![]() |
رد: وقفة مع آية قرآنية ومعنى
تفسير قوله تعالى : (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ )) اية 6 من سورة النور هذه الآية الكريمة فيها فرج للأزواج وزيادة مخرج إذا قذف أحدهم زوجته، وتعسّر عليه إقامة البينة أن يلاعنها كما أمر اللّه عزَّ وجلَّ، وهو أن يحضرها إلى الإمام فيدعي عليها بما رماها به، فيحلفه الحاكم أربع شهادات باللّه في مقابلة أربعة شهداء إنه لمن الصادقين: أي فيما رماها به من الزنا { والخامسة أن لعنة اللّه عليه إن كان من الكاذبين} فإذا قال ذلك بانت منه وحرمت عليه أبداً، ويعطيها مهرها ويتوجه عليها حد الزنا ، ولا يدرأ عنها العذاب إلا أن تلاعن، فتشهد أربع شهادات باللّه إنه لمن الكاذبين: أي فيما رماها به، { والخامسة أن غضب اللّه عليها إن كان من الصادقين} ، ولهذا قال: { ويدرأ عنها العذاب} يعني الحد، { أن تشهد أربع شهادات باللّه إنه لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب اللّه عليها إن كان من الصادقين} فخصها بالعضب، كما أن الغالب أن الرجل لا يتجشم فضحية أهله ورميها بالزنا إلا وهو صادق معذور وهي تعلم صدقه فيما رماها به، ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب اللّه عليها، والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه؛ ثم ذكر تعالى رأفته بخلقه ولطفه بهم فيما شرع لهم من الفرج والمخرج من شدة ما يكون بهم من الضيق، فقال تعالى: { ولولا فضل الله عليكم ورحمته} أي لحرجتم ولشق عليكم كثير من أموركم { وأن اللّه تواب} أي على عباده، وإن كان ذلك بعد الحلف والأيمان المغلظة { حكيم} فيما يشرعه ويأمر به وفيما ينهى عنه. عن ابن عباس قال: لما نزلت { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} ، قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار رضي اللّه عنه: أهكذا أنزلت يا رسول اللّه؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟) فقالوا: يا رسول اللّه لا تلمه، فإنه رجل غيور، واللّه ما تزوج امرأة قط إلا بكراً، وما طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته، فقال سعد: واللّه يا رسول اللّه إني لأعلم إنها لحق وأنها من اللّه، ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه، حتى آتي بأربعة شهداء، فواللّه إني لا آتي بهم حتى يقضي حاجته، قال: فما لبثوا إلا يسيراً حتى جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلاً، فرأى بعينيه وسمع بأذنيه، فلم يهيجه حتى أصبح فغدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلاً فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما جاء به واشتد عليه واجتمعت عليه الأنصار، وقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة، الآن يضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هلال بن أمية ويبطل شهادته في الناس، فقال هلال: واللّه إني لأرجو أن يجعل اللّه لي منها مخرجاً؛ وقال هلال: يا رسول اللّه فإني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به واللّه يعلم أني لصادق، فواللّه إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه إذا أنزل اللّه على رسوله صلى اللّه عليه وسلم الوحي، وكان إذا أنزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد وجهه، يعني فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي، فنزلت: { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات باللّه} الآية، فسري عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: (أبشر يا هلال فقد جعل اللّه لك فرجاً ومخرجاً)، فقال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي عزَّ وجلَّ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (فأرسلول إليها)، فأرسلول إليها فجاءت فتلاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عليهما فذكرهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، فقال هلال: واللّه يا رسول اللّه لقد صدقت عليها، فقال: كذب، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لاعنوا بينهما)، فقيل لهلال، اشهد، فشهد أربع شهادات باللّه إنه لمن الصادقين، فلما كانت الخامسة قيل له يا هلال اتق اللّه فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال: واللّه لا يعذبني اللّه عليها كما لم يجلدني عليها، فشهد في الخامسة أن لعنة اللّه عليه إن كان من الكاذبين، ثم قيل للمرأة: اشهدي أربع شهادات باللّه إنه لمن الكاذبين، وقيل لها عند الخامسة اتقي اللّه فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعة وهمت بالاعتراف، ثم قالت: واللّه لا أفضح قومي فشهدت في الخامسة أن غضب اللّه عليها إن كان من الصادقين؛ ففرق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى أن لا بيت لها عليه ولا قوت لها من أجل أنهما يفترقان من غير طلاق ولا متوفى عنها، وقال: (إن جاءت به أصهيب أريشح حمش الساقين فهو لهلال، وإن جاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الأليتين فهو للذي رميت به)، فجاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الأليتين، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لولا الأيمان لكان لي ولها شأن)، قال عكرمة: فكان بعد ذلك أميراً على مصر، وكان يدعى لأمه ولا يدعى لأب ""أخرجه الإمام أحمد وأبو داود بنحوه مختصراً"". ولهذا الحديث شواهد كثيرة في الصحاح وغيرها من وجوه كثيرة. |
رد: وقفة مع آية قرآنية ومعنى
جزاكم الله الجنة
بارك الله بك |
رد: وقفة مع آية قرآنية ومعنى
جزاك الله الفردوس الأعلى
كتب الله أجره بموازين حسناتك |
رد: وقفة مع آية قرآنية ومعنى
جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَالآرضْ بآرَكـَ الله فيكـ عَ آلمَوضوعْ آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـ بآلريآحينْ دمْت بـِ طآعَة الله ... |
رد: وقفة مع آية قرآنية ومعنى
تفسير الاية الكريمة : قول الله تعالى (( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ ُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )) النجم الاية رقم 32 يقول ابن كثيرفي تفسير الاية الكريمة : فَسَّرَ الْمُحْسِنِينَ بِأَنَّهُمْ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش أَيْ لَا يَتَعَاطَوْنَ الْمُحَرَّمَات الْكَبَائِر وَإِنْ وَقَعَ مِنْهُمْ بَعْض الصَّغَائِر فَإِنَّهُ يَغْفِر لَهُمْ وَيَسْتُر عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى " إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا" . وَقَالَ هَهُنَا " الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَم " وَهَذَا اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ اللَّمَم مِنْ صَغَائِر الذُّنُوب وَمُحَقَّرَات الْأَعْمَال ثم الحديث : رَأَيْت شَيْئًا أَشْبَه بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ اللَّه تَعَالَى كَتَبَ عَلَى اِبْن آدَم حَظّه مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْن النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَان النُّطْقُ وَالنَّفْس تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبهُ " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّزَّاق. وفي مجمع البيان يقول «إلا اللمم» منصوب على الاستثناء من الإثم و الفواحش لأن اللمم دونهما إلا أنه منهما. وفي تفسير الجلالين الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إلَّا اللَّمَم" هُوَ صِغَار الذُّنُوب كَالنَّظْرَةِ وَالْقُبْلَة وَاللَّمْسَة فَهُوَ اسْتِثْنَاء مُنْقَطِع وَالْمَعْنَى لَكِنَّ اللَّمَم يُغْفَر بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِر "إنَّ رَبّك وَاسِع الْمَغْفِرَة" بِذَلِكَ وَبِقَبُولِ التَّوْبَة وَنَزَلَ فِيمَنْ كَانَ يَقُول ويقول الطبري وَقَوْله : { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم } يَقُول : الَّذِينَ يَبْتَعِدُونَ عَنْ كَبَائِر الْإِثْم الَّتِي نَهَى اللَّه عَنْهَا وَحَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ فَلَا يَقْرَبُونَهَا. { وَالْفَوَاحِش } وَهِيَ الزِّنَا وَمَا أَشْبَهَهُ , مِمَّا أَوْجَبَ اللَّه فِيهِ حَدًّا. وَقَوْله : { إِلَّا اللَّمَم } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى " إِلَّا " فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع , وَقَالُوا : مَعْنَى الْكَلَام : الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش , إِلَّا اللَّمَم الَّذِي أَلَمُّوا بِهِ مِنْ الْإِثْم وَالْفَوَاحِش فِي الْجَاهِلِيَّة قَبْل الْإِسْلَام , فَإِنَّ اللَّه قَدْ عَفَا لَهُمْ عَنْهُ , فَلَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهِ . وحتى في الاحاديت التي تذكر في نفس الموضوع نجد ان المضمون للأية الكريمة هو : أن اللذين يجتنبون ويبتعدون عن كبائر الأثم والذنوب إلا بعض صغائر الذنوب وكما اتضح في الحديث فالعين زناها النظر .... الى أخر الحديث.وحتى ما ذكر في مجمع البيان يتضح أن اللمم هو ما دون (( كبائر الاثم )) أي هو صغائر الاثم . فالمقصود باللمم هي صغائر الذنوب والتي تنحت عن منزلة الكبائر . ولهؤلاء اللذين يفعلون هذه الصغائر من الذنوب فإن الله واسع المغفرة وهو يقبل توبة عباده التائبين وكما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (( كل ابن أدم خطاء وخير الخطاءين التوابين )) وهذا بناء على أن الله واسع المغفرة والرحمة بعباده. فاللذين يبتعدون عن كبائر الذنوب ولكنهم يرتكبون صغائرها فإن الله غفور , وبالطبع تأتي المغفرة بعد التوبة بشروطها الكاملة , حتى لا يعتمد عليها ضعاف النفوس في فعل المعاصي. وفي هذا رأي الإجماع بوضوح . والله أعلم .............................................. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم . الشرح ترتبط خيرية هذه الأمة ارتباطا وثيقا بدعوتها للحق ، وحمايتها للدين ، ومحاربتها للباطل ؛ ذلك أن قيامها بهذا الواجب يحقق لها التمكين في الأرض ، ورفع راية التوحيد ، وتحكيم شرع الله ودينه ، وهذا هو ما يميزها عن غيرها من الأمم ، ويجعل لها من المكانة ما ليس لغيرها ، ولذلك امتدحها الله تعالى في كتابه العزيز حين قال :{ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } ( آل عمران : 110 ) . وعلاوة على ذلك فإن في أداء هذا الواجب الرباني حماية لسفينة المجتمع من الغرق ، وحماية لصرحه من التصدع ، وحماية لهويته من الانحلال ، وإبقاء لسموه ورفعته ، وسببا للنصر على الأعداء والتمكين في الأرض ، والنجاة من عذاب الله وعقابه . ولخطورة هذه القضية وأهميتها ؛ ينبغي علينا أن نعرف طبيعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونعرف شروطه ومسائله المتعلقة به ؛ ومن هنا جاء هذا الحديث ليسهم في تكوين التصور الواضح تجاه هذه القضية ، ويبين لنا كيفية التعامل مع المنكر حين رؤيته . لقد بين الحديث أن إنكار المنكر على مراتب ثلاث : التغيير باليد ، والتغيير باللسان ، والتغيير بالقلب ، وهذه المراتب متعلقة بطبيعة هذا المنكر ونوعه ، وطبيعة القائم بالإنكار وشخصه ، فمن المنكرات ما يمكن تغييره مباشرة باليد ، ومن المنكرات ما يعجز المرء عن تغييره بيده دون لسانه ، وثالثة لا يُمكن تغييرها إلا بالقلب فحسب . فيجب إنكار المنكر باليد على كل من تمكّن من ذلك ، ولم يُؤدّ إنكاره إلى مفسدةٍ أكبر، وعليه : يجب على الوالي أن يغير المنكر إذا صدر من الرعيّة ، ويجب مثل ذلك على الأب في أهل بيته ، والمعلم في مدرسته ، والموظف في عمله ، وإذا قصّر أحدٌ في واجبه هذا فإنه مضيّع للأمانة ، ومن ضيّع الأمانة فقد أثم ، ولذلك جاءت نصوص كثيرة تنبّه المؤمنين على وجوب قيامهم بمسؤوليتهم الكاملة تجاه رعيتهم – والتي يدخل فيها إنكار المنكر - ، فقد روى الإمام البخاري و مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كلكم راع ومسؤول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته ) ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن عاقبة الذين يفرطون في هذه الأمانة فقال : ( ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة ) . فإذا عجز عن التغيير باليد ، فإنه ينتقل إلى الإنكار باللسان ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فإن لم يستطع فبلسانه ) ، فيذكّر العاصي بالله ، ويخوّفه من عقابه ، على الوجه الذي يراه مناسبا لطبيعة هذه المعصية وطبيعة صاحبها . فقد يكون التلميح كافيا – أحيانا - في هذا الباب ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ؟ ) ، وقد يقتضي المقام التصريح والتعنيف ، ولهذا جاءت في السنة أحداث ومواقف كان الإنكار فيها علناً ، كإنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد - رضي الله عنه - شفاعته في حد من حدود الله ، وإنكاره على من لبس خاتم الذهب من الرجال ، وغير ذلك مما تقتضي المصلحة إظهاره أمام الملأ. وإن عجز القائم بالإنكار عن إبداء نكيره فعلا وقولا ، فلا أقل من إنكار المنكر بالقلب ، وهذه هي المرتبة الثالثة ، وهي واجبة على كل أحد ، ولا يُعذر شخص بتركها ؛ لأنها مسألة قلبيّة لا يُتصوّر الإكراه على تركها ، أو العجز عن فعلها ، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد : جهادٌ بأيديكم ، ثم الجهاد بألسنتكم ، ثم الجهاد بقلوبكم ، فمتى لم يعرف قلبه المعروف وينكر قلبه المنكر انتكس " . وإذا ضيعت الأمة هذا الواجب بالكلية ، وأهملت العمل به ، عمت المنكرات في المجتمعات ، وشاع الفساد فيها ، وعندها تكون الأمة مهددة بنزول العقوبة الإلهية عليها ، واستحقاق الغضب والمقت من الله تعالى . والمتأمل في أحوال الأمم الغابرة ، يجد أن بقاءها كان مرهونا بأداء هذه الأمانة ، وقد جاء في القرآن الكريم ذكر شيء من أخبار تلك الأمم ، ومن أبرزها أمة بني إسرائيل التي قال الله فيها : { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون } ( المائدة : 78 – 79 ) . وتكمن خطورة التفريط في هذا الواجب ، أن يألف الناس المنكر ، ويزول في قلوبهم بغضه ، ثم ينتشر ويسري فيهم ، وتغرق سفينة المجتمع ، وينهدم صرحها ، وفي ذلك يضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا رائعا يوضح هذه الحقيقة ، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم ، فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ) رواه البخاري . إن هذا الواجب هو مسؤولية الجميع ، وكل فرد من هذه الأمة مطالب بأداء هذه المسؤولية على حسب طاقته ، والخير في هذه الأمة كثير ، بيد أننا بحاجة إلى المزيد من الجهود المباركة التي تحفظ للأمة بقاءها ، وتحول دون تصدع بنيانها ، وتزعزع أركانها. ღلااله الاالله––––•(-•♥♥•-)•––––محمدرسول اللهღ قال تعالى : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) الذين يحتمل أن يكون بدلا عن الذين أحسنوا وهو الظاهر ، وكأنه تعالى قال : ليجزي الذين أساءوا ويجزي الذين أحسنوا ، ويتبين به أن المحسن ليس ينفع الله بإحسانه شيئا ، وهو الذي لا يسيء ولا يرتكب القبيح الذي هو سيئة في نفسه عند ربه ، فالذين أحسنوا هم الذين اجتنبوا ولهم الحسنى ، وبهذا يتبين المسيء والمحسن ؛ لأن من لا يجتنب كبائر الإثم يكون مسيئا والذي يجتنبها يكون محسنا ، وعلى هذا ففيه لطيفة وهو أن المحسن لما كان هو من يجتنب الآثام فالذي يأتي بالنوافل يكون فوق المحسن ، لكن الله تعالى وعد المحسن بالزيادة ، فالذي فوقه يكون له زيادات فوقها وهم الذين لهم جزاء الضعف ، ويحتمل أن يكون ابتداء كلام تقديره الذين يجتنبون كبائر الإثم يغفر الله لهم ، والذي يدل عليه قوله تعالى : ( إن ربك واسع المغفرة ) [ النجم : 32 ] وعلى هذا تكون هذه الآية مع ما قبلها مبينة لحال المسيء والمحسن وحال من لم يحسن ولم يسئ وهم الذين لم يرتكبوا سيئة وإن لم تصدر منهم الحسنات ، وهم كالصبيان الذين لم يوجد فيهم شرائط التكليف ولهم الغفران وهو دون الحسنى ، ويظهر هذا بقوله تعالى بعده : ( هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة ) [ النجم : 32 ] أي يعلم الحالة التي لا إحسان فيها ولا إساءة ، كما علم من أساء وضل ومن أحسن واهتدى ، وفيه مسائل : المسألة الأولى : إذا كان بدلا عن الذين أحسنوا فلم خالف ما بعده بالمضي والاستقبال حيث قال تعالى : ( الذين أحسنوا ) وقال : ( الذين يجتنبون ) ولم يقل اجتنبوا ؟ نقول : هو كما يقول القائل الذين سألوني أعطيتهم ، الذين يترددون إلي سائلين أي الذين عادتهم التردد والسؤال سألوني وأعطيتهم فكذلك هاهنا قال : ( الذين يجتنبون ) أي الذين عادتهم ودأبهم الاجتناب لا الذين اجتنبوا مرة وقدموا عليها أخرى ، فإن قيل : في كثير من المواضع قال في الكبائر : ( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) [ الشورى : 37 ] وقال في عباد الطاغوت : ( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله ) [ الزمر : 17 ] فما الفرق ؟ نقول : عبادة الطاغوت راجعة إلى الاعتقاد والاعتقاد إذا وجد دام ظاهرا فمن اجتنبها اعتقد بطلانها فيستمر ، وأما مثل الشرب والزنا أمر يختلف أحوال الناس فيه فيتركه زمانا ويعود إليه ؛ ولهذا يستبرأ الفاسق إذا تاب ولا يستبرأ الكافر إذا أسلم ، فقال في الآثام : ( الذين يجتنبون ) دائما ، ويثابرون على الترك أبدا ، وفي عبادة الأصنام : ( اجتنبوا ) بصيغة الماضي ليكون أدل على الحصول ؛ ولأن كبائر الإثم لها عدد أنواع فينبغي أن يجتنب عن نوع ويجتنب عن آخر ويجتنب عن ثالث ، ففيه تكرر وتجدد فاستعمل فيه صيغة الاستقبال ، وعبادة الصنم أمر واحد متحد ، فترك فيه ذلك الاستعمال وأتى بصيغة الماضي الدالة على وقوع الاجتناب لها دفعة . المسألة الثانية : الكبائر جمع كبيرة وهي صفة فما الموصوف ؟ نقول : هي صفة الفعلة كأنه يقول : الفعلات الكبائر من الإثم ، فإن قيل : فما بال اختصاص الكبيرة بالذنوب في الاستعمال ، ولو قال قائل : الفعلة الكبيرة الحسنة لا يمنعه مانع ؟ نقول : الحسنة لا تكون كبيرة ؛ لأنها إذا قوبلت بما يجب أن يوجد من العبد في [ ص: 8 ] مقابلة نعم الله تعالى تكون في غاية الصغر ، ولولا أن الله يقبلها لكانت هباء لكن السيئة من العبد الذي أنعم الله عليه بأنواع النعم كبيرة ، ولولا فضل الله لكان الاشتغال بالأكل والشرب والإعراض عن عبادته سيئة ، ولكن الله غفر بعض السيئات وخفف بعضها . المسألة الثالثة : إذا ذكر الكبائر فما الفواحش بعدها ؟ نقول : الكبائر إشارة إلى ما فيها من مقدار السيئة ، والفواحش إشارة إلى ما فيها من وصف القبح كأنه قال : عظيمة المقادير قبيحة الصور ، والفاحش في اللغة مختص بالقبيح الخارج قبحه عن حد الخفاء ، وتركيب الحروف في التقاليب يدل عليه ، فإنك إذا قلبتها وقلت : حشف كان فيه معنى الرداءة الخارجة عن الحد ، ويقال : فحشت الناقة إذا وقفت على هيئة مخصوصة للبول ، فالفحش يلازمه القبح ، ولهذا لم يقل : الفواحش من الإثم وقال في الكبائر : ( كبائر الإثم ) لأن الكبائر إن لم يميزها بالإضافة إلى الإثم لما حصل المقصود بخلاف الفواحش . المسألة الرابعة : كثرت الأقاويل في الكبائر والفواحش ، فقيل : الكبائر ما أوعد الله عليه بالنار صريحا وظاهرا ، والفواحش ما أوجب عليه حدا في الدنيا ، وقيل : الكبائر ما يكفر مستحله ، وقيل : الكبائر ما لا يغفر الله لفاعله إلا بعد التوبة ، وهو على مذهب المعتزلة ، وكل هذه التعريفات تعريف الشيء بما هو مثله في الخفاء أو فوقه ، وقد ذكرنا أن الكبائر هي التي مقدارها عظيم ، والفواحش هي التي قبحها واضح ، فالكبيرة صفة عائدة إلى المقدار ، والفاحشة صفة عائدة إلى الكيفية ، كما يقال مثلا : في الأبرص علته بياض لطخة كبيرة ظاهرة اللون ، فالكبيرة لبيان الكمية والظهور لبيان الكيفية . وعلى هذا فنقول على ما قلنا : إن الأصل في كل معصية أن تكون كبيرة ؛ لأن نعم الله كثيرة ومخالفة المنعم سيئة عظيمة ، غير أن الله تعالى حط عن عباده الخطأ والنسيان ؛ لأنهما لا يدلان على ترك التعظيم ، إما لعمومه في العباد أو لكثرة وجوده منهم كالكذبة والغيبة مرة أو مرتين والنظرة والقبائح التي فيها شبهة ، فإن المجتنب عنها قليل في جميع الأعصار ؛ ولهذا قال أصحابنا : إن استماع الغناء الذي مع الأوتار يفسق به ، وإن استمعه من أهل بلدة لا يعتقدون أمر ذلك لا يفسق فعادت الصغيرة إلى ما ذكرنا من أن العقلاء إن لم يعدوه تاركا للتعظيم لا يكون مرتكبا للكبيرة ، وعلى هذا تختلف الأمور باختلاف الأوقات والأشخاص ، فالعالم المتقي إذا كان يتبع النساء أو يكثر من اللعب يكون مرتكبا للكبيرة ، والدلال والباعة والمتفرغ الذي لا شغل له لا يكون كذلك ، وكذلك اللعب وقت الصلاة ، واللعب في غير ذلك الوقت ، وعلى هذا كل ذنب كبيرة إلا ما علم المكلف أو ظن خروجه بفضل الله وعفوه عن الكبائر . المسألة الخامسة : في اللمم وفيه أقوال : أحدها : ما يقصده المؤمن ولا يحققه وهو على هذا القول من لم يلم إذا جمع فكأنه جمع عزمه وأجمع عليه . وثانيها : ما يأتي به المؤمن ويندم في الحال وهو من اللمم الذي هو مس من الجنون كأنه مسه وفارقه ويؤيد هذا قوله تعالى : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ) . ثالثها : اللمم الصغير من الذنب من ألم إذا نزل نزولا من غير لبث طويل ، ويقال : ألم بالطعام إذا قلل من أكله ، وعلى هذا فقوله : ( إلا اللمم ) يحتمل وجوها : أحدها : أن يكون ذلك استثناء من الفواحش وحينئذ فيه وجهان : أحدهما : استثناء منقطع ؛ لأن اللمم ليس من الفواحش . وثانيهما : غير منقطع لما بينا أن كل معصية إذا نظرت إلى جانب الله تعالى وما يجب أن يكون عليه فهي كبيرة وفاحشة ، ولهذا قال الله تعالى : ( وإذا فعلوا فاحشة ) [ الأعراف : 28 ] غير أن الله تعالى استثنى منها أمورا يقال : الفواحش كل معصية [ ص: 9 ] إلا ما استثناه الله تعالى منها ووعدنا بالعفو عنه . ثانيها : ( إلا ) بمعنى " غير " وتقديره " والفواحش غير اللمم " ، وهذا للوصف إن كان للتمييز كما يقال : الرجال غير أولي الإربة فاللمم عين الفاحشة ، وإن كان لغيره كما يقال : الرجال غير النساء جاءوني لتأكيد وبيان " فلا " . وثالثها : هو استثناء من الفعل الذي يدل عليه قوله : ( الذين يجتنبون ) لأن ذلك يدل على أنهم لا يقربونه فكأنه قال : لا يقربونه إلا مقاربة من غير مواقعة وهو اللمم . |
رد: وقفة مع آية قرآنية ومعنى
تفسير قول الله تعالى : ((إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)) الاية رقم 10 سورة المجادلة كان بين النبي صلى اللّه عليه وسلم وبين اليهود موادعة، وكانوا إذا مر بهم الرجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم جلسوا يتناجون بينهم، حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن، فإذا رأى ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم، فنهاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم عن النجوى، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى، فأنزل اللّه تعالى: { ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه} روي هذا عن مجاهد ومقاتل بن حيان وقوله تعالى: { ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول} أي يتحدثون فيما بينهم بالإثم وهو ما يختص بهم، { العدوان} وهو ما يتعلق بغيرهم، ومنه معصية الرسول ومخالفته، يصرون عليها ويتواصون بها، وقوله تعالى: { وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به اللّه} . عن عائشة قالت: دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يهود، فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، فقالت عائشة: وعليكم السام، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:(ياعائشة إن اللّه لا يحب الفحش ولا التفحش) قلت: ألا تسمعهم يقولون: السام عليك؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:(أو سمعت ما أقول وعليكم؟) فأنزل اللّه تعالى: { وأذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به اللّه} ""أخرجه ابن أبي حاتم"". وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم: عليكم السام والذام واللعنة، وأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (إنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا) وروى ابن جرير، عن أنس بن مالك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه إذ أتى عليهم يهودي، فسلم عليهم فردوا عليه، فقال نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم:(هل تدرون ما قال؟) قالوا: سلم يا رسول اللّه، قال:(بل قال: سام عليكم) أي تسامون دينكم، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:(ردوه) فردوه عليه، فقال نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم :(أقلت سام عليكم؟) قال: نعم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :(إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: عليك) ""أصله في الصحيحين، وهذا الحديث روي عن عائشة في الصحيح بنحوه""، أي عليك ما قلت.وقوله تعالى: { ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا اللّه بما نقول} أي يفعلون هذا ويقولون في أنفسهم لو كان هذا نبياً لعذبنا اللّه بما نقول له في الباطن لأن اللّه يعلم ما نسره، فلو كان هذا نبياً حقاً لأوشك اللّه أن يعاجلنا بالعقوبة في الدنيا، فقال اللّه تعالى: { حسبهم جهنم} أي جهنم كفايتهم في الدار الآخرة { يصلونها فبئس المصير} ، عن عبد اللّه بن عمرو: أن اليهود كانوا يقولون لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: سام عليك، ثم يقولون في أنفسهم: لولا يعذبنا اللّه بما نقول؟ فنزلت هذه الآية: { وأذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به اللّه ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا اللّه بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير} ""أخرجه الإمام أحمد"". وقال ابن عباس: كان المنافقون يقولون لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا حيوه: سام عليك، قال اللّه تعالى: { حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير} ، ثم قال تعالى مؤدباً عباده المؤمنين أن لا يكونوا مثل الكفرة والمنافقين: { يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول} أي كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مالأهم على ضلالهم من المنافقين، { وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا اللّه الذي إليه تحشرون} أي فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي قد أحصاها عليكم وسيجزيكم بها، روى الإمام أحمد عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذاً بيد ابن عمر إذ عرض له رجل، فقال: كيف سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة؟ قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول:(إن اللّه يدني المؤمن فيضع عليه كتفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه، ويقول له أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أن قد هلك، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة اللّه على الظالمين) ""أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة"". ثم قال تعالى: { إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن اللّه وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون} أي إنما النجوى وهي المسارة حيث يتوهم مؤمن بها سوءاً، { من الشيطان ليحزن الذين آمنوا} يعني إنما يصدر هذا من المتناجين عن تسويل الشيطان وتزيينه { ليحزن الذين آمنوا} أي ليسوءهم وليس ذلك { بضارهم شيئاً إلا بإذن اللّه} ومن أحسّ من ذلك شيئاً فليستعذ باللّه وليتوكل على اللّه، فإنه لا يضره شيء بإذن اللّه، وقد وردت السنة بالنهي عن التناجي حيث يكون في ذلك تأذ على مؤمن، كما روى ابن مسعود، قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه) ""أخرجه الشيخان من حديث ابن مسعود"". |
رد: وقفة مع آية قرآنية ومعنى
بارك الله بك اخي ايمن جابر
جزاك الله الجنة |
رد: وقفة مع آية قرآنية ومعنى
كل سنة وانت طيب
تهانينا بالعيد السعيد |
رد: وقفة مع آية قرآنية ومعنى
تفسير الآية 114 من سورة النساء ( لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) يقول العلامة السعدي فى تفسيره:- أي: لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون، وإذا لم يكن فيه خير ، فإما فائدة فيه كفضول الكلام المباح وإما شر ومضرة محضة ، كالكلام المحرم بجميع أنواعه . ثم استثنى تعالى : "الامن امر بصدقة " من مال او علم ، او أي : نفع كان ، بل لعله يدخل فيه العبادات القاصرة ، كالتسبيح والتحميد ، ونحوه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " ان بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، أمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر ، وفي بضع احدكم صدقة " الحديث . "او معروف " هو الإحسان والطاعة ، وكل ما عرف في الشرع حسنه ، وإذا أطلق الأمر بالمعروف من غير أن يقرن بالنهي عن المنكر دخل فيه النهي عن المنكر ، ذلك لان ترك المنهيات من المعروف ، وأيضا لا يتم فعل الخير إلا بترك الشر . أما عند الاقتران ، فيفسر المعروف بفعل المأمور ، والمنكر بترك النهي . " او إصلاح بين الناس " والإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين متخاصمين ، والنزاع والخصام والتغاضب ، يوجب من الشر والفرقة ما لايمكن حصره ، فذلك حث الشارع على الاصلاح بين الناس في الدماء والأموال والأعراض ، بل وفي الاديان، كما قال تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا" وقال تعالى :" وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما ، فان بغت احداهما على فقاتلوا التى تبغى حتى تفيء الى امر الله "الاية . وقال تعالى : " والصلح الخير " والساعي في الإصلاح بين الناس افضل من القانت بالصلاة ،والصيام والصدقة ، والمصلح لابد ان يصلح الله سعيه و عمله . كما ان الساعي في الافساد لايصلح الله عمله ، ولايتم له مقصوده كما قال تعالى " ان الله لايصلح عمل المفسدين " . فهذه الاشياء حيثما فعلت فهي خير ، كما دل على ذلك الاستثناء. ولكن كمال الأجر وتمامه بحسب النية و الإخلاص ، ولهذا قال :" ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف يؤتيه أجرا عظيما" فلهذا يبتغى للعبد ان يقصد وجه الله تعالى ويخلص العمل لله في كل وقت، وفي كل جزء من اجزاء الخير ،ليحصل له بذلك الأجر العظيم ، وليتعود الاخلاص ، فيكون من المخلصين ، وليتم له الأجر ، سواء تم مقصوده أم لا ، لان النية حصلت ، واقترن بها ما يمكن من العمل . انتهي تفسير السعدي . هذه الآية من الآيات العظيمة وذات المنافع الجليلة والتى أكثر العلماء من الاستدلال بها فى أفعال الخيرا وقد ذكر الشيخ محمد المنجد فى أحد دروسه فوائد كثيرة من تلك الآية منها على سبيل الذكر لا الحصر :- 1- أن فيها أمر بكل أنواع الصدقة (التصدق على النفس والغير , والتصدق بالمال والعلم والجاه ) 2- فيها الحث على المبادرة على فعل الخيرات من صدقة وامر بالمعروف واصلاح ذات البين , وذلك خشية فوات وقتها أو العجز عن اتيانها إذا ما اجلت , والترغيب فيها بعظيم الأجر فى الدنيا والأخرة . 3- فيها فضل الاصلاح بين الناس , وفضل الاعمال المتعدية النفع عموما , ولما فى الاصلاح بين الناس من حفظ للأموال والأعراض . 4- وفيها أنه ينبغي على المرء قصد وجه الله تعالى فى كل وقت وفي كل عمل من أعمال الخير والبر 5- وفيها أن من أراد الخير يؤجر عليه بثواب عظيم فى الآخرة , سواء ظهرت نتيجة عمله أم لم تظهر , مادام محتسبا للأجر عند الله . 6- فيها فضل بذل المال وفضل بذل الجهد لإزالة فساد ذات البين والاعتناء بها من بين عامة أعمال البر 7- وفي مضامين الآية دلالة على شرف العلم والعمل به . 8- وفيها رعاية أحوال القلب فى الأعمال لقوله (ابتغاء مرضات الله ) فقد روعي أمر الاخلاص عند فعل الخيرا لله تعالى . 9- وفيها تصفية النفوس عن الامتثال لغير الله عند عمل الخير . 10- وفيها الحذر مما يكون فى الاجتماعات السرية لما يشتمل كثير منها من العمل بالسوء والحض عليه , ويستثني من ذلك ما كان فيه مصلحة مباحة لعموم المسلمين او بعض أفرادهم كالتناجي والاسرار فى ما يخص أسرار الشركات والمصانع وأسرار المنتجات وخلافه وأمثلة ذلك يكون الاسرار فيها محمود . 11- وفيها حماية المجتمع الاسلامي من تدبير الخيانات واخفاء الشرور وايقاع الحزن بين نفوس أفراده وذلك بمنع النجوي وتحريمها إلا فى أمور الخير المذكورة . 12- ومنها أخذ الحيطة والحذر من المتسارين لأن نجواهم يغلب عليها الشر . 13- ومنها فضل التقرب لله بالأعمال الصالحة , وابتغاء الزلفي اليه فيها . 14- الحرص على مجامع الخيرات كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 15- الأعمال الجليل الصالحة لا يستفاد منها إلا بالإخلاص 16- فيها أيضا فضل تشاور المؤمنين مع بعضهم فى أعمال الخير 17- فيها ان كثيرا من اعمال البر تحتاج الى تعاون بين المسلمين . 18- وفيها حث لمن له قوة ومكانة وسلطان على استعمال مكانته فى الأمر بالخير وحمل الناس عليه (لقوله :-(إلا من أمر ) 19- فيها دلالة على خيرية من يأمر بفعل الخيرات , وأن هناك آمر بها وآخر فاعل لها , والدلالة على الثناء على كليهما وعلى علو منزلة من جمع بين الوجهين . 20- منها الدلالة على فضل الجمع بين أوجه الخير الثلاثة المذكورة لقوله (ومن يفعل ذلك) وقد يقصد بها من فعل وجها من تلك الوجوه فله أجر عظيم أيضا , ولكن الجمع أولى وأعظم . 21- الحذر مما لا فائدة فيها من التناجي وفضول الكلام المباح , لأن الاستثناء جاء لأعمال الخير والأمر بها . 22- أن الأصل والقاعدة هو الاعلان والافصاح عن أمور الخير فلا يلجأ فيها الى التناجي إلا إذل غلبت المصلحة من وراء الاسرار فيها . 23- ومنها ان الاختلاط والاجتماع على الخير مقدم على العزلة فيه . 24- يفهم من الآية أن نفي الشيء اثبات لضده (غالبا) لقوله تعالى (لا خير في كثير ) فيه اثبات للشر , أي أن الشر كل الشر فى كثير من التناجي 25- كذلك الأمر بالشيء نهي عن ضده :- لقوله تعالى (أو معروف ) فإن الأمر بالمعروف يستلزم نهي عن المنكر فى نفس الوقت , فأنت حين تأمر بالصلاة فإنك تنهي عن تركها والله أعلم . 26- قوله تعالى (فسوف نؤتيه ) الإيتاء يكون فى المستقبل البعيد والمقصود به فى الآخرة , وفي ذلك دلالة على عظيم الأجر فى الآخرة لحقارة الدنيا مقارنة بعظم الثواب فى الآخرة , وفي قراءة أخري جاءت لفظة (نؤته) بدل (نؤتيه) وهي صحيحة ولكنها تدل على قرب الثواب فى الدنيا وهو تفسير جائز للآية . 27- التحذير من آفات اللسان والوقوع فيها (لا خير في كثير من نجواهم ) 28- فضل الصدقة لما فيها من تزكية المال وتطهير النفس من آفة الشح ولما فيها من نفع متعدي للآخرين وتكافل بين المسلين . 29- فيها فضل الصدقة على الاصلاح بين الناس لما فيها من بذل المحبوب الذي تتعلق به النفس وهو المال . ويفهم من ذلك أن (تقديم المنفعة للناس ) مقدم على ( إزالة الضرر عنهم) والجمع بين ذلك كله اعظم ثوابا . 30- وفيها السعي فى التأليف بين قلوب المسلمين بالمودة والحرص على ذلك ولو احتيج الى الكذب 31- تقديم الصدقة على الأمر بالمعروف , ويفهم ذلك من سياق الآية الكريم . 32- قوله تعالى (ومن يفعل ذلك ) :- ذلك --- اسم اشارة للبعيد دلالة على ارتفاع منزلة ورفعة شأن هذه الأسماء والاعمال . 33- حث المؤمنين على طلب الجزاء فى الآخرة لأن الدنيا أحقر من أن ينتظر فيها جزاء وأن يكون جزاء الله محصورا فيها |
رد: وقفة مع آية قرآنية ومعنى
جزاكم الله خيرا موضوع قيم جدا بارك الله بك |
الساعة الآن 07:56 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |