منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المكتبة العامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=239)
-   -   سير أعلام النبلاء - محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=4018)

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 09:08 PM

أبي بن كعب

( ع )

ابن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار . [ ص: 390 ]

سيد القراء أبو منذر الأنصاري النجاري المدني المقرئ البدري ويكنى أيضا أبا الطفيل .

شهد العقبة وبدرا ، وجمع القرآن في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعرض على النبي - عليه السلام - وحفظ عنه علما مباركا ، وكان رأسا في العلم والعمل - رضي الله عنه .

حدث عنه بنوه محمد ، والطفيل ، وعبد الله ، وأنس بن مالك ، وابن عباس ، وسويد بن غفلة ، وزر بن حبيش ، وأبو العالية الرياحي وأبو عثمان النهدي ، وسليمان بن صرد ، وسهل بن سعد ، وأبو إدريس الخولاني ، وعبد الله بن الحارث بن نوفل ، وعبد الرحمن بن أبزى ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعبيد بن عمير ، وعتي السعدي ، وابن الحوتكية ، وسعيد بن المسيب ، وكأنه مرسل ، وآخرون .

فعن عيسى بن طلحة بن عبيد الله قال : كان أبي رجلا دحداحا ، يعني ربعة ، ليس بالطويل ولا بالقصير .

وعن ابن عباس بن سهل ، قال : كان أبي أبيض الرأس واللحية .

وقال أنس : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بن كعب : إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن . وفي لفظ : أمرني أن أقرئك القرآن . قال : الله سماني لك ؟ قال : نعم . قال : وذكرت عند رب العالمين ؟ قال : نعم . فذرفت عيناه [ ص: 391 ]

ولما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أبيا عن أي آية في القرآن أعظم ، فقال أبي الله لا إله إلا هو الحي القيوم . ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدره وقال : ليهنك العلم أبا المنذر .

قال أنس بن مالك : جمع القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة كلهم من الأنصار : أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد أحد عمومتي .

وقال ابن عباس : قال أبي لعمر بن الخطاب : إني تلقيت القرآن ممن تلقاه من جبريل - عليه السلام - وهو رطب .

وقال ابن عباس : قال عمر : أقضانا علي ، وأقرؤنا أبي ، وإنا لندع من قراءة أبي ، وهو يقول : لا أدع شيئا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قال الله تعالى : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها [ البقرة : 106 ] . [ ص: 392 ]

وروى أبو قلابة ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أقرأ أمتي أبي .

وعن أبي سعيد قال : قال أبي : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جزاء الحمى ؟ قال : تجري الحسنات على صاحبها . فقال : اللهم إني أسألك حمى لا تمنعني خروجا في سبيلك . فلم يمس أبي قط إلا وبه الحمى .

قلت : ملازمة الحمى له حرفت خلقه يسيرا ، ومن ثم يقول زر بن حبيش : كان أبي فيه شراسة .

قال أبو نضرة العبدي : قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر طلبت حاجة إلى عمر وإلى جنبه رجل أبيض الثياب والشعر ، فقال : إن الدنيا فيها بلاغنا ، وزادنا إلى الآخرة ، وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة . فقلت : من هذا يا أمير المؤمنين ؟ قال : هذا سيد المسلمين أبي بن كعب .

قال مغيرة بن مسلم ، عن الربيع ، عن أنس ، عن أبي العالية قال : قال رجل لأبي بن كعب : أوصني ، قال : اتخذ كتاب الله إماما ، وارض به قاضيا وحكما ، [ ص: 393 ] فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم ، شفيع ، مطاع ، وشاهد لا يتهم ، فيه ذكركم وذكر من قبلكم ، وحكم ما بينكم ، وخبركم وخبر ما بعدكم .

الثوري ، وأبو جعفر الرازي ، واللفظ له : عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم . قال : هن أربع ، كلهن عذاب ، وكلهن واقع لا محالة ، فمضت اثنتان بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمس وعشرين سنة ، فألبسوا شيعا ، وذاق بعضهم بأس بعض ، وبقي ثنتان واقعتان لا محالة : الخسف والرجم .

أخبرنا إسحاق الأسدي ، أنبأنا يوسف الحافظ ، أنبأنا أحمد بن محمد ، أنبأنا أبو علي المقرئ : أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب ، حدثنا إبراهيم بن سعدان ، حدثنا بكر بن بكار ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، حدثني أبي ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : كنت واقفا مع أبي بن كعب في ظل أطم حسان ، والسوق سوق الفاكهة اليوم ، فقال أبي : ألا ترى الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا ؟ قلت بلى ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يوشك أن يحسر الفرات عن جبل من ذهب ، فإذا سمع به الناس ، وساروا إليه ، فيقول من عنده : لئن تركنا الناس يأخذون منه لا يدعون منه شيئا ، فيقتل الناس من كل مائة تسعة وتسعون . [ ص: 394 ]

أخرجه مسلم من طريق عبد الحميد ، وله إسناد آخر وهو الزبيدي ، عن الزهري ، عن إسحاق مولى المغيرة عن أبي .

أبو صالح الكاتب : حدثنا موسى بن علي ، عن أبيه أن عمر خطب بالجابية ، فقال : من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب ، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيدا ، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذا ، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني ; فإن الله جعلني خازنا وقاسما .

ورواه الواقدي عن موسى أيضا .

أبو بكر بن عياش : عن عاصم عن زر قال : أتيت المدينة ، فأتيت أبيا فقلت : يرحمك الله ، اخفض لي جناحك - وكان امرءا فيه شراسة - فسألته عن ليلة القدر ، فقال : ليلة سبع وعشرين .

سفيان الثوري : عن أسلم المنقري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه قال : قال أبي بن كعب : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أمرت أن أقرأ عليك القرآن . قلت : يا رسول الله ، وسميت لك ؟ قال : نعم . قلت لأبي : فرحت بذلك ؟ قال : وما يمنعني وهو تعالى يقول : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا . [ ص: 395 ]

تابعه الأجلح ، عن عبد الله ، عن أبيه .

محمد بن عيسى بن الطباع : حدثنا معاذ بن محمد بن محمد بن أبي بن كعب ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا المنذر ، إني أمرت أن أعرض عليك القرآن . فقلت : بالله آمنت ، وعلى يدك أسلمت ، ومنك تعلمت . فرد القول ، فقلت : يا رسول الله ، وذكرت هناك ؟ قال : نعم باسمك ونسبك في الملأ الأعلى . قلت : اقرأ إذن يا رسول الله .

وقد رواه أبو حاتم الرازي ، عن ابن الطباع ، فقال : حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي .

سفيان عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : استقرئوا القرآن من أربعة : من ابن مسعود ، وأبي ، ومعاذ ، وسالم مولى أبي حذيفة .

وأخرج أبو داود من حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة ، فلبس عليه ، فلما انصرف ، قال لأبي : أصليت معنا ؟ قال : نعم . قال : فما منعك . [ ص: 396 ]



أرب جمـال 8 - 2 - 2010 09:09 PM



شعبة : عن أبي جمرة حدثنا إياس بن قتادة ، عن قيس بن عباد ، قال : أتيت المدينة للقاء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن فيهم رجل ألقاه أحب إلي من أبي ، فأقيمت الصلاة ، وخرج فقمت في الصف الأول ، فجاء رجل فنظر في وجوه القوم ، فعرفهم غيري ، فنحاني ، وقام في مقامي ، فما عقلت صلاتي ، فلما صلى قال : يا بني ، لا يسوءك الله ; فإني لم آت الذي أتيت بجهالة ، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنا : كونوا في الصف الذي يليني وإني نظرت في وجوه القوم ، فعرفتهم غيرك ، وإذا هو أبي - رضي الله عنه .

الدارمي حدثنا يحيى بن حسان ، حدثنا عكرمة بن إبراهيم ، أخبرنا يزيد بن شداد ، حدثني معاوية بن قرة ، حدثني عتبة بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، حدثني أبي ، عن جدي قال : كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم عيد ، فقال : ادعوا لي سيد الأنصار . فدعوا أبي بن كعب ، فقال : يا أبي ، ائت بقيع المصلى ، فأمر بكنسه الحديث . [ ص: 397 ]

الوليد بن مسلم : حدثنا عبد الله بن العلاء ، عن عطية بن قيس ، عن أبي إدريس الخولاني : أن أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق ، فقرءوا يوما على عمر : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا ، لفسد المسجد الحرام .

فقال عمر : من أقرأكم هذا ؟ قالوا : أبي بن كعب . فدعا به ، فلما أتى قال : اقرءوا . فقرءوا كذلك . فقال أبي : والله يا عمر إنك لتعلم أني كنت أحضر ويغيبون ، وأدنى ويحجبون ، ويصنع بي ويصنع بي ، ووالله لئن أحببت ، لألزمن بيتي ، فلا أحدث شيئا ، ولا أقرئ أحدا حتى أموت . فقال عمر : اللهم غفرا ! إنا لنعلم أن الله قد جعل عندك علما فعلم الناس ما علمت .

ابن عيينة : عن عمرو ، عن بجالة أو غيره قال : مر عمر بن الخطاب بغلام يقرأ في المصحف النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم . فقال : يا غلام حكها . قال : هذا مصحف أبي . فذهب إليه فسأله فقال : إنه كان يلهيني القرآن ، ويلهيك الصفق بالأسواق .

عوف : عن الحسن : حدثني عتي بن ضمرة قال : رأيت أهل المدينة [ ص: 398 ] يموجون في سككهم . فقلت : ما شأن هؤلاء ؟ فقال بعضهم : ما أنت من أهل البلد ؟ قلت : لا . قال : فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين ، أبي بن كعب .

أيوب : عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن أبي قال : إنا لنقرأه في ثمان ليال - يعني القرآن .

سلام بن مسكين : حدثنا عمران بن عبد الله ، قال أبي بن كعب لعمر بن الخطاب : مالك لا تستعملني ؟ قال : أكره أن يدنس دينك .

الأعمش : عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال عمر : اخرجوا بنا إلى أرض قومنا . فكنت في مؤخر الناس مع أبي بن كعب . فهاجت سحابة ، فقال : اللهم اصرف عنا أذاها ، قال : فلحقناهم وقد ابتلت رحالهم ، فقال عمر : ما أصابكم الذي أصابنا ، قلت : إن أبا المنذر قال : اللهم اصرف عنا أذاها ، قال : فهلا دعوتم لنا معكم .

قال معمر : عامة علم ابن عباس من ثلاثة : عمر ، وعلي ، وأبي .

قال مسروق : سألت أبيا عن شيء ، فقال : أكان بعد ؟ قلت : لا . قال : [ ص: 399 ] فاحمنا حتى يكون ، فإذا كان ، اجتهدنا لك رأينا .

الجريري : عن أبي نضرة ، قال : قال رجل منا يقال له : جابر أو جويبر ، قال : أتيت عمر وقد أعطيت منطقا فأخذت في الدنيا ، فصغرتها ، فتركتها لا تسوى شيئا ، وإلى جنبه رجل أبيض الرأس واللحية والثياب ، فقال : كل قولك مقارب إلا وقوعك في الدنيا ، هل تدري ما الدنيا ؟ فيها بلاغنا - أو قال : زادنا - إلى الآخرة ، وفيها أعمالنا التي نجزى بها . قلت : من هذا يا أمير المؤمنين؟ قال : هذا سيد المسلمين أبي بن كعب .

أصرم بن حوشب : عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : كان أبي صاحب عبادة ، فلما احتاج الناس إليه ، ترك العبادة وجلس للقوم .

عوف : عن الحسن ، عن عتي بن ضمرة ، قلت لأبي بن كعب : ما شأنكم يا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نأتيكم من الغربة نرجو عندكم الخير فتهاونون بنا ؟ قال : والله لئن عشت إلى هذه الجمعة لأقولن قولا لا أبالي استحييتموني أو قتلتموني .

فلما كان يوم الجمعة ، خرجت ، فإذا أهل المدينة يموجون في سككها ، فقلت : ما الخبر ؟ قالوا : مات سيد المسلمين أبي بن كعب .

قد ذكرت أخبار أبي بن كعب في " طبقات القراء " ، وأن ابن عباس وأبا العالية ، وعبد الله بن السائب قرءوا عليه ، وأن عبد الله بن عياش المخزومي قرأ [ ص: 400 ] عليه أيضا ، وكان عمر يجل أبيا ، ويتأدب معه ، ويتحاكم إليه .

قال محمد بن عمر الواقدي : تدل أحاديث على وفاة أبي بن كعب في خلافة عمر . ورأيت أهله وغيرهم يقولون : مات في سنة اثنتين وعشرين بالمدينة ، وأن عمر قال : اليوم مات سيد المسلمين .

قال : وقد سمعنا من يقول : مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين قال : وهو أثبت الأقاويل عندنا ، وذلك أن عثمان أمره أن يجمع القرآن .

وقال محمد بن سعد : حدثنا عارم ، حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن ابن سيرين : أن عثمان جمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار فيهم أبي بن كعب ، وزيد بن ثابت في جمع القرآن .

قلت : هذا إسناد قوي ، لكنه مرسل . وما أحسب أن عثمان ندب للمصحف أبيا ، ولو كان كذلك لاشتهر ، ولكان الذكر لأبي لا لزيد ، والظاهر وفاة أبي في زمن عمر ، حتى إن الهيثم بن عدي وغيره ذكرا موته سنة تسع عشرة .

وقال محمد بن عبد الله بن نمير ، وأبو عبيد ، وأبو عمر الضرير : مات سنة اثنتين وعشرين فالنفس إلى هذا أميل ، وأما خليفة بن خياط ، وأبو حفص الفلاس فقالا : مات في خلافة عثمان . وقال خليفة مرة : مات سنة اثنتين وثلاثين .

وفي سنن أبي داود : يونس بن عبيد ، عن الحسن أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب في قيام رمضان ، فكان يصلي بهم عشرين ركعة . [ ص: 401 ] وقد كان أبي التقط صرة فيها مائة دينار ، فعرفها حولا وتملكها ، وذلك في " الصحيحين " . [ ص: 402 ]

وروى عنه ابن عباس قصة موسى والخضر وذلك في " الصحيحين " أيضا .

ولأبي في الكتب الستة نيف وستون حديثا .

وأنبأني بنسبه الحافظ أبو محمد النوني ، وقال مالك بن النجار : هو أخو عدي ودينار ومازن ، واسم النجار والدهم تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج . قال : وأبي بن كعب هو ابن عمة أبي طلحة الأنصاري .

وكان أبي نحيفا ، قصيرا ، أبيض الرأس واللحية .

قال الواقدي : رأيت أهله وغير واحد يقولون : مات في سنة اثنتين وعشرين بالمدينة . وقد سمعت من يقول : مات : في خلافة عثمان سنة ثلاثين وهو أثبت الأقاويل عندنا . قال : لأن عثمان أمره أن يجمع القرآن .

روى حماد بن زيد : عن أيوب وهشام ، عن ابن سيرين : أن عثمان جمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار فيهم أبي وزيد بن ثابت في جمع القرآن .

له عند بقي بن مخلد مائة وأربعة وستون حديثا ، منها في البخاري ومسلم ثلاثة أحاديث ، وانفرد البخاري بثلاثه ، ومسلم بسبعة .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 09:16 PM

النعمان بن مقرن

[ ص: 403 ]

هو النعمان بن عمرو بن مقرن بن عائذ بن ميجا بن هجير بن نصر بن حبشية بن كعب بن ثور بن هدمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة .

أبو عمرو المزني الأمير ، أول مشاهده الأحزاب ، وشهد بيعة الرضوان ، ونزل الكوفة ، ولي كسكر لعمر ، ثم صرفه ، وبعثه على المسلمين يوم وقعة نهاوند ، فكان يومئذ أول شهيد .

أخبرنا سنقر الحلبي بها : أنبأنا عبد اللطيف اللغوي ، أنبأنا عبد الحق اليوسفي ، أنبأنا علي بن محمد ، أنبأنا أبو الحسن الحمامي ، أنبأنا ابن قانع ، حدثنا الحسن بن علي بن كامل ، حدثنا عفان حدثنا حماد ، عن أبي عمران الجوني ، عن علقمة بن عبد الله المزني ، عن معقل بن يسار ، عن النعمان بن مقرن أنه قال : شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقاتل أول النهار ، انتظر حتى تزول الشمس . صححه الترمذي . وروي نحوه عن [ ص: 404 ] زياد بن جبير ، عن أبيه عن النعمان . شعبة : أخبرني إياس بن معاوية قال لي ابن المسيب : ممن أنت ؟ قلت : من مزينة ، قال : إني لأذكر يوم نعى عمر النعمان بن مقرن على المنبر . قال الواقدي : وكانت نهاوند في سنة إحدى وعشرين . قلت : حفظ سعيد ذلك ، وله سبع سنين .

وللنعمان إخوة : سويد أبو عدي ، وسنان ممن شهد الخندق ، ومعقل والد عبد الله المحدث ، وعقيل أبو حكيم ، وعبد الرحمن . وروي عن مجاهد قال : البكاءون بنو مقرن سبعة . قال الواقدي : سمعت أنهم شهدوا الخندق . وقيل : كنية النعمان أبو حكيم . وكان إليه لواء مزينة يوم الفتح . يروي عنه ولده معاوية ، ومسلم بن هيصم ، وجماعة .

قال ابن إسحاق : قتل وهو أمير الناس سنة إحدى وعشرين .

شعبة : عن علي بن زيد ، عن أبي عثمان قال : أتيت عمر بنعي النعمان بن مقرن ، فوضع يده على وجهه يبكي . [ ص: 405 ] أبو عمران الجوني ، عن علقمة بن عبد الله المزني ، عن معقل بن يسار : أن عمر شاور الهرمزان في أصبهان وفارس وأذربيجان فقال : أصبهان الرأس ، وفارس وأذربيجان الجناحان ، فإذا قطعت جناحا فاء الرأس وجناح وإن قطعت الرأس ، وقع الجناحان .

فقال عمر للنعمان بن مقرن : إني مستعملك . فقال : أما جابيا فلا ، وأما غازيا فنعم . قال : فإنك غاز . فسرحه ، وبعث إلى أهل الكوفة ليمدوه وفيهم حذيفة ، والزبير ، والمغيرة ، والأشعث ، وعمرو بن معدي كرب . فذكر الحديث بطوله . وهو في " مستدرك الحاكم " وفيه : فقال : اللهم ارزق النعمان الشهادة بنصر المسلمين ، وافتح عليهم . فأمنوا ، وهز لواءه ثلاثا . ثم حمل ، فكان أول صريع - رضي الله عنه .

ووقع ذو الحاجبين من بغلته الشهباء ، فانشق بطنه ، وفتح الله ، ثم أتيت النعمان وبه رمق ، فأتيته بماء ، فصببت على وجهه أغسل التراب ، فقال : من ذا ؟ قلت : معقل . قال : ما فعل الناس ؟ قلت : فتح الله . فقال : الحمد لله . اكتبوا إلى عمر بذلك ، وفاضت نفسه - رضي الله عنه .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 09:21 PM

عمار بن ياسر

( ع )

[ ص: 406 ] ابن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الوذيم ، وقيل بين قيس والوذيم حصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بن عنس ، وعنس : هو زيد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان . وبنو مالك بن أدد من مذحج .

قرأت هذا النسب على شيخنا الدمياطي ، ونقلته من خطه ، قال : قرأته على يحيى بن قميرة ، عن شهدة ، عن ابن طلحة ، عن أبي عمر بن مهدي ، عن محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، حدثنا جدي ، فذكره وفيه قيس بن الحصين بن الوذيم ، ولم يشك . وعنس نقطه بنون . الإمام الكبير أبو اليقظان العنسي المكي مولى بني مخزوم ، أحد السابقين الأولين ، والأعيان البدريين .

وأمه هي سمية مولاة بني مخزوم ، من كبار الصحابيات أيضا . ‎‎

[ ص: 407 ] له عدة أحاديث : ففي مسند بقي له اثنان وستون حديثا ، ومنها في " الصحيحين " خمسة .

روى عنه علي ، وابن عباس ، وأبو موسى الأشعري ، وأبو أمامة الباهلي ، وجابر بن عبد الله ، ومحمد بن الحنفية ، وعلقمة ، وزر ، وأبو وائل ، وهمام بن الحارث ، ونعيم بن حنظلة ، وعبد الرحمن بن أبزى ، وناجية بن كعب ، وأبو لاس الخزاعي ، وعبد الله بن سلمة المرادي ، وابن الحوتكية ، وثروان بن ملحان ، ويحيى بن جعدة ، والسائب والد عطاء ، وقيس بن عباد ، وصلة بن زفر ، ومخارق بن سليم ، وعامر بن سعد بن أبي وقاص ، وأبو البختري ، وعدة .

قال ابن سعد : قدم والد عمار ياسر بن عامر وأخواه الحارث ومالك من اليمن إلى مكة يطلبون أخا لهم ، فرجع أخواه ، وأقام ياسر وحالف أبا حذيفة‎ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فزوجه أمة له اسمها سمية بنت خباط فولدت له عمارا ، فأعتقه أبو حذيفة ، ثم مات أبو حذيفة ، فلما جاء الله بالإسلام ، أسلم عمار وأبواه وأخوه عبد الله ، وتزوج بسمية بعد ياسر الأزرق الرومي غلام الحارث بن كلدة الثقفي وله صحبة ، وهو والد سلمة بن الأزرق . ويقال : إن لعمار من الرواية بضعة وعشرين حديثا . ويروى عن عمار قال : كنت تربا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسنه . [ ص: 408 ] وروى عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة قال : رأيت عمارا يوم صفين شيخا آدم ، طوالا ، وإن الحربة في يده لترعد ، فقال : والذي نفسي بيده ، لقد قاتلت بها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات وهذه الرابعة ، ولو قاتلونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر ، لعرفت أننا على الحق ، وأنهم على الباطل .

وعن الواقدي : عن عبد الله بن أبي عبيدة ، عن أبيه عن لؤلؤة مولاة أم الحكم بنت عمار أنها وصفت لهم عمارا : آدم ، طوالا ، مضطربا ، أشهل العين ، بعيد ما بين المنكبين ، لا يغير شيبه .

وعن كليب بن منفعة ، عن أبيه قال : رأيت عمارا بالكناسة أسود جعدا وهو يقرأ .

رواه الحاكم في " المستدرك " .

وقال عروة : عمار من حلفاء بني مخزوم .

وروى الواقدي عن بعض بني عمار أن عمارا وصهيبا أسلما معا بعد بضعة وثلاثين رجلا . وهذا منقطع .

زائدة : عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله قال : أول من أظهر إسلامه [ ص: 409 ] سبعة : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، وعمار ، وأمه سمية ، وصهيب ، وبلال ، والمقداد .

فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنعه الله بعمه ، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه ، وأما سائرهم فألبسهم المشركون أدراع الحديد ، وصفدوهم في الشمس ، وما فيهم أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلال ; فإنه هانت عليه نفسه في الله ، وهان على قومه ، فأعطوه الولدان يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد .

وروى منصور : عن مجاهد : أول من أظهر إسلامه سبعة ، فذكرهم ، زاد فجاء أبو جهل يشتم سمية ، وجعل يطعن بحربته في قبلها حتى قتلها ، فكانت أول شهيدة في الإسلام . وعن عمر بن الحكم : قال : كان عمار يعذب حتى لا يدري ما يقول ، وكذا صهيب وفيهم نزلت : والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا [ النحل : 41 ] . منصور بن أبي الأسود : عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عثمان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صبرا آل ياسر ; فإن موعدكم الجنة .

[ ص: 410 ] قيل : لم يسلم أبوا أحد من السابقين المهاجرين سوى عمار وأبي بكر . مسلم بن إبراهيم والتبوذكي : عن القاسم بن الفضل ، حدثنا عمرو بن مرة ، عن سالم بن أبي الجعد قال : دعا عثمان نفرا منهم عمار ، فقال عثمان : أما إني سأحدثكم حديثا عن عمار : أقبلت أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - في البطحاء حتى أتينا على عمار وأمه وأبيه وهم يعذبون ، فقال ياسر للنبي - صلى الله عليه وسلم - : الدهر هكذا . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : اصبر . ثم قال : اللهم اغفر لآل ياسر وقد فعلت .

هذا مرسل ، ورواه جعثم بن سليمان ، عن القاسم الحداني ، عن عمرو بن مرة ، فقال : عن أبي البختري بدل سالم ، عن سلمان بدل عثمان . وله إسناد آخر لين وآخر غريب .

وروى أبو بلج عن عمرو بن ميمون قال : عذب المشركون عمارا بالنار . فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر به ، فيمر يده على رأسه ، ويقول : يا نار كوني بردا وسلاما على عمار كما كنت على إبراهيم . تقتلك الفئة الباغية [ ص: 411 ] ابن عون : عن محمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي عمارا وهو يبكي فجعل يمسح عن عينيه ، ويقول : أخذك الكفار ، فغطوك في النار ، فقلت كذا وكذا ، فإن عادوا فقل لهم ذلك .

روى عبد الكريم الجزري : عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال : أخذ المشركون عمارا ، فلم يتركوه حتى نال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر آلهتهم بخير ، فلما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ما وراءك ؟ قال : شر يا رسول الله . والله ما تركت حتى نلت منك ، وذكرت آلهتهم بخير . قال : فكيف تجد قلبك ؟ قال : مطمئن بالإيمان . قال : فإن عادوا فعد . ورواه الجزري مرة عن أبي عبيدة ، فقال : عن أبيه . وعن قتادة إلا من أكره نزلت في عمار . المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن : أول من بنى مسجدا يصلى فيه عمار . [ ص: 412 ] أبو إسحاق : عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : اشتركت أنا وعمار وسعد يوم بدر فيما نأتي به ، فلم أجئ أنا ولا عمار بشيء ، وجاء سعد برجلين .

جرير بن حازم : عن الحسن ، عن عمار قال : قاتلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجن والإنس ، قيل : وكيف ؟ قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلنا منزلا ، فأخذت قربتي ودلوي لأستقي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما إنه سيأتيك على الماء آت يمنعك منه فلما كنت على رأس البئر إذا برجل أسود كأنه مرس ، فقال : والله لا تستقي اليوم منها ، فأخذني وأخذته فصرعته ، ثم أخذت حجرا فكسرت وجهه وأنفه ، ثم ملأت قربتي وأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : هل أتاك على الماء أحد ؟ قلت : نعم فقصصت عليه القصة ، فقال : أتدري من هو ؟ قلت : لا . قال : ذاك الشيطان . فطر بن خليفة : عن كثير النواء ، سمعت عبد الله بن مليل سمعت عليا يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لم يكن نبي قط إلا وقد أعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء ، وإني أعطيت أربعة عشر : حمزة ، وأبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وجعفر ، وحسن ، وحسين ، وابن مسعود ، وأبو ذر ، والمقداد ، وحذيفة ، وعمار ، [ ص: 413 ] وبلال ، وسلمان . تابعه جعفر الأحمر عن كثير . الحسن بن صالح : عن أبي ربيعة ، عن الحسن عن أنس ، مرفوعا ، قال : ثلاثة تشتاق إليهم الجنة : علي ، وسلمان ، وعمار .

أبو إسحاق : عن هانئ بن هانئ ، عن علي قال : استأذن عمار على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : من هذا ؟ قال : عمار . قال : مرحبا بالطيب المطيب أخرجه الترمذي .

وروى عثام بن علي : عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ قال : كنا جلوسا عند علي ، فدخل عمار ، فقال : مرحبا بالطيب المطيب ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن عمارا ملئ إيمانا إلى مشاشه . سفيان : عن الأعمش ، عن أبي عمار الهمداني ، عن عمرو بن شرحبيل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عمار ملئ إيمانا إلى مشاشه . [ ص: 414 ] عمرو بن مرة : عن أبي البختري : سئل علي عن عمار ، فقال : نسي وإن ذكرته ذكر ، قد دخل الإيمان في سمعه وبصره ، وذكر ما شاء الله من جسده . جماعة : عن الثوري ، عن عبد الملك بن عمير ، عن مولى لربعي ، عن ربعي ، عن حذيفة ، مرفوعا : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمار ، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد .

رواه طائفة عن الثوري بإسقاط مولى ربعي ، وكذا رواه زائدة وغيره عن عبد الملك ، وروي عن عمرو بن هرم ، عن ربعي ، عن حذيفة . ابن عون : عن الحسن ، قال عمرو بن العاص : إني لأرجو أن لا يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات يوم مات وهو يحب رجلا فيدخله الله النار . قالوا : قد كنا نراه يحبك ويستعملك . فقال : الله أعلم أحبني أو تألفني ، ولكنا كنا نراه يحب رجلا عمار بن ياسر . قالوا : فذلك قتيلكم يوم صفين ، قال : قد والله قتلناه . [ ص: 415 ] العوام بن حوشب : عن سلمة بن كهيل ، عن علقمة ، عن خالد بن الوليد قال : كان بيني وبين عمار كلام ، فأغلظت له ، فشكاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : من عادى عمارا عاداه الله ، ومن أبغض عمارا أبغضه الله . خرجت فما شيء أحب إلي من رضى عمار ، فلقيته فرضي . أخرجه أحمد والنسائي .

شعبة : عن سلمة بن كهيل ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبيه ، عن الأسود قال : كان بين خالد وعمار كلام ، فشكاه خالد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله : من يعاد عمارا يعاده الله ، ومن يبغض عمارا يبغضه الله .

عطاء بن مسلم الخفاف : عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أوس بن أوس قال : كنت عند علي فسمعته يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : دم عمار ولحمه حرام على النار هذا غريب .

سفيان : عن سلمة بن كهيل ، عن مجاهد ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما لهم وما لعمار ! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ، وذلك دأب الأشقياء الفجار .

عمار بن رزيق : عن عمار الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد ، جاء رجل إلى ابن مسعود فقال : إن الله قد أمننا من أن يظلمنا ولم يؤمنا من أن يفتننا ، [ ص: 416 ] أرأيت إن أدركت فتنة ؟ قال : عليك بكتاب الله . قال : أرأيت إن كان كلهم يدعو إلى كتاب الله ؟ قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق . إسناده منقطع .

قال عمار الدهني : عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن مسعود : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : ما خير ابن سمية بين أمرين إلا اختار أيسرهما .

رواه الثوري وغيره عنه ، وبعضهم رواه عن الدهني ، عن سالم ، عن علي بن علقمة ، عن ابن مسعود .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 09:32 PM

عبد العزيز بن سياه : عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عطاء بن يسار ، عن عائشة : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : عمار ما عرض عليه أمران إلا اختار الأرشد منهما . رواه عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه ، قال : قالت عائشة . وقد كان عمار ينكر على عثمان أمورا لو كف عنها لأحسن فرضي الله عنهما . [ ص: 417 ] أبو نعيم : حدثنا سعد بن أوس عن بلال بن يحيى ، أن حذيفة أتي وهو ثقيل بالموت ، فقيل له : قتل عثمان فما تأمرنا ؟ فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أبو اليقظان على الفطرة ثلاث مرات . لن يدعها حتى يموت أو يلبسه الهرم . البغوي : حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، حدثنا عمرو بن أبي ، قيس ، عن عمار الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : انظروا عمارا ; فإنه يموت على الفطرة إلا أن تدركه هفوة من كبر . فيه من تضعف ، ويروى عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا نحوه . قال علقمة : قال لي أبو الدرداء : أليس فيكم الذي أعاذه الله على لسان نبيه من الشيطان ؟ - يعني عمارا . . . الحديث . [ ص: 418 ] حماد بن سلمة : أنبأنا أبو جمرة ، عن إبراهيم ، عن خيثمة بن عبد الرحمن : قلت لأبي هريرة : حدثني . فقال : تسألني وفيكم علماء أصحاب محمد ، والمجار من الشيطان عمار بن ياسر ؟ . داود بن أبي هند : عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : [ ص: 419 ] أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المسجد ، فجعلنا ننقل لبنة لبنة ، وعمار ينقل لبنتين لبنتين ، فترب رأسه ، فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله أنه جعل ينفض رأسه ويقول : ويحك يا ابن سمية ! تقتلك الفئة الباغية .

خالد الحذاء : عن عكرمة سمع أبا سعيد بهذا ولفظه : ويح ابن سمية ! تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار . فجعل يقول : أعوذ بالله من الفتن .

ورقاء : عن عمرو بن دينار ، عن زياد مولى عمرو بن العاص عن عمرو : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : تقتل عمارا الفئة الباغية . رواه شعبة عن عمرو فقال : عن رجل من أهل مصر ، عن عمرو . ابن عون : عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة مرفوعا تقتل عمارا الفئة الباغية . معمر : عن ابن طاوس ، عن أبي بكر بن حزم ، عن أبيه ، قال : [ ص: 420 ] لما قتل عمار دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص ، فقال : قتل عمار ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقتله الفئة الباغية . فدخل عمرو على معاوية ، فقال : قتل عمار . فقال : قتل عمار فماذا ؟ قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : تقتله الفئة الباغية . قال : دحضت في بولك ; أونحن قتلناه ؟ إنما قتله علي وأصحابه الذين ألقوه بين رماحنا ، أو قال : بين سيوفنا . شعبة : عن أبي مسلمة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن أبي قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية .

أبو عوانة في " مسنده " وأبو يعلى من حديث أحمد بن محمد الباهلي : حدثنا يحيى بن عيسى ، حدثنا الأعمش ، حدثنا زيد بن وهب أن عمارا قال لعثمان : حملت قريشا على رقاب الناس . عدوا علي ، فضربوني ، فغضب عثمان ثم قال : مالي ولقريش ؟ عدوا على رجل من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فضربوه ، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لعمار تقتلك الفئة الباغية وقاتله في النار . [ ص: 421 ] وأخرج أبو عوانة أيضا مثله من حديث القاسم الحداني ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عبد الله بن محمد بن الحنفية ، عن أبيه ، عن عثمان . وأخرج أبو عوانة من طريق حماد بن سلمة ، عن أبي التياح ، عن عبد الله بن أبي الهذيل ، عن عمار : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تقتلك الفئة الباغية . وفي الباب عن عدة من الصحابة ، فهو متواتر . قال يعقوب بن شيبة : سمعت أحمد بن حنبل سئل عن هذا فقال : فيه غير حديث صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكره أن يتكلم في هذا بأكثر من هذا . الثوري : عن أبي إسحاق عن أبي ليلى الكندي قال : جاء خباب إلى عمر فقال : ادن فما أحد أحق بهذا المجلس منك إلا عمار . الثوري : عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب قال : قرئ علينا كتاب ، [ ص: 422 ] عمر : أما بعد ، فإني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا ، وابن مسعود معلما ووزيرا ، وإنهما لمن النجباء من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - من أهل بدر ، فاسمعوا لهما وأطيعوا ، واقتدوا بهما ، وقد آثرتكم بابن أم عبد على نفسي . رواه شريك فقال : آثرتكم بهما على نفسي . ويروى أن عمر جعل عطاء عمار ستة آلاف . مغيرة : عن إبراهيم أن عمارا كان يقرأ يوم الجمعة على المنبر ب ( يس ) وقال زر : رأيت عمارا قرأ إذا السماء انشقت وهو على المنبر فنزل فسجد .

شعبة ، عن قيس سمع طارق بن شهاب يقول : إن أهل البصرة غزوا نهاوند ، فأمدهم أهل الكوفة وعليهم عمار ، فظفروا ، فأراد أهل البصرة أن لا يقسموا لأهل الكوفة شيئا ، فقال رجل تميمي : أيها الأجدع ، تريد أن تشاركنا في غنائمنا ؟ فقال عمار : خير أذني سببت ، فإنها أصيبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فكتب في ذلك إلى عمر ، فكتب عمر : إن الغنيمة لمن شهد الوقعة . قال الواقدي : حدثنا عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : رأيت عمارا يوم اليمامة على صخرة وقد أشرف يصيح : يا معشر المسلمين ، أمن الجنة تفرون ؟ أنا عمار بن ياسر ، هلموا إلي . وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت ، فهي تذبذب وهو يقاتل أشد القتال . [ ص: 423 ] قال الشعبي : سئل عمار عن مسألة فقال : هل كان هذا بعد ؟ قالوا : لا . قال : فدعونا حتى يكون ، فإذا كان تجشمناه لكم . قال عبد الله بن أبي الهذيل : رأيت عمارا اشترى قتا بدرهم ، وحمله على ظهره وهو أمير الكوفة .

الأعمش : عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد : أن رجلا من الكوفة وشى بعمار إلى عمر ، فقال له عمار : إن كنت كاذبا ، فأكثر الله مالك وولدك ، وجعلك موطأ العقبين . ويقال : سعوا بعمار إلى عمر في أشياء كرهها له ، فعزله ، ولم يؤنبه . وقيل : إن جريرا سأله عمر عن عمار ، فقال : هو غير كاف ولا عالم بالسياسة . الأعمش : عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : سألهم عمر عن عمار ، فأثنوا عليه ، وقالوا : والله ما أنت أمرته علينا ، ولكن الله أمره . فقال عمر : اتقوا الله وقولوا كما يقال ، فوالله لأنا أمرته عليكم ، فإن كان صوابا فمن قبل الله ، وإن كان خطأ إنه من قبلي . داود بن أبي هند عن الشعبي ، قال عمر لعمار : أساءك عزلنا إياك ؟ قال : لئن قلت ذاك لقد ساءني حين استعملتني وساءني حين عزلتني . [ ص: 424 ]

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 09:35 PM

روى البهي : عن ابن عمر ، قال : ما أعلم أحدا خرج في الفتنة يريد الله إلا عمارا ، وما أدري ما صنع . الأسود بن شيبان : حدثنا أبو نوفل بن أبي عقرب ، قال : كان عمار بن ياسر قليل الكلام ، طويل السكوت ، وكان عامة قوله : عائذ بالرحمن من فتنة ، عائذ بالرحمن من فتنة ، فعرضت له فتنة عظيمة . الأعمش : عن عبد الله بن زياد ، قال عمار : إن أمنا - يعني عائشة - قد مضت لسبيلها ، وإنها لزوجته في الدنيا والآخرة ; ولكن الله ابتلانا بها ليعلم إياه نطيع أو إياها . وأخرج نحوه البخاري من حديث أبي وائل . قال أبو إسحاق السبيعي : قال عمار لعلي : ما تقول في أبناء من قتلنا ؟ قال : لا سبيل عليهم . قال : لو قلت غير ذا خالفناك . الأعمش : عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن حميد ، قال عمار لعلي يوم الجمل : ما تريد أن تصنع بهؤلاء ؟ فقال له علي : حتى ننظر لمن تصير عائشة . فقال عمار : ونقسم عائشة ؟ قال : فكيف نقسم هؤلاء ؟ قال : لو قلت غير ذا ما بايعناك . [ ص: 425 ] الثوري : عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي البختري قال : قال عمار يوم صفين : ائتوني بشربة لبن . قال : فشرب ، ثم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن . ثم تقدم فقتل . سعد بن إبراهيم الزهري : عن أبيه ، عمن حدثه : سمع عمارا بصفين يقول : أزفت الجنان ، وزوجت الحور العين ، اليوم نلقى حبيبنا محمدا - صلى الله عليه وسلم . مسلم بن إبراهيم : حدثنا ربيعة بن كلثوم ، حدثنا أبي قال : كنت بواسط ، فجاء أبو الغادية عليه مقطعات ، وهو طوال ، فلما قعد ، قال : كنا نعد عمارا من خيارنا ، فإني لفي مسجد قباء إذ هو يقول وذكر كلمة لو وجدت عليه أعوانا لوطئته ، فلما كان يوم صفين ، أقبل يمشي أول الكتيبة ، فطعنه رجل فانكشف المغفر عنه فأضربه ، فإذا رأس عمار . قال : يقول مولى لنا : لم أر أبين ضلالة منه .

عفان : حدثنا حماد ، حدثنا كلثوم بن جبر ، عن أبي الغادية ، قال سمعت عمارا يقع في عثمان يشتمه ، فتوعدته بالقتل ، فلما كان يوم صفين ، جعل عمار يحمل على الناس ، فقيل : هذا عمار ، فطعنته في ركبته ، فوقع فقتلته ، فقيل : قتل عمار . وأخبر عمرو بن العاص ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن قاتله وسالبه في النار . [ ص: 426 ] ليث بن أبي سليم : عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، مرفوعا : قاتل عمار وسالبه في النار . قال ابن أبي خالد : عن قيس أو غيره ، قال عمار : ادفنوني في ثيابي ، فإني رجل مخاصم . وعن عاصم بن ضمرة أن عليا صلى على عمار ، ولم يغسله . قال أبو عاصم : عاش عمار ثلاثا وتسعين سنة ، وكان لا يركب على سرج ، ويركب راحلته . عبد الله بن طاوس ، عن أبي بكر بن حزم قال : لما قتل عمار ، دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال : قتل عمار . وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : تقتله الفئة الباغية . فقام عمرو فزعا إلى معاوية فقال : ما شأنك ؟ قال : قتل عمار . قال : قتل عمار ، فكان ماذا ؟ قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : تقتله الفئة الباغية . قال : أنحن قتلناه ؟ وإنما قتله علي وأصحابه ، جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا ، أو قال : بين سيوفنا . قلت : كانت صفين في صفر وبعض ربيع الأول سنة سبع وثلاثين . قرأت على الحافظ عبد المؤمن بن خلف ، أخبركم يحيى بن أبي السعود ، أخبرتنا شهدة ، أنبأنا ابن طلحة ، أخبرنا أبو عمر الفارسي ، حدثنا محمد بن [ ص: 427 ] أحمد بن يعقوب ، حدثنا جدي ، حدثنا خلف بن سالم ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا جويرية ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عمه قال : لما كان اليوم الذي أصيب فيه عمار إذا رجل قد برز بين الصفين جسيم على فرس جسيم ، ضخم على ضخم ، ينادي ، يا عباد الله ، بصوت موجع ، روحوا إلى الجنة ، ثلاث مرار ، الجنة تحت ظلال الأسل ، فثار الناس ، فإذا هو عمار ، فلم يلبث أن قتل . وبه : حدثنا جدي يعقوب ، حدثنا علي بن عاصم ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن أبي البختري الطائي قال : قاول عمار رجلا ، فاستطال الرجل عليه فقال عمار : أنا إذا كمن لا يغتسل يوم الجمعة ، فعاد الرجل ، فاستطال عليه فقال له عمار : إن كنت كاذبا ، فأكثر الله مالك وولدك وجعلك يوطأ عقبك .

وبه : حدثنا جدي ، حدثنا وهيب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن عمار أنه قال : ثلاثة من كن فيه ، فقد استكمل الإيمان ، أو قال : من كمال الإيمان : الإنفاق من الإقتار ، والإنصاف من نفسك ، وبذل السلام للعالم . قرأت على أحمد بن إسحاق ، أنبأنا أحمد بن أبي الفتح ، والفتح بن عبد الله ، قالا : أنبأنا محمد بن عمر الأرموي ، أنبأنا أحمد بن محمد ، أنبأنا علي بن عمر السكري ، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي ، حدثنا يحيى بن معين ، [ ص: 428 ] حدثنا إسماعيل بن مجالد ، عن بيان عن وبرة عن همام قال : قال عمار : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر .

أخرجه البخاري عن عبد الله شيخ له يقال : هو ابن حماد الآملي ، وقيل عبد الله بن أبي الخوارزمي ، عن يحيى بن معين . وهو فرد غريب ما أعلم رواه عن بيان بن بشر سوى إسماعيل ، ولم يخرجه سوى البخاري . الأعمش وغيره ، عن أبي وائل قال : رأى أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل ذا الكلاع وعمارا في قباب بيض بفناء الجنة ، فقال : ألم يقتل بعضكم بعضا ؟ قال : بلى ، ولكن وجدنا الله واسع المغفرة - آخر الترجمة والحمد لله .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 09:37 PM

أخبار النجاشي

واسمه أصحمة ملك الحبشة . معدود في الصحابة رضي الله عنهم وكان ممن حسن إسلامه ولم يهاجر ، ولا له رؤية ، فهو تابعي من وجه ، صاحب من وجه ، وقد توفي في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى عليه بالناس صلاة الغائب [ ص: 429 ] ولم يثبت أنه صلى - صلى الله عليه وسلم - على غائب سواه ، وسبب ذلك أنه مات بين قوم نصارى ، ولم يكن عنده من يصلي عليه ; لأن الصحابة الذين كانوا مهاجرين عنده خرجوا من عنده مهاجرين إلى المدينة عام خيبر .

ابن إسحاق : عن الزهري قال : حدثت عروة بن الزبير بحديث أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة بقصة النجاشي وقوله لعمرو بن العاص : فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي ، وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه ، فقال عروة : أتدري ما معناه ؟ قلت : لا ، قال : إن عائشة حدثتني أن أباه كان ملك قومه ، ولم يكن له ولد إلا النجاشي ، وكان للنجاشي عم ، له من صلبه اثنا عشر رجلا ، وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة .

فقالت الحبشة بينها : لو أنا قتلنا أبا النجاشي ، وملكنا أخاه ، فإنه لا ولد له غير هذا الغلام ، وإن لأخيه اثني عشر ولدا ، فتوارثوا ملكه من بعده ، فبقيت الحبشة بعده دهرا . فعدوا على أبي النجاشي ، فقتلوه وملكوا أخاه . فمكثوا على ذلك .

ونشأ النجاشي مع عمه ، وكان لبيبا حازما من الرجال ، فغلب على أمر عمه ، ونزل منه بكل منزلة ، فلما رأت الحبشة مكانه منه ، قالت بينها : والله إنا لنتخوف أن يملكه ، ولئن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين ، لقد عرف أنا نحن قتلنا أباه .

فمشوا إلى [ ص: 430 ] عمه ، فقالوا له : إما أن تقتل هذا الفتى ، وإما أن تخرجه من بين أظهرنا ، فإنا قد خفنا على أنفسنا منه . قال : ويلكم ! قتلتم أباه بالأمس وأقتله اليوم ! بل أخرجوه من بلادكم . فخرجوا به ، فباعوه من رجل تاجر بست مائة درهم ، ثم قذفه في سفينة ، فانطلق به حتى إذا المساء من ذلك اليوم ، هاجت سحابة من سحاب الخريف ، فخرج عمه يستمطر تحتها ، فأصابته صاعقة فقتلته . ففزعت الحبشة إلى ولده . فإذا هم حمقى ليس في ولده خير ، فمرج على الحبشة أمرهم ، فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك قال بعضهم لبعض : تعلمون والله أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره الذي بعتموه غدوة ، فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة ، فأدركوه ، قال : فخرجوا في طلبه . حتى أدركوه فأخذوه من التاجر ، ثم جاءوا به ، فعقدوا عليه التاج ، وأقعدوه على سرير الملك ، وملكوه .

فجاءهم التاجر ، فقال : إما أن تعطوني مالي ، وإما أن أكلمه في ذلك ، فقالوا : لا نعطيك شيئا ، قال : إذن والله لأكلمنه . قالوا : فدونك ، فجاءه فجلس بين يديه ، فقال : أيها الملك ، ابتعت غلاما من قوم بالسوق بست مائة درهم ، فأسلموه إلي ، وأخذوا دراهمي ، حتى إذا سرت بغلامي أدركوني ، فأخذوا غلامي ومنعوني دراهمي . فقال لهم النجاشي : لتعطنه دراهمه ، أو ليسلمن غلامه في يديه ، فليذهبن به حيث يشاء ، قالوا : بل نعطيه دراهمه ، قالت : فلذلك يقول : ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي ، فآخذ الرشوة فيه . وكان ذلك أول ما خبر من صلابته في دينه وعدله في حكمه ، ثم قالت : لما مات النجاشي ، كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور . " المسند " لأحمد بن حنبل : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، [ ص: 431 ] عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي ، أمنا على ديننا ، وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه .

فلما بلغ ذلك قريشا ، ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين ، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة ، وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم ، فجمعوا له أدما كثيرا ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا إليه هدية ، ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي ، وعمرو بن العاص السهمي ، وأمروهما أمرهم ، وقالوا لهما : ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم ، ثم قدموا له هداياه ، ثم سلوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم .

قالت : فخرجا ، فقدما على النجاشي ، ونحن عنده بخير دار عند خير جار . فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته ، وقالا له : إنه قد ضوى إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ، ولم يدخلوا في دينكم ، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم ، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم ، فإذا كلمنا الملك فيهم ، فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم ، فإن قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم ، فقالوا لهم : نعم .

ثم إنهما قربا هدايا النجاشي ، فقبلها منهم ، ثم كلماه ، فقالا له : أيها الملك إنه ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليه ، فهم أعلى بهم عينا ، وأعلم بما عابوا [ ص: 432 ] عليهم فيه . قالت : ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله ، وعمرو من أن يسمع النجاشي كلامهم . فقالت بطارقته حوله : صدقوا أيها الملك . فأسلمهم إليهما . فغضب النجاشي ، ثم قال : لا ها الله إذا لا أسلمهم إليهما ، ولا أكاد قوما جاوروني ، ونزلوا بلادي ، واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم .

ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله فدعاهم ، فلما جاءهم رسوله ، اجتمعوا ، ثم قال بعضهم لبعض : ما تقولون للرجل إذا جئتموه ؟ قالوا : نقول والله ما علمنا ، وما أمرنا به نبينا - صلى الله عليه وسلم - كائنا في ذلك ما كان . فلما جاءوه ، وقد دعا النجاشي أساقفته ، فنشروا مصاحفهم حوله ، سألهم فقال : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم ؟ قالت : وكان الذي يكلمه جعفر بن أبي طالب ، فقال له : أيها الملك ، إنا كنا قوما أهل جاهلية ; نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف . فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام .

قالت : فعدد له أمور الإسلام - فصدقناه وآمنا به واتبعناه ، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان ، وأن نستحل ما كنا [ ص: 433 ] نستحل من الخبائث ، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين ديننا ، خرجنا إلى بلدك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك .

قالت : فقال : هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟ قال : نعم . قال : فاقرأه علي ، فقرأ عليه صدرا من كهيعص فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته ، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم ، ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة . انطلقا ، فوالله لا أسلمهم إليكم أبدا ولا أكاد .

فلما خرجا قال عمرو : والله لأنبئنه غدا عيبهم ثم أستأصل خضراءهم . فقال له عبد الله بن أبي ربيعة - وكان أتقى الرجلين فينا - : لا تفعل ; فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا . قال : والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى عبد . ثم غدا عليه ، فقال : أيها الملك ، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما ، فأرسل إليهم ، فسلهم عما يقولون فيه . فأرسل يسألهم .

قالت . ولم ينزل بنا مثلها ، فاجتمع القوم ، ثم قالوا : نقول والله فيه ما قال الله تعالى كائنا ما كان . فلما دخلوا عليه قال لهم : ما تقولون في عيسى ؟ فقال له جعفر : نقول فيه الذي جاء به نبينا هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول ، فضرب النجاشي يده إلى الأرض ، فأخذ عودا ، ثم قال : ما عدا عيسى ما قلت هذا العود . فتناخرت بطارقته حوله ، [ ص: 434 ] فقال : وإن نخرتم والله ، اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي - والسيوم الآمنون - من سبكم غرم ، ثم من سبكم غرم ، ما أحب أن لي دبرى ذهبا وأني آذيت رجلا منكم - والدبر بلسانهم الجبل - ردوا عليهما هداياهما ، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي ، فآخذ الرشوة فيه ، وما أطاع الناس في ، فأطيعهم فيه .

فخرجا مقبوحين ، مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار . فوالله إنا على ذلك ، إذ نزل به ، يعني من ينازعه في ملكه ، فوالله ما علمنا حربا قط كان أشد من حرب حربناه تخوفا أن يظهر ذلك على النجاشي ، فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه ، وسار النجاشي وبينهما عرض النيل . فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر ؟ فقال الزبير : أنا ، وكان من أحدث القوم سنا . فنفخوا له قربة ، فجعلها في صدره ، ثم سبح عليها حتى خرج إلى مكان الملتقى ، وحضر ، فدعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده ، واستوسق له أمر الحبشة ، فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 09:38 PM

سليمان ابن بنت شرحبيل : عن عبد الرحمن بن بشير ، وعبد الملك بن هشام ، [ ص: 435 ] عن زياد البكالي ، وأحمد بن محمد بن أيوب ، عن إبراهيم بن سعد جميعا : عن ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أم سلمة ، عن جعفر بن أبي طالب : أن النجاشي سأله : ما دينكم ؟ قال : بعث الله فينا رسولا ، وذكر بعض ما تقدم .

تفرد بوصله ابن إسحاق ، وأما عقيل ، ويونس ، وغيرهما ، فأرسلوه . ورواه ابن إدريس عن ابن إسحاق فقال : عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن وعروة ، وعبيد الله ، عن أم سلمة . ويروى هذا الخبر عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه ، وعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه . ورواه ابن شابور ، عن عثمان بن عطاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس بطوله . أعلى بهم عينا : أبصر بهم . لاها الله : قسم ، وأهل العربية يقولون : لاها الله ذا . والهاء بدل من واو القسم ، أي : لا والله لا يكون ذا . وقيل : بل حذفت واو القسم ، وفصلت " ها " من هذا فتوسطت الجلالة ونصبت لأجل حذف واو القسم . وتناخرت فالنخير : صوت من الأنف ، وقيل : النخير ضرب من الكلام ، وجاء في رواية : من حزن حزناه . وقولها : حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة عنت نفسها وزوجها . وكذا قدم الزبير وابن مسعود وطائفة من مهاجرة الحبشة مكة ، وملوا من سكنى الحبشة ، ثم قدم طائفة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عرفوا بأنه هاجر إلى [ ص: 436 ] المدينة ، ثم قدم جعفر بمن بقي ليالي خيبر . قال أبو موسى الأصبهاني الحافظ : اسم النجاشي أصحمة ، وقيل : أصحم بن بجرى . كان له ولد يسمى أرمى ، فبعثه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمات في الطريق . وقيل : إن الذي كان رفيق عمرو بن العاص عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي . فقال أبو كريب ومحمد بن آدم المصيصي : حدثنا أسد بن عمرو ، حدثنا مجالد عن الشعبي ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه قال : بعثت قريش عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد بهدية من أبي سفيان إلى النجاشي . فقالوا له ونحن عنده : قد جاء إليك ناس من سفلتنا وسفهائنا ، فادفعهم إلينا . قال : لا ، حتى أسمع كلامهم ، وذكر نحوه إلى أن قال : فأمر مناديا ، فنادى : من آذى أحدا منهم ، فأغرموه أربعة دراهم ، ثم قال : يكفيكم ؟ قلنا : لا ، فأضعفها . فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وظهر بها ، قلنا له : إن صاحبنا قد خرج إلى المدينة وهاجر وقتل الذي كنا حدثناك عنهم ، وقد أردنا الرحيل إليه فزودنا ، قال : نعم ، فحملنا وزودنا وأعطانا ، ثم قال : أخبر صاحبك بما صنعت إليكم ، وهذا رسولي معك ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله ، فقل له يستغفر لي . قال جعفر : فخرجنا حتى أتينا المدينة : فتلقاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعتنقني [ ص: 437 ] فقال : ما أدري أنا بفتح خيبر أفرح أو بقدوم جعفر . ثم جلس ، فقام رسول النجاشي ، فقال : هو ذا جعفر ، فسله ما صنع به صاحبنا ، فقلت : نعم ، يعني ذكرته له ، فقام رسول الله ، فتوضأ ، ثم دعا ثلاث مرات : اللهم اغفر للنجاشي . فقال المسلمون : آمين . فقلت للرسول : انطلق ، فأخبر صاحبك ما رأيت .

ابن أبي عدي ومعاذ : عن ابن عون عن عمير بن إسحاق أن جعفرا قال : يا رسول الله ، ائذن لي حتى أصير إلى أرض أعبد الله فيها ، فأذن له ، فأتى النجاشي .

فحدثنا عمرو بن العاص قال : لما رأيت جعفرا آمنا بها هو وأصحابه حسدته ، فأتيت النجاشي ، فقلت : إن بأرضك رجلا ابن عمه بأرضنا يزعم أنه ليس للناس إلا إله واحد ، وإنك إن لم تقتله وأصحابه لا أقطع إليك هذه النطفة أبدا ولا أحد من أصحابي . قال : اذهب إليه ، فادعه . قلت : إنه لا يجيء معي ، فأرسل معي رسولا . فأتيناه وهو بين ظهري أصحابه يحدثهم . قال له : أجب . فلما أتينا الباب ناديت : ائذن لعمرو بن العاص ، ونادى جعفر : ائذن لحزب الله . فسمع صوته ، فأذن له قبلي . الحديث .

إسرائيل : عن أبي إسحاق ، عن أبي بردة ، عن أبيه ، قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننطلق مع جعفر إلى أرض النجاشي ، فبلغ ذلك قريشا ، فبعثوا عمرا وعمارة بن الوليد ، وجمعوا للنجاشي هدية . فقدما عليه ، وأتياه بالهدية ، [ ص: 438 ] فقبلها وسجدا له ، ثم قال عمرو : إن ناسا من أرضنا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك . قال : في أرضي ؟ قال : نعم .

فبعث إلينا ، فقال لنا جعفر : لا يتكلم منكم أحد أنا خطيبكم اليوم . فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلس عظيم ، وعمرو عن يمينه ، وعمارة عن يساره ، والقسيسون والرهبان جلوس سماطين ، وقد قال له عمرو : إنهم لا يسجدون لك . فلما انتهينا بدرنا من عنده أن اسجدوا ، قلنا : لا نسجد إلا لله - عز وجل .

فلما انتهينا إلى النجاشي ، قال : ما منعك أن تسجد ؟ قال : لا نسجد إلا لله . قال : وما ذاك ؟ قال : إن الله بعث فينا رسولا وهو الذي بشر به عيسى ، فقال : يأتي من بعدي اسمه أحمد ، فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا ، ونقيم الصلاة ، ونؤتي الزكاة ، وأمرنا بالمعروف ، ونهانا عن المنكر . فأعجب النجاشي قوله ، فلما رأى ذلك عمرو ، قال : أصلح الله الملك ، إنهم يخالفونك في ابن مريم . فقال النجاشي لجعفر : ما يقول صاحبكم في ابن مريم ؟ قال : يقول فيه قول الله : هو روح الله وكلمته ، أخرجه من البتول العذراء التي لم يقربها بشر ، ولم يفرضها ولد . فتناول عودا ، فرفعه فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ، ما يزيد على ما تقولون في ابن مريم ما تزن هذه . مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده ، فأنا أشهد أنه رسول الله ، وأنه الذي بشر به عيسى ، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى [ ص: 439 ] أقبل نعله ، امكثوا في أرضي ما شئتم . وأمر لنا بطعام وكسوة ، وقال : ردوا على هذين هديتهما
.

وكان عمرو رجلا قصيرا وكان عمارة رجلا جميلا ، وكانا أقبلا في البحر إلى النجاشي ، فشرب مع عمرو وامرأته ، فلما شربوا من الخمر قال عمارة : لعمرو : مر امرأتك فلتقبلني . قال : ألا تستحي ؟ فأخذ عمارة عمرا يرمي به في البحر ، فجعل عمرو يناشده حتى تركه ، فحقد عليه عمرو ، فقال للنجاشي : إنك إذا خرجت ، خلفك عمارة في أهلك . فدعا بعمارة ، فنفخ في إحليله ، فطار مع الوحش .

وعن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، قال : مكر عمرو بعمارة فقال : يا عمارة إنك رجل جميل ، فاذهب إلى امرأة النجاشي ، فتحدث عندها إذا خرج زوجها ، فإن ذلك عون لنا في حاجتنا . فراسلها عمارة حتى دخل عليها . فانطلق عمرو إلى النجاشي فقال : إن صاحبي صاحب نساء ، وإنه يريد أهلك . فبعث النجاشي إلى بيته ، فإذا هو عند أهله . فأمر به ، فنفخ في إحليله ، سحره ، ثم ألقاه في جزيرة من جزائر البحر ، فجن ، واستوحش مع الوحش .

ابن إسحاق : عن يزيد بن رومان ، عن عروة عن عائشة قالت : لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور . [ ص: 440 ]

فأما عمارة ، فإنه بقي إلى خلافة عمر مع الوحوش ، فدل عليه أخوه ، فسار إليه وتحين وقت وروده الماء ، فلما رأى أخاه فر ، فوثب وأمسكه ، فبقي يصيح : أرسلني يا أخي ، فلم يرسله ، فخارت قوته من الخوف ، ومات في الحال . فعداده في المجانين الذين يبعثون على ما كانوا عليه قبل ذهاب العقل ، فيبعث هذا المعثر على الكفر والعداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسأل الله المغفرة .

وحدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : اجتمعت الحبشة فقالوا للنجاشي : فارقت ديننا . وخرجوا عليه ، فأرسل إلى جعفر وأصحابه ، فهيأ لهم سفنا ، وقال : اركبوا ، فإن هزمت ، فامضوا ، وإن ظفرت فاثبتوا . ثم عمد إلى كتاب ، فكتب فيه : هو يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، ويشهد أن عيسى عبده ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم . ثم جعله في قبائه ، وخرج إلى الحبشة ، وصفوا له ، فقال : يا معشر الحبشة : ألست أحق الناس بكم ؟ قالوا : بلى . قال : فكيف رأيتم سيرتي فيكم ؟ قالوا : خير سيرة ، قال : فما بالكم ؟ قالوا : فارقت ديننا ، وزعمت أن عيسى عبد . قال : فما تقولون فيه ؟ قالوا : هو ابن الله ، فقال - ووضع يده على صدره على قبائه - هو يشهد أن عيسى ، لم يزد على هذا شيئا ، وإنما عنى على ما كتب ، فرضوا وانصرفوا . فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما مات النجاشي صلى عليه ، واستغفر له . [ ص: 441 ]

ومن محاسن النجاشي أن أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن حرب الأموية أم المؤمنين أسلمت مع زوجها عبيد الله بن جحش الأسدي قديما ، فهاجر بها زوجها ، فانملس بها إلى أرض الحبشة ، فولدت له حبيبة ربيبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم إنه أدركه الشقاء فأعجبه دين النصرانية فتنصر ، فلم ينشب أن مات بالحبشة ، فلما وفت العدة ، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطبها ، فأجابت ، فنهض في ذلك النجاشي ، وشهد زواجها بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطاها الصداق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عنده أربع مائة دينار ، فحصل لها شيء لم يحصل لغيرها من أمهات المؤمنين ، ثم جهزها النجاشي . وكان الذي وفد على النجاشي بخطبتها عمرو بن أمية الضمري ، فيما نقله الواقدي بإسناد مرسل ، ثم قال : وحدثني محمد بن صالح ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، وحدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز ، عن عبد الله بن أبي بكر قالا : كان الذي زوجها ، وخطب إليه النجاشي خالد بن سعيد بن العاص الأموي ، وكان عمرها لما قدمت المدينة بضعا وثلاثين سنة . معمر : عن الزهري ، عن عروة ، عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش ، وكان رحل إلى النجاشي ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها بالحبشة ، [ ص: 442 ] زوجه إياها النجاشي ، ومهرها أربعة آلاف درهم من عنده ، وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة ، وجهازها كله من عند النجاشي .

وأما ابن لهيعة ، فنقل عن أبي الأسود ، عن عروة قال : أنكحه إياها بالحبشة عثمان - رضي الله عنه - ; وهذا خطأ فإن عثمان كان بالمدينة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يغب عنه إلا يوم بدر ، أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم ، فيمرض زوجته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال ابن سعد : أنبأنا محمد بن عمر ، أنبأنا عبد الله بن عمرو بن زهير ، عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص قال : قالت أم حبيبة : رأيت في النوم كأن عبيد الله بن جحش بأسوأ صورة وأشوهه ، ففزعت . فإذا هو يقول : حين أصبح : يا أم حبيبة ، إني نظرت في الدين ، فلم أر دينا خيرا من النصرانية وكنت قد دنت بها ، ثم دخلت في دين محمد ، فقد رجعت إليها . فأخبرته بالرؤيا ، فلم يحفل بها ، وأكب على الخمر حتى مات .

فأرى في النوم كأن آتيا يقول لي : يا أم المؤمنين ، ففزعت فأولتها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتزوجني ، فما هو إلا أن انقضت عدتي ، فما شعرت إلا ورسول النجاشي على بابي يستأذن ، فإذا جارية له يقال لها : أبرهة كانت تقوم على ثيابه ودهنه ، فدخلت علي ، فقالت : إن الملك يقول لك : إن رسول الله كتب إلي أن أزوجكه . فقلت : بشرك الله بخير .

قالت : يقول الملك : وكلي من يزوجك . فأرسلت إلى خالد بن سعيد فوكلته ، وأعطت أبرهة سوارين من فضة ، وخواتيم كانت في أصابع رجليها ، وخدمتين كانتا في رجليها .

فلما كان العشي ، أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا ، فخطب النجاشي ، فقال : الحمد [ ص: 443 ] لله الملك القدوس السلام . أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنه الذي بشر به عيسى - صلى الله عليه وسلم - . ثم خطب خالد بن سعيد ، وزوجها وقبض أربع مائة دينار ، ثم دعا بطعام ، فأكلوا . قالت : فلما وصل إلي المال ، عزلت خمسين دينارالأبرهة ، فأبت ، وأخرجت حقا فيه كل ما أعطيتها فردته ، وقالت : عزم علي الملك أن لا أرزأك شيئا ، وقد أسلمت لله ، وحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني السلام ، ثم جاءتني من عند نساء الملك بعود وعنبر وزباد كثير . فقيل : بنى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ست . وقال خليفة : دخل بها سنة سبع من الهجرة . وأصحمة بالعربي : عطية . ولما توفي ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس : إن أخا لكم قد مات بأرض الحبشة فخرج بهم إلى الصحراء وصفهم صفوفا ، ثم صلى عليه . فنقل بعض العلماء أن ذلك كان في شهر رجب سنة تسع من الهجرة .

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 09:40 PM

معاذ بن جبل

( ع )

ابن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج . [ ص: 444 ]

السيد الإمام أبو عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي المدني البدري . شهد العقبة شابا أمرد ، وله عدة أحاديث .

روى عنه ابن عمر ، وابن عباس ، وجابر ، وأنس ، وأبو أمامة ، وأبو ثعلبة الخشني ، ومالك بن يخامر ، وأبو مسلم الخولاني ، وعبد الرحمن بن غنم ، وجنادة بن أبي أمية ، وأبو بحرية عبد الله بن قيس ، ويزيد بن عميرة ، وأبو الأسود الديلي ، وكثير بن مرة ، وأبو وائل ، وابن أبي ليلى ، وعمرو بن ميمون الأودي ، والأسود بن هلال ، ومسروق ، وأبو ظبية الكلاعي ، وآخرون .

روى أبو إسحاق السبيعي : عن عمرو بن ميمون ، عن معاذ بن جبل قال : كنت رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له عفير .

قال شباب : أمه هي هند بنت سهل من بني رفاعة ، ثم من جهينة ، ولأمه ولد من الجد بن قيس .

وروى الواقدي عن رجاله أن معاذا شهد بدرا وله عشرون سنة أو إحدى وعشرون . قال ابن سعد : شهد العقبة في روايتهم جميعا مع السبعين .

[ ص: 445 ] وقال عبد الصمد بن سعيد : نزل حمص ، وكان طويلا ، حسنا ، جميلا .

وقال الجماعة : كنيته أبو عبد الرحمن ، إلا أبا أحمد الحاكم ، فقال : كنيته أبو عبد الله .

قال علي بن محمد المدائني : معاذ لم يولد له قط ، طوال ، حسن الثغر ، عظيم العينين ، أبيض ، جعد ، قطط .

وأما ابن سعد ، فقال : له ابنان عبد الرحمن وآخر .

قال عطاء : أسلم معاذ وله ثمان عشرة سنة .

وقال ابن إسحاق : ومن السبعين من بني جشم بن الخزرج معاذ بن جبل .

وروى قتادة عن أنس ، قال : جمع القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة كلهم من الأنصار : أبي بن كعب ، وزيد ، ومعاذ بن جبل ، وأبو زيد أحد عمومتي .

قال أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن شقيق ، عن مسروق ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خذوا القرآن من أربعة : من ابن مسعود ، وأبي ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حذيفة .

[ ص: 446 ] تابعه إبراهيم النخعي عن مسروق .

الثوري : عن خالد وعاصم ، عن أبي قلابة ، عن أنس مرفوعا : أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدها في دين الله عمر ، وأصدقها حياء عثمان ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ، وأفرضهم زيد ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة .

ورواه وهيب عن خالد الحذاء .

وفي " فوائد سمويه " : حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا سلام بن سليمان ، حدثنا زيد العمي ، عن أبي الصديق ، عن أبي سعيد : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : معاذ بن جبل أعلم الناس بحرام الله وحلاله إسناده واه .

روى ضمرة : عن يحيى السيباني ، عن أبي العجفاء قال : قال عمر : لو أدركت معاذا ، ثم وليته ، ثم لقيت ربي ، فقال : من استخلفت على أمة محمد ؟ لقلت : سمعت نبيك وعبدك يقول : يأتي معاذ بن جبل بين يدي العلماء ، برتوة . [ ص: 447 ]

وروى ابن أبي عروبة ، عن شهر بن حوشب ، قال : قال عمر : فذكر نحوه وذكر معه أبا عبيدة وسالما مولى أبي حذيفة .

وروى أبو إسحاق الشيباني ، عن محمد بن عبيد الله الثقفي ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يجيء معاذ يوم القيامة أمام العلماء بين يدي العلماء .

وله إسناد آخر ضعيف .

هشام : عن الحسن مرفوعا : معاذ له نبذة بين يدي العلماء يوم القيامة .

تابعه ثابت عن الحسن .

ابن سعد : أنبأنا محمد بن عمر ، حدثنا إسحاق بن يحيى ، عن مجاهد قال : لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة ، استخلف عليها عتاب بن أسيد يصلي بهم ، وخلف معاذا يقرئهم ، ويفقههم .

أبو أسامة : عن داود بن يزيد ، عن المغيرة بن شبيل ، عن قيس بن أبي حازم ، عن معاذ : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن ، فلما سرت أرسل في إثري فرددت ، فقال : أتدري لم بعثت إليك ؟ لا تصيبن شيئا بغير علم ; فإنه غلول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة لقد أذعرت ، فامض لعملك رواه الروياني في " مسنده " . [ ص: 448 ]

شعبة : عن محمد بن عبيد الله ، عن الحارث بن عمرو الثقفي قال : أخبرنا أصحابنا ، عن معاذ قال : لما بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن ، قال لي : كيف تقضي إن عرض قضاء ؟ قال : قلت : أقضي بما في كتاب الله ، فإن لم يكن ، فبما قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فإن لم يكن فيما قضى به الرسول ؟ قال : أجتهد رأيي ولا آلو ، فضرب صدري ، وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما يرضي رسول الله .

أبو اليمان : حدثنا صفوان بن عمرو ، عن راشد بن سعد ، عن عاصم بن حميد السكوني أن معاذ بن جبل لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن خرج يوصيه ، ومعاذ راكب ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي تحت راحلته ، فلما فرغ ، قال : يا معاذ ، إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ، ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري . فبكى معاذ جشعا لفراق رسول الله ، قال : لا تبك يا معاذ ، أو إن البكاء من الشيطان .

قال سيف بن عمر : حدثنا سهل بن يوسف ، عن أبيه عن عبيد بن صخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ودعه معاذ ، قال : حفظك الله من بين يديك ومن خلفك ، ودرأ [ ص: 449 ] عنك شر الإنس والجن . فسار فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يبعث له رتوة فوق العلماء .

وقال سيف : حدثنا جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - خامس خمسة على أصناف اليمن : أنا ، ومعاذ ، وخالد بن سعيد ، وطاهر بن أبي هالة ، وعكاشة بن ثور ، وأمرنا أن نيسر ولا نعسر .

شعبة : عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه ومعاذا إلى اليمن قال لهما : يسرا ولا تعسرا وتطاوعا ولا تنفرا . فقال له أبو موسى : إن لنا بأرضنا شرابا ، يصنع من العسل يقال له : البتع ، ومن الشعير يقال له : المزر ، قال : كل مسكر حرام . فقال لي معاذ : كيف تقرأ القرآن ؟ قلت : أقرأه في صلاتي ، وعلى راحلتي ، وقائما وقاعدا ، أتفوقه تفوقا ، يعني شيئا بعد شيء ، قال : فقال معاذ : لكني أنام ثم أقوم ، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي ، قال : وكأن معاذا فضل عليه .

سيف : حدثنا جابر الجعفي ، عن أم جهيش خالته قالت : بينا نحن بدثينة بين الجند وعدن ، إذ قيل : هذا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوافينا القرية ، فإذا رجل متوكئ على رمحه ، متقلد السيف ، متعلق حجفة ، متنكب قوسا [ ص: 450 ] وجعبة ، فتكلم ، وقال : إني رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم : اتقوا الله واعملوا فإنما هي الجنة والنار ، خلود فلا موت ، وإقامة فلا ظعن ، كل امرئ عمل به عامل فعليه ولا له ، إلا ما ابتغى به وجه الله ، وكل صاحب استصحبه أحد خاذله وخائنه إلا العمل الصالح ، انظروا لأنفسكم واصبروا لها بكل شيء فإذا رجل موفر الرأس ، أدعج ، أبيض ، براق ، وضاح .

قال الواقدي : توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعامله على الجند معاذ .

وروى سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم الرجل أبو بكر ، نعم الرجل عمر ، نعم الرجل معاذ بن جبل وروى نحوه ابن عيينة عن ابن المنكدر مرسلا .

حيوة بن شريح : عن عقبة بن مسلم ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن الصنابحي ، عن معاذ قال : لقيني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا معاذ ، إني لأحبك في الله . قلت : وأنا والله يا رسول الله أحبك في الله . قال : أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة : رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .

مروان بن معاوية : عن عطاء ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد أن معاذا دخل المسجد ورسول الله ساجد ، فسجد معه ، فلما سلم ، قضى معاذ ما سبقه ، فقال له رجل : كيف صنعت ؟ سجدت ولم تعتد بالركعة ، قال : لم أكن لأرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حال إلا أحببت أن أكون معه فيها ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فسره ، وقال : هذه سنة لكم . [ ص: 451 ]

أرب جمـال 8 - 2 - 2010 09:42 PM

ابن عيينة : عن زكريا ، عن الشعبي قال : قرأ عبد الله : إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا . فقال له فروة بن نوفل : إن إبراهيم ، فأعادها ، ثم قال : إن الأمة معلم الخير ، والقانت المطيع ، وإن معاذا - رضي الله عنه - كان كذلك .

وروى حيان ، عن الشعبي ، نحوها . فقيل له : يا أبا عبد الرحمن ، نسيتها . قال : لا ، ولكنا كنا نشبهه بإبراهيم . ورواه ابن علية : عن منصور بن عبد الرحمن ، عن الشعبي ، حدثني فروة بن نوفل الأشجعي بنحوه . ورواه فراس ومجالد وغيرهما ، عن الشعبي ، عن مسروق عن عبد الله . ورواه عبد الملك بن عمير : عن أبي الأحوص قال : بينما عبد الله يحدثهم إذ قال : إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين .

وعن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه قال : كان الذين يفتون على [ ص: 452 ] عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة من المهاجرين : عمر ، وعثمان ، وعلي ، وثلاثة من الأنصار : أبي بن كعب ، ومعاذ ، وزيد .

وعن نيار الأسلمي : أن عمر كان يستشير هؤلاء ، فذكر منهم معاذا .

وروى موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، قال : خطب عمر الناس بالجابية فقال : من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل .

وروى الأعمش عن أبي سفيان ، قال : حدثني أشياخ منا أن رجلا غاب عن امرأته سنتين ، فجاء وهي حبلى ، فأتى عمر ، فهم برجمها ، فقال لهمعاذ : إن يك لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل ، فتركها ، فوضعت غلاما بان أنه يشبه أباه قد خرجت ثنيتاه ، فقال الرجل : هذا ابني ، فقال عمر : عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ ، لولا معاذ لهلك عمر .

الواقدي : حدثنا أيوب بن النعمان بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه ، عن جده قال : كان عمر يقول حين خرج معاذ إلى الشام : لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه ، وفيما كان يفتيهم به ، ولقد كنت كلمت أبا بكر أن يحبسه لحاجة الناس إليه ، فأبى علي وقال : رجل أراد وجها - يعني الشهادة - فلا أحبسه .

قلت : إن الرجل ليرزق الشهادة وهو على فراشه .

الأعمش : عن شمر بن عطية ، عن شهر بن حوشب ، قال : كان أصحاب [ ص: 453 ] محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا تحدثوا وفيهم معاذ ، نظروا إليه هيبة له .

جعفر بن برقان : حدثنا حبيب بن أبي مرزوق ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن أبي سلمة الخولاني قال : دخلت مسجد حمص ، فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلا من الصحابة ، فإذا فيهم شاب أكحل العينين ، براق الثنايا ساكت ، فإذا امترى القوم ، أقبلوا عليه ، فسألوه ، فقلت : من هذا ؟ قيل : معاذ بن جبل . فوقعت محبته في قلبي .

معمر : عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب قال : كان معاذ شابا جميلا سمحا من خير شباب قومه ، لا يسأل شيئا إلا أعطاه ، حتى كان عليه دين أغلق ماله كله ، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلم له غرماءه ففعل ، فلم يضعوا له شيئا ، فلو ترك أحد لكلام أحد لترك لمعاذ لكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يبرح حتى باع ماله ، وقسمه بينهم ، فقام معاذ ولا مال له ، ثم بعثه على اليمن ليجبره ، فكان أول من تجر في هذا المال ، فقدم على أبي بكر ، فقال له عمر : هل لك يا معاذ أن تطيعني ؟ تدفع هذا المال إلى أبي بكر ، فإن أعطاكه فاقبله ، فقال : لا أدفعه إليه ، وإنما بعثني نبي الله ليجبرني ، فانطلق عمر إلى أبي بكر ، فقال : خذ منه ودع له ، قال : ما كنت لأفعل ، وإنما بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليجبره .

فلما أصبح معاذ ، انطلق إلى عمر ، فقال : ما أراني إلا فاعل الذي قلت ، لقد رأيتني البارحة ، أظنه قال : أجر إلى النار ، وأنت آخذ بحجزتي . فانطلق إلى أبي بكر بكل ما جاء به ، حتى جاءه بسوطه ، [ ص: 454 ] قال أبو بكر : هو لك لا آخذ منه شيئا ، وفي لفظ : قد وهبته لك ، فقال عمر : هذا حين حل وطاب ، وخرج معاذ عند ذلك إلى الشام .

ورواه الذهلي : عن عبد الرزاق عن معمر : فقال : بدل أجر إلى النار : كأني في ماء قد خشيت الغرق فخلصتني .

الواقدي : حدثنا عيسى بن النعمان ، عن معاذ بن رفاعة ، عن جابر بن عبد الله قال : كان معاذ من أحسن الناس وجها ، وأحسنه خلقا ، وأسمحه كفا ، فادان ، فلزمه غرماؤه ، حتى تغيب أياما . . . وذكر الحديث وقال فيه : فقدم بغلمان .

الأعمش : عن شقيق قدم معاذ من اليمن برقيق ، فلقي عمر بمكة ، فقال : ما هؤلاء ؟ قال : أهدوا لي ، قال : ادفعهم إلى أبي بكر ، فأبى ، فبات ، فرأى كأنه يجر إلى النار وأن عمر يجذبه ، فلما أصبح ، قال : يا ابن الخطاب ما أراني إلا مطيعك . إلى أن قال : فدفعهم أبو بكر إليه ، ثم أصبح فرآهم يصلون ، قال : لمن تصلون ؟ قالوا : لله ، قال : فأنتم لله .

ابن جريج : أنبأنا ابن أبي الأبيض ، عن أبي حازم ، عن سعيد بن المسيب أن عمر بعث معاذا ساعيا على بني كلاب أو غيرهم ، فقسم فيهم فيئهم حتى لم يدع شيئا ، حتى جاء بحلسه الذي خرج به على رقبته . [ ص: 455 ] وعن نافع قال : كتب عمر إلى أبي عبيدة ومعاذ : انظروا رجالا صالحين ، فاستعملوهم على القضاء وارزقوهم .

روى أيوب : عن أبي قلابة وغيره أن فلانا مر به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أوصوني ، فجعلوا يوصونه ، وكان معاذ بن جبل في آخر القوم ، فقال : أوصني يرحمك الله ، قال : قد أوصوك فلم يألوا ، وإني سأجمع لك أمرك : اعلم أنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك إلى الآخرة أفقر ، فابدأ بنصيبك من الآخرة ، فإنه سيمر بك على نصيبك من الدنيا فينتظمه ، ثم يزول معك أينما زلت .

روى حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن معاذ قال : ما بزقت على يميني منذ أسلمت .

قال أيوب بن سيار : عن يعقوب بن زيد ، عن أبي بحرية قال : دخلت مسجد حمص فإذا بفتى حوله الناس ، جعد ، قطط ، إذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور ولؤلؤ ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : معاذ بن جبل .

حريز بن عثمان : عن المشيخة ، عن أبي بحرية ، عن معاذ قال : ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله . قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا ، إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع ; لأن الله تعالى يقول في كتابه : ولذكر الله أكبر . [ ص: 456 ]

نعيم بن حماد : حدثنا ابن المبارك ، حدثنا محمد بن مطرف ، حدثنا أبو حازم ، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع ، عن مالك الدار أن عمر - رضي الله عنه - أخذ أربع مائة دينار ، فقال لغلام : اذهب بها إلى أبي عبيدة ، ثم تله ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع . قال : فذهب بها الغلام فقال : يقول لك أمير المؤمنين : خذ هذه ، فقال : وصله الله ورحمه ، ثم قال : تعالي يا جارية ، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان ، وبهذه الخمسة إلى فلان ، حتى أنفذها .

فرجع الغلام إلى عمر ، وأخبره ، فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل . فأرسله بها إليه ، فقال معاذ : وصله الله يا جارية ، اذهبي إلى بيت فلان بكذا ، ولبيت فلان بكذا . فاطلعت امرأة معاذ ، فقالت : ونحن والله مساكين ، فأعطنا ، ولم يبق في الخرقة إلا ديناران ، فدحا بهما إليها . ورجع الغلام ، فأخبر عمر ، فسر بذلك ، وقال : إنهم إخوة بعضهم من بعض .

قرأت على إسحاق بن أبي بكر ، أخبرك يوسف الحافظ ، أنبأنا أبو المكارم اللبان ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن علي ، حدثنا ابن قتيبة ( ح ) وأنبأنا أبو المعالي الغرافي ، أنبأنا الفتح بن عبد الله ، أنبأنا الأرموي ، وابن الداية ، والطرائفي ، قالوا : أنبأنا محمد بن أحمد ، أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا جعفر بن محمد ، قالا : حدثنا يزيد بن موهب ، [ ص: 457 ] حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب أن أبا إدريس الخولاني أخبره أن يزيد بن عميرة ، وكان من أصحاب معاذ بن جبل ، قال : كان لا يجلس مجلسا إلا قال : الله حكم قسط تبارك اسمه ، هلك المرتابون . فذكر الحديث ، وفيه : فقلت لمعاذ : ما يدريني أن الحكيم يقول كلمة الضلالة ؟ قال : بلى ، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال ما هذه ، ولا يثنيك ذلك عنه ; فإنه لعله يرجع ويتبع الحق إذا سمعه ، فإن على الحق نورا . اللفظ لابن قتيبة .

سليمان بن بلال : عن موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة أن أبا عبيدة لما أصيب ، استخلف معاذ بن جبل - يعني في طاعون عمواس - اشتد الوجع ، فصرخ الناس إلى معاذ : ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز ، قال : إنه ليس برجز ولكن دعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم ، وشهادة يخص الله من يشاء منكم ، أيها الناس ، أربع خلال من استطاع أن لا تدركه ، قالوا : ما هي ؟ قال : يأتي زمان يظهر فيه الباطل ، ويأتي زمان يقول الرجل : والله ما أدري ما أنا ، لا يعيش على بصيرة ، ولا يموت على بصيرة .

أحمد بن حنبل في " مسنده " حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا مسرة بن معبد ، [ ص: 458 ] عن إسماعيل بن عبيد الله قال : قال معاذ بن جبل : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ستهاجرون إلى الشام ، فيفتح لكم ، ويكون فيه داء ، كالدمل أو كالوخزة يأخذ بمراق الرجل ، فيشهد أو فيستشهد الله بكم أنفسكم ، ويزكي بها أعمالكم . اللهم إن كنت تعلم أن معاذا سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطه هو وأهل بيته الحظ الأوفر منه ، فأصابهم الطاعون ، فلم يبق منهم أحد ، فطعن في أصبعه السبابة ، فكان يقول : ما يسرني أن لي بها حمر النعم .

همام : حدثنا قتادة ، ومطر ، عن شهر عن عبد الرحمن بن غنم ، قال : وقع الطاعون بالشام ، فخطب الناس عمرو بن العاص ، فقال : هذا الطاعون رجز ، ففروا منه في الأودية والشعاب ، فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة ، فغضب ، وجاء يجر ثوبه ، ونعلاه في يده ، فقال : صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكنه رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، ووفاة الصالحين قبلكم . فبلغ ذلك معاذا فقال : اللهم اجعل نصيب آل معاذ الأوفر .

فماتت ابنتاه ، فدفنهما في قبر واحد . وطعن ابنه عبد الرحمن ، فقال ، يعني لابنه ، لما سأله : كيف تجدك ؟ قال : الحق من ربك فلا تكن من الممترين قال : ستجدني إن شاء الله من الصابرين قال : وطعن معاذ في كفه ، فجعل يقلبها ، ويقول : هي أحب إلي من حمر النعم . فإذا سري عنه ، قال : رب ، غم غمك ، فإنك تعلم أني أحبك .

ورأى رجلا يبكي ، قال : ما يبكيك ؟ قال : ما أبكي على دنيا كنت أصبتها منك ، ولكن أبكي على العلم الذي كنت أصيبه منك ، قال : ولا تبكه ; فإن [ ص: 459 ] إبراهيم - صلوات الله عليه - كان في الأرض وليس بها علم ، فآتاه الله علما ، فإن أنا مت ، فاطلب العلم عند أربعة : عبد الله بن مسعود ، وسلمان الفارسي ، وعبد الله بن سلام ، وعويمر أبي الدرداء .

ابن لهيعة : عن أبي الأسود ، عن عروة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف معاذا على مكة حين خرج إلى حنين ، وأمره أن يعلمهم القرآن والدين .

أبو قحذم النضر بن معبد : عن أبي قلابة ، وعن ابن عمر قال : مر عمر بمعاذ وهو يبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ قال : حديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن أدنى الرياء شرك ، وأحب العبيد إلى الله الأتقياء الأخفياء ، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا ، وإذا شهدوا لم يعرفوا ، أولئك مصابيح العلم وأئمة الهدى .

أخرجه الحاكم وصححه ، وخولف فإن النسائي قال : أبو قحذم ليس بثقة .

يوسف بن مسلم : حدثنا عبيد بن تميم ، حدثنا الأوزاعي ، عن عبادة بن نسي ، [ ص: 460 ] عن ابن غنم قال : سمعت أبا عبيدة وعبادة بن الصامت يقولان : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين ، وإن الله يباهي به الملائكة .

قد أخرجه الحاكم في " صحيحه " فأخطأ ، وعبيد لا يعرف ، فلعله افتعله .

الأعمش : عن شهر بن حوشب ، عن الحارث بن عميرة ، قال : إني لجالس عند معاذ ، وهو يموت ، وهو يغمى عليه ويفيق ، فقال : اخنق خنقك فوعزتك إني لأحبك .

قال يحيى بن بكير : سمعت مالكا يقول : هو أمام العلماء رتوة .

هلك ابن ثمان وعشرين ، وقيل : ابن اثنتين وثلاثين .

هشيم : أنبأنا علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب قال : قبض معاذ وهو ابن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة .

المدائني : عن أبي سفيان الغداني عن ثور ، عن خالد بن معدان أن عبد الله بن قرط قال : حضرت وفاة معاذ بن جبل ، فقال : روحوني ألقى الله مثل سن عيسى ابن مريم ابن ثلاث أو أربع وثلاثين سنة . [ ص: 461 ]

قلت : يعني عندما رفع عيسى إلى السماء ، قال ضمرة بن ربيعة : توفي معاذ بقصير خالد من الأردن .

قال يزيد بن عبيدة : توفي معاذ سنة سبع عشرة .

وقال المدائني وجماعة : سنة سبع أو ثمان عشرة .

وقال ابن إسحاق والفلاس : سنة ثمان عشرة .


الساعة الآن 06:41 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى