منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   صفحات من التاريخ وحضارات الأمم (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=201)
-   -   مدن أثرية وآثار (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=9532)

صائد الأفكار 28 - 8 - 2010 07:10 AM

دمشـق

دمشق هي عاصمة الجمهوريه العربيه السوريه وأكثر مدنها سكانًا، وقاعدة محافظة دمشق التّي تضمّ أقضية دوما والزبداني والقطيفة والنبك.



http://www.al-hakawati.net/arabic/ci...es/city91a.jpg


تقع دمشق في الجهة الجنوبية الغربية من البلاد، إلى الشمال الشرقي من جبل الشيخ، في سهلٍ فسيحٍ ومُنبَسطٍ، ويخترقها نهر بردى الذي يسقي بساتينها وجنائنها، ويطلّ عليها لجهة الشّمال جبل قاسيون.
هي مركز مُحافظة دمشق ومركزٌ مُهمٌّ من مراكز التّجارة والصناعة والزراعة والثقافة.
تشتهر دمشق بالصّناعات الكيماوية والمعدنية والكهربائية وصناعة السّكاكر والحلويات والمرَبّيات، وصناعة الغزل والنسيج بسبب انتشار زراعة القطن فيها، ومطاحن الحبوب والصّناعات البلاستيكية، وصناعة الجلود والأحذية وغيرها كثير.. ممّا يدل على أن الصناعة تمثّل قطاعًا مُتطوّرًا ونشيطًا في الجمهورية العربية السورية حيث تعتمد على صناعاتها المحليّة.
أسواق دمشق عامرةٌ دائمًا بالمُنتجات والسّلع، حيث تُعرَض أصنافًا متنوّعةً من السّلع، ويقصدها التّجار من جميع البلدان العربية والأجنبية. وأهمّ أسواقها سوق الحميدية وهو من أكبر الأسواق الشّعبية، يليه سوق مدحت باشا. والسّوقان ما زالا يُحافظان على طابعهما القديم.
في دمشق جامعة علميّة عريقة تضمّ مُختلف أنواع التّخصص. وفيها قصر آل العظم والمتحف الحربي والمتحف الوطني ومسجد بني أميّة التاريخي والعديد من الآثار البيزنطية والعربية وعدد كبير من المساجد التاريخية والمقامات، وأهمّها مقام السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، وهو يستقطب العديد من الزّوار الذين يقصدونه من أماكن مختلفة، ومقام القائد صلاح الدّين الأيوبي والعديد من العلماء والأولياء. كما فيها مزار وكنيسة الرّسول بولس حيث التجأ بعد تحوّله المسيحيّة، ومنها انطلق مُبشّرًا في العالم القديم.


وفي دمشق معرضٌ تجاريٌ مشهور، وفيها مطاران: الأول مطار المزّة، وهو مطار قديم يقع إلhttp://www.al-hakawati.net/arabic/ci...es/city91b.jpgى الغرب منها، والثاني مطار حديث متطوّر يقع إلى الجنوب الشرقي ويبعد عنها حوالى 30كيلومترًا. كما شُيّد في دمشق العديد من الفنادق الفخمة الكبيرة، وصروح فارعة كقصر الضيافة الجديد والقصر الجمهوري الضخم ومكتبة الأسد الكبيرة. وتمّ، على طريق المطار، إنشاء مركز للمؤتمرات، وكذلك مدينة السينما والكليّة العسكرية للبنات ومشروع ومجمّع دار الأوبرا.


تُعتبر دمشق أقدم العواصم في التّاريخ وأعرقها. سُمّيت بدمشق من "الدّمشَقَة" وهي السّرعة، لأنهم دَمشَقوا في بنائها، أي أسرعوا. وقيل سُمّيت بدمشق على إسم "دماشق بن قاني بن مالك بن أرفخشذ بن سام بن نوح". وقيل إنّ أوّل مَن بَنى دمشق بيوراسف، وقيل جيرون بن سعد بن عاد بن إرم بن سام بن نوح. بناها بعد مولد إبراهيم بخمس سنين. وقيل إنّ بانيها عازر غلام إبراهيم وكان اسمه "دمشق" فسُمّيت بإسمه. وقالوا إنّ أوّل حائط وُضِع في الأرض بعد الطوفان هو حائط دمشق وحرّان. وفي بعض التّفاسير أنّ دمشق هي الربوة في قوله تعالى: "وآويناها إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعين".
كانت دمشق قاعدة الآرامييّن سنة 940 ق.م. افتتحها العرب المسلمون في أولى سنواتهم، ثم صارت عاصمة الخلافة الأموية. وتوالى عليها العبّاسيون، فصارت مركزًا للشّعراء يَفِدُون إليها يمدحون الخلفاء فيها سعيًا وراء التّكسب المادي. ثم توالى عليها الطّولونيون والإخشيديون والفاطميون والأيوبيّون والمماليك . دخلها تيمورلنك سنة 1400م وأحرقها. واحتلّها العثمانيون سنة1516، وحرّرها المصريون سنة 1832، بقيادة إبراهيم بن محمد علي باشا.
تشتهر دمشق بحسن عمارتها ونزاهة رقعتها ووفرة فاكهتها وكثرة مياهها. وأجمل ما فيها غوطتها التي لم يُر في الزمن القديم مثلها. نُسِبَ إلى الأحمصي قوله:«جنّات الدّنيا ثلاث: الغُوطة في دمشق ونهر بلخ ونهر الأبلّة».
مِن أهمّ مساجد دمشق مسجد إبراهيم، وهو مسجدان، أحدهما في الأشعرين والآخر في برزة، مسجد باب الشرقي.
على أنّ أهم مساجد دمشق هو مسجد بني أميّة أو المسجد الأموي، ويُعَد مثالاً رائعًا من الحُسن والصّنعة في العمارة. بدأ عمارته الوليد بن عبد الملك سنة 87هـ. واستمر العمل فيه تسع سنين. وقد قال عنه أحد علماء الآثار الغربيّين: "إن لم يكن أعظم الأبنية التي قامت في أرض الإسلام حتى ذلك الوقت فحسب، بل أحد ابتكارات فن البناء العالمي في كلّ الأزمان وفي البلاد".
وفي دمشق من الآثار كنيسة "حنانيا" القديمة، وهي تحتفظ بطابعها البسيط في قلب كهفٍ حجريٍ. وقريبًا من دمشق دير أثريّ شُيّدَ على تلةٍ صخريةٍ في صيدنايا، وهو مزار دينيّ.


http://www.al-hakawati.net/arabic/ci...es/city91c.gif

وفي دمشق أسواق شرقية، تُعرَض فيها البضائع المحليّة الصنع ذات الطّابع الشّرقي، وخاصّةً الدمشقية، كالموزاييك الدقيق الصنع ونسيج البروكار المصنوع على الأنوال اليدوية وصناعات الخشب المُطعّم بالصّدف والزخرف، والمطرّزات وأشغال الإبرة، والآنية النّحاسية المنقوشة. وأشهر هذه الأسواق: "سوق الحميديّة"، وفيه يقع الجامع الأموي. وقد بنى السّوق السّلطان عبد الحميد قبل أكثر من مئة عامٍ، فسُمّيت بإسمه.
أمّا متحف دمشق فهو من أجمل متاحف المنطقة وأغناها. وتشمل آثاره العهود اليونانية والرومانية والبيزنطية والعهد الإسلامي. وأهمّ ما في فرع الآثار السّابقة للفتح اليوناني مجموعة آثار ماري من تماثيل الألباستر وقطع الصّدف ولوحات الفخّار وآثار رأس شمرا (أوغاريت)، ومن ضمنها حجر الألفباء الفينيقيّة، وبه مجموعة برونزية ثمينة.

وفي دمشق الآثار العثمانية، التّكية السليمانية، وقصر العظم، وهو نموذج جميل للفنّ المعماري في منتصف القرن18، وقد حُوِّل إلى متحفٍ للتقاليد الشّعبية.
http://www.al-hakawati.net/arabic/ci...ges/city91.jpg



صنفت منظمة اليونيسكو دمشق القديمة مدينة تراثية عالمية عام 1979

صائد الأفكار 28 - 8 - 2010 07:18 AM

رأس العين

تقع مدينة رأس العين ضمن محافظة الحسكة السورية. وتبعد مسافة 85كم عن مدينة الحسكة. تجاور الحدود التركية و تبلغ مساحتها 23كم مربع.

سبب تسميتها بـ"رأس العين" يعود لوقوعها على أكبر عيون منابع نهر الخابور الذي كان ينقل تجارتها إلى بغداد وبقيّة مُدن ما بين النهرين.
رأس العين هي بالفعل جنّةٌ من جنان الأرض في الجزيرة السّورية. فهي تجمع بين التاريخ الذي يمتدّ ستة آلاف عامٍ في غور الزّمن، والطبيعة الخلابة التي كانت تمتلئ بالعيون الصافية كالزجاج، ومياه العيون الكبريتية التي تستخدم كعلاجٍ طبيعيٍ للعديد من الأمراض الجلدية. وقبل هذا وذاك فهي المدينة التي استطاعت أن تأسر خالد بن الوليد عندما قام بفتحها.
أثبتت المُكتشفات الأثرية التي تمّت في قرية تل حلف منذ عام 1899 على يد عالم الآثار الألماني "ماكس فون اوبنهايم" أنّ تل حلف ما هي إلاّ مدينة رأس العين التّاريخية القديمة ذاتها. وهناك أسماء أخرى لها غير إسم "تل حلف"، إذ كان يُطلق على رأس العين إسم "تل الفخيرية" و"واشوكاني" و"فاشوكاني" و"غوزانا" و"رش عينا" و"عين الوردة". ويُؤكّد علماء الآثار والمؤرّخون أنّ مُنظّمة "ينابيع الخابور" كانت قاعدةً لحضارة الشعب السّوباري الذي ظلّ قرونًا طويلةً في هذه المنطقة إلى أن آل الأمر إلى قبائل انحدرت من الشمال الغربي واستولت على بلاد سوبارتو. لكنّ الأمر لم يدم طويلاً لهذه القبائل، إذ هبط عنصر آري من الشمال الشرقي بعد منتصف الألف الثّالث ق.م واستقر في منطقة ينابيع الخابور في تل حلف وأسّس الدولة الميتانيّة. ثم زحف الأشوريون على الدّولة الميتانية واستولوا عليها ودمّروا عاصمتها "فاشوكاني" أو "رأس العين". إلاّ أنّهم لم يستقروا بسبب الحروب بينهم وبين الحثييّن، الأمر الذي مهّد لظهور الدولة الآرامية التي أسّسها الملك "كابارا". ويُعتَقَد أن إسم نهر الخابور جاء من إسم هذا الملك "بن قاديانو". وفي القرن العاشر ق.م قام "تيفلات تلاصر الأوّل" ملك آشور بغزو الدّولة الآرامية، ودمّر مدينة تل حلف رأس العين. ومنذ ذلك الحين أصبحت الجزيرة السورية مقاطعة آشورية حتّى انهيار هذه الدولة على يد الفرس، ثم استولى عليها اليونانيون ثمّ الرومان، الذين اصبحت في عهدهم في مصاف المدن الكبرى. وكانت المنطقة ميدان صراع بين الفرس والروم إلى أن استولى عليها الفُرس عام 602 في عهد الإمبراطور فوكاس.
عثُرِ َفي رأس العين على أختامٍ تعود لعصر المملكة الميتانية الكبرى، إضافةً إلى قطعٍ من البرونز كالعقود والأساور والخواتم من العصر الآرامي. كما وُجِدَت مقبرةٌ تعود لعهد كامارا، عُثِرَ فيها على قطعةٍ تُمثّل صحيفةً رقيقةً من الذّهب، كانت تُوضَع على فم الميت لمنع الأرواح الشّريرة من الولوج إلى جسده. ووُجِدَت أيضًا علبةٌ من العاج مُحلاة بخيوطٍ ذهبيّةٍ، وفي داخلها خمسة أقسامٍ يحوي أحدها طلاء أحمر؛ وإلى جانب العلبة أداة فضية صغيرة لمد الطلاء. واكتشفَت بعثةٌ ألمانيّةٌ، عام 1955، بقايا معبد يرجع إلى العصر الآشوري الأوّل، إضافةً إلى مصنوعاتٍ عظميّةٍ وعاجيةٍ وكؤوس لها قواعد مُتقَنة الصّنع من العهد الآشوري الأوسط، وعلى أدواتٍ خزفيةٍ من العهد الآشوري الجديد. ثم عَثَرت بلدية رأس العين أثناء عمليات حفر كانت تقوم بها على تمثالٍ من الحجر البازلتي الأسود، طوله متران وله لحية طويلة، يعود إلى العهد الآشوري.
ومن المُكتشفات الأثريّة المُهمّة، الهيكل الملكي الذي بناه الملك الآرامي كابارا بن قاديانو، إذ عُثِرَ على إسم هذا الملك على أحد الجدران المُكتشفة. وعُثِرَ أيضًا على جدارٍ له خمس دعائم مربّعة الشّكل وأكثر من مائة لوحةٍ صخريةٍ تعود إلى العهد السّوباري، تدلّ على أنّ إنسان رأس العين كان قد تقدّم في أساليب حياته التي تقوم على الزراعة، كما استطاع صنع أوانٍ فخاريةٍ متقنة ذات ألوان متعدّدةٍ لامعةٍ. وعَرَف هذا الإنسان كيف يصهر النّحاس ويصنع منه أدوات مختلفة، أو صنع تماثيل صغيرة من الطّمي المحروق تُمثّل سيدات أعضاؤهن ممتلئة. وأجمل ما أظهرته المُكتشفات، أدوات صيد الوحش وصور العربات التي يجرّها حصانان ويركبها محاربان، وصور المعارك التي تدور بين إنسان رأس العين والأُسُود والحيوانات المفترسة. واشتهر سكّان رأس العين بصناعة السّكاكين والفؤوس والصّحون والأقداح الخزفية. كما اشتهرت نساء رأس العين بتزيين أنفسهن بالجواهر والحُلي واللّؤلؤ. فقد عُثِر على خواتم مرصّعة بالأحجار الثّمينة وأساور ذهبيّة.
ومنذ عام 1962 انتبه الناس لظهور فوهةٍ صغيرةٍ يتدفّق منها ماء أخضر، على بعد ستّة كيلومتراتٍ من رأس العين. ومنذ ذلك الوقت ظلّت تلك الفوهة تتّسع، وظلّ تدفق المياه الكبريتية في ازديادٍ حتّى صارت الفوهة بحيرة صغيرة وصار النّبع يعطي 43200 متر مكعب/ساعة. وتبلغ درجة حرارة هذا النبع المُسمّى بعين الكبريت 27 درجة مئوية وهو يحدث شلالات أخّاذة عند مصبّه. وعين الكبريت ما هي إلاّ حفرة دائرةٍ كبيرةٍ، يتفجّر منها ماء أخضر زاه يدور حول نفسه بقوّةٍ عظيمةٍ، حتّى يبدو وكأنه يغلي قبل أن يفور ويندفع خارج إنائه التّرابي الأحمر، منطلقًا في مجرى متعرّج شديد الإنحدار، تتصدّره صخور بيضاء، ثم ينتهي في بحيرةٍ صغيرةٍ يتشكّل عندها شلال جميل ومتّسع. وسرعان ما تمتزج مياه النبع الكبريتية بالمجرى العام لنهر الخابور. ويقدّر بعضهم عمق هذا النبع بمائتي متر وأكثر، وبعضهم يدّعي أنّه ليس له قرار. أمّا غزارته فقد بلغت 458 م مكعب/ ثانية. ولهذا، فَعين الكبريت بالمقارنة مع الينابيع الموجودة في سورية تُعتبر مصدرًا عملاقًا لمياهٍ معدنيةٍ نادرة الوجود في المنطقة. وهي أيضًا من الينابيع المعدنية الضخمة في العالم، مياهها دافئة وهي نافعة صحيًا. ومن المُعتاد أن يستحمّ الناس بها عند نهاية المجرى المُنحدر من العين، حيث تتشكّل بحيرة صغيرة قليلة العمق، هادئة المجرى نسبيًا، تزدحم بالرّاغبين في العلاج الطّبي بواسطة المياه المعدنية، حيث أثبتت التّحاليل التي أجرتها وزارة الصّحة أن المياه الكبريتية الموجودة في رأس العين تصلح لمعالجة الكثير من الأمراض الجلدية والرّئوية.

صائد الأفكار 28 - 8 - 2010 07:20 AM

رجم الملفوف

يقع هذا المعلم الأثري غربي الدوار الرابع في جبل عمّان بالأردن. وهو عبارة عن برج أقيم في العصر الحديدي. وهو كباقي الأبراج العمونية التي أحاطت بعمّان، كان يهدف إلى مراقبة تحركات الأعداء لحماية عاصمتهم "ربة عمون"، اسم عمّان قديما. وقد بني من الحجارة الصوانية الصلبة وجاء بشكل دائري ويرتفع أربعة أمتار.

سمي بالملفوف لشكله الدائري. وأوضحت الحفريات الأثرية أن البرج كان يتألف من طبقتين أو ثلاث وكان له مدخل رئيس وفيه أربع غرف بدون سقف.

صائد الأفكار 28 - 8 - 2010 07:31 AM

زويـلة

هي مدينةٌ ليبيّةٌ صحراويّة في منطقة فزّان، إلى الجنوب الشّرقي من سبهَا، قائمة في واحةٍ من النخيل . كانت في القديم على طريق مدن القوافل، وأحد مراكز التّجارة مع إفريقيا.

تحدّث عنها أهل السّيَر، فقالوا إنّها غير مسوّرة في وسط الصّحراء، وهي أوّل حدود بلاد السودان . وكان فيها جامع وحمّام وأسواق. وكان بها خيل وبساط للزّرع يُسقى بالإبل. ولمّا فتح عمرو بن العاص "بَرقَة"، بعث عقبة بن نافع حتّى بلغ زويلة، فصار ما بينها وبين بَرقَة للمُسلمين. وذكروا أنّه كان لأهل زويلة حكمةً في احتراس بلدهم، وذلك أنّ الذّي عليه نوبة الإحتراس منهم، يعمد إلى دابّة فيشدّ عليها حزمةً كبيرةً من جريد النّخل، ينال سعفها الأرض، ثم يدور بها حوالى المدينة؛ فإذا أصبح من الغد، ركّب ذلك المُحترس ومن تَبِعه على جمال السّروح وداروا على المدينة. فإن رأوا أثرًا خارجًا من المدينة، اتّبعوه حتى يدركوه أينما توجّه، لصًا كان أو عبدًا، أم أمةً أو غير ذلك. ومن زويلة كان يُجلَب الرّقيق إلى ناحية إفريقيا، فتتمّ مبايعتهم بثيابٍ حمر.



صُكّت الدّنانير الذّهبية في زويلة أيّام ازدهارها واستقلالها، في الفترة التّي حكمها الهواريّون خلال الحكم الفاطمي. وبعد زوال الفاطمييّن، ارتبطت زويلة بالمُرابطين والموحّدين والحفصييّن. وخلال هذه الحقبة، أضحت مدينة كبيرة لها مسجد وأسواق وحمّامات.
وما يزال في زويلة قلعتها التّاريخية وجامعها العتيق ومقابر على الطّراز البيزنطي. ويقولون إنّها تضمّ رفات عددٍ مِن الصّحابة الفاتحين أيّام الفتح الإسلامي.
وبزويلة قبرُ دعبل بن علي الخُزاعي الشّاعر المشهور.

صائد الأفكار 28 - 8 - 2010 07:38 AM

سوسة

تقع مدينة سوسة على الساحل التونسي وهي ثالث أكبر مدينةٍ في تونس . ومن مينائها http://www.al-hakawati.net/arabic/ci...s/city111a.jpgيُصدَّر الإنتاج الزراعي لمنطقة السّاحل والملح من


السّبخات. تمتدّ هذه المدينة النشطة والحيوية جزئيًّا على شاطئٍ رمليٍ طويل وجميل مع تواجد الفنادق الحديثة فيه.


بُنِيَت سوسة فوق مدينةٍ فينيقيّةٍ قديمةٍ وكانت نقطةً تجاريةً للفينيقييّن القادمين من صور والقاصدين إسبانيا. ثم أقام فيها الرّومان والبيزنطيون فالعرب. أعيد بناؤها أكثر من مرّةٍ، أوّلاً مع بني الأغلب في القرن التّاسع، ثم فيما بعد الحرب العالمية الثانية.
للمدينة عدّة بوّابات، وفيها المسجد الكبير والرّباط الذي هو عبارة عن قلعة حصينة بناها المسلمون الأوائل للدفاع عن مناطقهم. كذلك توجد في المدينة القصبة المُحاطة بالأسوار وقلعة القبة وبعض المعالم الأثرية الرومانية والقرطاجية والبيزنطية والمسيحيّة.http://www.al-hakawati.net/arabic/ci...es/city111.jpg







صنفتها منظمة اليونيسكو مدينة تراثية عالمية عام 1988

صائد الأفكار 28 - 8 - 2010 07:46 AM

شالة
ورد ذكر موقع شالة المغربي الأثري عند المؤرخين القدامى كمدينة صغيرة تقع على نهر يحمل اسم "سلا " والذي يطلق عليه حاليا اسم وادي أبي رقراق. وفي العهد الإسلامي، أصبحت هذه التسمية مقتصرة على المدينة الحديثة الواقعة على الضفة اليمنى للوادي، أما الموقع فبدأ يحمل اسم شالة.
يرجع تاريخ "شالة" إلى القرن السابع أوالسادس قبل الميلاد. ويبدو أن المدينة قد ازدهرت تحت حكم الملوك الموريين خاصة خلال عهدي الملكين يوبا وابنه بطليموس، حيث جهزت بعدة بنايات عمومية جسّد جلها التأثير الهليني والروماني، وكما سكّت نقود تحمل اسمها.
شهدت المدينة ابتداء من سنة 40 م تحولاً جديداً تحت الحكم الروماني، حيث تميزت بتغيير في مكوناتها الحضرية بإنشاء الساحة العمومية والحمامات والمعبد الرئيس وتحصينها بحائط متواصل امتد من الساحل الأطلسي إلى حدود وادي عكراش. وفي سنة 144م أحيطت المدينة بسور دفاعي، لتبقى خاضعة للاحتلال الروماني حتى أواخر القرن الرابع أو بداية القرن الخامس الميلادي.
حدود المدينة القديمة ما زالت غير معروفة، إذ لم يتم الكشف لحد الآن إلا عن الحي العمومي. هذا الأخير ينتظم بجانبي شارع رئيس (الديكومانوس ماكسموس) مرصّف ينتهي في جهته الشرقية بالساحة العمومية (الفوروم). أما بشمال غرب الساحة، فيوجد معبد مكون من خمس مقصورات تبرز التأثير المعماري الموري. وقد كشفت الحفريات جنوب الديكومانوس عن حوض الحوريات ومخازن عمومية وحمامات. أما بشماله فقد ظهرت بقايا المعبد الرسمي (الكابتول) وهو بناية ضخمة بني جزء منها فوق صف من الدكاكين المقببة، فتعلو بذلك فضاءً واسعا يضم كلا من قوس النصر ودار العدالة التي لم يتبق منها إلا أجزاء من الواجهة الرئيسة.

صائد الأفكار 28 - 8 - 2010 07:50 AM

شفشاون
تتسم مدينة شفشاون المغربية بالسمات الجبلية ذات التضاريس الصعبة والانحدارات المفاجئة والأودية المنخفضة والانكسارات الحادة.
عرفت المدينة وجود الإنسان منذ العصور القديمة، كما عرفت وصول الفاتحين العرب كموسى بن نصير الذي بنى مسجداً له بقبيلة بني حسان شمال غربي شفشاون، وكذلك طارق بن زياد الذي لا يزال مسجده يحمل اسمه بقرية الشرفات (قيادة باب تازة). فمنذ الفتح الإسلامي للمغرب، أصبحت هذه المنطقة مركزاً لتجمع الجيوش العربية. وفي عهد الأدارسة في القرن التاسع، أصبحت المنطقة تحت حكم عمر بن إدريس الثاني الذي جعل من تيكساس عاصمة لإمارته. كما عرفت المنطقة وقوع حروب ونزاعات مختلفة حتى تأسيس مدينة شفشاون في 876هـ/1471م على يد مولاي علي بن راشد، لإيقاف الزحف البرتغالي على المنطقة.

تحتضن المدينة العتيقة لشفشاون مجموعة مهمة من المباني التاريخية التي تعكس إلى حد كبير الطابع التاريخي والحضاري الذي تكتسيه المدينة ومنها:

القصبة . تؤكد المصادر التاريخية أن اختطاط المدينة كان في الجهة المعروفة بعدوة وادي شفشاون في حدود 876هـ/1471م، على يد الشريف الفقيه أبي الحسن المعروف بابن جمعة. وقام من بعده ابن عمه الأمير أبو الحسن علي بن راشد باختطاط المدينة في العدوة الأخرى، فبنى قصبتها وأوطنها بأهله وعشيرته.
تقع القصبة في الجزء الغربي للمدينة، وتعتبر نواتها الأولى. وهي من الناحية المعمارية، محاطة بسور تتوسطه عشرة أبراج. وتجسد طريقة بنائها النمط الأندلسي في العمارة. يحتوي الفضاء الداخلي للقصبة على حديقة كبيرة مزينة بحوضين، في حين يحتل المتحف الاثنوغرافي الجزءَ الشمالي الغربي من القصبة. ويرجع تاريخ بناء المبنى الذي يأوي المتحف إلى نهاية القرن 11هـ/17م. وقد بناه علي الريفي والي السلطان مولاي إسماعيل على المنطقة. ويتخذ المبنى تصميم المنازل التقليدية المغربية التي لها ساحة داخلية مفتوحة تتوسطها نافورة مائية محاطة بأروقة وغرف بالإضافة إلى طابق علوي.
ساحة وطاء الحمام. تعتبر ساحة وطاء الحمام ساحة عمومية بالمدينة العتيقة نظراً لمساحتها التي تبلغ 3000م2. كما أنها قطب المدينة التاريخي والسياحي باعتبار كل الطرق تؤدي إليها.
صممت الساحة في البداية لتكون مقرا لسوق أسبوعي، يؤمه سكان الضواحي والمدينة. وتغيرت وظيفة الساحة حاليا من سوق أسبوعي إلى ساحة سياحية واحتلت المقاهي مكان دكاكين البيع، كما زينت الساحة بنافورة مياه جميلة.
المسجد الأعظم. يقع المسجد الأعظم في الجهة الغربية للقصبة. بناه مولاي محمد بن علي بن راشد في القرن 10هـ/16م. يحتل مساحة تقدر بـ 130م2، كما تتوفر له كل المرافق المعمارية من صومعة وساحة داخلية مفتوحة تتوسطها نافورة وقاعة للصلاة ومدرسة لتعليم القرآن. ويخلو المسجد الأعظم من الزخرفة، ماعدا في مدخله الرئيس، والصومعة ذات ثمانية أضلاع.
حي السويقة. يعتبر هذا الحي ثاني أقدم تجمع سكني بني بعد القصبة. ضم في بدايته ثمانين عائلة أندلسية قدمت مع مولاي علي بن راشد. سمي الحي بهذا الاسم لوجود قيسارية بنيت فيه في أواخر القرن الخامس عشر. ويضم هذا الحي أهم وأقدم البيوتات الموجودة بمدينة شفشاون التي ترتدي لونا أبيض ممزوجا بالأزرق السماوي خاصة.
وتعتبر النافورة الحائطية الموجودة بأحد دروب القيسارية، من أهم نافورات المدينة نظراً للزخرفة التي تزين واجهتها.
حي ريف الأندلس. بني هذا الحي على أساس إيواء الفوج الثاني من المهاجرين الأندلسيين الذين قدموا إلى مدينة شفشاون سنة 897هـ/1492م. يتشابه هذان الحيان من حيث التصميم. غير أن حي ريف الأندلس مختلف عنه فيما يخص طبوغرافية الموضع التي حتّمت على ساكنيه بناء منازل ذات طبقتين أو ثلاث، مع وجود أكثر من مدخل.
حي العنصر. يعتبر باب العنصر الحد الشمالي الغربي لسور المدينة الذي عرف عدة إصلاحات في بنائه، سيرا مع التوسع العمراني للمدينة. فالمهاجرون القادمون من الأندلس لم يحافظوا على المعايير الأصيلة في بنائهم لهذا الحي، سيما في برج المراقبة الذي يختلف شكلاً في بنائه عن حي السويقة. أضف إلى هذا أن برج المراقبة الحالي الذي يتوسطه سور الحي، ليس سوى ترميم عصري للبرج القديم الذي بني على نمط مثيله الواقع بحي باب العين، والذي يذكرنا هو الآخر في عمارته بأبراج غرناطة.
حي الصبانين. يقع هذا الحي على طول الطريق المؤدية إلى رأس الماء. يضم الحي مجموعة من الطواحين التقليدية التي كانت تستعمل لطحن الزيتون. كما يوجد به فرن تقليدي يجاور القنطرة.
منبع رأس الماء. يشكل منبع رأس الماء أساس بناء مدينة شفشاون. فهذا المنبع كان ولا يزال المزود الوحيد للمدينة بالمياه الصالحة للشرب والزراعة أيضا.

صائد الأفكار 28 - 8 - 2010 07:57 AM

صبراتة

تقع مدينة صبراته التاريخية على بعد 67كم غرب العاصمة اللّيبية طرابلس، على ساحل البحر الأبيض المتوسّط، وسط وشاحٍ أخضر، تلتقي عنده نهايات سهل جفارة الفاصل بين حواف الجبل الغربي ومياه المتوسّط. وعلى بعد كيلومترٍ واحدٍ من شوارع المدينة .عماراتها وحركتها الدّائبة، تجثم، بجلالٍ وسكينةٍ، آثار صبراته الفينيقيّة الرّومانية بجدرانها الدّهرية الفخمة ومدافنها الفينيقية وأعمدتها المرمريّة ومسرحها الفخم المُرمّم وممرّاتها المرصوفة، متحدّيةً عاديات الزّمن، وشاهدةً على ما عرفته المنطقة من حضاراتٍ ودولٍ وعصورٍ ومواسم. فالأضرحة الفينيقيّة تتجاورُ مع الآثار الرّومانية الهائلة المُتجهّمة التي تحملُ الكثير من قسمات الرّومان أنفسهم. وتنبىء عن الطّينة التي خبزوا منها، مثلما يشي موقع المدينة السّاحر والإستراتيجي بمدى حنكة مؤسّسيها الفينيقييّن وشاعريّتهم.

http://www.al-hakawati.net/arabic/ci...es/city14a.jpg

ليس ثمّة اتّفاقٍ بين المؤرّخين على تحديدٍ دقيقٍ لتاريخ تأسيس مدينة صبراته، وإن كان البعضُ يرجّح أن تكون اُسِّسَت في القرن السّادس قبل الميلاد. ويؤيّد هذا الكلام الحفريات التّي أُجريَت حديثًا بمدينة صبراته، في المنطقة ما بين الفورم والبحر، حيث وُجِدَت بها آثار فينيقيّةٌ تتمثّل في مصاطب رمليةٍ، كان الفينيقيّون يقيمون فوقها أكواخًا مؤقّتةً لفترةٍ قصيرةٍ من السّنة. وأثناء الحفريّات، وُجِدَت فوق المصاطب طبقاتٌ سميكةٌ من الرّمال. وهذا دليل على أنّ الموقع ظلّ مهجورًا لفترةٍ زمنيّةٍ طويلةٍ. وفي تلك الأكواخ، وُجِدَت جرارٌ بونيقيّةٌ، وقدور يونانيّةٌ ترجع للقرنين السّادس والخامس قبل الميلاد.
وعلى جانب المدينة الفينيقيّة، بُنِيَت المدينة الرّومانية بمسرحها الفخم وبيوتها العالية وأعمدتها وأقواسها. وشكّلت هذه المدينة أحد أهمّ المراكز التّجارية على السّاحل الإفريقي لحوض البحر الأبيض المتوسّط، وإحدى المُدن الثّلاث التّي سُمّيَ بها إقليم طرابلس، وهي: لبدة الكبرى وأويا (طرابلس الحاليّة) وصبراته. ومن هذه الحواضر الفينيقيّة الشّقيقات الثلاث، سُمّيَ الإقليم كلّه: طرابلس.
أمّا بالنّسبة للتّسمية، فقد وُجِدَ إسم المدينة بصيغة "صبرات" على العملة البونيقيّة الحديثة، وأحيانًا "صبراتن". وتَعني هذه العبارة "سوق الحبوب"، لذا يُرجّح بعض المؤرّخين أنّ المدينة كانت تلعب دورًا كبيرًا في المُبادلات التّجارية بين شرق وشمال المتوسّط من جهةٍ وتُجّار محاصيل المنطقة الطّرابلسية وحتّى الجبل الغربي (جبل نفوسة) وغدامس من جهةٍ أخرى. وإن كان المؤرّخ فيليب وارد يرى أنّ يونان جزيرة صقلّية هُم مَن كانوا يُصدّرون الحبوب لصبراته- لا العكس.
وقد ذكر وبلينيوس الأكبر في كتابه "التّاريخ الطّبيعي" وكذلك بطليموس في كتابه "الجغرافيا" أن إسم صبراته أُطلِقَ لتحديد منطقتين: الأولى بالدّاخل، وكانت تدفع الضرائب للثّانية السّاحلية. والمصادر التّاريخية تذكر وجود آثار رومانيّة بالقرب من الجوش، القائمة في عمق البرّ. وهذا دليلٌ على سابق وجود مدينةٍ مهمّةٍ، والمصادر التّاريخية نفسها تُسمّي هذه المدينة صابريّة، وهو يشبه إسم المدينة السّاحلية "صبراته" التّي نتحدّث عنها هنا.

وإذا رجعنا مع التّاريخ، نجد أنّ بداية تأسيس المدينة مُرتبط بموجة الإكتساح الحضاري الفينيقيّ لسواحل حوض البحر المتوسط. وربّما يكون من الضّروري أن نشير في هذا المقام إلى أن الفينيقييّن هؤلاء هم شعب سامٍ، كان يتركّز أساسًا ببلاد الشّام. وقد مهروا في الملاحة البحرية والتّجارة، وكانوا شعبًا وديعًا مُسالمًا، وهم مَن بنى صور وصيدا وغيرهما من حواضر بلاد الشّام. كما أسّسوا مراكز حضريّة في جُزر المتوسط، ووصلوا إسبانيا وبريطانيا. وكانوا يمرّون بمحاذاة شواطىء شمال إفريقيا ليتمكّنوا من اللّجوء إليها في حالة هبوب العواصف العاتية. ومع مرور الوقت أسّسوا عددًا كبيرًا من المُدُن على هذه الشّواطىء الإفريقية الشّمالية. كانت أبرزها: قرطاج والمدن الطّرابلسية، وجزيرة قرقنة بتونس، وقابس، وحضرموت (سوسة بتونس الآن)، وهيبو رحبيس (عنابة) وغيرها..
وهكذا نلاحظ أنّ الفينيقييّن لم يؤسّسوا هذه المحطّات فحسب، بل إنّهم أقاموا العديد منها. وكان غالبها مجرّد محطاتٍ صغيرةٍ تُقام على الشّاطىء في كلّ 30 كلم تقريبًا، وذلك خوفًا من الإبتعاد عن السّواحل ولكيّ يستريحوا من تعب السّفر ويتزوّدوا بالطّعام والماء، ويستطيعوا إصلاح سُفُنهم إن أصابها عطل. وقد لعبت تلك المحطّات، التّي أُنشئت لأغراض سوقيّة وتجارية، دور الوطن البديل الذّي هاجرت اليه موجاتٌ من الفينيقيّين بعدما اشتدّ ضغط الآشوريين في وطنهم الأصلي، حيث قام مهاجرون من صيدا بالإستيطان نهائيًا بالإقليم الطّرابلسي، ولحق بهم آخرون من صور. http://www.al-hakawati.net/arabic/ci...es/city14b.jpg


يُخبرنا الشّاعر اللاّتيني سيليوس ايتاليكوس أنّ مدينة صور ومُهاجريها هم مَن أنشأوا مدينتي لبدة وصبراته، ولكنّ مَن قام بإنشاء مدينة أويا (طرابلس) هُم مهاجرون من صقلّية، من أصلٍ فينيقيٍّ. أمّا المؤرّخ سالوستيوس كرسبيوس 34-86) ق.م) الذي كان ينتمي لأسرةٍ من العامّة، وشغل منصب بروقنصل لإفريقيا الجديدة في عهد قيصر، فقد قال إنّ مهاجرين من صيدا هُم مَن أنشأ لبدة؛ وعند مقارنتنا لرأي الكاتبين، يتبيّن أنّ الكُتّاب اللاّتين كانوا يخلطون في كتاباتهم بين مدينتي صيدا وصور. وفي كلتا الحالتين، فإنّ المقصود هو أنّ صبراته والمُدن الطّرابلسية قد أسّسهما واستقرّ بهما الفينيقيّون أوّلاً.
وعلى أيّة حالٍ، فإنّ مدينة صبراته لم تبلغ أوج ازدهارها إلاّ بعدما بسطت عليها قرطاجة سيطرتها، إثر تدخّلها لطرد اليونانيين الذّين حاولوا، بقيادة دوريوس، بناء مستوطنةٍ باقليم غرب ليبيا عند مصبّ وادي كنبس (وادي كعام). وظلّت المدينة قرطاجية مع نوعٍ من الحُكم الذّاتي حتى تمكّن الرّومان من تدمير قرطاج وإحراقها نهائيًا في نهاية الحروب البونيقية عام 146 ق.م، لينتهي بذلك حلم فينيقيّ بدأته مُؤَسِّسة قرطاجة أليسار، شقيقة الملك الصّوري بجماليون.
أمّا على مستوى الحياة الرّوحية، فقد كانت تسود صبراته الدّيانات الشرقية التي استقدمها الفينيقيّون والمُتميّزة بتعدُّد الآلهة الأسطوريّة، وفي مقدّمة تلك الآلهة، الإلهة "تانيت بينبعل" التّي هي في الأصل الألهة "أسطرطة" إلهة القمر عند الفينيقييّن بمدينة صور. وكانت بمثابة الإلهة "هيرا"، زوجة الإله زيوس عند اليونان، وفي مقام الإلهة "يونوسيليستس" زوجة الإله جوبيتر عند الرّومان.
يعتقد أحمد صقر، في كتابه "مدينة المغرب العربي في التّاريخ"، أنّ تانيت بينبعل كانت تُعبَد كإلهة للبذر والحصاد والتّناسل، ويُستغاث بها عند الولادة. وقد دلّت الحفريات التّي أُجرِيَت بمنطقة رأس المنفاخ بمدينة صبراته، في سنتيّ 1974-75م، أنّ الإلهة تانيت هي المعبود الرّئيسي بالمدينة، حيث أنّ معظم الأحجار النّذرية التي وُجِدَت بالمقبرة البونيقية، تحتوي على عظام الأطفال المحروقين والمُقدّمين قربانًا للإله "بَعل". ومن بين الأدلّة التي تُبَيّن عادةُ التّضحية بالأطفال تلك الصّورة المنحوتة على النّصب التّذكاري الموجود بتونس والذّي يمثّل كاهنًا يرتدي جبّة شفّافة وهو يرفع يديه مبتهلاً ومتضرعًا إلى المعبود "بعل" ومُقدّمًا له القرابين.
وقد اصطلح علماء الآثار على تسمية الجِرار والمدافن التي تحوي عظام أطفالٍ محروقةٍ كقرابين فينيقيا بإسم "توفيت"؛ ويُؤكّد مثل هذه العبادة المؤرّخ اليوناني القديم بلوتارخ (45-125م) الذي يقول إنّ "المؤمنين الحقيقييّن كانوا لا يتردّدون في تقديم أطفالهم قرابين على مذبح الآلهة. أمّا الأغنياء ذوو العقلية الواقعيّة، فقد كانوا يقدّمون للآلهة صغار الرّقيق أو يشترون أبناء الفقراء ويستعيضون بهم عن أبنائهم قرابين".
استُعيضَ لاحقًا عن تقديم قرابين بشريّةٍ بقرابين من الماعز والماشية. والدّليل على ذلك أنّ الأواني الفخارية التي اكتشفت برأس المنفاخ بصبراته كانت ملأى بعظام ماشيةٍ محروقةٍ. وقد أيّدت هذا الكلام الحفريات الأثرية وكذلك النّقوش التي وُجِدَت على الأنصاب الرّومانية في نقاوس، حيث يقول النّقش: "روح بروحٍ ودم بدمٍ وحياة بحياةٍ"؛ وهذه العبادة تعني أنّ الإله "بَعل" قد قبل التّعويض عن حياة البشر بحياة الحيوان، كما تُعدّ دليلاً على أنّ الديّانة التّوحيدية قد عَرفت طريقها إلى الفينيقيين في آخر عهودهم أيضًا.
حين بَسَط الرّومان سيطرتهم على المدينة، بالغوا في بناء مبانٍ ضخمةٍ، مازال بعضها قائمًا حتّى الآن بصبراته، كالمسرح ومعبد الفورم والأقواس الفخمة التي تُذكّر بقوس ماركس أورليوس بطرابلس. وعرفت المدينة ازدهارًا شديدًا على المستويين الفكري والتّجاري. وقد سَجّلت لنا وثيقةٌ الصّراعات الفكرية بين رومان صبراته، في كتاب المُطارحات الشّهير: "دفاع صبراته"؛ فحين وصل الفاتحون أبواب صبراته، فتحت لهم ذراعيها بكلّ حُبٍ. وتُحدِّثُنا كتب المغازي بأنّ أهالي هذه المدينة فتحوها للمُسلمين صلحًا من دون قتالٍ، ربّما لأن الأرض تحنّ إلى أهلها. فهذه المدينة العربية الفينيقية رأت في الفتح الإسلامي عودةً إلى الأصل وخلاصًا من براثن الرّومان.
بعد عدّة قرونٍ من صراعات دول شمال إفريقيا الإسلامية، أصاب المدينة تهميشًا، بعدما نهضت مدنٌ أخرى في الدّواخل، كانت أكثر أمنًا وأبعد عن طارقي البحر وغزاته ومُغامريه. فتآكل الكثير من أحياء المدينة وحلّ بالبعض الآخر الخراب، وذلك لطبيعة المواد التي استُعملَت في البناء ومعظمها من الحجر الجيري المُغطّى بطبقةٍ من الجبس (السّتوكو). فكانت طبقة الجبس تتآكل مع الزّمن لتنهار ومعها المباني، ويتحول الكلّ إلى أكوامٍ من الحجارة والأعمدة المنهارة أو المتصدّعة. وقد ذكر الرّحالة اليعقوبي، في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، أنّه مرّ بصبراته وأنّ بها مباني وتماثيل فخمةٍ. أمّا التيجاني فقد مرّ بها في القرن الرّابع عشر ووصف أعمدة الرّخام والمباني بقوله: "وبهذه المدينة آثار قديمة وأعمدة مرتفعة من الرّخام قائمة إلى الآن لا بناء يكنفها، وَوُجِدَت ساريتان منها متجاورتان على شكلٍ واحدٍ، وكلّ واحدةٍ مؤلّفةٍ من أربع قطعٍ في غاية الفخامة والإرتفاع وحُسن الصّنع".

كما وَصَف آثار صبراته الكثير من الرّحالة الأوروبييّن في القرن التّاسع عشر، مثل "بارت" الذي تحدّث عن المسرح والأعمدة والأقواس. وقد رأى أيضًا رصيف الميناء وتمثالين من الرّخام، أحدهما لامرأةٍ ذات جسمٍ متناسقٍ. كما وصفها الرّحالة "فون مالتزان" ووصف المسرح الدائري والتّماثيل والميناء وبعض الأبنية البيزنطيّة المتأخّرة. ومع الإحتلال الإيطالي لليبيا عام 1911م، قرّرت الحكومة الإيطالية تكليف بعثةٍ من كبار المؤرّخين وعلماء الآثار بالبحث عن الآثار الرّومانية بصبراته وغيرها من المُدن اللّيبية. وبدأت الحفائر المُكثّفة بصبراته من سنة 1923 إلى 1936، وأدّت إلى اكتشاف وترميم معظم مباني وشوارع ومسرح ومدافن المدينة القائمة حتّى الآن.
ربّما تكون هذه هي الحَسنة الوحيدة التي تركها الطّليان بليبيا، وإن كانوا نهبوا الكثير من الآثار ثم رمّموا الضّريح البونيقي الشّهير، العائد للقرنين الثّالث والثاني قبل الميلاد، والذي هو مسلّة شاهقة تُرى مع المسرح من عدّة كيلومتراتٍ. وإلى جانب مدينة صبراته الأثرية، تقف الآن ثانيةً المدينة الحديثة بشوارعها وعماراتها ونخيلها وزيتونها؛ فأرضها شديدة الخضرة تمتدّ حتّى دحمان وحرمان شرقًا وجبار والعجيلات وسوق العلالقة جنوبًا.

http://www.al-hakawati.net/arabic/ci...ges/city14.gif

صائد الأفكار 28 - 8 - 2010 08:01 AM

عقرا (المعروفة أيضا بتاكري)

عقرا بلدة صغيرة تقع على سفح الجبل المعروف باسمها. وعقرا هي تسمية بلغة العراق القديمة السريانية وتعني الجذر او اسفل الجبل. لها منظر خلاب سكنها السريان الآشوريين واليهود منذ قديم الزمان وشاركهم الاكراد في الأزمنة المتأخرة, عرف أهلها الاصليون بممارسة مهنة الحياكة والصياغة التي ما زال البعض منهم يزاولها فى الموصل وبغداد ويبرعون بها, هجرها اليهود عام 1949 وبدأت هجرة الآشوريين منها بعد عام 1961 نتيجة الضغوطات التي مورست بحقهم مما تسبب في هجرتهم الى تركها نهائيا .وكان في القرية مقر للمطرانية الذي أغلق نهائيا بسبب تلك الهجرة. وباتت عقرا التي تقع شمال غرب العراق بعد ان سكنها الاكراد تعرف بـ "تاكري" وتتبع اليوم محافظة دهوك بعد ان كانت تابعة لمحافظة نينوىوبهذا أصبحت تابعة لمنطقة الحكم الذاتي الكردي.

كانت تسمى هذه المنطقة قديما بحسب المخطوطات العراقية القديمة التي دونت باللغة السريانية وبحسب الرحالة العرب بـ (مركا) ومعناها (المرج). اعتنق سكان عقرا الديانة المسيحية منذ القرن الثاني، وتشهد على ذلك كنائسها واديرتها، ومن اهمها دير (بيث عابي) وكنيسة السريان الأرثوذكس المنقورة في الصخر في اعلى قلعة عقرا. ونتيجة قدوم البعثات التبشيرية الاوربية للمنطقة غير السريان الاشوريين في عقرا مذهبيهم العراقيين (النسطوري واليعقوبي) ليعتنقوا المذهب الاوربي الفاتيكاني (الكاثوليكي) وسموا من وقتها بـ (الكلدان) وتأسست بعدها اسقفية كلدانية عام 1833 وتولى ادارتها المطران مار اوراها. وبلغ عدد سكانها في عهده ما يقارب 17 الف نسمة.

قلعتها الأثرية

توجد في عقرا قلعة اثرية شامخة تطل على المدينة ، وقد بنيت على لفحها مئات الدور بحيث تشكل طرازاً معمارياً فريداً من نوعه. وهي قديمة جداً قدم تاريخها . جزء من القلعة صخري والبقية ترابي. وهي مربعة الشكل طول ضلعها 110 أمتار وبذلك تكون مساحتها 12,100 متر مربع. كما يوجد على مقربة من البلدة بقايا وخراب دير مار قرياقوس فهو الدير الذي يطل على قرية برتا الآشورية والتي تبعد مسافة عشرين كيلومترا عن عقرا ولا زالت المئات من عوائلها تعيش في المدن العراقية المختلفة وقسم اخر في المهجر. هذا والجدير ذكره انه تكثر في هذه المنطقة والاقضية المجاورة لها الاثار والمنحوتات الاشورية التي اكتشفها عالم الاثار البريطاني الشهير هنري لايار. اما اجمل ما في عقرا منظرها القائم على منحدر قلعتها الأثرية. ويشبه هذا الجبل بتكوينه الطبيعي مدرجاً رومانياً، فيخال للناظر إليها من بعد أنها تتكون من طبقات بعضها فوق بعض تطل على واد فسيح بساتينه تزدان بالأزهار وأشجاره مبدعة بالثمار فإذا ما مد الشتاء رواقه لبس الجبل المذكور ثوبا قشيبا من الثلوج .. وفيها من الفواكه اللذيذة والأشجار المثمرة الكثيرة ما يفيض عن حاجاتها فتمون بها مدينة الموصل والقرى الملحقة بها .. وبطيخها من أجود أنواع البطيخ في العراق وتينها مشهور بنكهته وحلاوته.. اما الأرز الذي تجود به تربتها فقد نال شهرة واسعة في عموم العراق.

في سنة 533 ق.م حصّنها الأمير "زه ند" تحصيناً جيداً وأجرى إليها الماء من نبعِ يسمى "كانيا باشاى" على السفح المقابل للجهة الشمالية للقلعة وذلك بواسطة القاعدة الفيزياوية الأواني المستطرقة حيث تم حفر قناة في الصخر رُبطت بواسطة أواني فخارية وتم دفنها بالطين حتى لا ينفذ منها الماء . ويصب هذا الماء داخل أحواض أو صهاريج موزعة على سطح القلعة استُخدم البعض منها لخزن المياه والبعض الأخر لخزن الحبوب. وقد صممت على أشكال هندسية مخروطية ومطلية بطبقة من الجيبسوم والشيل أي الكلس.

ومن طبيعة هذه المادة هي امتصاص الرطوبة فتبقى باردة جافة فتحافظ على المواد المخزونة لفترة من الزمن.
كانت المنطقة العلوية من القلعة خاصة بسكن الأمير وحاشيته. أما الجزء السفلى فهو للرعية. ويوجد ممر محفور داخل الصخر بشكل هندسي مقوس لكي يتحمل ثقل الصخور بطول 15 متر وعرض 4 أمتار. وتحتوي الغرفة الصخرية على ثلاث فتحات لدخول الضوء والتهوية. وهي محفورة بشكل مخروطي إلى الخارج لتوزيع اكبر كمية من الضوء داخل الغرفة.


http://www.al-hakawati.net/arabic/Ci...histcity22.jpg

في الجهة الشرقية من القلعة زندان، وهو عبارة عن نفق طويل محفور من الصخر الصلد باتجاه وسط القلعة بطول 44 متر وبارتفاع 6-8 أمتار. وهذا النفق ذو مرحلتين: الأولى واسعة بطول 25 متر وعرض 9 أمتار وتنتهي بدرجات تؤدي إلى نفق آخر ذي ممرين بطول 5 أمتار وارتفاع متر واحد يؤديان إلى فسحة وممرِ بمستوى أعلى من سطح الفسحة وبشكل متعرج.
أما باب الزندان فهو على شكل راس صقر وأمامه موقع للحراسة .. وفي بداية الزندان في الربع الأول منه توجد في السقف فتحة للتهوية ومرور الضوء من جهة ولإنزال الماء والمواد الغذائية على شكل وجبات للمذنبين المسجونين داخل الزندان الرهيب. وقد تمت عمليات الحفر في حينها في الصخور بواسطة محلول حامضي يحتمل أنه كان حامض الخليك الذي يعمل على تفتيت الصخور. ولقلعة ئاكرى الأثرية بابان رئيسان يؤديان إلى قلعة الباب الأول الجنوبي ويطل على المدينة، والباب الشمالي يطل على الجبال وبساتين الأمير. والى يومنا هذا يسمى ذلك البستان ببستان الأمير.
كانت القلعة محصنة ومسورة من جميع الاتجاهات ولا زالت آثار السور شاخصة إلى يومنا. وفي الجهة الشمالية يوجد خندق كثير الثلوج في الشتاء يسمى محليا "جالا به فرى" لاستعمالها في فصل الصيف . وتوجد عدة نقاط للحراسة في جميع اتجاهات القلعة.
وبمرور الزمن أهمل أمر القلعة. وفي سنة 1133م شن عماد الدين الزنكي هجوما عسكريا على ئاكرى واحتل قلعتها الأثرية وهدم سورها بسبب مساندة أبناء ئاكرى الحميديين للخليفة العباسي المسترشد بالله . وحين تولى السلطان حسين الولي بن السلطان حسن بك زمام حكم إمارة بادينان سنة 1534م اهتم بتنظيم أمور بلاده. وكانت أيامه اخصب أيام الحكام البادينيين إنتاجا فكريا وعمرانيا واقتصاديا .. وفي سنة 1550م حصّن قلعة ئاكرى بالمقاتلين الأشداء وأجرى إليها الماء ثانية وجدد بناء سور قلعتها وزين الباب المطل على المدينة بلوحة مرمرية كتب عليها تاريخ تجديد القلعة وتتضمن خمسة عشرة سطرا .. واللوحة المذكورة موجودة في لندن الان استولى عليها الإنكليز بعد نهاية الحرب العالمية الاولى.
للقلعة نفق سري لم يهتد إليه أحد إلى يومنا هذا. وفي سنة 1842 هاجمت القوات العثمانية المدينة التي قاومتها طيلة ثلاثة اشهر فضربت تلك القوات قلعتها بالمدفعية ولكن بدون جدوى. ولولا خيانة عدد من المقاتلين المدافعين عن القلعة لما استسلمت ئاكرى. ولما تمت للقوات الغازية السيطرة على القلعة أمر حافظ باشا قائد قوات الغزو بهدم سور القلعة. وتعتبر تلك السنة سقوط الإمارة البادينية.

تاريخها ألسحيق

إذا أردنا أن نتعرف بتاريخ عقرا العراقية الغابر السحيق، علينا أن نقلب صفحات التاريخ إلى الوراء حتى زمن سحيق. ففي الحقبة التي كانت تغمر منطقة الشرق الأوسط بأكملها مياه بحر هائل أطلق عليه العلماء بحر تيثيس، وبعد انحسار مياه هذا البحر شيئا فشيئا، برزت عقرا إلى الوجود.
كانت هناك أصداف متكلسة من حيوانات حاملات الثقوب، ذات أشكال هندسية جميلة، عثر عليها في مناطق بحرية مختلفة يعود تاريخها إلى اكثر من 420 مليون سنة.. وعدد أنواع حاملات الثقوب ثلاثين ألف نوع. وهي معروفة في بيئات مائية مختلفة، غير أنها تفضل العيش في مياه البحر الضحلة. وفي قضاء ئاكرى توجد متحجرات كثيرة لهذه الأحياء يظن العلماء إنها هي التي كوّنت النفط العراقي.
يعود تاريخ أنشائها إلى العصر الطباشيري أي بداية ظهور القرى والمدن في العالم .. ولعل الاكتشافات التي يقوم بها العلماء الاثاريون مستقبلا تزيح الستار عن شئ كثير من تاريخ هذه البلدة التي هي من اقدم مدن العراق قاطبة.
تقول أسطورة قديمة إن طائراً غريب الشكل حط فوق قمة جبل ئاكرى. وبعد مغادرته بفترة وجيزة انفجر بركان هائل وانسابت سيول من أعلى القمة لتغمر السفوح والوديان بمياه يطفو فوقها اللهب المستعر. وعند هدوء البركان تكوّنت مغارات تسطع بالماس والذهب وتتناسق في الوديان أشجار الخوخ والرمان والتفاح وتنبثق مئات الينابيع الباردة العذبة .. وتبدأ حياة جديدة مفعمة بالخير والبركة ..
وتصدق نبوءة عرافة عجوز قالت يوما: إن وجه المنطقة سيتغير وإنها ستغتسل من آثامها وتتطهر مما علق بها من معتقدات خرافية تستوجب وأد كل فتاة تولد سمراء. وفعلا منذ ذلك الزمان اخذ وجه ئاكرى يتغير وتكتسب سماء وجمالية وبهاء.
والعقر (تاكري) أيضا قلعة حصينة في جبال الموصل وهي شرقي الموصل تعرف بعقرة الحميدية. وان كل فرجة بين شيئين فهو عقر. فلا يستبعد أن تسمية هذه البلدة اقتبست من هذا المعنى لاسيما أنها تقع بين جبلين.
وفي رواية أن ألاسم الكردي لعقرا هو "تاكري" وهو مشتق من "ئاكر" بالكردية بمعنى النار .. والعقر واقعة على منحدر الجبل بنيت على لفح قلعتها الأثرية وتطل على واد فسيح فيه الحدائق الغنية المحتوية على أنواع الفواكه والأشجار. ولكثرة خياراتها كانوا يسمونها "كجك استانبول". وهي تبعد عن شمال شرقي الموصل 64 ميلا.. وفي الجهة الشرقية الجنوبية من هذه القصبة شلال يتدفق منه الماء بغزارة وارتفاع فينشأ منه ما يسميه الأهلون "سى به" وارتفاعه ثلاثون مترا .. وقد عدها بعض المؤرخين من بلاد المرج.

صائد الأفكار 28 - 8 - 2010 08:05 AM

عنجر

تُعتَبَر مدينة عنجر اللبنانية الأثرية الواقعة على بُعد 8 كيلومتراتٍ من زحلة نموذجًا لما كانت عليه المحطّات التجارية الكبرى التي يتحدّث عنها التاريخ القديم والوسيط. فقد أُقيمَت على مقربةٍ من أحد أهمّ منابع أو عيون نهر اللّيطاني في موقعٍ مُميّزٍ على خارطة الطّرقات التي كانت تشقّ البقاع في الأزمنة القديمة والوسيطة. وعلى الرّغم من موقعها المُميّز هذا، تختلف عنجر اختلافًا أساسيًا عما سواها من المواقع والمدن الأثرية الأخرى في لبنان .http://www.al-hakawati.net/arabic/Ci...istcity15a.gif فعلى عكس صور وصيدا أوبيروت وجبيل أو طرابلس وبعلبك التي شهدت تسلسلاً تاريخيًا مُتواصلاً منذ إنشائها حتى اليوم، تعاقبت فيه الحقب والثقافات بشكلٍ قلّ مثيله، فإنّ عنجر تبدو وكأنّها منشأة عابرة، لم تعش أكثر من بضع عشرات من السّنين في بدايات القرن الثّامن للميلاد. وبإستثناء مسجد بعلبك الأثريّ الكبير الذي بُنِيَ في الفترة عينها، فإنّ عنجر تُشكّل الموقع اللّبناني الوحيد الذي يعود تاريخ إنشائه إلى العصر الأموي، تلك الحقبة الزّاهرة في تاريخ الحضارة العربيّة.



يُشكّل موقع عنجر عقدةً رئيسةً تلتقي عندها الطّرق التي كانت تصل مناطق سورية الشّمالية بشمال فلسطين وتلك التي كانت تصل الساحل بغوطة دمشق. وقد أسهم في ازدهارها في العصور القديمة والوسيطة، وما يزال، وجود عين تتفجّر عند سفوح جبال لبنان الشرقية، وهي العين التي أعطت المدينة اسمها الحالي. فقد أُطلِقَ على تلك العين إسم "عين جرا" نسبة إلى "جرا"، وهي حصنٌ قديمٌ وُرِدَ ذكره في أيّام حكم خلفاء الإسكندر المقدوني، أي في غضون ما يُسمّى بالعصر الإغريقي أو "الهلنستي".
دام حكم بني أميّة الذين أسّسوا أوّل سلالةٍ وراثيّةٍ حاكمةٍ في الإسلام زهاء مئة سنةٍ، إذ استمرّوا في الحكم من 660م حتّى 750م. وبفضل عددٍ من الخلفاء العظام، اتّسعت حدود الدولة الإسلامية حتّى بلغت السّند شرقًا وجنوب فرنسا غربًا. بيد أن الخلفاء الأمويين، وعلى الرغم من انشغالهم بإدارة شؤون إمبراطوريتهم، فقد أبقوا على الأواصر التي كانت تربطهم بالقبائل البدوية التي كان لها شأن كبير في بسط سيطرتهم على تلك الأصقاع الواسعة، فكانوا يغادرون العاصمة دمشق، ولا سيّما في أيام الربيع، لقضاء بعض الوقت على تخوم بادية الشام، متنقّلين بين تلك القبائل.


http://www.al-hakawati.net/arabic/Ci...istcity15b.gif


ورغبةً في البقاء على اتّصالٍ بهذه القبائل، أقام الخلفاء على تلك التّخوم مضارب صيد واستجمام، ما لبثت أن تحوّلت إلى مستقرّاتٍ مشيّدةٍ بالحجر، تلعب دورًا مُتشعّب الوجود. فكانت تلك المنشآت قصورًا وقلاعًا من جهةٍ، ومراكز إنتاجٍ زراعيٍ وتجارةٍ من جهةٍ أخرى، من شأنها استجلاب البدو إلى التّحضر والإستقرار.
في هذا الإطار الحضاري وفي ظلّ تلك السياسة التي انتهجها خلفاء بني أمية، أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك بإنشاء مدينة عنجر المُحصّنة على بُعد نحو كيلومترٍ واحدٍ إلى الجنوب الغربي من النبع المعروف بـ"عين جرا". ولتنفيذ مشروعه، استعان الخليفة بعددٍ من المهندسين والحرفييّن والصنّاع البيزنطيين والسوريين العارفين بتقاليد العمارة والزّخرفة القديمة الموروثة من أيّام الرومان والإغريق. وقد استخرج هؤلاء الحجارة اللازمة للمشروع من عددٍ من المقالع المجاورة، كمقالع بلدة كامد اللّوز، كما نقلوا أعدادًا من العناصر البنائية الأخرى، كالأعمدة وقواعدها وتيجانها وتعتيباتها، من بقايا الأبنية الرومانية والبيزنطية التي عثروا عليها في جوار الموضع الذي كان يقوم فيه حصن "جرا".
غير أنّ حياة عنجر لم تدم طويلاً بعد وفاة مؤسّسها. فقد دمرها الخليفة مروان الثّاني سنة 744، على أثر انتصاره على منازعه إبراهيم بن الوليد في معركة دارت رحاها على مقربةٍ منها. وما لبثت البلدة أن أخذت تتداعى حتّى تحوّلت في القرن الرابع عشر إلى تلالٍ من الأطلال والتّراب وسط مساحاتٍ شاسعةٍ من المُستنقعات. وظلّت على هذه الحال حتّى سنة 1943، عندما بدأت المديرية العامّة للآثار اللبنانية أعمال استكشافها، وإعادة الحياة إليها. وهي اليوم مدينة صغيرة تسكنها أكثرية أرمنية هُجِّرت في مطلع القرن العشرين من تركيا.

http://www.al-hakawati.net/arabic/Ci...histcity15.jpg



الساعة الآن 06:06 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى