![]() |
وأما تعليمه في تواليفه وطريقه التي سلكها في كافة تصانيفه فمن علماينا رضي الله عنهم من قال إنه خلط النهاية بالبداية فصارت كتبه أقرب إلى التضليل منها إلى الهداية وإن كان لم يقصد فيها إلا النفع فيما أمه من الغرض فوجد في كتبه الضرر بالعرض وممن قال بهذا الفقيه الحكيم أبو بكر بن الطفيل. الشريعة بتواليفهم انعطف فقال وأما أبو حامد فإنه طم الوداي على القرى ولم يلتزم طريقة في كتبه فنراه مع الأشعرية أشعريًا ومع المعتزلة معتزليًا ومع الفلاسفة فيلسوفًا ومع الصوفية صوفيًا حتى كأني به يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن وإن لقيت معديًا فعدنان ثم قال والذي يجب على أهل العلم أن ينهوا الجمهور عن كتبه فإن الضرر فيها بالذات والمنفعة بالعرض. قال وإنما ذلك لأنه صرح في كتبه بنتائج الحكمة دون مقدماتها وأفصح بالتأويلات التي لا يطلع عليها إلا العلماء الراسخون في العلم وهي التي لا يجوز أن تؤول للجمهور ولا أن تذكر في غير كتب البرهان. وأنا أقول إن كتبه في الأصلين أعني أصول الدين وأصول الفقه. في غاية النبل والنباهة وبسط اللفظ وحسن الترتيب والتقسيم وقرب المسائل. وكذلك كتبه الفقيهة والخلافية والمذهبية التي ألفها على مذهب الشافعي فإنه كان شافعي المذهب في الفروع. وأما كتبه التي ذهب فيها مذهب التصوف فهي التي يوجد فيها ما ذكر من الضرر بالعرض. وذلك أنه بنى الأكثر من الاعتقادات فيها على ما تأدى إلى فهمه من مذاهب الفلاسفة ونسبها إلى المتصوفة. وقد نبه على ذلك الفقيه الجليل أبو بكر الطرطوشي في كتابه الذي سماه بمراقي العارفين. قال وقد دخل على السالكين ضرر عظيم من كتب هذا الرجل الطوسي فإنه تشبه بالصوفية ولم يلحق بمذاهبهم وخلط مذاهب الفلاسفة بمذاهبهم حتى غلط الناس فيها. على أنني أقول إن باعه في الفلسفة كان قصيرًا وإنه حذا حذو الشيخ أبي علي بن سينا في فلسفته التي نقلها في المقاصد ومنطقه الذي نقله في معيار العلم لكن قصر عنه. وتلك الاعتقادات منها حق ومنها باطل وتلخيصه لا يتأتى إلا لصنفين من الناس أعني أهل البرهان وأهل المكاشفة فبحسب ذلك تحتاج كتبه إلى تقدمة علوم البرهان وأهل المكاشفة فبحسب ذلك تحتاج كتبه إلى تقدمة علوم البرهان أو رياضة أهل المكاشفة وحينئذ ينظر ي ساير كتبه. وهذه الرسالة طويلة تكلم فيها على كتب أبي حامد الغزالي رحمه الله بما يدل على تفننه وعلى اضطلاعه رحمه الله. ومن الغرباء في هذا الاسم محمد بن يوسف العراقي محمد بن أحمد بن أمين بن معاذ بن إبراهيم بن جميل بن يوسف العراقي ثم الخلاطي ثم الأقشري الفارسي وينعت من النعوت المشرقية بجلال الدين من بلاد فارس حاله كان من الصوفية المتجردين من المال والعيال ذا وقار وتودة وسكون ومحافظة على ظاهره. أكثر في بلاد المشرق من الأخذ عن الشيوخ المحدثين والمتصوفين ثم قدم المغرب فاستوطن بعض بلاده ثم أجاز البحر إلى الأندلس عام أربعة وسبعماية وأخذ عمن بها من الشيوخ ودخل غرناطة. وكان شافعي المذهب يشارك في قرض الشعر. مشيخته أخذ عن أبي مروان عبد الملك الشريثي بفاس وعن أبي بكر محمد ابن محمد بن قسي المومياني ولبس الخرقة الصوفية من جماعة بالمشرق وبالمغرب منهم الإمام أبو إبراهيم الماجري عن أبي محمد صالح عن أبي مدين. أخذ عنه تاليفه في نحو اللغة الفارسية وشرح ألفاظها. قال شيخنا الوزير أبو بكر بن الحكيم كتب إلي والدي ببابه وقد أحس بغض من الشيخ الإمام أبي عبد الله بن خميس عميد مجلس الوزارة الحكيمية: عبيد بباب العلى واقف أيقبله المجد أم ينصرف فإن قبل المجد نلت المنا وإلا فقدري ما أعرف ثم كتب على لفظه ما من وصححه. قال فأذن له واستظرف منزعه. ابن شاطر محمد بن أحمد بن شاطر الجمحي المراكشي يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن شاطر حاله فقير متجرد يلبس أحسن أطوار الخرقة ويوثر الاصطلاح مليح الشيبة جميل الصورة مستظرف الشكل ملازم للمسجد مساكن بالمدارس محبب إلى الخواص كثير الذكر متردد التأوه شارد اللسان كثير الفتات مطرح في أكثر الأحاين للسمت ينزع إلى هدف تايه تشم عليه القحة والمجانة مقتحم حمى الحشمة في باب إبهام التلبيس يزلق سوء الاعتقاد عن صفاته وإن قارب الانهماك غير مبال بناقد ولا حافل بدام ولا حامد. كلما اتبع انفرد ومهمى استقام شرد تطيب النفس به على غرة ويحسن الظن بباطنه على سوء ظاهره مليح الحديث كثير الاعتبار. دايم الاسترجاع والاستغفار. فعال الموعظة. عجيب الانتزاع من الحديث والقرآن مع عدم الحفظ مستشهد بالأبيات الغريبة على الأحوال. قال شيخنا القاضي أبو عبد الله بن المقري: لقيت فيمن لقيت بتلمسان رجلين. أحدهما عالم الدنيا والآخر نادرتها. أما العالم فشيخنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أحمد العبدري الآبلي وأما النادرة فأبو عبد الله بن شاطر ثم قال صحب أبو زيد الهزميري كثيرًا وأبا عبد الله بن تجلات وأبا العباس بن البنا وإخوانهم من المراركشيين ومن جاورهم واختص بأبي زيد الهزميري وآثره وتبناه وكان يقول له وألقيت عليك محبة مني فيظهر أثر ذلك عليه من ستر الهنات ووضع القبول فلا تجد من يستثقله من راض عنه أو ساخط دخل الأندلس وقدم على غرناطة وتلوم بها أياما. نبذ من أقواله فمن ذلك أنه إذا سئل عن نفسه يقول أنا ولي مفسود وفي هذا من النصفة وخفة الروح ما لا خفاء به. قال بعض شيوخنا قلت له يومًا كيف أنت فقال كيف أنا محبوس في الدم. ومن حكمه الليل والنهار حرسيان أحدهما أسود والآخر أبيض وقد أخذ بمجامع الخلق إلى يوم القيامة وإن مررنا إلى الله. ومر يوما بأبي العباس بن شعيب الكاتب وهو جالس في جامع الجزيرة وقد ذهبت به الفكرة فصاح به فلما رفع رأسه قال وله نعش خاطر أنظر إلى مركب عزراييل قد رفع شراعه والندا عليه اركبوا يا عزا. قال شيخنا أبو عبد الله المقري وجدته يومًا في المسجد ذاكرًا فقلت له كيف أنت فقال مهيم في روضة يجبرون فهممت بالانصراف فقال أين تذهب من روضة من رياض الجنة يقام فيها على رأسك بهذا التاج وأشار إلى المنار مملوءًا بالله أكبر. قال وأنشدني أبو العباس بن البنا وكتبهما عنه: قصدت إلى الوجازة في كلامي لعلمي بالصواب في الاختصار ولم أحذر فهو ما دون فهمي ولكن خفت إزراء الكبار فشأن فحولة العلماء شاني وشان البسط تعليم الصغار قال وأخبار ابن شاطر تحتمل كراسة قلت رأيته بفاس في أخريات عام خمسة وخمسين وهو الآن بحاله الموصوفة قد أربى على السبعين. ابن الحلفاوي محمد بن محمد بن عبد الرحمن التميمي ابن الحلفاوي من أهل تونس يكنى أبا عبد الله نزيل غرناطة ويعرف بالتونسي وبابن المؤذن ببلده. حاله من العايد: قال ولي الله المجاب الدعوة الظاهر الكرامة المشهود له بالولاية. ورد الأندلس في جملة من تجار بلده وبيده مال كبير بذله في معاملة ربه إلى أن استأصله بالصدق وأنفقه في سبيل الله ابتغاء مرضاته وتجرد عن الدنيا وأخذ نفسه بالصلاة والصوم والتلاوة وكثرة السجود والتطارح على ذلك محفوظًا في ذلك كله حفظة الأولياء مذكرا بمن سلفه من الزهاد عازبًا عن الدنيا أخذ نفسه بسلوك الإيتاب عنها رحمة للخلق وتمالأ للمساكين بقصده الناس بصدقاتهم فيبثها في ذوي الحاجات فيتألف في باب مسجده آلاف من رجالهم ونسايهم وصبيانهم حتى يعمه الرفد وتسعهم الصدقة. وكان غريب الأحوال إذا وصل وقت الصلاة يظهر عليه البشر والسرور ويدخل مسجده الذي ابتناه واحتفل فيه فيخلو بنفسه آخذًا في تعبدات كثيرة غريبة شاملة لجميع أركان المسجد ويزدحم الناس حول المسجد وأكثرهم أهل الفاقة فإذا تمكن الوقت أذن إذانا مؤثرًا في القلوب جدًا وصدقًا ووقارًا كان صدره ينصدع عند قول لا إله إلا الله ثم يعيد التعبد والسجود في الصومعة وأدراجها حتى يفتح باب المسجد وينتقل إلى صدر المحراب فيصلي ركعات خفيفة. فإذا أقام الصلاة ووقف عند المحراب ظهر عليه من الخوف والكآبة والحزن والانكسار والتضرع والتملق والرغبة ما لا تفي العبارة بوصفه كأن موقفه موقف أهل الجرايم بين أيدي الملوك الجبابرة. فإذا أتم الصلاة على أم هيئاتها ترى كأن الغبار على وجهه أو كأنه حشر من قبر فإذا شرع في الدعاء بأثر الصلاة يتلوه بترداد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل دعوة ويتوسل به وتظهر عليه أحوال من الحضور والمراقبة وينجلي عن وجهه ما كان به. وكان يختم القرآن في شهر رمضان مائة ختمة فما من ليلة إلا ويحيي الليل كله فيها بمسجده. هذا ترتيبه ولو تتبعنا ما شوهد من كراماته وأحواله لخرجنا عن الغرض. ولد بتونس في حدود الأربعين وستماية. توفي في شهر بيع الثاني عام خمسة عشر وسبعماية. وكان الحفل في جنازته عظيمًا استوعب الناس كافة وحضر السلطان فمن دونه وكانت تنم زعموا على نعشه وقبره رائحة المسك. وتبرك الناس بجنازته وقصد قبره المرضي وأهل الحاجات وبقي القراء يقرأون القرآن عليه مدة طويلة. وتصدق على قبره بجملة من مال ففدى به طايفة من الأسرى. وقبره بباب إلبيرة عن يمين الخارج إلى مقبرة العسال معروف هنالك. ابن بطوطة محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن يوسف اللواتي من أهل طنجة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن بطوطة حاله من خط شيخنا أبي البركات قال هذا رجل لديه مشاركة يسيرة في الطلب رحل من بلاده إلى بلاد المشرق يوم الخميس الثاني من رجب عام خمسة وعشرين وسبعماية فدخل بلاد مصر والشام والعراق وعراق العدم وبلاد الهند والسند والصين وصين الصين وبلاد اليمن. وحج عام ستة وعشرين وسبعماية. ولقي من الملوك والمشايخ عالمًا وجاور بمكة. واستقر عند ملك الهند فحظي لديه وولاه القاضاء وأفاده مالًا جسيمًا. وكانت رحلته على رسم الصوفية زيا وسجية ثم قفل إلى بلاد المغرب ودخل جزيرة الأندلس فحكمى بها أحوال المشرق وما استفاد من أهله فكذب وقال لقيته بغرناطة وبتنا معه ببستان أبي القاسم ابن عاصم بقرية نبلة وحدثنا في تلك الليلة وفي اليوم قبلها عن البلاد المشرقية وغيرها فأخبر أنه دخل الكنيسة العظمى بالقسطنطنية العظمى وهي على قدر مدينة مسقفة كلها وفيها اثني عشر ألف أسقف. قلت وأحاديثه في الغرابة أبعد من هذا. وانتقل إلى العدوة فدخل بلاد السودان ثم تعرف أن ملك المغرب استدعاه فلحق ببابه. وأمر بتدوين رحلته. ساير الأسماء في حرف الميم الملوك والأمراء وما منهم إلا طارئ علينا أو غريب مزدلي بن تيولتكان بن حمني بن محمد بن ترقوت بن وربابطن بن منصور ابن نصاله بن أمية بن واباتن الصنهاجي اللتموني حاله كان الأمير مزدلي عضد القايم بالدولة اللمتونية يوسف بن تاشفين وقريبه لا لتقائهما في ترقوت راش به وبرى وجز وفرى فهو شيخ الدولة اللمتونية وكبير العصابة الصنهاجية بطلًا ثبتًا بهمة من البهم بعيد الصيت عظيم الجلد شهير الذكر أصيل الرأي مستحكم الحنكة طال عمره وحمدت مواقعه وبعدت غاراته وعظمت في العدو وقايعه وشكرت عن سلطانه نيابته. من مناقبه استرجاع مدينة بلنسية من أيدي الروم بسعيه ورده إلى ملكة الإسلام بحميد غنايه في منتصف رجب عام خمس وخمس ماية. دخوله غرناطة ولي قرطبة وغرناطة وما إليهما من قبل يوسف بن تاشفين سنة خمس وخمسماية. قال ابن الصيرفي توفي ليلة الثلاثاء السابع عشر من شوال عام ثمانية وخمس ماية غازيًا على مقربة من حصن قسطانية طرق به إلى قرطبة فوصل يوم الأربعاء ثاني يوم وفاته وصلى عليه إثر صلاة العصر الفقيه القاضي بقرطبة أبو القاسم بن حمدين ودفنه قرب أبيه وبنيت عليه روضة حسنة. وكان نضر الله وجهه البقية الصالحة على نهج أمير المسلمين يوسف. ابن علي الهنتاتي موسى بن محمد بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي الهنتاتي السيد أبو عمران. حاله بيته معروف. وكان أديبًا شاعرًا جوادًا واختص بالعادل فجل قدره في دولته وأمله الناس بإشبيلية في حوايجهم لمحله منهم. ولما انصرف عنها العادل إلى طلب الخلافة قدمه عليها فبلغ الغاية. وفي شوال من عام اثنين وعشرين وستماية كانت على جيشه الوقيعة أوقعها به السيد أبو محمد البياسي وأخباره شهيرة. وتوفي تغريقًا في البحر بعد أن ولي بجاية رحمه الله وعفا عنه. |
شعره قال وكان أبو المطرف بن عميرة ينشد له يخاطب الفقيه الأديب أبا الحسن بن حريق بستحثه على نظم الشعر في عروض الخبب: خذ في الأشعار على الخبب فقصورك عنه من العجب هذا وبنو الآداب قضوا بعلو مجدك في الرتب فنظم له أبو الحسن القصيدة المشهورة منها: أبعيد الشيب هوى وصبا كلا لا لهوًا ولا لعبا ومنها: يا نفس أحيي تصلي أملًا عيشي روحيا تروي عجبا وخذي في شكر الكبرة ما لاح إلا صباح وما ذهبا فيها أحرزت معارف ما أبليت بجدته الحقبا والخم إذا أعتقت وصفت أعلى ثمنًا منها عنبا وبقية عمر المرء له أن كان بها طبا دربا دخل غرناطة فوجب ذكره مع مثله. منديل بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو الأمير أبو زيان حاله كان فاضلًا عاقلًا جوادًا عينه أبوه أمير المسلمين أبو يوسف بن عبد الحق للضرب على أحواز مالقة عند الفتنة فاضطرب المحلة تجاه سهيل وضيق على تلك الأحواز وبرز إليه الجيش لنظر موسى بن رحو من قرابته النازعين عن إيالة المغرب من بني رحو. وكان اللقاء فوقعت به الذبرة وانهزم جيشه وقبض عليه وسيق إلى السلطان فتلقاه بالبر ورعى ما لبيته الكبير من الحق وأسكنه مجاورًا لقصره بحمرايه مرفهًا عليه محجوزًا عن التصرف إلى أن كان من تلاحق بهذه الحل من وفاة أبيه السلطان أبي يوسف بالجزيرة الخضراء وتصير الأمر إلى ولده السلطان أمير المسلمين أبي يعقوب يوسف. وتجدد الألفة وتأكدت المودة وارتفعت الإحنة فكان ما هو معروف من التقايهما على تعينة إجازة ملك المغرب أبي يعقوب البحر على ظاهر مربلة وصرف الأمير أبو زيان محبوًا بما يليق به. حدثني شيخنا أبو زكريا بن هذيل رحمه الله قال نصب للسلطان أبي يعقوب خباء احتفل في اتخاذه له أمير سبتة فبلغ الغاية التي لا يستطيعها الملوك سمو عماد وامتداد ظل وانفساح ساحة إلى إحكام الصنعة والإعياء في الزخرف. وقعد فيه السلطان ملك المغرب وأجلس السلطان أمير المسلمين أبا عبد الله ابن الغالب بالله عن يمينه وأخاه الأمير أبا زيان عن يساره وقرأ عشاره المعروف بالوقاد آية الله في حسن الصوت وبعد مدي السمع وطيب النغمة قوله عز وجل " يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين. قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا إنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ". فكان مقامًا مبهتًا. كان السلطان رحمه الله يقول لشد ما جنى علي عدو الله بقحته والله لقد كان يشير بيده إلى السلطان وأخيه عند قوله أنا يوسف وهذا أخي. ثم أجاز للعدوة فطاح بها لعهد غير بعيد. وكان الإيقاع بجيش الأمير أبي زيان في أخريات ذي الحجة عام أربعة وثمانين وستماية. فاتصل بذلك موت والد أمير المسلمين أبي يوسف بالخضراء في شهر محرم عام خمسة وثمانين بعده وكان لقاء السلطانين بالخضراء في شهر محرم عام خمسة وثمانين هذه وكان اللقاء كما ذكر في شهر ربيع الآخر من العام المذكور. ومن الطارئين ابن عبد الرحمن بن معاوية المطرف بن عبد الله بن محمد ابن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام حاله كان المطرف ولد الخليفة عبد الله أمير المسلمين بالأندلس شجاعًا مقدامًا جريًا صرفه والده الخليفة في الغزوات وقود العساكر وهو الذي بنى حصن لوشة ووقم كثيرا من الخوارج على والده. دخوله غرناطة قال ابن حيان غزا المطرف ببشتر بسبب ابن حفصون إذ كان صالح الأمير عبد الله ودفع رهينة ابنه فلما امتحن الطفل وجد غير ابنه فنهض إليه المطرف وكان القايد على العسكر قبله عبد الملك ابن أمية فنهض صحبته ونازل المطرف ابن حفصون فهتك حوزته وتقدم إلى بنية كان ابتناها بموضع يعرف باللويات فشرع في خرابها وخرج ابن حفصون ومن معه من النصرانية يدافع عنها وعن كنيسة كانت بقربها فغلب ابن حفصون وهدمت الكنيسة وقتل في هذه الحرب حفص بن المرة قايده ووجوه رجاله وعند الفراغ من ذلك. انصرف المطرف فدخل كورة إلبيرة وبنا لوشة وتقدم منها إلى إلبيرة ودخلها ثم طاف بتلك الجهات والحصون ثم انصرف. ذكر إيقاعه بعبد الملك بن أمية وسبب الإحنة بينه وبين أبيه قال وفي هذه اذكر إيقاعه بعبد الملك بن أمية وسبب الإحنة بينه وبين أبيه قال وفي هذه الحركة أوقع بعبد الملك بن أمية لما كان في نفسه لصرف والده عن عقد البيعة له وتمزيق العهد في خبر يطول. وكان والده قد أخذ عليه الميثاق عند خروجه إلى شذونة ألا يعرض إليه بمكروه وأقسم له بالإيمان لين نال منه شيئًا ليعاقبنه بمثله فلما قتله عقد الوثائق عليه وأخذ الشهادات فيها بالظلم والشؤم خوفًا من أبيه وكتب إليه يعتذر له ويحكمه في نفسه. مقتل المطرف قال وظهرت عليه فعال قبيحة من أذى جيرانه بما أكد غايلة أبيه عليه وأعان عليه معاوية بن هشام لما ذكروا أن المطرف كان قد خلا به فذكروا أنه نزل يومًا عنده بمنزله وأخذوا في حديث الأبناء وكان المطرف عقيمًا فدعا معاوية بصبي يكلف به فجاء وبرأسه ذؤابتان فلما نظر إليه المطرف حسده وقال يا معاوية أتتشبه بأبناء الخلفاء في بنيهم وتناول السيف فحز به الذؤابة وكان معاوية حية قريش دهاء ومكرًا فأظهر الاستحسان لصنعه وانبسط معه في الأنس وهو مضطغن. فلما خرج كتب إلى الخليفة يسأله اتصاله إليه فلما أوصله كاشفه في أمر المطرف بما أزعجه وأقام على ذلك ليلًا أحكم أمره عند الخليفة بلطف حيلته فأصاب مقتله سهم سعايته. قال ابن الفياض بعث الأمير عبد الله إلى دار ولده المطرف عسكرًا للقبض عليه مع ابن مضر فقوتل في داره حتى أخذ وجيء به إليه فتشاور الوزراء في قتله فأشار عليه بعضهم أن لا يقتله وقال بعضهم إن لم تقتله قتلك فأمر ابن مضر بصرفه إلى داره وقتله فيها وأن يدفنه تحت الريحانة التي كان يشرب الخمر تحتها وهو ابن سبع وعشرين سنة وذلك في يوم الأحد ضحى لعشر خلون من رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين. منذر بن يحيى التجيبي أمير الثغر المنتزي بعد الجماعة بقاعدة سرقسطة يكنى أبا الحكم ويلقب بالحاجب المنصور وذي الرياستين. حاله قال أبو مروان وكان أبو الحكم رجلا من عرض الجند وترقى إلى القيادة آخر دولة ابن أبي عامر. وتناهى أمره في الفتنة إلى الإمارة. وكان أبوه من الفرسان غير النبهاء. فأما ابنه منذر فكان فارسًا تقي الفروسية خارجًا عن مدى الجهل يتمسك بطرف من الكتابة الساذجة. وكان على غدره كريمًا وهب قصاده مالًا عظيمًا فوفدوا عليه وعمرت لذلك حضرته سرقسطة. فحسنت أيامه وهتف المداح بذكره. وفيه يقول أبو عمرو بن دراج القسطلي قصيدته المشهورة حين صرف إليه وجهه وقدم عليه في سنة ثمان وعشرين وأربعماية: بشراك من طول الترحل والسرى صبح بروح السفر لاح فأسفرا من حاجب الشمس الذي حجب الدجا فجرًا بأنهار الذرى متفجرا لبيك أسمعنا نداك ودوننا نوء الكواكب مخويا أو ممطرا من كل طارق ليل هم ينتحي وجهي بوجه من لقايك أزهرا سار ليعدل عن سمايك أنجمي وقد ازدهاها عن سناك محيرا فكأنما أعدته أسباب النوى نور الهدى عن يديك منورا أو غار رمن هممي فأنحى شأوها فلك البروج مغربًا ومغورا حتى علقت النيرين فأعلقا مثنى يدي ملك الملوك النيرا فسريت في حرم الأهلة مظلما ورفلت في خلع السموم مهجرا وشعيت أفلاذ الفؤاد ولم أكد فحذوت من حذو الثريا منظرا ست تسراها الجلاء مغربًا وحدا بها حادي النجاء مشمرا لا يستفيق الصبح منها ما بدا فلقًا ولا جدى الفراقد ما سرا ظعن ألفن القفر في غول الدجا وتركن مألوف المعاهد مقفرا يطلبن لج البحر حيث تقاذفت أمواجه والبر حيث تنكرا هيم وما يبغين دونك موردا أبدا ولا عن بحر جودك مصدرا من كل نضو الآل محبوك المنى يزجيه نحوك كل محبوك القرا نحرت بنا صدر الدبور فأنبطت قلق المضاجع تحت جو أكدرا وصبت إلى نحو الصبا فاستخلصت سكن الليالي والنهار المبصرا خوص نفخن بنا البري حتى انثنت أشلاؤهن كمثل أنصاف البرا نذرت لنا أن لا تلقي راحة مما تلاقى أو تلاقى منذرا وتقاسمت أن لا تسيغ حياتها دون ابن يحيى أو تموت فتعذرا لله أي أهلة بلغت بنا يمناك يا بدر السماء المقمرا بل أي غصن في ذاك هصرته فجرى فأورق في يديك وأثمرا فلئن صفا ماء الحياة لديك لي فبما شرقت إليك بالماء الصرى ولئن خلعت على بردًا أخضرا فلقد لبست إليك عيشًا أغبرا ولئن مددت علي ظلا باردا فلكم صليت إليك جوًا مسعرا وكفى لمن جعل الحياة بضاعة ورأى رضاك يها رخيصًا فاشترى فمن المبلغ عن غريب نازح قلبا يكاد علي أن يتفطرا لهفان لا يرتد طرف جفونه إلا تذكر عبرتي فاستعبرا أبني لا تذهب بنفسك حسرة عن غول رحلي منجدا أو مغورا ولقد وردت مياه مأرب حفلًا وأسمت خيلي وسط جنة عبقرا ونظمت للغيد الحسان قلائدًا من تاج كسرى ذي البهاء وقيصرا وحللت أرضًا بدلت حصباؤها ذهبًا يرف لناظري وجوهرا وليعلم الأملاك أني بعدهم ألفيت كل الصيد في جوف الفرا ورمى علي رداءه من دونهم ملك تخير للعلا فتخيرا ضربوا قداحهم علي ففاز بي من كان بالقدح المعلى أجدرا من فك طرفي من تكاليف الفلا وأجار طرفي من تباريح السرى وكفا عتابي من ألام معذرا وتذممى ممن تحمل معذرا ومسائل عني الرفاق ووده لو تنبذ السانحات رحلي بالعرا وبقيت في لجج الأسى متضللًا وعدلت عن سبل الهدى متحيرًا كلا وقد آنست من هود هدى ولقيت يعرب في القبول وحميرا وأصبت في سبإ مورث ملكه يسبي الملوك ولا بدب لها الضرا فكأنما تابعت تبع رافعًا أعلامه ملكًا يدين له الورى والحارث الجفني ممنوع الحمى بالخيل والآساد مبذول القرى ولقيت زيد الخيل تحت عجاجه يكسو غلايلها الجياد الضمرا وعقدت في يمن مواثق ذمة مشدودة الأسباب موثقة العرى وأتيت بحدل وهو يرفع منبرا للدين والدنيا وبخفض منبرا وحططت بين جفانها وجفونها حرمًا أبت حرماته أن تخفرا تلك البحور تتابعت وخلفتها سعيًا فكنت الجوهر المتخيرا ولقد نموك ولادة وسيادة وكسوك عزًا وابتنوا لك مفخرا فممرت بالآمال أكرم أكرم ملكًا ورثت علاه أكبر أكبرا وشمايل عبقت بها سبل الهدى وذرت على الآفاق مسكًا أذفرا أهدى إلى شغف القلوب من الهوى وألذ في الأجفان من طعم الكرى ومشاهد لك لم تكن أيامها ظنًا يريب ولا حديثًا يفترى لاقيت فيها الموت أسود أدهما فذغرته بالسيف أبيض أحمرا ولو اجتلى في زي قرنك معلمًا لتركته تحت العجاج معفرا يا من تكبر بالتكرم قدره حتى تكرم أن يرى متكبرا والمنذر الأعداء بالبشرى لنا صدقت صفاتك منذرا ومبشرا فارفع لها علم الهدى فلمثلها رفعتك أعلام السيادة في الذرى فارفع لها علم الهدى فلمثلها رفعتك أعلام السيادة في الذرى وانصر نصرت من السماء فإنما ناسبت أنصار النبي لتنضرا واسلم ولا وجدوا لجوك منفسًا في النائبات ولا لبحرك معبرا سيرته قال وساس لأول ولايته عظيم الفرنحة. فحفظت أطرافه وبلغ من استمالته طوايف النصرانية أن جرى على يديه بحضرته. عقد مصاهرة بعضهم فقرفته الألسنة لسعيه في نظام سلك النصارى. وعمر به الثغر إلى أن ألوت به المنية. وقد اعترف له الناس بالرأي والسياسة. كتابه. واستكتب عدة كتاب كابن مدور وابن أزرق. وابن واحب وغيرهم. وصوله إلى غرناطة وصل غرناطة صحبة الأمير المرتضى الآتي ذكره وكان ممن انهزم بانهزامه. وذكروا أنه مر بسليمان بن هود وهو مثبت للإفرنج الذين كانوا في المحلة لا يريم موقفه فصاح به النجاة يا بن الفاعلة فلست أقف عليك فقال له سليمان جيت والله بها صلعًا وفضحت أهل الأندلس ثم انقلع وراءه. للمال مباشر للأمور هاجر للذات يقظ متشمر. قام بالأمر غرة ربيع الأول في عام ستين مرتاش الجناح بالأحلاف من عرب القبلة معولًا عليهم عند قصد عدوه وحلب ضرع الجباية فأثرى بيت ماله ونبهت دولته واتقته جيرته فهو اليوم ممن يشار إليه بالسداد. أدبه وشعره ووجه لهذا العهد في جملة هدايا ودية ومقاصد سنية نسخة من كتابه المسمى بواسطة السوك في سياسة الملك افتتحه بقوله: الحمد لله الذي جعل نعمته على الخلق بما ألفهم عليه من الحق شاملة شايعة ويسر طوايف من عباده لليسرى فأتت إليها مساعدة مسارعة وحضهم على الأخذ بالحسنى ولا أن أحسن من نفوس أرشدت فأقبلت لإرثها طالبة ولربها طايعة. ولا أسمى من همم نظرت بحسن السياسة ي تدبير الرياسة التي هي لأشتات الملك جامعة ولأسباب الملك مانعة وأظهرت من معادنها درر الحكم وغرر الكلم لايحة لامعة فاجتلت أقمارها طالعة واجنت أزهارها يانعة. وصلى الله على سيدنا محمد الكريم المبعوث بالآيات البينات ساطية ساطعة والمعجزات المعجمات قاصمة لظهور الجاحدين قاطعة. الذي زويت له الأرض فتدانت أفكارها وهي نابية شاسعة واشتاقت له المياه فبرزت بين أصابعه يانعة وامتثل السحاب أمره فسح باستسقايه درًا هامية هامعة وحن الجذع له وكان حنينه لهذه الآيات الثلاث آية رابعة إلى ما لا يحصى مما أتت به متواترات الأخبار وصيحات الآثار ناصرة لنبوته ساطعة. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعترته التي أجابت داعي الله خاشية خاشعة وأذعنت لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت من الاستبداد خالية وللأنداد خالعه صلاه ديمتها دايمة متتابعة وسلم كثيرا. جمع فيه الكثير من أخبار الملوك وسيرهم وخص به ولده وولي عهده فجاء مجموعًا يستظرف من مثله ويدل على مكانه من الأدب ومحله. وثبت فيه الكثير من شعره فمن ذلك قصيدة أجاب فيها أحد رؤوس القبايل وقد طلب منه الرجوع إلى طاعته والانتظام في سلك جماعته وهي: تذكرت أطلال الربوع الطواسم وما قد مضى من عهد المتقادم وقفت بها من بعد بعد أنسها بصبر مناف أو بشوق ملازم تهيم بمغناهم وتندب ربعهم وأي فؤاد بعدهم غير هايم تحن إلى سلمى ومن سكن الحمى وما حب سلمى للفتى بمسالم فإن الهوى لا يستفز ذوي النهى ولا يستبي إلا الضعيف العزايم صبور على البلوى طهور من الهوى قريب من التقوى بعيد المآثم ومن يبغ درك المعلوات ونيلها يساق بخلق الشهد مر العلاقم ولايمة لما ركبنا إلى العلا بحار الردى في لجها المتلاحم تقول بإشفاق أتنسى هوى الدما وتنثر دررًا من دموع سواجم إليك فإنا لا يرد اعتزامنا مقالة باك أو ملامة لايم ألم تدر أن اللوم لوم وأننا لنجتنب اللوم اجتناب المحارم فما بسوي العليا همنا جلالة إذا هام قوم بالحسان النواعم بروق السيوف المشرفيات والقنا أحب إلينا من بروق المباسم وأما صميل السابحات لذي الوغى فأشجى لدينا من غنا الحمايم وأحسن من قد الفتاة وخدها قدود العوالي أو خدود الصوارم إذا نحن جردنا الصوارم لم تعد إلا غمادها الأبحر الغلاصم وما كل من قاد الجيوش إلى العدا يعود إلى أوطنانه بالغنائم وننصر مظلوما ونمنع ظالما إذا شيك مظلوم بشوكة ظالم ويأوي إلينا المستجير ويلتجي ويحميه منا كل ليث صيارم ألم تر إذ جاء السبيعي قاصدا إلى بابنا يبغي التماس المكارم وذلك لما أن جفاه صحابه وكل خليل وده غير دايم وأزمع إرسالًا إلينا رسالة بإخلاص ود واجب غير واجم وكان رأى أن المهامة بيننا فخلى لذات الخف ذات المناسم وقال ألا سل من عليم مجرب أبث له ما تحت طي الحيازم فيبلغ عنه الآن خير رسالة تودي إلى خير الملوك الأعاظم على ناقة وجناء كالحرف ضامر تخيرها بين القلاص الرواسم من اللايي يظلمن الظليم إذا عدى ويشبهه في جيده والقوايم إذا أتلعت فوق السحاب جوابها تخليتها تعض السحاب الرواكم وما القصد إلا في الوصول بسرعة فقالوا فحملها أكف النواسم فقال لنعم المرسلات وإنما لها ألسن مشهورة بالنمايم فلم يلف فيها للأمانة موضعا وكل امرئ للسر ليس بكاتم فحينئذ وافى إلينا بنفسه فكان لدينا خير واف وقادم يجوب إلينا البيداء قصدًا وبشرنا يضيء له الظلماء في كل عاتم طلاب العلا تسري مع الوحش في الفلا ويصحب منها كل باغ وباغم على سلهب ذي صوتين مطعم من المغربات الصافنات الصلادم إذا شاء أي الوحش أدركه به فتحسبه في البيد بعض النعايم ويقدمه طوعًا إلينا رجلؤه حمايتنا إياه من كل ظالم ألا أيها الآتي لظل حناننا نزلت برحب في عراص المكارم وقوبلت منا بالذي أنت أهله وفاض عليك الجود فيض الغمايم كذا دأبنا للقادمين محلنا حمى وندًا ينسي به جود حاتم شددنا لها أزرًا وشدنا بناءها وكم مكثت دهرًا بغير دعائم نظمنا شتيت المجد بعد افتراقه وكمم بات نهبًا شمله دون ناظم ورضنا جياد الملك بعد افتراقه وكم بات نهبًا شمله دون ناظم ورضنا جياد الملك بعد جماحها فذلت وقد كانت صعاب الشكايم مناقب زيانية موسوية يذل لها عز الملوك القماقم يقصر عن إدراكها كل مبتغ ويعجز عن إحصايها كل ناظم فلله منا الحمد والشكر دايمًا وصلى الله على المختار من آل هاشم ونختصكم منا السلام الأثير ما تضاحك روض عن بكاء الغمايم قلت ولما تعرفت كلفه بالأدب والإمام بمجاورته عزمت على لقايه وتشوقت عند العزم على الرحلة الحجازية إلى زيارته ولذلك كنت أخاطبه بكلمة منها: على قدر قد جيت قومك يا موسى فجلت بك النعمى وزالت بك البوسى فحالت دون ذلك الأحوال. وهو بحاله الموصوفة إلى هذا العهد. وفقه الله وساير من تولى أمرًا من أمور المسلمين. جدد فيها الملك لما أخلقا وبعث السعد وقد كان لقا ورتب الرتبا والرسوما وأطلع الشموس والنجوما واحتجن المال بها والعدة وهو بها باق لهذي المدة ولد بمدينة غرناطة حسبما وقعت عليه بخط الثقة من ناسه في أول عام ثلاثة وعشرين وسبعماية. |
مبارك ومظفر الأميران موليا المنصور بن أبي عامر حالهما قال أبو مروان ترقيا إلى تملك بلنسية من وكالة الساقية وظهر من سياستهما وتعارضهما صحة الألفة طول حياتهما ما فاتا به في معناها أشقاء الأخوة وعشاق الأحبة إذ نزلا معًا بقصر الإمارة مختلطين تجمعهما مائدة واحدة من غير تميز في شيء إلا الحرم خاصة.
وكان التقدم لمبارك في المخاطبة وحفظ رسوم الإمارة أفضل صرامة وذكرًا قصر عنهما مظفر لدمائه خلقه وانحطاطه لصاحبه في ساير أمره على نحلته بكتابة ساذجة وفروسة فبلغا الغاية من اقتناء الأسلحة والآلات الملوكية والخيل المغربات ونفيس الحلى والحلل وإشادة البناء للقصور. واشتمل هذا الرأي على جميع أصحابهم ومن تعلق بهما من وزرايهما وكتابهما ولم يعرض لهما عارض إنفاق بتلك الآفاق فانغمسا في النعيم إلى قمم رؤوسهما حتى انقضى أمرهما. قال وكان موت مبارك أنه ركب يومًا من قصر بلنسية وقد تعرض أهلها مستغيثين من مال افترضه عليهم فقال لهم إن كنت لا أريد إنفاقه فيما يعم المسلمين نفعه فلا تؤخر عقوبتي يومي هذا. وركب إثر ذلك. فلما أتى القنطرة وكانت من خشب خرجت رجل فرسه من خدها فرمى به أسفلها واعترضته خشبة ناتئة شرخت وجهه وسقط الفرس عليه ففاضت نفسه وكفاهم الله أمره يومئذ. وفي مبارك ومظفر يقول أبو عمرو بن دراج القسطلي رحمه الله: أنورك أم أوقدت بالليل نارك لباغ قراك أو لباغ جوارك ورياك أم عرف المجامر أشعلت بعود الكباء والألوة نارك ومبسمك الوضاح أم ضوء بارق حداه دعائي أن يجود ديارك وخلخالك استنضيت أم قمر بدا وشمس تبدت أم ألحت سوارك وأنت هجرت الليل إذ هزم الضحى كتائبه والصبح لما استجارك فللصبح فيما بين قرطيك مطلع وقد سكن الليل البهيم خمارك فيا لنهار لا يغيض ظلامه وبالظلام لا يغيض نهارك ونجم الثريا أم لآل تقسمت يمينك إذ ضمختها أم يسارك لسلطان حسن في بديع محاسن يصيد القلوب النافرات نفارك وجند غرام في دروع صبابة تقلدن أقدار الهوى واقتدارك هو الملك لا بلقيس أدرك شأوها مداك ولا الزباء شقت غبارك وقادحة الجوزاء راعيت موهنًا بحر هواك أم ترسمت دارك وطيفك أسرى فاستثار تشوقي إلى العهد أم شوقي إليك استشارك وموقد أنفاسي إليك استطارني أم الروح لمارد في استطارك فكم جزت من بحر إلي ومهمة يكاد ينسي المستهام ادكارك أذو الحظ من علم الكتاب حداك لي أم الفلك الدوار نحوي أدارك ولا أرزمت خوص المهارى مجيبة صهيل جياد يكتنفن قطارك ولا أذكت الركبان عنك عيونها حذار عيون لا ينمن حذارك وكيف رضيت الليل ملبس طارق وما ذر قرن الشمس إلا استنارك وكم دون رحلي من بروج مشيدة تحرم من قرب المزار مزارك وقد زأرت حولي أسود تهامست لها الأسد أن كفى عن السمع زارك وأرضي سيول من خيول مظفر وليلي نجوم من سماء مبارك بحيث وجدت الأمن يهتف بالمنى هلمي إلى عينين جادا سرارك هلمي إلى بحرين قد مرج الندى عبابيهما لا يسأمان انتظارك هلمي إلى سيفين والحد واحد يجيران من صرف الحوادث جارك هلمي إلى طرفي رهان تقدما إلى الأمد الجالي عليك اختيارك هلمي إلى قطبي نجوم كتايب تنادي نجوم التعس غورى مغارك وحيي على دوحين جاد نداهما ظلالك واستدني إليك ثمارك وسلا سيوفًا لم تزل تلتظي أسى بثارك حتى أدركا لك ثارك ويهنيك يا دار الخلافة منهما هلالان لاحا يرفعان منارك كلا القمرين بين عينيه غرة أثارت كسوفيك وجلت سرارك فقاد إليك الخيل شعثًا شوازيا يلبين بالنصر العزيز انتصارك سوابق هيجاء كأن صهيلها يجاوب تحت الخافقات شعارك بكل سرى العتق سرى عن الهدى وكل حمي الأنف أحمى ذمارك تحلوا من المنصور نصرًا وعزة فأبلوك في يوم البلاء اختيارك إذا انتسبوا يوم الطعان لعامر فعمرك يا هام العدى لا عمارك يقودهم منهم سراجًا كتايب يقولان للدنيا أجدى افتخارك إذا افترت الريات عن غرتيهما فيا للعدى أضللت منهم فرارك وإن أشرق النادي بنور سناهما فبشرى الأماني عينك لا ضمارك وكم كشفنا من كربة بعد كربة تقول لها النيران كفي أوارك فلله صدق العزم أية غرة إذا لم تطيعي في لعل اغترارك فإن غالت البيد اصطبارك والسرى فما غال ضيم الكاشحين اصطبارك ويا خلة التسويف قومي فأغدقي قناعك من دوني وشدي إزارك وحسبك بي يا خلة الناي خاطري بنفسي إلى الحظ النفيس حطارك فقد آن إعطاء النوى صفقة الهوى وقولك للأيام جوري مجارك ويا ستر البيض النواعم أعلني إلى اليعملات والرحل بدارك نواجى واستودعتهن نواجيا حفاظك يا هذي بذي وازدهارك ودونك أفلاذ الفؤاد فشمري ودونك يا عين اللبيب اعتبارك صرفت الكرى عنها بمغتبق السرى وقلت أديري والنجوم عقارك فإن وجبت للمغربين جنوبها فداوي برقراق السراب خمارك فأورى بزندي سدفة ودجنة إذا كانتا لي مرخك وعفارك وإن خلع الليل الأصائل فاخلعي إلى الملكين الأكرمين عذارك قصي المنى قد شام بارقة الحيا وانشقت يا ظئر الرجا حوارك وحمدًا يميني قد تملأت بالمنى وشكرًا يساري قد حويت يسارك وقل لسماء المزن إن شئت اقلعي ويا أرضها إن شيت غيضي بحارك ولا توحشي يا دولة العز والمنى مساءك من نوريهما وابتكارك وصولهما إلى غرناطة وصلا مع أمثالهما من أمراء الشرق صحبة المرتضى وكان من انهزام الجميع بظاهرها وإيقاع الصناهجة بهم ما هو معلوم حسبما مر ويأتي بحول الله. ومن ترجمة الأعيان والوزراء بل ومن ترجمة الطارئين والغرباء منها منصور بن عمر بن عثمن بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو يكنى أبا علي حاله كان رحمه الله فتى القوم لسنًا مفوهًا مدركًا متعاطيًا للأدب والتاريخ مخالطًا للنبلاء متسورا خلق العلماء غزلًا كلفًا بالدعابة طرفة من طرف أهل بيته قوي الشكيمة جوادًا بما في وسعه متناهيًا في البدانة. دخل غرناطة في الجملة من إخوانه وبني عمه مغربين عن مقر الملوك بالمغرب وأقام بها إلى شهر ربيع الأول من عام ثلاثة وستين وسبعماية. وركب البحر في الخامس والعشرين منه عندما لحق أخوه عبد الحكيم بالمغرب وبايعه الناس ولاحت له بارقة لم تكد تقد حتى خبت فبادر إلى مظاهرته في جفن غزوي من أسطول الأندلس وصحبه قوم ممن يخطب الخطط ويبتدر رمق الدول وهال عليهم البحر فطرح الجفن بأحواز غساسة وقد عادتها ملكة عدوهم فتقبض عليه وأدخل مدينة فاس في الثاني لربيع الآخر من العام مشهور المركب على الظهر يضرب بين يديه طبل للشهرة وناقور المثلة وأجلس بين يدي السلطان فأبلى بما راق الحاضرين من بيانه من العذر للخروج بالاستمالة حتى لرجي خلاصه واستقر مثقفًا تتعلق به الأراجيف ويحوم حول مطرحة الاختبار إلى حين وفاته. شعره أنشدني الفقيه الأديب أبو بكر بن أبي القاسم بن قطبة من شعره وكان صاحبه في الرحلة ومزامله في أسطول المنحسة وذلك قوله: سوف ننال المنى ونرقى مراقي العز والمعال إذا حططنا بأرض فاس وحكمت في العدى العوال فأنت عندي بها حقيق يا حايز الفضل والكمال وفاته في وسط جمادى الأولى من العام. دخل عليه في بيت معتقله فقتل ودفن ببعض مدافنهم. رحمة الله عليه. مقاتل بن عطية البرزالي يكنى أبا حرب وقال فيه أبو القاسم الغافقي من أهل غرناطة ويلقب بذي الوزارتين ويعرف بالريه لحمرة كانت في وجهه. حاله كان من الفرسان الشجعان لا يصطلى بناره وكان معه من قومه نحو من ثلاث ماية فارس من بني برزال. وولاه الأمير عبد الله بن بلقين بن باديس مدينة اليسانة والتقى به ابن عباد وأخذ بمخنقها وكان عبد الله يحذره. وعندما تحقق حركة اللمتونيين إليه صرف عن جهته فقل لذلك ناصره وأسرع ذهاب أمره. شجاعته قال وحضر مقاتل مع عبد الله بن بلقين أمير غرناطة وقيعة النيبل في صدر سنة ثمان وسبعين وأربع ماية فأبلى فيها بلاء عظيما وجرح وجهه ومزق دعه بالطعن والضرب. وذكر من حضرها ونجا منها قال كنت قد سقط الرمح من يدي ولم أشعر وحملت الترس ولم أعلم به وحملني الله إلى طريق منجاة فركبتها مرة أقع ومرة أقوم فأدركت فارسًا على فرس أدهم ورمحه على عاتقه ودرقته على فخذه ودرعه مهتكة بالطعن وبه جرح في وجهه يثعب دما تحت مغفره وهو مع ذلك ينهض على رسله فرجعت إلى نفسي فوجدت ثقلًا فتذكرت الترس فأخرجت حمالته عن عاتقي وألقيته عني فوجدت خفة وعدت إلى العدو فصاح ذلك الفارس خذ الترس قلت لا حاجة لي به فقال خذه فتركته ووليت مسرعا فهمز فرسه ووضع سنان رمحه بين كتفي وقال خذ الترس وإلا أخرجته بين كتفيك في صدرك فرأيت الموت الذي فررت منه ورجعت إلى الترس فأخذته وأنا أدعو عليه وأسرعت عدوًا فقال لي على ما كنت فليكن عدوك. فاستعذت وقلت ما بعثه الله إلا لهلاكي وإذا قطعة من خيل الروم قد بصرت به فوقع في نفسه أنه يسرع الجري فيسلم وأقتل فلما ضاق الطلق ما بينه وبين أقربهم منه عطف عليه كالعقاب وطعنه ففطره وتخلص الرمح منه ثم حمل على آخر فطعنه ومال على الثالث فانهزم منه فرجع إلي وقد بهت من فعله ورشاش دم الجرح يتطاير من قناع المغفر لشدة نفسه وقال لي يا فاعل يا صانع أتلقي الرمح ومعك مقاتل الريه. انتهى اختصار السفر الثامن والحمد لله رب العالمين يتلوه في اختصار التاسع بعده ومن ترجمة القضاة ومن السفر التاسع من ترجمة القضاة مؤمل بن رجاء بن عكرمة بن رجاء العقيلي من إلبيرة حاله كان شيخًا مضعوفًا يغلب عليه البله من أهل التعين والحسب والأصالة عريقًا في القضاء قاض ابن قاض ابن قاض. ولى قضاء إلبيرة للأمير محمد. من حكاياته: رفعت إليه امرأة كتاب صداقها فقال الصداق مفسوخ وأنتما على حرام فافترقا فرق الله بينكما. ثم رمى بالصداق إلى من حوله وقال عجبًا لمن يدعي فقهًا ولا يعلمه أو يزعم أنه بوثق ولا يتقنه مثل أبي فلان وهو في المجلس يكتب هذا الصداق وهو مفسوخ ما أحقه أن يغرم ما فيه. فدار الصداق على يدي كل من حضر وكل يقول ما أرى موضع فسخ فقال أنتم أجهل من كاتبه لكني أعذركم لأن كل واحد منكم يستر على صاحبه خطأه أنظروا وأمنحكم اليوم فنظروا فلم يجدوا شيئًا يوجب فسخًا. فدنا منه محمد ابن فطيس الفقيه فقال أصلح الله القاضي إن الله منحك من العلم والفهم ما نحن مقرون بالعجز عنه فأفدنا هذه الفايدة فقال ادن فدنا منه فقال أو ليس في الصداق " ولا يمنعها زيارة ذوي محارمها ولا يمنعهم زيارتها بالمعروف " ولولا معرفتي بمحبتك ما أعلمتك. فشكره الشيخ. وأخذ بطرف لحيته يجره إليه حتى قبلها. وكان عظيم اللحية طويلها شيمة أهل هذه الطبقة. قال ابن فطيس أنا المخصوص بالفايدة ولا أعرف بها إلا من تأذن بتعريفه إياها فتبسم القاضي معجبًا بما رأى وشفعوا إليه أن لا يفسخ الصداق وقيل للزوجين لا تطلبا به عنده شيئًا. وولى قضاء جيان. ومن الطاربين والغربا المهلب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي من أهل ألمرية يكنى أبا القاسم. حاله كان من أدهى الناس وأنصحهم ومن أهل التعين والعناية التامة واستقضى بألمرية. مشيخته تواليفه: ألف كتابًا في شرح البخاري أخذه الناس عنه. وفاته: توفي سنة ست وثلاثين وأربعمائة. وقيل سنة. |
ومن ترجمة الكتاب والشعراء وهم الأصليون مالك بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن الفرج بن أزرق بن سعد بن سالم بن الفرج المنزل بوادي الحجارة بمدينة الفرج المنسوبة إليه الآن. قالا ابن عبد الملك كذا كتب لي بخطه بسبتة وهو مصمودي ثم شصادى مولى بني مخزوم ما لقي سكن سبتة طويلًا ثم مدينة فاس ثم عاد إلى سبيتة مرة أخرى وبآخرة فاس يكنى أبا الحكم وأبا المجد والأولى أشهر ويعرف بابن المرحل وصف جرى على جده على بن عبد الرحمن لما رحل من شنتمرية حين إسلامها للروم عام خمسة وستين وخمسماية. حاله قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير شاعر رقيق مطبوع متقدم سريع البديهة رشيق الأغراض ذاكر للأدب واللغة. تحرف مدة بصناعة التوثيق ببلده وولى القضاء مرات بجهات غرناطة وغيرها. وكان حسن الكتابة إذا كتب والشعر أغلب عليه. وذكره ابن خلاد وابن عبد الملك فأما ابن عبد الملك فلم يستوف له ما استوفى لغيره. وأما ابن خلاد فقصر به إذ قال كانت نشأته بمالقة بلده وقرارة مولده في ناسها ووسط أجناسها لم يتميز بحسب ولم بتقدم في ميدان نسب وإنما أنهضه أدبه وشعره وعوضه بالظهور من الخمول نظمه ونثره فطلع في جبين زمانه غرة منيرة ونصع في سلك فصحاء أوانه درة خطيرة وحاز من جيله رتبة التقديم وامتاز في رعيله بإدراك كل معنى وسيم. والإنصاف فيه منا ثبت لي في بعض التقييدات وهو الشيخ المسن المعمر الفقيه شاعر المغرب وأديب صقعه وحامل الراية المعلم بالشهرة المثل في الإكثار الجامع بين سهولة الفظ وسلاسة المعنى وإفادة التوليد وإحكام الاختراع وانقياد القريحة واسترسال الطبع والنفاذ في الأغرض. استعان على ذلك بالعلم بالمقاصد اللسانية لغة وبيانًا وعربية وعروضًا وحفظًا واضطلاعًا إلى نفوذ الذهن وشدة الإدراك وقوة العارضة والتبريز في ميدان اللوذعية والقحة والمجانة والمؤيد ذلك بخفة الروح وذكاء الطبع وحرارة النادرة وحلاوة الدعابة يقوم على الأغربة والأخبار ويشارك في الفقه ويتقدم في حفظ اللغة ويقوم على الفرايض. وتولى القضاء. وكتب عن الأمراء وخدم واسترفد وكان مقصودًا من رواة العلم والشعر وطلاب الملح وملتمسي الفوايد لسعة الذرع وانفساح المعرفة وعلو السن وطيب المجالسة مهيبًا مخطوب السلامة مرهوبًا على الأعراض في شدقه شفرته وناره فلا يتعرض إليه أحد بنقد أو أشار إلى قناته بغمز إلا وناط به آبدة تركته في المثلات ولذلك بخس وزنه واقتحم حماه وساءت بمحاسنه القالة رحمه الله وتجاوز عنه. تلا بالسبع على أبي جعفر بن علي الفخار وأخذ عنه بمالقة وعن غيره. وصحب وجالس من أهلها أبا بكر عبد الرحمن بن علي بن دحمان وأبا عبد الله إلاستجي وابن عسكر وأبا عمرو بن سالم وأبا النعيم رضوان بن خالد وانتفع بهم في الطريقة. وبفاس أبا زيد اليرناسني الفقيه. ولقى بإشبيلية أبا الحسن بن الدباغ وأبا علي الشلوبين وأبا القاسم بن بقى وأجازوا له. وروى عنه أبو جعفر بن الزبير والقاضي أبو عبد الله بن عبد الملك وجماعة. دخوله غرناطة قال ابن الزبير تكرر قدومه علينا بغرناطة وآخر انفصالاته عنها آخر سنة أربع وسبعين وستماية وقال لي حفيده أبو الحسين التلمساني من شيوخنا أنشد السلطان الغالب بالله بمجلسه للناس من المقصورة بإزاء الحمراء قبل بناء الحمراء. وقال غيره أقام بغرناطة وعقد بها الشروط مدة. وقال لي سيخنا أبو الحسن الجياب ولي القضاء بجهات من البشارات وشكى للسلطان بضعف الولاية فأضاف إليه حصن أشكر يانتشر وأمر أن يهمل هذا الاسم ولا يشكل فقال أبو الحكم رحمه الله عند وقوفه عليه قال لي السلطان في تصحيف هذا الاسم " أشكر يا تيس " وهي من المقاصد النبيلة. وهي كثيرة متعددة منها شعره والذي دون منه أنواع. فمنهمختاره وسماه بالجولات. ومنه الصدور والمطالع. وله العشريات والنبويات على حروف المعجم والتزام افتتاح بيوتها بحرف الروى وسماها الوسيلة الكبرى المرجو نفعها في الدنيا والأخرى. وعشرياته الزهدية. وأرجوزته المسماة سلك المنخل لمالك بن المرحل نظم فيها منخل أبي القاسم بن المغربي والقصيدة الطويلة المسماة بالواضحة والأرجوزة المسماة اللؤلؤ المرجان والموطأة لمالك. والأرجوزة في العروض. وكتابه في كان مإذا المسمى بالرمي بالحصا إلى ما يسق إحصاره من الأغراض النبيلة والمقاصد الأدبية. شعره قال القاضي أبو عبد الله بن عبد الملك كان مكثرًا من النظم مجيدًا سريع البديهة مستغرق الفكرة في قرضه لا يفتر عنه حينا من ليل أو نهار. شاهدت ذلك وأخبرني أنه دأبه وأنه لا يقدر على صرفه من خاطره وإخلاء باله من الخوض فيه حتى كان من كلامه في ذلك أنه مرض من الأمراض المزمنة واشتهر نظمه وذاع شعره فكلفت به ألسنة الخاصة والعامة وصار رأس مال المستمعين والمغنين وهجير الصادرين والواردين ووسيلة المكدين وطراز أوراد المؤذنين وبطايقة البطالين ونحن نجتزئ منه بنبذ من بعض الأغراض تدل على ما وراءها إن شاء الله. فمن ذلك في غرض النسيب: دنف تستر بالغرام طويلًا حتى تغير رقة ونحولا بسط الوصال فما تمكن جالسا حتى أقيم على البساط دليلا يا سادتي مإذا الجزا فديتكم الفضل لو غير الفتى ما قيلا قالوا تعاطى الصبر عن أحبابه لو كان يصبر للصدود قليلا ما ذاق إلا شربة من هجرنا وكأنه شرب الفرات شمولا أيقول عشت وقد تملكه الهوى لو قال مت لكان أقوم قيلا حلف الغرام بحبنا وجمالنا إن لم يدعه ميتًا فعليلا إن الجفون هي السيوف وإنما قطعتن فلم تسمع لهن صليلا قل للحبيب ولا أصرح باسمه مإذا الملال وما عهدت ملولا بين وبينك ذمة مرعية أتراك تقطع حبلها الموصولا ولكم شربت صفا ودك خالصًا ولبست ظلا من رضاك ظليلا فيا غصن بان بان عني ظله عند الهجير فما وجدت مقيلا فارقته فتقطعت أفلاذه شوقًا وما ألفى إليك سبيلا لو لم يكن منك التغير لم يسل بالناس لو حشروا إليه قبيلا يا راحلًا عني بقلب مغضب أيطيق قلبي غضبة ورحيلا قل للصبا هيجت أشجان الصبا فوجدت يا ريح القبول قبولا هل لي رسول في الرياح فاز من فارقته بعث النسيم رسولا يا ليت شعري أين قر قراره يا قلب ويك أما وجدت دليلا إن لم يعد ذاك الوصال كعهدنا نكلت عيني بالبكا تنكيلا وقال نسيبًا ومدحًا: أعدى على هواه خصم جفونه مالي به قبل ولا بفنونه إن لم تجرني منه رحمة قلبه من ذا يجير عليه ملك يمينه صاب من الأتراك أصبى مهجتي فعبدت نور الحسن فوق جبينه متمكن في الحسن نون صدغه فتبين التمكين في تنوينه تنساب عقرب صدغه في جنة لم يجن منها الصب غير منونه ولوى ضفيرته فولى مدبرًا فعل الكلم ارتاع من تبينه ورجوت لمن قوامه لو لم يكن كالرمح شدة طعنه في لينه شاكي السلاح وما الذي في جفنه أعدى على من الذي يجفونه ناديته لما ندت لي سينه وشعرت من لفظ السلام بسينه رحماك في دنف غدا وحياته مماته وحراكه كسكوته إن لم تمن علي منة راحم فمناه أن يلقاه ريب منونه ولذا أبيت سوى سمات عدوه فأمانه من ذاك ظهر أمونه سننيخها في باب أروع ماجد فيرى محل الفصل حق يقينه حيث المعارف والعوارف والعلا في حد مجد جامع لفنونه بدر وفي الحسن بن أحمد التقت نجب مررن على العطا بركوبه تبغي مناها في مناها عنده وتطوف بالحاجات عند حجونه فرع من الأصل اليماني طيب ورث البيان وزاد في تبيينه يبدى البشاشة في أسرة وجهه طورًا ويحمى العز في عرنينه بسطت شمايله للزمان كمثل ما بسط الغنا نفوسنا بلحونه يثنى عليه كل فعل ساير كالمسك إذ يثنى على دارينه هو الحبيب قضى بالجور أم عدلا لبي الخيار وأما في هواه فلا تالله ما قصر العذال في عذلي لكن أبت أذني أن تسمع العذلا أما السلو فشيء لست أعرفه كفى بخلك غدرًا أن يقال سلا جفون غيري أصحت بعد ما قطرت وقلب غيري صحا من بعد ما ثملا وغصن بان تثنى من معاطفه سقيته الدمع حتى أثمر العذلا آثره نسيم الشعر آونة فكلما مال من أعطافه اعتدلا أملت والهمة العلياء طامحة وليس في الناس إلا آمل أملا وقال إيهًا طفيلي ومقترح ألست عبدي ومملوكي فقلت بلا ما من تحدث عن حسنى وعن كلفي بحسنه وبحبي فأضرب المثلا نيطت خدي خوف القبض من ملكه إذا أشار بأدنى لحظه قتلا تقبل الأرض أعضائي وتخدمه إذا تجلى بظهر الغيب واتصلا يا من له دولة في الحسن باهرة مثلي ومثل فؤادي يخدم الدولا ومن نظمه في عروض يخرج من دوبيتي مجزوًا مقصرا قوله: وملحه في اختراع الأعاريض كثيرة: الصب إلى الجمال مايل والحب لصدقه دلايل والحسن على القلوب وال والقلب إلى الحبيب وايل لو ساعد من أحب سعد ما حال من الحبيب حايل يا عاذلي إليك عني لاتقرب ساحتي العواذل ما نازلني كمثل ظبي يشفى بلحظة المنازل ما بين دفونه حسام مخارقه له حمايل والسيف يبت ثم ينبو واللحظ يطبق المفاصل والسهم يصيب ثم يخطي واللحظ يمر في المقاتل مهلًا فدمي له حلال ما أقبل فيه قول قايل إن صدني فذاك قصدي أو جدلني فلا أجادل يا حسن طلوعه علينا والسكر بمعطفيه مايل ظمآن مخفف الأعالي ريان مثقل الأسافل قد ثم به شذا الغوالي إذ هب ونمت الغلايل والطيب منبه عليه من كان عن العيان غافل والغنج محرك إليه من كان مسكن البلابل والروض يعير وجنتيه وردًا كهواى غير حايل واللين يهز معطفيه كالغصن تهزه الشمايل والكاس تلوح في يديه كالنجم بأسعد المنازل يسقيك بريقه مداما ما أملح ساقيًا مواصل يسبيك برقة الحواشي عشقًا ولكافة الشمايل ما أحسن ما وجدت خدًا إذ نجم صباى غير آفل ومن مستحسن نزعاته: يا راحلين وبي من قربهم أمل لو أغنت الحليتان لي القول والعمل سرتم وسار اشتياقي بعدكم مثلًا من دونه السامران الشعر والمثل وظل يعذلني في حبكم نفر لا كانت المحنتان الحب والعذل عطفًا علينا ولا تبغوا بنا بدلًا فما استوى التابعان العطف والعمل قد ذقت فضلكم دهرًا فلا وأبى ما طاب لي الأحمران الخمر والعسل وقد هرمت أسى من هجركم وجوى وشب مني اثنتان الحرص والأمل غدرتم أو مللتم يا ذوي ثقتي لبيست الخصلتان الغدر والملل لم أنس يوم ما نادوا للرحيل ضحى وقرب المركبان الطرف والجمل وأشرقت بهواديهم هوادجهم ولاحت الزينتان الحلى والحلل وودعوني بأجفان ممرضة تغضها الرقبتان الخوف والخجل كم عفروا بين أيدي العيس من بطل أصابه المضنيان الغنج والكحل دارت عليهم كؤوس الحب مترعة وأبا المسكران الخمر والمقل وآخرين اشتفوا منهم بضمهم يا حبذا الشافيان الضم والقبل كأنما الروض منهم روضة أنف يزهى بها المثبتان السهل والجبل من المسترق الروابي والوهاد بهم ما راقه المعجبان الخصر والكفل يا حادي العيس خذني مأخذًا حسنًا لا يستوي الضدان الريث والعجل لم يبقى لي غير ذكر أو بكا طلل لو ينفع الباقيان الذكر والطلل يا ليت شعري ولا أنس ولا جذل هل يرفع الطيبان الأنس والجذل ومن قوله على لسان ألثغ ينطق بالسين ثاء ويقرأ بالرويين: عمرت ربع الهوى بقلب لقوة الحب غير ناكس ث لبثت فيه أجر ذيل النحول أحبب به للابس ث أما حديث الهوى فحق يصرف بلواه كل حادس ث تعبت بالشوق في حبيب أنا به ما حييت بايس ث يختال كالغثن ماس فيه طرف فأزرى كل مايس ث دنيا ندت لكل وأي فهو لدنياه أي حارس ث يلعب بالعاشقين طرًا والكل راضون وهو عابس ث ومن شعره في الزهد يصف الدنيا بالغرور والحذايح والزور: يا خاطب الدنيا طلبت غرورًا وقبلت من تلك المحاسن زورا دنياك إما فتنة أو محنةوأراك في كلتيهما مقهورا وأرى السنين تمر عنك سريعة حتى لأحسبهن صرن شهورا بينا ثريك أهلة في أفقها أبصرتها في إثر ذاك بدورا كانت قسيًا ثم صرن دوايرا لا بد أن ترمى الورى وتدورا يأتي الظلام فما يسود رقعة حتى ترى مسطورها منشورا فإذا الصباح أتى ومد رادءه نقض المساء رداء المنثورا يتعاقبان عليك هذا ناشر مسكًا وهذا ناشر كافورا أمسى على فوديك من لونيهما سمة تسوم كآبة وبسورا حتى متى لا ترعوى وإلى متى أو ما لقبت من المشيب نذيرا أخشى عليك من الذنوب فربما تلفى الصغير من الذنوب كبيرا فانظر لنفسك إنني لك ناصح واستغفر المولى تجده غفورا من قبل ضجعتك التي تلقى لها خد الصغار على التراب حقيرا وقال في المنى المذكور: إشف الوجد ما أبكى العيونا وأشفى الدمع ما نكأ الجفونا فيا ابن الأربعين اركب سفينًا من التقوى فقد عمرت حينا ونح إن كنت من أصحاب نوح لكي تنجو نجاة الأربعينا بدا الشيب في فوديك رقم فيا أهل الرقيم أتسمعونا لأنتم أهل كهف قد ضربنا على إذانهم فيه سنينا رأيت الشيب يجري في سواد بياضًا لا كعقل الكاتبينا وقد يجري السواد على بياض فكأن الحسن فيه مستبينا فهذا العكس يوذن بانعكاس وقد أشعرتم لو تشعرونا نذير جاءكم عريان يعدو وأنتم تضحكون وتلعبونا أخي إلى متى هذا التصابي جننت بهذه الدنيا جنونا هي الدنيا وإن وصلت وبرت فكم قطعت وكم تركت بنينا فلا تخدعنك أيام تليها ليال واخشها بيضًا وجونا فذاك إذا نظرت سلاح دنيا تعيد حراك ساكنها سكونا وبين يديك يوم أي يوم يدينك فيه رب الناس دينا فإما دار عز ليس يفنى وإما دار هون لن يهونا فطوبى في غد للمتقينا وويل في غد للمجرمينا وآه ثم آه ثم آه على نفسي أكررها مئينا أخي سمعت هذا الوعظ أم لا ألا ليتني في السامعينا إذا ما الوعظ لم يورد بصدق فلا خسر كخسر الواعظينا وقال يتشوق إلى بيت الله الحرام ويمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم: شوق كما رفعت نار على علم تشب بين فروع الضال والسلم ألفه بضلوعي وهو يحرقها حتى براني بريًا ليس بالقلم دع للحبيب ذمامي واحتمل رمقي فليس ذا قدم من ليس ذا قدم يا أهل طيبة طاب العيش عندكم جلورتم خير مبعوث إلى الأمم عاينتم جنة الفردوس من كثب في مهبط الوحي والآيات والحكم لنتركن بها الأوطان خالية ونسلكن لها البيداء في الظلم ركابنا تحمل الأوزار مثقلة إلى محط خطايا العرب والعجم ذنوبنا يا رسول الله قد كثرت وقد أتيناك فاستغفر لمجترم ذنب يليه على تكراره ندم فقد مضى العمر في ذنب وفي ندم نبكي فتشغلنا الدنيا فتضحنكا ولو صدقنا البكا شبنا دمًا بدم يا ركب مصر رويدًا يلتحق بكم قوم مغاربة لحم على وضم فيهم عبيد تسوق العيس زفرته لم يلق مولاه قد ناداه في النسم يبغي إليه شفيعًا لا نظير له في الفضل والمجد والعلياء والكرم ذاك الحبيب الذي ترجى شفاعته محمد خير خلق الله كلهم ذاك الحبيب الذي ترجى شفاعته محمد خير خلق الله كلهم صلى عليه إله الخلق ما طلعت شمس وما رفعت نار على علم ومن مقطوعاته العجيبة في شتى الأغراض وهي نقطة من قطر وبلالة من بحر قوله مما يكتب ومن مقطوعاته العجيبة في شتى الأغراض وهي نقطة من قطر وبلالة من بحر قوله مما يكتب على حمالة سيف وقد كلف بذلك غيره من الشعراء بسبتة. فلما رآها أخفى كل منظومه وزعم أنه لم يأت بشيء وهو المخترع المرقص: جماله كرياض جاورت نهرا فأنبتت شجرًا راقت أزاهرها كحية الماء عامت فيه وانصرفت فغاب أولها فيه وآخرها وقوله وقد تناول الرئيس ابن خلاص بيده مقصًا فأدمى يده فأنشده: عداوة لا لكفك من قد نم فلا تعجب لقراض لئيم لئن أدماك فهو لها شبيه وقد يسطو اللئيم على الكريم وقوله في الخضاب: سترت مشيبي بالخضاب تعللا فلم يحظ فشيب وراب خضابي كأني وقد زورت لونا على الصبا أعنون طرسًا ليس فيه كتاب غراب خضاب لم يقف من حذاره وأغرب شيء في الحذار غراب وقوله وهو من البديع المخترع: لا بد من ميل إلى جهة فلا تنكر على الرجل الكريم مميلا وقوله وهو معنى قد قيل فيه: لا تعجبوا للمرء يجهل قدره أبدًا ويعرف غيره فيصير فالعين تبصر غيرها مع بعده ولكن نفسها لا تبصر وقوله: أرى المتعلمين عليك أعداء إذا أعلمتهم من كل عاد فما عند الصغير سوى عقوق ولا عند الكبير سوى عناد وقوله في وصفه ذي الجاه: يضع الناس صاحب الجاه فيهم كل يوم في كفة الميزان إن رأوه يومًا ترجح وزنًا ضاعفوا البر فهو ذو رجحان أو رأوا منه نقض حبة وزن ما كسوه في حبة الجلجلان وأنشدنا عنه غير واحد من شيوخنا وقد بلغ الثمانين: يا أيها الشيخ الذي عمره قد زاد عشرًا بعد سبعينا سكرت من أكؤس خمر الصبا فحدك الدهر ثمانينا خانته بعد وفايها أعضاؤه فغدا قعيدًا لا يطيق تصرفا هرمًا غريبا ما لديه مؤانس إلا حديث محمد والمصطفى وكتب إلى القاضي أبى الحجاج الطرسوني في مراجعة: يا سيدي شاكركم مالك قد صيرت ميم اسمه هاء ومن يعش خمسًا وتسعين قد أنهى في التعمير إنهاء ومن نظمه في عرس صنعها بسبتة على طريقه في المجانة: الله أكبر في منار الجامع من سبتة تاذين عبد خاشع الله أكبر للصلاة أقيمها بين الصفوف من البلاط الواسع الله أكبر محرمًا وموجهًا ودبرة إلى ربي بقلب خاضع الحمد لله السلام عليكم آمين لا تفتح لكل مخادع إن النساء خدعنني ومكرن بي وملأن من ذكر النساء مسامع حتى وقعت وما وقعت بجانب لكن على رأس لأمر واقع والله ما كانت إليه ضرورة لكن أمر الله دون مدافع خودًا لها شعر أثيث حالككالليل تجلى عن صباح ساطع حوراء يرتاع الغزال إذا رنت بجفون خشف في الخمايل رافع تتلو الكتاب بغنة وفصاحة فيميل نحو الذكر قلب السامع بسامة عن لؤلؤ متناسق في ثغرها في نظمه متتابع أنفاسها كالراح فض ختامها من بعد ما ختمت بمسك رائع شماء دون تفاوت عربية ببسالة وشجاعة ومنازع غيداء كالغصن الرطيب إذا مشت ناءت بردف للتعجل مانع تخطو على رجلي حمامة أيكة مخضوبة تسبى فؤاد السامع ووصفن لي من حسنها وجمالها ما البعض منه يقيم عذر الخالع فدنوت واستامنت بعد توحشي وأطاع قلب لم يكن بمطاوع فحملنني نحو الولي وجئنني بالشاهدين وجلد كبش واسع وبعرفه من نافع لتعادل والله عز وجل ليس بنافع واصنع لها عرسًا ولا تحوج إلى قاض عليك ولا وكيل رافع وقرعتن سني عند ذاك ندامة ما كنت لولا خدعت بقارع ولزمتني حتى انفصلت بموعد بعد اليمين إلى النهار الرابع فلو أنني طلقت كنت موفقًا ونفضت من ذاك النكاح أصابع لكن طمعت بأن أرى الحسن الذي زورن لي فذممت سوء مطامع فنظرت في أمر البناء معجلا وصنعت عرسًا يا لها من صانع وطمعت بأن تجلى ويبصر وجهها ويقر عيني بالهلال الطالع وظننت ذاك كما ذكرن ولم يكن وحصلت أيضًا في مقام الفازع وحملنني ليلًا إلى دار لها في موضع عن كل خير سامع دار خراب في مكان توحش ما بين آثار هناك بلاقع فقعدت في بيت صغير مظلم لا شيء فيه سوى حصير الجامع فسمعت حسًا عن شمالي منكرًا وتنحنحًا يحكى نقيق ضفادع وأشرن لي نجو السما وقلن لي هذي زويبعة وبنت زوابع هذي خليلتك التي زوجتها فاجلس هنا معها ليوم سابع وبتنا النعمى التي خولتها فلقد حصلت على رياض يانع فنظرت نحو خليلتي متأملا فوجدتها محجوبة ببراقع وأتيتها وأردت نزع خمارها فغدت تدافعني بجد وازع فوجلتها في صدرها وحذوته وكشفت هامتها بغيظ صارع فوجدتها قرعاء تحسب أنها مقروعة في رأسها بمقارع حولاء تنظر فوقها في ساقها فتخالها مبهوتة في الشارع فطساء تحسب أن روثة أنفها قطعت فلا شلت يمين القاطع صماء تدعى بالبريح وتارة بالطبل أو تؤتى لها بمقامع بكماء إن رامت كلاما صوتت تصويت معزى نحو جدي راضع فقماء إن تلتقي أسنانها تقسو إذا نطقت فساء الشابع حتى إذا لاح الصباح وفتحوا باب المدينة كنت أول كاسع والله مالي بعد ذاك بأمرها علم ولا بأمور بيتي الضايع نثره وفضل الناس نظمه على نثره ونحن نسلم ذلك من باب الكثرة لا من باب الإجادة. وهذه الرسالة معلمة بالشهادة بحول الله. |
كتب إلى الشيخين الفقيهين الأديبين البليغين أبي بكر بن يوسف بن الفخار وأبي القاسم خلف بن عبد العزيز القبتوري: لله دركما حليفي صفاء وأليفى وفاء يتنازعان كأس المودة تنازع الأكفاء ويتهاديان ريحان التحية بهادي الظرفاء. قسيمى نسب وقريعى حسب يتجاوزان بمطبوع من الأدب ومكتسب ويتواردان على علم من الظرف ونسب رضيعى لبان ذريعى لبان يحرزان ميراث قس وسحبان ويبرزان من الذكاء ما بان على أبان قسيمي مجال فصيحى روية وارتجال يترعان في أشطان البلاغة سجالًا بعد سجال ويصرعان في ميدان الفصاحة رجالًا على رجال. ما بالكما لا حرمت حبالكما ولا قصمت نبالكما لم تسمحا لي من عقودكما بدرء ولم ترشحاني من نقودكما بدرة ولم تفسحا لي بحلوة ولا مرة. لقد ابتليت من أدبكما بنهر أقربه ولا أشربه وما أراده ولا أتبرده. ولو كنت من أصحاب طالوت لا فسحت لي غرفة وأتيحت لي ترفة. بل لو كنت من الإبل ذوات الأظماء ما جليت بعد الظماء عن الماء. ولا دخلت بالإشفاق مدخل العجماء. كيف وأنا و لا فخر في صورة إنسان ناطق بلسان. أفرق بين الإساءة والإحسان. وإن قلت إن باعي في النظم قصير وما لي على النثر ولي ولا نصير وصنعة النحو عني بمعزل ومنزل الفقيه ليس لي بمنزل ولم أقدم على العلم القديم ولا استأثرت من أهله بنديم. فأنا والحمد لله غني بصنعة الجفر وأقتني اليراع كأنها شبابيك التبر وأبرى البرية المغا تنيف على الشبر وأزين خدود الأسطار المستوية بعقارب اللامات الملتوية ولا أقول كأنها فلا ينكر السيدان أعزهما الله أنها نعم بعود أزاعم وبمثل شكسى تحضر الملاحم. فما هذا الازدراء والاجتراء في هذا الأمر مر المواقير. تالله لقد ظلمتماني على علم واستندتما إلى غير حلم أما رهبتما شبابي أما رغبتما في حسابي أما رفعتما بين نفح صبابي ولفح صبابي. لعمري لقد ركبتما خطرًا وهجتما الأسد بطرًا وأبحتما حمى محتضرًا ولم تمعنا في هذا الأمر نظرًا. أعد نظرًا يا عبد قيس لعلما أضاءت لك النار الحمار المقيدا ونفسي عين الحمار في هذا المضمار لا أعرف قبيلا من دبير ولا أفرق بحسي بين صغير وكبير ولا أعهد أن حصاة الرمى أخف من ثبير أليس في ذوي كبد رطبة أجر وفي معاملة أهل التقوى والمغفرة تجر وإذا خولتماني نعمة أو نفلتماني نفلًا فاليد العليا خير من اليد السفلى وما نقص مال من صدقة ولا جمال من لمح حدقة والعلم يزيد بالإنفاق وكنمه حرام باتفاق فإن قلتما لي إن فهمك سقيم وعوجك على الرياضة لا يستقيم فلعل الذي نصب قامتي يمن باستقامتي وعسى الذي يشق سمعي وبصري أن يزيل عي وحصرى فأعي ما تقصان وأجتلي ما تنصان وأجني ثمار تلك الأغصان فقد شاهدتما كثيرًا من الحيوان يناغي فتتعلم ويلقن فيتكلم. هذا والجنس غير الجنس فكيف المشارك في نوعية الإنس فإن قلنا إن ذلك يشق فأين الحق الذي يحق والمشقة أخت المروة وينعكس مساق هذه الأخوة فيقال المروة أخت المروة وينعكس مساق هذه الأخوة فيقال المروة أخت المشقة والحجيج يصبر على بعد الشقة ولولا المشقة كثر السادة وقلت الحسادة فما ضشركما أيها السيدان أن تحسبا تحويجي وتكتسبا الأجر في تدريجي فإنكما إن فعلتما ذلك نسبت إلي ولايكما كما حسبت على علايكما وأضفت إلى نديكما كما عرفت بمنتداكما. ألم تعلما أن المرء يعرف بخليله ويقاس به في كثيره وقليله ولعلى أمتحن في مرام ويعجم عودي رام فيقول هذا العود من تلك الأعواد. وما في الحلبة من جواد فأكسو كما عارًا وأكون عليكما شعارًا. على أني إذا دعيت باسمكما استربت من الإدعاء فلا أستجيب لهذا الدعاء ولكن أقول كما قال ابن أبي سفيان حين عرف الإدارة وأنكر الإمارة نعم أخوتي أصح وأنها بها أشح إلا أن غيري نظم في المسلك وأسهم في الملك وأنا بينكما كالمحجوب بين طلاب يشاركهم في البكا لا في التراث إن حضرت فكنتم في الإقحام أو لمقعد في زحام وإن غبت فيقضى الأمر وقد سطر زيد وعمرو. ناشدتكما الله في الإنصاف أن تربعا بواد من أودية الشحر. في ناد من أندية الشعر بل السحر حيث تندرج الأنهار وتتأرج الأزهار ويتبرج الليل والنهار ويقرأ الطير صحفًا منتشرة ويجلو النور ثغورا مؤشرة يغازل عيون النرجس الوجل دود الورد الخجل. وتتمايل أعطاف البان على أرداف الكثبان فيرقد النسيم العليل في حجر الروض وهو بليل وتبرز هوادج الراح على الراح وقد هديت بأقمار وحديت بأزهار ومزمار وركبتها الصبا والكميت في ذلك المضمار ولم تزالا في طيب وعيش رطيب من قباب وخدور وشموس وبدور تصلان الليالي والأيام أعجازًا بصدور وأنا الطريد منبوذ بالعراء موقوذ في جهة الوراء لا يدني محلي ولا يعتني بعقدي ولا حلى ولا أدرج من الحرور إلى الظل ولا أخرج من الحرام إلى الحل ولا يبعث إلي مع النسيم هبة ولا يتاح لي من الآتي عبه. قد هلكت لغوًا ولم تقيما لي صفوًا ومت كمدًا ولم تبعثا لبعثي أمدًا. أتراه خلفتماني جرضًا وألقيتماني حرضًا كم أستسقى فلا أسقى وأسترقى فلا أرقى لا ماء أشربه ولا عمل في وصلكما أدربه. لم يبق لي حيلة إلا الدعاء المجاب فعسى الكرب أن ينجاب. اللهم كما أمددت هذين السيدين بالعلم الذي هو جمال وسددتهما إلى العمل الذي هو كمال وجمعت فيهما الفضايل والمكارم وختمت بهما الأفاضل والمكارم وجعلت الأدب الصريح أقل خصالهما والنظر الصحيح أقلب نصالهما فاجعل اللهم لي في قلوبهما رحمة وحنانًا وابسط لي منهما وجهًا واشرح لي جنانًا واجعلني اللهم ممن اقتدى بهما وتعلق بأهدابهما وكان دأبه في الصالحات كدأبهما حتى أكون بهما ثالث القمرين في الآيات وثالث العمرين في عمل البر وطول الحياة اللهم آمين وصلى الله على محمد خاتم النبيين. وكأني أنظر إلى سيدي أعزهما الله إذا وقفا على هذا الخطاب ونظرا إلى هذا الاحتطاب كيف يديران رمزًا ويسيران غمزًا ويقال استتب الفصال وتعاطى البيذق ما تفعل النصال وحن جذع ليس منهما وخذ عجفاءك وسمنها فأقول وطرفي غضيض ومحلي الحضيض مثلي كمثل الفروج أو ثاني البروج وما تقاس الأكف بالسروج فأضربا عني أيها الفاضلان ما أنا ممن تناضلان والسلام. مولده قال شيخنا الفقيه أبو عبد الله بن القاضي المتبحر العالم أبي عبد الله ابن عبد الملك سألته عن مولده فأنشدني: يا سايلي عن مولدي ك أذكره ولدت يوم سبعة وعشرة من المحرم افتتاح أربع من بعد ستماية مفسرة وفاته في التاسع عشر لرجب عام تسعة وتسعين وستماية ودفن بمقبرة فاس وأمر أن يكتب على قبره: زر غريبا بمقره نازحا ماله ول تركوه موسدًا بين ترب وجندل ولتقل عند قبره بلسان التدلل يرحم الله عبده مالك بن المرحل ومن طارئي المقريين والعلماء منصور بن علي بن عبد الله الزواوي صاحبنا يكنى أبا علي حاله هذا الرجل طرف في الخير والسلامة وحسن العهد والصون والطهارة والعفة قليل التصنع مؤثرر للاقتصاد منقبض عن الناس مكفوف اللسان واليد مشتغل بشأنه عاكف على ما يعنيه مستقيم الظاهر ساذج الباطن منصف في المذاكرة موجب لحق الخصم حريص على الإفادة والاستفادة مثار على تعلم العلم وتعليمه غير أنف عن حمله عمن دونهن جملة من جمل السذاجة والرجولة وحسن المعاملة صدر من صدور الطلبة له مشاركة حسنة في كثير من العلوم العقلية والنقلة واطلاع تقييد ونظر في الأصول والمنطق وعلم الكلام ودعوى في الحساب والهندسة والآلات. يكتب الشعر فلا يعدو الإجادة والسداد. قدم الأندلس في عام ثلاثة وخمسين وسبعماية فلقى رحبًا وعرف قدره فتقدم مقرئا بالمدرسة تحت جراية نبيهة وحلق للناس متكلمًا على الفروع الفقهية والتفسير. وتصدر للفتيا وحضر بالدار السلطانية مع مثله. جربت وصحبته فبلوت منه دينًا ونصفة وحسن عشرة. امتحن في هذا العهد الأخير بمطالبة شرعية لمتوقف صدر عنه لما جمع الفقهاء للنظر في ثبوت عقد على رجل نال من جانب الله والنبوة وشك في القول بتكفيره فقال القوم بإشراكه في التفكير ولطخه بالعاب الكبير إذ كان كثير المشاحة لجماعتهم فأجلت الحال عن صرفه عن الأندلس في أواخر شعبان عام خمسة وستين وسبعماية. مشيخته طلبت منه تقييد مشيخته فكتب مما يدل على جودة القريحة ما نصه: " يتفضل سيدي الأعلى الذي أهتدي بمصباحه وأعشو إلى غرره وأوضاحه جامع أشتات العلوم وفاتق الفهوم حامل راية البديع وصاحب آيات التورية فيه والترصيع نخبة البلغاء وفخر الجهابذة العلماء قايد جياد البلاغ من نواصيها وسايق شوارد الحكم من أقاصيها أبو عبد الله بن الخطيب أبقاه الله للقريض يقطف زهره ويجتني غرره وللبديع يطلع قمره وينظم درره وللأدب يحوك حلله ويجمع تفاصيله وجمله وللمعاني يجوس بجيوش البراعة خلالها ويفتتح بعوامل اليراعة أقفالها وللأسجاع يقرط الأسماع بفرايدها ويحلى النحور بقلايدها وللنظم يورد جياده أحلى الموارد ويجليها في مضمار البلاغة من غير معاند وللنثر يفترع أبكاره ويودعها أسراره ولساير العلوم يصوغها في مفرق الآداب تاجًا ويضعها في أسطر الطروس سراجا ولا زال ذا القلم الأعلى وبدر الوزارة الأوضح الأجلى ببقاء هذه الدولة المولوية والإمامة المحمدية كعبة لملوك الإسلام ومقصدًا للعلماء الأعلام. ورضي عنهم خلفًا وسلفًا وبورك لنا فيهم وسطًا وطرفًا ولا زالت آمالنا بعلايهم منوطة وفي جاههم العريض مبسوطة بقول ما نبه عليه من كتب شيوخى المشاهير إليه فها أنا أذكر ما تيسر لي من ذلك بالاختصار إذ لا تفي بذكرهم وحلاهم المجلدات الكبار. فمنهم مولاى الوالد علي بن عبد الله لقاه الله الروح والريحان وأوسعه الرضا والغفران. قرأت عليه القرآن وبعض ما يتعلق به من الإعراب والضبط. ثم بعثني إلى شيخنا المجتهد الإمام علم العلماء وقطب الفقها قدوة النظار وإمام الأمصار منصور بن أحمد المشدالي رحمه الله وقدس روحه فوجدته قد بلغ السن به غاية أوجبت جلوسه في داره إلا أنه يفيد بفوايده بعض زواره. فقرأت من أوائل ابن الحاجب عليه لإشارة والدي بذلك إله وذلك أول محرم عام سبعة وعشرين وسبعماية. واشتد الحصار ببجاية لسماعنا أن السلطان العبد الوادي ينزل علينا بنفسه فأمرني بالخروج رحمه الله فعاقني عايق عن الرجوع إله لأتمم قراءة ابن الحاجب عليه. ثم مات رحمه الله عام أحد وثلاثين وسبعماية فخص مصابه البلاد وعم ولف ساير الطلبة وضم إلا أنه ملأ بجاية وأنظارها بالعلوم النظرية وقساها وأنظارها بالفهوم النقلية والعقلية فصار من طلبته شيخنا المعظم ومفيدنا المقدم أبو عبد الله محمد بن يحيى الباهلي المعروف بالمفسر رحمه الله بالطريقة الحاجبية والكتابة الشرعية والأدبية مع فضل السن وتقرير حسن إلى معارف تحلاها ومحاسن اشتمل حلاها. واستمر في ذكر شيوخه على هذه الوتيرة من التزام السجع وتقرير الحلى فأجاد وتجاوز المعتاد فذكر منهم محمد بن يحيى الباهلي المذكور وأنه أخذ عنه جمله من العلوم فافرده بقراءة الإرشاد. والأستاذ أبا علي بن حسن البجلي وقرأ عليه جملة من الحاصل وجملة من المعالم الدينية والفقهية والكتب المنطقية كالخونجي والآيات البينات. والقاضي أبا عبد الله محمد بن أبي يوسف قاضي الجماعة ببجاية وأبا العباس أحمد بن عمران الساوي اليانيولي. قال ثم ثنيت العنان بتوجهي إلى تلمسان راغبًا في علوم العربية والفهوم الهندسية والحسابية فأول من لقيت شيخنا الذي علمت في الدنيا جلالته وإمامته وعرفت في أقاصي البلاد سيادته وزعامته وذكر رئيس الكتاب العالم الفاضل أبا محمد عبد المهيمن الحضرمي والمحدث البقية أبا العباس بن يربوع والقاضي أبا إسحق بن أبي يحيى وقرأ شيئًا من مبادئ العربية على الأستاذ أبي عبد الله الرندي. ولقى بالأندلس جلة. فممن قرأ عليه إمام الصنعة العربية شيخنا أبو عبد الله بن الفخار الشيهر بالبيري ولازمه إلى حين وفاته وكتب له بالإجازة والإذن له في التحليق بوضع قعوده من المدرسة بعده. وقاضى الجماعة الشريف أبو القاسم محمد بن أحمد الحسيني نسيج وحده ولازمه وأخذ عنه تواليفه وقرأ عليه تسهيل الفوايد لابن مالك وقيد عليه وروى عن شيخنا إمام البقية أبي البركات بن الحاج وعن الخطيب المحدث أبي جعفر الطنجالي. وهو الآن بالحال الموصوفة أعانه الله وأمتع به. شعره زرنا معًا والشيخ القاضي المتفنن أبو عبد الله المقري عند قدومه إلى الأندلس رباط العقاب. واستنشدت القاشي. وكتب لي يومئذ بخطه استنشدني الفقيه الوجيه الكامل ذو الوزارتين أبو عبد الله بن الخطيب أطال الله بقاه كما أطال ثناه وحفظ مهجته كما أحسن بهجته فأنشدته لنفسي: لما رأيناك بعد الشيب يا رجل لا تستقيم وأمر النفس تمتثل زدنا يقينا بما كنا نصدقه عند المشيب يشب الحرص والأمل وكان ذلك بمسجد رابطة العقاب عقب صلاة الظهر من يوم الأحد التاسع والعشرين لشهر ربيع الآخر من عام سبعة وخمسين وسبعماية. وكتب الشيخ الأستاذ أبو علي يقول: منصور بن علي الزواوي في رابطة العقاب في كذا أجزت صاحبنا الفقيه المعظم أبا عبد الله بن الخطيب وأولاده الثلاثة عبد الله ومحمدًا وعليًا أسعدهم الله جميع ما يجوز لي وعني روايته وأنشدته قولي أخاطب بعض أصحابنا: يحييك عن بعض المنازل صاحب صديق غدت تهدى إليك رسايله مقدمة حفظ الوداد وسيلة ولا ود إلا أن تصح وسائله يسايل عنك الدارين ولم يكن تغيب لبعد الدار عنك مسايله وكتبت له قبل هذا مما أنشدته عند قدومي على غرناطة: يا من وجدناه لفظا حقيقة في المعالي مقدمات علاكم أنتجن كل كمال وكل نظم قياس خلوت منه فخال وهو من لدن أزعج عن الأندلس كما تقدم ذكره مقيم بتلمسان على ما كان عليه من الإقراء والتدريس. مسلم بن سعيد التنملي حاله كان غير نبيه الأبوة. ظهر في دولة السلطان أمير المسلمين ثاني الملوك من بني نصر بمزيد كفاية فقلده خطة الجفازة وهي تعميم النظر في المجابي وضم الأموال وإيقاع النكير في محل التقصير ومظان الريب فنمت حاله وعظم جاهه ورهبت سطوته وخيف إيقاعه وقربت من السلطان وسيلته فتقدم الخدام واستوعب أطراف الحظوة واكتسب العقار وصاهر في نبيه البيوتات وأروث عنه أخبارا تشهد له بالجود علو الهمة وشرف النفس إلى أن قضى على هذه الوتيرة. ذكروا أن شخصًا جلب سلعة نفيسة مما يطمع في إخفايها حيدة عن وظيفة المغرم الباهظة في مثل جنسه فبينما هو يروم المحاولة إذ بصر بنبيه المركب والبزة ينفض في زوايا الفحص عن مثل مضطبنه فظنه رئيسًا من رؤساء الجند فقصده ورغب منه إجازة خبيئته بباب المدينة وقرر لتخوفه من ظلم الحافز الكذا مسلم فأخذها منه وخبأها تحت ثيابه ووكل به. ولم يذهب المسكين إلا يسيرًا حتى سأل عن الرجل فأخبر أنه الذي فر عنه. فسقط قي يده. ثم تحامل فألقاه ينظره في داخل السور فدفع إليه أمانته وقال سر في حفظ الله فقد عصمها الله من ذلك الرجل الظالم فخجل الرجل وانصرف متعجبًا. وأخباره في السراوة ونجح الوسيلة. كثيرة. وفاته توفي في عام ثمانية وتسعين وستماية وشهد أميره دفنه وكان قد أسف ولي العهد بأمور صانعه فيها من باب خدمة والده. فكان يتلمظ لنكبته ونصب لثاته لأكله. فعاجله الحمام قبل إيقاع نقمته به. ولما تصير إليه الأمر نبش قبره وأخرج شلوه فأحرق بالنار إغراقًا في شهوة التشفي رحمة الله عليه. ومن العمال الأثراء مؤمل مولى باديس بن حبوس حاله ومحنته قال ابن الصيرفي وقد ذكر عبد الله بن بلقين حفيد باديس واستشارته عن أمره لما بلغه حركة يوسف بن تاشفين إلى خلعه. وكان في الجملة من أحبابه رجل من عبيد جده اسمه مؤمل وله سن وعنده دهاء وفطنة ورأى ونظر. وقال في موضع آخر ولم يكن في وزراء مملكته وأحبار دولته أصيل الرأي جزل الكلمة إلا ابن أبي خيثمة من كتبته ومؤمل من عبيد جده وجعفر من فتيانه. رجع قال: فألطف له مؤمل في القول وأعلمه برفق وحسن أدب أن ذلك غير صواب وأشار إليه بالخروج إلى أمير المسلمين إذا قرب والتطارح عليه فإنه لا تمكنه مدافعته ولا تطاق حربه والاستجداء له. أحمد عاقبة وأيمن مغبة. وتابعه على ذلك نظراؤه من أهل السن والحنكة ودافع في صد رأيه الغلمة والأغمار فاستشاط غيظًا على مؤمل ومن نحا نحوه وهم بهم فخرجوا وقد سل بهم فرقًا منه. فلما جنهم الليل فروا إلى لوشة وبها من أبناء عبيد باديس قايدها فملكوها وثاروا فيها بدعوة أمير المسلمين يوسف بن تاشفين وبادر مؤمل بالخطاب إلى أمير المسلمين المذكور وقد كان سفر إليه عن سلطانه فأعجبه عقلًا ونبلًا فاهتز إليه وكان أقوى الأسباب على حركته. وبادر حفيد باديس الأمر فأشخص الجيش لنظر صهره فتغلب علهم وسيق مؤمل ومن كان معه شر سوق في الحديد وأركبوا على دواب هجن وكشفت رؤوسهم وأردف وراء كل رجل من يصفعه. وتقدم الأمر في نصب الجذوع وإحضار الرماة. وتلطف جعفر في أمرهم. وقال للأمير عبد الله إن قتلهم الآن أطفأت غضبك وأذهبت ملكك. فاستخرج المال وأنت من وراء الانتقام فثقفهم وأطمعوا في أنفسهم ريثما شغله الأمر وأنفذ إليه يوسف بن تاشفين في حل اعتقالهم فلم تسعه مخالفته وأطلقهم. ولما ملك غرناطة على تفيئة تلك الحال قدم مؤملًا على مستخلصه وجعل بيده مفاتيح قصره فنال ما شاء من مال وحظوة واقتنى ما أراد من صامت وذخيرة. ونسبت إليه بغرناطة آثار منها السقاية بباب الفخارين والحوز المعروف بحوز مؤمل أدركتها وهي بحالها. وفاته قال ابن الصيرفي وفي ربيع الأول من هذا العام وهو عام اثنين وتسعين وأربعماية توفي بغرناطة مؤمل مولى باديس بن جبوس عبد أمير المسلمين وجابي مستخلصه وكان له دهاء وصبر ولم يكن بقارئ ولا كاتب. رزقه الله عند أمير المسلمين أيام حياته منزلة لطيفة ودرجة رفيعة. ولما أشرف على المنية أحضر ما كان عنده من مال المستخلص وأشهد الحاضرين على دفعه إلى من استوثقه على حمله. ثم أبرأ جميع عماله وكتابه. وأنفذ رجلًا من صنايعه إلى أمير المسلمين بجملة من مال نفسه يريه أن ذلك جميع ما اكتسبه في دولته أيام خدمته وأن بيت المال أولى به ورغب في ستر أهله وولده. فلما وصل إليه أظهر الأسف عليه وأمضى تقديم صنيعته. ثم ذكر ما كشف البحث عنه من محتجنه وشقاء من خلفه بسببه وعدد مالًا حرف النون الملوك والأمراء نصر بن عقيل الحزرجي الأنصاري نصر بن محمد بن يوسف بن نصر بن أحمد بن محمد بن خميس بن عقيل الحزرجي الأنصاري أمير المسلمين بالأندلس بعد أبيه وجده وأخيه. يكنى أبا الجيوش وقد تقدم من أولية هؤلاء الملوك ما يغنى عن الإعادة. حاله من كتاب طرفة العصر في أخبار الملوك من بني نصر من تصنيفنا. قال: كان فتى يملأ العيون حسنًا وتمام صورة دمث الأخلاق لين العريكة عفيفًا مجبولًا على طلب الهدنة وحب الخير مغمد السيف قليل الشر نافرًا للبطر وإراقة الدماء محبا في العلم وأهله آخذًا من صناعة التعليل بحظ رغيب يخط التقاويم الصحيحة ويصنع الآلات الطريفة بيده اختص في ذلك الشيخ الإمام أبا عبد الله بن الرقام وحيد عصره. فجاء واحد دهره ظرفًا وإحكامًا. وكان حسن العهد كثير الوفاء. حمله الوفاء على اللجاج في وزيره المطلوب بعزله على الاستهداف للخلع. تقدم يوم خلع أخيه وهو يوم عيد الفطر من عام ثمانية وسبعماية وسنه ثلاث وعشرون سنة فكان من تمام الخلق وجمال الصورة والتأنق في ملوكي اللباس آية من آيات الله خالقه. واقتدى برسوم أبيه وأخيه وأجرى الألقاب والعوايد لأول دوالته وكانت أيامه كما شاء الله أيام محس مستمر شملت المسلمين فيها الأزمة وأحاط بهم الذعر وكلب العدو. وسيمر من ذالك ما فيه كفاية. وكان فتى أي فتى لو ساعده الجد. والأمر لله من قبل ومن بعد. وزراء دولته وزر له مقيم أمره ومحكم التدبير على أخيه أبو بكر عتيق بن محمد ابن المول. وبيت بني مولى بقرطبة بيت له ذكر وأصالة. ولما تغلب عليها ابن هود اختفى بها أبوه أيامًا عدة. ولما تملكها السلطان الغالب بالله تلك البرهة خرج إليه وصحبه إلى غرناطة فاتصلت قرباه بعقده على بنت للرئيس أبي جعفر المعروف بالعجلب ابن عم السلطان. واشتد عضده. ثم تأكدت القربى بعقد مول أخي هذا الوزير على بنت الرئيس ألي الوليد أخت الرئيس ألي سعيد منجب هؤلاء الملوك الكرام فقام بأمره واضطلع بأعباء سلطانه إلى أن كان من تغلب أهل الدولة عليه وإخافة سلطانه منه ما أوجب صرفه إلى المغرب في غرض الرسالة وأشير عليه في طريقه بإقامته بالمغرب فكان صرفًا حسنًا. وتولى الوزارة محمد بن علي بن عبد الله بن الحاد المسير لخلعه واجتثاث أصله وفرعه وكان خبًا داهية أعلم الناس بأخبار الروم وسرهم وآثارهم. فحدثت بين السلطان وبين أهل حضرته الوحشة بسببه. قضاته أقر على خطة القضاء بحضرته قاضي أخيه الشيخ الفقيه أبا جعفر القرشي المنبز بابن فركون وقد تقدم التعريف به مستوفى بحول الله. كتابه شيخنا الصدر الوجيه نسيج وحده أبو الحسن علي بن محمد بن سليمن بن الجياب إلى آخر مدته. من كان على عهده من الملوك بالمغرب السلطان أبو الربيع سليمن بن عبد الله بن أبي يعقوب يوسف بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق تصير الأمر إليه بعد وفاة أخيه السلطان أبي ثابت عامر بأحواز طنجة في صفر عام ثمانية وسبع ماية وكان مشكورًا مبخت الولاية. وفي دولته عادت سبتة إلى الإيالة المرينية ثم توفي بتازى في مستهل رجب من عام عشرة وسبعماية. وتولى الملك بعده عم أبيه السلطان الجليل الكبير خدن العافية وولى السلامة وممهد الدولة أبو سعيد عثمن بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق. واستمرت ولايته إلى تام أيام هذا الأمير وكثيرًا من أيام من بعده. وقد تقدم من ذكر السلطان أبي يوسف في اسم من تقدم من الملوك ما فيه كفاية. وبتلمسان الأمير أبو حمو موسى بن عثمن بن يغمراسن سلطان بني عبد الواد مذلل الصقع والمثل الساير في الحزم والتيقظ وصلابة الوجه زعموا وإحكام القحة والإغراب في خبث السيرة. واستمرت ولايته إلى عام ثمانية عشر وسبعماية إلى أن سطا به ولده عبد الرحمن أبو تاشفين. وبتونس الأمير الخليفة أبو عبد الله محمد بن الواثق يحيى بن المستنصر محمد بن الأمير أبي زكريا بن أبي حفص. ثم توفي في ربيع الآخر عام تسع وسبع ماية. فولي الأمر قريبه الأمير أبو بكر بن عبد الرحمن ابن الأمير أبي زكريا ابن الأمير أبي إسحق بن الأمير أبي زكريا بن عبد الواحد بن أبي حفص. ونهض إليه من بجاية قريبه السلطان أبو البقاء خالد ابن الأمير أبي زكريا ابن الأمير أبي إسحق ابن الأمير أبي زكريا بن عبد الواحد بن أبي حفص فالتقيا بأرض تونس فهزم أبو بكر ونجا بنفسه فدخل بستانًا لبعض أهل الخدمة مختفيًا فيه فسعى به إلى أبي البقاء فجيء به إليه فأمر بعض القرابة بقتله صبرًا نفعه الله. وتم الأمر لأبي البقاء في رابع جمادى الأولى منه إلى أن وفد الشيخ المعظم أبو يحيى زكريا الشهير باللحياني قافلًا من بلاد المشرق وهو كبير آل أبي حفص نسبًا وقدرًا فأقام بإطرابلس وأنقذ إلى تونس خاصته الشيخ الفقيه أبا عبد الله المردوري محاربًالأبي البقاء وطالبًا للأمر. فتم الأمر وخلع أبو البقاء تاسع جمادى الأولى عام أحد عشر وسبعماية. وتم الأمر للشيخ أبي يحيى واعتقل أبو البقاء فلم يزل معتقلًا إلى أن توفي في شوال عام ثلاثة عشر وسبعماية ودفن بالجبانة المعروفة لهم بالزلاج فضريحه فيما تعرفنا بإزاء ضريح قتيله المظلوم أبي بكر لا فاصل بينهما. وعند الله تجتمع الخصوم. واتصلت أيام الأمير أبي يحيى إلى أن انقرضت مدة الأمير أبي الجيوش. وقد تضمن الإلماع بذلك الرجز المسمى بقطع السلوك من نظمي. فمن ذلك فيما يختص بملوك المغرب قولي في ذكر السلطان أبي يعقوب: ثم تقضى معظم الزمان مواصلًا حصر بني زيان حتى أتى أهل تلمسان الفرج ونشقوا من جانب اللطف الأرج وابن ابنه وهو المسمى عامرًا أصبح بعد ناهيًا وآمرًا وكان ليثًا دامي المخالب تغلب الأمر بجد غالب أباح بالسيف نفوسًا عدة فلم تطل في الملك منه العدة ومات حتف أنفه واخترما ثم سليمان عليها قدما أبو الربيع دهره ربيع يثنى على سيرته الجميع حتى إذا الملك سليمان قضىتصير الملك لعثمن الرضا فلاح نور السعد فيها وأضا وسنى العهد الذي كان مضا وفيما يختص ببنى زيان بعد ذكر أبي زيان: حتى إذا استوفى زمان سعده قام أبو حمو بها من بعده وهو الذي سطا عليه ولده حتى انتهى على يديه أمده وفيما يختص بآل أبي حفص بعد ذكر جملة منهم: ثم الشهيد الأمير خالد هيهات ما في الدهر حي خالد وزكريا بها بعد ثوا ثم نسوا الرحلة عنها والتوا ومن ملوك النصارى بقشتاله: هرانده بن شانجه بن ألهنشه بن هراتده بن شانجه. ونازل على عهده الجزيرة الخضراء ثم أقلع عنها عن ضريبة وشروط ثم نازل في أخريات أمره حصن القذاق وأدركه ألم الموت بظاهره فاحتمل من المحلة إلى جيان وبقيت المحلة منيخة على الحصن إلى أن تملك بعد موت الطاغية بأيام ثلاثة كتموا فيها موته. ولسبب هلاكه حكاية ظريفة تضمنتها طرفة العصر في تاريخ دولة بني نصر. وقام بعده بأمر النصرانية ولده ألهنشه واستمرت أيامه إلى عام خمسين وسبعماية. بعض الأحداث في أيامه نازل على أول أمره طاغية قشتالة الجزيرة الخضراء في الحادي والعشرين من عام تسعة وسبعماية وأقام عليها إلى أخريات شعبان من العام المذكور وأقلع عنها بعد ظهوره على الجبل وفوز قداحه به. ونازل صاحب برجلونة مدينة ألمرية غرة ربيع الأول من هذا العام وأخذ بمخنقها وتفرقت الظبا على الخراش ووقعت على جيش المسلمين الناهد إليه وقيعة كبيرة واستمرت المطاولة إلى أخريات شعبان ونفس الله الحصر وفرج الكرب. وما كاد أهل الأندلس يستنشقون ريح العافية حتى نشأ نجم الفتنة ونشأت ريح الخلاف واستفسد وزير الدولة ضمائر أهلها واستهدف إلى رعيتها بإيثار النصارى والصاغية إلى العدو وأظهر الريس ابن عم الأب صاحب مالقة أبو سعيد فرج ابن إسماعيل صنو الغالب بالله ابن نصر الامتساك بما كان بيده والدعاء لنفسه وقدم ولده الدايل إلى طلب الملك. وثار أهل غرناطة يوم الخامس والعشرين لرمضان من العام وأعلن منهم من أعلن بالخلاف ثم خانهم التدبير وخبطوا العشواء ونزل الحشم فلاذ الناس منهم بديارهم وبرز السلطان إلى باب القلعة متقدمًا بالعفة عن الناس وفر الحاسرون عن القناع فلحقوا بالسلطان أبي الوليد بمالقة فاستنهضوه إلى الحركة وقصد الحضرة فأجابهم وتحرك فأطاعته الحصون بطريقة واحتل خارج غرناطة صبيحة يوم الخميس السابع والعشرين لشوال منه فابتدره الناس من صايح ومشير بثوبه ومتطارح بنفسه. فدخل البلد من ناحية ربض البيازين واستقر بالقصبة كما تقدم في اسمه. وفي ظهر يوم السبت التاسع والعشرين من الشهر نزل الحمراء دار المللك وانفصل السلطان المترجم به موفى له شرط عقده من انتقاله إلى وادي آش مستبدًا بها وتعيين مال مخصوص وغير ذلك. ورحل ليلة الثلاثاء الثالث لذي قعدة من العام. واستمرت الحال بين حرب ومهادنة وجرت بسبب ذلك أمور صعبة إلى حين وفاته. رحمه الله. ولد في رمضان عام ستة وثمانين وست ماية. وكانت سنة ستًا وثلاثين سنة وثلاثة أشهر ودولته الجامعة خمس سنين وشهرًا واحدًا ومقامه بوادي أش تسعة أعوم وثلاثة أيام. وفاته توفي رحمه الله ليلة الأربعاء سادس ذي قعدة من عام اثنين وعشرين وسبعماية بوادي آش ودفن بجامع القصبة منها ثم نقل في أوايل ذي الحجة منه إلى الحضرة فكان وصوله يوم الخميس السادس منه وبرز إليه السلطان والجمع الكثير من الناس ووضع سريره بالمصلى العيدي وصلى عليه إثر صلاة العصر ودفن بمقبرة سلفه بالسبيكة وكان يومًا من الأيام المشهودة وعلى قبره مكتوب في الرخام: هذا قبر السلطان المرفع المقدار الكريم البيت العظيم النجار سلالة الملوك الأعلام الأخيار الصريح النسب في صميم الأنصار الملك الأوحد الذي له السلف العالي المنار في الملك المنيع الذمار رابع ملوك بني نصر أنصار دين المصطفى المختار المجاهدين في سبيل الملك الغفار الباذلين في رضاه كرايم الأموال ونفايس الأعمار. المعظم المقدس المرحوم أبي الجيوش نصر ابن السلطان الأعلى الهمام الأسمى المجاهد الأحمى الملك العادل الطاهر الشمايل ناصر دين الإسلام ومبيد عبدة الأصنام المؤيد المنصور المقدس المرحوم أمير المسلمين أبي عبد الله بن السلطان الجليل. الملك الشهير مؤسس قواعد الملك على التقوى والرضوان وحافظ كلمة الإسلام وناصر دين الإيمان الغالب بالله المنصور بفضل الله المقدس المرحوم أمير المسلمين أبي عبد الله بن نصر تغمده الله برحمته وغفرانه وبوأه منازل إحسانه وكتبه في أهل رضوانه. وكان مولده في يوم الاثنين الرابع والعشرين لشهر رمضان المعظم عام ستة وثمانين وستماية. |
وبويع يوم الجمعة غرة شوال عام ثمانية وسبعماية وتوفي رحمه الله ليلة يوم الأربعاء السادس لشهر ذي قعدة عام اثنين وعشرين وسبعماية فسبحان الملك الحق المبين وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. وفي جهة: يا قبر جاد ثراك صوب غمام يهمى عليك برحمة وسلام بوركت لحدًا فيه أي وديعة ملك كريم من نجار كرام ماشيت من حلم ومن خلق رضي وزكاه أعراق ومجد سام فاسعد بنصر رابع الأملاك من أبناء نصر ناصر الإسلام من خزرج الفخر الذين مقامهم في نصر خير الخلق خير مقام يا أيها المولى المؤسس بيته في معدن الأحساب والأحلام عجلت على ذاك الجمال فغادرت ربع المحاسن طامس الأعلام فمحى الردى من حسن وجهك آية نحو النهار لسدفة الإظلام ما كنت إلا بدر تم باهرًا أخنى الخسوف عليك عند تمام فعلى ضريح أبي الجيوش تحية كالمسك عرفا عند فض ختام وتغمدته رحمة الله التي ترضيه من عدن بدار مقام ومن الأعيان والوزراء نصر بن إبراهيم بن أبي الفتح الفهري يكنى أبا الفتح أصلهم من حصن أريول من عمل مرسية ولهم في الدولة النصرية مزية خصوا لها بأعظم رتب القيادة واستعمل بعضهم في ولاية السلطان. حاله نقلت من خط شيخنا أب يبكر بن شبرين. قال: وفي السادس عشر لذي قعدة منه يعني عام عشرة وسبعماية توفي بغرناطة القايد المبارك أبو الفتح أحد الولاة والأعيان الذاكرين لله تعإلى أولى النزاهة والوفاء. نصر بن إبراهيم بن نصر الفهري نصر بن إبراهيم بن أبي الفتح بن نصرين إبراهيم بن نصر الفهري يكنى أبا الفتح حفيد المذكور معه في هذا الباب حاله من كتاب طرفة العصر: نسيج وحده في الخير والعفاف ولين العريكة ودماثة الأخلاق إلى بعد الهمة وجمال الأبهة وضخامة التجند واستجادة المركب والعدة وارتباط العبادة استعان على ذلك بالنعمة العريضة بين منادية إليه بميراث ومكتسب من جراء المتغلب على الدولة صهره ابن المحروق معياشة لبنته. ونمت حال هذا الشهم النجد وشمخت رتبته حتى خطب للوزارة في أخريات أيامه وعاق عن تمام المراد به إلحاح السقم على بدنه وملازمة الضنا لجثمانه فمضى لسبيله عزيز الفقد عند الخاصة ذائع الثنا نقي العرض صدرًا في الولاة. وعلمًا في القواد الحماة. وفاته توفي بغرناطة ليلة الجمعة الثامن والعشرين لجمادى الآخرة عام خمسة وأربعين وسبعماية. وكانت جنازته أخذة نهاية الاحتفال ركب إليها السلطان ووقف بإزاء لحده إلى أن وورى تنويهًا بقدره وإشادة ببقاء الحرمة على خلفه. وحمل سريره الجملة من فرسانه وأبناء نعمته. ومن الكتاب والشعراء نزهون بنت القليعي قال ابن الأبار وهو فيما أحسب أبو بكر محمد بن أحمد بن خلف ابن عبد الملك بن غالب الغساني غرناطية. حالها كانت أديبة شاعرة سريعة الجواب صاحبة فكاهة ودعابة. وقد جرى شيء من ذلك في اسم أبي بكر بن قزمان والمخزومي الأعمى. وأبي بكر بن سعيد. شعرها دخل الأديب أبو بكر الكتندي الشاعر وهي تقرأ على المخزومي الأعمى فلما نظر إليها قال أجز يا أستاذ: لو كنت تبصر من تكلمه. فأفحم المخزومي زامعًا فقالت: لغوت أخرس من خلاخله ثم زادت: إليه البدر يطلع من أزرته والغصن يمرح في غلايله ولاخفاء ببراعة هذه الإجازة ورفاعة هذا الأدب. يا من له ألف خل من عاشق وعشيق أراك خليت للنا - س سد ذاك الطريق فأجابته بقولها: حللت أبا بكر محلًا منعته سواك وهل غير الرفيع له صدري وإن كان لي كم من حبيب فإنما يقدم أهل الحق فضل أبي بكر وهذه غاية في الحسن بعيدة. ومحاسنها شهيرة وكانت من غرر المفاخر الغرناطية. حرف الصاد من الأعيان والوزراء ذي الجوشن الضبابي الكلبي الصميل بن حاتم بن عمر بن جذع بن شمر بن ذي الجوشن الضبابي الكلبي وهو من أشراف عرب الكوفة. قال صاحب الكتاب الخزايني جده أحد قتلة الحسين بن علي الذي قام برأسه على يزيد بن معاوية. فلما قام المختار ثايرًا بالحسين فرعنه شمر ولحق بالشام فأقام بها في عز ومنعة. ولما خرج كلثوم بن عياض غازيًا إلى المغرب كان الصميل ممن ضرب عليه البعث في أشراف أهل الشام. ودخل الأندلس فيطالعة بلج بن بشر القشيري فشرف ببدنه إلى شرف تقدم له. ورد ابن حيان هذا وقال في كتاب بهجة الأنفس وروضة الأنس كان الصميل بن حاتم هذا جده شمر قاتل الحسين رضي الله عنه من أهل الكوفة فلما قتله تمكن منه المختار فقتله وهدم داره فارتحل ولده من الكوفة فرأس بالأندلس وفاق أقرانه بالنجدة والسخاء. حاله قال كان شجاعًا نجدًا جواد كريمًا إلا إنه كان رجلًا أميًا لا يقرأ ولا يكتب وكان له في قلب الدول وتدبير الحروب أخبار مشهورة. من أخباره. حكى ابن القوطية قال مر الصميل بمعلم يتلو " وتلك الأيام نداولها بين الناس ". فوقف يسمع ونادى بالمعلم يا هناه كذا نزلت هذه الآية فقال نعم فقال أرى والله سيشركنا في هذا الأمر العبيد والأراذل والسفلة. : قال كان أبو الأجرب الشاعر وقفًا على أمداح الصميل وهو القايل: بني لك حاتم بيتًا رفيعا رأيناه على عمد طوال وقد كان ابتنى شمر وعمرو بيوتًا غير ضاحية الظلال فأنت ابن الأكارم من معد تعتلج الأباطح والرمال وقارضه بإجزاله لعطايه وانتمائه في ثوابه بأن أغلظ القسم على نفسه بأن لا يراه إلا أعطاه ما حضره فكان أبو الأجرب قد اعتمد اجتنابه في اللقاء حياء منه وإبقاء على ماله فكان لا يزوره إلا في العيدين قاضيًا لحقه. وقد لقيه يومًا مواجهة ببعض الطريق والصميل راكب ومعه ابناه فلم يحضره ما يعطيه فأرجل أحد أبنية وأعطاه دابته فضرب في صنعه وفيه يقول من قصيدة: دون الصميل شريعة مورودة لا يستطيع لها العدو ورودا فت الورى وجمعت أشتات العلا وحويت مجدًا لا ينال وجودا فإذا هلكت فلا تحمل فارس سيفا ولا حمل النساء وليدا وكان صاحب أمره ولاه الأندلس قبل الأمويين لهم الأسماء وله معنى الإمرة وكان مظفر الحروب سديد الرأي شهير الموقف عظيم الصبر. وأوقع باليمانية وقايع كثيرة منها وقيعة أنفته قال: وكان أبيًا للضيم محاميًا عن العشيرة كلم أبا الخطار الأمير في رجل من قومه انتصر به فأفجمه ورد عليه فأمر به فتمتع ومالت عمامته. فلما خرج قال له بعض من على باب الأمير يا أبا الجوشن ما بال عمامتك مايلة فقال إن كان لي قوم فسيقيمونها وخرج من ليلته فأفسد ملكه. وفاؤه وخبر وفائه مشهور فيما كان من جوابه لرسولي عبد الرحمن ابن معاوية إليه بما قطع به رجاء الهوادة في أمر أميره يوسف بن عبد الرحمن الفهري والتستر مع ذلك عليهما فلينظر في كتاب المقتبس. دخوله غرناطة ولما صار الأمر إلى عبد الرحمن بن معاوية صقر بني أمية وقهر الأمير يوسف الفهري ووزيره الصميل إذ عزله الناس ورجع معه يوسف الفهري والصميل إلى قرطبة. ولم يلبثا أن نكثا ولحقا فحص غرناطة ونازلهما الأمير عبد الرحمن بن معاوية في خبر طويل واستنزلهما عن عهد وعاد الجميع إلى قرطبة وكان يوسف والصميل يركبان إلى القصر كل جمعة إلى ا مضيا لسبيلهما. وكان عبد الرحمن بن معاوية يسترجع. ويقول ما رأيت مثله رجلًا. لقد صحبني من إلبيرة إلى قرطبة فما مست ركبتي ركبته ولا خرجت دابته عن دابتي. ومن الكتاب والشعراء صفوان بن إدريس التجيبي صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عيسى بن إدريس التجيبي من أهل مرسية يكنى أبا بجر. حاله كان أديبًا حسيبًا جليلًا أصيلًا ممتعًا من الظرف ريان من الأدب حافظًا حسن الخط سريع البديهة ترف النشأة على تصاون وعفاف جميلًا سريًا سمحًا ذكيًا مليح العشرة طيب النفس ممن تساوى حظه في النظم والنثر على تباين الناس في ذلك. مشيخته روى عن أبيه وخاله ابن عم أبيه القاضي أبي القاسم بن إدريس وأبي بكر بن مغاور وأبي الحسن بن القايم وأبي رجال بن غلبون وأبي عبد الله بن حميد وأبي العباس بن مضاء وأبي القاسم بن حبيش وأبي محمد الحجري وابن حوط الله وأبي الوليد بن رشد. وأجاز له أبو القاسم ابن بشكوال. من روى عنه: أبو إسحق اليابري وأبو الربيع بن سالم وأبو عبد الله ابن أبي البقاء وأبو عمر بن سالم ومحمد بن محمد بن عيشون. تواليفه له تواليف أدبية منها: زاد المسافر وكتاب الرحلة وكتاب العجالة سفران يتضمنان من نظمه ونثره أدبًا لا كفاء له. وانفرد من تأبين الحسين رضي الله عنه وبكاء أهل البيت. بما ظهرت عليه بركته في حكايات كثيرة. شعره ثبت من ذلك في العجالة قوله: جاد الزمان بأنه الجرعاء توقان من دمعي وغيث سماء فالدمع يقضى عندها حق الهوى والغيم حق البانة الغيناء خلت الصدور من القلوب كما خلت تلك المقاصر من مهي وظباء ولقد أقول لصاحبي وإنما ذخر الصديق لأمجد الأشياء يا صاحبي ولا أقل إذا أنا ناديت من إن تصغيا لنداء أفديه من أنس تصرم فانقض فكأنه قد كان في الإغفاء لم يبق منه غير ذكر أو منى وكلاهما سبب لطول عناء أو رقعة من صاحب هي تحفة إن الرقاع لتحفة النبهاء كبطاقة الوسمي إذ حيا بها إن الكتاب تحية الظرفاء وهي طويلة. وقال مراجعًا عن كتاب أيضًا: ألا سمح الزمان به كتابا ذرى بوروده أنسى قبابا فلا أدري أكان تحت وعد دعا بهما لبرئي فاستجابا وقد ظفرت يدي بالغنم منه فليت الدهر سني لي إيابا فلو لم أستفد شيئًا سواه قنعت يمثله علقًا لبابا إذا أحرزت هذا في اغترابي فدعني بمثله علقًا لبابا رجمت بأنه شيطان همي فهل وجهت طرسًا أم شهابا رشقت به رضاب الود عذبًا يذكرني شمايلك العذابا وكدت أجر أذيالي نشاطًا ولكن خلت قولهم تصابا فضضت ختامه عنى كأني فتحت بفضه للروض بابا وكنت أصونه في القلب لكن خشيت عليه أن يفنى التهابا ولو أن الليالي سامحتني لكنت على كتابكم الجوابا فأبلى عندكم بالشكر عذرا وأجزل من ثنايكم الثوابا ولكن الليالي قيدتني وقيدت غرضي إلا الخطايا فما تلقاني الأحباب إلا سلامًا أو مناما أو كتابا لأمر ما يقص الدهر رشي لأن السهم مهما ريش صابا وعاذلة تقول ولست أصغي ولو أصغيت لم أرفع جوابا تخوفني الدواهي وهي عندي أقل من أن أضيق بها جنابا إذا طرقت أعد لها قراها وقارًا واحتسابًا واصطبارا وما مثلي يخوف بالدواهي عرين الليث لا يخشى الذبابا تعاتبني فلا يرتد طرفي وهل تسترقص الريح الهضابا ولو أن العتاب يفيد شيئًا ملأت مسامع الدنيا عتابا وقد وصيتها بالصمت عني فما صمتت ولا قالت صوابا تعنفني على تركي بلادًا عهدت بها القرارة والشبابا فقلت وهل يضر السيف فل إذا قط الجماجم والرقبا بخوض الهول تكتسب المعالي يحل السهل من ركب الصعاب فليت الغاب يفترس الأناسي وليث البيت يفترس الذبابا ولو كان انقضاض الطير سهلًا لكانت كل طائرة عقابا دعيني والنهار أسير فيه أسير عزايم تفرى الصلابا أغازل من غزالته فتاة تبيض فودها هرمًا وشبابا إذا شاءت مواصلتي تجلت وإن ملت توارت لي احتجابا وأسري الليل لا ألوي عنانا ولو نيل الأماني لما أصابا أطارح من كواكبه كماما وأزجر من دجنته غرابا وأركب شهبًا غيرًا كباعي وخضرًا مثل خاطري انسيابا وآخذ من بنات الدهر حقي جهاز البيت استلب استلابا ولست أذيل بالمدح القوافي ولا أرضى بخطتها اكتسابا أأمدح من به أهجو مديحي إذا طيبت بالمسك الكلاما سأخزنها عن الأسماع حتى أرد الصمت بينهما حجابا أبا موسى وإني أخى وداد أناجي لو سمعت إذا أجابا ولكن دون ذلك مهمة لو طوته الريح لم ترج الإيابا أخى بر المودة كل بر إذا بر الأشقة الانتسابا بعثت إليك من نظمى بدر شققت عليه من فكري عبابا عداني الدهر إن يلقاك شخصي فأغني الشعر عن شخصي ونابا وقال في الغرض الذي نظم فيه الرصافي من وصف بلده وذكر إخوانه ومعاهده مساجلًا في العروض والروى عقب رسالة سماها رسالة طراد الجياد في الميدان وتنازع اللدان والإخوان في تنفيق مرسية على غيرها من البلدان. هل رسول البرق يغتنم الأجرا فينشر عني ماء غيرته نثرًا معاملة أربو بها غير مذنب فأقضيه دمع العين من نقطة بحرًا ليسقني من تدمير قطرا محببًا يقر بعين القطر أن تشرب القطرا ويقرضه ذوب اللجين وإنما توفيه عيني من مدامعها تبرا وما ذاك تقصيرًا بها غير أنه سجية ماء البحر أن يذوي الزهرا خليلي قوما فأحبسا طرق الصبا مخافة أن تحمى بزفرتي الحرا خليلي أعني أرض مرسية المنا ولولا توخي الصدق سميتها الكبرا محلي بل جوى الذي عبقت به نواسم آدابي معطرة نشرا ووكري الذي منه درجت فليتني فجعت بريش العزم كي ألزم الوكرا وما روضة الخضراء قد شلت بها مجرتها نهرًا وأنجمها زهرا بأبهج منها والخليج مجرة وقد فضحت أزهار ساحتها الزهرا وقد أسكرت أزهار أغصانها الصبا وما كنت أعتد الصبا قبلها خمرا هنالك بين الغصن والقطر والصبا وزهر الربى ولدت آدابي الغرا إذا نظم الغصن الحيا قال خاطري تعلم نظام النثر من ها هنا شعرا وإن نثرت ريح الصبا زهر الربى تعلمت حل الشعر أسبكه نثرا فوايد أسحار هناك اقتبستها ولم أر روضًا غيره يقررئ السحرا كأن هزيز الريح يمدح روضها فتملأ فاه من أزاهرها درًا أيارنقات الحسن هل فيك نظرة من الجرف الأعلى إلى السكة الغرا فأنظر من هذي لتلك كأنما أغير إذ غازلتها أختها الأخرا هي الكاعب الحسناء تمم حسنها وقدت لها أوراقها حللًا خضرا وقامت بعرس الأنس قينة أيكة أغاريدها تسترقص الغصن النضرا فقل في خليج يلبس الحوت درعه ولكنه لا يستطيع بها قصرا إذا ما بدا فيها الهلال رأيته كصفحة سيف وسمها قبعة صضرا وإن لاح فيها البدر شبهت متنه بسطر لجين ضم من ذهب عشرا وفي جرفي روض هناك تجافيا لنهر يود الأفق لو زاره فجرا كأنهما خلا صفاء تعاتبا وقد بكيا من رقة ذلك النهرا وكم لي بالباب الجديد عشية من الأنس ما فيه سوى أنه مرا عشيات كأن الدهر غص بحسنها فأجلت سياط البرق أفراسها الشقرا عليهن أجرى خليل دمعي بوجنتي إذا ركبت حمرًا ميادينها الصفرا أعهدي بالغرس المنعم دوحه سقتك دموعي إنها مزنة شكرا فكم فيك من يوم أغر محجل تقضت أمانيه مخلدتها ذكرا على مذنب كالنحر من فرط حسنه تود الثريا أن تكون له نحرا سقت أدمعي والقطر أيهما انبرى نقا الرملة البيضاء فالنهر فالجسرا وإخوان صدق لو قضيت حقوقهم لما فارقت عيني وجوههم الزهرا وما اخترت هذا البعد إلا ضروة وهل تستجير العين أن تفقد الشقرا قضى الله أن ينأى بي الدهر عنهم أراد بذاك الله أن أعتب الدهرا ووالله لو نلت المنا ما حمدتها وما عادة المشغوف أن يحمد الهجرا أيانس باللذات قلبي ودونهم مرام يجد الركب في طيها شهرا ويصحب هادي الليل راء وحرفة وصادًا ونونًا قد تقوس واصفرا فديتهم بانوا وضنوا بكتبهم فلا خبرًا منهم لقيت ولا خبرا ولولا علا هماتهم لعتبتهم ولكن عراب الخيل لا تحمل الزجرا ضربت غبار البيد في مهرق السرى بحيث جعلت الليل في ضربه حبرا وحققت ذاك الضرب جمعًا وعدة وطرحًا وتجميلًا فأخرج لي صفرا كأن زماني حاسب متعسف يطارحني كسرًا أما يحسن الجبرا فكم عارف بي وهو يحسب رتبتي فيمدحني سرًا ويشتمني جهرا لذلك ما أعطيت نفسي حقها وقلت لسرب الشعر لا تهم الفكرا فما برحت فكري عذاري قصايدي ومن خلق العذراء أن تألف الخدرا ولست وإن طاشت سهامي بايس فإن مع العذر الذي يتقى يسرا يا قمرا مطلعه أضلعىله سواد القلب منها غسق وربما استوقد نار الهوى فناب فيها لوتها عن شفق ملكتني في دولة من صبا وصدتني في شرك من حدق عندي من حبيبك ما لو سرت في البحر منه شعلة لاحترق ومن مقطوعاته أيضًا: قد كان لي قلب فلما فارقوا سوى جناحًا للغرام وطارا وجرت سحاب بالدموع فأوقدت بين الجوانح لوعة وأوارا ومن العجايب أن فيض مدامعي ماء ويقمر في ضلوعي نارا وشعره الرمل والقطر كثرة فلنختم له المقطوعات بقوله: قالوا وقد طال بي مدى خطئ ولم أزل في تجرمي ساه أعددت شيئًا نرجو النجاة به فقلت أعددت رحمة الله نثره كتب يهني قاضي الجماعة أبا القاسم بن بقي من رسالة: لأن قدره دام عمره وامتثل نهيه الشرعي وأمره أعلى رتبة وأكرم محلًا من أن يتحلى بخطة هي به تتحلى. كيف يهنأ بالقعود الشرعي وأمره أعلى رتبة وأكرم محلًا من أن يتحلى بخطة هي به تتحلى. كيف يهنأ بالقعود لسماع دعوة الباطل ولمعاناة الإنصاف الممطول من الماطل والتعب في المعادلة بين ذوي المجادلة. أما لو علم المتشوقون إلى خطة الأحكام المستشرقون إلى ما لها من التبسط والاحتكام ما يجب لها من اللوازم والشروط الجوازم كبسط الكنف ورفع الجنف والمساواة بين العدو وذي الذنب والصاحب بالجنب وتقديم ابن السبيل على ذي الرحم والقبيل وإيثار الغريب على القريب والتوسع في الأخلاق حتى لمن ليس له من خلاق إلى غير ذلك مما علم قاضي الجماعة أحصاه واستعمل لخلقه الفاضل أدناه وأقصاه لجعلوا خمولهم ما مولهم وأضربوا عن ظهورهم فنبذوه وراء ظهورهم اللهم إلا من أوتى بسطة في العلم ورسا طودًا في ساحة الحلم وتساوى ميزانه في الحرب والسلم وكان كقاضي الجماعة في المماثلة بين أجناس الناس فقصاراه أن يتقلد الأحكام للأجر لا المتعسف والزجر ويتولاها للثواب. لا للغلظة في رد الجواب ويأخذها لحسن الجزاء لا لقبح الاستهزاء ويلتزمها لجزيل الذخر لا للإزراء والسخر. فإذا كان كذلك وسلك المولي هذا السالك وكان كقاضي الجماعة ولا مثل له ونفع الحق به علله ونقع غلله فيومئذ تهنأ به خطة القضاء ويعرف ما لله عليه من اليد البيضاء. من أهل رندة يكنى أبا الطيب. حاله قال ابن الزبير شاعر مجيد في المدح والغزل وغير ذلك. وعنده مشاركة في الحساب والفرايض. نظم في ذلك. وله تواليف أدبية وقصايد زهدية وجزء على حديث جبريل عليه السلام وغير ذلك مما روى عنه. وكان في الجملة معدودًا في أهل الخير وذوي الفضل والدين. تكر لقائي إياه وقد أقام بمالقة أشهرًا أيام إقراءي. وكان لا يفارق مجالس إقراءي وأنشدني كثيرًا من شعره. وقال ابن عبد الملك كان خاتمة الأدباء بالأندلس بارع التصرف في منظوم الكلام ومنثوره فقيهًا حافظًا فرضيا متفننًا في معارف شتى نبيل المقاصد متواضعًا مقتصدًا في أحواله. وله مقامات بديعة في أغراض شتى وكلامه نظما ونثرا مدون. مشيخته روى عن آباء الحسن أبيه والدباج وابن الفخار الشريشي وابن قطرال وأبي الحسن بن زرقون وأبي القاسم بن الجد. ألف جزءا على حديث جبريل وتصنيفًا في الفرايض وأعمالها وآخر في العروض وآخر في صنعة الشعر سماه الوافي في علم القوافي وله كتاب كبير سماه روضة الأنس ونزهة النفس. دخوله غرناطة وكان كثير الوفاد على غرناطة والترد إليها يسترفد ملوكها وينشد أمراءها والقصيدة التي أولها: أواصلتي يومًا وهاجرتي ألفًا أخبرني شيخنا أبو عبد الله اللوشي أنه نظمها باقتراح السلطان رحمه الله. وقد أوعز إليه ألا يخرج عن بعض بساتين الملك حتى يكملها في معاضة محمد بن هاني الإلبيري. شعره وهو كثير سهل المأخذ عذب اللفظ رايق المعنى غير مؤثر للجزالة. فمن ذلك قوله رحمه الله في غرض المدح من السلطانيات: سرى والحب أمر لا يرام وقد أغرى به الشوق والغرام وأغفى أهلها إلا وشاة إذا نام الحوادث لا تنام فنال بها على قدر مناه وبين القبض والبسط القوام وأشهى الوصل ما كان اختلاسا وخير الحب ما فيه اختتام وما أحلى الوصال لو أن شيئًا من الدنيا للذته دوام بكيت من الفراق بغير أرضي وقد يبكي الغريب المستهام أعاذلتي وقد فارقت إلفيأمثلى في صبابته يلام أأفقده فلا أبكي عليه يكون أرق من قلبي الحمام أأنساه فأحبه كصبري وهل ينسى لمحبوب ذمام رويدًا إن بعض اللوم لوم ومثلي لا ينهنهه الملام ويوم نوى وضعت الكف فيه على قلب يطير به الهيام ولولا أن سفحت به جفونًا تفيض دمًا لأحرقها الضرام وليل بته كالدهر طولًا تنكر لي وعرفه التمام كأن سماه زهر تجلى بزهر الزهر والشوق الكمام كأن البدر تحت الغيم وجه عليه من ملاحه لثام كأن الكوكب الدري كأس وقد رق الزجاجة والمدام كأن مدار قطب بنات نعش ندي والنجوم به ندام كأن بناته الكبرى جوار حوار والسهى فيها غلام كأن بناته الصغرى جمان على لباتها منها نظام كواكب بت أرعاهن حتى كأني عاشق وهي الذمام إلي أن مزقت كسف الثريا جيوب الأفق وانجاب الظلام فما خلت انصداع الفجر إلا قرابًا ينتضي مسنه حام وما شبهت وجه الشمس إلا بوجهك أيها الملك الهمام وإن شبهته بالبدر يومًا فللبدر الملاحة والتمام تهلل منه حسن الدهر حتى كأنك في محياه ابتسام وعرف ما تنكر من معال كأنك لاسمها ألف ولام ومل العين منك جلال مولى صنائعه كغرته وسام إذا ما قيل في يده غمام فقد بخست وقد خدع الغمام وحشو الدرع أروع غالبي يراع بذكره الجيش اللهام إذا ما سل سيف العزم يوما على أمر فسلم يا سلام نمته للمكارم والمعالي سراة من بني نصر كرام هم الأنصار هم نصروا وآووا ولولا المسك ما طاب الختام وهم قادوا الجيوش لك فتح ولولا الجد ما قطع الحسام وهم منحوا الجزيرة من حماهم جوارًا لا يذم ولا يضام فمن حرب تشيب له النواصي وسلم تحيته سلام بسعدك يا محمد عز دين وغب السلم نصر مستدام وكان مرامه صعبًا ولكن بحمد الله قد سهل المرام أدام الله أمرك من أمير وما للعروة الوثقى انفصام وروح أنت والجسم المعالي ومعنى أنت وللفظ الأنام إذا ما ضاقت الدنيا بحر كفاه لثم كفك والسلام ومن شعره أيضًا: أواصلتي يومًا وهاجرتي ألفًا وصالك ما أحلى وهجرك ما أجفا ومن عجب للطيف أن جاء واهتدى فعاد عليلًا عاد كالطيف أم أخفا فيا سايرًا لولا التخيل ما سرى ويا شاهدًا لولا التعلل ما أغفا بعيني شكواي للغرام وتيهه إلى أن تثنى عطفه فانثني عطافا فعانقته شوقًا وقبلته هوى ولا قبلة تكفي ولا لوعة تطفا ومن نزعاته العجيبة قوله وقد سبق إلى غرضه غيره: يا طلعة الشمس إلا إنه قمر أما هواك فلا يبقى ولا يذر كيف التخلص من عينيك لي ومتى وفيهما القاتلان الغنج والحور وكيف يسلى فؤادي عن صبابته ولو نهى الناهيان الشيب والكبر أنت المنا والمنايا فيك قد جمعت وعندك الحالتان النفع والضرر ولي من الشوق ما لا دواء له ومنك لي الشافيان القرب والنظر وفي وصالك ما أبقى به رمقي لو ساعد المسعدان الذكر والقدر وكان طيف خيال منك يقنعني لو يذهب المانعان الدمع والسهر يا نابيًا لم يكن إلا ليملكني من بعده المهلكان الغم والغير ما غبت إلا وغاب الجنس أجمعه واستوحش المؤنسان السمع والبصر بما تكن ضلوعي في هواك بمن يعنو له الساجدان النجم والشجر إدرك بقية نفس لست مدركها إذا مضى الهاديان العين والأثر وإن أبيت فلي من ليس يسلمني إذا نبا المذهبان الورد والصدر وإن أبيت فلي من ليس يسلمني إذا نبا المذهبان الورد والصدر مؤيدًا لملك بالآراء يحكمها في ضمنها المبهجان اليمن والظفر من كالأمير أبى عبد الآله إذا ما خانت القدمان البيض والسمر الواهب الخيل آلافا وفارسها إذا استوى المهطعان الصر والصبر والمشبه الليث في بأس وفي خطر ونعمت الحليتان البأس والخفر تأمن الناس في أيامه ومشوا كما مشى الصاحبان الشاة والنمر وزال ما كان من خوف ومن حذر فما ير الدايلان الخوف والحذر رأيت منه الذي كنت أسمعه وحبذا الطيبان الخبر والخبر ما شيت من شيم عليا ومن شيم كأنها الرايقان الظل والزهر ومنا أردت من إحسان ومن كرم ينسى به الأجودان البحر والمطر وغرة يتلألأ من سماحتها كأنها النهران الشمس والقمر إيه فلولا دواع من محبته لم يسهل الأصعبان البين والخطر |
ومن شعره في أغراض متعددة.
قال في الليل والسهر: أطال ليلي الكمد فالدهر عندي سرمد ** وما أظن أنه لليلة الهجر غد أقد هنيًا إنني لا أستطيع أرقد ** لواعج ما تنطفي وأدمع تضطرد وكبدي كبد الهوى وأين مني الكبد ** ولا تسل عن جلدي والله مالي جلد ومن شعره أيضًا في المقطوعات: وليلة قصر من طولها بزورة من رشًا ** نافر أستوفر الدهر بها غالطًا فأدغم الأول والآخر. وقال من قصيدة مغربة في الإحسان: وليلة نبهت أجفانها والفجر قد فجر نهر النهار ** والليل كالمهزوم في يوم الوغا والشهب مثل الشهب عند الفرار ** وفي الثريا قمر سافر عن غرة غير منها الشفار ** كأن عنقودًا بها ماثل إذ صار كالعرجون عند السرار ** كأنها تسبك ديناره وكفها تفتل منه سوار** كأنما الظلماء مظلومة تحكم الفجر عليها فجار** كأنما الصبح لمشتاقه إقبال دنيا بعد ذل افتقار ** كأنما الشمس وقد أشرقت وجه أبي عبد الآله استنار ** وفي وصف البحر والأنهار وما في معنى ذلك: البحر أعظم مما أنت تحسبه ** من لم ير البحر يوما ما رأى عجبا طام له حبب طاف على زورق ** مثل السماء إذا ما ملئت شهبا وقال في وصف نهر: وأزرق محفوف بزهر كأنه نجوم بأكناف المجرة تزهر ** يسيل على مثل الجمان مسلسلا كما سل عن غمد حسام مجوهر ** وقد صافح الأدواح من صفحاته حتى حباب بالنسيم مكسر ** ما أحسن العقل وآثاره لو لازم الإنسان إيثاره ** يصون بالعقل الفتى نفسه كما يصونه الحر أسراره ** لا سيما إن كان في غربة يحتاج أن يعرف مقداره ** ومن وصفه الجيش والسلاح: وكتيبة بالدرعين كثيفة جرت ذيول الجحفل الجرار وروض المنايا بينها القضب التي زفت بها الرايات كالأزهار فيها الكماة بنو الكماة كأنها أسد الشرى بين القنا الخطار متهللين لدى اللقاء كأنهم خلقت وجوههم من الأقمار من كل ليث فوق برق خاطف بيمينه قدر من الأقدار من كل ماض قد تقلد مثله فيصب آجالًا على الأعمار لبسوا القلوب على الدروع وأسرعوا لأكفهم نارًا لأهل النار وتقدموا ولهم على أعدايهم حنق العدا وحمية الأنصار وأبيض صيغ من ماء ومن لهب على اعتدال فلم يخمد ولم يسل ماضي الغرار يهاب العمر صولته كأنما هو مطبوع من الأجل أبهى من الوصل بعد الهجر منظره حسنًا وأقطع من دين على مال وأسمر ظن ما كل سابغة فخاض كالأيم يستشفى من النهل هام الكماة به حبًا ولا عجب من لوعة بمليح القد معتدل إذا الطعين تلقاه وأرعفه حسبته عاشقًا يبكي على طلل ومن ذلك قوله في وصف قوس: تنكبها كحاجبه وسوى بأهداف الجفون لها نبالا فلم أر قبله بدرًا منيرا تحمل فوق عاتقه هلالا ومن ذلك وصف قلم: وأصفر كالصب في رونق تظن به الحب ممن نحل بديع الصفات حديد السبات يطول الرماح وإن لم يطل يعبر عما وراء الضمير ويفعل ما فعل الظبا والذبل كلاهما شرف الله درهما وحبذ الخطتان الحكم والحكم ومن ذلك قوله في سكين الدواة: أنا صمصامة الكتابة مالي من شبيه في المرهفات الرقاق فكأني في الحسن يوم وصال وكأني في القطع يوم فراق ومن ذلك قوله في المقص: ومعتنقين ما اشتهرا بعشق وإن وصفا بضم واعتناق لعمر أبيك ما اعتنقا لمعنى سوى معنى القطيعة والفراق ومن ذلك قوله في الورد: الورد سلطان كل زهر لو إنه دايم الورود بعد خدود الملاح شيء ما أشبه الورد بالخدود ومن ذلك قوله في الخيري: وأزرق كمثل السماء فيه لمن ينظر سر عجيب شح مع الصبح بأنفاسه كأنما الصبح عليه رقيب وأخضر فستقي اللون غض يروق بحسن منظره العيونا أغار على الترنج وقد حكاه وزاد على اسمه ألفًا ونونا وقال من جملة قصايده المطولات التي تفنن فيها رحمه الله: وغانية يغنى عن العود صوتها وجارية تسقى وساقية تجري بحيث يجر النهر ذيل مجرة يرف على حافاتها الزهر كالزهر وقد هزت الأرواح خصر كتايب بألوية بيض على أسل سمر رمى قزح نبلًا إليها فجردت سيوف سواقيها على دارع النهر وهبت صبا نجد فجرت غلايلا تجفف دمع الطل عن وجنة الزهر كأن بصفح الروض وشى صحيفة وكالألفات القضب والطرس كالتبر كأن به الأقحوان خواتما مفضضة فيها فصوص من التبر كأن به النرجس الغض أعيا ترقرق في أجفانها أدمع القطر كأن شذا الخيري زورة عاشق يرى أن جنح الليل أكتم للسرر أنظر إلى جذر في اللون مختلف البعض من سج والبعض من ذهب ومن ذلك قوله في الجزر: إن قلت قصب فقل قصب بلا زهر أو قلت شمع فقل شمع بلا لهب وفي الاغتراب وما يتعلق به مما يقرب من المطولات: غريب كما يلقى غريب فلا وطن لديه ولا حبيب تذكر أصله فبكى اشتياقا وليس غريبًا أن يبكي غريب ومما هاج أشواقي حديث جرى فجرى له الدمع السكوب ذكرت به الشباب فشق قلبي ألم تر كيف تنشق القلوب على زمن الصبا فليبك ومثلي فما زمن الصبا إلا عجيب جهلت شبيبتي حتى تولت وقدر الشيء يعرف إذ يغيب ألا ذكر الآله بكل خير بلادًا لا يضيع بها أديب بلاد ماؤها عذب زلال وريح هوائها مسك رطيب بها قلبى الذي قلبى المعنى يكاد من الحنين له يذوب ولا تحكم بأول ما تراه فإن الفجر أوله كذوب إلا إنا خلقنا في زمان يشيب بهوله من لا يشيب وقد لذ الحمام وطاب عندي وعيشي لا يلذ ولا يطيب لحى الله الضرورة فهي بلوى تهين الحر والبلوى ضروب رأيت المال يستر كل عيب ولا تخفى مع الفقر العيوب وفقد المال في التحقيق عندي كفقد الروح ذا من ذا قريب وقد أجهدت نفسي في اجتهاد وما أن كل مجتهد مصيب وقد تجري الأمور على قياس ولو تجري لعاش بها اللبيب كأن العقل للدنيا عدو فما يقضي بها أربًا أريب إذا لم يرزق الإنسان بختًا فما حسناته إلا ذنوب ومن نسيبه قوله في بادرة من حمام: برزت من الحمام تمسح وجهها عن مثل ماء الورد بالعناب ومتيم لو كان صور نفسه ما زادها شيئًا سوى الإشفاق ما كان يرضى بالصدود وإنما كثرت عليه مسائل العشاق وقال: وافي وقد زانه جمال فيه لعشاقه اعتذار ثلاثة ما لها مثال الوجه والخد والعذار فمن رآه رأى رياضا الورد والآس والبهار ومن ذلك قوله في ذم إخوة السوء: ليس لإخوة باللسان أخوة فإذا تراد أخوتي لا تنفع لا أنت في الدنيا تفرج كربهعني ولا يوم القيامة تشفع وقال كذلك: ولقد عرفت الدهر حين خبرته وبلوت بالحاجات أهل زمان فإذا الأخوة باللسان كثيرةوإذا الدراهم ميلق الإخوان من ذلك قوله في الصبر: الدهر لا يبقى على حاله لكنه يقبل أو يدبر ومن ذلك قوله في الموت: الموت سر الله في خلقه وحكمة دلت على قهره ما أصعب الموت وما بعده لو فكر الإنسان في أمره أيام طاعات الفتى وحدها هي التي تحسب من عمره لا تلهك الدنيا ولذاتها عن نهي مولاك ولا أمره وأنظر إلى من ملك الأرض هل صح له منها سوى قبره نثره قال في كتاب روضة الأنس ما نصه: ويتعلقبهذا الباب ما خاطبني به الفقيه الكاتب الجليل أبو بكر البرذعي من أهل بلدنا أعزه الله: أخبرك بعجاب إذ لا سر دونك ولا حجاب بعد أن أتقدم إليك أن لا تجعل باللوم إلى قبل علم ما لدي فإن الدهر أخدع من كفة الحابل وقلب الإنسان للآفات قابل. مشيت يومًا إلى سوق الرقيق لأخذ حق فؤاد عتيق فرأيت بها جارية عسجدية اللون حديثة عهد بالصون متمايلة القد قايمة النهد بلحظ قد أوتى من السحر أوفر حظ وفم كشرطة رشحت بدم داخله سمطان لولاهما ما عرف النظم ولا حكم على الدر للعظم في صدغها لامان ما خط شكلهما قلم ولا قص مثلهما حلم. لها جيد تتمناه الغيد وخصر هو قبضة الكف في الحصرر وردف يظلمه من يشبه به بالحقف ويدان خلقا للوشي وقدمان أهلتا للثم لا للمشي فتطاولت إليها الأعناق وبذلت فيها الأعلاق والمياسير عليها مغرم في القوم وتسوم أهل السوم وكل فيها يزيد ليبلغ ما يريد إلى أن جاء فتى صادق في حبه لا يبالي بفساد ماله في صلاح قلبه قعد المال عدًا ولم يجد غيره من التسليم بدًا فلما فاتتني تركت الأشواق وأتتني وانتقضت عزايم صبري فيما أتتني فالله الله تدارك أخاك سريعًا قبل أن تلفيه من الوجد صريعًا واستنزل خادمًا قبل أن تصبح عليه نادمًا ولن أحتاج أن أصفها إليك مع ما قصصته عليك وقد أهديتها درًا فخذها على جهة الفكاهة والدعابة. ولا تطلع أخا جهل عليها فمن لم يدر قدر الشي عابه فأجبته نعم نعم أنعم الله بالك وسنى آمالك أنا بحول الله أرتاد لك من نحو هاتيك ما يسليك ويؤاتيك وإلا فبيضًا كاللجين هل القلب والعين زهرة غصن في روضة حسن ذات ذوايب كأنها الليل على نهار أو بنفسج في بهار. لها وجه أبهى من الغنا وأشهى من نيل المنا فيه حاجبان كأنهما قوس صنعت من السبح ورصعت بعاج من البلح على عينين ساحرتين وبالعقل ساخرتين بهما تصاب الكبود وتشق القلوب قبل الجلود إلى فم كأنه ختام مسك على نظام سلك سقاه الحسن رحيقه فأنبتت دره وعقيقه وجيد في الحسن وحيد على صدر كأنه من مرمر فيه حقتا عاج طوقتا بعنبر قد خلقتا لعض في جسم غض له خصر مدمج وردفه يتموج وأطراف كالعنم رقمت رقم القلم من اللايي شهدن ابن المؤمل وقال في مثلها الأول إن هي تاهت فمثلها تاها أو هي باهت فمثلها باها من أين للغصن مثل قامتها أو أين لبدر مثل مرآها ما فعلت في العقول صابية. ما فعلت في العقول عيناها تملكني بالهوى وأملكها فهأنا عبدها ومولاها فأيهما لست بذلت فيه الجهد وأرقيت للمجد والود إن شاء الله تعالى. وأنا فيما عرض لسيدي حفظه الله على مايحب أعذره ولا أعذله وأنصره ولا أخذله لكني أقول كما قال بعض الحكماء لا ينبغي لمن قلبه رقيق أن يدخل سوق الرقيق إلا أن يكون قد جمع بين المال والجمال يتنافس في العالي ويسترخص بالثمن الغالي ولا يبالي بما قال الأيمة إذا وجد من يلايمه كما قال الشاعر: ما انتفاع المحب بالمال إذا لم يتوصل به لوصل الحبيب إنما ينبغي بحكم الهوى أن ينفق المال في صلاح القلوب والسلام على سيدي ما كانت الفكاهة من شأن الوفا والمداعبة من شيم الظرفا ورحمة الله مولده: ولد في محرم سنة إحدى وستماية. وفاته: توفي في عام أربعة وثمانين وستماية. نقلت من خط صاحبنا الفقيه المؤرخ أبي الحسن بن الحسن. قال: أنشدني الشيخ الراوية الأديب القاضي الفاضل أبو الحجاج يوسف بن موسى بن سليمان المنتشافري قال أنشدني القاضي الفاضل أبو القاسم ابن الوزير أبي الحجاج ابن الحقالة قال أنشدني الأديب أبو الطيب صالح بن أبي خالد يزيد بن صالح بن شريف الرندي لنفسه ليكتب على قبره: خليلي بالود الذي بيننا اجعلا إذا مت قبرى عضة للترحم عني مسلم يدنو فيدعو برحمةفإني محتاج لدعوة مسلم حرف العين من ترجمة الملوك والأمراء عبد الله بن إبراهيم بن علي بن محمد التجيبي الرئيس أبو محمد بن إشقيلولة قد مر شيء من ذلك في اسم الرئيس أبي إسحاق أبيه. حاله كان أميرًا شهما مضطلعًا بالقضية شهير المواقف أبي النفس عالي الهمة انتزى على خاله أمير المسلمين الغالب بالله وكان أملك لما بيده من مدينة وادي آش ما إليها معززًا بأخيه الرئيس أبي الحسن مظاهره في الأمر ومشاركه في السلطان واستمرت الحال مدة حياة خاله السلطان. ولما صار أمر إلى مخيفه ولي العهد. استشرى الداء وأعضل الأمر وعمت الفتنة وزاحمه السلطان بالمنكب انفجم واعتوره بالحيلة حتى تحيف أطرافه وكان ما هو معلوم من إجازة أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق البحر إلى الجهاد. ومال الحال بينه ويبين السلطان أمير المسلمين أبي عبد الله بن نصر إلى التقاطع وتصيرت مالقة إلى الإيالة المغربية ثم عادت إلى السلطان. وفي أخريات هذه الأحوال أحكم السلطان مع طاغية الروم السلم وصرف وجهه إلى مطالبة الرئيس أبي محمد صاحب وادي آش فالجأه الحال إلى أن صرف الدعوة بوادي آش إلى السلطان بالمغرب ورفع شعاره فأقعد عنه. ووقعت مراسلات أجلت عن انتقال الرئيس أبي محمد إلى وفاته دخلت قصر كتامة يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من ذي قعدة عام خمسة وخمسين وسبعماية في غرض الرسالة وزرت مقبرة الرؤساء بني إشقيلولة بظاهرها وفي قبة ضخمة البناء رحيبة الفناء نسيجة وحدها بذلك البلد بين منازل البلى وديار الفناء وبها قبر الرئيس أبي محمد هذا عن يسار الداخل بينه وبين جدار القبلة قبر وسنامه رخام متوب عليه: قبر عزيز علينا لو أن من فيه يفدا أسكنت قرة عيني وقطعة القلب لحدا ما زال حكمًا عليه وما القضاء تعدا فللصبر أحسن ثوب به العزيز تردا وعند رأس السنام الرخامي مهد مائل من الرخام فيه: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليمًا. هذا قبر الرييس الجليل الأعلى الهمام الأوحد الأسعد المبارك الأسنى الأسمى الأحفل الأكمل المجاهد المقدس المرحوم أبي عبد الله ابن الررئيس الجليل الهمام الأوحد الأسعد المبارك الأمضى الأسنى الأسمى المعظم المرفع المجاهد الأرضى المقدس المرحوم أبي إسحق إبراهيم بن إشقيلولة رحمه الله وعفا عنه وأسكنه جنته. ظهر عفا الله عنه بوادي آش أمنها الله قاعدة من قواعد الأندلس وتسلكن ونشرت علامات سلطنته وضربت الطبول. وجاهد منها العدو قصمه الله وظهر على خاله سلطان الأندلس وأقام في سلطنته نحوًا من ثلاث وعشرين سنة. ثم قام بدعوة الملك الأعلى السلطان المؤيد المنصور أمير المسلمين المؤيد بالله أبي يعقوب أيده الله بنصره وأمده بمعونته ويسره فتنحى عن الأندلس للمغرب أنسه الله في جماد الأولى من عام ستة وثمانين وستماية فأعطاه أيده الله قصر عبد الكريم أمنه الله وأنعم عليه فأقام به مدة من ثمانية أعوام وجاز منه إلى الأندلس أمنها الله وجاهد بها مرتين ثم رجع إلى قصر عبد الكريم المذكور وتوفي شرف الله روحه الطيبة المجاهدة عشي يوم السبت العاشر من شهر محرم سنة خمس وتسعين وستماية. عبد الله بن زيرى بن مناد الصنهاجي عبد الله بن بلقين بن باديس بن حبوس بن ماكسن بن زيرى بن مناد الصنهاجي أوليته: قد مر من ذلك في اسم جده ما فيه كفاية. حاله لقبه المظفر بالله الناصر لدين الله. ولى بعد جده باديس في شوال سنة خمس وستين وأربعمائة وصحبه سماجه الصنهاجي تسع سنين. قال الغافقي وكان قد حاز حظًا وافرًا من البلاغة والمعرفة شاعرًا جيد الشعر مطبوعه حسن الخط. كانت بغرناطة ربعة مصحف بخطه في نهاية الصنعة والإتقان. ووصفه ابن الصيرفي فقال كان جبانًا مغمد السيف قلقًا لا يثبت على الظهر عزهاة لا أرب له في النساء هيابة مفرط الجزع يخلد إلى الراحات ويستوزر الأغمار. خلعه قال وفي عام ثلاثة وثمانين وأربعمائة تحرك أمير المسلمين يوسف ابن تاشفين لخلع رؤساء الأندلس فأجاز البحر ويمم قرطبة وتواترت الأنباء عن حفيد باديس صاحب غرناطة بما يغيظه ويحقده حسبما تقدم في اسم مؤمل مولى باديس. وقدم إلى غرناطة أربع محلات فنزلت بمقربة منها ولم تمتد يد إلى شيء يوجد فسر الناس واستبشروا وأمنت البادية وتمايل أهل الحاضرة إلى القوى. وأسرع حفي باديس في المال وألحق السوقة والحاكة واستكثر من اللفيف وألح بالكتب على أذفونش بما يطمعه. وتحقق يوسف بن تاشفين استشراف الحضرة إلى مقدمه فتحرك. وفي ليلة الأحد لثلاث عشرة خلت من رجب اجتمع إلى حفيد باديس صنائعه فخوفوه من عاقبة التربص وحملوه على الخروج إليه فركب وركبت أمه وتركا القصر على حاله ولقي أمير المسلمين على فرسخين من المدينة فترجل وسأله العفو فعفا عنه ووقف عليه وأمره بالركوب فركب وأٌبل حتى نزل بالمشايخ من خارج الحضرة. وضطربت المحلات وأمر مؤملًا بثقافه في القصر فتولى ذلك وخرج الجم من أهل المدينة فبايعوا أمير المسلمين يوسف بن تاشفين فلقيهم وأنسهم وسكن جأشهم فاطمأنوا. وسهل مؤمل إليه دخول الأعيان فأمر بكتب الصكوك ورفع أنواع القبالات والخراج إلا زكاة العين وصدقة الماشية وعشر الزرع. واستقصى ما كان بالقصر فظهر على ما يحول الناظر ويروع الخاطر من الأعلاق والذخيرة ولاحلي ونفيس الجوهر وأحجار الياقوت وقصب المزمرد وآنية الذهب والفضة وأطباق البلور المحكم والجردإذانات والعراقيات والثياب الرفيعة والأنماط والكل والستاير وأوطية الديباج مما كان في ادخار باديس واكتسايه. وأقبلت دواب الظهر من المنكب بأحمال السبيك والمسبوك اختلفت أم عبد الله لاستخراج ما أودع بطن الأرض حتى لم يبق إلا الخرثى والثقل والسقط ووزع ذلك الأمير على قواده ولم يستأثر منه بشيء. قال ورغب إليه مؤمل في دخول القصر فركب إليه وكثر استحسانه إياه وأمر بحفظه وتفقد أوضاعه وأقنيته. ونقل عبد الله إلى مراكش وسنه يوم خلع خمس وثلاثون سنة وسبعة أشهر فاستقر بها هو وأخوه تميم وحل اعتقالهما ورفه عنهما وأجرى المرتب والمساهمة عليهما. وأحسن عبد الله أداء الطاعة مع لين الكلمة فقضيت مآربه وأسعفت رغباته وخف على الدولة واستراح واستريح منه ورزق الولد في الخمول فعاش له ابنان وبنت جمع لهم المال. فلما توفي ترك مالًا جما. مولده ولد عبد الله سنة سبع وأربعين وأربعماية. عبد الله بن علي بن محمد التجيبي والرئيس أبو محمد بن إشقيلولة حاله كان رئيسًا شجاعًا بهمة حازمًا أيدًا جلدًا. تولى مدينة مالقة عقب وفاة الرئيس واليها أبي الوليد بن أبي الحجاج بن نصر صنو أمير المسلمين الغالب بالله في أوايل عام خمسة وخمسين وستماية. وكان صهر السلطان على إحدى بناته وله منه محل كبير ومكان قريب وله من ملكه حظ رغيب. واستمرت حاله إلى عام أربعة وستين ستماية وقد ما بينه وبين ولي العهد الأمير أبي عبد الله محمد بن أمير المسلمين أبي عبد الله الغالب بالله إذ وغر له صدره ولا بنى أخيه الرئيسين أبي محمد وأبي الحسن إبني الرئيس أبي إسحق بن إشقيلولة المتأمرين بوادي آش فضايقهم أخافهم بما أداهم إلى الامتناع والدعاء لأنفسهم والاستمساك بما بأيديهم وعمت المسلمين الفتنة المنسوبة إليهم. فانتزى هذا الرئيس بمدينة مالقة وكان أملك لما بيده واستعان بالنصري وشمر عن ساعد الجد فأباد الكثير من أعيان البلدة في باب توسم التهم وتطرق السعايات واستولى على أموالهم. واستمرت الحال بين حرب أجلت فيها غلبة الأمير مخيفه ولي العهد بجيش النصرى ونازل مالقة أربعين يومًا وشعث الكثير بظاهرها وتسمى بعلم الأمير عند أهل مالقة وما بين سلم ومهادنة وفي عام ستين وستماية نازله السلطان الغالب بالله صهره وأعيا عليه أمر مالقة لأضطلاع هذا الرئيس بأمره وضبط من لنظره واستمساكه بعروة حزمه. وفي بعض الأيام ركب السلطان في ثلاثة من مماليكه متخفيًا كاتمًا غرضه وقعد بباب المدينة. فلما بصر به الرجال القايمون به هالهم الأمر وأدهشتهم الهيبة فأفرجوا له موقرين لجلاله آنسين لقلة أتباعه فدخل وقصد القصبة وقد نذر به الرئيس أبو محمد فبادر إليه راجلًا متبذلًا مهرولا حافيا. ولما دنا منه ترامى على رجليه يقبلهما إظهارًا لحق أبوته وتعظيمًا لقدره ودخل معه إلى بنته وحفدته فترامى الجميع على أطرافه يلثمونها ويتعلقون بأذياله وأدرانه وهو يبكي إظهارًا للشفقة والمودة وتكلم الجميل. وأقام معهم بياض يومه ثم انصرف إلى محلته وأتبعه الرئيس فأمره بالاستمساك بقصبته وملازمة محل إمرته وما لبث أن شرع في الارتحال عن ألطاف ومهادات وتقدير جرايات وإحكام هدية وتقرير إمارة إلى أن توفي السلطان رحمه الله فعاد الفتنة جزعة ووإلى ولده أمير المسلمين بعده الضرب على مالقة إلى أن هلك الرئيس أبو محمد واستقر بالأمور ولده المذكور في المحمدين وكان من الأمر ما ينظره في مكانه من أراد استيفاءه بحول الله. عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد العزفي يكنى أبا طالب الرئيس الفقيه الكبير الشهير صاحب الأمر والرياسة والإمارة بستة نيابة عن أخيه الرئيس الصالح أبي حاتم بحكم الاستقلال في ذلك والاستبداد التام من غير مطالعة لأخيه ولا رجوع إليه في شيء من الأمور ولا تشوف من أخيه إلى ذلك لخروجه البتة عنه وإيثاره العزلة. واشتغاله بنفسه. حاله قد تقدم من ذكر أوليته ما فيه كفاية. وكان من أهل الجلالة والصيانة وطهارة النشأة حافظًا للحديث ملازمًا لتلاوة كتاب الله عارفًا بالتاريخ عظيم الهيبة كبير القدر والصيت علاي الهمة شديد البأو معظما عند الملوك جميل الشارة ممتثل الإشارة لديهم عجيب السكينة والوقار بعيد المرمى شديد الانقباض مطاع السلطان بموضعه مرهوب الجانب من غير إيقاع بأحد ولا هتك حرمة محافظًا على إقامة الرسوم الحسبية والدينية. |
ومن شعره في أغراض متعددة. قال في الليل والسهر: أطال ليلي الكمد فالدهر عندي سرمد ** وما أظن أنه لليلة الهجر غد أقد هنيًا إنني لا أستطيع أرقد ** لواعج ما تنطفي وأدمع تضطرد وكبدي كبد الهوى وأين مني الكبد ** ولا تسل عن جلدي والله مالي جلد ومن شعره أيضًا في المقطوعات: وليلة قصر من طولها بزورة من رشًا ** نافر أستوفر الدهر بها غالطًا فأدغم الأول والآخر. وقال من قصيدة مغربة في الإحسان: وليلة نبهت أجفانها والفجر قد فجر نهر النهار ** والليل كالمهزوم في يوم الوغا والشهب مثل الشهب عند الفرار ** وفي الثريا قمر سافر عن غرة غير منها الشفار ** كأن عنقودًا بها ماثل إذ صار كالعرجون عند السرار ** كأنها تسبك ديناره وكفها تفتل منه سوار** كأنما الظلماء مظلومة تحكم الفجر عليها فجار** كأنما الصبح لمشتاقه إقبال دنيا بعد ذل افتقار ** كأنما الشمس وقد أشرقت وجه أبي عبد الآله استنار ** وفي وصف البحر والأنهار وما في معنى ذلك: البحر أعظم مما أنت تحسبه ** من لم ير البحر يوما ما رأى عجبا طام له حبب طاف على زورق ** مثل السماء إذا ما ملئت شهبا وقال في وصف نهر: وأزرق محفوف بزهر كأنه نجوم بأكناف المجرة تزهر ** يسيل على مثل الجمان مسلسلا كما سل عن غمد حسام مجوهر ** وقد صافح الأدواح من صفحاته حتى حباب بالنسيم مكسر ** ما أحسن العقل وآثاره لو لازم الإنسان إيثاره ** يصون بالعقل الفتى نفسه كما يصونه الحر أسراره ** لا سيما إن كان في غربة يحتاج أن يعرف مقداره ** ومن وصفه الجيش والسلاح: وكتيبة بالدرعين كثيفة جرت ذيول الجحفل الجرار وروض المنايا بينها القضب التي زفت بها الرايات كالأزهار فيها الكماة بنو الكماة كأنها أسد الشرى بين القنا الخطار متهللين لدى اللقاء كأنهم خلقت وجوههم من الأقمار من كل ليث فوق برق خاطف بيمينه قدر من الأقدار من كل ماض قد تقلد مثله فيصب آجالًا على الأعمار لبسوا القلوب على الدروع وأسرعوا لأكفهم نارًا لأهل النار وتقدموا ولهم على أعدايهم حنق العدا وحمية الأنصار وأبيض صيغ من ماء ومن لهب على اعتدال فلم يخمد ولم يسل ماضي الغرار يهاب العمر صولته كأنما هو مطبوع من الأجل أبهى من الوصل بعد الهجر منظره حسنًا وأقطع من دين على مال وأسمر ظن ما كل سابغة فخاض كالأيم يستشفى من النهل هام الكماة به حبًا ولا عجب من لوعة بمليح القد معتدل إذا الطعين تلقاه وأرعفه حسبته عاشقًا يبكي على طلل ومن ذلك قوله في وصف قوس: تنكبها كحاجبه وسوى بأهداف الجفون لها نبالا فلم أر قبله بدرًا منيرا تحمل فوق عاتقه هلالا ومن ذلك وصف قلم: وأصفر كالصب في رونق تظن به الحب ممن نحل بديع الصفات حديد السبات يطول الرماح وإن لم يطل يعبر عما وراء الضمير ويفعل ما فعل الظبا والذبل كلاهما شرف الله درهما وحبذ الخطتان الحكم والحكم ومن ذلك قوله في سكين الدواة: أنا صمصامة الكتابة مالي من شبيه في المرهفات الرقاق فكأني في الحسن يوم وصال وكأني في القطع يوم فراق ومن ذلك قوله في المقص: ومعتنقين ما اشتهرا بعشق وإن وصفا بضم واعتناق لعمر أبيك ما اعتنقا لمعنى سوى معنى القطيعة والفراق ومن ذلك قوله في الورد: الورد سلطان كل زهر لو إنه دايم الورود بعد خدود الملاح شيء ما أشبه الورد بالخدود ومن ذلك قوله في الخيري: وأزرق كمثل السماء فيه لمن ينظر سر عجيب شح مع الصبح بأنفاسه كأنما الصبح عليه رقيب وأخضر فستقي اللون غض يروق بحسن منظره العيونا أغار على الترنج وقد حكاه وزاد على اسمه ألفًا ونونا وقال من جملة قصايده المطولات التي تفنن فيها رحمه الله: وغانية يغنى عن العود صوتها وجارية تسقى وساقية تجري بحيث يجر النهر ذيل مجرة يرف على حافاتها الزهر كالزهر وقد هزت الأرواح خصر كتايب بألوية بيض على أسل سمر رمى قزح نبلًا إليها فجردت سيوف سواقيها على دارع النهر وهبت صبا نجد فجرت غلايلا تجفف دمع الطل عن وجنة الزهر كأن بصفح الروض وشى صحيفة وكالألفات القضب والطرس كالتبر كأن به الأقحوان خواتما مفضضة فيها فصوص من التبر كأن به النرجس الغض أعيا ترقرق في أجفانها أدمع القطر كأن شذا الخيري زورة عاشق يرى أن جنح الليل أكتم للسرر أنظر إلى جذر في اللون مختلف البعض من سج والبعض من ذهب ومن ذلك قوله في الجزر: إن قلت قصب فقل قصب بلا زهر أو قلت شمع فقل شمع بلا لهب وفي الاغتراب وما يتعلق به مما يقرب من المطولات: غريب كما يلقى غريب فلا وطن لديه ولا حبيب تذكر أصله فبكى اشتياقا وليس غريبًا أن يبكي غريب ومما هاج أشواقي حديث جرى فجرى له الدمع السكوب ذكرت به الشباب فشق قلبي ألم تر كيف تنشق القلوب على زمن الصبا فليبك ومثلي فما زمن الصبا إلا عجيب جهلت شبيبتي حتى تولت وقدر الشيء يعرف إذ يغيب ألا ذكر الآله بكل خير بلادًا لا يضيع بها أديب بلاد ماؤها عذب زلال وريح هوائها مسك رطيب بها قلبى الذي قلبى المعنى يكاد من الحنين له يذوب ولا تحكم بأول ما تراه فإن الفجر أوله كذوب إلا إنا خلقنا في زمان يشيب بهوله من لا يشيب وقد لذ الحمام وطاب عندي وعيشي لا يلذ ولا يطيب لحى الله الضرورة فهي بلوى تهين الحر والبلوى ضروب رأيت المال يستر كل عيب ولا تخفى مع الفقر العيوب وفقد المال في التحقيق عندي كفقد الروح ذا من ذا قريب وقد أجهدت نفسي في اجتهاد وما أن كل مجتهد مصيب وقد تجري الأمور على قياس ولو تجري لعاش بها اللبيب كأن العقل للدنيا عدو فما يقضي بها أربًا أريب إذا لم يرزق الإنسان بختًا فما حسناته إلا ذنوب ومن نسيبه قوله في بادرة من حمام: برزت من الحمام تمسح وجهها عن مثل ماء الورد بالعناب ومتيم لو كان صور نفسه ما زادها شيئًا سوى الإشفاق ما كان يرضى بالصدود وإنما كثرت عليه مسائل العشاق وقال: وافي وقد زانه جمال فيه لعشاقه اعتذار ثلاثة ما لها مثال الوجه والخد والعذار فمن رآه رأى رياضا الورد والآس والبهار ومن ذلك قوله في ذم إخوة السوء: ليس لإخوة باللسان أخوة فإذا تراد أخوتي لا تنفع لا أنت في الدنيا تفرج كربهعني ولا يوم القيامة تشفع وقال كذلك: ولقد عرفت الدهر حين خبرته وبلوت بالحاجات أهل زمان فإذا الأخوة باللسان كثيرةوإذا الدراهم ميلق الإخوان من ذلك قوله في الصبر: الدهر لا يبقى على حاله لكنه يقبل أو يدبر ومن ذلك قوله في الموت: الموت سر الله في خلقه وحكمة دلت على قهره ما أصعب الموت وما بعده لو فكر الإنسان في أمره أيام طاعات الفتى وحدها هي التي تحسب من عمره لا تلهك الدنيا ولذاتها عن نهي مولاك ولا أمره وأنظر إلى من ملك الأرض هل صح له منها سوى قبره نثره قال في كتاب روضة الأنس ما نصه: ويتعلقبهذا الباب ما خاطبني به الفقيه الكاتب الجليل أبو بكر البرذعي من أهل بلدنا أعزه الله: أخبرك بعجاب إذ لا سر دونك ولا حجاب بعد أن أتقدم إليك أن لا تجعل باللوم إلى قبل علم ما لدي فإن الدهر أخدع من كفة الحابل وقلب الإنسان للآفات قابل. مشيت يومًا إلى سوق الرقيق لأخذ حق فؤاد عتيق فرأيت بها جارية عسجدية اللون حديثة عهد بالصون متمايلة القد قايمة النهد بلحظ قد أوتى من السحر أوفر حظ وفم كشرطة رشحت بدم داخله سمطان لولاهما ما عرف النظم ولا حكم على الدر للعظم في صدغها لامان ما خط شكلهما قلم ولا قص مثلهما حلم. لها جيد تتمناه الغيد وخصر هو قبضة الكف في الحصرر وردف يظلمه من يشبه به بالحقف ويدان خلقا للوشي وقدمان أهلتا للثم لا للمشي فتطاولت إليها الأعناق وبذلت فيها الأعلاق والمياسير عليها مغرم في القوم وتسوم أهل السوم وكل فيها يزيد ليبلغ ما يريد إلى أن جاء فتى صادق في حبه لا يبالي بفساد ماله في صلاح قلبه قعد المال عدًا ولم يجد غيره من التسليم بدًا فلما فاتتني تركت الأشواق وأتتني وانتقضت عزايم صبري فيما أتتني فالله الله تدارك أخاك سريعًا قبل أن تلفيه من الوجد صريعًا واستنزل خادمًا قبل أن تصبح عليه نادمًا ولن أحتاج أن أصفها إليك مع ما قصصته عليك وقد أهديتها درًا فخذها على جهة الفكاهة والدعابة. ولا تطلع أخا جهل عليها فمن لم يدر قدر الشي عابه فأجبته نعم نعم أنعم الله بالك وسنى آمالك أنا بحول الله أرتاد لك من نحو هاتيك ما يسليك ويؤاتيك وإلا فبيضًا كاللجين هل القلب والعين زهرة غصن في روضة حسن ذات ذوايب كأنها الليل على نهار أو بنفسج في بهار. لها وجه أبهى من الغنا وأشهى من نيل المنا فيه حاجبان كأنهما قوس صنعت من السبح ورصعت بعاج من البلح على عينين ساحرتين وبالعقل ساخرتين بهما تصاب الكبود وتشق القلوب قبل الجلود إلى فم كأنه ختام مسك على نظام سلك سقاه الحسن رحيقه فأنبتت دره وعقيقه وجيد في الحسن وحيد على صدر كأنه من مرمر فيه حقتا عاج طوقتا بعنبر قد خلقتا لعض في جسم غض له خصر مدمج وردفه يتموج وأطراف كالعنم رقمت رقم القلم من اللايي شهدن ابن المؤمل وقال في مثلها الأول إن هي تاهت فمثلها تاها أو هي باهت فمثلها باها من أين للغصن مثل قامتها أو أين لبدر مثل مرآها ما فعلت في العقول صابية. ما فعلت في العقول عيناها تملكني بالهوى وأملكها فهأنا عبدها ومولاها فأيهما لست بذلت فيه الجهد وأرقيت للمجد والود إن شاء الله تعالى. وأنا فيما عرض لسيدي حفظه الله على مايحب أعذره ولا أعذله وأنصره ولا أخذله لكني أقول كما قال بعض الحكماء لا ينبغي لمن قلبه رقيق أن يدخل سوق الرقيق إلا أن يكون قد جمع بين المال والجمال يتنافس في العالي ويسترخص بالثمن الغالي ولا يبالي بما قال الأيمة إذا وجد من يلايمه كما قال الشاعر: ما انتفاع المحب بالمال إذا لم يتوصل به لوصل الحبيب إنما ينبغي بحكم الهوى أن ينفق المال في صلاح القلوب والسلام على سيدي ما كانت الفكاهة من شأن الوفا والمداعبة من شيم الظرفا ورحمة الله مولده: ولد في محرم سنة إحدى وستماية. وفاته: توفي في عام أربعة وثمانين وستماية. نقلت من خط صاحبنا الفقيه المؤرخ أبي الحسن بن الحسن. قال: أنشدني الشيخ الراوية الأديب القاضي الفاضل أبو الحجاج يوسف بن موسى بن سليمان المنتشافري قال أنشدني القاضي الفاضل أبو القاسم ابن الوزير أبي الحجاج ابن الحقالة قال أنشدني الأديب أبو الطيب صالح بن أبي خالد يزيد بن صالح بن شريف الرندي لنفسه ليكتب على قبره: خليلي بالود الذي بيننا اجعلا إذا مت قبرى عضة للترحم عني مسلم يدنو فيدعو برحمةفإني محتاج لدعوة مسلم حرف العين من ترجمة الملوك والأمراء عبد الله بن إبراهيم بن علي بن محمد التجيبي الرئيس أبو محمد بن إشقيلولة قد مر شيء من ذلك في اسم الرئيس أبي إسحاق أبيه. حاله كان أميرًا شهما مضطلعًا بالقضية شهير المواقف أبي النفس عالي الهمة انتزى على خاله أمير المسلمين الغالب بالله وكان أملك لما بيده من مدينة وادي آش ما إليها معززًا بأخيه الرئيس أبي الحسن مظاهره في الأمر ومشاركه في السلطان واستمرت الحال مدة حياة خاله السلطان. ولما صار أمر إلى مخيفه ولي العهد. استشرى الداء وأعضل الأمر وعمت الفتنة وزاحمه السلطان بالمنكب انفجم واعتوره بالحيلة حتى تحيف أطرافه وكان ما هو معلوم من إجازة أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق البحر إلى الجهاد. ومال الحال بينه ويبين السلطان أمير المسلمين أبي عبد الله بن نصر إلى التقاطع وتصيرت مالقة إلى الإيالة المغربية ثم عادت إلى السلطان. وفي أخريات هذه الأحوال أحكم السلطان مع طاغية الروم السلم وصرف وجهه إلى مطالبة الرئيس أبي محمد صاحب وادي آش فالجأه الحال إلى أن صرف الدعوة بوادي آش إلى السلطان بالمغرب ورفع شعاره فأقعد عنه. ووقعت مراسلات أجلت عن انتقال الرئيس أبي محمد إلى وفاته دخلت قصر كتامة يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من ذي قعدة عام خمسة وخمسين وسبعماية في غرض الرسالة وزرت مقبرة الرؤساء بني إشقيلولة بظاهرها وفي قبة ضخمة البناء رحيبة الفناء نسيجة وحدها بذلك البلد بين منازل البلى وديار الفناء وبها قبر الرئيس أبي محمد هذا عن يسار الداخل بينه وبين جدار القبلة قبر وسنامه رخام متوب عليه: قبر عزيز علينا لو أن من فيه يفدا أسكنت قرة عيني وقطعة القلب لحدا ما زال حكمًا عليه وما القضاء تعدا فللصبر أحسن ثوب به العزيز تردا وعند رأس السنام الرخامي مهد مائل من الرخام فيه: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليمًا. هذا قبر الرييس الجليل الأعلى الهمام الأوحد الأسعد المبارك الأسنى الأسمى الأحفل الأكمل المجاهد المقدس المرحوم أبي عبد الله ابن الررئيس الجليل الهمام الأوحد الأسعد المبارك الأمضى الأسنى الأسمى المعظم المرفع المجاهد الأرضى المقدس المرحوم أبي إسحق إبراهيم بن إشقيلولة رحمه الله وعفا عنه وأسكنه جنته. ظهر عفا الله عنه بوادي آش أمنها الله قاعدة من قواعد الأندلس وتسلكن ونشرت علامات سلطنته وضربت الطبول. وجاهد منها العدو قصمه الله وظهر على خاله سلطان الأندلس وأقام في سلطنته نحوًا من ثلاث وعشرين سنة. ثم قام بدعوة الملك الأعلى السلطان المؤيد المنصور أمير المسلمين المؤيد بالله أبي يعقوب أيده الله بنصره وأمده بمعونته ويسره فتنحى عن الأندلس للمغرب أنسه الله في جماد الأولى من عام ستة وثمانين وستماية فأعطاه أيده الله قصر عبد الكريم أمنه الله وأنعم عليه فأقام به مدة من ثمانية أعوام وجاز منه إلى الأندلس أمنها الله وجاهد بها مرتين ثم رجع إلى قصر عبد الكريم المذكور وتوفي شرف الله روحه الطيبة المجاهدة عشي يوم السبت العاشر من شهر محرم سنة خمس وتسعين وستماية. عبد الله بن زيرى بن مناد الصنهاجي عبد الله بن بلقين بن باديس بن حبوس بن ماكسن بن زيرى بن مناد الصنهاجي أوليته: قد مر من ذلك في اسم جده ما فيه كفاية. حاله لقبه المظفر بالله الناصر لدين الله. |
ولى بعد جده باديس في شوال سنة خمس وستين وأربعمائة وصحبه سماجه الصنهاجي تسع سنين. قال الغافقي وكان قد حاز حظًا وافرًا من البلاغة والمعرفة شاعرًا جيد الشعر مطبوعه حسن الخط. كانت بغرناطة ربعة مصحف بخطه في نهاية الصنعة والإتقان. ووصفه ابن الصيرفي فقال كان جبانًا مغمد السيف قلقًا لا يثبت على الظهر عزهاة لا أرب له في النساء هيابة مفرط الجزع يخلد إلى الراحات ويستوزر الأغمار. خلعه قال وفي عام ثلاثة وثمانين وأربعمائة تحرك أمير المسلمين يوسف ابن تاشفين لخلع رؤساء الأندلس فأجاز البحر ويمم قرطبة وتواترت الأنباء عن حفيد باديس صاحب غرناطة بما يغيظه ويحقده حسبما تقدم في اسم مؤمل مولى باديس. وقدم إلى غرناطة أربع محلات فنزلت بمقربة منها ولم تمتد يد إلى شيء يوجد فسر الناس واستبشروا وأمنت البادية وتمايل أهل الحاضرة إلى القوى. وأسرع حفي باديس في المال وألحق السوقة والحاكة واستكثر من اللفيف وألح بالكتب على أذفونش بما يطمعه. وتحقق يوسف بن تاشفين استشراف الحضرة إلى مقدمه فتحرك. وفي ليلة الأحد لثلاث عشرة خلت من رجب اجتمع إلى حفيد باديس صنائعه فخوفوه من عاقبة التربص وحملوه على الخروج إليه فركب وركبت أمه وتركا القصر على حاله ولقي أمير المسلمين على فرسخين من المدينة فترجل وسأله العفو فعفا عنه ووقف عليه وأمره بالركوب فركب وأٌبل حتى نزل بالمشايخ من خارج الحضرة. وضطربت المحلات وأمر مؤملًا بثقافه في القصر فتولى ذلك وخرج الجم من أهل المدينة فبايعوا أمير المسلمين يوسف بن تاشفين فلقيهم وأنسهم وسكن جأشهم فاطمأنوا. وسهل مؤمل إليه دخول الأعيان فأمر بكتب الصكوك ورفع أنواع القبالات والخراج إلا زكاة العين وصدقة الماشية وعشر الزرع. واستقصى ما كان بالقصر فظهر على ما يحول الناظر ويروع الخاطر من الأعلاق والذخيرة ولاحلي ونفيس الجوهر وأحجار الياقوت وقصب المزمرد وآنية الذهب والفضة وأطباق البلور المحكم والجردإذانات والعراقيات والثياب الرفيعة والأنماط والكل والستاير وأوطية الديباج مما كان في ادخار باديس واكتسايه. وأقبلت دواب الظهر من المنكب بأحمال السبيك والمسبوك اختلفت أم عبد الله لاستخراج ما أودع بطن الأرض حتى لم يبق إلا الخرثى والثقل والسقط ووزع ذلك الأمير على قواده ولم يستأثر منه بشيء. قال ورغب إليه مؤمل في دخول القصر فركب إليه وكثر استحسانه إياه وأمر بحفظه وتفقد أوضاعه وأقنيته. ونقل عبد الله إلى مراكش وسنه يوم خلع خمس وثلاثون سنة وسبعة أشهر فاستقر بها هو وأخوه تميم وحل اعتقالهما ورفه عنهما وأجرى المرتب والمساهمة عليهما. وأحسن عبد الله أداء الطاعة مع لين الكلمة فقضيت مآربه وأسعفت رغباته وخف على الدولة واستراح واستريح منه ورزق الولد في الخمول فعاش له ابنان وبنت جمع لهم المال. فلما توفي ترك مالًا جما. مولده ولد عبد الله سنة سبع وأربعين وأربعماية. عبد الله بن علي بن محمد التجيبي والرئيس أبو محمد بن إشقيلولة حاله كان رئيسًا شجاعًا بهمة حازمًا أيدًا جلدًا. تولى مدينة مالقة عقب وفاة الرئيس واليها أبي الوليد بن أبي الحجاج بن نصر صنو أمير المسلمين الغالب بالله في أوايل عام خمسة وخمسين وستماية. وكان صهر السلطان على إحدى بناته وله منه محل كبير ومكان قريب وله من ملكه حظ رغيب. واستمرت حاله إلى عام أربعة وستين ستماية وقد ما بينه وبين ولي العهد الأمير أبي عبد الله محمد بن أمير المسلمين أبي عبد الله الغالب بالله إذ وغر له صدره ولا بنى أخيه الرئيسين أبي محمد وأبي الحسن إبني الرئيس أبي إسحق بن إشقيلولة المتأمرين بوادي آش فضايقهم أخافهم بما أداهم إلى الامتناع والدعاء لأنفسهم والاستمساك بما بأيديهم وعمت المسلمين الفتنة المنسوبة إليهم. فانتزى هذا الرئيس بمدينة مالقة وكان أملك لما بيده واستعان بالنصري وشمر عن ساعد الجد فأباد الكثير من أعيان البلدة في باب توسم التهم وتطرق السعايات واستولى على أموالهم. واستمرت الحال بين حرب أجلت فيها غلبة الأمير مخيفه ولي العهد بجيش النصرى ونازل مالقة أربعين يومًا وشعث الكثير بظاهرها وتسمى بعلم الأمير عند أهل مالقة وما بين سلم ومهادنة وفي عام ستين وستماية نازله السلطان الغالب بالله صهره وأعيا عليه أمر مالقة لأضطلاع هذا الرئيس بأمره وضبط من لنظره واستمساكه بعروة حزمه. وفي بعض الأيام ركب السلطان في ثلاثة من مماليكه متخفيًا كاتمًا غرضه وقعد بباب المدينة. فلما بصر به الرجال القايمون به هالهم الأمر وأدهشتهم الهيبة فأفرجوا له موقرين لجلاله آنسين لقلة أتباعه فدخل وقصد القصبة وقد نذر به الرئيس أبو محمد فبادر إليه راجلًا متبذلًا مهرولا حافيا. ولما دنا منه ترامى على رجليه يقبلهما إظهارًا لحق أبوته وتعظيمًا لقدره ودخل معه إلى بنته وحفدته فترامى الجميع على أطرافه يلثمونها ويتعلقون بأذياله وأدرانه وهو يبكي إظهارًا للشفقة والمودة وتكلم الجميل. وأقام معهم بياض يومه ثم انصرف إلى محلته وأتبعه الرئيس فأمره بالاستمساك بقصبته وملازمة محل إمرته وما لبث أن شرع في الارتحال عن ألطاف ومهادات وتقدير جرايات وإحكام هدية وتقرير إمارة إلى أن توفي السلطان رحمه الله فعاد الفتنة جزعة ووإلى ولده أمير المسلمين بعده الضرب على مالقة إلى أن هلك الرئيس أبو محمد واستقر بالأمور ولده المذكور في المحمدين وكان من الأمر ما ينظره في مكانه من أراد استيفاءه بحول الله. عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد العزفي يكنى أبا طالب الرئيس الفقيه الكبير الشهير صاحب الأمر والرياسة والإمارة بستة نيابة عن أخيه الرئيس الصالح أبي حاتم بحكم الاستقلال في ذلك والاستبداد التام من غير مطالعة لأخيه ولا رجوع إليه في شيء من الأمور ولا تشوف من أخيه إلى ذلك لخروجه البتة عنه وإيثاره العزلة. واشتغاله بنفسه. حاله قد تقدم من ذكر أوليته ما فيه كفاية. وكان من أهل الجلالة والصيانة وطهارة النشأة حافظًا للحديث ملازمًا لتلاوة كتاب الله عارفًا بالتاريخ عظيم الهيبة كبير القدر والصيت علاي الهمة شديد البأو معظما عند الملوك جميل الشارة ممتثل الإشارة لديهم عجيب السكينة والوقار بعيد المرمى شديد الانقباض مطاع السلطان بموضعه مرهوب الجانب من غير إيقاع بأحد ولا هتك حرمة محافظًا على إقامة الرسوم الحسبية والدينية. مشيخته قرأ على الأستاذ أبي الحسين بن أبي الربيع وغيره. نكبته تغلب على بلده أيام إمارته وثار أهله إليه في السلاح والعدة ليحيطوا بمن في القصبة. فخرج إليهم وشكر مساعيهم وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل فانصرفوا ودخل منزله ملقيًا بيده ومسلمًا لقضاء الله سبحانه في كسره إلى أن قبض عليه وعلى ساير بنيه وقومه عند ارتفاع النهار وانتشار المتغلبين على القصبة فنقفوا متحرجين من دماء المسلمين وصرفوا إلى الأندلس في ضحو يوم الخميس الثاني عشر من ذي قعدة عام خمسة سبعماية بعد انقضاء خمسة عشر يومًا من تملك بلدهم. فاستقر بغرناطة تحت ستر واحترام وجراية فيها كفاف. ثم لما خرجت سبتة عن طاعة أمير المسلمين انصرف القوم إلى فاس فتوفي بها وفاته: في شعبان المكرم من عام ثلاثة عشر وسبعماية عبد الله بن الجبير بن عثمن بن عيسى بن الجبير اليحصبي من أهل لوشة وهو محسوب من الغرناطيين قال الأستاذ من أعيانها ذوي الشرف والجلالة قلت ينسب إليه بها معاهد تدل على قدم وأصالة. حاله قال أبو القاسم الملاحي كان أديبًا بارع الأدب كاتبًا بليغًا شاعرًا مطبوعًا لسنًا مفوهًا عارفًا بالنحو والأدب واللغات. وقد مال في عنفوان شبيبته إلى الجندية لشهامته وعزة نفسه فكان في عسكر المأمون ابن عباد واشتمل عليه المأمون وكان من أظرف الناس وأملحهم شيبة وأحسنهم شارة وأمهم معرفة. مشيخته أخذ عن أشياخ بلده غرناطة وأخذ بمالقة عن غانم الأديب وبقرطبة عن ابن سراج. شعره وله في إنشاده لدى المأمون مجال رحب فمن ذلك قوله: ويا مسرين للإخوان غائلة ومظهرين وجوه البر والرحب ما كان ضركم الإخلاص لو طبعت تلك النفوس على علياء أو أدب أشبهتم الدهر لما كان والدكم فأنتم شر أبناء لشر أب عبد الله بن سعيد بن السلماني عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن أحمد بن علي السلماني والد المؤلف رضي الله عنه يكنى أبا محمد غرناطي الولادة والاستيطان لوشي الأصل ثم طليطليه ثم قرطبيه. أوليته كان سلفه يعرفون بقرطبة ببني وزير وهم بها أهل نباهة وبيتهم بيت فقه وخيرية ومالية ونجارهم نجار فرسان يمانية. ولما حدث على الحكم بن هشام الوقيعة الربضية وكان له الفلج وبأهل الربض الدبرة كان أعلام هذا البيت من الجالية أمام الحكم حسبما امتحن به الكثير من أعلام المشيخة بها كالفقيه طالوت ويحيى بن يحيى وغيرهم ولحقوا بطليطلة فاستقروا بها ونبا بهم وطنهم ثم حوموا على سكنى الموسطة وآب إلى قرطبة قبلهم بعد عهد متقادم ومنهم خلف وعبد الرحمن وقد مر له ذكر في هذا الكتاب. وولى القضاء بالكورة. ومنهم قوم من قرابتهم تملكوا منتفريد والحصن المعروف الآن بالمنعة والخصب وتمدن فيهم وبنيت به القلعة السامية ونسب إليه ذلك المجد فهم يعرفون ببلدنا ببني المنتفريدين. واستقر منهم جدنا الأعلى بلوشة خطيبًا وقاضيًا بالصقع ومشاورًا وهو المضاف إلى اسمه التسويد بلوشة عرفًا كأنه اسم مركب فلا يقول أحد منهم في القديم إلا سيدي سعيد. كذا تعرفنا من المشيخة وإليه النسبة اليوم وبه يعرف خلفه ببني الخطيب وكان صالحًا فاضلًا من أهل العلم والعمل. حدثني الشيخ المسن أبو الحكم المنتفريدي وقد وقفنى على جدار برج ببعض أملاكنا بها على الطريق الآتية من غرناطة إلى لوشة ثم إلى غيرها كإشبيلية وسواها فقال كان جدك يسكن بهذا البرج كذا من فصول العام ويتلو القرآن ليلًا فلا يتمالك المارون على الطريق أن يقربوا إصغاء لحسن تلاوته وخشوعًا. وكان ولده عبد الله بعده على وتيرة حسنة من الخير والنباهة وطيب الطعمة ثم جده الأقرب سعيد على سننه مرب عليه بمزيد المعرفة وحسن الخط. ولما وقع بلوشة بلده ما هو معروف من ثورة أصهارهم من بني الطنجالي وكان بينهم ما يكون بين الفحول في الهجمات من التشاجر فر عنهم خيفة على نفسه وعلى ذلك فناله اعتقال طويل عدا به عليه عن تلك الثورة. ثم بان عذره وبرئت ساحته واستظهر به السطان وأقام بغرناطة مكرمًا مؤثرًا مؤتمنًا وصاهر في أشراف بيوتاتها فكانت عنده بنت الوزير أبي العلي أضحى بن أضحى الهمداني وتوفيت تحته فأنجز له بسببها الحظ في الحمام الأعظم المنسوب إلى جدها اليوم. ثم تزوج بنت القايد أبي جعفر أحمد بن محمد الجعدالة السلمى أم الأب المترجم به ولها إلى السطان ثاني ملوك بني نصر وعظيمهم متات ببنوة الخؤولة من جهة القواد الأصلاء القرطبيين بني دحون فوضح القصد وتأكدت الحظوة. وقد وقعت الإشارة إلى ذلك كله في محله. ثم رسخت لولده أبي القدم في الخدمة والعناية حسبما يتقرر في موضعه. حاله كان رحمه الله فذًا في حسن الشكل والأبهة وطلاقة اللسان ونصاعة الظرف وحضور الجواب وطيب المجالسة وثقوب الفهم ومشارًا إليه في الحلاوة وعذوبة الفكاهة واسترسال الانبساط مغييًا في ميدان الدعابة جزلًا مهيبًا صارمًا متجندًا رايق الخصل ركضًا وثقافة وعدوًا وسباحة وشطرنجًا حافظًا للمثل واللغة إخباريًا مضطلعًا بالتاريخ ناظمًا ناثرًا جميل البزة فاره المركب مليح الشيبة. نشأ بغرناطة تحت ترف ونعمة من جهة أمه وأبيه وقرأ على أبي إسحق بن زرقال وأبي الحسن البلوطي ثم على أستاذ الجماعة أبي جعفر بن الزبير ظاهرة عليه مخيلة النجابة والإدراك. ثم أقصر لعدم الحامل على الدؤوب وانتقل إلى بلد سلفه متحيفًا الكثير من الأصول في باب البذل وقرى الضيوف ومداومة الصيد وإيثار الراحة معتمدًا بالتجلة مقصود الحلة مخطوب المداخلة من أبناء أشرف الدولة منتجعًا لأولى الكدية. ولما قام بالأمر السلطان أمير المسلمين أبو الوليد وأمه بنت السلطان ثاني الملوك من بني نصر جزم ما تقدم من المتات والوسيلة استنهضه للإعانة على أمره وجعل طريقه على بلده فحطب في حبله وتمسك بدعوته واعتمده بنزله وضيافته وكان أعظم الأسباب في حصول الأمر بيده ودخوله في حكمه وانتقل إلى حضرة الملك بانتقاله فنال ما شاء من اصطناعه وحظوته وجرى له هذا الرسم في أيام من خلفه من ولده إلى يوم الوقيعة الكبرى بطريف تاريخ فقده. وجرى ذكره في كتاب الإكليل بما نصه: إن طال الكلام وجمحت الأقلام كنت كما قيل مادح نفسه يقرئك السلام وإن أحجمت فما أسديت في الثناء ولا ألحمت وأضعت الحقوق وخفت ومعاذ الله العقوق. هذا ولو أني زجرت طير البيان من أوكاره وجيته بعيون الإحسان وأبكاره لما قضيت حقه بعد ولا قلت إلا التي علمت سعد. فقد كان رحمه الله ذمر عزم ورجل رخاء وأزم تروق أنوار خلاله الباهرة وتضيء مجالس الملوك من صورتيه الباطنة والظاهرة ذكاء يتوقد وطلاقة يحسد نورها الفرقد فقدته بكاينة طريف جبر الله عثارها حدث خطيب المسجد الأعظم وهو ما هو من وفور العقل وصحة النقل قال مررت بأبيك بعد ما تمت الكسرة وخذلت تلك الأسرة وقد كبا بأخيك الطرف وعرض عليه الحمام للصرف والشيخ رحمه الله لم تزل قدمه ولا راعه الموقف وعظمه. ولما أيس من الخلاص وطلابه صرفني وقال أنا أولى به فقضى سعيدًا شهيدًا لم يستنفره الهول ولم يثنه ولا رضي عار الفرار عن ابنه. |
شعره قال في الإكليل وكان له في الأدب فريضة وفي النادرة العذبة منادح عريضة. تكلمت يومًا بين يديه في مسائل من الطب وأنشدته أبياتًا من شعري وقرأت عليه رقاعًا من إنشائي فسر وتهلل وعبر عما أمل وما برح أن ارتجل قوله رحمة الله عليه: الطب والشعر والكتابة سماتنا في بني النجابة هن ثلاث مبلغات مراتبًا بعضها الحجابة ووقع لي يومًا بخطه على ظهر أبيات بعثتها إليه أعرض عليه نمطها: وردت كما ورد النسيم بسحره عن روضة جاد الغمام رباها مصقولة الألفاظ بيهر حسنها بمثلها افتخر البليغ وباهى فقررت عينًا عند رؤية حسنها إلى أبوك وكنت أنت أباها ومن شعره قوله: وقالوا قد نأوا فاصبر ستشفى فترياق الهوى بعد الديار فقلت هبوا بأن الحق هذا فقلبي يمموا فيم اصطبار ومن قوله مما يجري مجرى الحكم والأمثال: عليك بالصمت فكم ناطق كلامه أدى إلى كلمه إن لسان المرء أهدى إلى غرته والله من خصمه يرى صغير الجرم مستضعفا وجرمه أكبر من جرمه وقال وهو من المستحسن في التجنيس: أنا بالدهر يا بني خبير فإذا شئت علم فتعإلى كم مليك قد ارتغى منه روضا لم يدافع عنه الرحمن ما ارتغى لا كل شيء تراه يفنى ويبقى ربنا الله ذو الجلال تعإلى ولد بحضرة غرناطة في جمادى الأولى من عام اثنين وسبعين وستماية. وفاته بعد يوم الوقيعة الكبرى على المسلمين بظاهر طريف يوم الاثنين السابع لجمادى الأولى عام واحد وأربعين وسبعماية. من رثاه قلت في رثايه من قصيدة أولها: سهام المنايا لا تطيش ولا تخطى وللدهر كف تسترد الذي تعطى وإنا وإن كنا على ثبج الدنا فلا بد يومًا أن تحل على الشط وسيان ذل الفقر أو عزة الغنى ومن أسرع السير الحثيث ومن يبط تساوى على ورد الردى كل وارد فلم يغن رب السيف عن ربة القرط وقال شيخنا أبو زكريا بن هذيل من قصيدة يرثيه بها: إذا أنا لم أرث الصديق فما عذري إذا قلت أبياتا حسانًا من الشعر ولو كان شعري لم يكن غير ندبة وأجريت دمعي لليراع عن الحبر رماني عبد الله يوم وداعه بداهية دهياء قاصمة الظهر قطعت رجائي حين صح حديثه فإن لم يوف دمعي فقد خانني صبري وهل مؤنس كابن الخطيب لوحشتي أبث له همي وأودعه سري عبد الله بن محمد بن جزي عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن جزي من أهل غرناطة يكنى أبا محمد وقد مر ذكر أبيه شيخنا وأخويه وتقررت نباهة بيتهم. حاله هذا الفاضل قريع بيت نبيه وسلف شهير وأبوة خيرة وأخوة بليغة وخؤولة تميزت من السلطان بحظوة. أديب حافظ قام على فن العربية مشارك في فنون لسانية سواه طرف في الإدراك جيد النظم مطواع القريحة باطنه نبل وظاهره غفلة. قعد للإقراء ببلده غرناطة معيدًا ومستقلًا ثم تقدم للقضاء بجهات نبيهة على زمن الحداثة وهو لهذا العهد مخطوب رتبة وجار إلى غاية وعين من أعيان البلدة. مشيخته أخذ عن والده الأستاذ الشهير أبي القاسم حديث الرحمة بشرطه وسمع عليه على صغر السن أبعاضًا من كتب عدة في فنون مختلفة كبعض صحيح مسلم وبعض صحيح البخارري وبعض الجامع للترمذي وبعض السنن للنسائي وبعض سنن أبي داود وبعض موطإ ملك بن أنس وبعض الشفاء لعياض وبعض الشمايل للترمذي وبعض الأعلام للنميري وبعض المشرع السلس في الحديث المسلسل لابن أبي الأحوص وبعض كتاب التيسير لأبي عمرو الداني وبعض الهداية للمهدي وبعض التلخيص للطبري وبعض كتاب الدلالة في إثبات النبوة والرسالة لأبي عامر بن ربيع وبعض كتاب حلبة الأسانيد وبغية التلاميذ لابن الكماد وبعض كتاب وسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم من تواليف والده وبعض القوانين الفقهية وبعض كتاب الدعوات والأذكار وبعض كتاب النور المبين في قواعد عقايد الدين من تأليفه وبعض تقريب الوصول إلى علم الأصول وبعض كتاب الصلاة وبعض كتاب الأنوار السنية في الكلمات السنية وبعض كتاب برنامجه. كل ذلك من تأليف والده رحمه الله. وأجاز له رواية الكتب المذكورة عنه مع رواية جميع مروياته وتواليفه وتقييداته إجازة عامة. ولقنه في صغره جملة من الأحاديث النبوية والمسائل الفقهية والمقطوعات الشعرية. ومنهم قاضي الجماعة أبو البركات بن الحاج حدثة بألمرية حديث الرحمة بشرطه وسمع عليه بها وبغرناطة عدة من أبعاض كتب وأجازه عامة وأنشده من شعره وشعر غيره. ومنهم قاضي الجماعة الشريف أبو القاسم لازمه مدة القراءة عليه واستفاد منه وتفقه عليه بقراءة غيره في كثير من النصف الثاني من كتاب سيبويه وفي كثير من النصف الثاني من كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي وفي كثير من كتاب التسهيل لابن مالك وفي القصيدة الخزرجية في العروض وسمع من لفظه الربع الواحد أو نحوه من تأليفه شرح مقصورة حازم وتفقه عليه فيه وأنشده كثيرًا من شعره وشعر غيره. ومنهم الأستاذ أبو عبد الله البياني لازمه مدة القراءة عليه وتفقه عليه بقراءته في كتاب التسهيل البديع في اختصار التفريع إلا يسيرًا منه وتفقه عليه بقراءة غيره في أبعاض من كتب فقهية وغيرها ككتاب التهذيب وكتاب الجواهر الثمينة وكتاب التفريع وكتاب الرسالة لابن أبي زيد وكتاب الأحكام لابن العربي وكتاب شرح العمدة لابن دقيق العيد وغير ذلك مما يطول ذكره. ومنهم الأستاذ الأعرف الشهير أبو سعيد بن لب تفقه عليه بقراءته في جميع النصف الثاني من كتاب الإيضاح للفارس وفي كثير من النصف الأول من كتاب سيبويه وتفقه عليه بقراءة غيره في أبعاض من كتب عدة في فنون مختلفة كالمدونة والجواهر وكتاب ابن الحاجب وكتاب التلقين وكتاب الجمل وكتاب التسهيل والتنقيح والشاطبية وكتاب العمدة في الحديث وغير ذلك. ومنهم الشيخ المقرى المحدث أبو عبد الله محمد بن بيبش سمع عليه بقراءة أخيه الكاتب أبي عبد الله محمد جميع كتاب الموطأ وكتاب الشفا إلا يسيرًا منه وأجازه روايتهما عنه ورواية جميع مروياته إجازة عامة وأنشده جملة من شعره وشعر غيره. وممن أجازه عامة رئيس الكتاب أبو الحسن بن الجياب وقاضي الجماعة أبو عبد الله بن يحيى بن بكر الأشعري والخطيب أبو علي القرشي والأستاذ أبو محمد بن سلمون والحاج الراوية أبو جعفر ابن جابر والشيخ القاضي أبو جعفر أحمد بن عتيق الشاطبي الأزدي والقاضي الكاتب البارع أبو بكر بن شبرين والقاضي الخطيب الأستاذ الراوية أبو بكر بن الشيخ الخطيب الصالح أبي جعفر بن الزيات والقاضي الخطيب أبو محمد بن محمد بن الصايع. وممن كتب له بالإجازة من المشايخ شيخ المشايخ أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان وقاضي الجماعة بفاس محمد بن محمد بن أحمد المقري ورئيس الكتاب أبو محمد الخضرمي وجماعة سوى من ذكر من أهل المشرق والمغرب. شعره وشعره نبيل الأغراض حسن المقاصد فمن ذلك قوله: سنى الليلة الغرا وافتك بالبشرى وأبدى منها وجه القبول لك البشرا لها المنة العظمى بميلاد أحمد لها الرتبة العليا لها العزة الكبرا طوى سره في صدر الدهر مدة فوافى ربيعًا ناشرًا ذلك السرا حوى شهرة الفضل الشهير وفضله فأحسن به فضلًا وأعظم به شهرا لقد كان ليل الكفر في الليل قد جفا فأطلع منه في سمة الهدي فجرا وفي ليلة الميلاد لاحت شواهد قضت أندين الكفر قد أبطل الكفرا لقد أخمدت أنوارها نار فارس وأرجف كما ارتج إيوانه كسرى له معجزات يعجز القلب كنهها ويحصر إن رام اللسان لها حصرا معال يكل الشعر عن نيل وصفها وتقصر عن إدراك مصعده الشعرا به بشر الرسل الكرام ولم تزل شمايله تتلى وآياته تترا ففي الصحف الأولى مناقبه العلى وفي الذكر آيات رخص له قدرا لقد خصه مولاه بالقرب والرضى وحسبك ما قد نص في النجم والإسرا ورد عليه الشمس بعد غروبهاوشق على رغم العداة له البدرا كفى شاهدا أن رد عين قتادة فكان لها الفضل المبين على الأخرا وحن إليه الجذع عند فراقه ولا حنت الخنساء إذ فارقت صخرا وحق له إذ بان عنه حبيبه ومن ذاق طعم الوصل لم يحمل الهجرا خليلي ولادنيا تجدد للفقر ضروبا من الأشواق لو تنفع الذكرا بعيشكما هل لي إلى أرض طيبة سبيل فأما الصبر عنها فلا صبرا منًا للنفس من تلك المعاهد زورة أبث بها شكوى وأشكو بها وزرا وتعفير خدي في عروق ترابها ليمحو لي ذنبا ويثبت لي أجرا تعللني نفسي بإدراكها المنا وما أجهدت عيشًا ولا ملكت قفرا ومن كانت الآمال أقصى اجتهاده غدت كفه مما تأمله صفرا وكم زجرتها واعظات زمانها فما سمعت وعظًا ولا قبلت زجرا وكنت لها عصر الشبيبة عاذرًا سقاه الحيا ما كان أقصره عصرا وأما وقد ولت ثلاثون حجة فلست أرى للنفس من بعدها عذرا هو المرتضى الداعي إلى منهج الرضا هو المصطفى الهادي الميسر لليسرا هو الحاسر الماحي الضلالة بالهدى هو الشافع الواقي إذ شهر الحشرا بأي كلام يبلغ المرء وصف من مكارمه تستغرق النظم والنثرا خلال إذ الأفكار جاست خلالها تكر على الأعقاب خاسئة خسرا لقد غض طرف النجم باهرها سنى وأرغم أنف الروض عاطرها نشرا سقى ليلة حييت به واكف الحيا فنعماؤها ما إن يحيط بها شكرا لقد خصها سند الإله برحمة فعمت بها الدنيا وسكانها طرا أقمت أمير المسلمين حقوقها بأفعال بر أضحكت للهدى ثغرا لقد سرت فيها إذ أتتك بسره أقرت لها عينا وسرت لها صدرا عرفت بها حق الذي عرفت به فأحسنتها شكرا وأوليتها برا وأصحبتها الإخلاص لله والتقا وأعقبها الإحسان والنايل الغمرا لدي مصنع ملأ العيون محاسنًاتجسم فيه السحر حتى بدا قصرا هم ما هم إن تلقهم في مهمة لقيت الجناب السهل والمعقل الوعرا سلالة أنصار النبي محمد فسل أحدا ينبيك عنهم وسل بدرا ومن شعره في المقطوعات. قال في التورية العروضية: لقد قطعت قلبي يا خليلي بهجر طال منك على العليل ولكن ما عجيب منك هذا إنه التقطيع من شأن الخليل وقال في التورية النحوية: لقد كنت موصولًا فأبدل وصلكم بهجر وما مثلي على الهجر يصبر فما بالكم غيرتم حال عبدكم وعهدي بالمحبوب ليس يغير وقال في التورية مداعبًا بعض المقرئين للعدد وهو بديع: يا ناصبًا علم الحساب حباله لقناص ظبي ساحر الألباب إن كنت ترجو بالحساب وصاله فالبدر يرزقنا بغير حساب وقال في التورية العروضية: لقد كمل الود بينناودمنا على فرح شامل فإن دخل القطع في وصلنا فقد يدخل القطع في الكامل ألا اكتمك حب من أحببت واصبر فإن الهجر يحدثه الكلام وإن أبداه دمع أو نحول فمن بعد اجتهادي لا تلام وقال: وأشنب الثغر له وجنة تعدت النحل على وردها ما ذاك إلى حسد إذ رأت رضابه أعذب من شهدها وقال في التورية بأسماء كتب فقهية جوابًا غير معمى: لك الله من خل حباني برقعة حبتني من أبياتها بالنوادر رسالة رمز في الجمال نهاية وخيرة نظم أتحفت بالجواهر وقال في التورية أيضًا: إلى الله أشكو عذرًا ترددا إلي فلما لاح سرى لهم حالوا لقد خدعوني إذ أروني مودة ولكنه لا غرو أن يخدع الآل وقال يخاطب رجلًا من أصحابه: أيا حسن إن شتت الدهر شملنا فليس لود في الفؤاد شتات وقال في النسيب: إن كان باب القرب قد سد بيننا ولم يبق لي في نيل وصلك مطمع وأخفرت عهدي دون ذنب جنيته وأصبح ودي فيك وهو مضيع ولم ترث لي عما ألاقي من الأسى وصرت أنادي منك من ليس يسمع وضاقت بي الأحوال عن كل وجهة فما أرتجي من رحمة الله أوسع ومما نظمه في التضمين مخاطبًا بعض المنتحلين للشعر قوله: لقد صرت في غصب القصايد ماهرا فما اسم جميع الشعر عندك غيزل ولم تبق شعرا لامرئ متقدم ولم تبق شعرا يا بن بشت لأول فشعر جرير قد غصبت ورويه وشعر ابن مرج الكحل وابن المرحل وإن دام هذا الأمر أصبحت تدعى قفا نبك من ذكري حبيب ومنزل ومن المقريين والعلماء عبد الله بن العبدري الكواب عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن مجاهد العبدري الكواب من أهل غرناطة يكنى أبا محمد الخطيب المقرئ حاله من الصلة: كان رحمه الله أتقن أهل زمانه في تجويد كتاب الله العزيز وأبرعهم في ذلك وأنفعهم للمتعلم نفع الله به كل من قرأ عليه وترك بعده جملة يرجع إليهم في ذلك ويعمل على ما عندهم. وكان مع ذلك نبيه الأغراض في جميع ما يحتاج إليه في علمه ذاكرا للإختيارات التي تنسب للمقرئين من يرجح ويعلل ويختار ويرد موفقًا في ذلك صابرًا على التعليم دايبًا عليه نهاره وليله ذاكرا لخلاف السبعة. رحل الناس إليه من كل مكان خاصتهم وعامهم وملأ بلده تجويدًا وإتقانا وكان مع هذا فاضلًا ورعًا جليلًا. خطب بجامع غرناطة وأم به مدة طويلة إلى حين وفاته. مشيخته أخذ القراءات عن الحاج أبي الحسين بن كوثر وأبي خالد بن رفاعة وأبي عبد الله بن عروس. ورحل إلى بياسة فأخذ بها القراءات عن أبي بكر ابن حسون وأخذ مع هؤلاء عن جعفر بن حكم وأبي جعفر بن عبد الرحيم وأبي الحسن الصدفي الفاسي وسمع عليه كثيرًا من كتاب سيبويه تفقهًا وأجاز له كتابة القاضي أبو بكر بن أبي جمرة مع آخرين ممن أخذوا عنه. من أخذ عنه روى عنه الناس أهل بلده وغيرهم منهم ابن أبي الأحوص وأبو عبد الله بن إبراهيم المقرى. وفاته توفي سنة ثلاث وثلاثين وستماية ودفن بمقبرة باب إلبيرة. ابن سلمون عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن سلمون الكناني من أهل غرناطة يكنى أبا محمد ويعرف بابن سلمون حاله كان رحمه الله نسيج وحده دينًا وفضلًا وتخلقًا ودمائه ولين جانب حسن اللقاء سليم الباطن مغرقًا في الخير عظيم الهشة والقبول كريم الطوية عظيم الانقياد طيب اللهجة متهالكًا في التماس الصالحين يتقلب في ذلك بين الخطإ والإصابة صدرًا في أهل الشورى. قرأ ببلده وسمع وأسمع وأقرأ وكتب الشروط مدة مأثور العدالة معروف النزاهة مثلًا في ذلك ويقوم على العربية والفقه خصوصًا باب البيوع ويتقدم السباق في معرفة القراءات منقطع القرين في ذلك أشد الناس خفوفًا في الحوايج وأسرعهم إلى المشاركة. مشيخته قرأ على الأستاذ الكبير أبي جعفر بن الزبير بغرناطة ولازمه فانتفع به دراية ورواية. وقرأ على الخطيب أبي الحسن بن فضيلة والمكتب أبي الحسن البلوطي وأبي محمد النفزي والخطيب أبي جعفر الكحيلي. وبمالقة على الأستاذ أبي محمد الباهلي. وبسبتة على الأستاذ المقري رحلة وقته أبي القاسم بن الطيب وسمع عله الكثير. وعلى الأستاذ أبي عبد الله الدارج ولازم مجلس إقرايه وعلى الشيخ المعمر أبي عبد الله ابن الخطار الكامي وهو أعلى من لقيه من تلك الحلبة. وأخذ بالإجازة عن العدل أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن النولي وروايته عاليه. لقي أب الربيع بن سالم ولقي بسبتة الشريف الراوية أبا علي الحسن بم بن أبي الشرف ربيع والأديب الكاتب أبا علي الحسين بن عتيق بن الحسين ابن رشيق. وبفاس الفقيه أبا غالب محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغيلي. وقرأ على الخطيب المحدث أبي عبد الله بن رشيد. وسمع على ذي الوزارتين أبي عبد الله بن الحكيم. ولقي الأديب المعمر مالك بن المرحل. وأجازه أبو عمران موسى بن الخطيب أبي الحسن الداري برندة. وأجازه من أهل المشرق كثير منهم عز الدين أحمد بن محمد الحسني بقية الأشراف بالديار المصرية وجمال الدين أحمد بن محمد بن عبد الله الظاهري ونجم الدين أحمد بن حمدان الحراني وجمال الدين أحمد ابن أبي الفتح الشيباني وأحمد بن عبد المنعم الصوفي ومولده عام أحد وستماية وأحمد بن سلمان بن أحمد المقدسي وأحمد بن عبد الحميد ابن عبد الهادي وشمس الدين إبراهيم بن سرور المقدسي والخطيب بالمسجد الأعظم ببجاية أبو عبد الله بن صالح الكناني وأبو عبد الله محمد أبي خمسة محمد بن البكري بن أبي بكر وأبو عبد الله محمد بن علي ابن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري وابن دقيق العيد تقي الدين وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد بن جماعة والشيخة الصالحة أم محمد عائشة بنت أبي الخطاب محمد بن أحمد بن خليل السكوني. وأجازه نحو من المايتين من أهل المشرق والمغرب. ولقي بفاس الشيخة الأديبة الطيبة الشاعرة سارة بنت أحمد بن عثمان بن الصلاح الحلبية وأجازته وألبسته خرقة التصوف. قال: وأنشدتني قصيد أجابت بها الخطيب المحدث أبا عبد الله ابن رشيد أولها يعني قصيدة ابن رشيد: سرى نسيم من حمى سارة عاد به كل نسيم عاطرا وجال أفكار الدنا ذكرها فسار فيها مثلا سايرا دايرة والمجد قطب لها دارت عليه فلكًا دايرا فقالت: وافي قريض منكم مذ غدا لبعض أوصافكم ذاكرا أطلع من أنفاسه الحجا ومن شذاه نفسًا عاطرا أعاد ميت الفكر من خاطري من بعد دفن في الثرى ناشرا فقلت لها هالتي حسنه أشاعرًا أصبح أم ساحرا أم روضة هذى التي قد نوى أم بدر تم قد بدا زاهرا لله ما أعذب ألفاظه وأنور الباطن والظاهرا يا ابن رشيد بل أبا الرشد يا من يزل لطي العلى ناشرا خذ ما فدتك النفس يا سيدي وكن لمن نظمها عاذرا ما تصل الأنثى بتقصيرها لأن تبارى ذكرًا ماهرا لازلت تحيى من رسوم العلا ما كان منها دارسًا دائرا تصانيفه الكتاب المسمى بالشافي في تجربة ما وقع من الخلاف بين التيسير والتبصرة والكافي لا نظير له. |
الساعة الآن 10:27 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |