منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   لغتنا العربية (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=104)
-   -   تابع معنا كتاب مجمع الأمثال (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=4589)

B-happy 3 - 3 - 2010 10:23 PM



2410- عَوْدٌ يُقَلَّحُ
العَوْد‏:‏ البعير المُسِنُّ، يُقَال‏:‏ عَوَّد تعويداً إذا صار عَوْداً، وهو السِّنُّ بعد البُزُول بأربع سنين، ويقَال ‏"‏سُودَدٌ عَوْد‏"‏ أي قديم، وينشد‏:‏
هَلِ المجدُ إلاَّ السُّودَدُ العَوْدُ وَالنَّدَى * وَرَأبُ الثَّأى وَالصَّبْرُ عِنْدَ المَوَاطِنِ
والتلقيح‏:‏ إزالة القَلَح وهو خُضْرة أسنانها وصفرة أسنان الإنسان‏.‏
يضرب للمُسِنِّ يُؤَدَّبُ ويُرَاض ‏[‏ص 12‏]‏
2411- عَوْدٌ يُعَلَّمُ العَنْجَ
العَنْج بتسكين النون ضرب من رياضة البعير، وهو أن يَجْذِب الراكب خِطامه فيرده على رجليه، يُقَال عَنَجَه يَعْنِجُه، والعَنَج‏:‏ الاسم، ومعنى المثل كالأول في أنه جَلَّ عن الرياضة كما جل ذلك عن التلقيح، وذلك أن العَنْج إنما يكون للبَكَارة، فأما العِوَدَةُ فلا تحتاج إليه
2412- عَرَضَ عَلىَّ الأمْرَ سَوْمَ عَالَّةٍ‏.‏
قَال الأَصمَعي‏:‏ أصلُه في الإبل التي قد نَهِلَت في الشرب ثم علَّت الثانية، فهي عالَّة؛ فتلك لا يعرض عليها الماء عرضاً يبالغ فيه، ويُقَال‏:‏ سَامَهُ سَوْمَ عالَّة، إذا عرض عليه عرضاً ضعيفاً غير مبـالَغ فيه، والتقدير‏:‏ عرض علىَّ الأمر عَرْضَ عالَّة، ولكن لما تضمن العَرضُ معنى التكليف جعل السوم له مصدراً، فكأنه قَال‏:‏ عرض على الأمر فسَامني ما يُسَام الإبل التي عَـلَّت بعد النَّهَلِ ومن روى ‏"‏سامني الأمر سَوْمَ عالةٍ‏"‏، كان على اللقم الواضح‏.‏
2413- أَعْطَانِي اللَّفَاءَ غَيْرَ الوَفَاءِ
اللَّفاء‏:‏ الخسيس، والوَفاء‏:‏ التام‏.‏ يضرب لمن يَبْخَسُك حَقَّكَ ويظلمك فيه‏.‏
2414- عَرَفَ حُمْيق جَمَلَهُ
أي عرف هذا القدر وإن كان أحمق، ويروى ‏"‏عرف حميقاً جملُه‏"‏ أي أن جمله عرفه فاجترأ عليه‏.‏
يضرب في الإفراط في مؤانسة الناس ويقَال‏:‏ مَعنَاهُ عَرَفَ قَدْرهُ، ويُقَال
يضرب لمن يستضعف أنساناً ويُولَعُ به فلا يزال يؤذيه ويظلمه‏.‏
2415- عَجَبَاً تُحَدِثُ أَيُّها العَوْدُ
يضرب لمن يكذب وقَدّ أسَنَّ أي لا يَجْمُلُ الكذبُ بالشيخ، ونصب عجباً على المصدر أي تحدث حديثاً عجباً
2416- أَعْدَيْتِنِي فَمَنْ أَعْدَاكِ
أصل هذا أن لصاً تَبِعَ رجلاً معه مال وهو على ناقة له، فتثاءب اللص فتثاءبت الناقة، فتثاءب راكبها، ثم قَال للناقة‏:‏ أعْدَيتِنِي فمن أعداك‏؟‏ وأحسَّ باللص فحذره ورَكضَ ناقته‏.‏
يضرب في عدوى الشر‏.‏
والعرب تقول أعدى من الثَّؤَباء من العدوى‏.‏
2417- العُنوقَ بَعْدَ النُّوقِ
العَنَاق‏:‏ الأنثى من أولاد المعز، وجمعه عنوق، وهو جمع نادر، والنوق‏:‏ جمع ناقة‏.‏ ‏[‏ص 13‏]‏
يضرب لمن كانت له حال حسنة ثم ساءت‏.‏ أي كنت صاحب نُوقَ فصِرْتَ صاحبّ عُنوُق‏.‏
2418- العَيْرُ أَوْقَى لِدَمِهِ
يضرب للموصوف بالحذر‏.‏ وذلك أنهُ ليس شَيء من الصيد يحْذَر حَذَرَ العير إذا طلب‏.‏
ويقَال‏:‏ هذا المثل لزرقاء اليمامة لما نظرت إلى الجيش، وكان كل فارس منهم قد تناول غُصْنَاً من شجرة يستتر به، فلما نظرت إليه قَالت‏:‏ لَقَد مَشَى الشَجَرُ، ولقد جائتكم حمير، فكذبوها، ونظرت إلى عَيْرٍ قد نَفَر من الجيش، فَقَالت‏:‏ العير أوقى لدمه، من راعٍ في غَنَمِه، فذهبت مَثَلاً‏.‏
2419- عَيْرٌ بِعَيْرٍ وَزِيادَةُ عَشَرَةٍ
قَال أبو عبيدة‏:‏ هذا مثل لأَهل الشام ليس يتكلم به غيرهم، وأصلُ هذا أن خلفاءهم كلما مات منهم واحد وقَام آخر زادهم عشرة في أعطياتهم؛ فكانوا يقولون عند ذلك هذا، والمراد بالعَيْر ههنا السيد‏.‏
2420- عَيْرٌ عَارَهُ وَتِدُهُ
عَارَهُ‏:‏ أي أهلكه، ومنه قولهم‏:‏ ما أدرِي أي الجراد عَارهُ، أي أيُّ الناس ذهب به، يُقَال‏:‏ عَارَهُ يعورَهُ و يَعِيره، أي ذهب به وأهلكه، وأصل المثل أن رجلاً أشفقَ على حماره فربَطَه إلى وَتِد، فهجمَ عليه السبع فلم يمكنه الفرار فأهلكه ما احترس له به‏.‏
2421- عَيْرٌ رَكَضَتْهُ أُمُهُ
ويروى رَكَلَته أمه يضرب لمن يظلمه ناصرُهُ‏.‏
2422- عُيَيْرُ وَحْدِهِ
يضرب لمن لا يخالط الناس‏.‏ وقَال بعضهم‏:‏ أي يُعَاير الناس والأمورَ ويَقيسها بنفسه من غير أن يشاور، وكذلك جُحَيْشُ وَحْدِهِ ويقَال جُحَيْشُ نفسه والكلام في‏"‏ وَحْدَه‏"‏ يجيء مستقصيً عند قولهم ‏"‏هو نسيجُ وَحْدِهِ‏"‏ إن شاء الله تعالى‏.‏
2423- عِنْدَ النِّطَاحِ يُغْلَبُ الكَبْشُ الأجَمُّ
ويقَال أيضاً ‏"‏التَّيسُ الأجَمُّ‏"‏ وهو الذي لا قَرْنَ له‏.‏
يضرب لمن غَلَبه صاحبه بما أعدَّ له‏.‏
2424- عَنْزٌ بِهَا كلُ داءٍ
يضرب للكثير العُيُوبِ من الناس والدوابِّ‏.‏ ‏[‏ص 14‏]‏
قَال الفَزَاري‏:‏ للمِعْزَى تسعة وتسعون داء، وراعي السوء يوفيها مائة‏.‏
2425- عِيثِي جَعَارٍ
قَال أبو عمرو‏:‏ يقَال للضبع إذا وقعت في الغنم أفْرَعْتِ في قَرَاري، كأنما ضِراري، ‏"‏أردتِ يا جَعَار القرار‏:‏ الغنم، وأفرعَ‏:‏ أراق الدم، من الفرَع، وهو أول ولد تنتجه الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم، يُقَال‏:‏ أفرَعَ القوم إذا ذبحوه، وقَال الخليل‏:‏ لكثرة جعرها سُمِّيت جَعَار، يعني الضبعَ، قَال الشاعر‏:‏
فَقُلْتُ لَها عِيثِي جَعَارِ، وأبشِري * بلَحْمِ امرئٍ لم يَشْهَدِ اليوم نَاصِرُه
قَال المبرد‏:‏ لما أتى عبد الله بن الزبير قتلُ أخيه مُصْعب قَال‏:‏ أشَهِدَه المهلَّبُ بن أبي صُفْرة‏؟‏ قَالوا لا، قَال‏:‏ أفشهده عباد بن الحصين الحبطي‏؟‏ قَالوا‏:‏ لا، قَالَ‏:‏ أفشهده عبد الله بن حازم السلمى‏؟‏ قَالوا‏:‏ لا، فتمثل بهذا البيت‏:‏
فقلتُ لها عِيثِي جَعَارِ وأبشري*
2426- عَرَضَ عَلَيه خَصْلَتَي الضُّبُعِ
إذا خَيَّره بين خصلتين ليس في واحدة منهما خيار، وهما شَيء واحد، تقول العرب في أحاديثها‏:‏ إن الضبع صادت ثعلباً، فَقَال، لها الثعلب‏:‏ مُنِّى علىَّ أم عامر، فَقَالت‏:‏ أخيرك بين خصلتين فاختر أيهما شَئت، فَقَال‏:‏ وما هما ‏؟‏ فَقَالت‏:‏ إما أن آكلك، وإما أن أمزقك، فَقَال لها الثعلب‏:‏ أما تذكرين يوم نكحتك‏؟‏ قَالت‏:‏ متى‏؟‏ وفتحت فاها فأفْلَتَ الثعلب‏.‏
2427- عَلَى أََهْلِهاَ تَجْنىِ بَرَاقشُ
كانت بَرَاقشُ كلبةً لقومٍ من العرب، فأغير عليهم، فهَرَبُوا ومعهم بَرَاقش، فاتبع القومُ آثارَهُم بنُبَاح بَرَاقش، فهجموا عليهم فاصطلموهم، قَال حمزة بن بيض‏:‏
لم تكن عن جناية لَحِقَتْنِي * لا يَساري ولا يَمينِي رَمَتْنِي
بل جَنَاها أخٌ عليَّ كريمٌ * وعلى أهلها بَرَاقِشُ تَجْنِي
وروى يونس بن حبيب عن أبي عمرو بن العلاء قَال‏:‏ إن براقش امرَأة كانت لبعض الملوك، فسافر الملك واستخلفها، وكان لهم موضع إذا فَزِعوا دخَّنُوا فيه، فإذا أبصره الجند اجتمعوا، وإن جواريها عبثن ليلة فَدخَّنَّ فجاء الجند، فلما اجتمعوا قَال لها نصحاؤها‏:‏ إنك إن رَدّدْتهم ولم تستعمليهم في شَيء ودخّنتهم مرة أخرى لم يأتِكِ منهم أحد، فأمرتهم فبنوا بناء دون دارها، فلما جاء الملك، سَألَ عنْ البِناءَ فأخبروه بالقصة، ‏[‏ص 15‏]‏ فَقَال‏:‏ على أهْهِا ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ تَجنىِ بَرَاقش، فصارت مَثَلاً وقَال الشرقي بن القطَامى‏:‏ براقش امرَأة لقمان بن عاد، وكان لقمان من بني ضد، وكانوا لا يأكلون لحوم الإبل، فأصاب من براقش غلاما، فنزل مع لقمان في بني أبيها، فأولموا ونَحَرُوا الجزر، فراح بن براقش إلى أبيه بعرقَ من جزور، فأكله لقمان، فَقَال‏:‏ يا بني ما هذا‏؟‏ فما تَعَرَّقْتُ قط طيباً مثله، فَقَال‏:‏ جذور نَحَرَها أخوالي فَقَال‏:‏ وإن لحوم الإبل في الطيب كما أرى‏؟‏ فَقَالت براقش‏:‏ جَمِّلْنَا واجْتْمِلْ، فأرسلتها مَثَلاً، و الجميل الشحْمُ المُذَاب، ومعنى جَمِّلْنا أي أطْعِمْنَا الجميل، واجْتَملْ‏:‏ أي أُطْعم أنت نفُسك منه، وكانت براقش أكثر قومها إبلا فأقبل لقمان على إبلها فأسرع فيها وفي إبل قومها، وفَعَلَ ذلك بنو أبيه لما أكلوا لحوم الجزور، فقيل‏:‏ على أهلها تجنى براقش يضرب لمن يعمل عملا يرجع ضرره إليه
2428- عَجِلَتْ الكَلْبَةُ أنْ تَلِدَ ذَا عَيْنَينَ
وذلك أن الكبةُ تُسرع الولادة حتى تأتي بولد لا يبصر، ولو تأخر ولادها لخرج الولد وقد فتح يضرب للمستَعْجِل عن أن يستتَّم حاجته
2429- عَلِقَتْ مَعَالِقِهَا وَصَرَّ الجُنْدَبُ
أي قد وجب الأمر ونَشِبَ، فجزع الضعيف من القوم‏.‏ وأصله أن رجلاً انتهى إلى بئر وعلَّقَ رِشاءه برشائها، ثم صار إلى صاحب البئر فادعى جواره، فَقَال له‏:‏ وما سبب ذلك‏؟‏ قَال‏:‏ علقتُ رِشائي برشائك، فأبى صاحب البئر وأمره بالرحيل، فَقَال‏:‏ عَلِقَتْ معالقَهَا وصر الجندب، أي جاء الحر، ولا يمكنني الرحيلَّ قَالَ ابن الأَعرابي‏:‏ رأى رجل امرَأة سَبْطَة تامةً فخطبها فأنْكِحَ، ثم هديت إليه امرَأة قَمِيئة، فَقَال‏:‏ ليست هذه التي تزوجتها، فَقَالت المزفوفة‏:‏ عَلِقَتْ معَالِقَها وصر الجندبُ، يعني وقع الأمر‏.‏
وعَلِقَ‏:‏ بمعنى تعلَّقَ، والمعالق‏:‏ يجوز أن يكون جمع معلق، وهو موضع العلوق، ويجوز أن يكون جميع متعلقَ بمعنى موضع التعلق، والتاء في علقت يجوز أن تكون كناية عن الدلو، ويجوز أن تكون كناية عن الأرْشِيَةِ‏:‏ أي تعلَّقَتِ الأرْشِيَةُ بمواضع تعلقها‏.‏
2430- عَنْدَ الله لَحْمُ حُبَارَياتٍ
و‏"‏عند الله لحمُ قَطاً سمان‏"‏ يتمثل به في الشَيء يُتَمَنَّى ولا يوصل إليه‏.‏ ‏[‏ص 16‏]‏
2431- العُقُوقَ ثُكْلُ مَنْ لَمْ يَثْكَلْ
أي‏:‏ إذا عَقَّه ولدُه فقد ثَكِلهم وإن كانوا أحياء، قَالَ أبو عبيد‏:‏ هذا في عُقُوقَ الولد للوالد، وأما قطيعة الرحم من الوالد للولد فقولهم المُلْكُ عَقِيم يريدون أن المَلِكَ لو نازعه ولدُه المُلْكَ لقطع رحمه وأهلكه، حتى كأنه عَقيم لم يولد له‏.‏
2432- عَشِّ وَلا تَغْتَرَّ
أصل المثل فيما يُقَال أن رجلا أراد أن يُفَوِّزَ بإبله ليلا، واتّكَل على عشب يجده هناك، فقيل له‏:‏ عّشِّ ولا تَغْتَر بما لست منه على يقين، ويروى أن رجلاً أتى ابن عمر وابن عباس وابن الزبير رحمهم الله تعالى، فَقَال‏:‏ كما لا ينفع مع الشرك عمل كذلك لا يضر مع الإيمان ذنب، فكلهم قَال‏:‏ عّشِّ ولا تّغْتَر، يقولون‏:‏ لا تُفَرِّطْ في أعمال الخير وخُذْ في ذلك بأوثقَ الأمور، فإن كان الشأن على ما ترجو من الرُّخصَة والسَّعة هناك كان ما كسبت زيادةً في الخير، وإن كان على ما تخاف كنت قد احْتَطْتَ لنفسك
2433- عِشْ رَجَباً تَرَ عَجَباً
قَالوا من حديثه‏:‏ إن الحارث بن عُبَاد بن قيس بن ثَعْلَبة طلَّق بَعض نسائه من بعد ما أسنَّ وخَرِف، فخَلَفَ عليها بعده رجل كانت تُظْهر له من الوَجْدِ به مالم تكن تظهر للحارث، فلقي زوجُها الحارثَ فأخبره بمنزلته منها، فَقَال الحارث‏:‏ عِشْ رَجَباً تَرَ عَجَباً، فأرسلها مَثَلاً‏.‏ قَال أبو الحسن الطوسي‏:‏ يريد عِشْ رَجَباً بعد رجب، فحذف، وقيل‏:‏ رجب كناية عن السَّنَة لأنه يحدث بحدوثها، ومن نَظَر في سنةٍ واحدة ورأى تغير فصولها قاس الدهر كله عليها، فكأنه قَال‏:‏ عِشْ دهراً تَرَ عجائب، وعيش الإنسان ليس إليه، فيصح له الأمر به، ولكنه محمول على معنى الشرط، أي‏:‏ إن تَعِشْ تَرَ، والأمر يتضمن هذا المعنى في قولك‏:‏ زُرْنِي أُكْرِمْكَ
2434- عَلَى مَا خَيَلَتْ وَعْثُ القَصِيْم
أي‏:‏ لأركبَنَّ الأمرَ على ما فيه من الهول‏.‏ والقصيم‏:‏ الرملُ، والوعث المكان السهل الكثير الرمل تَغِيبُ فيه الأقدام، ويشقَ المَشْيُ فيه، وقوله ‏"‏على ما خيلت‏"‏ أي على ما شَبَهَتْ، من قولهم‏:‏ فلان يمضي على المخَيَّلِ أي على ما خيلت أي على غَرَر من غير يقين والتاء في ‏"‏خيلت‏"‏ للوعث، وهو جمع وَعْثَة، ‏"‏وعلى‏"‏ من صِلَة فعل محذوف أي أمضي على ما خيلت‏.‏ ‏[‏ص 17‏]‏
2435- عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤساً
الغُوَيْر‏:‏ تصغير غَارٍ، والأبؤس‏:‏ جمع بُؤْس، وهو الشدة‏.‏ وأصل هذا المثل فيما يُقَال من قول الزبَّاء حين قَالت لقومها عند رجوع قَصير من العراقَ ومعه الرجال وبات بالغُوَير على طريقه ‏"‏عَسَى الغُويرُ أبؤسا‏"‏ أي لعل الشرَّ يأتيكم من قبل الغار‏.‏ وجاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يحمل لَقِيطاً فَقَال عمر ‏"‏عسى الغوير أبؤسا‏"‏ قَال ابن الأعرابي‏:‏ إنما عَرَّض بالرجل، أي لعلك صاحب هذا اللقيط، قَال‏:‏ ونصب ‏"‏أبؤسا‏"‏ على معنى عسى الغوير يصير أبؤسا، ويجوز أن يقدَّر عسى الغوير أن يكون أبؤسا، وقَال أبو علي جعل عسى بمعنى كان، ونزلهُ منزلته‏.‏
يضرب للرجل يُقَال له‏:‏ لعلَّ الشرَّ جاء من قبلك‏.‏
2436- عِيصُكَ مِنْكَ وَإنْ كان أَشِبَا
العيصُ‏:‏ الجماعة من السِّدْر تجتمع في مكان واحد، والأشَبُ‏:‏ شدة التفاف الشجر حتى لا مَجَازَ فيه‏.‏ يُقَال‏:‏ غَيْضَة أشِبَة، وإنما صار الأشب عيبا لأنه يذهب بقوة الأَصول، وربما يوضع الأشب موضع المدح يراد به كثرة العَدد و وفور العُدَد كما قَال‏:‏
ولِعَبْدِ القَيس عيِصٌ أشِبُ*
ويجوز أن يريد به الذم، أي كثرةٌ لا غَنَاء عندها ولا نفع فيها، قَال أبو عبيد في معنى المثل‏:‏ أي منك أصْلُكَ وإن كان أقاربُكَ على خلاف ما تريد، فاصبر عليهم فإنه لا بدَّ منهم‏.‏
2437- عَصَبَهُ عَصْبَ السَّلَمَةِ
ويروى ‏"‏اعْصِبْهُ‏"‏ على وجه الأمر، وهي شجرة إذا أرادوا قَطْعها عَصَبُوا أغصانَها عَصْباً شديداً حتى يصلوا إليها وإلى أصلها فيقطعوه‏.‏ يضرب للبخيل يُسْتَخرَجُ منه الشيء على كرْهٍ، قَال الكميت‏:‏
ولا سَمُرَاتِي يَبْتَغِيهنَّ عاضِدٌ * ولاَ سَلَمَاتي في بَجِيلَةَ تُعْصَبُ
أرد أن بجيلة لا يقدر على قهرها وإذلالها وقَال الحجاج على مِنْبر الكوفة‏:‏ والله لأحزِمَنَّكم حَزَمَ السلمة، ويروى ‏"‏لأعْصِبنكم عَصْبَ السَّلمة، ولأضربنكم ضرب غرَائِبِ الإبل‏"‏‏.‏
2438- عَثَر بأشْرَسِ الدَّهْرَ
أي بداهية الدهر وشدته، يُقَال‏:‏ إن الشَّرس ما صغر من شجر الشوك، ومنه الشَّراسة في الخلق‏.‏ ‏[‏ص 18‏]‏
2439- عُشْبٌ وَلا بَعَيِرٌ
أي هذا عُشْبٌ وليس بعير يرعاه‏.‏
يضرب للرجل له مال كثير ولا ينفقه على نفسه ولا على غيره‏.‏
2440- عَادَ غَيْثٌ عَلَى مَا أَفْسَدَ
ويروى ‏"‏على ما خبل‏"‏ قيل‏:‏ إفساده إمساكه، وعَوْدُه إحياؤه، وإنما فسر على هذا الوجه لأن إفساده يصوبه ولا يصلحه عوده، وقد قيل غير هذا، وذلك أنهم قَالوا‏:‏ إن الغَيْثَ يحفر ويفسد الحياض، ثم يعفى على ذلك بما فيه من البَرَكة ‏.‏
يضرب للرجل فيهِ فساد ولكنَّ الصلاح فيه أكثر‏.‏
2441- أعْطَاهُ غَيْضاً من فَيْضٍ
أي قليلاً من كثير‏.‏
يضرب لمن يسمح بالقُلِّ من كُثْرِهِ
2442- عَنِيَّتُهُ تَشْفِي الجَرَبَ
العَنيَّة‏:‏ بولُ البعير يُعَقَدَّ في الشمس يُطْلى بها الأجرب‏.‏ قلت‏:‏ هي فَعِيلة من العنَاء أي يُعَنَّى من طُلىِ بها وتشتدَّ عليه، ويجوز تُعَنيِّهِ أي تزيل عناءه الذي يلقاه من الجرب؛ فيكون من باب ‏"‏قَرَّدَتُه‏"‏ أي أزلت قُرَاده‏.‏
يضرب للرجل الجيد الرأي يُستشفى برأيه فيما يَنُوبُ‏.‏
2443- عَيَّ بِالإِسْنَافِ
قَال الخليل‏:‏ السِّنافُ للبعير بمنزلة الَّلبَبِ للدابة، و‏"‏قد سَنَفْتُ البعير‏"‏ شددت عليه السِّناف، وقَالَ الأَصمَعي‏:‏ أسْنَفْتُ، ويقولون ‏"‏أسْنَفُوا أمرهم‏"‏ أي أحكموه، ثم يُقَال لِمَن تحير في أمره ‏"‏عَيَّ بالإسْنَافِ‏"‏ وأصلهُ أنَ رَجلاً دُهِشَ فَلم يدرِ كَيفَ يُشدُّ السِّاف مِن الخَوف، فَقَالوا‏:‏ عَيَّ بالإسناف، قَال الشاعر‏:‏
إذا مَا عَيَّ بِالإِسْنَافِ قَوْمٌ * مِنَ الأَمْرِ المُشَبَّهِ أن يَكُونا
قلت‏:‏ قَال الأزهري‏:‏ الإسناف التقدُّمُ وأنشد هذا البيت، ثم قَال‏:‏ أي عَيُّوا بالتقدم، وليس قول من قَال ‏"‏إن معنى قوله إذا ما عي بالإسناف‏:‏ أن يدهش فلا يدري أنى يشدُّ السِّناف‏"‏ بشَيء، إنما قَاله الليث‏.‏
2444- عَادَ السَّهْمُ إلي النَّزَعَةِ
أي رجع الحقُ إلى أهله، والنَّزَعَةُ‏:‏ الرُّماة، من ‏"‏نَزَع في قوسه‏"‏ أي رمى، فإذا قَالوا ‏"‏عاد الرمى على النَّزَعَة‏"‏ كان المعنى عاد عاقبة الظلم على الظالم، ويكنى بها عن الهزيمة تقع على القوم‏.‏‏[‏ص 19‏]‏
2445- أَعْطِ القَوْسَ بارِيَهَا
أي اسْتَعِنْ على عملك بأهل المعرفة والحِذقَ فيه، ينشد‏:‏
يَا بَارِيَ الْقَوْسِ بَرْياً لَسْتَ تُحْسِنُهَا * لاَ تُفْسِدَنْهَا وَأعْطِ القَوْسَ بَارِيها
2446- عَصَا الْجَبَانِ أَطْوَلُ
قَال أبو عبيد‏:‏ وأحسبه يفعل ذلك من فشله، يَرَى أن طولها أشَدُّ ترهيباً لعدوه من قصرها، قَال‏:‏ وقد عاب خالد بن الوليد من الإفراط في الاحتراس نحوَ هذا، وذلك يوم اليمامة، لما دنا منها خرج إليه أهلها من بني حنيفة فرآهم خالد قد جَرَّدوا السيوف قبل الدُّنوِّ، فَقَال لأصحابه، أبشروا فإن هذا فَشَل منهم، فسمعها مجَّاعة بن مرارة، الحنفي، وكان موثقاً في جيشه، فَقَال‏:‏ كلا أيها الأمير، ولكنها الهُنْدُوانية، وهذه غداة باردة، فخشوا تَحَطُّمها، فأبرزوها للشمس لتلين متونها، فلما تدانى القوم قَالوا له‏:‏ إنا نعتذر إليك يا خالد من تجريد سيوفنا، ثم ذكروا مثل كلام مجَّاعة
2447- العَبْدُ يُقْرعُ بالْعَصَا * والحُرُّ تَكْفيِهِ الإشَارَةْ
وقيل ‏"‏المَلاَمَهْ‏"‏
يضرب في خِسِّةِ العبيد، وقولهم‏:‏
2448- عَبِيدُ العَصا
قَال المفضل‏:‏ أول من قيل لهم ذلك بنو أسد، وكان سبب ذلك أن أبناً لمعاوية بن عمرو حَجَّ ففُقِد، فاتُّهم به رجل من بني أسد يُقَال له حبال بن نصر بن غاضرة، فأخبر بذلك الحارث، فأقبل حتى وردَ تِهامة أيام الحج وبنو أسد بها فطلبهم، فهربوا منه، فأمر منادياً ينادي‏:‏ مَنْ آوى أسديا فَدمُه جُبَار، فَقَالت بنو أسد‏:‏ إنما قتل صاحبهم حبال بن نصر وغاضرةُ منهم من السكون فانطِلقُوا بنا حتى نخبرهُ، فإن قتل الرجل فهو منهم، وإن عفا فهو أعلم، فخرجوا بحبال إليه، فَقَالوا‏:‏ قد أتيناك بطلَبِتك فأخبره حبال بمقَالتهم، فعفا عنه وأمر بقتلهم، فَقَالت له امرَأة من كِنْدَةَ من بني وهب بن الحارث يُقَال لها عُصَيَّة وأخوالها بنو أسد‏:‏ أَبَيْتَ اللَّعنَ هَبْهم لي فإنهم أخوالي قَال‏:‏ هم لكِ، فأعتِقيهم، فَقَالوا إنا لا نأمن إلا بأمان الملك فأعطى كلَّ واحد منهم عصاً، وبنو أسَد يومئذٍ قليل، فأقبلوا إلى تهامة ومع كل رجل منهم عصا، فلم يزالوا بتهامة حتى هلك الحارث، فأخرجتهم بنو كنانة من مكة، وسموا ‏"‏عَبِيدَ العصا‏"‏ بعُصَيَّةَ التي أعتقتهم وبالِعصِيِّ التي أخذوها، قَال ‏[‏ص 20‏]‏ الحارث بن ربيعة بن عامر يهجو رجلاً منهم‏:‏
اشْدُدْ يَدَيْكَ عَلَى العصا؛ إن العصا * جُعِلَتْ أمارَتَكُمْ بِكُل سَبِيلِ
إن العَصَا إنْ تُلْقِهَا يا ابْنَ اسْتِهَا * تُلْفَى كفَقْعٍ بالفَلاَة محيلِ
وقَال عتبة بن الوعل لأبي جهمة الأسدي‏:‏
أعَتِيقَ كِنْدَةَ كَيْفَ تَفْخَرُ سَادِراً * وَأَبُوكَ عَنْ مجد الكِرَامِ بِمَعْزِلِ
إن العصا، لادَرَّ دَرُّكَ، أحْرَزَتْ * أشْيَاخَ قَوْمِكَ في الزمان الأوَّلِ
فأشْكُرُ لِكِنْدَةَ مَا بَقِيتَ فَعَالَهُمْ * ولتكفرنَّ الله إن لـَمْ تَفْعَـلِ
وهذا المثل يضرب للذليل الذي نفعه في ضره وعزُّه في إهانته‏.‏
2449- أّعْرَضَ ثَوْبُ المِلْبَسِ
وذلك إذا عرضَتِ القَرْفَةُ ‏(‏القَرْفَةُ - بكسر القاف وسكون الراء - التهمة‏)‏
فلم يدر الرجل من يأخذ، ويروى ‏"‏عَرَضَ‏"‏ فمن روى ‏"‏أعرض‏"‏ كان معناه ظهر، كقول عمر‏:‏ وأعْرَضَتِ اليَمَامَةُ واشْمَخَرَّتْ*
ومن روى ‏"‏عَرَضَ‏"‏ كان معناه صار عريضاً، والَمِلْبَسُ‏:‏ المُغَطَّى، وهو المتهم، كأنه قَال‏:‏ ظهر ثوب المتهم، يعني ما هو فيه واشتمل عليه من التهمة، وهذا قريب مِن قولهم ‏"‏أعْرَضَتِ القرْفَةُ‏"‏ وذلك إذا قيل لك‏:‏ من تتهم‏؟‏ فتقول‏:‏ بني فلان، للقبيلة بأسرها، وهذا من قولهم ‏"‏أعرَضْتُ الشَيء‏"‏ جعلته عريضاً
قَال أبو عمرو‏:‏ كان أبو حاضر الأسدي أسيد بن عمرو بن تميم من أجمل الناس وأكملهم منظراً، فرآه عبد الله بن صَفْوَان بن أمية الجُمَحِيُّ يطوف بالبيت، فراعَهُ جماله، فَقَال الغلام له‏:‏ ويْحَكَ أدنِنِي من الرجل، فإني أخاله امرأ من قريش العراق، فأدناه منه، وكان عبد الله أعرج، فَقَال ممن الرجل‏؟‏ فَقَال أبو حاضر‏:‏ أنا امرؤ من نِزَار، فَقَال عبدُ الله ‏(‏‏(‏ أعرض ثَوْبُ الملبس، نزار كثير، أيهم أنت‏؟‏‏)‏‏)‏ قَال‏:‏ امرؤ من مضر، قَال‏:‏ مضر كثير، أيهم أنت‏؟‏ قَال أحد بني عمرو بني تميم ثم أحد بني أسيد بن عمرو، وأنا أبو حاضر، فَقَال ابن صَفْوان‏:‏ أفه لك عُهَيْرَةَ تَيَّاس، والعُهَيْرة‏:‏ تصغير العُهر وهو الزنا‏.‏ قلت‏:‏ لعله أدخل الهاء في عُهَيْرَة للمبالغة، أو إرادة القبيلة، ونصبه على الزم، أو أراد يا عهيرة تياس‏.‏
قَال أبو عمرو‏:‏ وتزعم العربُ أن بني أسد تيَّاسُو العرب، وقَال الفرذدقَ في ‏[‏ص 21‏]‏ أبي حاضر وبعضُهم يرويها لزياد الأعجم، وكان أبو حاضر أحد المشهورين بالزنا‏:‏
أبا حاضِرٍ مَابالُ بُرْدَيْكَ أصْبَحَا * على ابنة فَرُّوج ردّاءً ومَئْزَرَا
أبا حاضَرٍ من يَزْنِ يَظْهَرْ زِنَاؤُهُ * ومَنْ يَشْرَبْ الصَّهْبَاء يُصْبِحُ مُسْكِرَا
وبنت فروج اسمها حمامة، وكان أبو حاضر يُتَّهم بها‏.‏
2450- اعْلُلْ تَحْظُبْ
الحُظُوب‏:‏ السمن ‏(‏تقول‏:‏ حظب يحظب على مثال فرح وضرب ونصر إذا سمن وامتلأ‏)‏ والامتلاء، أي اشرب مرةً بعد مرة تسمن‏.‏ يضرب في التأني عند الدخول في الأمور رَجَاء حسن العاقبة‏.‏
2451- عَنْ صَبُوحٍ تُرَقِّقُ
الصَّبُوح‏:‏ ما يشرب صَبَاحاً، والغَبُوق‏:‏ ضده، وترقيقَ الكلام‏:‏ تزيينه وتحسينه، أي تُرَقِّقَ وتحسن كلامك كائناً عن صَبُوح وأصله أن رجلاً اسمه جابان نزل بقوم ليلاً، فأضافوه وغَبَقُوه، فلما فرغ قَال‏:‏ إذا صَبَحْتُموني كيف آخذ في طريقي وحاجتي‏؟‏ فقيل له‏:‏ عَنْ صَبُوح تُرَقَّقُ، وعن من صلة معي الترقيقَ، وهو الكناية لأن الترقيقَ تلطيف وتزيين، وإذا كنّيْتَ عن شَيء فهو ألطف من التصريح، فكأنه قيل‏:‏ عن صبوح تكنى‏.‏
يضرب لمن كَنَى عن شَيء وهو يريد غيره، كما أن الضيف أراد بهذه المقَالة أن يوجب الصبوح عليهم‏.‏ قَال أبو عبيد‏:‏ ويروى عن الشعبي أنه قَال لرجل سأله عمن قَبَّلَ أمَّ امرأته، فَقَال أعن صَبُوح تُرَقِّق‏؟‏ حَرُمَتْ عليه امرأتُهُ، قَال أبو عبيد‏:‏ ظن الشعبي فيما أحسب ما وراء ذلك‏.‏
2452- عَدَا القَارِصُ فَحَزَرَ
القارص‏:‏ اللبنُ يحذى اللسان، والحازِرُ‏:‏ الحامض جداً يضرب في الأمر يتفاقم، قَال العَجَّاج‏:‏
يا عمرُ و يا بن مَعْمَرٍ لا مُنْتَظَرْ * بعد الَّذِي عَدَا القَرُوصَ فَحَزَرْ
يَعْني الحَرُورِيَّ الذي مَرَقَ فجاوز قدره، ويروى المثل ‏"‏عدا القارص‏"‏ بالنصب، أي عدا اللبن القارص يعني حد القارص ومن رفع جعل المفعول محذوفاً، أي جاوز القارصُ حَدَّه فحزر‏.‏
2453- اسْتَعْجَلَتْ قَدِيرَها فَامْتَلَّتِ
يضرب يَعجَل فيصيب بعضَ مراد ويفوته بعضه، ‏[‏ص 22‏]‏ والقدير‏:‏ اللحم المطبوخ في القِدر، والامتِلاَلُ‏:‏ المَلُّ وهو جَعْل اللحم في الرماد الحار، وهو المَلَّة‏.‏
2454- عَرَفَ النَّخْلُ أَهْلَهُ
أصله أن عبد القيس وشَنَّ بن أفْصَى لما ساروا يطلبون المتَّسَع والريف وبعثوا بالرُّوَّاد والعيون، فبلغوا هَجَر وأرض البحرين، ومياها ظاهرة وقرى عامرة ونخلاً وريفاً وداراً أفضل وأريَفَ من البلاد التي هم بها؛ ساروا إلى البحرين وضاموا مَنْ بها من إياد ولأزد وشَدَّوا خيولهم بكرانيف النخل، فَقَالت إياد‏:‏ عَرَفَ النخلُ أهْلَه، فذهبت مثلاً‏.‏
يضرب عند وكول الأمر إلى أهله
2455- أَعْطِ أَخَالَ تَمْرَةً، فإنْ أبَى فَجَمْرَةً
يضرب للذي يختار الهوان على الكرامة
2456- عُرَّ فَقْرَهُ بِفِيهِ، لَعَلَهُ يُلْهِيهِ
يُقَال ذلك للفقير يُنفقَ عليه وهو يتمادى في الشر، أي خَلِّه وغيَّه
والعَرُّ‏:‏ اللطخ، أي الطَخْ فاه بفقره، لعله يشغله عن ركوب الشر، والمعنى كله إلى فقره ولا تنفق عليه يصلح، ويروى أغرُ بالغين المعجمة، وهو أصوب، يُقَال‏:‏ غَرَوتُ السهمَ، إذا ألزقت الريشَة عليه بالغراء، ومعناه‏:‏ الْزَقَ فقره بفيه، أي ألزمه إيَّاه ودَعْه فيه لعله يلهيه، قَال الأزهري‏:‏ يريد خَلِّه و غَيَّه إذا لم يُطِعْكَ في الإرشاد، فلعله يقع في هَلَكَة تلهيه عنك وتشغله
2457- عِنْدَ النَّوَى يَكْذِبُكَ الصَّادِقُ
قَال المفضل‏:‏ إن رجلا كان له عبد لم يكذب قَطُّ، فبايَعَهُ رجل ليكذبنه، أي يحملنه على الكذب، وجعلا الْخَطَر بينهما أهلهما وما لهما، فَقَال الرجل لسيد العبد‏:‏ دَعْه يَبِيت عندي الليلَةَ، ففعل، فأطعمه الرجلُ لحمَ حُوَار وسَقَاه لبناً حليباً، وكان في سقاء حازر، فلما أصبحوا تحمَّلُوا وقَال للعبد‏:‏ الحَق بأهلك، فلما تَوَارى عنهم نزلوا، فأتى العبدُ سيدَه، فسأله فَقَال‏:‏ أطعموني لحماً لاغَثَّا ولا سَمِيناً وسَقَوْني لبناً لا مَخْضَاً ولا حقيناً، وتركتهم قد ظعنوا فاستقلُّوا، ولا أعلم أساروا بعدُ أو حلُّوا، وفي النوى يكذبك الصادق، فأرسلها مَثَلاً، وأحرز مولاه مالَ الذي بايعه وأهله‏.‏
يضرب للصَّدُوقَ يحتاج إلى أن يكذب كذبة‏.‏ وقَال أبو سعيد‏:‏ يضرب للذي ينتهي إلى غاية ما يعلم، ويكف عما وراء ذلك، لا يزيد عليه شيئاً‏.‏ ‏[‏ص 23‏]‏
ويروى ‏"‏وفي النوى ما يكذبك‏"‏ ‏"‏وما ‏"‏ صلة، والتقدير وفي نَوَاهم يكذب الصادقَ إن أخبر أن آخر عهدي بهم كان هذا‏.‏
2458- عَدُوُّ الرَّجُل حُمْقُهُ، وَصَدِيقُهُ عَقْلُهُ
قَاله أكْثَمُ بن صَيفي
2459- عَلَى الشَّرَفِ الأََقْصَى فابْعَدْ
هذا دعاء على الإِنسَان، أي باعَدَه الله وأسحقه‏.‏ والشرف‏:‏ المكانة العالية، وابْعَدْ‏:‏ من بَعِدَ إذا هلك، كأنه قَال‏:‏ أهْلَكْ كائناً أو مُطِلاًّ على المكان المرتفع، يريد سقوطه منه‏.‏
2460- عِيلَ ما هُوَ عَائِلُهُ
أي غُلِبَ ما هو غالبه، من العَول وهو الغَلَبة و الثقل، يُقَال عَاَلني الشَيء أي غلبني وثقل علي، وهذا دعاء للإنسان يعجب من كلامه أو غير ذلك من أموره
2461- أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَيْبَةِ، فأَمَّا الهَيْبَةُ فَلاَ هَيْبَةَ
قَالها سُليك بن سُلَكَة و المعنى أعوذ بك أن تخيبني، فأما الهيبة فلا هَيْبة، أي لست بِهيَوُبٍ
2462- عِلْمَان خَيْرٌ مِنْ عِلْمٍ
وأَصْلُه أن رجلا وابنه سلكا طريقاً، فَقَال الرجل‏:‏ يا بني استبحث لنا عن الطريق، فَقَال‏:‏ إني عالم، فَقَال‏:‏ يا بنيَّ عِلْمَانِ خَيْرٌ من علم‏.‏
يضرب في مَدْح المُشَاورة والبحث‏.‏
2463- عُضَلَةٌ مِنْ العُضَلَ
قَال أبو عبيد‏:‏ هو الذي يسميه الناس بَاقِعَةً من البَوَاقع، من قولهم‏"‏عَضَل به الفَضَاءُ‏"‏ أي ضاق، و‏"‏عَضَّلَةِ المرأة‏"‏ نشب فيها الولد، كأنه قيل له عُضَلَة لنُشُو به في الأمور أو لتضييقه الأمرَ على مَنْ يُعالجه، قَال أََوْس‏:‏
تَرَى الأرضََ منَّا بِالفَضَاءِ مَرِيضَةً * مُعَضِّلَةً مِنَّا بِجَيْشٍ عَرَمْرَمِ
2464- عَادَ الْحَيْسُ يُحَاسُ
يُقَال‏:‏ ‏"‏هذا الأمرُ حَيْس‏"‏ أي ليس بِمُحْكَم، وذلك أن الحَيْسَ تمر يخلط بسمن وَأَقِطٍ فلا يكون طعاماً فيه قوة، يُقَال‏:‏ حَاس يَحيسُ، إذا اتخذ حَيْساً؛ فصار الحيس اسماً للمخلوط، ومنه يُقَال للذي أحدقت به الإماء من طرفيه‏:‏ مَحْيُوس، والمعنى‏:‏ عاد الأمر المخلوطُ يُخلط، أي عاد الفسادُ يُفسد‏.‏ وأصله أن رجلً أُمِرَ بأمر فلم يحكمه، ‏[‏ص 24‏]‏ فذمَّه آمره فَقَام آخر ليحكمه ويجيء بخير منه، فَجاء بِشَرٍ مِنهُ فَقَال الآمر‏:‏ عاد الحيس يحاس، وقَال‏:‏
تَعِيِبِنَ أمراً ثمَّ تأتيِنَ مِثْلَهُ * لَقَدْ حَاسَ هذا الأََمْرَ عِنْدَكِ حَائِسُ
2465- اعتَبِرِ السَّفَرَ بأَوَّلِهِ
يعني أن كل شَيء يعتبر بأول ما يكون منه‏.‏
2466- عَلَى الخَبِيرِ سَقَطْتَ
الخبير‏:‏ العالم، والْخُبْرُ‏:‏ العلم، وسقطت‏:‏ أي عثرت، عَبَّر عن العثور بالسقوط؛ لأن عادة العاثر أن يسقط على ما يعثر عليه‏.‏
يُقَال‏:‏ إن المثل لمالك بن جُبَير العامري وكان من حكماء العرب، وتمثل به الفرزدقَ للحسين بن علي رضي الله عنهما حين أقبل يريد العراق، فلقيه وهو يريد الحجاز، فَقَال له الحسين رضي الله عنه‏:‏ ما وراءك‏؟‏ قَال‏:‏ على الخبير سَقَطْت، قلوب الناس معك، وسيوفُهم مع بني أمية، والأمر ينزل من السماء، فَقَال الحسين رضي الله عنه‏:‏ صَدَقْتَنٍي
2467- عَاطٍ بَغْيْرِ أَنْوَاطٍ
العَطْوُ‏:‏ التناول، والأنواط‏:‏ جمع نَوْط وهو كل شَيء معلق، يقول‏:‏ هو يتناول وليس هناك معاليق‏.‏ يضرب لمن يّدَّعِي ما ليس يملكه‏.‏
2468- عَادَةُ السُّوءِ شَرٌّ مِنْ الْمَغْرَم
قيل‏:‏ معناه مَنْ عَوَّدته شيئاً ثم منعته كان أشدَّ عليك من الغريم، وقيل‏:‏ معناه أن المَغْرم إذا أديْتَه فارقَكَ، وعادة السوء لا تفارقَ صاحبها، بل توجد فيه ضَرْبَةَ لازِبٍ‏.‏
2469- العَجَبُ كُلُّ العَجَبِ، بيْنَ جُمَادى وَرَجَبَ
أول من قَال ذلك عاصم بن المُقْشَعِرِّ الضبى وكان أخوه أبَيْدَةُ علِقَ امرَأة الخُنَيْفِسُ بن خَشرَم الشَيباني وكان الخنيفس أغْيَرَ أهل زمانه وأشجَعَهم، وكان أُبَيْدَةُ عزيزاً مَنِيعاً، فبلغ الخنيفس أن أُبَيْدَةَ مضى إلى امرأته، فركب الخنيفسُ فرسه وأخذ رمحه وانطلقَ يرصُدُ أُبيدة، وأقبل أبيدة وقد قضى حاجتَه راجعاً إلى قومه، وهو يقول‏:‏
ألا إنَّ الخُنَيْفسَ فَاعْلَمُوهُ * كما سمَّاهُ والدُهُ اللَّعينُ
بَهيمُ اللَّونِ مُحْتِقِرٌ ضَئِيلٌ * لئيماتٌٌ خلائقهُُ، ضَنِينُ
أيوعِدُنِي الخُنَيْفِسُ مِنْ بَعَيدٍ * ولمَّا يَنْقَطِعْ مِنْهُ الوَتِينُ ‏[‏ص 25‏]‏
لَهَوْتُ بِجَارَتَيهِ وَحَادَ عَنِّي * وَيَزْعُمُ أَنَّهُ أَنَّفٌ شَنُونُ
قَال‏:‏ فشدَّ عليه الخُنَيفسُ، فَقَال أبيدة‏:‏ أذكِّرُكَ حرمةَ خَشْرم، فَقَال وحُرْمةِ خَشْرَمٍ لأقتلنك، قَال‏:‏ فأمْهِلْني حتى أسـتلئم قَال‏:‏ أو يستلئم الحاسر‏؟‏ فقتله، وقَال‏:‏
أيا ابْنَ المُقْشَعِرِّ لَقِيْتَ لَيْثاً * له في جَوفِ أَيكَتِهِ عَرِينُ
تقولُ صَدَدْتُ عَنْكَ خَناً وجُبْناً * وإنَّكَ مَاجِدٌ بَطَلٌ مَتِينُ
وَإنَّكَ قَد لَهَوتَ بِجَارَتَينَا * فَهَاكَ أُبَيْدُ لاَ قَاكَ القَرِينُ
سَتَعْلمُ أَيُّنا أَحْمى ذِماراً * إذا قَصُرَتْ شِمَالُكَ واليَمَينُ
لَهَوْتَ بٍها فَقَدْ بُدِّلْتَ قَبْراً * وَنَائِحَةً عَلَيْكَ لَهَا رَنِينُ
قَال‏:‏ فلما بَلَغ نَعِيه أخاه عاصماً لبس أطمَاراً من الثياب، وركب فرسه، وتقلَّد سيفه، وذلك في آخر يوم من جُمادى الآخَرة وبادر قَتْلَه قبل دخول رجب ؛ لأنهم كانوا لا يقتلون في رجب أَحَداً، وانطلقَ حتى وقف بفناء خباء الخُنَيفس، فنادى‏:‏ يا ابن خَشْرَم، أَغِثِ المُرْهقَ فطالما أَغَثتَ، فَقَال‏:‏ ما ذاك‏؟‏ قَال‏:‏ رجل من بني ضبة، غصَبَ أخى امرأته فشدَّ عليه فقتله، وقد عجزت عنه فأخذ الخنيفسُ رمحه وخرج معه، فانطلقا فلما عَلمَ عَاصم أنهُ قَد بَعَدَ عَن قَومهِ داناه حتى قارنه ثم قَنَّعه بالسيف فأطار رأسه، وقَال‏:‏ العجَبُ كل العجب بين جمادى ورجب، فأرسلها مَثَلاً، ورجع إلى قومه


B-happy 3 - 3 - 2010 10:25 PM



2470- عِيُّ الصَّمْتِ أََحْسنُ مِنْ عِيَُ الْمَنْطقِ
العَيُّ - بالكسر - المصدرُ، والعَيُّ - بالفتح - الفاعلُ، يعني عِيٌّ مَعَ صَمْت خير من عيٌّ مع نطق، وهذا كما يُقَال‏:‏ السكوتُ ستر ممدود على العي، وفِدَامٌ ‏(‏الفدام - بوزن سحاب أو كتاب - المصفاة تجعل على فم الإبريق ليصفى ما فيه‏)‏ على الفَدَامة، وينشد‏:‏
خَلِّ جَنْبَيْكَ لِرَامِ * وَامْضِ عَنْهُ بسَلاَمِ
مُتْ بدَاءِ الصَّمْتِ خَيْرٌ * لَكَ مِنْ دَاءِ الْكَلاَمِ
عِشْ مِنْ النَّاسَ إنِ اسْطَعـ * تَ سَلاَما بسَلاَمِ
قَال ابن عَوْن‏:‏ كنا جلوساً عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن، قَال‏:‏ فجعل يتكلم وعنده رجل من أهل البادية، فَقَال له ربيعة‏:‏ ما تَعُدُّن البلاغَةَ فيكم‏؟‏ قَال‏:‏ الإيجاز في الصواب، قَال‏:‏ فما تَعُدُونَ العِيَّ فيكم‏؟‏ قَال‏:‏ ما كنت فيه منذ اليوم‏.‏‏[‏ص 26‏]‏
حدث المنذرى عن الأَصمَعي قَال‏:‏ حدثني شيخٌ من أهل العلم قَال‏:‏ شهدت
الجمعة بالضرية وأميرها رجل من الأعراب، فخرج وخطب ولفَّ على أسه وبيده قَوسٌ فَقَال‏:‏ الحمد للَّه رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، أما بعد فإن الدنيا دار بلاء، والآخَرة دار قَرار، فخذوا من ممركم لمَقَرِّكم، ولا تَهْتِكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، واخرُجُوا من الدنيا إلى ربكم قبل أن يخرج منها أبدانكم، ففيها جئتم، ولغيرها خلقتم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، والمدعو له الخليفة والأمير جعفر، قومُوا إلى صلاتكم‏.‏
قلت‏:‏ ومثل هذا في الوَجَازة والفصاحة كلام أبي جعفر المنصور حين خطب بعد إيقاعه بأبي مُسْلم فَقَال‏:‏ أيها الناس، لا تخْرُجُوا من أنس الطاعة إلى وَحْشَة المعصية، ولا تُسِرُّوا غشَّ الأئمة فإنه لا يُسِرُّه أحد إلا ظهر في فَلَتات لسانه وصَفَحات وجهه، إنه مَنْ نازعَنَا عُرْوَة هذا القَميص أو طأناه خَبْءَ ‏(‏الخبء - بالفتح - ما خبيء وغاب، وخبء الغمد‏:‏ هو السيف‏)‏ هذا الغمد، وإنَّ أبا مُسْلم بايَعَنا وبايَعَ لنا على أنه من نكَثَ عهداً فقد أبا حَنَا دَمَه، ثم نكث علينا فحكَمْنَا عليه لأنفسنا حكمَهُ على غيره لنا، لا تمنعنا رعايةُ الحقَ له من إقامة الحقَ عليه‏.‏
2471- العُلْفُوفُ مُولَعٌ بالصُّوفِ
العُلْفُوف‏:‏ الجافي من الرجال المُسِنُّ، قَاله ابن السكيت، وأنشد‏:‏
يَسَرٌ إذا هَبَّ الَّشمالُ وأمْحَلُوا * في القَوْمِ غير كُبُنَّةٍ عُلْفُوفِ
‏(‏الكبن - بوزن عتل - والكبنة‏:‏ اللئيم، أو الذي لا يرفع طرفه بخلا‏)‏
ومعنى المثل‏:‏ إن الشيح المُهْتَرَ الفاني يُلولَعُ بأن يلعب بشَيء‏.‏
يضرب للمُسٍنُّ الخَرِفِ‏.‏
2472- أعْرَضْتَ القِرفَةَ
يُقَال‏"‏ فلانٌ قِرْفَتِي‏"‏ أي الذي أتَّهِمه فإذا قَال الرجل‏:‏ سَرَقَ ثوبى رجلٌ من خراسان أو العراق، يُقَال له‏:‏ أعْرَضْتَ القِرْفَة، أي التهمَةَ حين لم تصرح، وأعرضَ الشيء‏:‏ جعله عريضاً، ويجوز أن يكون من قولهم ‏"‏أعرَضَ‏"‏ أي ذهب عرضاً وطولاً، فيكون المعنى أعرضت في القرفة، ثم حذف ‏"‏في‏"‏ وأصل الفعل‏.‏
يضرب لمن يتَّهم غيرَ واحد‏.‏
2473- اعْقِلْ وَتَوَكَلْ
يضرب في أخْذِ الأمر بالحزم والوثيقة‏.‏ ‏[‏ص 27‏]‏
ويروى أن رجلاً قَال للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أأرْسِلُ ناقتي وأتوكل‏؟‏ قَال‏:‏ ‏"‏اعْقِلْهَا وتوكَّلْ‏"‏
2474- عَادَ الأَمْرُ إلى الوزَعَةِ
جمع وازع، يعني أهل الحلم الذين يَكُفُّونَ أهلَ الجهل‏.‏
2475- عَدْوَكَ إذْ أََنْتَ رُبَعٌ
أي اعْدُ عَدْوَكَ إذ كنت شابا‏.‏
يضرب في التحضيض على الأمر عند القدرة بإتيان ما كان يفعله قبلُ من الحزم وحسن التدبير ويروى ‏"‏عَدُوَّكَ إذ أنت رُبَع‏"‏ أي احْذَرْ عَدُوَّكَ إذ كنت ضعيفاً
2476- عَيْرٌ رَعَى أنْفُهُ الكَلأَ
أي وجَدَ ريحَه فطلبه يضرب لمن يستدلَّ على الشَيء بظهور مَخَايله‏.‏
2477- عَلِقَتْ بِثَعْلَبَةَ العَلوقُ
يضرب للولقع في أمر شديد
والعَلُوق‏:‏ المنية، وثعلبة‏:‏ اسم رجل
2478- عَنْ ظَهْرِهِ يَحُلُّ وِقْراً
أي لنفسه يعمل، وذلك أن الدابة تُسْرعُ في السير لتضَعَ الحمل عن ظهرها، ويروى ‏"‏يَحِل‏"‏ أي يضع
2479- عَضَّ مِنْ نَابِهِ عَلَى جِذْمٍ
يضرب للمنجَّذِ المُحَنَّك، والجِذْم‏:‏ الأصل، وقَال‏:‏
الآنَ لَمَّا ابْيَضَّ مَسْرُبَتِي * وَعَضِضْت من نابِي عَلَى جِذْم
2480- عَجِّلْ لإبِلكَ ضَحَاءَهَا
الضَّحَاء‏:‏ مثل الغَدَاء يضرب في تقديم الأمر
2481- عُودي إلى مَبَارككِ
يضرب لمن نفَرَ من شَيء أشدَّ النِّفار، وأصل المثل لإبل نَفَرَتْ
2482- عَادَ في حَافِرَتِهِ
أي عاد إلى طريقه الأولى‏.‏
يضرب في عادة السوء يَدَعُها صاحبُها ثم يرجع إليها‏.‏
2483- عِشْ تَرَ مَالَمْ تَرَ
أي مَنْ طال عمره رأى من الحَوَادث ما فيه معتبر‏.‏
2484- عَمُّ العَاجِزِ خُرْجُهُ
ويروى ‏"‏عمك خُرْجُك‏"‏ وأصله أن رجلا خرج مع عمه إلى سَفَر ولم يتزود؛ اتكالا على ما في خُرْجِ عمه، فلما جاع قَال‏:‏ يا عم أطْعِمْنِي، فَقَال له عمه‏:‏ عَمُّكَ خُرْجُك‏.‏ ‏[‏ص 28‏]‏
يضرب لمن يتكل على طعام غيره‏.‏
2485- عَلَى هَذَا دَارَ القُمْقُمُ
أي إلى هذا صار معنى الخبر وأصله - فيما يُقَال - أن الكاهن إذا أراد استخراجَ السرقة أخذ قمقُمَةً وجعلها بين سبابتيه يَنْفُث فيها و يَرْقِي ويُديرها، فإذا انتهى في زَعْمه إلى السارقَ دار القمقم، فجعل ذلك مَثَلاً لمن ينتهي إليه الخبر ودَارَ عليه
2486- عَلِّقَ سَوْطَكَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُكَ
هذا يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام، والمعنى اجْعَلْ نفسَكَ بحيث يَهَابك أهلُك ولا تغفل عنهم وعن تخويفهم ورَدْعهم
2487- أُعْطِيَ مَقُولاً، وَعَدِمَ مَعْقُولاً
يضرب لمن له مَنْطقَ لا يُسَاعده عَقْل
2488- عَاقُولُ حَدِيثٍ
يضرب لمن لا يَفُوته حديث سمعه والعاقول من النهر والوادي‏:‏ المُعْوَجُّ منه، وذلك يحفظ ما يتستر به ويلجأ إليه
2489- أَعْشارٌ ارفَضَّتْ
يُقَال ‏"‏بُرْمَةٌ أعْشار‏"‏ إذا كانت كسرا، وارفضَّتْ‏:‏ تفرقت‏.‏ يضرب للقوم عند تفرقهم
2490- عِزُّ الرَّجُلِ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ
هذا يروى عن بعض السلف
2491- عَلَى غَريبَتِهاَ تُحْدَى الإبِلُ
وذلك أن تُضْرَبَ الغريبةُ لتسير، فتسير بسيرها الإبلُ‏.‏
2492- عَطَشاً أَخْشَى عَلَى جَانَي كَمْأَةً لاَ قُرًّا
الكَمْأَة تكون آخر الربيع، فإذا باكَرَ جانيها وجَدَ البرد، فإذا حَمِيَتِ الشمسُ عطش، والعطش أضر له من القُرّ الذي لا يَدُوم
2493- اعْذِرْ عَجَبُ
أراد يا عجب، وهو اسم أخي القائل، وكان الأخُ على طعام الجيش، فَقَال له أخوه عجب‏:‏ لو زِدْتَنِي، فَقَال‏:‏ لا أستطيع، فَقَال‏:‏ لا أستطيع، فَقَال‏:‏ بلى، ولكنك عاقّ، فهمَّ بذلك فَنَهَوْهُ، فَقَال‏:‏ اعْذِرْ عجب‏.‏
وقَال أبو عمرو‏:‏ قَال له أخوه فأما إذْ أبيت فانظر فإني حازٌّ بقفا الشَّفْرة، فإن غَفَل القوم أُوتِيتَ سُؤْلك، وإن انتبه القومُ لفعلي فاعلم أنهم لحظهم أحفظ، فطفقَ يحز بقفا الشفرة، فهتف به القومُ، فَقَال‏:‏ اعْذِرْ عَجَبُ يضرب مَثَلاً لما لا يُقْدَرُ عليه ‏[‏ص 29‏]‏
2494- عُثَيْثَةٌ تَقْرِمُ جِلْداً أمْلَسَا
يضرب للرجل يجتهد أن يؤثر في الشيء فلا يقدر عليه‏.‏
قَال الأحنف بن قيس لحارثة بن بدر الغُدَاني، وقد عابه عند زياد للدخول فيما لا يعنيه، وذلك أنه طلب إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أن يُدْخله في الحكومة، فلما بلغ الأحنفَ عَيْبُ حارثة إياه قَال‏:‏ عُثَيْثَة تَقْرِمُ جلْداً أمْلَسَا، وهي تصغير عُثَّة، وهي دويبة تأكل الأدَمَ، قَال المخبَّلُ‏:‏
فأنْ تَشْتُمُونَا عَلَى لُؤْمِكُمْ * فَقَدْ تَقْرِمُ العُثُّ مُلْسَ الأدَمْ
يضرب عند احتقار الرجل واحتقار كلامه
2495- عَيٌّ صَامِتٌ خَيْرٌ مِنْ عَيٍّ نَاطِقٍ
أصل عَيٌّ - قَالوا - عَيِيٌّ فأدغم، قَاله أبو الهيثم‏.‏ قلت‏:‏ ويجوز أن يكون عِيّ فَعْلاً لا فَعِيلاً، يُقَال‏:‏ عَيَّ يَعْيا عِيّاً فهو عَيٌّ، كما يُقَال‏:‏ حَيَّ يَحْيا حَيَاةً فهو حَيٌّ، ومثله رجلٌ طَبٌّ وَصّبٌّ وبَرٌّ وغيرها، وهذا كما مضى ‏"‏عِيُّ الصَّمْتِ خيرٌ من عِيِّ النطق‏"‏ إلا أنه جَرَى على المصدر هناك، وههنا على الفاعل، يُقَال‏:‏ عَيِيَ يَعْيَا عِيّاً فهو عَيٌّ وعَيِيٌّ، ويجوز أن يُقَال‏:‏ أصله فَعِلَ - بكسر العين - على قياس جَدِبَ فهو جَدْبٌ وترِبَ فهو تَرْبٌ، وعلى هذا قياسُ بابه، أعني باب فَعِلَ يفْعَلُ‏.‏
يضرب هذا المثل عند اغتنام السكوت لمن لا يحسن الكلام‏.‏ ويروى ‏"‏عِيٌّ صامت‏"‏ على المصدر بجَعْل صامت مبالغة، كما يُقَال‏:‏ شِعْرٌ شَاعِرٌ
2496- أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ
أي مَنْ حَذَّرَك ما يحلُّ بك فقد اعذر إليك، أي صار مَعْذُوراً عندك‏.‏
2497- أَعْمَى يَقُودُ شُجْعَةً ‏(‏الشجعة - بتثليث الشين وسكون الجيم - جمع الشجاع‏.‏ والشجعة - بضم الشين أوفتحها - العاجز الضاوي الذي لا فؤاد له‏.‏‏)‏
الشُّجْعَةً‏:‏ الْزَّمْنِى، أي ضعيف يقود ضعيفاً ويعينه، قَاله أبو يزيد، قَال‏:‏ وإذا رأيتَ أَحْمَقَ ينقادُ له العاقل قلتَ هذا للعاقل أيضا، وقَال الأزهري‏:‏ الشُّجْعَة بسكون الجيم الضعيف‏.‏
2498- العِدَةُ عَطِيَّة
أي يَقْبُح إخلافُهَا كما يقبح استرجاعُ العطية، ويقَال‏:‏ بل معناه تَعْدِلُها، كما يُقَال سرور الناس بالآمال أكْثَرُ من سرورهم بالأموال ‏[‏ص 30‏]‏
2499- عِلَّةٌ مَا عِلَّهْ، أوتَاد وَأخِلَّهْ، وَعَمَدُ المِظَلَّه، أبْرِزُوا لِصِهْرِكُمْ ظُلَّهْ
قَالتها امرَأة زُوِّجتْ وأبطأ أهلها هداءها إلى زوجها، وأعتلوا بأنه ليس عندهم أداة للبيت، فَقَالته اسْتِحْثَاثاً لهم وقَطْعاً لعلتهم،
يضرب في تكذيب العلل‏.‏
2500- عَجِلَتْ بِخَارِجَةَ العَجُوُلُ
خارجة‏:‏ اسم رجل، والعَجُول‏:‏ أمه ولدته لغير تمام‏.‏ يضرب عند ما عجل قبل إنَاهُ‏.‏
2501- عَنْ مُهْجَتِي أُجَاحِشُ
المجاحشة‏:‏ المدافعة، وهذا مثل قولهم ‏"‏جاحَشَ عَنْ خَيْط رَقَبَته‏"‏
2502- عَلِقَتْنِي مِنْ هذا الأَمْرِ قِيَرَةٌ
أي ما يكره ويثقل، والقير‏:‏ القير والقار، وهما ما مر ‏(‏قيل‏:‏ هو الزفت وقيل‏:‏ شَيء أسود يطلى به الإبل‏.‏‏)‏
2503- عِنْدَ رُؤُوسِ الإبِلِ أَرْبَابُها
يضرب لمن يَتَدَرَّأُ ويَطْغَى على صاحبه أي عندي من يمنعك‏.‏
2504- عَنِ الشَّرِّ لاَ تَنَاسيَنَّ
ويروى ‏"‏لا تنسين‏"‏ يضرب لمن لا يَرْدَعُه عن الشر زَجْرُ زاجرٍ‏.‏
و‏"‏عن‏"‏ من صلة الزجر، كأنه قَال‏:‏ زَجْره عن الشر لا تتركن ‏.‏
2505- أََعْرِفُ ضَرِطِى بِهِلاَلٍ
قَال يونس بن حبيب‏:‏ زعموا أن رُقية بنت جُشَم بن معاوية وَلَدَت نميراً وهلالا وسُواءة، ثم اعتاطت، فأتت كاهنة بذي الخلصة فأرتها بطنها، وقَالت‏:‏ إني قد وَلَدُتْ ثم اعْتَطْتُ، فنظرتْ إليها ومَسَّت بطنها، وقَالت‏:‏ رب قبائل فَرِق، ومجالس حلق، وظعن خرق، في بَطِنِك زق، فلما مخضت بربيعة بن عامر، قَالت‏:‏ إني أعرف ضَرِطى بهلال، أي هو غلام، كما أن هلالا كان غلاما‏.‏ يضرب هذا المثل حين يحدثك صاحبك بخبر فتقول‏:‏ ما كان من هذا شَيء، فيقول صاحبك‏:‏ بلى، إني أعرفُ بعضَ الخبر ببعض، كما قَالت القائلة‏:‏ أعرف ضَرِطى بهلال‏.‏
2506- أَعِنْ أَخَاك وَلَوْ بالصَّوْتِ
يضرب في الحثِّ على نُصْرَة الإخوان ‏[‏ص 31‏]‏
2507- عَلَى شَصَاصَاءَ تَرَى عَيْشَ الشَّقِيِّ
أي لا ترى الشقَّي إلا على شدة حال والشَّصاصَاء‏:‏ شدةُ العيشِ
2508- عِنْدَ التَّصْرِيحِ تُرِيحُ
أي‏:‏ إذا صرح الحقَ استرحْتَ، ولم يبقَ في نفسك شَيء، وأراح‏:‏ معناه استراح وصَرَّح‏:‏ معناه صَرُحَ
2509- الاعْتِرَافُ يَهْدِمُ الاقْتِرَافَ
2510- عجْعَجَ لما عَضَّهُ الظِّعان
عَجْعَج‏:‏ أي صاح، والظعان‏:‏ نِسْع يشدُّ به الهودج‏.‏
يضرب لمن يَضِجُّ إذا لزمه الحقَ وهذا قريب من قولهم ‏"‏دَرْدَبَ لما عَضَّه الثِّقَافُ‏"‏
2511- عَطَوْتَ في الحَمْضِ
العَطْو‏:‏ التناوُلُ، أي أَخَذْتَ في رَعْى الْحَمْض يضرب للمُسْرِف في القول
2512- عَارِيَّةٌ أكْسَبَتْ أَهْلَهَا ذَمَّاً
وذلك أن قوماً أعاروا شيئاً ثم استردُّوه فذُمُّوا، فَقَالوا هذا القول
يضرب للرجل يحسن إليه فيذم المحسن
2513- عَرَفَتِ الْخْيلُ فُرْسَانهَا
يضرب لمن يعرف قِرْنَه فينكسر عنه لمعرفته به
2514- العَبْدُ مَنْ لاَ عَبْدَ لَهُ
يضرب لمن لا يكون له مَنْ يكفيه عملَه فيعمله بنفسه
2515- عِنْدَكِ وَهِيٌ فَارْقَعِيِه
أي بِكِ عيبٌ وأنت تعيبين غيرك
2516- عَنَاقَ الأَرْضِ إِنَّ ذَنبِى اقْتُفِرَ
عناقَ الأرض‏:‏ دابة نحو الكلب الصغير، ويُقَال له‏:‏ التُّفَةُ، وليس يُوَبِّرُ من الدواب إلا الأرنبُ وعَنَاقَ الأرض، والتُّوْبِير‏:‏ أن تضمَّ براثنَهَا إذا مَشَتْ، فلا يرى لها أثر في الأرض، والاقتفار‏:‏ الاتباع يضربه البريءُ الساحةِ يقول‏:‏ أنا عَنَاقَ الأرض إن تَتْبَعْ أثرى في الذي أرمى به، يعني لا يُرَى له أثر عَلَىَّ أثر
2517- عَوْدُكَ وَالبَدْءُ دَرَنٌ بِبَدَنٍ
العرب تقول في موضع السرعة والخفة‏:‏ ما هو إلا دَرَنٌ ببَدَن؛ لسرعة اتساع البدن، يقول‏:‏ عَوْدُك إلى هذا الأمر وَبَدؤُك به كان سَرِيعاً‏.‏ ‏[‏ص 32‏]‏
يضرب لمن يَعْجَلُ فيما همَّ به من خير أوْشر
2518- عَلَىَّ فَاضَ مِنْ نَتَاقِي الأَلَبَةُ
فَاضَ الشَيء يَفيضُ فَيْضَاً‏:‏ كثر، ونَتَقَتِ المرأة تَنْتُقَ نَتَقْا، إذا كثر أولادها، والألَبَةَ‏:‏ جمع آلب، يُقَال‏:‏ ألِبَ يألِبُ، إذا رجَع، والنَّتَاج والنَّتَاقَ واحد
وهذا من قول امرَأة اجتمع عليها ولدُها وولدُ ولدِها فظلَموها وقهروها، فَقَالت‏:‏ أنا التي فعلْتُ هذا بنفسي حيث ولدْتُ هؤلاء يضرب لمن جَنَى على نفسه شراً‏.‏
2519- اعْزُ الحَديِثَ لِلْخَطِيبِ الأوَّلِ
يُقَال‏:‏ عَزَوْتُ وعَزَيتُ، إذا نَسَبْتَ‏.‏ يضرب للرجل إذا حَدَّث؛ فيقَال‏:‏ إلى من تَنْسُبُ حديثكَ فإن فيه رِيبة، أي انْسُبْه إلى من قاله وانْجُ
2520- عَلَى بَدْءِ الْخَيْرِ وَالْيُمْنِ
يُقَال هذا عند النكاح‏:‏ أي ليَكُنْ ابتداؤه على الخير واليُمْن أي البركة، ويروى ‏"‏على يَدِ الخير واليمن‏"‏ ومعناه ليكن أمرك في قَبْضَة الخير‏.‏
2521- عُلِّمُوا قِيلاَ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَعْقُول
يضرب للإنسان تَسْمَعه بين الكلام ولا عقل له
2522- اسْتَعَنْتُ عَبْدِي فَاسْتَعانَ عَبْدِي عَبْدَه
جعل العبدَ مَثَلاً لمن له دونه في القوة، وعبد العبد مَثَلاً لمن هو دونه بدرجتين
2523- العِتَابَ قَبْلَ العِقَابِ
يروى بالنصب على إضمار استعمل العتاب وبالرفع على أنه مبدأ، يقول‏:‏ أصلح الفاسدَ ما أمكن بالعتاب، فإن تعذَّر وتعسَّر فبالعقاب
2524- عُرْفُطَةٌ تُسقَى مِنْ الغَوَابق
يُقَال‏:‏ غَبَقْتُه إذا سقيتَه الغَبُوقَ، والعُرْفُط‏:‏ من شجرة العَضَاه ينضح المُغْفُور‏.‏
يضرب لمن يُكْرَم مخافَةَ شره وأراد بالغوابقَ السحابَ، جعل سقيها إياه غَبْقاً
2525- العِتَابُ خَيْرٌ مِنْ مَكْتُومِ الْحْقْدِ
ويروى ‏"‏من مكنون الحقد‏"‏ قَاله بعض الحكماء من السلف ‏[‏ص 33‏]‏
2526- أعمرْتَ أرضاً لَمْ تَلُسْ حَوْذَانَهَا
اللَّوْسُ‏:‏ الأكل، والحَوذَان‏:‏ بقلة طيبة الرائحة والطعم، وأعمرتها‏:‏ وَصَفْتَها بالعمارة
يضرب لمن يحمد شيئاً قبل التجربة
2527 المُعْتَذرُ أعْيَا بالقِرَى
قَالوا إنهم يَحْمَدون تَلَقَّى الصيف بالقِرى قبل الحديث ويعيبونه تلقيه بالحديث والالتجاء إلى المعذرة والسُّعَال والتَّنَحنح، ويزعمون أن البخيل يعتريه عند السؤال بَهْر وعيٌّ فيسعل ويتنحنح، وأنشدوا لجرير
وَالتَّغْلَبِيُّ إذَا تَنَحْنَح لِلقِرى * حَكَّ اسْتَهُ وَتَمَثَّلَ الأمثَالا
ويحكون أن جريراً قَال‏:‏ رميتُ الأخطل ببيت لو نَهَشَتْه بعده الأفعى في اسْتِهِ ما حكَّها، يعني هذا البيت قَالوا‏:‏ وإلى هذا ذهب زيد الأرانب، حين سأل عن خزاعة، فَقَال‏:‏ جوُع وأحاديث، واحتجُّوا أيضاً بقول الآخَر‏:‏
وَرَبَّ ضَيْفٍ طَرَقَ الحضيَّ سرى * صَادَفَ زَاداً وَحَدِيثاً ما اشْتَهَى
إن الحديثَ جَانِبٌ مِنْ القِرَى*
فجل الحديث بعد الزادِ جانباً من القِرى، لا قبله، قَالوا‏:‏ والذي يؤكد ما قلناه مَثَلُهم السائر على وجه الدهر ‏"‏المَعْذِرَةُ طَرَفٌ مِنْ البُخْلِ‏"‏
2528- عَثَرَةُ القَدَمِ أسْلَمُ مِنْ عَثْرَةِ الِّلسانِ
2529- عُقَرَةُ العِلْمِ النِّسيانُ
العُقَرَةُ‏:‏ خَرَزَة تشدها المرأة في حِقْوَيهَا لئلا تحبل‏.‏
2530- عَادَ إِلى عِكْرِهِ
العِكْر‏:‏ الأصل، والعِكَرَةُ‏:‏ أصل اللسان، وهذا كقولهم‏:‏
2531- عَادَتْ لِعِتْرِها لَمِيس
أي أصلها
2532- عَلَى جَارَتِي عِقَقٌ ولَيْسَ عَلَىَّ عِقَقٌ
العِقَّة‏:‏ العَقيقة، وهي قطعة من الشَّعْر، يعني الذُّؤابة، قَالته امرَأة كانت لها ضَرَّة، وكان زوجها يكثر ضربها، فحسدت ضَرتَها على أن تُضْرب، فعند ذلك قَالت هذه الكلمة، أي أنها تضرب وتحَبُّ وتُكْرم وهي لا تضرب ولا تكرم‏.‏
يضرب لمن يَحْسُدُ غيرَ محسود ‏[‏ص 34‏]‏
ٍ2533- عِتَابٌ وَضَنٌّ
أي لا يزال بين الخليلين وُدٌ ما كان العتاب، فإذا ذهب العتاب فقد ذهب الوِصَالُ
2534- عَذَرَتْنِي كلُّ ذَاتِ أبٍ
قَالتها امرَأة قيل أن أباها وَطِئها فَقَالت‏:‏ عذَرَتْني كلُّ ذاتِ أبٍ، أي كل امرَأة لها أب تعلم أن هذا كذب،
يضرب في استبعاد الشَيء، وإنكار كَوْنه‏.‏
2535- عَمُّكَ أوَّلُ شَارِبٍ
أي عمك أحقَ بخيرك ومنفعتك من غيره فابدأ به‏.‏ يضرب في اختصاص بعض القوم‏.‏
2536- أعَنْدي أنْتَ أمْ في الْعِكْمِ
يُقَال‏:‏ عَكَمْتُ المتاع أعكمه عَكْمَاً، إذا شددته في الوعاء وهو العِكْم، وَعكَمْتُ الرجلَ العَكم؛ إذا عكمته له، يضرب لمن قَلَّ فهمُه عند خطابك إياه‏.‏
2537- أَعَضَّ بِهِ الكَلاَلِيِبَ
يُقَال‏:‏ أَعَضَّه، إذا حمله على العضِّ، أي جعل الكلاليبَ تَعَضُّ، يُقَال‏:‏ عَضَّه، وعَضَّ به، وعَضَّ عَليه أي ألصقَ به شراً
2538- عَلَى وَضَرٍ مِنْ ذَا الإنَاءِ
الوَضَر‏:‏ الدَّرَن والدَّسم، و ‏"‏على‏"‏ من صلة فعل محذوف، أي أرجى الدهر على كذا‏.‏
يضرب لمن يتبلغ باليسير
2539- عَرِّضْ للكَرِيْمِ وَلا تُبَاحِثْ
البَحْث‏:‏ الصرف الخالص، أي لا تبين حاجتك له ولا تصرح؛ فإن التعريض يَكْفيه
2540- عَمِلَ بِهِ الفَاقِرَةَ
أي عَمِلَ بِهِ عملاً كسر فقاره، وفي التنزيل ‏(‏تظُنُّ أن يُفَعَلَ بها فَاقِرَة‏)‏ أي داهية‏.‏
2541- عِرْضٌ مَا وَقَعَ فِيهِ حَمْدٌ وَ لا ذَمَمٌ
يضرب لمن لا خيرَ عنده ولا شر
2542- عَذَابٌ رَعَفَ بِهِ الدَّهْرُ عَلَيْهِ
يُقَال‏:‏ رَعَفَ الفرسُ يرعَفُ ويرعُفُ، إذا تقدم‏.‏ يضرب لمن استقبله الدهر بشر شمَّر‏:‏ أي شديد‏.‏
2543- العَوْدُ أَحْمَدُ
يجوز أن يكون ‏"‏أحمد‏"‏ أفعل من الحامد، يعني أنه إذا ابتدأ العُرْفَ جَلب ‏[‏ص 35‏]‏ الحمد إلى نفسه، فإذا عاد كان أحمد له، أي أكسب للحمد له، ويجوز أن يكون أَفعَلَ من المفعول، يعني أن الابتداء محمود والعود أحقَ بأن يحمد منه‏.‏
وأول من قَال ذلك خِدَاش بن حابس التميمى، وكان خطب فتاة من بني ذَهل ثُمَ مِنْ بَني سَدُوس يُقَال لها الرَّباب، وهام بها زماناً، ثم أقبل يخطبها، وكان أبواها يتمنَّعان لجمالها وَمِيسَمِها، فردَّا خداشاً، فأضرب عنها زماناً، ثم أقبل ذاتَ ليلةٍ راكباً، فانتهى إلى محلتهم وهو يتغنى ويقول‏:‏
أَلا لَيْتَ شِعْرِي يا رَبَابُ مَتَى أرى * لَنَا منك نُجْحاً أوْشفاء فأشْتَفِي
فقد طالما عَنَّيْتنِي وَ رَدَدْتِنِي * وأنت صَفِيَّي دون مَنْ كُنْتُ أَصْطَفِي
لَحَى الله مَنْ تسمو إلى المال نَفْسُهُ * إذا كان ذا فَضْلٍ به لَيْسَ يَكْتَفِي
فَيُنْكِح ذَا مالٍ دَميماً مُلَوَّماً * وَيَتْرُك حُرَّاً مثله لَيْسَ يَصْطَفِي
فعرفت الرباب منطقه، وجعلت تتسمَّع إليه، وحفظت الشعر، وأرسلت إلى الركب الذين فيهم خِداش أن انزلوا بنا الليلة، فنزلوا، وبعثت إلى خِداش أن قد عرفت حاجتك فاغْدُ على أبي خاطباً، ورجعت إلى أُمُها، فَقَالت‏:‏ يا أُمَّه، هل أنكح إلا مَنْ أهوى و ألتحف إلا من أرضى‏؟‏ قَالت‏:‏ لا، فما ذاك‏؟‏ قَالت‏:‏ فأنكحيني خِداشاً، قَالت‏:‏ وما يدعوك إلى ذلك مع قلة ماله‏؟‏ قَالت‏:‏ إذا جمع المالَ السيءُ الفَعَالِ فقبحاً للمال، فأخبرت الأم أباها بذلك، فَقَال‏:‏ ألم نكن صَرَفْناه عنا، فما بدا له‏؟‏ فلما أصبحوا غدا عليهم خِداش فسلَّم وقَال‏:‏ العَوْدُ أحمد، والمرء يرشد، والورد يحمد، فأرسلها مَثَلاً‏.‏ ويقَال‏:‏ أول من قَال ذلك وأخذ الناسُ منه مالكُ بن نُوَيرة حين قَال‏:‏
جَزَيْنَا بني شَيْبَان أمس بقَرْضِهِمْ * وَعُدْنَا بمثل البَدْءِ والعَوْدُ أَحْمَدُ
فَقَال الناس‏:‏ العود أحمد
2544- عِنْدَ الرَّهَانِ يُعْرَفُ السَّوَابَق
يضرب للذي يَدَّعِي ماليس فيه‏.‏
2545- عَلَيْكَ وَطْبَكَ فَادَّوِهِ
الادَّوَاء‏:‏ أكل الدُّواية، وعليك‏:‏ إغراء، أَي لا تَتَّكِلْ على مال غيرك‏.‏
2546- عَادَ الأََمْرُ إِلَي نِصَابِهِ
يضرب في الأمر يتولاَّه أربابه
2547- العَزِيمَةُ حَزْمٌ، وَالاخْتِلاَطُ ضَعْفٌ
هذا من كلام أكثم بن صيفي ‏[‏ص 36‏]‏ يضرب في اختلاط الرأي، وما فيه من الخطأ والضعف
2548- عَلَى الحَازِي هَبَطْتْ
يُقَال‏:‏ حَزَا يَحْزُو ويَحْزِي، إذا قدر، والحازي‏:‏ الذي ينظر في خِيلاَنِ الوجه وفي بعض الأعضاء ويتكهن، وهذا مثل قولهم ‏"‏على الخبير سَقَطَتْ‏"‏ وقد مر
2549- عَاشَ عَيْشَاً ضَارِباً بِجِرانٍ
الجِران‏:‏ باطن عُنُقَ البعير، ويقَال‏:‏ ضربَ الأرضَ بِجِرانه، إذا ألقى عليها كَلاَ كله‏.‏
يضرب لمن طاب عيشُهُ في دَعّة وإقامة

B-happy 3 - 3 - 2010 10:27 PM



2550- أََعْطِنِي حَظيَّ مِنْ شُوَايَةَ الرَّضْفِ
قَال يونس‏:‏ هذا مثل قَالته امرَأة كانت غريرة، وكان لها زوج يكرمها في المطعم والملبس، وكانت قد أوتيت حظاً من جمال فَحُسِدتْ على ذلك، فابتدرت لها امرَأة لتَشِينها، فسألتها عن صنيع زوجها، فأخبرتها بإحسانه إليها، فلما سمعت ذلك قَالت، وما إحسانه، وقد منعك حظك من شُواية الرضف‏؟‏ قَالت‏:‏ وما شُوَاية الرضف‏؟‏ قَالَت‏:‏ هي من أطيب الطعام، وقد استأثر بها عليك فاطْلُبيها منه، فأحبَّتْ قولها لغَرارَتها، وظنت أنها قد نصحت لها، فتغيرت على زوجها، فلما أتاها وجدها على غير ما كان يعهدها، فسألها ما بالها، قَالت‏:‏ يا ابن عمِّ تزعم أني عليك كريمة، وأنَّ لي عندك مزية، كيف وقد حرمتني شُوَاية الرَّضْف‏؟‏ بَلِّغْنِي حظي منها فلما سمع مقَالتها عرف أنها قد دُهِيَتْ، فأصاخ وكره أن يمنعها فترى أنه إنما منعها إياها ضَنّاً بها، فَقَال‏:‏ نعم وكرامة، أنا فاعل الليلة إذا راح الرعاء، فلما راحوا وَفَرَغُوا من مهنهم وَرَضَفُوا غَبُوقهم دعاها فاحتمل منها رضفة فوضعها في كفها، وقد كانت التي أوردتها قَالت لها‏:‏ إنك ستجدين لها سخنا في بطن كفك فلا تطرحيها فتفسد، ولكن عَاقِبِي بين كفيك ولسانك، فلما وضعها في كفها أحرقتها فلم تَرْمِ بها، فاستعانت بكفها الآخَرى فأحرقتها، فاستعانت بلسانها تبردها به فاحترق، فمجلت يديها، ونفطت لسانها، وخاب مطلبها، فَقَالت‏:‏ قد كان عِيِّ وشِيِّ يَصْريِني عن شر، فذهبت مَثَلاً‏.‏ يضرب في الذرابة على العاثر الذي يتكلَّفُ ما قد كُفِيَ قَال‏:‏ وقولها ‏"‏ أََعطِنِي حظي من شُوَاية الرَّضْف‏"‏ يضرب للذي يسمو إلى ما لاحظ له فيه هذا ما حكاه يونس عن أبي عمرو، وكذلك في أمثال شمر‏.‏ ‏[‏ص 37‏]‏ قلت‏:‏ قولها ‏"‏شُوَاية الرَّضْف‏"‏ الشُّوَاية بالضم‏:‏ الشَيء الصغير من الكبير كالقطعة من الشاة، يُقَال‏:‏ ما بقي من الشاة إلا شُواية وشُواية الخبز‏:‏ القُرص منه، وشُواية الرضف‏:‏ اللبن يغلي بالرَّضْفة، فيبقى منه شَيء يسير قد انشوى على الرضْفة وقولها ‏"‏قد كان عِيِّ وشِيِّى يَصْرِيني‏"‏ الصَّرْي‏:‏ القَطع، ومنه‏:‏
هَواهُنَّ أنْ لَمْ يصره الله قَاتِلُهْ*
والعى‏:‏ مصدر قولهم‏:‏ عَيَ بالكلام يَعْيَا عِيَّا، والشَيء‏:‏ إتباع له، ويقَال ‏"‏عَيِيٌّ شَيِيٌ‏"‏ إتباع له، وبعضهم يقول‏:‏ شَوِىّ، ويقَال‏:‏ ما أَعْيَاه وما أَشْياه وما أَشْواه، أي ما أصغره، وجاء بالعى والشَي، فالعى‏:‏ من بنات الياء، والشَيء‏:‏ من بنات الواو وصارت الواوْ ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ومعناه جاء بالشَيء الذي يَعْيَا فيه لحقارته‏.‏ ومعنى المثل قد كان عجزى مِن الكلام وسكوني يدفع عني هذا الشر، تَنْدَمُ على ما فَرَطَ منها
2551- أَعِلَّةً وَبُخْلاً
قَاله النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله تَعالى عنها حين قَالَ لها‏:‏ أرخي علَىَّ مرطَك، فَقَالت‏:‏ أنا حائض
2552- أعْشَبْتَ فَانْزِلْ
أي أصبت حاجتك فاقنع، يُقَال‏:‏ أَعْشَبَ الرجلُ، إذا وجد عُشْباً، وأَخْصَبَ إذا وجد خِصْباً‏.‏
2553- العُقُوبَةُ أَلأَمُ حَالاتِ القُدْرَةِ
يعني أن العفو هو الكرم
2554- العَجَلَةُ فُرْصَةُ العَجَزَةِ
يضرب في مدح التأني وذم الاستعجال
2555- العَاقِلُ مَنْ يَرى مَقَرَّ سَهْمِهه مِنْ رَمْيَتِهِ
يضرب في النظر في العواقب
2556- العَيْنُ أَقْدَمُ مِنَ السِّنِّ
أي أن الحديث لا يغلب القديم
2557- عِنْدَ الامْتِحَانِ يُكْرَمُ المَرْءُ أَويُهانُ
2558- عِنْدَ النَّازِلَةِ تَعْرِفُ أَخَاكَ
2559- عَلَيْهِ مِنَ الله إِصْبَع حَسنٌ
أي أثر حسن، ويقَال‏:‏ للراعي على ماشيته إصبع، أي أثر حسن‏.‏
2560- عَلَيْهِ وَاقِيَةٌ كَوَاقِيةَ الكِلاَبِ
يضرب للئم الموقّى‏.‏ ‏[‏ص 38‏]‏
والواقية‏:‏ الوقاية، وهو في المثل مصدر أضيف إلى الفاعل، أي كما تقي الكلابُ أولادَهَا‏.‏
2561- عَلَيْكَ نَفْسَكَ
أي اشتغِلْ بشأنك، وهذا يسمى إغراء ونصباً على الإغراء، وحروف الإغراء‏:‏ عليك، وعندك، ودونك، وهنَّ يقمن مقام الفعل، ومعنى كلها خُذْ، ويجوز ‏"‏عَلَيْكَ نفسُكَ‏"‏ بالضم، إذا أَردت أن تؤكد الضمير المرفوع المستتر في النية، كأنك قلت‏:‏ عليك أنت نفسُك زيداً، ويجوز ‏"‏عليك نفسكَ‏"‏ بالخفض، إذا أردت أن تؤكد الكاف وحده كأنك قلت‏:‏ عليك نفسٍكَ زيداً
2562- عَقْراً حَلْقاً
في الدعاء بالهلكة، وفي الحديث حين قيل له عليه السلام‏:‏ إن صفية بنت حُيَيٍّ رضي الله تعالى عنها حائض، فَقَال‏:‏ عَقْرَى حَلْقِى، ما أراها إلا حابستَنَا، قَال أبو عبيد، هو عَقْراً حلقا بالتنوين، والمحدِّثون يقولون‏:‏ هو عَقْرى حَلْقَى، وأصل هذا ومعناه عَقَرَها الله وحَلَقها، وهذا كما تَقول‏:‏ رَأَسْتُهُ وَعَضَدتْهُ وبَطَنْته، وقَال أبو نصر أحمد بن حاتم‏:‏ يُقَال عند الأمر يعجب منه‏:‏ خَمْشَى عَقْرَى حَلْقَى، كأنهُ الحلق والعَقر والخدش، وقال‏:‏
ألا قَوْمي أولو عَقْرى وحَلقَى * لَمَا لاَقَتْ سَلاَمانُ بنُ غَنْمِ
يعني قومي أولو نساء عقرى وحَلقى، أي قدّ عقرن وجوههن وحلَقنَ شعورهن متسلبات على أزواجهن‏.‏
قُلت‏:‏ عقرى وحلقى في البيت جمع عقير وحليق، يقال‏:‏ عقره إذا جرحه فهو عقير‏:‏ أي جريح، والجمع عَقْرَ مثل قتيل وقتلى‏.‏
قَالَ الليث‏:‏ يقال للمرأة عقرى حلقى، يعني أنها تحلق قومها وتعقرهم بشؤمها‏.‏
2563- عَرَكَهُ عَرْكَ الأْدِيمِ
و ‏"‏عَرْكَ الرَّحَى بثفالها‏"‏ و ‏"‏عَرَكَ الصَّناع أديم غير مدهون‏"‏
2564- عَالَى بِهِ كلَّ مَرْكَب
إذا كلَّفه كلَّ أمر شاق‏.‏
2565- عَسَى غَدٌ لِغَيْرِكَ
يُريد عسى غدٌّ يكون لغيرك، أي لا تؤخر أسَر اليوم إلى الغد، فلعلك لا تدركه
2566- عَسَ البَرِقَ لاَ تُخْلِفُ
البارقة‏:‏ السحاب ذات البرق‏.‏ يضرب في تَعليقْ الرجاء بالإحسان‏.‏ ‏[‏ص 39‏]‏
2567- عَذَرْتُ القِرْدَانَ فَمَا بَالُ الحَلَمِ
القِرْدان‏:‏ جمع قُرَاد، والحَلَم‏:‏ جنس منه صغار، وهذا قريب من قولهم ‏"‏اسْتَنَّتِ الفِصَالُ حتى القَرْعَى‏"‏
2568- عَاثّ فِيهِمْ عَيْثَ الذِّئَابِ يَلْتَبِسْنَ بِالغَنَمِ
العَيث‏:‏ الفساد يضرب لمن يجاوز الحد في الفساد بين القوم‏.‏
2569- أَعْرَبَ عَنْ ضَمِيِرِهِ الفَارِسِيُّ
يضرب لمن ما في قلبه‏.‏
2570- عِنْدَ فُلانٍ كَذِبٌَ قَليل
أي هو الصدوقَ الذي لا يكذب، وإذا قَالوا ‏"‏عنده صدق‏"‏ فهو الكذوب
2571- عَلَيْهِ العَفَارُ والدَّبارُ وَسُوءُ الدَّارِ
العَفار‏:‏ التراب، والعفَر مقصور منه كالزَّمان والزَّمَن، والدَّبار‏:‏ اسم من الإدبار كالعّطَاء من الإعطاء، ويجوز أن تكون الباء بدلاً من الميم فيراد به الَّدمار وهو الهلاك وسوء الدار قَال المفسرون‏:‏ هو جهنم، نعوذ بالله تعالى منها
2572- عَلَيهِ العَفَاءُ وَالذِّئْبُ العَوَّاءُ
العَفَاء‏:‏ بالفتح والمد‏:‏ التراب، قَال صفوان بن محرز‏:‏ إذا دخلتُ بيتي فأكلت رغيفاً وشربت عليه ماء فعلى الدنيا العَفَاء، وقَال أبو عبيد‏:‏ العَفَاء الدُّرُوس والهلاك، وأنشد لزهير يذكر دارا‏:‏
تَحَمَّلَ أهْلُهَا عَنْهَا فَبَانُوا * عَلَى آثارِهَا ذَهَبَ العَفَاءُ
قَال‏:‏ وهذا كقولهم ‏"‏عليه الدبار‏"‏ إذا دعا عليه أن يدبر فلا يرجع‏.‏ والذئب العَوَّاء‏:‏ الكثير العُواَء‏.‏
2573- عَرَفْتُ شَوَاكِلَ ذّلِكَ الأمْر
أي ما أشكل من أمرهم، قَاله عمارة بن عقيل‏.‏
2574- عَجَبٌ مِنْ أَنْ يَجِيءَ مِنْ جَحِنٍ خيْرٌ
الجَحِن‏:‏ القصير النبات، يعني النماء، يُقَال‏:‏ جَحِن يَجْحَن فهو جَحِن، إذا كان سيء الغذاء، وأجحنه غيره؛ إذا أساء غذاءه يضرب للقصير لا يجيء منه خير‏.‏
2575- أَعَانَكَ العَوْنُ قَلِيلاً أوْأَباهُ وَالعَوْنُ لا يُعِينُ إلاَّ ما اشْتَهاهُ
قَال أبو الهيثم‏:‏ يعني مَنْ أعانك من غير أن يكون ولداً أوْأخاً أوْعبداً يهمه ‏[‏ص 40 ‏]‏ ما أهمك ويسعى معك فيما ينفعك فإنما يعينك بقدر ما يحب ويشتهى، ثم ينصرف عنك‏.‏
2576- العَجْزُ وَطِئُ
يُقَال‏:‏ وَطُؤ فهو وطئ بين الوَطَاءة، وفراشٌ وَطِئ‏:‏ أي وَثير‏.‏
يضرب لمن استوطأ مركب العجز وقعد عن طلب المكاسب والمحامد، ولمن ترك حقه مخافة الخصومة‏.‏
2577- العَجْزُ رِيبَةٌ
يعني أن الإنسان إذا قَصَدَ أمراً وجدَ إليه طريقاً، فإن أقرَّ بالعجز على نفسه ففي أمره ريبة، قَال أبو الهيثم‏:‏ هذا أحَقَ مثلٍ ضربته العرب‏.‏
2578- عّهْدُكَ بِالْفَالِياَتِ قَدِيمُ
يضرب لما فات ويُتَعَذَّر تداركُه وأصله في الرأس يَبْعد عهدُه بالدهن والفَلْيِ
2579- عُرْفُطَةٌ تُسْقَي مِنَ الغَوادِقِ
الْعُرْفُطة‏:‏ شجرة من العَضَاه خَشِنةُ المس، والغَدَق‏:‏ الماء الكثير، وهو في الأصل مصدر يُقَال‏:‏ غَدقَتْ عين الماء، أي غَزُرت، ثم يوصف به فيقَال‏:‏ ماء غَدَق، ويقَال‏:‏ سحابة غَادَقَة، والغوادق‏:‏ السحاب الكثير الماء يضرب للشرير يكرم ويبجل‏.‏
2580- عَوْرَاءُ جَاءَتْ وَالنَّدِىُّ مُقْفِر
العَوْراء‏:‏ الكلمة الفاحشة، والنَّدِىُّ والنادي‏:‏ المجلس، والمقفر‏:‏ الخالي‏.‏
يضرب لمن يؤذي جليسه بكلامه وتعظمه عليه من غير استحقاق‏.‏
2581- عَرْجَلَةٌ تَعْتَقِلُ الرَّمَاحَ
العَرْجَلَة‏:‏ الرَّجَّالة في الحرب، والاعتقَال‏:‏ أن يُمْسِكَ الفارسُ رمحه بين جنب الفرس وفخذه‏.‏
يضرب لمن يخبر عن نفسه بما ليس في وُسْعِه‏.‏
2582- أُعْتُوبَةٌ بَيْنَ ظِمَاءٍ جُوَّعِ
يُقَال‏:‏ بينهم أُعْتُوبة يتعاتَبُون بها، أي إذا تعاتبوا أصلح ما بينهم العتاب‏.‏
يضرب لقوم فقراء أذلاء يفتخرون بما لا يملكون‏.‏
2583- عَارِيَةُ الفَرْجِ وَبَتٌ مُطَّرَحٌ
البَتُّ‏:‏ كِساء غليظ النسج، ويقَال‏:‏ هو طيلسان من خز‏.‏
يضرب لمن رضي بالتقشف وهو قادر على ضده‏.‏ أي هي عارية الفرج وعندها بَتٌ مطروح، ويحتمل أن يعني به أنها تتجمل وقد عجزت عما يستر عورتها‏.‏ ‏[‏ص 41‏]‏
2584- عَشيِرَةٌ رِفَاغها تُوَسَّعُ
يعني أن أفْنِية العشيرة أوسَعُ وأحمل لجناياته يضرب لمن يرجع بجنايته إلى العشيرة ويؤذيهم بالقول والفعل‏.‏
2585- عَيْنٌ بِذَاتِ الْحَبَقَاتِ تَدْمَعُ
العين‏:‏ عين الماء، والحَبَق‏:‏ بَقْل من بقول السهل والحزن، وتدمع‏:‏ كناية عن قلة الماء فيها‏.‏
يضرب لمن له غنى وخيره قليل، ولا ينتفع به إلا الأخسَّاء، لأنه قَال فيما بعد
وارِدُهَا الذئْبُ وكّلْبٌ أبْقَعُ*
2586- عَيْشُ المُضِرِّ حُلْوُهُ مُرٌّ مَقِرٌ
المضر‏:‏ الذي له ضرائر، والمقِر‏:‏ الشديد المرارة‏.‏
يُقَال‏:‏ إنه يضرب لمن كان له كَفَاف فطلب عيشا أرفع وأنفع فوقع فيما يتعبه‏.‏
2587- عَيْنُكَ عَبْرَى وَالفُؤَادُ في دّدِ
الدَّد، والدَّدَن، والدَّدَاء‏:‏ اللعبُ واللهو ويقَال‏:‏ رجل عَبْرَان، وامرَأة عَبْرَى، أي باكية‏.‏
يضرب لمن يظهر حزنا لحزنك وفي قلبه خلاف ذلك‏.‏
2588- أََعْلاَمُ أََرْضٍ جُعِلَتْ بَطَاَئِحاً
الأعلام‏:‏ الجبال، واحدها عَلَم، والبطائح‏:‏ جمع البَطيحة، وهي الأرض المنخفضة‏.‏
يضرب لأشراف قوم صاروا وضُعَاء، ولمن كان حقه أن يشكر فكفر‏.‏
2589- عَافِيكُمْ في القِدْرِ ماءٌ أَكْدَرُ
العافي‏:‏ ما يبقى في أسفل القدر لصاحبها وقَال‏:‏
إذا رَدَّ عَافِي القِدْرِ مَنْ يَسْتعِيرُهَا*
وماء كدر وأكدر‏:‏ في لونه كُدْرَة، يضرب لمن أحسن إليه فأساء المكافأةَ
2590- عُرَاضَةٌ تُورِى الزِّنَادَ الكائلِ
العُراضة‏:‏ الهدية، والزَّنْد الكائل‏:‏ الكابي، يُقَال‏:‏ كان الزَنْدُ يَكيل كيلا، إذا لم تخرج ناره، وإنما قيل ‏"‏الزند الكائل‏"‏ ولم يقل الكائلة لأن الزناد إن كان جمع زَنْد فهو على وزن الواحد مثل الكتاب والجدار، وهذا كما قَالَ امرؤ القيس‏:‏
نُزُولَ اليَمَاني ذي العِياب المُحَمَّل* ‏(‏صدره* وألقى بصحراء الغبيط بعاعه*‏)‏
وكما قَال زهير‏:‏
‏[‏مَغَانِمُ شتَّى‏]‏ من إفالٍ مُزَنَّمِ* ‏(‏صدره*وأصبح يحذى فيهم من تلادكم*‏)‏
يضرب لمن يخدع الناس بحسن منطقه ويضرب في تأثير الرُّشَا عند إنغلاقَ المراد ‏[‏ص 42‏]‏
2591- عَشَّرَ والمَوْتُ شَجَا الوَريدِ
التعشير‏:‏ نهيقَ الحمار عشرةَ أصواتٍ في طلقَ واحد، قَال الشاعر‏:‏
لَعَمْرِي لئن عَشَّرتُ من خِيفةِ الرَّدى * نُهَاقَ الحمير إنَّني لَجَزُوعُ
وذلك أنهم كانوا إذا خافوا من وَبَاء بلدٍ عَشَّروا تعشير الحمير قبل أن يدخلوه، وكانوا يزعمون أن ذلك ينفعهم، يقول‏:‏ عشَّرَ هذا الرجل والموتُ شَجَا وريده، أي مما شجِىَ به وريده، يريد قرب الموت منه يضرب لمن يجزع حين لا ينفعه الجزع
2592- أَعْلَمُ بِمَنْبِتِ القَصِيصِ
والمعنى‏:‏ أنه عارف بموضع حاجته، والقصيص‏:‏ منابت الكمأة، ولا يعلم بذلك إلا عالم بأمور النبات، وأما قولهم‏:‏
2593- أَعْلَمُ مِنْ أَينَ يُؤْكَلُ الْكَتِفُ
فزعم الأَصمَعي أن العرب تقول للضعيف الرأي‏:‏ إنه لا يحسن أكل لحم الكتف قلت‏:‏ أورد حمزة هذين المثلين في كتاب أفعل، وهما إن كانا على أفعل فهذا الموضع أولى بهما؛ لأنهما عَرِيَا مِنْ من
*3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif ما جاء على أفعل من هذا الباب
2594- أَعَزُّ مِنْ كلَيْبِ وَائِلٍ
هو كُلَيب بن ربيعة بن الحارث بن زهير، وكان سيد ربيعةَ في زمانه، وقد بلغ من عزه أنه كان يَحْمي الكلأ فلا يُقرَبُ حِماه، ويُجِير الصيد فلا يهاج، وكان إذا مر بروضة أعجبته أوْغَدير ارتضاه كّنَّعَ كُليباً ثم رمى به هناك، فحيثُ بلغ عُواؤه كان حِمَىً لا يُرْعى، وكان اسم كليب بن ربيعة وائلا‏:‏ فلما حَمَى كليبة المرْمىُّ الكلأ قيل‏:‏ أعز من كليب، ثم غلب هذا الاسمُ عليه حتى ظَنُّه اسمه، وكان من عزه لا يتكلم أحد في مجلسه، ولا يَحْتَبِي أحَدٌ عنده، ولذلك قَال أخوه مهلهل بعد موته‏:‏
نُبَّثْتُ أن النارَ بعدك أوقِدَتْ * واسْتَبَّ بَعْدَكَ يا كليبُ المجلِسُ
وتَكلَّموا في أمْرِ كُلِّ عَظِيمَةٍ * لو كُنْتَ شاهدَهُمْ بِهَا لم يَنْسُبوا
وفيه أيضاً يقول معبد بن عبد سعنة التميمي‏:‏
كفعل كُلَيبٍ كنت خُبِّرْتُ انَّه * يُخَطِّطُ أكلاء المِياه وَيَمْنَعُ
يُجِيرُ على أفناء بَكْرِ بن وَائِلٍ * أرانب ضاح والظباء فَتَرْتَعُ ‏[‏ص 43‏]‏
وكليب هذا هو الذي قتله جساس بن مرة الشيباني وقد ذكرت قصته عند قولهم ‏"‏أشأم من البسوس‏"‏ في باب الشين ‏.‏
2595- أَعْيَا مِنْ بَاقِلٍ
هو رجل من إياد، قال أبو عبيدة‏:‏ باقل رجل من ربيعة، بلغ من عِيِّه أنه اشترى ظبياً بأحدَ عشَرَ درهماً، فمر بقوم فقالوا له‏:‏ بكم اشتريت الظبي‏؟‏ فمد يده ودلعَ لسانه يريد أحد عشر، فَشَرَدَ الظبي وكان تحت إبطه، قال حميد الأرقط في ضَيْف له أكثر من الطعام حتى منعه ذلك من الكلام‏:‏
أَتَانَا وَمَا دَاناهُ سَحْبَانُ وَائِلٍ * بَيَاناً وَعِلماً بِالَّذِي هُوَ قَائِلٌ
فمَا زَالَ مِنهُ اللَّقْمُ حتى كَأَنَهُ * مِنَ الْعِيِّ لما أن تَكَلَّمَ بَاقِلُ
يَقُولُ وَقَدّ أَلْقَى المَرَسِيَ لِلْقُرِى * أبن ليَ مَا الحَجَّاجُ بالناس فَاعِلُ
يدلل كفاه ويحدر حلقه * إلى الْبَطْنِ ما ضُمَّتْ عليه الأَنَامِلَ
فَقُلْتُ‏:‏ لَعَمْرِي مَا لِهَذَا طَرَقْتَنَا * فَكُلْ وَدَعِ الإرْجَافَ مَا أَنْتَ آكِلُ
2596- أَعَزُّ مِنَ الزّبَّاءِ
هي امرَأة من العماليق، وأمها من الروم وكانت ملكة الحِيرة تغزو بالجيوش، وهي التي غزت مارداً والأبلق، وهما حصانان كانا للسَّمَوأل بن عاديا اليهودي، وكان ماردا مبنيّاً من حجارة سُودٍ، والأبلقَ من حجارة سود وبيض، فاستصعبا عليها، فَقَالت‏:‏ تَمَّرد مارد وعَزَّ الأبلق، فذهبت مَثَلاً، وقد تقدمت قصتها مع جَذِيمة قَبْلُ
2597- أعْيَا مِنْ يَدٍ في رَحِمٍ
يضرب لمن يتحير في الأمر ولا يتوجه له قَال أبو الندى‏:‏ ما في الدنيا أعيا منها؛ لأن صاحبها يَتَّقِي كل شَيء، قد دهن يده بدهن وغسلها بماء حتى تلين ولا يلتزقَ بها الرحم؛ فهو لا يكاد يمسُّ بيده شيئاً حتى يفرغ‏.‏
2598- أَعَزُّ مِنْ الأبْلَقَ العَقُوقِ
يضرب لمن يعزُّ وجودُه‏.‏ وذلك لأن العَقُوقَ في الإناث، ولا تكون في الذكور‏.‏ قَال المفضل‏:‏ إن المثل لخالد بن مالك النشهلى، قَاله للنعمان بن المنذر، وكان أسَرَ ناساً من بني مازن بن عمر بن تميم فقال‏:‏ من يكفل بهؤلاء‏؟‏ فَقَال خالد‏:‏ أنا، فَقَال النعمان‏:‏ وبما أحدثوا‏؟‏ فَقَال خالد‏:‏ نعم، وإن كان الأبلقَ العَقُوقَ، فذهبت مَثَلاً‏.‏ ‏[‏ص 44‏]‏ يضرب في عزة الشَيء والعرب كانت تسمي الوفاء الأبلَقَ العَقُوق؛ لعزة وجوده‏.‏
2599- أَعْقَرُ مِنْ بَغْلَةٍ
2600- وأَعْقَمُ مِنْ بَغْلَةٍ
2601- أَعزُّ مِنْ بَيْضِ الأنُوقِ
قَالوا‏:‏ الأنوقَ الرَّخمة، وعز بيضها لأنه لا يظفر به؛ لأن أوكارها في رؤوس الجبال والأماكن الصعبة البعيدة، قَال الأخطل‏:‏
مِنْ الجَارياتِ الحُورِ، مَطْلَبُ سِرِّهَا * كَبَيْضِ الأنُوقَ المُسْتَكِنَّةِ في الوَكْرِ
2602- أَعَزُّ مِنَ الغُرَابِ الأعْصَمِ
قَال حمزة‏:‏ هذا أيضاً في طريقَ الأبلقَ العقوقَ في أنه لا يُوجَد، وذلك أن الأعصم الذي تكون إحدى رجليه بيضاء، والغراب لا يكون كذلك، وفي الحديث ‏"‏أن عائشة في النساء كالغُرَابِ الأعصم‏"‏
2603- أَعَزُّ مِنْ قَنُوع
هو من قول الشاعر‏:‏
وكُنْتَ أَعَزَّ عِزَاً مِنْ قَنُوعِ * تَرَفَّعَ عَنْ مُطالَبَةِ المَلُولِ
فَصِرْتُ أذلَّ مِنْ مَعْنىً دَقِيقٍَ* بِهِ فَقْرٌ إلى ذِهْنٍ جَلِيلِ
وأما قولهم‏:‏
2604- أَعَزُّ مِنَ الكِبْرِيتِ الأحمَرِ
فيقَال‏:‏ هو الذهب الأحمر، ويقَال‏:‏ بل هو لا يوجد إلا أن يذكر، وقَال
عَزَّ الوَفَاءُ - فَلاَ وَفَاءَ وإنه * لأعَزُّ وُجْدَاناً مِنْ الكِبْريتِ




B-happy 3 - 3 - 2010 10:32 PM



2605- أَعَزُّ مِنْ مَرْوَانِ القَرَظِ
هو مروان بن زِنْبَاع العبسي، وكان يَحْمي القرظ لعزه، ويقَال‏:‏ بل سمى بذلك لأنه كان يغزو اليمن وبها منابتُ القَرَظِ، ووَصِفَ مروان للمنذر بن ماء السماء، فاستوفده عليه، فَقَال له، أنت مع ما حُبِيتَ به من العز في قومك، كيف عِلْمُكَ بهم‏؟‏ فَقَال أَبَيتَ اللعن، إني إن لم أعلمهم لم أعلم غيرهم، قَال‏:‏ ما تقول في عبس‏؟‏ قَال‏:‏ رمح حديد، إن لم تطعن به يطعنك، قَال‏:‏ ما تقول في فَزَارة، ‏؟‏ قَال‏:‏ وادي يحمى ويمنع قَالَ فما تقول في مرة قَال‏:‏ لا حُرَّ بوادي عَوْف، قَال‏:‏ فما تَقول في أَشْجَع‏؟‏ قَال‏:‏ ليسوا بِدَاعِيكَ ولا بِمِجيبيك، قَالَ فما تقول في عبد الله بن غَطَفَان‏؟‏ قَال‏:‏ صُقُور لا تصيدك‏:‏ قَال‏:‏ فما تقول في ثعلبة بن سعد‏؟‏ قَال‏:‏ أصواتٌ ولا أنيس‏.‏‏[‏ص 45‏]‏
2606- أَعَزُّ مِنْ حَلِيمَةَ
هي بنت الحارث بن أبي شمر ملك عرب الشام، وفيها سار المثل فقيل‏:‏ ما يَوْمُ حليمة بِسِرٍّ، وهذا اليوم هو اليوم الذي قُتل فيه المنذر بن ماء السماء ملك العراق، وكان قد سار بعربها إلى الحارث الأعْرَج الغَسَّاني، وهو الأكبر، وكان في عرب الشام، وهو أشهر أيام العرب وإنما نُسِبَ هذا اليوم إلى حليمة لأنها حَضَرَت المعركة مُحَضِّضَة لعسكر أبيها، فتزعم العرب أن الغبار ارتفع في يوم حليمة حتى سّدَّ عَينَ الشمس فظهرت الكواكب المتباعدة عن مطلع الشمس، فسار المثل بهذا اليوم، فقيل‏:‏ لأرِيَنَّكَ الكَواكِبَ ظُهْراً، وأخذه طَرَفَة فَقَال‏:‏
إِنْ تُنَوِّلْهُ فَقَدْ تَمْنَعُهُ * وَتُرِيهِ النَّجْمَ يَجْرِي بالظُّهُرْ
وقد ذكر النابغة يوم حليمة في شعره، فَقَال يصف السيوف‏:‏
تُخُيِّرْنا مِنْ أَزْمَانِ عَهْدِ حَلِيمَةٍ * إِلَى الْيَوْمِ قَدْ جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ
2607- أَعَزُّ مِنْ أُمِّ قِرْفَةَ
هي امرَأة فَزَارية كانت تحت مالك بن حُذَيفة بن بدر، وكان يُعَلَّقَ في بيتها خمسون سيفاً لخمسين رجلا كلُّهم لها مَحْرَم
2608- أَعْدَى مِنَ الظَّلِيمِ
وذلك أنه إذا عدا مَدَّ جناحيه، فكان حُضْره بين العَدْو والطَّيَرَان
2609- أَعْدَى مِنَ الحَيَّةِ
هذا من العِدَاء، وهو الظلم، وهذا كقولهم‏"‏ أظْلَم من حيَّة‏"‏ وأما قولهم‏:‏
2610- أَعْدِي مِنَ الذِّئْبِ
فمن العِدَاء والعَدَاوة والعَدْو، وقولهم‏:‏
2611- أَعْدَى مِنَ الْعَقْربِ هذا مِنَ العِدَاء والعَدَاوة، وقولهم‏:‏
2612- أَعْدَى مِنَ الجَرَبِ
من العَدْوَى، وكذلك‏:‏
2613- أَعْدَى مِنَ الثُّؤَبَاءِ
من العَدْوَى أيضاً، والثُّؤَبَاء‏:‏ التثاؤب وزعم أن شِظَاظاً كان على ناقة يَتَبَعْ رجل وكان شِظَاظٌ رَجل مُغيراً، فتثاءب شِظاظ، فتثاءبت ناقته، وتثاءبت ناقة الرجل المطلوب، فتثاءب الرجل من فوقها فَقَال‏:‏
أَعْدَيْتِني فَمَنْ تُرَى أَعْدَاكِ * لا حَلَّ مَنْ أَغْفَي ولا عَدَاكِ
قَال حمزة يقول‏:‏ لاحَلَّ رَحْلَه مَنْ أَرْكَضَك‏.‏ ‏[‏ص 46‏]‏ قلت‏:‏ قد روى حمزة ‏"‏لاحل من غفا‏"‏ ثم قَال في تفسيره‏:‏ لاحل رحله من أركضك، وليس في البيت ما يدل على هذا المعنى؛ لأن غفا غير معروف، قَال ابن السكيت‏:‏ تقول أغفيت إذا نمت، ولا تقل‏:‏ غَفَوْت، يقول‏:‏ لاحل رَحْلَهُ من نام ولم يركضك حتى يفلت، والدليل عليه قولُ حمزة بعد هذا‏:‏ ثم التفت الرجل فإذا شِظَاظ في طلبه، فأَجْهَدَهَا حتى أفلت، وهذا هو الوجه
2614- أَعْدَى مِنَ الشَّنْفَرَى
هذا من العَدْو، ومن حديثه - في ما ذكر أبو عمرو الشيباني - أنه خرج هو وتأبَّطَ شراً‏:‏ وعمرو بن برَّاق فأغارو على بجيلة فوجدوا له رَصَداً على الماء، فلما مالوا له في جوف الليل قَال لهما تأبط شراً‏:‏ إن بالماء رَصَدَاً، وإني لأسْمَعُ وجِيبَ قلوب القوم، فَقَال‏:‏ ما تسمع شيئاً، وما هو إلا قَلْبك يَجِبُ، فوضع أيديَهُمَا على قلبه وقَال‏:‏ والله ما يَجِبُ وما كان وَجَّابا، قَالوا‏:‏ فلا بُدَّ لنا من ورود الماء، فخرج الشنفرى، فلما رآه الرصَدُ عَرَفُوه فتركوه حتى شرب من الماء، ورَجَع إلى أصحابه فَقَال‏:‏ والله ما بالماء أحد، ولقد شربت من الحوض، فَقَال تأبط شراً للشنفرى‏:‏ بلى، ولكن القوم لا يريدونك، وإنما يريدونني، ثم ذهب ابْنُ بَرَّاقَ فشرب ورجع ولم يَعْرِضوا له، فَقَال تأبط شراً للشنفرى‏:‏ إذا أنا كَرعْتُ في الحوض، فإن القوم سيشدون علي فيأسرونني، فاذْهَبْ كأنك تهرب، ثم كُنْ في أصل ذلك القَرْنِ فإذا سمعتَنِي أقول‏:‏ خذوا خذوا، فتعال فأطْلِقْنِي، وقَال لابن براق‏:‏ إني سآمُرُكَ أن تستأسر للقوم، فلا تَنْأََ عنهم ولا تمكنهم من نفسك، ثم مر تأبط شراً حتى وَرَدَ الماء فحين كَرَعَ في الحوض شَدَّوا عليه فأخذوه وكتفوه بوتر، وطار الشنفرى، فأتى حيث أمره، وانحاز ابنُ براقَ حيث يَرَونْه، فَقَال تأبط شرا‏:‏ يا معشر بَجيلة، هل لكم في خير أن تُيَاسرونا في الفِدَاء ويستأسر لكم ابنُ براق‏؟‏ قَالوا‏:‏ نعم، فَقَال‏:‏ ويلك يا بن براقَ أما الشفنرى فقد طار، وهو يصطلى نارَ بنى فلان، وقد علمت مابينَنَا وبين أهلك، فهل لك أن تستأسر ويُيَاسرونا في الفداء‏؟‏ قَال‏:‏ لا والله حتى أََرُوزَ نفسي شَوْطاً أوْشوطين فجعلَ يَسْتَنُّ نحو الجبل ويرجع حتى إذا رأوا أنه قد أََعْيى طَمِعُوا فيه فاتبعوه ونادى تأبط شراً‏:‏ خذوا خذوا، فخالف الشنفرى إلى تأبط شراً فقطع وَثاقه مال إلى عِنْده فناداهم تأبط شراً‏:‏ يا معشر بجيلة ‏[‏ص 47‏]‏ أعجبكم عَدْوُ ابن براق‏؟‏ أما والله لأعْدوَنَّ لكم عدوا ينسيكم عَدْوَّه، ثم احضروا ثلاثتهم، فَنَجوا وفي ذلك يقول تأبط شراً‏:‏
لَيلَةَ صاحوا وَأغْرَوا بِي سِرَعَهمُ * بلعبيتين لدى مَعْدَى ابنِ بَرَّاقِ
كأنَّما حّثْحَثُوا حُصَّاً قَوَدِمُهُ * أوْأمَّ خَشْفٍ بِذِى شَثّ وَطبَّاقِ
لا شَيْءَ أََسْرَعُ منيَّ غَيْرُ ذِي عذر * أوْذِي جَنَاحٍ بجَنْبِ الَّريْدِ خَفَاقِ
فكل هؤلاء الثلاثة كانوا عدَّئين، ولم يَسِرِ المثل إلا بالشَّنفرى
2615- أّّعْدَى مِنَ السُّلَيْك
هذا من العَدْوِ أيضاً ومن حديثه - فيما زعم أبو عبيدة - أنه رأته طَلاَئعُ جيشٍ لبكر بن وائل جاءوا متجردين ليغيروا على تميم، ولا يعلم بهم، فَقَالوا‏:‏ إن علم السليك بنا أَنْذَرَ قومه، فبعثوا إليه فارسين على جوادين، فلما هايَجَاه خرج يَمْحَص كأنه ظبي، فطارداه سَحَابَةَ نهارِه، ثم قَالا‏:‏ إذا كان الليل أعيا فسقط فنأخذه، فلما أصبحا وجَدَا أثره قد عثر بأصل شجرة فنزا ونَدَرَتْ قَوسُه فانحطمت، فوجدا قِصْدَةً منها قد ارَتزَّتْ في الأرض فَقَالا‏:‏ لعلَّ هذا كان من أول الليل ثم فَتَرا فتبعاه فإذا أثره متفاجا قد بال في الأرض وخَدَّ، فَقَالا‏:‏ مَالَه قَاتَله الله ماأشدَّ مَتْنَهُ، والله لاتبعناه، وانصرفا، فتم السليك إلى قومه، فأنذرهم، فكذبوه لبعد الغاية، فَقَال‏:‏
يُكَذبني العَمْرَانِ عَمْرُو بْنُ جُنْدبْ * وعَمْرُو بن سَعْدٍ، والمُكَذِّبُ أكْذَبُ
سَعَيْتُ لَعَمْرِ سَعْيَ غير مُعَجز * وَلا نَأنأ لَوْ أَنَّنِي لا أكَذَّبُ
ثَكِلتكُمَا إن لم أكُنْ قَدْ رَأيْتُها * كَرَادِيسَ يَهْدِيهَا إلى الحيِّ مَوْكِبُ
كَرَادِيس فيها الحَوْفَزَانُ وَحَوْلَهُ * فَوَارِيسُ همام مَتى يَدْعُ يَرْكَبُوا
وجاء الجيش فأغاروا وسليك تميمي من بني سعد، وسُلَكةُ أمُه، وكانت سوداء وإليها ينسب، السلكة‏:‏ ولد الحَجَلِ، وذكر أبو عبيدة السليك في العدائين مع المنتشر بن وهب الباهلي وأوفى بن مطر المازني، والمثلُ سار بِسُليك من بينهم
2616- أَعَقَ مِنْ ضَبٍّ
قَال حمزة‏:‏ أرادوا ضبة فكثر الكلام بها فَقَال‏:‏ ضب‏.‏ قلت‏:‏ يجوز أن يكن الضب اسم الجنس كالنعام والحمام والجراد، وإذا كان كذلك وقع على الذكر والأنثى‏.‏ ‏[‏ص 48‏]‏ قَال‏:‏ وعقوقها أنها تأكل أولادها وذلك أن الضب إذا باضَتْ حَرَسَتْ بيضها من كل ما قدرت عليه من وَرَل وحية وغير ذلك، فإذا نقبت أولادها وخرجت من البيض ظنتها شيئاً يريد بيضها فوثبت عليها تقتلها، فلا ينجوا منها إلا الشَّريد، وهذا مثل قد وضعته العرب في موضعه، وأتت بعلته، ثم جاءت إلى ما هو في العقوقَ مثل الضبة فضربت به المثل على الضد، فَقَالوا‏:‏ ‏"‏أبر من هرة‏"‏ وهي أيضاً تأكل أولادها، فحين سُئلوا عن الفرقَ وجّهوا أكل الهرة أولادَها إلى شدة الحب لها، فلم يأتوا في ذلك بحجة مُقنعة، قَال الشاعر‏:‏
أما تَرَى الدهْرَ وهذا الوَرَى * كَهِرَةٍ تأكُلُ أولادَهَا
وقَالوا أيضاُ‏:‏ أكرمُ من الأسد، والأم من الذئب، فحين طولبوا بالفرقَ قَالوا‏:‏ كرمُ الأسد أنه عند شَبعه يتجافى عما يمر به، ولُؤْم الذئب أنه في كل أوقاته متعرض لكل ما يعرض له، قَالوا‏:‏ ومن تمام لؤمه أنه ربما يعرض للإنسان منه إثنان فَيَتَساندان وَيُقْبِلانِ عليه إقبالا واحداً فإن ادمى الإنسان واحداً من الذئبين وثبَ الذئب الآخَر على الذئب المدمى فمذقه وأكله وترك الإنسان، وانشدوا لبعضهم‏:‏
وكنت كذئب السوء لما رأى دماًً * بِصَاحِبِهِ يوماً أحَالَ عَلَى الدَّمِ
أحال‏:‏ أي أقبل، قَالوا‏:‏ فليس في خَلقَ الله تعالى ألأم من هذه البهيمة؛ إذ يحدث لها عند رؤية الدم بِمُجَانسها الطمع فيه، ثم يحدث ذلك الطمع لها قوة تعدوا بها على الآخَر‏.‏ ومما أجروه مجرى الذئب والأسد والضب والهر في تضادِّ النعوت‏:‏ الكَبْش، والتَّيْسُ، فإنهم يقولون للرئيس‏:‏ يا كبش، وللجاهل‏:‏ يا تيس، ولا يأتون في ذلك بعلة، وكذلك المعز والضأن، يقولون فيهما‏:‏ فلان ماعز من الرجال، وفلان أمعز من فلان، أي أمْتَنُ منه، ثم يقولون فلان نَعْجَة من النِّعاج، إذا وَصفوه بالضعف والمُوقِ، وقَالوا العُنُوقَ بعد النُّوق، ولم يقولوا الحَمَل بعد الجَمَل‏.‏ قَال حمزة‏:‏ فمعنى قولهم ‏"‏العنوقَ بعد النوق‏"‏ أي بعد الحال الجليلة صغر أمركم، وهذا كما يُقَال‏:‏ الحور بعد الكور، وكذلك يقولون ‏"‏أبعد النوقَ العنوق‏"‏ فإن أرادوا ضد ذلك قَالوا ‏"‏أبعد العنوقَ النوق‏"‏ والأفراس عند العرب معز الخيل، والبراذين ضأنها، كما أن البُخْتَ ضأنُ الإبل، والجواميس ضأن البقر، وهذا كما حكى عن ‏[‏ص 49‏]‏ ثمامة أنه قَال‏:‏ النمل ضأن الذر، وخالفه مخالف فَقَال‏:‏ النمل والذر كالفأر والجرذان
2617- أَعقَ مِنْ ذِئْبَةٍ
لأنها تكون مع ذئبها فيُرمى، فإذا رأته أنه قد دمى شَدَّتْ عليه فأكلته، قَال رؤبة‏:‏
فَلاَ تَكُونِي يَابْنَةَ الأشَمَِ * وَرْقَاءَ دَمَّى ذِئْبَهَا المُدَمِّى
وقَال آخر‏:‏
فَتىً ليس لابن العَمِّ كالذِّئْبِ إن رَأي* بصَاحِبِهِ يَوْماً دَماً فَهْوَ آكِلُهْ
2618- أَعْطَشُ مِنْ ثُعَالَةَ
قد اختلفوا في التفسير؛ فزعم محمد بن حبيب أنها الثعلب، وخالفه ابن الأعرابي فزعم أن ثعالة رجل من بني مُجَاشع خرج هو ونجيح بن عبد الله بن مجاشع في غَزاة، ففوَّزا فلَقَم كل واحد منهما فَيْشَلة الآخَر وشرب بَوله، فتضاعف العطش عليهما من ملوحة البول، فماتا عطشانين، فضربت العرب بثُعالة المثلَ، وأنشد لجرير‏:‏
ما كانَ يُنْكَرُ في غَزِىِّ مُجَاشِع * أكْلُ الخَزِيرِ وَلا ارتِضاعُ الفَيْشَلِ
وقَال‏:‏
رَضَعْتُم ثم بَالَ عَلى لِحَاكُمْ * ثُعَالةُ حِينَ لَم تجدِواِ شَرَابَا
2619- أَعْطَشُ مِنَ النَّقَّاقَةِ
ويروى ‏"‏من النَّقَّاقِ‏"‏ أيضاً، يعنون به الضفدع، وذلك أنه إذا فارقَ الماء مات، ويقَال للإنسان إذا جاع‏:‏ نقَّتْ ضَفَادعُ بطنه، وصاحت عصافير بطنه‏.‏
2620- أَعْطَشُ مِنَ النَّمْلِ
لأنه يكون في القفار حيث لا ماء ولا مَشرب‏.‏
2621- أَعْذَبُ مِنْ مَاءِ البَارِقِ
وهو ماء السحاب يكون فيه البرق‏.‏
2622- وَمَاءِ الغَادِيَةِ
وهو ماء السحابة التي تغدو
2623- وَمَاءِ المَفَاصِلِ
وهو ماء المفصل بين الجبلين، قَال‏:‏ أبو ذؤيب‏:‏
وإنَّ حديثاً مِنْكِ لو تَبْذُلِينَهُ * جَنَى النَّحْلِ في ألبانِ عُوذٍ مَطَلِلِ
مَطَافِل أبكار حَدِيثٌ نِتَاجُها * تُشَابُ بمَاء مِثْلِ مَاءِ المَفَاصِلِ
2624- وَمَاءِ الحَشْرَجِ
وهو ماء الحصى، قَال‏:‏
فَلَثِمْتُ فَاهَا آخِذاً بِقُرُونِهَا * شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ مَاءِ الحَشْرَجَ ‏[‏ص 50‏]‏
ويقَال‏:‏ الحشرج الحِسْىُ، ويقَال هو الكوز اللطيف‏.‏
2625- أَعْجَلُ مِنْ نَعْجَةٍ إلى حَوْضٍ
لأنها إذا رأت الماء لم تنثن عنه بِزَجْرٍ ولا غيره حتى توافيه
2626- أَعْجَلُ مِنْ مُعْجِلِ أَسْعَدَ
قد مر تفسيره والخلاف فيه في باب الراء عند قولهم ‏"‏أَرْوى من معجل أسعد‏"‏
2627- أََعْبَثُ مِنْ قِرْدٍ
لأنه إذا رأى إنساناً يُولَع بفعل شَيء يفعله أخذ يفعل مثله‏.‏
2628- أَعْيَثُ مِنْ جَعَارِ
العَيث‏:‏ الفساد، وجَعَار‏:‏ الضبع، وقد مر ذكره في مواضع من هذا الكتاب
2629- أَعْقَدُ مِنْ ذَنَبِ الضَّبِّ
قَالوا إن عقده كثيرة، وزعموا أن بعض الحاضرة كسا أعرابياً ثوباً فَقَال له‏:‏ لأكافئنك على فعلك بما أعَلِّمك، كَمْ في ذنب الضب من عقدة‏؟‏ قَال‏:‏ لا أدري، قَال‏:‏ فيه إحدى وعشرون عُقْدَةً
2630- أَعْزَبُ رَأْياً مِنْ حَاقِنْ
الحاقن‏:‏ الذي أخذَه البَولُ، ومن ذلك يُقَال ‏"‏لا رَأي لحاقِنٍ‏"‏ وكذلك يُقَال‏:‏
2631- أَعْزَبُ رَأياً مِنْ صَارِبٍ
وهو الذي حَبَسَ غائطَه، ومنه قولهم‏:‏ صَرَبَ الصبيُّ ليسمن
2632- أَعْمَرُ مِنْ قُرَادٍ
قَال حمزة‏:‏ العربُ تدَّعي أن القُراد يعيش سبعمائة سنة، قَال‏:‏ وهذا من أكاذيب الأعراب والضَّجَرُ منهم به دَعَاهم إلى هذا القول فيه
2633- أّعْمَرُ مِنْ ضَبٍّ
حكى الزيادى عن الأَصمَعي أنه قَال‏:‏ يبلغ الحِسلُ مائةَ سنةٍ ثم تسقط سنُّة؛ فحينئذ يسمى ضبًّ؛ وأنشد لرؤبة
فقلت لو عُمِّرْتَ سِنَّ الحِسلِ * أوْعُمْرَ نُوحٍ زَمَنَ الفِطَحَلِ
والصَّخْرُ مُبتَلٌّ كَطِينِ الوَحْلِ * صِرْتَ رَهِينَ هَرَمِ أوْقَتْل
2634- أَعمْرُ مِنْ نَسْرٍ
تزعم العرب أن النسر يعيش خمسمائة سنة، وقد مر ذكر لقمان ولُبَد فيما تقدم من الكتاب في باب الهمز عند قولهم ‏"‏أتى أبَد على لُبَد‏"‏
2635- أَعْمَرُ مِنْ نَصْرٍ
يعنون نَصر بن دُهْمان، زعم أبو عبيدة أنه كان من قادة غَطَفان وسادتها، فعُمِّر ‏[‏ص 51‏]‏ حتى خرف، ثم عاد شاباً يافعاً، فعاد بياض شعره سواداً، ونبتت أسنانه بعد الدَّرَدِ‏.‏
قَال أبو عبيدة‏:‏ فليس في العرب أعجوبة مثلها، وأنشد لبعض شعراء العرب فيه‏:‏
كَنَصْرِ بِنْ دُهْمانَ الهُنَيْدَةَ عَاشَها * وَتَسْعِينَ حَوْلاً ثُم قُوِّمَ فانصاتا
وعَادَ سَوَادُ الرأسِ بعدَ بَيَاضهِ * وَرَاجَعَهُ شَرْخُ الشَّبَابِ الَّذي فَاتَا
فَعَاشَ بخَيرٍ في نَعيمٍ وَغِبْطَةٍ * ولكنَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَا كُلِّهِ مَاتَا
2636- أَعْمَرُ مِنْ مُعَاذٍ
هذا مثل مولَّد إسلامي، ومعاذ هذا‏:‏ هو مُعاذ بن مسلم، وكان صَحِبَ بني مروان في دولتهم، ثم صحب بني العباس، وَطَعَنَ في مائة وخمسين سبة، فَقَال فيه الشاعر‏:‏
إنَّ مُعَاذَ بنَ مُسلمِ رَجُلٌ * لَيْسَ يَقِيناً لِعُمْرِهِ أمَدُ
قَدْ شَابَ رَأسُ الزَّمانِ واكْتَهَلَ الـ * دَّهْرُ وَأثْوَابَ عُمْرِهِ جُدُدُ
قُلْ لِمُعَاذٍ إذا مَرَرْتَ بِهِ * قَدْ ضَجَّ مِنْ طُولِ عُمْرِكَ الأَبَدُ
يا بِكْرَ حَوَّاءَ كَمْ تَعِيشُ وَكَمْ * تَسْحَبُ ذَيلَ الحَياةِ يَالُبَدُ
قَدْ أصْبَحَتْ دَارُ آدَمٍ خَرِبَتْ * وَأَنْتَ فِيها كأنكَ الوَتِدُ
تَسأَلُ غِرْبَانَهَا إذا نَعَبَتْ * كَيْفَ يَكُونُ الصُّدَاعُ وَالرَّمَدُ
مُصَحَّحاً كالظَّلِيمِ تَرْفُلُ في * بُرْدَيْكَ مِنْكَ الجبِينُ يتَّقِدُ
صَاحَبْتَ نُوْحَاً ورُضْتَ بَغْلَةَ ذِي الـ * قَرْنَينِ شيْخَاً لِوُلْدِكَ الولَدُ
مَا قَصَّرَ الجَدُّ يَا مُعَاذُ وَلاَ * زُحْزِحَ عَنْكَ الثَّراءُ وَالعُدَد
فَاشْخَصْ وَدَعْنا فَإنَّ غَايَتَكَ الـْ * مَوْتُ وإن شَدَّ رُكْنَكَ الجَلَدُ
2637- أَعْقَلُ مِنْ ابْنِ تقْنٍ
هذا رجل يُقَال له‏:‏ عَمْرو بن تقْنٍ، وهو الذي يُضرَبْ به المثل فيقَال‏:‏ أرْمى مِن ابنِ تِقْنٍ، وكان من عادٍ من عقلائها ودُهاتها، وكان لقمان بن عاد أراده على بيع إبل له معجبة، فامتنع عليه، واحْتال لقمان في سرقتها منه، فلم يمكنه ذلك، ولا وجَد غِرَةٍ منه، وفيه قَال الشاعر
أتَجْمعُ انْ كُنْتَ ابنَ تِقْنٍ فَطَانَةً * وتُغْبَنُ أحْيَاناً هَنَاتٍ دَوَاهِيا
وأما قولهم‏:‏ هو
2638- أَعْلَمُ بِمَنْبِتِ القَصِيصِ
فالمعنى أنه عارف بموضع حاجته، والقَصيص‏:‏ منابتُ الكَمْأة، ولا يعلم ذلك ‏[‏ص 52‏]‏ إلا عالم بأمور النبات، وأما قولهم‏:‏ هو
2639- أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ يُؤْكَلُ الكَتِفَ
فزعم الأَصمَعي أن العرب تقول للضعيف الرأي‏:‏ إنه لا يحسن أكْلَ لَحم الكتف
2640- أَعْجَزُ مِنْ هِلْبَاجَةٍ
هو النَّؤُوم الكَسْلان العطل الجافي قَال حمزة‏:‏ وقد سار في وصف الهلباجة فَصْلٌ لبعض الأعراب المتفصِّحِينَ، وفصل آخر لبعض الحضريين، فأما وصف الأعرابي فإن الأصمعي قَال‏:‏ أخبرني خَلَفٌ الأحمر أنه سأل ابن أبي كبشةَ ابن القَبْعَثري عن الهلباجة، فتردد في صدره من خبث الهلباجة مالم يستطع معه إخراج وصفه في كلمةٍ واحدة، ثم قَال‏:‏ الهلباجة الضعيف العاجز الأخرقَ الأحمقُ الجِلْفُ الكَسلان الساقطُ، لامَعْنى فيه، ولا غَنَاء عنده، ولا كِفايةَ معه، ولا عملَ لَديه، وبلى يستعمل، وضِرسُهُ أشدُّ من عمله، فلا تحاضِرانَّ به مجلساً، وبلى فَليَحْضُرْ ولا يتكلَّمَنّ
وأما وصف الحضريِّ فإن بعض بلغاء الأمصار سئل عن الهِلْباجَةِ فَقَال‏:‏ هو الذي لا يَرْعَوِي لعذل العاذل، ولا يُصْغِي إلى وَعْظَ الواعظ، ينظر بعين حَسود، ويُعْرَض إعراض حَقُود، إن سأل أَلْحَفَ، وإن سُئل سَوَّفَ‏.‏ وإن حدَّثَ حَلَفَ، وإن وعد أخْلف، وإن زَجَر عَنَّف، وإن قدر عَسَفَ، وإن احتمل أسف، وإن استغنى بَطَر، وإن افتقر قَنِطَ، وإن فرح أشِرَ، وإن حزن يئس، وإن ضحِكَ زَأر، وإن بكى جَأر، وإن حَكم جَار، وإن قدمته تأخَّرَ، وإن أخَّرته تقدَّم، وإن اعطاك منَّ عليك، وإن أعطيته لم يشكُرْك، وإن أسْرَرت إليه خَانَكَ، وإن أسرَّ إليك اتهمك، وإن صار فوقَكَ قَهَرك، وإن صار دُونَك حسَدك، وإن وثِقْتَ به خانك، وإن انبسطْتَ إليه شانك، وإن أكرمتَه أهانكَ، وإن غاب عنه الصديقَ سلاَه، وإن حضَرَهُ قَلاَه، وإن فاتحه لم يُجبه، وإن أمسك عنه لم يَبْدَأه، وإن بدأ بالودِّ هجَر، وإن بدأ بالبر جَفَا، وإن تكلمَّ فَضَحه العِيّ، وإن عمل قصَّر به الجهل، وإن اؤتُمِنَ غدَرَ، وإن أجار أخْفر، وإن عاهد نكثَ، وإن حلف حَنِث، لا يصدر عنه الآمل إلا بِخَيْبَةٍ ولا يضطر إليه حر إلا بمِحنة‏.‏ قَال خلف الأحمر‏:‏ سألت أعرابياً عن ‏[‏ص 53‏]‏ الهِلْبَاجة فَقَال‏:‏ هو الأحمقَ الضَّخم الفَدْم الأكُول الذي والذي، ثم جعل يلقاني بعد ذلك ويزيد في التفسير كلَّ مرة شيئاً، ثم قَال لي بعد حينٍ وأراد الخروج‏:‏ هو الذي جمَعَ كل شر‏.‏
2641- أعْجَزُ مِمَّنْ قَتَلَ الدُّخَانُ
هو الذي ضرب به المثل فَقيل‏:‏ أيُّ فتَىً قتل الدخان، وقد مر ذكره في الباب الأول من الكتاب‏.‏
قَال ابن الأعرابي‏:‏ هو رجل كان يطبخ قِدْراً، فغشيه الدخان، فلم يتحول حتى قتله فجعلت ابنته تبكيه وتقول‏:‏ يا أبَتاه، وأي فتىً قتل الدخان، فلما أكثرت قَال لها قائل‏:‏ ‏"‏لو كان ذا حيلة تَحَوَّل‏"‏ وهذا أيضاً مثل، ولقوله ‏"‏تحول‏"‏ وجهان‏:‏ أحدهما التنقل، والآخَر طَلَبُ الحيلَة‏.‏ وأما قولهم‏:‏
2642- أعْجَزُ عَنِ الشَيء مِنَ الثَّعلَبِ عَنِ العُنْقُودِ
فإن أصل ذلك أن العرب تَزْعُمُ أن الثعلب نظر إلى العنقود فَرَامه فلم يَنَلْهُ فَقَال‏:‏ هذا حامض وحكى الشاعر ذلك، فَقَال‏:‏
أيُّهَا العائبُ سَلْمى * أنْتَ عِنْدِي كَثُعَالَهْ
رَامَ عُنْقُوداً فَلَمَّا * أَبْصَرَ العُنْقُودَ طَالَهْ
قَال هَذَا حَامِضٌ لمـ * ا رأى أنْ لا يَنَالَهْ
2643- أَعْجَزُ مِنَ مُسْتَطْعِمِ العِنَبِ مِنَ الدَّفْلَي
هذا من قول الشاعر‏:‏
هَيْهَاتَ جِئْتَ إلى دِفْلَى تُحَرِّكُهَا * مُسْتَطْعِماً عِنَباً حَرَّكْتَ فَالْتَقِطِ
2644- أعْجَزُ مِنَ جانِي العِنَبِ مِنَ الشَّوكِ
هذا أيضاً من قول الشاعر‏:‏
إذا وَتَرْتَ امْرَأً فَاحْذَرْ عَدَاوَتَهُ * مَنْ يَزْرَعِ الشَّوكَ لا يَحْصِدْ به عِنَبِا
قَال حمزة‏:‏ وهذا الشاعر أخذ هذا المثل من حكيم من حكماء العرب من قوله ‏"‏من يزرع خيراً يَحْصِدْ غِبْطَة، ومن يزرع شراً يَحْصِدْ نَدَامة، ولن يَجْتَنِي من شوكةٍ عِنَبَةً‏"‏
2645- أََعْطَفُ مِنْ أمِّ إحْدى وَعِشْريِنَ
هي الدَجاجة؛ لأنها تحضن جميع فراخها، وتزقَ كُلَّها وإن ماتت إحداهن تبيَّن الغمُّ فيها‏.‏
2646- أََعَزُّ مِنَ اسْتِ النّمِرِ
ويقَال ‏"‏أمنع‏"‏ ‏[‏ص 54‏]‏
2647- أََعَزُّ مِنْ أََنْفِ الأسَدِ
ويراد به المَنَعَةُ أيضاً
2648- أََعْطَشُ مِنْ قَمْعٍ ‏(‏قمع - بوزن كلب أو جذع أو عنب‏)‏
2649- أََعْجَلُ مِنْ كَلْبٍ غلى وُلُوغِهِ
2650- أََعْرَضُ مِنَ الدَّهْنَاءِ
2651- أََعْرَي مِنْ إصْبَعٍ، و ‏"‏مِنْ مِغزلٍ‏"‏، و ‏"‏مِنْ حيَّةٍ‏"‏، و ‏"‏مِنَ الأيِّمِ‏"‏، و‏"‏مِنَ الرَّاحةِ‏"‏، و‏"‏مِنَ الْحَجَرِ الأسودِ‏"‏
2652- أََعْلَقَ مِنْ قُرَادٍ، و ‏"‏مِنَ الْحِنَّاءِ‏"‏
2653- أََعْطَى مِنْ عَقْرَبٍ
لم يذكر حمزة معنى قوله ‏"‏أعطى من عقرب‏"‏ ويمكن أن يُقَال‏:‏ إنه اسم رجل مِعْطَاء، أو يقال‏:‏ أرادوا هذه العقرب المعروفة، وأعطى على هذا من العَطَو الذي هو التَّناول، أي أنه أكثر تناولاً لأعراض الناس من العقرب التي تأبِرُ كلَّ ما مرَّتْ به، فأما عقرب الذي يضرب به المثل، فيقَال ‏"‏أتْجَرُ من عقرب‏"‏ و‏"‏أمطل من عقرب‏"‏ فهو ممن لا يضرب به المثل في كثرة العطاء، هذا ما سَنَحَ في معنى هذا المثل، والله أعلم
2654- أََعْدَلُ مِن الميزانِ
2655- أََعْتَقَ مِنْ بُرٍّ
2656- أََعْلَمُ مِنْ دَغْفَلٍ
2657- أََعْمَرُ مِنَ ابْنِ لَسَانِ الْحُمَّرّةِ
2658- أََعلَمُ مِنْ دَعِىٍّ
2659- أََعْمَقَ مِنَ البَحْرِ
2660- أََعْزُّ مِنَ التِّرْياقِ، و ‏"‏مِنْ ابْنِ الخَصِىّ‏"‏ و‏"‏مِنْ مُخَّ البَعُوضِ‏"‏، و ‏"‏مِنْ عُقَابِ الجَوِّ‏"‏‏.‏‏[‏ص 55‏]‏
*3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif المولدون
عِزُّ المَرْءِ اسْتَغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ‏.‏
عَارُ النِسَاءِ بَاقٍ‏.‏
عَيْنُ القِلادَةِ، وَرَأْسُ التَّخْتِ، وَأوَّلُ الجَرِيدَةِ، وَبَيْتُ القَصِيِدةِ، ونُكْتةُُ المسْأَلَةِ‏.‏
عِنَايةُ القَاضِي خَيْرٌ مِنَ شَاهِدىَ عَدْلٍ
عُين الهَوى لا تَصُدقُ‏.‏
عَلَيكَ بالْجَنَّةِ؛ فإن النَّارَ في الكَفِّ‏.‏
عُصَارَةُ لؤْمٍ فِي قَرَارةِ خُبْثٍ
عَلَيهِ الدَّمارُ، وَسُوءُ الدَّارِ
عَلَيهِ مَا عَلَى الطَّبْل يَوْمَ العِيدِ
عَلَيهِ مَا عَلَى أَصْحَابِ السَّبْتِ‏.‏
أي اللعنة‏.‏
عَلَيهِ مَا عَلَى أبي لَهَبٍ‏.‏
عَلَى هذا قُتِلَ الوَليد‏.‏
يعنون الوليد بن طَرِيفٍ الخارِجِي‏.‏
يضرب للأمر العظيم يَطْلُبه مَنْ ليس له بأهل‏.‏
عُذْرٌ لم يَتَوَل الحقُّ نَسْجَهُ‏.‏
عُقُولُ الرِّجالِ تَحْتَ أَسِنَّةِ أَقْلامِها
عَلَى حَسَبِ التَّكبُّرِ في الولاَيةِ يَكُونُ التَّذَلُّلُ في العَزْلِ‏.‏
عَلَيكَ مِنَ المال ما يَعُوُلُكَ ولاَ تَعُولُهُ‏.‏
العَادَةُ تَوْأمُ الطَّبِيعَةِ‏.‏
العَزْلُ طَلاقَ الرِّجالِ، وحَيضُ العُمَّالِ قَال الشاعر‏:‏
وَقَالوا العَزْلُ للعُمَّال حَيْضٌ * لَحَاهُ الله من حَيْضٍ بَغِيضِ
فإنْ يَكُ هَكَذا فأبُو عَلٍيٍّ * مِنْ اللائى يَئِسنَ مِنَ المَحِيضِ
العادَةُ طَبيعَةٌ خامِسةٌ‏.‏
العِرْقَ نَزَّاعٌ‏.‏
العِزُّ في نواَصي الخَيلِ‏.‏
العِفَّة جَيشٌ لا يُهْزَمُ‏.‏
العَرَقَ يَسرى إلى النَّائِمِ‏.‏
العَقْلُ يُهابُ ما لا يُهَابُ السَّيفُ‏.‏
الأعمى يَخْرَأُ فوقَ السَّطح، ويَحْسَبُ النَّاسَ لا يَرَوْنَهُ‏.‏
العَجيزةُ أَحَدُ الوَجْهَينِ‏.‏
عَادَةٌ تَرَضَّعَتْ بِرُحِها تَنَزَّعَتْ‏

B-happy 3 - 3 - 2010 10:36 PM



*2* - http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif الباب التاسع عشر فيما أوله غين
2661- غُرَّةٌ بَينَ عَيْنَى ذِي رَحِمٍ
أي ليس تَخْفَي الودَادة والنصح من صاحبك، كما لا يخفى عليك حُبُّ ذي رحمك لك نظره؛ فإنه ينظر بعين جَلِيلة، والعدو ينظر شزْراً، وهذا كقولهم ‏"‏جَلىً مُحِبٌّ نَظَره‏"‏ والتقدير‏:‏ غرته غرة ذي رحم‏.‏
2662- غَضَبَ الخَيلُ عَلى اللُّجُمِ
يضرب لمن يغضب غضباً لا ينتفع به، ولا موضع له‏.‏
ونصب ‏"‏غَضَبَ‏"‏ على المصدر، أي غضِبَ غَضَبَ الخيلِ‏.‏
2663- غَلَبَتْ جِلَّتَها حَوَاشِيها
الحاشية‏:‏ صغار الإبل، سميت حاشية وحشواً لأنها تحشو الكبار‏:‏ أي تتخللها، ويجوز أن يكون من إصابتها حَشَي الكبارِ إذا انضمت إلى جنبها، والجِلَّة‏:‏ عظامُهَا، جمع جَلِيل، ويراد بهما الصغار والكبار‏.‏
يضرب لمن عظم أمره بعد أن كان صغيراً فغلب ذوي الأسنان‏.‏
2664- غَشَمْشَمٌ يَغْشَى الشَّجَرَ
يراد به السيل؛ لأنه يركب الشجَرَ فيدقه ويقلعه، ويراد أيضاً الجَمَلُ الهائج، ويقَال لهما الأيهَمَان‏.‏
يضرب للرجل لا يبالي ما يصنع من الظلم وتقديره‏:‏ سيل غشمشم، أي هذا سيل، أو هو سيل‏.‏
2665- غَرْثَانُ فارْبُكُوا لَهُ
يُقَال‏:‏ دخَلَ ابنُ لسان الحُمَّرَة على أهله وهو جائع عطشان، فبشروه بمولود وأَتَوْهُ به، فَقَال‏:‏ والله ما أدرى أآكله أم أشربه فَقَالت امرأته‏:‏ غَرْثَانُ فاربُكُوا له، وروى ابن دريد ‏"‏فابكلوا له‏"‏ من البكيلة وهي أَقِطٌ يُلَتُّ بسمن، والربيكة‏:‏ شَيء من حِسا وأقط، قَال‏:‏ فلما طعم وشرب، قَال‏:‏ كيفَ الطَّلا وأمه‏؟‏ فارسلها مَثَلاً يضرب لمن قد ذهبَ هَمه وتفرغ لغيره
2666- غَزْوٌ كَوَلْغِ الذَّئبِ
الوَلْغ‏:‏ شرب السباع بألسنتها، أي غزو متدارك متتابع ‏[‏ص 57‏]‏
2667- غُدَّةُ كَغُدَّةِ البَعِيرِ وَمَوْتٌ في بيْتِ سَلُولِيَّةٍ
ويروى ‏"‏أغدة وموتاً‏"‏ نصبا على المصدر، أي أؤُغَدُّ إغْدَاداً وأموت موتاً، يُقَال ‏"‏أَغَدَّ البعيرُ‏"‏ إذا صار ذا غُدَّة، وهي طاعونة، ومن روى بالرفع فتقديره‏:‏ غدتى كغدة البعير وموتى موت في بيت سلولية، وسلول عندهم أقلُّ العرب وأذُّلهم وقَال‏:‏
إلى الله أَشْكُو أننَّي بتُّ طَاهِراً * فَجَاء سَلُولي فبَالَ عَلى رِجْلي
فقلت‏:‏ اقطعُوهَا بارَكَ الله فيكُمُ * فإنِّي كَريمٌ غيرُ مُدْخِلِهَا رَحْلىِ
وهذا من فول عامر بن الطُّفَيْل، قَدِمَ على النبي صلى الله عليه وسلم وقدم معه أَرْبَدُ بن قيس أخو لَبيد ابن ربيعة العامري الشاعر لأمه، فَقَال رجل‏:‏ يا رسول الله هذا عامر بن الطُّفَيل قد أقبل نحوك، فَقَال دعْهُ فإن يُردِ الله تعالى به خيراً يَهْدِهِ، فأقبل حتى قام عليه، فَقَال‏:‏ يا محمد مالي إن أسلمت‏؟‏ قَال‏:‏ لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم، قَال‏:‏ تجعل لي الأمر بعدك، قَال‏:‏ لا، ليس ذاك إلى، إنما ذاك إلى الله تعالى يجعله حيث يشاء، قَال‏:‏ فتجعلني على الوَبَر وأنت على المَدَرْ، قَال‏:‏ لا، قَال‏:‏ فماذا تجعل لي‏؟‏ قَال صلى الله عليه وسلم‏:‏ أجعلُ لك أَعِنَّةَ الخيل تغزو عليها قَال‏:‏ أو ليس ذلك إليَّ اليومَ‏؟‏ وكان أوصى إلى أربد بن قيس إذا رأيتني أكلمه فدُرْ من خَلْفه فاضربه بالسيف، فجعل عامر يخاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراجعه، فدار أربد خلف النبي صلى الله عليه وسلم ليضربه، فاخترط من سيفه شبرا، ثم حبَسَه الله تعالى فلم يقدر على سَلِّهِ، وجعل عامر يُومئ إليه، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع بسيفه، فَقَال صلى الله عليه وسلم‏:‏ اللهم اكفِينِيهَما بما شِئت، فأرسل الله تعالى على أربد صاعقةً في يوم صائف صاح فأحرقته، وولى عامر هارباً وقَال‏:‏ يا محمدُ دعوتَ رَبَكَ فقتل أربد، والله لأملأنَّهَا عليك خيْلاً جُرْداً وفتياناً مُرْداً، فَقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يمنعُكَ الله تعالى من ذلك وابنا قَيْلَةَ - يريد الأوس والخزرج - فنزل عامر ببيت امرَأة سَلُولَّية، فلما أصبح ضَمَّ عليه سلاحَهُ وخرج وهو يقول‏:‏ واللات لئن أصْحَرَ محمد إلى وصاحبه - يعني ملك الموت - لأنفذنَّهما برمحي، فلما رأى الله تعالى ذلك منه أرسل ملكاً فَلَطَمه بجناحه، فأذرأه في التراب وخرجت على ركبته غُدَّة في الوقت عظيمة، فعاد إلى بيت السَّلولية وهو يقول‏:‏ غُدَّة ‏[‏ص 58‏]‏ كغُدَّةِ البعير وموت في بيت سلولية، ثم مات على ظهر فرسه‏.‏
يضرب في خَصْلَتين إحداهما شر من الآخَرى‏.‏
2668- غَمَراتٌ ثُمَّ يَنْجَلِينَ
يُقَال‏:‏ إن المثل للأغلب العِجْلَى يضرب في احتمال الأمور العظام والصبر عليها‏.‏
ورفع ‏"‏غمرات‏"‏ على تقدير هذه غمرات، ويروى ‏"‏الغَمَرات ثم ينجلين‏"‏وكأنه قَال‏:‏ هي الغمرات، أو القصة الغمرات تُظْلِم ثم تنجلي، وواحدة الغَمَرات - وهي الشدائد - غَمْرَة، وهي ما تغمر الواقع فيها بشدتها‏:‏ أي تقهره
2669- غَنِيَتِ الشَوْكَةُ عَنِ التَّنقِيحِ
أي عنْ التَسوية والتحديد، يُقَال ‏"‏نَقَّحْتُ العُودَ‏"‏ إذا بريت عنه أبَنَهُ ‏(‏الابن‏:‏ جمع أبنة، وهي العقدة تكون في العود‏.‏‏)‏ وسَويته‏.‏ يضرب لمن يَبَصِّرُ مَنْ لا يحتاج إلى التبصير‏.‏
2670- أَغَيْرَةً وَ جُبْنَاً
قَالته امرَأة من العرب تعير به زوجها، وكان تخلَّف عن عدوه في منزله، فرآها تنظر إلى قتال الناس، فضربها، فَقَالت‏:‏ أغير وجبناً‏؟‏ أي أتغار غيرة وتجبن جبناً، نصباً على المصدر، ويجوز أن يكونا منصوبين بإضمار فعل وهو أتجمع‏.‏
يضرب لمن يجمع بين شرين، قَاله أبو عبيد‏.‏
2671- غَرَّني بُرْدَاكِ مِنْ خَدَافِلي
ويروى ‏"‏غدافلي‏"‏ وبالخاء أصح، وعليه الإعتماد، قَال المنذري‏:‏ قرأته بخط أبي الهيثم‏"‏خَدَافلي‏"‏ قَال‏:‏ وهي الخُلْقَان، ولا واحد للخَدَافل‏.‏
وأصل المثل أن رجلا استعار من امرَأة بُرْدَيْها، فلبسهما ورَمَى بخُلْقان كانت عليه، فجاءت المرأة تسترجع برديها، فَقَال الرجل‏:‏ غَرَّنِي بُرْدَاك من خَدَافلي‏.‏ يضرب لمن ضَيَّع ماله طمعاً في مال غيره
2672- غَثُّكَ خَيْرٌ مِنْ سَمِيَنِ غَيْرِكَ
قَال المفضل‏:‏ أول مَنْ قَال ذلك مَعْن بن عطية المَذْحِجى، وذلك أنه كانت بينهم وبين حي من أحياء العرب حرب شديدة، فمر معن في حملة حملها برجل من حربه صريعاً، وقَالَ‏:‏ امْنُنْ عليَّ كُفيتَ البلاء، فأرسلها مَثَلاً، فأقامه معن وسار به حتى بلغه مأمنَه، ثم عطف أولئك القوم على مَذْحج فهزموهم وأسروا معنا واخاً له يُقَال له روق، ‏[‏ص 59‏]‏ وكان يُضَعّف ويُحمَّق، فلما انصرفوا إذا صاحبُ معنٍ الذي نجاه أخو رئيس القوم، فناداه معن، وقَال‏:‏
يا خَيْرَ جازٍ بيدٍ * أوليتها نج منجيك
هل من جَزَاءٍ عندَكَ الـ * يَوْمَ لمن رَدَّ عَوَادِيك
مِنْ بَعْدِ ما نالتك بالْـ * كَلَمِ لَدَى الْحَرْبِ غَوَاشيك
فعرفه صاحبيه فَقَال لأخيه‏:‏ هذا المانُّ على ومُنْقِذِي بعد ما أشرفتُ على الموت فَهَبه لي، فوهبه له، فخليَّ سبيله، وقَال‏:‏ إني أحبُّ أن أضاعفَ لك الجزاء، فاختر أسيراً آخر، فاختار معن أخاه روقا، ولم يلتفت إلى سيد مَذْحِج وهو في الأسارَى، ثم انطلق معن وأخوه راجعين، فمرا بأسارى قومهما، فسألوا عن حاله، فأخبرهم الخبر، فَقَالوا لمعن‏:‏ قبَّحكَ الله، تدعُ سيدَ قومك وشاعرهم لا تفكه، وتفك أخاك هذا الأنْوَكَ الفَسْل الرَّذل‏؟‏ فو الله ما نكأ جُرحاً، ولا أعمل رُمحاً، ولا ذعر سَرحاً، وإنه لقبيح المَنظر، سيئ المَخْبر لئيم، فَقَال معن‏:‏ غَثُّكَ خيرٌ من سمين غيرك، فأرسلها مَثَلاً‏.‏
ولما بايع الناس عبد الله بن الزبير تمثل بهذا المثل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فَقَال‏:‏ أين المذهب عن ابن الزبير‏؟‏ أبوه حَوَارِىُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَجَدَّتُه عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت عبد المطلب، وعمته خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وخالته أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وجده صِدِّيقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه، وأمه ذاتُ النِّطَاقين قَال ابن عباس رضي الله عنهما، فشَددْتُ على يَدِهِ وعضُده، ثم آثر على الحميدات والأسامات فبأوتُ نفسي، ‏(‏بأوت نفسي - من باب سعى ويأتي من باب دعا قليلا - علوت بها وفخرت‏.‏‏)‏
ولم أَرْضَ بالهَوَان، وإن ابن أبي العاصي مَشَى اليَقْدَمِيَّةَ، وإن ابن الزبير مشى القَهْقَرَى، ثم قَالَ لعلي بن عبد الله بن عباس ‏:‏ الحَقْ بابن عمك فغَثُّكَ خيرٌ مِن سمين غيرك، ومنك أنفُكَ وإن كان أجدعَ، فلحق ابنُهُ علي بن عبد الملك بن مروان، فكان آثَرَ الناسِ عنده‏.‏ قوله ‏"‏آثرَ على الحميدات‏"‏ أراد قوماً من بني أسد بن عبد العُزَّى من قرابته، وكأنه صغرهم وحقرهم، قَالَ الأصمعي‏:‏ الحمديون من بني أسد من قريش‏.‏
وابن أبي العاصي‏:‏ عبدُ الملك بن مروان نسبه إلى جده‏.‏ ‏[‏ص 60‏]‏
وقوله‏"‏مشى اليقدمية‏"‏ أي تقدم بهمته وأفعاله‏.‏
قلت‏:‏ يُقَال‏:‏ مشى فلان اليقْدِميَّة والقدمية؛ إذا تقدم في الشرف والفضل، ولم يتأخر عن غيره في الإفضال على الناس، قَال أبو عمرو‏:‏ معناه التبختر، وهو مثل، ولم يرد المشي بعينه، كذا رواه القوم اليقدمية بالياء، والجوهري أورده في كتابه بالتاء، وقَال‏:‏ قَالَ سيبويه‏:‏ التاء زائدة، وفي التهذيب بخط الأزهري بالياء، منقوطة من تحتها بنقطتين كما روى هؤلاء‏.‏
2673- الغَبْطُ خَيْرٌ مِنَ الهَبْطِ
ويقولون‏:‏ اللهم غَبْطاً لاهبطاً، يريدون اللهم ارتفاعاً لا اتضاعاً، أي نسألك أن تجعلنا بحيث نُغْبَط، والهَبْطُ‏:‏ الذل، يُقَال‏:‏ هَبَطَه فهَبَطَ، لازم ومتعد، قَاله الفراء
2674- غُلٌّ قَمِلٌ
يضرب للمرأة السيئة الخلق‏.‏
قَال الأَصمَعي‏:‏ إنهم كانوا يغلون الأسير بالقِدِّ، وعليه الوَبَر، فإذا طال القِدُّ عليه قمِل فلقى منه جَهْداً، فضرب لكل ما يلقى منه شدة‏.‏
2675- غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ
أي قليل من كثير‏.‏ الغيض‏:‏ النقصان، والفيض‏:‏ الزيادة، يُقَال‏:‏ غاض يغِيْضُ غَيْضاً، ومثله فاض، وهذا كقولهم ‏"‏بَرْضٌ من عِدٍّ‏"‏ والبرض‏:‏ القليل من كل شَيء، والعِدّ‏:‏ الماء الذي له مادة، ومنه قول ذي الرمَّة‏:‏
دَعَتْ مَيَّةُ الأعْدَادَ وَ اسْتَبْدَلَتْ بِهَا * خَنَاطِيل آجال من العين خُذَّل
‏(‏الخناطيل‏:‏ جمع خنطولة وهي قطيع البقر، والهاء في ‏"‏استبدلت بها‏"‏ تعود إلى منازلها‏.‏‏)‏
2676- غَلَّ يَداً مُطْلِقُها، واسْتَرَقَ رَقَبَةً مُعْتِقُهَا
يضرب لمن يُسْتَعبد بالإحسان إليه‏.‏
2677- غادَرَ وهْيَةً لا تُرْقَعُ
أي فتَقَ فَتْقاً لا رتْقَ له‏.‏ يضرب في الداهية الدهياء‏.‏
2678- غَضْبَانُ لمْ تُؤْدَمْ لهُ البَكِيلَةُ
هذا قريب من قولهم ‏"‏غَرْثانُ فَارْبُكُوا له‏"‏ والبكيلة‏:‏ الأقِط بالدقيقَ يُلَتُّ به فيؤكل بالسمن من غير أن تمسه النار‏.‏
2679- الغَمْجُ أَرْوَى والَّرشِيفُ أَشْرَبُ
الغَمجُ‏:‏ الشرب الشديد، والرشيف‏:‏ القليل‏.‏ ‏[‏ص 61‏]‏
قَال أبو عمرو‏:‏ أي أنك إذا أقبلْتَ ترشف قليلا قليلا أوشَكَ أن يُهجم عليك مَنْ ينازعك فاحتكر لنفسك‏.‏
يضرب في أخذ الأمر بالوَثِيقَةِ والحَزْم
2680- غَلَبْتُهُمْ أنِّي خُلِقْتُ نُشَبَةً
يضرب لمن طَلَبَ شَيئاً فألحَّ حتى أْحرَز بغيته‏.‏ ونُشَبةً مثل همزة‏:‏ من النُّشُوب، يُقَال‏:‏ نَشِبَ في الشَيء، إذا عَلِقَبه، ورجل نُشَبة‏:‏ أي كثير النشوب في الأمور‏.‏
2681- اسْتَغَاثَ مِنْ جُوعٍ بِمَا أَمَاتَهُ
يضرب لمن استغاث يُؤْتَى من جهته قَال الشاعر‏:‏
لَعَلكَ أن تَغَصَّ بِرأسِ عَظْمٍ * وعَلَّكَ في شَرَابِكَ أنْ تَحِينَا
2682- غَداً غَدُها إنْ لمْ يَعُقْنِي عَائِقٌ
الهاء كناية عن الفَعْلة‏:‏ أي غداً غَدُ ضائها إن لم يحبسني حابس‏.‏
2683- اُغْفِرُوا هَذا الأمْرَ بِغَفْرَتِهِ
أي أصلحوه بما ينبغي أن يصلح به، والغَفْرة في الأصل‏:‏ ما يُغَطَّى به الشَيء من الغَفْر وهو السَتر والتَّغْطية‏.‏
2684- الغَضَبُ غُولُ الحِلْمِ
أي مُهْلكه، يُقَال‏:‏ غَالَه يَغُوله واغْتَاله إذا أهلكه، ويقَال‏:‏ أَيَّةُ غُولٍ أَغْولُ من الغضب، وكل ما أغال الإنسان فأهلكه فهو غُولٌ‏.‏
2685- غَلَقَ الرَّهْنُ بما فيِه
يضرب لمن وقع في أمرٍ لا يرجو انتياشاً منه‏.‏
وفي الحديث ‏"‏لا يَغْلِق الرهن‏"‏ أي لا يستحقه مرتهنه إذا لم يَرُدَّ الراهنُ ما رهنَهُ فيه، وكان هذا من فعل الجاهلية فأبطَلَهُ الإسلام‏.‏
2686- غّنظُوكَ غَنْظَ جَرَادَةِ العَيَّارِ
الغَنْظ‏:‏ أشد الغيْظ والكَرب، يُقَال‏:‏ غَنَظَهُ يَغْنِظُهُ غَنْظاً، أي جَهَدَه وشَقَ عليه، وكان أبو عبيدة يقول هو أن يُشْرِف الرجلُ على الموت من الكرب ثم يفلت منه وأصل المثل أن العَيَّار كان رجُلاً أثْرَمَ فأصاب جراداً في ليلة باردة وقد جفَّ، فأخذ منه كَفَّاً فألقاه في النار، فلما ظن انه انشوى طرح بعضه في فيه، فخرجت جرادة من بين سِنَّيْهِ فطارت، فاغتاظ منه جداً، فضربت العرب بذلك المثل، أنشد البياري لمسروح الكلبى يُهَاجى جريراً‏:‏ ‏(‏أنشدهما في اللسان ‏"‏غ ن ظ ‏"‏ عن اللحيانى ونسبهما لجرير، وأولهما ‏"‏ع ى ر ‏"‏ وثانيهما ‏"‏و غ ر‏"‏ غير منسوبين‏)‏ ‏[‏ص 62‏]‏
وَلَقد رَأيْتُ فَوَارِساً من قومنا * غَنَظوُكَ غَنْظَ جَرَادةً العَيَّارِ
ولَقد رأيت مكانَهم فكرهْتَهم * ككراهة الخنزيِر للإيغارِ
يضرب في خضوع الجبان‏.‏ ويقَال‏:‏ جرادة اسمُ فرسٍ للعيَّار وقع في مَضيقَ حربٍ فلم يجد منه مخرجاً، وذكر عمر بن عبد العزيز الموْتَ فَقَال‏:‏ غَنْظٌ ليس كالغَنْظ، وكَظٌّ ليس كالكظ‏.‏
2687- غَنيَة حتَّى غَرَفَ البَحْرَ بِدَلْوَينِ
يضرب لمن انتاشَ حاله فتصلَفَ‏.‏
2688- الغِرَّةُ تَجْلُبُ الدِّرَّةَ
يُقَال‏:‏ غَارَّتِ الناقةُ تغارُّ مُغَارَّة وغِرَاراً إذا قلَّ لبنها، والغِرَّة‏:‏ اسم منه، يعني أن قلت لبنها تَعِدُ وتخبر بكثرته فيما يستقبل‏.‏ يضرب لمن قل عطاؤه ويُرجَى كثرته بعد ذلك‏.‏
2689- غَاطُ بن بَاطٍ
يَقَال‏:‏ غَاطَ في الشَيء يَغُوط ويَغِيِطْ، إذا دخل فيه، ويقَال‏:‏ هذا رَمْل تَغُوط فيه الأقدام، أي تغوص، وباطٍ‏:‏ مثل قاض، من بَطَا يَبْطُو، إذا اتسع، ومنه الباطنية لهذا الإناء‏.‏
يضرب للأمر الذي اختلط فلا يُهتدى فيه، ويضرب للمخلِّطِ في حديثه إذا اردوا تكذيبه‏.‏
2690- غَرِيَتْ بالسُّودِ، وَفي البِيْضِ الكُثْرُ
يُقَال‏:‏ غَرِىَ بالشَيء يَغْرَى غَراً، إذا أولِعَ به، والكُثر‏:‏ الكثْرة، يُقَال‏:‏ الحمد لله على القُلِّ والكُثْر‏.‏
يضرب لمن لزم شَيئَاً لا يفارقه مَيْلاً منه إليه‏.‏
2691- غَذِيمَةٌ بِالظُّفْرِ ليْسَتْ تُقْطَعُ
الغَذِيمَة‏:‏ الأرض تنبت الغَذَم، يُقَال‏:‏ حَلُّوا في غَذيمة منكرة، والغَذَم‏:‏ نبت، قَال القطامي‏:‏
في عَثْعَثٍ يُنْبِتُ الحَوْذَانَ والغَذَما*
وتقدير المثل‏:‏ غَذمُ غَذِيمة، فحذف المضاف وذلك أن الغَذَم ينبت في المزارع فيقلع ويرمى به، وهذا يقول‏:‏
هذه غذيمة لا تقطع بالظفر يضرب لمن نزلت به مُلِمَّة لا يقدر كلُّ أحدٍ على دفعها لصعوبتها‏.‏
2692- غَمَامُ أَرْضٍ جَادَ آخرينَ
يضرب لمن يُعطي الأباَعِدَ ويترك الأقارب‏.‏ ‏[‏ص 63‏]‏
2693- الغُرَابُ أعْرَفُ بالتَّمْرِ
وذلك أن الغراب لا يأخذ إلا الأجود منه، ولذلك يُقَال‏:‏ ‏"‏وَجَدَ تمرةَ الغرابِ‏"‏ إذا وجد شيئاً نفيساً‏.‏
2694- غّيَّبَةُ غَيَابُهُ
أي دُفِنَ في قبره، والغَياب‏:‏ ما يُغَيِّبُ عنك الشَيء، فكأنه أريدَ ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏منه القبر
يضرب في الدعاء على الإنسان بالموت
2695- غَايَةُ الزُّهْدِ قَصْرُ الأمْلِ، وحسْنُ العَمَلِ
2696- غُزَيِّلٌ فَقَدَ طَلاً
غُزَيِّل‏:‏ تصغير غزال، أي ناعم فقد نعمة
يضرب للذي نشأ في نعمة فإذا وقع في شدة لم يملك الصبرَ عليها‏.‏
2697- غَبَرَ شَهْرَينِ، ثُمَّ جَاءَ بِكَلْبيْنِ
يضرب لمن أبطأ ثم أتى بشَيء فاسد‏.‏ ومثله ‏"‏صام حَوْلا ثم شرب بَولا‏"‏
2698- أَغْلَظُ المَوَاطِيء الحَصَا عَلَى الصَّفا
أي مَوْطئ الحصا‏.‏ يضرب للأمر يتعذر الدخول فيه، والخروج منه‏.‏
*3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif ما جاء على ما أفعل من هذا الباب
2699- أََغْنَى عَنِ الشَيء مِنَ الأقْرَعِ عَنِ المِشْطِ
هذا من قول سعيد بن عبد الرحمن بن حسان‏:‏
قد كُنْتُ أغْنَى ذِي غِنىً عَنْكُمْ كما * أغْنَى الرِّجَالِ عَنِ المِشاطِ الأقْرَعُ
2700- أَغنَى عَنْهُ مِنْ التُّفةِ الرُّفةِ
التفة‏:‏ هي السبع الذي يسمى عَنَاقَ الأرض، والرُّفَة‏:‏ التبن، ويقَال‏:‏ دُقَاق التبن، والأصلُ فيهما تُفهَةَ ورُفهةَ، قَال حمزة وجميعها تُفَاتٌ ورُفَاتٌ، قَال الشاعر‏:‏
غَنِينَا عَنْ حَدِيثِكُمُ قَدِيماً * كَمَا غَنِيَ التُّفَاتُ عَنِ الرفَاتِ
ويقَال في مثل آخر ‏"‏اسْتَغْنَيتِ التُّفَةُ عن الرفة‏"‏ وذلك أن التفة سبعٌ لا يَقْتَاتُ الرُّفَةَ، وإنما يغتذي بالخم؛ فهو يستغني عن التبن‏.‏
قلت‏:‏ التفة والرفة مخففتان، وقَال ‏[‏ص 64‏]‏ الأستاذ أبو بكر‏:‏ هما مشددتان، وقد أورد الجوهري في باب الهاء التفه والرفه، وفي الجامع مثله، إلا أنه قَالَ‏:‏ ويخففان، وأما الأزهري فقد أورد الرفة في باب الرَّفْتِ بمعنى الكسر، وقَال‏:‏ قَال ثعلب عن ابن الأعرابي‏:‏ الرُّفَتُ التبن، ويقَال في المثل ‏"‏أنا أغْنَى عنك من التفه عن الرُّفَتِ‏"‏ قَال الأزهري والتُّفَه يكتب بالهاء والرُّفَتُ بالتاء ‏(‏أورد المجد ‏"‏التفه‏"‏ في باب الهاء وقَال كثبة‏.‏ و‏"‏الرفة‏"‏ في الهاء وفي التاء وقَال كصرد في الموضعين‏.‏
قلت‏:‏ وهذا أصَحُّ الأقوال لأن التبن مرفوتٌ مكسور‏.‏
2701- أَغَرُّ مِنَ الدُّبَّاءِ في المَاءِ
من الغُرور، والدُّبَّاء، القَرْع، ويقال في المثل أيضاً ‏"‏لا يَغُرَّنَّكَ الدُّبَّاء، وإن كان في الماء‏"‏ قال حمزة‏:‏ ولست أعرف معنى هذين المثلين ‏.‏
قلتُ‏:‏ معنى المثل الأول منتزع من الثاني، وذلك أن أعرابياً تناول قَرْعاً مطبوخاً وكان حاراً، فأحرق فمه، فقال‏:‏ لا يغرنك الدباء وإن كان نشوؤُهُ في الماء‏.‏
يضرب للرجل الساكن ظاهراً الكثير الغائلة باطنا‏.‏
فأخذ منه هذا المثل الآخَر فقيل‏:‏ أعَزُّ من دباء في الماء
2702- أَعَزُّ مِنْ سَرابٍ
لأن الظمآن يحسبه ماء، ويقَال في مثل آخر ‏"‏كالسَراب يَغُرُّ مَنْ رآه، ويُخْلف مَنْ رَجَاه‏"‏
2703- أغَرُّ مِن الأمانِي
هذا من قول الشاعر‏:‏
إن الأمانِيَّ غَرَرٌ * والدهر عُرْفٌ ونُكُرْ
من سَابقَ الدَّهر عثَرْ*
2704- أغَرُّ مِنْ ظَبْيٍ مُقْمرٍ
وذلك أن الخشفَ يغْترُ بالليل المُقمر فلا يحترز حتى تأكله السباع، ويقَال‏:‏ بل معناه أن الظبي صَيده في القمراء أسرع منه في الظلمة، لأنه يَعْشَى في القمراء، ويقَال معناه من الغرة بمعنى الغَرَارة، لا من الاغترار، وذلك أنه يلعب في القَمْرَاء
2705- أعْذرُ مِنْ غَديرٍ
قَال حمزة‏:‏ هذا من قول الكُمَيْت
وَمِنْ غَدرِهِ نَبَزَ الأولونَ * بأن لَقَّبُوه الغَدِيرَ الغَدِيرَا
وقَال غير حمزة‏:‏ زعم بنو أسد أن الغدير إنما سمى غَديراً لأنه يَغْدُرُ بصاحبه أحوجَ ما يكون إليه، وفي ذلك يقول الكميت وهو أسدى، وأنشد البيت الذي تقدم‏.‏
قلت‏:‏ وأهلُ اللغة يجعلونه من المُغَادرة، ‏[‏ص 65‏]‏ أي غَادره السيل أي تركَهُ، وهو فَعِيلٌ بمعنى مُفَاعِل من غادره، أوْفَعِيل بمعنى مُفْعِل من أغدره أي تركه‏.‏
2706- أغْدَرُ مِنْ كُنَاة الغَدْرِ
هم بنو سعد تميم، وكانوا يسمون الغدر فيما بينهم إذا راموا استعماله بكنية هم وضعوها له وهي كَيْسَان‏.‏ قَال النمر بن تَوْلَب‏:‏
إذَا كُنْتَ في سَعْدٍ وأمُّكَ منهمُ * غريباً فَلاَ يَغْرُرْكَ خَالُكَ مِنْ سَعْدِ
إذَا مَا دَعَوْا كَيْسَانَ كانَتْ كُهُولُهُمْ * إلى الْغَدْرِ أدْنَي مَنْ شَبِابِهِمُ الْمُرْدِ
2707- أََغْوَى مِنْ غَوْغَاءِ الْجَرَادِ
الغَوْغَاء‏:‏ اسم الجَرَاد إذا ماج بعضُه في بعض قبل أن يَطِيرَ‏.‏
قلت‏:‏ الغوغاء يجوز أن يكون فَعْلاَلاً مثل قَمْقَام عند مَنْ يَصْرِفُه، وفَعْلاَء عند من لم يَصْرِفْه‏.‏ قَال أبو عبيدة‏:‏ الغَوْغَاء شَيء شبيه بالبَعُوض إلا أنه لا يعضُّ ولا يؤذي، وهو ضعيف، وقَال غيره‏:‏ الْغَوْغَاء الجراد بعد الدَّبَى، وبه سمى الغوغاء من الناس، وهم الكثير المختلطون‏.‏
2708- أََغْزَلُ مِنْ عَنْكَبُوتٍ، و ‏"‏أغْزَلُ مِنْ سُرْفَةٍ‏"‏
قَالوا‏:‏ هما من الغزل، وأما قولهم‏:‏
2709- أَغْزَلُ مِنَ امْرِئِ القَيسِ
فهو من الغَزَلِ، وهو التشبيب بالنساء في الشعر، قَال حمزة‏:‏ وقولهم‏:‏
2710- أغْزَلُ مِنْ فُرْعُلٍ
من الغَزل والفُرعل‏:‏ ولد الضبع، ولم يزد على هذا قلت‏:‏ الغزل ههنا الخرق، ويقَال غَزَل الكلبُ إذا تبع الغزال، فإذ أدركه ثَفَا الغزال في وجهه ففتر وخرق، أي دهش، ولعل الفُرْعُلَ يفعل كذلك إذا تبع صيده، فقيل ‏"‏أَغْزَلُ من فرعل‏"‏ ويقَال هذا أيضاً من الأول وفُرْعُل‏:‏ رجلٌ قديم‏.‏
2711- أَغْدَرُ مِنْ قْيسِ بِنْ عَاصِمٍ
زعم أبو عبيدة أنه كان من أغْدَرِ العرب، وذكر أنه جاوره رجل تاجر، فربَطَه وأخذ متاعه وشرب خمره وسكر حتى جعل يتناول النجم ويقول‏:‏
وَتَاجِرٍ فاجِرٍ جَاءَ الإلهُ بِهِ * كأن لِحْيتَهُ أذْنَابُ أجْمالِ
ومن حديثه في الغدر أيضاً أنه جبى صَدَقَةَ بني منقر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغه موتُه صلى الله عليه وسلم قَسَمها في قومه، وقَال‏:‏ ‏[‏ص 66‏]‏
ألا أبلغا عني قريشاً رسالةً * إذَا ما أتَتْهُمْ مهديات الوَدَائِعِ
حَبَوْتُ بِما جَمَّعْته آلَ منقَرٍ * وآيستُ منها كلَّ أطْلسَ طَامِعِ
2712- أغْدَرُ مِنْ عُتَيْبَةَ بن الحَارِثِ
ذكر أبو عبيدة أنه نزل به أُنَيْسُ بن مرة بن مِرْدَاس السُّلَمي في صِرم من بني سُلَيم فشدَّ على أموالهم فأخذها، وربَطَ رجالَها حتى افتدَوا، فَقَال عباس بن مرداس عم أنيس‏:‏
كَثُرَ الضِّجَاجُ وَمَا سَمِعْتُ بغادرٍ * كَعُتْبَةَ بنِ الحارِثِ بن شِهابِ
ملكت حنظلة الدناءةَ كُلها * ودنست آخرَ هذِهِ الأحْقَابِ
2713- أغْلَى فِداءٍ مِنْ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ، و‏"‏أغْلى فِدَاءً مِنْ بِسْطام بْنِ قَيْسِ‏"‏
ذكر أبو عبيدة أنهما أغلى عُكاظى فِدَاءً، قَال‏:‏ وكان فداؤهما فيما يقول المقلَّلُ مائتي بعير، وفيما يقول المكثر أربعمائة بعير وقَال أبو الندى‏:‏ يُقَال‏"‏ أغلى فداء من الأشعث بن قيس الكندي‏"‏ غزا مَذْحِجاً فأسِرَ فَفَدى بألفي بعير، وألف من غير ذلك يريد من الهدايا والطُّرف، فَقَال الشاعر‏:‏
فكان فِدَاؤُهُ ألفَيْ بَعِيرٍ * وألفاً مِنْ طريفات وتُلْدِ
2714- أغْلَمُ مِنْ تَيسِ بَنِي حِمَّانَ ‏(‏نص المجد على أن حمان القبيلة بكسر الحاء‏)‏
قَالوا‏:‏ إن بني حِمَّانَ تَزعم أن تَيْسَهم قَفَط سبعين عنزا بعدما فُرِيَتْ أوداجه، وفخروا بذلك‏.‏
قَال حمزة‏:‏ يُقَال للتيس‏:‏ قَفَط، وسَفَد وقَرَعَ، ولذوات الحافر‏:‏ كامَ وكَاشَ وباكَ، وللإنسان‏:‏ نكح، وهرج، وناك
قَال‏:‏ وزعموا أن مالك بن مِسْمَع قَال للأحنف بن قيس هازلاً وهو يفتخر بالربيعة على المضرية‏:‏ لأحمقَ بكر بن وائل أشْهَرُ من سيد بني تميم، يعني بالأحمقَ هَبَنَّفَةَ القيسى، فَقَال الأحنف وكان لُقَّاعة، أي حاضر الجَوَابِ، لَتَيْسُ بني تميم أشْهَرُ من سيد بكر بن وائل، يعني تيس بني حِمَّان وحمَّانُ من تميم، قَال أبو الندى‏:‏ واسمه عبد العُزَّى بن سعد بن زيد منَاةَ، وسمي حمَّان لسواد شفتيه‏.‏
2715- أغْيَرُ مِنَ الفَحْلِ، و‏"‏مِنْ جَمَلٍ‏"‏ و‏"‏مِنْ ديكٍ‏"‏ و‏"‏مِنْ عَقِيل‏"‏ ‏[‏ص 67‏]‏
يعني عقيل بن عُلَّفة
2716- أغْرَبُ مِنَ غُرَاب
2717- أَغْوَصُ مِنْ قِرِلَّى
وهو طائر، وقد مرَّ ذكره في مواضع من الكتاب
2718- أْغْنَجُ مِنْ مُفَنّقَةٍ
وهي المرأة الناعمة
2719- أغْلَظُ مِنْ حَمْلِ الجِسْرِ
2720- أغْشَمُ مِنَ السِّيلِ
2721- أغْدَرُ مِنْ ذئْب
2722- أغْلَمُ مِنْ خَوَّاتٍ
يعنون خَوَّاتَ بن جُبير، وقد مر ذكره‏.‏
2723- أغلَمُ مِنْ هِجْرسٍ، و‏"‏مِنْ ضَيْوَنٍ‏"‏
*3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif المولدون
غيْرةُ المرأةِ مفتاحُ طَلاقِهَا‏.‏
غَدَاؤُهُ مَرُهُونٌ بِعَشَائِهِ‏.‏
يضرب للفقير‏.‏
غُرابُ نُوحٍ‏.‏
يضرب للمتهم، وللمبطئ أيضاً‏.‏
غَضَبُ العُشَّاقَ كَمطَرِ الرَّبِيعِ‏.‏
غَضَبُ الجَاهِلِ في قَوْلِهِ، وغَضَبُ العَاقلِ في فعله‏.‏
غُبارُ العَمَلِ خَيرٌ من زعْفَرانِ العطْلَةِ‏.‏
غَاصَ غَوْصَةً وجَاءَ بِرَوْثَةٍ‏.‏
غَابَ حَولينِ وجَاء بِخُفِّي حُنَيْنٍ‏.‏
غِشُّ القلوبِ يَظْهَرُ في فَلتَاتِ الألْسُنِ وصفحات الوجوهِ‏.‏
غُلُولُ الكُتُبِ مِنْ ضَعْفِ المرَُّوةِ‏.‏
غِنَى المَرْءِ في الغُرْبَةِ وَطَنٌ، وفَقْرٌهُ في الوطَنِ غُرْبَةَ‏.‏
غَبْنُ الصَّدِيقَ نَذَالَةٌ‏.‏
الغَيْرَةُ مِنَ الإيمانِ‏.‏
الغَزْوُ أدَرُّ للقاح وأحدُّ للسِّلاح‏.‏
الغَائِبُ حُجَّتُه معه‏.‏
الغِناءُ رُقْيَةُ الزِّنَا‏.‏
الغَلَطُ يُرْجَعُ‏.‏
الغُرَبَاءُ بُرُدُ الآفاقِ‏.‏
الغَرْثانُ لا يُمْعك‏.‏
غَرِيمٌ لا ينامُ‏.‏
يضرب للملحِّ في طلب الشَيء‏.‏
غَضَبُهُ على طَرَفِ أنْفِهِ‏.‏
للرجل السريع الغضب

B-happy 3 - 3 - 2010 10:38 PM

الباب العشرون فيما أوله فاء

2724- فِي بَطْنِ زَهْمَانَ زادُهُ
زَهْمَانُ‏:‏ اسم كلب، روى أبو الندى وابن الأعرابي زَهمان بفتح الزاي، وروى أبو الهيثم وابنُ دُرَيد بضمها‏.‏ يضرب لمن يكون معه عُدَّته وما يحتاج إليه وقَال أبو عمرو‏:‏ أصله أن رجلاً نَحَر جَزُوراً فقسمها، فأعطى زَهمان نصيبه، ثم رجع زهمان ليأخذ أيضاً مع الناس، فَقَال صاحب الجزور‏:‏ في بطن زَهمان زاده‏.‏
يضرب للرجل يطلب الشَيء وقد أخذه مرة‏.‏
2725- فِي الصِّيفِ ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ
ويروى ‏"‏الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللبن‏"‏ والتاء من‏"‏ضيعت‏"‏ مكسور في كل حال إذا خوطب به المذكر والمؤنث والاثنان والجمع؛ لأن المثَلَ في الأصل خوطبت به امرَأة، وهي دَخْتَنُوس بنت لقيط بن زرارة كانت تحت عمرو بن عُدَاس، وكان شيخاً كبيراً فَفَركَتْهُ ‏(‏فركته‏:‏ كرهته‏)‏ فطلقها، ثم تزوجها فتى جميل الوجه، أجْدَبَتْ فبعثت إلى عمرو تطلب منه حَلُوبة، فَقَال عمرو ‏"‏في الصيف ضيعت اللبن‏"‏ فلما رجع الرسُولُ وقَال لها ما قَال عمرو ضربَتْ يَدَها على منكب زوجها، وقَالت ‏"‏هذا ومَذْقُه خَيرٌ‏"‏ تعني أن هذا الزوج مع عدم اللبن خيرٌ من عمرو، فذهبت كلماتها مَثَلاً‏.‏
فالأول يضرب لمن يطلب شيئاً قد فَوَّته على نفسه، والثاني يضرب لمن قَنَع باليسير إذا لم يجد الخطير‏.‏
وإنما خص الصيف لأن سؤالها الطلاقَ كان في الصيف، أو أن الرجل إذا لم يطرق ماشيته في الصيف كان مضيعاً لألبانها عند الحاجة‏.‏



2726- فَرِّقَ بين مَعْدٍّ تَحَابَّ
قَال الأَصمَعي‏:‏ يقول‏:‏ إن ذوي القَرابَة إذا تراخت ديارهم كان أحْرَى أن يتحابوا وإذا تدانوا تحاسدوا وتباغضوا‏.‏
وكتب عمر رضي الله تعالى عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه‏:‏ أنْ مُرْ ذَوِي القربى أن يَتَزَاوَروا ولا يتجاوروا ‏[‏ص 69‏]‏
2727- في رَأْسِهِ خُطَّةٌ
الخطة‏:‏ الأمر العظيم‏.‏
يضرب لمن في نفسه حاجة قد عزم عليها والعامة تقول‏:‏ في رأسه خطية‏.‏
2728- في رَأْسِهِ نُعَرَةٌ
هي الذباب يدخل في أنف الحمار‏.‏ يضرب للطامح الذي لا يستقر على شَيء‏.‏
2729- في وَجْهِ المَالِ تَعْرِفُ إمْرَتَهُ
أي نَماءه وخيَره، يُقَال‏:‏ أَمِرَتْ أموالُ فلانٍ تَأمَرُ أمْراً، إذا نَمَتْ وَكَثُرَت وكُثُر خيرها‏.‏
يضرب لمن يُسْتَدَل بحسن ظاهره على حسن باطنه‏.‏
قلت‏:‏ قد أورد الجَوْهَري إمْرَتَهُ بسكون الميم، وكذلك هو في الديوان، وأورد الأزهري إمَّرَتَهُ بتشديد الميم، وكذلك أبو زيد وغيرهما، قَال الأزهري‏:‏ وبعضهم يقول أمْرَتَهُ من أَمِرَ المال أمْراً‏.‏
2730- فَتَلَ في ذُرْوَتِهِ
الذُّرْوَة‏:‏ أعلى السَّنام، وأعلى كل شَيء أصل فَتْلَ الذَّروة في البعير هو أن يَخْدَعه صاحبهُ ويتلطف له بفَتْل أعلى سَنامه حكّاً ليسكن إليه فيتسلقَ بالزمام عليه، قَاله أبو عبيدة ويروى عن ابن الزبير أنه حين سأل عائشة رضي الله عنها الخروجَ إلى البصرة أبَتْ عليه، فما زالَ يَفْتِلُ في الذُّرِوة والغَارب حتى أجابته‏.‏
الذروة والغَارِبُ واحد، ودخل ‏"‏في‏"‏ على معنى تصرف فيه بأن فَتَلَ بعضه دون بعض، فكأنه قيل‏:‏ فتل بعضَ ما في ذروته، قَال الأَصمَعي‏:‏ فَتَلَ في ذروته أي خَادَعَه حتى أزاله عن رأيه‏.‏
يضرب في الخداع والمماكرة
2731- أفْلَتَ فُلانٌ جُرَيْعَةَ الذَّقْنِ
أفلت‏:‏ يكون لازماً ويكون متعدياً، وهو هنا لازم، ونصب ‏"‏جريعة‏"‏ على الحال، كأنه قَال‏:‏ أفلت قاذفاً جريعة، وهو تصغير جُرْعَة، وهي كناية عما بقى من روحه يريد أن نفسه صارت في فيه وقريباً منه كقرب الجرعة من الذقن، قَال الهُذْلى‏:‏
نَجَا سَالِمٌ والنَّفسُ مِنْهُ بِشِدِقِه * ولم يَنْجُ إلا جَفْنَ سَيْفٍ وَمِئْزَرَا
قَال يونس‏:‏ أراد بجفن سيف ومئزر، وقَال الفراء نصبه على الاستثناء، كما تقول‏:‏ ذهب مال زيد وَحَشَمُه إلا سعداً وعبيدا، ويقولون‏:‏ أفلت بجُرَيْعةِ الذَّقن، وبجريعاء الذقن وفي رواية أبي زيد ‏"‏أفْلَتَني جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ‏"‏ وأفلت على هذه الرواية يجوز أن ‏[‏ص 70‏]‏ يكون متعدياً، ومعناه خلصني ونجاني، ويجوز أن يكون لازماً، ومعناه تخلص ونجا مني، وأراد بأفْلَتَنِي أفلَتَ مني فحذف ‏"‏من ‏"‏ وأوصل الفعل، كقول امرئ القيس
وأفْلَتَهُنَّ عِلْبسَاءٌ جَرِيضَاً * وَلَوْ أدْرَكْتُهُ صَفِرَ الِوطَابُ
أراد أفلت منهن، أي من الخيل، وجريضا‏:‏ حال من علباء، ثم قَال ‏"‏ولو أدْرَكْنَه‏"‏ أي الخيل لصَفِرَ وطابه‏:‏ أي لمات، فهذا يدلّ على أن ‏"‏أفلتني‏"‏ معناه أفلت مني، وصغر ‏"‏جريعة‏"‏ تصغير تحقير وتقليل؛ لأن الجُرعة في الأصل اسمٌ للقليل مما يُتَجَرَّع كالحُسْوة والغُرْفة والقُدْحة وأشباهها، ومنه ‏"‏نَوقَ مجاريع‏"‏ أي قليلات اللبن، ونصب جريعة على الحال، وأضافها إلى الذقن، لأن حركة الذقن تدل على قرب زهوقَ الروح، والتقدير‏:‏ أفلتني مُشْرِفاً على الهلاك، ويجوز أن يكون جريعة بدلاً من الضمير في أفْلَتَني، أي أفلت جريعةَ ذقني، يعني باقي روحي، وتكون الألف واللام في ‏"‏الذقن‏"‏ بدلاً من الإضافة كقول الله عز وجل (‏ونهى النَّفْس عَن الهَوى‏)‏ أي عن هواها، وكقول الشاعر‏:‏
وآنُفُنَا بين اللَّحَى وَالحواجب*
ومن روى ‏"‏بجريعة الذقن‏"‏ فمعناه خَلَّصني مع جُرَيَعْة كما يُقَال‏:‏ اشترى الدار بآلاتها، مع آلاتها‏.‏
2732- أفْلَتَ وَلَهُ حُصَاصٌ
الحُصَاص‏:‏ الحبق، وفي الحديث ‏"‏إن الشيطان إذا سَمِعَ الأذانَ ولَّى وله حُصَاص كحُصَاصِ الحمار‏"‏
يضرب في ذكر الجَبَانِ إذا أفْلَتَ وهَرَبَ‏.‏
2733- أفْلَتَ وانْحَصَّ الذَّنَبُ
الانحصاصُ‏:‏ تَنَاثُر الشعر‏.‏
وهذا المثل يروى عن معاوية رضي الله عنه، أنه أرسل رجلاً من غسَّان إلى ملك الروم، وجعل له ثَلاثَ دِيَاتٍ أن ينادي بالأذان إذا دَخَلَ عليه، ففعل الغسَّاني ذلك وعند ملك الروم بَطَارقَتُهُ، فاهووا ليقتلوه، فنهاهم ملكهم وقَال‏:‏ كنت أظن أن لكم عُقُولاً، إنما أراد معاوية أن أقتل هذا غدراً وهو رسول، فيفعل مثل ذلك بكل مُستأمَنٍ ويَهْدِم كل كنيسة عنده فجهزَّه وأكرمه وردَّه، فلما رآه معاوية قَال‏:‏ أفْلَتَ وانْحَصَّ الذنب، فَقَال‏:‏ كلا إنه لبهلبه، ثم حدَّثه الحديثَ فَقَال معاوية‏:‏ لقد أصاب، ما أردتُ إلا الذي قَال‏.‏
وقوله ‏"‏ كلا إنه لبهلبه‏"‏ قَالوا‏:‏ أصله ‏[‏ص 71‏]‏ أن رجلاً أخذ بذَنَب بعيرٍ فأفلتَ البعيرُ وبقى شعر الذنب في يده، فقيل‏:‏ أفْلتَ وانْحَصَّ الذنب، أي تناثر شعر ذنبه، فهو يقول‏:‏ لم يتناثر شعرُذنبي، بل هو بحاله
2734- فَاهَا لِفِيكَ
قَال أبو عبيدة‏:‏ أصله أنه يريد جعل الله تعالى بفيك الأرض، كما يُقَال‏:‏ بِفِيكَ الحَجَر، وبفيك الأثلبُ، وقَال‏:‏ ومعناها الخيبة لك، وقَال غيره‏:‏ فَاها كناية عن الأرض، وفم الأرض التراب، لأنها به تشرَبُ الماء، فكأنه قَال‏:‏ بِفِيه التراب، ويقَال ‏"‏ها‏"‏ كناية عن الداهية، أي جعَلَ الله فَمَ الداهية ملازماً لفيك، ومعنى كلها الخيبة، وقَال رجل من بَلْهُجَيْمِ يخاطب ذئباً قصد ناقته‏:‏
فَقُلْتُ لهُ‏:‏ فَاهَا لِفِيْكَ؛ فَإنَّها * قَلوُصُ اُمْرئٍ قَارِيكَ ما أنْتَ حاذِرُهْ
يعني الرمي بالنبل
2735- أَفْوَاهُهَا مَجَاسُّها
أصله أن الإبل إذا أحسنت الأكلَ اكتفى الناظر بذلك عن معرفة سمنها، وكان فيه غنىً عن جَسِّها، وقَال أبو زيد‏:‏ أَحْنَاكُهَا مَجَاسُّها
2736- في الخَيْرِ لَهُ قَدَمٌ
يريدون أن له سابقَ في الخير، قَال حسان بن ثابت الأنصَاري رضي الله عنه‏:‏
لَنَا القَدَمُ الأولى إلَيْكَ وخَلْفُنا * لأولِنا في مِلَّةِ اللهِ تَابِعٌ
ويروى عن الحسن ومجاهد في قوله تعالى ‏(‏قَدَم صِدْقٍ‏)‏ يعني الأعمالَ الصالحةَ، وقَال مقاتل بن حيان في قوله تعالى (‏أن لهم قدم صدقَ عند ربهم‏)‏ القَدَم‏:‏ محمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم عند ربهم، قَال أبو زيد‏:‏ يُقَال ‏"‏رجل قَدَم‏"‏ إذا كان شُجَاعاً‏.‏
2737- أَفْضَيْتُ إليهِ بِشُقُورِي
إذا أخبرتَهُ بسرائرك، والإفضاء‏:‏ الخُرُوجُ إلى الفضاء، ودخل الباء للتعدية، أي أخرجت إليه شُقُوري، قَال أبو سعيد يُقَال‏:‏ شُقُور و شَقُور، ولاأعرف اشتقاقه مِمَّ أخَذَ وسألت عنه فلم يُعْرَف، قَال العجاج‏:‏
جَارِي لا تَسْتَنْكِرِي عذيري * سَيْرِ وإشْفَاقِي على بَعِيرِي
وكَثْرَة الحديثِ عَنْ شُقُوري*
وقَال الأزهري‏:‏ مَنْ رَوى بفتح الشين فهو في مذهب النعت، والشُّقُور‏:‏ الأمور المهمة، والواحد شَقْر، ويقَال أيضاً شُقُور وفُقور، وواحد الفقور فقر، وقَال ثعلب‏:‏ يُقَال لأمور الناس فقور وفقور، وهما هَمُّ النفس وحوائجُها‏.‏ ‏[‏ص 72‏]‏
يضرب لمن يُفْضى إليه بما يُكْتَم عن غيره من السر‏.‏
2738- فِي أُسْتِها مَالا تَرَى
يضرب للباذل الهيئة يكون مخْبَرَهُ أكثر من مَرْآه، ويضرب لمن خفى عليه شَيء وهو يظنُ أنه عالم به
2739- اُفْتَحْ صُرَرَكَ تَعْلَمْ عُجَرَك
الصُرَرْ‏:‏ جمع صرَّة، وهي خِرْقَة تُجْعل فيها الدراهم وغيرُها، ثم تُصَرُّ‏:‏ أي تشدُّ وتَقْطعُ جوانبها لِتُؤمن الخيانة فيها، والعُجَرْ‏:‏ جمع عُجْرة، وهي العَيْب وأصلها العُقْدة والأُبنة تكون في العصا وغيرها، يراد ارْجِعْ إلى نَفْسِه تَعْرفْ خَيْركَ من شركَ‏.‏
2740- الفَحْلُ يَحْمِي شَوْلَهُ مَعْقُولاً
الشُّولُ‏:‏ النُّوقَ التي خفَّ لبنها وارتفع ضَرْعها وأتى عليها من نَتَاجها سبعة أشهر أوثمانية، الواحدة شائلة، والشول‏:‏ جمع على غير قياس، يُقَال‏:‏ شَوَّلَت الناقة - بالتشديد - أي صارت شولاء، ونصب‏"‏معقولاً‏"‏ على الحال‏:‏ أي أن الحر يحتمل الأمر الجليل في حفظ حُرَمَه وإن كانت به علَّة
2741- فَلِمَ رَبَضَ العَيْرُ إذَنْ
قَال امرؤ القيس لما ألبسه قيصرُ الثيابَ المسمومة وخرج من عنده وتلقَّاء عَيْر فَرَبَضَ فَتَفَاءل امرؤ القيس فقيل‏:‏ لا بأس عليك قَال‏:‏ فلما رَبَضَ العَيرُ إذن‏؟‏ أي أنا ميت‏.‏
يضرب للشَيء فيه عَلامَةَ تدل على غير ما يُقَال لكَ‏.‏
2742- فِي بَيتِهِ يُؤتَى الحَكَمُ
هذا مما زعمت العرب عن ألسُنِ البهائم قَالوا‏:‏ إن الأرنب التقطتْ ثمرةً، فاختلسها الثعلب فأكلها، فانطلقا يختصمان إلى الضب فَقَالت الأرنب‏:‏ يا أبا الحِسْل فَقَال‏:‏ سميعاً دَعَوْتِ، قَالت‏:‏ أتيناك لنختصم إليك، قَال‏:‏ عادِلاً حَكَّمْتُما، قَالت‏:‏ فاخرج إلينا، قَال‏:‏ في بيته يُؤتى الحكم، قَالت‏:‏ إني وجدت ثمرة، قَال‏:‏ حُلْوَة فكُلِيها، قَالت‏:‏ فاخْتَلَسَها الثعلب، قَال‏:‏ لنقسه بغَى الخَيْرَ، قَالت‏:‏ فَلَطَمْتُه، قَال‏:‏ بحقِّكِ أخَذْتِ، قَالت‏:‏ فَلَطَمَنِي، قَال‏:‏ حُرٌّ انتصر، قَالت‏:‏ فاقْضِ بيننا، قَال‏:‏ قد قَضَيْتُ، فذهبت أقواله كلها أمثالاً قلت‏:‏ ومما يشبه هذا ما حكى أن خالد بن الوليد لما توجَّه من الحجاز إلى أطراف العراقَ دخل عليه عبد المسيح بن عمرو بن نُفَيلَة، فَقَال له خالد‏:‏ أين أقصى أثَرِكَ‏؟‏ قَال‏:‏ ظَهْرُ أبي، قَال‏:‏ من أين خرجت، قَالَ‏:‏ من بطن أمي، قَال عَلاَمَ أنت‏؟‏ ‏[‏ص 73‏]‏ قَال‏:‏ على الأرض، قَال‏:‏ فيمَ أنت‏؟‏ قَال‏:‏ في ثيابي، قَال‏:‏ فمن أينَ أقبَلْتَ‏؟‏ قَال‏:‏ من خَلْفي، قَال‏:‏ أين تريد‏؟‏ قَال‏:‏ أمامي، قَال‏:‏ ابنُ كمْ أنت‏؟‏ قَال‏:‏ ابن رَجُلٍ واحد، قَال‏:‏ أتعقل‏؟‏ قَال‏:‏ نعم وأقيَّدُ، قَال‏:‏ أحَرْبٌ أنت أم سَلْمِ‏؟‏ قَال‏:‏ سَلْم، قَال‏:‏ فما بال هذه الحصون‏؟‏ قَال‏:‏ بنيناها لسفيه حتى يجيء حليم فينهاه‏.‏ ومثل هذا أن عَدِيَّ بن أرْطَاةَ أتى إياسَ بن مُعاوية قاضيَ البصرة في مجلس حكمه، وعَدِيٌّ أمير البصرة، وكان أعرابيَّ الطبع، فَقَال لإياس‏:‏ ياهناه أين أنت‏؟‏ قَال‏:‏ بينك وبين الحائط، قَال‏:‏ فاسْمَع مني، قَال‏:‏ للاستماع جَلَسْتُ، قَال‏:‏ إني تزوجْتُ امرَأة، قَال‏:‏ بالرِّفَاء والبَنين، قَال‏:‏ وشَرَطْتُ لأهلها أن لا أخرجها من بينهم، قَال‏:‏ أوْفِ لهم بالشرط، قَال‏:‏ فأنا أريد الخروج، قَال‏:‏ في حفْظِ الله، قَال‏:‏ فاقضِ بيننا، قَال‏:‏ قد فعلْتُ، قَال‏:‏ فَعَلى مَنْ حكمت‏؟‏ قَال‏:‏ على ابن أخي عمك، قالَ بشهادة مَنْ‏؟‏ قَال‏:‏ بشهادة ابن أختِ خالتك‏.‏
2743- فيِ الاِعْتِبَارِ غِنَى عَنْ اُلاِخْتِبَارِ
أي مَنِ اعتَبَر بما رأي استغنى عن أن يختبر مثلَه فيما يستقبل‏.‏
2744- أََفْنَيْتِهِنَّ فاَقَة فَاقَةً، إِذَا أَنْتِ بَيْضَاءُ رَقْرَاقَةً
الكناية ترجع إلى الأموال، وفاقة‏:‏ طائفة، والرقراقة‏:‏ المرأة الناعمة التي تترقرق، أي تجىء وتذهب سِمَناً‏.‏
هذا شيخ يقول لامرأته‏:‏ أفنيت أموالي قطعةً قطعةً على شبابك‏.‏
يضرب للذي يُهْلك ماله شيئاً بعد شَيء
2745- فِي الجَرِيرَةِ تَشْتَرِكُ العَشِيرَةُ
يضرب في الحثِّ على المواساة
2746- فَرَّ الدَّهْرُ جَذَعَاً
يُقَال‏:‏ فَرَرْتُ عن أسنان الدابة، إذا نَظَرْتَ إليها لتعرفَ قدر سنها، والجَذَع‏:‏ قبل الثَّنِىِّ بستة أشهر، أي الدهر لا يهرم ونصب ‏"‏جَذَعاً‏"‏ على الحال، والمعنى إن فانتا اليومَ ما نطلبه فسندركه بعد هذا
2747- في مِثْلِ حُوِلاَءِ السَّلى
ويقَال ‏"‏حُوِلاء الناقة‏"‏ يُقَال فلان في مثل حُوِلاء الناقة، وهي الماء الذي يخرج على رأس الولد، والسَّلى‏:‏ جلدةٌ رقيقة يكون فيها الولد‏.‏
يضرب لمن كان في خِصْبً ورَغَد عيشٍ وكذلك قُولهم ‏"‏في مثل حدقة البعير‏"‏ ‏[‏ص 74‏]‏
2748- فَسَا بَيْنَهُمُ الظَّرِبانُ
هو دُوَيّيةٌ فوقَ جَرو الكلب مُنْتن الريح كثير الفَسْو لا يعمل السيف في جلده، يجئ إلى حجر الضب، فيلقم إستَه جُحره ثُم يَفْسو عليه حتى يغتم ويضطرب فيخرج فيأكله ويُسَمّونه ‏"‏مُفَرقَ النعم‏"‏ لأنه إذا فسا بينها وهي مجتمعة تفرقت، وقَال الراجز يذكر حوضاً يستقي منه رجل له صُنان
إزاؤه كالظِّرِ بَان الموفى*
إزاؤه‏:‏ أي صاحبه، من قولهم فلان إزاء مالٍ، يريد أنه إذا عَرِقَ فكأنه ظربان لنتنه، وقَال الربيع بن أبي الحُقَيقِ‏:‏
وأنتُمْ ظَرَابِينُ إذ تَجْلسُونَ * وَمَا إنْ لَنا فِيكُمُ مِنْ نَدِيدِ
وأنتُمْ تُيُوسٌ وقد تُعرَفُونَ * بِرِيحِ التيوسِ وَنَتْنِ الجُلُودِ
2749- في القَمَرِ ضِياءٌ، والشَّمْسُ أضْوَأ مِنْهُ
يضرب في تفضيل الشَيء على مثله‏.‏
2750- أفِقَ قَبْلَ أن يُحْفَرَ ثَرَاكَ
قَال أبو سعيد‏:‏ أي قبل أن تُثار مَخَازيك، أي دَعها مدفونة، قَال الباهلي‏:‏ وهذا كما قَال أبو طالب‏:‏
أفيقُوا أفيقُوا قَبْلَ أن يُحْفَرَ الثّرى * وَيُصْبحَ مَنْ لم يَجْنِ ذَنْباً كَذِى الذَّئبِ
2751- في عضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُهَا
يُقَال‏:‏ شَكَرَتِ الشجرةُ تشكر شَكْراً أي خرج منها الشَّكِير، وهو ما ينت حَوْلَ الشجرة من أصولها‏.‏
يضرب في تشبه الولد بأبيه‏.‏
2752- في كلِّ شَجَرٍ نَارٌ، وَاسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَارُ
يُقَال‏:‏ مَجَدَت الإبل تمجد مَجَوداً، إذا نالت من الخَلَى قريباً من الشَّبَع، واستمجد المرخ والعَفَار‏:‏ أي استكثرا وأخَذَا من النار ما هو حَسْبهما، شبها بمن يكثر العطاء طالباً للمَجْد؛ لأنهما يسرعان الوَرْىَ‏.‏ يضرب في تفضيل بعض الشيء على بعض‏.‏
قَال أبو زياد‏:‏ ليس في الشجر كله أوْرَى زناداً من المَرْخ، قَال‏:‏ وربما كان المرخُ مجتمعاً ملتفاً وهبَّتِ الريحُ فحَكَّ بعضه بعضاً فأوْرَى فاحترقَ الوادِي كله، ولم نر ذلك في سائر الشجر، قَال الأعشى‏:‏
زِنَادُكَ خَيْرُ زِنَادِ المُلُو * كِ خَالَطَ فيهنَّ مَرْخٌ عَفَارَا
وَلَوْ بتَّ تَقْدَحُ فِي ظلمةٍ * حصاة بِنَبْع لأَوْرَيْتَ نَارَا ‏[‏ص 75‏]‏
والزَّنْدُ الأعلى يكون من العَفَار، والأسفل من المَرْخِ، كما قَال الكميت‏:‏
إذَا الْمَرْخُ لم يُورِ تَحْتَ الْعَفَارِ * وَضَنَّ بقدْرٍ فلم تعقب
2753- في نَظْمِ سَيْفِكَ ما تَرَى يَا لُقَيْمُ
حديثه أن لقمان بن عاد كان إذا اشتدَّ الشتاء وكَلِبَ كان أشدَّ ما يكون، وله راحلة لا تَرْغُو ولا يُسْمع لها صوت، فيشدُّها برَحْله ثم يقول للناس حين يكاد البردُ يقتلُهم‏:‏ ألا من كان غازياً فَلْيَغْزُ، فلا يلحقَ به أحد، فلما شبَّ لقيم ابنُ أختِهِ اتَّخذ راحلة مثل راحلته، فلما نادى لقمان ‏"‏ألا من كان غازياً فليغز‏"‏ قَال له لقيم‏:‏ أنا معك إذا شِئت، ثم إنهما سارا، فأغارا، فأصابا إبلا، ثم انصرفا نحو أهلهما، فنزلا فنحرا ناقةً فَقَال لقمان للقيمٌ‏:‏
أتعشِّى أم أعشِّي لك‏؟‏ قَال لقيم‏:‏ أي ذلك شِئت، قَال لقمان‏:‏ اذهب فَعَشِّها حتى ترى النجم قمَّ رأسٍ، وحتى ترى الجوزاء كأنها قطار، وحتى ترى الشِّعْرَى كأنها نار، فإلا تكن عَشِّيت فقد أنَيْت، قَال له لقيم‏:‏ نعم واطْبُخْ أنت لحم جَزُورك حتى ترى الكَرَاديسَ كأنها رؤوسُ رجال صُلْع، وحتى ترى الضُّلُوع كأنها نساء حَوَاسر، وحتى ترى الوَذْرَ كأنه قَطاً نَوَافر، وحتى ترى اللحم كأنه غَطَفان يقول غط غط، فإلا تكن أنْضَجْتَ فقد أنْهَيْتَ، ثم انطلقَ في إبله يُعَشيها، ومكث لقمان يطبخ لحمه، فلما أظلم لقمان وهو بمكان يُقَال له شَرْجٌ قَطَع سَمُرَ شَرْج فأوقد به النار حتى أنضج لحمه، ثم حفر دونه فملأه ناراً، ثم واراها، فلما أقبل لقيم عَرَفَ المكان وأنكر ذهاب السَّمُرِ فَقَال‏:‏ أَشْبَهَ شَرْجٌ شَرْجاً لو أنَّ أُسَيْمِراً، فأرسلها مَثَلاً، وقد ذكرتُه في حرف الشين، ووقَعَتْ ناقة من إبله في تلك النار فنفرت، وعرف لُقَيْم أنه إنما صنع لقمان ذلك ليصيبه وأنه حَسَده، فسكتَ عنه، ووجد لقمان قد نَظَم في سيفه لحماً من لحم الْجَزُورِ وكَبِداً وسَنَاما حتى توارى سيفهُ، وهو يريد إذا ذهب لقيمٌ ليأخذه أن ينحره بالسيف، فَفَطِنَ لقيم فَقَال‏:‏ في نظْم سيفك ما ترى يا لقيم، فأرسلها مَثَلاً، فحسد لقمان الصحبة، فَقَال له لقيم‏:‏ القسمة، فَقَال له لقمان‏:‏ ما تطيبُ نفسي أن تقسم هذه الإبلَ إلا وأنا مُوثَقُ، فأوثقه لقيم، فلما قَسَمها لقيم نَقَّي منها عشراً أو نحوها، فَجَشِعَتْ نفسُ لقمان، فنَحَطَ نَحْطة ‏(‏نحط نحطة‏:‏ زفر زفرة، وتقضبت‏:‏ تقطعت‏)‏ تقضَّبت منها الأنْسَاع التي ‏[‏ص 76‏]‏ هو بها مُوثَق، ثم قَال‏:‏ الغادرة والمتغادرة، والأفِيلُ النادرة، فذهب قوله هذا مَثَلاً، وقَال لقيم‏:‏ قبح الله النفس الخبيثة‏.‏ قوله ‏"‏الغادرة‏"‏ من قولهم‏:‏ غَدَرَت الناقة، إذا تخلَّفت عن الإبل، والأفِيلُ‏:‏ الصغير منها، يريد اقسم جميع ما فيها‏.‏ والمثل الأول يضرب في المماكرة والخداع والثاني في الخسة والاستقصاء في المعاملة‏.‏
2754- فَاقَ السَّهْمُ بَيْنِي وبَيْنَهُ
يُقَال‏:‏ فَاقَ السَّهْمُ وَ انْفَاقَ، إذا انكسر فُوقُه، أي فسد الأمر بيني وبينه
2755- الْفِرَارُ بِقِرَابٍ أََكْيَسُ
كان المفضل يقول‏:‏ إن المثل لجابر بن عمرو المازني، وذلك أنه كان يسير يوماً في طريقَ إذ رأى أَثرَ رجلين، وكان عائفاً قائماً، فَقَال‏:‏ أرى أَثرَ رجلين، شديداً كلَبُهما عزيزاً سَلَبُهما، والفرار بقراب أكيس، ثم مضى‏.‏
قلت‏:‏ أراد ذو الفرار، أي الذي يفرُّ ومعه قِرَابُ سيفه إذا فاته السيف أكْيَسُ ممن يُفيت القِراب أيضاً، قَال الشاعر‏:‏
أقاتلُ حتى لا أَرَى لي مُقَاَتِلاً * وَأَنْجُو إذ لم يَنْجُ إلاَّ المُكَيَّسُ
2756- فِى ذَنَبِ الكَلْبِ تَطْلُبُ الإِهَالَةَ
يضرب لمن يطلب المعروف عند اللئيم، قَال‏:‏
إنى وإنَّ ابْنَ علاقَ ليقريني * كَعَابِطِ الْكلْب يَرْجُو الطِّرْقَ فِي الذَّنَبِ
2757- افْعَلْ ذلكَ آثِراً مَّا
قَالوا‏:‏ معناه افْعَلْه أولَ كل شيء، أي افْعَلْه مؤثِراً له، وقَال الأَصمَعي‏:‏ معناه افعل ذلك عازماً عليه، و‏"‏ما ‏"‏ تأكيد، ويقَال أيضاً‏:‏ افْعَلْه آثرَ ذِى أَثيرٍ، أي أولَ كل شيء، قَال عُرْوَة بن الوَرْدِ‏:‏
وَقَالوا‏:‏ مَا تَشَاءُ‏؟‏ فَقُلْتُ‏:‏ أَلْهُو * إلَى الإِصْبَاحِ آثَرَ ذِى أثِيرِ
أرادا‏:‏ فقلت أنْ ألْهُوَ، أي الهوَ إلى الصبح آثَرَ كل شَيء يؤثَرُ فعلُه‏.‏
2758- فَرَقاً أَنْفَعُ مِنْ حُبٍّ
أولُ من قَال ذلك الحجاجُ للغَضْبَان بن الْقَبَعْثَرَى الشَّيْبَاني، وكان لما خلع عبدُ الله بنُ الجارُودِ وأهلُ البصرة الحجاجَ وانتهبوه قَال‏:‏ يا أهل العراقَ تَعَشَّوُا الْجَدْيَ قبل أن يتغداكم، فلما قَتَلَ الحجاجُ ابنَ الجارود أخذ الغَضْبَان وجماعةً من نُظَرائه فحبسهم، وكتب إلى عبد الملك بن مروان بقتل ابن الجارود، ‏[‏ص 77‏]‏ وخَبَرِهم، فأرسل عبدُ الملك عبدَ الرحمن بن مسعود الفَزَارِيَّ، وأمره بأن يؤمِّنَ كلَّ خائف، وأن يخرج المحبوسين، فأرسل الحجاج إلى الغَضْبَان، فلما دخل عليه قَال له الحجاج‏:‏ إنك لَسَمين، قَال الغضبان‏:‏ مَنْ يَكُنْ ضيفَ الأمير يَسْمَنْ، فَقَال‏:‏ أأنْتَ قلت لأهل العراقَ تَعَشَّوُا الجدْىَ قبل أن يتغداكم‏؟‏ قَال‏:‏ ما نفَعَتْ قائلَها ولا ضَرّتْ من قِيلَتْ فيه، فَقَال الحجاج‏:‏ أوْفَرَقاً خيرٌ من حُبٍّ، فأرسلها مَثَلاً‏.‏
يضرب في موضع قولهم ‏"‏رَهَبُوتٌ خير من رَحَمُوت‏"‏ أي لأن يُفْرَقَ منك فرقاً خيرٌ من أن تُحُبَّ


B-happy 3 - 3 - 2010 10:44 PM



2759- الفَرْعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ
قَالوا‏:‏ أولُ كل نِتَاجٍ فرعهُ، وهو رِبْعٌ ورِبْعىٌّ يضرب لابتداء الأمور
2760- في سَبِيلِ الله سَرْجِى وبَغْلِى
أول من قَال ذلك المِقْدَام بن عَاطِف العِجْلى، وكان قد وفَدَ على كسرى فأكرمه فلما أراد الانصرافَ حَمَلَه على بغل مُسْرَج من مَرَاكبه، فلما وصل إلى قومه قَالوا‏:‏ ما هذا الذي أتيتنا به‏؟‏ فأنشأ يقول‏:‏
أتيتكُمُ ببَغْلٍ ذي مَرَاحٍ * أقَبَّ حَمُولَةِ المَلِكِ الهُمَامِ
يَجُولُ إذا حملْت عَلَيْهِ سَرْجاً * كَما جَالَ المفَدَّحُ ذُو الِّلجَامِ
وَمَا يَزْدَادُ إلاَّ فَضْلَ جَرْىٍ * إذا مَا مَسَّهُ عَرَقَ الْحِزَامِ
ولَيْسَتْ أمُّه مِنْهُ، وَمَا إن * أبُوهُ مِنَ المُسَوَّمَةِ الْكِرَامِ
لَهُ أمٌّ مُفَدّّحَةٌ صفون * وَكَانَ أبُوهُ ذَا دَبَر دوَامى
وكان يروضه رياضةَ الخيل، فرمَحَه رمحةً كسر بها شَرَا سِيفَهُ، فمرض من ذلك بُرْهة، وأمر بالبغل فحمل عليه الكُورَ وأمتعةَ الحى، ولم يُعْلَف، فنفَقَ البغل، وبرىء المقدام من مرضه، فركب إلى الصيد‏.‏ وحَمَلَ السرج على ناقة له عَلُوق، فلما ركبها ومَسَّها وقع الركابين هَوَتْ به قيد رمحين، وطارت به في الأرض، فلم يقدر عليها، وتقطَّع السرجُ، فَقَال المقدام‏:‏ نَفَقَ البغْلُ وأوْدَى سَرْجُنَا، في سبيل الله سرجى وبغلى‏.‏ يضرب في التَّسَلِّى عما يهلك ويُودِى به الزمانُ‏.‏
2761- فِيحِى فَيَاحِ
هذا مثل قَطَامِ، مبني على الكسر، وهو اسم للغارة‏:‏ أي اتَّسِعِي، يُقَال‏:‏ فَاحَتِ ‏[‏ص 78‏]‏ الغارة تَفِيحُ، أي اتسعت، ودار فَيْحَاء‏:‏ أي وَاسعة، وأنَّثَ الفعلَ على أن الخِطاب للغارة
2762- فَتىً ولا كَمَالِكٍ
قَاله مُتَمِّمُ بن نُوَيْرة في أخيه مالك بن نُوَيْرة، لما قُتِلَ في الرِّدَّة، وقد رثاه مُتَمِّمٌ بقصائدَ، وتقديره‏:‏ هذا فتى، أو هو فتى‏.‏
2763- فَضْلُ القَوْلِ عَلَى الفِعْلِ دَنَاءَةٌ
أي مَنْ وَصَفَ نفسه فوقَ ما فيه فهو دنيء، وفضل الفعل على القول مكرمة‏:‏ أي كَرَمٌ‏:‏ وهو أن يفعلَ ولا يقول‏.‏
2764- فَشَاشِ فِشِّيهِ مِنَ اُسْتِه إلَى فِيهِ
الفَشُّ‏:‏ إخراجُ الريحِ من الوَطْب، وفَشَاشِ‏:‏ مبني على الكسر، ومعناه اُفْعَلِى به ما شِئت فما به انتصار
2765- اُفْتَدِ مَخْنُوقُ
أي يا مخنوق‏.‏ يضرب لكل مَشْفُوقَ عليه مضطر‏.‏
ويروى افْتَدَى مخنوقٌ
2766- فِى حِسِّ مَسٍّ أَبْصَرَ أنَّ أمْرَهُ مَكْس
يُقَال‏:‏ مَكَسَنِى، أي ظلمني‏.‏ يضرب للرجل إذا فَطِنَ أن قومَه أرادوا ظلمه فتركهم وخرج من بينهم‏.‏
2767- أفْرَعَ فِيمَا سَاءَنِى وصَعِدَ
أفْرَعَ‏:‏ هبَطَ، وصَعِدَ‏:‏ ارتفع، أي لم يألُ جَهْدَا في الأذى‏.‏
2768- فِي عِيصِهِ مَا يَنْبُتُ العُودُ
العِيصُ‏:‏ الشجرُ الكثير الملتفّ، و‏"‏ما‏"‏صلة، أي إن كان العيصُ كريماً كان العود كريما، وإن كان لئيما كان لئيما، يعني أن الفَرْع في وزان الأصل
2769- فِي الأْرْضِ للْحُرِّ الكَرِيمِ مَنَادِحُ
أي مُتَّسع ومُرْتَزَق، والمَنَادح‏:‏ جمع مَنْدُوحة، وهي السَّعَة، ويجوز أن يكون جمع مَنْدَح ومُنْتَدَح، وجمع نُدْح أيضاً، كالمَقَابح في جمع قُبْح، ومعنى كلها الرحْبُ والسَّعَةُ‏.‏
2770- أفَاقَ فَذَرَقَ
يضرب لمن كان في غم وكَرْب ففرج عنه
2771- فِي المَالِ أشْرَاك وإنْ شَحَّ رَبُّهُ
أشْرَاكٌ‏:‏ جمعُ شريك، كما يُقَال‏:‏ شَرِيف وأشْرَاف، يعنون الحادث والوارث
2772- فِي النُّصْحِ لَسْعُ العَقَارِبِ
أول من قَال ذلك عُبَيْد بن ضيربة النَّمَرِي، وذلك أنه سَمِعَ رجلاً يَقَعُ في ‏[‏ص 79‏]‏ السلطان، فَقَال‏:‏ ويحك‏!‏ إنك غُفْل لم تَسِمْكَ التَّجَارِب، وفي النصح لَسْعُ العقارب، وكأنني بالضاحكِ إليك باكياً عليك، فذهب قوله مَثَلاً‏.‏
2773- الإِْفْراَطُ فِي الأنْسِ مَكْسَبَةٌ لِقُرَنَاءِ السُّوءِ
قَاله أكثم بن صيفي‏.‏ يضرب لمن يُفْرِطُ في مخالطة الناس
2774- فِي الطَّمَعِ الْمَذَلّةُ للِرِّقَابِ
هذا مثل قولهم‏"‏ أذلَّ رقابَ الناس غُلُّ المَطَامع‏"‏
2775- أفْرَخَ قَيْضُ بَيْضِها المُنْقَاضُ
القَيْضُ‏:‏ قِشْر البَيْض الأعلى، والمُنْقَاضُ‏:‏ المنشقَ طولاً، وأفرخ‏:‏ خرج الفَرْخُ من البيض، أي ظهر أمره ظهورَ الفراخ من البَيْض‏.‏
قَال أبو الهيثم‏:‏ هذا المثل ضرب بعد موت زياد، يعني زياد بن أبي سفيان
2776- أفْسَدَ النّاسَ الأحْمَرانِ اللّحْمُ والْخَمْرُ
وقيل ‏"‏الأحامرة‏"‏ فيكون فيها الخَلُوقَ والزَّعْفَران‏.‏
2777- فِي الله تَعَالَى عِوَضٌ عَنْ كُلِّ فَائِتٍ
قَاله عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى
2778- فِي التَّجَارِبِ عِلْمٌ مُسْتأنَفٌ
أي جَديد
2779- فِي العَوَاقِبِ شَافٍ أو مريحٌ
يعني في النظر في عواقب الأمور‏.‏
2780- فَعَلْتُ ذَاكَ عَمْدَ عَيْنٍ
إذا تعمَّدْتَه بجد ويقين، ويقَال‏:‏ فعلنه عَمْداً على عين، قَال خُفَاف بن نَدبةُ السُّلَمِي
فإن تَكُ خَيْلٌُ قَدْ أصِيبَ صَمِيمُها * فَعَمْداً عَلَى عَيْنٍ تَيَمَّمْتْ مَالِكا
وعَمْداً‏:‏ مصدر أقيم مقام الحال
2781- فِي اُسْتِ المَغْبُونِ عُودٌ
يضرب فيمن غبن، يعنون أنه مثلُ مَنْ أُبِنَ
2782- فُقَ بِلَحْمِ حِرْباءَ لاَ بِلَحْمِ تَرْباءَ
الحِرْباء‏:‏ جنسٌ من القَطَا معروف، والتَّرْباء‏:‏ التراب، وفُقْ‏:‏ من فَاقَ بنفسه يَفُوقَ فُؤُوقاً، إذا أشرفَتْ نفسه على الخروج، ويقَال‏:‏ فُقَ من فُوَاقَ حَلْب الناقة، يُقَال‏:‏ ‏[‏ص 80‏]‏ تَفَوَّقَ الفصيلُ وفَاقَ؛ إذا شرب ما في ضَرْع أمه
وأصْلُ هذا أن رجلا نَظَرَ إلى آخَرَ ينظر إلى إبله وهي تَفُوقُ، فخاف أن يَعيِنَ ‏(‏يعين إبله - كيبيع - يصيبها بعينه‏.‏‏)‏ إبلَه فتسقط فتنحر، فَقَال‏:‏ فُقَ بلَحْم حِرْبَاء أي اجتلب لحمَ الحِرْباء، لا لحوم الإبل، وأراد بلحم تَرْباء لحماً يسقُطُ على التراب، ويقَال‏:‏ التَّرْبَاء الأرضُ نفسُها
2783- انْفَلَقَتْ بَيْضَةُ بَنِي فُلاَنٍ عَنْ هذَا الرّأىِ
يضرب لقوم اجتمعوا على رأي واحدٍ
2784- فَارَقَهُ فِرَاقاً كَصَدْعِ الزُّجَاجَةِ
أي فِراقاً لا اجتماعَ بعده؛ لأن صَدْع الزجاجة لا يَلْتئمِ، قَال ذو الرمة‏:‏
أبَى ذَاكَ أوْيَنْدَى الصَّفَا مِنْ مُتُونِهِ * وَيُجْبَرَ مِنْ رَفْضَ الزُّجَاجِ صُدُوعُ
2785- فِي العافِيَةِ خَلَفٌ منَ الرَّاقِيَةِ
أي مَنْ عُوفِيَ لم يحتج إلى رَاقٍ وطبيب، والهاء في ‏"‏الراقية‏"‏ دخلت للمبالغة، ويجوز أن تكون ‏"‏الراقية‏"‏ مصدراً كالباقية والواقية
2786- فَعَلْنَا كَذَا والدَّهْرُ إذْ ذاك مُسْجِلُ
أي لا يخاف أحدٌ أحداً، يُقَال‏:‏ أسْجَلَه، أي أرسَله على وجهه
2787- فَرَارَة تَسَفَّهَتْ قَرَارَةً
هذا مثل قولهم ‏"‏ نَزْو الفَرَارِ اسْتَجْهَلَ الْفَرَارَا‏"‏ والفَرارَة‏:‏ البهيمة تَنْفِر أوْ تقومُ ليلاً فيتبعها الغنم، والقَرَارَة - بالقاف - الغنم، ومعنى تَسَفَّهَت مالت به، قَال ذو الرمة‏:‏
جَرَيْنَ كما اهْتَزَّتْ رِماحٌ تَسَفَّهَتْ * أعَالِيَهَا مَرُّ الرِّياحِ النَّوَاسِمِ
يضرب للكبير يحمله الصغير على السَّفَه والخفة‏.‏
2788- افْعَلْ كَذَا وخَلاَكَ ذَمٌّ
قَال ابن السكيت‏:‏ ولا تقل‏"‏ وخلاك ذنب‏"‏ وقَال الفراء، كلاهما من كلام العرب، وهو من قول قَصِيرٍ اللَّخْمي، قَالهُ لعمرو بن عَدِى، وقد ذكرتُه في قصة الزباء في باب الخاء‏.‏
وقوله‏"‏ وخلاك‏"‏ الواوْ للحال، وخلا‏:‏ معناه عَدَا، أي افْعَلَ كذا وقد جاوزَكَ الذم فلا تستحقه، قَال ابن رَوَاحَةَ‏:‏ ‏[‏ص 81‏]‏
فشأنك فَانْعَمِى وَخَلاَكِ ذَمٌّ * وَلاَ أرْجِعْ إلَى أهْلِى وَمَالِى
يضرب في عذر من طلب الحاجة ولم يتوانَ‏.‏
وينشد لعُرْوَةَ بن الوَرْد‏:‏
ومَنْ يَكُ مِثْلِى ذَا عِيَالٍ وَمُقْتِراً * مِنَ الْمَالِ يَطْرَحْ نَفْسَهُ كلَّ مَطْرَحِ
لِيَبْلُغَ عُذراً أوْيُصِيبَ رَغِيبَةً * وَمُبْلِغُ نَفْسٍ عُذْرَهَا مِثْلُ مُنْجِحِ
وقَال بعض الحكماء‏:‏ إني لأسْعَى في الحاجة وإني منها لآيِسٌ، وذلك للاعذار، ولئلا أرْجِعَ على نفسي بِلَوْم
2789- أَفْرَخَ رَوْعُكَ
يُقَال‏:‏ أفْرَخَتِ البيضةُ، إذا انفلَقَتْ عن الفرخ، فخرج منها‏.‏
يضرب لمن يُدْعَى له أن يَسْكُنَ رَوْعُه‏.‏
قَال أبو الهيثم‏:‏ كلهم قَالوا رَوْعُك بفتح الراء، والصواب ضم الراء؛ لأن الرَّوْعَ المصدر، والرَّوعُ القلبُ، وموضعُ الرَّوْعِ، وأنشد بيت ذي الرمة بالضم‏:‏
ولَّى يَهُزُّ انْهِزَاماً وَسْطَهَ زعلا * جَذْلاَنَ قَدْ أفْرَخَتْ عَنْ رُوعِهِ الْكُرَبُ
2790- أَفَرَعَ بِالظَّبْىِ وفي المِعْزَى دَثَر
يُقَال‏:‏ أفْرَعَ، إذا ذبح الفَرَعَ، وهو أولُ ولدٍ تُنْتَجُه الناقة، كانوا يذبحونه لآلهتهم يتبركون بذلك، وفي الحديث ‏"‏لا فَرَعَ ولا عَتِيرَةَ ‏"‏ والعتيرة‏:‏ شاة كانوا يذبحونها لآلهتهم في رَجَبٍ، ويقَال‏:‏ عكر دَثَر - بالتحريك - أي كثير، ومال دَثْر - بالتسكين - ومالان دَثْر، وأموال دَثْر، أيضاً، والباء في ‏"‏ بالظبى‏"‏ زائدة، أي أفرعَ الظَّبْىَ، يعني ذبَحه، وفي المعزى كَثْرَة، يعني أن مِعْزَاه كثير وهو يذبح الظبى‏.‏
يضرب لمن له إخْوان كثير وهو يستعين بغيرهم‏.‏
2791- أَفْرَطَ لِلْهِيمِ حُبَيْنَاً أَقْعَسَ
أفرط‏:‏ أي قَدَّم وعَجَّل، والهِيمُ‏:‏ جمع أهْيَمَ وهَيْماء، وهي العِطاش من الإبل، وحُبَيْناً‏:‏ تصغير أَحْبَن مرخَّما، يُقَال‏:‏ رجل أَحْبَنُ وامرَأة حَبْناء، إذا كان بهما السقى، وهو الاستسقاء، والأقْعَسُ‏:‏ الذي دخل ظهرُه وخرج صدرُه، أي قدم لسقى الإبل العِطاش رجلاً عاجزاً‏.‏ يضرب لمن استعان بعاجز‏.‏
2792- فَصيِلُ ذَاتِ الزَّبْنِ لا يُخَيَّلُ
ذات الزَّبْن‏:‏ الناقة التي تَزْبَنُ ولدَهَا، ‏[‏ص 82‏]‏ وحالَبَها، والتخيل‏:‏ أن تكون الناقة لا تَرْ أَم ولدَهَا؛ فيقَال لصاحبها‏:‏ خَيِّلْ لها، فيلبَسُ جلدَ سبع ثم يمشى على أربع، يخيل إلى الأم أنه ذئب يريد أن يأكل ولدها فتعطف عليه وتَرْأمه، يقول‏:‏ فهذه التي تَزْبِنُ ولدها، لا يُخَيَّل لها؛ لأنه لا ينفع‏.‏
يضرب للسيئ المعاشرة طبعاً؛ فلا يؤثر فيه التودد إليه‏.‏
2793- أَفْرَخَ القَوْمُ بَيْضَتَهُمْ
إذا أَبْدُوا سرَّهم، وأفرخ‏:‏ لازم ومتعدٍّ تقول في اللازم‏:‏ ليُفْرِخْ روعُكَ، أي ليذهب فزعك، وأفرخ الطائرُ، إذا خرج من البيضة، وتقول في المتعدي‏:‏ أفْرِخْ رَوْعَك، أي سَكِّنْ جَأشَكَ، ومعنى أفرخَ القومُ بيضَتَهم أَخْلَوْا بيضتهم وفَرَّغُوها كما يُفَرِّغها الفرخ، حين خرج منها، جعلوا خروج السر وظهورَه منهم بمنزلة ظهور الفرخ من البيضة‏.‏
2794- فِي دونِ هذَا مَا تُنْكِرُ المَرْأَةُ صَاحِبَهَا
قَالوا‏:‏ إن أول مَنْ قَال ذلك جارية من مُزَينة، وذلك أن الحَكَم بن صَخْر الثَّقَفِي قَال‏:‏ خرجت منفرداً، فرأيت بإمَّرَةٍ - وهي مَوْضِع - جاريتين أختين لم أر كجَمَالهما وظَرْفهما، فكسوتهما وأحسنت إليهما، قَال‏:‏ ثم حَجَجْت مِن قابل ومعي أهلي، وقد أعْتَلَلْتُ ونَصَلَ خِضابي، فلما صِرْتُ بإمَّرَة إذا إحداهما قد جاءت فسألت سُؤَال منكرةٍ، قَال‏:‏ فقلت‏:‏ فلانة‏؟‏ قَالت‏:‏ فِدىً لك أبي وأمي، وأنى تعرفني وأنكرك‏؟‏ قال‏:‏ قلتُ‏:‏ الحكم بن صخر، قَالت‏:‏ فِدىً لك أبي وأمي، رأيتُكَ عامَ أولَ شابَّاً سُوقَةً، وأراك العامَ شيخاً ملكا، وفي دون هذا ما تنكر المرأةُ صاحبَهَا، فذهبت مَثَلاً، قَال‏:‏ قلت‏:‏ ما فعلَتْ أختُك، فَتَنَفَّسَتِ الصُّعَدَاء وقَالت‏:‏ قَدِمَ عليها ابنُ عم لها فتزوجها وخرج بها، فذاك حيث تقول‏:‏
إذا ما قَفَلْنَا نَحْوَ نَجْدٍ وَ أَهْلِهِ * فحَسْبِى مِنَ الدُّنْيَا قُفُولىِ إلَى نَجْدِ
قَال‏:‏ قلت‏:‏ أما إني لو أدركتها لتزوجتها، قَالت‏:‏ فِدَىً لك وأبي وأمي ما يمنعك من شريكتها في حَسَبها وجَمَالها وشقيقتها‏؟‏ قَال‏:‏ قلت‏:‏ يَمْنَعُني من ذلك قول كُثَيْر‏:‏
إذا وَصَلَتْنَا خُلَّةٌ كَىْ تُزِيلَهَا * أبَيْنَا وَقُلْنَا‏:‏ الحَاجِبِيَّةُ أوَّلُ
فَقَالت‏:‏ كُثَير بيني وبينك، أليس الذي يقول‏:‏ ‏[‏ص 83‏]‏
هَلْ وَصْلُ عَزَّةَ إلاَّ وَصْلُ غَانِيَةٍ * فِي وَصْلِ غَانِيَةٍ مِنْ وَصْلِها خَلَفُ
قَال الحكم‏:‏ فتركت جَوَابها وما يمنعني من ذلك إلا العِىّ‏.‏
2795- فاَتِكَةٌ واثِقَةٌ بِرِيٍّ
زعموا أن امرَأة كَثر لبنها فَطَفِقَتْ تهريقه، فَقَال زوجها‏:‏ لم تهر يقينه‏؟‏ فَقَالت‏:‏ فاتكة واثقة برىٍّ‏.‏
يضرب للمُفْسد الذي وراء ظهره مَيْسَرة
2796- فِصْفِصَةٌ حِمَارُهَا لاَ يَقْمُصُ
يضرب لمن يصنع المعروف في غير أهله
2797- فَي كُلِّ أَرْضٍ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ
قَاله الأضْبَطُ بن قُرَيْع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة، رأى من أهله وقومه أموراً كرهها، ففارقهم، فرأى من غيرهم مثلَ ما رأى منهم، فَقَال‏:‏ في كل أرض سعدُ بن زيدٍ‏.‏
2798- فَقْدُ الإْخْوَانِ غُرْبَةٌ
قريب من هذا قول الشيخ أبي سليمان الْخَطَّابى‏:‏
وإنى غريبٌ بين بُسْتَ وأهلها * وإن كان فيها أُسْرَتِى وبها أهْلى
وما غُرْبَةُ الإنسان في غُرْبَةِ النَّوَى * ولكنَّهَا والله في عَدَمِ الشكْلِ
2799- فَلِمَ خُلِقَتْ إِن لَمْ أَخْدَعِ الرِّجَالَ
يعني لحيته، يقول‏:‏ لم خُلِقَتْ لحيتي إن لم أفعل هذا
يضرب في الخِلاَبَةَ والمَكْر من الرجل الداهى‏.‏
*3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif ما جاء على أفعل من هذا الباب
2800- أفْلَسُ مِنَ ابْنِ المُدَلَّقِ
يروى بالدال والذال، وهو رجل من بنى عبد شمس بن سعد بن زيد مَنَاة لم يكن يجد بِيتَة َليلةٍ، وأبوه وأجداده يُعْرَفون بالإفلاس، قَال الشاعر في أبيه‏:‏
فإنَّكَ إذْ ترجو تميما ونَفْعَها * كَرَاجِى النَّدَى وَالْعُرْفِ عَنْدَ المُذَلَّقِ
2801- أفْقَرُ مَنَ العُرْيَانِ
هو العُرْيَان بن شَهْلَة الطائى الشاعر، زعم المفضل أنه غَبَرَ دهراً يلتمس الغنى فلم يزدد إلا فقرا‏.‏
2802- أفْسَدُ مِنَ الْجَرَادِ
لأنه يَجْرُدُ الشجرَ والنباتَ، وليس في الحيوان أكثر إفساداً لما يتقوَّته الإنسانُ ‏[‏ص 84‏]‏ منه وفي وصية طيىء لبنيه‏:‏ يا بَنِىَّ إنكمِ قد نزلتم منزلاً لا تخرجون منه، ولا يُدْخَلُ عليكم فيه، فارعوا مَرْعَى الضب الأعور، أبصر جُحْره، وعَرَف قَدْره، ولا تكونوا كالجراد رَعَى وادياً وأنقف وادياً، أكَلَ ما وجد، وأكله ما وجده‏.‏ قوله ‏"‏أنقف واديا‏"‏ أي أنقف بيضه فيه، قَاله حمزة رحمه الله‏.‏
قلت‏:‏ والصواب ‏"‏نَقَفَ بيضه فيه‏"‏ أي شقه وكسره، يُقَال‏:‏ نَقَفْتُ الحنظل، إذا كسرته، فأما ‏"‏أنقف واديا‏"‏ فيجوز أن يكون معناه جعله ذا بيضٍ منقوفٍ بأن نَقَفَ بيضَه فيه، ويجوز أن يكون واديا ظرفا لا مفعولا، أي صار الجراد ذا بَيْضٍ منقوف فيه، كما قَالوا‏:‏ أجْرَبَ الرجلُ، وألْبَنَ، وأتْمَرَ، وأخواتها‏.‏
2803- أفْسَدُ مِنْ أرَضَةِ بَلْحُبْلَى
قَال حمزة‏:‏ يعنون بَنِى الحُبْلَى، وهم حىّ من الأنصار رَهْط ابن أبّىٍ ابنِ سَلُولَ
2804- أفْسَدُ مِنَ السُّوسِ
يُقَال في مثل أخر ‏"‏العِيَالُ سُوسُ المال‏"‏ ويقَال أيضاًً ‏"‏أفْسَدُ من السوس في الصُّوفِ في الصًّيْفِ‏"‏
2805- أفْسَدُ مِنَ الضَّبُعِ
لأنها إذا وقعت في الغنم عاثت، ولم تكتف بما يكتفي به الذئب، ومن عَيْثِ الضبع وإسرافها في الإفساد استعارت العرب اسمها للسَّنَة المُجْدِبة فَقَالوا‏:‏ أكلَتْنَا الضَّبُعُ، وقَال ابن الأعرابي‏:‏ ليسوا يريدون بالضبع السَنَة المجدبة، وإنما هو أن الناس إذا أجدبوا ضَعُفُوا عن الانبعاث، وسَقَطَتْ قُوَاهم، فعاثت بهم الضباع والذئاب، فأكلتهم، قَال الشاعر‏:‏
أبَا خُرَاشَةَ أمَّا أنْتَ ذَا نَفَرٍ * فَإنَّ قَوْمِىَ لَمْ تأْكُلْهُمُ الضَّبُعُ
أي قومى ليسوا بضِعَافٍ تَعِيثُ فيهم الضباع والذئاب، فإذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت الغنم‏.‏ قَال حمزة‏:‏ حدثني أبو بكر بن شُقَير قَال‏:‏ حضرت المبرد وقد سئل عن قول الشاعر‏:‏
وَكانَ لهَا جَارَانِ لاَ يَخْفِرَانِهَا * أَبُو جَعْدَةَ الْعَادِى وَعَرْفَاءُ جَيْأَلُ
فَقَال‏:‏ أبو جعدةَ الذئبُ، وعَرْفاء‏:‏ الضبع؛ فيقول‏:‏ إذا اجتمعا في غَنَم مَنَع كلُّ واحد منهما صاحبه‏.‏ وقَال سيبويه في قولهم ‏"‏اللهم ضبعاً وذئباً‏"‏ أي اجْمَعْهُما في الغنم وأما قولهم‏:‏
2806- أفْسَدُ مِنْ بَيْضَةِ البَلَدِ
فهي بيضة تتركها النَّعَامة في الفَلاَة فلا ترجع إليها‏.‏ ‏[‏ص 85‏]‏
قلت‏:‏ أفسد في جميع ما تقدم من الإفساد، إلا هذا، وذلك شاذ، وحقها أكثر إفساداً، وكذلك أفلس من الإفلاس شاذ، وأما هذا الأخير فإنه من الفَسَاد لأنها إذا تركت فَسَدَتْ
2807- أفْسَى مِنْ ظَرِبان
قَالوا‏:‏ هو دُوَيبة فوقَ جَرْو الكلب مُنْتِنة الريح كثيرة الفَسْو، وقد عرف الظَّرِبان ذلك من نفسه فقد جعله من أَحَدّ سلاحه، كما عرفت الحُبَارى ما في سَلْحها من السِّلاحِ إذا قَرُبَ الصَّقْر منها، كذلك الظَّرِبَان يَقْصِد جُحْر الضب وفيه حُسُولُهُ وبَيْضُهُ فيأتى أضْيَقَ موضعٍ فيه فيسدُّه بيديه ‏(‏في نسخة ‏"‏ببدنه‏"‏‏)‏ ويُرْوى بذنبه، ويُحَوِّلُ دبره إليه، فلا يفسو ثلاث فَسَوَات حتى يُدَار بالضب فيخرُّ مَغْشِيَّاً عليه فيأكله، ثم يقيم في جُحْره حتى يأتي على آخر حُسُوله، والضب إنما يُخْدع أي يُغْتال في جُحْره حتى يضرب به المثل فيقَال ‏"‏أَخْدَعُ مِنْ ضَب‏"‏ ويُغْتَال في سربه لشدة طلب الظَّرِبَانِ له، وكذلك قولهم ‏"‏أنْتَنُ مِنَ الظَّرِبَانِ‏"‏ قَال‏:‏ والظَّرِبان يتوسَّط الهَجْمَة من الإبل فَيَفْسُو فتتفرقَ تلك الإبل كتفرُّقها عن مبرك فيه قِرْدَان، فلا يردها الراعى إلا بجَهْد، ومن أجل هذا سَمَّتِ العربُ الظَّرِبان ‏"‏مُفَرِّقَ النَّعم‏"‏ وقَالوا للرجلين يتفاحشان ويتشاتمان‏:‏ إنهما ليتجاذبان جِلْدَ الظَّرِبان، وإنهما ليتماسَّانِ الظرِبَانَ‏.‏
قلت‏:‏ وقد روى ‏"‏لَيَتَمَاشَنَانِ جِلْدَ الظَّرِبَانِ‏"‏ من قولهم ‏"‏مَشَنَه بالسيف‏"‏ إذا ضَرَبه ضربة قَشَرتِ الجلد‏.‏
2808- أفْسَى مِنْ خُنْفُسَاءَ
لأنها تَفْسُو في يد من مَسَّها، قَال الشاعر‏:‏
لنَا صَاحِبٌ مُولَع بِالْخِلاَفِ * كَثِيرُ الْخَطَاءِ قَلِيلُ الصَّوَابِ
أشَدُّ لَجاجاً مِنَ الخنفُسَاء * وَأَزْهَى إذَا مَا مَشَي مِنْ غُرَابِ
2809- أَفْسَى مِنْ نِمْسٍ
قَالوا‏:‏ هو دويبة فاسية أيضاً
2810- أَفْحَشُ مِنَ فَالِيةِ الأفَاعِى
و ‏"‏أفْحَشُ مِنْ فَاسِيَةٍ‏"‏ هما اسمان لدويبة شبيهة بالخنفساء ‏(‏فالية الأفاعى‏:‏ خنفساء رقطاء تألف الحيات والعقارب؛ فإذا خرجت من جحر دلت أن وراءها حية أوْعقرب‏.‏ والفاسية - ومثلها الفاسياء - هي الخنفساء‏.‏‏)‏ لا تملك الفُسَاء ‏[‏ص 86‏]‏
2811- أَفْحَشُ مِنْ كَلْبٍ
لأنه يهرُّ على الناس
2812- أفْرَغُ مِنْ يَدٍ تَفُتُّ الْيَرْمَعُ
قَالوا‏:‏ الْيَرْمَعُ الحجارة الرِّخْوة، ويقَال للمنكسر المغمومِ‏:‏ تركْتُه يفتُّ اليَّرْمَعَ وأما قولهم‏:‏
2813- أفْرَغُ مِنْ حَجَّامِ سَابَاطٍ
فإنه كان حجَّاماً ملازما لساباط المدئن فإذا مر به جند قد ضُرِبَ عليهم البعثُ حجَمهُم نسيئةً بدانقَ واحد إلى وقْت قُفُولِهِمْ وكان مع ذلك يعبُر الأسبوعُ والأسبوعان فلا يدنو منه أحد، فعندها يُخرِجُ أمَّهُ فيحجمها حتى يُرِىَ الناس أنه غير فارغ، فما زال ذلك دأبه حتى أنزَفَ دمَ أمه فماتت فجأة فسار مَثَلاً، قَال الشاعر‏:‏
مِطْبِخُهُ قَفْرٌ وطَبَّاخه * أفْرَغُ مِنْ حَجَّامِ سَابَاطِ
وقيل‏:‏ إنه حجَمَ كِسْرَى أبرويز مرةً في سفره ولم يعد لأنه أغناه عن ذلك‏.‏
2814- أفْرَسُ مِنْ سُمِّ الفُرْسَانِ
هو عُتَيبة بن الحارث بن شِهَاب فَارسُ تميمٍ، وكان يُسمى ‏"‏صَيَّادَ الفوارس‏"‏ أيضاً، وحكى أبو عبيدة عن أبى عمرو المدني أن العرب كانت تقول‏:‏ لو أن القمر سقطَ من السماء ما التقفَهُ غيرُ عُتَيبة لثَقَافَتِهِ
2815- أفْرَسُ مِنْ مُلاَعِبِ الأسِنَةِ
هو أبو براء عامرُ بن مالك بن جعفر بن كِلاب فارسُ قَيسٍ‏.‏
2816- أفْرَسُ مِنْ عَامِرٍ
هو عامر بن الطُّفَيل، وهى ابن أخي عامرٍ مُلاعِبِ الأسِنَّة، وكان أَفْرَسَ وأسْوَدَ أهلِ زَمَانِهِ، ومر حيَّانُ ابن سلمى بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بقبرِه، وكان غاب عن موته فَقَال‏:‏ ما هذه الأنصابُ‏؟‏
فَقَالوا‏:‏ نَصبْناها على قبر عامر فَقَال‏:‏ ضَيَّقْتُم على أبى على، وأفضلتم منه فضلا كثيراً، ثم وقف على قبره وقَال‏:‏ أُنْعَمْ ظَلاَمَا ما أبا على فوالله لقد كنتَ تَشُنُّ الغارةَ، وتَحْمِى الجارة، سريعاً إلى المولى بوعدكَ، بطيئاً عنه بوعيدك، وكنت لا تضِلُّ حتَّى يضِلَّ النَجْم، ولا تهابُوا حتى يهاب السيلُ، ولا تعطَش حتى يعطش البعير، وكنتَ والله خيرَ ما كنت تكون حين لا تَظُنُّ نَفْسٌ بنفس خيرا، ثم التفت إليهم فَقَال‏:‏ هلا جعلتم قبر أبى على ميلا في ميل، وكان مُنَادى عامر بن الطفيل ينادى بعكاظ‏:‏ هل من راجلٍ فأحْمِلَه، أو جائع فأطعِمَهُ، أو خائفٍ فأؤمنه‏؟‏ ‏[‏ص 87‏]‏
2817- أفْرَسُ مِنْ بِسْطَامٍ
هو بسطام بن قَيْس الشيباني، فارس بكرٍ‏.‏ قَال حمزة‏:‏
وحدثني أبو بكر بن شُقَير قَال‏:‏ حدثني أبو عبيدة قَال حدثني الأَصمَعي قَال‏:‏ أخبرني خَلَف الأحمر أن عَوَانَةَ بن الحكم رَوَى أن عبد الملك بن مروان سأل يوماً عن أشجع العرب شعراً، فَقِيل‏:‏ عمرو بن معد يكرب، فَقَال‏:‏ كيف وهو الذي يقول‏:‏
فَجَاشَتْ إلىَّ النَّفْسُ أوَّلَ مَرَّةٍ * وَرَدُّتْ على مَكْرُوهها فَاسْتَقَرَّتِ
قَالوا‏:‏ فعمرو بن الإطْنَابة، فَقَال‏:‏ كيف وهو الذي يقول‏:‏
وَقُولِى كٌلمَّا جَشَأتْ وَجَاشَتْ * مَكَانَكِ تُحْمِدى أوْ تَسْتَرِيحي
قَالوا‏:‏ فعامر بن الطفيل، فال‏:‏ كيف وهو الذي يقول‏:‏
أقُولُ لِنَفسِي لاَ يُجَادُ بِمِثْلَهَا * أقِلِّي مَرَاحاً إنَّنِي غَيرُ مُدْبِرِ
قَالوا‏:‏ فَمَنْ أشْجَعُهم عند أمير المؤمنين‏؟‏ قَال أربعة‏:‏ عباس بن مرداس السُّلمى، وقيس بن الخَطيم الأوسِيُّ، وعنترة بن شداد العبسي، ورجل من بنى مُزَينة؛ أما عباس فلقوله‏:‏
أشُدُّ عَلَى الكَتِيبَةِ لاَ أبالي * أفيهَا كانَ حَتْفِي أمْ سِوَاهَا
و أما قيس بن الخطيم فلقوله‏:‏
وإنِّي لَدَى الحَرْبِ العَوَانِ مُوَكَّلٌ * بِتَقْدِيمِ نَفْسٍ لاَ أريدُ بَقَاهَا
وأما عنترة بن شداد فلقوله‏:‏
إذ تتَّقُونَ بِى الأسنةَ لَمْ أخِمْ‏(‏1‏)‏ * عَنْهَا ولكِنِّى تَضَايَقَ مَقْدِمى
‏(‏1‏)‏‏(‏خام يخيم خيمومة‏:‏ جبن‏)‏
وأما المزنى فلقوله‏:‏
دَعَوْتُ بَنِي قَحَافَةَ فَاسْتَجَابُوا * فَقُلْتُ رِدُوا فَقَدْ طَابَ الوُرُودُ
وأما قولهم‏:‏
2818- أفْتَكُ مِنَ البِرَّاضِ
فهو البَّرَّاضُ بن قيس الكناني
ومن خبر فَتْكه أنَهُ كان وهو في حيَّه عَيَّاراً فاتكاً يجني الجنايات على أهله، فخَلَعه قومُه وتبرؤا من صنيعِه، ففارقهم، وقدم مكة فحالف حَرْب بن أمية، ثم نَبَابه المقام بمكة أيضاً، ففارقَ أرضَ الحجاز إلى أرض العراق، وقدم على النعمان بن المنذر الملك فأقام ببابه، وكان النعمان يبعث إلى عكاظ بلَطِيمة ‏(‏اللطيمة - بفتح أوله - جماعة الإبل تحمل الطيب والبز وعروض التجار‏)‏
كلَّ عامٍ تُباعُ له هناك، ‏[‏ص 88‏]‏ فَقَال وعنده البراض والرحَّال - وهو عُرْوَة بن عُتْبَة بن جعفر بن كلاب، سمى رَحَّالاً لأنه كان وَفَاداً على الملوك - مَنْ يُجِيز لي لطيمتى هذه حتى يقدمها عكاظ‏؟‏ فَقَال البراض‏:‏ أبَيْتَ اللعنَ أنا أجيزها على كنانة، فَقَال النعمان‏:‏ ما أريد إلا رجلا يجيزها على الحيين قيس وكنانة، فَقَال عروة الرحَّال‏:‏ أبَيْتَ اللعن أهذا العَيَّار الخليعُ يكمل لأن يجيز لطيمة الملك‏؟‏ أنا المجيزها على أهل الشِّيحِ والقَيصُوم من نَجْد وتهامة، فَقَال‏:‏ خُذهَا، فرحل عُروة بها، وتبع البراض أثَرَه، حتى إذا صار عُروة بين ظَهْرَاتى قومه بجانب فَدَك نزلت العيرُ فأخرج البَرَّاض قِدَاحا يستقسم بها في قَتْل عُروة، فمر عروة به وقَال‏:‏ ما الذي تصنع يا بَرَّاض‏؟‏ قَال‏:‏ أستخبر القِدَاح في قتلى إياك فقال اسْتُكَ أضْيَقَ من ذاك، فوَثَبَ البراض بسيفه إليه فضربه ضربةً خَمَدَ منها، واستاقَ العِير، فبسببه هاجت حربُ الفِجَار بين حي خِنْدف وقيس؛ فهذه فَنَكَة البّرَّاض التي بها المثل قد سار، وقَال فيها بعضُ شعراء الإسلام‏:‏
والفَتَى من تَعَرَّفَتْهُ الليالي * وَالفَيَافِى كَالحَيَّةِ النَّضْنَاضِ
كُلَّ يَوْمٍ له يصْرِفِ الليالي * فَتْكَةٌ مِثْلُ فَتْكَةِ البَّراضِ
2819- أفْتَكُ مِنَ الجَحَّافِ
هو الجَحَّافُ بن حَكيم السُّلَمى
ومن خبر فَتكه أن عُمَير بن الحُبَاب السُّلْمى كان ابن عمه، فَنَهضَ في الفتنة التي كانت بالشأم بين قَيْس وكَلْب بسبب الزُّبَيْرية والمَرْوانية، فلقى في بعض تلك المُغاورات خيلاً لبنى تغلب فقتلوه، فلما اجتمع الناسُ على عبد الملك بن مروان ووضَعَتْ تلك الحروبُ أوْزَارَها دخل الجَحَّاف على عبد الملك والأخطلُ عنده، فالتفَتَ إليه الأخطلُ فَقَال‏:‏
ألا سَائِلِ الجَحَّافَ هَلْ هُوَ ثائر * لقَتْلَى أصِيبَتْ من سُلَيمٍ وَعَامِرِ
فَقَال الجحاف مُجيباً له‏:‏
بَلَى سَوفَ أبكيهِمْ بكُلِّ مُهَنَّدٍ * وأبْكَى عُمَيراً بالرِّمَاحِ الخَواطِرِ
ثم قَال‏:‏ يا ابن النصرانية ما ظننتك تجترىء علىَّ بمثل هذا، ولو كنت مأسورا، فحُمَّ الأخطلُ فَرَقاً من الجَحَّاف، فَقَال عبد الملك‏:‏ لا تُرَعْ فإني جارُكَ منه، فَقَال الأخطل‏:‏ يا أمير المؤمنين هَبْكَ تجيرني منه في اليقَظَة فكيف تجيرني في النوم‏؟‏ فنهض الجَحَّاف من عند عبد الملك يَسْحَبُ كساءه فَقَال عبد الملك‏:‏ إن في قفاه لَغَدْرَةً، ومر ‏[‏ص 89‏]‏ الجَحَّاف لِطِيَّتِهِ وجمع قومَه وأتى الرُصَافه، ثم سار إلى بنى تغلب، فصادف في طريقة أربعَمَائة منهم، فقتلهم، ومضى إلى البِشْر - وهو ماء لبنى تغلب - فصادف عليه جمعاُ من تغلب فقتل منهم خمسمائة رجل، وتَعَدَّى الرجالَ إلى قتل النساء والولدان، فيقَال‏:‏ إن عجوزاً نادته فَقَالت‏:‏ حربك الله يا جحاف‏!‏ أتقتلُ نساءً أعلاهن ثُدِىٌّ وأسفلُهن دُمِىٌّ، فانحزل ورجع، فبلغ الخبرُ الأخطلَ فدخل على عبد الملك وقَال‏:‏
لَقَدْ أوْقَعَ الجَحَّافُ بِالبِشْرِ وَقْعَةً * إلي الله مِنْها المُشْتَكَى وَالمُعولُ
فأهدرَ عبدُ الملك دم الجحَّاف، فهربَ إلى الروم، فكان بها سبع سنين، ومات عبدُ الملك وقام الوليد ابن عبد الملك فاستؤمن للحجاف فأمنه فرجع
2820- أفْتَكُ مِنَ الحَارِثِ بنِ ظَالِمٍ
من خبر فَتْكِهِ أنه وَثَبَ بخالد بن جعفر بن كلاب، وهو في جِوَار الأسود بن المنذر الملِكِ، فقتله، وطلبه الملكُ ففاته، فقيل‏:‏ إنك لن تصيبه بشَيء أشدَّ عليه من سَبْي جارات له من بلى، وبَلىٌّ‏:‏ حي من قُضَاعة فبعث في طلبهن، فاستاقهن وأموالهن، فبلغه ذلك، فكَرَّ راجعاً من وَجْه مَهْرَبه، وسأل عن مَرْعى إبلهن فدُلَّ عليه، وكُنَّ فيه، فلما قرب من المَرْعَى إذا ناقة يُقَال لها اللَّفَاعُ غزيرة يحلبها حالبان، فلما رآها قَال‏:‏
إذا سَمْعْت حَنَةَ اللّفَاعِ * فَادْعى أبا لَيْلَى وَلاَ تُرَاعِى
ذَلِكَ رَاعِيكَ فِنِعْمَ الرَّاعِى ثم قَال‏:‏ خَليَّا عنها، فعرف البائنُ ‏(‏البائن‏:‏ من يكون في جهة شمال الناقة عند الحلب، والمعلى - بزنة اسم الفاعل - من يكون في جهة يمينها، وتقدم في حرف السين ‏"‏است البائن أعلم‏"‏‏)‏
كلاَمَه فحَبَقَ، فَقَال المُعَلَّى‏:‏ والله ما هي لك فَقَال الحارث‏:‏ ‏"‏استُ البائِنِ أعْلَمُ‏"‏ فذهبت مَثَلاً، فخلِّيا عنها، ثم استنقذ جارته وأموالهن وانطلقَ فأخذ شيئاً من جهاز رحل سنان بن أبى حارثة فأتى به أخته سلمى بنت ظالم، وكانت عند سنان، وقد تبنت بن الملك شرحبيل بن الأسود، فَقَال‏:‏ هذه علامة بَعْلك فضعي ابنَكِ حتى آتيه به، ففعلت، فأخذه وقَتَله، فهذه فَتْكَة الحارث بن ظالم والمثل بها سائر‏.‏
وأما قولهم‏:‏
2821- أفْتَكُ مِنْ عَمْرِو بنِ كُلثُومٍ
فإن خبر فتكه يطول، وجُملته أنه فَتَكَ بعمرو بن عبد الملك ‏(‏كذا، وهو عمرو بن هند‏)‏ في دار ملكه ‏[‏ص 90‏]‏ بين الحيرة والفرات، وهَتَكَ سُرادقه، وانتهب رَحْله، وانصرف بالتَّغَلبة إلى باديته بالشأم موفوراً لم يَكْلَم أحد من أصحابه فسار بفتكه المثل‏.‏
2822- أفْصَحُ مِنَ العِضَّينِ
يُقَال‏:‏ هما دَغْفَلٌ وابن الكَيِّس، قَال
أحَادِيث عَنْ أبْنَاءِ عَادٍ وجَرُهُمٍ * يثًوِّرُها العِضَّانِ زَيْدٌ وَدَغْفَلُ
يُقَال للرجل الدهي‏:‏ عِضّ، وقد عضضت يا رجُلُ، أي صرت عِضَّا‏.‏
2823- أفْيلً مِنَ الرأي الدَّبَرِىَّ
هو الرأي الذي يُحَاضر به بعد فَوْت الأمر، قَال الشاعر‏:‏
تتَبَّعُ الأمْرش بَعْدَ الفَوْتِ تَغْرِيرُ * وَتَرْكُهُ مُقْبِلاً عَجْزٌ وَتَقْصيرُ
2824- أفْسَدُ مِنَ الأرَضَةِ، و ‏"‏مِنَ الجَرَادِ‏"‏
2825- أفْسَى مِنْ عَبْدِىٍّ
2826- أفْرَغُ مِنْ فُؤادِ أمِّ مُوسى
على نبينا وعليه الصلاة والسلام
2827- أفْسَقَ مِنْ غُرابٍ
2828- أفْوَهُ مِنْ جَريرٍ
2829- أفخَرُ مِنَ الحَارِثِ بنْ حِلِّزَةَ




B-happy 3 - 3 - 2010 10:48 PM



*3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif المولدون
في سَعَةِ الأخْلاَقَ كنُوزُ الأرْزَاق‏.‏
فِي بَعْضِ القُلُوبِ عُيُونٌ
فِي فَمِى مَاءٌ وَهَلْ يَنْـ * طِقُ مَنْ فِيهِ ماءٌ
فِي رأسِهِ خُيُوطٌ
فِي كَفِّهِ مِنْ رُقَى إبْلِيسَ مِفْتَاحٌ‏.‏
فِي شَمِّكَ المِسْكَ شَغْلٌ عن مَذَاقَتِهِ‏.‏
فَرَّ مِن المَطَرِ وقَعَدَ تَحْتَ المِيزابِ‏.‏
فَرَّ مِنَ المَوْتِ وفِي المَوْتِ وَقَعَ‏.‏
فَرَّ أخْزَاهُ الله خَيْرٌ مِنْ قُتِلَ رَحِمَهُ الله‏.‏
فَوْقَ كُلِّ طَامَّةٍ طَامَّة‏.‏
فَالُوذَجُ الجِسْرِ، وفَالُوذَجُ السُّوقِ‏.‏
يضربان لذي المنظر بغير مخبر‏.‏
فِي نُصحِهِ حُمَةُ العَقْرَبِ‏.‏
فَمٌ يُسَبِّحُ، وَيَدٌ تَذْبَحُ‏.‏
فَرَشْتُ لَهُ دِخْلَةَ أمْرِى‏.‏
فَوْتُ الحَاجَةِ خَيْرٌ مِنْ طَلَبِها إلى غَيرِ أهلِهَا‏.‏‏[‏ص 91‏]‏
في تقَلُّبِ الأحْوَالِ عِلْمُ جَوَاهِرِ الرِّجَالِ‏.‏
فَازَ بِخَصْلِ النَّاصِلِ - للخائب‏.‏
الفُضُولُ عَلاَوَةُ الكِفَايَةِ‏.‏
الإفْلاَسُ بذْرَقَةٌ‏.‏
افْرُشْ لَهُ بِنَفْخَةٍ‏.‏
الفَضْلُ لِلْمُبْتَدى وإنْ أحْسَنَ المُقْتَدِى‏.‏
الفُرَصُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ‏.‏
الفِتْنَةُ يَنْبُوعُ الأحْزَانِ‏.‏
الفِاخِتَةُ عِنْدَهُ أبُو ذَرٍ‏.‏
الفِطَامُ شَدِيدٌ‏.‏
الباب الحادي والعشرون فيما أوله قاف
2830- قَطَعَتْ جَهِيزَةُ قَوْلَ كُلِّ خَطِيبٍ
أصله أن قوما اجتمعوا يخطبون في صُلح بين حيين قتل أحدُهُما من الآخَر قتيلا، ويسألون أن يرَضوا بالدِّية، فبيناهم في ذلك إذ جاءت أمة يُقَال لها ‏"‏جهيزة‏"‏ فَقَالت‏:‏ إن القاتل قد ظَفِرَ به بعضُ أولياء المقتول فقتله، فَقَالوا عند ذلك ‏"‏قَطَعَتْ جهِيزةُ قول كل خطيب‏"‏ أي قد استغنى عن الخُطَب‏.‏
يضرب لمن يقط على الناس ما هم فيه بَحَمَاقةً يأتي بها‏.‏
2831- قَوِّرِى وَالطُفي
قَاله رجل لامرأته، وكان لها صديقَ طَلبَ إليها أن تَقَدَّ له شِراكين من شَرج أست زوجها، فلما سمعت ذلك استعظمته وزَجَرته، فأبى إلا أن تفعل، فاختارت رضاه على صلاح زوجها، فنظرت فلم تَجِدْ له وَجْهاً ترجو به إليه السبيل إلا أن عَصَبَتْ على مَبَالِ ابنٍ لها صغير بقصبة وأخفتها، فَعَسُرَ عليه البولُ، فاستغاث بالبكاء، فلما سمع أبوه البكاء سألها‏:‏ ما يُبْكِه‏؟‏ فَقَالت‏:‏ أخذه الأسْرُ وقد نُعِت لي دَوَاؤُه طريدة تُقَدُّ له من شَرْج استك، فأعظم الرجلُ ذلك، وجعل الأمرُ لا يزداد بالصبي إلا شدة فلما رأى أبوه ذلك اضطجع وقَال‏:‏ دونَكِ يأمَّ فلان قَوِّرِى وَالطُفي، فاقتطعت منه طريدةً لتُرْضى صديقها، وأطلقت عن الصبي‏.‏ ‏[‏ص 92‏]‏
يضرب للرجل الغمر الغر ليحذر‏.‏
2832- قِيلَ لحُبْلَى‏:‏ ما تَشَتَهِينَ‏؟‏ فَقَالت‏:‏ التَّمْرَ وَوَاها لِيَهْ
أي أشتهى كل شَيء يذكر لي مع التمر، وواها ليه‏:‏ أي أشتهيه ويعجبنى‏.‏
يضرب لمن يشتهى ما يذكر‏.‏
وواها‏:‏ كلمة تعجب، تقول لما يعجبك‏:‏ واها له، قَال أبو النجم‏:‏
وَاهاً لِرَيَّا ثُم وَاهَاً واَهَا * يَالَيْتَ عَيْنَاهَا لَنَا وَفَاهَا
بِثَمَنٍ نُرْضِى بِهِ أبَاهَا*
2833- قَبْلَ النَّفَاسِ كُنْتِ مُصْفَرَّةً
يضرب للبخيل يعتلّ بالإعدام وهو مع الإثراء كان بخيلا‏.‏
2834- قَبْلَ البُكَاءِ كانَ وَجْهُكَ عَابِسا
يضرب لمن يكون العُبُوسُ له خِلْقَةً، ويضرب للبخيل يعتلُّ بالإعسار وقد كان في اليسار مانعا‏.‏
2835- قَدْ نَجَّذَتْهُ الأمُورُ
يضرب لمن أحكَمَته التَّجَارِب‏.‏
ولعله من بنات النَّوَاجذ، يُقَال‏:‏ عَضَّ على نَاجِذِهِ، أي قد أسَنَّ، قَال سُحَيْم
ابن وَثيل الرياحى‏:‏
أخو خمسينَ قَدْ تَمَّتْ شَذَاتِى * وَنَجَّذَنِى مُدَاوَرَةُ الشُّؤُنِ
‏(‏يروى صدره *أخو خمسين مجتمع أشدى* والشذاة - كفتاة - بقية القوة والشدة‏.‏‏)‏
2836- اقْصِدْ بِذَرْعِكَ
الذَّرْع والذِّراع واحد‏.‏
يضرب لمن يتوعَّدُ‏.‏
أي كلَّفْ نفسَكَ ما تطيق، والذَّرْع‏:‏ عبارة عن الاستطاعة، كأنه قَال‏:‏ اقْصِدِ الأمر بما تملكه أنت لا بما يملكه غيرك‏:‏ أي توعَّدْ بما تَسَعُه قدرتُكَ، ولا تطلب فوقَ ذلك في تهددى‏.‏
2837- انْقَطَعَ السَّلَى فِى البَطْنِ
السَّلَى‏:‏ جِلْدة رقيقة يكون فيها الولد من المَوَاشى إن نزعت عن وَجْه الفصيل ساعَةَ يولدُ وإلاَّ قتلته، وكذلك إذا انقطع السلى في البطن، فإذا خرج السَّلّى سلمت الناقة وسلم الولد، وإلا هلكت وهلك الولد، يُقَال‏:‏ ناقة سَليَاء، إذا انقطع سَلاَها‏.‏
يضرب في فُوات الأمر وانقضائه‏.‏
3838- قلَبَ الأمْرَ ظَهْراً لِبْطْنٍ
يضرب في حسن التدبير‏.‏ ‏[‏ص 93‏]‏
واللام في ‏"‏لبطن‏"‏ بمعنى على، ونصب ‏"‏ظهراً‏"‏ على البدل، أي قلَبَ ظهر الأمر على بطنه حتى علم ما فيه‏.‏
2839- قَدَحَ فِي سَاقِهِ
القَدْح‏:‏ الطعن، والساق‏:‏ الأصل، مستعار من ساقَ الشجرة، وهو جِذْعُها وأصلها‏.‏
يضرب لمن يعمل فيما يكره صاحبه‏.‏
2840- قَرَعَ لهُ ظُنُبُوبَهُ
إذا جَذَّ فيه ولم يَفْتَرْ، قَال سَلاَمة بن جَنْدَل‏:‏
إنَّا إذَا مَا أتَانَا صَارِخٌ فَزْعٌ * كانَ الصُّرَاخَ لهُ قَرْعُ الظَّنَابيبِ
أي إذا أتانا مستغيثٌ كانت إغاثته الجِدّ في نصرته‏.‏
2841- قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِها فَشَمِّرِى
يضرب في الحث على الجد في الأمر‏.‏ والتاء في ‏"‏شمرت‏"‏ للداهية، والخطاب في ‏"‏شَمِّرِى‏"‏ على التأنيث للنفس‏.‏
2842- قَبْلَ الضُّرَاطِ اسْتِحْصافُ الأليتَيْنْ
أي قبل وقوع الأمر تُعَدُّ الآلَةُ
2843- قُرْبُ الوِسَادَ وطُولُ السِّوادِ
يضرب للأمر الذي يُلْقى الرجلَ فيما يكره‏.‏
وقيل لابنه الخُسِّ‏:‏ لم زَنَيتِ وأنت سيدة قومِكِ‏؟‏ فَقَالت هذه المقَالة، وقَال بعض العلماء‏:‏ لو أتمت الشرح لقَالت‏:‏ قرب الوِساد، وطول السِّوَادِ، وحُبُّ السِّفَاد‏.‏
والسَّواد‏:‏ المُسَارَّة، وهو قرب السَّوَاد من السَّواد، يعنى الشخص من الشخص‏.‏
2844- قَدْ يَبْلُغُ القَطُوفُ الوساعَ
القَطُوف من الدواب‏:‏ الذي يُقارِب الخَطْو، الوسَاع‏:‏ ضِدّه‏.‏
يضرب في قناعة الرجل يبعض حاجته دون بعض‏.‏
2845- قَدْ يُبْلَغُ الخَضْمُ بِالقَضْمِ
الخَضْم‏:‏ أكلٌ بجميع الفم، والقضم‏:‏ بأطراف الأسنان‏.‏
قَال ابن أبى طرفة‏:‏ قدم أعرابي على ابن عم له بمكة، فَقَال له‏:‏ إن هذه بلاد مَقَضَم، وليست بلاد مَخْضَم‏.‏
ومعنى المثل‏:‏ قد تدرَكُ الغايةُ البعيدةُ بالرفق، كما أن الشعبة تدرك بالأكل بأطراف الفم، قَال الشاعر‏:‏
تَبَلَّغْ بأخلاقَ الثِّيَابِ جَدِيدَها * وَبالقَضْمِ حتَّى تُدْرِكَ الخَضْمَ بالقَضْمِ
2846- قد استَنْوَقَ الجَملُ
أي صار ناقةً‏.‏ ‏[‏ص 94‏]‏
وكان بعض العلماء يخبر أن هذا المثل لطرَفة بن العبد، وذلك أنه كان عند بعض الملوك والمُسَيَّبُ بن عُلَس ينشد شعراً في وصف جَمل، ثم حوَّله إلى نعت ناقة، فَقَال طرفه ‏"‏قد استَنْوَقَ الجمل‏"‏ ويقَال‏:‏ إن المنشد كان المتلمس، أنشد في مجلس لبنى قيس بن ثعلبة، وكان طرفة يلعب مع الصبيان ويتسمَّع، فأنشد المتلمس‏:‏
وَقَدْ أتَنَاسَى الهمَّ عِنْدَ احْتِضَارِهِ * بِنَاجٍ عَلَيْهِ الصَّيْعَرِيَّةُ مكدم
كُمَيْتٍ كَنَازِ اللَّحْمِ أوْحَمِيَرية * مُوَاشِكَة تَنْفِى الحَصَى بِمُلَثَّمِ
كأن على أنْسَائِهَا عِذْقَ خَصْبَةٍ * تَدَلَّى مِنْ الكَافُورِ غَيْرَ مُكَمَّمِ
والصيعرية‏:‏ سِمَة تُوسم بها النوقَ باليمن، فلما سمع طَرَفة البيتَ قَال‏:‏ استنوقَ الجمل، قَالوا‏:‏ فدعاه المتلمس وقَال له‏:‏ أخْرِجْ لسانَكَ، فأخرجه فإذا هو أسْوَد، فَقَال‏:‏ وَيْلٌ لهذا من هذا‏.‏
قَال أبو عبيد‏:‏ يضرب هذا في التخليط
2847- قُودُوهُ بي بَارِكاً
وذلك أن امرَأة حُمِلَتْ على بعير وهو بارك، فأعجبها وَطْء المركب، فَقَالت‏:‏ قُودى بي باركا‏.‏
يضرب لمن يتعوَّدُ ‏(‏كذا، وأحسبه ‏"‏لمن لم يتعود - ‏"‏ إلخ‏)‏ مُبَاشرة الترفة ثم باشرها‏.‏
2848- قَرِّبِ الحِمارَ مِنَ الرَّدْهَةِ وَلا تَقُلْ لهُ سَأْ
الرَّدْهة‏:‏ مسنتقع الماء، وسأ‏:‏ زَجْر للحمار، يُقَال‏:‏ سَأْسَأتُ يالحمار، إذا دَعَوْتَه ليشرب‏.‏
يضرب للرجل يعلم ما يصنع‏.‏
أي كِلِ الأمرَ إليه ولا تُكْرِهْهُ على فعله إذ أرَيته رشده‏.‏
2849- اقْلِبْ قَلاَبِ
هذا مثل يضرب للرجل تكون منه سقطة فيتداركها بأن يقلبها عن جهتها ويصرفها عن معناها‏.‏
وهو في حديث عمر رضي الله عنه، قَال أبو الندى في أمثاله‏:‏ يُقَال ‏"‏أحمقَ من عدى بن جناب‏"‏ وهو أخو زهير بن عد بن جناب، وكان زُهير وَفَّادا على الملوك، وفدَ على النعمان ومعه أخوه عدى، فقال النعمان‏:‏ يا زهير إن آمي تشتكى، فِبمَ يتداوى نساؤكم‏؟‏ فالتفت عَدِىٌّ فَقَال‏:‏ دواؤها الكمرة، فَقَال النعمان لزهير‏:‏ ما هذه‏؟‏ فَقَال هي الكمأة أيها الأمير، فقال عدى‏:‏ اقْلِبْ قَلاَب، ما هي إلا كمرة الرجال‏.‏ ‏[‏ص 95‏]‏
2850- قَدْ يَضْرَطُ العَيْرُ وَالمِكْوَاةُ في النَّارِ
أول من قَال ذلك عُرْفُطة بن عَرْفَجة الهَزَّاني، وكان سيد بنى هِزَّان، وكان حُصَين بن نبيت العُكْلى سيد بنى عُكْل، وكان كل واحد منهما يغير على صاحبه، فإذا أسرت بنو عكل من بنى هِزَّان أسيراً قتلوه، وإذا أسرت بنو هِزَّان منهم أسيراً فَدَوْه، فقدم راكب لبنى هِزَّان عليهم فرأى ما يصنعون، فقال لبنى هِزَّان‏:‏ لم أر قوماً ذوى عَدَد وعُدَّة وجَلَد وثَرْوَة يلجئون إلى سيد لا ينقض بهم وتْراً، أرضيتم أن يَفْنَى قومُكم رغبةً في الدِّيةِ، والقومُ مثلكم تؤلمهم الجِرَاح، ويَعضُّهم السلاح‏؟‏ فكيف تقتلون ويسلمون‏؟‏ ووبخهم توبيخاً عنيفاً، وأعلمهم أن قوماً من بنى عُكْل خرجوا في طلب إبل لهم، فخرجوا إليهم فأصابوهم، فاستاقوا الإبل وأسَروهم، فلما قدموا محلتهم قَالوا‏:‏ هل لكم في اللّقَاح، والأمة الرَّدَاح، والفَرَس الوَقَاح‏؟‏ قَالوا‏:‏ لا، فضربوا أعناقهم، وبلغ عُكْلاً الخبرُ، فساروا يريدون الغارة على بنى هِزَّان ونذرت بهم بنو هِزَّان، فالتفوا فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى فَشَتْ فيهم الجراح،
وقتل رجل من بنى هِزَّان، وأسرَ رجلان من بنى عُكْلٍ وانهزمت عكل، وإن عرفطة قَال للأسيرين‏:‏ أي كما أفضل لأقتله بصاحبنا‏؟‏ وعسى أن يفادى الآخَر، فجعل كل واحد منهما يخبر أن صاحبه أكرم منه، فأمر بقتلهما جميعاً، فقدِّم أحدُهما ليقتل، فجعل الآخَر يَضْرَطُ، فَقَال عرفطة‏:‏ قد يضْرَطُ العيرُ والمكواة في النار، فأرسلها مَثَلاً‏.‏
يضرب للرجل يخاف الأمر فيجزع قبل وقوعه فيه‏.‏
وقَال أبو عبيد‏:‏ إذا أعطى البخيل شيئاً مخافة ما هو أشد منه قَالوا‏:‏ قد يَضْرَطُ العَيْرُ والمكواة في النار‏.‏
ويقَال‏:‏ إن أول من قَاله مُسَافر بن أبى عمرو بن أمية، وذلك أنه كان يَهْوَى بنت عتبة، وكانت تهواه فَقَالت له‏:‏ إن أهلي لا يزوجونني منك لأنك مُعَسِر، فلو قد وَفَدْتَ إلى بعض الملوك لعلك تصيب مالا فتتزوجني، فرحل إلى الحِيرَة وافداً على النعمان، فبينما هو مُقيم عندهُ إذ قَدِم عليه قادم من مكة، فسأله عن خبر أهل مكة بعده فأخبره بأشياء وكان فيها أن أبا سفيان تزوج هندا، فطُعنَ مسافر من الغم، فأمر النعمان أن يكوى، فأتاه الطبيب بمَكَاويه فجعلها في النار، ثم وضع مكواة منها عليه وعِلْجٌ ‏[‏ص 96‏]‏ من عُلُوج النعمان واقف، فلما رآه يُكْوَى ضَرِط، فَقَال مسافر‏:‏ قد يَضْرَطُ العيرُ والمكواة في النار، ويقَال‏:‏ إن الطبيب ضَرِطَ‏.‏
2851- قَبْلَ عَيْرٍ وَما جَرَى
أي أولَ كل شَيء ، يُقال‏:‏ لقيته أول ذات يدين، وأولَ وَهْلَةٍ، وقَبْلَ عيرٍ وما جرى‏.‏
قَال أبو عبيد‏:‏ إذا أخبر الرجلُ بالخبر من غير استحقاقَ ولا ذكر كان لذلك قيل‏:‏ فَعَلَ كَذا وكذا قبل عَيْر وما جَرَى‏.‏
قَالوا‏:‏ خص العَير لأنه أحْذَر ما يُقَنَص وإذا كان كذلك، كان أسْرَعَ جرياً من غيره، فضرب به المثل في السرعة‏.‏
وقَال الأصمعي‏:‏ معناه قبل أن يجرى عَيْر وهو الحمار، وقَال غيره‏:‏ يريد بالعَيْر المثال في العين، وهو الذي يُقَال له اللُّعبَةُ، والذي يجرى عليه هو الطَّرْف، وجَرْيهُ حركته، فيكون المعنى قبل أن يطرف الإنسان، قَال الشماخ‏:‏
وتعدو القَبضَّى قَبْلَ عَيرٍ ومَا جَرَى * وَلَمْ تَدْرِ مَا بَالي ولَمْ أدْرِ مَالَهَا
ويروى‏:‏ القَمِصَّى، والقَبِصَّى، والباء بدل من الميم، وهما ضرب من العَدْو فيه نزو، ومن روى بالضاد فهو من القباضة وهى السرعة ومنه
يعجل ذا القباضة الوحيا*
ويقَال‏:‏ جاء فلان قبل عير وما جرى، وضرب قبل عير وما جرى، يريدون السرعة في كله‏.‏
2852- قَدْ حِيلَ بَينَ العِيرِ وَالنَّزوانِ
أولُ من قَال ذلك صَخْر بن عمْرو أخو الخَنْسَاء‏.‏
قَال ثعلب‏:‏ غزا صَخر بن عمرو بنى أسد بن جُزَيمة، فاكتَسَحَ إبلهم، فجاءهم الصَّرِيخ فركبوا فالتقوا بذات الأثل، فَطَعَنَ أبو ثَوْر الأسدى صَخْراً طعنةً في جَنْبه، وأفلت الخيل فلم يُقْعَصْ مكانه وجَوِى منها، فمرض حَوْلاً حتى ملَّه أهلُه، فسمع امرَأة تقول لامرأته سَلمى‏:‏ كيف بَعْلُكِ‏؟‏ فَقَالت‏:‏ لا حَيٌّ فُيرْجَى ولا مَيْتٌ فيُنْعى، لقد لقينا منه الأمرين، فَقَال صخر‏:‏
أرَى أمَّ صَخْرِ لاَ تَملُّ عِيَادَتى*
وفي رواية أخرى‏:‏ فمرضَ زمانا حتى مَلَّته امرأته، وكان يكرمها، فمر بها رجلٌ وهي قائمة وكانت ذات خَلْقَ وإدراك، فَقَال لها‏:‏ يباعُ الكَفَل‏؟‏ فَقَالت‏:‏ نعم عما قليل، وكان ذلك يَسْمَعُهُ صخر، فَقَال‏:‏ أما والله لئن قَدَرْتُ لأقدِّمَنَّك قبلى، ثم قَال لها‏:‏ نَاوِلينِى السيف أنظر إليه هل تُقِلُّه يدى، فناولته فإذا هو لا يٌقْلُّه، فَقَال‏:‏
أرى أمَّ صَخْرٍ لا تَمَلُّ عِيَادَتِى * وَمَلَّتْ سُلَيمَى مَضْجَعِي وَمَكَانِي ‏[‏ص 97‏]‏
فأي امْرئٍ سَاوَى بأمٍّ حَلَيلَةً * فلاَ عَاشَ إلاَّ فِي شَقاً وَهَوَانِ
أُهُمُّ بأمرِ الحَزْمِ لَوْ أسْتَطِيعُهُ * وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ العَيْرُّ والنَّزَوَانِ
وَمَا كُنتُ أَخْشَى أن أكُونَ جَنَازَةً * عَلَيْكِ وَ مَنْ يَغْتَرُّ بِالحَدْثَانِ
فَللْمَوتُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ كأنَّها * مُعَرَّسُ يُعْسُوبٍ بِرَأْسِ سَنانِ
لَعَمْرِى لَقَدْ نَبَّهْتِ مَنْ كَانَ نَائِمَاً * وأسْمَعْتِ مَنْ كَانِتْ لَهُ أذُنَانِ
قَال أبو عبيدة‏:‏ فلما طال بهِ البَلاَء وقد نَتَأت قطعة من جنبه مثل اللبد في موضع الطعنة قيل له‏:‏ لو قطعتها لَرَجَوْنا أن تَبْرأ، فَقَال‏:‏ شأنكم، وأشفقَ عليه قومٌ فَنَهَوْه، فأبى، فأخذوا شَفْرَة فَقَطَعُوا ذلك الموضع، فيئس من نفسه، وقَال‏:‏
أجَارَتَنَا إنَّ الحُتُوفَ تَنُوبُ * على النَّاسِ كُلَّ المُخْطِئينُ تُصِيبُ
أجَارَتَنَا إنَّ تَسأَلِيِني فَإنَّني * مُقِيمٌ لَعَمْرِى مَا أَقَامَ عَسِيبُ
كَأنِّي وَقَدْ أدْنُوا لحِزٍّ شِفَارَهُم * مِنَ الصَّبْرِ دَامِي الصَّفْحَتَينِ نَكِيبُ
ثم مات، فدفن إلى جنب عَسِيب، وهو جَبَل يقرب من المدينة، وقبره معلم هناك‏.‏
2853- قَرَارَةٌ تَسَفَّهَتْ قَرَارَة
قَال الأصمعى‏:‏ القَرَار والقَرَارة‏:‏ النقد، وهو ضرب من النَغَم قِصَار الأرجل قِباح الوجوه، وهذا مثل قولهم ‏"‏نَزْوَ الفَرَارِ اسْتَجْهَلَ الفَرَار‏"‏
يضرب للرجل يتكلم في القوم بالخطأ فيطا بقونه على ذلك‏.‏
وقَال المنذرى‏:‏ فرارة بالفاء، قَال‏:‏ وهى البَهْمَة تنفر إلى أمها فيتبعها الغَنَم‏.‏
2854- القِرْدَانُ حَتَّى الحَلَمُ
يضرب لمن يتكلم ولا ينبغى له أن يتكلم لَنَدَالته‏.‏
والحلَم‏:‏ أصغر القِرْدَان‏.‏
2855- القْرَنَبَى في عَينِ أُمِّهَا حَسَنَةٌ
هي دويبة مثل الخنفس منقطعة الظهر طويلة القوائم‏.‏
2856- قيلَ للِشَّقِىِّ‏:‏ هَلُمَّ إلى السَّعَادةِ، فَقَال‏:‏ حَسْبِى مَا أنا فِيهِ
يضرب لمن قنع بالشر وترك الخير وقَبُولَ النصح‏.‏
2857- قَدْ يُدْفَعُ الشَّرُّ بِمِثْلِهِ، إذا أعْيَاكَ غَيرُهُ
قَاله بعض الماضين، وهذا مثل قول الفِنْدِ الزِّمَّانِيِّ‏:‏ ‏[‏ص 98‏]‏
وَبَعْضُ الحِلْمِ عِنْدَ الجَهـْ * ـلِ لِلذُّلَةِ إذْعَانُ
وَفِي الشَّرِّ نَجَاةٌ حِيـ * ـنَ لاَ يُنْجِيكَ إحْسَانُ
2858- قَدْ قَلَيْنَا صَفِيرَكُمْ
أصله أن رجلاً كان يعتاد امرَأة؛ فكان يجئ وهى جالسةٌ مع بنيها وزوجها فيصفر لها، فتُخرج عجزها من وراء البيت وهي تُحْدِثُ ولَدَها، فيقضى الرجلُ حاجته وينصرف، فعلم ذلك بعضُ بنيها، فغاب عنها يومَه، ثم جاء في ذلك الوقت فَصَفَر ومعه مِسْمَار مُحْمىً، فلما أن فعلت كعادتها كَوَاها به، فَجاء خِلُّها بعد ذلك فصفر فَقَالت‏:‏ قد قلينا صفيركم، قَال الكميت‏:‏
أرْجُو لَكُمْ أنْ تَكُونُوا فِي مَوَدَّتِكُمْ * كَلْبَا كَوَرْهَاء تَقْلِى كُلَّ صَفَارِ
لمَّا أجَابَتْ صَفِيراً كانَ آتِيهَا * مِنْ قَابِسٍ شَيَّطَ الوَجْعَاءَ بالنَّارِ
2859- انْقَضَبَ قُوَىٌّ مِنْ قاويةٍ
الانْقِضَابُ‏:‏ الانقطاع، أي انقطع الفرخُ من البيضة، أي خرج منها، كما يُقَال‏:‏ برئَتْ قابية من قوب‏.‏
يضرب عند انقضاء عند الأمر والفراغ منه ويقَال‏:‏ انقَضَبَتْ قَابِيَةٌ من قُوبِهَا فالقابية‏:‏ البيضة، والقوب‏:‏ الفرخ قَال، الكميت يصف النساء وزُهْدَهن في ذَوِى الشيب‏:‏
لهنَّ مِنَ المَشِيبِ ومَنْ عَلاهُ * من الأمْثَال قَابِيَةٌ وَقُوبُ
أي إذا رأين الشَّيْبَ فارقْنَ صاحبه ولم يَعُدْن إليه‏.‏
وأما اشتقاقَ قُوَىٍّ فَقَال أبو الهيثم‏:‏ لا يُعْرَف قَاوٍ وقُوَىّ مصغراً ولا مكبراً بمعنى الفرخ اسماً له، وقَال بعضهم‏:‏ أصله من قُوَى الحبل؛ لأنه إذا انقطعت قُوَّة من قُوَاه لا يمكن اتَّصالها
قلت‏:‏ يمكن أن يحمل هذا على قولهم‏:‏ قَوَيتِ الدار، إذا خَلَتْ من أهلها، مثل أقْوَتْ، لغتان مشهورتان، فهى قَاوِيَة ومُقْوية، فيقَال‏:‏ قَوَيتِ البيضة، إذا خلت من الفرخ، وقَوِى الفرخُ، إذا خرج وخلا منها، فالبيضة قَاوية‏:‏ أي خالية، والفرخُ قَاوٍ‏:‏ آي خالٍ من البيض، وقُوَىّ‏:‏ تصغير قاوٍ على مذهب الاسم؛ لأن كل فاعل إذا كان اسمَ عَلَمٍ فتصغيرُه على فُعَيل، كما قَالوا لصالح إذا كان اسماً صُلَيح، ولعامر عُمَير، ولخالد خُلَيد، طلباً للخفة، وإذا كان نعتاً صُويْلح وعُوَيمر وخُوَيلد، وقيل‏:‏ القُوَىُّ ‏[‏ص 99‏]‏ غيرُ موجودٍ في الشعر والكلام إلا في هذا المثل، والله أعلم‏.‏
2860- قَدْ أَفْرَخَ رَوْعُهُ
أي ذهب عنه خَوْفُه‏.‏
قَال الأزهري‏:‏ كلُّ مَنْ لقيتُه من أهل اللغة يقوله بفتح الراء، إلا ما أخبرني به المنذرى عن أبى الهيثم بضم الراء، قَال‏:‏ ومعناه خَرَجَ الرَّوْعُ من قلبه، قَال‏:‏ والرَّوْعُ في الرُّوعِ، كالفَرْخ في البيضة‏.‏
‏(‏أي والخوف في قلبه كالفرخ في البيضة‏)‏
قلت‏:‏ بعض هذا قد مضى في باب الفاء، فإذا قيل ‏"‏أفْرَخَ رَوْعُه، وأورُعُه‏"‏ جاز أن يكون على مذهب الدُّعَاء، وعلى معنى الخبر أيضاً، فإذا قلت ‏"‏قد أفرخ‏"‏ لا يصلح أن يكون للدعاء‏.‏
2861- قَرُبَ طِبٌّ
ويروى ‏"‏قَرُبَ طِبَّا‏"‏ وهو مثل ‏"‏نِعْمَ رَجُلاً‏"‏ وأصل المثل - فيما يُقَال - أن رجلا تزوج امرَأة، فلما هديت إليه وقعد منها مقعد الرجال من النساء قَال لها‏:‏ أبكر أنتِ أم ثيب‏؟‏ فَقَالت‏:‏ قَرُبَ طِبٌّ، ويقَال أيضاً في هذا المعنى‏:‏ أنتَ عَلَى المُجَرَّبِ، أي على التجربة، و‏"‏على‏"‏ من صلة الإشْرَافِ، أي مُشْرف عليه قريبٌ منه ومن علمه‏.‏
2862- قَدْ صَرَّحَتْ بِحِلْذَانَ
هو حِمىً قريبٌ من الطائف لين مُسْتَوٍ كالراحة لا خَمَرَ ‏(‏الخمر - بالتحريك - ما واراك من شجر أو غيره‏)‏ فيه يتوارى به‏.‏
يضرب للأمر الواضح البين الذي لا يخفى على أحد‏.‏
وقد مر ما ذكر فيه من الخلاف
2863- قَدْ بَيَّنَ الصُّبْحُ لِذِى عَيْنَينِ
بَيَّنَ هنا‏:‏ بمعنى تَبَيَّنَ
يضرب للأمر يظهر كلَّ الظهور‏.‏
2864- قَدْ سِيلَ بِهِ وَهْوَ لاَ يَدْرِى
ويقَال أيضاً ‏"‏قد سال به السيل‏"‏ يضرب لمن وقع في شدة
2865- اقْدَحْ بِدِفْلَى فِي مَرْخٍ، ثمَّ شُدَّ بَعْدُ أرْخِ
قَال المازنى‏:‏ أكثر الشجر ناراً المَرْخُ ثم العفَار ثم الدَّفْلَى‏.‏
قَال الأحمر‏:‏ يُقَال هذا إذا حملت رجلاً فاحشاً على رجل فاحش، فلم يَلْبَثَا أن يقع بينهما شر‏.‏
وقَال ابن الأعرابى‏:‏ يضرب للكريم الذي لا يحتاج أن تكدَّه وتُلِحَّ عليه
2866- القَيْدُ وَالرَّتْعَةُ
قَال المفضل‏:‏ أولُ من قَال ذلك عمرو ‏[‏ص 100‏]‏ ابن الصَّعِقَ بن خُويلَد بن نُفَيل بن عمرو بن كلاب، وكانت شاكر من هَمَدان أسَرُوه فأحْسَنُوا إليه ورَوَّحُوا عنه، وقد كان يوم فارقَ قومه نحيفاً، فهربَ من شاكر، فبينما هو بقئ من الأرض إذا اصطاد أرنباً فاشتواها فلما بدأ يأكل منها أقبل ذئبٌ فأقْعَى غيرَ بعيدٍ فنبذ إليه من شِوَائِه، فولَّى به، فَقَال عمرو عند ذلك‏:‏
لقَدْ أوعَدَتْنِى شَاكِرٌ فَخَشِيتُهَا * ومن شعب ذي همدان في الصدر هَاجِسُ
ونَارِ بِمَوْمَاةٍ قَليل أنيسُها * أتاني عَلَيهَا أطْلَسُ اللَّوْنِ بَائِسُ
قَبَائِل شَتَّى ألَّفَ الله بينَهَا * لَهَا حَجَفٌ فَوْقَ المَنَاكِبِ يَابِسُ
نَبَذْتُ إليهِ حِزَّةً مِنْ شِوَائِنَا * فَآبَ وَمَا يَخشى عَلَى مَنْ يُجَالِسُ
فَوَلَّى بِهَا جِذْلاَنَ يَنْفَضُ رَأسَهُ * كَمَا آضَ بِالنَّهْبِ المُغَيرُ المخَالِسُ
فلما وصل إلى قومه قَالوا‏:‏ أي عَمْرو خرجت من عندنا نحيفاً وأنت اليوم بَادِن، فَقَال‏:‏ القَيْد والرَّتْعَة، فأرسلها مَثَلاً، وهذا كقولهم ‏"‏العز والمَنَعة‏"‏ و ‏"‏النجاة والأمنة‏"‏
2867- قَدْ أَنْصَفَ القَارَةَ مَنْ رَامَاهَا
القَارة‏:‏ قبيلة، وهم عُضَل والديش ابنا الهُون بن خُزَيمة، وإنما سُمُّوا قارة لاجتماعهم والتفافهم، لمَّا أراد الشَّدَّاخُ أن يفرقهم في بنى كنانة، فَقَال شاعرهم‏:‏
دَعُونَا قارَةٌ لا تَنْفِرُونَا * فَنُجْفِلَ مِثْل إجْفَالِ الظَّلِيمِ
وهم رُماة الحدقَ في الجاهلية، وهم اليوم في اليمن، ويزعمون أن رجلين التَقَيَا أحدهما قارىّ، فَقَال القرى‏:‏ إن شِئت صارَعْتُكَ، وإن شِئت سابقك، وإن شِئت رَامَيْتك، فَقَال الآخَر‏:‏ قد اخترت المراماة، فَقَال القارىُّ‏:‏ قد أنصفتني، وأنشأ يقول‏:‏
قد أنْصَفَ القَارَةَ مَنْ رَامَاهَا * إنَّا إذَا ما فِئَةٌ نَلْقَاهَا
نَرُدُّ أولاَهَا عَلَى أخْرَاهَا*
ثم انتزع له بسهم فَشَكَّ به فؤاده قَال أبو عبيد‏:‏ أصل القارة الأكَمَةُ، وجمعها قُور، قَال ابن واقد‏:‏ وإنما قيل ‏"‏أنصفَ القارَةَ من راماها‏"‏ في حَرْبٍ كانت بين قريش وبين بكر بن عبد مناف بن كنانة، قَال‏:‏ وكانت القارة مع قريش، وهم قوم رُماة، فلما التقى الفريقان راماهم الآخَرون، فقيل‏:‏ قد أنصَفَهُم هؤلاء إذ ساووهم في العمل الذي هو شأنهم وصناعتهم، وفي بعض الآثار‏:‏ ألا أخبركم بأعدل الناس‏؟‏ قيل‏:‏ بلى، قَال‏:‏ مَنْ أنْصَفَ مِنْ نفسه، وفي بعضها أيضاً‏:‏ أشَدُّ الأعمالِ ثلاثة‏:‏‏[‏ص 101‏]‏
إنصافُ الناس من نفسك، والمواساة بالمال، وذكر اللَه تعالى كل حال‏.‏
2868- قَبْلَ الرِّمَاءِ تُمْلأ الكَنَائِنُ
‏(‏الكنائن‏:‏ جمع كنانة، وهى وعاء السهم‏)‏
قَال رؤبة
قبل الرِّمَاء يُمْلأ الجَفيرُ
أي تؤخذ أُهبَةَ الأمر قبل وُقوعه

B-happy 3 - 3 - 2010 10:50 PM



2869- قَلَبَ لَهُ ظَهْرَ المَجَنِّ
يضرب لمن كان لصاحبه على موَدَّة ورعاية ثم حَالَ عن العَهْد
كتب أمير المؤمنين على كرم الله وجهه إلى بن عباس رضي الله عنه حين
أخذ من مال البصرة ما أخذ‏:‏ أني شَرَكْتُكَ في أمانتي ولم يكون رجل من أهل أوثق منك في نفسي فلما رأيتَ الزمان على ابن عمك قد كَلِبَ، والعدو قد حَرِبَ، قَلبْتَ لابن عمك ظَهْرَ المِجَنِّ لفراقه مع المفارقين، وخَذْله مع الخاذلين، واختطَفْتَ ما قدرت عليه من أموال الأمة أختطاف الذئبِ الأزَلَّ رابيةَ المِعْزَى، اصْحُ رُويداً فكأنْ قد بَلَغْتَ المَدَى، وعُرْضَتْ عليك أعمالُكَ بالمحل الذي يُنادى به المغتَرُّ بالحسرة، ويتمنَّى المضيِّعُ التَّوْبَةَ والظالِمُ الرَّجْعَةَ‏.‏
2870- قَبْلَ الرَّمْىِ يُرَاشُ السَّهْمُ
يضرب في تهيئة الآلة قبل الحاجة إليها وهو مثل قولهم ‏"‏قَبْلَ الرِّمَاءِ تُمْلأ الكَنَائِنُ‏"‏
2871- قَدْ رَكِبَ رَدْعَهُ
يُقَال به رَدْع من زَعفران أوْدَمٍ، أي لَطْخ وأثر، ثم يُقَال للقتيل‏:‏ رَكِبَ رَدْعة، إذا خَرَّ لوجهه على دمه، ويقَال‏:‏ معنى ‏"‏ركب رَدْعة‏:‏ أي دخَلَ عنقُه في جوفه، من قولهم ‏"‏ارتَدعً السهمُ‏"‏ إذا رجَعَ نَصْلُه في سِنْخِه
2872- قَدْ ألقى عَصَاهُ
إذا استقرَّ من سَفَر أو غيره، قَال جرير‏:‏
فلَمَّا التَقَى الحَيَّانِ ألقَيتِ العَصَا * وَمَاتَ الهَوَى لمَّا أصِيبَتْ مَقَاتِلُهْ
وحكى أنه لما بُولع لأبي العباس السفَّاحِ قام خطيباً، فسقط القضيبُ من يده، فَتَطَيَّرَ من ذلك، فقام رجل فأخذ القضيبَ ومَسَحه ودَفَعه إليه وأنشد‏:‏
فألقتْ عَصَاهَا وَاسْتَقرَّتْ بِهَا النَّوَى * كَمَا قَرَّ عَيْنَاً بِالأيَابِ المُسَافِرُ
وقال علي بن الحسن بن أبي الطيب
الباخَرْزِىُّ في ضده‏:‏
حَمْلُ العَصَا لِلمُبْتَلَى * بالشَّيْبِ عُنْوَانُ البَلَى
وُصِفَ المسافِرُ أنَّهُ * ألْقَى العَصَا كيْ يَنْزِلاَ ‏[‏ص 102‏]‏
فَعَلَى القِيَاسِ سَبِيلُ مَنْ * حَمَلَ العَصَا أنْ يَرْحَلاَ
2873- قَشَرْتُ لَهُ العَصَا
يضرب في خُلُوص الود‏.‏
أي أظهرت له ما كان في نفسي، ويقَال‏:‏ أقْشِرْ له العَصَا، أي كاشِفْهُ وأظْهِرْ له العداوة
2874- قَتْلُ ما نَفْسٍ مُخَيَّرُها
‏"‏ما‏"‏ صلة، تخييرها، قَال عطاء بن مصعب‏:‏ معناه أنه كان بين رجلين مالٌ فاقتسما، فَقَال أحدهما لصاحبه‏:‏ اختر أي القسمين شئت ،فجعل ينظر إلى هذا القسم مرة وإلى هذا أخرى، فيرى كلَّ واحد جيدا، فيقوا صاحبه‏:‏ قَتْلُ ما نفسىٍ مخيرها، أي قتلت نفسك حين خيرتك‏.‏
يوضع في الشره والشجع‏.‏
ويروى ‏"‏قتلَ‏"‏ نفساً مخيرُها، أي إذا جعلْتَ الحكْمَ إلى مَنْ تسأله الحاجَةَ حمل لك على نفسه‏.‏
2875- قَدْ عَلقَتْ دَلوَكَ دلوٌ أخْرَى
أصله أن الرجل يُدْلِى دَلْوَه للاستقاء فيُرْسِلُ آخرُ دلوه أيضاً، فتتعلق بالأولى حتى تمنع صاحبها أن يستقى‏.‏
يضرب في الحاجة تطلب فيحول دونها حائل أي قد دَخَلَ في أمرك داخلٌ‏.‏
2876- قَدْ نَهَيْتك عَنْ شَرْبةٍ بالوَشَلِ‏.‏
الوَشَلُ‏:‏ الماء القليل، أي قد نهيتُكَ عن سُؤَال اللئيم‏.‏
2877- قَلَّ خِيسُهُ
قَال أبو عمرو‏:‏ الخِسُ اللَّبَنُ، يُقَال في الدعاء على الإنسان ‏"‏قَلَّلَ الله خيسُهُ‏"‏ أي لبَنَه‏.‏
2878- قَدْ قِيلَ ذَلِكَ إنْ حَقَاً وإنْ كَذِباً
قَالوا‏:‏ إن أولَ من قَال ذلك النعمانُ بن المنذر اللَّخمىُّ للربيع بن زياد العبسي، وكان له صديقاً ونديماً، وإن عامراً مُلاَعِبَ الأسِنَّةِ وعَوف بن
ابن الأحوص وسُهَيلَ بن مالك ولبيدَ بن رَبيعةَ وشَمَّاساً الفَزَاري وقلابة الأسَدِى قَدِمُوا على النعمان، وخَلَّفُوا لَبِيداً يرعى إبلهم، وكان أحْدَثهم سِنّاً، وجعلوا يَغْدُونَ إلى النعمان ويرحون، فأكرمَهُم وأحْسَنَ نُزُلَهم، غيرَ أن الربيع كان أعظمَ عنده قَدْراً، فبَينما هم ذاتَ يوم عند النعمان إذ رجز بهم الربيعُ وعابَهُم وذكرهم بأقبح ما قَدَرَ عليه، فلما سمع القومُ ذلك انصرفوا إلى رِحَالهم، وكل إنسانٍ ‏[‏ص 103‏]‏ منهم مُقْبِلٌ على بَثِّه، ورَوَّحَ لبيد الشَّوْل، فلما رأى أصحابه وما بهم من الكآبة سألهم‏:‏ مالكم‏؟‏ فكتَمُوه، فقال لهم‏:‏ والله لا أحفظُ لكم مَتَاعاً ولا أسْرَحُ لكم إبلاً أو ْتُخْبِرُونى بالذي كنتم فيه، وإنما كَتَمُوا عنه لأن أم لبيدٍ امرَأة من عَبْس، وكانت يتيمة في حَجْرِ الرَّبيع، فَقَالوا‏:‏ خَالُكَ قد غَلَبَنَا على الملك وصَدَّ بوجهه عنا، فَقَال لبيد‏:‏ هل فيكم مَنْ يكفيني وتُدْخِلُونني على النعمان معكم‏؟‏ فواللاَّتِ والْعُزَّى لأَدَعَنَّهُ لا ينظر إليه أبداً، فخلفوا في إبلهم قلابة الأسدى، وقَالوا لبيد‏:‏ أوْعندك خير‏؟‏ قَال‏:‏ سترون، قَالوا‏:‏ نَبُلُوك في هذه البَقْلضة، لبَقْلَةٍ بين أيديهم دَقِيقَة الأغصان قليلة الأوراقَ لاصقة بالأرض تدعى التَّرَبَةُ صِفْهَا لنا واشْتُمْهاَ، فقال‏:‏ هذه التربة التي لا تُذْكِى ناراً، ولا تؤهل داراً، ولا تَسُرُّ جاراً، عودها ضئيل، وفرعها كَليل، وخيرها قليل، شَرُّ البقول مَرْعى، وأقصرها فَرْعا، فَتَعْساً لها وجَدْعا، القَوابى أخا عبس، أردُه عنكم بتَعس، وأدعه من أمره في لَبْس، قَالوا‏:‏ نُصْبِحُ فنرى رَأينَا، فَقَال لهم عامر‏:‏ انظر هذا الغلام، فإن رأيتموه نائما فليس أمره بشَيء، وإنما يتكلم بما جاء على لسانه، ويَهْذِى بما يَهْجِس في خاطره، وإن رأيتموه ساهراً فهو صاحبكم، فرمَقُوه، فرأوه قد رَكِبَ رَحْلا حتى أصبح، فخرج القومُ وهو معهم حتى دخلوا على النعمان وهو يتغدَّى والربيعُ يأكل معه، فَقَال لبيد‏:‏ أبيتَ اللَّعن‏!‏ أتأذن لي في الكلام‏؟‏ فأذن له، فأنشأ يقول‏:‏
يَارُبَّ هَيْجَا هيَ خَيْرٌ مِنْ دَعَهُ * أكُلَّ يَوْمٍ هامتي مُقَرَّعَهْ
نَحْنُ بَنُو أمِّ البَنِينَ الأرْبَعَةْ * وَنَحْنُ خَيْرُ عامر بنِ صَعْصَعهْ
المُطْعِمُونَ الجَفْنَةَ المُدَعْدَعَهْ * وَالضَّارِبُونَ الهَامَ تَحْتَ الخَيضَعَهْ
يا واهبَ الخَيْرِ الكَثِيرِ مِنْ سَعَهْ * إليكَ جَاوَزْنَا بلاداً مَسْبَعَهْ
نُخْبر عَنْ هذَا خَبِيراً فَاْسمَعَهْ * مَهْلاً أبيْتَ اللَّعْنَ لاَ تَأْكُلْ مَعَهْ
إنَّ اسْتَهُ مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ * وَإنَّهُ يُدْخِلُ فِيهَا إصْبَعَهْ
يُدْخِلُها حَتَّى يُوارِى أشْجَعَهْ * كأنَّهُ يَطْلُبُ شَيئاً أْطْمَعَهُ
ويروى ‏"‏ضَيَّعَهْ‏"‏ فلما سمع النعمانُ الشعرَ أفَّفَ، ورفع يَدَه من الطعام، وقَال للربيع‏:‏ أكذاك أنت‏؟‏ قَال‏:‏ لا، واللاتِ لقد كَذَبَ ابنُ الفاعلة، قَال النعمان‏:‏ لقد خَبُثَ علىَّ طعامي، فغضب الربيع وقام وهو يقول‏:‏ ‏[‏ص 104‏]‏
لئن رَحَلْتُ رِكَابِى إنَّ لي سَعَةً * مَا مِثْلُها سَعَةٌ عَرْضَاً وَلا طُولاَ
وَلَوْ جَمَعْتُ بنى لخمٍ بأسْرِهم * مَا وَازَنُوا رِيشةً مِنْ ريشِ سَمْوِيلاَ
فَابْرقَ بأرضكَ يانعمانُ مُتَكِئاً * مَعَ النَّطَاسِىِّ طَوْرَاً وَابنِ توفيلا
وقَال‏:‏ لا أبرحُ أرضَكَ حتى تبعثَ إلىَّ مَنْ يفتشني فتعلم أن الغلام كاذب، فأجابه النعمان‏:‏
شَرِّدْ بِرَحْلِكَ عَنِّى حَيثُ شِئت وَلاَ * تُكْثِرْ عَلَىَّ وَدَعْ عَنْكَ الأبَاطِيلاَ
فَقَدْ رٌميتَ بِداءٍ لسْتَ غاسِلَهُ * مَا جَاوَزَ النِّيلَ يَوْماً أهْلُ إبليلاَ
قَدْ قيلَ ذلِكَ إن حَقّاً وإنْ كَذِباً * فَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ شَيء إذا قيلاَ
قوله ‏"‏بنو أم البنين الأربعة‏"‏ هم خمسة‏:‏ مالك بن جعفر مُلاعب الأسنة، وطُفيل بن مالك أبو عامر بن الطفيل، وربيعة بن مالك، وعُبَيْدة بن مالك، ومُعَاوية بن مالك، وهم أشراف بنى عامر، فجعلهم أربعة لأجل القافية‏.‏
و ‏"‏سمويل‏"‏ أحَدُ أجداد الربيع، وهو في الأصل اسم طائر‏.‏
وأراد بالنطاسى روميا يُقَال له سرحون ‏"‏وابن توفيل‏"‏ رومى آخر كانا يُنَادمان النعمان‏.‏
2879- قد اتَّخَذَ البَاطِلَ دَغَلاً
الدَّغَل‏:‏ أصله الشجر الملتفُّ، أي قد اتَّخذ الباطلَ مأوىً يأوى إليه، أي لا يخلوا منه‏.‏
يضرب لمن جَعَلَ الباطلَ مَطِية لنفسه
2880- قَدْ أحْزِمُ لَوْ أعْزمُ
أي إن عَزَمْتُ الرأي فأمضيتُه فأنا حازم، وإن تركت الصواب وأنا أراه وضيَّعْتُ العزم لم ينفعنى حَزْمِى كما قَال سَعْدُ بن ناشب المازنى‏:‏
إذا هَمَّ ألْقَى بَيْنَ عَينيَهِ عَزْمَهُ * وَنَكَّبَ عَنْ ذكرِ العَوَاقِبِ جَانِبا
2881- قَدْ بَلَغَ مِنْهُ البُلَغين
أي الداهية، قَالت عائشة لعلي رضي الله عنهما يوم الجمل حين أخذت‏:‏ قد بلغت منا البُلَغِينَ، ويُراد بالجمع على هذه الصيغة الدَّوَاهى العظام، وأصله من البلوغ، أي داهية بلغت النهاية في الشر‏.‏
2882- قَدْ ألْنَا وإيلَ عَلَيْنَا
الإيالة‏:‏ السياسة، أي قد سُسْنَا وسَاسَنا غيرُنا، وهذا المثل يروى أن زيادا قَاله في خطبته‏.‏
2883- قَدْ حَمِى الوَطِيسُ
قَال الأَصمَعي وغيره‏:‏ الوَطِيس حِجَارة ‏[‏ص 105‏]‏ مُدوَّرة، فإذا حميت لم يمكن أحدا أن يطأ عليها‏.‏
يضرب للأمر إذا اشتدَّ‏.‏
ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رُفِعَتْ له أرض مُؤتَةَ فرأى معترك القوم، فَقَال‏:‏ الآنَ حمَى الوطيسُ، آي أشتدَّ الأمر
2884- قَدْ تَقَطَعُ الدَّوَّيةُ النَّابَ
الدَّوُّ والدَّوِّيَّة‏:‏ المفازة، والناب‏:‏ الناقة المُسِنَّة‏.‏
يضرب للشيخ فيه بقية‏.‏
2885- اقْتُلُونى ومَالِكاً
أولُ من قَال ذلك عبدُ الله بن الزبير، وذلك أنه عانَقَ الأشْتَرَ النَّخَعِى فسَقَطَا عن جَوَاديهما إلى الأرض، واسم الأشتر مالك، فنادى عبدُ الله بن الزبير‏:‏
اقْتُلُونى وَمَالِكَاً * واقْتُلُوا مَالِكاً معي
فضرب مَثَلاً لكل مَنْ أراد بصاحبه مكروها وإن ناله منه ضرر‏.‏
2886- قَدْ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً فَاليَوْمَ لاَ
أولُ من قَال ذلكَ فاطمة بنت مُرٍّ الخَثْعَمية، وكانت قد قرأت الكُتُبَ، فأقبل عبدُ المطلب ومعه ابنه عبدُ الله يريد أن يزوِّجه آمنة بنت وَهَب بن عبد مناف بن زُهْرَة بن كلاب، فمرَّ على فاطمة وهى بمكة، فرأت نُورَ النبوة في وَجْه عَبْد الله، فَقَالت له‏:‏ مَنْ أنت يافتى‏؟‏ قَال‏:‏ أنا عبدُ الله بن عبد المطلب ابن هاشم، فَقَالت‏:‏ هَلْ لك أن تَقَع على وأعطيك مائةً من الإبل‏؟‏ فَقَال‏:‏
أمَّا الحَرَامُ فَألمَمَاتُ دُونَهُ * وَالحِلُّ لاَ حِلَّ فأستَبِينَهُ
فَكَيفَ بِالأمْرِ الَّذي تَنْوِينَهُ * يَحْمِى الكَرِيمُ عِرْضَهُ وَدِينَهُ
ومضى مع أبيه، فزوَّجه آمنة، وظل عندها يومَه وليلته، فاشتملت بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم انصَرَفَ وقد دَعَتْه نفسه إلى الإبل، فأتاها فلم ير منها حِرْصاً، فَقَال لها‏:‏ هل لك فيما قلت لي‏؟‏ فَقَالت‏:‏ قد كان ذلك مرة فاليوم لا، فأرسلتها مَثَلاً‏.‏
يضرب في الندم والإنابة بعد الأجترام ثم قَالت له‏:‏ أي شَيء صَنعْتَ بعدي، قال‏:‏ زوجني أبي آمنة بنت وهب، فكنت عندها، فَقَالت‏:‏ رأيتُ في وجهك نورَ النبوة فأردت أن يكون ذلك في فأبى الله تعالى إلاَّ أنْ يَضَعه حيث أحَبَّ، وقَالت‏:‏
بَنِى هاشمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ أخِيكُمُ * أمِينَةُ إذ للبـاه يَعتَلِجَانِ
كَمَا غَادَرَ المِصْبَاحُ بَعْدَ خُبُوِّهِ * فَتَائِلَ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَان ‏[‏ص 106‏]‏
ومَا كُلُّ ما نالَ الفتَى مِنْ نَصِيبِهِ * بِحَزْم، ولاَ مَافَاتَهُ بِتَوَانِ
فأجْمِلْ إذا طالَبْتَ أمْراً فَإنَّهُ * سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَصْطَرِعَانِ
وقَالت في ذلك أيضاً‏:‏
إنِّى رَأيْتُ مَخِيلَةً نَشَأتْ * فَتَلألأتْ بِخَاتِمِ القَطْرِ
لله مَا زُهْرِيَّة سَلَبَتْ * ثَوْبَيْكَ مَا اسْتلَبَتْ وَمَا تَدْرِى
2887- قَصِيرَةٌ عَنْ طَويلَةٍ
قَال ابن الأعرابى‏:‏ القصيرة التمرة، والطويلة النخلة‏.‏
يضرب لاختصار الكلام
2888- قَمْقَمَ الله عَصَبَهُ
يُقَال في الدعاء على الإنسان، قَال ابن الأعرابى وغيره‏:‏ معناه جَمَعَ الله
تعالى بعضَه إلى بعض، وقبض عَصَبه، مأخوذ من القَمقَام وهو الجيش يَجْمَعُ من ههنا وههنا حتى يَعْظُم‏.‏
2889- القَوْمُ طَبُّونَ
ويروى ‏"‏ما أطبون‏"‏ أي ما أبصرهم يُقَال ‏"‏رجلٌ طَبٌّ‏"‏ أي عالم حاذق، و ‏"‏ما أطَبَّهم‏"‏ أي ما أحذقَهم، فأما رواية مَنْ روى ‏"‏ما أطبون‏"‏ فلا أعلم لها وجها، إلا أن يُقَال‏:‏ رجل طَبُّ وأطَبُّ كما يُقَال‏:‏ خَشِن وأخشَن ووجِل وأوْجل ووَجِر وأوجَر، و ‏"‏ما‏"‏ صلة فيكون كقوله‏:‏ القوم طَبُّون‏.‏
2890- القَوْلُ مَا قَالتْ حِذَامِ
أي القولُ السديدُ المعتدُّ به ما قَالته، وإلا فالصَّدقَ والكذبُ يستويان في أن كلا منهما قولٌ‏.‏
يضرب في التصديق‏.‏
قَال ابن الكلبي‏:‏ إن المثل لُلجَيْم بن صَعْب والدِ حنيفة وعِجْلٍ، وكانت حَذَامِ امرأته، فَقَال فيها زَوجها لجيم‏:‏
إذَا قَالتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوها * فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالتْ حَذَامِ
ويروى ‏"‏فأنصتوها‏"‏ أي أنصتوا لها، كما قَال الله تعالى ‏(‏وإذا كالوهم أو ْوَزَنُوهم‏)‏
أي كالوا لهم أو وَزَنُوا لهم‏.‏
2891- قَدْ أسْمَعَتْ لَوْ نَادْيتَ حَيّاً
يضرب لمن يُوعظ فلا يَقْبَل ولا يَفْهَم
2892- قَاتِلُ نَفْسٍ مُخَيَّلُها
التخييل‏:‏ التشبيه، يُقَال‏:‏ فلان يَمْصِي على المُخَيَّلِ، أي على غَرَر من غير يقين، و ‏"‏على ما خَيِّلَتْ‏"‏ أي على شبهة، والتاء للخطة، أي يمضي على الخطة التي خيلت له أو ْإليه‏.‏
يضرب لمن يطمع فيما لا يكون‏.‏‏[‏ص 107‏]‏
ويروى ‏"‏قاتل نفس مَخِيلتُها‏"‏ أي خُيَلاَؤُها‏.‏
يضرب في ذم التكبر‏.‏
2893- قَبْلَكَ مَا جَاءَ الخَبَرُ
أصله أن رجلا أكل مَحْرُوتا - وهو أصل الأنْجْذَان - فبات تخرج منه رياح مُنْتنة، فتأذَّى به أهله، فلما أصبح أخبرهم أنه أكل محروتا، فَقَالوا‏:‏ قَبْلَكَ ما جاء الخبر، أي قبل إخبارك جاء الخبر، و ‏"‏ما‏"‏ صلة‏.‏
2894- قَبْلَ حَسَاسِ الأَيْسَارِ
يُقَال‏:‏ حَسَسْتُ اللَّحْمَ وحَسْحَسْتُه، إذا ألقيته على الجمر، والأيسار‏:‏ أصحابُ الجَزُور في المَيْسِرِ، والواحد يَسَرٌ‏.‏
يضرب في تعجيل الأمر‏.‏
يُقَال‏:‏ لأفعلَنَّ كذا قبل حَساسِ الأيسار، وذلك أنهم كانوا يستعجلون نَصْبَ القُدُور فيمتلُّونَ‏.‏
2895- قُرِنَ الحِرْمَانُ بِالحَيَاءِ، وقُرِنَتْ الخَيبَةُ بالهَيبةِ
هذا كقولهم ‏"‏الحياء يمنع الرزق‏"‏ وكقولهم ‏"‏الهيبَة خَيبَة‏"‏
2896- قَرَّدَهُ حَتَّى أمْكَنَهُ
أي خَدَعَه حتى تمكَّنَ منه، وأصله نَزْعُ القُرَاد من البعير الصعب حتى يتمكن من خطمه
2897- قَيَّدَ الإيمانُ الفَتْكَ
يعني الغِيلَةَ، وهي القَتْل مَكْرا وفَجْأة، وهذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
2898- قَدْ أصْبَحُوا فِي مَخْضِ وَطْبٍ خَائِرٍ‏.‏
أي في باطل‏.‏
2899- أقْلِلْ طَعَامَكَ تَحْمَدْ مَنَامَكَ
أي أن كثرته تُورِثُ الآلام المُسْهِرَةَ
2900- قَدْ أخطأ نَوْأهُ
يضرب لمن رَجَعَ عَنْ حاجته بالخيبة‏.‏
والنَّوْء‏:‏ النهوض والسقوط، وهو واحد أنواء النجوم التي كانت العرب تقول‏:‏ مُطِرْنَا بَنْوءِ كذا، أي بطلوع النجم أوْبسقوطه، على اختلاف بين أهل اللغة فيه‏.‏
2901- اقْشَعَرَّتْ مِنْهُ الذَّوائِبُ
ويقَال ‏"‏الدوائر‏"‏ وهما لا يقشعران إلا عند اشتداد الخوف، والدوائر‏:‏ جمع دائرة، وهي حيث اجتمع الشعر من جنب الفرس وصَدْره، ويقَال‏:‏ قد قَفَّ شَعْرُه من كذا، إذا قام من الفزع‏.‏
يضرب مثلاً للجبان‏.‏
2902- أقَصَّتْهُ شَعُوبُ
هي اسم للمنية، معرفة لا تدخلها الألف ‏[‏ص 108‏]‏ واللام، أي تَبِعَتْهُ داهية ثم نجا، قَال الفراء‏:‏ يُقَال قَصَّه الموت، وأقصّهُ أي دنا منه‏.‏
2903- أقْصَرَ لَمَّا أبْصَرَ
أي أمسك عن الطلب لما رأى سوء العاقبة
2904- قِيلَ لِلْشَّحْمِ‏:‏ أين تَذْهبْ‏؟‏ قَال‏:‏ أَُقَوِّمُ المُعْوَجَّ
يعني أن السمن يستر العيوب‏.‏ يضرب للئيم يستغني فيبجَّلُ ويعظم
2905- قَدْ هَلَكَ القَيْدُ وأوْدَى المِفْتَاحُ
يضرب للأمر الذي يفوت فلا يمكن إدْراكه، لأنه إذا ذهب القيد لم يجد المفتاح ما يفتحه
2906- الإِنْقِبَاضُ عَنِ النَّاس مَكْسَبَةٌ للْعَدَاوةِ، وإفرَاطُ الأنْسِ مَكْسَبَةٌ لِقُرَنَاء السُّوءِ
قَاله أكثمُ بن صيفي، قَال أبو عبيد يريد أن الاقتصادَ في الأمور أدنى إلى السلامة
يضرب في توسط الأمور بين الغُلُوّ والتقصير، كما قَال الشاعر‏:‏
إنْ كُنْتُ مُنْبَسِطاً سُمِّيْتُ مَسْخَرَةُ * أوْكُنْتُ مُنْقَبِضاً قَالوا بِهِ ثِقَلُ
وإن أُعَشِرْهُمُ قَالوا لِهيبَتِناَ * وإِنْ أُجَانِبْهُمُ قَالوا بِهِ مَللُ
2907- اقْصِدِى تَصيَدِى
يضرب في الحثِّ على الطلب
2908- قَتَلَ أرْضَاً عَالِمُهَا
أصلُ القتلِ التَّذْلِيلْ يُقَال‏:‏ قَتَلْتُ الخَمر، إذا مَزَجْتَها بالماء، قَال‏:‏
إنَّ الَّتي نَاوَلَتْنِي فَرَدَدْتُها * قُتِلَتْ قُتِلْتَ فَهَاتِها لَمْ تُقْتَلِ ‏(‏البيت لحسان بن ثابت ووقع في نسخة ‏"‏قتلت قتلت فهات من لم تقتلي‏"‏ وفي أخرى ‏"‏فهاتِ مالم تقتل‏"‏ وما آثرناه موافقَ لما في ديوانه ولما اشتهرت به الرواية‏.‏‏)‏
ويراد بالمثل أن الرجل العالم بالأرض عند سلوكها يُذَللُ الأرض ويغْلِبُها بعلمه‏.‏
يضرب في مدح العلم‏.‏ ويقَال في ضدده‏:‏
2909- قَتَلَتْ أرْضٌ جَاهِلَهَا
يضرب لمن يباشر أمراً لا عِلْم له به‏.‏ وأما قولهم ‏"‏قَتل فلان فلاناً‏"‏ فهو من القتالِ، وهو الجسمُ فكأنه ضَرَبَهُ وأصاب قَتَالَهُ، كما يُقَال ‏"‏ بطَنَه‏"‏ إذا أصاب بَطْنَهُ، ‏[‏ص 109‏]‏ و‏"‏أنَفَهُ‏"‏ إذا ضَرَب على انفْهِ، وكذلك ‏"‏ صَدَرَهُ، ورأسَه، وفَخَذه‏"‏ وهذا قياس، قَال ذو الرمة في أن القَتَالَ هو الجسم‏:‏
ألم تعْلَمِي يَا مَيِّى أنَّا وبيننا * مَهَاوْن يَدَعْنَ الجَلْس نُحْلاً قَتَالُها
‏(‏الجَلس - بالفتح - الغليظ من الأرض وجمل جلس وناقة جلس‏:‏ أي وثيق جسيم‏)‏
أي ناحلا جِسْمَهُا
2910- قَدْ تَرَهَيأ القَومُ
إذا اضطرَب عليهم أمرهم أوْرأيُهم، قَال أبو عبيدة‏:‏ ترَهيأَ الرجل في أمره، إذا هَمّ بها ثم أمْسَكَ وهو يُرِيدُ أن يفعلَه، وأصل قولِهم ‏"‏ترهيأ الجمل‏"‏ هو ان يكون أحد العِدْلَينِ أثْقَلَ من الآخَر، وإذا كان كذلك ظهر اضطرابهما، فصار مَثَلاً لفقد الاستقامة‏.‏
2911- قَدْ يُؤْتَى عَلَى يَدَيِ الحَرِيصِ
يُقَال ‏"‏أتى عليه‏"‏ إذا أهلكه، واليد‏:‏ عبارة عن التصرف؛ لأن أكثر تَصَرُّفِ الإنسان بها، كأنه قيل‏:‏ أتَتِ المقاديرُ على يديه فمنعته عن المقصود، ويجوز أن تكون اليدُ صِلَةً؛ فيكون قد يؤتى على الحريص، أي قد يَهْلِكُ الحريصُ
يضرب للرجل يُوقع نفسَه في الشر حرصاً وشَرَهَاً
2912- قَدْ كَادَ يَشْرَق بالرِّيقِ
يضرب لمن أشرف على الهلكة ثم نجا ومن لا يقدر على الكلام من الرُّعبِ
2913- قَدْ يُؤخَذْ الجَارُ بِذَنْبِ الجَارِ
مَثَلٌ إسلامي، وهو في شعر الحكمى ‏(‏الحكمى‏:‏ أبو ونواس‏)‏
2914- قَوْلُ الحَقِّ لَمْ يَدَعْ لِي صَدِيقاً
يروى عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه‏.‏
2915- قَدْ يُمْتَطَى الصَّعْبُ بَعْدَ ما رَمَحَ
هذا قريب من قولهم ‏"‏الضَّجُورُ قَدْ تَحْلُبُ العُلْبَةَ‏"‏
2916- قَامَةٌ تَنْمِي وَعَقْلٌ يَحْرِى
النَّماء‏:‏ الزيادة، يُقَال‏:‏ نَمَا يَنْمُو وَيَنْمِي، والحرى‏:‏ النقصان، يُقَال‏:‏ حَرَى يَحْرِى، قَال أبو نُخَيْلَةَ‏:‏
مَا زَالَ مُذْ كَانَ عَلَى أسْتِ الدَّهْرِ * ذَا حُمْقَ يَنْمِي وَعقْلٍ يَحرِى
يضرب للذي له مَنْظَر من غير مخبر
2917- قَدْ يُدْرِكُ المُبْطئ مِنْ حظِّهِ
هذا ضد قولهم ‏"‏آخرُهَا أقَلُّها شُرْبَاً‏"‏‏[‏ص 110‏]‏
2918- قِرْنُ الظَّهْرِ لِلْمَرْءَ شَاغِلٌ
أقرانُ الظهر‏:‏ الذين يجيئون من وَرَاء ظهرك في الحرب
2919- قَدْ كُنْتُ قَبْلَكِ مَقْرُورَةً
تزعم العرب أن الضَّبُعَ رأتْ ناراً من مكان بعيد، فقابلتها وأقْعَتْ، فِعْلَ المُصْطَلِى وقَالت‏:‏ قد كنت قبلك مقرورة
يضرب لمن يُسَرُّ بما لا يناله منه خير
2920- قَدْ رَكِبَ السَّيْلُ الدَّرَجَ
أي طريقَهُ المعهود
يضرب للذي يأتي الأمرَ على عهد ويروى ‏"‏قد عَلِمَ السيلُ الدَّرَجَ‏"‏ أي علم وجهه الذي يمر فيه ويمضي
2921- قَدْ طرًّقَتْ بِبِكْرِهَا أُمُّ طَبَقٍ
التطريق‏:‏ أن يَنْشَبَ الولَدُ في البطن فلا يَسْهُلُ خروجه، والبكر‏:‏ أول ما يولد، وأم طبق‏:‏ السُّلْحَفَاة، وهي اسم للداهية‏.‏
يضرب للأمر لا مَخْلَصَ منه
ويروى ‏"‏طَرَقَتْ‏"‏ بالتخفيف من قولهم ‏"‏طَرَقْتُه‏"‏ إذا اتيته ليلاً، يعني أتت الداهية ليلا بأمرٍ لم يُعْهَدْ مثلثه صعوبةً
2922- قِيلَ لِلْبَغْلِ‏:‏ مَنْ أبُوكَ‏؟‏ قَال‏:‏ الفَرَسُ خَالِي
يضرب للمُخْلِّط
2923- قَدْ ءَفَتْنِي‏؟‏‏؟‏ سيرتي وَأطَّتْ
يضرب لمن يشفقَ ويعطف عليك
2924- قَدْ فَكَّ وَفَرَجَ
يُقَال‏:‏ فَكَّ الرجلُ يُفَكُّ فُكُوكاً فهو فَاكٌّ، إذا استَرْخَى فَكُّه هَرَمَاً، وكذلك فَرَجَ
من قولهم‏:‏ قَوْسٌ فارِجٌ وفَرِيج، إذا بان وتَرُهَا عن كبدها، ويروى فَرَجَ وفَرَّجَ يضرب للشيخ قد استرخى لَحْيَاهُ هَرَمَاً

B-happy 3 - 3 - 2010 10:53 PM



2925- قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمْ حَرْبُ دَاحِسٍ وَالغَبْرَاءِ
قَال المفضل‏:‏ داحسٌ فرسُ قيسِ بن زهير ابن جَذِيمة العَبسي، والغَبْرَاء‏:‏
فرسُ حُذيفة ابن بَدْر الفَزَاري، وكان يُقَال لحذيفة هذا ‏"‏رب معد‏"‏ في الجاهلية، وكان من حديثهما أن رجلاً من بني عبس يُقَال له قِرْوَاش بن هنى كان يُبَارِي حمْلَ بن بَدْر أخا حذيفة في داحس والغبراء، فَقَال حَمَلَ‏:‏ الغبراءُ أجود، وقَال قرواش‏:‏ داحس أجود، فتَرَاهنا عليهما عشرا في عشر، فأتى قِرْوَاش قيسَ بن زهير فأخبره، فَقَال له قيس‏:‏ راهنْ مَنْ أحببت وجَنَّبْني بني بدر؛ فإنهم يظلمون لقدرتهم على الناس في أنفسهم، وأنا نَكِد أباء، فَقَال قِرْوَاشِ‏:‏ إني قد أوجَبْتُ الرهان، فَقَال قيس‏:‏ ويْلَكَ‏!‏ ما أردت إلا أشأم أهل ‏[‏ص 111‏]‏ بيت، والله لتشعلن علينا شراً، ثم إن قيساً أتى حَمَلَ بن بدر فَقَال‏:‏ إني قد أتيتك لأواضِعَكَ الرهان عن صاحبي، فَقَال‏:‏ لا أواضعكَ أو تجئ بالعَشْر، فإن أخذتُها أخذتُ سَبَقِي، وإن تركتها رَدَدْتُ حقا قد عرفته لي وعرفته لنفسي، فأحْفَظَ قيساً، فَقَال‏:‏ هي عشرون، قَال حَمَلَ‏:‏ هي ثلاثون، فتلاجَّا وتَزايَدَا حتى بلغ به قيسٌ مائةً ووضع السبق على يدي غلاق، أو ابن غلاق أحد بني ثعلبة ابن سعد، ثم قَال قيس‏:‏ وأخيرك بين ثلاث فإن بدأت فاخترت فلى منه خصلتان، قَال حمل‏:‏ فابدأ، قَال قيس‏:‏ فإن الغاية مائة غَلْوة وإليك المِضْمَار ومنتهى الميطان - أي حيث يوطن الخيل للسبق - قَال‏:‏ فَخَرَّ لهم رجل من محارب فَقَال‏:‏ وقع البأس بين ابنى بَغِيض، فضمروها أربعين ليلة، ثم استقبل الذي ذَرَعَ الغاية بينهما من ذات الإصَاد، وهي ردهة وَسَطَ هَضْب القَليب، فانتهى الذرع إلى مكان ليس له اسم، فقادوا الفرسين إلى الغاية وقد عطَّشوهما
وجعلوا السابق الذي يرد ذاتَ الإصاد وهى مَلأى من الماء، ولم يكن ثمَّ قصبة ولا غيرها، ووضع حمَل حَيْسا في دِلاء وجعله في شعب من شِعَاب
هَضْب القَلِيب على طريق الفرسين، فسمى ذلك الشعب ‏"‏شعب الحَيْسِ‏"‏ لهذا وكمن معه فتيانا فيهم رجل يُقَال له زهير بن عبد عمرو، وأمرهم إن جاء داحس سابقا أن يردُّوا وَجْهه عن الغاية، وأرسلوهما من منتهى الذرع، فلما طلعا قَال حَمَل‏:‏ سَبَقْتُكَ يا قيس، فَقَال قيس‏:‏ بعد اطِّلاع إيناسٌ
فذهبت مَثَلاً، ثم أجدَّا فَقَال حمل‏:‏ سبقتك يا قيس، فَقَال‏:‏ رويداً يَعدون الجَدد، أي يتعدينه إلى الوَعث والخَبَار، فذهب مَثَلاً، فلم دنوا وقد برز داحس قَال قيس‏:‏ جَرْىُ المُذْكِيات غِلاب، ويقَال ‏"‏غِلاء‏"‏ كما يتغالى بالنبل، فذهبت مَثَلاً، فلما دنا من الفتية وثب زهير فلَطَمَ وَجْه داحس فردَّه عن الغاية، ففي ذلك يقول قيس ابن زهير‏:‏
كَمَا لاَقَيْت مِنْ حَمَلِ بْنِ بَدْرِ * وإخْوَتِهِ عَلَى ذاتِ الإصَادِ
هُمُ فَخَرُوا عَلَى بَغَيْرِ فَخْرٍ * وَرَدُّوا دُونَ غَايَتِهِ جَوَادِى
فَقَال قيس‏:‏ يا حذيفة‏:‏ أعْطُوني سَبقِي، قَال حذيفة خدعتك، فَقَال قيس‏:‏ تَرَكَ الخِدَاعَ مَنْ أجْرَى مِن مِائِةٍ، فذهبت مَثَلاً، فَقَال الذي وضعا السَّبْقَ
على يديه لحذيفة‏:‏ إن قيسا قد سَبَق، وإنما أردت أن يُقَال‏:‏ سَبَق حذيقة، وقد قيل، أفأدفع إليه سبقه‏؟‏ قَال نعم، فدفع إليه الثعلبي السبق، ثم إن عركى بن عميرة وابن عَمٍّ له من فَزارة نَدَّمَا ‏[‏ص 112‏]‏ حُذَيفة وقَالا‏:‏ قد رأى الناس سبقَ جوادك، وليس كل الناس رأى أن جَوَادهم لُطم، فَدَفْعُكَ السبقَ تحقيقٌ لدعواهم، فاسلُبْهُمْ السبق فإنه أقصر باعا وأكلُّ حَدَّا من أن يردك،
قَال لهما‏:‏ ويلكما أراجع فيهما متندما على ما فَرَطَ‏؟‏ عَجْزٌ والله، فما زالا
به حتى ندم فنَهَى حميصة بن عمرو حذيفة وقَال له‏:‏ إن قيساً لم يسبقك إلى مَكْرُمة بنفسه، وإنما سبَقَتْ دابةٌ دابةً فما في هذا حتى تدعى في العرب
ظلوما‏؟‏ قَال‏:‏ أمَّا إذا تكلمت فلا بدَّ من أخذِه، ثم بعث حذيفة ابنه أبا قرفة إلى قيس يطلب السبق، فلم يصادفه، فَقَالت له امرأته، هر بنت كعب‏:‏ ما أحبَّ أنك صادفت قيساً، فرجع أبو قرفة إلى أبيه فأخبره بما قَالت، فَقَال‏:‏ والله لتعودَنَّ إليه، ورجَع قيس فأخبرته امرأته الخبر فأخذت قَيساً زفراتٌ، فأقبل متقلّباً ولم ينشَبْ أبو قرفة أن رجع إلى قيس فَقَال‏:‏ يقول أبي‏:‏ أعطِنِي سَبْقي، فتناول قيس الرمح فطعنه فدق صُلبه، ورجعت فرسه عائرة، فاجتمع الناس، فاحتملوا دية أبي قرفة مائة عُشَراء، فقبضها حًذيفة وسَكن الناس، فأنزلها على النفرة حتى نتجها ما في بطونها‏.‏
ثم إن مالك بن زهير نزل اللقاطة - وهي قريب من الحاجر - وكان نكح من بني فَزَارَة امرَأة فأتاها فبنى بها وأخبره حذيفة بمكانه، فعدَا عليه فقتله وفي ذلك يقول عنترة‏:‏
لله عَيْنَا مَنْ رَأى مِثْلَ مالك * عَقِيرَةَ قَوْمٍ أن جَرَى فَرَسَانِ
فَلْيَتهُمَا لم يَجْرِ يَا نِصْفَ غَلْوَةٍ * وليتهما لم يُرْسَلاَ لِرِهَانِ
فأتت بنو جذيمة حذيفة‏:‏ فَقَالت بنو مالك بن زهير لمالك بن حذيفة‏:‏ رُدُّوا علينا مالنا، فأشار سنان ابن أبي حارثة المّرىّ على حذيفةَ أن لا يرد أولادها معها، وأن يرد المائة بأعيانها، فقال حذيفة‏:‏ أرد الإبل بأعيانها ولا أرد النَّسلَ، فأبوا أن يقبلوا ذلك، فَقَال قيس بن زهير‏:‏
يَوَدُّ سِنَان لو يُحارب قَوْمَنَا * وفي الحربِ تَفْرِيقَ الجَمَاعةِ وَالأزْلُ
يَدُبُّ وَلا يَخْفَى ليُفْسِدَ بَيْنَنَا * دَبِيباً كما دَبَّتْ إلى جُحرِها النَّمْلُ
فيا ابنَيْ بَغِيضٍ رَاجعَا السَّلْمَ تَسْلَمَا * ولا تشْمِتَا الأعداء يَفْتَرقَ الشَّمْلُ
وإن سبيلَ الحربِ وَعْرُ مُضِلَّةٌ * وإن سبيل السِّلْم آمنةٌ سَهْلُ
قَال‏:‏ والربيع بن زياد يومئذ مجاورُ بني فزَارة عند امرأته، وكان مُشَاحناً لقيس في درعه ذي النور كان الربيع لَبِسَها فَقَال‏:‏ ما أجودَهَا، أنا أحقَ بها منك، وغَلَبه ‏[‏ص 113‏]‏ عليها، فأطرَدَ قيس لَبُوناً لبني زياد، فعارض بها عبد الله بن جدعان التَّيمي بسِلاح، وفي ذلك يقول قيس بن زهير‏:‏
لَمْ يأتِيك وَالأنباءُ تَنْمِي * بِمَا لاَقتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ
وَمَحْبِسُهَا لَدَى القُرْشِيِّ تُشْرَى * بأفْراسٍ وَأسْيَافٍ حِدَادِ
فلما قتلوا مالك بن زهير تَوَاحَوْا بينهم، فَقَالوا‏:‏ ما فعل حماركم‏؟‏ قَالوا‏:‏ صدناه، قَال الربيع‏:‏ ما هذا الوحى‏؟‏ إن هذا الأمر ما أدرى ما هو، قَالوا‏:‏ قتلنا مالك بن زهير قَال‏:‏ بئسما فعلتم بقومكم، قبلتم الدية ورضيتم، ثم عَدَوْتُم على ابن عمكم وصهركم وجاركم فقتلتموه وغدرتم، قَالوا‏:‏ لولا أنك جارٌ لقتلناك، وكانت خفرة الجار ثلاثاً، فقالوا‏:‏ لك ثلاثة أيام، فخرج، وأتبعوه فلم يدركوه حتى لحقَ بقومه، وأتاه قيس بن زهير، فصالحه ونزل معه، ثم دسَّ أمةً له يُقَال لها رعية إلى الربيع تنظر ما يعمل، فدخلت بين الكفاء والقصد لتنظر أمحارب هو أم مسالم، فأتته امرأته تعرض له وهي على طُهْر فَزَجَرَها ‏(‏في نسخة ‏"‏فدحرها‏"‏ والمعنى واحد‏)‏ وقَال لجاريته‏:‏ اسقِينِي، فلما شرب أنشأ يقول‏:‏
مُنِعَ الرُّقَادَ فَمَا أُغَمِّضُ حَارِي * جَلَلٌ مِنَ النَّبَأِ المُهِمّ السَّارِى
مَنْ كَانَ مَحْزُوْنَاً بمَقْتَلِ مَالِكٍ * فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ
يَجِدِ النِّسَاءَ حَوَاسِراً يَنْدُبْنَهُ * يَلْطُمْنَ أوجُهَهُنَّ بالأسْحَارِ
أفَبَعْدَ مَقْتَلِ مَالِكِ بنِ زهير * تَرجُو النِّسَاء عَوَاقِبَ الأطْهِارِ
فأتت رعية قيساً فأخبرته خبر الربيع، فَقَال‏:‏ أنت حرة، فأعتقها، وقَال وثقت بأبي منصور، وقَال قيس‏:‏
فإنْ تَكُ حَرْبُكَمْ أمْسَتْ عَوَانَاً * فإنِّي لَمْ أكُنْ مِمَّنْ جَنَاهَا
وَلكنْ وُلْدُ سَوْدَةَ أرَّثُوهَا * وَحَشُّوا نَارَهَا لِمَنْ اصطَلاَهَا
فإنِّي غَيْرُ خَاذِلِكُمْ‏.‏ ولكِنْ * سَأسْعَى الآنَ إذْ بَلَغَتْ مَدَاهَا
ثم قاد بني عبس وحُلفاؤهم بني عبد الله بن غَطَفان يوم ذي المريقب إلى بني فزَارة ورئيسهم إذ ذاك حُذِيفة بن بَدْر، فالتقوا؛ فقتل أرطاة أحد بني مخزوم من بني عبس عوف بن بدر، وقتل عنترة ضمضما ونَفَراً ممن لا يعرف اسمهم، وفي ذلك يقول‏:‏
وَلَقَدْ خَشِيتُ بأنْ أمُوتَ وَلَمْ تَكُنْ * لِلحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنِي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمَى عِرْضِي وَلَمْ أشتمهما * وَالنَّاذِرَينْ إذا لَمَ القَهُمَا دَمِي ‏[‏ص 114‏]‏
إن يَفْعَلاَ فَلَقَدْ تَرْكْتُ أبَاهُمَا * جَزْرَ السِّبَاعِ وَكُلِّ نَسْرٍ قَشْعَمِ
وقَال‏:‏
ولَقَدْ عَلِمْتُ إذا التَقَتْ فُرْسَانُنَا * بِلِوَى المُريقِبِ أنَّ ظَنَّك أحمقُ
يوم ذي حسى
ثم إن بني ذُبيَان تجمَّعوا لما أصاب بنو عَبْس منهم أصابُوا، فَغَزَوْا - ورئيسهم حذيفة بن بدر - بني عبس وحلفاءهم بنى عبد الله بن غطفان ورئيسهم الربيع بن زياد، فتوافَوا بذي حسى، وهو ‏[‏من‏]‏ وادي الهَبَاءة في أعلاه، فهزمت بنو عبس، واتبعتهم بنو ذُبْيَان حتى لحقوهم بالمغيقة - ويقَال‏:‏ بغيقة - فَقَال‏:‏ التفاني أو تقيدونا، فأشار قيس على الربيع بن زياد أن يماكرهم، وخاف إن قاتلوهم أن لا يقوموا لهم، وقَال‏:‏ إنهم ليسوا في كل حين يتجمعون، وحذيفة لا يستنفر أحداً لاقتداره وعُلُوِّه، ولكن نعطيهم رَهَائن من أبنائنا فندفع حَدَّهم عنا، فإنهم لن يقتلوا الوالدان ولن يصلوا إلى ذلك منهم مع الذين نضعهم على يديهم، وإن هم قتلوا الصبيان فهو أهونُ من قتل الآباء، وكان رأى الربيع مُناجزتهم فَقَال‏:‏ يا قيس أتَنْفُخُ سَحْرَكْ‏؟‏ وملأ جَمْعُهم صَدْرَكْ، وقَال الربيع‏:‏
أقُولُ ولم أمْلِكْ لِقَيسٍ نَصِيحَةً * أرى مَا يَرَى والله بالغيبِ أعْلَمُ
أنُبْقِي على ذُبْيَانَ مِنْ بَعد مَالِكٍ * وَقَدْ حَشَّ جَانِبي الحَرْبِ نَارَاً تَضَرَّمُ
وقَال قيس‏:‏ يا بني ذُبْيان خُذوا منا رهائن ما تطلبون ونرضاكم إلى أن تنظروا في هذا، فقد ادعيتم ما نعلم وما لا نعلم، ودعونا حتى نتبين دعواكم، ولا تعجلوا إلى الحرب، فليس كل كثير غالباً، وضَعوا الرهائن عند مَن ترضون به ونرضى به، فقبلوا ذلك، وتَرَاضوا أن تكون الرهائن عند سبيع بن عمرو الثعلبي، فدفعوا إليه عِدَةً من صبيانهم وتكافَّ الناسُ، فمكثوا عند سبيع حتى حضَره الموتُ فَقَال لابنه مالك‏:‏ إن عندك مكرمة لن تبيد إن احتفظت بهؤلاء الأغَيْلِمَةَ وكأني بك لو قد مُتُّ أتاك خالُكَ حذيفة - وكانت أم مالك أخت حذيفة - يَعْصِرُ عينيه ويقول‏:‏ هلك سيدُنا، ثم يخدعك عنهم حتى تدفعهم إليه فيقتلهم ثم لا تَشْرُف بعدها أبداً، فإن خفت ذلك فاذهب بهم إلى قومهم، فلما ثقل سبيع جعل حذيفة يبكي ويقول‏:‏ هلك سيدُنا، فلما هلك طاف بمالك وعَظَّمَه ثم قَال‏:‏ أنا خالك وأسنُّ منك، فادفع إليَّ هؤلاء الصبيان، يكونون عندي إلى أن ننظر في أمرنا، فإنه قبيح أن تملك ‏[‏ص 115‏]‏ على شيئاً، ولم يزل به حتى دفعهم إليه، فلما صاروا عنده أتى بهم اليعمرية - وهو ماء بوادٍ من بطن نخل - وأحضَرَ أهلَ الذين قتلوا، فجعل يبرز كل غلام منهم فينصبه غَرَضَاً ويقول له‏:‏ نادِ أباك، فينادي أباه، فلم يزل يرميه حتى يخرقه، فإن مات من يومه ذاك وإلا تركه إلى الغد ثم يفعل به مثل ذلك حتى يموت، فلما بلغ ذلك بني عبس أتوْهُمْ باليعمرية، فقتلت بنو عبس من بني ذبيان اثنى عشر رجلا، منهم مالك ويزيد ابنا سبيع، وعركى بن عميرة، وقَال عنترة في قتل عركى‏:‏
سَائِلْ حُذَيْفةَ حِينَ أرَّشَ بَيْنَنَا * حَرْباً ذَوَائِبُها بِمَوْتٍ تَخْفِقُ
‏(‏في ديوان عنترة ‏"‏حين أرث بيننا‏"‏‏)‏
وَاُسْأَلْ عُمَيْرَةَ حِيْنَ أجْلَبَ خَيْلُهَا * رفضا غرين بأيِّ حَيٍّ تَلْحَقُ
يوم الهَبَاءة
ثم إنهم تجمَّعوا فالتَقَوْا إلى جفر الهَبَاءة في يوم قائظ، فاقتتلوا من بُكْرة حتى انتصف النهار، وحجَزَ الحر بينهم، وكان حذيفة يحرقَ ركوب الخيل فخذيه، وكان ذا خَفْض، فلما تحاجزوا أقبل حذيقة ومَنْ كان معه إلى جَفْر الهباءة ليتبرَّدُوا فيه، فَقَال قيس لأصحابه‏:‏ إن حذيفة رجل محرق الخيل نازه
وإنه مستنقع الآن في جَفْر الهباءة هو وإخوته، مانْهَضُوا فاتبعوهم، فنهضوا وأتوهم، ونظر حصن بن حُذيفة إلى الخيل - ويقَال‏:‏ عُيَينة بن حصن - فبَعِلَ ‏(‏بعل - على مثال فرح - دهش وفرق‏)‏ وانْحَدر في الجَفر، فَقَال حَمَل بن بدر‏:‏ مَنْ أبغَضُ الناس إليكم أن يقف على رؤسكم‏؟‏ قَالوا‏:‏ قيس والربيع، قَال‏:‏ فهذا قسي قد جاءكم، فلم يَنْقَضِ كلامُه حتى وقف قيس وأصحابه على شفير الجفر، وقيسٌ يقول‏:‏ لبيكم لبيكم - يعني الصبية - وفي الجفر حذيفة و مالك وحَمَل بنو بدر، فَقَال حمل‏:‏ نَشَدْتك الرحم يا قيس، فَقَال قيس‏:‏ لبيكم لبيكم، فعرف حذيفة أن لنْ يدَعهم، فَنَهَرَ حَمَلاً وقَال‏:‏ إياك والمأثور في الكلام، وقَال حذيفة‏:‏ بنو مالك بمالك، وبنو حمل بذي الصبية، ونردُّ السَّبْق، قَال قيس‏:‏ لبيكم لبيكم، قَال حذيفة لئن قتلتني لا تصطلح غَطفان أبدا، قَال قيس‏:‏ أبعَدكَ الله‏!‏ قتلُكَ خيرٌ لغطفان، سيربع على قدره كل سيد ظلوم، وجاء قِرْوَاش بني هنى من خلف حذيفة، فَقَال له بعض أصحابه‏:‏ احذر قرواشا - وكان قد رباه فظن أنه سيشكر ذاك له - قَال‏:‏ خَلُّوا بين قرواش وظهري، فنزع له قرواش بِمِعْبَلَةٍ ‏(‏المعبلة‏:‏ النصل الطويل العريض‏)‏ فقصم بها صُلبه، وابتدره الحارث بن زهير وعمرو بن الأسلع ‏[‏ص 116‏]‏ فضرباه بسيفهما حتى ذَفَّفَا عليه، وأخذ الحارث بن زهير سيفَ حذيفة ذا النون - ويقَال‏:‏ إنه كان سيف مالك بن زهير، أخذه حذيفة يوم قتل مالك - ومَثُّلُوا بحذيفة فقطعوا مَذَاكِيره فجعلوها في فمه وجعلوا لسانه في اسْتِهِ، ورمى جنيدب بن زيد مالك بن بدر بسهم فقتله، وكان نذر ليقتلَنَّ بابنه رجلا من بني بدر، فأحلَّ به نذره، وقتل مالك بن الأسلع الحارث بن عوف بن بدر بابنه،
واستصغَروا عُيَيْنة بن حصن فخَلَّوا سبيله، وقتَل الربيع بن زياد حملَ بن بدر، فَقَال قيس بن زهير يرثيه‏:‏
تَعَلَّمْ أَنَّ خَيْرَ النَّاس طُرّاً * عَلَى جَفْر الهَبَاءةِ لاَ يَرِيمُ
فَلَوْلاَ ظُلْمه مَازِلْتُ أبْكِى* عَلَيْهِ الدَّهْرَ مَا طَلَعَ النُّجُومُ
وَلَكِنَّ الفَتَى حَمَلَ بنَ بَدْرٍ * بَغَى، وَالبَغْيُ مَرْتَعُهُ وَخِيمُ
أظُنُّ الحِلْمَ دَلَّ عَلَى قَوْمِي * وَقَدْ يُسْتَجْهَلُ الرَّجُلُ الحَلِيمُ
ألاقِي مِنْ رِجَالٍ مُنْكَرَاتٍ * فأنْكُرُها وَمَا أنا بالظَّلُومِ
‏(‏هذا البيت ساقط من أكثر المراجع، وفيه الإقواء‏.‏‏)‏
وَمَارَسْتُ الرجَالَ وَمَا رَسُونِي * فَمُعْوَجٌ عَلَىَّ وَمُسْتَقِيمُ
وقَال زبان بن زياد يذكر حذيقة وكان يحسد سؤدده‏:‏
وإنَّ قَتِيلاً بالهَبَاءة في اسْتِهِ * صَحِيْفَتُهُ إنْ عَادَ لِلْظُلْمِ ظَالِمُ
مَتَى تَقْرَؤها تَهْدِكُمْ مِنْ ضَلاَلكُمْ * وَتُعْرَفْ إذا ما فُضَّ عَنْهَا الخَوَاتِمُ
فإن تسألوا عَنْهَا فَوَارِسَ دَاحِسٍ * يُنْبِئُكَ عَنْهَا مِنْ رَوَاحَةَ عَالِمُ
ونعى ذلك عقيل بن عُلَّقَة عَلَى عويف القوافي حين هاجاه فَقَال‏:‏
ويُوقِدْ عَوْفٌ للعشيرة نارَهَا * فَهَلاَّ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءة أوقَدَا
فإنَّ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءةِ هامَةً * تُنَادِي بَنِي بَدْرٍ وَعاراً مُخَلَّدَا
وإنَّ أبا وَرْدٍ حُذَيفَةَ مُثْفَر * بأيْرٍ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءَ أسْوَدَا
وقَالت بنت مالك بن بدر ترثى أباها‏:‏
إذا هَتَفَتْ بالرَّقْمَتَيْنِ حَمَامًةٌ * أوْالرَّسِّ فابْكِي فَارِسَ الكَتفَانَ
أحلَّ بِهِ أمسَ الجنيدبُ نَذْرَهُ * وَأيُّ قَتِيلٍ كان فِي غَطَفَانِ‏؟‏
يوم الفَرُوق
فلما أصيبت يوم الهبَاءة استعظمت غَطَفَان قتل حُذِيفة، وكبر ذلك عندها، ‏[‏ص 117‏]‏
فتجَّمَعُوا، وعرفت بنو عبس أن لا مقام لهم بأرض غَطَفان، فخرجت متوجهة نحو اليمامة يطلبون أخوالهم، وكانت عبلة بنت الدؤل بن خنيفة أم رَوَاحة، فأتوا قتادة بن سلمة، فنزلوا اليمامة زميناً، فمر قيس ذات يوم مع قتادة فرأى قَحِفَاً فَضَرَبَه برجله وقَال‏:‏ كم من ضَيْم قد أقررتَ به مخافةَ هذا المصرع ثم لم تنشل منه، فلما سمعها قتادة كرهَهَا، وأوْجَسَ منه، فَقَال‏:‏ ارتحِلوا عنا، فارتحلوا حتى نزلوا هَجَر ببني سعد زيد مَنَاة بن تميم، فمكثوا فيهم زميناً، ثم إن بني سعد أتوا الجونَ ملكَ هَجَرَ فَقَالوا له‏:‏ هل لك في مُهْرة شوهاء، وناقة حمراء، وفتاة عذراء‏؟‏ قَال‏:‏ نعم، قَالوا‏:‏ بنو عبس غارُّونَ تُغِير عليهم مع جندك وتُسْهِم لنا من غنائمهم، فأجابهم، وفي بني عبس امرَأة من سعدِ ناكحٌ فيهم، فأتاها أهلُها ليضموها، وأخبروها الخبر، فأخبرت به زوجَهَا، فأتى قيساً فأخبره، فاجمعوا على أن يرحلوا الظعائن وما قوى من الأموال من أول الليل ويتركوا النار في الرِّثَّة ‏(‏الرثة - بالكسر - السقط من المتاع والخلقان‏.‏‏)‏، فلا يستنكر ظعنهم عن منزلهم، وتقدم الفُرْسان إلى الفَرُوق، فوقفوا دون الظُّعنُ، وبين الفروق وسوق هجر نصف يوم، فإن تبعوها قاتلوهم وشَغَلوهم حتى تعجل الظُعنُ، ففعلت ذلك، وأغارت جنود الملك مع بني سعد في وَجْه الصبح، فوجَدُوا الظُّعُن قد أسْرَيْنَ ليلتهن، ووجدوا المنزل خَلاَء فاتَّبَعُوا القَوم حتى انتهوا إلى الخيل بالفَرُوق، فقاتلوهم حتى خلوا سربهم، فمضوا حتى لحقوا بالظُّعن، فساروا ثلاثة أيام ولياليهن حتى قَالت بنت قيس لقيس‏:‏ يا أبتِ أتسير الأرض، فعلم أن قد جُهِدْنَ، فَقَال‏:‏ أنِيخُوا، فأناخوا، ثم ارتحل، وفي ذلك يقول عنترة‏:‏
ونحنُ مَنَعْنَا بالفَرُوقَ نِسَاءَنَا * نُطْرَفُ عَنْهَا مُشعلاتٍ غَوَاشِيا
خَلَفْنَا لَهَا والخَيْلُ تَدْمِ نُحُورُها * نُفَارِقكُمْ حَتَى تَهُزُّوا العَوَالِيا
ألم تَعْلَمُوا أنَّ الأسِنَّةَ أحْرَزَتْ * بَقِيَّتَنَا لَوْ أنَّ لِلْدَّهْرِ بَاقِيا
وَنَحْفَظْ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَنَتَّقِي * عَلَيْهِنَّ أنْ يَلْقَيِنَ يَوْماً مَخَازِيا
فلحقوا ببني ضبة، وزعموا أن مالك بن بكر بن سعد وعَبْسَاً أخَوَان لأم، ويقَال لهما‏:‏ ابنا ضخام، فكانوا فيهم زميناً، وأغارت ضبة - وكانت تميم تأكلهم قبل أن يترببوا - فاغاروا على بني حنظلة، فاستاق رجل من بني عبس امرَأة من بني حَنْظَلة في يوم قائظ حتى بَهَرَها ولهثت، فَقَال رجل من بني ضبة‏:‏ ارْفُقْ بها، فَقَال العبسي‏:‏ ‏[‏ص 118‏]‏ إنك بها لَرَحِيم‏؟‏ فَقَال الضبي‏:‏ نعم، فاهوى العبسي لعجزها بطرف السنان، فنادت‏:‏ يا آل حَنْظَلة، فشدَّ الضبي على العبسي فقتله، وتنادى الحيان، ففارقتهم عبس، فمرت تريد الشأم، وبلغ بني عامر ارتفاعهم إلى الشأم، فخافوا انقطاعهم من قيس، فخرجت وفود بني عامر حتى لحقتهم، فدعتهم إلى أن ترجعوا ويحالفوهم، فَقَال قيس‏:‏ يا بني عَبْس، حالِفُوا قَوْمَاً في صبابة بني عامر ليس لهم عَدَدْ فيبغُوا عليكم بعَدَدهم، فإن احتجتم أن يقوموا بنصرتكم قامت بنو عامر، فخالفوا معاوية بن شكل، فمكثوا فيهم، ثم إن شاعراً - يُقَال‏:‏ إنه عبد الله ابن همام أحد بنى عبد الله بن غطفان، ويقَال‏:‏ إنه النابغة الذبياني - قَال‏:‏
جَزَى الله عَبْسَاً عَبْسَ آلِ بغيض * جَزَاء الكِلابِ العَاوِياتِ وَقَدْ فَعَلْ
بِمَا انْتَهَكُوا مِنْ رَبِّ عدنان جَهْرَةً * وَعُوف يُناجِيهمْ وَذَلِكُمُ جَلَلْ
فَأصْبَحتُم وَالله يَفْعَل ذَلكُمْ * يعزكم مَوْلَى مَوَاليكم شكل
فلما بلغ قيساً قَال‏:‏ ماله قاتله الله أفسد علينا حِلْفُنا‏؟‏ فخرجوا حتى أتوا بني جعفر بن كلاب، فَقَالوا‏:‏ نكره أن تتسامع العرب أنا حالفناكم بعد الذي كان بيننا وبينكم، ولكنهم حلفاء بني كلاب، فكانوا فيهم حتى كان يوم جَبَلة فتَهايجوا في شأن ابن الجون، قتله رجل من بني عَبْس بعد ما كان أعتقه عوف بن الأحوص، فَقَال عوف‏:‏ يا بني جعفر إن بني عبس أدنى عدوكم إليكم، إنما يجمعون كُرَاعهم، ويُحِدُّون سلاحهم، ويأسونَ قُرُوحهم، فأطيعوني وشُدُّوا عليهم قبل أن يندملوا، وقَال‏:‏
وإنِّي وَقَيْسَاً كَالْمُسَمَّنِ كَلْبَهُ * فَخَدَّشَهُ أنْيابُهُ وَأظْافِرُه
فلما بلغ ذلك بنى عبس أتوا ربيعة بن قُرْط أحد بني أبي بكر بن كلاب، فخالفوه، فَقَال في ذلك قيس‏:‏
أحاوِلُ ما أحاوِلُ ثم آوى * إلى جَارٍ كَجَارِ أبي دُوَادِ
مَنِيعٍ وَسْطَ عكرمَةَ بنِ قَيْسٍ * وَهُوبٍ لِلْطَّرِيفِ وِللْتَّلادَ
كَفَاني مَا خَشِيتُ أبُو هِلاَلٍ * رَبِيعَةُ فَانْتَهَيْتُ عَنِ الأعادِى
تظّلّ جِيادُهُ يَسْرينَ حَوْلِي * بذَاتِ الرمثِ كالحِدَإ العَوَادِي
يوم شعواء
ثم إن بني ذبيان غَزَوْا بني عامر وفيهم بنو عبس في يوم شَعْواء، وفي يوم آخر، ‏[‏ص 119‏]‏ فأسر طلحةُ بن سنان قرواشَ بن هنى، فنسبه، فكنى عن نفسه، فَقَال‏:‏ أنا ثور بن عاصم البكائي، فخرج به إلى أهله، فلما انتهى إلى أدنى البيوت عرفته امرَأة من أشجع أمها عبسية كانت تحت رجل من فَزَارة، فَقَالت لزوجها‏:‏ إني أرى أبا شريح، قَال‏:‏ وَمَنْ أبو شريح‏؟‏ قَالت‏:‏ قرواش بن هنى أبو الأضياف مع طلحة بن سنان، قَال‏:‏ ومن أين تعرفينه‏؟‏ قَالت‏:‏ يتمت أنا وهو من أبوينا فربَّانا حذيفة في أيتام غَطَفان، فخرج زوجُها حتى أتى خزيم بن سنان فَقَال‏:‏ أخبرتني امرأتي أن أسيرَ طلحة أخيك قِرْوَاش بني هنى، فأتى خزيمٌ طلحةَ فأخبره، فَقَال‏:‏ لا تغرني على أسيرى لتلبسه مني قَال خزيم‏:‏ لم أرد ذلك، ولكن امرَأة فلان عرفته فاسمع كلامها، فأتوها فَقَال طلحة‏:‏ ما علمكَ أنه قرواش‏؟‏ قَالت‏:‏ هو هو، وبه شامةٌ في موضع كذا فرجعوا إليه ففتشُوه فوجدوا الذي ذكرَت، قَال قرواش‏:‏ مَنْ عَرَفَني‏؟‏ قَالوا فلانة الأشجَعِية وأمها عَبْسِية‏؟‏ قَال‏:‏ ربَّ شر حملته عَبْسية، فذهبت مَثَلاً، ودفع إلى حصن فقتله، فَقَال النابغة الذبياني‏:‏
صبراً بَغِيضُ بن رَيْثٍ إنَّهَا رَحم * حُبْتُم بِهَا فَأَنَاخَتكُم بِجَعْجَاجِ
‏(‏حبتم بها‏:‏ ارتكبتم الحوب، وهوا لإثم‏)‏
فَمَا أشْطَّت سميٌّ إن هم قَتَلُوا * بَنِي أسِيد بِقَتْلَى آلِ زِنْبَاعِ
كَانَتْ قُروض رِجَالٍ يَطْلبُون بِهَا * بَنِي رَوَاحَةَ كَيلَ الصَّاعِ بالصَّاعِ
‏(‏أقمنا ميل هذه الأبيات عن ديوان النابغة‏)‏
سمى‏:‏ هو ابن مازن بن فزارة‏.‏ ولم تزل عبس في بني عامر حتى غزا غَزْيٌّ من بني عامر يوم شواحط بني ذبيان، فأسر منهم ناس أحدهم أخو حنبص الضبابي، أسَرَهُ رَجلُ من بني ذبيان، فلما نفِدَتْ أيام عكاظ استودعه يهوديَّاُ خمَّاراً من أهل تيْمَاء فوجَدَه اليهودي يخلفه في أهله، فأجبَّ مذَاكِيره، فمات، فوثب حنبص على بني عبس، فَقَال‏:‏ إن غطفان قتل أخي فَدُوه، فَقَال قيس‏:‏ إن يدي مع أيديكم على غطفان ومع هذا فإنما وَجَدَهُ اليهودي مع امرأته، فَقَال حنبص‏:‏ والله لو قَتَلَتهُ الريح لوَدَيْتُمُوه، فَقَال قيس لقومه‏:‏ دُوه وألحقُوا بقومكم، فالموت في غطفان خير من الحياة في بني عامر وقَال‏:‏
لَحَا الله قَوماً أرَّثُوا الحربَ بَيْنَنا * سَقُوْنَا بِهَا مُرَّاً من الماء آجِنَا
وكَايَدَ ذَا الخِصْيينِ إن كانَ ظالِماً * وإن كُنتَ مظلوماً وإن كانَ شَاطِنا
فهَلاَّ بني ذبيانَ أمُّكَ هَابِلٌ * رَهَنَتْ بِفَيْفِ الرِّيح إن كُنتَ رَاهِناً ‏[‏ص 120‏]‏
فلما ودَّتْ عَبْس أخَا حنبص خرجَتْ حتى نزلت بالحارث بن عوف بن أبي حارثة، وهو عند حصن ابن حذيفة، جاء بعد ساعةِ من الليل، فقيل‏:‏ هؤلاء أضيافك ينتظرونك، قَال‏:‏ بل أنا ضيفهم، فحَيَّاهم وهشَّ إلبهم، وقَال‏:‏ مَنْ القَوم‏؟‏ قَالوا‏:‏ إخْوَتُك بنو عَبْس وذكروا ما قَالوا، فأقروا بالذنب، فَقَال‏:‏ نَعَمْ وكرامة لكم، أكلم حِصْنَاً، فرجع إليه، فقيل لحصن‏:‏ هذا أبو أسماء، قَال‏:‏ ما رده إلا أمر، فدخل الحارث فَقَال‏:‏ طرقْتُ في حاجة يا أبا قَيْس، قَال‏:‏ أُعطِيتَهَا، قَال‏:‏ بنو عَبْس، وَجَدْتُ وفُودَهم في منزلي، قَال حصن‏:‏ صالِحُوا قومَكم، أما أنا فلا أدى ولا أتَّدِى، قَدْ قَتَلْتْ آبائي وعُمومتي عشرين من بني عبس، فما أدركت دماءهم، ويقَال‏:‏ انطلقَ الربيعُ وقيس إلى يزيد بن سِنَان بن أبي حارثة، وكان فارسَ بني ذبيان، فَقَالا‏:‏ انْعَمْ ظلاماً أبا ضمرة، قَال‏:‏ نِعِمَ ظلامُكما، فَمَنْ أنتما‏؟‏ قَالا‏:‏ الربيع وقيس، قَال‏:‏ مرحَبَاً، قَالا‏:‏ أردنا أن تأتي أباك فتعيننا عليه لعله يَلُمُّ الشَّعْثَّ ويَرْأب الصَّدْع، فانطلقَ معها، فَقَال لأبيه‏:‏ هذه عبس قد عَصَبت بِكَ رجاء أن تلائم بين ابنى بغيض، قَال‏:‏ مرحباً قد آن للأحلام أن تَثُوب، وللأرحام أن تنقى، إني لا أقدر على ذلك إلا بحِصْن حُذيفة وهو سيدٌ حليم، فائْتُوه، فأتوا حِصْناً فَقَال‏:‏ مَنِ القوم‏؟‏ قَالوا‏:‏ ركبان الموت، فعَرَفهم، قَال‏:‏ بل ركبان السلم، مرحباً بكم، إن تكونوا اخْتَلَلْتُمْ إلى قومكم لقد اختلَّ قومُكم إليكم، ثم خرج معهم حتى أتوا سِنانَاً فَقَال له حصن‏:‏ قُمْ بأمر عَشيْرتك وارأب بينهم فإني سأعينُكَ، فاجتمعت بنو مرة، فكان أول مَنْ سعى في الحَمَالة حَرْمَلَهُ بن الأشعر، ثم مات فَسَعى فيها ابنه هاشمُ بن حَرْمَلَه الذي يقول فيه القائل‏:‏
أحْيَا أباهُ هَاشِمُ بْنْ حَرْمَلَهْ * يَوْمَ الهَبَاتَيْنِ وَيَوْمَ اليَعْمَلَهْ
تَرَى المُلُوكَ حَوْلَهُ مُغَرْبَلَهْ‏(‏1‏)‏ * يَقْتُلُ ذَا الذَّنْبِ وَمَنْ لا ذَنْبَ لَهْ
‏(‏1‏)‏ ‏(‏في العقد* ترى الملوك حوله مرعبله*‏)‏
يوم قطن
ولما حمل الحاملات وتراضى أبناء بَغِيض اجتمعت عَبْسٌ وذبيان بقطن، وهو من الشربة، فخرج حُصَين بن ضَمْضَمْ يَخلى فرسهُ، وهو آخذ بمرسنها، فَقَال الربيع بن زياد‏:‏ مالي عهد بحُصَين بن ضَمْضَمْ مذ عشرين سنة، وإني لأحسبه هذا، قم يا بيحَان‏(‏2‏)‏ ‏(‏في بعض الأصول ‏"‏تيحان‏"‏ وفي بعضها ‏"‏تيجان‏"‏‏)‏ فادْنُ منه ونَاطِقْه فإن في لسانه حُبْسة، فقام يكلمه، فجعل حصين يدنو منه ‏[‏ص 121‏]‏ فلا يكلمه، حتى إذا أمكنه جال في متن فرسه ثم وَجَّهَهَا نحوه، فلحقه قبل أن يأتي القوم فقتله بأبيه ضَمْضَمْ، وكان عنترة قتله، وكان حصين آلى أن لا يمس رأسَه غسلٌ حتى يقتل بأبيه بيحان، فانحازت عبس وحلفاؤها، وقَالوا‏:‏ لا نصالحكم ما بلَّ بحرٌ صُوفَةً، وقد غَدَرَتْ بنا بنو مرة، وتناهضَ الحيان، ونادى الربيع بن زياد‏:‏ مَنْ يبارز‏؟‏ فَقَال سنان وكان يومئذ واجدا على ابنه يزيد‏:‏ ادعوا لي ابني، فأتاه هرم بن سنان فَقَال‏:‏ لا، فأتاه ابنه خارجة فَقَال‏:‏ لا، وكان يزيد يَحْزم فرسه ويقول‏:‏ إن أبا ضمرة غير غافل، ثم أتاه فبرز للربيع، وسَفَرت بينهم السفراء، فأتى خارجة بن سنان أبا بيجان بابنه فدفعه إليه، وقَال‏:‏ هذا وفاء من ابنك‏؟‏ قَال اللهم نعم فكان عنده أياماً ثم حمل خارجة لأبي بيجان مائتي بعير، فأدّي مائة وحط عنه الإسلام مائة، فاصطلحوا وتعاقدوا وفي ذلك يقول خارجة بن سنان‏:‏
أعتبت عن آل يربوع قتيلَهُمُ * وكُنْتُ أدْعَى إلى الخيرات أطْوَارَا
أعتبتُ عَنْهُمْ أبا بيجان أرسنها * وُرْدَاً ودُهْمَاً كمثل النَّخْل أبْكَاراً
وكان الذي ولى الصلح عوف ومعقل ابنا سبيع بن عمرو من بني ثعلبة، فَقَال عوف بن خارجة بن سنان‏:‏ أما إذ سبقَنى هذان الشيخان إلى الحمالة فهلُمَّ إلى الظل والطَّعام والحملان، فأطعم وحمل، وكان أحد الثلاثة يومئذ، فصدَرُوا على الصلح بعد ما امتدت الحرب بينهم سنين، قَال المؤرجُ السدوسي‏:‏ أربعين سنة‏.‏
يضرب مَثَلاً للقوم وقَعُوا في الشر يبقى بينهم مدة‏.‏


الساعة الآن 11:55 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى