![]() |
البروتستانت التعريف: فرقة من النصرانية احتجوا على الكنيسة(*) الغربية باسم الإنجيل(*) والعقل(*)، وتسمى كنيستهم بالبروتستانتية حيث يعترضون (Protest) على كل أمر يخالف الكتاب وخلاص أنفسهم، وتسمى بالإنجيلية أيضاً حيث يتبعون الإنجيل دون سواه، ويعتقدون أن لكل قادر الحق في فهمه، فالكل متساوون ومسؤولون أمامه. التأسيس وأبرز الشخصيات: الكنيسة البروتستانتية حركة(*) إصلاحية بدأت في الكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عشر متأثرة بدعوات الإصلاح السابقة لها، ومن ثَمَّ تحولت من حركة إصلاحية داخل الكنيسة إلى حركة عقائدية مستقلة ومناهضة لها، ومن أبرز المؤسسين: • مارتن لوثر: ولد لوثر سنة 1483م في ألمانيا، وعاش في بيئة نصرانية تشيع فيها الخرافات والمعتقدات الزائفة. - وفي عام 1405م نال شهادة أستاذ في العلوم من جامعة إيرمورت ولكنه لم يُتم دراسته القانونية وتحول بعدها إلي الدراسات اللاهوتية، فدخل إلى دير الرهبان (*) الأوغسطنين. ـ في عام 1507م عُين قسيساً(*) لرعاية كنيسة كنتبرج بألمانيا. - في عام 1510م دفعته نزعته الدينية وإخلاصه للكنيسة(*) ورجالها إلي أن يحج إلي روما ليتبرك بالمقر الرسولي في روما، حيث منَّى نفسه برؤية القديسين والزهاد من الرهبان (*) والكرادلة(*). ولكن ما إن حل في روما حتى هاله ما رأى من دعاوى: غفران الذنوب، وامتلاك سر التوبة، وحق منح صكوك الغفران، وتفشِّي مظاهر الفساد والانحلال الخلقي في الطبقات العليا من الكنيسة بوجه أخص. ومن ثم عاد إلي ألمانيا خائباً رجاؤه، ومستنكراً ما رأى، وأصبح منشغلاً بوضع خطة لإصلاح الكنيسة. - في عام 1517م أرسل البابا(*) ليو العاشر مندوبه الراهب حمنا تتزل لبيع صكوك الغفران في ألمانيا، فما أن يعلن عنها ويبالغ في أمرها حتى ثار عليه لوثر، وكتب في معارضته وثيقَته الشهيرة التي تتضمن خمسة وتسعين مبدأ في معارضة الكنيسة وعلقها على باب كنيسة القلعة. في الوقت الذي نشط في تأليف الكتب التي تعلن مبادئه، والتي أصبحت حديث الطبقة المتعلمة في ألمانيا مما زاد في التفاف الناس حوله، ولهذا كله أصدر البابا قراراً بحرمانه في عام 1520م. - عندما تلقي لوثر القرار بحرمانه، قام بتحريض من بعض الأمراء الألمان من أصحاب دعوى الانفصال عن الإمبراطورية بحرقِه في وسط الجموع الحاشدة في وتنبرج، التي أصبحت جامعتها المهد الأساسي للتعاليم اللوثرية في ألمانيا. - في عام 1520م بعد ما أظهر مارتن لوثر تأييداً للنزعة القومية في الدولة الألمانية في تولي إدارة كنيستها، عقدت الكنيسة في روما مجمعاً قضى بمحاكمة لوثر أمام محكمة التفتيش لكنه هرب إلي قلعة وارتبورج، وفيها ترجم العهد الجديد(*) إلى الألمانية، ثم شرع في ترجمة الكتاب المقدس كله، لكنه لم يتمه وعاد إلي وتنبرج مرة أخري. - في عام 1529م أراد الإمبراطور تنفيذ قرارات الحرمان ضد مارتن لوثر، فأعلن حكام الولايات الإنجيلية في ألمانيا في مجلس سبير في 19 نسيان أنهم مستعدون لطاعة أوامر الإمبراطور والمجلس في كل القضايا الواجبة إلا التي تتعارض مع الكتاب المقدس أو التي لا يوجد لها نص فيه، وبالتالي رفضوا تسليم لوثر لمندوبي الإمبراطور. - عندما رأى لوثر صعوبة تحقيق دعوة دعوة الإصلاح الكَنَسِيّ كرَّس كل جهده لقضايا الإيمان في الكنائس(*)الإنجيلية الناشئة. توفي لوثر في بلدة وتنبرج عام 1546م مخلِّفاً مجموعة من الكتب والمؤلفات التي تؤصِّل قواعد دعوته. الروخ هولدريخ زوينجلي: 1484-1531م: ولد ونشأ في سويسرا وأصبح قسيساً(*) وأحد دعاة حركة الإنسانية التي بدأت مع عصر النهضة(*) الأوربية. دعا إلى نفس المبادئ التي دعا إليها مارتن لوثر، وبدأ دعوته في زيوريخ بسويسرا، وقد قاوم استعمال الطقوس والصور والتماثيل في الكنائس كما عارض فكرة عزوبة رجال الأكليروس(*)، وحبذ المسئولية الفردية في المعتقد. لاقت دعوة زوينجلي التأييد من السلطات الحكومية في مدينة زيوريخ، فشاعت لذلك دعوته وأصبح زعيماً للبروتستانت في جنوب ألمانيا ومعظم سويسرا. في عام 1529م وفي مدينة ماربورج التقى زوينجلي بمارتن لوثر وتناقشا حول إصلاح الكنيسة(*) واختلفا حول فرضية أو سر العشاء الرباني(*)، كما اختلفا في أسلوب معارضة الكنيسة الكاثوليكية، حيث استخدم زوينجلي القوة في سبيل نشر مبادئه ابتداءً من الحظر التجاري الذي فرضه على بعض المقاطعات الكاثوليكية في شرقي سويسرا، حتى القتال والصدام مع رجال الكنيسة(*) الذي قُتل فيه وهُزم أتباعه في كاييل عام 1531م. ذابت تعاليم زوينجلي في تعاليم جون كالفن التي ارتكز في بعضها على عقيدته. جون كالفن: 1509-1564م: ولد ونشأ في فرنسا وتثقف بثقافة قانونية لكنه مال عنها إلى الدراسة اللاهوتية، فتأثر بآراء مارتن لوثر دون أن يقابله بواسطة بعض أقاربه وبعض أساتذته. شارك في إعداد خطاب ألقاه نيكولاس كوب مدير جامعة السربون بفرنسا التي كانت مركزاً لأكثر علماء الكاثوليكية، والذي يتضمن شرحاً لآراء مارتن لوثر؛ مما أغضب آباء الكنيسة(*) عليه فاضطر إلى الهرب إلى جنيف في سويسرا. بعد أن عاد في الحادي والعشرين من مايو 1534م إلى مدينة نويون مسقط رأسه سلّم كهنةَ (*) كاتدرائيتها(*) كل شارات الامتياز الأكليريكية الخاصة به، ثم هرب بصحبة نيكولاس كوب إلى جنيف في سويسرا مرة أخرى. في عام 1535م شارك كلفن في حوار دعا إليه المبشرون المصلحون مع الأساقفة(*) الكاثوليك في المدينة الذي انتهى بانسحاب الكاثوليك، مما مكن دي فاريل صديق كلفن الحميم من الاستيلاء على الكنائس(*) الرئيسية الثلاثة في المدينة: كنيسة سان بيتر، الحميم من الاستيلاء على الكنائس(*) الرئيسية الثلاثة في المدينة: كنيسة سان بيتر، المجدلية، سان جرفيز؛ وتحويلها إلى كنائس إنجيلية أو بروتستانتية. استغل كلفن استقراره في جنيف في تنظيم وتقنين مبادئ زعماء الإصلاح وعلى رأسهم مارتن لوثر، وظهرت له مؤلفات وكتابات عديدة في ذلك، ولذلك فإنه يعد أحد مؤسسي المذهب(*) البروتستانتي. خالف كالفن لوثر في سر – فرضية- العشاء الرباني(*) من حيث كيفية حضور المسيح(*) العشاء رغم اتفاقهما على عدم استحالة الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح. عدل كلفن عن فكرة لوثر في إشراف الحكومة على الكنائس، لما رأى ما يحدث للبروتستانت في فرنسا، وطالب بأن تحكم الكنيسة نفسها بنفسها، وعلى الحاكم المدني أن يساعدها ويحميها، مما كان سبباً في انقسام الكنيسة الإنجيلية إلى لوثرية وكلفينية (الإصلاحية – الكلفينية). تميزت حركته(*) بالانتشار في فرنسا، فأصبحت الدين(*) الرسمي في اسكتلندا كما امتدت إلى المقاطعات شرق سويسرا، واعتنقها معظم سكان المجر، يقول فيشر: "أصبحت أكثر أشكال الإصلاح البروتستاني اتساعاً". تأسست جمهورية هولندا عام 1669م على مبادئ البروتستانت الكليفنية بعد الحرب الدامية بين الكاثوليك والبروتستانت. نتيجةً للحرية(*) الفردية في فهم وتفسير الكتاب المقدس لكل فرد من المؤمنين بالمذهب(*) البروتستانتي انقسمت الحركة(*) البروتستانتية إلى كنائس(*) عديدة، وطوائف مختلفة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حسب إحصائيات عام 1982م يوجد 76.754.009 بروتستانتي ينتمون إلى 200 طائفة إنجيلية. ومن أهم الكنائس البروتستانتية: الكنيسة اللوثرية: وقد بدأ إطلاق هذه التسمية على المؤمنين بأفكار معتقدات مارتن لوثر في القرن السادس عشر وذلك رغم مقاومة لوثر نفسه لهذه التسمية، وأصبحت جامعة وتنبرج المهد الأساسي لها. اهتم مارتن لوثر بقضايا الإيمان، وترك الأمر الإداري للكنيسة(*) لغيره يقوم به، لكنه عيَّن بعض المراقبين ليتعاونوا مع حكام الدولة في الأقضية، وبذلك كان أول ظهور لنظام السينودس. ارتبطت اللوثرية في ألمانيا ارتباطاً وثيقاً بالحالة السياسية منذ أن دعا لوثر إلى إشراف الدولة على الكنيسة، ولذلك فإن الحكومة الألمانية تدخلت أكثر من مرة لحل الخلافات بين أعضاء الكنيسة أو للاتفاق مع كنائس المصلحة. كان لظهور الكنائس المعمدانية في القرن السابع عشر أثرها في إثارة الخلافات بين البروتستانت مرة أخرى. في زمن فريدريك وليم الثالث ملك بروسيا تم الاتحاد بين الكنائس اللوثرية والمصلحة، ومنها تشكلت الكنيسة القديمة، غير أن جماعة كبيرة من اللوثرية لم تنضم إلى هذه الكنيسة وعرفوا باللوثريين القدماء. في عام 1923م تأثرت الكنيسة بالنظام النازي في ألمانيا حيث حاول صبغ الكنيسة الألمانية بصبغة قومية، فجرى توحيد 28 كنيسة مصلحة ولوثرية على أساس أن الدم الآري أحد المؤهلات العضوية لهذه الكنيسة القومية العنصرية. وقد تناول هذا التأثير العقائد والمبادئ أيضاً، مما مهَّد لقيام ثورة(*) من آلاف القسوس(*) البروتستانت من بينهم مارتن تيمولر للمطالبة بتشكيل السينودس الذهبي. في عام 1934م عارض السينودس الذهبي تدخل الدولة في شئون الكنيسة بل رفض ذلك رفضاً حاسماً. في عام 1935م أنشأت الحكومة وظيفة وزير الدولة للشئون الكنسية، وخوَّلت له سلطات مطلقة على الكنيسة الإنجيلية الألمانية. انتشرت في عام 1936م حركة(*) الإيمان الألماني التي تحالفت مع الفلسفة(*) الوثنية(*) الجديدة. بعد الحرب العالمية الثانية ألغت الكنيسة(*) الإنجيلية دستورها المُوصَى به من النازية لعام 1933م، وبدأت تنظيم نفسها من جديد. والكنيسة اللوثرية هي كنيسة الدولة في الدنمارك وأيسلندا والنرويج والسويد وفنلندا. يصدر الاتحاد اللوثري العالمي مجلة اللوثرية العالمية بالألمانية والإنجليزية. الكنائس المصلحة: وإن كان يُقصد بها بوجه عام جميع الكنائس البروتستانتية إلا أنه من الناحية التاريخية تقتصر على الكنائس البروتستانتية التي يرتكز أصلها على عقائد كلفن وعلى أساس النظام الكنسي المشيخي(*) الذي تركِّز فيه السلطات على سلسلة مجالس من الشيوخ العلمانيين ورجال الأكليروس، وتنزع إلى الشكل البسيط في العبادة. وقد قويت هذه الكنائس في إنجلترا في القرن السادس عشر وخصوصاً في اسكتلندا وشمال أيرلندا، وسميت كنائس سويسرا وهولندا وعدد من كنائس ألمانيا بالمصلحة، كما توجد بالولايات المتحدة الأمريكية كنائس تحمل لقب المصلحة. الكنائس الأسقفية: تطلق الكنيسة الأسقفية عند الإطلاق على الكنيسة الإنجليزية ويتبعها في أمريكا عدد من الكنائس الأسقفية، وتتبع هذه الكنائس النظام الأسقفي على أنه نظام إلهي خلافاً لسائر الفرق البروتستانتية، وذلك في تعيين أو اختيار أو عزل القساوسة(*)، والشمامسة(*)، أو تدشين الأراضي والأبنية الدينية، وإدارة تركات الموتى لحين وجود وصي شرعي للميت. ويلقب أساقفة(*) إنجلترا بلقب لورد حيث يُعتَبرون من أشراف المملكة، ويرأس ملوك إنجلترا الكنيسة الإنجليزية، وبذلك يعينون الأساقفة الذين يتم انتخابهم من القسوس بعد ذلك، ورئيس أساقفة كانتربري هو رأس الكنيسة، ويليه في المرتبة رئيس أساقفة يورك، أما أساقفة الولايات المتحدة الأمريكية فينتخبهم نواب من قسوس الأسقفية وأهاليها قبل عرضهم على مجمع الأساقفة أو على مجمع نواب مؤلف من السينودس والأهالي. الصهيونية المسيحية: كان لليهود المهاجرين من أسبانيا إلى أوربا وبخاصة فرنسا وهولندا أثرهم البالغ في تسرب الأفكار اليهودية إلى النصرانية من خلال حركة الإصلاح، وبخاصة الاعتقاد بأن اليهود شعب الله المختار، وأنهم الأمة المفضلة، كذلك أحقيتهم في ميراث الأرض المباركة. في عام 1523م أصدر مارتن لوثر كتاب عيسى وُلِد يهوديًّا متأثراً فيه بالأفكار الصهيونية. وفي عام 1544م أصدر لوثر كتاباً آخر فيما يتعلق باليهود وأكاذيبهم. كانت هزيمة القوات الكاثوليكية وقيام جمهورية هولندا على أساس المبادئ البروتستانتية الكالفينية عام 1609م بمثابة انطلاقة للحركة(*) الصهيونية المسيحية(*) في أوربا، مما ساعد على ظهور جمعيات(*) وكنائس(*) وأحزاب(*) سياسية عملت جميعاً على تمكين اليهود من إقامة وطن قومي لهم في فلسطين. ومن أبرز هذه الحركات: الحركة البيوريتانية التطهيرية التي تأسست على المبادئ الكالفينية بزعامة السياسي البريطاني أوليفر كروميل 1649-1659م الذي دعا حكومته إلى حمل شرف إعادة إسرائيل إلى أرض أجدادهم حسب زعمه. في عام 1807م أُنشئت في إنجلترا جمعية لندن لتعزيز اليهودية بين النصارى وقد أطلق أنطوني إشلي كوبر اللورد ريرل شانتسبري 1801-1885م، أحد كبار زعمائها شعار: "وطن بلا شعب لشعب بلا وطن" الأمر الذي أدى إلى أن يكون أول نائب لقنصل بريطانيا في القدس وليم برنج أحد أتباعها، ويعتبر اللورد بالمرستون وزير خارجية بريطانيا 1784-1765م من أكبر المتعاطفين مع أفكار تلك المدرسة الصهيونية المسيحية وأيضاً فإن تشارلز. هـ. تشرشل الجد الأعلى لونستون تشرشل – رئيس الحكومة البريطانية الأسبق – أحدُ كبار أنصارها. انتقلت الصهيونية المسيحية إلى أمريكا من خلال الهجرات المبكرة لأنصارها نتيجة للاضطهاد الكاثوليكي، وقد استطاعت تأسيس عدة كنائس هناك من أشهرها الكنيسة المورمونية. يعتبر سايسروس سكلوفليد 1843م الأب اللاهوتي للصهيونية المسيحية في أمريكا. لعبت تلك الكنائس(*) دوراً هامًّا في تمكين اليهود من احتلال فلسطين واستمرار دعم الحكومات الأمريكية لهم – إلا ما ندر – من خلال العديد من اللجان والمنظمات والأحزاب(*) التي أنشئت من أجل ذلك ومن أبرزها: الفيدرالية الأمريكية المؤيدة لفلسطين التي أسسها القس(*) تشارلز راسل عام 1930م، واللجنة الفلسطينية الأمريكية التي أسسها في عام 1932م السناتور روبرت واضر، وضمَّت 68 عضواً من مجلس الشيوخ، و200 عضواً من مجلس النواب وعدد من رجال الدين الإنجيليين، ورفعت هذه المنظمات شعارات: الأرض الموعودة، والشعب المختار. وفي العصر الحديث تعتبر الطائفة التدبيرية التي يبلغ عدد أتباعها 40 مليون نسمة تقريباً والمعروفة باسم الأنجلو ساكسون، البروتستانت البيض من أكثر الطوائف مغالاة في تأييد الصهيونية، وفي التأثير على السياسة الأمريكية في العصر الحاضر. ومن أشهر رجالها اللاهوتيين: بيل جراهام، وجيري فولويل، جيمي سويجارت. ومن أبرز رجالها السياسيين الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان. اهتمت الكنيسة البروتستانتية بنشر الإنجيل(*) في أوروبا وأمريكا منذ القرن الثامن عشر والتاسع عشر، ثم تطور عملها في شكل منظمات وإرساليات، ووضعت اللوائح والقوانين المنظمة لها وكذلك الميزانيات اللازمة. ومن ثم انتقل العمل التبشيري البروتستانتي إلى القارتين الأفريقية والآسيوية، وبخاصة التي كانت تستعمرها الدول الغربية ذات العقيدة البروتستانتية. ومن أوائل الذين قادوا حركة(*) التبشير: جوف وسلي، ووليام ولبرفورس، ووليام كيري، أبو المبشرين في العصر الحديث. الأفكار والمعتقدات: تؤمن الكنائس البروتستانتية بنفس أصول المعتقدات التي تؤمن بها الكنيسة الكاثوليكية، ولكنها تخالفها في بعض الأمور، ومنها ما يلي: الخضوع لنصوص الكتاب المقدس وحده، حيث إن الكتاب المقدس بعهديه هو دستور الإيمان وعليه تقاس قرارات المجامع السابقة وأوامر الكنيسة(*)؛ فيقبل ما يوافقه فقط، يقول لوثر: "يجب أن يكون الكتاب المقدس مرجعنا الأخير للعقيدة أو أداء الشعائر". عدد أسفار(*) العهد القديم(*) ستة وستون سفراً وهي الأسفار القانونية، أما باقي الأسفار وعددها أربعة عشر، فتسميها الأبوكريفيا أي غير الصحيحة فلا تعترف بها. كما لا تؤمن الكنائس(*) البروتستانتية بعصمة البابا(*) أو رجال الدين، وتهاجم بيع صكوك الغفران حيث ترى أن الخلاص والفوز في الآخرة لا يكون إلا برحمة الله وكرمه وفي الدنيا في الالتزام بالفرائض والكرازة – التبشير بالإنجيل(*). إن القديسيين لقب يمكن أن يوصف به كل إنسان نصراني(*) حيث إن القداسة في فهمهم ليست في ذات الشخص ولكنها مقام يصل إليه. ترفض البروتستانتية مرتبة الكهنوت حيث إن جميع المؤمنين بها كهنة(*)، وليس هناك وسيط ولا شفيع بين الله والإنسان سوى شخص المسيح(*) لأنه جاء في معتقدهم رئيساً للكهنة، كما لا تؤمن بالبخور والهيكل. تؤمن بسرين فقط من أسرار – فروض – الكنيسة وهما سرّا – المعمودية(*)، والعشاء الرباني(*)، على خلاف بينهم في كيفية حضور المسيح سر العشاء. لا تؤمن بالصوم كفريضة بل هو سنة حسنة، ولا يطلق إلا على الإمساك عن الطعام مطلقاً فقط. كما لا تؤمن بالأعياد التي تقيمها الكنائس الأخرى. الصلاة ليس لها مقدار محدد، كما أنه ليس من الحتم الالتزام بحرفية الصلاة الربانية؛ ولذلك يجيزون الصلاة بلغة غير مفهومة كاللاتينية التي تستعملها الكنائس الكاثوليكية. لا تؤمن الكنيسة البروتستانتية بنظام الرهبنة(*). الكهنوت درجتان فقط هما: القسوسية(*)، الشمامسة(*)، الراعي هو الأسقف(*)، والرئاسة تكون بمجمع السنودس لا لفرد. منع البروتستانت اتخاذ الصور والتماثيل في الكنائس والسجود لها، معتقدين أن ذلك منهي عنه في التوراة(*). تؤمن بعض الكنائس الإنجيلية – الصهيونية – أن شرط المجيء الثاني للمسيح هو إقامة دولة إسرائيل في فلسطين. الجذور الفكرية والعقائدية: • نصوص الكتاب المقدس، وبخاصة نصوص العهد القديم(*). • الديت الوثنية(*). • الفف(*)الأفلاطونية الحديثة. • الأفكار والمبادئ الصهيونية والتلمودية. • يعتقد بعض الباحثين أن الإصلاحات التي نادت بها حركة الإصلاح ونتج عنها البروتستانتية قد تأثرت بالإسلام. الانتشار ومواقع النفوذ : تنتشر الكنائس(*) البروتستانتية في:ألمانيا، هولندا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، سويسرا، الدنمارك، وتوجد أقليات بروتستانتية في باقي الدول الأخرى. يتضح مما سبق: لا تختلف الكنائس البروتستانتية عن باقي الكنائس النصرانية سواء في الإيمان بإله(*) واحد مثلث الأقانيم(*) الأب (*)، الابن(*)، الروح القدس(*) تثليث (*) في وحدة، أو وحدة في تثليث، حسب افترائهم. أو في الإيمان في عقيدة الصلب والفداء وتقديس الصليب. كانت لحركات(*) الإصلاح البروتستانتية الأثر الكبير في كشف عورات الكنيسة(*) الكاثوليكية، وفي فضح سلوك القائمين عليها. كما أنها أفسحت المجال أمام العلماء والمفكرين وعامة المؤمنين بالكنيسة في حق فهم الكتاب المقدس، وبالتالي كسرت احتكار رجال الدين لهذا الأمر، مع ما نشأ عن ذلك من آثار سلبية عديدة على النصرانية بوجه عام وعلى الكتاب المقدس بوجه خاص، حيث تعرض للنقد الشديد والتشكيك في صحة نصوصه. مع أن البروتستانت قرروا حرية البحث والنظر في الأمور الاعتقادية، إلا أنهم حرمَّوها فيما بعد كالكاثوليك، بل وأصبحت حرية(*) الفكر عندهم مقتصرة فقط على نقد رجال الكنيسة الكاثوليكية. فقد عذبوا رجالاً من أجل عقائدهم مثل سرفيتوس الأسباني، ومنعوا كتباً من النشر لأنها تحوي في نظرهم ما لا يتفق وتعاليم الكتاب المقدس. يقول هربرت فيشر في أصول التاريخ الأوروبي الحديث عن لوثر: "لم يكن يؤمن بالبحث الحر ولا بالتسامح". وينقل غوستاف لوبون في كتابه روح الثورات والثورة(*) الفرنسية تصريحاً للوثر بأنه لا يجوز للنصارى أن يتبعوا غير ما جاء في الكتاب المقدس. وعن موقف حركة(*) الإصلاح الديني من العلم، يقول أ. وولف في كتابه عرض تاريخي للفلسفة(*) والعلم: "أما من حيث حركة(*) الإصلاح الديني فإن المصلحين كانوا لا يقلُّون تعصباً عن رجال الكنيسة(*) الكاثوليكية إن لم يزيدوا عليها". ولذلك فإنهم هاجموا النظريات العلمية واضطهدوا من يقول بها، ويقول كلفن بعد أن أعلن كفر (*) من يقول بدوران الأرض: "مَن مِن الناس يجرؤ على أن يضع سلطة كوبر نيكوس فوق سلطة الروح القدس(*)؟". لم يكن اضطهاد العلماء في تلك الفترة بأقل من اضطهاد الفلاسفة. فكما حاربت البروتسانتية النظريات العلمية المخالفة لنصوص الكتاب المقدس، كذلك حاربت العقل(*) واضطهدت الفلاسفة أمثال آرازموس الذي حاول التوفيق بين العقل والكتاب المقدس. يذكر ديورانت في قصة الحضارة تصريحات للوثر تبين تطرفه في إنكار العقل حيث يقول: "أنت لا تستطيع أن تقبل كلاً من الإنجيل(*) والعقل، فأحدهما يجب أن يفسح الطريق للآخر" ويقول: "إن العقل أكبر عدو للدين(*)". نتيجة للحروب بين الكنيستين البروتستانتية والكاثوليكية، واضطهاد العلماء وقتلهم، وقتل الروح العلمية والفكرية، وتطرُّف زعماء حركة الإصلاح البروتستانتي في ذم العقل، أدى ذل كله إلى ظهور الأفكار المناوئة للدين، وتعالت الصيحات الإلحادية(*) التي تطالب بحرية(*) الفكر وسيادة العقل، واعتباره المصدر الوحيد للمعرفة، وأيضاً المناداة بفصل الدين(*) عن الدولة. استطاع اليهود تهويد بعض الكنائس البروتستانتية، وتسريب الأفكار الصهيونية، وإنشاء أحزاب(*) وكنائس تتبناها وتدعو إليها من خلال ما يعرف بالصهيونية المسيحية(*). وللحقِّ فإن هناك من داخل الكنيسة الإنجيلية في أمريكا مَنْ وقف لهم بالمرصاد مثل: المجلس الوطني للكنائس المسيحي(*)، الذي يضم 34 طائفة يبلغ عدد أتباعها نحو الأربعين مليون شخص. وتتعاطف الكنائس(*) الإنجيلية: المشيخية(*)، المنهجية(*)، المعمدانية(*)، الأسقفية، بنسب متفاوتة مع هذا الاتجاه. يتبـــع ----------> |
النصرانية وما تفرع عنها من مذاهب النصرانية التعريف: هي الرسالة التي أُنزلت على عيسى عليه الصلاة والسلام، مكمِّلة لرسالة موسى عليه الصلاة والسلام، ومتممة لما جاء في التوراة(*) من تعاليم، موجهة إلى بني إسرائيل، داعية إلى التوحيد والفضيلة والتسامح، ولكنها جابهت مقاومة واضطهاداً شديداً، فسرعان ما فقدت أصولها، مما ساعد على امتداد يد التحريف إليها، فابتعدت كثيراً عن أصولها الأولى لامتزاجها بمعتقدات وفلسفات(*) وثنية(*). التأسيس وأبرز الشخصيات: مرت النصرانية بعدة مراحل وأطوار تاريخية مختلفة، انتقلت فيها من رسالة منزلة من عند الله تعالى إلى ديانة(*) مُحرَّفة ومبدلة، تضافر على صنعها بعض الكهان(*) ورجال السياسة، ويمكن تقسيم هذه المراحل كالتالي: • المرحلة الأولى : النصرانية المُنزَّلة من عند الله التي جاء بها عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام: - هي رسالة أنزلها الله تعالى على عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام إلى بني إسرائيل بعد أن انحرفوا وزاغوا عن شريعة موسى عليه السلام، وغلبت عليهم النزعات المادية(*). وافترقوا بسبب ذلك إلى فرق شتى، فمنهم من يؤمن بأن غاية الإنسان هي الحياة الدنيا، حيث لا يوم آخر، ولا جنة ولا نار، ومنهم من يعتقد أن الثواب والعقاب إنما يكونان في الدنيا فقط، وأن الصالحين منهم يوم القيامة سيشتركون في ملك المسيح(*) الذي يأتي لينقذ الناس، ليصبحوا ملوك العالم وقضاته. كما شاع فيهم تقديم القرابين والنذور للهيكل رجاء الحصول على المغفرة، وفشا الاعتقاد بأن رضا الرهبان(*) ودعاءهم يضمن لهم الغفران. لذا فسدت عقيدتهم وأخلاقهم، فكانت رسالته ودعوته عليه الصلاة والسلام داعية إلى توحيد الله تعالى حيث لا رب غيره ولا معبود سواه، وأنه لا واسطة بين المخلوق والخالق سوى عمل الإنسان نفسه، وهي رسالة قائمة على الدعوة للزهد في الدنيا، والإيمان باليوم الآخر وأحواله، ولذا فإن عيسى عليه الصلاة والسلام كان موحِّداً على دين(*) الإسلام ملة(*) إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين. - المبلِّغ: عيسى ابن مريم عليه السلام، أمُّه البتول مريم ابنة عمران أحد عظماء بني إسرائيل، نذرتها أمها قبل أن تحمل بها لخدمة المسجد، وكفلها زكريا أحد أنبياء(*) بني إسرائيل وزوج خالتها، فكانت عابدة قانتة لله تعالى، حملت به من غير زوج بقدرة الله تعالى، وولدته عليه السلام في مدينة بيت لحم بفلسطين، وأنطقه الله تعالى في المهد دليلاً على براءة أمه من بهتان بني إسرائيل لها بالزنا، فجاء ميلاده حدثاً عجيباً على هذا النحو ليلقي بذلك درساً على بني إسرائيل الذين غرقوا في الماديات، وفي ربط الأسباب بالمسببات، ليعلموا بأن الله تعالى على كل شيء قدير. - بُعث عيسى عليه السلام نبيًّا إلى بني إسرائيل، مؤيَّداً من الله تعالى بعدد من المعجزات(*) الدالة على نبوته، فكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله. ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله. كما كان يخبر الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم بإذن الله. وقد أيده الله هو وحواريِّيه(*) بمائدة من السماء أنزلها عليهم لتكون عيداً لأولهم وأخرهم. - تآمر اليهود على قتله برئاسة الحبر الأكبر (كايافاس) وأثاروا عليه الحاكم الروماني لفلسطين (بيلاطس) لكنه تجاهلهم أولاً، ثم لما كذبوا عليه وتقوَّلوا على عيسى عليه السلام بأنه يدعو نفسه مسيحاً(*) ملكاً، ويرفض دفع الجزية للقيصر، دفع ذلك الحاكم إلى إصدار أمراً بالقبض عليه، وإصدار حكم الإعدام ضده عليه السلام. - اختفى عيسى وأصحابه عن أعين الجند، إلا أن أحد أصحابه دلَّ جند الرومان على مكانه، فألقى الله تعالى شبه عيسى عليه الصلاة والسلام وصورته عليه، ويقال إنه يهوذا الإسخريوطي وقيل غيره، فنُفِّذ حكم الصلب فيه بدلاً من عيسى عليه الصلاة والسلام حيث رفعه الله إليه، على أنه سينزل قبل قيام الساعة ليحكم بالإسلام، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ثم يموت كما دلت على ذلك النصوص من الكتاب والسنة الصحيحة. - آمن بدعوة المسيح عليه السلام الكثير ولكنه اصطفى منهم اثني عشر حواريًّا(*) كما هم مذكورون في إنجيل (*) متى. - وهناك الرسل السبعون الذين يقال بأن المسيح(*) عليه السلام اختارهم ليعلِّموا النصرانية في القرى المجاورة. • المرحلة الثانية : ويسميها مؤرِّخو الكنيسة(*) بالعصر الرسولي، وينقسم هذا العصر إلى قسمين: التبشير وبداية الانحراف، والاضطهاد الذي يستمر حتى بداية العهد الذهبي للنصارى. • التبشير وبداية الانحراف: بعدما رُفع المسيح عليه الصلاة والسلام، واشتد الإيذاء والتنكيل بأتباعه وحوارييه بوجه خاص؛ حيث قُتل يعقوب بن زبدي أخو يوحنا الصياد فكان أول من قتل من الحواريين، وسجن بطرس، وعذب سائر الرسل، وحدثت فتنة عظيمة لأتباع المسيح عليه الصلاة والسلام حتى كادت النصرانية أن تفنى. وفي ظل هذه الأجواء المضطربة أعلن شاول الطرسوسي اليهودي الفريسي، صاحب الثقافات الواسعة بالمدارس الفلسفية والحضارات في عصره، وتلميذ أشهر علماء اليهود في زمانه عمالائيل، أعلن شاول الذي كان يُذيق أتباع المسيح سوءَ العذاب، إيمانه بالمسيح بعد زعمه رؤيته عند عودته من دمشق، مؤنباً له على اضطهاده لأتباعه، آمراً له بنشر تعاليمه بين الأمم، فاستخف الطرب النصارى، في الوقت الذي لم يصدقه بعضهم، إلا أن برنابا الحواري دافع عنه وقدمه إلى الحواريين(*) فقبلوه، وبما يمتلكه من حدة ذكاء وقوة حيلة ووفرة نشاط استطاع أن يأخذ مكاناً مرموقاً بين الحواريين وتسمى بـ بولس. - انطلق الحواريون للتبشير بين الأمم اليهودية في البلدان المجاورة، التي سبق أن تعرفت على دعوة المسيح عليه السلام أثناء زيارتها لبيت المقدس في عيد العنصرة، وتذكر كتب التاريخ النصراني بأن متَّى ذهب إلى الحبشة، وقُتل هناك بعد أن أسس فيها كنيسة ورسَّم – عيَّن- لهم أسقفها(*). وكذلك فعل مرقس في الإسكندرية بعد أن أسس أول مدرسة لاهوتية وكنيسة فيها بتوجيه من بطرس الذي أسس كنيسة روما وقتل في عهد نيرون عام 62م. - أما بولس فذهب إلى روما وأفسس وأثينا وأنطاكية، وأسس فيها كنائس نصرانية نظير كنيسة(*) أورشليم ورسَّم لهم أساقفة(*). وفي أحد جولاته في أنطاكية صحبه برنابا فوجدا خلافاً حادًّا بين أتباع الكنيسة حول إكراه الأمميين(*) على إتباع شريعة التوراة(*) فعادا إلى بيت المقدس لعرض الأمر على الحواريين(*) لحسم الخلاف بينهم. • بداية الانحراف : - فيما بين عام 51 – 55م عقد أول مجمع يجمع بين الحواريين – مجمع أورشليم – تحت رئاسة يعقوب بن يوسف النجار المقتول رجماً سنة 62م ليناقش دعوى استثناء الأمميين، وفيه تقرر – إعمالاً لأعظم المصلحتين – استثناء غير اليهود من الالتزام بشريعة التوراة إن كان ذلك هو الدافع لانخلاعهم من ربقة الوثنية(*)، على أنها خطوة أولى يُلزم بعدها بشريعة التوراة. كما تقرر فيه تحريم الزنا، وأكل المنخنقة، والدم، وما ذُبح للأوثان، بينما أبيحت فيه الخمر ولحم الخنزير والربا، مع أنها محرمة في التوراة. - عاد بولس بصحبة برنابا إلى أنطاكية مرة أخرى، وبعد صحبة غير قصيرة انفصلا وحدث بينهما مشادة عظيمة نتيجة لإعلان بولس نسخ أحكام التوراة وقوله أنها: "كانت لعنة تخلَّصنا منها إلى الأبد" و"أن المسيح(*) جاء ليبدل عهداً قديماً(*) بعهد جديد(*)" ولاستعارته من فلاسفة اليونان فكرة اتصال الإله(*) بالأرض عن طريق الكلمة، أو ابن الإله(*)، أو الروح القدس(*)، وترتيبه على ذلك القول بعقيدة الصلب والفداء، وقيامة المسيح وصعوده إلى السماء؛ ليجلس على يمين الرب ليحاسب الناس في يوم الحشر. وهكذا كرر بولس نفس الأمر مع بطرس الذي هاجمه وانفصل عنه مما أثار الناس ضده، لذا كتب بولس رسالة إلى أهل غلاطية ضمنها عقيدته ومبادئه، ومن ثم واصل جولاته بصحبة تلاميذه إلى أوروبا وآسيا الصغرى ليلقى حتفه أخيراً في روما في عهد نيرون سنة 65م. - قد استمرت المقاومة الشديدة لأفكار بولس عبر القرون الثلاثة الأولى: ففي القرن الثاني الميلادي تصدى هيولتس، وإيبيي فايتس، وأوريجين لها، وأنكروا أن بولس كان رسولاً(*)، وظهر بولس الشمشاطي في القرن الثالث، وتبعه فرقته البوليسية إلا أنها كانت محدودة التأثير. وهكذا بدأ الانفصال عن شريعة التوراة، وبذرت بذور التثليث والوثنية في النصرانية، أما باقي الحواريين والرسل(*) فإنهم قُتلوا على يد الوثنيين(*) في البلدان التي ذهبوا إليها للتبشير فيها. • الاضطهاد : - عانت الدعوة النصرانية أشدَّ المعاناة من سلسلة الاضطهادات والتنكيل على أيدي اليهود الذين كانت لهم السيطرة الدينية، ومن الرومان الذين كانت لهم السيطرة والحكم، ولذلك فإن نصيب النصارى في فلسطين ومصر كان أشد من غيرهم، حيث اتخذ التعذيب والقتل أشكالاً عديدة؛ مابين الحمل على الخُشْبِ، والنشر بالمناشير، إلى التمشيط مابين اللحم والعظم، والإحراق بالنار. - من أعنف الاضطهادات وأشدها: 1- اضطهاد نيرون سنة 64م الذي قُتل فيه بطرس وبولس. 2- واضطهاد دمتيانوس سنة 90م وفيه كتب يوحنا إنجيله(*) في أفسس باللغة اليونانية. 3- واضطهاد تراجان سنة 106م وفيه أمر الإمبراطور بإبادة النصارى وحرق كتبهم، فحدثت مذابح مُروِّعة قُتل فيها يعقوب البار أسقف(*) أورشليم. 4- ومن أشدها قسوة وأعنفها اضطهادُ الإمبراطور دقلديانوس 284م الذي صمم على أن لا يكف عن قتل النصارى حتى تصل الدماء إلى ركبة فرسه، وقد نفذ تصميمه؛ وهدم الكنائس(*) وأحرق الكتب، وأذاقهم من العذاب صنوفاً وألواناً، مما دفع النصارى من أقباط مصر إلى اتخاذ يوم 29 أغسطس 284م بداية لتقويمهم تخليداً لذكرى ضحاياهم. - هكذا استمر الاضطهاد يتصاعد إلى أن استسلم الإمبراطور جالير لفكرة التسامح مع النصارى لكنه مات بعدها، ليعتلي قسطنطين عرش الإمبراطورية. - سعى قسطنطين بما لأبيه من علاقات حسنة مع النصارى إلى استمالة تأييدهم له لفتح الجزء الشرقي من الإمبراطورية حيث يكثر عددهم، فأعلن مرسوم ميلان الذي يقضي بمنحهم الحرية(*) في الدعوة والترخيص لديانتهم ومساواتها بغيرها من ديانات(*) الإمبراطورية الرومانية، وشيَّد لهم الكنائس، وبذلك انتهت أسوأ مراحل التاريخ النصراني قسوة، التي ضاع فيها إنجيل عيسى عليه الصلاة والسلام، وقُتل الحواريون(*) والرسل، وبدأ الانحراف والانسلاخ عن شريعة التوراة(*)، ليبدأ النصارى عهداً جديداً من تأليه المسيح(*) عليه الصلاة والسلام وظهور اسم المسيحية(*). •نشأة الرهبانية والديرية وتأثير الفلسفة على النصرانية: - في خلال هذه المرحلة ظهرت الرهبنة(*) في النصرانية في مصر أولاً على يد القديس بولس الطبي 241 – 356م والقديس أنطوان المعاصر له، إلا أن الديرية – حركة(*) بناء الأديرة – نشأت أيضاً في صعيد مصر عام 315 – 320م أنشأها القديس باخوم، ومنها انتشرت في الشام وآسيا الصغرى. وفي نفس الوقت دخلت غرب أوروبا على يد القديس كاسليان 370 – 425م ومارتن التوري 316 – 387م، كما ظهرت مجموعة من الآباء(*) المتأثرين بمدرسة الإسكندرية الفلسفية (الأفلاطونية الحديثة) وبالفلسفة(*) الغنوصية(*)، مثل كليمنت الإسكندري 150 – 215م أوريجانوس 185-245م وغيرهما. • العهد الذهبي للنصارى: - يطلق مؤرخو الكنيسة(*) اسم العهد الذهبي للنصارى ابتداء من تربُّع الإمبراطور قسطنطين على عرش الإمبراطورية الرومانية عام 312م لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل تاريخ النصرانية. ويمكن تقسيم ذلك العهد إلى مرحلتين رئيسيتين: • مرحلة جمع النصارى على عقيدة واحدة (عصر المجامع أو عهد الخلافات والمناقشات): - ما إن أعلن قسطنطين إعلان ميلان حتى قرَّب النصارى وأسند إليهم الوظائف الكبيرة في بلاط قصره، وأظهر لهم التسامح، وبنى لهم الكنائس، وزعمت أمه هيلينا اكتشاف الصليب المقدس، الذي اتخذه شعاراً لدولته بجانب شعارها الوثني، فنشطت الدعوة إلى النصرانية، ودخل الكثير من الوثنيين(*) أصحاب الفلسفات في النصرانية، مما كان له أثره البالغ في ظهور الكثير من العقائد والآراء المتضاربة، والأناجيل(*) المتناقضة، حيث ظهر أكثر من خمسين إنجيلاً، وكل فرقة تدعي أن إنجيلها هو الصحيح وترفض الأناجيل الأخرى. - وفي وسط هذه العقائد المختلفة والفرق المتضاربة مابين من يُؤَلِّه المسيح(*) وأمه (الريمتين) أو من يؤله المسيح فقط، أو يدعي وجود ثلاثة آلهة: إله(*) صالح، وإله(*) طالح، وآخر عدل بينهما (مقالة مرقيون). أعلن آريوس أحد قساوسة(*) كنيسة(*) الإسكندرية صرخته المدوية بأن المسيح(*) عليه الصلاة والسلام ليس أزليَّا، وإنما هو مخلوق من الأب(*)، وأن الابن(*) ليس مساوياً للأب في الجوهر، فالتف حوله الأنصار وكثر أتباعه في شرق الإمبراطورية حتى ساد مذهبه(*) التوحيدي كنائس مصر والإسكندرية وأسيوط وفلسطين ومقدونيا والقسطنطينية وأنطاكية وبابل، مما أثار بطريرك(*) الإسكندرية بطرس ضده ولعنه وطرده من الكنيسة، وكذلك فعل خلفه البطريرك إسكندر، ثم الشماس(*) إثناسيوس، وضماناً لاستقرار الدولة أمر الإمبراطور قسطنطين عام 325م بعقد اجتماع عام يجمع كل أصحاب هذه الآراء للاتفاق على عقيدة واحدة يجمع الناس حولها، فاجتمع في نيقية 2048 أسقفاً (*) منهم 338 يقولون بألوهية المسيح، وانتهى ذلك المجمع بانحياز الإمبراطور إلى القول بألوهية المسيح ولينفضّ على القرارات التالية: 1- لعن آريوس الذي يقول بالتوحيد ونفيه وحرق كتبه، ووضع قانون الإيمان النيقاوي (الأثناسيوسي) الذي ينص على ألوهية المسيح. 2- وضع عشرين قانوناً لتنظيم أمور الكنيسة والأحكام الخاصة بالأكليريوس(*). 3- الاعتراف بأربعة أناجيل(*) فقط: (متى، لوقا، مرقس، يوحنا) وبعض رسائل العهد الجديد(*) والقديم(*)، وحرق باقي الأناجيل لخلافها عقيدة المجمع. - للتغلب على عوامل انهيار وتفكك الإمبراطورية أنشأ قسطنطين مدينة روما الجديدة عام 324م في بيزنطة القديمة باليونان على نفس تصميم روما القديمة، وأنشأ بها كنيسة كبيرة (أجياصوفيا) ورسم لهم بطريركاً مساوياً لبطاركة الإسكندرية وأنطاكية في المرتبة على أن الإمبراطور هو الرئيس الأعلى للكنيسة. وعُرفت فيما بعد بالقسطنطينية، ولذلك أطلق عليها بلاد الروم، وعلى كنيستها كنيسة الروم الشرقية أو كنيسة الروم الأرثوذكس. - تمهيداً لانتقال العاصمة إلى روما الجديدة (القسطنطينية) اجتمع قسطنطين بآريوس حيث يدين أهل القسطنطينية والجزء الشرقي من الإمبراطورية بعقيدته، وإحساساً منه بالحاجة إلى استرضاء سكان هذا القسم أعلن الإمبراطور موافقته لآريوس على عقيدته، وعقد مجمع صور سنة 334م ليعلي من عقيدة آريوس، ويلغي قرارات مجمع نيقية، ويقرر العفو عن آريوس وأتباعه، ولعن أثناسيوس ونفيه، وهكذا انتشرت تعاليم آريوس أكثر بمساندة الإمبراطور قسطنطين. •مرحلة الانفصال السياسي : - قسَّم قسطنطين الإمبراطورية قبل وفاته عام 337م على أبنائه الثلاثة: فأخذ قسطنطين الثاني الغرب، وقسطنطيوس الشرق، وأخذ قنسطانس الجزء الأوسط من شمال أفريقيا، وعمد كل منهم إلى تأييد المذهب(*) السائد في بلاده لترسيخ حكمه. فاتجه قسطنطيوس إلى تشجيع المذهب الآريوسي، بينما شجع أخوه قسطنطين الثاني المذهب الأثناسيوسي مما أصَّل الخلاف بين الشرق اليوناني والغرب اللاتيني. - توحدت الإمبراطورية تحت حكم قسطنطيوس عام 353 – 361م بعد وفاة قسطنطين الثاني، ومقتل قنسطانس، ووجد الفرصة سانحة لفرض مذهبه الآريوسي على جميع أجزاء الإمبراطورية شرقاً وغرباً. - لم يلبث الأمر طويلاً حتى اعتلى فلؤديوس عرش الإمبراطورية 379 – 395م الذي اجتهد في إلغاء المذهب الآريوسي والتنكيل بأصحابه، والانتصار للمذهب الأثناسيوسي. ولذا ظهرت في عهده دعوات تنكر الأقانيم(*) الثلاثة ولاهوت الروح القدس(*)، فقرر عقد مجمع القسطنطينية الأول 382م، وفيه فرض الإمبراطور العقوبات المشددة على أتباع المذهب الآريوسي. كما تقرر فيه أن روح القدس هو روح الله وحياته، وأنه من اللاهوت(*) الإلهي، وتم زيادته في قانون الإيمان النيقاوي، ولعن من أنكره مثل مكدنيوس، وذلك بالإضافة إلى عدة قوانين تنظيمية وإدارية تتعلق بنظام الكنيسة(*) وسياستها. •نشأة البابوية: - على إثر تقسيم الإمبراطورية إلى شرقية وغربية، ونتيجة لضعف الإمبراطورية الغربية تم الفصل بين سلطان الدولة والكنيسة، بعكس الأمر في الإمبراطورية الشرقية حيث رسخ الإمبراطور قسطنطين مبدأ القيصرية البابوية، ومن هنا زادت سلطات أسقف(*) روما وتحوَّل كرسيه إلى بابوية لها السيادة العليا على الكنيسة في بلدان العالم المسيحي الغربي (روما – قرطاجة). وقد لعب البابا(*) داماسوس الأول 366 – 384م دوراً هامًّا في إبراز مكانة كرسي روما الأسقفي – سيادة البابوية - ، وفي عهده تم ترجمة الإنجيل(*) إلى اللغة اللاتينية، ثم تابعه خلفه البابا(*) سيرى كيوس 384 – 399م في تأليف المراسم البابوية. • بداية الصراع والتنافس على الزعامة الدينية بين الكنيستين: - ظهر الصراع والتنافس بين كنيسة(*) روما بما تدعي لها من ميراث ديني، وبين كنيسة القسطنطينية عاصمة الدولة ومركز أباطرتها في مجمع أفسس الأول عام 431م حيث نادى نسطور أسقف (*) القسطنطينية بانفصال طبيعة اللاهوت(*) عن الناسوت(*) في السيد المسيح(*) عليه السلام، وبالتالي فإن اللاهوت لم يولد ولم يصلب، ولم يقم مع الناسوت، وأن المسيح يحمل الطبيعتين منفصلتين: اللاهوتية والناسوتية(*)، وأنه ليس إلهاً(*)، وأمه لا يجوز تسميتها بوالدة الإله(*)، وقد حضر المجمع مائتان من الأساقفة بدعوة من الإمبراطور ثاؤديوس الصغير، الذي انتهى بلعن نسطور ونفيه، والنص في قانون الإيمان بأن مريم العذراء والدة الإله(*). - ويسبب دعوى أرطاخي باتحاد الطبيعتين في السيد المسيح عقد له أسقف القسطنطينية فلافيانوس مجمعاً محليًّا وقرر فيه قطعه من الكنيسة ولعنه؛ لكن الإمبراطور ثاؤديوس الصغير قبل التماس أرطاخي، وقرر إعادة محاكمته، ودعا لانعقاد مجمع أفسس الثاني عام 449م برئاسة بطريرك(*) الإسكندرية ديسقورس لينتهي بقرار براءته مما نسب إليه. •انفصال الكنيسة مذهبيًّا: - لم يعترف أسقف روما ليو الأول بقرارات مجمع أفسس الثاني 449م وسعى الإمبراطور مركيانوس لعقد مجمع آخر للنظر في قرارات ذلك المجمع، فوافق الإمبراطور على عقد المجمع في القسطنطينية، ثم في كلدونية 451م لمناقشة مقالة بابا(*) الإسكندرية ديسقورس: من أن للمسيح طبيعتين في طبيعة واحدة (المذهب(*) الطبيعي – المونوفيزتية)، ليتقرر لعن ديسقورس وكل من شايعه ونفيه، وتقرير أن للمسيح طبيعتين منفصلتين. فكان ذلك دافعاً أن لا تعترف الكنيسة المصرية بهذا المجمع ولا بالذي يليه من المجامع. ومنذ ذلك التاريخ انفصلت في كنيسة مستقلة تحت اسم الكنيسة المرقسية – الكنيسة الأرثوذكسية – أو القبطية تحت رئاسة بطريرك(*) الإسكندرية، وانفصلت معها كنيسة الحبشة وغيرها، ليبدأ الانفصال المذهبي عن الكنيسة(*) الغربية. بينما اعترفت كنيسة أورشليم الأرثوذكسية بقرارات مجمع كلدونية وصارت بطريركية مستقلة تحت رئاسة البطريرك(*) يوفيناليوس. •نشأة الكنيسة اليعقوبية: - واجه الإمبراطور جستنيان 527 – 565م صعوبة بالغة في تحقيق طموحه بتوحيد مذهبي(*) الإمبراطورية لتتحقق له سلطة الإمبراطورية والبابوية معاً. وبعد انتصاره في إيطاليا ودخول جيوشه روما حاول إرضاء زوجته بفرض مذهب(*) الطبيعة الواحدة(المونوفيزتية) على البابا(*) فجليوس الذي رفض ذلك بشدة، مما عرضه إلى القبض عليه وترحيله إلى القسطنطينية، ليعقد مجمع القسطنطينية الخامس سنة 553م الذي انتهى بتقرير مذهب الطبيعة الواحدة، ولعن أصحاب فكرة تناسخ الأرواح(*)، وتقرير أن عيسى عليه السلام كان شخصية حقيقية وليست بخيالية. - ومن آثار هذا المجمع استقلالُ أصحاب مذهب الطبيعة الواحدة إقامةُ كنيسة(*) منفصلة لهم، تعرف بالكنيسة اليعقوبية، تحت رئاسة مؤسسها يعقوب البرادعي أسقف(*) الرَّها مما زاد في عداء البابوية للإمبراطورية الشرقية. •نشأة الكنيسة المارونية: في عام 678 – 681م عمل الإمبراطور قسطنطين الرابع على استرضاء البابا أجاثون بعدما فقد المراكز الرئيسية لمذهب الطبيعة الواحدة في مصر والشام لفتح المسلمين لهما، فتم عقد مجمع القسطنطينية الثالث عام 680م للفصل في قول يوحنا مارون من أن للمسيح(*) طبيعتين ومشيئة واحدة. وفيه تقرر أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، ولعن وطرد من يقول بالطبيعة الواحدة أو بالمشيئة الواحدة، ولذلك انفصلت طائفة المارونية ولحقت بسابقتها من الكنائس المنفصلة. • انفصال الكنيسة إداريًّا: - جاء هذا الانفصال بعد النزاع والصراع الطويل ابتداءً من الإمبراطور ليو الثالث 726م الذي أصدر مرسوماً يُحرِّم فيه عبادة الأيقونات، ويقضي بإزالة التماثيل والصور الدينية والصلبان من الكنائس والأديرة والبيوت على أنها ضرب من الوثنية(*)، متأثراً بدعوة المسلمين لإزالة هذه التماثيل التي بالكنائس في داخل الدولة الإسلامية. - تصدى لهذه الدعوة البابا(*) جريجوري الثاني، ثم خَلَفه البابا جريجوري الثالث ليصدر الإمبراطور قراراً بحرمان الكراسي الأسقفية في صقلية وجنوب إيطاليا من سلطة البابا الدينية والقضائية وجعلها تحت سلطان بطريرك(*) القسطنطينية. واستمر الوضع على ذلك إلى أن جاء الإمبراطور قسطنطين الخامس 741 – 775م ، وازدادت الثورات(*) اشتعالاً ضد دعاة اللاأيقونية، فعقد مجمعاً في القسطنطينية لتبرير سياسة تحريم الصور والأيقونات. وقد رفضت البابوية حضوره، ولم يحضره سوى ثلاثمائة وأربعين أسقفاً(*) تحت رئاسة بطريرك القسطنطينية ليقضي بتحريم تصوير المسيح في أي شكل، وكذلك تحريم عبادة صور القديسين، وتحريم طلب الشفاعة من مريم؛ لأن كل هذا من ضروب الوثنية. - ولكن هذه القرارات لم تدم طويلاً حيث أمرت الإمبراطورة الأيقونية إيرين التي خلفت زوجها الإمبراطور ليو الخزري بعقد مجمع نيقية عام 787م بعد تعيينها للبطريرك خرسيوس المتحمس للآيقونية بطريركاً على القسطنطينية، وانتهى المجمع على تقديس صور المسيح ووالدته والقديسين، ووضع الصور في الكنائس(*) والأديرة والبيوت والطرقات بزعم أن النظر إليهم يدعو للتفكير فيها. - في عام 869م أثار بطريرك القسطنطينية فوسيوس مسألة انبثاق الروح القدس(*) من الأب(*) وحده، فعارضه – كالعادة – بطريرك روما وقال إن انبثاق الروح القدس من الأب والابن(*) معاً، وعقد لذلك مجمع القسطنطينية الرابع 869م (مجمع الغرب اللاتيني) الذي تقرَّر فيه أن الروح القدس منبثقة من الأب والابن معاً، وأن جميع النصارى في العالم خاضعون لمراسيم بابا روما، وأن من يريد معرفة ما يتعلق بالنصرانية(*) وعقائدها عليه برفع دعواه إلى بابا روما. ولذلك تم لعن وعزل فوسيوس وحرمانه وأتباعه، إلا أن فوسيوس استطاع أن يعود إلى مركزه مرة أخرى. وفي عام 879م عقد المجمع الشرقي اليوناني (القسطنطينية الخامس) ليلغي قرارات المجمع السابق، ويعلن أن الروح القدس منبثقة من الأب(*) وحده، ويدعو إلى عدم الاعتراف إلا بالمجامع السبعة التي آخرها مجمع نيقية 787م. - وهكذا تم الانفصال المذهبي للكنيسة الشرقية تحت مسمى الكنيسة(*) الشرقية الأرثوذكسية، أو كنيسة الروم الأرثوذكس برئاسة بطريرك(*) القسطنطينية، ومذهباً (*) بأن الروح القدس(*) منبثقة من الأب(*) وحده، على أن الكنيسة الغربية أيضاً تميَّزت باسم الكنيسة البطرسية الكاثوليكية، وبزعم أن لبابا(*) روما سيادة على كنائس الإمبراطورية وأنها أم الكنائس ومعلمتهن، وتميزت بالقول بأن الروح القدس منبثقة عن الأب والابن(*) معاً. ولم يتم الانفصال النهائي – الإداري – إلا في عام (1054م)، وبذلك انتهى عهد المجامع المسكونية، وحلت محلها المؤتمرات الإقليمية أو سلطات البابا المعصوم لتستكمل مسيرة الانحراف والتغيير في رسالة عيسى عليه السلام. ومن أبرز سمات هذه المرحلة الأخيرة – القرون الوسطى – الفساد، ومحاربة العلم والعلماء والتنكيل بهم والاضطهاد لهم، وتقرير أن البابا معصوم له حق الغفران، مما دفع إلى قيام العديد من الحركات(*) الداعية لإصلاح فساد الكنيسة، وفي وسط هذا الجو الثائر ضد رجال الكنيسة انعقد مؤتمر ترنت عام 1542 – 1563م لبحث مبادئ مارتن لوثر التي تؤيدها الحكومة والشعب الألماني، وانتهى إلى عدم قبول آراء الثائرين أصحاب دعوة الإصلاح الديني. ومن هنا انشقَّت كنيسة جديدة هي كنيسة البروتستانت ليستقر قارب النصرانية بين أمواج المجامع التي عصفت بتاريخها على ثلاث كنائس رئيسية لها النفوذ في العالم إلى اليوم، ولكل منها نحلة وعقيدة مستقلة، وهي: الأرثوذكس، الكاثوليك، البروتستانت، بالإضافة إلى الكنائس المحدودة مثل: المارونية، والنسطورية، واليعقوبية، وطائفة الموحدين، وغيرهم. أهم الأفكار والمعتقدات: يمكن إجمال أفكار معتقدات النصرانية بشكل عام فيما يلي، علماً بأنه سيفصل فيما بينهم من خلاف في المباحث التالية: • الألوهية والتثليث(*): مع أن النصرانية في جوهرها تُعنى بالتهذيب الوجداني، وشريعتها هي شريعة موسى عليه السلام، وأصل اعتقادها هو دين(*) الإسلام حيث يقول النبي (*) صلى الله عليه وسلم : "الأنبياء أخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد" لكنه بعد ضياع الإنجيل(*) وظهور العشرات من الأناجيل والمجامع والدعاوى المنحرفة استقرت أصول عقائد النصرانية على ما يلي: - الإله(*): الإيمان بالله الواحد، الأب(*) مالك كل شيء، وصانع ما يرى وما لا يرى. هكذا في قانون إيمانهم، وواضحٌ تأثُّرهم بألفاظ الفلاسفة في قولهم صانع ما يرى. والأولى قولهم خالق ما يرى وما لا يرى حيث بينهما فرق كبير؛ فالصانع يخلق على أساس مثال سابق، بينما الخالق على العكس من ذلك. - المسيح(*): إن ابنه (*) الوحيد يسوع المسيح بكر الخلائق ولد من أبيه قبل العوالم، وليس بمصنوع (تعالى الله عن كفرهم علوًّا كبيراً)، ومنهم من يعتقد أنه هو الله نفسه – سبحانه وتعالى عن إفكهم – وقد أشار القرآن الكريم إلى كلا المذهبين(*)، وبيَّن فسادهما، وكفَّر(*) معتقدهما؛ يقول تعالى: {وقَالت اليهودُ عُزيرٌ ابنُ الله وقَالت النصارى المسيحُ ابن الله). [التوبة: 30]. وقال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيحُ ابنُ مَريم}. [المائدة: 72]. ـ روح القدس(*): إن روح القدس الذي حلَّ في مريم لدى البشارة، وعلى المسيح(*) في العماد على صورة حمامة، وعلى الرسل من بعد صعود المسيح، الذي لا يزال موجوداً، وينزل على الآباء(*) والقديسين بالكنيسة(*) يرشدهم ويعلمهم ويحل عليهم المواهب، ليس إلا روح الله وحياته، إله(*) حق من إله حق. - الأقانيم(*): ولذلك يؤمنون بالأقانيم الثلاثة: الأب(*)، الابن(*)، الروح القدس، بما يُسمونه في زعمهم وحدانية في تثليث (*) وتثليث في وحدانية. وذل زعمٌ باطل صعُب عليهم فهمه، ولذلك اختلفوا فيه اختلافاً متبايناً، وكفرت كل فرقة من فرقهم الأخرى بسببه، وقد حكم الله تعالى بكفرهم(*) جميعاً إن لم ينتهوا عما يقولون، قال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم}. [المائدة: 72]. - الصلب والفداء: المسيح في نظرهم مات مصلوباً فداءً عن الخليقة، لشدة حب الله للبشر ولعدالته، فهو وحيد الله – تعالى الله عن كفرهم – الذي أرسله ليخلص العالم من إثم خطيئة أبيهم آدم وخطاياهم، وأنه دفن بعد صلبه، وقام بعد ثلاثة أيام متغلباً على الموت ليرتفع إلى السماء. - قال تعالى مبيناً حقيقة ما حدث وزيف ما ادعوه: {وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً}. [النساء: 157، 158]. • الدينونة والحساب: يعتقدون بأن الحساب في الآخرة سيكون موكولاً للمسيح(*) عيسى ابن مريم الجالس – في زعمهم – على يمين الرب في السماء؛ لأن فيه من جنس البشر مما يعينه على محاسبة الناس على أعمالهم. • الصليب: يعتبر الصليب شعاراً لهم، وهو موضع تقديس الأكثرين، وحملُه علامة على أنهم من أتباع المسيح، ولا يخفى ما في ذلك من خفة عقولهم وسفاهة رأيهم، فمن الأولى لهم أن يكرهوا الصليب ويحقروه لأنه كان أحد الأدوات التي صلب عليه إلههم(*) وسبب آلامه. وعلى حسب منطقهم فكان الأولى بهم أن يعظموا قبره الذي زعموا أنه دفن فيه، ولا مس جسده تربته فترة أطول مما لامس الصليب. • مريم البتول: يعتقد النصارى على ما أضيف في قانون الإيمان أن مريم ابنة عمران والدة المسيح(*) عليه السلام، هي والدة الإله(*)، ولذا يتوجَّه البعض منهم إليها بالعبادة. • الدين(*): يؤمن النصارى بأن النصرانية دين عالمي غير مختص ببني إسرائيل وحدهم، ولا يخلو اعتقادهم هذا أيضاً من مخالفة لقول المسيح المذكور في إنجيل(*) متى، الإصحاح(10:5 ،6): "إلى طرق الأمم لا تتجهوا، ومدن السامريين لا تدخلوا، بل انطلقوا بالحري إلى الخراف الضالة من آل بني إسرائيل". • الكتاب المقدس: يؤمن النصارى بقدسية الكتاب المشتمل على: العهد القديم(*): والذي يحتوي التوراة(*) – الناموس – وأسفار(*) الأنبياء(*) التي تحمل تواريخ بني إسرائيل وجيرانهم، بالإضافة إلى بعض الوصايا والإرشادات. العهد الجديد(*): والذي يشمل الأناجيل(*) الأربعة: (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) فقط، والرسائل المنسوبة للرسل، على أن ما في العهد الجديد يلغي ما في العهد القديم(*)، لأنه في اعتقادهم كلمة الله، وذلك على خلاف بين طوائفهم في الاعتقاد في عدد الأسفار(*) والرسائل بل وفي صحة التوراة(*) نفسها. • المجامع (التقليد): يؤمن النصارى بكل ما صدر عن المجامع المسكونية من أمور تشريعية سواء في العقيدة أو في الأحكام، وذلك على خلاف بينهم في عددها. • الختان: يؤمن النصارى بعدم الختان للأطفال على عكس شريعة التوراة. • الشعائر والعبادات : - الصلاة: الأصل عندهم في جميع الصلوات إنما هي الصلاة الربانية، والأصل في تلاوتها أن يتلوها المصلي ساجداً، أو تكون بألفاظ منقولة أو مرتجلة أو عقلية بأن تنوي الألفاظ ويكون الابتهال قلبيًّا، وذلك على خلاف كبير بين طوائفهم في عددها وطريقة تأديتها. ليس لها عدد معلوم مع التركيز على صلاتي الصباح والمساء. - الصوم: هو الامتناع عن الطعام الدسم وما فيه شيء من الحيوان أو مشتقاته مقتصرين على أكل البقول، وتختلف مدته وكيفيته من فرقة إلى أخرى. - الأسرار السبعة: والتي ينال بها النصراني النعم غير المنظورة في صورة نعم منظورة، ولا تتم إلا على يد كاهن(*) شرعي، ولذا فهي واجبة على كل نصراني ممارستها وإلا أصبح إيمانه ناقصاً. وبالجملة فإنها من ضمن التشريعات التي لم يُنزل الله بها من سلطان، وإنما هي من تخرُّصات البابوات(*). - سر التعميد: ويقصد به تعميد الأطفال عقب ولادتهم بغطاسهم في الماء أو الرش به باسم الأب(*) والابن(*) والروح القدس(*)، لتمحي عنهم آثار الخطيئة الأصلية، بزعم إعطاء الطفل شيئاً من الحرية(*) والمقدرة لعمل الخير، وهذا أيضاً على خلاف بينهم في صورته ووقته. - سر التثبيت (الميرون): ولا يكون إلا مرة واحدة، ولا تكمل المعمودية(*) إلا به، حيث يقوم الكاهن(*) بمسح أعضاء المعتمد بعد خروجه من جرن المعمودية في ستة وثلاثين موضعاً – الأعضاء والمفاصل – بدهن الميرون المقدس. - سر العشاء الرباني(*): ويكون بالخمر أو الماء ومعه الخبز الجاف؛ حيث يتحول في زعمهم الماء أو الخمر إلى دم المسيح(*)، والخبز إلى عظامه، وبذلك فإن من يتناوله فإنما يمتزج في تعاليمه بذلك، وكذلك ففرقُهم على خلاف في الاستحالة بل وفي العشاء نفسه. - سر الاعتراف: وهو الإفضاء إلى رجل الدين بكل ما يقترفه المرء من آثام وذنوب، ويتبعه الغفران والتطهير من الذنب بسقوط العقوبة، وكان الاعتراف يتكرر عدة مرات مدى الحياة، ولكن منذ سنة 1215م أصبح لازماً مرة واحدة على الأقل، وهذه الشعيرة عندهم أيضاً مما اختُلِف في وجوبها وإسقاطها. - سر الزواج: يُسمح الزواج بزوجة واحدة مع منع التعدد الذي كان جائزاً في مطلع النصرانية، ويُشترط عند الزواج حضور القسيس(*) ليقيم وحده بين الزوجين، والطلاق لا يجوز إلا في حالة الزنى – على خلاف بينهم – ولا يجوز الزواج بعده مرة أخرى، بعكس الفراق الناشئ عن الموت، أما إذا كان أحد الزوجين غير نصراني فإنه يجوز التفريق بينهما. - سر مسحة المرضى: وهو السر السادس بزعم شفاء الأمراض الجسدية المتسببة عن العلل الروحية وهي الخطيئة، ولا يمارس الكاهن(*) صلوات القنديل السبع إلا بعد أن يتثبَّت من رغبة المريض في الشفاء. - سر الكهنوت: وهو السر الذي ينال به الإنسان بزعمهم النعمة التي تؤهِّله لأن يؤدي رسالة السيد المسيح(*) بين إخوانه من البشر، ولا يتم إلا بوضع يد الأسقف(*) على رأس الشخص المنتخب ثم يتلى عليه الصلوات الخاصة برسم الكهنة. - الرهبانية(*): اختلفت طوائفهم في مدى لزوم الرهبنة التي يأخذ رجال الدين أنفسهم بها. * التنظيم الكهنوتي: تختلف كل كنيسة(*) – فرقة – عن الأخرى في التنظيم (*) الكهنوتي، ولكنه بوجه عام هو تنظيمٌ استعارته الكنيسة(*) في عهودها الأولى من الرومان حيث كان يرأسها أكبرهم سنًّا على أمل عودة المسيح(*)، ويقدسون رهبانهم(*) ورجال كنيستهم، ويجعلون لهم السلطة المطلقة في الدين(*) وفي منح صكوك الغفران؛ يقول تعالى مبيناً انحرافهم: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله}. [التوبة: 31]. * الهرطقة ومحاربتها: حاربت الكنيسة العلوم والاكتشافات العلمية وكل المحاولات الجديدة لفهم كتابهم المقدس، ورمت ذلك كله بالهرطقة، وواجهت هذه الاتجاهات بمنتهى العنف والقسوة، مما أوجد ردة فعل قوية تمثَّلت في ظهور المذاهب(*) العلمانية والأفكار الإلحادية(*). - الجذور الفكرية والعقائدية: أساسها نصوص العهد القديم(*)، فقد انعكست الروح والتعاليم اليهودية من خلاله، ذلك أن النصرانية قد جاءت مكملة لليهودية، وهي خاصة بخراف بني إسرائيل الضالة، كما تذكر أناجيلهم(*). - لقد أدخل أمنيوس المتوفى سنة 242م أفكاراً وثنية(*) إلى النصرانية بعد أن اعتنقها وارتدَّ عنها إلى الوثنية الرومانية. - عندما دخل الرومان في الديانة(*) النصرانية نقلوا معهم إليها أبحاثهم الفلسفية وثقافتهم الوثنية، ومزجوها بالمسيحية التي صارت خليطاً من كل ذلك. - لقد كانت فكرة التثليث(*) التي أقرَّها مجمع نيقية 325م انعكاساً للأفلوطونية الحديثة التي جلبت معظم أفكارها من الفلسفة(*) الشرقية، وكان لأفلوطين المتوفى سنة 270م أثر بارز على معتقداتها، فأفلوطين هذا تتلمذ في الإسكندرية، ثم رحل إلى فارس والهند، وعاد بعدها وفي جعبته مزيج من ألوان الثقافات، فمن ذلك قوله بأن العالم في تدبيره وتحركه يخضع لثلاثة أمور: 1- المُنشئ الأزلي الأول. 2- العقل(*). 3- الروح التي هي مصدر تتشعب منه الأرواح جميعاً. بذلك يضع أساساً للتثليث إذ أن المنشئ هو الله، والعقل هو الابن، والروح هو الروح القدس(*). - تأثرت النصرانية بديانة(*) متراس التي كانت موجودة في بلاد فارس قبل الميلاد بحوالي ستة قرون التي تتضمن قصة مثيلة لقصة العشاء الرباني(*). - في الهندوسية تثليث، وأقانيم(*)، وصلب للتكفير عن الخطيئة، وزهد ورهبنة(*)، وتخلُّص من المال للدخول في ملكوت السموات، والإله(*) لديهم له ثلاثة أسماء فهو فشنو(*) أي الحافظ وسيفا(*) المهلك وبرهما(*) المُوجِد. وكل ذلك انتقل إلى النصرانية بعد تحريفها. - انتقلت بعض معتقدات وأفكار البوذية التي سبقت النصرانية بخمسة قرون إلى النصرانية المحرَّفة، وإن علم مقارنة الأديان يكشف تطابقاً عجيباً بين شخصية بوذا(*) وشخصية المسيح(*) عليه السلام (انظر العقائد الوثنية في الديانة النصرانية لمحمد طاهر التنير). - خالطت عقيدة البابليين القديمة النصرانية إذ أن هناك محاكمة لبعل إله(*) الشمس تُماثِل وتطابق محاكمة المسيح(*) عليه السلام. وبالجملة فإن النصرانية قد أخذت من معظم الديانات والمعتقدات التي كانت موجودة قبلها، مما أفقدها شكلها وجوهرها الأساسي الذي جاء به عيسى عليه السلام من لدن رب العالمين. الانتشار ومواقع النفوذ: • تنتشر النصرانية اليوم في معظم بقاع العالم، وقد أعانها على ذلك الاستعمار(*) والتنصير الذي تدعمه مؤسسات ضخمة عالمية ذات إمكانات هائلة. يتضح مما سبق: • لم تكن عقيدة التثليث(*) معروفة في عصر الحواريين(*) (العصر الرسولي) تقول دائرة المعارف الفرنسية: "وإن تلاميذ المسيح(*) الأوّلين الذين عرفوا شخصه وسمعوا قوله كانوا أبعد الناس عن اعتقاد أنه أحد الأركان الثلاثة المكوِّنة لذات الخالق، وما كان بطرس حواريه يعتبره أكثر من رجل يوحي إليه من عند الله". وتستشهد على ذلك بأقوال قدماء المؤرخين مثل جوستن ماراستر من القرن الثاني الميلادي حيث يصرح بأنه كان في زمنه في الكنيسة(*) مؤمنون يعتقدون أن عيسى هو المسيح، ويعتبرونه إنساناً بحتاً، وأنه كان أرقى من غيره من الناس، وحدث بعد ذلك أنه كلما تنصَّر عدد من الوثنيين(*) ظهرت عقائد جديدة لم تكن من قبل. • لضياع النصوص الأصلية من الأناجيل(*) نتيجة للاضطهاد من جانب وللاحتكاك والتأثر بالفلسفات(*) والحضارات الشرقية والوثنية(*) من جانب آخر، حملت الديانة النصرانية المحرفة عوامل اختلافها وتناقض نصوصها، الذي ظهر بشكل واضح من خلال المجامع المختلفة التي عقدت لوضع أصول الدين(*) وتشريعاته بشكل لم يَرِد عن المسيح عليه السلام ولا عن حوارييه. • سيطرت عقائد وأفكار بولس على النصرانية؛ يقول دبليو ريد "إن بولس قد غيَّر النصرانية لدرجة أنه أمسى مؤسسها الثاني، إنه في الواقع مؤسس المسيحية(*) الكنسية". ويؤيده لوني دنيله، وستون استيورت، جيمبرلين في أن بولس أضفى على المسيحية بتمزيقها إطاراً غير اليهودية ولذلك فبات خالق الكنائس(*) التي أسست باسم اليسوع. ويقول لوني نيك: "لو لم يكن بولس لعادت المسيحية فرقة من الديانة اليهودية، ولما كانت ديانة كونيه". • كل ما ذكر عن برنابا وبطرس في رسائل بولس فإنما هي قبل الافتراق، حيث كان لتلاميذ بولس من أمثال لوقا ويوحنا دورٌ كبير في إخفاء تاريخهما بعد الخلاف بينهما، وهذا ما أيدته دائرة المعارف البريطانية من أن قوة نفوذ وأتباع بولس أخفت تاريخ كل من يعارض بولس مثل برنابا وبطرس. - هناك رسالتان تُنسبان لبطرس يوافق فيهما أفكار بولس، أثبتت دائرة المعارف البريطانية أنهما ليستا له وأنهما مزوَّرتان عليه حيث تتعلق بتاريخ ما بعد موته، ولم تقبلهما كنيسة(*) روما إلا في سنة(264م) بينما اعترفت بهما الإسكندرية في القرن الثالث، وكذلك بالنسبة للرسالة المنسوبة ليعقوب، يؤكد العلماء عدم صحة نسبتها إليه أيضاً حيث أوصى يعقوب بولس بأداء الكفارة لخلافة شريعة التوراة(*)، وألزمه بالعمل بها. • لم تُعرف الأناجيل(*) الأربعة المتفق عليها عند النصارى اليوم المعرفة الكاملة قبل مجمع نيقية (335م) حيث تم اختيارها من بين عشرات الأناجيل، وأما الرسائل السبع فلم يعترف المجمع المذكور بالكثير منها، وإنما تم الاعتراف بها فيما بعد. - إن تلاميذ المسيح(*) عليه السلام ليسوا بكتَّاب هذه الأناجيل فهي مقطوعة الإسناد، والنصوص الأصلية المترجَم عنها مفقودة، بل ونصوص الإنجيل الواحد متناقضة مع بعضها فضلاً عن تناقضها مع غيرها من نصوص الأناجيل الأخرى مما يبطل دعوى أنها كُتبت بإلهام من الله تعالى. - بعد الدراسة المتأنية لنصوص الإنجيل نجد فضلاً عن التناقضات، لا بين نصوص الإنجيل الواحد أو الأناجيل المختلفة فقط، وإنما بين نصوص الأناجيل ورسائل الرسل(*) المزعومة، وأيضاً بينها وبين نصوص العهد القديم(*) ما يدلِّل ويؤكد التحريف(*) سواء كان بقصد أو بغير قصد. - هناك مئات النصوص في الأناجيل الأربعة تدل على أن عيسى إنسان وليس إلهاً(*)، وأنه ابن الإنسان وليس ابن الله(*)، وأنه جاء رسولاً(*) إلى بني إسرائيل فقط، مكملاً لشريعة موسى وليس ناقضاً لها. - وهناك نصوص أخرى تدل على أن عيسى لم يُصلب وإنما أنجاه الله ورفعه إلى السماء، وتدحض كذلك عقيدة الغفران، وتبين أن الغفران يُنال بالتوبة وصلاح الأعمال. وهناك نصوص إنجيلية تؤكد بشارة عيسى بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم . - بل إن هناك نصوصاً عديدة في الرسائل تثبت زيف زعم بولس بأنه يوحي إليه، وتبين كذلك تناقضه مع نفسه ومع عيسى عليه السلام. • رأينا كيف تدخلت السياسة والحكام في تقرير عقائد الكنيسة(*) وتبديلها من خلال المجامع المختلفة، وأن الأصل في الخلاف بين الكنيستين الشرقية والغربية نشأ لا عن موقف عقدي بقدر ما هو محاولة إثبات الوجود والسيطرة. • لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن في آيات عديدة إفكَ النصارى وقولهم في مريم، واعتقادهم في المسيح(*) على اختلاف مذاهبهم(*)، مبيِّناً انحرافهم، ومصحِّحاً عقائدهم، وداعياً إياهم عدم الغلو(*) في الدين(*) وأن لا يقولوا على الله إلا الحق. • وعموماً فإن النصارى يُعتبرون بالنسبة للمسلمين أهل كتاب مثل اليهود، وحكمهم في الإسلام سواء، فقد كذَّبوا برسول الله وآياته، وأشركوا بالله، فهم بذلك كفار(*) لهم نار جهنم خالدين فيها. يقول تعالى: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية}. [البينة: 6]. لكنهم مع ذلك يعاملون بما أمر الله تعالى به من الإحسان والبر والقسط إليهم، وأكل طعامهم والتزوج من نسائهم، طالما أنهم لم يقاتلونا في الدين(*) ولم يخرجونا من ديارنا، فهم أهل ذمة إذا عاشوا في ديار المسلمين، ؛ ما لم ينقضوا عهدهم فإن نكثوا عهدهم وتجرؤوا على الإسلام والمسلمين؛ بأن حاولوا الدعوة إلى باطلهم وكفرهم بين أبناء المسلمين، أو طعنوا في الدين مثلاً، فلابد من قتالهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. يتبـــع -----> |
الكاثوليك التعريف: أكبر الكنائس(*) النصرانية في العالم، وتدعي أنها أم الكنائس ومعلمتهن، يزعم أن مؤسسها بطرس الرسول، وتتمثل في عدة كنائس تتبع كنيسة روما وتعترف بسيادة بابا(*) روما عليها، وسميت بالكنيسة الغربية أو اللاتينية لامتداد نفوذها إلى الغرب اللاتيني خاصة. التأسيس وأبرز الشخصيات: • يدعي أصحابها بأن القديس بطرس ت62م هو المؤسس الأول لكنيستها على حسب ما أشار إليه القديس سيبريان 248 – 258م مع أن مصادر التاريخ الكنسي تشير إلى أن لكل من بولس وبطرس دوره في وجودها. • أول من استعمل لفظ كاثوليك للدعوة لتأييد الكنيسة مقابل حركات(*) الخروج على مفاهيمها وعقائدها – الهرطقة – أسقُف (*) أنطاكية القديس أغناطيوس الأنطاكي في القرن الثاني الميلادي. • منذ أن أسس قسطنطين مدينة القسطنطينية روما الجديدة وبنى فيها كنيستها أجاصوفيا وجعلها تلي كنيسة روما في المكانة، قام التنافس بين الكنيستين في السيطرة على العالم المسيحي(*)، الذي استمر إلى أن تم الانفصال الإداري بينهما عام 869م بعد مجمع القسطنطينية. وفي خلال تلك الفترة وما يليها وقعت أحداث جسام، وبرز باباوات وقديسون، كان لهم أكبر الأثر في تطور الكنيسة. وفيما يلي أهم تلك الأحداث وأبرز هذه الشخصيات: • تأكيد سيطرة الكنيسة الغربية: - اعترف مجمع سرديكا عام 343 أو 344م بحق استئناف قرارات المجامع الإقليمية إلى أسقف روما، مما زاد من دعاوى روما بأنها الحكم الأعلى للنصرانية. - يرجع الفضل إلى البابا(*) داماسوس الأول 366 – 384م في ترجمة الإنجيل إلى اللاتينية، كما رأس مجمع روما عام 382م للرد على قرارات مجمع القسطنطينية لعام 381م لتأكيد صدارة روما التي تستمد مكانتها من وعد المسيح(*) لبطرس الرسول بقوله: "وأنا أقول لك أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها". - البابا ليو الأول 440 – 461م والملقب بليو العظيم حيث كان له دور بارز في حماية روما والحفاظ عليها بعد سقوطها عام 410م في يد الآريوسيين – أتباع آريوس- ويرجع إليه الفضل في تمييز الكنيسة(*) الغربية بعقيدتها في المسيح من حيث أن له طبيعتين – المذهب الملكاني – بعد تصديه لأصحاب مذهب الطبيعة الواحدة للمسيح – المونوفيزتية – في مجمع كلدونية عام 451م. - أصدر الإمبراطور فالنتيان سنة 455م مرسوماً يقضي بخضوع كل أساقفة(*) وموظفي الإمبراطورية للبابا، مما زاد في نفوذ وثروات الكنيسة، وأقبل الناس على الدخول في الكنيسة بأعداد كبيرة تطلعاً للمكانة والكسب المادي. • كان لاعتناق الإمبراطور كلوفس النصرانية، وتعميده(*) على العقيدة الكاثوليكية عام 496م أكبر الأثر في اعتناق الفرنجة السالين – أحد الطوائف الجرمانية – للمذهب(*) الكاثوليكي. • في 6 أغسطس سنة 525م قرر الإمبراطور ثيودريك تسليم جميع الكنائس الكاثوليكية للآريوسيين، ردًّا على حملة الإمبراطور جستنيان في الدولة البيزنطية ضد الأريوسين. فأنزل الاضطهاد والتعذيب على الكاثوليك، وسجن في هذه الفتنة البابا(*) يوحنا الأول عام 525م. • العصور المظلمة: ويطلقها مؤرخو النصرانية على الفترة من تولِّي البابا جرجوري الأول عام 590م حتى تولي شارلمان الإمبراطورية 800 – 840م حيث شهدت العديد من الصراعات والانشقاقات التي أدت إلى الانهيار السياسي والانحطاط العلمي والثقافي للنصرانية. وإن تميزت بقوة التبشير النصراني، بالإضافة إلى شروق شمس الإسلام من جبال فاران (بمكة المكرمة) عام 610م حتى عمت أشعتها نصف العالم، وأخضعت العديد من الممالك النصرانية في مصر وأفريقيا والأندلس وصقلية ودول الشام وإيران، ومن أبرز شخصيات هذا العصر: - البابا(*) جرجوري الأول 590 – 604م: الذي يلقب بجريجوري العظيم، لاهتمامه البالغ بتطوير الكنيسة(*) وإصلاحها، متأثراً بمبادئ وأصول الأديرة البندكتية التي نشأ فيها. بالإضافة إلى اهتمامه بالنواحي السياسية والإدارية، والدعوة للنصرانية حتى امتد نفوذ الكنيسة في عهده إلى أفريقيا وغاليا – فرنسا- ودخلت أسبانيا وإنجلترا في النصرانية بعد بعثة القديس أوغسطين عام 597م، وقد أصبحت الكنيسة في عهده أشبه بالحكومة المدنية العلمانية، وبذلك استطاع فرض سيادة البابوية على الأساقفة(*) الشرقيين في النواحي القضائية بما فيهم بطريرك(*) القسطنطينية، فحقق بذلك للبابوية قسطاً من السمو لم يسبق إليه مما كان لذلك الأثر البالغ في تذكية الصراع بين البابوية والإمبراطورية. • القرون الوسطى : وتطلق على الفترة مابين 800 – 1521م التي اتسمت بكثرة الحروب الأهلية، والتي دامت طويلاً بين البابوية والإمبراطورية، واتسمت بظهور حركات(*) الخروج على مبادئ الكنيسة فيما وسَمَتها الكنيسة بالهرطقة، ولذلك توسعت في استخدام محاكم التفتيش ضد هذه الحركات، وضد الأصوات المنادية بالإصلاح الكنسي. وفي تلك الفترة أيضاً كانت بداية الحروب الصليبية، بالإضافة إلى فتح المسلمين للقسطنطينية عام 1453م ويمكن تقسيم أهم أحداث الكنيسة(*) الكاثوليكية خلالها إلى: - العهد فيما بين شارلمان وجريجوري السابع 800 – 1073م: وفيه ازدهرت البابوية، حيث اعتبر شارلمان المتوَّج من البابا ليو الثالث 800م نفسه حامياً للبابوية، وأنه رأس الكنيسة والدولة معاً، فأصبح يعين الأساقفة(*) ويتولى رئاسة المجامع الرئيسية التي يدعو إليها، بالإضافة إلى تشريعه للقوانين اللازمة للكنيسة – القانون الكنسي(*) – كما اهتم بإصلاح المدارس الدينية، ورفع مستوى رجال الدين الثقافي؛ فظهرت لذلك نهضة علمية واسعة في عصره، إلا أن الصراع مع البابوية تجدد مرة أخرى لرغبة البابا ليو الثالث في التخلص من سيطرة الإمبراطور، لكنه لم يفلح في ذلك. - الشقاق العظيم: والمراد به الاختلاف الكبير الذي أدى إلى الانفصال النهائي للكنيسة الشرقية والأرثوذكسية عن الكنيسة الغربية الكاثوليكية، بعد محاولة البابا ليو التاسع 1054م فرض عقائد وأفكار الكنيسة الغربية على الشرق، التي رفضها بطريرك(*) القسطنطينية ميخائيل كيرولاريوس الأمر الذي فجَّر ما بينهما من الخلافات القديمة حول انبثاق روح القدس(*). - العهد فيما بين البابا(*) جريجوري السابع والبابا بويفيس 1073- 1294م: كان للبابوية في هذه الفترة دورها الكبير في تقرير تاريخ أوروبا كما كان لها في السابق، وذلك بعد سلسلة من الصراعات بين البابوية والإمبراطورية التي عقد من أجلها اللاتران الأول عام 1112م والثاني عام 1139م الذي أعلن فيه البابا أنوسنت الثاني 1130-1143م أن البابا له السيادة العليا على جميع الحكام العلمانيين. وما انتهى هذا الصراع في هذه المرحلة إلا بعد توقيع الصلح بين البابوية والإمبراطور فردريك 1177م. ومن أهم أحداث هذه الفترة انطلاق الحملات الصليبية التي دعا إليها البابا جريجوري السابع عام 1074م. وقد أعلن عن بداية هذه الحملات البابا أوربان الثاني في مجمع كليرمونت عام 1095م، ولم يكتب هذه الحملات النصر إلا في الحملة الأولى ثم انكسرت شوكتهم بعد ذلك. كما شهدت تلك الفترة ظهور حركات(*) الهرطقة ضد الكنيسة(*)، ومنها حركة المارسونية(*) التي تُمثل أكبر بدعة(*) ناهضت الكنيسة في تلك الفترة، بالإضافة إلى سقوط القسطنطينية على يد الحملة الصليبية الرابعة 1453م بالإضافة إلى تقنين القانون الكنسي(*). - العهد بين البابا بونيفيس الثامن إلى عهد الإصلاح 1294 – 1517م: وهذه الحقبة التاريخية تمثل أخر فترات القرون الوسطى في أوروبا، وفيها اشتد الصراع بين البابوية والإمبراطورية التي عملت على تفتيت قوة ونفوذ البابوية إلى أن تم إضعافها تحت ضربات حركات الإصلاح المتتالية، وتأسيس كنيسة(*) البروتستانت – المعترضين. ومن أهم الأحداث الكنيسية في تلك الفترة: فشل حركات الإصلاح الكنسي لتواطؤ البابا مارتن الخامس والبابا أبو جينوس الخامس 1417 – 1447م على إجهاض حركات الإصلاح تحقيقاً لأطماعهم الشخصية. كما شهدت تأسيس عدد من الجمعيات(*) الرئيسية لمساعدة الكنيسة ضد حركات الخروج عليها، وإمدادها بأتباع مخلصين مثل: اليسوعيين عام 1534م. والإخوان الفرنسيسكان والإخوان الدومينكان. • مجمع ترنت 1542 – 1563م: الذي عقد على أثر ثورات الإصلاح التي علا صوتها بعد إعدام حناهس التي من أبرزها ثورة(*) مارتن لوثر التي ساندتها الحكومة والشعب الألماني. وفي الوقت نفسه كان في سويسرا ثورة أخرى بقيادة الرخ زونجلي، ليعارض الكنيسة(*) ويؤيد دعوة لوثر، فعُقِد مجمع ترنت ليقرر عدم قبول آراء الثائرين، ويقضي بمحاكمة لوثر أمام محكمة التفتيش، ثم ليصدر البابا(*) ليو العاشر قراراً بحرمانه من الحقوق المدنية والرئيسية والقانونية، ليظهر بعد ذلك معارض ثالث في فرنسا: جون كلفن 1509-1564م الذي هرب إلى سويسرا لينشر مبادئ مارتن لوثر ويجمع حولها الأنصار، وتؤيده في ذلك بعض الدول؛ ليتقلص نفوذ الكنيسة(*) الغربية – الكاثوليكية- وتنفصل عنها كنيسة جديدة – البروتستانتية – لتزيد من الفرقة والشقاق في العالم النصراني(*)، ولتشتعل الحروب الطاحنة بين الكنيستين لعدة سنوات التي ذهب ضحيتها خلق كثير، حتى أمكن التوصل إلى صلح – صلح أوجزبرج – سنة 1555م على أساس إقرار مبدأ إسيبير الأول سنة 1526م القائل: بأن لكل أمير الحق في اختيار المذهب(*) الذي يريد سريانه في إمارته. وهكذا غربت شمس الكنيسة الكاثوليكية، وتقلَّص سلطانها؛ إذ أصبح بمقدور كل دولة الخروج على سلطة البابا(*). • مجمع روما 1769م: في هذا الجو العاصف بالحركات الثائرة على الكنيسة عُقد هذا المجمع ليحدث مزيداً من الانشقاق داخل الكنيسة بسبب تقريره عصمة البابا، لتظهر جماع من المخالفين للقرار، سموا أنفسهم بالكاثوليك القدماء. • موقف الكنيسة من العلم والعلماء: ما إن ظهرت في أوروبا بوادر النهضة العلمية المتأثرة بحضارة المسلمين في الأندلس بعد ترجمة العلوم الإسلامية واليونانية إلى اللاتينية، وبرز عدد من العلماء الذين بينوا بطلان آراء الكنيسة(*) العلمية وبخاصة في الجغرافيا والفلك، حتى تصدت لهم الكنيسة استناداً على ما ورد في الإصحاح الخامس من إنجيل يوحنا: "إن كان أحد لا يثبت في يطرح خارجاً كالغصن فيجف، ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق". ولذلك استخدمت ضدهم الرقابة على الكتب والمطبوعات لئلا يذيعوا آراءً مخالفةً للعقيدة الكاثوليكية، وتوسعوا في تشكيل محاكم التفتيش ضدهم، وقد حكمت تلك المحاكم في الفترة من 1481-1499م على تسعين ألفاً وثلاثة وعشرين شخصاً بأحكام مختلفة، كما أصدرت قرارات تحرِّم قراءة كتب جاليليو وجيوردا نويرنو، وكوبرنيكوس، ونيوتن لقوله بقانون الجاذبية الأرضية، وتأمر بحرق كتبهم. وقد أحرق بالفعل الكاردينال(*) إكيمنيس في غرناطة ثمانية آلاف كتاب مخطوط لمخالفتها آراء الكنيسة(*). • الكنيسة في عصر النهضة: - في النصف الثاني من القرن السابع عشر، ازداد غضب الناس والعلماء والفلاسفة من سوء سلوك رجال الكنيسة(*)، ومن الرقابة التي فرضوها على المطبوعات، وتوسُّعهم في استخدام محاكم التفتيش، ومبالغتهم في القسوة والتعذيب ضد المخالفين والعلماء، مما أثار الفلاسفة من أمثال ديكارت وفولتير، الذين وجّهوا سهام النقد إلى الكنيسة وآرائها، ودعوا إلى إعلاء العقل(*) مقابل النصوص الرئيسية، بفرض أن العقل يستطيع إدراك الحقائق العلمية، والخير والشر. - في عام 1790م أصدرت الجمعية الوطنية الفرنسية قرارات قاصمة لظهر الكنيسة حيث ألغت العشور الكنسية، وصادرت أموالها، وأجبرت رجال الكنيسة على الخضوع للدستور المدني، وأخذت تعين رجال الكنيسة بدلاً من البابا(*)، بالإضافة إلى إغلاق المدارس التابعة للكنيسة، وتسريح الرهبان(*) والراهبات. - في سبيل حفاظ البابا جريجوري السادس عشر على مكانته بعد هذه القرارات أصدر البابا عدة منشورات يدين فيها حركة(*) الحرية(*) السياسية، والحرية الاقتصادية، على أنها تحمل مضامين تخالف الدين(*) المسيحي. - جاء القانون الذي أقرَّته الحكومة الفرنسية 1905م بفصل الدين(*) عن الدولة على أساس التفريق بينهما وإعلان حياد الدولة تجاه الدين، كقاصمة أخرى شجعت المعارضين للكنيسة على نقد نصوص الكتاب المقدس والكنيسة بحرية، كما أجبر هذا القانون رجال الكنيسة على أن يقسموا يمين الولاء والطاعة للشعب والملك والدستور المدني الجديد. وقد امتدت هذه القرارات حتى شملت دول أوروبا، لينتهي بذلك دور الكنيسة(*) في محاولة السيطرة على السياسة، ولتنزوي داخل الجدران، لتمارس الوعظ والترانيم على الأنغام الموسيقية. • الكنيسة والماسونية: - تنبه رجال الكنيسة إلى شرور الحركات(*) السرية بعد أن رأوا أن معظم رجال تلك الحركات أعضاء في الجمعيات والأندية الماسونية، ويعتبر البابا(*) تليمنوس الثاني عشر أول من تصدى لهم وكشف زيفهم في مؤتمر 28/4/1738م ثم تبعه البابا بندكتوس الرابع عشر، والبابا بيوس السابع، والبابا أوربان الذي أصدر قراراً بالبراءة من الماسونية. - كان موقف البابا بيوس العاشر من أقوى تلك المواقف في التصدي للماسونية في العصر الحاضر وذلك بعد رفضه محاولة مؤسس الصهيونية تيودر هرتزل عام 1903م في كسب موافقة الفاتيكان(*) للاستيطان في فلسطين، كما رفض مبدأ قيام دولة لليهود في فلسطين، والاستيلاء على القدس، إلا أن اليهود استطاعوا بعد تغلغلهم في النصرانية تنصيب أحد عملائهم البابا بولس السادس الذي ما إن جلس على كرسي البابوية حتى غيَّر موقف الفاتيكان من الماسونية واليهود، حيث أعطى في ديسمبر 1965م الحق للكهنة(*) في إلغاء الحرمان عن الكاثوليك الذين انضموا إلى الماسونية. بل عقد مجمعاً في الفاتيكان ليعلن براءة اليهود من دم المسيح(*)، ضارباً بنصوص الكتاب المقدس وقرارات المجامع والباباوات السابقين له عرض الحائط متابعاً لرأي الكاردينال(*) بيا اليهودي الأصل. وقد عارضه في ذلك الكاردينال الكاثوليكي الفرنسي مارسيل ليفيفر بقوله: "لقد زج المجمع المسكوني الكنيسة(*) للثورة(*). ومن هذا الزواج السفاح لا يجيء غير أبناء الزنا..". وفي أثناء زيارة البابا بولس السادس للقدس عام 1964م أعلن اعترافه بدولة اليهود في فلسطين المحتلة. • الكنيسة في خدمة الاستعمار الغربي: - مع إقرار الكنيسة بفصل الدين(*) عن السياسة داخل أوروبا، فإن مجلس الكنائس العالمي يقرر في مؤتمر سالونيك باليونان عام 1956م: "أن السياسة هي المجال الذي يتحتم على الكنيسة في دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية أن تعمل فيه، وأن على الكنائس أن تراقب خطط التنمية في تلك الدول لتميز بين ما يتفق مع إرادة الله – الزراعة والفلاحة فقط – وبين عمل الشيطان – الصناعة والتقدم العلمي – لتعلن للقوم أين يقف الله، ومن أين يطل الشيطان"، ويقرر في مؤتمر نيودلهي عام 1961م: "إن على الكنيسة أن تكون متأهبة للصراع مع الدولة في أي وضع وتحت أي نظام سياسي" وما ذلك إلا لتسخير تلك الشعوب ومقدراتها، وضمان تبعيتها باستمرار للمستعمر الغربي؛ حيث تشيع بينهم أن التقدم الاقتصادي وارتفاع مستوى المعيشة سيأتي دائماً معه بكثرة الخطايا والشرور. • بعث الأمة الكاثوليكية: البابا(*) الحالي للفاتيكان(*) يوحنا بولس الثاني (1978-…) الكاردينال(*) كارول البولندي الأصل الذي يتميز عن غيره بأنه رجل تنظيم وسياسة. ولذا فإنه يتبنى فكرة بعث الأمة الكاثوليكية من خلال إيجاد حكومة عالمية أو إمبراطورية مقدسة، التي لا تكون إلا من خلال تحقيق وحدة القارة المسيحية(*) الأوروبية وبناء أوروبا جديدة على القواعد النصرانية، مما لابد فيه من حدوث صراع سياسي ومالي وربما عسكري، وأن مهمة الفاتيكان فيه هو تهيئة الأجواء لكسب هذا الصراع الحتمي مع التجمعات الأيدلوجية(*) الأخرى. والبابا متأثر في ذلك بأفكار حركة(*) المنشأة الإلهية (Opos Dei) والقاضية بأنه بالحكم والمال وحدهما تتحقق الآمال، ويحدث التغيير. كما يراهن البابا يوحنا بولس الثاني على أن قارة أفريقيا ستصبح قارة نصرانية عام 2000م وفي سبيل ذلك فإنه يقوم بما يزيد على أربع رحلات سنويًّا، ويحاول التقارب وإيجاد أرضية عمل مشترك مع الطوائف النصرانية الأخرى رغم ما بينهم من خلافات جذرية. - أعلنت لجنة الفاتيكان(*) للعلاقات مع اليهود براءة جديدة لليهود من دم المسيح(*) في 24 يونيو 1985م ونشرتها مجلة أوبسير فاتوري رومانو لسان حال الفاتيكان في عددها الصادر بتاريخ 25 يونيو 1985م، وذلك بناءً على توجيهات البابا(*) يوحنا بولس الثاني. كما دعت تلك الوثيقة إلى عدم اعتبار اليهود شعباً منبوذاً أو معادياً للمسيح. على أن المسيح نفسه كان يهوديًّا وسيظل يهوديًّا، ولذلك فهي تؤكد أيضاً أن أرض فلسطين المحتلة هي أرض أجداد اليهود، كما تدعو إلى ترك المفهوم التقليدي للشعب المعاقب كما في نظر النصرانية لأنه يبقى في النهاية الشعب المختار. الأفكار والمعتقدات : • الألوهية: تؤمن الكنيسة(*) الكاثوليكية مثل باقي الكنائس الأخرى بإله(*) واحد مثلث الأقانيم(*): الأب(*)، الابن (*)، الروح القدس(*)، على حسب ما ورد في قانون الإيمان النيقاوي لعام 325م كما تؤمن بأن للمسيح(*) طبيعتين بعد الاتحاد: إحداهما لاهوتية، والأخرى ناسوتية. • يؤمن الكاثوليك بما أقر في مجمع القسطنطينية الرابع عام 869م من أن الروح القدس منبثق من الأب والابن معاً. • الأقانيم(*): يعتقد الكاثوليك أن أقنوم الابن أقل من أقنوم الأب في الدرجة، وأن الأقانيم ما هي إلا مراحل انقلب فيها الله إلى الإنسان، ولذا فهي ذوات متميزة يساوي فيها المسيح(*) الأب حسب لاهوته(*) وهو دونه حسب ناسوته(*)، كما ينص على ذلك قانون الإيمان الأثناسيوسي. • التجسد والفداء: الإيمان بتجسُّد الله- تعالى عن قولهم – في السيد المسيح من أجل خلاص البشرية من إثم خطيئة آدم وذريته من بعده، فيعتقدون أنه وُلد من مريم وصلب ومات فداءً لخطاياهم، ثم قام بعد ثلاثة أيام ليجلس على يمين الرب ليحاسب الخلائق يوم الحشر. • السيدة مريم والأيقونات: يقدسون السيدة مريم والقديسين والقديسات، والأيقونات المجسمة والمصورة مع الإشادة بالمعجزات. • الإلهام: تؤمن الكنيسة الكاثوليكية بالإلهام كأحد مصادر المعرفة والوحي(*) المستمرة. • الصليب: يقدسون الصليب ويتخذونه شعاراً. • الكتاب المقدس: تؤمن الكنيسة الكاثوليكية بنصوص الكتاب المقدس وبما يتضمنه من التوراة(*) وأسفار الأنبياء وبالعهد الجديد(*) ورسائل الرسل(*) على ما أقر في مجمع نيقية الأول. • أسرار الكنيسة(*): يؤمن الكاثوليك بممارسة سر الاعتراف مرة واحدة في السنة، وكذلك سر التناول في عيد الفصح، كما يستعملون الفطير في العشاء الرباني(*) بدلاً من الخبز المختمر، والمعمودية(*) لا تتم إلا بالرش لا بالتغطيس ثلاثاً وتكون من الكاهن(*) أو بالصبغة بدم الشهيد في سبيل الإيمان فقط، والمسح بالميرون المقدس يجوز تأخيره عن التعميد(*) للقاصر حتى يبلغ سن الرشد، ولا يمسح بالزيت المقدس إلا لمن شارف على الموت، ويحرم الطلاق في جميع الأحوال حتى في حالات الزنا، وقد انفردت الكنيسة الكاثوليكية بسر ثامن عن الكنائس الأخرى ألا وهو عصمة البابا(*) عن ارتكاب المعاصي والآثام. • الحياة الأخرى: يعتقد الكاثوليك أنه يوجد بعد الموت مكان ثالث يسمى المطهر تُعتقل فيه النفوس التي لم تصل إلى درجة النقاوة الكاملة، وتظل تُعذَّب حتى تطهر بما بقي عليها من الدين للعدل الإلهي، وعندئذ يسمح لها بدخول الملكوت. • خلق أفعال العباد: وأن كل ما خلقه الله تعالى حسن وإنما الشر من خلق العباد. • تبيح أكل الدم والمنخنقة على خلاف قرارات مجمع الرسل الأول في أورشليم 51-55م ويجوز للرهبان(*) أكل دهن الخنزير، ولبس الأساقفة(*) الخواتم في أصابعهم، كما يجوز للكهنة(*) حلق لحاهم على عكس الأرثوذكس. • القداس: القداس محور العبادة والحياة الروحية على أنه يقام يومياً. • الصلاة والصيام: الصلاة الفردية أساسية في الدين(*) على أن للصلاة طرقاً عديدة، وينبغي أن تقترن بشيء من التقشُّف، والصيام المفروض هو الصوم الكبير السابق لعيد الفصح، وجعل صوم الجمعة والسبت فقط عبارة عن الانقطاع عن أكل اللحوم. كما فرض أيضاً صوم الأزمنة الأربعة فيما يعرف بصوم البارامون (أي الاستعداد للاحتفالات) وهي السابقة لأعياد الميلاد، والعنصرة وانتقال العذراء وجميع القديسين. ويوجد خلاف بين الكنيسة(*) اللاتينية وطوائف الكنيسة الكاثوليكية الشرقية في قواعد الصوم. • الطقوس : تتميز باستعمال اللغة اللاتينية، والبخور، والصور، والتقويم الخاص بها. - للكنيسة الكاثوليكية عدة طقوس إلى جانب الطقوس الرومانية، هناك من يستعمل الطقوس الشرقية مثل الروم الكاثوليك، جنوب إيطاليا، والموارنة والسريان الذين يتبعون الطقس الأنطاكي، وهناك كاثوليك أقباط وأحباش يستمسكون بالطقس القبطي. • التنظيم الكهنوتي "الإكليروس": يدير البابا(*) الكنيسة(*) بواسطة كرادلة(*) في روما ومطارنة(*) في جميع أنحاء العالم. تنقسم الكنيسة عند الكاثوليك إلى أبروشيات(*) على رأس كل أبروشية مطران يعينه البابا، وفي كل أبروشية عدة كنائس يديرها كهنة رعاة لخدمة أبناء الكنيسة. - البابا: كما تعتقد أن السيد المسيح(*) أقام بطرس نائباً على الأرض ورئيساً على الرسل ورأساً للكنيسة، وعلى ذلك فالبابا في روما هو خليفة بطرس ورأس الكنيسة من بعده، ومرشدها الأعلى لجميع الكاثوليك في العالم. ونظراً لاعتقادهم بعصمة البابا فإن المغفرة حق من حقوق الكنيسة تعطيها لمن تشاء. - الجماعات الدينية المكونة من الرهبان(*) والراهبات تخضع لبابا روما عن طريق رؤسائها الموجودين في روما. - يدرس الكهنة(*) قبل اضطلاعهم بمهمتهم العلوم الدينية خمس أو ست سنوات ويدربون في معاهد دينية خاصة، ولا يتزوج رجال الدين إلا القليل منهم. الجذور الفكرية والعقدية: • نصوص الكتاب المقدس، بالإضافة إلى المجامع المسكونية والإقليمية أو المحلية التي أيدت عقيدة الكنيسة. • الديانات الوثنية(*):المجوسية(*)، البوذية، الرومانية، المصرية القديمة. • الفلسفة(*)الأفلاطونية الحديثة، الفلسفة الغنوصية(*). الانتشار ومواقع النفوذ: • تنتشر في أوروبا: إيطاليا، فرنسا، لتوانيا، بولندا، سلوفاكيا، المجر، كرواتيا، بلجيكا، أسبانيا، البرتغال، أيرلندا، كندا الفرنسية، أمريكا اللاتينية، الفلبين، وجنوب شرق آسيا. وهناك أقليات في الولايات المتحدة الأمريكية، وهولندا، وألمانيا، وبعض دول أفريقيا. يتضح مما سبق: • أن المتأمل في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية لَيجِد أنه كان لها دور كبير في أحداث تاريخ أوروبا بمختلف مراحله. • كان للصراع مع الحكام والملوك أثره في ظهور عقائد جديدة في الكنيسة لم تكن من قبل مثل: سمو مكانة البابوية والكنيسة الغربية، وعصمة البابا(*) عن ارتكاب الآثام والمعاصي بزعم أن روح القدس(*) ينطق من فِيِه – على ما أقر في مجمع روما عام 1769م السر الثامن (1). • ونظراً لإتباع الهوى وترك التشريع للرجال والمجامع ظهر التضارب في آراء الكنيسة(*) والانقسام في صفوفها، فما يُقر في مجمع يُنقض في آخر، وفي كلتا الحالتين يأخذ صفة الحكم الإلهي، ففي فترات سيطرة رجال الكنيسة على مقاليد الحكم تستند إلى أقوال القديس أغسطس القاضية بأن تخضع سلطة الدولة لسلطة الكنيسة التي تمثل مدينة الله. وفي فترات الاضطهاد تظهر دعاوى فصل الدين(*) عن الدولة مثلما جاء في رسالة هوزيوس أسقف(*) قرطبة للإمبراطور قسطنطيوس عام 355م: "أما من جهتك فينبغي ألا تجر على نفسك جريمة ارتكاب ذنب خطير، بأن تسعى لأن تتولى حكومة الكنيسة، فلتُعطِ ما لقيصر لقيصر، ولتجعل لله ما لله، فلا يجوز لنا أن نباشر سلطة دنيوية وليس لك أيها الإمبراطور الحق في أن تحرق البخور". وهذا ما اعتقدته حركة(*) الإصلاح الكلوانية أنه سبيل لإصلاح الكنيسة. • انتشرت داخل الكنيسة كافة مظاهر الانحراف والفساد مثل السيمونية(*)، ومخالفة القانون الكنسي(*)، رغم دعاوى الرهبنة(*) والعزوبة وحياة الزهد والتقشف التي فرضها القانون الكنسي، ولم تستثن أحداً بدءً من البابا (*) حتى أصغر كاهن(*) وراهب. تقول القديسة كاترين السينائية في القرن الرابع عشر الميلادي: "إنك أينما وليت وجهك سواء نحو القساوسة(*) أو الأساقفة(*) أو… لم تر إلا شرًّا ورذيلة، تزكم أنفك رائحة الخطايا الآدمية البشعة، اتخذوا بطونهم إلهاً لهم، يأكلون ويشربون في الولائم الصاخبة، حيث يتمرغون في الأقذار، ويقضون حياتهم في الفسق والفجور". - كان للرهبانية أثرها البالغ على الأخلاق(*) الأوربية، فانعدمت أخلاق الفتوة والمروءة التي أصبحت من المعايب والرذائل، كما هجر الناس البشاشة والسماحة والشجاعة. ومن أهم نتائجها أن تزلزلت دعائم حياة الأسرة، فكثيراً ما أصبحت الأمهات ثكلى، والأزواج أيامى، والأولاد يتامى، بعد خطفهم من الرهبان، فأصبحوا يتكفَّفون الناس ويتوجهون إلى الصحراء، همهم الوحيد أن ينقذوا أنفسهم في الآخرة. وكان الرهبان يفرون من ظل النساء ويتأثمون من قربهن، يعتقدون أن مصادفتهن في الطريق العام والتحدث إليهن ولو كن أمهات أو زوجات أو شقيقات تحبط أعمالهم وجهودهم الروحية. • رغم الجوانب والآثار السلبية للحروب الصليبية وما تميزت به من قسوة ضد المخالفين سواء كانوا من نصارى أو مسلمين، إلا أنها كانت سبباً في انتقال المعارف الإسلامية إلى أوروبا. تقول الكاتبة الألمانية هونكة في شمس العرب تسطع على الغرب: "وكان للحروب الصليبية دور هام في تطور نظام الحصون وطرق الدفاع، أي في أوروبا"، وتقول: "اختلط ملوك أوروبا وأمراؤها بملوك الشرق وأمراء المسلمين في أثناء الحرب الصليبية، ورأوا بأعينهم أدباء العرب وشعراءهم ومؤرخيهم، لاسيما من كان منهم بمعية صلاح الدين الأيوبي". وتقول: "وفي مراكز العلم الأوروبية لم يكن هناك عالم واحد من بين العلماء إلا ومد يديه إلى الكنوز العربية". ومع ذلك لا تزال الصليبية على عهدها الأول يمنعها عن قبول الحق حواجز التقليد(*) للآباء والأجداد والعقائد المتوارثة حتى لو شهدت الأدلة الساطعة على بطلانها. وقد نص القرآن الكريم على أمثالهم بقوله تعالى: {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون}. • لم تقتصر محاكم التفتيش على المخالفين للكنيسة(*) من النصارى فقط ولكنها طالت المسلمين أيضاً، ففي القرن الخامس عشر والسادس عشر بعد سقوط الأندلس ذبحوا وأحرقوا ما يزيد على 31 ألفاً من المسلمين ولم يتركوا مسلماً على قيد الحياة أو غير منفي. وبعد استقلال اليونان عن الدولة العثمانية أباد النصارى شعب موريا المسلم عن أخره، بل ودمروا المساجد، وما فعله الأسقف(*) مكاريوس بمسلمي قبرص، والمتعصب جوليوس نيريري بمسلمي زنجبار منا ببعيد. • تنتقد دائرة المعارف البريطانية دعوى الإلهام التي ما زالت تؤمن بها الكنيسة الكاثوليكية على أنها أحد مصادر المعرفة والوحي(*) بقولها في المجلد الحادي عشر: "إن كل قول متدرج في الكتب المقدسة ليس إلهاميًّا" وهو ما أيده جيروم وكرتيس وبمركوبيس وغيرهم من علماء النصرانية في القرن الثاني الميلادي حيث قالوا: "إن الذين يقولون إن كل مندرج في الأناجيل(*) إلهامي لا يقدرون على إثبات صحة دعواهم". وهو ما أكدته دائرة المعارف الفرنسية في المجلد السابع من أن: "هؤلاء الحواريين أصحاب المسيح(*) ما كان يرى بعضهم بعضاً صاحب وحي كما يظهر في مباحثاتهم في محفل أورشليم". • وكما جنت الكنيسة(*) على الديانة(*) النصرانية بإدخال العقائد الوثنية، علاوة على التبديل والتحريف(*) الذي لحق بالنصرانية وكتابها، جنت أيضاً عليها وعلى الإنسانية بمحاربتها للعلم والعلماء باسم الدين(*). وظهور الفساد داخل الكنيسة، مما دفع الأفكار الإلحادية(*) المناوئة للدين إلى الظهور تحت ستار المناداة بحرية(*) الفكر، وحرية اختيار المذاهب(*) الاعتقادية ولو كانت إلحادية، وبالتالي ظهرت الدعوات إلى الإلحاد والعلمانية بمذاهبها المختلفة. يقول فولتير في كتابه مقبرة التعصب: "ينبغي أن يخضع القسس(*) للحكومة لأنهم أفراد من الرعية التابعة للدولة". ونتيجة لحرية الفكر والقضاء على رقابة الكنيسة تم بعث التراث الفلسفي اليوناني، سواء المترجم بالعربية أو اليونانية، وظهرت المذاهب المادية(*) الإلحادية والفلاسفة الماديين أمثال برتراندراسل، هيجل، وأنجلز، وكثرت مؤلفاتهم التي تدعو إلى القضاء على الدين(*). يقول ديدرو هلباخ، ورينال في الأنكلوبيديا: "إن الشرائع والأديان هي العوائق التي تحول دون حصول الإنسان على السعادة، فيجب عليه محوها ليرجع إلى الطبيعة" (تاريخ التمدن الحديث، شارل أسنيوبوس، ص47). • إن النصرانية التي يتبناها الفاتيكان(*) اليوم هي النصرانية السياسية التي تريد ربط دول آسيا وأفريقيا بعجلة الغرب عن طريق نشر النصرانية بينهم، وخلق جملة من الأفكار النصرانية التي تقف أمام الإسلام والمسلمين في جميع الميادين. وفي سبيل ذلك تقاربت طوائف النصرانية واليهودية للحد من مارد الإسلام الذي بدأ يصحو من جديد. - يقول رازينجر منظر السياسة في الفاتيكان: "من يبحث عن حل خارج الكنيسة في عصرنا الحدث ليس إلا واحد من اثنين: - العودة إلى عصر ما قبل المسيح(*) – أرسطو وأمثاله. - التعلق بثقافة غير أوروبية من جهة وبالإسلام من جهة أخرى. - وبما أن الاحتمال الأول ليس له إمكانية الحياة، فيبقى الاحتمال الثاني – الإسلام – فعلينا أن نحذر الإسلام أكثر بكثير مما مضى، فهو اليوم يعود من أعماق التاريخ ليقدم بديلاً عن نظامنا المشبع بالنصرانية". ويقول في أهمية وجود أندية لملء الفراغ الأيدلوجي(*) لسقوط الشيوعية: "إن حدوث الفراغ الأيدلوجي في الثقافة العالمية بما يعني الانفتاح على الثقافات الأخرى بما فيها من مثل وقيم ومبادئ، وإن البقاء على التقليدية الكنسية السابقة، وما لقيصر لقيصر، ولا دين(*) في السياسة ولا سياسة في الدين، سيترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها لدخول الإسلام". ولذلك عملت الكنيسة(*) على تجنيد السياسة والإعلام الأوروبي، وتوجيه عموم الشعب، نحو خصم جديد – الإسلام – ويتضح ذلك من ردود فعل رجال السياسة الأوروبيين وتصريحاتهم حول رواية سلمان رشدي وغيره، ومن الحملات الإعلامية حول الأصولية والإرهاب. يتبـــع ---- > |
المارونية التعريف: المارونية، طائفة من طوائف النصارى الكاثوليك الشرقيين، قالوا بأن للمسيح(*) طبيعتين ومشيئة واحدة(*)، ينتسبون إلى القديس مارون ويعرفون باسم الموارنة متخذين من لبنان مركزاً لهم. التأسيس وأبرز الشخصيات: تنتسب هذه الطائفة إلى القديس مارون الذي انعزل في الجبال والوديان مما جذب الناس إليه مشكِّلين طائفة عرفت باسمه، وكانت حياته في أواخر القرن الرابع الميلادي فيما كان موته حوالي سنة 410م بين أنطاكية وقورس. وقع خلاف شديد بين أتباع مارون وبين كنيسة الروم الأرثوذكس مما اضطرهم إلى الرحيل عن أنطاكية إلى قلعة المضيق قرب أفاميا على نهر العاصي مشيدين هناك ديراً يحمل اسم القديس مارون. وقع كذلك خلاف آخر في المكان الجديد بينهم وبين اليعاقبة الأرثوذكس من أصحاب الطبيعة الواحدة عام 517م مما أسفر عن تهديم ديرهم فضلاً عن مقتل 350 راهباً(*) من رهبانهم. خلال فترة الرحيل نالهم عطف الإمبراطور مرقيانوس الذي وسّع لهم الدير عام 452م. وعطف الإمبراطور يوستغيان الكبير 527-565م الذي أعاد بناء ديرهم بعد تهديم اليعاقبة له. وكذلك عطف الإمبراطور هرقل الذي زارهم سنة 628م بعد انتصاره على الفرس. احتكم الموارنة واليعاقبة عام 659م إلى معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – لإنهاء الخلاف بينهم، لكن الخصومة استمرت، إذ حدثت حروب انتقامية بين الطرفين مما أسفر عن هجرة الموارنة إلى شمالي لبنان وهو المكان الذي أصبح موطناً لهم فيما بعد. ظهر في موطنهم الجديد بلبنان القديس يوحنا مارون الذي يعتبر صاحب المارونية الحديثة ومقنن نظريتها ومعتقدها، وتتلخص سيرة حياته فيما يلي: ولد في سروم قرب أنطاكية، وتلقى دراسته في القسطنطينية. عين أسقفاً(*) على البترون على الساحل الشمالي من لبنان. أظهر معتقد الموارنة سنة 667م الذي يقول بأن في المسيح(*) طبيعتين ولكن له مشيئة واحدة لالتقاء الطبيعتين في أقنوم(*) واحد. لم تقبل الكنائس(*) النصرانية(*) هذا الرأي، فدعوا إلى مجمع القسطنطينية الثالث الذي عقد سنة 680م وقد حضره 286 أسقفاً وقرروا فيه رفض هذه العقيدة وحرمان أصحابها ولعنهم وطردهم وتكفير(*) كل من يذهب مذهبهم(*). يعد يوحنا مارون أول بطريرك(*) لطائفة الموارنة وبه يبدأ عهد البطاركة المارونيين. تصدى بجيش من الموارنة لجيش قاده يوستغيان الثاني الذي أراد هدم معابدهم واستئصالهم إلا أن الموارنة هزموه في أميون مما أظهر أمرهم كأمة جبلية ذات شخصية مستقلة. لقد تحايلت كنيسة روما بعد ذلك عليهم في سبيل تقريبهم منها حيث قام البطريرك الماروني أرميا العمشيتي بزيارة لروما حوالي سنة 1113م وعند عودته أدخل بعض التعديلات في خدمة القداس وطقوس العبادة وسيامة الكهنة(*). ولقد زاد التقارب بينهما حتى بلغ في عام 1182م إعلان طاعتهم للكنيسة (*) البابوية، أما في عام 1736م فقد بلغ التقارب حد الاتحاد الكامل معها فأصبحت الكنيسة المارونية بذلك من الكنائس الأثيرة لدى باباوات(*) روما. لقد كان لهم دور بارز في خدمة الصليبيين من خلال تقديمهم أدلاء لإرشاد الحملة الصليبية الأولى إلى الطرق والمعابر، وكذلك إرسالهم فرقة من النشابة المتطوعة إلى مملكة بيت المقدس. لقد بلغ رجالهم القادرون على القتال 40.000 على ما ذكر مؤرخو الحروب الصليبية. احتل الموارنة في الممالك التي شيدّها الصليبيون المرتبة الأولى بين الطوائف النصرانية متمتعين بالحقوق والامتيازات التي يتمتع بها الفرنجة كحق ملكية الأرض في مملكة بيت المقدس. لويس التاسع كان أول صديق فرنسي لهم، إذ تقدم إليه عندما نزل إلى البر في عكا وفدٌ مؤلف من خمسة عشر ألف ماروني ومعهم المؤن والهدايا، وقد سلمهم بهذه المناسبة رسالة مؤرخة في 21/5/1250م فيها تصريح بأن فرنسا تتعهد بحمايتهم فقد جاء فيها: "ونحن مقتنعون بأن هذه الأمة التي تعرف باسم القديس مارون هي جزء من الأمة الفرنسية". استمر هذا التعاطف من الغرب مع الموارنة في الأجيال التالية وذلك عندما أرسل نابليون الثالث فرقة فرنسية لتهدئة الجبل عام 1860م وكذلك بعد الحرب العالمية الأولى عندما صار لبنان تحت الانتداب الفرنسي. تيوفيل (تيوفيلوس) بن توما من شمال سوريا، ماروني، كان يعمل منجِّماً في قصر الخليفة العباسي المهدي 775-785م كما قام بترجمة إلياذة(*) هوميروس. المؤرخ اسطفانوس الدويهي المشهور، ماروني، توفي سنة 1704م. البطريرك(*) جرجس عميرة، ماروني، ألّف أول غراماطيق سرياني واضعاً قواعده باللاتينية تسهيلاً على المستشرقين دراسة هذه اللغة. من مشاهيرهم يوسف حبيش وبولس مسعد ويوحنا الحاج والبطريرك إلياس الحويك. ومن الأساقفة(*) المطران(*) جرمانوس فرحان ويوسف سمعان السمعاني ويوحنا حبيب ويوسف الدبس. ومن بيوتاتهم المعروفة آل خازن ودحداح وحبيش والسعد وكرام والظاهر والبستاني والشدياق والنقاش والباز.. ومن زعاماتهم المعاصرة: آل جمَيِّل، وشمعون، وفرنجية، وإده.. من تنظيماتهم السياسية الحزبية العسكرية حالياً: حزب(*) الكتائب وحزب الأحرار. منذ عام 1943م حتى اليوم استقر الأمر بأن يكون رئيس الجمهورية اللبنانية من الطائفة المارونية وذلك بموجب الميثاق الوطني الذي تم فيه الاتفاق شفوياً بين المسلمين والنصارى حول توزيع المناصب الرئيسية للدولة اللبنانية على مختلف الطوائف الدينية فيها. الأفكار والمعتقدات: أهم نقطة تميزهم عن بقية الطوائف النصرانية هو معتقدهم بأن للمسيح(*) طبيعتين وله مشيئة واحدة وذلك لالتقاء الطبيعتين في أقنوم(*) واحد. عقيدة المشيئة الواحدة قال بها بطريرك(*) الإمبراطور هرقل أيضاً 638م ليوفق بين عقيدة أصحاب الطبيعة الواحدة الذين يشكلون الأكثرية من رعاياه النصارى في سوريا وبين أصحاب العقيدة الأرثوذكسية للكنيسة البيزنطية، إلا أن هذه المحاولة لم تفلح في سد الثغرة بينهما. يعتقدون أن خدمة القداس عندهم مأخوذة عن تلك الخدمة التي ينسبونها إلى القديس يعقوب، كما يعتقدون أن هذه الخدمة إنما هي أقدم خدمة في الكنيسة(*) المسيحية(*) إذ إن أصولها ترجع إلى العشاء الرباني(*) الأخير. ما تزال الكنيسة المارونية تحتفظ باللغة السريانية في القداس إلى يومنا هذا. وما يزال الطابع السرياني سارياً حتى في الكنائس التي تعترف بسلطة البابا. منذ أوائل القرن الثالث عشر تم إدخال بعض التعديلات على الطقس الماروني القديم وذلك في عهد البابا(*) انوسنت الثالث ليكون أكثر تلاؤماً مع الطقس اللاتيني ومن ذلك: تغطيس المعمود ثلاث مرات في الماء. طلبة واحدة للثالوث. تكريس الأحداث على أيدي المطارنة(*) فقط. لقد صار الكهنة(*) يتبعون الزي اللاتيني في لبس الخواتم والقلنسوة التي تشبه التاج والعكاز. استعمال الأجراس بدلاً من النواقيس الخشبية التي تستعملها سائر الكنائس الشرقية في الدعوة إلى القداس متبعة بذلك التقليد اللاتيني. الجذور الفكرية والعقائدية: الموارنة فرع عن الكاثوليك الشرقيين الذين هم بدورهم فرع عن النصرانية بشكل عام لذا فإن جذورهم هي نفس الجذور النصرانية. يمتازون بالمحافظة الشديدة على تراثهم ولغتهم السريانية القديمة، وقد اقتربوا على مدار الزمن من الكنيسة(*) البابوية بروما بعد إدخال عدد من التعديلات على الطقوس المارونية القديمة. الانتشار ومواقع النفوذ: البداية في أنطاكية، ومن بعدها رحلوا إلى قلعة المضيق، وأخيراً صاروا إلى جبال لبنان موطنهم الحالي منذ النصف الثاني من القرن السابع الميلادي. منذ القرن الخامس عشر الميلادي أصبح دير قنُّوبين شمالي لبنان فوق طرابلس المبني في صخر من صخور وادي قاديشا (أي المقدس) مقراً للبطريركية المارونية، كما أصبحت بكركي المبنية فوق جونية المقر الشتوي حتى يومنا هذا، إذ لا يزال سيد بكركي. يلقب ببطريرك(*) أنطاكية وسائر الشرق ؛ ذلك لأنه مستقل عن سائر البطاركة الشرقيين، كما تخضع لإدارته مطارنة وأبرشيات(*) وجمعياتٌ(*) رهبانية(*) مختلفة. عندما استرد صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس غادر الملك غوي دي ليزنيان إلى قبرص فتبعه جمهور كبير من الموارنة، لوقوفهم إلى جانب الصليبيين إبان الاحتلال، مستوطنين هناك الجبل الذي يقع شمالي نيقوسيا. لقد فرَّ كثير من الموارنة من لبنان بسبب الحروب والهجرة فوصلوا إلى تكريت وغيرها من المدن بين دجلة والفرات منذ القرن الثاني والثالث عشر، كما ذهب بعضهم تجاه سوريا الداخلية مستوطنين دمشق وحلب، وفريق ذهب إلى القدس وهبط بعضهم الآخر إلى مصر ورودس ومالطة، وهاجر آخرون إلى أمريكا وأفريقيا واندونيسيا وما يزال أغلبهم يعيشون في لبنان ولهم أكبر الأثر في توجيه السياسة اللبنانية المعاصرة. ويتضح مما سبق: أن المارونية طائفة من النصارى الكاثوليك الشرقيين، الذين كانوا دائماً على خلاف مع معظم الطوائف الأرثوذكسية، لأنهم يقولون بأن للمسيح(*) طبيعتين ومشيئة واحدة، وهم يتخذون من لبنان مركزاً لهم، وقد أعلنوا طاعتهم لبابا(*) روما عام 1182م، وقد تعاونوا مع الفرنجة إبان الحروب الصليبية، ومنذ عام 1943م تم الاتفاق بين المسلمين والنصارى(*) في لبنان، على أن يكون رئيس الدولة مارونياً. يتبـــع ----> |
الجزويت التعريف: الجزويت فرقة كاثوليكية يسوعية تنتشر في أوروبا بصفة عامة، وفي البرتغال وأسبانيا وفرنسا بصفة خاصة، وهي جمعية(*) دينية متعصبة تهدف حالياً إلى القضاء على الدين(*) الإسلامي. التأسيس وأبرز الشخصيات: أنشأها قسيس(*) فرنسي يدعى أنياس لايولا في القرون الوسطى، وقد ساهمت في القضاء على المسلمين في الأندلس من خلال محاكم التفتيش، ويقوم عليها الآن مجموعة كبيرة من القسس والرهبان(*). الأفكار والمعتقدات: يلتزم الرهبان الذين ينتمون إليها بالمحافظة على أسرارها وعدم إفشائها ولو لأعضائها. يلتزم أعضائها كذلك بالمحافظة على سرية تعليماتها والحيلولة دون وصولها إلى أيدي الأجانب بشكل عام والأعداء بشكل خاص. بعد طرد هذه الجمعية من كثير من الدول الأوروبية، بدأت تستقطب عطف الساسة والمسئولين من خلال إظهار العداء للدين الإسلامي والتغلغل في الدول الإسلامية لبث الأفكار الهدامة بين المسلمين من خلال المدارس وتحت غطاء دور الخير والبر. تتستر هذه الجمعية خلف أعمال البر كإنشاء المدارس والمستشفيات في شتى بقاع العالم، وتظهر العطف على المرضى، وتلزم أعضاءها باصطناع التواضع لاستقطاب الناس إليها وإلى الدين النصراني. تقبل التبرعات وتتفنن في أساليب جمع الأموال، ولكي تنفي عن نفسها مظنة الاكتناز، فإنها تتبرع ببعض الأموال في نفس المكان للإيهام بأن هدفها هو خدمة الفقراء. يلتزم أعضاء الجمعية(*) بالمحافظة على هيبتها، فلا يختلفون أمام الغير، بل يظهرون تماسكهم ورغبتهم في خدمة الآخرين. عندما يذهب أعضاء الجمعية إلى إحدى المدن لأول مرة، فإنهم يجتنبون المبادرة إلى شراء الأرض، مدة معينة، حتى إذا ما ثبت أن شراء الأرض يعتبر ضرورياً، قاموا بالشراء، وغالباً ما يتم شراء الأرض باسم مستعار حتى لا تهتز ثقة الناس في الجمعية. تعتبر واردات الجمعية سراً مقدساً، فلا يطلع عليها إلا رئيس الرهبان(*)، وتعتبر خزانة الجمعية في روما، بكافة محتوياتها، سراً مقدساً كذلك، فلا يجوز إفشاؤه. الهدف الأساسي لهذه الجمعية الآن هو القضاء على أتباع الديانات الأخرى، لاسيما الدين(*) الإسلامي، لذلك فإن أعضاءها لا يستنكفون عن استخدام كافة أساليب الاستمالة ووسائل جذب الناس من أجل تنصيرهم. ولتحقيق هذا الهدف، فإن هذه الجمعية تعمل على كسب ثقة رجال الدولة، وإرضائهم، والإشادة بهم، وغض الطرف عن ممارساتهم غير السوية وأعمالهم غير المستقيمة، وإفهامهم عند الاقتضاء أن الرب قد غفر لهم. كما تعمل هذه الجمعية على كسب ثقة حكام البلدان التي يمارسون التبشير فيها، فيرسلون إليهم مندوبين على درجة عالية من الذكاء والدهاء والثقافة، ويحرص هؤلاء المندوبون على إيهام أولئك الحكام، أنهم موفدون من قبل بابا روما، وأنهم يحملون إليهم تحياته. يتجنب أعضاء الجمعية التكلف في اللباس ولا يقبلون الهدايا لأنفسهم، بل يحيلونها إلى دير الجمعية القريب من مكان وجودهم حتى يدخلوا في روع الناس أنهم مخلصون فيزداد العطف على الجمعية. يحاول أعضاء الجمعية بكافة الطرق الحيلولة دون إنشاء أو تأسيس أية مدارس بالقرب من مدارس الجمعية، التي تهتم بالرياضة البدنية، وتتفانى في القيام بالعملية التربوية خير قيام، مع معاملة الدارسين معاملة حسنة، حتى يثقوا في هيئة التدريس وما تبثه من أفكار تبشيرية. تعمل الجمعية(*) بكافة الطرق الممكنة على كسب ود النساء الأرامل، وإذا كان لإحداهن راهب(*) من غير الجمعية فإنه يتم إبعاده ويستبدل به راهب من الجمعية لإدارة أعمالها بالتدريج. ولكي تتم السيطرة التامة على الأرامل: فإن الجمعية ترغبهن في التصدق على الفقراء باسم المسيح(*) ومريم، ويستمر هذا الوضع حتى تنفد جميع أموالهن، وفي سبيل ذلك فإن هذه الجمعية لا تستنكف عن مساعدة هؤلاء الأرامل في إشباع رغباتهن وقضاء وطرهن عند الاقتضاء. وإذا كان للأرامل بنات فإنه يتم إقناعهن بالرهبنة أو التربية النصرانية، أما البنون فإنه يتم حثهم على أن يغشوا الأديرة والكنائس(*)، مع إغراقهم في الملذات، والتلميح لهم بأنه لا إثم في العلاقات الجنسية الحرة، كما تيسر لهم سبل الانخراط في معسكرات صيفية يتم فيها إقناعهم بأهمية التربية النصرانية. يكرر أعضاء الجمعية زياراتهم للمرضى الميئوس من حالتهم، ويتم تخويفهم من النار وحثهم على التصدق بكل أموالهم للجمعية. كل من يخرج على المبادئ الهدامة لهذه الجمعية، يطرد ويتم اجتنابه ويحرم من كافة الامتيازات التي يتمتع بها الأعضاء، ويتم الطرد بوجه خاص، عند تشويه سمعة الجمعية أو إفشاء أسرارها، أو الإضرار بأعضائها، أو الكسل وعدم القيام بالمهام المنوطة به. تحاول الجمعية الحصول على الأسرار السياسية والأخبار الموثوقة والخطيرة، وإخبار الحكام بها للفوز بمكانة مرموقة لديهم، تساعدهم على اجتذاب أصحاب الثروات والنفوذ والأسر الكبيرة للجمعية. تحافظ الجمعية على هيبتها في نفوس الآخرين، من خلال إفهامهم أنها تأسست على يد الراهب شوواكيم بإلهام إلهي، للحد من انحراف الكنيسة(*) وإعادتها إلى وضعها الطبيعي ونشر دين(*) عيسى في جميع أنحاء العالم، وبذا تبرر مسلكها القديم الذي كانت تبيع فيه صكوك الغفران، وترسم معالم طريقها الجديد الذي تقضي فيه على الإسلام والمسلمين. ويتضح مما سبق: أن الجزويت فرقة كاثوليكية يسوعية، تتستر خلف أعمال البر كإنشاء المدارس والمستشفيات وغيرهما لتستقطب الناس للنصرانية، لاسيما المسلمين منهم، وتحاول هذه الفرقة الغوص في أعماق الأسرار السياسية ومد بعض الحكام بها للفوز بمكانة مرموقة لديهم، تمنحهم نفوذاً كبيراً لمباشرة عمليات التبشير، وهو تبشير يعتمد على هدم القيم الدينية ونشر الرذائل والقول بطبيعية العلاقات الجنسية الحرة وإشاعة الأفكار الهدامة بين المسلمين، ومن ثم جعلهم لبنة هشة تقبل التشكيل الذي يلائم أهداف هذه الفرقة. أماكن الانتشار: تتخذ هذه الفرقة من أوروبا ككل مركز انطلاق لها، وهي تتركز في البرتغال وأسبانيا حيث الرغبة في القضاء على كل أثر للإسلام هناك وفي فرنسا حيث نشأت مقولة الحرية(*) المطلقة في مجال العقيدة وإيطاليا حيث بابا(*) الفاتيكان، ومن هذه المرتكزات تمد هذه الفرقة أذرعتها صوب التجمعات الإسلامية في دول حوض البحر الأبيض المتوسط وجنوب شرق آسيا وبخاصة في اندونيسيا. |
المورمون التعريف: المورمون طائفة نصرانية جديدة نسبياً منشقة عن النصرانية الأم، تلبس لباس الدعوة إلى دين(*) المسيح(*) عليه السلام، وتدعو إلى تطهير هذا الدين(*) بالعودة به إلى الأصل أي إلى كتاب اليهود، ذلك أن المسيح – في نظرهم – قد جاء لينقذ اليهود من الاضطهاد وليمكنهم من الأرض، إنها – كما تسمي نفسها – طائفة القديسين المعاصرين لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، نبيها(*) المؤسس هو يوسف سميث وكتابها المقدس هو الكتاب المقدس الحديث. التأسيس وأبرز الشخصيات: ولد يوسف سميث في 23/12/1805م بمدينة شارون بمقاطعة وندسور التابعة لولاية فرمونت. وعندما بلغ العاشرة من عمره رحل مع والده إلى مدينة بالمايرا بمقاطعة أونتاريو التابعة لولاية نيويورك. في الرابعة عشرة من عمره انتقل مع أهله إلى مانشستر من نفس المقاطعة. ولما بلغ الخامسة عشرة وجد الناس حوله منقسمين إلى طوائف: الميثوديست(*)، والمشيخي(*)، والمعمداني(*).. فشعر باضطراب وقلق. في ربيع عام 1820م ذهب إلى غابة، وأخذ يصلي منفرداً طالباً من الله الهداية، وبينما هو كذلك إذ شاهد – كما يزعم – نوراً فوق رأسه، تمثل هذا النور في شخصين سماويين هما (الله، وابنه عيسى – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً) وقد نهياه عن الانضمام إلى أي من هذه الفرق. يدعي بأن الوحي(*) قد انقطع عنه، وأنه خضع لاضطهاد عنيف وسخرية من جراء جهره برؤيته هذه، وقد تورط خلال ذلك بزلات طائشة إذ يقول عن نفسه: "وكثيراً ما أدت مخالطتي لشتى البيئات إلى اقتراف زلات طائشة وللاتِّسام بما للشباب من نزق وما للطبيعة البشرية من قصور وقد ورطني ذلك للأسف في ألوان من التجارب والآثام المبغضة إلى الله ولا يتبادر إلى الذهن بسبب هذا الاعتراف أني ارتكبت إثماً فظيعاً أو وزراً منكراً، فما كان بي نزوع قط إلى مثل هذه الأوزار أو تلك الآثام" شهادة يوسف ص7. ـ كما يدعي أنه في مساء 21 سبتمبر 1823م نزل عليه ملاك من السماء اسمه موروني وأخبره بأنه قد أعده لمهمة ينبغي عليه إنجازها، وأخبره عن كتاب نقشت عليه كلمات على صحائف من الذهب تروي أخبار القوم الذين استوطنوا القارة الأمريكية في الأزمنة الغابرة، وتاريخ السلف الذين انحدروا منهم، وأنبأه عن حجرين في قوسين من الفضة لترجمة الكتاب، وغادره هذا الملاك بعد أن نهاه عن إظهار أحد من الناس على هذه الصحف. في 18 يناير 1827م تزوج من فتاة اسمها إيما هيل، فكان له من حميه فيما بعد سنداً قوياً أعانه على نشر فكرته، وذلك لما تتمتع به هذه الأسرة من مكانة طيبة. في 22 سبتمبر 1827م استلم الصحف – كما يزعم – متعهداً بإعادتها بعد نهوضه بالمطلوب. رحل عن مقاطعة مانشستر الأمريكية وذهب إلى حيث حموه في مقاطعة سوسكويهانا بولاية بنسلفانيا، واستوطن مدينة هارموني. شرع في الترجمة بمساعدة مارتن هاريس الذي أخذ بعض الحروف وشيئاً من الترجمة وعرض ذلك على الأستاذ تشارلز آنثون، والدكتور ميتشيل فأقرا بأن ما رأياه إنما هو ترجمة عن اللغة المصرية القديمة وأن الأصل إنما يتألف من حروف مصرية قديمة، وحروف كلدانية، وحروف آشورية، وحروف عربية. في 25 مايو 1825م ذهب مع أوليفر كودري للصلاة في الغابة حيث زعما أنه هبط عليهما يوحنا المعمدان (أي نبي(*) الله يحيى عليه السلام) وأمرهما بأن يعمد(*) كل منهما الآخر، وأخبرهما بأنه قد جاء إليهما تنفيذاً لأمر بطرس يعقوب، ورسَّمهما لرعاية الكنيسة(*) المورمونية. يدعي كل من أوليفر كودري، وداود ويتمر، ومارتن هاريس أنهم قد شاهدوا الصحف وأنهم يشهدون على صحة الترجمة ودقتها وبأن هذا الكتاب إنما هو سجل لقوم نافي ولإخوتهم اللامانيين. أعلن في عام 1830م وبحضور عدد من الشخصيات عن تأسيس كنيسة يسوع المسيح(*) لقديسي الأيام الأخيرة. رحل يوسف سميث وأتباعه عن نيويورك إلى مدينة كيرتلاند المجاورة لمدينة كليفلاند بولاية أوهايو حيث شيَّد هيكلاً عظيماً، كما أنه قام بعمل تبشيري واسع النطاق في تلك المنطقة وما جاورها. بعث بإحدى الإرساليات إلى ولاية ميسوري للتبشير ولاكتساب المؤيدين. تعرضوا للاضطهاد فتنازلوا عن منازلهم ومزارعهم ورحلوا إلى ولاية الينوي حيث اشتروا المستنقعات الشاسعة المهجورة على شاطئ المسيسبي وقاموا بإصلاحها وبنوا مدينة نوفو أي الجديدة. سجن يوسف سميث وأخوه هايرم في مدينة كارسيج بولاية الينوي لاتهامات ضدهما، وبينما هما في السجن دخل عليهما مسلحان مقنعان فقتلاهما بالرصاص. وقد حدث ذلك في 27 يونيو 1844م فانتهت بذلك حياة هذا النبي(*) المزعوم. آلت رئاسة الحركة(*) والنبوة(*) بعده إلى بريجام يونج الذي رحل بالقوم إلى جبال روكي حيث حدد لهم مكان إقامتهم فبنوا مدينة سولت ليك وقد خطط الهجرات إلى يوتاه إذ كان بينهم آلاف البريطانيين والاسكندنافيين، كما يعتبر يونج مسئولاً عن هذه الرحلة المأساوية والتي حدثت عام 1856م حيث مات أثناءها أكثر من مئتي شخص من أتباعه. ـ رؤساء الكنيسة(*) هم الأنبياء، فقد تتابع هؤلاء الأنبياء – بزعمهم – وأخرهم سبنسر كيمبل وقد زاد عدد أعضاء هذه الطائفة إذ بلغوا خمسة ملايين شخص تقريباً وما يزالون في نمو وازدياد. هناك أقلية من المورمون لم توافق على سيطرة يونج بعد موت يوسف سميث، فقد بقي هؤلاء في الينوي مؤسسين – بالتعاون مع إيما سميث الزوجة الأولى لنبيهم ومع ابن سميث جوزيف – كنيسة يسوع المسيح(*) للقديسين المعاصرين المعاد تنظيمها، ومركزها ميسوري، تنفيذاً لوصية النبي المؤسس الذي قال لهم: إن صهيون ستكون فيها. وقامت كذلك فئات أخرى منشقة، كل منها تدعي بأنها قد تلقت صحفاً فيها كتب قديمة مقدسة. أوليفر كودري، ومارتن هاريس، كانا ممن شارك في مرحلة التأسيس وتلقيا الوحي(*) المزعوم. وتتابع أنبياؤهم(*) الذين هم رؤساء الكنيسة على النحو التالي: يوسف سميث. بريجام يونج. جون تيلور. ويلفورد وودروف. لورينزوسنو. هيبر جرانت. جورج ألبرت سميث. داود مكاي. يوسف فليدنج سميث. وأخيراً سبنسر كيمبل الذي ما يزال نبياً ورئيساً لهم إلى الآن. يرد في كتبهم اسم: إلما، يارد، لحي، إنهم أنبياء في كتاب المورمون. لهم شخصيات بارزة في مجلس الشيوخ الأمريكي ومجلس النواب. الأفكار والمعتقدات: الكتب المقدسة لديهم اليوم: الكتاب المقدس: يعتقدون بأنه مجموعة من كتابات مقدسة تحتوي على رؤى الله للإنسان، وأنها مخطوطات تتناول قروناً كثيرة منذ أيام آدم حتى الوقت الذي عاش فيه المسيح(*) وقد كتبها أنبياء كثيرون – على زعمهم – عاشوا في أزمنة مختلفة، وهو ينقسم إلى قسمين: 1 ـ العهد القديم(*): فيه كثير من النبوءات التي تنبأت بقدوم المسيح. 2 - العهد الجديد(*): يروي حياة المسيح وتأسيس الكنيسة(*) في ذلك اليوم. كتاب المورمون: هو سجل مقدس لبعض الناس الذين عاشوا في قارة أمريكا بين 2000 ق.م إلى 400 بعد الميلاد، وهو يروي قصة زيارة يسوع المسيح لشعب القارة الأمريكية بعد قيامه من الموت مباشرة (كما يعتقدون). وهذا الكتاب يعدّ الحجر الأساسي لديهم، وإن الإنسان المورموني يتقرب إلى الله بطاعة تعاليمه، وقد قام يوسف سميث بترجمته إلى اللغة الإنجليزية بموهبة الله وقوته، وقد نزل به ملاك من السماء اسمه (موروني) على يوسف سميث. كتاب المبادئ والعهود: هو مجموعة من الرؤى الحديثة التي تخصّ كنيسة يسوع المسيح كما أعيدت إلى أصلها في هذه الأيام الأخيرة، وهو يوضح تنظيم الكنيسة وأعمالها ووظائفها، وفيه نبوءات عن حوادث ستأتي، وفيه أجزاء فيها معلومات مفقودة لمئات السنين، وفيه تعاليم الكتاب المقدس. الخريدة النفيسة: يحتوي على: 1 ـ سفر(*) موسى: فيه بعض رؤى موسى وكتاباته كما كُشفت ليوسف سميث في عام 1830م. 2 ـ سفر إبراهيم: ترجمة يوسف سميث من درج بردي مأخوذ من مقابر المصريين القدماء. 3 ـ كتابات يوسف سميث ذاته: تحتوي على جزء من ترجمة الكتب المقدسة ومختارات من تاريخ الكنيسة(*) المورمونية وبنود الإيمان لديهم ورؤية المملكة السماوية. 4ـ رؤية فداء الأموات: وهي تروي زيارة يسوع المسيح(*) للعالم الروحي، وهي رؤية أعطيت للرئيس يوسف سميث في 3 أكتوبر 1918م. إضافة إلى الكتب الأربعة السابقة فإن كلمات الوحي(*) والرؤى التي يذكرها أنبياؤهم تصبح كتباً مقدسة، وكل النشرات والتعاليم وقرارات المؤتمرات كلها تعتبر كتباً مقدسة أيضاً. بنود الإيمان لديهم: كما وضعها يوسف سميث ذاته: الإيمان بالله، الأب(*) الأزلي، وبابنه(*) يسوع المسيح، وبالروح القدس(*). الإيمان بأن البشر سيعاقبون من أجل خطاياهم، وليس بسبب تعدي آدم. الإيمان بأن جميع البشر يستطيعون أن يخلصوا عن طريق كفارة المسيح وذلك بإطاعة شرائع الإنجيل(*) ومراسيمه. الإيمان بأن المبادئ والمراسم الأربعة للإنجيل هي: 1ـ الإيمان بالرب يسوع المسيح. 2ـ التوبة. 3ـ العماد(*) بالتغطيس لغفران الخطايا. 4ـ وضع الأيدي لموهبة الروح القدس(*). الإيمان بأن الإنسان يجب أن يُدعى من الله عن طريق النبوة(*) ووضع الأيدي على يد هؤلاء الذين لهم السلطة لكي يبشر بالإنجيل(*) ويقوم بالمراسيم المتعلقة به. الإيمان بنفس التنظيم الذي قامت عليه الكنيسة(*) القديمة، أي: الرسل(*) والأنبياء والرعاة والمعلمين والمبشرين… الخ. الإيمان بموهبة الألسن والنبوة والرؤيا والأحلام والشفاء وتفسير الألسن. الإيمان بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله بقدر ما ترجم صحيحاً، والإيمان بأن كتاب المورمون هو كلمة الله. الإيمان بكل ما كشفه الله وبما يكشفه الآن وبأنه سيظل يكشف أموراً كثيرة عظيمة تتعلق بملكوت الله. الإيمان بتجمع إسرائيل واستعادة القبائل العشر، وأن دولة صهيون (أورشليم الجديدة) ستؤسس على القارة الأمريكية وأن المسيح(*) سيحلُّ شخصياً على الأرض، وأن الأرض ستتجدد وتتسلم مجدها الفردوسي. يدَّعون امتياز عبادتهم لله القوي طبقاً لما يمليه عليهم ضميرهم كما يسمحون لجميع البشر بهذا الامتياز، فليعبدوا ما يريدون وكيف يريدون وأين يريدون. الإيمان بأنه يجب عليهم الخضوع للملوك والرؤساء والحكام وأصحاب السلطة القضائية، كما يؤمنون بأنه يجب عليهم إطاعة القانون واحترامه وتعضيده. الإيمان بأنه يجب عليهم أن يكونوا أمناء وصادقين وأطهاراً ومحسنين وأصحاب فضيلة وأن يعملوا الخير لكل البشر وهم يسعون وراء كل شيء ذي فضيلة ومحبوب ويستحق التقدير أو المدح. مراتبهم الدينية والتنظيمية: ينقسم الكهنوت لديهم إلى قسمين: 1- كهنوت ملكي صادق: وهو أعظم كهنوت إذ يملك التوجيه والتبشير بالإنجيل(*) كما يملك سلطة قيادة الكنيسة(*). 2 ـ كهنوت هارون: وهو الكهنوت الذي منح لهارون ولأولاده خلال جميع الأجيال، وأصحاب هذا الكهنوت يقومون بمراسم الإيمان والتوبة والتعميد(*). خلاصة أفكارهم: يعتقدون أن الله هو على شكل إنسان له لحم وعظام وبداخل جسده الملموس روح أزلية. كما يؤكدون على أن الإله(*) متطور عن الإنسان، والناس يمكنهم أن يتطوروا إلى آلهة – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. الإنسان – كروح – ولد من والدين سماويين، وقد بقي هذا الإنسان في منازل الأب(*) الأبدية قبل المجيء إلى الأرض في جسد مادي، كما أن المسيح(*) هو الروح الأولى، فهو بذلك الابن الأكبر. يسوع المسيح(*) هو الذي خلق الأرض وكل ما فيها، وخلق كذلك عوالم أخرى بتوجيه من أبيه السماوي. ثم خلق بعد ذلك الحيوانات. المسيح عليه السلام: أمه مريم العذراء التي كانت مخطوبة لشخص اسمه يوسف، وقد حلّ عليها الروح القدس وقوة العلي ظللتها، وولدها هو ابن الله(*)، وقد جاء الولد وارثاً لسلطة إلهية من أبيه، ووارثاً الفناء من أمه. قام يوحنا المعمدان بتعميده(*) وهو في الثلاثين من عمره، وقد صام أربعين يوماً ليحارب الشيطان، كما أنه قد ظهرت على يديه معجزات. إن المسيح قد ضُرِبَ، وعُذِّبَ، ومن ثم صُلِبَ، ليسجل انتصاره على الخطيئة، وقد استودع روحه بين يدي أبيه، وقد ظل جسده ثلاثة أيام في القبر، ثم عادت إليه روحه فقام متغلباً على الموت. بعد قيامه بقليل ظهر في أمريكا، وأسس كنيسته، ثم صعد إلى السماء. وقد دخلت الوثنية(*) إلى العقيدة المسيحية(*) كما حارب رجال الدين بعضهم بعضاً مما استوجب نزول المسيح مرة أخرى مع الله وهبوطهما على يوسف سميث بغية إعادتها إلى الأرض مرة أخرى كما كانت في الأصل. حواء ابنة مختارة أعطيت لآدم، وسمح لهما بالأكل من كل الأشجار عدا شجرة معرفة الخير والشر، وقد أغراهما الشيطان فأكلا منها فأصبحا فانيين يشتغلان وينجبان. الروح القدس(*): عضو في الهيئة الإلهية، وله جسد من الروح في شكل إنسان، وهو يوجد في مكان واحد فقط في نفس الوقت إلا أن نفوذه يصل إلى كل مكان. النبي(*) رجل دعاه الله ليمثله على الأرض ويتكلم بالنيابة عنه، والنبوة لديهم مستمرة لا تنقطع. التعميد: ترمز المعمودية إلى الموت والقيامة وذلك بأن ينزل رجل الدين إلى الماء مع الشخص الذي يريد تعميده، فيغطسه في الماء ثم يخرجه، وبذا تنتهي الحياة الخاطئة وتبدأ الحياة الجديدة، وهي تسمى الميلاد الثاني. القربان: كانت القرابين قبل المسيح(*) تقدم على شكل ذبائح من الحيوانات، لكن كفارة المسيح بقتله أنهت هذا النوع من القرابين، وصارت عبارة عن خبز ونبيذ مصحوبة بالصلوات. وخلال رؤية حديثة لقديسي الأيام الأخيرة جعلوها خبزاً وماءً. يقدسون يوم السبت لأن الله استراح فيه بعد انتهائه من خلق الكون ولقد كان قيام المسيح بعد صلبه في يوم الأحد الذي صار محل تقديس عوضاً عن يوم السبت. الصوم: هو الامتناع عن الطعام والشراب مدة أكلتين متتابعتين وبذلك يصوم الشخص أربعاً وعشرين ساعة. فإذا أكل أحدهم العشاء فلا يجوز له أن يأكل مرة ثانية حتى العشاء الآخر. كما يقدم الصائم للقائد الكهنوتي إما مالاً أو طعاماً مساوياً لطعام الوجبتين وهذا يسمى بعطاء الصوم. يحرمون شرب النبيذ، والمسكرات الكحولية والتبغ والدخان بكل أنواعه، ويمتنعون عن شرب القهوة والشاي لما يحتويان عليه من عقاقير مضرة. ويحذرون من تناول المرطبات وما فيها من مشروبات الصودا والمشروبات الفوارة والمياه الغازية، والكولا أشدها خطراً. وينبهون إلى عدم الإسراف في أكل اللحم من دون تحريم، ويبيحون تناول الفواكه والخضر والبقول والغلال مركزين على القمح بخاصة لاعتقادهم بأنه نافع لجسم الإنسان ويؤدي إلى المحافظة على صحته وقوامه. وجدير بالذكر أن يوسف سميث كان يرقص ويشرب الخمر ويشترك في المصارعة وقد كتب يقول: "خلق الإنسان ليتمتع بحياته". يبيحون تعدد الزوجات ويجيزون للرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء لأن في ذلك إعادة لما شرعه الله في الأزمان الغابرة. ولا يسمحون بذلك إلا لذوي الأخلاق(*) العالية على أن يثبتوا قدرة على إعالة أكثر من أسرة. وقد مارس يوسف سميث هذا التعدد. كما استمرت هذه العادة حتى عام 1890م. تخلوا عن التعدد – ظاهرياً – في عهد نبيهم(*) ولفورد نتيجة للضغط الشديد الذي قوبلوا به من الطوائف الأخرى وكذلك بغية تمكنهم من الانضمام إلى السلطات الاتحادية. وعلى الرغم من التحريم الرسمي العلني إلا أنهم يمارسون التعدد سراً. يحرمون الزنى تحريماً مطلقاً، والذي يخطئ يمكنه التوبة والرجوع عن جميع خطاياه. يجب على كل فرد أن يدفع عُشر النقود التي يكسبها على أن يكون ذلك مصحوباً بالفرح والسرور. يدفعون عطاء الصوم، ويدفعون اشتراكات مختلفة وعطايا لغير سبب، فكنيستهم(*) بذلك من الكنائس الغنية الموسرة. من علامات القيامة: - الشرور والحروب والاضطرابات. - استعادة الإنجيل. - بزوغ كتاب المورمون. - اللامانيون يصبحون شعباً عظيماً. - بناء أورشليم الجديدة في ولاية ميسوري. - بيت إسرائيل يصبح شعب الله المختار. بعد الحساب هناك عدة ممالك: - المملكة السماوية: للذين تسلموا شهادة يسوع وآمنوا باسمه وتعمدوا(*). - المملكة الأرضية: للذين رفضوا الإنجيل(*) على الأرض ولكنهم استلموه في العالم الروحي. المملكة السفلية: للذين لم يتسلموا الإنجيل(*) ولا شهادة يسوع سواء على الأرض أو في العالم الروحي ومع هؤلاء يكون الزناة والفجار. الظلمة الخارجية: للذين شهدوا ليسوع بالروح القدس(*) وعرفوا قوة الرب لكنهم سمحوا للشيطان بأن يتغلب عليهم فينكروا الحق ويَتَحَدوا قوة الرب. يؤمنون بالعهد الألفي السعيد الذي يدوم ألف سنة من تاريخ مجيء المسيح إلى الأرض حيث يقوم كثير من الأموات، وبعضهم يختطف للقائه عندما ينزل، وهي القيامة الأولى. أما الأشرار فيهلكون في الأجساد ويبقون كذلك مع الأشرار من الأموات حتى انتهاء الألف سنة حيث تأتي القيامة الآخرة. في فترة الألف سنة هذه تسود المحبة والسلام، ويملك يسوع شخصياً، وتجتمع الأرض في مكان واحد، فلن يكون هناك قارات مختلفة، وينمو الأطفال بدون خطيئة. لن يكون هناك موت: لأن الناس سيتغيرون من حالتهم الفانية إلى حياة الخلود في لحظة. في نهاية العهد الألفي سيطلق سراح الشيطان لمدة قصيرة، وتحدث معركة بين أتباع الأنبياء(*) وأتباع الشيطان. وعندها ينتصر المؤمنون ويطرد الشيطان إلى الأبد مدحوراً. المورمون واليهود: مما لا شك فيه أن لليهود دوراً فعالاً ونشيطاً في حركة المورمون ولذلك فهم: يعتقدون بأن الله أعطى وعده لإبراهيم، ومن ثم لابنه يعقوب بأن من ذريته سيكون شعب الله المختار. وأن يعقوب الذي اسمه (إسرائيل) رزق باثني عشر ابناً يعرفون بالأسباط. وأن هؤلاء الأنبياء ارتكبوا الشرور فبددهم الله في الأرض منقسمين إلى مملكتين: 1- المملكة الشمالية: وتسمى إسرائيل حيث عاش فيها عشرة أسباط. 2- المملكة الجنوبية: وتسمى مملكة يهوذا حيث عاش فيها سبطان فقط. الأسباط الشماليون هزموا في معركة ودفعوا إلى السبي، وقد هرب بعضهم وتاهوا في البلاد. بعد مائة عام انهزمت المملكة الجنوبية حوالي عام 600ق.م. عندها ترك لحي وعائلته أورشليم مستقرين في القارة الأمريكية فكان منهم النافيون وكذلك اللامانيون الذي يعتبرون من سلالة لحي. وقد هدمت أورشليم عام 586 ق.م. سبطا إسرائيل اللذان بقيا أُخِذا أسيرين، كما أعيد بناء أورشليم بعد المسيح، إلا أن الجنود الرومانيين قد خربوها مرة ثانية. يصرحون بأن في هذا الزمان قد وعد الرب بأنه سيجمع بني إسرائيل ليتعلموا الإنجيل(*)، كما أن موسى النبي قد نزل على يوسف سميث عام 1836م وأعطاه سلطة جمع بيت إسرائيل في هيكل كيرتلاند. بيت إسرائيل الآن في طريقه إلى الجمع إذ أن آلافاً من الناس ينضمون إلى الكنيسة(*) سنوياً من الإسرائيليين الذي ينتمون إلى عائلة إبراهيم ويعقوب إما بعلاقة الدم أو بعلاقة التبني حسب ادعاءاتهم. سيجمع سبطا افرايم ومنسي في أرض أمريكا، وسيعود سبط يهوذا إلى أورشليم كما أن الأسباط العشرة المفقودة ستتسلم البركات التي وعدت بها من سبط افرايم في أمريكا. الإسرائيليون المشتتون في كل دولة يدعون للتجمع في حظيرة المسيح(*) في أوتاد صهيون. هذا التجمع الحرفي لإسرائيل لن يتم حتى المجيء الثاني للمخلص كما يزعمون. ستكون هناك عاصمتان في العالم: الأولى في أورشليم والثانية في أمريكا لأن من صهيون تخرج الشريعة، ومن أورشليم تخرج كلمة الرب. الجذور الفكرية والعقائدية: لليهود دور في نشوء هذه الطائفة تعزيزاً للانشقاق داخل الكنائس المسيحية بغية السيطرة عليها. كتاب المورمون يشبه التلمود في كل شيء ويحاكيه وكأنه نسخة طبق الأصل عنه. إن إسرائيل قد جندت كل إمكاناتها لخدمة هذه الطائفة عاملة على استمرارية العون والمساندة النصرانية لها. يعملون على ربط صهيون أو القدس الجديدة بالأرض الأمريكية المقدسة – حسب وصايا الرب – انتظاراً لعودة المسيح(*) الذي سيعود ليملك الأرض ويملأها جنات خالدات. يقولون عن فلسطين في كتاب المورمون في الإصحاح العاشر الفقرة 31: "فاستيقظي وانتفضي من الثرى يا أورشليم، نعم… والبسي حللك الجميلة يا ابنة صهيون، ووسعي حدودك إلى الأبد، لكي لا تعودي مغلوبة ولكي تتحقق عهود الأب(*) الأزلية التي قطعها معك، يا بيت إسرائيل". يقولون في الإصحاح الرابع عشر فقرة 6 مخاطبين المورمون: "لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا دوركم قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت لتمزقكم". نلاحظ تعانق الفكر الصليبي مع الفكر الصهيوني في نظرتهم إلى فلسطين، إنهم يقولون ذلك منذ عام 1825م يوم كانت فلسطين ما تزال جزءً من أرض الإسلام. الانتشار ومواقع النفوذ: آمن بفكرة المورمون كثير من النصارى، وكان دعاتها من الشباب المتحمس، وقد بلغ عدد أفرادها أكثر من خمسة ملايين نسمة، ثمانون بالمائة منهم في الولايات المتحدة الأمريكية ويتمركزون في ولاية يوتاه حيث أن 68% من سكان هذه الولاية منهم، و62% من سكان مقاطعة البحيرات المالحة مسجلون كأعضاء في هذه الكنيسة(*) ومركزهم الرئيسي في ولاية يوتاه الأمريكية. انتشروا في الولايات المتحدة الأمريكية، وأمريكا الجنوبية، وكندا، وأوروبا، كما أن لهم في معظم أنحاء العالم فروعاً ومكاتب ومراكز لنشر أفكارهم ومعتقداتهم. أنهم يوزعون كتبهم مجاناً، ودعوتهم تأتي خدمة لمصلحة إسرائيل وتأكيداً لأهدافها المرسومة. ولهم 175 إرسالية تنصيرية، كما أنهم يملكون: شبكة تلفزيونية، وإحدى عشرة محطة إذاعية. ويملكون مجلة شهرية بالأسبانية، وصحيفة يومية واحدة. ويملكون مركزاً متطوراً جداً للمعلومات في مدينة سولت ليك في ولاية يوتاه الأمريكية. ويتضح مما سبق: أن المورمون طائفة نصرانية جديدة نسبياً، انشقت عن النصرانية، وتدعو إلى التمسك بالكتب اليهودية وكتاب المورمون وكتاب المبادئ والعهود وغيرها ويدعون إلى الإيمان بالمسيح الذي جاء – في نظرهم – لينقذ اليهود من الاضطهاد، والإيمان بأن المبادئ والمراسم الأربعة للإنجيل(*) هي: الإيمان بالرب يسوع المسيح(*) كما يقولون، والتوبة والعماد(*) بالتغطيس لغفران الخطايا ووضع الأيدي لموهبة الروح القدس(*). ويصل شركهم مداه عندما يقولون إنهم يعتقدون إن الله تعالى هو على شكل إنسان له لحم وعظام وبداخل جسده الملموس روح أزلية، كما أن البشر عندهم هم أبناء وبنات الله، ومن هنا يجب حذر المسلمين من أفكارهم. يتبــع -----> |
شهود يَهْوَه التعريف: هي منظمة عالمية دينية وسياسية، تقوم على سرية التنظيم(*) وعلنية الفكرة، ظهرت في أمريكا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكما تدعي أنها مسيحية(*)، والواقع يؤكد أنها واقعة تحت سيطرة اليهود وتعمل لحسابهم، وهي تعرف باسم (جمعية العالم الجديد) إلى جانب (شهود يهوه) الذي عرفت به ابتداء من سنة 1931م وقد اعترف بها رسمياً في أمريكا قبل ظهورها بهذا الاسم وذلك سنة 1884م. التأسيس وأبرز الشخصيات: أسسها سنة 1874م الراهب(*) تشارلز راسل 1862 – 1916م وكانت تعرف آنذاك باسم مذهب(*) الراسلية أو الراسليين نسبة إلى مؤسسها كما عرفت باسم الدارسون الجدد للإنجيل(*). وعرفت بعد ذلك باسم جمعية(*) برج المراقبة والتوراة(*) والكراريس Watch Tower Bible and Tract Society ثم استقر الأمر أخيراً وعرفت باسم يهوه(*) نسبة إلى يَهْوَه إله بني إسرائيل على ما تردد توراتهم، (راجع سفر الخروج6: 2–4) "وكلم الله موسى قال له أنا الرب. أنا الذي تجليت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب إلهاً قادراً على كل شيء وأما اسمي يهوه فلم أعلنه لهم". ثم خلفه في رئاسة المنظمة فرانكلين رذرفورد 1869 – 1942م الذي ألف سنة 1917م كتاب سقوط بابل ويرمز ببابل لكل الأنظمة الموجودة في العالم. ثم جاء نارثان هرمر كنور 1905م وفي عهده أصبحت المنظمة دولة داخل الدولة كما يقال. الأفكار والمعتقدات: إشاعة الفوضى الخلقية والتحلل من جميع الفضائل الإنسانية التي حثت عليها التعاليم الدينية. يؤمنون بيهوه(*) إلهاً(*) لهم وبعيسى رئيساً لمملكة الله. يؤمنون بالكتاب المقدس للنصارى ولكنهم يفسرونه حسب مصالحهم. الطاعة العمياء لرؤسائهم. يستغلون اسم المسيح(*) والكتاب المقدس للوصول إلى هدفهم وهو: إقامة دولة دينية دنيوية للسيطرة على العالم. تهيئة النفوس لإقامة الدولة اليهودية الكبرى. نفي الحساب والعقاب في الآخرة فلا إثم على من يقترف ذنباً أو معصية في دنياه. لا يؤمنون بالآخرة ولا بجهنم ويعتقدون بأن الجنة ستكون في الدنيا في مملكتهم. يعتقدون بقرب قيام حرب تحريرية يقودها عيسى وهم جنوده يزيحون بها جميع حكام الأرض. يقتطفون من الكتاب المقدس الأجزاء التي تحبب إسرائيل واليهود إلى الناس ويقومون بنشرها. لا يؤمنون بالروح وبخلودها ولهم معابد خاصة بهم يسمونها القاعة الملكية أو بيت الرب. الأخوة الإنسانية مقتصرة عليهم دون سواهم من البشر. يعادون النظم الوضعية ويدعون إلى التمرد، ويعادون الأديان(*) إلا اليهودية، وجميع رؤسائهم يهود. إشاعة الفوضى العالمية بتحريض الشعوب على التمرد على حكوماتهم وشق عصا الطاعة عليها ومقاطعة جميع النشاطات الرسمية في الدولة ويبررون ذلك بما جاء في كتابهم الأخضر "ليكن الله صادقاً بأنهم سفراء الله في ملكوته المقدس، ومن ثمَّ فهم يتمتعون بحصانة تعفيهم من الخضوع للحكومات المدنية أياً كانت مقوماتها". يعترفون بقداسة الكتب التي تعترف بها اليهودية وتقدسها وهي 19 كتاباً. يقولون بالتثليث(*) ويفسرونه بـ (يهوه(*)، الابن(*)، الروح القدس(*)). يمر العضو فيها بمراحل معقدة ويخضع الالتحاق بها إلى شروط قاسية، وتنتظم عضوية جمعية شهود يهوه ثلاث مراتب: أعضاء الرجاء السماوي: وهم أعضاء الإدارة العليا ويرأسهم العبد العظيم أو الحكيم ويعرف مقره ببيت "إيل" أي بيت الله. صف جلعاد أو الرجاء الأرضي: ويشمل من الأعضاء الرواد والمعاونين ونظار المناطق، وهؤلاء هم أعضاء الإدارة التنفيذية. المبشرون: ويعرف أعضاؤها بالخدم، وتضم هذه المرتبة الشهود وهم الأعضاء المكلفون بتوزيع مطبوعات الجمعية ورسائلها. شعاراتهم ورموزهم: تبني المينورا وهي الشمعدان السباعي الذي هو رمز اليهود الديني والوطني. تبني النجمة السداسية وهي رمز لليهود كذلك. تبني اسم يهوه(*) ويكتبونه بالعبرية وهو "الإله(*)" عند اليهود. من كتب المنظمة: تنطق باسمهم مجلة كانت تصدر تحت اسم برج مراقبة صهيون ثم عدلوها إلى: برج المراقبة لإخفاء كلمة صهيون. هذا الخبر الجيد عن المملكة (المقصود مملكتهم المأمولة). الأساس في الإيمان بعالم جديد. لقد اقترب علاج الأمم. العيش بأمل نظام عادل جديد. الجذور الفكرية والعقائدية: يمكن اعتبارهم فرقة مسيحية(*) منفردة بفهم خاص إلا أنهم واقعون تحت سيطرة اليهود بشكل واضح ويتبنون العقائد اليهودية في الجملة ويعملون لأهداف اليهود. تأثروا بأفكار الفلاسفة القدامى واليونانيين منهم بخاصة. لهم علاقة وطيدة بإسرائيل وبالمنظمات اليهودية العالمية كالماسونية. لهم علاقة تعاون مع المنظمات التبشيرية والمنظمات الشيوعية والاشتراكية الدولية. لهم علاقة كبيرة مع أهل النفوذ من اليونانيين والأرمن. الانتشار ومواقع النفوذ: لا تكاد تخلو دولة في العالم من نشاط لهذه المنظمة السرية الخطرة. مركزهم الرئيسي في أمريكا – حي بروكلين بنيويورك: 124 Columbia Heights. (i) Brooklyn 1. New York - USA وصل عدد البلدان التي يزاولون فيها نشاطهم سنة 1955م إلى 158 دولة وكان عددهم آنذاك 632929 عضواً وعدد دعاتهم 1814 داعية فكم يكون إذن عددهم الآن؟ وقد فطنت بعض الدول إلى خطورتهم فمنعت نشاطهم وتعقبتهم ومن هذه الدول: سنغافورة، لبنان، ساحل العاج، الفلبين، العراق، النرويج، الكاميرون، الصين، تركيا، سويسرا، رومانيا، هولندا.. وما يزالون ينشطون في هذه الدول بطريقتهم الخاصة السرية. أما في إفريقيا والدول الإسلامية فغالباً ما يكون نشاطهم بالتعاون مع المنظمات التبشيرية.طريقتهم في العمل: يرون أنه ثبت بالدليل أن عدداً كبيراً من الناس لا يحضرون إلى المعابد، وأن أكثر من نصف الناس في بعض البلدان لا ينتمون إلى طائفة من الطوائف الدينية، وأن ملايين من المنتمين إلى الطوائف الدينية لا يحضرون عبادتهم ولا يريدون أن يستمعوا إلى رجال الدين. فعملت شهود يهوه على أن تخفي نفسها تحت أستار أنها فرقة مسيحية(*) تطوف بالبيوت والمقاهي والأندية العامة والطرقات، حاملة الكتب والمنشورات، تعرض فيها تعاليمها بحماسة مدعية أنها حاملة رسالة دين(*) جديد يجمع تحت لوائه أهل الأديان(*) كافة، تتظاهر بعدم معاداة أحد أو أية طائفة من الطوائف. كما عملت على عدم الاحتفاظ بأسماء أعضائها واكتفت فقط بحفظ ناشري مطبوعاتها ونشراتها وعملت – أيضاً – على عدم الإعلان عمن يساعدها بالأموال في أداء مهامها. يصدرون آلاف الكتب والنشرات والصحف ويوزعونها مجاناً مما يدل على قوة رصيدهم المالي. لهم مدارس خاصة بهم ومزارع ودور صحافة ودور نشر.. ولكل منها إدارة خاصة بها. لهم مكاتب للترجمة والتأليف ولجان دينية عليا لتفسير الكتاب المقدس وفق مصلحتهم. لهم تعاون كبير مع المنظمات المماثلة التي تعمل لصالح اليهود. تستفيد هذه المنظمة من أعضائها في أعمال الاستخبارات والجاسوسية والدعاية. ويتضح مما سبق: إن منظمة شهود يهوه تدعي المسيحية(*) وتوالي اليهودية وتعادي الإسلام وهي من المنظمات المشبوهة التي يلزم وقف نشاطاتها في أي بلد إسلامي – إن وجد - وعدم السماح بتداول مطبوعاتها ومجلاتها تحت أي مسمى كان ويكفي أن علاقتهم وطيدة بإسرائيل وأن روابطهم وثيقة بعملاء التنصير. يتبــع -----> |
الأبوس ديي
التعريف: الأبوس ديي منظمة (*) سرية دينية لا رهبانية نصرانية كاثوليكية معاصرة، تسعى إلى سيادة التعاليم الإنجيلية والعودة إلى النصرانية الأولى كما هي موجودة في الإنجيل(*) المتداول. وذلك وفق ضوابط تنظيمية دقيقة محكمة مع الاستفادة الكاملة من معطيات العصر الحديث، وتتلمس طريقها من خلال السيطرة على النواحي السياسية والاقتصادية والتربوية. واسمها يجمع بين اسمي جمعية(*) الصليب المقدس، ومنظمة العمل الإلهي معاً. وتختلف عن الهيئات الأخرى في عدم ارتداء زيٍّ خاص بها، وسرية النذر وعدم وجود حياة جماعية مشتركة بشكل إجباري، ومصادر دخلها تعتبر سراً من الأسرار. التأسيس وأبرز الشخصيات: * أسس هذه المنظمة القس خوسيه ماريا أسكريفا JOSE MArIA ESCrIVA في أسبانيا وذلك في 2 أكتوبر 1928م وهو يزعم أنه قد اختير لهذه المهمة بوحي(*) إلهي وذلك كي يضفي على هذا التأسيس هالة من التقديس. * في عام 1930م تم تأسيس الفرع النسائي للمنظمة على نفس نمط الفرع الرجالي تنظيماً وانتشاراً. * وجدت أفكار أسكريفا أرضاً خصبة في إسبانيا تحت حكم الجنرال فرانكو وبخاصة عقب الانتهاء من الحرب الأهلية فيها. * للمنظمة أعضاء وصلوا إلى الوزارة في كل من أسبانيا وإيطاليا ويشكلون ثقلاً مهمَّا في كلا البلدين. * لهم الآن ثلاثون نائباً على الأقل في البرلمان(*) الأسباني ينتمون إلى المنظمة ويتحركون بإيحاءاتها. * هناك أساقفة(*) وقساوسة(*) منتمون سراً للمنظمة ويعملون بين مختلف الطبقات الاجتماعية الأسبانية وفي صفوف الجيش. * ولهم رئاسة قسم الدراسات اللاهوتية في روما وهو فرع من جامعة نافارا الأسبانية. • الهيكل التنظيمي : - المجلس العام: ويتألف من الرئيس والسكرتير العام والنائب العام وشخصيات من أربع عشرة دولة، وهو الذي يتخذ القرارات الحاسمة باعتباره أعلى سلطة في المنظمة بجميع فروعها في العالم وبأقسامها الثلاثة: القساوسة والمدنيين والفرع النسائي. - القساوسة: وهي أعلى درجة يطمح العضو فيها ويرتقي إليها العضو النظامي، وحتى عندما يتحول العضو النظامي إلى قسيس(*) فإنه لا يتخلى عن عمله المهني ويصبح في هذه الحال طبيباً قسيساً أو محامياً قسيساً.. الخ. - العضو النظامي وهي أعلى درجة في التنظيم. - الناذر نفسه (القربان) ويقوم بنذر نفسه للمنظمة ويكرس حياته لها. - العضو غير النظامي. - المتعاون، علاقته كنصير أو مؤيد. - اعترفت الكنيسة(*) الأسبانية بهذا الهيكل التنظيمي للأبوس ديي اعترافاً شبه رسمي مما دعم مكانتها وزاد في انتشارها. - لقي المؤسس اهتماماً من الفاتيكان(*) مما جعله يقرر الانتقال من أسبانيا إلى روما والإقامة هناك بشكل نهائي جاعلاً منها المقر الرئيسي للمنظمة. - ظل اسكريفا رئيساً لهذه المنظمة طيلة حياته إلى أن توفي عام 1975م. - يقوم تنظيم نسائي على يد أخوات الأعضاء البارزين في الحركة. الأفكار والمعتقدات : • أفكار دينية وتنظيمية : أهداف المنظمة(*) دينية صرفة، فهي تعمل من أجل إعلاء النصرانية وفق العقائد الكاثوليكية، عن طريق التربية والسياسة والاقتصاد. - يتضمن نشاط المنظمة جهود رجال الدين، ومن غير رجال الدين، كما يشمل الرجال والنساء، ويعطي عناية خاصة للشباب. - يحرض التنظيم(*) على أن يكون أعضاؤه قدوة حسنة، كما يحرص على السرية والكتمان. - يهدف التنظيم فيما يعلنون إلى تربية جادة صارمة لأعضائه، تقوم على الجدية، والعفة وحسن الخلق، بل والتقشف أيضاً، فكأنه يريد أن يحيي فيهم روح الأوائل. - يقوم التنظيم على ضوابط دقيقة في الانتساب، ثم في التعامل بين الأعضاء في مرحلة ما بعد الانتساب، وحتى في حالات الاستقالة أو الفصل، وتوزع الأمور توزيعاً موضوعياً يعطي المرء حق التظلم والاعتراض. - التنظيم عمل متكامل يهدف إلى المواءمة بين النواحي الروحية الدينية وبين الاستفادة من كل ما تقدمه الحضارة الحديثة من أدوات تنظيمية دقيقة ذات أهداف ومناهج وضوابط وموارد مالية. • لقد نشأت هذه المنظمة في الأصل لتكون لصيقة بنظام الجنرال فرانكو، وكان لتأييده لها أثر مهم في زيادة نفوذها وانتشارها. • يمكن أن توصف المنظمة بأنها (مافيا دينية كاثوليكية) بوحي من أهدافها وحسب مصلحتها للسيطرة السياسية والاقتصادية في أسبانيا بخاصة وفي مختلف دول العالم بعامة. وقد شكلت المنظمة إمبراطورية اقتصادية صناعية تماثل أرقى وأحدث صور الإمبراطوريات الصناعية الاقتصادية المتعددة الجنسيات الموجودة في العالم. وهي متغلغلة في جميع الأوساط والطبقات. • تحاول المنظمة الوقوف بكل حزم أمام تيار المنظمات اليسارية والليبرالية والماسونية. • إذا أظهر المرشح رغبة للانضمام فإن عليه أن يخضع (لإرادة الرب)، وإرادة الرب عندهم هي أن يدخل المرء في هذه المنظمة، وبعد ستة أشهر تقريباً من العيش داخل المنظمة وروحانيتها يقبل المرشح بشكل رسمي. • بعد ستة أعوام من الانضمام تقام حفلة (الإخلاص والوفاء) لتأكيد عضوية المتقدم بشكلٍ نهائي حيث يعطي خاتماً عليه قطعة من الحجر الكريم يفرض عليه حمله طوال حياته. • كثير من أعضاء المنظمة(*) يجعلون من الحمار شعاراً لهم ويقولون أن المسيح قد دخل القدس وهو راكب على ظهر حمار، ومن صلوات اسكريفا قوله مخاطباً ربه: (أنا حمارك الجربان). • تتركز النواحي الروحية للحركة فيما يلي: - تقبل الأرض عند الاستيقاظ. - الحمام والحلاقة خلال نصف ساعة على الأكثر. - نصف ساعة للصلاة الفردية، وبعد ذلك قداس جماعي لمدة عشر دقائق. - بعد الغداء زيارة مكان القربان المقدس، وبعد ذلك ثلاث ساعات من الصمت الأصغر. - (العصرونية) وهو وقت مخصص للنشاط الجماعي بسبب وجود بعض المدعوين (المرشحين) حيث تختلق مناقشات في موضوع ديني ما أو حادثة دينية معينة. نصف ساعة للصلاة. - نهاية اليوم وتقرأ فيه الصلوات ثم يجري فحص عام للنشاطات الروحية أو المالية التي جرت فيه، ويبدأ بعد الصمت الأكبر الذي يمنع فيه الكلام خلال كل الوقت الباقي حتى اليوم التالي. - قبل النوم يرسم الأعضاء إشارة الصليب بأيديهم على جسمهم، ويرشون الماء المقدس على الفراش ثم يقومون بصلاة قصيرة وينامون. • في الثاني من شباط سنة 1947م قام الفاتيكان(*) بمنح الأبوس ديي درجة (هيئة دينية لا رهبانية) أي هيئة دينية للعمل ضمن ومن خلال المجتمع المدني. · المؤلفات : - ألف اسكريفا كتيباً صغيراً عام 1934م سماه اعتبارات روحية لكن الكتاب اختفى فجأة ليحل محله كتاب الطريق الذي يعد إنجيل المنظمة، وقد ظهرت طبعته الأولى عام 1939م، ويحتوي على 999 حكمة ومقسم إلى أربعين باباً و136 موضوعاً. - لاسكريفا أطروحة دكتوراه، وله كتب صغيرة حول صلاتهم. - من كتب المنظمة القيمة الإلهية للإنسان تأليف خوسي أورتيغا، يتكلم فيه عن الإنسان الكاثوليكي الصليبي. وكتاب روحانية العلمانيين تأليف خوان باركيستا توريو. الجذور الفكرية والعقائدية: • هذه المنظمة(*) نصرانية كاثوليكية تدعو إلى العودة إلى النصرانية الأولى مستفيدة من معطيات العصر الحديث. • توجهها ديني سياسي اقتصادي تربوي . • تؤمن المنظمة بكل معطيات النصرانية من تثليث(*) وأب(*) وابن(*) وروح القدس(*) والعذراء والصليب(*) والفداء والقرابين والخطيئة وأكل لحم الخنزير وما إلى ذلك مما يعتقده النصارى بعامة. الانتشار ومواقع النفوذ: - لا يوجد في العالم بلد نصراني إلا وللمنظمة وجود فيه، فقد اتسع وجود المنظمة ليشمل أكثر من خمسين دولة في العالم تغلغلت من خلالها في جميع الجوانب الفكرية والثقافية والسياسية والمالية. • تتركز قوتها في المناطق التالية: أسبانيا وفيها ثقلها الأساسي، إيطاليا حيث يقوم المركز الرئيسي والدولي في روما بشارع فيرلا برورو Virla Bruro ومهمته الإدارة والتنظيم(*)، الفلبين في شرق آسيا، المكسيك وفنزويلا في أمريكا اللاتينية، وقد دخلت الحياة العامة في كولومبيا والبيرو وتشيلي، وأخيراً في الأرجنتين ولكن بنسب متفاوتة، وكينيا في إفريقيا. - يصل عدد أعضاء المنظمة في العالم اليوم إلى حوالي 72000 نسمة من 78 جنسية نصفهم في أسبانيا. وتملك المنظمة أكثر من 700 مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية ومعهد وبيت للطلبة ومركز ثقافي منتشرة في العالم منها 497 جامعة ومدرسة عليا. - يملكون 52 محطة إذاعة، 12 شركة توزيع وإنتاج سينمائي و 694 مطبوعة دورية و38 وكالة أنباء و13 بنكاً وشركات ومصانع وعقارات كثيرة. - وصلت المنظمة إلى السيطرة شبه الكاملة على المجلس الأعلى للأبحاث العلمية في أسبانيا. في أسبانيا وحدها تملك المنظمة 21 بيتاً من بيوت الطلبة تديرها بشكل مباشر. ويتضح مما سبق: أن الأبوس ديي منظمة(*) سرية دينية نصرانية هدفها إعلاء المسيحية(*) الكاثوليكية عن طريق الإفادة من كل المعطيات الحديثة للتربية والسياسة والاقتصاد، ومن خلال أعضاء يجب أن يكونوا قدوة حسنة ويحرصون على السرية والكتمان، بغية تحقيق السيطرة الدينية والسياسية في أسبانيا وغيرها من الدول التي انتشرت فيها. وللمنظمة هيكل تنظيمي، يسهر كله على تحقيق النواحي الروحية للمنظمة التي يتخذ كثير من أعضائها الحمار شعاراً لهم، وبحسبانها مافيا دينية كاثوليكية فإنها تعتبر أنها هي وحدها على الحق وأن كل ما عداها على باطل. |
المونية (حركة صن مون التوحيدية) التعريف: المونية: حركة(*) مشبوهة تدعو إلى توحيد الأديان(*) وصهرها في بوتقة واحدة بهدف إلغاء الفوارق الدينية بين الناس لينصهروا جميعاً في بوتقة (صن مون) الكوري الذي ظهر بنبوة جديدة في هذا العصر الحديث. التأسيس وأبرز الشخصيات: • مؤسس هذه النحلة هو القس(*) الثري صن مون المولود في كوريا عام 1920 الذي ادّعى بأنه على اتصال بالمسيح عليه الصلاة والسلام منذ عام 1936م وأنه منذ بلوغه السادسة والعشرين من عمره بدأ يدرس حياة الأنبياء(*) والقادة الروحيين من مثل موسى وعيسى ومحمد r ، ومن مثل بوذا(*) وكرشنا(*)، ويطلع على تعاليم الأديان (*) السماوية والوضعية كاليهودية والنصرانية والإسلام وكذلك البوذية والهندوسية. - في عام 1973م انتقل إلى الولايات المتحدة وعقد صلات عدة مع كبار الشخصيات هناك. - أُلقي القبض عليه وأودع السجن الفيدرالي بكنكتيكت لمدة سنة ونصف السنة بسبب تهربه من دفع الضرائب، وقد استطاع أتباعه تصوير سجنه على أنه اضطهاد في سبيل المعتقد الديني الذي يحمله. - يحتل حالياً منصب الرئيس للمجلس العالمي للأديان. - زار ألمانيا، لكن سلطات بون أعلنت أنه شخص غير مرغوب فيه. - يحاول أن يكون قريباً من الأحداث المهمة إذ كان له ولطائفته دور مهم في الوقوف إلى جانب الرئيس ريتشارد نيكسون في فضيحة ووترجيت، كما أنهم كانوا نشيطين في حماية برنامج الرئيس ريغان وسياسته في أمريكا الوسطى. • شانج هوان كواك: يشغل منصب مساعد رئيس المجلس العالمي للأديان(*)، وهو أكبر معاوني مون، وقد أعلن في بيانه الذي ألقاه في المؤتمر المنعقد بتركيا سنة 1985م عن نبوة(*) مون وأنه يتلقى الوحي(*) revelation من السماء . • اليهودي فرانك كوفمان: يقيم في نيويورك، ويتبع مون، ويعمل في مؤسسته، وقد ناشد علماء المسلمين في مؤتمر تركيا "أن يتفهموا موقف الأديان الأخرى مثل اليهودية والبوذية والهندوكية". • دكتور يوسف كلارك: قس(*) كاثوليكي من مساعدي مون، وهو عضو مجلس إدارة المجلس العالمي للأديان، كان ممثل المجلس في مؤتمر تركيا. • كوزا: رئيس مكتب مون في هندوراس ويعمل بهمة على نشر الحركة(*) في أمريكا اللاتينية. • موسى دست: رئيس كنيسة(*) مون بالولايات المتحدة الأمريكية. الأفكار والمعتقدات: • يزعم أنه على اتصال بالمسيح(*) وأنه يتلقى الوحي من السماء مدعياً نبوة جديدة. • شعاره وهدفه المعلن هو السعي من أجل توحيد الأديان(*) على اختلاف أنواعها. • يقول للنصارى بأن الإله(*) قد رمى بالمسيحية(*) جانباً وأبدلها برسالة جديدة هي رسالة توحيد الأديان الداعي إليها. • من القانون الأساسي لحركة مون: "إن الهدف الرئيسي هو العمل من أجل توحيد العالم تحت راية إله واحد بحيث تضمحل من هذا العالم كل الحواجز والعوائق الكنسية والسياسية والوطنية والقومية والاجتماعية". • يقولون في كتابهم المبدأ المقدس: "إن رسالة آدم الأساسية أن يخلق الأسرة الكاملة في الأرض، وهذه المهمة لم تتحقق نتيجة لعمل الشيطان الذي كان نشيطاً في مهمته منذ بداية الخلق، وعيسى قد خلق آدم، وفشل في أمر الزواج، وترك مبدأ تكوين الأسرة الكاملة، وفشله ليس كاملاً فقد أحيا الجانب الروحي للإنسان، وقد ظل جسد الإنسان مستعبداً للشيطان، هذا أيضاً يجب تجديده، وهذا يستلزم آدماً ثالثاً بالاتحاد مع زجة مثالية يمكن تحقيق هذا الهدف لإنجاب الإنسان الكامل". • إنهم يقومون بدراسة رسومات بيانية يزعمون أنها "تبين أن التاريخ والأحداث متكررة ومقدرة سلفاً ووفقاً لهذه الجداول البيانية، ويقولون: إن هناك أمثلة متكررة من البشر قد اختيروا ليصيروا آباء كاملين، لكن الشيطان قد اعترض سبيلهم فلم ينجحوا، وقد وجدت هذه الأسر المثالية على مر التاريخ الإنساني في فترات متقطعة على مدى أربعمائة عام سلفت". • يتم اقتناص الشخص ليصبح عضواً في حركتهم عن طريق دعوته أولاً إلى وجبة طعام ثم دعوة للاشتراك في رحلة نهاية الأسبوع. • يمنع الأفراد الجدد من تحدث بعضهم لبعض وعليهم الانتظار حتى اللقاء الآخر في نهاية الأسبوع. يمضي المدعو عدة أسابيع مع معلمه، وقد يجعلونه بعد ذلك في مسكن واحد مع أعضاء جدد آخرين ليلقنوهم جميعاً العقيدة الجديدة مع التركيز على تقديس وتمجيد شخصية مون والتأكيد على ضرورة التنكر لعقيدة أهاليهم ومجتمعاتهم. • يقول مون في كتابه التوجيهي أقوال الأب الروحي: "إن عملية البعد عن العائلة والأصدقاء لا يتم بالصدفة إذ لابد أن تتمرس على حياتك الجديدة ومن بعدها يمكنك أن تتنكر لعائلتك وأصدقائك وجيرانك". إذا ما حاول العضو الفرار منهم فسيكون ذلك صعباً لعدة أمور: 1- لأنه يكون قد انفصل عن عائلته فلا يستطيع العودة إليها بعد أن ناصبها العداء بسبب معتقده الجديد الذي يخالف معتقدها. 2- لأنه يكون قد غُسِلَ دماغُه وصار أداة طيعة في أيديهم يحركونه كيفما يريدون بعد أن سيطروا عليه روحياً وخدعوه بالوعود السماوية الكاذبة. 3- لأن أفراد عصابة مون سيتابعونه ويطاردونه حتى يعود إلى حظيرتهم من جديد. 4- إذا ما استسلم العضو الجديد لهم فإنهم يسخرونه لبيع الورود والشموع ليكون مصيدة لجذب الأعضاء الجدد فضلاً عن الإيراد المالي الذي يحققه لميزانية الحركة. • نظم مون عملية زواج جماعية في ميدان ماديسون جاردن بنيويورك قام خلالها بتزويج 2075 شاباً وفتاة على الرغم من أن المجلس القومي الكنسي في أمريكا كان قد أصدر بياناً يعلن فيه عدم الاعتراف بكنيسة مون. • يؤكد مون محاربته للشيوعية ويركز هجومه عليها كما أنه يرسل البعثات لمناهضتها في أماكن عديدة من العالم. • لقد عقد مون عدداً من المؤتمرات سعياً وراء تحقيق أهدافه، ومنها: - مؤتمر توحيد اليهود في سويسرا. - مؤتمر اتحاد العالم المسيحي في إيطاليا. - مؤتمر البوذيين في اليابان. - مؤتمر الهندوكية في سيريلانكا. - مؤتمر اتحاد العالم الإسلامي: الذي تم عقده في تركيا قرب اسطنبول وذلك في الفترة من 19 – 22 سبتمبر 1985م، وقد تعاونت معهم كلية الإلهيات بجامعة مرمرة بهدف إنجاح المؤتمر. - لديهم خطة لعقد مؤتمرات أخرى م سنة 1989 – 1993م. - كان أتباع مون المشاركون في المؤتمر بتركيا يصورون الخلافات بين الأديان(*) على أنها لا تعدو أن تكون شبيهة بتلك الخلافات الفقهية الموجودة بين المذاهب(*) الإسلامية ذاتها، وهذا محض افتراء، إذ إن الخلاف بين الأديان خلاف عقائدي قبل كل شيء، في حين أن الخلاف بين المذاهب الفقهية ليس أكثر من خلاف داخلي اجتهادي في الفروع دون الأصول. - قال اليهودي كوفمان في الجلسة الختامية لهذا المؤتمر: "إن الأمر يحتاج إلى أن نبذل المزيد من الجهد حتى نفهم بعضنا، فإننا قد ننتسب إلى شيء واحد وعقيدة واحدة، ورغم ذلك نختلف، ومن أجل أن نلتقي لابد لنا من أن نتفهم غيرنا من خلال نظرته"!! • تذكر جريدة المسلمون في عددها 36 أن المجلس العالمي للأديان الذي يترأسه صن مون إنما يعمل تحت رقابة المؤسسة العالمية المتحدة للأديان IrF وهي واحدة من الوكالات الدينية الإنسانية التابعة للكنيسة الموحدة التي هي إحدى الحركات الدينية الجديدة التي أسسها صن مون في كوريا. - وتذكر الجريدة بأن أهداف المجلس العالمي للأديان حسبما تورده مذكرة المجلس ذاته هي: 1- المناداة بوحدة الإنسانية. 2- منح الاحترام الواجب للتراث الإنساني المختلف. 3- دعوة الناس من كل الأديان إلى نوع من الوحدة الروحانية واحترام خصوصيات كل دين(*). 4- تشجيع الفهم المتبادل والتعاون بين ومع المعتقدات الدينية في العالم. 5- معاونة هؤلاء المتطلعين إلى إيجاد تناسق وانسجام بين الأديان والمساعدة في التعاون بين المنظمات الدينية. 6- توسيع استخدام وجهات النظر الدينية في حل المشكلات الإنسانية العامة. 7- الدفاع عن حقوق الإنسان بما في ذلك حق حرية المعتقدات الدينية وممارستها. 8- التأييد العلمي للطموحات الفردية الخاصة بالمعتقدات الدينية عن طريق وضع برامج من شأنها تخفيف المعاناة وتحسين حال البشرية. الجذور الفكرية والعقائدية: • إن اليهود – باعتبارهم أقلية مفسدة – يسعون دائماً لبث دعاوى إذابة الفروق بين العقائد مما يمهد الطريق لهم ليتغلغلوا داخل شعوب الأرض ويكونوا هم المستفيدين في النهاية على حساب الأديان الأخرى جميعاً. • إن هذه الحركة(*) تدور في فلك الحركات المسخرة لخدمة الصهيونية العالمية إذ أن التشابه بين هذه الحركات يدل على أنها ذات أصل واحد وتعمل لهدف مشترك واحد. • إن الثراء الفاحش الذي يتحرك فوقه صن مون ليشير إلى الجهة التي تموله وتقف وراءه لتستفيد من عمله ودعوته في تفتيت الأديان(*) وتحطيم الأخلاق(*). الانتشار ومواقع النفوذ: • تتمتع هذه الحركة بوجود ضخم في جنوب ووسط أمريكا إذ أن لهم علاقات قوية مع كبار السياسيين في تشيلي وأرجواي والأرجنتين وهندوراس وبوليفيا. • في أيرلندا لهم مركز وكنيسة(*) أسمها الكنيسة التوحيدية، وتجدر الإشارة إلى أن لأيرلندا دوراً كبيراً في دعم أمثال هذه الحركات. • لهم استثمارات في جنوب كوريا، وقد سمحت لهم حكومة سيول بإقامة كنيسة لهم خارج العاصمة. - إنهم متغلغلون في الجناح الأيمن للحزب (*) الجمهوري بالولايات المتحدة كما يشكلون الجناح الأيمن للدكتاتورية في أمريكا الجنوبية. - يمتلك زعيمهم عدة عقارات في العالم وشركات ومطاعم وأراض ومحلات لبيع المجوهرات وشركة للنشر تسمى Paragon House كما أسس جريدة الواشنطن تايمز التي يوزع منها 75 ألف نسخة في اليابان ونيويورك وأرجواي وقبرص ولديه فندق نيويوركر New Yorker في مانهاتن. ويتضح مما سبق : إن المونية حركة(*) مشبوهة، تدعو إلى القضاء على كل الأديان(*)، وابتداع دين جديد، ينصهر في بوتقة المتنبي الكوري صن مون، ويجذب الشباب إليه، مغرياً إياهم بالانحراف والانفصال عن أسرهم، والغرق في بحور الملذات، خدمة لأهداف الصهيونية العالمية. ي ت ب ع |
فلسفات ولدت في كنف الحضارة الغربية ومتأثرة بالنصرانية التنصير التعريف: التنصير حركة(*) دينية سياسية استعمارية(*) بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية بغية نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث بعامة وبين المسلمين بخاصة بهدف إحكام السيطرة على هذه الشعوب. ويساعدهم في ذلك ثلاثة عوامل: - انتشار الفقر والجهل والمرض في معظم بلدان العالم الإسلامي. - النفوذ الغربي في كثير من بلدان المسلمين. - ضعف بعض حكام المسلمين الذين يسكتون عنهم أو ييسرون لهم السبل رغباً ورهباً أو نفاقاً لهم. التأسيس وأبرز الشخصيات: • ريمون لول: أول نصراني تولَّى التبشير بعد فشل الحروب الصليبية في مهمتها إذ إنه قد تعلم اللغة العربية بكل مشقة وأخذ يجول في بلاد الشام مناقشاً علماء المسلمين. • منذ القرن الخامس عشر وأثناء الاكتشافات البرتغالية دخل المبشرون الكاثوليك إلى إفريقيا، وبعد ذلك بكثير أخذت ترد الإرساليات التبشيرية البروتستانتية إنجليزية وألمانية وفرنسية. • بيتر هلينغ: احتك بمسلمي سواحل إفريقيا منذ وقت مبكر. • البارون دوبيتز: حرك ضمائر النصارى منذ عام 1664م إلى تأسيس كلية تكون قاعدة لتعليم التبشير المسيحي. • المستر كاري: فاق أسلافه في مهنة التبشير، وقد ظهر إبّان القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر. • كان للمبشر هنري مارتن ت 1812م يد طولى في إرسال المبشرين إلى بلاد آسيا الغربية، وقد ترجم التوراة(*) إلى الهندية والفارسية والأرمنية. • في عام 1795م تأسست جمعية لندن التبشيرية وتبعتها أخريات في اسكوتلانده ونيويورك. • في سنة 1819م اتفقت جمعية الكنيسة(*) البروتستانتية مع النصارى في مصر وكونت هناك إرسالية عهد إليها نشر الإنجيل(*) في إفريقيا. • دافيد ليفنستون 1813 – 1873م: رحالة بريطاني، اخترق أواسط إفريقيا، وقد كان مبشراً قبل أن يكون مستكشفاً. • في سنة 1849م أخذت ترد إرساليات التبشير إلى بلاد الشام، وقد قامت بتقسيم المناطق بينها. • وفي سنة 1855م تأسست جمعية الشبان المسيحية(*) من الإنجليز والأمريكان، وقد انحصرت مهمتها في إدخال ملكوت المسيح(*) بين الشبان كما يزعمون. • في سنة 1895م تأسست جمعية اتحاد الطلبة المسيحيين في العالم، وهي تهتم بدراسة أحوال التلاميذ في كل البلاد مع العمل على بث روح المحبة بينهم (المحبة تعني التبشير بالنصرانية). • صموئيل زويمر Zweimer: رئيس إرسالية التبشير العربية في البحرين ورئيس جمعيات التنصير في الشرق الأوسط، كان يتولى إدارة مجلة العالم الإسلامي الإنجليزية التي أنشأها سنة 1911م وما تزال تصدر إلى الآن من هارتيفورد. دخل البحرين عام 1890م، ومنذ عام 1894م قدمت له الكنيسة الإصلاحية الأمريكية دعمها الكامل. وأبرز مظاهر عمل البعثة التي أسسها زويمر كان في حقل التطبيب في منطقة الخليج وتبعاً لذلك فقد افتتحت مستوصفات لها في البحرين والكويت ومسقط وعمان. ويعد زويمر من أكبر أعمدة التنصير في العصر الحديث، وقد أُسس معهداً باسمه في أمريكا لأبحاث تنصير المسلمين. • كنيث كراج K.Cragg : خلف صموئيل زويمر على رئاسة مجلة العالم الإسلامي، وقام بالتدريس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة لفترة من الوقت وهو رئيس قسم اللاهوت المسيحي في هارتيفورد بأمريكا، وهو معهد للمبشرين، ومن كتبه دعوة المئذنة صدر عام 1956م. • لويس ماسينيون: قام على رعاية التبشير والتنصير في مصر، وهو عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، كما أنه مستشار وزارة المستعمرات الفرنسية في شؤون شمال إفريقيا. • دانيال بلس: يقول: "إن كلية روبرت في اسطانبول (الجامعة الأمريكة حالياً) كلية مسيحية(*) غير مستترة لا في تعليمها ولا في الجو الذي تهيئه لطلابها لأن الذي أنشأها مبشر، ولاتزال إلى اليوم لا يتولى رئاستها إلا مبشر. • الأب (*) شانتور: رَأَسَ الكلية اليسوعية في بيروت زمناً طويلاً أيام الانتداب الفرنسي. • مستر نبروز: ترأس جامعة بيروت الأمريكية عام 1948م يقول: "لقد أدى البرهان إلى أن التعليم أثمن وسيلة استغلها المبشرون الأمريكيون في سعيهم لتنصير سوريا ولبنان". • دون هك كري: كان أكبر شخصية في مؤتمر لوزان التبشيري عام 1974م، وهو بروتستانتي، عمل مبشراً في الباكستان لمدة عشرين سنة، وهو أحد طلبة مدرسة فلر للتبشير العالمي. وبعد مؤتمر كولورادو التبشيري عام 1978م أصبح مديراً لمعهد صموئيل زيمر الذي يضم إلى جانبه داراً للنشر ولإصدار الدراسات المختصة بقضايا تنصير المسلمين ومقرها في كاليفورنيا، وهو يقوم بإعداد دورات تدريبية لإعداد المبشرين وتأهيلهم. • يرى بابا الفاتيكان(*) بعد سقوط الشيوعية أن من مصلحة الكنيسة(*) ومصلحة رجال السياسة توجيه عموم الشعب المسيحي نحو خصم جديد يخيفه به وتجنده ضده، والإسلام هو الذي يمكن أن يقوم بهذا الدور في المقام الأول. ويقوم البابا بمغادرة مقره بمعدل أربع رحلات دولية لكسب الصراع مع الأيديولوجيات(*) العالمية وعلى رأسها الإسلام. وتوجد بلايين الدولارات تحت تصرفه للإنفاق منها على إرسال المنصرين وإجراء البحوث وعقد المؤتمرات والتخطيط لتنصير أبناء العالم الثالث وتنظيم وتنفيذ ومتابعة النشاط التنصيري في كل أنحاء العالم وتقويم نتائجه أولاً بأول. الأفكار والمعتقدات: أفكارهم: - محاربة الوحدة الإسلامية: يقول القس سيمون: "إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية وتساعد على التخلص من السيطرة الأوروبية، والتبشير عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة، من أجل ذل يجب أن نحول بالتبشير اتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية". - يقول لورنس براون Lawrance Brawn : "إذا اتحد المسلمون في امبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطراً أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له، أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير". - يقول مستر بلس: "إن الدين(*) الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق تقدم التبشير بالنصرانية في إفريقيا". - لقد دأب المنصرون على بث الأكاذيب والأباطيل بين أتباعهم ليمنعوهم من دخول الإسلام وليشوهوا جمال هذا الدين. - انتشار الإسلام بالسيف: يقول المبشر نلسون: "وأخضع سيف الإسلام شعوب إفريقيا وآسيا شعباً بعد شعب". - يقول هنري جسب : Henry Jesups المبشر الأمريكي: "المسلمون لا يفهمون الأديان ولا يقدرونها قدرها، إنهم لصوص وقتلة ومتأخرون، وإن التبشير سيعمل على تمدينهم". - لطفي ليفونيان وهو أرمني ألف بضعة كتب للنيل من الإسلام يقول: "إن تاريخ الإسلام كان سلسلة مخيفة من سفك الدماء والحروب والمذابح". - أديسون Addison الذي يقول عن محمد r : "محمد لم يستطع فهم النصرانية ولذلك لم يكن في خياله إلا صورة مشوهة بنى عليها دينه الذي جاء به العرب". - المبشر نلسن يزعم بأن الإسلام مقلد، وأن أحسن ما فيه إنما هو مأخوذ من النصرانية وسائر مافيه أخذ من الوثنية كما هو أو مع شيء من التبديل. - المبشر ف.ج هاربر يقول: "إن محمداً كان في الحقيقة عابد أصنام ذلك لأن إدراكه لله في الواقع كاريكاتور". - المبشر جسب يقول: "إن الإسلام مبني على الأحاديث أكثر مما ه مبني على القرآن، ولكننا إذا حذفنا الأحاديث الكاذبة لم يبق من الإسلام شيء". - ويقول كذلك: "الإسلام ناقص والمرأة في مستعبدة". - المبشر جون تاكلي يقول: "يجب أن نُريَ هؤلاء الناس أن الصحيح في القرآن ليس جديداً، وأن الجديد فيه ليس صحيحاً". - أما القس صموئيل زويمر فيقول في كتابه العالم الإسلامي اليوم: " يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم". " يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين لأنه أهم عمل مسيحي". "تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها". "ينبغي للمبشرين أن لا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة إذ أن من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوروبيين وتحرير النساء". - وقال صموئيل زويمر كذلك في مؤتمر القدس التنصيري عام 1935م: "… لكن مهمة التبشير التي ندبتكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية(*) فإن في هذا هداية لهم وتكريماً، وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله وبالتالي لا صلة له بالأخلاق(*) التي تعتمد عليها الأمم في حياتها". "… إنكم أعددتم نَشْئاً لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي فقد جاء النشء طبقاً لما أراده الاستعمار لا يهتم بعظائم الأمور ويحب الراحة والكسل، فإذا تعلم فللشهرة وإذا تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهرة يجود بكل شيء". - وقد كتب أحد المبشرين في بداية هذا القرن الميلادي يقول: "سيظل الإسلام صخرة عاتية تتحطم عليها كل محاولات التبشير ما دام للمسلمين هذه الدعائم الأربع: القرآن والأزهر واجتماع الجمعة الأسبوعي ومؤتمر الحج السنوي العام". • مؤتمراتهم: لقد كان لهم وما يزال الكثير من المؤتمرات الإقليمية والعالمية ومن ذلك: - مؤتمر القاهرة عام 1324هـ/ 1906م وقد دعا إليه زويمر بهدف عقد مؤتمر يجمع الإرساليات التبشيرية البروتستانتية للتفكير في مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين، وقد بلغ عدد المؤتمرين 62 شخصاً بين رجال ونساء، وكان زويمر رئيساً لهم. - المؤتمر التبشيري العالمي في أدنبرة باسكوتلندة عام 1328هـ/ 1910م، وقد حضره مندوبون عن 159 جمعية تبشيرية في العالم. - مؤتمر التبشير في لكهنؤ بالهند عام 1339هـ/ 1911م حضره صموئيل زويمر، وبعد انفضاض المؤتمر وزعت على الأعضاء رقاع مكتوب على أحد وجهيها "تذكار لكهنؤ سنة 1911م" وعلى الوجه الآخر "اللهم يا من يسجد له العالم الإسلامي خمس مرات في اليوم بخشوع أنظر بشفقة إلى الشعوب الإسلامية وألهمها الخلاص بيسوع المسيح". - مؤتمرات التبشير في القدس: 1- في عام 1343هـ/ 1924م. 2- في عام 1928م مؤتمر تبشيري دولي. 3- في عام 1354هـ/1935م وقد كان يضم 1200 مندوب . 4- في عام 1380هـ/ 1961م. - مؤتمر الكنائس البروتستانتية عام 1974م في لوزان بسويسرا. - وأخطر المؤتمرات مؤتمر كولورادو في 15 أكتوبر 1978م تحت اسم (مؤتمر أمريكا الشمالية لتنصير المسلمين) حضره (150) مشتركاً يمثلون أنشط العناصر التنصيرية في العالم، استمر لمدة أسبوعين بشكل مغلق وقدمت فيه بحوث حول التبليغ الشامل للإنجيل(*). وتقديمه للمسلمين والكنائس(*) الديناميكية في المجتمع المسلم وتجسيد المسيح(*) وتحبيبه إلى قلب المسلم ومحاولات نصرانية جديدة لتنصير المسلمين وتحليل مقاومة واستجابة المسلم واستخدام الغذاء والصحة كعنصرين في تنصير المسلمين وتنشيط دور الكنائس المحلية في تنصير العالم الإسلامي. وقد انتهى المؤتمر بوضع استراتيجية بقيت سرية لخطورتها مع وضع ميزانية لهذه الخطة مقدارها 1000 مليون دولار، وقد تم جمع هذا المبلغ فعلاً وتم إيداعه في أحد البنوك الأمريكية الكبرى. - المؤتمر العالمي للتنصير الذي عقد في السويد في شهر أكتوبر 1981م تحت إشراف المجلس الفيدرالي اللوثراني الذي نوقشت فيه نتائج مؤتمري لوزان وكولورادو وخرج بدراسة مستفيضة عن التنصير لما وراء البحار بهدف التركيز على دول العالم الثالث. - ومن مؤتمراتهم كذلك: 1- مؤتمر استانبول. 2- مؤتمر حلوان بمصر. 3- مؤتمر لبنان التبشيري. 4- مؤتمر لبنان بغداد التبشيري. 5- مؤتمر قسنطينة التبشيري في الجزائر وذلك قبل الاستقلال. 6- مؤتمر شيكاغو. - مؤتمر مدارس التبشيري في بلاد الهند، وكان ينعقد هذا المؤتمر كل عشر سنوات. - مؤتمر بلتيمور بالولايات المتحدة الأمريكية 1942م وهو مؤتمر خطير جداً، وقد حضره من اليهود بن غوريون. - بعد الحرب العالمية الثانية اتخذت النصرانية نظاماً جديداً إذ ينعقد مؤتمر للكنائس(*) مرة كل ست أو سبع سنوات متنقلاً من بلد إلى آخر. 1- مؤتمر امستردام 1948م – هولندا. 2- مؤتمر ايفانستون 1954م – أمريكا. 3- مؤتمر نيودلهي 1961م – الهند. 4- مؤتمر أوفتالا 1967م – أوفتالا بأوروبا. 5- مؤتمر جاكرتا 1975م – أندونيسيا، وقد اشترك فيه 3000 مبشر نصراني. - عقد المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي في يوليو سنة 1980م في كاليفورنيا بالولايات المتحدة وقد حث المؤتمر على ضرورة زيادة البعثات التنصيرية بين مسلمي الشرق الأوسط خاصة في دول الخليج العربي. • أشهر المراكز والمعاهد التنصيرية: - معهد صموئيل زويمر في ولاية كاليفورنيا، فقد تم إنشاؤه بناء على توصية من قرارات مؤتمر كولورادو. - المركز العالمي للأبحاث والتبشير في كاليفورنيا الذي قام بتقديم الأشخاص اللازمين للإعداد لمؤتمر كولورادو مع تهيئة عوامل نجاح هذا المؤتمر. - الجامعة الأمريكية في بيروت (الكلية السورية الإنجيلية سابقاً) أنشئت عام 1865م. - الجامعة الأمريكية في القاهرة أنشئت لتكون قريبة من الأزهر ومنافسة له. - الكلية الفرنسية في لاهور. - جمعية التبشير الكنسية الإنجليزية وهي أهم جمعية بروتستانتية وقد مضى على إنشائها قرابة قرنين من الزمان. - إرساليات التبشير الأمريكية، أهمها الجمعية التبشيرية الأمريكية والتي يرجع عهدها إلى سنة 1810م. - جمعية إرساليات التبشير الألمانية الشرقية، أسسها القسيس(*) لبسيوس سنة 1895م. وقد بدأ عملها فعلاً سنة 1900م. - أسس الإنجليز في سنة 1809م الجمعية اللندنية لنشر النصرانية بين اليهود وبدأ عملها بأن ساقت اليهود المتفرقين في شتات الأرض إلى أرض فلسطين. • بعض الكتب ووسائل الدعاية التنصيرية: - جمعت موضوعات مؤتمر القاهرة 1906م في كتاب كبير اسمه وسائل التبشير بالنصرانية بين المسلمين. - صنف زويمر كتاباً جمع فيه بعض التقارير عن التبشير أسماه العالم الإسلامي اليوم تحدث فيه عن الوسائل المؤدية للاحتكاك بالشعوب غير المسيحية(*) وجلبها إلى حظيرة المسيح(*) مع بيان الخطط التي يجب على المبشر إتباعها. - تاريخ التبشير: للمبشر أدوين بلس البروتستانتي. - كتاب المستر فاردنر: ركز فيه حديثه عن إفريقيا وسبل نشر النصرانية فيها وعوائق ذلك ومعالجاته. - مجلة إرساليات التبشير البروتستانتية التي تصدر في مدينة بال بسويسرا والتي تحدثت عن مؤتمر أدنبره سنة 1910م. - مجلة الشرق المسيحي الألمانية تصدرها جمعية التبشير الألمانية منذ سنة 1910م. - دائرة المعارف الإسلامية التي صدرت بعدة لغات حية. - موجز دائرة المعارف الإسلامية. - طبع الإنجيل(*) بشكل أنيق وبأعداد هائلة وتوزيعه مجاناً وإرساله بالبريد لمن يطلبه وأحياناً لمن لا يطلبه أيضاً. - توزيع أشرطة الفيديو والكاسيت المسجل عليها ما يصرف المسلم عن دينه واستخدام الموجات الإذاعية والتليفزيونية التي تبث سمومها وتصل إلى المسلمين في مخادعهم وتعتمد على التمثيليات والبرامج الترفيهية والثقافية والرياضية من أجل خدمة أهدافهم الخبيثة. • وسائل أخرى لها تأثير واسع: - من هذه الوسائل : 1- تقديم الخدمات الطبية بهدف استغلال هذه المهنة في التنصير: 1. بول هاريسون له كتاب الطبيب في بلاد العرب يقول: "لقد وُجدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها ونساءها نصارى". 2. س.أ. موريسون محرر في مجلة العالم الإسلامي يقول: "وحينئذٍ تكون الفرصة سانحة حتى يبشر هذا الطبيب بين أكبر عدد ممكن من المسلمين في القرى الكثيرة في طول مصر وعرضها". 3. المبشرة ايد هاريس تقول: "يجب على الطبيب أن ينتهز الفرصة ليصل إلى أذان المسلمين وقلوبهم". 4. المستر هاربر يقول بوجوب الإكثار من الإرساليات الطبية لأن رجالها يحتكون دائماً بالجمهور ويكون لهم تأثير على المسلمين أكثر مما للمبشرين الآخرين (مؤتمر القاهرة 1906م). 5. من المبشرين الأطباء : آن أساوودج، فورست، كار نيليوسي فانديك، جورج بوست، وتشالرز كلهون، ماري أوي، الدكتور طومسون. 2- التعليم : 1. إنهم يضعون كل ثقلهم في استغلال التعليم وتوجيهه بما يخدم أهدافهم التنصيرية. 2. إنشاء المدارس والكليات والجامعات والمعاهد العليا وكذلك إنشاء دور للحضانة ورياض للأطفال واستقبال الطلبة في المراحل الإبتدائية والمتوسطة والثانوية. 3. لقد وزعوا خلال مائة وخمسين عاماً ما يزيد عن ألف مليون نسخة من نسخ العهد القديم والجديد مترجمة إلى 1130 لغة عدا النشرات والمجلات التي تبلغ قيمتها بما يقدر بـ 7000 مليون دولار. 4. الاستشراق والتنصير يتعاونان تعليمياً في خدمة أهدافهما المشتركة. 3- الأعمال الإجتماعية: 1. إيجاد بيوت للطلبة من الذكور والإناث. 2. إيجاد الأندية. 1. الاهتمام بدور الضيافة والملاجىء للكبار ودور لليتامى واللقطاء. 2. الاعتناء بالأعمال الترفيهية وحشد المتطوعين لأمثال هذه الأعمال. 3. إنشاء المكتبات التبشيرية واستغلال الصحافة بشكل واسع. 4. إنشاء مخيمات الكشافة التي تستغل أفضل استغلال في التنصير. 5. زيارة المسجونين والمرضى في المستشفيات وتقديم الهدايا والخدمات لهم. 6. تكلمت المس ولسون ومس هلداي في مؤتمر القاهرة 1906م عن دور المرأة كمبشرة لتقوم بنشر ذلك بين نساء المسلمين المسلمات. 4- النسل : في اجتماع البابا(*) شنودة في 5/3/1973م مع القساوسة(*) والأثرياء في الكنيسة(*) المرقسية بالإسكندرية طرحوا بعض المقررات وقد كان منها تحريم تحديد النسل أو تنظيمه بين شعب الكنيسة وتشجيع الإكثار من النسل بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية مع تشجيع الزواج المبكر بين النصارى. وبالمقابل تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين خاصة علماً بأن أكثر من 65% من الأطباء وبعض القائمين على الخدمات الصحية هم من شعب الكنيسة. 5- الفتن والحروب : 1. يعملون على تشجيع الحروب والفتن وذلك لإضعاف الشعوب الإسلامية. 2. إثارة الاضطرابات المختلفة بإذكاء نار العداوة والبغضاء وإيقاظ روح القوميات الإقليمية الطائفية الضيقة كالفرعونية في مصر والفينيقية في الشام وفلسطين ولبنان، والآشورية في العراق والبربرية في شمال إفريقيا واستغلال جميع ذلك في التنصير. 3. يقول زويمر في مؤتمر التبشير في لكهنؤ بالهند 1911م: "إن الانقسام السياسي الحاضر في العالم الإسلامي دليل بالغ على عمل يد الله في التاريخ واستثارة للديانة(*) المسيحية(*) كي تقوم بعملها". 6- الإمكانات: أ- في أندونيسيا يسيطرون على وسائل الإعلام، ولديهم إذاعات تبشيرية وصحف قومية، وإحصائية 1975م تكشف بأن فيها 8919 كنيسة لطائفة البروتستانت و3897 قسيساً و8504 مبشرين متفرغين، ولطائفة الكاثوليك 7250 كنيسة(*) و2630 قسيساً (*) و5393 مبشراً متفرغاً وقد وضعوا خطة للانتهاء من تنصيرها في عام 2000 ميلادية. ب- في بنجلاديش إرساليات تبشيرية كثيرة لتنصير المسلمين هناك. ت- في كينيا: يعدون لتنصيرها تماماً في عام 2000 ميلادية أيضاً. ث- إن التنصير يلقي بثقله في ماليزيا ودول الخليج وإفريقيا. ج- ذكر في مؤتمر عدم الإنحياز في كوالالمبور بأن هناك حوالي 2500 محطة إذاعية بـ 64 لغة قومية تشن هجوماً صريحاً وضارياً ضد الإسلام. ح- مجموع الإرساليات الموجودة في 38 بلداً إفريقياً يبلغ 111.000 إرسالية بعضها يملك طائرات تنقل الأطباء والأدوية والممرضات لعلاج المرضى في الغابات وأحراش الجبال. خ- يوجد الآن في العالم ما يربو على 220 ألف مبشر منهم 138.000 كاثوليكي والباقي 82.000 بروتستانتي، وفي إفريقيا وحدها 119.000 مبشر ومبشرة ينفقون بليوني دولار سنوياً. د- يستخدمون سفناً معدة إعداداً خاصاً يسمح بإقامة الحفلات على ظهرها للاستعانة بها في توزيع المطبوعات الكنسية وإقامة الحفلات التي تستغل لأهدافهم الخاصة في التنصير ويعلنون عنها باسم إقامة معرض عائم للكتاب. ذ- يقوم مجلس الكنائس العالمي والفاتيكان(*) وهيئات أخرى بالإشراف والتوجيه والدعم المالي لكافة الأنشطة التنصيرية وتتوفر مصادر تمويل ثابتة من مختلف الحكومات والمؤسسات في الدول الغربية وعن طريق المشروعات الاقتصادية والأراضي الزراعية والأرصدة في البنوك والشركات التابعة لهذه الحركات التنصيرية مباشرة وحملات جمع التبرعات التي يقوم بها القساوسة(*) من حين لآخر. وتوجد هيئات ومراكز للبحوث والتخطيط يعمل بها نخبة ممتازة من الباحثين المؤهلين ومن أهم هذه المراكز: 1- مركز البحوث التابع للفاتيكان. 2- مركز البحوث التابع لمجلس الكنائس(*) العالمي. 3- حركة الدراسات المسيحية(*) في كاليفورنيا. 4- مركز البحث في كولورادو. 5- المركز المسيحي في نيروبي (كينيا وقد أنشىء في عام 1401هـ). 6- مركز المعلومات المسيحي في نيجيريا. 7- المركز المسيحي الدراسي في روالبندي (باكستان) وقد تأسس سنة 1966م ويعتبر من أكبر المراكز في آسيا. الجذور الفكرية والعقائدية: • يبلغ عدد المبشرين في أنحاء العالم ما يزيد على 220 ألف منهم 138000 كاثوليكي والباقي وعددهم 62000 من البروتستانت. • لقد بدأ التنصير وتوسع إثر الانهزامات التي مني بها الصليبيون طوال قرنين من الزمان 1099 – 1254م أنفقوهما في محاولة الاستيلاء على بيت المقدس وانتزاعه من أيدي المسلمين. • الأب اليسوعي ميبز يقول: "إن الحروب الصليبية الهادئة التي بدأها مبشرونا في القرن السابع عشر لا تزال مستمرة إلى أيامنا، إن الرهبان(*) الفرنسيين والراهبات الفرنسيات لايزالون كثيرين في الشرق". • يرى المستشرق الألماني بيكر Becker بأن "هناك عداء من النصرانية ضد الإسلام بسبب أن الإسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سدّاً منيعاً في وجه انتشار النصرانية، ثم إن الإسلام قد امتد إلى البلاد التي كانت خاضعة لصولجانها". • التنصير في أساسه يهدف إلى تمكين الغرب النصراني من البلاد الإسلامية وهو مقدمة أساسية للاستعمار(*) وسبب مباشر لتوهين قوة المسلمين وإضعافها. الانتشار ومواقع النفوذ: • لقد انتشر التنصير وامتد إلى كل دول العالم الثالث. • إنه يتلقى الدعم الدولي الهائل من أوروبا وأمريكا ومن مختلف الكنائس(*) والهيئات والجامعات والمؤسسات العالمية. • إنه يلقي بثقله بشكل كثيف حول العالم الإسلامي عن طريق فتح المدارس الأجنبية وتصدير البعوث والإرساليات التبشيرية وتشجيع انتشار المجلات الخليعة والكتب العابثة والبرامج التلفزيونية الفاسدة والسخرية من علماء الدين والترويج لفكرة تحديد النسل والعمل على إفساد المرأة المسلمة ومحاربة اللغة العربية وتشجيع النعرات القومية. • إنه يتمركز في أندونيسيا وماليزيا وبنجلاديش والباكستان وفي إفريقيا بعامة. • يزداد تيار التنصير نتيجة لسياسة التساهل من قبل الحكام في بعض البلدان الإسلامية فبعضهم يحضر القداس بنفسه وبعضهم يتبرع بماله لبناء الكنائس(*) وبعضهم يتغافل عن دخول المسيحيين(*) بصورة غير مشروعة. والمطلوب اتخاذ سياسة حازمة لإيقاف تيار التنصير قبل فوات الأوان. ويتضح مما سبق: أن التنصير حركة سياسية استعمارية تستهدف نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث عامة وبين المسلمين على وجه الخصوص. ويستغل زعماؤها انتشار الجهل والفقر والمرض للتغلغل بين شعوب تلك الأمم متوسلين بوسائل الإعلام التقليدية من كتب ومطبوعات وإذاعة وتلفاز وأشرطة سمعية ومرئية فضلاً عن المخيمات والتعليم والطب إلى جانب الأنشطة الاجتماعية الإنسانية والإغاثية الموجهة لمنكوبي الفتن والحروب وغفلة وتساهل حكام بعض الدول الإسلامية. وتعتمد تلك الحركة في تحقيق أهدافها على تشويه صورة الإسلام وكتابه ورسوله r مسخرين إمكاناتهم الضخمة لتحقيق مآربهم. ي ت ب ع |
الساعة الآن 08:46 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |