف الحلي ما لا يكون إلا عند الملوك وأنه إذا ركب في صلاة الصبح من دار الرخام التي يجري الماء فيها في إثنى عشر مكانًا شوش الناس في الصلاة دوي الجلاجل بالبزاة ومناداة الصيادين ونباح الكلاب فأمر المنصور بالقبض عليه وعلى ابن عمه صاحب أعمال إفريقية أبي الحسين في سنة ثلاث وسبعين وخمسماية. ثم رضي عنهما وأمر محمد بن عبد الملك أن يكتب بخطه كل ما أخذ له فصرفه عليه ولم ينقصه منه شيء وغرم ما فات له. ولد سنة أربع عشر وخمسماية وتوفي بغرناطة سنة تسع وثمانين وخمسماية. محمد بن سعيد بن خلف بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن الحسن ابن عثمان العنسي يكنى أبا بكر وقد تقدم التعريف بأوليته. حاله قال في الطالع ساد في دولة الملثمين وولوه بغرناطة الأعمال وكانت له دار الرخام المشهورة بإزاء الجامع الأعظم بغرناطة. قال الغافقي فيه: شيخ جليل فقيه نبيه من أهل قلعة يحصب. كان في عداد الفقهاء ثم نزع إلى العمل وولي إشراف غرناطة في إمارة أبي سعيد الميمون بن بدر اللمتوني. وقال صاحب المسهب وحسب القلعة كون هذا الفضل الكامل منها وقد رقم برد مجده بالأدب ونال منه بالاجتهاد والسجية القابلة أعلى سبب وله من المكارم ما يغير في وجه كعب وحاتم لذلك ما قصدته الأدباء وتهافتت في مدحه الشعراء وفيه أقول: وكان أبو بكر من الكفر عصمة ورد به الله الغواة إلى الحق وقام بأمر الله حافظ أهله بلين وسبط في المبرة والخلق وهذا أبو بكر سليل ابن ياسر بغرناطة ناغاه في الرأي والصدق فهذا لنا بالغرب يجنى معالمًا تباهى الذي أحيا الديانة بالشرق وقد جرى من ذكره عند ذكر أبي بكر بن قزمان ويجري عند ذكر نزهون بنت القلاعي ما فيه ما بين زينب عمري أحث كأسي وحمده وكل نظم ونثر وحكمة مستجده وليس إلا عفاف يبلغ المرء قصده ولذلك ما سعى به المخزومي الأعمى وقد سها عن رسم تفقده فكتب إلى علي بن يوسف في شأنه بما كان سبب عزله ونكبته: إليك أمير المؤمنين نصيحة يجوز بها البحر المجعجع شاعر بغرناطة وليت في الناس عاملًا ولكن بما تحويه منه المآزر وأنت ما تخفي عليك خفية فسل أهلها فالأمر للناس ظاهر وما لإلآه العرش تفنيه حمدة وزينب والكأس الذي هو داير شعره: من ذلك قوله: يا هذه لا ترومي خداع من ضاق ذرعه تبكي وقد قتلتيني كالسيف يقطر دمعه وقال عفى الله عنه: تبكي وقد قتلتيني كالسيف يقطر دمعه وقال عفى الله عنه: لقد صدعت قلبي حمامة أيكة أثارت غرامًا ما أجل وأكرما وقال في مذهب الفخر: فخرنا بالحديث بعد القديم من معال توارثت كالنجوم نحن في الحرب أجبل راسيات ولنا في الندى لطف النسيم ولد في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة وتوفي سنة تسع وثلاثين وخمسماية. ومن الطارئين في هذا الاسم من العمال محمد بن أحمد بن المتأهل العبدري من أهل وادي آش يكنى أبا عبد الله. حاله محمد بن أحمد بن المتأهل العبدري من أهل وادي آش يكنى أبا عبد الله. حاله كان رجلًا شديد الأدمة أعين كث اللحية طرفًا في الأمانة شديد الاسترابة بجليسه مخينًا لرفيقه سيئ الظن بصديقه قليل المداخلة كثير الانقباض مختصر الملبس والمطعم عظيم المحافظة على النفير والقطمير مستوعب للحصر والتقييد أسير محيي وعابد زمام وجنيب أمانة وحلس سقيفة ورقيب مشرف لا يقبل هوادة ولا يلابس رشوة كثير الالتفات متفقدًا للآلة متممًا للعمل. جرى ذكره في بعض الموضوعات الأدبية بسبب شعر خامل نسب إليه بما نصه: رجل غليظ الحاشية معدود في جنس السايمة والماشية تليت على العمال به سورة الغاشية ولي الأشغال السلطانية فذعرت الجباة لولايته وأيقنوا بقيام قيامتهم لطلوع آيته وقنطوا كل القنوط وقالوا جاءت الدابة تكلمنا وهي إحدى الشروط من رجل صايم الحسوة بعيد عن المصانعة والرشوة يتجنب الناس ويقول عند المخالطة لهم لا مساس عهدي به في الأعمال يخبط ويتبر من كتاب المؤتمن قال يشهر بنسبه وأصل سلفه من جهة بيرة إما من بجانة وإما من البريج واستوعب سبب انتقالهم. حاله من عايد الصلة كان أحد الشيوخ من طبقته وصدر الوزراء من نمطه ببلده سراوة وسماحة ومبرة وأدبًا ولوذعية ودعابة رافع راية الانطباع وحايز قصب السبق في ميدان التخلق مبذول البر شايع المشاركة. وقال في المؤتمن كان رجلًا عاقلًا عارفًا بأقوال الناس حافظًا لمراتبهم منزلًا لهم منازلهم ساعيًا في حوايجهم لا يصدرون عنه إلا عن رضى بجميل مداراته. التفت إلى نفسه فلم ينس نصيبه من الذل ولا أغفل من كان يالفه في المنزل الخشن واصلًا لرحمه حاملًا لوطأة من يجفوه منهم في ماله حظ للمساكين وفي جاهه رفد للمضطرين شيخًا ذكي المجالسة تستطيب معاملته على يقين أنه يخفى خلاف ما يظهر من الرجال الذين يصلحون الدنيا ولا يعلق بهم أهل الآخرة لعروه عن النخوة والبطر رحمه الله. تكررت له الولاية بالديوان غير ما مرة وورد على غرناطة وافدًا ومادحًا ومعزيًا. قرأ على ابن عبد النور وتأدب به وتلا على القاضي أبي علي بن أبي الأحوص أيام قضايه ببسطة ونظم رجزًا في الفرايض. شعره قال الشيخ في المؤتمن كانت له مشاركة في نظم الشعر الوسط وكان شعر تلك الحلبة الآخذة عن ابن عبد النور كأنه مصوغ من شعره شيخهم المذكور ومحذو عليه في ضعف المعاني ومهنة الألفاظ. تنظر إلى شعره وشعر عبد الله بن الصايغ وشعر ابن شعبة وابن رشيد وابن عبيد فتقول ذرية بعضها من بعض. فمن ذلك ما نظمه في ليلة سماع واجتماع بسبب قدوم أخيه أبي الحسن من الحجاز: إلهي أجرني إنني لك تايب وإني من ذنبي إليك لهارب عصيتك جهلًا ثم جئتك نادمًا مقرًا وقد سدت علي المذاهب مضى زمن بي في البطالة لاهيًا شبابي قد ولى وعمري ذاهب فخذ بيدي واقبل بفضلك توبتي وحقق رجائي في الذي أنا راغب أخاف على نفسي ذنوبًا جنيتها وحاشاك أن أشقى وأنت المحاسب وقد وضع الميزان بالقسط حاكما وجاء شهيد عند ذاك وكاتب وطاشت عقول الخلق واشتد خوفهم وفر عن الإنسان خل وصاحب فما ثم من يرجى سواك تفضلًا وإن الذي يرجو سواك لخايب ومن ذا الذي يعطي إذا أنت لم تجد ومن هو ذو منع إذا أنت واهب عبيدك يا مولاي يدعوك رغبة وما زلت غفارًا لمن هو تايب دعوتك مضطرًا وعفوك واسع فأنت المجازي لي وأنت المعاقب فهب لي من رحماك ما قد رجوته وبالجود يا مولاي ترجي المواهب توسلت بالمختار من آل هاشم ومن نحوه قصدًا تحث الركايب شفيع الورى يوم القيامة جاهه ومنقذ من في النار والحق واجب ومما بلغ فيه أقصى مبالغ الإجادة قوله من قصيدة هنا فيها سلطاننا أبا الحجاج بن نصر لما وفد وهو وجملة أعيان البلاد أولها: يهني الخلافة فتحت لك بابها فادخل على اسم الله يمنا غابها منها وهو بديع استظرف يومئذ: بلغت بكم آرابها من بعد ما قالت لذلك نسوة ما رابها كانت تراود كفوها حتى إذا ظفرت بيوسف غلقت أبوابها قلت ما ذكره المؤلف ابن الخطيب رحمه الله في هذا المترجم به من أنه ينظم الشعر الوسط ظهر خلافه إذا أثبت له هذه المقطوعة الأخيرة. ولقد أبدع فيها وأتى بأقصى مبالغ الإجادة كما قال وحاز بها نمطًا أعلى مما وصفه به. وأما القصيدة الأولى فلا خفاء أنها سهلة المأخذ قريبة المنزع بعيدة من الجزالة ولعل ذلك كان مقصودًا من ناظمها رحمه الله. |
توفي ببلده عن سن عالية في شهر ربيع الآخر عام ثمانية وثلاثين وسبعماية.
ورثاه شيخنا أبو بكر بن شبرين رحمه الله بقوله: يا عين سحي بدمع واكف سرب لحامل الفضل والأخلاق والأدب بكيت إذ ذكرت الموتى على رجل إلى بلى من الأحياء منتسب على الفقيه أبي بكر تضمنه رمس وأعمل سيرا ثم لم يؤب قد كان بي منه ود طاب مشرعه ما كان عن رغب كلًا ولا رهب لكن ولا على الرحمن محتسبًا في طاعة الله لم يمذق ولم يشب فاليوم أصبح في الأجداث مرتهنا ما ضرت الري أملودا من الغضب قل فيه أما تصف ركنًا لمنتبذ روض لمنتجع أنس لمغترب باق على العهد لا تثنيه ثانية عن المكارم في ورد ولا قرب سهل الخليقة بادي البشر منبسط يلقى الغريب بوجه الوالد الحدب كم غير الدهر من حال فقلبها وحال إخلاصه ممتدة الطنب سامي المكانة معروف تقدمه وقدره في ذوي الأقدار والرتب أكرم به من سجايا كان يحملها وكلها حسن تنبيك عن حسب ما كان إلا من الناس الإلى درجوا عقلًا وحلمًا وجودًا هامى السحب أمسى ضجيع الثرى في جنب بلقعة لكن محامده تبقى على الحقب ليست صبابة نفسي بعده عجبًا وإنما صبرها من أعجب العجب أجاب دمعي إذ نادى النعي به لو غير منعاه نادى الدمع لم يجب ما أغفل المرء عما قد أريد به في كل يوم تناديه الردى اقترب يا ويح نفسي الأنفاس مضت هدرًا بين البطالة والتسويف واللعب أبا بكر الأرضي نداء أخ باك عليك مدى الأيام مكتئب أهلًا بقدمتك الميمون ظاهرها على محل الرضى والسهل والرحب نم في الكرامة فالأسباب وافرة وربما نيلت الحسنى بلا سبب لله لله والآجال قاطعة مابيننا من خطابات ومن خطب ومن فرايد آداب يحبرها فيودع الشهب أفلاكًا من الكتب أما الحياة فقد مليت مدتها فعوض الله منها خير منقلب لولا قواطع لي أشراكها نصبت لزرت قبرك لا أشكو من النصب وقل ما شفيت نفس بزورة من حل البقيع ولكن جهد ذي أرب يا نخبة ضمها ترب ولا عجب إن التراب قديمًا مدفن النخب كيف السبيل إلى اللقيا وقد ضربوا بيني وبينك ما بقي من الحجب عليك مني سلام الله يتبعه حسن الثنا وما حييت من كثب محمد بن محمد بن شعبة الغساني قال شيخنا أبو البركات في الكتاب المؤتمن من أهل ألمرية ووجوهها لا حظ له في الأدب وبضاعته في الطلب مزجاة. قطع عمره في الأشغال المخزنية وهو على ذلك حتى الآن. قلت هذا الرجل أحد فرسان الطريقة العملية ماض على لين متحرك في سكون كاسد سوق المروءة ضان بما يملك من جدة منحط في هوة اللذة غير معرج على ربع الهمة لطيف التأني متنزل في المعاملة دمث الأخلاق مليح العمل صحيح الحساب منجب الولد. مشيخته: قرأ على ابن عبد النور والقدر الذي يحس به عنه أخذه. شعره: من شعره يخاطب أبا الحسن بن كماشة: وافى البشير فوافى الأنس والجذل وأقبل السعد والتوفيق والأمل وراقت الأرض حسنًا زاهرًا وسنى واخضرت منها الربى والسهل والجبل ولاح وجه على بعد ذا فغدا له شعاع كضوء الشمس متصل مذ غاب أظلمت الدنيا لنا بغرته عاد الظلام ضياء وانتفى الخبل إيه أبا حسن أنت الرجاء لنا مهمى اعترت شدة أو ضاقت الحيل وأنت كهف منيع من نحاك فقد نال المنى وبدا عيش له خضل يا سيدًا قد غدا في المجد ذا رتب مشيدة قد بنتها السادة الأول السالكون هدى السابقون مدى والباذلون ندى والناس قد بخل أنت الأخير زمانًا والقديم علًا والسيد المرتجى والفارس البطل إن كنت جئت أخيرًا فلقد أضحى بجود يديك يضرب المثل حزت المآثر لا تحصى لكثرتها من رام إحصاءها سدت له السبل جزت البدور سنى والفرقدين علا وأنت تجر الندى والوابل الهطل من جاء يطلب منك السلم قابله وجه طليق ولفظ كله عسل ومن يرد غير ذا تبًا له وردى لقد ترفع في برج له زحل هناك ربك ما أولاك من نعم وعشت في عزة تترى وتتصل ولا عدمت مدى الأيام منزلة من دونها رفعة في الأبرج الحمل وخذه بعد سلامًا عاطرًا أرجًا يدوم ما دامت الأسحار والأصل من خادم لعلاكم مخلص لكم من حبكم لا يرى ما عاش ينتقل تقبيل كفك أعلى ما يؤمله فجد به فشفا الهايم القبل وادي آش يكنى أبا عبد الله. حاله فاضل الأبوة معروف الصون والعفة بادي الاستقامة دمث الأخلاق حسن الأدوات ينظم وينثر ويجيد الخط تولى أعمالًا نبيهة ثم علقت به الحرفة فلقي ضغطًا وفقد نشبًا واضطر إلى التحول عن وطنه إلى بر العدوة عام ستة وخمسين وسبع ماية وتعرف لهذا العهد أنه تولى الأشغال بقسنطينة الهواء من عمل إفريقية. شعره كتب إلي وقد أبي عملًا عرض عليه: أأصمت أنفًا ثم أنطق بالخلف وأفقد ألفًا ثم آنس بالجلف وأمسك دهري ثم أنطلق علقمًا ويمحق بدري ثم ألحق بالخسف وعزكم لا كنت بالذل عاملًا ولو أن ضعفي ينتمي إلى حتف فإن تعملونى في تصرف عزة وعدل وإلا فاحسموا علة الصرف بقيت وسحب العطف منكم تظلني وعطف ثناتي دائمًا ثاني العطف محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن فرتون الأنصاري من أهل مالقة يكنى أبا القاسم ويعرف بالهنا أوليته ينسب إلى القاضي ببطليوس قاضي القضاة رحمه الله. وبمالقة دور تنسب إلى سلفه تدل على نباهة وقد قيل غير ذلك. والنص الجلي أولى من القياس. حاله من عايد الصلة: الشيخ الحاج المحدث صاحب الأشغال بالدار السلطانية. صدر نمطه وفريد فنه رجولة وجزالة واضطلاعًا وإدراكًا وتجلدًا وصبرًا. نشأ بمالقة معدودًا في أهل الطلب والخصوصية ورحل إلى الحجاز الشريف في فتايه فاستكثر من الرواية وأخذ عن أكابر من أهل المشرق والمغرب حسبما يشهد بذلك برنامجه. وكان على سنن من السرو والحشمة فذا في الكفاية جريًا مقدامًا مهيبًا ظريف الشارة فاره المركب مليح الشيبة حسن الحديث وقاد الذهن صابرًا على الوظايف يخلط الخوض في الأمور الدنيوية بعبادة باهظة وأوراد ثقيلة ويجمع ضحك الفاتك وبكاء الناسك في حالة واحدة هشًا مفرط الحدة يثرد عليه مجل لسانه في المجالس السلطانية بما تعروه المندمة بسببه قايمًا على حفظ القرآن وتجويده وتلاوته ذا خصال حميدة صناع اليد مقتدرًا على العمليات من نسخ ومقابلة وحساب معدودا من صدور الوقت وأعلام القطر ورجال الكمال. مشيخته أخذ عن الجلة من أهل بلده كالأستاذ أبي محمد بن أبي السداد الباهلي لازمه وانتفع به والخطيب أبي عثمان بن عيسى أخذ عنه والولي أبي عبد الله الطنجالي وغيرهم مما يطول ذكرهم من العدوة والأندلس والمشارقة. محنته لقي نصبًا في الخدمة السلطانية وغضًا من الدهر لبأوه بتعنته وعدم مبالاته مرات ضيق لها سجنه وعرض عليه النكال ونيل منه بالإهانة كل منال وأغرم مالا أجحف بمحتجنه وعرض للأيدي نفايس كتبه وعلى ذلك فلم يذعر سربه ولا أضعفت النكبة جاشه. ولد عام ثلاثة وسبعين وستماية. ومات ميتة حسنة. صلى الجمعة ظهرًا وقد لزم الفراش ونفث دم الطاعون ومات مستقبل القبلة على أتم وجوه التأهب سابع شوال من عام خمسين وسبعماية. محمد بن عبد الله بن محمد بن مقاتل من أهل مالقة يكنى أبا القاسم أزدي النسب إشبيلي الأصل من بيت نزاهة ونباهة. حاله كان فاضلًا وقورًا سمحًا مليح الدعابة عذب الفكاهة حلو النادرة يكتب ويشعر طرفًا في الانطباع واللوذعية آية في خلط الجد بالهزل. ولي الإشراف بمدينة مالقة وتقلب في الشهادة المخزنية عمره. شعره من شعره يخاطب ذا الوزارتين أبا عبد الله بن الحكيم رحمه الله: فؤادي من خطب الزمان سقيم وفيه لسهم الحادثات كلوم ولم أشك دايي في البرية لامرئ أأشكو به وابن الحكيم حكيم توفي بمالقة يوم الخميس عاشر شهر رمضان من عام تسعة وثلاثين وسبعماية. محمد بن علي بن عبد ربه التجيبي من أهل مالقة يكنى أبا عمرو كان راوية ثقة بارع الأدب بليغ الكتابة طيب النفس كامل المروءة حسن الخلق جميل العشرة تلبس بالأعمال السلطانية دهرًا وولي إشراف غرناطة وغيرها إلى أن قعد لشكاية منعته من القيام والتصرف فعكف على النظر فانتفع به. مشيخته كانت له رحلة سمع فيها بالأسكندرية على أبي عبد الله بن منصور وغيره وروى عنه الأخوان سالم وعبد الرحمن ابنا صالح بن سالم. تواليفه له اختصار حسن في أغاني الإصبهاني ورد جيد على ابن غرسية في رسالته الشعوبية لم يقصر فيها عن إجادة. وتوفي لسبع خلون من محرم من عام اثنين وستماية. الزهاد والصلحاء والصوفية والفقراء وأولا الأصليون الصناع محمد بن إبراهيم بن محمد بن محمد الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد اله ويعرف بالصناع. حاله من عايد الصلة: الشيخ الصوفي الكثير الأتباع الفذ الطريقة المجبب إلى أهل الثغور من البادية. كان رحمه الله شيخًا حسن السمت كثير الذكر والمداومة يقود من المخشوشنين عدد ربيعة ومضر يعمل الرحلة إلى حصونهم فيتألفون عليه تألف النحل على أمرايها ويعاسيبها معلنين بالذكر مهرولين يغشون مثواه بأقواتهم على حالها ويتناغون في التماس القرب منه ويباشرون العمل في فلاحة كانت له بما يعود عليه بوفر وإعانة. وكان من الصالحين وعلى سنن الخيار الفضلاء من المسلمين وله حظ من الطلب ومشاركة يقوم على ما يحتاد إليه من وظائف دينه ويتكلم في طريق المتصوفة على مذهب أبي عبد الله الساحلي شيخه كلامًا جهوريًا قريب الغمر. وكان له طمع في صناعة الكيمياء تهافت على دفاتيرها وأهل متحليها ليستعين بها مشيخته قرأ على أستاذ الجماعة أبي جعفر بن الزبير وكانت له في حاله فراسة. حدثني بذلك شيخنا أبو عبد الله بن عبد الولي رحمه الله. وسلك على الشيخ الصالح أبي عبد الله الساحلي. وتوفي ليلة الاثنين السابع من شهر شوال عام تسعة وأربعين وسبعماية وكانت جنازته آخذة في الاحتفال قدم لها العهد ونفر لها الناس من كل أوب وجيء بسريره تلوح عليه العناية وتحفه الأتباع المقتاتون من حل أموالهم وأيديهم من شيوخ البادية فتولوا مواراته تعلو الأصوات حوله ببعض أذكاره. المواق محمد بن أحمد الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بالمواق. حاله كان معلمًا لكتاب الله تعإلى خطيبًا بمسجد ربض الفخارين طرفًا في الخير ولين العريكة والسذاجة المشفوعة بالاختصار وإيثار الخمول مستقيمًا في طريقته خافتًا في خطبته عاكفًا توفي بغرناطة قبل سنة خمسين وسبعماية بيسير وكلف الناس بقبره بعد موته فأولوا حجارته من التعظيم وجلب أواني المياه للمداواة ما لم يولوه معشاره أيام حياته. محمد بن حسنون الحميري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله حاله كان فاضلًا صالحًا مشهور الولاية والكرامة يقصده الناس في الشدايد فيسألون بركة دعايه. ومن إملاء الشيخ أبي بكر بن عتيق بن مقدم قال أصله من بياسة وكان عمه من المقربين المحدثين بها وسكن هو مرسية ونشأ بها وقرأ على أشياخها وحفظ كتاب التحبير في علم أسماء الله الحسنى للإمام أبي القاسم القشيري ثم انتقل إلى غرناطة فسكن فيها بالقصبة القديمة وأم الناس في المسجد المنسوب إليه الآن. وكان يعمل بيده في الحلفا ويتقوت من ذلك. توفي عام خمسة وسبعماية بغرناطة وهو من عدد الزهاد. ومن مناقبه ذكروا أنه سمع يومًا بعض الصبيان يقول لصبي آخر مر للحبس فقال أنا المخاطب بهذا فانصرف إلى السجن فدخله وقعد مع أهله وبلغ ذلك السلطان فوجه وزيره فأخرجه وأخرج معه أهل السجن كلهم وكانت من كراماته. |
ابن الحاج محمد بن محمد بن البكري من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الحاج كان رحمه الله شيخًا صالحًا جهوريًا بعيدًا عن المصانعة متساوي الظاهر والباطن مغلظًا لأهل الدنيا شديدًا عليهم غير مبال في الله بغيره يلبس خرقة الصوفية من غير التزامن لاصطلاح ولا منقاد لرقو ولا مؤثر لسماع. مشاركًا للناس ناصحًا لهم ساعيًا في حوايجهم. خدم الصالح الكبير أبا العباس بن مكنون وسلك به وكان من بيت القيادة والتجند فرفض زيه ولبس المسوح والأسمال. وكان ذا حظ من المعرفة يتكلم للناس. قال شيخنا أبو الحسن بن الجياب سمعته ينشد في بعض مجالسه: يا غاديًا في غفلة ورايحًا إلى متى تستحسن القبايحا وكم إلى كم لا تخاف موقفًا يستنطق الله به الجوارحا يا عجبًا منك وأنت مبصر كيف تجتنب الطريق الواضحا كيف تكون حين تقرأ في غد صحيفة قد مليت فضائحا ولما حاصر الطاغية مدينة ألمرية وأشرفت على التلف تبرع بالخروج منها ولحاقه بباب السلطان لبث حالها واستنفار المسلمين إلى نصرها فيسر له من ستر غرضه وتسهيل قصده ما يشهد بولايته. توفي بألمرية محل سكناه في حدود عام خمسة عشر وسبعماية. محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري غرناطي قيجاطي الأصل يعرف بالسواس. قال في المؤتمن في حاله: رجل متطبب سهل الخلق حسن اللقاء. رحل من بلده وحج وفاوض بالمشرق الأطباء في طريقته وعاد فتصدر للطب ثم عاد إلى بلاد المشرق. قلت وعظم صيته وشهر فضله وقدم أمينا على أحباس مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الطاهرة وصدقاته وذكر عنه أنه اضطره أمر إلى أن خصي نفسه وسقطت لذلك لحيته. قال شيخنا أبو البركات أنشدنا بدكانه برحبة المسجد الأعظم من حضرة غرناطة قال أنشدنا أبو عبد الله المراكشي بالإسكندرية قال أنشدنا مالك بن المرحل لنفسه: فإن غضبت على شخص لتشتمه فقل له أنت إنسان ابن إنسان وفاته: كان حيًا عام خمسين وسبعماية فيما أظن. ومن الطارئين عليها في هذا الاسم ابن جعفر القونجي محمد بن أحمد بن جعفر بن عبد الحق بن محمد بن جعفر بن محمد ابن أحمد بن مروان بن الحسن بن نصر بن نزار بن عمرو بن زيد بن عامر بن نصر بن حقاف السلمي يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن جعفر ويشهر في الأخير بالقونجي منسوبًا إلى قرية بالإقليم وكان من أهل غرناطة. حاله من خط شيخنا أبي البركات بن الحاج: كان هذا الرجل رجلًا صالحًا فاضلا متخلقًا سمحًا جميل اللقاء على قدم الإيثار على رقة حاله ممن وضع الله له القبول في قلوب عباده فكانت الخاصة تبره ولا تنتقده والعامة توده وتعتقده وتترادف على زيارته فئة بعد فئة فلا تنقلب عنه إلا راضية وكان جاريًا على طريقة الشيخ أبي الحسن الشاذلي إذ كان قد لقي بالمشرق الشيخ الإمام تاج الدين بن عطاء الله ولازمه وانتفع به كما لقي ولازم تاج الدين أبا العباس المرسي كما لازم أبو العباس أبا الحسن الشاذلي. قال: ولقيه بعد هذا الشيخ أبي عبد الله جماعات في أقطار شتى ينسبون إليه ويجرون من ملازمته الأذكار في أوقات معينة على طريقته وله رسايل منه إليهم طوال وقصار يوصيهم فيها بمكارم الأخلاق وملازمة الوظايف وخرج عنه إليهم على طريقة التدوين كتاب سماه بالأنوار في المخاطبات والأسرار مضمنه جملة من كلام شيخهم تاج الدين وكلام أبي الحسن الشاذلي ومخاطبات خوطب بها في سره وكلام صاحبه أبي بكر الرندي وحقايق الطريق وبعض كرامات غير من ذكر من الأولياء وذكر الموت وبعض فضايل القرآن. مشيخته قرأ على الأستاذ أبي الحسن البلوطي وأجازه وعلى أبي الحسن بن فضيلة وأجازه كذلك وعلى أبي جعفر بن الزبير وأجازه ثم رحل فحج ودخل الشام وعاش مدة من حراسة البساتين واعتنى بلقاء المعروفين بالزهد والعبادة وكان مليًا بأخبار من لقي منهم فمنهم الشيخ أبو الفضل تاج الدين بن عطاء الله وصاحبه أبو بكر بن محمد الرندي. مناقبه قال دخلت معه إلى من خف على قلبي الوصول إلى منزله لما قدم ألمرية وهو رجل يعرف بالحاج رحيب كان من أهل العافية ورقت حاله ولم يكن ذلك يظهر عليه لمحافظته على ستر ذلك لعلو همته ولم يكن أيضًا أثر ذلك يظهر على منزله بل أثاث العافية باق فيه من فرش وماعون. فساعة وصول هذا الشيخ قال الله يجبر حالك فحسبتها فراسة من هذا الشيخ. قال وخاطبته عند لقائي إياه بهذه الأبيات: أشكو إليك بقلب لست أملكه ما لم يرد من سبيل فهو يسلكه له تعاقب أهواء فيقلقه هذا ويأخذه هذا ويتركه طورًا يؤمنه طورا يخوفه طورا ييقنه طورا يشككه حينًا يوحشه حينا يونسه حينا يسكنه حينا يحركه عسى الذي يمسك السبع الطباق على يديك يا مطلع الأنوار يمسكه فيه سقام من الدنيا وزخرفها مهمى أبيضه بالذكر تشركه عسى الذي شانه الستر الجميل كما غطى عليه زمانًا ليس يهتكه فلم قرأ منها فيه سقام من الدنيا وزخرفها قال هذه علتي. مولده: سألته عنه فقال لي عام ثمانية وستين بقرية الجيط من قرى الإقليم وفاته: بقرية قنجة خطيبًا بها يوم الاثنين عشرين من شهر شعبان المكرم عام خمسين وسبع ابن صفوان محمد بن أحمد بن حسين بن يحيى بن الحسين بن محمد بن أحمد ابن صفوان القيسي وبيته شهير بمالقة يكنى أبا الطاهر ويعرف بابن صفوان حاله كان مفتوحًا عليه في طريق القوم ملهمًا لرموزهم مصنوعًا له في ذلك مع المحافظة على السنة والعمل بها. آخر الرعيل وكوكب السحر وفذلكة الحساب ببلده اقتداء وتخلقًا وخشوعًا وصلاحًا وعبادة ونصحًا. رحل فحج وقفل إلى بلده مؤثرًا الاقتصار على ما لديه فإذا تكلم في شيء من تلك النحلة يأتي بالعجايب ويفك كل غامض من الإشارات. وعني بالجزء المنسوب إلى شيخ الإسلام أبي إسمعيل الروبي المسمى بمنازل الساري إلى الله فقام على تدريسه واضطلع بأعبايه وقيد عليه ما لا يدركه إلا أولوا العناية ولازمه الجملة من أولى الفضل والصلاح فانتفعوا به وكانوا في الناس قدوة. وولي الخطابة بالمسجد الجامع من الربض الشرقي وبه كان يقعد فيقصده الناس ويتبركون به وكان له مشاركة في الفقه وقيام على تواليفه ألف بإشارة السلطان على عهده أمير المسلمين أبي الحجاج رحمه الله كتابًا في التصويف والكلام على اصطلاح القوم كتب عليه شيخنا أبو الحسن بن الجياب بظهره لما وقع عليه هذه الأبيات: أيام مولاي الخليفة يوسف جاءت بهذا العالم المتصوف فكفى بما أسدى من الحكم التي أبدين من سر الطريقة ما خف وحقايق رفع الحجاب بهن عن نور الجمال فلاح غير مكيف كالشمس لاكن هذه أبدي سنًا للحسن والمعنى لعين المنصف فيه حياة قلوبنا و دواؤهافمن استغاث بجرعة منها شف إن ابن صفوان إمام هداية صافي فصوفي فهو صوفي صف وإن اختبرت فإنه صفو ابن صفو ظاهر في طيه صفو خف علم توارثه وحال قد خلت ذوقًا فنعم المقتدى والمقتف فليهنلى المولى سعود إيالة فيها سراج نوره لا ينطف لا زلت تسلك كل نهج واضح منها وتحيي كل سعي مزلف ومن تواليفه جر الحر في التوحيد وعلق على الجزء المنسوب لأبي إسمعيل الهروي. من أخذ عنه أخذ عنه ببلده وتبرك به جلة وكان يحضر مجلسه عالم منهم شيخ الشيوخ الأعلام أبو القاسم الكسكلان وأبو الحسين الكواب والأستاذ الصالح أبو عبد الله القطان وصهره الأستاذ أبو عبد الله بن قوال والعاقد الناسك أبو الحسين الأحمر وغيرهم. شعره رأيت من الشعر المنسوب إليه وقد رواه عنه جماعة من أصحابنا يذيل قول أبي زيد رضي الله عنه: رأيتك تدنيني إليك تباعدني فأبعدت نفسي الابتغاء التقرب فقال: هويت بدمنى إليه فلم يكن بيالبعد بعدي فصح به قرب فكان به سمعي كما بصري به وكان به لأئ لساني مع القلب وفاته سافر من بلده إلى غرناطة في بعض وجهاته إليها وذهب سحرًا يرتاد ماء لوضويه. فتردى في حفرة ترديًا أوهن قواه وذلك بخارج بلش فرد إلى مالقة فكانت بها وفاته قبل الفجر من ليلة يوم الجمعة الرابع عشر لشعبان عام تسعة وأربعين وسبعماية. الساحلي محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم الأنصاري يكنى أبا عبد الله ويعرف بالساحلي حاله من عايد الصلة: المثل الساير في غمران أوقاته كلها بالعبادة وصبره على المجاهدة. قطع عمره في التبتل والتهجد لا يفتر لسانه عن ذكر الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم. خرج عن متروك والده واقتصر على التمعش من حرفة الخيطاة. ثم تعداها إلى النسخ والتعليم وسلك على الشيخ أبي القاسم المريد نفع اله به حتى ظهرت عليه سيما الصالحين وأقام عمره مستوعبًا ضروب الخير وأنواع القرب من صوم وإذان وذكر ونسخ وقراءة وملازمة خلوة. ذا حظ من الفصاحة. وجرأة على الوعظ في صوت جهير وعارضة صليبة. اقتدى به طوايف من أصناف الناس على تباعد الديار وألزمهم الأذكار وحولهم للسلوك فأصبح كثير الأتباع بعيد الصيت. وولي الخطابة بالمسجد الجامع من بلده ونقل إلى الخطابة بجامع غرناطة في نبوة عرضت له بسبب ذنابى ذرية طرقوا الكدر إلى سربه ثم عاد إلى بلده متين ظهر الحظوة وثيق أساس المبرة. مشيخته قرأ ببلده مالقة على الخطيب أبي محمد بن عبد العظيم بن الشيخ وأبي عبد الله بن لب وأبي جعفر الحرار وأبي عبد الله بن الحلو الخطيب أبي عبد الله بن الأعور. محنته ابتلى بعد السبعين من عمره بفقد بصره فظهر منه من الصبر والشكر والرضاء بقضاء الله ما يظهر من مثله. وأخبرني بعض أصحابه أنه كان يقول سألت الله أن يكف بصري خوفًا من الفتنة. وفي هذا الخبر نظر لمكان المعارضة في أمره صلى الله عليه وسلم بسؤال العافية والإمتاع بالإسماع والإبصار. وجعل الله له في قلوب كثير من الخلق الملوك فمن دونهم من تعظيمه ما لا شيء فوقه حتى أن الشيخ المعمر الحجة الرحلة أبا علي ناصر الدين الوشدالي كتب إليه من بجاية بما نصه: يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجينا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين. وبعده: من العبد الأصغر والمحب الأكبر فلان إني سيد العارفين وإمام المحققين في ألفاظ تناسب هذا المعنى. حدثني شيخنا أبو الحسن بن الجياب وكان من أعلام تلاميذه وصدور السالكين على يديه قال قصدت منه خلوة فقلت يا سيدي أصحابنا يزعمون أنك ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبرني واشف صدري هل هذه الرؤيا عينية أو قلبية قال فأفكر ساعة ثم قال عندي شك في رؤية ابن الجياب الساعة ومحادثته فقلت لا فقال كذلك الحال قلت وهذا أمر غريب ولا يصح إلا رؤية القلب ولكن غلبت عليه حتى تخيل في الحس الصورة الكريمة إذ وجود جوهر واحد في محلين اثنين محال. شعره نظم الكثير من شعر منحط لا يصلح للكتب ولا للرواية ابتلى به رحمه الله فمن لبابه قوله إن كنت تأمل أن تنال وصالهم فامح الهوى في القليل والأفعال واصبر على مر الدواء فإنه ياتيك بعد بخالص السلسال تواليفه: ألف كتابًا سماه إعلان الحجة في بيان رسوم المحجة. توفي يوم الجمعة الرابع والعشرين لشوال عام خمسة وثلاثين وسبعماية وكانت جنازته مشهودة تزاحم الناس على نعشه وتناولوه تمزيقًا على عادتهم من ارتكاب القحة الباردة في مسلاخ حسن الظن. القطان محمد بن أحمد بن قاسم الأمي من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله ويعرف بالقطان الفقيه الأواب المتكلم المجتهد. حاله من العايد: كان هذا الرجل غريب المنزع عجيب التصوف. قرأ وعقد الشروط وتصدر للعدالة ثم تجرد وصدق في معاملته لله وعول عليه واضطلع بشروط التوبة فتحلل من أهل بلده واستفاد واسترحم واستغفر ونفض يديه من الدنيا والتزم عبادة كبيرة فأصبح يشار إليه في الزهد والورع لا تراه إلا متبسمًا ملازمًا لذكر الله متواضعًا لأصاغر عباده محبا في الضعفاء والمساكين جميل التخلق مغضيًا عن الهنات صابرًا على الإفادة. وجلس للجمهور بمجلس مالقة يتكلم في فنون من العلم يعظ الناس ويرشدهم ويزهدهم ويحملهم على الإيثار في أسلوب من الاستنفار والاسترسال والدلالة والفصاحة والحفظ كثير التأثير في القلوب يخبر بإلهام وإعانة. فمال الخلق إليه وتزاحموا على مجالسته وأعلنوا بالتوبة وبادر مترفوهم إلى الإقلاع عن إجابة الشهوات والاستقالة من الزلات. ودهم الوباء فبذلوا من الأموال في أبواب البر والصدقة ما لا يأخذه الحصر ولا يدركه الإحصاء ولو لا أن الأجل طرقه لعظم صيته وانتشر نفعه. وفاته توفي شهيد الطاعون عصر يوم الأربعاء لصفر من عام خمسين وسبعماية ودفن بجبانة جبل فاره ضحى يوم الخميس الثاني من يوم وفاته. وصلى عليه خارج باب قنتنالة وألحده في قبره الخطيب القاضي الصالح أبو عبد الله الطنجالي رحم الله جميعهم. وممن رثاه الشيخ الأديب أبو الحسن الوراد فقال: إليه في الزهد والورع لا تراه إلا متبسمًا ملازمًا لذكر الله متواضعًا لأصاغر عباده محبا في الضعفاء والمساكين جميل التخلق مغضيًا عن الهنات صابرًا على الإفادة. وجلس للجمهور بمجلس مالقة يتكلم في فنون من العلم يعظ الناس ويرشدهم ويزهدهم ويحملهم على الإيثار في أسلوب من الاستنفار والاسترسال والدلالة والفصاحة والحفظ كثير التأثير في القلوب يخبر بإلهام وإعانة. فمال الخلق إليه وتزاحموا على مجالسته وأعلنوا بالتوبة وبادر مترفوهم إلى الإقلاع عن إجابة الشهوات والاستقالة من الزلات. ودهم الوباء فبذلوا من الأموال في أبواب البر والصدقة ما لا يأخذه الحصر ولا يدركه الإحصاء ولو لا أن الأجل طرقه لعظم صيته وانتشر نفعه. وفاته توفي شهيد الطاعون عصر يوم الأربعاء لصفر من عام خمسين وسبعماية ودفن بجبانة جبل فاره ضحى يوم الخميس الثاني من يوم وفاته. وصلى عليه خارج باب قنتنالة وألحده في قبره الخطيب القاضي الصالح أبو عبد الله الطنجالي رحم الله جميعهم. وممن رثاه الشيخ الأديب أبو الحسن الوراد فقال: إليه في الزهد والورع لا تراه إلا متبسمًا ملازمًا لذكر الله متواضعًا لأصاغر عباده محبا في الضعفاء والمساكين جميل التخلق مغضيًا عن الهنات صابرًا على الإفادة. وجلس للجمهور بمجلس مالقة يتكلم في فنون من العلم يعظ الناس ويرشدهم ويزهدهم ويحملهم على الإيثار في أسلوب من الاستنفار والاسترسال والدلالة والفصاحة والحفظ كثير التأثير في القلوب يخبر بإلهام وإعانة. فمال الخلق إليه وتزاحموا على مجالسته وأعلنوا بالتوبة وبادر مترفوهم إلى الإقلاع عن إجابة الشهوات والاستقالة من الزلات. ودهم الوباء فبذلوا من الأموال في أبواب البر والصدقة ما لا يأخذه الحصر ولا يدركه الإحصاء ولو لا أن الأجل طرقه لعظم صيته وانتشر نفعه. وفاته توفي شهيد الطاعون عصر يوم الأربعاء لصفر من عام خمسين وسبعماية ودفن بجبانة جبل فاره ضحى يوم الخميس الثاني من يوم وفاته. وصلى عليه خارج باب قنتنالة وألحده في قبره الخطيب القاضي الصالح أبو عبد الله الطنجالي رحم الله جميعهم. وممن رثاه الشيخ الأديب أبو الحسن الوراد فقال: إليه في الزهد والورع لا تراه إلا متبسمًا ملازمًا لذكر الله متواضعًا لأصاغر عباده محبا في الضعفاء والمساكين جميل التخلق مغضيًا عن الهنات صابرًا على الإفادة. وجلس للجمهور بمجلس مالقة يتكلم في فنون من العلم يعظ الناس ويرشدهم ويزهدهم ويحملهم على الإيثار في أسلوب من الاستنفار والاسترسال والدلالة والفصاحة والحفظ كثير التأثير في القلوب يخبر بإلهام وإعانة. فمال الخلق إليه وتزاحموا على مجالسته وأعلنوا بالتوبة وبادر مترفوهم إلى الإقلاع عن إجابة الشهوات والاستقالة من الزلات. ودهم الوباء فبذلوا من الأموال في أبواب البر والصدقة ما لا يأخذه الحصر ولا يدركه الإحصاء ولو لا أن الأجل طرقه لعظم صيته وانتشر نفعه. وفاته توفي شهيد الطاعون عصر يوم الأربعاء لصفر من عام خمسين وسبعماية ودفن بجبانة جبل فاره ضحى يوم الخميس الثاني من يوم وفاته. وصلى عليه خارج باب قنتنالة وألحده في قبره الخطيب القاضي الصالح أبو عبد الله الطنجالي رحم الله جميعهم. وممن رثاه الشيخ الأديب أبو الحسن الوراد فقال: فؤادي مكلوم بحزني لفقده لذاك جفوني دمعها كله دم ومإذا عسى يغني التفجع والبكا ومإذا عسى يجدي الأسى والتبرم سأصبر للبلوى وإن جل خطبها فصبر الفتى عند الشدايد يعلم كذا العلم بالسيف الصقيل لدى الوغى فويق الذي من حسنه يوسم على قدر صبر المرء تصغر عنده خطوب من الدنيا على الناس تعظم إلا إنها الدنيا تعلة باطل ومخمضة أحلام لمن بات يحلم تجنبها أهل العقول فأقصروا وأغرق فيها الجاهلون وأشأم أعد نظرًا فيها تجبك براحة وانس بما تقضي عليك وتحكم أعد لها درياق صبرك إنها من البؤس والتلوين والله أرقم تلفت إلى تعذيبها لمحبها ومإذا بها يلقى كثيب ومغرم يظن بها ريحانة وهي سدرة ولا منتهى إلا الردى والتندم عجبت لها تخفي علينا عيوبها وذاك لأنا في الحقيقة نوم ضحى كان وجه الدهر سبر بشره فلم يمس حتى بان منه التجهم ذرينا بعقد من ولي مكانه مكين لدي العلياء سام معظم هوى مثل هوى من الأفق كوكب فجللنا ليل من الخطب مظلم تساوى لديه صيدها وعبيدها وعالمها التحرير والمتعلم هو الموت لا ينفك للخلق طالبًا يروح ويغدو كل حين عليهم ما هو إلا الداء عز دواؤه فليس لشيء في البسيطة يحسم دها كل مخلوق فما منه سيد له الجاه عند الله ينجو فسلم ولو كان ذا كان النبي محمد تجنبه صلوا عليه وسلم تعنى به موسى ويوسف قبله ونوح وإدريس وشيث وآدم به باد بهرام وتبر بهرم وكسر من كسري سوار ومعصم وكم من عظيم الشأن حل بربعه فإن تختبره فهو رب وأعظم ولكننا ننسى ونأبى حديثه وننجد في الإعراض عنه ونتهم خبا ضوء نادي أقفر ربعه من العلم والتعليم ربع ومعلم تردى فأردى فقد أهل رية فما منهم إلا كثيب ومغرم غدا أهلها من فجعة بمصابه وعيشهم صاب قطيع وعلقم وهل كان إلا والد مات عنهم فيا من لقوم يتموا حين أو يتم قضى نحبه الأستاذ واحد عصره فكاد الأسى يقضي إلى الكل منهم قضى نحبه القطان فالحزن قاطن مقيم بأحناء الضلوع محكم وهل كان إلا روضة رف ظلها أتيح له قيظ من الجون صيلم وهل كان إلا رحمة عاد فقدها علامة فقد العلم والله أعلم سل التائبين العاكفين على الهدى لكم منة أسدى وأهدى إليهم أفادهم من كل علم لبابة وفهمهم أسراره فتفهم جزى الله رب الناس خير جزائه دليلا بهم نحو الهدى حيث يمم أبان لهم طرق الرشاد فأقدموا وحذرهم عن كل غي فأحجم يحدث في الآفاق شرقًا ومغربًا فأخباره أضحت تخط وترسم سرى في الورى ذكر له ومدايح يكاد بها طير العلى يترنم لعمرك ما يأتي الزمان بمثله وما ضرني لو كنت بالله أقسم فقيه نزيه زاهد متواضع رؤوف عطوف مشفق مترحم يود لو أن الناس أثرى جميعهم فلم يبق مسكين ولم يبق معدم يود لو أن الله تاب على الورى فتابوا فما يبقى من الكل مجرم عليه من الرحمن أوسع رحمة فقد كان فينا الدهر يحنو ويرحم محمد بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن عمر بن يوسف بن علي بن خالد ابن عبد الرحمن بن حميد الهاشمي الطنجالي لوشي الأصل مالقي النشأة والاستيطان. أوليته بيتهم نبيه إلى هاشمية النبه وهم ببلدنا لوشة أشرف وهم ببلدنا لوشة أشرف وكانت لهم فيها ثروة وثورة اجتثها الدهر ببعض طوارقه في أبواب المغالبات. ويمت سلفنا إليهم بصحبة حاله من عايد الصلة: كان هذا الولي الفاضل المجمع على ولايته وفضله سهل اللقاء رفيقًا بالخلق عطوفًا على الضعفاء سالكًا سنن الصالح من السلف سمتًا وهديًا بصره مغضوض ولسانه صامت إلا من ذكر الله وعلمه نافع وثوبه خشن وطعمته قد نفدها الورع الشديد حتى اصطفاها مختاره إذا أبصرت بها العين سبقتها العبرة. بلغ من الخلق الملوك فمن دونهم الغاية فكان يلجأ إليه المضطر وتمدل إلى عنايته الأيدي وتحط بفنايه الوسايل فلا يرتفع عن كلف الناس ولا حوايجهم ولا ينقبض عن الشفاعة لهم وإصلاح ذات بينهم. له في ذلك كله أخبار طريفة. واستعمل في السفارة بين ملكي العدوة والأندلس في أحوال المسلمين فما فارق هيئته وركوب حماره واستصحاب زاده ولبس الخشن من ثوبه. وكان له حظ رغيب من فقه وحديث وتفسير وفريضة. ولي الخطابة ببلده مالقة واستسقى في المحول فسقى الناس. حدثني بعض أشياخنا: قال حضرت مقامه مستسقيًا وقد امتنع الغيث وقحط الناس فما زاد عند قيامنا أن قال أستغفر الله فضج الخلق بالبكاء والعجيج ولم يبرحوا حتى سقوا. وكراماته كثيرة ذايعة من غير خلاف ولا نزاع. حدث بعض أشياخنا عن الخطيب الصالح أبي جعفر الزيات قال رأيت في النوم قايلًا يقول فقد الليلة من يعمر بيت الإخلاص بالأندلس فما انتصف النهار من تلك الليلة حتى ورد الخبر بموته. مشيخته من شيوخه الذين قرأ عليهم وأسند إليهم الرواية والده رحمه الله وأبو عمرو بن حوط الله والخطيب ابن أبي ريحانة المربلي والقاضي أبو علي بن أبي الأحوص والراوية أبو الوليد بن العطار والراوية المحدث أبو بكر بن مشليون والمقري أبو عبد الله بن مستقور الطايي والأستاذ أبو جعفر الطباع وأبو الحسين بن أبي الربيع والمحدث أبو عبد الله بن عياش والأستاذ أبو الحسن السفاج الرندي والخطيب بألمرية أبو الحسن الغزال. وقرأ على الأستاذ أبي جعفر بن الزبير. وأجازه من أهل المشرق جماعة منهم أبو عبد الله بن رزيق الشافعي والعباس أحمد ابن عبد الله بن محمد الطبري وأبو اليمن عبد الصمد بن أبي الحسن عبد الوهاب بن أبي البركات المعروف بالنجام والحسن بن هبة الله بن عساكر وإبراهيم بن محمد الطبري إمام الخليل ومحمد بن محمد بن أحمد بن عبد ربه الطبري ومحمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري وأبو الفتح تقي الدين بن أبي الحسن فخر الدين وعبد الله بن محمد بن أبي بكر الطبري المكي الشافعي وغيرهم. ميلاده: بمالقة في رجب سنة أربعين وستماية. وفاته: بمالقة في يوم الخميس الثامن لجمادى الأولى من عام أربعة وعشرين وسبعماية. وقد ناهز الثمانين سنة لم ينتقص شيء من أعماله المقربة إلى الله من الصوم والصلاة وحضور الجماعات وملازمة الإقراء والرواية والصبر على الإفادة. حدث من يوثق به أن ولده الفقيه أبا بكر دخل عليه وهو في حال النزع والمنية تحشرج في صدره فقال يا والدي أوصني فقال وعيناه تدمعان يا ولدي اتق الله حيث كنت واتبع السيئة بالحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. ابن إبراهيم البلفيقي محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم البلفيقي ابن الحاج والد شيخنا أبي البركات. وقد مر في ذكر النسب المتصل بعباس ابن مرداس والأولية النبيهة ما يغني عن الإعادة. من خط ولده شيخنا على الاختصار قال يخاطبني في بعض ما كتب به إلي: ذكر أبي وهو ممن طلبتم ذكره إلي في أخباره جزءًا من نحو سبعين ورقة في المقسوم لخصت لك من مبيضته ما يذكر: |
نشأ رحمه الله بسبتة على طهارة تامة وعفة بالغة وصون ظاهر كان بذلك علمًا لشبان مكتبه.
قرأ القرآن بالقراءات السبع وحفظ ما يذكر من المبادي واتسم بالطلب. ثم تاقت نفسه إلى الاعتلاق بالعروة الوثقى التي اعتلق بها سلفه فنبذ الدنيا وأقبل على الآخرة وجرى على سنن المتقين أخذًا بالأشد من ذلك والأقوى طامحًا بهمته إلى أقصى ما يؤمله السالكون. فرفض زي الطلبة ولبس الخشنية وترك ملابسة الخلق بالجملة وبالغ في الانقباض عنهم وانقطع إلى الله برباطات سبتة وجبالها وخصوصًا بمينايها وعكف على ذلك سنين ثم سافر إلى المغرب سايحًا في الأرض على زي الفقهاء للقاء العباد وأهل العلم فأحرز من ذلك ما شاء. ثم أجاز البحر إلى جزيرة الأندلس وورد ألمرية مستقر سلفه وأخذ في إيثار بقايا أملاك بقيت لأسلافه بها على ما كان عليه من التبتل والإخبات. وكان على ما تلقينا من أصحابه وخدانه صوامًا قوامًا خاشعًا ذاكرًا تاليًا قوالا للحق وإن كان مرًا كبيرًا في إسقاط التصنع والمباهاة لا يضاهي في ذلك ولا يشق غباره. وقدم على غرناطة ودخل على أمير المسلمين وقال له الوزير يقول لك السلطان ما حاجتك فقال بهذا الرسم رحلت ثم ظهر لي أن أنزل حاجتي بالله فعار على من انتسب إليه أن يقصد غيره. ثم أجاز البحر وقد اشتدت أحوال أهل الأندلس بسبب عدوهم وقدم على ملكه ووعظه موعظة أعنف عليه فيها فانفعل لموعظته وأجاز البحر بسببه إلى جزيرة الأندلس وغزا بها وأقام بها ما شاء الله وتأدب الروم لو تم المراد قال وأخبره السلطان أبو يوسف ملك المغرب قال كل رجل صالح دخل علي كانت يده ترعد في يدي إلا هذا الرجل فإن يدي كانت ترعد في يده عند مصافحته. كراماته وجلب له كرامات عدة فقال في بعضها ومن ذلك ما حدثني الشيخ المسلم الثقة أبو محمد قاسم الحصار وكان من الملازمين له المنقطعين إلى خدمته والسفر معه إلى البادية فقال إني لأحفظ لأبيك أشياء من الأحوال العظيمة منها ما أذكره ومنها ما لا أستطيع ذكره. ثم قال حدثني أهل وادي الزرجون وهو حش من أعمال سبتة قالوا انصرف السيد أبو عبد الله من هنا هذا لفظه فلما استقر في رأس العقبة المشرفة على الوادي صاح عليه أهل القرى إذ كانوا قد رأوا أسدًا كبيرًا جدًا قد تعرض في الطريق ما نجا قط من صادفه مثله فلما سمع الضياح قال ما هذا فقيل له أهل القرى يصيحون عليه خيفة من السبع قال فأعرض عنهم بيده ورفع حاجبه كالمتكبر على ذلك وأسكتهم وأخذ في الطريق حتى وصل إلى الأسد فأشار عليه بالقضيب وقال له من ها هنا من ها هنا أخرج عن الطريق فخرج بإذن الله عن الطريق ولم يوجد هنالك بعد. وأمثال ذلك كثيرة. مشيخته قرأ على الأستاذ أبي الحسين بن أبي الربيع القرشي وأجازه والده أبو إسحق إجازة عامة. ومن شيوخه القاضي المسن أبو عبد الله الأزدي والمحدث أبو بكر بون مشليون وأبو عبد الله بن جوهر وأبو الحسين بن السراج وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الخزرجي وأبو عبد الله بن الأبار وأبو الوليد بن العطار وأبو العباس بن عبد الملك وأبو إسحق ابن عياش وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن عطية وأبو بكر القرطبي حميد وأبو إبراهيم الطرسي والقاضي أبو عبد الله بن عياض والكاتب أبو الحسن الرعيني وأبو الحسن الشاري وأبو يحيى بن الفرس وأبو إسحق بن عبيد الله وأبو الحسن الغزال وجماعة من الأندلس غير هؤلاء. ومن أهل العدوة كأبي يعقوب المحاسبي وابن فرتون وغيرهم. نمى عنه إلى السلطان بالأندلس أنه أغرى به ملك المغرب وتخلص بعد لأي في خبر طويل وانتهب السلطان ماله وألحق أملاكه بالمختص واستمر. وذلك إلى دولة والده وامتحن الساعون به فعجل الله عقوبتهم. مولده: قال شيخنا نقلت من خط أبيه ما نصه: ولد ابني أبو بكر محمد أسعده الله ووفقه في النصف الأول من ليلة يوم الاثنين الحادي والعشرين لذي قعدة من سنة ست وأربعين وستماية. وفاته: قال ألفيت بخط القاضي الأديب الكاتب أبي بكر بن شبرين وكان ممن حضر جنازته بسبتة. وكانت وفاة الفقيه الناسك السالك الصالح أبي بكر محمد بن الشيخ الفقيه المحدث أبي إسحق السلمي البلفيقي في العشر الأواخر من رمضان أربعة وتسعين وستماية بمحروسة سبتة ودفن إثر صلاة العصر بجبانة الخروبة من منارتها بمقربة من قبر ريحان الأسود العبد الصالح نفع الله به. وصلى عليه الإمام أبو عبد الله بن حريث. ابن عباد النفزي محمد بن يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن مالك بن إبراهيم بن يحيى ابن عباد النفزي حاله نشأ ببلده رندة وهو من ذوي البيوتات الأصلية بها ثم رحل إلى المشرق ولقي العلماء والصوفية وحضر عند المشيخة ثم كر إلى الأندلس فتصوف وجال في النواحي واطرح السموت وفوت ما كان بيده من متاع الدنيا وكان له مال له خطر وألقى التصنع لأهله رأسًا. وكان فيه توله وحدة وله ذهن ثاقب يتكلم في المعقولات والمنقولات على طريقة الحكماء والصوفية ويأتي بكل عبارة غريبة وآثاره هايلة من غير تمكن علم ولا وثاقة إدراك غير أنك لا تسمع منه إلا حسنًا وهو مع ذلك طواف على البلاد زوار للربط صبار على المجاهدة طوعًا وضرورة ولا يسل ثيابًا البتة إلا بذلة من ثوب أو غيره صدقة واحد في وقته. محنته وفضله وشعره نمى عنه كلام بين يدي صاحب المغرب أسف به مدبر الدولة يومئذ فأشخص عند إيابه إلى رندة وسجن بسجن أرباب الجرايم فكتب إلى ولي الأمر: تركت لكم عز الغنى فأبيتم وأن تتركوني للمذلة والفقر ونازعتموني في الخمول وإنه لذي مهجتي أحلى من البنى والأمر ثم قال يا من رماني بسهمه الغرب قد رد عليك مخضوبًا بالدم. قال فوالله ما مرت ثلاثة حتى نفذ حكم الله فيمن عدا عليه. وشعره حسن يدل على طبع معين فمن ذلك: سرى يسر إلي أنك تاركي نفسي الفدا للطفك المتدارك يا مالكي ولي الفخار بأنني لك في الهوى ملك وأنك مالك الترك هالك فاعفني منه وعد بالوصل تحيي ذما محب هالك وأعد جميلًا في الهوى عودتني إن لم تعده إلي من للهالك يا منية القلب الذي بجماله فتن الورى من فاتك أو ناسك أأتيه دونك أو أحار وفي سنى ذاك الجمال جلا الظلام الحالك ولكم سلكت إليك لكن حين لم تكن الدليل اختل قصد السالك ولقد عرفت بستر سري في الهوى فهجرتني فكسيت ثوب الهاتك ما الستر إلا ما يحوك رضاك لا ما حاكه للبتر كف الحايك ما الفضل إلا ما حكمت به فصن وأهتك وصل إن شيت أو كن تارك هذا العقيق فسل معاطف بأنه هل نسمة عادته من نعمانه واسأله إن زارته مإذا أخبرت عن أجرع العلمين أو سكانه وأصخ لحسن حديثها وأعده للمضني ففيه البرء من أشجانه يا حبذا ذاك الحديث وحبذا من قد رفاه وحبذا ببيانه وسقى الآله زمانه ومكانه ويعز قدر زمانه ومكانه يا سعد ساعد مستهامًا فيه لا ذقت الهوى ونجوت من عدوانه وأصخ لما يتلو الوجود عليك من أنبائهم بلسان حال كيانه وأبنه لي واقبل ذمامي بشارة ويقل بذل ذماي في تبيانه وسل النسيم يهب من واديهم شذًا خزاماه وطيب لبانه ارحم بروح منه روحي تحيه ويسقمه سقمي فديتك عانه وبنشره انشر نفس مشتاق قضت شوقًا لنفحة نسمة من بانه يا سعد حدثني فكل مخبر عن خسر من أهواه أو إحسانه هل قلصت أيدي النوى من ظله أو ما جرى هل عاث في جريانه وهل الربوع أواهل بجمالهم فسقى للربوع الودق من هتانه وهل التقى بان على عهد النوى وهل اللوى يلوي بعود زمانه فبروض أنسهم غمدت نضارة نزهت منها الطرف في بستانه وأرى هجير أذبل يانعًا منه وأذوي الغض من ريحانه وأحال حال الأنس فيه وحشة وطوى بساط الأنس في هجرانه آهًا ووالهفي وويحي أن مضى عهد عرفت الأنس في أزمانه وبأجرع العلمين من شرقيه حب غذاني حبه بلبانه حاز المحاسن كلها فجمعن لي كل الهوى فحملت كل هوانه وزها علي بعزة فبواجب أزهو بذلي في يدي سلعانه وقضى بأن أقضي وليت بما قضى يرضى فطيب العيش في رضوانه واختار لي أن لا أميل لسلوة عن حبه فسلوت عن سلطانه دع عنك لومي إنني لك ناصح أبدي الجمال العذر عن هيمانه وإذا الفتى قام الجمال بعذره في الحب فاتركه وثنى عنانه من سام قلبي في هواه سلوة قد سامه ما ليس في إمكانه وقال في الغرض المذكور: يا للرجال ألا حب يساعدني في ذا الغرام فأبكيه ويبكين غلبت فيه وما أجدت مغالبتي وهنت والصب أولى الناس بالهون ركبت لجته وجدي فأدهشني ومت في يده فردا فدلون واضيعة العمر والبلوى مضاعفة ما بين يأس وآمال ترجين والهف نفسي إن أودت وما ظفرت في ذا الهوى بتمن أو بتأمين فليت شعري وعمري ينقضي طمعًا في ذا الهوى بين مغلوب ومغبون هل الأولى ملكوا رقي وقد علموا بذلي وافتقاري أن يواسون فكم أكفكف دمعي بعدهم وأرى مجددًا نار يأسي وهي تبلين يا أهل نجد وفخري أن أحبكم لا أطلب الوصل عز الحب يغنين هل للهوى من سبيل للمنى فلقد عزت أمانيه في الدنيا وفي الدين محمد بن يوسف بن خلصون يكنى أبا القاسم روطي الأصل لوشيه. سكن لوشة وغرناطة ومالقة حاله كان من جلة المشيخة وأعلام الحكمة فاضلا منقطع القرين في المعرفة بالعلوم العقلية متبحرًا في الإلهيات إمامًا في طريقة الصوفية من أهل المقامات والأحوال كاتبًا بليغًا شاعرًا مجيدًا كثير الحلاوة والطلاوة قايما على القرآن فقيهًا أصوليًا عظيم التخلق جميل العشرة انتقل من حصن روطة إلى الخطابة والإمامة بلوشة كثير الدؤوب على النظر والخلوة مقصودًا من منتحلي ما لديه ضرورة. لم يتزوج وتمالأت عليه طايفة ممن شانها الغض من مثله فانزعج من لوشة إلى مالقة فتحرف بها بصناعة الطب إلى حين وفاته. حدثني والدي وكان خبيرًا بأحواله وهو من أصحاب أبيه قال أصابت الناس شدة قحط وكانت طايفة من أضداده تقول كلامًا مسجعا معناه إنكم إن أخرجتم ابن خلصون من بينكم مطرتم. قال فانزعج عنها ولما كان على أميال نزل الغيث الرغد قال فسجد بموضعه ذلك وهو معروف وقال سيدي وأساوري عندك هذا المقدار. وأوجب شكرانًا. وقدم غرناطة وبها الأستاذ أبو عبد الله الرقوطي وله استيلاء على الحظوة السلطانية و شأنه اختبار من يرد على الحضرة ممن يحمل فنًا وللسلطان علي ابن خلصون موجدة لمدحه في حداثته أحد الثوار عليه وبقمارش بقصيدة شهيرة. فلما حضر سأله الأستاذ ما صناعتك فقال التصوف فالتفت إلى السلطان وقال: هذا رجل ضعيف لا شيء لديه بحيث لا يفرق بين الصناعة وغيرها فصرفه رحمه الله. تواليفه وتواليفه كثيرة تدل على جلالته وأصالة معرفته تنطق علمًا وحكمة وتروق أدبًا وظرفًا. فمن ذلك كتابه في المحبة وقفت عليه بخط جدي الأقرب سعيد وهو نهاية. وكتاب وصف السلوك إلى ملك الملوك عارض به معراج الحاتمي فبان له الفضل ووجبت المزية ورسالة الفتق والرتق في أسرار حكمة الشرق. شعره من ذلك قوله: هل تعلمون مصارع العشاق عند الوداع بلوعة الأشواق لو كنت شاهد حالهم يوم النوى لرأيت ما يلقون غير مطاق منهم كثيب لا يمل بكاؤه قد أغرقته مدامع الآماق ومحرق الأحشاء أشعل ناره طول الوجيب بقلبه الخفاق وموله لا يستطيع كلامه مما يقاسي في الهوى ويلاق خرس اللسان فما يطيق عبارة ألم المرور وماله من راق ما للمحب من المنون وقاية إن لم يغثه حبيبه بتلاق مولاي عبدك ذاهب بغرامه فادرك بوصلك من دماه الباق إني إليك بذلتي متوسل فاعطف منك أو إشفاق ومن شعره أيضًا: أعد الحديث إذا وصفت جماله فبه تهيج للمحب خياله يا واصف المحبوب كرر ذكره وأدر على عشاقه جرياله فبذكر من أهوى وشرح صفاته لذ الحديث لمسمعي وخلاله طاب السماع بوصفه لمسامعي وقررت عينًا مذ لمحت هلاله قلبي يلذ ملامة في حبه ويرى رشادًا في هواه ضلاله ومن شعره أيضًا: إن كنت تزعم حبنا وهوانا فلتحملن مذلة وهوانا فاسجر لنفسك إن أردت وصالنا واغصب عليها إن طلبت رضانا واخلع فؤادك في طلاب ودادنا واسمح بموتك إن هويت لقانا فإذا فنيت عن الوجود حقيقة وعن الفناء فعند ذاك ترانا أو ما علمت الحب فيه عبرة فاخلص لنا عن غيرنا وسوانا وابذل لبابك إن وقفت ببابنا واترك حماك إذا فقدت حمانا ما لعلع ما حاجر ما رامة ما ريم أنس يسحر الأذهانا إن الجمال مخيم بقبابنا وظباؤه محجوبة بظبانا نحن الأحبة من يلذ بفناينا نجمع له حسننا إحسانا نحن الموالي فاخضعن لعز نالنا إنا لندفع في الهوى من هانا إن التذلل للتدلل سحر فأخلد إلينا عاشقًا ومهانا واصبر على ذل المحبة والهوى واسمع مقالة هايم قد لانا نون الهوان من الهوى مسروقة فإذا هويت فقد لقيت هوانا لو خيال من حبيبي طرقا لم يدع دمعي بخدي طرقا ونسيم الريح منه لو سرى بشذاه لأزال الحرقا ومتى هبت عليلات الصبا صح جسمي فهن لي نفث رقا عجبًا يشكو فؤادي في الهوى لهب النار وجفني الفرقا يا أهل الحي لي فيكم رشا لم يدع لي رمقًا مذ رمقا بدر تم طالع أثمره غصن بان تحته دعص نقا راق حسنًا وجمالا مثلما رق قلبي في هواه ورقا أنسى الشمس ضياه ذهبًا وكسى البدر سناه ورقا حلل الحسن عليه خلعت فارتداها ولها قد خلقا ومن شعره. دعوت من شفتي رفقا على كبدي فقال لي خلق الإنسان في كبد قلت الخيال ولو في النوم يقنعني فقال قد كحلت عيناك بالسهد فقلت حسبي بقلبي في تذكره فقال لي القلب والأفكار ملك يدي قلت الوصال حياتي منك يا أملي قال الوصال فراق الروح للجسد ومن أقواله الصوفية وكلها تشير إلى ذلك المعنى ركبنا مطايا شوقنا نبتغي السرى وللنجم قنديل يضيء لم سرا وعين الدجا قد نام لم يدر ما بنا وأجفاننا بالسهد لم تطعم الكرا إلى أن رأينا الليل شاب قذاله ولاح عمود الفجر غصنًا منورا لمحنا برأس البعد نارًا منيرة فسرنا لها نبغي الكرامة والقرا وأفضى بنا السير الحثيث بسحرة لحانة دير بالنواقس دورا فلما حللنا حبوة السير عنده وأبصرنا القسيس قام مكبرا وحرك ناقوسًا له أعجم الصدا فأفصح بالسر الذي شاء مخبرا وقال لنا حطوا حمدتم مسيركم وعند الصباح يحمد القوم السرى نعمتم صباحًا ما الذي قد أتى بكم فقلنا له إنا أتيناك زورا وراحتنا في الراح إن كنت بايعًا فإن لدينا فيه أربح مشتري فقال لكم عندي مدام عتيقة مخلدة من قبل آدم أعصرا مشعشعة كالشمس لكن تروحنت وجلت عن التجسيم قدمًا فلا ترى وحل لنا في الحين ختم فدامها فأسدى لنا مسكًا فتيقًا وعنبرا وأشغلنا عن خمرة بجماله وغيبنا سكرًا فلم ندر ما جرا ومن شعره في المعنى: يا نايمًا يطلب الأسرار إسرارًا فيك العيان ونبغي بعد آثارا أرجع إليك ففيك الملك مجتمع والفلك والفلك العلوي قد دارا أنت المثال وكرسي الصفات فته على العوالم إعلانًا وإسرارًا والطور والدر منثورًا وقد كتبت أقلام قدرته في اللوح آثارا والبيت يعمره سر الملايك في مشكاة قلبك قد أسرجن أنوارا ورفع الله سقفًا أنت تسكنه سماوه أطلعت شهبًا وأقمارًا وبحر فكرك مسجور بجوهره فغص به مخرجًا للدر أسرارا فإن رأيت بوادي القدس نار هدى فاثبت فنورك فيها مازج النارا واخلع لسمع الندا نعليك مفتقرا إلى المنادي تنل عزًا وإكبارًا وغب عن الكون بالأسماء متصفا واطلب من الكل رب الدار لا الدارا ومن ذلك في هذا المعنى: أطالب ما في الروح من غامض السر وقارع باب العلم من عالم الأمر ولكن خبيرا قد سألت محققا فدونك فانظم ما نثرت من الدر وبين يدي نجواك قدم وسيلة تقى الله واكتم ما فهمت من السر ولا تلتفت جسما ولا ما يخصه من الحس والتخييل والوهم والفكر وخذ صورة كلية جوهرية تجل عن التمييز بالعكس والسبر ولكن بمرآة اليقين تولدت وليست بذاتي إن سألت ولا غير كذلك لم تحدث وليست قديمة وما وصفت يومًا بشفع ولا وتر ولكن بذات الذات كان ظهورها إذا ما تبدت في الدجا غرة الفجر ومن هذا الغرض قوله: مشاهدتي مغناك يا غايتي وقت فما أشتكى بعدًا وحبك لي نعت مقامي بقايي عاكفًا بجمالكم فكل مقام في الحقيقة لي تحت لئن حالت الأحول دون لقايكم فإني على حكم المحبة ما حلت وإن كان غيري في الهوى خان عهده فإني وأيم الله عهدي ما خنت وما لي رجًا غير نيل وصالكم ولا خوف إلا أن يكون له فوت نعم إن بدا من جانب الأنس بارق يحركني بسط به نحوكم طرت تواجدت حتى صار لي الوجد مشربا ولاح وجود للحقيقة إذ غبت فها أنا بين الصحو والمحو داير أقول فلا حرف هناك ولا صوت قصودي إليكم والورود عليكم ومنكم سهودي والوجود إذا عدمت وفي غيبتي عني حضوري لديكم وعند امتحان الرسم والمحو أثبت وفي فرقتي الباني بحق جمعتني وفي جمع جمعي في الحقيقة فرقت تجليته لي حتى دهشت مهابة ولما رددت اللحظ بالسر لي عشت موارد حق بل مواهب غاية إذا ما بدت تلك البوادة لي تهت لوايح أنوار تلوح وتختفي ولكن وميض البرق ليس له ثبت ومهمى بدت تلك الطوالع أدهشت وإن غيبت تلك اللوامع أظلمت وهيهات هيبات الجلال تردني وعند التجلي لا محالة دكدكت نسفن جبالي فهي قاع صفصف وليس يرى فيهن زيغ ولا أمت ولي أدمع أججن نار جوانحي ولي نفس لولاه من حبكم ذبت ألا فانظروا قلب العيان حقيقة فنايى ووجودي والحياة إذا مت مراتب في التلوين نلت جميعها وفي عالم التمكين عن كلها بنت ورود وشرب ثم لا أرى بعده لين كنت أروى من شرابك لا كنت شربت أكواس الوجود مدامة فلست أجلى عن ورود متى شبت وكيف وأقداح العوالم كلها ولكني من صاحب الدير أسكرت تعلق قوم بالأواني وإنني جمال المعاني لا المغاني علمت وأرضعت كأسًا لم تدنس بمزجها وقد نلتها صرفًا فيا لعمري ما ضعت شراب بها الأبرار طاب مزاجهم وأرضعتها صرفًا لأني قربت بها آدم نال الخلافة عندما تبدت له شمسًا لها نحوه سمت ونجت لنوح حين فر لفلكه ومن بان عن أسرارها عمد الموت وسار بها المختار سيري لربه إلى حيث لا فوق هناك ولا تحت هنيًا لمن قد أسكرته بعرفها لقد نال ما يبغي وساعده البخت ومن نثر الأستاذ الجليل أبي القاسم بن خلصون المترجم به قوله من رسالة: وصلني أيها الإبن النجيب المخلص الحبيب كتابك الناطق بخلوص ودك ورسوخ عهدك وتلك سجية لايقة بمجدك وشنشنة تعرف من والدك وجدك وصل الله أسباب سعدك وأنهض عزم سجية لايقة بمجدك وشنشنة تعرف من والدك وجدك وصل الله أسباب سعدك وأنهض عزم جدك بتوفيق جدك وبلغك من مأمولك أقصى قصدك فلتعلم أيها الحبيب أن جناني ينطوي لكم أكثر مما ينشره لساني. فإني مغري بشكركم وإن أعجمت ومفصح بجميل ذكركم وإن جمجمت لا جرم أن الوقت حكم بما حكم واستولى الهرج فاستحكم حتى انقطعت المسالك وعدم الوارد والسالك وذلك تمحيص من الله جار على قضية قسطه وتقليب لقلوب عباده بين إصبعي قبضه وبسطه حين مد على الخليقة ظل التلوين ولو شاء لجعله ساكنًا ثم جعل شمس المعرفة لأهل التمكين عليه دليلا باطنا ثم قبض كل الفرق عن خاصيته قبضًا يسيرًا حتى أطلع عليهم من الأنس بدرًا منيرًا. وإلى ذلك يا بني فإني أحمد الله تعإلى إليك على تشويقه إياك إلى مطالعة كتب المعارف وتعطشك للورود على بحر اللطايف. وإن الإمام أبا حامد رحمه الله لممن أحرز خصلها وأحكم فرعها وأصلها لا ينكر ذلك إلا حاسد ولا يأباه إلا متعسف جاحد. هذا وصفه رحمه الله فيما يخصه في ذاته. |
الساعة الآن 10:41 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |