منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   شعراء من فلسطين (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=26512)

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:27 AM

هجرةُ الأشواقِ العاريَة
علَى قيدِ الموتِ
كانَ ضيفُ المطرِ
يرسمُ فوقَ الرِّيحِ مَا فقدتْ يداهُ
تخومَ اشتياقهِ
وفوضىَ جهاتِهِ
وحلمَ المدَى.
لمْ يبقَ مِنْ عَبَقِ الرِّياحِ
مَا تشتهيهِ المرايَا
لِتُسْقِطَ ظلِّي عليَّ
يؤَثِثُها الصمتُ الذِي تليهِ
ضجةُ الجسدِ
شتاءُ الروحِ
وقيامُ الندَى.
غابَ محكوماً بالفراقِ
طاعناً فِي العشق ِ
تراودُهُ
جدليةُ تدميرِ الذاتِ
جماليةُ تهكمِهِ علَى الحياةِ
سعادةُ المتَّكئِ علَى خرائبهِ
وهمسُ الصدَى.
عادَ يطلُّ عليهَا
هيَ المسكونةُ بالأوجاعِ
ونزاعِ الألوانِ المفعمِ
بألقِ العتمةِ ولهيبِ الأنوثةِ
حتىَ أضحَى غيابهُا الشَّهيُّ
عابراً فِي الوجدِ الذِي
يطفحُ سكونَ الردَى.
باتَ مكفَّناً بالأسئلةِ
وفياً للأمكنةِ
مدافعاً عَن هشاشةِ الممكنِ
فِي مهبِّ الجسورِ
مُذْ تخلَّى البوحُ عنهُ
والباقِي سُدَى.
صارَ يبحثُ عنهَا
فِي خريطةِ ترحالهِ الداخليِّ
بكلِّ مَا عَلِقَ بقلبهِ
مِن غبارِ التشرُّدِ
والتَّصحرِ والضَّياعِ
لعلَّها تدخلُهُ سريرَ التجلِّي
وتحصِي أضلُعَه
لَهُ الرِّيحُ كلُّها
ولهَا مقاماتُ الهدَى.
مَا ظلَّ فِي القلبِ متسعٌ للنشيدِ
وأنتَ فِي صحوةِ الفُقدان
لاْ صحراءَ للذكرَى
ولاْ مرثيَّةٌ زرقاءُ تعلُو
فوقَ سطحِ العنفُوان.
هوَ الشاردُ الأبديُّ
مِن حطامِ البحرِ يطلعُ
وهيَ الشهيةُ
والنديَّةُ
وهيَ الأميرةُ
مِن ديارِ الحلمِ تهبطُ
كيْ تستكينَ الروحُ
علَى جسدِ الأقحُوان.
مَا عادَ هوَ هوَ
فقطارُ العمرِ يومضُ حدَّ الحلكةِ
وفراشاتُ القلبِ
تحملُ ممشَى الذكرياتِ؛
هجرةُ الأشواقِ
جواحيمُ تتقرَّى قسماتِ المترقرقِ الأبديِّ
والمجاهيلُ أَجنحَتي
تحطُّ عَلى سقفِ الريحِ
لكلِّ اسمٍ رجوعُهُ
ملءَ المدَى
لكلِّ رَجْعٍ صداهُ
كلمحِ الأرجُوان.
مَا عادَ هوَ هوَ
ومَا عادتْ هيَ
ومَا عدتُ أنا أنا
ولاْ الآخرُ أنا
ومَا الحالةُ إلاْ حيِّزٌ كونيٌ للمشتهِي
محطةُ انتظارٍ
فِي الأبديةِ البيضاءِ
حيثُ الكلُّ فِي الواحدِ
والواحدُ فِي الكلِّ
قرابينٌ مؤجلةٌ
فِي ذُروةِ النسيَان.
علىَ طرفِ التأملِ
وفِي حضرةِ الشوفِ والغيابِ
ينتابُني شعورٌ عصيٌّ علَى الإدراكِ
يعودُني فِي الوحدةِ عطرُها الشَّهيُّ
أنوثَتُهَا المترفعةُ
شهقةُ اللهفةِ الأولَى
حضورُها المباغتُ الخفيُّ
رِعشةُ الإنخطافِ
فِي سُبْحةِ الحرماَن.
وأسألُ:
- لماذَا تورقُ الزنابقُ فِي أوصالِي مِن جَديد؟
* لكيْ ترطِبَها الريحُ يَا حَبيبي !
صمتاً صمتاً يَا حَبيبتي
قدْ يسمعُنا أحدٌ
لكَم تشبهينَ الماءَ
لكَم تشبهينَ الريحَ
فِي حالةِ الهيَمان.
صاهلٌ بالرغباتِ
تأخُذُه القصيدةُ مِن جذوةٍ فِي القلبِ
لاْ لشيءٍ
رُبما
كيْ تؤوِّلَّ مَا فيهَا
مِن هاجسٍ يشتهيهَا
لتَقرأ مَا يقولُ البحرُ ليْ:
لاْ شيءَ يشبهُنا /
وذاكَ منحدرُ الكلامِ
تحرقُ هاطلاتِ ذاكَ اللهيبِ
لنكتبَ مِن قريبٍ
مَا تحطُّ السماءُ مِن ملامحَ
تعرَّت علَى عزلةٍ قاتلَة .
مارقُ حلمُنَا
كأنَّهُ كائنٌ حبريٌّ
لمْ نكنْ رمزاً لتحمِلَنَا النوافذُ
علَى شفيرِ الأسئلَة
ولمْ نكُن واقعاً يتجلَّى
عَلى حبَّةِ القلبِ
حينَ خابَ الظلُّ وارتحلَ الأُوارُ
ولكنْ يا سيِّدي الحزنَ:
غامضةٌ ظهيرتُنَا
فِي لحظةِ الكشفِ الزائلَة.
مقيمٌ فِي مجراتِ العراءِ
يغرفُ رجعَ الغضَى
منذورٌ للخساراتِ المعلقةِ
علَى جدرانِ الغيابِ
بعثرَهُ السبرُ عمَّا تخفِي
حينَ تخلعُ الشمسُ ثوبَهَا الليليَّ
وتحنُو قامةُ الأفقِ لهَا .. نخفقُ:
نحنُ شهدُ الشهوةِ الأولَى
نحنُ رذاذُ الضوءِ
شهقةُ الحريرِ المجعَّدِ
حفاوةُ الأضدادِ
خريفُ الاعترافِ
فِي ليلةٍ فاصلَة.
كنبعٍ دافقٍ
جوارَ مدفأةِ الأشواق ِ
يتقرَّى أبهاءَها
يتساقطُ الوهجُ علَى مداخلِ قلبِي
صديقةُ الأسئلةِ
تعلنُ سعيرَ الويلِ
يقفُ متحدياً محنةَ وجودِهِ
يتجولُ داخلَ خرائِبِهِ
فِي زمنِ الموتِ العبثيِّ
يحملُ صقيعَ المعاناةِ
وجعَ الحواجزِ
والجدرانَ العازلَةِ.
واصلَ حنانَها السَّخيَّ
فِي غيبوبةِ ذهولهِ
حاملاً
حائطَ الدهشةِ والإخفاقِ؛
فِي لحظةِ تأبينِ أحلامِهِ
تزمِّلُهُ
حالةٌ مِنَ التصوِّفِ الضارِي
تُغطِّي نواحَ الانكفاءِ
وهشاشةَ الممكنِ
يدلُقُ روحَهُ ويمضِي
فِي نقعةِ الضوءِ المائلَة.
تعبتُ مِن هواءِ البحرِ
والصحراءِ
تجاعيدُ الوقتِ
تَشْرَقُ روائحَ الليمونِ
سياجُ البيتِ مشدودٌ علَى
صفصافَةِ المنفَى
نرجسٌ رخوٌ ينثالُ مِن حبلِ
المساءِ
شلالٌ مِنَ السُّهدِ يلتحِفُ
الخيالَ
وجهٌ يتوسَّدُ النجماتِ
فوقَ جذوعِ السماءِ
فراشةٌ في القلبِ تقايضُ الليلَ
ظلٌّ يطمرُ ظلَّهُ المهجورَ
ويسكنُ راحلَة.

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:27 AM

هجرة اللازورد
وكانت النكبة !!
يا وطن الغوائل على مذبح المجزرة
يتجلَّى حنظلة!
يصرخ:
يا سارق ألعابي .. قف!
يتحسَّس أعضاءه
يرسم التاريخ
ويغرق في اللازورد.
واكتفينا بأغنية
" سوف نرجع عمَّا قليل الى بيتنا "
سيِّدة الأرض
شهقة الياسمين
كان اسمها " فلسـطين "
نحمل الحلم حشاشة
يا وبلا من الحرمان
في يد تمسك الحجر.
هي صرخة حرَّى
ويعروني سؤال البرق عني
وعن طروادتي الأولى
وعن هزائمي ومأساتي البطولية
في رحلة الغيب الخالدة.
هي هجرة الروح
وتعلوني طقوس الريح فيَّ
كي تفسر تفاصيل القصيدة
لغيمة نازفة.
قالت:
يا راحلا كأقحوان صبح ندي
دع القلوب في مطارحها
ليس فيك سوى الحزن
ورائحة القهوة العربية والبئر العارفة
لك حقول العتمة الأولى
لك البحر والنهر والذكريات
لك الليل إذا أسدف
لك غيمة المنفى وسرحة سنديان
لك الوادي وحبات الندى
والفاء والثاء واللغة الحائرة.
مأسوي أنا
"عاشق سيء الحظ أنا ترب الندى"
سريالي والآخر أنا
بإرادتي ارتكبت اخطائي
يطاردني الظلُّ ويتوارى في الآكام.
لا بحر يدلقني عليك وفيك
من النرجس المخطوف
حتى آخر الليلك الباكي
على فخذ وعنَّب وناي
فاكتب
ما تيسَّر عن لهاث الملح
في دمنا
يا وطن الريح
يا شاعرنا
يا مفتاح منفانا
وغربتنا
حتى الأبـد.

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:28 AM

هل يغريك الموت
متوّجاً كنفحة طيب
لا وسما بهيا بعدك
هبطت من ورق الغمام
لترسم المعنى
وتبعث من ضباب يديك
رسالة أخرى
ودمعا أبيا.
ها أنت تؤثث عهد الغيب
وترحل في شهوتك الأبدية
ها أنت تحدق ثانية فيَّ
وتحلِّق فوق رياح النور
ها أنت تنضِّب صفوتك الوحشية
وتشحن بالخيط الليلك
علَّ الليلك يعبر طقس الموت
بدون خلاص.
هل يسعفك الموت؟
مِن أيِّ سيوخ طينيٍّ قذفتك العزلة
حتى شسوع العمر؟
مِن أيِّ مجال ناري دفقتك جهات الخلق
نحو مساحيق المنفى؟
مِن أيِّ مهبّ مائي تتشمم رائحة البحر
وتدعو للمطر التائه
في صفحات الرمل؟.
هل يسعفك الموت؟
مِن أين لي عري الإجابة حين يشتعل السؤال؟
مِن أين لي رجع المرايا حين ينكسر القناع؟
مِن أين لي وقع الأغاني حين ينتفض النشيد؟
مِن أين لي
مِن أين لي
ولك البداية والقيامة
فيك يكتمل الهلال!.
لك قمة الرؤيا
مذ مرَّ الهواء على مفارق روحك وانكويت
فاحمل بلادك
رجَّها لو شئت
وهيئ لسيدتي الأنيقة ما استطعت
من البياض المقدسي
فكن جرساً في مملكة الفجر
وكن كالبرق في ملكوت الغسق.
متكئاً على خرائب روحك
مؤجلاً كقمر اليباب وشمس الفقراء
يأخذني البحر تماما
يفتح شباكا خلفيا للغربة
تحملني ينابع الجوع
فتجهش فيَّ رائحة الوطن الطافح بالأحزان
ينهمر الوهج بقايا لا أعرفها
يرتعش على الشفتين سؤال:
هل يغريك الموت؟
لا !
هل يغريك الموت؟
لا !
هل يغريك الموت؟
لا !
كيف الرفض..
والموت قميص الروح المتهيِّء
في مهجعك الموعود
كيف الرفض..
وفي القلب مسار يتململ عند الحلم
يا معراجاً يحمل,
فوح ثراها
وعودتك المنتظرة.

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:29 AM

الشاعر هارون هاشم رشيد

هارون رشيد: قصيدة النثر انقطاع عن التراث وخلع للجذور والهوية
حوار: مفلح عياش
الشاعر الفلسطيني «هارون هاشم رشيد» من مواليد حارة الزيتون في غزة هاشم عام 1927، اسم ذو حضور خاص، اقترن بفلسطين وعذاباتها، فوقف شعره تارة على رؤوس أصابعه حزناً على فلسطين وقضية شعبه وتارة أخرى ممتشقاً قلباً لا يتوقف غضباً، وظل طوال نصف قرن وفياً لاختياره مخلصاً في تعبيره بالهم الفلسطيني من خلال تجربته كانسان ابعد عن وطنه ظلما، وعاش مآسي وإحداثا تقلبت على فلسطين خلال عمره المديد.
هارون هاشم رشيد من شعراء الخمسينيات الذين أطلق عليهم «شعراء النكبة» أو «شعراء المخيم» ويمتاز شعره بروح التمرد والثورة ويعد شاعرنا، شاعر القرار 194 كما وصفه الشاعر عزا لدين المناصرة، فهو من أكثر الشعراء الفلسطينيين استعمالاً لمفردات العودة، العائد، العائدون.. وشاءت الأقدار لهذا الشاعر أن يتعايش ويصاحب اللاجئين منذ اللحظات الأولى لهذه المأساة النكبة، فتفجر شعر هارون من هذه التجربة، وولد ديوانه الأول «مع الغرباء» عام 1954 رصد فيه معاناة فقدان الوطن،
وتأثيرات النكبة وما خلفته، حتى ذهب بعض النقاد ومن كتبوا عنه إلى اعتباره من مدينة يافا أو من بئر السبع وهما مدينتان تم احتلالهما وتشريد أهلهما عام 1948 فقصائده تبدو وثيقة نفسية وإنسانية ترصد ألم اللجوء وحياة المشردين، وحتى اليوم مازال يستلهم قصائده من ألوان الحياة الفلسطينية، فقد اشبع دواوينه الأولى بموضوع اللاجئين والنكبة. ظل قريباً من الناس بعيداً عن النخبوية والمعارك الطاحنة بين القديم والجديد، بل ظل همه التعبير صريحاً عما يؤثر فيه، قريباً من هموم شعبه وأمته.
اصدر هارون هاشم رشيد عشرين ديوانا شعرياً بين عامي 1954 ـ 2002 إضافة إلى عدد من المسرحيات الشعرية التي أخرجت على المسرح وطافت عدداً من البلاد العربية، وشكلت احد روافد المسرح الملتزم، وجددت تقاليد المسرح الشعري والذي لم يعنى به إلا فئة قليلة من الشعراء.
هارون هاشم رشيد ابن الحقبة الناصرية ـ الذي يعتبر نفسه احد جنود هذه المرحلة الأوفياء حتى اللحظة ـ ومندوب فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية، والعضو الدائم في اللجنة الإعلامية العربية، كرم بعدد كبير من الأوسمة ونال الجوائز، إلا أن أهم تكريم ناله المكانة العميقة التي احتلها في وجدان وقلوب الناس ممن اتصلوا بشعره أو استمعوا إليه، فهو ليس من طلاب المجد ولا ينظر إلى تكريم أو احتفال، بل يقول كلمته ويمضي، أملا إن تصل إلى قلوب الناس وتفعل في وجدانهم.. بيان الثقافة التقاه في هذا الحوار:
ـ بداية هل لك أن تحدثنا عن طفولتك ونشأتك والظروف التي أحاطت بهما؟
ـ الحياة والسيرة الذاتية لكل إنسان فلسطيني متشابهة، وعندما أتحدث عن نفسي كأنني أتحدث عن إي فلسطيني، إنا لست في تفاصيل الحياة الفلسطينية استثناء وشاءت لي الأقدار أن أعيش المأساة من أولها كما فعلت شريحة واسعة من كبار السن من الفلسطينيين، فمنذ الثلاثينيات والإحداث تتوالى، والفلسطيني أيا كان عمره ومكانه ومكانته، اندمج معها، حتى أصبحت جزءاً من كيانه وتفاعلاته الحياتية اليومية،
لقد أثرت هذه الأحداث على الصغار قبل الكبار حتى تمكنت من أن تنتزع منهم طفولتهم تماماً كما الأجيال التي تلت وعاصرت النكبة وغيرها وانتزعت منهم كل ما يحلم الأب أن يوفره لأطفاله من براءة ولعب بل وطفولة.
واذكر في عام 36 في احد أيام رمضان أنني كنت مع مجموعة من الأطفال بالقرب من مسجد «الشمعة» نلعب في ساحة اسمها «باب الدارون» في حارة الزيتون بغزة، وقبيل أذان المغرب بقليل حيث اعتدنا على ذلك لقضاء الوقت حتى يحين موعد أذان المغرب لنذهب إلى الإفطار.. ولكن وقبل موعد الأذان مرت دورية بريطانية صغيرة بجانبنا، وفجأة ظهر خمسة ثوار، وأطلقوا النار على الدورية وحدث اشتباك بينهم وبين إفراد الدورية البريطانية أسفرت عن استشهاد اثنين من الثوار وجرح آخرين فيما تمكن الخامس من الفرار.
وبعد وقت قصير امتلأت الساحة بالمصفحات والمجنزرات وتعزيزات كبيرة من الجنود البريطانيين، فطوقوا المنطقة، وجمعوا الرجال في مسجد الشمعة، وكان والدي وأخي الأكبر يتناولان طعام الإفطار عند شقيقتي خارج الحارة، فنمت وبقية أهلي وحدنا في تلك الليلة.
اذكر تلك الليلة جيداً لقد أصبحت عتمتها وظلامها وطغيانها جزءاً مني واذكر كيف عانيت خلال هذه الليلة من الخوف والاضطراب.. وفي الصباح طلب منا الجنود البريطانيون مغادرة المنزل حيث قاموا بنسف عدد من البيوت المحيطة بالمنطقة، ومنذ تلك اللحظة أدركت أن هناك مخاطر تتهددني وأسرتي وشعبي، ومنها ومن فجر تلك الليلة بدأ الالتزام، وشعرت إنني خرجت فعلياً من دائرة الطفولة.
ـ لقد عايشت النكبة، ويطلقون عليك شاعر النكبة أو «شاعر القرار 194» لكثرة حديثك عن اللاجئين ومأساتهم.. كيف اثر هذا الحدث عليك؟ ـ لا استطيع أن انسي تلك اللحظات الصعبة والمأساوية، التي يهجر فيها شعب بأكمله من دياره إلى الشتات، لقد عشت مأساة اللاجئين.. لم لا.. كنت في غزة وكنت احد المتطوعين للمساعدة في نقل وإيواء اللاجئين وكان اللاجئون يصلون في مراكب تسمى الجرو.
واذكر كيف أن هذه المراكب لم تكن تستطيع الوصول إلى الشاطئ فكان الصيادون يذهبون إلى هذه المراكب في زوارقهم ويحضرون الأسر المهجرة الضائعة إلى الشاطئ الذي يفتقر إلى الميناء، نساء وأطفال وعجزة وشباب وفتيات مشهد جحيمي.. كنت اشعر كم نحن وحيدون.
كنا نحمل هذه الأسر على أكتافنا إلى الشاطئ ومن ثم نرسلها إلى أماكن الإيواء في المدارس والجوامع، وبعد ذلك شاءت الأقدار أن اعمل مع لجنة لشئون اللاجئين بطلب من ابن خالتي الذي كان عضوا فيها، ومنذ تلك اللحظة بدأت عمليا وبصورة يومية أعيش مع اللاجئين كل لحظات مأساتهم.
المعظم يشاهد صور خيام اللاجئين.. إنا رأيتها وعشتها تشربت مأساتها لقد مكثوا فترة من الزمن في الخيام حتى جاءت وكالة الغوث وتم نقل اللاجئين إلى معسكرات النصيرات والبريج والمغازي وهي في الأصل معسكرات للجيش لا تصلح للسكن.. وزاد تفهمي للهم الكبير الذي يسكن اللاجئين.
ـ كان لك علاقات حميمة بعدد كبير من الأدباء والقادة والإعلاميين كيف أثرت هذه العلاقات على الشاعر هاشم هارون رشيد بخاصة في بدايات المشوار وأنت توصف بأنك من جيل الخمسينيات في الشعر الفلسطيني؟ ـ لم أكن أتخيل في يوم ما إنني سأصدر ديوانا شعرياً، فقبل صدور الديوان كانت لدي مجموعة من القصائد، وكنت على علاقة حميمية مع المرحوم صلاح خلف «أبو إياد» الذي كان يدرس حينها في القاهرة وكنت معجباً بأستاذه الدكتور عبدا لمنعم خفاجه ـ وهو من كبار الأدباء والكتاب ـ وخلال إحدى إجازات أبو إياد الذي يسكن في مكان قريب من بيتي في غرفة، قرأ بعض قصائدي وقال لي انه سيحملها إلى القاهرة لنشرها. فقلت له هذا ملف بالقصائد خذه معك شريطة عدم نشرها إلا إذا اطلع عليه الدكتور عبدا لمنعم خفاجه وأجاز نشره.
وقبل ذلك كان اخذ مني قصيدة «الجولة الثانية» ونشرها في مجلة «المرابطة» وأهداها إلى رئيس رهط الجوالة حينذاك الأخ ياسر عرفات «أبو عمار» وعندما منحت وساماً عام 1990 ألقاها أبو عمار بصوته إمام الجماهير.
نعود للحديث عن الديوان ففي القاهرة اطلع الدكتور عبدا لمنعم ـ الذي كان عضوا في «رابطة الأدب الحديث» على القصائد وأعجب بها وقال الدكتور عبدا لمنعم لأبي إياد أن هذا الشاعر كبير.
وقرر الدكتور عبدا لمنعم طباعة ديوان «مع الغرباء» حيث صدر عن رابطة الأدب الحديث وكتبوا عليه شاعر فلسطين القومية، وقدم الدكتور عبدا لمنعم خفاجة لهذا الديوان وكتب العديد من الأدباء المعروفين حول هذا الديوان في مقدمتهم مصطفى السحرتي وعبدا لله زكريا وغيرهم.
وتناولته صحف ومجلات وجرائد وكتبت عنه دراسات واسعة في غير مكان من الوطن العربي وتم اختيار عدد من القصائد التي غناها محمد فوزي وفيروز وكارم محمود وفايزة كامل وغيرهم.
وأول شخص كان لي علاقة معه في بداية النكبة كان محمد عبدا للطيف عبدا لله الذي اصدر رواية «لقيطة» فقرأت الرواية وأعجبت فيها فكتبت تعليقا عليها وأرسلتها له، فرد رسالة مطولة فتحت افقا بيني وبينه حتى التقيته عام 1958 في مهرجان شعري على هامش مؤتمر لاتحاد الكتاب العرب الذي كان منعقداً في الكويت.
وفي الكويت كان لي حضور لدرجة أن محمد مهدي الجواهري أراد رؤيتي وعندما قابلته قال لي: احتراماً لك سألقي قصيدة عن يافا.
وقد تعرفت على عدد كبير من الشعراء وتوطدت علاقاتي معهم، وفي القاهرة دخلت المجتمعات الأدبية مبكراً، فكانت لي علاقات مع صلاح عبد الصبور ومعظم شعراء وأدباء هذا الجيل.
ـ أنت شاعر تكتب الشعر العمودي وشعر التفعيلة فما هي معايير القصيدة الناجحة لديك؟ ـ الشعر هو شعر عندما يخرج كشعر فالقصيدة الناجحة هي التي تعبر عن صدق الشعور، فالصدق شرط أساسي للشعر، وبقدر ارتقاء القصيدة إلى مستوى الشعور باللحظة وتكثيفها وجدانياً بقدر ما تكون ناجحة.
والقصيدة الناجحة يتوفر فيها أيضا موسيقى الشعر، وإذا خلت القصيدة من الموسيقى تعتبر نوعاً آخر من الكتابة.
ـ في هذا الإطار ما رأيك بقصيدة النثر التي يذهب البعض إلى أن فيها نوعاً آخر من الموسيقى؟ ـ هذه القصيدة المزعومة هدفها الانقطاع عن التراث وخلع عباءة الانتماء وقطع الجذور وهذا مرفوض عند من يريد التمسك بهويته وأصالته، وإذا عدت إلى بدايات هذه الحركة وما كشف حول الجهات الممولة لها، فنضع عند ذلك علامات استفهام كبيرة، فكسر وإضعاف اللغة والنحو وشطب الوزن موجة مرفوضة ولا أؤمن بها بل أضع علامات استفهام كبيرة على مشروع قصيدة النثر منذ بداياته.
ـ في قصائدك تستخدم الشعر العمودي وشعر التفعيلة، ويبدو قبولك الأخير كامتداد للشعر العربي، مطوعاً إياه للتعبير عن مرادك؟ ـ نعم، إنا لا اعد شعر التفعيلة خروجا، بل امتداد للشعر العربي ولموسيقاه الأصلية، فلم تخرج التفعيلة على شعر التراث، وإنما هي جزء منه، وحركت هذه التفعيلة الإيقاع وأعطته مدى أوسع لذلك فهي تطور مقبول ما دام جوهر الإيقاع موجوداً داخلها.
وأنا استخدمت التفعيلة مبكراً منذ ديواني الأول «مع الغرباء» وفي عدد من القصائد والمسرح الشعري، وصدر لي ديوان كامل عام 1970 كتب مقدمته المرحوم أبو إياد فالتفعيلة أداة من الأدوات التي يستعملها الشاعر.
وقبل فترة بسيطة كنت مدعواً للمشاركة في إحدى المهرجانات الشعرية في تونس، وكنت قد حضرت مجموعة من القصائد لألقيها في المهرجان، وبعد نزولي من الطائرة، ركبت سيارة لأتوجه إلى الفندق فتابعت من خلال المذياع ما يحدث في جنين وأصبح كل الورق والقصائد التي انتقيتها لإلقائها في المهرجان ليست ذات قيمة بالنسبة لي، فكتبت قصيدة جديدة ألقيتها وحدها في المهرجان، فدخلت على الحضور ولم أحييهم ولم اشكرهم ولم اقل لهم السلام عليكم، بل قلت:
حزينا أجيء لكم
فاعذروني إذا سبقتني إليكم عيوني
بدمع سخي سخي سخين
على من فقدتهم في جنين
اعز الرجال اعز النساء اعز البنين
هذا شاهد على أن شعر التفعيلة لاقى استحسان الناس، وعبر عنهم، وأنا وجدت أن شعر التفعيلة يطوع المشهد والصورة أكثر وبلائم الشعر المسرحي.
ـ لو اتهمك البعض انك شاعر كلاسيكي والقصيدة لم تتطور عندك فكيف ترد؟ ـ أؤمن بأن الشاعر الذي يستطيع أن يعبر تعبيراً صادقاً عن لحظته بالأداة التي يستطيعها، وبإمكاني أن الغز واخفي مما يسمى بالتجديد.. وعندي أن الحداثة فيما اكتبه تتحد بوصول ما أريده إلى الآخرين، وما دام يروقهم فهو شعر حديث.
والأمر الآخر أننا كشعراء فلسطين نركن جانباً الإيغال في الرمزية وغيرها، فنحن لدينا قضية نكتب فيها والشاعر يعبر عن حالته، هل من الممكن أن يأتي شاعر فلسطيني ويجلس في برج ويتكلم عن السريالية والألغاز والصور دون أن يعبر عما يجري من مجازر وقتل وإرهاب بحق أبناء شعبنا الفلسطيني؟ في النهاية الإبداع حالة إنسانية مندمجة مع بيئة الشاعر وفصلها عن هذه البيئة يجعلها كائناً مسخاً لا طائل منه.
ـ أصدرت عشرين ديوانا شعرياً منذ عام 1954 ولاحظت من خلال تواريخ صدورها أن الفترة الممتدة بين عامي 58 و66 لم يصدر لك فيها إي ديوان شعري فما سر ذلك؟ ـ عام 56 جاء عبد الناصر ومعه خطة لإقامة دولة فلسطينية، حث تشكل إيمان عميق عند عبد الناصر بإيجاد الكيان الفلسطيني وفي هذه المرحلة شغلت عن الشعر في هذا الأمر، مع إنني كنت اكتب أحيانا لكن دون أن انشر ما اكتبه.
ـ بمناسبة الحديث عن عبد الناصر، أنت ابن الحقبة الناصرية، عايشتها بل كنت موظفاً في صوت العرب، ماذا تقول عن هذه المرحلة؟ ـ منذ اللحظة الأولى التي سمعت فيها عن قيام الثورة في مصر اعتبرت نفسي احد جنودها، وأصبح أملي كبيراً بأن هذا الرجل سيحدث نقلة تاريخية في تاريخ الأمة العربية، وشاءت الأقدار أن أكون في اتون هذه الأحداث، وبحكم عملي اطلعت بشكل مباشر وغير مباشر على خبايا ما يريده عبد الناصر بالحس الذهني أو من خلال رجالات النظام.
عمل عبد الناصر منذ عام 56 على تأمين سلاح للجيش، فلجأ إلى الكتلة الشرقية للحصول على السلاح وكان له ما أراد بحصوله على أول صفقة من السلاح التشيكي، وكانت هذه الصفقة من الأسباب الرئيسية لحرب 56، إلا أن العدوان الثلاثي لم يكسر شوكة عبد الناصر الذي تمكن من تفجير الموقف الشعبي ضد العدوان والاحتلال.
كيف عاد الحاكم العام إلى غزة؟ الاتفاقية أن قطاع غزة يصبح تحت السيطرة الدولية «تدويل القطاع» لكن الشعب الفلسطيني رفض هذه الاتفاقية، وخرج بمظاهرات كبرى كانت تنادي وتهتف بعدم التدويل ووصلت إلى أوجها عندما صعد شاب اسمه محمد مشرف إلى سطوح السرايا وقام بإنزال العلم الدولي ورفع مكانه العلم المصري، وعندما نزل الشاب تم إطلاق النار عليه وقتله.
وبعد عام 56 أعطى عبد الناصر فرصة للفلسطينيين برئاسة الإدارات التي كان يرأسها المصريون وفتح المجال أمامهم للذهاب إلى الكلية الحربية، إضافة إلى الدراسة في الجامعات المصرية، أراد تأهيل الفلسطينيين علمياً وعسكرياً.. وانشأ الاتحاد القومي فانتخبت لجان الاتحاد في محاولة مبكرة لإيجاد الكيان الفلسطيني وافرز من هذه اللجان انتخاب أعضاء المجلس التشريعي ليصبح هناك سلطة تنفيذية وتشريعية.
ـ ما دمنا في هذا الإطار، كيف تنظر إلى النكبة الثانية التي حلت بالشعب الفلسطيني؟ ـ 1967 لها قصة طويلة وعريضة وليس لها مساس بنا كفلسطينيين فنحن قاتلنا حتى اللحظة الأخيرة وكنت حينها موجوداً في القطاع، عضو في منظمة التحرير الفلسطينية وسقطت الدنيا ونحن نقاتل، واذكر أن الأخوة الذين كلفوا بعمليات الداخل رفضوا التسليم بالهزيمة واستمروا بالقتال، لكن حصل ما حصل.
ـ تأريخ 67 يشكل بداية اهتمامك بالمسرح، فإضافة إلى انك شاعر فأنت كتبت المسرحية والرواية، هل لك أن تطلعنا على هاتين التجربتين؟ ـ بدأ اهتمامي بالمسرح عام 67، حيث التفت إلى أهمية المسرح في إيصال الرسالة وكتبت أول مسرحية لي عام 1972، وصدرت هذه المسرحية عن الكتاب الذهبي ومثلت بعد ذلك على المسرح حيث أخرجها كمال ياسين ومثلها كرم مطاوع وسهير المرشدي وعرضت في التلفزيون بعد ذلك.
وبعد ذلك كتبت مسرحية «سقوط بارليف» وهي منظومة على شعر التفعيلة وتحدثت فيها عن مفاهيم مختلفة عن كل المسرحيات التي قدمت وتم اختيار هذه المسرحية من بين عدد كبير من المسرحيات التي تم تبنيها من مصر في ذكرى العبور، وحصلت على المرتبة الأولى من بين ست مسرحيات اختيرت لهذه الغاية، ونفذتها فرقة المسرح القومي المصري عام 74 واستمر عرضها فترة طويلة من الوقت وطافت بلاداً عربية متعددة وكتبت بعدها «جسر العودة» و«عصافير الشوك» و«القصر».
إما على صعيد الرواية فقد كتبت الرواية في أوائل الخمسينيات وكانت روايتي الأولى هي «دوامة الأعاصير» ودارت أحداثها حول سقوط حيفا، وفي أواخر الخمسينيات كتبت رواية «مولد عائد» وهي رواية تتم أحداثها كلها في لحظات ميلاد امرأة لاجئة في معسكر المغازي وكان زوجها في عملية فدائية ومع كل طلقة من طلقات الميلاد، كان هناك حديث عن خلفية المرأة وتهجيرها من يافا وكان المفروض تمثيل هذه الرواية سينمائيا وقبضت ثمنها لكن حدثت تغييرات ولم يتم عمل الرواية وضاعت النسخة الأصلية مني كما ضاعت من المخرج المصري توفيق صالح الذي كان مقررا أن يقوم بإخراجها. وكتبت رواية أخرى بعد ذلك وهي «سنوات العذاب».
ـ إضافة إلى انك شاعر وأديب فأنت سياسي وإعلامي ومنذ عقود تتوالى المآسي والأحداث على شعبنا الفلسطيني بشكل خاص وامتنا الإسلامية والعربية بشكل عام، ولكن ما يلمس حاليا انحسار فعلي لدور المثقف العربي في الشارع ولا نلمس تأثيرا لهم على الشارع العربي ماذا تقول في ذلك؟ ـ شيء مريب أن يقابل ما يجري في فلسطين بالصمت من العالم العربي أنظمة وشعوبا وعندما كانت البلدان العربية ترزح تحت الاحتلال الفرنسي والبريطاني وغيرهما وكان يسقط شهيد في المغرب أو الجزائر أو مصر كنا في فلسطين نسمع صوت الأذان في غير موعده وتدق أجراس الكنائس تضامنا وتعبيرا عن حالة الغضب والتضامن وكنت تجد الألوف في الشوارع يطالبون بإنهاء الاحتلال عن إي بلد عربي.
إما في الوقت الراهن فان المئات بل الآلاف يذبحون في الشوارع في فلسطين والعراق وغيرهما من البلاد الإسلامية والعربية وعلى شاشات التلفزة دون أن يحرك ساكنا لدى الشعوب الإسلامية والعربية.
ـ أنت مندوب فلسطين الدائم في جامعة الدول العربية ونلاحظ في الوقت الراهن أن الولايات المتحدة الأميركية تشن حملة إعلامية وسياسية مكثفة على الدول العربية وهناك أحاديث عن إعادة تقسيم المنطقة العربية، كيف تقيم السياسة الأميركية إزاء العرب في هذه المرحلة؟ ـ السياسة الأميركية التي تنفذها الولايات المتحدة الأميركية ليست جديدة بل هي قديمة متجددة والمطلوب من العرب والمسلمين إعادة النظر بأوضاعهم وسياساتهم ومواقفهم وإذا ضربت العراق فسنطبق مباشرة المثل القائل «أكلت يوم أكل الثور الأبيض» فالأمر لن يقتصر على العراق بل سيتعداه إلى كل الأقطار العربية الواحدة تلو الأخرى ووجدت الولايات المتحدة فرصتها في إحداث 11 سبتمبر العام الماضي لتنفيذ مخططاتها وأنا واثق أن هناك خارطة جديدة ترسم لهذه المنطقة العربية «سايكس بيكو» جديد. هناك أمر ما سيحدث، فما جرى في أميركا لا يحتاج كل هذا القتل والدمار، أميركا لم تقم لجنة تحقيق في الموضوع بل بدأت بضرب أفغانستان ما يؤكد أن هناك مخطط وإستراتيجية تجاه المنطقة العربية والإسلامية وجدت أميركا في 11 سبتمبر مبررا ووسيلة للبدء بتنفيذها.
ـ جامعة الدول العربية رأس الدبلوماسية العربية، والكثير يتهمها بالفشل والتقصير في معالجة المسائل العربية أين المشكلة؟
ـ الجامعة العربية ليست كيانا واحدا وليس العيب فيها ولا في ميثاقها ولا قراراتها فهناك لجان ودراسات على اعلي المستويات وتم اتخاذ عشرات القرارات في كافة المسائل لكن الإشكالية في أن كل دولة عربية تأخذ ناصية بعيدة لها عن الالتزام بهذه القرارات والأغلب لا ينفذون منها شيئا فليس هناك قرار واحد اجمع عليه العرب ونفذوه، فالعيب ليس في الجامعة بل في الأنظمة التي لا تلتزم بما يتم اتخاذه من قرارات وهي جزء من صناعة هذه القرارات ومع ذلك ورغم أن العديد ينتقد ويهجو الجامعة العربية إلا أنها المكان الوحيد الذي مازال يلتقي فيه أفراد الأسرة الواحدة ويجمع شملنا.
ـ بتقديرك ما المطلوب عربيا للخروج من هذه الحالة؟
ـ المنطقة العربية تواجه مشاكل خطيرة وكبيرة تحتاج إلى مشروع تنمية سياسية واقتصادية شامل لذلك يجب أن تكون الحلول مستندة إلى حاجات الناس ولا يجب أن نلوم أميركا لوحدها فالعرب منذ سنوات بعيدة وهم يقبلون بالمنطق والسياسة الأميركية لان النظام الرسمي العربي مشرذم ويتصرف الحكام وفق المصالح القطرية الضيقة دون الأخذ بالاعتبار مصالح الشعوب العربية، فبعد غياب الموقف العربي الواحد أصبحنا أسرى السياسة الأميركية وغير مؤثرين وفاعلين في الساحة الدولية وهذا العجز والهوان أعطى إسرائيل فرصة كاملة لتحقيق ما تريد من احتلال للأراضي الفلسطينية وإلغاء للاتفاقيات والقتل والتدمير دون حساب للعرب.
اعتقد أن هناك أزمة كبيرة في النظام الرسمي العربي فلا يصبح القرار الرسمي العربي جديا ـ وان عارض بالتصريحات والأقوال ـ إلا إذا ارتبط بالموقف الشعبي، فعلى الأنظمة العربية التواصل والترابط مع شعوبها لمواجهة الأخطار المقبلة وتجسيد العلاقة لبناء حالة واحدة بدلا من العداء وتربص كل طرف بالآخر.
أعماله الشعرية :
  • مع الغرباء (رابطة الأدب الحديث، القاهرة، 1954م).
  • عودة الغرباء (المكتب التجاري، بيروت، 1956م).
  • غزة في خط النار (المكتب التجاري، بيروت، 1957م).
  • أرض الثورات ملحمة شعرية (المكتب التجاري، بيروت، 1958م).
  • حتى يعود شعبنا (دار الآداب، بيروت، 1965م).
  • سفينة الغضب (مكتبة الأمل، الكويت، 1968م).
  • رسالتان (اتحاد طلاب فلسطين، القاهرة، 1969م).
  • رحلة العاصفة (اتحاد طلاب فلسطين، القاهرة، 1969م).
  • فدائيون (مكتبة عمّان، عمّان، 1970م).
  • مزامير الأرض والدم (المكتبة العصرية، بيروت، 1970م).
  • السؤال / مسرحية شعرية (دار روز اليوسف، القاهرة، 1971م).
  • الرجوع (دار الكرمل، بيروت، 1977م).
  • مفكرة عاشق (دار سيراس، تونس، 1980م).
  • المجموعة الشعرية الكاملة (دار العودة، بيروت، 1981م).
  • يوميات الصمود والحزن (تونس، 1983م).
  • النقش في الظلام (عمان، 1984م).
  • المزّة - غزة (1988م).
  • عصافير الشوك / مسرحية شعرية (القاهرة، 1990م).
  • ثورة الحجارة (دار العهد الجديد، تونس، 1991م).
  • طيور الجنة (دار الشروق، عمان، 1998م).
  • وردة على جبين القدس (دار الشروق، القاهرة، 1998م).
أعماله الروائية :
  • سنوات العذاب (القاهرة، 1970م).
الدراسات :
  • الشعر المقاتل في الأرض المحتلة (المكتبة العصرية، صيدا، 1970م).
  • مدينة وشاعر : حيفا والبحيري (مطابع دار الحياة، دمشق، 1975م).
  • الكلمة المقاتلة في فلسطين (الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1973م).

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:29 AM

هارون هاشم رشيد عقب فوزه بجائزة ((باشراحيل)) الشعرية:
خيار الانتفاضة سلاح التحرير والمقاومة
عايشت سنوات النكبة.. فكتبت عنها بدمائي.. وبإحساس المشردين
القاهرة/صلاح حسن رشيد
شاعر انصهر بالمقاومة المستبسلة، وعاش سنوات شبابه مطارداً من الاحتلال الإسرائيلي؛ لأنه عشق التراب الفلسطيني، وسطّر بأشعاره ملاحم النضال والصمود، وحكايات المآسي الفاتكة التي لاكتها عنجهية الصهيونية، هذا الشاعر اكتوى بنيران الحصار والدمار، فجاء شعره يحاكي عذابات نفسه وشعبه الأسير.. إنه هارون هاشم رشيد.
في أشعار هارون هاشم رشيد (77 عاماً) مندوب فلسطين المناوب بجامعة الدول العربية، يلوح الحلم الفلسطيني المتجسد على أرض الواقع، بعد سنوات القهر والمذلة والهوان، فتياً مورقاً مخضراً، فهو القائل:
أنا لن أعيش مشردا
أنا لن أظل مقيدا
أنا لي غدٌ وغدا
سأزحف ثائراً ومرددا
أنا لن أعيش مشردا
التقيناه في ((فلسطين المسلمة)) أثناء تكريمه وفوزه بجائزة ((باشراحيل)) الشعرية مؤخراً بالقاهرة، رصداً لأدب المقاومة وتجذره في الوجدان الفلسطيني كخيار البقاء والوجود مع عدو لا يعرف سوى لغة الدم والقوة، وطرحنا عليه رؤيته لما يدور على الساحة الدولية، وكيف يرى مستقبل القضية في ظل التهميش الدولي الأمريكي لها، فكان هذا البوح الشعري المضفور بالرؤية السياسية الجامعة.

-
بداية، نعرف أنكم من الشعراء الذين أخلصوا للقضية وللمقاومة، حتى آخر نفس وطلقة.. نريد معايشة لعبق الشعر الفلسطيني الحي المعايش لآلام وآمال القضية منذ بواكيرها؟!!
*
لقد عشت مأساة فلسطين والنكبة شاباً في العشرينيات، ورأيت بأم عينيَّ.. جحافل التتار الجدد تدمر الأقصى والقدس، وتصادر الأراضي الفلسطينية والبيوت لصالحها.. رأيت الدمار الإسرائيلي بحق المواطن الفلسطيني البسيط، الذي أصبح بين عشية وضحاها أسيراً محتلاً ذليلاً، لا يملك إرادته، ولا حريته!! لذلك كثر الشهداء من أبناء شعبنا، من شتى التيارات والتوجهات، كانت دماؤهم تبني دولة الاستقلال والحرية، ومن أجسادهم نُسجت قلائد التحرير، ولذلك قلت لأم الشهيد التي رأيتها وأحسست بمشاعرها المتلاطمة:
أنا لا أريدك.. تذكرين فتاكِ بالدمع السخينِ
بالحزنِ.. بالأنَّاتِ.. بالأشجان.. بالصوت الحزينِ
بتلهف القلب الطعين.. وبالتوجُّع.. والأنينِ
إني أريدكِ.. تذكرين فتاكِ.. بالثأر الدفينِ
بالوثبة الكبرى غداً.. في موكب النصر المبينِ
هو في الرُّبَى الخضراء.. في زهو المروج الناضرهْ
في شطِّ ((يافا)) في ذُرَى ((حيفا)) وفوق الناصرهْ
هو في ((الكويتِ)) وفي ((الحجاز)) وفي ربوع ((القاهرهْ))
في موكب المستبسلين وفى الدماء الفائرهْ
هو في النفوس الناقماتِ وفي القلوب الثائرة
هو في سنابلنا.. وملءُ جفوننا.. ملء الثمرْ
هو في الندى، في الزهر، في الأنسام في ضوء القمرْ
سترينه، أُماهُ، في غدنا المُخَضبِّ بالدماءْ
في يوم معركة الخلاص الحقِّ، معركة الفداءْ

-
إذن.. هل ما زال خيار المقاومة والانتفاضة هو المطروح في الرؤية الحاكمة لدى النخبة الفلسطينية؟! وماذا عن مشاريع ((السلام والمعاهدات))؟!
*
إن خيار الشعب الفلسطيني هو المقاومة، وضرورة المقاومة، فمنذ بداية النكبة عام 1948، بل ما قبلها، ونحن لا نهادن، بل نقاوم الاحتلال وأعوانه، من أجل استرداد كرامتنا، وعودة اللاجئين والمشردين إلى ديارهم، وفي ظل تعنت (إسرائيل) اليوم، وعدم اكتراثها بقرارات الشرعية الدولية، وتطاولها على القانون الدولي.. لم يكن أمامنا سوى تفعيل الانتفاضة.. والمقاومة، والرد بقوة على (إسرائيل)!! إننا لن نجبن ولن نستكين.

-
لكن تلوح اليوم بوادر الانقسامات الداخلية التي تُحَرِّك أوارها وتذكيها (إسرائيل) في الخفاء؟! ما رأيكم؟
*
هذه مجموعة من أصحاب الأهواء، الذين لا يمثلون القيادة ولا الشعب، ولذلك لم يستجب لآرائهم المغلوطة أي تيار فاعل على الساحة، صحيح هناك اختلافات في التوجهات والآراء، ولكن هذا من قبيل إثراء الآراء وبلورتها أملاً في تحقيق ديمقراطية القرار المبني على رأي الشعب الفلسطيني بكامل فصائله.

-
لقد أدانت محكمة العدل الدولية جدار الفصل العنصري الإسرائيلي العازل، وأيدت ذلك أيضاً الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. فكيف ترون المستجدات القادمة بالنسبة لهذا الأمر؟
* (
إسرائيل) كيان همجي إرهابي لقيط، بلا دولة ولا ديموقراطية، إنها تمثل القهر والغدر والقتل، ولهذا فلا أتصور أنها ستستجيب لذلك؛ فكم من آلاف القرارات الدولية التي ركلتها (إسرائيل) بحذائها، ولم يجرؤ الرأي العام العالمي ولا الشرعية الدولية على إدانتها أو مهاجمتها!! إن (إسرائيل) تملك واشنطن، ومن هنا فهي تملك العالم!!

-
وما الرسالة التي توجهها لشارون وعصابته؟!
*
أقول له: مهما قتلت ودمرت فلن نستسلم، ولن نتقبل العزاء في شهدائنا إلا بعد انجلائك عن أراضينا، وطردك من القدس والديار الفلسطينية، وأقول له مخاطباً الشهيد الفلسطيني:
نحن لن نقبل فيك العزاءَ
قبل أن نبلغ بالثأر الرجاءَ
مَنْ نُعَزِّي فيكَ يا فارسنا
والمُلِمَّاتُ تجاوزنَ العزاءَ
أنُعَزِّي مَنْ؟ فلسطين التي
لم تزل ترسف في القيدِ استياءَ
أنعزي مَنْ؟ شبابًا أقسموا
أن يردوا ضربة الحقد جزاءَ
أم نُعَزِّي أمّةً شرَّفتها
بالبطولات سُمُواً وعلاءَ
أَنُعَزِّي؟ لا فحاشا إننا
لم نزل نحمل للثأر الولاءَ
لن نُعَزّي قبل أن نبلغَه
دامياً، يقطر بالنصر انتشاءَ!

-
وبعد كل هذا، ماذا تتمنى؟!
*
تحرير فلسطين والقدس، وإزالة الجدار العازل العنصري رمز إرهاب (إسرائيل) ودمويتها!! فإرادة الشعوب أقوى من أي جدار! وملاحم النضال الفلسطينية اليومية شاهد حق على قرب انهيار هذا الجدار على يد سواعد أطفال فلسطين الأبية العربية المسلمة!!

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:30 AM

احتفى به نادي الصحافة في أمسية شعرية مميزة أمس
هارون هاشم رشيد لـ(الوطن) : قصائدي الغزلية ستظل في أدراجي ما بقي وطني تحت الاحتلال
كتب ـ حسن المطروشي :
في أمسية احتفالية مميزة احتضنها نادي الصحافة مساء أمس ألقى الشاعر الفلسطيني البارز هارون هاشم رشيد باقات عذبة من قصائده التي اقتطفها من عناقيد حدائقه الشعرية الغناء وجاء حاملا عبيرها وعبقها ليداعب بها قلوب عشاق الشعر والكلمة في السلطنة حيث شهدت الأمسية حضورا جماهيريا نوعيا مكثفا قدم فيها الشاعر هارون هاشم رشيد عددا من القصائد الجميلة التي يزخر بها رصيده الشعري الذي يمتد إلى قرابة نصف قرن من الزمان أنجز خلاله الشاعر حوالي عشرين مجموعة شعرية إضافة إلى أعماله المسرحية والمغناة والرواية وغيرها مما جعله ذاكرة جيل شعري عربي عاصر الكثير من التحولات على عدة أصعدة وتحفظ أجيال الوطن العربي قصائد الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد عن ظهر قلب كونه يأتي ضمن الأسماء الشعرية التي تدرس المقررات المدرسية في أرجاء العالم العربي.
في تفاعل فريد مع الحضور قدم الشاعر هارون هاشم رشيد خلال أمسيته بنادي الصحافة مساء أمس قصائد كتبها خصيصا للسلطنة تؤرخ لأحداث ومواقف تفاعل معها الشاعر فجادت قريحته شعرا رقراقا عبر من خلاله عن تفاعله مع هذا الحدث أو ذاك مثل قصيدة الموسوعة (بدوي أنا .. إلى فتية عمان) والتي أكد الشاعر للوطن أنها كتبها بمناسبة رحلة السفينة العمانية (صحار) التي أبحرت في الثمانينيات من القرن الماضي إلى ميناء كانتون بالصين عبر طريق الحرير تيمنا بالرحلة التي قام بها قديما البحار العماني الشهير احمد بن ماجد كما قرأ الشاعر إحدى قصائده في هذا المجال بعنوان (وطن الاباة عمان).
بعد ذلك فتح الجرح الفلسطيني ليغترف من نزيفه قطرات ملتهبة بلون الدم الذي يسفك يوميا على ارض فلسطين وبحرارة الدموع التي تنهمر من محاجر اليتامى ومآقي الثكالي والمشردين من أبناء الشعب الفلسطيني في الشتات القاسي وقد وجدت هذه القصائد آذانا مرهفة ولامست قلوبا نابضة وداعبت مشاعر جياشة مما جعل الجميع في حالة توحد وانسجام عبر من خلاله الشاعر بالحضور إلى مشاهد من الإبداع الأصيل المنقوع بلون المأساة والفجيعة على الوطن السليب والشعب المناضل الصامد بين ربوعه متمسكا بترابه وعقيدته وتاريخه وقضيته العادلة.
وكان الشاعر قد أكد لـ (الوطن) إعجابه العميق بالسلطنة وعبر عن تقديره لحسن الضيافة وطيب الوفادة والاحتفاء الذي يحظى به منذ أن وطئت قدماه ارض السلطنة.
وقال الشاعر هارون هاشم رشيد: انه لا ينشر أو يقرأ قصائده الغزلية في الأمسيات حاليا مبررا ذلك بقوله: نحن الآن في فلسطين نقاتل على ظهور الجياد حيث يسقط الشهداء وتثور الانتفاضة مطالبين بحقوقنا العادلة كبشر وعندما أرى وطني محررا من نير الاحتلال وارى شعبي ينعم بالحرية فعندئذ سوف أقوم بنشر وقراءة قصائدي الغزلية والى ذلك الحين فسوف تبقى قصائدي في أدراجها المقفلة أن معشوقتي وقضيتي الآن هي فلسطين.
يذكر أن الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد يزور السلطنة حاليا بدعوة من وزارة الإعلام وتأتي استضافة نادي الصحافة له ضمن البرنامج الثقافي الذي اعد له تزامنا مع فعاليات مهرجان مسقط الدولي التاسع للكتاب.

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:30 AM

وردة علی جبين القدس
(عبد الهادی سليمان غنيم ابن معسکر النصيرات فی قطاع غزة بطل عملية الحافلة رقم 405 علی طريق القدس الذی يواجه حکما إسرئيليا بستة عشر مؤبدا )
" اللهُ اکبرُ " .. فُجِّــرَت تَتَــرَددُ وَ القُـدسُ شاخِصَةُ المآذنِ تَشهَدُ
" اللهُ اکبرُ " ..يَوم أطلَقَـها الفَتی عبرَت إلی أُمِ الشَـهيدِ، تُزَغردُ
قـالـت لهـا: ثاراتُنا لمّـا تَـزَل نِبراسَ ثَورتنا، يُضیءُ، وَ يُوقـد
مَـن قـالَ أَنّا قَد نَسيـنا ثَأرَنا أَو أَنّنا عـَن ثَـأرِنـا نَتَـرَدَّدُ؟
عَـينٌ بِعينٍ، لَـن نُغيِّرَ نَهجَنـا سِـنٌ بِسِـنٍ، شِـرعَـةٌ تَتَجَـدَّدُ
" اللهُ اکبرُ " ..يَومَ فَجََّرَها الفَتی رَفَّت، کَطير فِی السَّـماءِ يُغَـرِّدُ
حَمَلَت جِراحاتِ الاَسی وَعَذابَه وَتَنَقَّلَت، تَروی الحَکايـا، تَسرُدُ
مِن أينَ؟مَن هذا الفَتی؟ماإسمُهُ؟ وَ لِمَن أَطَلَّ صَبـاحُهُ المُتَوقّـدُ؟
حَملَ العَذابُ شـهورَه وَ سِنينَهُ وَ أَتی کَما السَّيفِ المُهَنَّدِ يُجرَدُ
مِن شاطِئِ الاحزانِ حَيثُ تَرعرَعَت روحُ البُطولَةِ،... وَجهُهُ المُتَمَرَّدُ
ومِن " النُصَيراتِ " الَّذی قاسَی الفَتی لَيلاتِهِ، دَوَّی النَفيرُ المُـرعـدُ
إِنَّ " النُصيراتِ " الحَبيبَ مُکَبـَّلٌ بِسَلاسِلِ الغَزوِ الرَّهيبِ، مُقَيَّـدُ
وَ جراحُهُ، لمّـَا تَـزل مَفـتُوحَةً ما مِن يَدٍ تَأسُـو الجراحَ تُضَمّدُ
مازالَت الدُورُ التی عَن أهـلِها سُلِخت، تَثـيرُ حَنينَهُ، وَ تُجَـدِّدُ
هُوَ کانَ، لمّـا أُسِّسَت أکواخُه وَ أُقيمَ يحلمُ بِالرجوعِ، وَ يُوعَدُ
العـائدونَ بِـهِ عَلی ميعـادِهم يَتَرقَّبـُونَ مَتی يَحينُ المَوعِـــدُ
نَشَأ التَلاميذُ الصِّـغارُ تَوالـياً أجيالُ فی حِضنِ الشَّقاوةِ تُولَدُ
يَتَعَلـَََََّمُونَ صبــاحَ کُـلّ تَرَقُّـبٍ أنَّ الجِهادَ هُو الطـريقُ الاوحَـدُ
وَ بِأنَّ مَوطِنَهم، لَهُم أبَدا، وَ إن طالَ الطريقُ بِهم، وَ عَزَّ المَقصَدُ
کانَ الشِّتاءُ يزورُهم، فَيثيَـرهُم وَيُؤرقُ الليلَ الطويلَ، وَ يُسهدُ
والموتُ، مِنجَلُ حاصِدٍ مُستکلِبٍ جَـوال يَنتزعُ الحياةَ، وَ يَحصـدُ
عَيشُ اللجوءِ، وَ مَن يُکابِدُ بؤسَهُ يَدری لِماذا اللاجِئو نَتَمَـرَّدوا

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:30 AM

صَباحُ الخَيرِ لِلسُجَناء
( اليهم ، الی کل الاسری و السجناء فی الليل السجن الصهيونی )
(1)
صَباحُ الخَير...
تَحمِلها إلی الاَحباب
أَسرابُ الحَساسِين
تَدورُ بِها مولهةً عَلی کُلِّ الزَنازِينِ
تَحُطُ علی شَبابِيک مُغَلَّقة
وَ تُنشِدُ لِلمَساجِين
وَ تَحمِلُ شِلحَ زَنبقَةٍ لَهم
أَو غُصنَ زَيتُونِ
مِنَ الوَطنِ الَذی لا مِثلُه
أَحلَی
مِنَ الوَطَنِ الفَلسطينی
(2)
تَقولُ لَهُم: صَباحُ الخَير
لِلغُرِّ المَيامِينِ
صَباحُ الخَيرِ مِن <عکا>
وَ مِن <يافا>
وَ مِن رَبَواتِ حَطِّين
وَ مِن <غزه>
مِن مَسجِدِها المَعمُورِ
مِن نَفحِ البَساتِينِ
(3)
صَباحُ الخَيرِ مِن أَهليکُمو البُسَطاءِ
مِن لَيلِ المَساکِينِ
وَ مِن أَوجاعِ مَظلُومٍ
وَ مِن أَنَّاتِ مَحزُونٍ
صَباحُ الخَيرِ
مِن تَوقِ النَّوی المَشبُوبِ
مِن نَبضِ الشَرايينِ
(4)
صَباحُ الخَيرِ
يا أَحبابَنا الاَحرار
يا أَمَلَ المَلايينِ
وَ يا لَمعَ السَّنا،ِ وَ الضَّوءِ
عَلی مِيعادِنا نَبقی
عَلی العَهدِ الفَلسطيني

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:31 AM

مُعسكر جباليا.... معسكر الثورة
(1)
أواهُ يا جَبَالِيا...يا ساحةً للغضبِ
تَفجَّرَتْ مِنْ نَسْغِها...بالعَارضِ المُلْتَهبِ
فَأذْهَلتْ عالَمَنا ... بِطِفْلها المُنْتَصِبِ
وأيقظتْ أيَّامَنا...على الصَّدى المُصْطَخِبِ
(2)
جَباليا..جَباليا...وينهَضُ المُعَسْكَرُ
فَكلُّ بيتٍ جَمرةٌ...وكلُّ شِبرٍ حَجرُ
وكلُّ طفلٍ ثورةٌ...مَشبوبةٌ، تَنفجِرُ
تَقولُ يا أعداءَنا ...جِئناكُمو ، فانتظروا
(3)
أقَريةٌ أم دولةٌ...يَرِفُّ فيها العَلَمُ
هُنا ..هُناكَ عِندها...ما لَمْ يَخط القَلمُ
فألفُ ألفُ امرأةٍ...مَوْجٌ عَريضٌ عَرِمُ
يَقولُ يا أعداءَنا...جِئناكُمو، فانْهَزِموا
(4)
جَبالِيا وليلُها...وصُبحُها،..والزَّمَنُ
توقُّف ٌفي بابِها...توقُّفٌ مُرْتَهَنُ
هُنا، فهاتُوا مِثلَها...هُنا تَمورُ المِحَنُ
هنا فهاتوا مِثلَها...يصرخُ فينا الوَطنُ

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:31 AM

سنرجع يوما
سنرجع يوما إلى حينا
ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمر الزمان
وتنأى المسافات ما بيننا
فيا قلب مهلا
ولا ترتمي على درب عودتنا
يعز علينا غدا
أن تعود رفوف الطيور ونحن هنا
هنالك عند التلال تلال
تنام وتصحو على عهدنا
وناس هم الحب أيامهم
هدوء انتظار شجي الغنا
ربوع مدى العين صفصافها
على كل ماء وها فانحنى
تعب الزهيرات في ظله
عبير الهدوء وصفو الهنا
سنرجع خبرني العندليب
غداة التقينا على منحنى
بأن البلابل لما تزل
هناك تعيش بأشعارنا
ومازال بين تلال الحنين
وناس الحنين مكان لنا
فيا قلب كم شردتنا الريح
سنرجع يوما إلى حينا....

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:32 AM

الشاعر محمد القيسي

نبذة
ولد في كفر عانة (فلسطين) عام 1945 ، عمل في حقل الصحافة والمقاومة ، عضو جمعية الشعر. مؤلفاته:
1- راية في الريح- شعر- دمشق 1969.
2- خماسية الموت والحياة- شعر- بيروت 1971.
3- رياح عز الدين القسام- مسرحية شعرية- بغداد 1974.
4- الحداد يليق بحيفا- بيروت 1975.
5- إناء لأزهار سارا، زعتر لأيتامها- شعر- بيروت 1979.
6- اشتعالات عبد الله وأيامه- شعر- بيروت 1981.
7- كم يلزم من موت لنكون معاً- شعر- بيروت 1982.
8- أغاني المعمورة- شعر- عام 1982.
9- أرخبيل المسرات الميتة- شعر- عمان 1982.

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:32 AM

في المنفى
ترى من سيخبر الأحباب أنّا ما نسيناهم
وأنّا نحن في المنفى نعيش بزاد ذكراهم
وأنّا ما سلوناهم
فصحبتنا بفجر العمر ما زالت تؤانسنا
وما زالت بهذي البيد في المنفى ترافقنا
ونحن بهذه الغربة
تعشّش في زوايانا عناكب هذه الغربة
تمدّ خيوطها السوداء في آفاقنا الغبراء أحزانا
تهدهد جفننا الأحلام تنقلنا على جنح من الذكرى
إلى عهد مضى حيث السكون يثير نجوانا
وحيث الشوق أغنية نردّدها على ربوات قريتنا
وحيث الحبّ في بلدي كلام صامت الّنبرة
كلام صادق الإحساس والنظرة
وحلم أخضر في القلب يروي سرّ نشوتنا ,
ويحضننا ويرعانا
ترى من يخبر الأحباب أنّا ما نسيناهم
فكيف يغيب من في القلب محفوظ له تذكار
ومن في الغور في طيّ الحنايا شعلة من نار
تجدّد صفحة الماضي
فينهار المدى النائي
وتحذف بيننا الأبعاد
ويجمعنا بجوف الليل حلم ينثر النّوار
فنصحو والفؤاد يلملم الذكرى
يجفّف دمعة حرّى
ترى من يعرف الأحباب من يدري نواياهم
وهل بثّوا بقلب الليل للغيّاب نجواهم
وهل عرجوا ترى يوما على عشّ الهوى المهجور
وهل ذرفوا دموع الصمت , هل أدمتهم الذكرى
وهل خففت جوانحهم وقالوا مثلنا شعرا ؟
فإنّ البعد أدمانا , أحال حياتنا تنّور
يعذّبنا خفوق القلب , تملك روحنا الرعشة
وفي أحداقنا تنمو جذور الحزن والآلام والوحشة
يمرّ الليل عن جفني ويسألني
حزين ساهر تشكو من الأيام والمحن
متى تشفى من الشجن ؟
أحبائي سؤال الليل يؤلمني
ويحزنني
لأنّي كلّ ما أدريه أنّي بتّ منفيّا
وأنّي لم أزل حيّا
تعذّبني وتقلقني
طيوف الأمس والذكرى تعذّبني
فأجترّ الأسى والصمت والحيرة
وأقتات الفراغ الرحب أنحر فيه أيامي
وتقضم عشب أحلامي
نيوب الوحشة المرّة
وتملأ خافقي بالحزن , تفعم عالمي حسرة
فأطوي صفحة الماضي , وأغفو علّني أصحو
على ربواتنا أعدو
وأحضن في ثراها الشوق , ألمسه بتحنان
ويغرقني عبير الأرض , يسكرني بلا خمرة
وأحيا حلمي المنشود , ألمح فيه إنساني
وأدفن فيه أشجاني
ولكّني أحبائي أفيق وبيننا سدّ
غريب في بلاد النفي ينهش عمره البعد
ويسقم قلبه الوجد
يداعبه سنا أمل , بدا في أفقه واه
غدا يمضي بنا التّيار يجمعنا بمن نهوى
ويدري الناس والأحباب أنّا ما سلوناهم
وأنّا لم نزل في مركب الأشواق نبحر صوب دنياهم
ويدفعنا جنون الوجد يسبقنا للقياهم
ترى من يخبر الأحباب أنّ ما نسيناهم
وأنّا لم نزل في مركب الأشواق نبحر صوب دنياهم
ويدفعنا جنون الوجد يسبقنا للقياهم
ترى من يخبر الأحباب أنّ ما نسيناهم

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:33 AM

مشهد الدخان
ودخان على القلب هذا الدخان
دخان،
دخان
خرجت من النور أم خانني النص،
حتى ليزداد أو يتجدد هذا الغياب،
وتنأى ظلال النهار،
وينأى الأمان
دخان
دخان
تدور بي الدائرات بعيدا
رماد الهواجس يومي
ويكسر قلبي الرهان
دخان
دخان
ويظلم دوني المكان
درجت هنا عزلة عزلة
ورماني الحنان
وقلت أمرن حالى على الاحتمال،
ويصقل روحي المران
دخان،
دخان
فلا حصدت كلماتي سوى الكلمات،
ولا خف في جانبي اعتمال
ولا واصل الأقحوان
سكينة من بات في الظل،
مكتفيا بالقليل،
وأيامه جيشان
دخان،
دخان،
ويكتب ما يفلق الصخر حزنا
يململ هذا الفضاء
ويهفو له الخفقان
هوى إذ روى
واستبد الجوى
بمجامعيه،
وتقاطيعه،
وانتهى المهرجان
دخان
دخان
رعيت الأوز وأطعمت بين يديك الحمام،
وما شاب قمحي زؤان
وأعرف ما كنت إلا الغلام القتيل،
وسياف نفسي أفردت جدا
فمن أين يأتي ائتمان
دخان،
دخان
يموت الندى كل يوم
ويذبل في حبه البيلسان
دخان على القلب هذا الدخان
دخان،
دخان

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:33 AM

قصيدة يونانية
(إلى هنري ميللر)
مشبع بالرنين
مشبع بتفاصيلها
وبسيط كخيط الأنين
وهي حبلى بأشياء غامضة،
غالبا ما أجيء نضارتها بعد حين
مشبع بالرنين
قرب سورلبيت
يظل بمكنونه لا يبين،
وآنا يبين
كيف أملأ هذا الفراغ إلهي
وأخفر ساحل أهدابها
برياش الحنين!
إنني ميت لا محالة من فرحي
وأسيف
وبي نفحة مثلما قيل لي
من سلالة قوم،
قضوا
عاشقين
مشبع بالرنين

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:33 AM

الليل والقنديل المطفأ
الليل وقنديلي المطفأ
والصمت المطبق والجدران
وصرير الريح الضائع في جوف الليل
ونجوم شاحبة تغرب , صفراء اللون
وبقايا أغنية يلفظها مذياع
سكبت في قلبي الأحزان
جمعت في بيدر إحساسي الأشجان
وانثالت في روحي شلاّل عذاب وهوان
وأنا والقلب وهدبي المبتل
نجترّ الحزن ونقتات الحرمان
نركض خلف الحلم الهارب منّا
الحلم النائم في إيوان الغيب
ما زلنا نحلم أن نلقاه
في درب العمر ولو مرّة
كي يملأ دنيانا فيض سناه
فلقد أعيانا عبء الصخرة
عبء يرسب في أعماق منانا الحسرة
يرمي بالسهد طيور القلب
ونظلّ نطارد في الوهم خيالا
ونجوس التيه ونعبر غابات الموت
ويظلّ القنديل بلا زيت
وأنا والليل المطبق
أشلاء ضائعة تتمزّق
تضنينا الأشواق فلا نشكو
ونموت إذا عرّتنا الشمس
أو سبرت منّا الأغوار
ننشد في ظلّ دروب الغربة والترحال
نهرا يغسل فينا الأحزان
ننشد شمسا تدحو عن درب العودة أشباح الظلمة
ننشد نجمة
تحضننا في ليل اليأس
تهدي خطوات القلب
للحلم الضائع , للطفل الغافي في حضن الغيب
علّ جراحات الأمس
تخمد جذوتها ويجفّ غدير الأحزان
ونذوب صلاة
ونعود كمن يحرث في الملح
لا نجني غير عذاب الجرح
غير ضياع الأحلام
لنعيش كأغراب تحت الشمس
ما زلنا نحمل فوق الصدر بقايا الأحزان
نصرخ في وجه الأيام
نتحدّى في إصرار جلاّد العصر
وسياط الغربة تدّمي فينا الوجدان
ما زلنا نمخر في الليل دياجير العمر
ننهل من كأس الصبر
ومع الخفقات ونوح الآه
تورق أزهار محبّة
تولد رغبة

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:34 AM

عن الصمت والكلمات
أضمّ يدي على جرحي
وأخنق في قرار القلب تنهيدة
وأمضي في الأسى وحدي
وليل الصمت يطويني
وأشرب خيبة الكلمة
وأجرع غصّتي والحزن يضنيني
وفي قلبي نداء لاهف ما زال يدعوني
يشبّ حرائقا في أضلعي ويشدّني للخلف
ويزرع في عيوني الخوف
فأوغل في متاهاتي
أواري الحزن في طيّات أغواري
وأطمر في رمال الغيب أسراري
على شفتيّ قد صلبوا حنين الحرف
أهانوا عفّة الكلمة
أرادوا الموت للكلمة
أرادوا الصمت للشاعر
وما حسبوا بأنّ الحرف بحر ما له آخر
وأنّ المجد للشاعر

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:34 AM

الليل والقنديل المطفأ
الليل وقنديلي المطفأ
والصمت المطبق والجدران
وصرير الريح الضائع في جوف الليل
ونجوم شاحبة تغرب , صفراء اللون
وبقايا أغنية يلفظها مذياع
سكبت في قلبي الأحزان
جمعت في بيدر إحساسي الأشجان
وانثالت في روحي شلاّل عذاب وهوان
وأنا والقلب وهدبي المبتل
نجترّ الحزن ونقتات الحرمان
نركض خلف الحلم الهارب منّا
الحلم النائم في إيوان الغيب
ما زلنا نحلم أن نلقاه
في درب العمر ولو مرّة
كي يملأ دنيانا فيض سناه
فلقد أعيانا عبء الصخرة
عبء يرسب في أعماق منانا الحسرة
يرمي بالسهد طيور القلب
ونظلّ نطارد في الوهم خيالا
ونجوس التيه ونعبر غابات الموت
ويظلّ القنديل بلا زيت
وأنا والليل المطبق
أشلاء ضائعة تتمزّق
تضنينا الأشواق فلا نشكو
ونموت إذا عرّتنا الشمس
أو سبرت منّا الأغوار
ننشد في ظلّ دروب الغربة والترحال
نهرا يغسل فينا الأحزان
ننشد شمسا تدحو عن درب العودة أشباح الظلمة
ننشد نجمة
تحضننا في ليل اليأس
تهدي خطوات القلب
للحلم الضائع , للطفل الغافي في حضن الغيب
علّ جراحات الأمس
تخمد جذوتها ويجفّ غدير الأحزان
ونذوب صلاة
ونعود كمن يحرث في الملح
لا نجني غير عذاب الجرح
غير ضياع الأحلام
لنعيش كأغراب تحت الشمس
ما زلنا نحمل فوق الصدر بقايا الأحزان
نصرخ في وجه الأيام
نتحدّى في إصرار جلاّد العصر
وسياط الغربة تدّمي فينا الوجدان
ما زلنا نمخر في الليل دياجير العمر
ننهل من كأس الصبر
ومع الخفقات ونوح الآه
تورق أزهار محبّة
تولد رغبة

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:34 AM

العابر
كان يمشي واهي الخطو حزينا
شارد الطرف رهيبا في خطاه
وجهه المغبّر يطوي ,
في تجاعيد الأسى بوح جراحه
كان في أحداقه سيل دموع
ولقد كان سجينا
بإسار الصمت , باستغراقه في الحزن ,
والتحديق في الأفق البعيد
ومضى عنّا وما عدنا نراه
دون أن نفلح في إدراك أغوار أساه
ظلّ لغزا في العيون
مثل وهم لا يصدّق
ظلّ باب في ضمير الغيب مغلق
نحن كم جئنا إليه
وابتهلنا أن يعرّي ,
حزنه المدثور بالكتمان والصمت الرهيب
وفتحنا شرفة القلب له ,
وغمرناه بسيل من حنان
كان لا يعرف معنى الإبتسام
كان يحيا عمره دون كلام
فهو دوما صامت الحرف يعيش الكلمة
في أتون الشوق في عينيه في قلب الحياة
أمس والظلمة كانت تحضن البلدة والليل حزين
كنت وحدي ,
أعبر الدرب إلى بيتي القديم
أنقل الخطو وفي الأعماق ينمو ,
ألف إحساس كئيب
ينسج الليل مع الوحشة والخوف طريقي
كنت وحدي وخيالات من الأمس القريب
زاحمت فكري وهزّت ,
خافقي الثاوي بعمق اللاقرار
وتحقّقت يقينا
أنّ درب الغربة السوداء دربي
أنّني أمخر في المنفى بحارا وبحار
مرفأي ضيّعته , والمركب المهزوم تنئيه الرياح
فجأة لاح أمامي ,
ذلك العابر يمشي واهي الخطو حزينا
جفّت البسمة في قلبي ,
وكأن الليل ينساب كئيبا
يسكب الحزن الأصيلا
في وعاء الروح , في عمق قراري
ذلك العابر قد عانق ظلّي
يوقظ الأمس فلا يجدي فراري
من خيوط نسجت في الحلم في ليل السهاد
جعبة الأحلام ضاعت بين أكوام الضباب
وتلاشيت وحيدا في الزحام

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:35 AM

أغنية في الطريق
أحبابنا ,
هل يبسم الزمان مرّة لنا
وهل يعود حبّنا
يعانق الحياة , يسكب المنى
في غور أعماقنا ؟
أحبابنا ,
هل يفرح المعذّبون في متاهة الضياع ؟
وهل نظلّ نمضغ السؤال
ونذرع الطريق في ابتهال ؟
وفي المسير نحو موعد تزفّه لنا الصدف
إن كان يا أحبابنا الجواب أن نظلّ سائرين
يا ويلنا ,
يا ويل أعمارنا
من طول ما نسير
في دربنا المغبرّ الحزين
في ليلنا الطويل دونما سنا
***
الله يا أحبابنا
يا بؤسنا وعذابنا
ويا احتراق الشوق في أحداقنا
ترى يطول بيننا البعاد ؟
ترى تظلّ هذه الأسوار بيننا
تحيل حلمنا رماد
تمزّق الفؤاد ؟
أحبابنا وأنتمو هناك في البعيد
فوق احتمال الوعد واللقاء
وفوق أن يضمنّا مكان
نعيش رغم قسوة الجدار
نعيش في انتظار
بشارة بوعد
بكلمة تضمّ في حروفها الحنان
***
أحبابنا سيضحك الزمان
رغم امتداد السور بيننا
فرعشة الحياة في الفؤاد
خفّاقة المنى ,
تمدّنا ببسمة الأمل
تنير دربنا

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:35 AM

أيار والأحزان
لو مرّة أيار تأتينا وفي شفتيك وعد أو بشارة
لو مرّة تحنو , تعانقنا , ومن كفّيك تمنحنا الشرارة
لو تطفأ الأحزان في عينيك يا ذلاّ حملنا ,
في دروب النفي عاره
كنّا ورغم الغربة السوداء نبسم , نستفيق ,
يشعّ في كلماتنا نور العبارة
كنّا هدمناها جسور الوهم أبحرنا إلى عينيك يا وطني
كنّا نسيناها أغاني السهد والحزن
كنّا زرعنا الأفق يا أيار أنغاما
كانت مواويل العتابا , ميجنا
تندي روابينا حنينا دافئا , خصبا , سلاما
لكنّما أيار أنت تثير بي شجني

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:35 AM

الإبحار والمركب
تتلفّت العينان حولي لا أرى
إلاّ صحابا ها هنا متفرقّين
تتجسّد المأساة في نظراتهم
صورا من الأحزان والألم الدفين
ويروح يمخر في عباب البحر مركبنا الحزين
ونظّل نغرق في دياجير السنين
والليل يا أيار في بلدي ,
جدار يصفع اللحظات من أعمارنا
سوداء إذ تأتي ولا جدوى ,
وهذي الريح تلعن خطونا

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:35 AM

الحصاد
ها نحن نحصد ما زرعنا ,
والحصاد العام أحزن ما يكون
فمواسم الأيام ما أعطت
وجفّت كلّ أزهار الفصول
وسماؤنا يا ليل موصدة , ملبدّة
سحائب من تراب
والريح تركض خلفنا , وتصبّ لعنتها
ويمضي الركب , يوغل في مفاوز غربة الحزن العميق
يا حادي الأحزان نحن بلا دليل
ضاع الطريق
ضاع الطريق
وحداؤك النوّاح أعماق معذّبة جريحة
ينثال في غور الجوانح أنّة حيرى ,
تردّدها الصحارى ,
تسكب الأحزان في الكلمات ,
تغرق في بحار التيه والصمت المخاطيّ الجدار

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:36 AM

الغنوة الأولى
غنّيت يا وطني ,
وكانت غنوتي الأولى مبلّلة بأحزان الرحيل
وعشقت يا وطني ,
وكانت من عشقت صبيّة حسناء من يافا ,
فلسطينية القسمات تبسم للشعاع ,
يطلّ , يحمل رعشة الأنسام ,
تجزع إذ تلوح خطى الغروب
كانت تغنّي للصباح
ينداح موج الذكريات على الجفون
ويروح يصفعني العذاب ,
ولسعة الأشواق والليل الغريب
الصمت إذ يمتدّ , يحبل بيننا في الليل أحزانا رمادية
تسّاقط الزهرات يا وطني
ونسمع كلّ يوم ألف أغنية .
فلترسل الأنّات , غنّ عذابنا ,
يا حادي الآلام يا مبكي الجراح
فلعل يغفو الجرح أو يتفجّر البركان
قد طال هذا الليل في بلدي ,
وقافلة الضياع تلجّ عبر غياهب المجهول تحملنا ,
وفي الأحداق زاد من رؤى الأحباب خلف السور ,
منسيّون نحن هنا ومنفيّون تلعننا الرياح

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:36 AM

نهر بلا روافد
رفيقة هدبي المكسور
أعود إليك حين تزورني الأحزان
أعود إليك كلّ مساء
شريدا دونما بيت
أعود إليك مثل يتيم
يودّع بالدموع لحود أحبابه
تغلّفني كآبة عمري المنشور فوق جدائل الحرمان
ويصلبني حنين الآن
إليك إليك يا شمسا ربيعيّة
تذيب صقيع أحزاني وتحضن قلبي المقرور
تهدهده بعذب الوهم , تلثم جرحه لمسات تحنانك
وأعرف أنّني نهر بلا روافد
يعود إليك يغرق أرضك السمحاء بالأشجان
وأنّك وهمة الوافد
ظلمتك حين شدّتني الخيوط إليك ,
وحين تجمّعت كلماتنا نجما على بابك
وحين وضعت زادي فوق مائدتك
غريبا كنت أمضغ غربتي السوداء في الطرقات
تطاردني وحوش الأرض كنت مقيّد الخطوات
وكنت مطيّة للصمت والأنواء
تقاذفني إليك وكنت أنت منارة ,
في الشاطىء الآخر
عبرت إليك جسر الحزن بعد عناء
وكان الوعد منذ وجودنا أن نلتقي غرباء
وتصافحنا بلا أيد ولا نظرات
تكلّمنا بلا حرف بلا بسمات
جمعنا الحزن والصمت العميق فعزّت الكلمات
وأذكر أنّني مذ كنت لم أحلم كما الأطفال
بثوب العيد والحلوى
ولا منّيت أيّامي بعودة غائب ,
يجتاز عتبة حزني الفيّاض , ينشر بهجة الدنيا
فماذا , لم يكن في الدار نجم الحبّ يحضنني
يبرعم في غدي الآمال
ويمسح عن جبيني حرقة الشجن
فأبصرت العذب يحوط سور حديقتي ويشوّه الأزهار
لمحتك حينما عيناي يا عمري تفتحتا ,
وكانت حفتني أسرار
دنوت إليهما ,
صلّيت للآلام لحظة أن دنوت ,
وما ابتسمت ,
قرأت تاريخ الضياع على جبينك , كنت مثلي ,
مقودي في قبضة الغيب
على كتفيّ أحمل بؤس أقداري
وألوانا من الغربة
فعانقني حنينك يا معذّبتي ,
ونوّح في فؤادي بوحك الصامت
تلاقينا على الحرمان في ظلمات هذا العصر
ولم نعرف كلانا كيف نشدو غنوة الحبّ
لأنّا ما ابتسمنا قبل , لم نحلم بفرحته ,
وما هي خفقة القلب
كنّا نخنق الآهات , نطفىء في مواقد حزننا أوهامنا ,
ونذيب شوق العمر
مشينا دربنا يمتدّ , ترصدنا عيون الموت
وغنيّنا فضاع نشيدنا في وشوشات الصمت

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:36 AM

اللغو بالكلمات
صمتنا كلّ هذا العمر لم نرفض ولم نحتج
ولا يوما تمردنا وعفنا ليلنا المقرور
نسامر نجمة الأحزان لا زاد أسوى الحسرة
نلوك سنين ماضينا البعيد ونخنق الغصّة
بقلب واهن مقهور
وسائدنا من الأحلام , نزرعها بأرض الغد
ونغفو في انتظار الغد
وينفض غيرنا عنهم غبار الذلّ ,
نرسف نحن في قيد رضيناه
نظلّ نعيش هذا الرعب تنفثه أفاعي الليل
تنزّ دماؤنا والصمت يخرسنا وهذا الرعب
إلام نظلّ نحرث في حقول الجدب ؟
تروّعنا رؤى الأشباح , يرعبنا قدوم الموت
إلام يطول هذا الصمت ؟
إلام نظلّ ننسج في الخفاء قصائد الأحزان ,
نذرف دمعنا تحت اللحاف إلام هذا الخوف ؟
***
- جبان أنت
جبان أنت حين تصلّبت شفتاك , حين صمت
وحين رميت رأسك بين كفّيك الملوّثتين ,
تلتمس الرجاء المرّ نسيانا
وتلغو الآن بالكلمات
ترى ماضيك , تخجل ,
تغمض العينين , تقصي ذكريات الأمس
وتنكرك الدروع وعنتر العبسيّ مات
ووحلا قد غدت في ناظريك الشمس
فلا دفء يسلّ الرعب من عينيك ,
يدحو عن دروب التيه ليل اليأس
تظلّ تعيد في حزن ,
حكايتك القديمة عن سنابل حقلك المهجور
بيادرك الدفينة في عيون الحزن ,
كيف حرمت من خيرات ذاك الصيف ‍‍‍
وكيف غزتك أسراب من الغربان
أبادت كلّ ما جمّعت من غلّة
فأقفرت السهول أسى , نعيق البوم عمّ مقابر القرية
وكان زقاق قريتك الحزين مقّطع الأنفاس
سنابك خيلهم داست بطون الناس
***
وراء الباب كنت مطّية الخوف
فلم ترفع بوجه الغول مقبض سيف
وتلغو الآن بالكلمات ؟‍

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:37 AM

المصلوب
لأني حينما أبحرت في عينيك كان الحزن موّالي
وكان الجرح في أعماق أعماقي ,
ينزّ دما ويروي ذلّ مأساتي
لأن الخيبة السوداء كانت كلّ ما جمعّت ,
قبض الريح كان الحصاد ماضينا
تكوّمنا على قش الحصير نلوب بالحسرة
وفوق الموقد الناريّ قدر للحصى والماء
وقاسية نيوب الجوع خالية روابينا
لأنّ سواعد الإخوان ما اتّحدت
ولا وقفت
تصدّ عن الحقول جراد ذاك العام
فبات الحزن فوق شفاهنا نغما نغنّيه
نجوس العمر يا ويلاه من تيه إلى تيه
لأني حينما أبحرت في عينيك كان الحزن موّالي
تريّن الحبّ في عينيّ غير الحب
رهيبا يرفض البسمات , قلبي غارقا في الجبّ
***
وكنت على جدار الليل مصلوبا
وكان الصمت جلاّدي
لأن الحرف مثلي كان مغلولا بلا شفتين
وكان السوط مرفوعا ولم أهتف
خرست وكان في الأعماق توق الروح للكلمة
يعذّبني ولكن لم أقل حرفين
لأني كنت في الزحمة
غريبا ضائع الخطوات منسيّا
وكنت أعيش في منفاي كلّ جروح إخواني
وظلّ العار يتبعني
ولم أعرف سوى حزني
رفيقا يحمل المأساة يرويها لخلاّني
ترى هل تدركين الآن ما حزني ؟
كبير قدر قريتنا الكئيبة وهي تغفو ضمن أطلال الأماني
غريب يا معذّبتي
لأن جذوره تمتدّ في عينيّ مذ قالت ,
لي الريح السموم بأنّنا أغراب
وأنّ حصادنا ما كان غير سراب
فلا نجم المجوس يطلّ , يفضح عتمة الدرب
ولا إشراقة في ليلنا المملوء بالرعب
تلّم شعاثنا وتفجّر البركان في شعبي
فكيف تنوّر الأحلام وهي قتيلة ,
مذ عانقتني نظرة العينين ؟!
ألا تدرين أني مثقل ومقرّح الجفنين
وما في جعبتي غير الأسى وحكاية للجرح ؟
فخلّيني
تعشّش في شراييني
عناكب حزننا المشبوب , خلّيني
أغني للرياح الحاملات أنين إخواني
لغربتنا ونحن نكابد الآلام , نطعم ذاتنا للحرف والفكرة
أموت , وهل تموت الشمس لو طالت خيوط الليل ؟
سيزهر حزننا , إمّا يعانق شعبنا فجر الخلاص ,
ويكسر الجرّة

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:37 AM

السنابل القتيلة
لو أنّها الرياح في مدينتي
تكنّس الغبار عن رفوفها
وتغسل اليباب بالمطر
وتبعث الحياة من خريفها
لو أنّها الرياح أو سواعد الرجال
تمرّ بالحقول في المساء
لتسمع النساء
ينعين موسم الحصاد , والجفاف
أذبل في العيون زهرة الفرح
فهنّ في ابتهال
لئن تعود نخوة الرجال
فالشوق والحنين والعذاب
سحابة من الأسى تنوح
على السنابل القتيلة
على مدينتي اليباب
على رجالها الذين يبحرون
في زورق المنون
عن قلبها , عن جرحها الحزين
ويصمتون ,
ويصمتون
ويصمتون

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:37 AM

يوسف في الجبّ
كلماتك يا حادي الركب حزينة
كلماتك ريح والليل ذئاب مجنونة
والقادم غبّر بالوحل جبيني
وأنا مطعون
عذّبني الأعداء لآني
لم تعشق عيناي سوى وطني
صلبوني في الغربة يا حادي الركب
قيدّني إخواني
ورموني في الجبّ
قتلوني بجواب الصمت
قتلوني يا حادي الركب لأني أحببت

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:38 AM

مأساة الصبي الأعرج
سيّدتي حين أطلت عليك المشوار
في إحضار الخضرة والفاكهة من السوق
لم تسألني عيناك الأسباب
بل صفعتني نظرتك الشزراء
لم يخطر في بالك أنّ الأولاد الأشرار
لاقوني في الدرب
هزؤا من قدمي العرجاء
فتعثّرت
واعتصر الحزن القلب
سيّدتي ما كنت لأملك دفعا
سيّدتي يكفيني صفعا .
***
سيّدتي هذا الصبح المغبّر الطالع
قمّطني في ثوب الأحزان
صادفت أبي يتسوّل في الشارع
أخبرني أنّ شقيقتي الكبرى تضع الآن
و شقيقتي الكبرى أرملة من أيام
فتذّكرت البيت الخاوي من أيّ طعام
ما عادت تغسل أمي للجيران
ما عادت تحضر معها بعض الفضلات
حين صرخت أبي فرّت من عينيه الدمعات
وأسودّ العالم في نظري
ماتت كلّ الكلمات
وبكينا فوق رصيف الشارع
سيّدتي لست بكذّاب
لكّني منحوس الطالع
توصد في وجهي الأبواب
حتى بابك يا سيّدتي
***
سيّدتي عفوك إني جائع
ما كنت لأقصد بابك هذي الأمسية
كنت وحيدا في الشارع
قالت أمي ما أفطرنا بعد ,
والوقت مساء
عزّ على نفسي أن تسأل عطف الناس عطاء
فوجدت يدي تطرق بابك
سيّدتي أنا فقراء
سيّدتي باع أبي فرشته الصوف
وربابته المحفوظة من عهد صباه
ثمنا لحليب حفيده
فلقد ماتت يا سيّدتي الأم
إثر نزيف
دام طويلا , عذّبها , عذّبها
ما استطعنا أن نحضر أيّ طبيب يبعد عنها الداء
سيّدتي نحن أناس فقراء
ماتت يا سيّدتي وأبي صامت
كان يفكّر في حزن , يتساءل , ولماذا ماتت ؟
قالت أمي : تلك مشيئته العليا
ردّ أبي في ثورة
صكتا , صمتا
أيّة عليا يا مخلوقة
بنتك ماتت جوعا
ماذا قدّمت لها حين ولادتها غير الخبز الناشف ؟
والمرق الساخن والعدس المجروش ؟
ماذا قدّمت لها غير الأحزان ؟!
وبكت أمي في صمت مجنون أخرس
سيّدتي جئت إليك الآن
أسألك الرحمة سيّدتي باسم الإنسان
***
سيّدتي هذا اليوم السابع
ووعودك لم تزهر يا سيّدتي
ما زالت تسّاقط أمطارا , وتمّنيني بالصبر
وأنا ما زلت ألفّ دروب التيه , أنا ما زلت الضائع
لم ترو الأمطار غليل الظامىء
فيلوذ بظلّ الخيبة سيّدتي , لا يدرك ما هو صانع .
سيّدتي درت كثيرا في الطرقات
وبحثت عن اللقمة سيّدتي فعملت بإحدى الحانات
أجلي الكاسات
وأنظّف أرض الصالة بعد خروج السادات
سيّدتي لكنّ الأيام السوداء
تأبى إلاّ أن تستكمل أبعاد المأساة
ذات مساء
وأنا أعمل والصالة رقص وغناء
إنشقّ الماء
عن شبح لصبيّ يتسوّل بين الناس
أحسست بأني وحدي المقرور
في قبضة هذا الليل المسعور
فارتجفت أوصالي
وتذكّرت أبي ,
أمي ,
أختي ,
فاضت عيناي بأحزاني
غامت كلّ الأشياء
وتهاوت من بين يديّ الكأس
كسرت ,
وصفعت , طردت , وعادت تحضنني الطرقات
لم أحزن يا سيّدتي لكن ,
ما زال يرنّ بأسماعي صوت حاقد
أخرج , أخرج
سيّدتي ما ذنبي في أنّي أعرج ؟
من حقّي سيّدتي أن أحيا

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:38 AM

أمام المدينة المقصورة
سيّدتي منذ أعوام مرّت
لم يعرف قلبي طعم البسمة
لم تسكب كلماتي فوق الورق الأصفر غير عذاب الجرح
والدلو , يظلّ الدلو ثقيلا
لا يطفح ماء , لا يعطي غير الملح
والبئر عميق , أعمق من أحزان الغربة
ما زالت تصفع وجهي من أعوام جدران الخيبة
توصد نافذة الأمل المشرق
تقتل أشواق الكلمة
حين يعانقها النور من الداخل
سيّدتي لا تسعفني الكلمات
ويجردني بعدك عني من ثوب الحكمة
أهذي في عرض الشارع بالأشياء
وأذيب حرارة حبّي بالبوح
أفقد وجهي بين نعال الغرباء
***
بيدي سوّرت سياجي
أطفأت سراجي
أجهشت بكاء
ومضيت ألفّ , أدور الأرض
أبحث عمّا ضاع هباء في سنوات الأخطاء
حين تعرّت ضحكتنا من نفحات الحب
حين تعاشينا عند الإشراق
معذرة يا سيّدتي إن جئت
أغسل قلبي الأسيان على أعتابك
سيّدتي ما زلت على فيض شبابك
وأنا ما زلت هنا أسترحم نظرة أهدابك
هل يمضي سيّدتي عمري ,
ويداي تدقّان على بابك ؟

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:38 AM

الموت والخيبة
أحنّ إليك ما يجدي الحنين وبيننا ,
ليل طويل ما له آخر
أحنّ إليك لكن في زمان الجدب ,
ماذا يملك الشاعر ؟
سوى أنّ الرياح تظلّ تجحده ,
يهمّ يعود , تصفعه أياد غير منظورة
تردّ خطاه , يجرح علقم الأحزان ,
أجنحة المنى في النفي مكسورة
خلاء يديه والحلم الذي ماتت أزاهره ,
على عتبات أيامه
يذوب تشوّقا للعيش , دبّ الجوع في بيداء أحلامه
يموت هنا , تراه يموت ؟!
وأنت بعيدة والليل ما أقساه
متى تدنو مراكبنا ,
ألا قولي , متى , أوّاه ؟

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:39 AM

راية في الريح
بحثت بأدمعي عنكم
وناشدت الرياح السود عن أحوالكم خبرا
صدى ذكراكم ينداح في غور الجوانح ,
كاحتراق مشاعل الذكرى
ولا من بارق منكم
يمنّيني وينعش قلبي المحرور بالأفياء
ترى ما زلتم أحياء ؟!
يعذّبني الغياب فكيف يا اهلي تغربتم ؟
عن الليمون والتين
وعن عشّ الحساسين
على الزيتونة التي حفرت على أغصانها أسمى محبتّكم
عن البلد الذي روّت ثراه دماؤكم ,
في ساعة الهول التي كانت سنابكها .
تدوس زهورنا الخضراء , تفرش أرضنا حزنا ؟
تشرّدتم
ولكن ما تخاذلتم
ولا بنتم
عن الأرض التي في قلبها يوما توحّدتم
وها أنتم بلا أرض ولا دار
***
وعدت إليكم عبر الليالي السود من منفاي
أقاسي خيبة الآمال ,
أبحث عن أحبتي الذين طواهم الغدر
على جسر الدموع وجدتكم , لا ظلّ , لا مأوى
ولا زاد , ولا سلوى
تمدّدتم على وجع ,
على جوع ,
على عري ,
رفضتم ذلة الشكوى
وكان الحزن يرفدكم , يمدّ وجودكم معنى
يشدّ خطاكمو للأرض ,
يزرعكم بعين الشمس وهج تمرّد , قمما .
***
قدمت إليكم وقد افترشتم حلّة الغبراء
وكان ندائي المكموم
يعانق جرحكم والأرض تصرخ ,
- غاص نبع الصفو , غشّى
جبهة الأفق الكئيب وشاح أرملة ,
حنت ريح المنايا غصن واحدها
فأحلكت الدروب أسى ,
ومات الصبح مخنوقا على بوّابة الأحزان-
" يا تعبي , يا شقاي .
يا شماتة عداي "
نواحك أيقظ الأوجاع في صدري
وأطفأ في عيوني شعلة الفجر
رأيت تحّجر الآلام في الأحداق
سؤالا حائرا مجروح
إلى أينا ؟
تظلّ قوافل الأحباب تغرب عن بيادر ارضنا , تنأى
يرافقها حنين النورس الباكي إلى مرفأ
ارقب يا أحبائي خطاكم وهي تعبر ضفّة النهر
وفي عينيّ أحمل ما بأعينكم من الأحزان والقهر
فمي سدّ أمام تفجّر الكلمات
تعذّبني من الأعماق
وتغرس شوكها في قلبي الدامي
لأن الصمت والكلمات ما أقساهما مأساة
فيا عاري إذا ما زالت الكلمات
سلاحي , والطريق علامة حمراء
فكيف أصمّ آذاني وأقعد عن نداء الأرض والشهداء ؟
وفي عينيّ إصراري
وشاهدة كتبت حروفها من جرحي الناري
لترفع فوق قبري راية في الريح
" فلسطينية أرضي
فلسطينية أرضي "

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:39 AM

جراح فلسطينية
ولو أنّ الطريق إليك ميسور
لما وهنت خطاي , وسمّرت نظراتي اللهفى وراء الباب
ولا سهدت عيونك في انتظار زيارة الأحباب
ولا ما بيننا حال العدى والموت والسور
ولكنّ الثعالب في ربوعك تزرع الأهوال
وتغتال ابتسام الصبح فوق مباسم الأطفال
" يا دار , يا دار ,لو عدنا كما كنّا
لاطليلك يا دار , بعد الشيد بالحنّا "
معتّقة جرار الحزن من عشرين في قلبي
اشيل عذابها الموروث في روحي وفي هدبي
ولا أسطيع إفلاتا ونسيانا
وتصفعني عيون الغير في المنفى تعرّيني
تشير إليّ ,
- أين تروح , أيّ هوية تحمل ؟
.....؟
- فلسطيني , أجل إنّي فلسطيني
هويتي العذاب يظلّ مصلوبا على وجهي ويدنيني
من الينبوع في وطني , هناك " بكفر عانة " وجهي
المفقود وجهي الأصل
وأعبر دربي المزروع بالنظرات والعتمة
وأعبر دونما كلمة
ألوذ بصمتي المشحون بالمأساة
وأحضن حزني الموّار , أركن للأسى الخلاّق يبعثني
ويزهر في غد حقلا من البسمات
أذيب به عذاباتي
وترحل عن فمي مرّ الحكايات
وتحملني الرياح على متون الشوق للأحباب
أعانق طفلة الفجر الجديد وأطبع القبلات فوق جبينها القمحي
وأشدو غنوة الفرح
ولكن آه .. موصدة هي الأبواب
ويأتي صوت والدتي العجوز مبلّلا بالحزن والأمل
" بالله يا طير الحي إن جيت دارنا
ريّض إلا يا طيرنا وارتاح
قل لها بحال الجهل يا طول عزّنا
ياما قعدنا ع الفراش صحاح
يا من درى يصفى زماني وأعاتبه
وأعاتبه باللي مضى لي وراح "
ويزداد الحنين ويقطر الموّال أشجانا
متى يصفو الزمان يعود كلّ مشرّد لتراب أوطانه ؟
يقبلّه , ويجثو في اخضرار الجرح فوق قبور من ماتوا ,
يقول لهم ,
لقد عدنا فلا تبكوا على الأحياء
ونرقب رزقة الفقراء
متى يصفو … ؟
متى يصفو … ؟
أهاجر في العيون أطالع الحرمان
" يا دار.. يا دار..لو عدنا …"
لئن نامت على شرفاتك الأحزان , غنّى طائر الألم
يظلّ هواك نبض دمي
وإن هدموا الجسور إليك , أبحرت المراكب عنك للمنفى
فأنت معي
فأنت معي
وإن سيق البنون , مواكبا للسبي يا وطني
وإن هاموا بصحراء الدجى والتيه والشجن
وإن طعنوا بسكين الطوى في عتمة الليل
وإن نهبت مواسمنا بلا عدل
وإن طالت حبال النفي والبين
فلن ننساك , لن ننساك , يا وطني
فما زال الوميض يشعّ في الأحداق
وميض الرفض , والإصرار والثورة
وما زال المشرّد في الطريق إليك يا حلمي ولن يثنيه
عذاب الغربة المرّة
لأنك فيه أنت الروح , أنت الوهج والفكرة

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:49 AM

النسيان , لا
ربطت حول إصبعي الخيطان
وقلت لا , لا يقدر النسيان
أن يسرق الهموم من قصائدي والذاكرة
لأنني مذ كنت لا أجيد حرفة النسيان
لأن قلبي شقّ ذات يوم
وضاع نصفه ,
وذاب في قرار حوض دم
لذا أسير عاريا في وضح الظهيرة
بنصف قلب
أمضي لموعدي هناك مع حبيبتي الأميرة
عمواس يا أميرة
يا حرّة في قبضة العدى أسيرة
عمواس يا قصيدتي الأخيرة

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:50 AM

العروس
من الرماد يولد الرجال يا عمواس
من السقائف المهدّمة
ترابك المجبول بالدماء ما يزال مزهرا
يظلّ يحمل الشذى
عبيرهم يظلّ عالقا , على بقية الجدران يا حبيبتي والمصطبة
عمواس يا معذّبة
أتعلمين يا عروس
أتعلمين عن طيورنا المغرّبة
تجيء مثل الريح والرعود والمطر
تشيل في منقارها لجرحك الدواء
فلترقبنّ في الليالي المعتمة
أسرابها إليك قادمة
عمواس يا مهدّمة
عمواس يا مهدّمة
الرمح بعد ما انكسر
الرمح بعد ما انكسر

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:50 AM

ريم وانسكاب الجرح
تسألني الصغيرة
تجرحني أصابع البراءة الصغيرة
تقول لي :
" عمو..
وين بيتكو ؟"
الله يا عصفورة
من بدّل الألعاب للصغار بالعذاب
ليسألوا بحيرة ؟
إن كان لي أن أنطق الجواب
فكيف تفهمين يا صغيرتي سطوره ؟
بيتي على المدى هناك داميا ,
في أرضنا المقهورة
تبكي على شبّاكه شحرورة
تبكي لنا ,
لكلّ شعبنا لكي نزوره

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:50 AM

عابر الليل
إنني أحمل آلامي وأمضي
عبر آلاف الدروب الشائكه
ليس ينئيني ابتعاد
عنك يا ذات العيون المالكة
فأمديني بشوق لا يموت
إنّه حبّي باق في قرار الأرض يا عمواس ,
منقوش على كلّ البيوت
آه عيناك تحيطاني , تطلاّن عليّ
كيف لي أن أملك الآن مفاتيح الحوار
وحقول الصمت تمتدّ أمامي ,
وأنا أخشى من الأعتاب أن ترفض خطوي ,
قبل أن يأتي النهار ؟
ويراني الغاصبون
كلّموني أيها الأحباب من تحت الركام
جئت مشتاقا إليكم
جئت وا لهفي عليكم
بعد عام
كلّموني ,
كلّموني

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:51 AM

السجين
أحكموا الباب عليّ
أغلقوا كلّ الشبابيك وجاؤوا بالستائر
حجبوا عني ضياء الشمس والوجه الذي أهوى ,
وأطفالي الصغار
فتتّوا ما كنت أحوي من سجائر
كسروا ظهري بعقب البندقية
ثم قالوا : أتهاجر ؟
قلت : يا ليت فقلبي صار طائر
وأنا لا أملك الآن زمامه
قيل تبقى ها هنا حتى القيامه
قلت : أحلى في بلادي
تستحيل النار بردا وسلاما
وانثنوا ضربا على رأسي بأكعاب البنادق
قلت : ما همّ فقلبي صار عصفورا ,
وأغصاني حدائق
قلت قلبي صار زرعا وسنابل
أشعلوا فيه الحرائق
واعلموا أنّ جذوري سوف تبقى وتناضل
أحرقوني
يخصب الأرض رمادي

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:51 AM

العاصفة
أخفضوا الأصوات , خلّوا السلاح خلوا ,
لتمرّ العاصفة
حان أن تذرع هذا المسرح المخدوع بالأوهام ,
فالطفل الذي طوّف في المنفى يعود
باحثا عن أمه المسبيّة الأحلام من عشرين عام
بعدما أنبت هذا المسرح الكاذب في العينين صبّارا وشوكا
فالهتافات وأزهار الوعود
لم تكن إلاّ ظلالا زائفه
حان دور العاصفه
****
مثلما يطلع صبح
مثلما يعبر رمح
في صميم الليل ماتت كلّ غيلان الأساطير ,
ترامينا على الأبواب , كسّرنا مرايانا القديمة
فاحضنينا
وأعيدينا من المنفى إليك
أنت يا ضوء ليالينا , ويا خبز اليتامى
يا اشتياق الظامىء الملهوف أن يروي غليله
منك يا روح القبيلة
أنت يا رفض المزامير التي بحّت أسى مرّا ,
ولم تخرسك أجراس الهزيمة

أرب جمـال 12 - 8 - 2012 05:51 AM

إشراقة الصعود
برغم هذا الليل يا رفيقتي الحزينة
برغم جرحنا الذي ينام واهنا على مشارف المدينة
كقطّة تموت في سكينة
ترود عيناها على وليدها يلهو به الصغار
برغم هذا كلّه
نغذّ خطونا لرحلة انتصار
كما يغيب الليل مدبرا ,
سيقبل النهار
***
لمحتها على جرائد الصباح والمساء
كنّا معا ,
عيناك كانتا بحيرتيّ شقاء
وكنت حانيا عليهما ومشفقا
مهدهدا أساهما للحظة اللقاء
***
وقفت كالصليب يا رفيقتي على مداخل " الكرامة "
باركتها وشارعا فشارعا
صلّيت خاشعا
على غبار بابها
حلمت أن أموت واقفا على ترابها
لا باكيا على الأطلال
لا نادبا , لا راثيا من سقطوا ,
في حلبة القتال
فكلّ ما يقال
أصغر من أن يطال
ردما من البيوت
أو زهرة تموت
أو حبة من التراب
مجبولة بأشرف الدماء
لمحتها على جرائد الصباح والمساء
البلدة الصبورة الجلود
لمحتها واغرورقت عيناي
تألقّت إشراقة الصعود


الساعة الآن 03:25 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى