منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   لغتنا العربية (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=104)
-   -   تابع معنا كتاب مجمع الأمثال (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=4589)

B-happy 3 - 3 - 2010 10:55 PM



2926- قَدْ وَنَى طَرَفَاهُ
يضرب للذي ذلَّ وضعف عن أن يتم له أمر‏.‏ قَال ابن السكيت‏:‏ قَال‏:‏ النَّجاشي‏:‏
وإنَّ فُلانَاً والإمارةَ كالَّذي * وَنَى طَرْفَاهُ بَعْدَ مَا كَانَ أجْدَعَا
قَال يعقوب‏:‏ يعني عليا رضي الله عنه، أي لا يتم له إمارة كما أن الذي جُدِعَتْ أذُنَاه لا تفيآن ولا تعودان كما كانتا، وكان جَلَدَه في شرب الخمر في رمضان، ثم زاده، فَقَال‏:‏ ما هذه العلاوة‏؟‏ قَال‏:‏ هذا بجراءتك على الله تعالى في هذا الشهر، ثم هرب إلى معاوية رضي الله عنه
2927- قُدَّتْ سُيُورُهُ مِنْ أدِيمِك
قَال أبو الهيثم‏:‏ إذا كانت السُّيورُ مَقْدودة من أدِيمَين اختلفت، فإذا قُدَّتْ من أديم واحد لم تكد تَفَاوَتُ‏.‏
قَال الشاعر‏:‏ ‏[‏ص 122‏]‏
وقُدَّتْ مِنْ أديِمِهمُ سُيُورى*
يضرب للشيئين يستويان في الشبه‏.‏
2928- أقَرَّ صَامِتٌ
يضرب للرجل يُسْأل عن شَيء فيسكت يعني أقَرَّ مَنْ صَمَتَ عن الأمر فلم ينكره، وهذا كما يُقَال ‏"‏سُكُوتُها رِضَاها‏"‏
2929- القُرُّ في بُطُونِ الإبِلِ
أي ذَهابُ القر، يريدون أن البرد يذهب عنهم إذا نتجت الإبل، وإنما يتفرجون في الربيع؛ لأن الإبل تنتج فيه، ويصيبهم الهزل وسوء الحال في الشتاء‏.‏
2930- قَرِيحةٌ يَصْدَى بِهَا المُقَرِّحُ
القَريِحة‏:‏ البئر أولَ ما تحفر، ولا تسمى قريحة يظهر ماؤها، والمقرح‏:‏ صاحبها، والصَّدَى‏:‏ العطَشُ‏.‏
يضرب لمن يتعب في جمع المال ثم لا يَخْظَى به‏.‏
2931- قُرُونُ بُدْنٍ مَالَهَا عِقَاءٌ
البُدْن‏:‏ جمع بَدَن، وهو الوَعِل المُسِنُّ‏.‏ والعِقَاء‏:‏ جمع عَقَوة، وهي الطرف المحدَّدُ من القَرْن‏.‏
يضرب لقوم اجتمعوا في أمرٍ ولا رئيس لهم
2932- قَدْ ضَاقَ عَنْ شَحْمَتِهِ الصِّفَاقُ
يُقَال للجلدة التي تضمُّ أقتاب البطن ‏(‏الأقتاب جمع قتب - بكسر القاف وسكون التاء - ويقَال‏:‏ جمع قتبة، وهي الأمعاء‏)‏
الصِّفَاق‏.‏
يضرب هذا لمن اتَّسَعَ حالُه وكثر ماله فعجز عن ضبطه، ولمن يَعجز عن كتمان السر أيضاً‏.‏
2933- قَمْقَامَةٌ حَكَّتْ بجَنْبِ البَازِلِ
القَمْقَامة‏:‏ الصغير من القِرْدَان، والبازل من الإبل‏:‏ ما دخلَ في السنة التاسعة وهو أقواها‏.‏
يضرب للضعيف الذليل يحتكُّ بالقوىّ العزيز‏.‏
2934- أقْرَفُ عَيْناً والنُّجَارُ مُذَهَّبٌ
الإقراف‏:‏ مُدَاناة الهُجْنة في الفَرَس، وفي الناس أن تكون الأمُ عربيةً والأبُ ليس كذلك، ونصب ‏"‏عينا‏"‏ على التميز، والنُّجار‏:‏ الأصل‏.‏
يضرب لمن طاب أصله وهو في نفسه خبيث القول والفعل‏.‏ والمذهب‏:‏ الذي عليه الذهب، يعني أن أصله مُحْلَّى وهو بخلاف ذلك‏.‏
2935- قَرْمٌ مُعَرَّى الجَنْبِ مِنْ سِدَادٍ
القَرْم‏:‏ الفَحْل من الإبل يُقْتنى للفِحلة،‏[‏ص 123‏]‏ وذلك لكرمه، يقول هذا قَرْم سَلِم جنبه من الدَّبَرِ لأنه لم يحمل عليه ولم يُرْحَلْ فيقرح جنبه وظهره فيحتاج إلى السِدَاد، وهو الفتيلة؛ ليسدَّ بها القروحُ، والجمع الأِسدَّة، ومنه قول القُلاخ بن حزْن‏:‏
ليسَ بجَنْبِي أُسِدَّةُ الدَّرَنِ
يعني أنه نقي مهذب‏.‏ يضرب للسيد الكريم الطاهر الأخلاق
2936- الأٌقْوَسُ الأحْبَى مِنْ وَرَئِكَ
يُقَال‏:‏ الأقوسُ الشديدُ الصُّلبُ، والأحبى‏:‏ الأفعل من حَبَا يَحْبُ حَبْوا، وهذان من صفة الدهر؛ لأنه يَرْصُد أن يَهجُمَ على الإنسان كالحابي يحبو ليثب متى وَجَدَ فرصة
قلت‏:‏ الأقوس المُنْحَنِي الظهر، وذلك لصلابة تكون في صلبه، ولو قيل الشديد الصلب لكان ما أشرت إليه، ويجوز أن يُقَال الأقوسَ مقلوب من الأقْسى، يعني أن الدهر الأصلب الذي لا يُبليه شَيء والذي يَحْبُوا ليثبَ من ورائك‏:‏ أي أمامِكَ
يضرب لمن يفعل فعلا لا تؤمن بَوَائِقُهُ فهو يُحَذَّرُ بهذه اللفظة كما يُقَال ‏"‏الحسابُ أمامَكَ‏"‏
2937- قَدْ جَانَبَ الرَّوْضَ وَأَهْوَى لِلجَرَلِ‏.‏
يُقَال ‏"‏أهوى له‏"‏ أي قصده، والجَرَلُ‏:‏ الحجارة، وكذلك الجَرْوَل، ومكان جَرِل‏:‏ فيه حجارة‏.‏
يضرب لمن فارقَ الخير واختار الشر‏.‏ وهو كالمثل الآخَر ‏"‏تجنب رَوْضَةً وأحال يَعْدُو‏"‏
2938- أَقِيْلُوا ذّوِي الهَيْئَاتِ عَثَراتِهِمْ
أراد بذوي الهيئات أصحاب المروأة، ويروى ‏"‏ذوي الهنَات‏"‏ بالنون جمع الهنَة وهي الشَيء الحقير، أي مَنْ قلت عَثَراته أو حقرت فأقِيلُوهَا‏.‏
2939- اسْتَقْدَمَتْ رِحالَتكَ
الرحالة‏:‏ سرجُ من جلود ليس فيه خَشَب، كانوا يتخذونه للركض الشديد، واستقدمت‏:‏ بمعنى تَقَّمت‏.‏
يضرب للرجل يعجل إلى صاحبه بالشر
2940- قَدْ تُؤْذِينيِ النَّارُ فَكَيْفَ أصْلَى بِهَا
يضرب لكل ما يكره الإنسان أن يراه أو يفعل إليه مثله‏.‏
2941- قَالتِ النّغِلَةُ‏:‏ لا أكُونُ وَحْدي
النَّغَلُ‏:‏ فَسَاد الأديِم، وأصله أن الضائنة يُنْتَفُ صوفُها وهي حية، فإذا ‏[‏ص 124‏]‏
دَبَغُوا جلْدَهَا لم يصلحه الدباغ؛ لأنه قد نَغِلَ ما حواليه‏.‏
يضرب للرجل فيه خَصْلَة سوء، أي لا تنفرد هذه الخصلة بل تقترن بها خِصَال أُخَرُ‏.‏
2942- قَدْ بَلَغَ الشِظَاظ‏:‏ الوَرِكَيْنِ الشِّظَاظ عُوَيْد يُجْعَل في عُرْوة الجوَالَق‏.‏
يضرب فيما جاوزَ الحدَّ‏.‏
وهو كقولهم ‏"‏قد بلغ السيل الزبى‏"‏ و ‏"‏جاوز الحزامُ الطُّبْيَيْنِ‏"‏‏.‏
2943- قَدْ أوضَعَتْ مُنْذُ سَاعَةٍ
الإيضاع‏:‏ الإسراع‏.‏ يضرب لمن يَسْتَبْطئ قَضَاء حاجتِهِ ولم تبطؤ بعدُ‏.‏
2944- قَدْ تُخْرِجُ الخَمْرُ مِنْ الضَّنينِ
يضرب للبخيل يُسْتَخْرَج منه شَيء‏.‏
2945- قَدْ يُمْكِّنُ المُهْرُ بَعْد مَا رَمَحَ
يضرب لمن ذلَّ بعد جِمَاحِه‏.‏
2946- قُصَارَى المُتَمَنَّي الخَيْبَةُ
يُقَال‏:‏ قصْرُكَ أن تفعل كذا، وقُصَارُكَ أن تفعل كذا، وقُصَارَكَ - بضم القاف - أي غايُتكَ‏.‏
يضرب لمن يتمنى المُحَال‏.‏
2947- قَرِينُكَ سَهْمُكَ يُخْطِئ وَيُصِيبُ
يضرب في الإغضاء على ما يكون من الأخِلاء‏.‏
2948- أقْبَحُ هَزِيلينِ الفَرَسُ والمَرْأةُ
يحكى أن عمرو بن الّليث عُرِضَ عليه الجند يوماً يعطي فيه أرزاقهم، فعرض عليه رجل له فرس عَجْفاء، فَقَال عمرو‏:‏ هؤلاء يأخذون دَرَاهمي ويُسِّمُنون بها أكْفَالَ نسائهم، فَقَال الرجل‏:‏ لو رأى الأميرُ كَفْلها لاستسمن كَفَلَ دابتي، فضحك عمرو، وأمر له بِصِلةٍ، وقَال‏:‏ سَمِّنْ بها مركوبك‏.‏
2949- اقْلِبْ قَلاَبِ
قَاله عُمر رضي الله عنه، وهذا مثل‏.‏
يضرب للرجل تكون منه السَّقْطَة فيتداركها بأن يَقْلبها عن جهتها ويَصْرِفها إلى غير معناها‏.‏
قَال أبو الندى في أمثاله‏:‏ يُقَال أحمق من عدى بن جَنَاب، وهو أخو زهير‏:‏ بن عَدِى بن جناب ‏(‏كذا‏)‏ وكان زهير وفَّاداً على الملوك، ووفَدَ على النعمان ومعه أخوه عدى فَقَال النعمان‏:‏ يا زهير إنَّ أمِّي تشتكي، فِبمَ ‏[‏ص 125‏]‏ تتداوى نساؤكم‏؟‏ فالتفت عدى فَقَال‏:‏ دواؤها الكَمْرَة، فَقَال النعمان لزهير‏:‏ ما هذه‏؟‏ قَال‏:‏ هب الكمأة أيها الأمير، فَقَال عدى‏:‏ اقْلِبْ قَلاَبِ، ما هي إلا كمرَةَ الجال‏.‏
قلت‏:‏ ووجدت بخط الأزهري هذا المثلَ مقيدا اقلب قلاب، وقَال عدى‏:‏ اطلب لها كمرة حارة، فغضب الملك وهم بقتله فَقَال زهير‏:‏ إنما أراد أن يَنْعَتَ لك الكمأة فإنا نسخِّها ونتداوى بها، وقَال لأخيه عدى‏:‏ إنما أردت كذا، فنظر عدى إلى زهير، فَقَال‏:‏ اقْلِبْ قَلاَبِ، فأرسلها مَثَلاً‏.‏
*3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif ما جاء على أفعل من هذا الباب
2950- أَقْصَفُ مِنْ بَرْقَةٍ
البَرْوَق‏:‏ نبت خَوَار، قَال جرير‏:‏
كأنَّ سُيُوفَ التَّيْمِ عِيْدَانُ بَرْوَقٍ * إذا نضيت عَنْها لحِرْبٍ جُفُنُوهَا
2951- أَقْوَدُ مِنْ ظُلْمَةَ
هي امرَأة من هزيل، وكانت فاجرة في شبابها حتى عجزت، ثم قادت حتى أقعدت، ثم التخذت تَيْسا فكانت تطرقه الناس، فَسُئِلت عن ذلك، فَقَالت‏:‏ إني أرتاح إلى نَبِيبه على ما بي من الهرم، وسئلت‏:‏ مَنْ أنكح الناس‏؟‏ فَقَالت‏:‏ الأعمى العفيف، فحدث عَوَانة بهذا الحديث وكان مكفوفا، فَقَال‏:‏ قاتلها الَله من عالمة بأسباب الطروقة‏.‏
قَال الجاحظ‏:‏ لما قدم أشْعَبُ الطمَّاع من المدينة بغداد في أيام المهدى تلقاه أصحابُ الحديث؛ لأنه كان إذا إسنادٍ، فَقَالوا له‏:‏ حدثنا، فَقَال‏:‏ خُذُوا، حدثني سالم بن عبد الله - وكان يبغضني في الله - قَال‏:‏ خصلتان لا تجتمعان في مؤمن، وسكت، فَقَالوا‏:‏ اذكرهما، قَال‏:‏ نسى إحداهما سالم ونسيتُ الآخَرى، فَقَالوا‏:‏ حدثنا عافاك الله بحديث غيره، فَقَال‏:‏ خذوا، سمعتُ ظُلْمة - وكانت من عجائزنا - تقول‏:‏ إذا أنا متُّ فأحرقوني بالنار، ثم اجمعوا رَمَادِي في صُرَّة، وأتربوا به كتبَ الأحباب؛ فإنهم يجتمعون لا محالة، وأتوا به الخاتنات ليذرون منه على أجراح الصبيات، فإنهن يلهجن بالزب ما عِشْنَ، وقَال ابن يسار الكَوَاعب يَضْرب بظلمة المثل‏:‏
بُلِيْتُ بِوَرْهَاءَ ذَنْمَرْدَةٍ‏(‏1‏)‏ * تكاد تقطرها الغُلمَهْ ، ‏(‏1‏)‏ ‏(‏الذنمرة‏:‏ السحاقة‏)‏ ‏[‏ص 126‏]‏
تَنِمُّ وتَعضَهُ جارَاتِهَا * وأقْوَدُ باللَّيْلِ مِنْ ظُلْمَهُ
فمن كلِّ ساعٍ لَهَا رَكْلَةٌ * ومِنْ كُلِّ جَارٍ لَهَا لَطْمَهْ
2952- أقْوَى مِنْ نَمْلَّةٍ
يُقَال‏:‏ إنَّه ليس شَيء من الحيوان يحملُ وزنه حديداً إلا النملة، وتجرُ نواة التمر وهي أضعافها زِنَةً، وكذلك الذرة تحمل أضعَافَها لو وِزِنت به‏.‏
2953- أقصرُ من غَبِّ الحِمَار، و ‏"‏اقْصَرُ مِنْ ظَاهرة الفَرَس‏"‏
ويقَال أيضا ‏"‏ أقصر من ظِمْء الحمَار‏"‏ لأن الحمار لا يَصْبر عن الماء أكثَرَ من غب لا يربع، والفرس لا بدَّ له من أن يُسقَي كل يوم، فالغِبُّ بعد الظاهرة، والرِّبعُ بعد الغب، والخمس بعده ثمَّ السِّدس ثم السِّبع ثم الثِّمن ثم التِّسع ثم العشر وجعلت العرب الخمسَ أشأم الأظماء؛ لأنهم لا يظْمِئون في القيظ أكثر منه، والإبل في القَيْظ لا تَقْوَى على أطول منه، وهو شديد على الإبل‏.‏
2954- اَقْضَى مِنَ الدِّرهم
هذا من قول الشاعر‏.‏
لَمْ يَرَ ذُو الحَاجَةِ فِي حَاجَةٍ * أقْضَى مِنْ الدِّرهِمْ في كَفِّه
2955- أقْطَعُ مِنْ جَلَمٍ، وأقْدُّ مِنْ شَفْرَةٍ
هذا أيضا من قول الشاعر‏:‏
أَقَدُّ لِنْعْمَاكَ مِنْ شَفْرَةٍ * وأقْطَع في كُفْرِهَا مِنْ جَلَمْ
2956- أقَوَدُّ مِنْ مُهْرٍ
وذلك لأن المهر إذا قيد عارض قائده وسَبَقه، وهذا أفعل من المفعول، قَال أبو الندى‏:‏ لأنه يُسَابقَ راجلة ساحبه‏.‏
2957- أقْوَدُ مِنْ ظُلْمَةٍ
لأن الظَّلام يَسِتر كلَّ شَيء، والعربُ تَقول‏:‏ لقيتُه حينَ وارى الظلامُ كل شخص، ولقيته حين يُقَال‏:‏ أخُوكَ أم الذئب
2958- أَقْوَدْ مِنْ لَيْلٍ
هذا من قول الشاعر‏:‏
لاَ تَلْقَ إلا بِلَيلٍ مَنْ تُوصِلُهُ * فَالشَّمْسُ تَمَّامَهْ واللَّيلُ قَوَّادُ
2959- أَقْذَرُ منْ مَعْبَأةٍ
هي خِرْقَة الحائض، والاعتباء‏:‏ الاحتشاء، يقَال‏:‏ اعتبأتِ المرأة، وأما قولهم ‏"‏أقْفَطُ من البياع‏"‏ فقد مر ذكره في باب التاء عند قولهم ‏"‏أتْيَسُ من تُيُوسِ البَيَّاع‏"‏ ‏[‏ص 127‏]‏
2960- أَقْفَطُ مِنْ تَيسِ بني حِمَّانَ
مر ذكره في باب الغين في قولهم ‏"‏أغلَم من تيس بني حمَّان‏"‏
2961- أَقْرَشُ مِنَ المُجَبِّرِينَ
القَرْش‏:‏ الجَمْعُ والتجارة، والنقرش التجمع، ومن هذا سميت قريش قريشاً، زعم أبو عبيدة أنهم أربعة رجال من قريش، وهم أولاد عبد مناف بن قصى، أولهم هاشم، ثم عبد شمس، ثم نَوْفَلْ، ثم المطلب، بنو عبد مناف، سادوا بعد أبيهم، لم يسقط لهم نَجْم، جَبَرَ الله تعالى بهم قريشاً فسُمُّوا المجبرين، وذلك أنهم وفَدُوا على الملوك بتجارتهم، فأخذوا منهم لقريش العصم، أخذلهم هاشم جَبَلاَ‏(‏1‏)‏ ‏(‏كذا، وأحبسه ‏"‏حبلا‏"‏ بالحاء المهملة، أي عهدا‏.‏‏)‏، من ملوك الشام حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض الشام وأطراف الروم، وأخذلهم عبدُ شمس جبلا‏(‏1‏)‏ من النجاشي الأكبر حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض الحبشة، وأخذلهم نوفل بن جبلا‏(‏1‏)‏ من ملوك الفرس حتى اختلفوا بذلك إلى أرض فارس والعراق، وأخذ لهم المطلب جبلا‏(‏1‏)‏ من ملوك حمير حتى اختلفوا بذلك السبب إلى بلاد اليمن‏.‏ وأما قولهم‏:‏
2962- أقْرَى ِمنْ زَادِ الرَّكْبِ
فزعم ابن الأعرابي أن هذا المثل من أمثال قريش، ضربوه لثـلاثة من أجْوَدهم‏:‏ مَسَافر بن أبي عمرو ابن أمية، وأبي أمية بن المغيرة، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العُزَّى، سموا زاد الركب لأنهم كانوا إذا سافرُوا مع قومٍ لم يتزوَّدُوا معهم‏.‏
2963- أَقْرَى مِنَ حَاسِى الذَّهبِ
هذا أيضاً من قريش، وهو عبد الله بن جُدْعَان التَّيمي الذي قَال فيه أبو الصَّلْت الثَّقفي‏:‏
لَهُ دَاعٍ بِمَكَةَ مُشْمَعِل * وَآخَرُ فَوْقَ دَارَتِهِ يُنَادِي
إلى رُدُحٍ مِنَ الشِّيزَى مِلاَءِ * لُبَابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهَادِ
وسمى ‏"‏حاسي الذهب‏"‏ لأنه كان يشرب في إناء من الذهب‏.‏
2964- أقْرَى مِنْ غَيْثِ الضَّرِيكِ
هذا المثل رَبَعي، وغيث الضريك‏:‏ قَتَادَة بن مَسلمة الحنفي، والضَّرٍيك‏:‏ الفقير
2965- أقْرَى مِنْ مَطَاعِيِمِ الرِّيِح
زعم أبن الأعرابي أنهم أربعة‏:‏ أحدهم عمُّ مِحْجَنْ الثَقَفي، ولم يُسَمِّ الباقين‏.‏
قَال أبو الندى‏:‏ هم كنانة بن عبد يَالِيل الثَّقَفي عم أبي محجن، ولَبيد بن ربيعة، وأبوه، كانوا إذا هَبَّتِ الصَّبَا أطْعَمُوا الناسَ، ‏[‏ص 128‏]‏ وخصوا الصبا لأنها لا تهبُّ إلا في جَدْب قَالت بنت لبيد‏:‏
إذا هَبَّتْ رٍياحُ أبي عَقِيل * ذَكَرْنَا عِنْدَ هَبَّتهَا وَلِيدَا
أشَمَّ الأنْفِ أبيضَ عَبْشَمِيّاً * أعان عَلَى مُرْوَأتِهِ لَبيدَا
2966- أقْرَى مِنْ آكِلِ الخُبْزِ
المثل تميمي، وآكل الخبز‏:‏ عبدُ الله بن حَبيب العنبري أحد بني سَمُرَة، سمى آكل الخبز لأنه كان لا يأكل التَّمْر، ولا يرغب في اللَّبن، وكان سيد العَنْبر في زمانه، وهم إذا فخروا قَالوا‏:‏ منا آكِلُ الخبز ومنا مُجيرُ الطير، فأما مُجيرُ الطير فهو نور بن شحمة العَنْبَرِي، وأما السبب في تلقِبيهم عبدَ الله بن حبيب بآكل الخبز، فلأن الخبزَ نفسه عندهم ممدوح، وذكر أبو عبيدة‏:‏ أنَّ هَوْذَةَ بن علي الحَنّفي دخل على كسرى أبرَوِيزَ فَقَال له‏:‏ أي أولادكَ أحبُّ إليكَ‏؟‏ قال‏:‏ الصغير حتى يكبر والغائب حتى يقدَم، والمريض حتى يبرأ، قَال‏:‏ ماغذاؤك ببلدك‏؟‏ قَال الخبز، فقال كسرى‏:‏ هذا عَقْل الخبز، لا عَقْلُ اللبن والتمر، فصار الخبز عندهم ممدوحاً كما صار ما يناسبه بعض المناسبة ممدوحاً، وهو الفالوذ‏[‏ج‏]‏ لأنه أشرف طَعَامٍ وقع إليهم، ولم يطعم الناس الطعامَ أحدٌ من العرب إلا عبد الله بن جُدْعَان فمدحه أبو الصلت بذلك، وما يناسبه كلَّ المناسبة يعني الثريد، وهو في أشرافهم عام، وغلب عليه هاشم حين هَشَم الخبز لقومه، فمدح به في قول الشاعر‏:‏
عَمْرُو العُلا هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ * وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
قَال حمزة‏:‏ فهذا المثل مع ما يتلوه حكاه عمرو بن بحر الجاحظ في كتابه الموسوم بـ ‏"‏كتاب أطْعِمَةِ العرب‏"‏
2967- أقْرَى مِنْ أرْمَاقِ المُقْويِنَ
زعم أبو اليقظان أنهم ثلاثة‏:‏ كَعْب، وحاتم، وهَرِم‏.‏
2968- أَقْلُّ مِنْ وَاحِدٍ، و ‏"‏مِنْ أوحَدَ‏"‏ و‏"‏مِنْ تِبْنةٍ في لبنةٍ‏"‏ و ‏"‏مِنْ لاَ شَيء في العَدَدِ‏"‏ و ‏"‏فِي الَّلفْظِ مِنْ لاَ‏"‏
2969- أقْصَرُ مِنَ حَبَّةٍ، و‏"‏مِنْ أنمُلَةٍ‏"‏ و ‏"‏مِنْ فِتْرِ الضَّبِّ‏"‏ و ‏"‏مِنْ إبْهَام الضَّبَّ‏"‏
و ‏"‏مِنْ إبْهَامِ الحُبَارَى‏"‏ و ‏"‏مِنْ إبْهَامِ القَطاةِ‏"‏ و ‏"‏مِنْ زُبِّ نَمْلَةٍ‏"‏ ‏[‏ص 129‏]‏
2970- أقْطَفُ مِنْ نَمْلَةٍ، و ‏"‏مِنْ ذَرَّةٍ‏"‏ و ‏"‏مِنْ فُرَيخِ الذَرَّ‏"‏ و ‏"‏مِنْ حَلَمةٍ‏"‏ و ‏"‏مِنْ أرْنَبٍ‏"‏
2971- أقْبَحُ أَثَراً مِن الحَدْثَانِ، و ‏"‏مِنْ قَوْلٍ بِلاَ فِعْلٍ‏"‏ و ‏"‏مِنْ مَنٍّ عَلَى نَيْلٍ‏"‏ و ‏"‏مِنْ تِيْهٍ بلاَ فَضْلٍ‏"‏ و ‏"‏مِنْ زَوَالِ النِّعْمَةِ‏"‏ و ‏"‏مِنْ الغُولِ‏"‏ و ‏"‏مِنْ السِّحْرِ‏"‏ و ‏"‏مِنْ خِنزِيرٍ‏"‏ و ‏"‏مِنْ قِرْدٍ‏"‏
2972- أقْسَى مِنْ صَخْرَةٍ، و ‏"‏مِنَ الحَجَرِ‏"‏
2973- أَقْرَبُ مِنَ البَعْثِ، ويروى ‏"‏مِنْ البغت‏"‏
2974- أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الورِيِدِ، و ‏"‏مِنْ عَصَا الأعْرَج‏"‏
2975- أقْطَعُ مِنَ البَيْنِ
2976- أَقْصَرُ مِنَ اليَدِ إلى الفَمِ
2977- أَقْتَلُ مِنَ السُّمِّ
2978- أقْفَرُّ مِنْ أبْرَاقَ الغَرَّافِ، و ‏"‏مِنْ بَرِّيِّةِ خُسَافٍ‏"‏
قَال أبو الندى‏:‏ هي برية بين السواجير ويانس، بأرض الشام، بستة فراسخ، قَال‏:‏ وقد سلكها خُسَاف‏.‏
2979- أَقْدَمُ مِنَ البَذِّ
2980- أَقْبَحُ مِنْ جَهمَةٍ قَفْرَةٍ
الجَهْمَة، التي في وجهها كُلُوح، والفَقَرَة‏:‏ القليلةُ الَّلحْمِ‏.‏
*3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif المولدون
قُلْ النَّادِرَةَ وَلَوْ على الوَالِدَةِ
قيِّدُوا العِلْمَ بالكِتَابَةِ
قَيِّدُوا نِعَمَ الله بالشُّكْرِ
قَبْلَ السَّحَابِ أصَابَنِي الوَكْفُ
قَبْرُ العَاق خَيْرٌ مِنْهُ
قَدْ يَخْرُجْ مِنَ الصَّدَفَةِ غَيْرُ الدُّرَّةِ
قَدْ يَقْدُمُ العَيْرُ مِنْ ذُعْرٍ عَلَى الأسَدِ
قَدْ يَهْزَلُ المُهْرُ الَّذي هُوَ فَارِهٌ
قَدْ خَلَعَ عِذَارَهُ وَركِبَ رَأْسَهُ
قَدْ عَبَرَ مُوسَى البَحْرَ ‏[‏ص 130‏]‏
إذا بلغ غاية الشكر
قَدْ جَعَلَ إحْدَى أُذُنَيْهِ بُسْتَاناً، والأخرى مَيْدَاناً
يضرب لمن لا يسمع الوَعْظَ
قَدْ تَعَوَّدَ خُبْزَ السُّفْرَةِ
يضرب لمن يُوصَف بالتجارب، ومثله ‏"‏قد نام مع الصوفية‏"‏ و‏"‏نام تحت حُصُرِ الجامع‏"‏ و ‏"‏ضَرَبَ بالحِرَابِ وَجْهَ المحراب‏"‏
قَدْ صَارَ مِنْ سَقَطِ الجُنْدِ
يضرب للأمرَدِ إذا التحى
قَدْ جَعَلَ إحْدَى يَدِيْهِ سَطِحَاً وَمَلأَ الأخرى سَلْحَاً
يضرب للمتهلك
قَدْ أَفْلَحَ السَّاكِتُ الصَّمُوت
قُل هُوَ الله أَحَدٌ شَرِيفَة، ولَيْسَتْ مِنْ رِجَالِ يَس~
قَطَعْتَ القَافِلَةُ وكانتْ خَيِّرَةً
قِلَّةُ العِيَالِ أحَدُ اليَسَارَيْنِ
قَدِّرْ ثُمَّ أقطَعْ
قَلَمٌ بِرَأسَيْن - للمكافئ
قَدِّمْ خَيْرَكَ ثُمَّ أيْرَكَ
قَدْ ضَلَّ مَنْ كَانَتِ العِمْيَانُ تَهْدِيْه
قَدْ تُبْلَى المليحَةُ بالطَّلاقِ
قَدْ يُتَوَفَى السَّيْفُ وَهُوَ مُغْمَدٌ
قَدْ يُسْتَرَثُّ الجَفْنُ وَالسَّيْفُ قَاطِعٌ
قَلَمُهُ لاَ يَرْعُفُ إلا بالشَّرِّ
قَدْ اسْتَقْلَعَ العُوْدُ فاقْلَعْهُ
القَصَّابُ لا تَهُوْلُه كَثْرَةُ الغَنَمِ
القَاصُّ لا يُحِبُّ القَاصَّ
القُلُوب تُجَازِي القُلوبَ
القَلْبُ طَلِيِعَةُ الجَسَدِ
القَلَمُ أحَدٌ الكاتبَيْنِ
القُبْحُ حُارِسُ المَرْأةِ
الإقْدَامُ على الكِرَامِ مَنْدَمَةٌ
القَيْنَةُ يَنْبُوعُ الأحْزَانِ
القَوْمُ أخْيَافٌ كَقَرْعِ الخَرِيفِ وإبِلِ الصَّدَقَةِ
اقْطَعْهَا مِنْ حَيْثُ رَكَّتْ
أي ضعفت، والعامة تقول ‏"‏رقت‏"‏
قَدْ نَرَاكَ فَلَسْتَ بِشَيء
يضرب للصَّلِفِ الذي يَزِيفُ على السَّبْكِ

B-happy 3 - 3 - 2010 10:57 PM

الباب الثاني والعشرون فيما أوله كاف

2981- كانَ كُرَاعاً فَصَارَ ذِرَاعاً
يضرب للذليل الضعيف صار عزيزاً قوياً‏.‏
وهذا المثل يروى عن أبى موسى الأشعري قَاله في بعض القبائل ومثله‏:‏
2982- كانَ عنْزَاً فَاسْتتَيْسَ
أي صار تَيْساً وفي ضدهما‏:‏
2983- كَانَ حِمَاراً فَاسْتَأتَنَ
أي صار أتانَا، وهذا ما لا يكون وإنما أراد بهِ أنهُ كان قوياً فطلب أن يكون ضعيفاً أو كان ضعيفاً فطلب أن يكون قوياً فمعنى ‏"‏استأتَنَ‏"‏ طلب أن يكون أتانا‏.‏
2984- كانَ جُرْحاً فَبَرَئَ
أصله أن رجلا كان أُصيبَ ببعض أَعِزَّته، فبَكَاه ورَثَاه كثيراً، ثم أقْلَعَ وَصَبَرَ، فقيل له في ذلك، فأجاب بهذا، فصار مَثَلاً
2985- كانَتْ بَيْضَةَ الدِّيكِ
يضرب لما يكون مرة واحدة، قَال بشار‏:‏
قَدْ زُرْتِني زَوْرَةً فِي الدَّهْرِ وَاحِدَةً * ثَنِّى وَلاَ تَجْعَلِيها بَيْضَةَ الدِّيكِ
2986- كانَتْ وَقْرَةً فِي حَجَرٍ
أي كانت المصيبةُ ثلمةً في حجَرٍ
يضرب لمن يحتمل المصيبة ولم تؤثر فيه إلا مثل تلك الهَزِيمة في الصَّخْرَة
2987- كَانتْ لَقِوَةً لاَقَتْ قَبِيساً
ويروى ‏"‏لقوة صادفَتْ قَبِيساً‏"‏ الَّلقْوَة‏:‏ السريعة التلقي لماء الفحل، والقبيس‏:‏ السريع الإلقاح، قَال بعضُ بني أسَدٍ‏:‏
حَمَلْتِ ثَلاَثَةً فَوَلَدْتِ سِتَّا * فَأمًّ لِقْوَةٌ وَأَبٌ قَبِيسُ
وتقدير المثل‏:‏ كانت الناقة لقوة صادفَتْ فحلاً قبيساً
يضرب في سُرْعَة اتفاقَ الأخوين في المودة، قَاله أبو عبيد ‏[‏ص 132‏]‏
2988- كأنَّمَا قُدَّ سَيْرُهُ الآنَ
أي كأنما ابتدئ شبابه الساعة ‏.‏ يضرب لمن لا يتغير شبابه من طول مر الزمان، وقَال‏:‏
رَأَيْتُكَ لاَ تَمُوتُ وَلَسْتَ تَبْلَى * كأنَّكَ في الحوادِثِ لين طاق
2989- كأنَّما أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ
الأُنْشُوطة‏:‏ عُقْدَة يَسْهُلُ إنحلالها، مثل عقدة التكة، ونَشَطْتُ الحَبْلَ أنْشَطه نشطاً‏:‏ عَقَدْتْه أنشوطة، وأنشَطَتْه‏:‏ حللته، والعِقَال‏:‏ ما يُشَدُّ به وظيفُ البعير إلى ذراعه
يضرب لمن يتخلَّصُ من وَرْطَة فينهض سريعاً
2990- كُلُّ شَيءٍ مَهَهٌ، مَا خَلاَ النَّسَاءَ وَِذكْرهُنَّ
ويروى ‏"‏مَهَاه ومعناهما اليسير الحقير‏:‏ أي أن الرجل يحتمل كلَّ شَيء حتى يأتي ذكر حُرَمه، فيمتعض حينئذ، فلا يحتمله، قَال أهل اللغة‏:‏ المهَاه والمهَهَ‏:‏ الجَمَالُ والطراوة أي كل شَيء جميل ذِكْرُه إلا ذكر النسٍّاء قلت‏:‏ يجوز أن يكون المهاه الأصل، والمهه مقصور منه، مثل الزمانِ والزَّمَنْ والسَّقام والسَّقَمْ، ويجوز على الضد من هذا وهو أن يكون المهه الأصل ثم زِيدَت الألف كراهة التضعيف والمهَاه أكثرُ في الاستعمال من المهه، قَال الشاعر‏:‏
وَلَيْسَ لِعَيْشِنَا هذا مَهَاهٌ * ولَيْسَتْ دَارُنَا الدُّنيا بِدَارِ
وقَال آخر‏:‏
كَفَى حَزَنَاُ أنَّ لاَ مَهَاهَ لِعَيْشِنَا * ولا عَمَلٌ يرْضَى بِه الله صالِحُ
يريد لا جمال ولا طراوة لعيشنا
2991- كلُّ ذاتِ صِدَارٍ خَالَةٌ
الصِّدَارُ‏:‏ كالصُّدْرَة تلبسها المرأة، ومعناه أن الغَيُور إذا رَأى امرَأة عَدَّهَا في جُمْلة خالاته لفرط غَيْرَته، وهذا المثل من قول هَمَّام بن مرة الشيباني، وكان أغار على بني أسد، وكانت أمه منهم، فَقَالت له النساء‏:‏ أتفعل هذا بخالاتك‏؟‏ فَقَال‏:‏ كلُّ ذاتِ صِدَار خَالَةٌ، فأرسلها مَثَلاً
قلت‏:‏ ويجوز أن تكون الخالة بمعنى المختالة، يُقَال ‏"‏رجُلٌ خَالٌ‏"‏ أي مختال يعني أن كل امرَأة وَجَدَتْ صِدَاراً تلبسه اخْتَالَتْ
2992- كلُّ ضَبِّ عِنْدَهُ مِرْدَاتُهُ
المِرْدَاةُ‏:‏ الحَجَر الذي يُرْمى به، والضب قليل الهِدَاية، فلا يتخذ جَحْره إلا عند حَجَر يكون علامة له، فَمَنْ قَصَده ‏[‏ص 133‏]‏ فالحجر الذي يرمى الضب به يكون بالقرب منه، فمعنى المثل لا تأمن الحِدْثَان والغِيَرَ فإن الآفاتِ مُعَدَّة مع كل أحد
يضرب لمن يتعرض للهَلَكَة
2993- كلُّ اُمْرىءِ سَيَعُودُ مُرِيباً
أي تُصيبه قَوَارِعُ الدهرِ فتضعفه‏.‏ يضرب في تنقل الدهر بأبنائه
2994- كلُّ ذاتِ بَعْلٍ سَتَئِيمُ
هذا من أمثال أكثم بن صيفي، قَال الشاعر‏:‏
أفَاطِمُ إنِّي هَالِكٌ فَتَبَينَّي * وَلاَ تَجْزَعِي، كلُّ النِّسَاءِ تَئِيمُ
يُقَال‏:‏ آمَتِ المرأة تَئيمُ أيوما، أي صارت أيِّماً، وقوله ‏"‏ستئيم‏"‏ أي ستفارقَ بَعْلَهَا فتبقى بلا زواج
2995- كلُّ شَاةٍ بِرِجْلِهَا سَتُنَاطُ
النَّوْطُ‏:‏ التَّعْليق، أي كل جَانٍ يُؤْخَذ بجنايته، قَال الأَصمَعي‏:‏ أي لا ينبغي لأحدٍ أن يأخذ بالذنب غيرَ المذنبِ، قَال أبو عبيدة‏:‏ وهذا مَثَلٌ سائر في الناس‏.‏
2996- كلُّ أََزَبَّ نَفُورٌ
وذلك أن البعير الأزّبَّ - وهو الذي يكثر شَعْرُ حاجبيه - يكون نَفُوراً؛ لأن الريحَ تضْربه فينفر
يضرب في عَيْب الجبان
وإنما قَاله زهير بن جَذيمة لأخيه أسيد، وكان أَزَبَّ جباناً، وكان خالد بن جعفر بن كلاب يطلبه بذّحْل، وكان زهير يوماً في إبله يَهْنَؤها ومعه أخوة أسيد، فرأى أسيد خالدَ بن جعفر قد أقبل في أصحابه، فاخبر زهيراً بمكانهم، فَقَال له زهير‏:‏ كلُّ أزبّ نفُورٌ، وإنما قَال هذا لأن أسيداً كان أَشْعَرَ، قَال زيدُ الخِيل‏:‏
فَحَادَ عَنِ الطعَانِ أبُو أثَالٍ * كَمَا حاد الأزَبُّ عَنِ الظِّلال
وقال النابغة‏:‏ أثَرت الغيىَّ ثمَّ نزعت عنه كما حاد الأزبُّ عن الطِّعَانِ
2997- كلُّ امرِئٍ سَيَرَى وَقْعَهُ
أي وقوعه‏.‏ يضرب في انتظار الخَطْب بالعَدُوِّ يقع‏.‏
2998- كَلاَمٌ كالعَسَلِ، وَفِعْلٌ كالأسَلِ
يضرب في اختلاف القَوْل والفعل
2999- كَمْ غُصَّةٍ سَوَّغْتُ رِيقَهَا عَنْكَ
يضرب في الشكاية عن العاقِّ من الأولاد والأحباب ‏[‏ص 134‏]‏
3000- الكَىُّ لاَ يَنْفَعُ إلاَّ مُنْضِجَهُ
يضرب في الحثِّ على إحكام الأمر والمبالغة فيه
3001- كالعَاطِفِ عَلَى العَاضِّ
يُقَال ‏"‏ناقة عاطف‏"‏ تعطف على ولدها وأصل المثل أن ابن المخَاض ربما أتى أمه يَرْضَعُها فلا تمنعه، وربما عَضَّ على ضَرْعها فلا تمنعه أيضاً‏.‏
يضرب لمن يواصل من لا يواصله ويحسن لمن يسيء إليه
3002- كُنْتَ تَبْكِي مِنَ الأثَرِ العَافِي، فقد لاقَيْتَ أُخْدُوداً
يضرب لمن يشكو القليل من الشر ثم يقع في الكثير
3003- كلُّ ذَاتِ ذَيْلٍ تَخْتَالُ
أي كل مَنْ كان ذا مال يتبختر ويفتخر بماله
3004- كلُّ امْرئٍ في شأنِهِ سَاعٍ
أي كل امرئ في إصلاح شأنه مُجِدّ
3005- كلُّ امْرِئٍ في بَيْتِهِ صبيٌّ
أي يَطْرَحُ الحِشْمة، ويستعمل الفكاهة يضرب في حُسْن المعاشرة‏.‏
قيل‏:‏ كان زيد بن ثابت من أَفْكَهِ الناس في أهْلِهِ وأدْمَثهم إذا جلس مع الناس وقَال عمر رضي الله عنه‏:‏ ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي، فإذا التمس ما عنده وُجد رجلا
3006- كلُّ فَتَاةٍ بأبِيْهَا مُعْجَبَةٌ
يضرب في عُجْب الرجل برهطه وعشيرته وأول من قال ذلك العَجْفَاء بنت عَلْقَمة السعدى، وذلك أنها وثَلاثَ نسوة من قومها خَرَجْنَ فاتَّعَدْنَ بروضة يتعدثن فيها، فوافَيْنَ بها ليلاً في قمرٍ زاهر، وليلة طَلْقَة ساكنة، وروضة مُعْشِبة خَصْبة، فلما جلسن قلن‏:‏ ما رأينا كالليلة ليلة، و لا كهذه
الروضة روضة، أطيب ريحاً ولا أنْضَر، ثم أفَضْنَ في الحديث فقلن‏:‏ أي النساء أفضل‏؟‏ قَالت إحداهن‏:‏ الخَرُود الوَدُود الوَلُود، قَالت الأخرى‏:‏ خَيْرُهن ذات الغناء وطيب الثناء، وشدة الحياء، قَالت الثالثة‏:‏ خيرهن السَّمُوع الجَمُوع النَّفُوع، غير المنوع، قَالت الرابعة‏:‏ خيرهن الجامعة لأهلها، الوادعة الرافعة، لا الواضعة، قلن‏:‏ فأي الرجال أفضل‏؟‏ قالت إحداهن‏:‏ خيرهم الحَظِىُّ الرّضِيُّ غير الحظال ‏(‏الحظال‏:‏ المقتر المحاسب لأهله على ما ينفعه عليهم‏.‏‏)‏
ولا التبال، قَالت الثانية‏:‏ خيرهم السيدُ الكريم، ذو الحسب العميم، والمجد القديم، قَالت الثالثة‏:‏ خيرهم السخِيُّ الوفي ‏[‏ص 135‏]‏ الذي لا يُغِيرُ الحرة، ولا يتخذ الضرة، قَالت الرابعة‏:‏ وأبيكن إن في أبي لنَعْتَكُنَّ كرم الأخلاق، والصدقَ عند التلاق، والفلج عند السباق، ويحمده أهل الرفاق، قَالت العَجْفَا عند ذلك‏:‏ كلُّ فتاة بأبيها مُعْجَبة
وفي بعض الروايات أن إحداهن قَالت‏:‏ إن أبي يُكْرِمُ الجار، ويعظم النار، ويَنْحَر العِشَار، بعد الحوار، ويحل الأمور الكبار، فَقَالت الثانية‏:‏ إن أبي عظيم الخَطرِ، منيع الوَزَر، عزيز النفر، يُحْمَدُ منه الوِرْدُ والصَّدَر، فَقَالت الثالثة‏:‏ إن أبي صدوقَ اللسان، كثير الأعْوَان، يُرْوى السِّنَان، عند الطعان، قَالت الرابعة‏:‏ إن أبي كريم النِّزَال، منيف المقَال، كثير النَّوَال، قليل السؤال، كريم الفَعَال، ثم تنافَرْنَ إلى كاهنة معهن في الحي فقلن لها‏:‏ اسمعي ما قلنا، واحكمي بيننا، واعدلي، ثم أَعَدْنَ عليها قولَهن، فقالت لهن‏:‏ كل واحدة منكن ماردة، على الإحسان جاهدة، لصواحباتها حاسدة، ولكن اسْمَعنَ قولي‏:‏ خيرُ النساء المبقية على بعلها، الصابرة على الضراء، مخافة أن ترجع إلى أهلها مطلقة، فهي تؤثر حظ زوجها على حظ نفسها، فتلك الكريمة الكاملة، وخير الرجال الجَواد البَطَل، القليل الفشل، إذا سأله الرجل ألفاه قليل العلل، كثير النَّفَل، ثم قَالت‏:‏ كل واحدةٍ منكن بأبيها مُعْجَبة‏.‏
3007- كلُّ مُجْرٍ في الخَلاَءِ يُسَرُّ
ويروى ‏"‏كل مجر بخلاء مجيد‏"‏
وأصله أن رجلا كان له فرس يُقَال له ‏"‏الأُبَيْلِق‏"‏ وكان يجريه فرداً ليس معه أحد، وجعل كلما مر به طائر أجْرَاه تحته، أوْ رأى إعصارا أجراه تحته، فأعجبه ما رأى من سرعته، فَقَال‏:‏ لو رَاهَنْتُ عليه، فنادى قوما، فَقَال‏:‏ إنى أردْتُ أن أراهن عن فرسي هذا، فأيكم يُرْسلُ معه‏؟‏ فَقَال بعض القوم‏:‏ إن الحَلْبَةَ غَداً، فَقَال‏:‏ إنى لا أرسله إلا في خِطَارٍ، فراهن عنه، فلما كان الغدُ أرسله فسُبِقَ، فعند ذلك قَال‏:‏ كل مُجْرٍ في الخلا يسر، ويقَال أيضاً‏:‏ كلُّ مجرٍ بِخَلاَءٍ سَابِقٌ‏.‏
3008- كلُّ فَضْلٍ مِنْ أبِي كَعْبٍ دَرَكٌ
يضرب للرجل يطلبُ المعروفَ من الرجل اللئيم الذي لا يَبضُّ حَجَرُه فينيله قليلا فيشكو ذلك، فيقَال له هذا، أي هو لئيم فقليله كثير‏.‏
3009- كُلُّ كّلْبِ بِبَابِهِ نَبَّاحٌ
يضرب لمن يضرب له ‏"‏كُلُّ مُجْرٍ في الخلا يُسَرُّ‏"‏‏.‏ ‏[‏ص 136‏]‏
3010- كُلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرَا
قَال ابن السكيت‏:‏ الفَرَار الحِمَارُ الوَحْشِيُّ، وجمعه فِراء‏.‏
قَالوا‏:‏ وأصل المثل أن ثلاثة نَفَرٍ خرجوا متصيدين، فاصطاد أحدُهم أرْنَباً، والآخر ظبيا، والثالث‏:‏ حماراً، فاستبشر صاحب الأرنب وصاحب الظبي بما نالا، وتطاولا عليه، فقال الثالث‏:‏ كُلُّ الصَّيْدِ في جوف الفَرا، أي هذا الذي رُزِقْتُ وظَفِرْتُ به يشتمل على ما عندكما، وذلك أنه ليس مما يصيده الناس أعْظَمُ من الحمار الوحشي‏.‏
وتألَّفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا سُفْيَانَ بهذا القول، حين استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فحُجِبَ قليلا ثم أُذِنَ له، فلما دخل قَال‏:‏ ما كِدْتَ تأذَنُ لي حتى تأذنَ لحجارة الجلهمتين، قَال أبو عبيد‏:‏ الصوابُ الجلهتين، وهما جانبا الوادي، فَقَال صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا أبا سفيان أنْتَ كما قِيلَ كل الصيد في جوف الفَرَا، يتألفه على الإسلام، وقَال أبو العباس‏:‏ معناه إذا حَجَبْتُكَ قَنَعَ كل محجوب‏.‏ يضرب لمن يُفَضَّلُ على أقرانه‏.‏
3011- كُلُّ نُجارِ إبلٍ نُجِاَرُهَا
النُّجِاَرُ‏:‏ الأصلُ، وكذلك النَّجْرُ، وهذا من قول رجل كان يغير على الناس
فيطرد إبِلَهُمْ ثم يأتي بها السوقَ فيعرضها على البيع، فيقول المشترى‏:‏ مِنْ أي إبلٍ هذه‏؟‏ فيقول البائع‏:‏
تَسْأَلُني البَاعَةُ أيْنَ دَارُهَا * لا تَسْألُونِي وَسَلُوا مَا نارُهَا
كُلُّ نُجِاَرِ إبِلٍ نُجَارُهَا*
يعني فيها من كل لون‏.‏
يضرب لمن له أخلاقَ متفاوتة ‏(‏في القاموس ‏"‏أي فيه كل من الأخلاق، ولا يثبت على رأى‏"‏‏)‏
والباعة‏:‏ المشترون ههنا، والبيع من الأضداد، وقَال‏:‏
وَبَاعَ بَنِيِهِ بَعْضُهُمْ بِخَسَارةٍ * وَبِعْتُ لذُبْيَانَ العَلاَءَ بمَالكَا
فجمع اللغتين في بيتٍ واحِدٍ
3012- كُلَّ الحِذاءِ يَحْتَذِي الحَافِي الوَقِعُ
يُقَال‏:‏ وَقَعَ الرجلُ يَوْقَعُ وَقَعاً، إذا حَفِيَ من مَرِّه على الحجارة، قَال الرَّاجز‏:‏
يَالَيْتَ لِي نَعْلَيْنِ مِنْ جِلْدِ الضَّبُعْ * وَشَرُكاً مِنْ ثَفْرِهَا لاَ تَنْقَطِعْ
كُلَّ الحِذَاءِ يَحْتَذِي الحَافِي الوَاقِع*
نصب ‏"‏كُلَّ‏"‏ بيحتذى‏.‏ ‏[‏ص 137‏]‏
يضرب عند الحاجة تَحْمِلُ على التعلق بما يقدر عليه‏.‏
3013- كُلّى طَعَامَ سَرِقٍَو نَامَى
السَّرِق، والسَّرقة - بكسر الراء الاسم، والسَّرَق - بفتح الراء - المصدر، يُقَال‏:‏ سَرَقَ منه مالا، وسرقًهُ مالا‏.‏
وأصله أن اُّمة كانت لصة جَشِعة، فنَحَرَ مواليها جَزُورا، فأطعموها حتى شَبِعَتْ، ثم إن مولاها جعل شحمةً في رأس رُمحه فسرقتها ثم ملتها، فنشَّتْ، في النار فَقَال مولاها‏:‏ ما هذا‏؟‏ فَقَالت‏:‏ نَضِيضُ علباء ويحسبه مولاي شحمة، فَقَال‏:‏ كُلِّ طعام سَرِقَ ونَامِي‏.‏
يضرب للحريص يقع في قبيح لجشعِهِ، ويضرب للمُريب أيضا‏.‏
3014- كُلُّ شَيء أخْطَأَ الأنْفَ جَلَلٌ
وذلك أن رجلا صرع رجلا، فأراد أن يجْدَعَ انْفه، فأخطأه، فحدث به رجل فَقَال‏:‏ كل شَيء أخطأ الأنف جَلَلْ، أي سهل‏.‏
يضرب في تهوين الأمر وتسهيله‏.‏
3015- كُلُّ جُدَّةٍ سَتُبْلِيها عُدَّةٌ
يعني عدة الأيام والليالي وقَال الراجز‏:‏
لاَ يُلْبِثُ المَرْءَ اِخْتِلاَفُ الأحْوَالْ * مِنْ عَهْدِ شَوَالٍ وَبَعْدَ شَوَالْ
يُفْنيِنَه مِثْلَ فَنَاء السِّرْبالْ*
3016- كُلُّكم ليَحْتَلِبُ صَعُوْدَاً
الصَّعود من النوق‏:‏ التي تَخْدُج ‏(‏تخدج‏:‏ تلقي جنينها قبل تمامه‏)‏
فتعطِف على ولد عام أول وقَال‏:‏
لَهَا لَبَنُ الخَلِية والصَّعُودِ*
وأصل المثل أن غلاماً كان له الصَّعود وكان يلعب مع غلمان ليس لهم صعود، فَقَال مستطيلا عليهم هذا القَوْل‏.‏
3017- كَبُرَ عَمروٌ عن الطّوْقِ
قَال المفضل‏:‏ أولُ من قَال ذلك جَذيمة الأبرش، وعمرو هذا‏:‏ ابن أخْتِهِ، وهو عمرو بن عديِّ بن نصر وكان جَذيمة ملك الحيرةَ، وجَمَع غِلْمانا من أبناء الملوك يخدمونه منهم عديٌّ بن النصر، وكان له حظ من الجَمَال، فعشقته رَقَاشِ أخت جَذِيمة، فَقَالت له‏:‏ إذا سقيت الملك فسَكِرَ فاخطبني إليه، فسقى عديٌّ جَذِيمَةَ ليلة وألطف له في الخدمة، فأسرعت الخمر فيه، فَقَال له‏:‏ سَلْنِي ما أحبَبت، فَقَال‏:‏ أسألُك أن تُزَوجْني رَقَاشِ أخْتَك، قَال‏:‏ ما بِها عنك رغبة، قد فعَلْتُ، فعلمت رَقَاشِ أنه سينكر ذلك عند ‏[‏ص 138‏]‏ إفاقته، فَقَالت للغلام‏:‏ أُدْخُل على أهلكَ الَليلةَ، فدخلَ بها وأصبح وقد لبث ثياباً جُدُدا، وتَطَيَّبَ، فلما رآه جَذيمة قَال‏:‏ يا عَدِيُّ ما هذا الذي أرى‏؟‏ قَال‏:‏ أنكحْتَنِي أخْتَكَ رَقَاشِ البَارِحَة، قَال‏:‏ ما فعلتُ‏؟‏ ثم وضَعَ يَده في التراب وجعل يضرب بها وجهه ورأسَه، ثم أقبل على رٌقاشِ فَقَال‏:‏
حدِّثيني وأنتِ غَيْرُ كَذُوبٍ * أبِحُرٍّ زنَيْتِ أم بِهَجِينِ‏(‏1‏)‏ ‏(‏حِفظي* حدثيني رقاش لا تُكذبيني*‏)‏
أمْ بِعَبْدٍ وأنت أهلٌ لِعَبْدِ * أم بِدُونٍ وأنتِ أهلٌ لِدُونِ
قَالت‏:‏ بل زوجتني كُفُؤا كريما من أبناء الملوك، فأطرقَ جذيمة فلما رآه عدي قد فعل ذلك خافه على نفسه فهرب منه ولحقَ بقومه وبلاده، فمات هُناك، وعَلِقت منه رقاشِ فولدت غلاما فسماه جذيمة عمرا، وتبنَّاه، وأحبه حباً شديدا وكان جذيمة لا يولد له، فلما بلغ الغلام ثمان سنين كان يخرج في عدةٍ من خدمِ الملك يجتنون له الكِمأة، فكانوا إذا وجدوا كمأة خيارا أكلوها وراحوا بالباقي إلى الملك، وكان عمرو لا يأكل مما يجني ويأتي به جذيمة فيضعه بين يديه، ويقول‏:‏
هَذا جَنايَ وخِيَارُهُ فِيهِ * إذْ كَلُّ جَانٍ يَدُهُ إلى فيه
فذهبت مَثَلاً، ثم إنه خرج يوما وعليه ثيابٌ وحُلي فاستطِيرَ ففُقِدَ زَمانا، فضرب في الآفاق فلم يوجد، وأتى على ذلك ما شاء الله ثم وجده مالك وعقيل ابنا فارج، رجلان من بلْقَيْن كانا يتوجَّهان إلى الملك بهدايا وتحفِ، فبينما هما نازلان في بعض أودِيةِ السَّمَاوة انتهى إليهما عمرو بن عدي، وقد عفَتْ أظْفَارَهُ وشعره، فَقَالا له‏:‏ مَنْ أنت‏؟‏ قَال‏:‏ ابنُ التَّنُوخية فلَهَيَا عنه وقَالا لجارية معهما‏:‏ أطعمينا، فأطعمتهما، فأشار عمرو إلى الجارية أن أطعميني، فأطعمته ثم سقتهما، فَقَال عمرو‏:‏ اسقِنِي، فَقَالت الجارية لا تًطْعم العبدَ الكُرَاع فيطْمَع في الذِّراعِ فأرسلتها مَثَلاً، ثم إنهما حَمَلاَهُ إلى جذيمة فعرفه، ونظر إلى فتى ما شاء من فتى فضمَّه و قَبِلَهُ وقَال لهما‏:‏ حكَّمْتُكما، فسألاه منادمته، فلم يزالا نديميه حتى فرَّقَ الموت بينهم، وبعث عمراً إلى أمه، فأدخلته الحمام وألبسته ثيابه، وطوَّقته طَوْقَاً كان له من ذهب، فلما رآه جذيمة قَال‏:‏ كَبُرَ عمرو عن الطَّوقِ، فأرسلها مَثَلاً، وفي ملك وعقيل يقولوا مُتَمِّمُ بن نُويرة يرثي أخاه مالك بن نُوَيرة ‏[‏ص 139‏]‏
وكُنَّا كَنَدْمانَيّ جَذِيمة حقْبَةً * مِنَ الدَّهرِ حتَّى قِيل لَنْ نَتَصَدَّعا
وعِشْنَا بِخَيْرٍ في الحَيَاةِ وَقَبْلَنَا * أصَابَ المنايَا رَهْطَ كِسْرَى وَتُبَّعا
فَلَّمَا تَفَرَّقْنَا كَأنِّي وَمَالِك * لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبَتْ لَيْلَةً معاً
قلت‏:‏ اللام في ‏"‏لطول اجتماع‏"‏ يجوز أن تتعلقَ بتفرقنا أي تفرقنا لاجتماعنا، يشير إلى أن التفرقَ سببه الاجتماع ويجوز أن تكون اللام بمعنى على‏.‏
وقَال أبو أَخراش الهذلى يذكرهما‏:‏ ألم تَعْلَمي أن قَدْ تَفَرَّقَ قَبْلَنَا خليلاَ صفاءٍ مالكٌ وعقِيلُ قَال ابن الكلبي‏:‏ يضرب المثل بهما للمُتُوَاخِيَين فيقَال‏:‏ هما كنَدْمَانَيّ جَذِيمة‏.‏
قَالوا‏:‏ دامت لهما رٌتبت المنادمة أربعين سنة‏.‏
3018- كالفَخِارَة بِحِدْج رَبَّتْها
قَال الخليل‏:‏ الحِدْجُ‏:‏ مركبٌ ليس يرَحْلِ ولا هَوْدَجْ تركبه نساء العرب‏.‏
يضرب لمن يفتخر بما ليس له فيه شَيء كما يحكى عن أبي عبيدة أنه قَال‏:‏ أجْريَتِ الخيلُ للرهان يوما، فجاء فرس فسبق، فجعل رجل من النَّظَّارة يُكَبْر ويَثِب من الفرحِ، فقيل له‏:‏ أكان الفرس لك‏؟‏ قَال‏:‏ لا، ولكن اللجام لي‏.‏
3019- كَيْفَ بِغُلاَمٍ أعْيَانِي أبُوه
أي إنك لم تستقم لي فكيف يستقيم لي ابنك وهو دونك‏؟‏ قَال الشاعر‏:‏
تَرْجُو الوَلِيدَ وقَدْ أعْيَاكَ وَالِدُهُ * وَمَا رَجَاؤك بَعْدَ الوَالِدِ الوَلَدَا
3020- أكْذِبِ النَّفْسَ إذا حَدَّثَتْهَا
أي لا تُحَدِّثْ نفسَكَ بأنك لا تظفر، فإن ذلك يُثْبِّطُك‏.‏
سئل بشَّار المَرَعَّثُ‏:‏ أي بيت قَالته العرب أشعر‏؟‏ قَال إن تفضيل بيتٍ واحدٍ على الشعر كله لشديد، ولكن أحسنَ لبيدٌ في قوله‏:‏
أكْذِبِ النَّفْسَ إذا حَدَّثَتَهَا * إنَّ صِدْقَ النَّفْسِ يُزْرِى بِالأَمَلِ
3021- كَدَمْتَ غَيْرَ مَكْدَمٍ
الكَدْمُ‏:‏ العَضُّ، والمَكْدَم‏:‏ موضع العض‏.‏
يضرب لمن يطلب شَيئَاً في غير مطلبه‏.‏
3022- كَطَالِبِ القَرْنِ جُدِعَتْ أذُنُهُ
العرب تقول‏:‏ ذهب النعام يطلب قَرناً فجُدِعَتْ أذنه، ولذلك يُقَال له ‏"‏مُصَلَّمُ الأُذُنَيْنِ‏"‏ وفيه يقول الشاعر‏:‏ ‏[‏ص 140‏]‏
مِثْلُ النَّعَامَةِ كَانَتِ وَهِيَ سَائِمَةٌ * أذْنَاءَ حَتَّى زَهَاهَا الحَبْن والجبن
جَاءَت لِتَشْرَى قَرْنَاً أوْ تُعوِّضَهُ * وَالدَّهْرُ فِيْهِ رَبَاحُ البَيْعُ والغَبَنُ
فَقِيلَ أُذْنَاكِ ظلم ثّمَتَّ اصْطُلِمَتْ * إلى الصِّمَاخِ فَلاَ قَرْنٌ ولا أُذُنُ
ويقَال‏:‏ طالب القَرْن الحمار، قَال الشاعر‏:‏
كَمِثْلِ حِمَارٍ كان لِلْقَرْنِ طَالِبَاً * فآبَ بِلا أذنٍ وليس لَهُ قَرْنُ
يضرب في طلب الأمر يؤدِّى صاحبَه إلى تَلَف النفس‏.‏
3023- كَفَّا مُطَلَّقَةٍ تَفَتُّ اليَرْمَعَ
اليَرْمعُ‏:‏ حجارةٌ بيضٌ رِخوة ربَّما يجعل منها خَذَاريف الصبيان‏.‏
يضرب للرجل ينزل به الأمر يَبْهَظُه فيضجّ ويجلب فلا ينفعه ذلك‏.‏
3024- كَيْفَ تَوَقَّى ظَهْرَ ما أنتَ رَاكِبُهُ
أي تَتَوَقَّى‏.‏ يضرب لمن يمتنع من أمرٍ لا بد له منه‏.‏
و‏"‏ما‏"‏ عبارة عن الدَّهر أي كيف تَحْذّر جِمَاحَ الدَّهر وأنت منه في حال الظَّهر يَسِرُ بِكَ عن مورد الحياةِ إلى مَنْهَل الممات‏؟‏‏!‏
3025- كُمُعَلِّمَةٍ أُمَّهَا البِضَاعً
يضرب لمن يجئ بالعلم لمن هو أعلم منه‏.‏
3026- كانَ جَوَادَاً فَخُصِيَ
يضرب للرجل الجلد ينتكث فيضعف، ويقَال‏:‏ كان جودا فَخَصَاه الزمان‏.‏
3027- كالأشْقَرِ إنْ تَقَدَّمَ نُحِرَ، وإنْ تَأَخَّر عُقِرَ
العرب تتشاءَمُ من الأفراس بالأشقر قَالوا‏:‏ كان لقِيط بن زُرَارة يوم جَبَلَة على فرَسٍ أشقر فجعل يقول‏:‏ أشقر، إن تتقدم تَنْحر، وإن تتأخر تُعقَر، وذلك أن العرب تقول‏:‏ شُقر الخَيْل سِرَاعُها، وكُمْتُهَا، صِلابُهَا، فهو يقول لفرسه‏:‏ يا أشقر، إن جَرَيْتَ على طبعك فتقدمت إلى العدو قتلوك، وإن أسرعتَ فتأخرت مُنْهَزِما أتوك من ورائك فعقروك، فاثْبُتْ والزم الوَقَارَ، وانْفِ عني وعنك العَار‏.‏
وكان حميد الأقرط عند الحجاج، فأتى برجلين لصين من جَهْرم كانا مع ابن الأشعث فأقيما بين يديه، فَقَال لحميد‏:‏ هل قلت في هذين شيئاً‏؟‏ قَال‏:‏ نعم، قلت، ولم يكن قَال شيئاً، فارتجَل هذه القصيدة ارتِجالاً، وأنشدها، وهي‏:‏
لَمَّا رَأى العَبْدَانِ لِصَّاً جَهْرَمَا * صَوَاعِقَ الحَجَّاجِ يُمْطِرْنَ الدَّمَا
وَبْلاً أحَايِينَ وَسَحَّادِيِمَا * فأصْبحا وَالحَرْبُ تُغْشَى قُحَمَا ‏[‏ص 141‏]‏
بِمَوْقِفِ الأشْقَرِ إن تَقَدَّمَا * بَاشَرَ مَنْحُوضَ السِّنَانِ لهزمَا
والسَّيفُ مِنْ وَرَائِهِ إن أحْجَمَا
قلت‏:‏ الأصل في المثل ما ذكرته من حديث لقيت بن زرارة، ثم تداولته العرب وتصرفت فيه كما فعل حُمَيْد هذا‏.‏
يضرب لما يُكْرَهُ من وَجْهين‏.‏
3028- أكْرَمْتَ فَارْتَبِطْ
ويروى ‏"‏استكرمت‏"‏ يُقَال‏:‏ أكرمته، أي وجدته كريما‏.‏
يضرب لمن وَجَد مراده فيقَال له‏:‏ ضَنَّ به‏.‏
3029- كانَتْ عَلَيْهُمْ كَرَاغِيةِ البَكْرِ
ويقَال أيضاً ‏"‏كراغية السَّقْبِ‏"‏ يعنون رُغَاء بَكْر ثمود حين عقر النّاقة قدَارُ بن سالف، والراغية‏:‏ الرغاء، والتاء في ‏"‏كانت‏"‏ تعود إلى الخصلة أوْالفعلة‏.‏
يضرب في التشاؤم بالشَيء‏.‏
قَال عَلْقَمَة بن عَبَدَة لقوم أغير عليهم فاستُؤصِلُوا‏:‏
رَغَا فَوْقَهُمْ سَقْبُ السَّمَاء فَدَاحِضٌ * بِشِكَّتِه لَمْ يُسْتَلَبْ وَسَلِيبُ
يُقَال‏"‏ دحَضَ المذبوح‏"‏ أي ركض برجله يَدْحَضُ دَحْضاً، والشكة‏:‏ السلاح، وقَال الجَعْدِى‏:‏
رَأيتُ البَكْرَ بَكِر بَنِي ثَمُودٍ * وأنتَ أرَاكَ بَكْرَ الأشْعَرِينا
3030- أكْرَمُ نَجْرِ النَّاجِيَاتِ نَجْرُهُ
الناجيات‏:‏ المُسْرِعات
يضرب مثل للكريم الأصل‏.‏
3031- كَالْمُهَدِّرِ في العُنَّةِ
المهدر‏:‏ الجمل له هَدِير، والعُنَّة‏:‏ مثل الحَظِيرة تجعل من الشجر للإبل، وربما يحبس فيها الفحلُ عن الضِّرَاب، ويقَال لذلك الفحل المُعنَّى وأصله المعنَّن من العُنَّة، فأبدلت إحدى النونين ياء كما قَالوا تظَنَّى وتَلَعَّى، قَال الوليد بن عقبة لمعاوية‏:‏
قطَعْتَ الدَّهْرَ كَالسَّدِمِ المُعَنَّى * تُهَدِّرُ في دِمشقَ فَمَا تَرَيْمُ
والَّسدِم‏:‏ الفحل غير الكريم يكره أهله أن يضرب في إبلهم، فيقيد ولا يسرح في الإبل رغبةً عنه؛ فهو يصول ويهدر‏.‏
يضرب للرجل لا ينفذ قولُه ولا فعله‏.‏
3032- كفَضلِ ابْنِ المخَاضِ على الفصِيلِ‏.‏
أي الذي بينهما من الفرقَ قليل‏.‏ يضرب للمُتَقَاربين في رُجولتهما‏.‏
قَال المؤرج‏:‏ إن المنتوج يدعى فصيلا إذا شرب الماء وأكل الشجر، وهو بعدُ ‏[‏ص 142‏]‏ يَرْضع، فإِذا أرسلَ الفحلُ في الشَّوْل دُعيت أمه مخاضا، ودُعِيَ ابنُها ابنَ مُخَاضٍ‏.‏
3033- كَفَى بِرُغُائِهَا مُنَادياً
قَال أبو عبيد‏:‏ هذا مَئَلٌ مشهور عند العرب يضرب في قَضَاء الحاجة قبل سؤلها، ويضرب أيضاً للرجل تحتاج إلى نُصرتَه أوْمَعُوْنَتَهُ فلا يحضرك، ويعتلُّ بأنه لم يعلم، ويضرب لمن يقف بباب الرجل فيقَال‏:‏ أرْسِلْ مَنْ يستأذن لك ويقول‏:‏ كفى بعلمه بوقوفي ببابه مستأذنا لي، أي قد علِم بمكاني فلو أراد أذِنَ لي‏.‏
3034- كَلاَّ زَعَمْتَ العِيرَ لا تُقَاتِلُ
يضرب للرجل قد كان أمِنَ أن يكون عنده شَيء، ثم ظهر منه غيرُ ما ظن به‏.‏
3035- كَالحَادِي وَلَيْسَ لَهُ بَعِيرٌ
يضرب لمن يَتشبَّع بما لا يملك، ومثله ‏"‏عاط بغير أنْوَاطٍ‏"‏‏.‏

B-happy 3 - 3 - 2010 10:58 PM



3036- الكِلاَبَ عَلَى البَقَرِ
يضرب عند تحريش بعض القوم على بعض من غير مبالاة، يعني لا ضَرَر عليك فَخَلِّهم‏.‏
ونصب ‏"‏الكلاب ‏"‏ على معنى أرسل الكلاب‏.‏ ويقَال ‏"‏الكراب على البقر‏"‏ هذا من قولك‏:‏ كَرَبْتُ الأرضَ، إذا قلبتها للزراعة يضرب في تخلية المرء وصناعته
3037- كالثَّورِ يُضْرَبُ لمَّا عافَتِ البَقَرُ
عَافَ يَعَافُ عِيَافاً، إذا كره، كانت العرب إذا أوردوا البقرَ فلم تشرب لكَدَر الماء أو لأنه لا عَطَشَ بها ضربوا الثَّوْرَ ليقتحم البقرُ الماء، قَال نَهْشَل بن حَرِّيٍّ‏:‏
أَتُتْرَكُ دَارِمٌ وَبَنُو عَدِيِّ * وتَغْرَمُ عَامِرٌ وَهُمُ بَرَاءُ
كَذَاكَ الثَّوْرُ يُضْرَبُ بِالهَرَاوَى * إذَا مَا عَافَتِ البَقَرُ الظِّماءُ
وقَال أنس بن مُدْرِك‏:‏
إنِّي وَقَتْلِ سُلَيْكَاً ثُمَّ أعْقِلَهُ * كالثَّورِ يَضْرَبُ لَمَّا عَافَتِ البَقَرَ
يعني أن سُليكاً كان يستحقَ القتلُ فلما قتلته طُولِبْتُ بدَمِهِ‏.‏
وقَال بعضهم‏:‏ الثور الطُّحْلُبُ، فإذا كَرِهَ البقرُ الماء ضُرِب ذلك الثورُ ونُحِّيَ عن وجه الماء فيشرب البقر‏.‏ يضرب في عقوبة الإنسان بذَنْب غيره
3038- كلُّ شَاةٍ بِرِجْلِهَا مُعَلَّقَةٌ
قَال ابن الكلبي‏:‏ أولُ مَنْ قَال ذلك وَكِيعُ بن سلمة بن زهير بن إياد، وكان وَلِيَ ‏[‏ص 143‏]‏ أمْرَ البيت بعد جُرْهُم، فبنى صَرْحاً بأسفل مكة عند سُوقَ الخَيَّاطين اليوم، وجعل فيه أمةً يُقَال لها حَزْورَة، وبها سميت حَزْوَرة مكة، وجعل في الصَّرح سُلَّما، فكان يَرْقَاهُ ويزعم أنه يناجي الله تعالى، وكان ينطقَ بكثير من الخبر، وكان علماء العرب يزعمون أنه صِدِّيقَ من الصِّديقين، وكان من قوله مُرْضِعَة أو فاطمة، ووادعة وقاصمة، والقطيعة والفجيعة، وصلة الرحم، وحسن الكلام، ومن كلامه‏:‏ زعَمَ رَبكم ليجزين بالخير ثواباً، وبالشر عقاباً، إن مَنْ في الأرض عَبيدٌ لمن في السماء، هلكت جرهم وربلت إياد ‏(‏ربلت إياد‏:‏ كثرت ونمت وزادت‏)‏
وكذلك الصلاح والفساد، فلما حضرته الوفاة جمع إياداً فَقَال له‏:‏ اسمعوا وصيتي، الكلم كلمتان، والأمر بعد البَيَان، من رَشَدَ فاتَبِعُوه، ومن غوَى فارفُضُوه، وكل شاة برجلها مُعَلَّقة، فأرسلها مَثَلاً، قَال‏:‏ ومات وكيع فنعى على الجبال، وفيه يقول بشير بن الحجير الإيادي‏:‏
ونَحْنُ إيَادُ عبادُ الإلهِ * وَرَهْط مُنَاجِيه في سُلَّمِ
وَنَحْنُ وُلاةُ حِجَابِ العَتِيق* زَمَانَ النُّخَاعَ على جُرْهُم
يُقَال‏:‏ إن الله سلط على جرهم داء يُقَال له النخاع، فهلك منهم ثمانون كهلاً في ليلة واحدة سوى الشبان، وفيهم قَال بعض العرب‏:‏
هَلَكتْ جُرْهُمُ الكِرَامُ فعَالاً * وَولاَةُ البَنيِّةِ الحُجَّابُ
نُخِعُوا لَيلَةً ثَمَانُونَ كَهْلاً * وشَبَاباُ كَفَى بهم من شَبَابِ
3039- كالخَرُوفِ أَيْنَما مَالَ اتَّقَى الأرضَ بِصَوَافٍ
يضرب لمن يجد مُعْتَمَداً كلما اعتمد
3040- كالْكَبْشِ يَحْمِلُ شَفْرَةً وَزِنَاداً
يضرب لمن يتعرَّض للهَلاكِ وأصله أن كسرى بن قُبَاذ مَلَّك عمرو بن هند الملكَ الحيرةَ وما يلي مُلكَ فارسٍ من أرض العرب، فكان شديد السلطان والبطش، وكانت العرب تسميه ‏"‏مُضَرِّطَ الحجارة‏"‏ فبلغ من ضبطه الناس وقهره لهم واقتداه في نفسه عليهم أن سَنَةً اشْتدَّت على الناس حتى بلغت بهم كلًّ مبلغ من الجهد والشدة، فعمد إلى كبش فَسمَّنه حتى إذا امتلأ سمناً علَّقَ في عنقه شَفْرة وزِناداً ثم سَرَّحه في الناس لينظر هل يجترئ أحد على ذبححه فلم يتعرض له أحد، حتَّى مرَّ ببني يَشْكر، ‏[‏ص 144‏]‏ فَقَال رجل منهم يُقَال له‏"‏ عِلْبَاء بن أرقَمَ اليَشْكَرِي‏"‏ ما أراني إلا آخذ هذا الكبش فآكله، فَلاَمهُ أصحابه، فأبى إلا ذِبْحه، فذكروا ذلك لشيخ له، فَقَال‏:‏ إنكَ لا تعدم الضار، ولكن تعدم النافع، فأرسلها مَثَلاً، وقَال قائل آخر منهم‏:‏ إنك كائن كقُدَار على إرم، فأرسلها مَثَلاً، ولما كثرت اللائمة قَال‏:‏ فإني أذبحُه ثم آتى الملك فواضع يدي في يَدِهِ ومُعْتَرِف له بذنبي، فإن عفَا عني فأهْلُ ذلك هو، وإن كانت منه عقوبة كانت بي ودونكم، فذبحه وأكله، ثم أتى الملك عمرو بن هند، فَقَال له‏:‏ أَبيتَ اللَّعنَ، وأسْعَدكَ إلهُكَ، ياخير الملوك إني أّذْنبْتُ ذنبا عظيما إليك، وعفوك أعظم منه، قَال‏:‏ وما ذنبك‏؟‏ قَال‏:‏ إنك بَلَوتَنا بكبش سَرَّحْتُه ونحن مَجْهُودون، فأكلْته، قَال‏:‏ أو فعلت‏؟‏ قَال نعَم، قَال‏:‏ إذن أقتلك، قَال‏:‏ مليك شَيءٍ حكمه، فأرسلها مَثَلاً، ثم أنشده قصيدةً في تلك الخطة، فخَلَّى عنه، فجعلت العرب ذلك الكبش مَثَلاً
3041- كَمُجِيِرِ أُمّ عَامِرٍ
كان من حديثه أن قوماً خَرَجُوا إلى الصيد في يوم حار، فإنهم لكَذَلك إذ عَرَضَتْ لهم أُمَّ عامرٍ، وهي الضبع، فطَرَدُوها وأتبعهم حتى ألجؤها إلى خِباه أعرابي، فاقتحمته، فخرج إليهم الأعرابي، وقَال‏:‏ ما شأنكم‏؟‏ قَالوا‏:‏ صَيْدُنا وطَريدتنا، فَقَال‏:‏ كلا، والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثَبَتَ قائمُ سيفي بيدي، قَال‏:‏ فرجَعُوا وتركوه، وقام إلى لِقْحَةٍ فحلَبَهَا وماء فقرب منها، فأقبلت تَلِغُ مرةً في هذا ومرة في هذا حتى عاشت واستراحت، فبينا الأعرابي نائم في جَوْف بيته إذ وّثَبَتْ عليه فبَقَرَتْ بطنه، وشربت دَمَه وتركته، فجاء ابن عم له يطلبه فإذا هو بَقِيرٌ في بيته، فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها، فَقَال‏:‏ صاحبتي والله، فأخذ قوسه وكنانته واتبعها، فلم يزل حتى أدركها فقتلها، وأنشأ يقول‏:‏
وَمَنْ يَصْنَعِ المَعْرُوفَ معْ غَيرِ أَهْلِهِ * يُلاَقَ الَّذي لاَقَى مُجِيرُ امِّ عَامِرِ
أدامَ لها حِينَ استَجَارَتْ بقُرْبِهِ * لها محْضَ ألبَانِ اللقَاحِ الدَّرَائِرِ
وَأَسْمَنَهَا حَتَّى إذَا مَا تَكَامَلَتْ * فَرَتْهُ بأنْيَابٍ لَهَا وَأظَافِرِ
فَقُلْ لِذِوِي المَعْرُوفِ هَذَا جَزَاءُ مَنْ * بَدَا يَصْنَعُ المَعرُوفَ فِي غَيْرِ شَاكِرِ
3042- كَرِهَتِ الخَنَازِيرُ الحَمِيمَ المُوغرَ
وأصله أن النصارى تَغْلِي الماء للخنازير ‏[‏ص 145‏]‏
فتلقيها فيه لتنضج، فذلك هو الإيغار، قَال أبو عبيد‏:‏ ومنه قول الشاعر‏:‏
وَلَقَدْ رَأَيتُ مَكَانَهُمْ فَكَرِهْتُهُمْ * كَكَرَاهَةِ الخِنزِيرِ للإيَغَارِ
قَال ابن دُرَيْد‏:‏ يغلي الماء للخنزير فيسمط وهو حي، قَال‏:‏ وهو فعل قوم
3043- كَلْبُ عَسٍّ خَيرٌ مِنْ كَلْبِ رَبْضٍ
ويروى ‏"‏خير من أسد رَبْض‏"‏ ويروى ‏"‏خير من أسد ندس‏"‏ أي خفى، وعَسّ معناه طَلَب‏.‏
3044- كذَلِكَ النُّجَارُ يَخْتَلِفُ
النَّجْر والنُّجَارُ‏:‏ الأصل، ومنه قولهم ‏"‏كلُّ نِجَارِ إبلٍ نُجَارُهَا‏"‏
يضرب مَثَلاً للمختلفين
وأصله أن ثعلبا اطلع في بئر، فإذا في أسفلها دَلْو، فركِبَ الدلو الأخَرى، فانحدرت به، وعلت الأخَرى، فشرب، وبقي في البئر، فجاءت الضبع فأشرفَتْ فَقَال لها الثعلب‏:‏ انزلي فاشربي، فقعدت في الدلو، فانحدرت بها وارتفعت الأخرى بالثعلب، فلما رأته مُصْعِداً قَالت له‏:‏ أين تذهب‏؟‏ قَال‏:‏ كذلك النُّجِار يختلف، فذهبت مَثَلاً، وروى أبو محمد الديمري ‏"‏كذاك التِّجَار تَخْتَلِفُ‏"‏ جمع تاجر بالتاء
3045- كالأرقَمِ إنْ يُقْتَلُ يَنْقِمْ، وَإنْ يُتْرَكْ يَلْقَمْ
كانوا في الجاهلية يزعمون أن الجن تطلبُ بثأر الجانِّ، فربما مات قاتله، وربما أصابه خَبل، وفي حديث عمر رضي الله عنه، أن رجلاً كسر منه عَظم فأتى عمر يطلب القَوَدَ فأبى أن يُقيده، فَقَال الرجل‏:‏ هو كالأرقم إن يُقْتَل ينقم وإن يترك يلقم، فَقَال عمر رضي الله عنه‏:‏ هو كذلك، يعني نفسه
3046- كيْفَ أُعَاوِدُكَ وَهَذَا أَثَرُ فَأَسِكَ
أصلُ هذا المثل على ما حَكَتْه العرب على لسان الحية أن أخوين كانا في إبل لهما فأجْدَبَتْ بلادهما، وكان بالقرب منهما وادٍ خَصيبٌ وفيه حية تَحْمِيه من كل أحد، فَقَال أحدهما للآخر‏:‏ يا فلان، لو أنى أتيتُ هذا الوادي المُكْلِئ فرَعَيْتُ فيه إبلي وأصلحتها فَقَال له أخوه‏:‏ إني أخاف عليك الحية، ألا ترى أن أحداً لا يهبط ذلك الوادى إلا أهلكته، قَال‏:‏ فوالله لأفعَلَنَّ، فهبط الوادى ورعى به إبله زماناً، ثم إن الحية نَهَشَتْه فقتلته، فَقَال أخوه‏:‏ والله ما في الحياة بعد أخي خير، فلأطلبَنَّ الحية ولأقتلنها أو لأتبعنَّ أخي، فهبط ذلك الوادى وطلب ‏[‏ص 146‏]‏الحية ليقتلها، فَقَالت الحية له‏:‏ ألست تَرَى أنِّى قتلت أخاك‏؟‏ فهل لك في الصلح فأدعَكَ بهذا الوادى تكون فيه وأعْطِيك كل يوم ديناراً ما بقيت‏؟‏ قال أو فاعله أنت‏؟‏ قَالت‏:‏ نعم، قَال‏:‏ إني أفعل، فحلف لها وأعطاها المواثيقَ لا يضرها، وجعلت تُعْطِيه كلَّ يوم ديناراً، فكثر مالُه حتى صار من أحسن الناس حالا، ثم إنه تَذَكَّر أخاه فَقَال‏:‏ كيف ينفعني العيشُ وأنا أنظر إلى قاتل أخي‏؟‏ فعَمِدَ إلى فأسٍ فأخذها ثم قَعَدَ لها فمرَّت به فتبعها فضربها فأخطأها ودخلت الجُحْرَ، ووقعت الفأس بالجبل فوقَ جُحْرها فأثرت فيه، فلما رأت ما فَعَلَ قطعت عنه الدينار، فخاف الرجل شَرَّها وندم، فَقَال لها‏:‏ هل لك في أن نَتَوَاثقَ ونَعُودَ إلى ما كنا عليه‏؟‏ فَقَالت‏:‏ كيف أعاودك وهذا أثَرُ فأسِك‏؟‏
يضرب لمن لا يَفِي بالعهد
وهذا من مشاهير أمثال العرب، قَال نابغة بن ذبيان‏:‏
وإنِّي لألقَى من ذَوىِّ الغَيِّ مِنْهُمُ * وما أصْبَحَتْ تَشْكُو مِنَ الشَّجْوِ سَاهِرَهْ
كما لَقِيَتْ ذاتُ الصَّفَا مِنْ حَلِفَهَا * وكانَتْ تُرِيهِ المَالَ غِبّاً وَظَاهِرَهْ
فَلَمَّا رأى أنْ ثَمَّرَ الله مَالَهُ * وَأثَّلَ مَوْجُوداً وَسَدَّ مَفَاقِرَهْ
أكبَّ عَلَى فأسٍ يُحِدُّ غُرَابَهَا * مُذَكَّرَةٍ مِنَ المَعاوِلِ بَاتِرَه
فَقَامَ لَهَا مَنْ فَوْقَ جُحْرٍ مُشَيَّدٍ * لِيَقْتُلَهَا أوْ يُخْطِئ الكَفُّ بَادِرَهْ
فَلَمَّا وَقَاهَا الله ضَرْبَةَ فأسِهِ * وَلِلشَّرِّ عَيْنٌ لا تُغَمِّضُ نَاظِرَهْ
فَقَال‏:‏ تَعَالَى نَجْعَلِ الله بَيْنَنَا * عَلَى مَالَنَا أوْ تُنْجِزِى ليَ آخِرَهُ
فَقَالت‏:‏ يَمِينُ الله أفعَلُ؛ إننِي * رَأَيْتُكَ مَشْؤماً يمينُكَ فَاجِرَهْ
أبَى لي قبر لا يزال مُقَابِلِى * وَضَرْبَةُ فأسٍ فَوْقَ رَأسِيَ فَاقِرَهْ
3047- كلُّ شَيء يُحِبُّ وَلَدَهُ حتَّى الحُبَارَى
إنما خص الحُبَارَى من جميع الحيوان لأنه يُضْرَبُ به المثل في المُوقِ
‏(‏الموق - بضم الميم - الحمق في غباوة‏.‏‏)‏
يقول‏:‏ هي على مُوقِها تُحِبُّ ولَدَها وتعلمه الطيران
3048- كأنَّ عَلَى رُؤُسِهِمُ الطَّيْرُ
يضرب للساكن الوادع‏.‏
وفي صفة مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إذا تكلَّمَ أطْرَقَ جُلَسَاؤُه كأنما على رؤسهم الطير‏"‏ يريد أنهم يسكنون ولا يتكلون، والطير لا تسقط إلا على ساكن‏.‏ وأما قولهم‏:‏ ‏[‏ص 147‏]‏
3049- كأنَّهُمْ كانوا غُرَاباً وَاقِعاً
فلأن الغراب وَقَعَ لا يَلْبَثُ أن يطير‏.‏
يضرب فيما ينقضي سريعا
3050- كلَّفْتَنِي بَيْضَ السَّمامِ
هي جمع سَمَامة، ضَرْب من الطير مثل الخطاف لا يُقْدَر على بيضه، ويروى ‏"‏بيض السماسم‏"‏ وهي جمع السمسمة، وهي النملة الحمراء
3051- كلَّفْتَنِي مُخَّ البَعُوضِ
يضرب لمن يُكَلِّفُكَ الأمورَ الشاقة
3052- كُسَيْرٌ وَعُوَيْرٌ وكلُّ غَيْرٍ خَيْرٌ
قَال المفضل‏:‏ أولُ من قَال ذلك أمَامة بنت نُشْبَة ‏[‏بن غيْظ‏]‏ بن مرة، وكان تَزَوَّجَهَا رجل من غطفان أعور يُقَال له خلف بن رواحة، فمكثت عنده زمانا حتى ولدت له خمسة، ثم نَشَزَت عليه ولم تصبر معه، فطلقها، ثم إن أباها وأخاها خَرَجَا في سفر لهما، فلقيهما رجل من بني سُلَيم يُقَال له حارثة بن مرة، فخطب أمامة، وأحسن العطية، فزوَّجَاها منه، وكان أعرجَ مكسورَ الفخذ، فلما دخلت عليه رأته مَحْطُوم الفخذ فَقَالت‏:‏ كُسَيرٌ وعُوَير وكل غير خير فأرسلتها مَثَلاً‏.‏
يضرب في الشَيء يُكْرَه ويُذَم من وجهين لا خير فيه البتة، قَال الشاعر
أَيَدْخُلُ مَنْ يَشَاء بغير إذنٍ * وكُلُّهُمُ كُسَيْرٌ أوْ عُوَيْرُ
وأبْقى مِنْ وَرَاءِ البيتِ حتى * كأني خُصْيَة وَسِوَايَ أيْرُ
قلت‏:‏ كسير تصغير كَسِير، يُقَال‏:‏ شَيء كَسِير، أي مكسور، وحقه كُسَيِّر مُشَدَّدَ الياء، إلا أنه خفف لازدواج عُويْر وهو تصغير أعْوَرَ مرخَّمَاً، أرادت أن أحد زوجيها مكسور الفخذ حارثة بن مرة، والآخَر أعْوَرَ خلف، وكسيرٌ مرفوع على تقدير زَوْجَاى يكسيرٌ وعويرٌ‏.‏
3053- كانَ مِثْلَ الذُّبَحَةِ عَلَى النَّحْرِ
الذُّبَحَة‏:‏ وجَع يأخذ الحلق‏.‏
يضرب لمن كنتَ تَخَاله صديقا، وكان يظهر مودة، فلما تبين غشه تشكوه إليه‏:‏ كان مثل الذبحة على النحر‏.‏
يعني كان كهذا الداء الذي لا يفارق صاحبه في الظاهر، ويؤذيه في الباطن‏.‏
3054- كانَ ذلِكَ زَمَنَ الفِطَحْلِ
قَالوا‏:‏ هو زمن لم يُخْلق الناس، قَال الجرمى‏:‏ سألت أبا عبيدة عنه، فَقَال‏:‏ ‏[‏ص 148‏]‏
الأعراب تقول ذلك زمن كانت الحجارة فيه رَطْبة، وأنشد للعجاح‏:‏
وَقَدْ أَتَانَا زَمَنَ الفِطَحْلِ * وَالصَّخْرُ مُبْتَلٌّ كَطِينِ الوَحْلِ
قلت‏:‏ روى غيرُه لرؤبة‏:‏
لو أنَّنِي أوتيتُ عِلْمَ الحَكْل‏(‏1‏)‏ * عِلْمَ سُلَيْمَانَ كَلاَمَ النَّمْلِ
‏(‏1‏)‏‏(‏الحكل‏:‏ ملا يسمع له صوت‏)‏
أوْ أنني عُمَّرْتُ عُمْرَ الحِسْلِ‏(‏2‏)‏* أو عُمْرَ نُوحٍ زَمَنَ الفِطَحْل
‏(‏2‏)‏‏(‏الحسل‏:‏ فرخ الضب حين يخرج من بيضته‏.‏‏)‏
وَالصَّخْرُ مُبْتَلٌّ كَطِينِ الوَحْلِ * كُنْتُ رَهِينَ هَرَمٍ أوْ قَتْلِ
يضرب في شَيء قَدِمَ عهده‏.‏
3055- كَأنما ألقَمَهُ الحَجَرَ
يضرب لمن تكلَّم فأجيب بِمُسْكِتة‏.‏
3056- كِلاَ جَانِبَيْ هَرْشى لَهُنَّ طَرِيقُ
يضرب فيما سَهُل إليه الطريقَ من وجهين‏.‏
وهَرْشَي‏:‏ ثَنِيَّة في طريق مكة شَرَّفها الله تعالى قريبة من الجُحْفة يرى منها البحر ولها طريقان، فكل مِنْ سلكها كان مصيبا، قَال الشاعر‏:‏
خُذِي أنْفَ هَرْشَي أوقَفَاهَا فإنه * كِلاَ جَانِبَي هَرْشَي لَهُنَّ طَرِيقُ
‏"‏لهن‏"‏ أي للإبل‏.‏
3057- كانَ ذَلِكَ كَسَلِّ أُمْصُوخَةٍ
قَالوا‏:‏ هي شَيء يستلُّ من الثُّمام فيخرج أبيضَ، كأنه قضيب دقيقَ كما تُسَلُّ البردية‏.‏
3058- كأنَّهُ النَّكْعَةُ حُمْرَةً
النَّكْعة‏:‏ ثمرت الطرثوث، قَال الخليل‏:‏ الطرثوث نبات كالقطن مستطيل دقيق يَضْرِبُ إلى الحمرة، يبس، وهو دباغ للمعدة منه مر ومنه حلو، يجعل في الأودية‏.‏
3059- كانُوا مُخِلِّينَ فَلاَقَوْا حَمْضاً
وذلك أن الإبل تكون في الخلَّة، وهو مَرْتَع حُلْو فتأجِمُه‏(‏1‏)‏ ‏(‏أجم فلان الطعام - بكسر الجيم - كرهه بسبب المداومة عليه، فهو آجم‏.‏‏)‏
فتنازع إلى الحَمْض، فإذا رتَعَتْ فيه أعْطَشَها حتى تَدَع المرتع من لهبان الظمأ‏.‏
يضرب لمن غمط السلامة فتعرض لما فيه شماتة الأعداء‏.‏
3060- كَثُرَ الحَلَبَةُ وقَلَّ الرِّعَاءُ
يضرب للوُلاَة الذين يَحْتلبون ولا يبالون ضَيَاعَ الرعية‏.‏ ‏[‏ص 149‏]‏
3061- كَمَنْ الغَيْثِ عَلي العَرْفَجِة
وذلك أنها سريعة الانتفاع بالغيث، فإذا أصابها وهي يابسة اخْضَرَّت‏.‏
قَال أبو يزيد‏:‏ يُقَال ذلك لمن أحسَنْتَ إليه فَقَال لك‏:‏ أتمنُّ على‏؟‏ فتقول أنت‏:‏ نَعَمْ، كمنِّ الغيث على العَرْفجة، تعني أن أثر نعمتي عليك ظاهر كظهور مَنَّ الغيث على العرفجة، وإن أنت جَحَدْتها وكفرتها‏.‏
3062- كالقَابضَ عَلي الماءِ
قَال الشاعر‏:‏
فأصْبَحْتُ مِنْ لَيْلِى الغَدَاةَ كَقَابِضٍ * عَلَى المَاءِ لاَ يَدْرِي بِمَا هُوَ قَابِضُ
3063- كأنَّهَا نَارُ الحُبَاحِبِ
قَالوا‏:‏ الحُبَاحِبُ طائرٌ يطير في الظلام كَقَدْر الذباب، له جناح يحمرُّ، يُرَى في الظلمة كشرارة النار، يُقَال‏:‏ نار الحُبَاحِبِ ونار أبي الحُبَاحب، قَال القطاميُّ‏:‏
ألاَ إنَّمَا نيِرَانُ قَيْسٍ إذا شَتَوْا * لِطَارِقِ لَيْلٍ مِثْلُ نَارِ الحُبَاحِبِ
قَال الأَصمَعي‏:‏ هو رجل كان في الجاهلية وقد بلغ من بخله أنه كان إذا أوقَدَ السراج فأراد إنسان أن يأخذ منه أطْفَأَه، فضُرِب به المثلُ في البخل‏.‏
3064- كالمُسْتَغِيثِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّار
يضرب في الخلتين من الإساءة تجمعان على الرجل‏(‏1‏)‏ ‏(‏لا يفيد هذا الكلام هذا المعنى، بل يفيد أنه يضرب لمن هرب من خلة مكروهة فوقع في أِشد منها، وقَال الشاعر‏:‏
المستجير بعمرو عند كربته * كالمستجير من الرمضاء بالنار‏.‏‏)‏
3065- كالقَابِسِ العَجْلاَنِ
القبس‏:‏ أخذ النار‏.‏ يضرب لمن عجل في طلب حاجته‏.‏
3066- كالمُسْتَتِرِ بالغَرَضِ
يقول الرجل يتهدَّده الرجلُ ويتوعده، فيجيبه‏:‏ أنا إذن جَبَان كالمستتر بالغَرَض، أي أصْحَرُ لك ولا أستتر؛ لأن المستتر بالغرض يُصِيبه السهمُ فكأنه لم يستتر‏.‏
3067- كالمُتَمرِّغِ فِي دَمِ القَتِيلِ
يضرب لمن يدنو من الشر ويتعرض لما يضره وهو عنه بِمَعْزَل‏.‏
3068- كالحِوَدِ عَنِ الزُّبْيَةِ
وهي حُفْرَة يحفرها الصائد للصيد ويغطيها، فيفطن الصيد لها فيحيد عنها‏.‏
يضرب للرجل يَحيِدُ عما يخاف عاقبته‏.‏ ‏[‏ص 150‏]‏
3069- كالسَّاقِطِ بَيْنَ الفِرَاشَيْنِ
يضرب لمن يتردَّد في أمرين، وليس هو في واحد منهما‏.‏
3070- كَمَشَ ذَلاذِلَهُ
يُقَال لما استرخى من الثوب‏:‏ ذَلَذِل وَذُلَذِلٌ وذُلْذُل وذِلْذِل‏.‏
يضرب لمن تَشَمَّر واجتهد في أمره‏.‏
3071- كَلاَبِسِ ثَوْبِىْ زُورٍ
قَال الأَصمَعي‏:‏ إنه الرجل يلبس ثيابَ أهلِ الزهد، يريد بذلك الناس، ويظهر من التَّخَشُّع أكثَرَ مما في قلبه، وفي الحديث ‏"‏المتشِّبع بما لا يملك كلابس ثَوْبِيْ زُورٍ‏"‏ وهو الرجل يتكثَّر بما ليس عنده، كالرجل يرى أنه شَبِعَان وليس كذلك‏.‏
3072- كَدَابِغَةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأدِيمُ
يضرب للأمر الذي قد انتهى فساده‏.‏ وذلك أن الجلد إذا حَلِمَ فليس بعده إصلاح‏.‏
وهذا المثل يُرْوَى عن الوليد بن عُتْبة أنه كتب إلى معاوية‏:‏
فإنَّكَ وَالكِتَابَ إلَى عَلِيٍّ * كَدَابِغَةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأديمُ
وقَال المفضل‏:‏ إن المثل لخالد بن معاوية أحَدِ بني عبد شَمْس بن سعد حيث قَال‏:‏
قَدْ عَلِمَتْ أحْسَابَنَا تَمِيْمُ * في الحرب حِينَ حَلِمَ الأدِيْمُ
3073- كأنما أَفْرَغَ عَلَيْهِ ذَنُوباً
وذلك إذا كلمه بكلام يُسْكته به ويُخْجِله‏.‏
3074- كلَّفْتُ إليكَ عَلَقَ القِرْبَةَ
ويروى ‏"‏عَرَقَ القِرْبَةَ‏"‏ أي كلفت إليك أمراً صَعْبا شديدا‏.‏
قَال الأَصمَعي‏:‏ لا أدري ما أصله، وقَال غيره، العَرَقَ إنما هو للرجل لا للقربة، قَال‏:‏ وأصله أن القِرَبَ إنما تحملها الإماء الزَّوَافِرَ ومَنْ لا معين له، وربما افتقر الرجل الكريم إلى حَمْلها بنفسه، فيعرقَ لما يَلْحقه من المشقة والحياء من الناس‏.‏
قلت‏:‏ تقدير المثل كلفت نفسي في الوصل إليك عَرَقَ القربة، أي عَرَقاً يحصل من حمل القربة، والأصل الراء، واللام بدل منه‏.‏
3075- كُلُّ أداةِ الخُبْزِ عِنْدِي غَيْرَهُ
أصله أن رجلا استضافه قومٌ، فلما قَعَدُوا ألقى نِطَعاً، ووضع عليه رَحَى فَسَوَّى قُطْبها وأطبقَهَا، فأعجب القوم حضور آلته، ثم أخَذَ هادي الرحَى فجعل يُدِيرها بغير شَيء ‏[‏ص 151‏]‏ فَقَال له القوم‏:‏ ما تصنع‏؟‏ فَقَال‏:‏ كل أداة الخبز عندي غيره‏.‏
يضرب مَثَلاً عند إعواز الشَيء‏.‏
3076- أكُلُّ شِوَائِكُمْ هَذا جُوفَانُ
أصله أن رجلا من بني فزارة ورجلا من بني عَبْس ورجلا من بني عبد الله بن غَطَفَان صادروا عَيْرَاً، فأوقدوا ناراً، وخرج الفَزَارى لحاجة، فاجتمع رأى العَبْدِى والعَبِسِي على أن يقطعا أيْرَ الحمار ثم دسَّاه بين الشِّوَاء، فلما رجَع الفَزَاري جعل العبدى يحرك الجمر بالمِسْعَر ويستخرج القِطْعَة الطبية فيأكلها ويُطْعمها صاحبه، وإذا وقع في يده شَيء من الجُوفَان - وهو ذكر الحمار - دفعه إلى الفزَاري، فجعل الفَزَاري كلما مَضَغَ منه شيئا امتدَّ في يده، وجعل ينظر فيه فيرى فيه ثقباً، فيقول‏:‏ ناولْني غَيرَها، فيناوله مثلَها فلما فعل ذلك مرارا قَال‏:‏ أكُلُّ شوائكم هذا جُوفان، فأرسلها مَثَلاً‏.‏
يضرب في تساوي الشَيء في الشَّرَارة‏.‏
3077- كَسُؤْر العَبْدِ مِنْ لَحْمِ الحِوَارِ
يضرب للشَيء الذي لا يُدْرَك منه شَيء وأصله أن عبدا نحر حُوَارا، فأكله كله، ولم يُسْئِرْ منه لمولاه شيئاً، فضرب به المثل لما يفقد البتة‏.‏
3078- كِفْتٌ إلَى وئِيَّةٍ
الكِفْتُ‏:‏ القدر الصغيرة، والوَئِيَّة‏:‏ الكبيرة، والكفت من الكفت وهو الضم، سمي به لأنه يكفت ما يلقى فيه، والوَئِيَّة من الوأى وهو الضخم، يُقَال‏:‏ فرس وأى، إذا كان ضخماً، والانثى وَآة‏.‏
يضرب للرجل يحملك البليةَ ثم يَزِيدك إليها أخرى صغيرة‏.‏
3079- كِلاَهُمَا وَتَمْرَاً
ويروى‏:‏ كليهما‏"‏
أولُ من قَال ذلك عمرو بن حُمْرَان الجَعْدِي، وكان حمرتن رجلا لَسِنَاً ماردا وإنه خَطَب صَدُوفَ، وهي امرَأة كانت تؤيد الكلام وتشجع في المنطق، وكانت ذاتَ مالٍ كثيرٍ، وقد أتاها قوم يخطبونها فردَّتهم، وكانت تتعنَّتُ خُطَّابها في المسألة، وتقول‏:‏ لاأتزوج إلا مَنْ يعلم ما أسأله عنه ويجيبني بكلام على حده لا يَعْدُوه، فلما انتهى إليهَا حُمْرَان قام قائماً لا يجلس، وكان لا يأتيها خاطبٌ إلا جلس قبل إذنها، فَقَالت‏:‏ ما يمنعك من الجلوس‏؟‏ قَال‏:‏ حتى يُؤْذَنَ لي، قَالت‏:‏ وهل عليك أمير‏؟‏ قَال رَبُّ المنزِل أحقُ بفِنَائه، ورب الماء أحَقُ بسِقَائِه، وكل له ما في وعائه، فَقَالت‏:‏ اجلس، فجلس، قَالت له‏:‏ ما أردت‏؟‏ ‏[‏ص 152‏]‏ قَال‏:‏ حاجة، ولم آتك لحاجة، قَالت‏:‏ تُسِرُّها أم تعلنها‏؟‏ قَال‏:‏ تُسَرُّ وتُعْلَن، قَالت‏:‏ فما حاجتك‏؟‏ قَال قضاؤها هَيَّن، وأمرها بين، وأنت بها أخْبَر، وبنُجْحِها أبصر، قَالت‏:‏ فأخبرني بها، قَال‏:‏ قد عَرَّضْتُ وإن شِئت بينتُ، قَالت‏:‏ مَنْ أنت‏؟‏ قَال‏:‏ أنا بَشَر، ولدت صغيراً، ونشأت كبيراً، ورأيت كثيراً، قَالت‏:‏ فما اسمك‏؟‏ قَال‏:‏ مَنْ شاء أحْدَثَ اسما، وقَال ظُلْما، ولم يكن الاسم عليه حتَمْا، قَالت‏:‏ فَمَنْ أبوك‏؟‏ قَال‏:‏ والدِي الذي وَلَدني، ووالده جَدِّي، فلم يعش بَعْدِي، قَالت‏:‏ فما مالُك‏؟‏ قَال‏:‏ بعضُه وَرِثته، وأكثره اكتسبته، قَالت‏:‏ فمن أنت‏؟‏ قَال‏:‏ من بشر كثير عدده، معروف ولده، قليل صعده، يفنيه أبده، قَالت‏:‏ ماوَرَّثَك أبوك عن أوليه‏؟‏ قَال‏:‏ حسن الهمم، قَالت‏:‏ فأين تنزل‏؟‏ قَال‏:‏ على بساط واسع، في بلدٍ شاسع، قريبُه بعيد، وبعيده قريب، قَالت‏:‏ فمن قومك‏؟‏ قَال‏:‏ الذين أنتمي إليهم، وأجني عليهم، وولدت لديهم، قَالت‏:‏ فهل لك امرَأة‏؟‏ قَال‏:‏ لو كان لي لم أطلب غيرها، ولم أضَيِّعْ خَيْرَها، قَالت‏:‏ كأنك ليست لك حاجة، قَال‏:‏ لو لم تكن لي حاجة لم أُنِخْ ببابك، ولم أتَعَرضْ لجوابك، وأتعلق بأسبابك، قَالت‏:‏ إنك لحمران بن الأقرع الجَعْدي، قَال‏:‏ إن ذلك ليقَال، فأنكحته نفسها، وفَوَّضَتْ إليه أمرها
ثم إنها ولدت له غلاما فسماه عمرا، فنشأ ماردا مُفَوَّها، فلما أدركَ جَعَله أبوه راعياً يرعى له الإبل، فبينما هو يوما إذ رُفِعَ إليه رجل قد أَضَرَّ به العطشُ والسغوب، وعمرو قاعد، وبين يديه زُبْد تمر وتامك‏(‏1‏)‏‏(‏التامك‏:‏ السنام‏)‏، فدنا منه الرجل فقال‏:‏ أطعمنى من هذا الزبد والتامك‏(‏1‏)‏، فَقَال عمرو‏:‏ نعم، كلاهما وتمراً، فأطعم الرجل حتى انتهى، وسقَاه لبنا حتى رَوِي، وأقام عنده أياماً، فذهبت كلمته مَثَلاً‏.‏ ورفع ‏"‏كلاهما‏"‏ أى لك كلامهما، ونصب تمراً على معنى‏:‏ أزيدك تمراً، ومن روى ‏"‏كليهما‏"‏ فإنما نصبه على معنى‏:‏ أطعمك كليهما وتمراً، وقَال قوم‏:‏ مَنْ رفع حكى أن الرجل قَال‏:‏ أنلني مما بين يديك، فَقَال عمرو‏:‏ أيما أحبُّ إليك زُبْد أم سَنَام‏؟‏ فَقَال الرجل‏:‏ كلاهما وتمراً، أى مطلوبى كلاهما وأزِيدُ معهما تمراً، أو وزدني تمراً‏.‏
3080- كَمُسْتَبْضِعِ التَّمْر إلى هَجَرَ
قَال أبو عبيد‏:‏ هذا من الأمثال المبتذلة ومن قديمها‏.‏
وذلك أن هَجَرَ معدنُ التمر، والمستبضع إليه مخطئ، ويقَال أيضاً‏:‏ كمستبضع التمر إلى خيبر، قَال النابغة الجعدى‏:‏ ‏[‏ص 153‏]‏
وإنَّ امرأ أهْدَى إلَيْكَ قَصَيْدةً * كَمُسْتَبْضِع تَمْرَاً إلَى أرضِ خَيْبَرَا
3081- كلُّ خَاطِبٍ عَلى لِسَانِهِ تَمْرَةٌ
يضرب للذي يلين كلامه إذا طاب حاجةً
3082- كلُّ النِّدَاءِ إذا نَادَيْتُ يَخْذُلُني إلا ندَائي إذا نَادَيْتُ يَا مَالِي
هذا من قول أحَيْحَةَ، وبعده‏:‏
اسْتَغن أوْ مُتْ ولا يَغْرُرْكَ ذو نَسَبٍ * مَنَ ابنِ عَمٍّ ولا عَمٍّ ولاَ خَالِ
إنِّي مُقِيمٌ عَلَى الزَّوْرَاءِ أعْمُرُهَا * إنَّ الحبِيْبَ إلى الإخْوَانِ ذو المَالِ
3083- كَسفْاً وإمْسَاكا
يُقَال ‏"‏وَجْه كَاسف‏"‏ أي عابس‏.‏
يضرب للبخيل العَبُوس‏.‏ أي أتجمع كَسْفَاً وإمسَاكاً، ويجوز أن ينصبا على المصدر، أي أتَكْسفُ الوَجْهَ كَسْفا وتُمسِكُ المَالَ إمْسَاكاً‏.‏
3084- كُلَّ الطَّعَامِ تَشْتَهى رَبيعَه الخُرْس وَالإعْذَار والنقِيعَةْ ‏(‏1‏)‏
‏(‏الخرس - كقفل - طعام الولادة، وإعذار‏:‏ طعام الختان، والنقيعة - كسفينة - طعام القادم من سفر‏.‏‏)‏
يضرب لمن عُرِفَ بالرَّغَبِ‏.‏
3085- أكْثِرْ مِنَ الصَّدِيقِ فإنك لي العدُوِّ قادِر
أول من قال هذا - فيما ذكر الكلبي - أبْجَرُ بن جابر العِجْلِي، وكان من خبر ذلك أن حجاز بن أبجر كان نصرانياً، فرغب في الإسلام، فأتى أباه فَقَال‏:‏ يا أبَتِ إني أرى قوماً قد دخلوا في هذا الدين ليس لهم مثل قدمى، ولا مثلُ آبائي، فشَرُفُوا، فأحبُّ أن تأذن لي فيه، فَقَال‏:‏ يابني إذ أزْمَعْتَ عَلَى هذا فلا تَعْجَلْ حتى أقدم معك على عمر فأوصيه بك، وإن كُنتَ لابد فاعلا فخُذْ مني ما أقول لك، وإياك وأن تكون لك همة دون الغاية القصْوَى، وإياك والسَّامَةَ فإنك إن سَئِمْتَ قذفَتْكَ الرجالُ خلف أعقابها، وإذا دَخَلْتَ مصرا فأكثر من الصديق فإنك على العدو قادر، وإذا حضرتَ بابَ السلطان فلا تنازعَنَّ بوابه على بابه، فإن أيْسَرَ ما يلقاك منه أن يعلقك اسما يسبك الناس به، وإذا وصلت إلى أميرك فَبَوِّئ لنفسك منزلا يجمل بك، وإياك أن تجلس مجلسا يقصر بك، وإن أنْتَ جالستَ أميرك فلا تجالسه بخلاف هَوَاه فإنك إن فعلت ذلك لم آمن عليك - وإن لم تجعل عقوبتك - أن ينفر قلبه عنك؛ فلا يزال منك مُنقبضا، وإياك والخطبِ ‏[‏ص 154‏]‏ فإنها مشوار كَثيرُ العِثَار، ولا تكن حلواً فتزدرد، ولامرا فتلفظ، واعلم أنّ أمثل القوم تقيَّة الصابر عند نزول الحقائق الذابُّ عن الحرم‏.‏
3086- كمَا خَلَتْ قْدْرُ بَنِي سَدُوسِ
هذا مثل قَدِيم، وقَدِرُ بنى سَدُوس كانت قدراً عاديَّة عظيمة تأخذ جَزُورَيْن، وكان الطم بن عياش السدوسي سيدُ بني سدوس يطعم فيها حتى هلك الطم، ولم يكن له في قومه خَلَفٌ، ولا أحد يطعم في تلك القدر، فخَلَتْ قدْرُهَا طويلاً، وإن رجلاً من بني عامر يُقَال له ملهاب بن شهاب مَرَّ بهم ليلةً فلم ينزل ولم يُقْرَّ، فلما ارتحل فر مُغَاضِباً وهو يرتجز ويقول‏:‏
يَا صَاحِ رَحِّلْ ضَامِرَات العِيْسِ * وَابْك على الطمِّ وحَبْرِ القُوسِ
فقدْ خَلَتْ قِدْرُ بَنِي سَدُوسِ * وَضَنَّ فِيْهَا بِقِرىً خَسِيسِ
وَسَادَهُمْ أنْكَسُ ذُو تُيُوسِ * قَبَّحَهُ المَلِيْكُ مِنْ رَئِيْسِ
لَيْسَ بِمَحْمُودٍ وَلاَ مَرْغُوْسِ * فَمَا تُبًلِي كُنْتَ فِي السدُوسِ
أوكُنْتَ فِي قَوْمٍ مِنَ المَجُوسِ * أو في فلاً قَفْرٍ مِنَ الأنِيْسِ
ثم إنه رَجِعَ إلى قومه، فسألوه عن بني سَدُوسِ وقِدْرِهم، فحدثهم بأمرها، فصار مَثَلاً لكل ما أتى عليه الدهر وتغير عما عُهد عليه‏.‏
3087- كُلُّ امرِئٍ فِيهِ ما يُرْمَى بِهِ
هذا مثل قولهم ‏"‏أيُّ الرِّجَالِ المهذَّبُ‏"‏
3088- كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أهلْهِ
ويروى ‏"‏في رحله‏"‏ أي يَفْجَؤُه مالا يتوقعه
3089- كَلُّ يَجُرُّ النَّارَ إلَى قُرْصِهِ
أي كل يريد الخير إلى نفسه‏.‏
3090- كَلُّ حِرْبَاءٍ إذا أُكْرِهَ صَلَّ
الحرباء‏:‏ واحد الحَرابِيّ، وهي مسامير الدروع، وصَلَّ يَصِلُّ صَليلا، إذا صوت‏.‏
يضرب لمن يُؤْذّى فيشكو، يعني من اشتكى بكى‏.‏

B-happy 3 - 3 - 2010 11:02 PM



3091- كعَارِمةٍ إذا لمْ تَجِدْ عَارِماً
يعني كالمرأة إذا لم يكن لها ولد يَمُصُّ ثَدْيَها مَصَّتْ هي ثديَهَا لئلا يَرِمَ‏.‏
يضرب لمن يتولى أمر نفسه إذا لم يجد له من يكفيه‏.‏
3092- كُلُّ فَحْلٍ يَمْذِي، وكُلُّ أُنْثَى تَقْذِي
يُقَال‏:‏ مَذَى الرجلُ يَمْذِى مَذْياً، إذا خرج منه المَذْىُ، وقَذَتِ الشاة تَقْذِي قَذْيَاً، إذا ألقَتِ بياضاً من رحمها، فالقذى من الأنثى مثل المَذْي من الذكر، ويقَال ‏[‏ص 155‏]‏ ‏"‏كل ذكر يَمْذِي وكل تَقْذِي‏"‏
يضرب في الُمبَاعدة بين الرجال والنساء
3093- كما تَدِينُ تُدَانُ
أي كما تُجَازَى تُجَازَى، يعني كما تعمل تجازى، إنْ حَسَناً فَحَسَنٌ وإن سيئاً فسيئ، يعني إن عملت عملاً حسناً فجزاؤك جزاء حسن، وإن عملت عملاً سيئاً فجزاؤك جزاء سيء‏.‏
وقوله ‏"‏تدين‏"‏ أراد تصنع، فسمى الابتداء جزاء للمطابقة والموافقة، وعلى هذا قوله تعالى‏:‏ ‏(‏فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم‏)‏ ويجوز أن يجري كلاهما على الجزاء، أي كما تجازي أنت الناس على صنيعهم كذلك تُجَازَى على صنيعك، والكاف في ‏"‏كما‏"‏ في محل النصب نعتا للمصدر، أي تُدَان دينَاً مثلَ دَيْنِكَ‏.‏
3094- كَلاَ زَعَمْتَ أَنَّهُ خَصِرٌ
لقي رجلان فارساً في يوم شَات، فحَمَلاَ عليه وقَالا‏:‏ إن مابه من الخَصَرِ‏(‏1‏)‏
‏(‏الخصر - بفتح الخاء والصاد - البرد الشديد، والخصر - بكسر الصاد - الذي آلمه البرد، قَال عمر بن أبي ربيعة المخزومي‏:‏
رأيت رجلا أما إذا الشمس عارضت * فيضحى، وأما بالعشي فيخصر‏)‏
شاغله عنا، فلما أهْويَا حمل فَطَنَ أحدهما فَقَال المطعون لصاحبه‏:‏ كلا‏!‏ زعمت أنه خَصِرَ‏.‏
يضرب فيما يخالف الظن
3095- كَيْفَ تُبْصِرُ القَذَى فِي عَيْنِ أخِيْكَ وَتَدَعُ الجِذْعَ المُعْتَرِضَ في عَيْنَكَ‏؟‏
يعني تعييرك غيرَكَ داءٌ هو جزء من جملة مافيك من الأدواء، يعني العيوب
3096- أكْثَرَ مِنَ الحَمْقَى فأورِدُ الماءَ
يضرب لمن اتخذ ناصراً سفيهاً
3097- كَيْفَ لِي بأنْ أُحْمَدَ وَلاَ أُرْزَأَ شيئاً
أي لا يحصل الحمدُ مع وفور المال، كما قال أبو فراس‏:‏
وكَيْفَ يُنَالُ الحَمدُ وَالوفْرُ وَافِرُ‏؟‏*
3098- كالمُشْتَرِي القَاصعاءَ بِاليَرْبُوعِ
يضرب للذي يَدَعُ العينَ ويتبع الأثَرَ، وَيُؤْثِرُ مالا يبقى على ما يبقى
3099- أَكْدَتْ أََظْفَارُكَ
أي وَصَلْتَ إلى الكُدْية التي لا تَعْمَلُ أظفارُك فيها‏.‏
يضرب للرجل يقهره صاحبه
أي وجدت رَجُلا وصادَفْتَ من يقاومك‏.‏ ‏[‏ص 156‏]‏
3100- كُفِيتَ الدَّعْوَةَ
أصلُ هذا المثل أن بعض المُجَّان نَزَلَ براهب في صًوْمِعته، وساعَدَه على دينه، وجعل يقتدى به، ويزيد عليه في صلاته وصيامه، ثم إنه سَرَقَ صليب ذهب كان عنده، واستأذنه لمفارقته، فأذِنَ له وزَوَّدَه من طعامه، ولما وَدَّعه قَال له‏:‏ صحبَكَ الصليبُ، على رسْم لهم فيمن يريدون الدعاء له بالخير، فَقَال الماجن‏:‏ كُفِيتَ الدَّعْوَةَ، فصار مَثَلاً لمن يدعو بشَيء مفروغ منه
3101- اكْدَحْ لِي أَكْدَحْ لكَ
الكَدْحُ‏:‏ معناه السَّعْى، ولذلك وصل بإلى في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏إنك كَادِحٌ إلى ربك كَدْحاً فملاقيه‏)‏ معناه سَاعٍ، ومعنى المثل اسْعَ لي أسعَ لَكَ
3102- كُنْ وَصِىَّ نَفْسِكَ
الوَصِي‏:‏ اسمٌ يَقَعُ على مَنْ تَكِلُ إليه أمرك بعد الموت، ولكنه لما قدر فيه النيابة عن الموصي أجرى عليه اسمه وإن عُدِم فيه الموت، كأنه قَال‏:‏ كُنْ مِنْ توصي إليه، وأصله في اللغة الوصل، يُقَال‏:‏ وَصَي يَصِي وَصْياً، إذا وصل، فسمى الوصي لما وُصِلَ به أسباب الموصي، وهو فَعيل بمعنى مفعول‏.‏
3103- أََكْثَرُ الظُّنُونِ مُيُونٌ
المَين‏:‏ الكذب، وجمعه مُيُون‏:‏ يضرب عند الكذب وتزييف الظن
3104- الكَمَرُ أشْباَهُ الكَمَرِ
يضرب في مُشَابهة الشَيء الشَيء‏.‏
قيل‏:‏ لَماَّ قَال أبو النَّجْم في أرجوزته‏:‏
تَبَقَّلَتْ فِي أوَّلِ التَّبَقُّلِ * بينَ رِمَاحَى مَالِكٍ وَنَهْشَلِ
قَال رؤبة‏:‏ أليس نهشل ابنَ مالكٍ‏؟‏ قَال أبو النجم‏:‏ يا ابن أخي إن الكَمَرَ تتشَابه، هو مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة
3105- كلُّ دنِيٍّ دُونَهُ الدَنىٌّ
قَال أبو زيد‏:‏ معناه كلُّ قريب وكل خُلْصَانٍ دونه قريب وخُلْصان، والدنى‏:‏ ههنا فَعِيل من الدُّنُوِّ الداني
3106- كَرِيمٌ وَلا يُبَاغَهْ
قلت‏:‏ المباغاة من البِغَاء، وهو الطَّلَب، يُقَال ‏"‏فلان لا يُبَاغِي‏"‏ أي لا تُطْلَبُ مُبَاراته ولا ترجى مُنَاصاته، و‏"‏لا يباغه‏"‏ جَزْم لأنه نهى المغايبة ، وأدخل الهاء السكت، كما قيل‏:‏ هنئت ولا تنكـه، قَال الشاعر‏:‏
إمَّا تَكَرَّمْ إنْ أصَبْتَ كَرِيمَةً * فَلَقَدْ أَرَاكَ - وَلاَ تُبَاغَ - لَئِيما‏[‏ص 157‏]‏
أراد لا تُبَاغَى، فاكتفى بالفَتحَة عن الألف كما يكتفي بالكسرة عن الياء نحو قوله تعالى ‏(‏والليل إذا يَسْرِ‏)‏ و ‏(‏ذلك ماكنا نبغ‏)‏ ومعنى البيت إن تتكرم الآنَ إذ أصبْتَ امرَأة كريمة فلقد كنتُ أراك وحالُكَ أنك لا تباري ولا تُجَارَى لؤماً، و ‏"‏إن‏"‏ في قوله ‏"‏إن أصبت‏"‏ بمعنى إذ، ويجوز أن تفتح الهمزة‏:‏ أي لأن أصَبْتَ‏.‏
3107- كُنْ وَسَطاً وامشِ جَانِبَاً
أي توسَّطِ القومَ وزَايِلْ أعمالهم، كما قيل‏:‏ خَالِطُوا الناسَ وزَايِلوهم
3108- كَصَفِيحَةِ المسَنّ تَشْحَذُ وَلا تَقْطَعُ
يضرب لمن يخدج ولا يُحسن تصرفه ‏.‏
3109- كَدُودَةِ القَزِّ
يضرب لمن يتعب نفسه لأجل غيره‏.‏ قَال أبو الفتح البُسْتِىُّ
ألَمْ تَرَ أنَّ المَرْءَ طُولَ حياتِهِ * مُعَنّىً بأمرٍ مَا يَزَالُ يُعَالِجُهْ
كَدُودٍ غَدَا للِقَزِّ يَنْسجُ دَائِبَاً * وَيَهْلِكُ غَمَّاً وَسْطَ مَا هُوَ نَاسِجُهْ
3110- كَذُبَالةِ السِّرَاجِ تَضِئٍ مَا حَوْلَهَا وَتَحْرِقُ نَفْسَهَا
3111- كَفَارَةِ المِسْكِ يُؤْخَذُ حَشْوَهَا وَ يُنْبَذُ جِرْمُهَا
يضرب لمن يكون باطنه أجملَ من ظاهره
3112- كالبَاحِثِ عن المُدِيَة
ويروى ‏"‏عن الشَّفْرة‏"‏
يُقَال‏:‏ إن رجلا وجَدَ صيدا، ولم يكن معه ما يذبحه به، فبحث الصيدُ بأظلافه في الأرض، فسقط على شَفْرَة، فذبحه بها‏.‏
يضرب في طلب الشَيء يُؤدِّي صاحبه إلى تلف النفس‏.‏
3113- كالخَمْرِ يُشْتَهَى شُرْبُهَا وَيُكْرَهُ صُدَاعُهَا
يضرب لمن يخاف شره ويشتهي قربه
3114- كالمُصْطَادَةِ بِاسْتِهَا
قَالوا‏:‏ ولج ضب بين رجلى امرَأة فضمَّتْ رجليها وأخذته، فضرب مَثَلاً لكل من أصاب شيئاً من غيره وجهه، وقَدَرَ عليه بأهوَنِ سَعْيٍ‏.‏
3115- كمُبتَغِى الصّيْدِ في عَرِينَة الأسَد ‏(‏ويروى ‏"‏في عريسة‏"‏ بكسر العين وتشديد الراء‏)‏
يضرب مَثَلاً لمن طَلَبَ مُحَالاً‏.‏ ‏[‏ص 158‏]‏
3116- كَذِى العُرِّ يُكْوَى غيرُهُ وَهُوَ رَاتِعٌ
قَال أبو عبيدة‏:‏ هذا لا يكون، وقَال غيره‏:‏ إن الإبل إذا فَشَا فيها العر - وهو قُرُوحٌ تخرج بمشَافر الإبل - أُخِذَ بعيرٌ صحيحٌ وكُوِىَ بين أيدى الإبل بحيث تنظر إليه، فتبرأ كلها، قَال النابغة‏:‏
حَمَلْتَ عَلَىَّ ذَنْبَهُ وَتَرَكْتَهُ * كَذِى العُرِّ يُكْوَى غَيْرُهُ وَهُوَ رَاتِعُ
‏(‏حفظى‏:‏ *وكلفتني ذنب امرئ وتركته*‏)‏
يضرب في أخذ البرئ بذَنْب صاحِبِ الجناية‏.‏
3117- كلُّ امْرِئٍ بِطُولِ العَيْشِ مَكْذُوب
‏(‏في شعر جنوب أخت عمرو ذي الكلب‏:‏ كلُّ امْرِئٍ بِمُحالِ الدهرِ مَكْذُوب*‏)‏
أي من أوهَمَتْهُ نفسُه طولَ البقاء ودَاوَمَة فقد كَذَبَتْه، وطوال الشَيء‏:‏ طولُه
3118- كالنَّازي بينَ القَرِيَنَيْنِ
وأصله أن يٌقْرَنَ البعيرُ إلى بعيرٍ حتى تقل أذيتهما، فمن أدخلَ نفسَه بينهما خبطَاه
يضرب لمن يوقِعُ نفسَه فيما لا يحتاج إليه حتى يعظم ضرره‏.‏
3119- كالمُحْتَاضِ على عَرْضِ السَّرَابِ
يضرب لمن يطْمَع في مُحَال‏.‏
واحتاض‏:‏ أي اتَّخَذ حَوْضَاً، والصحيح حَوَّضَ، وحاضَ يَحُوضُ حَوْضَاً، إذا اتخذ حوضاً‏.‏
3120- كَرُكْبَتَى البَعِير
للمتساويين‏.‏
3121- كَفَرَسَىْ رِهَانٍ
للمتناصيين ‏(‏التناصى‏:‏ أخد كل قرن بناصية قرنه‏)‏
3122- كُنْ حُلْمَاً كُنْهُ
يضرب للهائل من الخبر، أي ليكن حُلماً من الأحلام ولا يتحقق‏.‏
وأصله أن رجلا أهوى برمحه حتى جعله بين عيني امرَأة وهي نائمة فاستيقظت، فلما رأته فَزِعَتْ ثم غمضت عينيها وقَالت‏:‏ كن حُلْماً كَنه‏.‏
3123- كَادَ العَرُوسُ يَكُونُ مَلِكَاً
العرب تقول للرجل‏:‏ عَرُوسٌ، وللمرأة أيضاً، ويراد ههنا الرجل، أي يكاد يكون ملكا لعزته في نفسه وأهله‏.‏
3124- كَادَتِ الشَّمْسُ تَكُونُ صِلاَءً
الصِّلاَء - بالكسر والمد - النار، وكذلك الصَّلَى، بالفتح والقصر‏.‏ ‏[‏ص 159‏]‏
يضرب في انتفاع الفقراء بحرها دون النار
3125- أَكِبْراً وَإمْعَاراً
أي اجتمع عُجْبَاً وفَقْراً‏؟‏ يُقَال‏:‏ أمْعَرَ الرجل، إذا افتقر، وأصله من المَعَرِ، وهو قلة الشعر والنبات، يُقَال رجل معِر وأمْعَر، وأرض مَعِرة‏:‏ قليلةُ النَّبات‏.‏
3126- كَفَى قَوْماً بِصَاحِبِهِمْ خَبِيراً
أي أعلم الناس بالرجل صاحبه ومخالطه، وروى الكسائي ‏"‏كفَى قومٌ‏"‏ بالرفع، قَال المرزوقي‏:‏ كان من حقه أن يقول كفى بقوم خبيراٌ بصاحبهم، ووضع خبيرا موضع خبراء الجمع كقوله تعالى ‏(‏وحَسُنَ أولئكَ رَفِيقَاً‏)‏ أي رُفَقَاء، ونصب ‏"‏خبيرا‏"‏ على الحال، ويجوز على التمييز، وقَال غيره‏:‏ فاعل كَفَى محذوف، أي كفى قوماً علمهم خبيراً بصاحبهم، ووجه ماروى الكسائي كفى قوم بعلمهم خبيراً بصاحبهم، أي اكْتَفَى قومٌ بعلمهم خبراء بمن يصحبهم‏.‏
3127- كلُّ امْرئٍ يَعْدُو بما استَعَدَّ
يضرب في الحثِّ على استعداد ما يحتاج إليه‏.‏
3128- كلُّ شَيء يَنْفَعُ المُكاتَبَ إلاَّ الخِنْقَ
قَالها مكاتب سأل امرَأة، فاعتذرت إليه أنها لا تملك إلا نفسها، فبذلَتْها له، فعند ذلك قَال هذا‏.‏
يضرب عند الكَسْب قل أو كثر‏.‏
3129- كَذَبَتْكَ أُمُّ عِزْمِكَ
أم عِزْمِهِ‏:‏ اسْتُه
يضرب للرجل يتوعَّدْ ويتهدَّد‏.‏
3130- كالكَلْبِ يُهَرِّشُ مُؤَلِّفَهُ
يضرب لمن تحسن إليه ويذمُّك‏.‏
والتهريش كالتحريش، وهما الإغراء بين الكلاب، وأراد يهرش الكلب بمؤلفه، فحذف حرف الجر، و أوصَلَ الفعل
3131- كُنْ مُرِيباً واغْتَرِبْ
أي إذا جنيت جناية فاهرب لا يُظْهرَ عليك ولا يُظْفَر بك‏.‏
وفي ضده يُقَال‏:‏
3132- كُنْ بَرِيّاً وَاقْتَرِبْ
3133- كُلُّ يأتي مَاهُوَ لَهُ أَهْلٌ
أي كل يُشْبه صنيعه، كما قَال الله تعالى‏:‏ ‏(‏قل كل يعمل على شاكلته‏)‏
يضرب في الخير والشر‏.‏
3134- كلُّ صُعْلُوكٍ جَوَادٌ
أي مَنْ لم يكن له رأسُ مالٍ يبقى عليه هان عليه ذهابُ القليلِ الذى عنده‏.‏ ‏[‏ص 160‏]‏
3135- كَفَى بأَمَارَاتِ الطَّرِيقِ لَهُمْ حَشَماً
يُقَال‏:‏ حَشَمْتُ الرجلَ أحشمه واحتشمته، إذا أغضبته‏.‏
يضرب في التحضيض على دفع الظلم‏.‏ وذلك أن رجُلاً ظلَمَ قوماً، ثم جعل يمر بهم صباحاً ومساء‏.‏ وأمارات الطريق‏:‏ كثرة اختلافه فيه، فيقول‏:‏ قد أحْشَمَكم كثرةُ ما يمر بكم، فاثَّئِرُوا منه ولا تذلوا
3136- كَلاَّ ولَكِنْ لا أُعْطَاهُ
قَال رجل لامرأته ورأى ابنه من غيرها ضئيلا‏:‏ ملا بنى سَيِّيءَ الجسم‏؟‏ قَالت‏:‏ إنى لأطعِمُه الشحم فيأباه، قَال الأبن‏:‏ كلا‏!‏ ولكن لاأعطاه‏.‏
يضرب لمن يكذب في قوله‏.‏
3137- كالمُخْتَنَقَةِ على آخر طَحِنِيهَا
وذلك أن امرَأة طحَنتْ كَرَاً من حنطة فلما بقى منه مُدٌّ انكسر قُطْبُ الرَّحَى، فاختنقت ضجراً منه‏.‏
يضرب لمن ضَجِرَ عند آخرِ أمره وقد صبر على أوله‏.‏
3138- كلُّ مَبْذُولٍ مَمْلُولٌ
أي كلُّ ما مُنِعُه الإنسان كان أحْرَصَ عليه
3139- كالغُرَابِ والذِّئْبِ
يضرب للرجلين بينهما موافقة ولا يختلفان لأن الذئب إذا أغار على الغَنَم تبعه الغراب ليأكل ما فَضَل منه‏.‏ قلت‏:‏ وبينهما مخالفة من وجه، وهو أن الغراب لا يواسِى الذئبَ فيما يصيد، كما قَال الشاعر‏:‏
يُوَاسِي الغرابَ الذئبُ فِيما يَصِيدُهُ * وَمَا صَادَهُ الغِرْبَانُ في سَعَفِ النَّخْلِ
3140- كارِهَاً حَجَّ بَيْطَرُ
بَيْطَر‏:‏ اسم رجل‏.‏
يضرب للرجل يصنع المعروف كارهاً لا رغبةَ له فيه‏.‏
3141- كالعِلاَوَةِ بينَ الفَوْدَينِ
يضرب للرجل في الحرب يكون مع القوم ولا يغنى شيء‏.‏
3142- كالمُشْتَرِى عًقُوبَةَ بنِى كَاهِلٍ
وذلك أن رجل اشترى عقوبَتَهُمْ من وَالٍ، وكان عن ذاك بمعزل، فأخذته بنو كاهل فقتله‏.‏
يضرب للداخل فيما لا يعنيه‏.‏
3143- كالَّلذْ تَزَبَّي زبُيْةَ فَاصْطيدا
‏(‏وقع في أصول هذا الكتاب ‏"‏كاللذ ترقى‏"‏ وما أثبتناه هو الصواب‏.‏‏)‏
يضرب للرجل يأتي الرجل يسأله شيئاً فيأخذ منه ما سأل‏.‏ ‏[‏ص 161‏]‏
3144- كالمُزْدَادِ مَنَ الرُّمْح
وهو الرجل يُطْعَن فيستحي أن يفر، فيدخل في الرمح يمشي إلى صاحبه‏.‏
يضرب لمن يركب أمرا يخزى فيه فيلبس على الناس‏.‏
3145- كَيْفَ تَرَى ابْنَ أُنْسِكَ‏؟‏
يعني كيف تراني‏؟‏ يقول الرجل لصاحبه قَال أبو الهيثم‏:‏ يقوله الرجل لنفسه، إذا مَدَحها‏.‏
قَال‏:‏ ومثلُه‏:‏
3146- كَيْفَ تَرَى ابْنَ صَفْوَكَ‏؟‏
أي كيف تراني‏؟‏ ويقَال‏:‏ فلان ابنُ أنِس فلان، للصَّفِيِّ، إشارة إلى أنه اشتهر بذلك فصار نسباً له يعرفه‏.‏
3147- اكْتُبْ شُرَيْحَاٌ فَارِسَاً مُسْتَمِيتاً
وشريح‏:‏ اسم رجل، والمستميتُ‏:‏ الرجل الشجاع الذي كأنه يطلب الموت لشدة إقدامه في الحرب، نصَبَ ‏"‏فارساً‏"‏ على الحال، وهذا رجل جُنْدى يعرض نفسه على عارض الجند وهو يقول هذا القول ويلح حتى كتب يضرب للرجل يطلب منك فُيلِحُّ وَيَلِجُّ حتى يأخذ طَلَبته‏.‏
3148- كالسَّيْلِ تَحْتَ الدَّمْنِ
قَالوا‏:‏ الدمْنُ البَعَر، قَال لبيد‏:‏
رَاسِخ الدَّمْنِ عَلَى أعْضَادِهِ * ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيْحٍ وَسَبيل
يضرب لمن يُخْفِى العداوة ولا يظهرها
3149- كلُّ قَائِبٍ مِنْ قُوبَةٍ
القاب‏:‏ الفَرْخ، والقُوَبة‏:‏ البيضة، أي كل فَرْع يبدو من أصل‏.‏
3150- كَفَى بالشَّكَّ جَهْلاً
قَال أبو عبيد‏:‏ يقول‏:‏ إذا كنت شاكاً في الحقِ إنه حق فذلك جَهْل‏.‏
3151- كَحِمَارَىِ العِبادِيِّ
قَالوا‏:‏ العِبَاد قوم من أفنَاء العرب نزلوا الحِيْرَةَ وكانوا نَصَارَى منهم عَدِيٌّ بن زيدٍ العِبَادِيُّ‏.‏
قَالوا‏:‏ كان لِعَبادىٍّ حماران، فقيل له‏:‏ أي حمارَيْكَ شر‏؟‏ قَال‏:‏ هذا ثم هذا، ويروى أنه قَال حين سُئل عنهما‏:‏ هذا هذا، أي لا فَضْلَ لأحدهما على الآخَر‏.‏
يضرب في خلتين إحداهما شر من الأخرى وقَال‏:‏
رِجْسَانِ مالَهُمَا في الناس مِنْ مثَلٍ * إلاَّ حِمَار العِبَادِيَّ الَّذي وُصِفَا
مُجَرَّحَانِ الكُلَى تَدْمَى نُحُورُهُما * قَدْ لاَزَمَا مُحْرَقَ الأنْسَاع وَ الأُكُفَا
3152- كِلاَ البَدَلْينِ مُؤْتَشَبٌ بهِيمُ
يُقَال‏:‏ اشَبْتُ القومَ فأتَشَبُوا، أي ‏[‏ص 162‏]‏ خلطتهم فاختلطوا، وفلان مؤْتَشَبٌ - بالفتح - أي غير صريح النسب، والبهيم‏:‏ المظلم‏.‏
يضرب للأمرين اسْتَوَيَا في الشر‏.‏
3153- كلُّ نهْرٍ يُحْسِينِي إلاَّ الجَرْيبَ فإنَّهُ يُرْوِيني
الجريب‏:‏ وادٍ كبير تنْصَبُّ إليه أوْدِيَة يضرب لمن نِعَمَهُ أسْبَغُ عليك من نعم غيره
3154- كلُّ صَمْتٍ لاَ فِكْرَةَ فيِه فَهْوَ سَهْوٌ
أي غفلة لا خير فيه‏.‏
3155- كَثَرَةُ العِتَابِ تُورِثُ البَغْضَاءَ
3156- أكْثَرَ مَصَارِعِ العٌقُولِ، تَحْتَ بُرُوقِ المَطَامِعِ
3157- الكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لِنَفْسِ المُنْعِمِ
يعني بالكفر الكُفْرَانَ، والمخْبثة‏:‏ المفسدةُ، يعني كفر النعمة يُفْسِدُ قلبَ المنعم على المنعَمِ عليه‏.‏
3158- الكَلاَمُ ذَكَرٌ والجَوَابُ أُنثَى، وَلاَبُدَّ مِنَ النِّتَاجِ عِنْدَهَ الأزْدوَاجِ
3159- كلُّ إنَاءٍ يَرْشَحُ بما فِيه
ويروى ‏"‏ينضج بما فيه‏"‏ أي يتحلَّب
3160- كَفَى بالمَشْرَفِية وَاعِظَاً
المَشْرَفية‏:‏ سُيُوفٌ تَنسَبُ إلى مَشَارف الشأم، وهي قُرَاهَا‏.‏
وهذا قريب من قولهم ‏"‏ما يَزَاعُ السلطان أكثر مما يَزَع القرآن‏"‏
3161- كَرَاكِبِ اثْنَيْنِ
أي كراكب مَرْكُوبين اثنين، وهذا لا يمكن‏.‏
يضرب لمن يتردَّدُ بين أمرين ليس في واحدٍ منهما ‏[‏فَضْلٌ‏]‏
3162- كادَ النَّعَامُ يَطِيرُ
يضرب لقرْب الشَيء ممَّا يُتَوقَّعُ منه لظهور بعض أماراته‏.‏
3163- كلُّ غَانِيَةٍ هِنْدٌ
يضرب في تَسَاوِى القوم عند فساد الباطن
3164- كَالجَرَادِ لاَ يُبْقِى وَلاَ يَذَرُ
يضرب في اشتداد الأمر واستئصال القوم
3165- كَمَا تَزْرَعُ تحصُدُ
هذا كما يُقَال ‏"‏كما تَدِينُ تدان‏"‏
يضرب في الحثِّ على فعل الخير‏.‏
3166- كالمَحْظُورِ فِي الطِّوَلِ
المحظور‏:‏ الذي جعل في الحظيرة، ‏[‏ص 163‏]‏ والطِّوَلُ‏:‏ الحبْلُ يشدُّ في إحدى قوائم الدابة ثم ترسل ترعى‏.‏ يضرب للذي يقل حَظُّه مما أوتي من المال وغيره‏.‏
3167- كالمَرَبُوطِ وَالمَرْعَى خَصيبٌ
هذا قريب مما تقدم في المعنى‏.‏
3168- كُنْتُ مُدَّةً نُشْبَةً فَصِرْتُ اليَوْمَ عُقْبَةً
أي كنت إذا نَشِبْتُ بإنسان لقى منى شراً فقد أعقب اليوم منه، وهو أن يقول الرجل لزميله ‏"‏أعقب‏"‏ أي انْزِلْ حتى أركب عُقْبَتى، ويروى ‏"‏فقد أعقبت‏"‏ أي رَجَعْت عنه، وقوله نُشْبَةَ كان حقه التحريك يُقَال ‏"‏رجل نُشَبة‏"‏ إذا كان علقا فخفف لازدواج عُقْبة، والتقدير ذا عقبة‏.‏
يضرب لمن ذلَّ بعد العز‏.‏
3169- كَذَبَ العِيرُ وَإنْ كانَ بَرَحَ
بَرَحَ الصيدُ؛ إذا جاء من جانب اليَسَار، وهذا من بيت أبي دُوَاد‏:‏
قُلْتُ لَمَّا نَصَلاَ مِنْ قنَّةٍ * كَذَبَ العَيْرُ وَإنْ كَانَ بَرَحْ
وَتَرَى خَلْفَهمَا إذْ مَضَيَا * مِنْ غُبَارٍ سَاطِعٍ قَوْسَ قُزَحْ
قوله ‏"‏نصَلا‏"‏ أي خَرَجَا، يعني الكلب والعَيْر، والقُنَّة‏:‏ أراد بها الرَّبْوة، وكذب‏:‏ فَتَر، أي أمْكَنَ وإن كان بارحا، ويجوز أن يكون ‏"‏كذب‏"‏ إغراء‏:‏ أي عَلَيْكَ العير فصِدْه، وإن كان برح
يضرب للشَيء يُرْجى وإن استصعب‏.‏
3170- كَلأَ يَيجَعُ مِنْهُ كَبِدُ المُصْرِمِ
يضرب للرجل يغنى ويَحْسُنُ حَالُه ثم يُصْرِمُ فيمرُّ بالروض عند التفافِ النبات وكثرةِ الخِصْب فيحزن له‏.‏ ويَيْجَع‏:‏ لغة في يَوْجَع، وكذلك يَاجَعُ ويِيجَعُ، والمُصْرِم‏:‏ الفقير، يعني أنه إذا رأى كثرةَ النباتِ ولم يكن له مال يَرْعَاه وَجِعَ كبدُه‏.‏
3171- كَلأٌ حَابِسٌ فِيه كَمُرْسِلٍ
أي الذي يَحْبِس الإبل والذي يُرْسِلها سواء فيه لكثرته‏.‏
3172- كَلأٌ لاَ يَكْتُمه البَغِيضُ
يعني به الكثرة أيضاً، وكتمتُ زيداً الحديثَ، إذا كتمته منه‏.‏
3173- كَعَيْنِ الكَلْبِ النَّاعِسِ
يضرب للشَيء الخفىّ الذي لا يبدو منه إلا القليل‏.‏
لأن الناعس لا يغمِّضُ جفنيه كل التغميض، قَال الشاعر يصف فَلاَةً‏:‏ ‏[‏ص 164‏]‏
يَكُونُ بِهَا دَلِيْلَ القَوْمِ نَجْمٌ * كَعَيْنِ الكلبِ فِي هُبَّى قبَاعِ
يعني أن النجم الذي يُهْتَدى به خفّى لا يبدو منه إلا هذا القدر، وهُبَّى‏:‏ جمع هابٍ، وهو الذي وقع وَطَلَع في هَبْوَة وهي الغبار، وقبَاعٌ‏:‏ جمع قابع، يُقَال‏:‏ قَبَعَ القنفذُ إذا غيَّبَ رأسه، والتقدير يكون بها أي بالفَلاَة دليلَ القوم نجمٌ خفي فيما بين نجومٌ هُبَّى قباع
3174- كُرْهاً تَرْكَبُ الإبل السَّفَرَ
يضرب للرجل يركب من الأمر ما يكرهه ونصب ‏"‏كرهاً‏"‏ على الحال، أي كارهةً، فهو مصدر قام مقام الحال، ومثله بيت الحماسة‏:‏
حملَتْ بِهِ في لَيْلَةٍ مزءُودة * كُرْهَاً ‏(‏تتمته* ‏.‏‏.‏ وعقد نطاقها لم يحلل* وهو من كلمة لأبي كبير الهذلى‏)‏ ‏(‏التبريزى 1/85‏)‏
3175- كَارِهاً يَطْحَنُ كَيْسَانُ
يضرب لمن كلف امراً وهو فيه مكره وكيسان‏:‏ اسم رجل‏.‏

B-happy 3 - 3 - 2010 11:03 PM



3176- كالبَغْلِ لمَّا شُدَّ فِي الأمْهَار
يضرب لمن لا يشاكل خصمه‏.‏
وقبله‏:‏ يَحْمي ذِمَارَ مُقَرَّفٍ خَوَّارِ*
كالبغل إلخ‏.‏
يُقَال لما بعد من الشبه والقياس‏:‏ هو كالبغل لما شد في الأمهار‏.‏
3177- كأنَّهُ قَاعِدٌ عَلَى الرَّضْفِ
يضرب للمستعجل‏.‏
والرَّضْفُ‏:‏ الحجارة المُحْمَاة، الواحدة رَضْفَة‏.‏
3178- كَيْفَ الطَّلا وَأُمُّهُ‏؟‏
قَال الأَصمَعي‏:‏ يضرب لمن قد ذهب همه وخَلاَ لشأنه‏.‏
وقد ذكرت قصته في حرف الغين عند قولهم ‏"‏غرثان فاربكوا له‏"‏
3179- كَفَاقِئِ عَيْنِيْهِ عَمْداً
يضرب لمن أخطَرَ وغَرَّرَ بنفسه وروى عن عبيد أبي شَفْقَل روايةِ الفرزْدَقَ قَال‏:‏ أتتنى النَّوَارُ فَقَالت‏:‏ كَلَّمْ هذا الرجل أن يطلقني، قلت‏:‏ وما تريدين إلى ذلك‏؟‏ قَالت‏:‏ كلمه، قَال‏:‏ فأتيت الفرزدق فقلت‏:‏ يا أبا فِرَاسٍ إن النوار تطلب الطلاق فَقَال‏:‏ ما تَطِيْبُ نفسي حتى أُشْهِدَ الحسن، ‏(‏الحسن‏:‏ هو الحسن البصري‏)‏ فأتى الحسن، فَقَال‏:‏ يا أبا سعيدٍ اشْهَدْ أن النوار طالقَ ثلاثا، قَال‏:‏ قد شهدنا، قَال‏:‏ فلما صار في بعض الطريق قَال‏:‏ طلقتك‏؟‏ قَالت نعم‏:‏ قَال كلا، قَالت إذن ‏[‏ص 165‏]‏ يخزيك الله عز وجل، يشهد عليك الحسن وحلقته فتُرْجَم، فَقَال‏:‏
نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِّي لمَّا * غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَارُ
وكانَتْ جَنَّتِي فَخَرَجْتُ منها * كآدَمَ حِيْنَ أخْرَجَهُ الضِّرَارُ
فَكُنْتُ كَفَاقِئٍ عَيْنَيِهْ عَمْدَاً * فأصْبَحَ مَا يُضِئُ لَهُ النَّسهَارُ
وَلَوْ أنِّي مَلكَتُ يَدِي وَقَلْبِي * لَكَانَ عَلَىَّ لِلْقَدَرِ الخِيَارُ
وَمَا طَلَّقْتُها شِبَعاً، ولكِنْ * رَأيْتُ الدَّهْرَ يأخُذُ مَايُعَارُ
3180- كَالْكَلْبِ عَارَهُ ظُفْرُهُ
أي‏:‏ أهلكه، وهو مثل قولهم ‏"‏عَيْرٌ عَارَهُ وَتِدُهُ‏"‏
3181- كُزْمُ الجِلاَمِ أَعْبَر الضَّوَائِنَا
الكُزْم‏:‏ جمع أكْزَمَ، وهو الفرس في جَحْفلته ‏(‏الجحفلة، للخيل‏:‏ بمنزلة الشفة للإنسان‏)‏ غلظ وقصر، ومنه ‏"‏يدٌ كَزْمَاء‏"‏ إذا كانت قصيرة الأصابع، والجِلاَم‏:‏ جمع جَلَم، وهو الذي يُجَزُّ به الصوفُ مثل المِقْرَاض العظيم، والإعبار‏:‏ أن يترك الصوف أو الشعر فلا يجز، والضوائن‏:‏ جمع ضائنه، وهي الأنثى من الضأن، وكزم الجلام‏:‏ يجوز أن يكون صفة لواحد، كقولهم ‏"‏سَهْمٌ مُرْطُ القُذَذِ‏"‏ جعلوا الجمعَ صفةَ الواحد لما بعده من الجمع، ومثله‏:‏
يا ليلةً خُرْسُ الدَّجَاجِ طَوْيلَةً*
وكذلك
رَقُودٌ عَنِ الفَحْشَاءِ خُرْسُ الجَبَائِرِ*
وجعل جِلاَمَه كُزْمَاً لقصرها وذهاب حدها، فلذلك بقى الضوائن مُعْبرة، وأعبر في المثل في موضع الحال مع إضمار قد، وإنما لم يؤنث فعل الجِلاَم لأنها على لفظ الآحاد، وإن كانت جمعاً، كقول زهير‏:‏
‏[‏مَغَانِم شَتَّىً مِنْ‏]‏ إفَالٍ مُزَنَّمِ* ‏(‏الإفال، ومثله الأفائل‏:‏ صغار الإبل بنات المخاض ونحوها، واحدها أفيل‏)‏
يضرب لمن ترك شره عجزا، ثم جعل يتحمد به إلى الناس
3182- كَمْ لَكَ مِنَ خُبَاسَةٍ لاَ تُقْسَمُ
الخَبَاسة‏:‏ الغنيمة، ورجل خَبَّاس أي غَنَّام‏.‏
يضرب لمن يَجْمع المال جاهداً، ولا يكون له فيه حظً لا في مطعم ولا في مَلْبَس ولا غير ذلك‏.‏
3183- كُدَادةٌ تُعْيي صَلِيبَ الإصْبَعِ
الكُدَادة‏:‏ ما لَزِقَ بأسفل القِدْرِ إذا طبخت، فلا تقدر الإصبع وإن كانت صُلْبة أن تنزعها وتقلعها‏.‏ ‏[‏ص 166‏]‏ يضرب للوَقُور الذي لا يُسْتَخَفُّ ولا يزعزع، وللبخيل الذي لا يُسْتَخْرَج منه شَيء إلا بكدٍّ ومشقة‏.‏
3184- كلُّ لَيَالِيه لَنَا حَنَادِسُ
الحِنْدِسُ‏:‏ الليلُ الشديد الظلمة
يضرب لمن لا يَصِلُ إليك منه إلا ما تكره‏.‏
3185- كِلاَ النَّسِمَيْنِ حَرُورٌ حَرْجَفٌ
النسيم من الريح‏:‏ ما يُسْتَلَذ من هبوبها وهو تنفس سَهْل، والحَرْور‏:‏ الريح الحارة، والحرجَفُ‏:‏ الباردة، وثَنَّى النسيمَ أراد نسيم الغَدَاة ونسيم العشى‏.‏
يضرب للرجل يرجى عنده خير فَيُرى ضده منه‏.‏
3186- كَالحَانَّةِ فِي أخْرَى الإبلِ
يعني الناقة المتأخرة تَحِنُّ إلى الأوائل‏.‏ يضرب لمن يفتخر بمن لا يبالي به ولا يهتم لأمره‏.‏
3187- الكَذِبُ دَاءٌ وَالصِّدْقُ شِفَاءٌ
أي داء للمكذوب فإنه يُعَمَىِّ عليه أمَرَهُ
3188- كالمَمهُورَةِ إحْدَى خَدَمَتَيْهَا
الخَدْمَة‏:‏ السَّيْرُ الذي يُشَدُّ على رُسْغ البعير، ثم يستعار لما تلبسه المرأة من الخلخال تشبيهاً به، وهذه امرأة تُحَّمقَ لأنها طالَبَتْ بعلها بالمهر، فنزع الرجل إحدى خَدَمَتَيْهَا ودَفَعها إليها مهراً، فرضيت بذلك، فضرب بها المثل في الحمق‏.‏
ومثل هذا قولهم‏:‏
3189- كَالمْمهُورَةِ مَنْ مَالِ أبِيهَا
ويروى ‏"‏من نَعَمِ أبيها‏"‏ وقد ذكرت المثلين وقصتهما في الحاء عند قولهم ‏"‏أحمقُ من الممهورة‏"‏ ‏(‏انظر المثال 1175 و 1176 و 1177‏)‏
3190- كَيْفَ يُعُقُّ وَالِدَاً مَنْ قَد وَلَدَ
يعني لا ينبغي للولَدِ أن يُعُقّ أباه وقَدْ صَارَ أباً؛ لأنه قد ذاق طَعْمَ العُقُوق‏.‏
*3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif ما جاء على ما أفعل من هذا الباب
3191- أََكْذَبُ مِنَ الأخِيذِ الصَّبْحَانِ
الأخِيذُ‏:‏ المأخُوذ، والصَّبْحَان‏:‏ المصطبح، وهو الذي شَرِبَ الصَّبُوحَ، والمرأة صَبْحَى‏.‏
وأصله أن رجلاً خَرَج من حية وقد أَصْطَبَحَ، فلقيه جَيْشَ يريدون قومه، فأخذوه وسألوه عن الحي، فَقَال‏:‏ إنما بِتُّ في القفر، ولا عَهْدَ لي بقومى، فبينما هم ‏[‏ص 167‏]‏ يتنازعون إذ غَلَبه البول، فبال، فعلموا أنه قد اصطَبَح، ولولا ذلك لم يَبُلْ؛ فطعنه واحد منهم في بطنه فبدَرَهُ اللبن فمَضَوْا غيرَ بعيدٍ فعثروا على الحي
وقَال الفراء في مصادره ‏"‏أكذبُ من الأخيذِ الصَّبْحَان‏"‏ يعني الفصيل، يُقَال أخِذَ يأخَذ أخَذاً، إذا أكثَرَ شرب اللبن بأن يتفلت على أمه فيمتك لبنها
‏(‏امتك لبنها‏:‏ مصه كله، ومثله‏:‏ مكه كشده وتمككه كتقدمه، ومكمكة كزلزله‏)‏
فيأخذه، أي يُتْخَم منه، وكذبه أن التُّخَمَة تكسبه جوعا كاذباً؛ فهو لذلك يحرص على اللبن ثانيا‏.‏
3192- أَكْذَبُ مِنْ أَسِيرِ السَّنْدِ
وذلك أنه يُؤْخذ الرجل الخسيس منهم فيزعم أنه ابن الملك
3193- أكْذَبُ مِنْ يَلْمَعٍ
هو السَّرَاب، وقيل هو حجر يَبْرُق من بعيد فيظنُّ ماء
3194- أَكْذَبُ مِنَ اليَهْيَرِّ
وهو السَّرَاب أيضاً
3195- أَكْذَبُ مِنَ الشَّيخ الغَرِيبِ
لأنه يتزوج في غُرْبته وهو ابن سبعين فيزعم أنه ابنُ أربعين سنةً
3196- أَكْذَبُ مِنَ مُجْرِبٍ
لأنه يخاف أن يطلب من هَنَائه فيقول أبدا‏:‏ ليس عندي هَنَاء، ويقَال‏:‏ بل لأنه أبدا يَحْلِفُ أن إبله ليست بِجَربى لئلا يمنع عن الورود، ولذلك قيل‏:‏ لا ألِيَّةَ لُمجْرِبٍ
3197- أكْذّبُ مِنَ السَّالِئةِ
لأنها إذا سَلأت السَّمْنَ ‏(‏سلأت السمن - من باب فتح - واستلأته‏:‏ أي طبخته وعالجته‏.‏‏)‏ كذبت مخافة العين، وكذبها أنها تقول‏:‏ قد ارتَجَن، قد احْتَرَقَ، وَالارتِجَانُ‏:‏ أن لا يخلص سمنها
3198- أكْذَبَ مَنْ دَبَّ وَدَرَجَ
أي‏:‏ أكْذَبَ الكِبَارِ والصَّغَار، دَبَّ لضعف الكبر، ودرج لضعف الصغر، ويقَال‏:‏ بل معناه أكذب الأحياء والأموات، فالديببُ للحى، والدروج للميت من قولهم ‏"‏دَرَجَ القومُ‏"‏ إذا انْقَرَضُوا، ومن الأول ‏"‏قد دَرَجَ الصبي‏"‏ لأول ما يمشي
3199- أَكْذَبُ مِنْ فاخِتَةٍ
لأن حكاية صوتها ‏"‏هذا أوانُ الرُّطَب‏"‏ تقول ذلك والطلع لم يطلع بعد، وقَال‏:‏
أَكْذَبُ مِنْ فَاخِتَةٍ * تقول وَسَطَ الكَرَبِ ‏[‏ص 168‏]‏
وَالطَّلْعُ لَمَّا يطلعِ * هذا أوَانُ الرُّطَبِ
3200- أَكْذَبُ مِنْ صِنْعٍ
وهو الصناع، يُقَال‏:‏ رجل صِنْعُ اليدين، وصَنِيع، وامرَأة صَنَاع، إذا وًصِفَا
بِالحِذق في الصناعة، وهذا كما يُقَال ‏"‏دُهْ دُرَّين سَعْدُ القَيْن‏"‏ لأنه يُرْجِفُ كلَّ يومٍ بالخروج وهو مقيم لُيسْتَعمَلَ‏.‏
وأما قولهم‏:‏
3201- أَكْذَبُ مِنْ جُحَيْنَةَ
فإنه كان أكذَبَ مَنْ في العرب، ولعله الذي مَرَ ذكره في باب الحاء‏.‏ ‏(‏الذي مر ذكره جحا، وانظر المثل 1191‏.‏‏)‏
3202- أََكْذَبُ مِنْ المُهَلَّبِ
يعنون ابن صُفْرَة، زعم أبو اليقظان أنه كان إذا حَدَّثَ قيل‏:‏ قدراح يكذب، وكان ذَامَّاً لمن يكذب‏.‏
3203- أَكْفَرُ مِنْ حِمَارٍ
رجل من عاد يُقَال له‏:‏ حمار بن مويلع، وقَال الشرقى‏:‏ هو حمار بن مالك بن نصر الأزدى، كان مسلما، وكان له وادٍ طولُه مسيرة يوم في عرض أربعة فراسخ، لم يكن ببلاد العرب أخصَبُ منه، فيه من كل الثمار، فخرج بنوه يتصَيَّدُون فأصابتهم صاعقة فهلكوا، فكفر، وقَال‏:‏ لا أعبد مَنْ فَعَلَ هذا ببنىَّ، ودعا قومه إلى الكفر، فمن عَصَاه قَتَلَه، فأهلكه الله تعالى، وأخرب واديه، فضربت به العربُ المثلَ في الكفر، قَال الشاعر‏:‏
ألَمْ تَرَ أنَّ حَارِثَةَ بنْ بَدْرٍ * يُصلِّى وهو أَكفَرُ مِنْ حِمَارٍ
3204- أَكْبَرُ مِنْ عَجُوزٍ بَنِي إسْرَائِيل
قَالوا‏:‏ هي شارخُ بنت يسير بنت يعقوب عليه الصلاة والسلام، كانت لها مئتا سنة وعشرة سنين فلما مضت ‏(‏‏"‏في نسخة فكلما مضت لها سبعون - إلخ‏"‏ لها سبعون عادت شابة، وكانت تكون مع يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام‏.‏‏)‏
3205- أَكْسَبُ مِنْ نَمْلَةٍ، وذَرَّةٍ، وفأرَةٍ، وذِئْبٍ‏.‏
يُقَال‏:‏ هؤلاء أكسبُ الحيوانات‏.‏ وسأل عمر رضي الله عنه عمرو بن معد يكرب عن سعد بن أبي وقاص، فَقَال‏:‏ خير أمير، نبَطىّ في حبوته، عربي في نمرته أسد في تَامُورَته، يعدل في القضية، ويَقْسِم بالسَّوية، وينقل إلينا حقنا كما تنقل الذَّرَّة إلى جحْرِها، قَال الجاحظ‏:‏ فَقَال عمر‏:‏ لِسِرٍّ ‏[‏ص 169‏]‏
ما تقارضتما الثناء، أراد بالتامورة العَرِينة، وأصلها الصَّوْمَعة‏.‏
3206- أَكْسَى مِنْ بَصَلَةٍ
يضرب لمن لبس الثياب الكثيرة‏.‏ قال أبو الهيثم‏:‏ هذا من النوادر أن يقال للمكتسى كاسى، وقَال ابن جنى‏:‏ كسا زيد ثوبا، وكسوتُه ثوبا، وقَال الفراء في بيت الحطيئة‏:‏
وَاقْعُدْ فَإنَّكَ أنْتَ الطَّاعِمُ الكاسِى*
أراد المكسو، وقَال‏:‏ هو مثل ‏"‏ماء دافق‏"‏و ‏"‏سر كاتم‏"‏ فإذا أخذت بقول الفراء كان أكْسَى أفعل من المفعول، وهو قليل شاذ، وقد مر قبله مثله‏.‏
3207- أَكْفَرُ مِنْ هُرْمُزَ
قيل‏:‏ لما سار خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى مُسَليمة وقاتَله وفرغ من قتاله أقبل إلى ناحية البصرة، فلقى هُرْمُزَ بكاظِمَةَ في جَمْعٍ أعظمَ من جمع المسلمين، ولم يكن أحد من الناس أعْدَى للعرب والإسلام من هُرْمُزَ، ولذلك ضربت العربُ به المثلَ فَقَالوا‏:‏ أكْفَرُ من هُرْمُزَ، قَالوا‏:‏ فخرج إليه خالد، فدعاه إلى البراز فخرج إليه هرمز، فقتله خالد، وكتب بخبره إلى الصديق رضي الله تعالى عنه، فنفَّلهُ سَلَبه، فبلغت قلنسوته مائةَ ألفِ درهمٍ، وكانت الفُرسُ إذا شَرَّفَتِ الرجل فيما بينهم جعلت قلنسوته بمائة ألف درهم‏.‏
3208- أَكْذَبُ أُحْدُوثَةً مِنْ أَسِيرٍ
هذا من قول الشاعر‏:‏
وأَكْذَبُ أُحْدُوثَةً مِنْ أَسِيرٍ * وَأَرْوَغُ يَوْماَ مِنَ الثَّعْلَبِ
3209- أَكْذَبُ مِنْ صَبِىٍّ
لأنه لا تمييز له، فكل ما يَجْرِى على لسانه يتحدَّثُ به‏.‏
وأما قولهم‏:‏
3210- أَكْذَبُ مِنْ قَيْسِ بْن عَاصِم
فمن قول زيد الخيل‏:‏
فَلَسْتُ بِفِرَّارٍ إذا الخَيْلُ أجْمَعَتْ * وَلَسْتُ بِكَذَّابٍ كَقَيْسِ بنِ عَاصِمِ
3211- أَكْسَبُ مِنْ فَهْدٍ
وذلك أن الفُهُودَ الهرمة التي تَعْجِزُ عن الصيد لأنفسها تجتمع على فَهْدٍ فتى فيصيدُ لها في كل يوم شبعها‏.‏
3212- أَكْيَسُ مِن قِشَّةٍ
هي جَرْو القِرْدِ‏.‏
يضرب مَثَلاً للصغار خاصة‏.‏ ‏[‏ص 170‏]‏
3213- أَكْمَدُ مِنَ الحُبَارَى
ويقَال في مثل آخر ‏"‏مات فلان كَمَدَ الحُبَارَى‏"‏ وذلك أن الحُبَارَى تلقى عشرين ريشة بمرة واحدة، وغيرها من الطير يلقى الواحدة بعد الواحدة، فليس يلقى واحدة إلا بعد نبات الأخرى، فإذا أصاب الطيرَ فَزَعٌ طارت كلعا وبقى الحبارى، فربما مات من ذلك كَمَدَاً‏.‏
3214- أكْبَرُ مِنْ لُبَدٍ
هو نَسْرُ لقمان بن عاد السابع، وقد كثرت الأمثال فيه؛ فَقَالوا ‏"‏أتى أَبَد على لُبَدَ‏"‏
و* أخْنَى عَلَيْهَا النَّن‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ أخْنَى عَلَى لُبَدِ*
وقولهم‏:‏
3215- أكْثَرُ مِنْ تفَارِيقِ العَصَا
قد مر تفسيره في باب الباء عند قولهم ‏"‏أبقى تفَارِيقِ العَصَا‏"‏
3216- أكفَرُ مِنْ نَاشِرَة
هذا من كفر النعمة، وبلغ من كفره أن همَّام بن مُرَّة بن ذُهْل بن شَيْبَان كان استنقذه من أمه، وهي تريد أن تَئِدَهُ لعجزها عن تربيته، فأخذه وربَّاه، فلما ترعرع سعى في قتل همام ‏(‏قال المجد‏:‏ إن ناشرة بن أغوات قتل همام غدراً‏)‏
3217- أكْرَمُ مَنَ العُذَيْقِ المُرجَّبِ قَال حمزة‏:‏ إن أكثر العرب تقوله بغير ألف ولام، والعُذَيق‏:‏ النخلة يَكْثَر حملها فيُجْعلَ تحتها دِعَامة، وتسمى الرُّجْبَة، ويقولون‏:‏ رَجَّبتُ النخلة، ونخلة مُرَجَّبة، وعِذق مُرَجَّب، فيقول‏:‏ هو في الكرم كهذه النخلة من كثرة حملها، وللأعداء إذا احْتَكَّوا به لمنزلة الجذيل الذي من احْتَكَّ به كان دواء من دائه‏.‏
3218- أكْرَهُ مِنَ خَصْلَتَى الضَّبُع
يضرب مَثَلاً للأمرين ما فيهما حظ يختار وأصل ذلك - فيما تزعم العرب - أن الضبع صادت مرة ثعلبا، فلما أرادت أن تأكله قَال الثعلب‏:‏ مُنِّى على أمِّ عامرٍ، فَقَالت الضبع‏:‏ قد خيرتك يا أبا الحصين بين خصلتين، فاختر أيهما شِئت، فَقَال‏:‏ الثعلب وما هما‏؟‏ فقلت الضبع‏:‏ إما أن آكُلكَ، وإما أن أمزقك، فَقَال الثعلب وهو بين فكى الضبع‏:‏ أما تذكرين أم عامر يوم نكحتك بهوب دابر‏؟‏ - وهو أرض غلبت الجن عليها، قَالوا وهو يجئ في أسماء الدواهي، كذا أورده حمزة، وقَال أبو الندى‏:‏ هوت دابر، قلت‏:‏ وبالحَرَى أن تكون هذه الرواية أصح - فَقَالت الضبع‏:‏ متى‏؟‏ وانفتح فوها، فأفلت الثعلب، فضربت ‏[‏ص 171‏]‏ العرب بخصلتيها المثل، فَقَالوا‏:‏ عَرَضَ علىَّ خصلتى الضبع، لما لا خيار فيه‏.‏
3219- أكْمَنُ مِنْ عَيْثٍ
قَالوا‏:‏ إنها خُنْفساء تقصد الأبواب العتق فتضر بها باستها، يسمع صوتها ولا ترى، حتى تثقبها فتدخلها‏.‏
ويقولون أيضاً‏:‏
3220- أكمَنُ مِنْ جُدْجُدٍ
هو أيضاً ضرب من الخنفساء يُصِّوتُ في الصحارى من الطَّفَل إلى الصبح، فإذا طلبه الطالب لم يره‏.‏
3221- أكذَبُ مِنْ أخِيذِ الدَّيْلَمِ، وأكذَبُ مِنْ مُسَيْلَمةَ
3222- أكثَرُ مِنَ الدَّبَى، ومِنَ النَّمْلِ، ومِنَ الغوْغَاءِ، ومَنَ الرَّمْلِ‏.‏
3223- أكتم مِنَ الأرضِ
3224- أكْرَمً مِنَ الأسَدِ
3225- أكْرَهُ مَنَ العَلْقَمِ
3226- أَكْرَمُ منْ أَسِيْرى عَنَزةَ وهما حاتم طيئ وكعبُ بنُ مامَةَ‏.‏
*3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif المولدون
كلُّ شَيء وَثَمَنَهُ
كلُّ بُؤْسٍ ونَعيمٍ زَائِلٌ
كلُّ مَمْنُوعٍ مَتْبُوعٌ
كلُّ ما قَرَتْ بِهِ العيْنُ صَالِحٌ
كلُّ زَائِدٍ ناقصٌ
كلُّ هَمٍّ إلَى فَرَجٍ
كل امْرِئٍ يَحْتَطِبُ في حَبْلِهِ
كلُّ غَرِيبٍ للغَرِيبِ نَسِيبٌ
كل كبيرٍ عَدُوُّ الطبِيعَةِ
كلُّ مَاهُو آتٍ قَرِيبٌ
كلُّ رَأسٍ بِهِ صُدَاع
كُلَّمَّا كَثُرَ الجَرَادُ طابَ لَقْطُهُ
كُلَّمَا كَثُرَ الذُّبابُ هانَ قَتْلُهُ
كلُّ وَاشْبَعْ ثُّمَّ أزلْ وَارفَعْ
كلْ فِي بَعْضِ بَطْنِكَ تَعِفَّ
كَثْرَةُ الشَّكَّ مِنَ صِدْقِ المُحاماةِ عَلِى اليَقينِ
كَمْ مِنْ صَدِيقٍ أكْسَبَتْنِيهِ العَبْرَةُ وسَلَبَتْنِيه الخِبْرَة
كأن لِسَانَهُ مِخْرَاقُ لاعِبٍ، أو سَيْفُ ضارب
كلُ البَقْلَ مِنْ حَيْثُ تُؤتَى بِهِ‏[‏ص 172‏]‏
كَفُّ بَخْتٍ خَيْرٌ مَنْ كُرِّ عِلْمٍ
كَيْفَ تَوَقِيِّكَ وَقَدْ جَفَّ القلمُ
كَفَى المَرْءَ فَضْلاً أن تُعَدَّ مَعَايبُهُ
كَعَبَةُ الله لاَ تُكْسى لإعْوَازٍ
كَالكَعْبَةِ تُزَارُ وَلاَ تَزورُ
كلُّ إنْسَانٍ وَهَمَّهُ ومَيْمُونٌ وَدَنَّهُ
كُتُبُ الوُكَلاَءِ مَفَاتِيحُ الهُمُومِ
كُلُّكُمْ طَالِبُ صَيْدٍ - للمرائي
كأنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ حِرَامِهِ - للتَّيَّاهِ
كَانَ سِنْدَاناً فصارَ مِطْرَقَةً
يضرب للذليل يعز
كما طارَ قَصُّوا جَنَاحَهُ
يضرب لمن لم تطل مدة ولايته
كَشْخَانُ بخَلٍّ وَزِيْت
كالمَرْأَةِ الثَّكْلَى، والحَبَّةِ على المِقْلى في الأنقطاع والقَلَق
كَلاَمُهُ ريحٌ في قَفَصٍ
كُنْ يَهُودِياً تامّاً، وَإلاَّ فَلاَ تَلْعَبْ بِالتَّوْرَاةِ
كُتِبَتْ لَهُ طَريدةٌ
أي وسيلة لا تنفع
كَالضَّرِيع، لا يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوع‏.‏
كَهِرَّةٍ تَأكُلُ أوْلاَدَهَا
قَاله السيد الحميرى في عائشة رضي الله عنها
كَلاَمُ الَّليل يَمْحُوهُ النَّهارُ
كأنَّ وَجْهَهُ مَغْسُولٌ بِمَرَقَةِ الذِّئبِ
كأنَّهُ سَهْمٌ زَالِجٌ - ويروى ‏"‏زالق‏"‏ - أو بَرْقٌ خاطِف
يضرب للسريع السير
كأنهُ حِكَايَةُ خَلْفِ الإزَارِِ - يضرب للقبيح
كأنَّهُ وَقَعَ فِي بَطْنِ أمِّهِ - أي في نعمة
كأنهُ أَبْخَرُ نَتَفَ سِبالَهُ - للعَبُوس
كالبَخْرَاءِ عِنْدَ صَدِيقِهَا - للساكت
كُرْدِىٌّ يَسْخَرُ مِن جُنْدِى
إذا تحاذَقَ على مَنْ هو أحْذَقُ منه
كُنْ حَالِماً بِجَاهِلٍ ناطقٍ
كَلَّمْنَاهُ فَصَارَ نَدِيْمَاً
كاَلَذِّئْبِ إذا طُلِبَ هَرَبَ وإنْ تَمكَّنَ وَثَبَ
كَاذَنَبِ الحِمَارِ
لما لا يزيد ولا ينقص
كالإبْرَةِ تَكْسُو النَّاسَ واسْتُها عَارِيَةٌ
كالعُصْفُورِ إنْ أَرْسَلْتَهُ فَاتَ، وإنْ قَبَضْتَ عَلَيْهِ مات
كَلاَمُ حَكِيمٍ مِنْ جَوْفٍ خَرِبٍ
كالكَمْأةِ لا أَصْلٌ ثَابِتٌ وَلاَ فَرْعٌ نَابِتٌ
كَصَاحِبِ الفيلِ يَرْكَبُ بِدَانِقٍ وَيَنْزِلُ بِدِرْهَمٍ ‏[‏ص 173‏]‏
كُنْ ذَكُوراً إذا كُنْتَ كَذُوباً
كَثَرَةُ الضَّحِكِ تُذْهِبُ الهَيْبَةَ
كفَى بالمَوْتِ نَأيا واغْتِرَاباً
كلْبٌ مُبْطَّنٌ بِخِنْزِيرٍ
كَثِيرُ الزَّعْفَرَانِ
يضرب للمتكلف
كبَتَ الله كُلَّ عَدُوٍ لَكَ إلاَّ نَفْسَكَ
كَمْ فِي ضَمِيرِ الغَيْبِ مِنْ سِرٍّ مُحَجَّبٍ
كَلاَمٌ لَيْن وظُلْم بَيِّن
كأنمَا فُقئ فِي وَجْهِهِ الرُّمَّانُ
كأنَّمَا زَوَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ عَلَى المحَاجِمْ
كَمْ مِنْ يَدٍ صَنْعَاءَ فِي الكَسْبِ خَرْقَاءَ فِي الإنْفَاقِ
كَمْ مِنْ حاسدٍ أعْيَاهُ مِنِّي عَبْرَةُ خَرْقِ الأدْمِ
الكَيْسُ نِصْفُ العَيْشِ
الكبْرُ قائدُ البُغْضِ
الكَدَرُ مِنْ رَأسِ العَيْنِ
الكَيْدُ أبْلَغُ مِنَ الأيْدِ
الكِلاَبُ تَشْبَعُ خُبْزَاً
يضرب لمن امْتَنَّ عليك بالقوت
الكفالةُ نَدَامَة
الكَرَمُ فِطْنَةٌ، واللؤمُ تَغَافُل
الكُنَى مُنَبِّهَةٌ، والأسامِى مُنَقَّصَة
الكريمُ لاَ تُحَلِّمهُ التَّجَارِبُ
الكافرُ مُوقىً وَالمُؤْمِنُ مُلقيً
الكافِرُ مَرْزُوقٌ
الكَلْبُ لاَ يَنْبَحُ مَنْ فِي دَارِهِ
اكْتُبْ مَا وَعَدَكَ عَلَى الجَمَد
اكْسِرِى عُوداً على أنفِكِ
يضرب لمن أرادوا رغمه ومكايدته
كالزِّنْجِى إنْ جَاعَ سَرَقَ وإنْ شَبِعَ زَنَى
يضرب للفاسق النكد في جميع أحوله كأنَّه سِنَّوْرُ عَبْدِ الله
يضرب لمن لا يزيد سنا إلا زاد نقصاً وجهلاً، وفيه قَال المحدث‏:‏
كَسِنَّوْرِ عَبْدِ الله بِيعَ بِدِرْهَمٍ * صَغِيْراً فَلَمَّا شَبَّ بيعَ بِقِيرَاطِ
كالخِصِىِّ يفتخِرُ ***** مَوْلاه* ‏

B-happy 3 - 3 - 2010 11:05 PM

الباب الثالث والعشرون فيما أوله لام

3227- لَوْ ذاتُ سِوَارٍ لَطَمَتْنِي ‏(‏يضرب للكريم يظلمه دنئ فلا يقدر على احتمال ظلمه‏)‏
أي لو لَطَمَتْنِى ذاتُ سِوَارٍ؛ لأن ‏"‏لو‏"‏ طالبة للفعل داخلة عليه، والمعنى لو ظلمني مَنْ كان كفؤا لي، لهان على، ولكن ظلمني مِنْ هو دوني، وقيل أراد لو لَطَمَتْنِى حُرَّة، فجعل السوار علامة للحرية؛ لأن العرب قلما تُلْبِسُ الإماء السِّوَار، فهو يقول‏:‏ لو كانت اللاطمة حرة لكان أخف على، وهذا كما قَال الشاعر‏:‏
فَلَوْ أنِّى بُليِتُ بِهَاشٍمىٍ * خُؤُلَتُهُ بَنُو عَبدٍ المَدَانِ
لَهَانِ عَلَىَّ ما ألقَى، وَلَكنْ * تَعَالَوا فَانْظُرُوا بمَنِ ابْتَلاَنِي
3228- لَوْ خُيِّرْتِ لا خْتَرْتِ
قَاله بيهس لأمه لما قَالت له‏:‏ كيف سَلِمْتَ من بين إخوتك‏؟‏ وكانوا أحبًّ إليها منه، وقد ذكرتُ القصة بتمامها في باب الثاء ‏(‏انظر المثل 771 ‏"‏ثكل أرأمها ولدا‏"‏‏)‏
3229- لَوْ نَهَيْتُ الأولَى لاَ نْتَهَتِ الثَّانِيَةُ
قَاله أنس بن الحُجَيْر الإيادى لما لَطَمَه الحارث بن أبى شمر لَطْمةً بعد أخرى، والمعنى لو عاقَبْتُكَ بأوَّلِ ما جنيتَ لم تجترئ على‏.‏



3230- لَوْ تُرِكَ القَطَا لَيْلاً لَنَامَ
نزل عمرو بن مَامَةَ على قوم من مُرَاد، فطرقوه ليلا، فأثاروا القَطَا من أماكنها، فرأتها امرأته طائرة، فنبهت المرأةُ زوجها، فَقَال‏:‏ إنما هي القطا، فَقَالت‏:‏ لو تُرِكَ القطا ليلا لنام‏.‏
يضرب لمن حُمِلَ على مكروه من غير إرادته‏.‏
وقَال المفضل‏:‏ أول من قَال ‏"‏لو ترك القطا ليلا لنام‏"‏ حَذامِ بنتُ الريان، وذلك أن عاطس بن خلاج سار إلى أبيها في حِمْيَرَ وخَثْعَم وجُعْفَى وهَمْدَان، ولقيهم الريان في أربعة عشرة حَيَّا من أحياء اليمن، فاقتتلوا قتالا شديداً، ثم تحاجَزُوا، وإن الريَّان ‏[‏ص 175‏]‏ خرج تحت ليلته وأصحابه هرابا فساروا يَوْمَهم وليلتهم، ثم عسكروا، فأصبح عاطس فغدا لقتالهم، فإذا الأرضُ منهم بلاَقع، فجرد خَيْله، وحثَّ في الطلب، فانتهوا إلى عسكر الريان ليلا، فلما كانوا قريبا منه أثاروا القَطَا، فمرت بأصحاب الريان، فخرجت حَذَامِ بنت الريان إلى قومها، فَقَالت‏:‏
ألا يا قَوْمَنَا ارتَحْلُوا وَسِيْرُوا * فَلَو تُرِكَ القَطَا لَنَامَا
أي أن القطا لو ترك ما طار هذه الساعة وقد أتاكم القومُ، فلم يلتفتوا إلى قولها، وأخْلَدُوا إلى المضاجع لما نالهم من التعب، فقام دَيْسَمُ بن طارق وقَال بصوت عالٍ‏:‏
إذَا قَالتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا * فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالتْ حَذَامِ
وثار القوم فلجؤا إلى وادٍ كان قريباً منهم، فانحازوا به حتى أصبحوا، وامتنعوا منهم‏.‏
قلت‏:‏ وفي رواية أبي عبيد أن البيت لِلُجَيْم بن صَعْب في امرأته حَذَام، وقد ذكرته في باب القاف ‏(‏انظر المثل 2890 ‏"‏القول ما قَالت حِذَام‏"‏‏)‏
3231- لَوْ لَكَ عَوَيْتُ لَمْ أعْوِهْ
قلت‏:‏ يجوز أن تكون الهاء للسكت ويجوز أن تكون كناية عن المصدر، أي لم أعْوِ العُوَاء، ويدل على المصدر الفعلُ، أعنى عَوَبْتُ، كقوله تعالى ‏(‏وهو الذي يبْدَؤ الخلقَ ثم يعيده، وهو أهون عليه‏)‏ أي الإعادة، ويدل على المصدر قوله ‏(‏يعيده‏)‏ ومعنى المثل‏:‏ لم أهتم لك إنما اهتمامي لنفسي، قَاله أبو عبيدة، وقيل‏:‏ عوى رجل ليلاً في قَفْر لُتُجِيبه كلاب فيستدل على الحى، فسَمِعَ عُوَاءه ذئب فقصده، فَقَال‏:‏ لو لك عويت لم أعوه‏.‏
يضرب لمن طلب خيراً فوقع في ضده
3232- لَوْ كنْتِ مِنّا حذَوْنَاكِ
قَاله مُرَّةُ بن ذُهْل لابنه هَمَّام، وقد قطع رجله، وذلك أن مُرَّة أصابت رجله أَكِلة، فأمر بقطعها، فدعا بنيه ليقطعوها، فكلهم كره ذلك، فدعا ابنَه نَقيذا وهو همام بن مُرَّة وكان أجْسَرَهم، فَقَال‏:‏ اقَطعها يا بني، فقطعها همام، فلما رآها مُرَّة بانت قَال‏:‏ لو كنت منا حَذّوْنَاكِ، فأرسلها مَثَلاً، يقول‏:‏ لو كنت صحيحة جعلنا لك حِذَاء‏.‏
يضرب لمن أهْمَلَ إكرامَهُ لخَصْلَةِ سوء تكون فيه‏.‏
3233- لَوْ كانَ ذَا حِيْلَةٍ لَتَحَوَّلَ
يُقَال‏:‏ جلس رجل في بيت، وأوقدَ فيه نارا، فكثر فيه الدخان حتى قتله، فَقَالت ‏[‏ص 176‏]‏ امرأته‏:‏ أي فتى قتله الدخان‏؟‏ ‏(‏انظر المثل 134‏)‏ فَقَال لها رجل‏:‏ لو كان ذا حيلة لَتَحَوَّل، أي لو كان عاقلا لتحول من ذلك البيت فسلم، قَال الصمعي‏:‏ أي تحوَّل في الأمر الذي هو فيه، يريد لتصرَّفَ فيه واستَعْمَلَ الحيلَةَ‏.‏
3234- لَوْلا الوِئَامُ لهَلَكَ الأنَامُ
الوِئَام‏:‏ المُوَافقة، يُقَال‏:‏ واءَمْتُه مُوَاءمة ووئاما، وهي أن تفعل مثلَ ما يفعل، أي لولا موافقة الناس بعضهم بعضاً في الصحبة والمعاشرة لكانت الهلكة، هذا قول أبى عبيد وغيره من العلماء، وأما أبو عبيدة فإنه يروى ‏"‏لولا الوآم لهلك اللئام‏"‏ وقَال‏:‏ الوآم المباهاة، قَال‏:‏ إن اللئام ليسوا يأتُون الجميلَ من الأمور على أنها أخلاقهم، وإنما يفعلونها مُبَاهَاة وتشبيها بأهل الكرم، ولولا ذلك لَهَلَكُوا، ويروى ‏"‏لولا اللئام لهلك الأنام‏"‏ من قولهم ‏"‏لاَءَمْتُ بينهما‏"‏ أي أصْلَحْتُ، من الَّلأمُ وهو الإصلاح، ويروى ‏"‏الَّلوم‏"‏ بمعنى الملاومة من الَّلوْم‏.‏
3235- لَكِنْ بِشَعْفَيْنِ أنْتِ جدُودٌ
الشَّعْفَان‏:‏ جبلان، والجَدُود‏:‏ الناقة القليلة اللبن‏.‏
وأصل المثل أن عُرْوَةَ بن الوَرْدِ وَجَدَ جارية بشعْفَين، فأتى بها أهلَه، وربَّاها، حتى إذا سمنت وبطنت بَطِرَتْ، فَقَالت يوما لجِوَارٍ كن يلاعبنها وقد قامت على أربع‏:‏ احْلبُونِي فإني خَلفَة، فَقَال لها عروة‏:‏ لكن بشَعْفَيْنِ أنت جَدُود‏.‏
يضرب لمن نَشَأَ في ضر ثم يرتفع عنه فيبطر
3236- لَمْ أذْكُرِ البَقْلَ بأسْمَائِهِ
قَال يونس بن حبيب‏:‏ استعدى قومٌ على رجُل، فَقَالوا‏:‏ هذا يسبُّنَا ويشتُمُنَا، فَقَال الرجل للوالى‏:‏ أصلحك الله، والله لقد أتقيهم حتى لا أسمى البقل بأسمائه، وحتى إنى لأتقى أن أذكر البَسْبَاسَ، وكان الذين استعدوا عليه يسمون بنى بسباسه أمة سوداء، وكانت ترمى بأمر قبيح، فعرض بهم وغَمَزَهم وبلغ منهم ما أراد حين ذكر البسباس، وظن الوالى أنه مظلوم‏.‏
يضرب لمن يعرض في كلامه كثيرا‏.‏
3237- ألْقَى عَلَيْهِ شَرَاشِرَهُ
الشَّرَاشر‏:‏ البدن ‏(‏في اللسان ‏"‏والشراشر‏:‏ النفس والمحبة جميعاً، وقال كراع‏:‏ هي محبة النفس، وقيل‏:‏ هو جميع الجسد، وألقى عليه شراشره، وهو أن يحبه حتى يستهلك في حبه، وقَال اللحياني‏:‏ هو هواه الذي لا يريد أن يدعه، من حاجته‏"‏ وأنشد بيت ذي الرمة كما أثرناه‏)‏
ويقَال‏:‏ هو ما تذبذب من الثياب، قَال ذو الرُّمَّةِ‏:‏ ‏[‏ص 177‏]‏
وكائن تَرَى رشْدَةٍ فِي كَرِيهَةٍ * وَمِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عَلَيْهَا الشَّرَاشِرُ
أي ألقى عليه نفسه من حبه، ويقَال أيضاً‏:‏ ألقى عليه أجْرَانه، وأجْرَامه، أيضاً، وهو هَوَاه الذي لا يريد أن يَدَعَه من حاجته‏.‏
3238- لَقِيْتُهُ أَوَّلَ عائِنَةٍ
أي أول شَيء، ويقَال‏:‏ أولَ عائنة عينين، وأول عين، أي أوَّلَ شَيء، وأراد بقوله ‏"‏أول عائنة‏"‏، أول نَفْسٍ عائنة، أو حَدَقة عائنة، يُقَال‏:‏ عِنْتُه عَيْنَاً، أي أبصرته، ‏"‏وأوَّل‏"‏ نصبٌ على الحال من الفاعل، ويجوز أن يكون من المفعول، وقوله ‏"‏ أول عين‏"‏ يجوز أن يراد بالعين الشخص، ويجوز أن يراد أول مَرْئىٍّ، أي أول ذي عين، أي أول مُبْصر‏.‏
3239- لأُرِيَنَّكَ لَمْحاً بَاصِراً
أي نَظَراً بتحديقٍ شديدٍ، ومخرجُ باصرٍ مخرج لابنٍ وتامر، أي ذا بَصًرٍ، قال الخليل‏:‏ معناه لأرينه أمراً مفزعاً، أي أمراً شديداً يبصره، واللامح‏:‏ اللامع، كأنه قَال‏:‏ لأرينك أمرا واضحا لا يدفع ولا يمنع، وقَال أبو زيد‏:‏ لمحا باصرا أي صادقا، يقولها المُتهدِّدُ‏.‏
3240- لَيْسَ لِعَيْنٍ ما رأَتْ وَلكِنْ لَيدٍ ما أَخَذّتْ
أصله أن رجلا أبصَرَ شيئاً مطروحاً فلم يأخذه ورآه آخر فأخذه، فقال الذي لم يأخذه‏:‏ أنا رأيته قبلك، فتحاكما، فَقَال الحكم‏:‏ ليس لعينٍ ما رأت، ولكن ليدٍ ما أخَذَتْ‏.‏
3241- لَيْسَ لِما قَرَّتْ بِهِ العَيْنُ ثَمَنٌ
وقَال‏:‏
مَا لِمَا قَرَّتْ بِهِ العَيـْ * نَانِ مِنْ هذَا ثَمَنْ
3242- لَبِسْتُ عَلَى ذلِكَ أُذُنِى
أي سكتُّ عليه كالغافل الذي لم يَسْمَعه، قَدَّر في الأذن الاسترخاء الاسترسال على المسمع، وفي ذلك سدُّ طريقِ السماعِ، واستعارَ لها اسمَ اللبس، ذَهَاباً إلى سَعَتها وضَفْوِهَا، ويروى ‏"‏لَبَسْتُ‏"‏ بفتح الباء، ولَبِس السماع‏:‏ أن يسكُتَ حتى كأنه لم يسمع
3243- لأُنَشَّقَنَّكَ نَشُوقَاَ مُعَطِّساً
النَّشُوق‏:‏ اسم لما يجعل في المنخرين من الأدوية‏.‏
يضرب لمن يُسْتذل ويُرْغم أنفه‏.‏
3244- لأُلْحِقَنَّ حَوَاقِنَكَ بِذَوَاقِنِكَ
قَال أبو عبيد‏:‏ أما الحاقنة فقد اختلفوا ‏[‏ص 178‏]‏ فيها، فَقَال أبو عمرو‏:‏ هي النقرة التي بين التَّرقُوَة وحبل العاتق، وهما الحاقنتان، قَال‏:‏ والذاقنة طَرَفُ الحُلْقُوم، قَال أبو عبيد‏:‏ ذكرتُ ذلك للأصمعي فَقَال‏:‏ هي الحاقنة والذاقنة، ولم أره وَقَفَ منهما على حد معلوم‏.‏
قلت‏:‏ قَال أبو زيد‏:‏ الحواقن‏:‏ ما تحقن الطعام في بطنه، والذواقن‏:‏ أسفل بطنه، وقَال أبو الهيثم‏:‏ الحاقنة المطمئن بين التَّرْقُوَة والحلق، والذاقنة‏:‏ نقرة الذقن، والمعنى على هذا لأجعلنك متفكرا؛ لأن المتفكر يُطْرِقُ فيجعل طرف ذقنه يمس حاقنته‏.‏
يضرب لمن يهدِّدُ بالقهر‏.‏
3245- لَوْ وَجَدْتُ إلى ذَلِكَ فَاكَرِشٍ لفَعَلْتُهُ
أي لو وَجَدْتُ إليه أدنى سبيل‏.‏
قَال الأصمعي‏:‏ نرى أن أصل هذا أن قوماً طَبَخُوا شاة في كرشها، فضاقَ فم الكرش عن بعض العِظَام، فَقَالوا للطباخ، ‏:‏ أدْخِلْهُ، فَقَال‏:‏ لو وجدتُ إلى ذلك فَاكرشٍ لفعلته‏.‏
قَال المدينى‏:‏ خرج النعمان بن ضَمْرَة مع ابن الأشعث، ثم استؤمن له الحجاج فأمنه فلما أتاه قلب له‏:‏ أنعمان‏؟‏ قَال‏:‏ نعم، قَال‏:‏ خرجت مع ابن الأشعث‏؟‏ قَال‏:‏ نعم، قَال‏:‏ فمن أهل الرس والبس والدهمسة والدخمسة والشكوى والنجوى أم من أهل المَحَاشد والمَشَاهد والمَخَاطب والمَوَاقف‏؟‏
قَال‏:‏ بل شر من ذلك إعطاء الفتنة واتباع الضلالة، قَال‏:‏ صدقت، وقَال‏:‏ لو أجد فاكرشٍ إلى دمِكَ لسقيتُه الأرضَ، ثم أقبل الحجاج على أهل الشام فَقَال‏:‏ إن أبا هذا قدمَ علىَّ وأنا محاصِرٌ بن الزبير، فرمى البيت بأحجاره، فحفظت لهذا ما كان من أبيه‏.‏
قلت‏:‏ قوله ‏"‏من أهل الرس‏"‏ أراد من أهل الإصلاح بين القوم، يُقَال‏:‏ رسَسْتُ، إذا أصلحت بين القوم، والبَسُّ‏:‏ الرفق واللين، يُقَال‏:‏ بَسَسْتُ الإبل، إذا سُقْتَهَا سَوْقاً ليناً، وأراد بالدهمسة الدخمسة وهي الختل والخدع، يُقَال‏:‏ دخمَسَ على، إذا لبَّسَ عليك الأمر، ويروى الرهمسة - بالراء - وهى المسارة، وقوله ‏"‏المحاشد‏"‏ أراد المحافل، يُقَال‏:‏ إحتَشَدَ القَوْمُ، إذا اجتمعوا، وأراد بالمخاطب مواضع الخُطَب، وقوله ‏"‏إعطاء الفتنة‏"‏ يريد الإنقياد للفتنة، يُقَال‏:‏ أعطى البَعِيرُ، إذا انقاد بعد استصعاب‏.‏
3246- لَقَيْتُهُ أوَّلَ ذَاتِ يَدَيْنِ
قَال أبو زيد‏:‏ أي لقيته أول شَيء، وتقديره لقيته أول نفسٍ ذاتِ يدين وكنى باليد عن ‏[‏ص 179‏]‏ التصرف، كأنه قَال‏:‏ لَقيتُه أولَ مُتَصَرِّفٍ‏.‏
3247- لأطَأنَّ فُلاناً بأخْمَصِ رِجْلى
وهو أمْكَنُ الوطء وأشده، أي لأبلغن منه امراً شديداً
3248- لأبْلُغن مِنْكَ سُخْنَ القَدَمَيْنِ
أي لآتينَّ إليك أمراً يبلغ حَرُّه قدميك، قَال الكُمَيْتُ‏:‏
وَيَبْلُغُ سُخْنُهَا الأقْدَامَ مِنْكُم * إذا أَرتَانِ هَيَّجَتَا أَرينَا
3249- لَيْسَ على أمّكَ الدَّهْنَاء تدُلُّ
يضرب لمن يَدِلُّ في غير موضع دَلاَلٍ
3250- لِمَ وَلِمَه عَصَيْتُ أُمِّى الكَلِمَةَ‏.‏
يقوله الرجلُ عند نَدِمِه على معصية الشَّفيق من نُصَحَائِه‏.‏
3251- لاُلْحِقَنَّ قَطوُفِهَا بِالمِعْنَاقِ
القَطُوف‏:‏ الذي يقارب الخَطْو، وهو ضد الوَسَاع، والمِعْنَاق من الخيل‏:‏ الذي يَعْنَقُ في السير، وهو‏:‏ أن يسير سيراً مُسْبَطِرْاً يُقَال له العَنَق
يضربه مَنْ له قدرة ومُسْكة يُلْحِق آخَر الأمرِ بأوله لشدة نظره في الأمور وبَصَرِه بها‏.‏
3252- الَّلقوحُ الرَّبِعيَّةُ مَالٌ وطَعَامٌ
قَال أبو عبيد أصلُ هذا في الإبل، وذلك أنَّ الَّلقُوح هي ذات الدَّرّ، والرَّبْعِيَّة‏:‏ هي التي تنتج في أول النتاج، فأرادوا أنه تكون طعام لأهلها يعيشون بلبنها لسرعة نتاجها، وهى مع هذا مال‏.‏
يضرب في سرعة قضاء الحاجة‏.‏
3253- لِكُلِّ أُنَاسٍ في بَعِيْرِهُم خَبَرٌ
أي كلُّ قوم يعلمون من صاحبهم مالا يعلم الغرباء‏.‏
قَال الجاحظ‏:‏ كَلَّمَ العِلْبَاء بن الهيثم السَّدُوسىُّ عمرَ رضي الله عنه حين وفد عليه في حاجة، وكان أعور دميما جيد اللسان حسن البيان، فلما تكلم أحْسَنَ، فصعَّدَ عمرُ رضي الله عنه عن بَصَرَه فيه وحَدَره، فلما فرغ قَال عمر رضي الله عنه‏:‏ لكل أناسٍ في جَمَلهم خبر‏.‏
3254- لَقَدْ كُنْتُ وَمَا يٌقَادُ بِي البَعِير
يضربه المُسِّنُ حين يعجز عن تسيير المركوب‏.‏ وأولُ من قَاله سَعد بن زيد مَنَاةَ، وهو الفِزْرُ وكانت تحته امرَأة من بني تغلب، فولدت له - فيما يزعم الناس - صَعْصَعة أبا عامر، وولدت له هُبَيْرة بن سَعْد، وكان سعد ‏[‏ص 180‏]‏ قد كبر حتى لم يُطِقْ ركوبَ الجمل؛ إلا أن يُقَاد به، ولا يملك رأسه، فكان صعصعة يوما يَقُودُه على جمله، فَقَال سعد‏:‏ قد كنتُ لا يُقَاد بى الجمل، فأرسلها مَثَلاً، قَال المخبَّلُ‏:‏
كَمَا قَال سَعْدٌ إذا يَقُودُ بِهِ ابنُهُ * كَبِرْتُ فَجَنَبَّنِى الأرانِبَ صَعْصَعَا
قَال أبو عبيد‏:‏ وقد قَال بعض المعمَّرِينَ‏:‏
أصْبَحْتُ لاَ أَحْمِلُ السِّلاَحَ، وَلاَ * أمْلِكُ رَأسَ البَعِيرِ إن نَفَرَا
وَالذِّئْبُ أخْشَاهُ إنْ مَرَرْتُ بِهِ * وَحْدِى، وأخْشَى الريَاحَ والمَطَرَا
مِنْ بَعْدِ مَا قُوَّةٍ أصِيب بِهَا * أصْبَحَتُ شَيْخَاً أُعَالِجُ الكِبَرَا
3255- لأضْرِبَنَّهُ ضَرْبَ أَوَابِى الحُمُرِ
يضرب مثلاً في التهديد‏.‏
يقال‏:‏ حمار آبٍ يا أبى المشى، وحُمُرٌ أواب
3256- لَعَنَ الله مِعْزىً خَيْرُهَا خُطَّةٌ
قَال أبو عبيد‏:‏ خُطَّه اسم عنزٍ كانت عنز سوء، أنشد الأصمعى‏:‏
يَاقَوْمِ مَنْ يَحْلُبُ شَاةً مَيِّتَه * قَدْ حُلِبَتْ خُطَّهُ جنْباً مُسْفَتَهْ
قَال‏:‏ أراد بالميتة الساكنة عند الحلب والجَنْب جمع جنبه وهى العُلْبة، والإسفات‏:‏ الدبغ، يُقَال ‏"‏أسْفَتُّ الزقَّ‏"‏ إذا دَبَغْته بالرب ومتنته به‏.‏
قَال أبو عبيد‏:‏ يضرب لمن أراد له أدنى فضيلة إلا أنها خسيسة‏.‏
ويروى ‏"‏قبح الله‏"‏ قَال أبو حاتم‏:‏ أي كسر الله، يُقَال‏:‏ قبحه قبح الجَوْزِ‏.‏
3257- لَقَدْ كُنْتُ وما أُخَشَّى بالذِّئبِ، فاليومَ قَدْ قِيلَ الذِّئبَ الذَّئبَ‏.‏
قَال الأَصمَعي‏:‏ أصلُه أن الرجل يَطُولُ عمره فيخرف إلى أن يُخَوَّفَ بمجىء الذئب ويروى ‏"‏بما لا أخشى بالذئب‏"‏ أي‏:‏ إنْ كنتُ كَبرت الآنَ حتى صرتُ أخشَّى بالذئب فهذا بدل ما كنتُ وأنا شابٌّ لا أخشى
قَال بعض العلماء‏:‏ المثل لَقَبَاثِ بن أشْيَمَ الكناني، عمر حتى أنكروا عَقْله، وكانوا يقولون له‏:‏ الذئبَ الذئب، فَقَالوا له يوماً وهو غير غائب العقل، فَقَال‏:‏ قد عشتُ زماناً وما أخشى بالذئب، فذهبت مَثَلاً
3258- لَبِسْتُ لَهُ جِلْدَ النَّمِرِ
يضرب في إظهار العداوة وكَشْفها، عن أبى عبيد
ويقَال للرجل الذي تَشَمَّر في الأمر لبس جِلْدَ النَّمِرِ‏.‏
وقَال معاوية ليزيدَ عند وفاته‏:‏ تَشَمَّرْ كلَّ التَشَمُّرِ، والْبَسْ لأبن الزبير جلد النمر ‏[‏ص 181‏]‏
3259- لَقَدْ ذلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيهِ الثَّعَالِبُ
قيل‏:‏ أصله أن رجلا من العرب كان يعبد صنما، فنظر يوماً إلى ثعلب جاء حتى بَالَ عليه، فَقَال‏:‏
أرْبٌّ يَبُولُ الثُّعْلُبَانُ برَأسِهِ * لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيهِ الثَّعَالِبُ
3260- لَيْسَ قَطاً مِثْلَ قُطَىٍّ
قَال الأصمعى‏:‏ يضرب في خطأ القياس قَال أبو قَيْس بن الأسْلَتِ‏:‏
لَيْسَ قَطاً مثل وَلاَ الْـ * ـمرْعِىُّ فِي الأقوَامِ كَالرَّاعِي
قَال الَّلحْيَانِي‏:‏ قَالت القطاة للحَجَلَ‏:‏ حَجَلَ حجل، تفر في الجَبَلْ، من خشية الرَّجُل، فَقَال لها الحجل‏:‏ قَطَا قَطَا، قَفَاكِ أمْعَطَا، بيضُكِ ثِنْتَان وبَيْضِي مِائتا، أراد ‏"‏مائتان‏"‏ فحذف النون، ونصب ‏"‏أمعطا‏"‏ على تقدير‏:‏ أرى قفاك أمْعَطَا، وهو الذي لا شَعْرَ عليه
3261- لاقَيْتُ أَخْيَلاَ
قَال ابن الأعرابى‏:‏ الأخيل الشِّقِرّاقُ، ويتطيرون منه للطمه، ويسمونه‏:‏ مقطع الظهور‏"‏ يُقَال‏:‏ إذا وَقَعَ على بعير وإن كان سالماً يئسوا منه، وإذا لَقَى المسافرُ الأخيل تطير، وأيقن بالعقر، وإن لم يكن موت في الظهر، قَال الفرزدق‏:‏
إذا قَطَنَاً بَلَّغْتنِيهِ ابنَ مُدْرِكٍ * فَلاَ قَيْتِ مِنْ طَيْرِ العَرَاقِيبِ أخْيَلاَ
وكل طائر تتطير منه الإبل فهو طير العراقيب، وهذه لفظة يتكلم بها عند الدعاء على المسافر
3262- لَيْسَ هَذَا بِعُشِّكِ فَادْرُجى
أي ليس هذا من الأمر الذي لك فيه حق فَدَعِيه، يُقَال‏:‏ دَرَجَ أي مَشَى ومضى يضرب لمن يَرْفَعُ نفسَه فوق قدره
3263- لَوْ كان دَرْأ لَمْ تَئِلْ
قَال يونس‏:‏ لو كان الأمر كما قلت لم تَنْجُ، ولكنه دون ما قلت‏.‏
الدَّرْء‏:‏ الدفع، وكل ما يحتاج إلى دفعه يسمى درأ، ومنه ‏"‏دَرْء الأعادى‏"‏ أي شرهم، والوأل‏:‏ النجاة‏.‏
يضرب لمن يُهتَّم في قومه
3264- لَمْ يَفُتْ مَنْ لَمْ يَمُتْ
هذا من كلام أكثم بن صيفي، يقول‏:‏ مَنْ مات فهو الفائت حقيقة
3265- لَيْسَ بأوَّل مَنْ غَرَّهُ السَّرَاب
قَالوا‏:‏ أصله أن رجلاً رأى سَرَابا فظنه ماء، فلم يتزود الماء، فكانت فيه هلَكَتُه، فضرب به المثل ‏[‏ص 182‏]‏
3266- لَقَيتُهُ قَبْلَ كُلَّ صَيْحٍ وَنَفْرٍ
الصَّيْح‏:‏ الصِّيَاح، والنَّفْر‏:‏ التفرق، وذلك إذا لقيته قبل طلوع الفجر
3267- لَقَيْتُهُ صَكَّةَ عُمَىٍّ
قَال الّلحْياني‏:‏ هي أشد ما يكون من الحر، أي حين كاد الحر يُعْمِى من شدته، وقَال الفراء‏:‏ حين يقوم قائم الظهيرة، وزعم بعضهم أن عُمَيَّا الحرُّ بعينه، وأنشد‏:‏
وَرَدْتُ عُمَيَّاً وَالغَزَالَةُ برنس * بِفْتِيَانِ صِدْقٍ فَوْقَ خُوصٍ عَبَاهِمِ
وقَال غير هؤلاء‏:‏ عُمَىٌّ رجل من عَدَوَان كان يفتى في الحج، فأقبل معتمراً ومعه رَكْبٌ حتى نزلوا بعض المنازل في يوم شديد الحر، فَقَال عمى‏:‏ مَنْ جاءت عليه هذه الساعة من غدٍ وهو حرام لم يَقَضِ عمرته فهو حرام إلى قابل، فوثب الناسُ في الظهيرة يضربون حتى وَافَوُا البيتَ، وبينهم وبينه من ذلك الموضع ليلتان، فضرب مَثَلاً فقيل‏:‏ أتانا صكة عمى، إذا جاء في الهاجرة الحارة، قَال في ذلك كرب ابن جَبَلة العَدْوَاني‏:‏
صَكَّ بها نَحْرَ الظَّهِيرَةِ غَائِراً * عُمَيٌّ وَلَمْ يَنْعَلْنَ إلاَّ ظِلاَلَها
وَجِئْنَ عَلَى ذَاتِ الصِّفَاحِ كأنها * نَعَام تُبَغِّي بِالشظىّ رِئَالَهَا
فطوفْنَ بالبَيْتِ الحَرَامِ وَقَضِّيَتْ * مَنَاسِكُهَا وَلَمْ تحلَّ عِقَالها
3268- لِكُلِّ صَبَاحٍ صَبُوحٌ
أي كلُّ يوم من يأتي بما ينتظر فيه
3269- لَقِيتُهُ ذَاتَ العُوَيْمِ
إذا لقيته ذات المرار في الأعوام، ونصب ‏"‏ذات‏"‏ على الظرف، وهي كناية عن المدة أو المرة
3270- لَيْسَ الخَبرُ كالمُعَايَنَةِ
قَال المفضل‏:‏ يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولُ مَنْ قَاله، وكذلك قوله‏:‏ مات حَتْفَ أنفِهِ‏"‏ و ‏"‏يا خَيْلَ الله ارْكَبِى‏"‏
3271- لَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ
قَال المفضل‏:‏ إن أول مَنْ قَال ذلك أكْثم بن صيفي في وصية كتب بها إلى طيء، كتب إليهم‏:‏ أوصيكم بتَقْوَى الله وصِلَةِ الرحم، وإياكم ونِكَاحَ الحمقاء، فإن نكاحها غَرَر وولَدَهَا ضَيَاع، وعليكم بالخيل فأكرِمُوهَا فإنها حُصُونُ العربِ، ولا تَضَعُوا رقاب الإبل في غير حقها فإن فيها ثمن الكريمة، ورَقُوء الدمِ، وبألبانِهَا يتحف الكبير ويغذى الصغير، ولو أن الإبل كُلِّفَتِ الطَّحْنَ لطحنت، ولن يهلك امرؤ ‏[‏ص 183‏]‏ عَرَفَ قدرهُ، والعدم عدم العقل لاعدم المال، ولَرَجُلٌ خير من ألف رجل، ومَنْ عَتَب على الدهر طالت مَعْتبَته، ومن رضي بالقسم طابت معيشته، وآفة الرأي الهوى، والعادة أمْلَكُ، والحاجة مع المحبة خير من البغض مع الغنى، والدنيا دُوَل، فما كان لك أتاك على ضَعْفك، وما كان عليك لم تدفعه بقوتك، والحسد داء، والشماتة تُعْقِب، ومن يريد يوما يره، قبل الرِّماء تُمْلأ الكَنَائن، الندامة مع السفاهة، دِعامة العقل الحلم، خير الأمور مَغَّبةً الصَّبْرُ، بقاء المودة عدل التعاهد، مَنْ يَزُرْ غِبّاً يزدد حبا، التغرير مفتاح البؤس، من التواني والعجز نتجت الهلكة، لكل شَيء ضَرَاوة فضر لسانك بالخير، عِىُّ الصمت أحسن من عي المنطق، الحزمُ حِفْظُ ما كلفت وترك ما كُفِيت، كثير التنصح يهجم على كثير الظَّنة، مَنْ ألْحَفَ في المسألة ثقل، من سأل فوقَ قدره استحق الحرمان، الرفق يُمْنٌ، والخرقَ شؤم، خير السخاء ما وافقَ الحاجة، خير العفو ما كان بعد القدرة، فهذه خمسة وثلاثون مَثَلاً في نظام واحد‏.‏
3272- الّليل وَأَهْضَامَ الوَادِى
الهضم‏:‏ ما اطمأن من الأرض‏.‏
يضرب في التحذير من الأمرين كلاهما مَخُوف‏.‏
وأصلُه أن يسير الرجلُ ليلا في بطون الأودية، ولعل هناك ملا يؤمن اغتيله، وهولا يدرى، وينصبان على إضمار فعل، أي‏:‏ أحَذَّرُكَ الليل وأهضام، ويجوز الرفع على تقدير‏:‏ الليلُ وأهضَام الوادى محذوران
3273- الَّليلُ أَعْوَرُ
قَالوا‏:‏ إنما قيل ذلك لأنه لا يُبْصَر فيه، كما قَالوا نهار مُبْصَر يُبْصَر فيه‏.‏
3274- لَمْ أَرَ كالْيَومِ في الحَرِيمةِ
أصلُ هذا أن رجلا - فيما ذكروا - انتهى إلى أسد في وَهْدَة فظن أنه وَعِل، فرمى بنفسه عليه، ففزع الأسد فَنَفَضَه ورمى به ومر هاربا، وكان مع الرجل ابنُ عم له لما نظر إلى الأسد عَرَفه، فَقَال الذي رمى بنفسه عليه‏:‏ لم أر كاليوم في الحريمة، وهى الحِرْمَان، فَقَال ابنُ عمه‏:‏ لم أر كاليوم واقيةً، أي وقَاية‏.‏ يضرب لمن فاته ملا خير له فيه فهو يَنْدَم عليه‏.‏
3275- لَقَيتُهُ بَيْنَ سَمْعٍ الأرض وبَصَرِهَا
قَال أبو عبيدة‏:‏ قَال بعضهم‏:‏ معناه بين ‏[‏ص 184‏]‏ طول الأرض وعَرْضها، قَال‏:‏ وهذا كلام مُخَرَّج ولكن الكلام لا يوافقه، ولا أدرى ما الطول والعرض من السمع والبصر، ولكن وجهه عندي أنه لقيته في مكان خال ليس فيه أحد يسمع كلامه ولا يبصره إلاَّ الأرض القفر دون الناس، وإنما هذا مَثَلٌ ليس أن الأرض تسمع وتبصر، وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام لأحُدٍ ‏"‏هذا جَبَلٌ يُحبنا ونحبه‏"‏ والجبل ليست له محبة، وكقوله تعالى ‏(‏جِدَاراً يريد أن يَنْقَضَّ‏)‏ ولا إرادة هناك‏.‏
ومثل ما تقدم قولُهم‏:‏
3276- لَقِتُهُ بِوَحْشِ إصْمِتَ
ويروى ‏"‏ببلدة إصمت‏"‏ غيرَ مُجْرىً، إذا لقيته بمكان لا أنيسَ به‏.‏
3277- التَقَى الثَّرَيَان
قَال أبو عبيد‏:‏ الثَّرَى هو التراب النَّدِى، فإذا جاء المطر الكثير رَسَخَ في الأرض حتى يلتقى نَدَاه والندى الذي يكون في بطن الأرض، فهو التقاء الثَّرَيَيْنِ‏.‏
يضرب في سرعة الأتفاق بين الرجلين والأمرين‏.‏
قَال ابن الأعرابى‏:‏ قيل لرجل‏:‏ لبس فلان فَرْواً بلا قميص‏:‏ فَقَال الْتَقَى الثريَانِ يريد شَعْر الفَرْو وشَعْر العانة‏.‏
3278- لُزَّ فُلاَنٌ بِحَجْرِهِ
أي ضم إلى قِرْنٍ مثله، وهذا مثل قولهم ‏"‏رُمِىَ فلان بحجره‏"‏
ويروى في حديث صِفَّيْن أن معاوية لما بعث عمرو بن العاص حَكَمَاً مع أبى موسى الأشعري جاء الأحنفُ بن قيس إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فَقَال له‏:‏ إنك قد رُميتَ بحجر الأرض، فاجعل معه ابن عباس، فإنه لا يَشُدُّ عقدةً إلا حلَّهَا، فأراد على أن يفعل ذلك، فأبتْ عليه اليمانيون إلا أن يكون أحد الحكمين منهم، فبعث عند ذلك أبا موسى الأشعرى‏.‏
3279- الله أَعْلَمُ مَا حَطَّهَا مِنْ رَأْسِ يَسُومَ
يضرب مَثَلاً في النية والضمير‏.‏
وأصله أن رجلا نَذَر أن يذبحَ شاة، فمر بيسوم - وهو جبل - فرأى فيه راعياً فَقَال‏:‏ أتبيعنى شاة من غنمك‏؟‏ قَال‏:‏ نعم، فأنزل شاة فاشتراها وأمر بذبحها عنه، ثم وَلَّى، فذبحَهَا الراعى عن نفسه، وسمعه ابن الرجل يقول ذلك، فقال لأبيه‏:‏ سمعت الراعى يقول كذا، فَقَال‏:‏ يابنى، الله أعلم ما حَطَّها من رأسِ يَسُوم، ويروى ‏"‏مَنْ حطها‏"‏ ‏[‏ص 185‏]‏
3280- الّليْلُ يُوَارِى حَضَناً
أي يُخْفَى كلَّ شَيء حتى الجبل، وحَضَن‏:‏ جبل معروف‏.‏
3281- لَيْسَ سَلاَمَانُ كَعِهْدَان
أي ليس كما عهدتُ‏.‏ يضرب لما تغير عما كان قبل‏.‏
وسلامان‏:‏ مكان ويروى ‏"‏سَلاَمَانِ‏"‏ بكسر النون‏.‏
3282- لَيْتَكَ مِنْ وَرَاءِ حَوْضِ الثَّعْلَبِ
وحَوْض الثعلب - فيما يزعمون - وادٍ بشق عمان‏.‏
3283- لَسْتُ بخَلاَةٍ بِنَجَاةٍ
الخَلاَة‏:‏ العُشْبة، والنَّجَاة‏:‏ الأكَمَة من الأرض، أي لست مَنْ لا يمتنع فيضام، يعنى لست ممن يَخْتِلُنِى مَنْ أرادنى ‏(‏في نسخة ‏"‏يختلينى‏"‏‏)‏
3284- لَيْتَ حَظِّي منَ العُشْبِ خُوصُهُ
الخوصُ‏:‏ ورق النخل والدوم والخزم والنارجيل وما أشبه ذلك مما نباتُه نباتُ النخلة
يضرب لمن يَعِدُك الكثيرَ ولا يعجل القليل‏.‏
3285- لَتَجِدُنِى بِقَرْنِ الكَلاَ
قَرْنُ الكلأ‏:‏ منتهى الراعية وعظمها، أي حيثما طلبتني وجدتني‏.‏
3286- لأَقَلَعَنَّكَ قَلْعَ الصَّمْغَة
قَال الحجاج بن يوسف لأنس بن مالك‏:‏ والله لأقلَعَنَّكَ قَلْعَ الصمغة، ولأجزرنك جزر الهرب، ولأعصبَنَّكَ عَصْبَ السلمة، فَقَال أنس‏:‏ مَنْ يعنى الأمير‏؟‏ قَال إياك أعنى أصمَّ الله صَدّاكَ فكتب أنس بذلك إلى عبد الملك، فكتب عبدُ الملك إلى الحجاج‏:‏ يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب، لقد هَمَمْتُ أن أركلك رَكْلَةٌ تهوى منها إلى نار جهنم، وأضْغَمَكَ ضَغْمَة كبعض ضغمات الليوثَ الثعالبَ، وأخبطك خبطة تودُّ لأنك زاحمت مخرجك من بطن أمك، قاتلك الله أخَيْفِشَ العَيْنَين، أصكَّ الأذنين، أسْوَدَ الجاعِرَتَيْنِ، أخْمَشَ الساقين
3287- لَطَمَهُ لَطْمَ المُنْتَقِشِ
إذا لَطَمه لَطْماً متتابعا، وذلك أن البعير إذا شاكَتْه الشَّوْكَةُ لا يزال يضرب يده على الأرض يرومُ انتقاشَهَا‏.‏
3288- لَيْسَ لَهَا رَاعٍ، وَلَكِنْ حَلَبَةٌ
الحَلَبَة‏:‏ جمع حالب‏.‏‏[‏ص 186‏]‏
يضرب للرجل يوكل وليس له مَنْ يبقى عليه‏.‏
3289- أَلْقَتْ مَرَاسِيْهَا بِذِى رَمْرَامِ
أي سكَنَت الإبل واستقرَّت وقَرَّتْ عيونُهَا بالكلأ والمَرتَع‏.‏وَالرَّمْرَام ضربٌ من الشجر وحشيش الربيع‏.‏
يضرب لمن اطمأن وقَرَّتْ عينُه بعيشه‏.‏
3290- لَوْ بِغَيْر المَاءِ غُصِصْتُ
يضرب لمن يُوثَقَ به ثم يؤتى الواثق من قبله، ومن هذا قول عدىّ بن زيد‏:‏
لَوْ بِغَيْرِ المَاءِ حَلْقِى شَرِقٌ* * كُنْتُ كَالغَصَّانِ بالمَاءٍ اعتِصَارى
أي‏:‏ لو شَرِقَ حلقى بشَيء غير الماء لاعتصرت بالماء، وأقام اسمَ الفاعل مقام الفعل؛ لاجتماعهما في أن كلا منهما محتملٌ للحال والاستقبال‏.‏
3291- لَتَجِدَنَّ نَبَطَهُ قَرِيباً
النَّبْط‏:‏ الماء الظاهر من الأرض‏.‏
يضرب لمن يؤخذ ما عنده سَهْلاً عَفْواً
3292- التَقَتْ حَلْقَتَا البِطَانِ
يقولون‏:‏ البِطَان للقَتب الحِزَام الذي يُجْعَل تحت بطن البعير، وفيه حلقتان، فإذا التَقَتَا فقد بلغ الشَّدُّ غايتَه‏.‏ يضرب في الحادثة إذا بلغت النهايةَ
3293- لَيْسَ الهَنْءُ بِالدَّسَّ
الهَنَاء‏:‏ القطران، الهَنْءُ‏:‏ طَلْىُ البعير بالهَنَاء وهو أن يَهْنَأ الجسدَ كله، والدسُّ‏:‏ أن يطلى المَغَابِن والأرفاغ‏.‏ يضرب فيمن يُقَصِّر في الطلب ولا يبالغ
3294- لَوْ كنْتُ أنْفُخُ في فَحْمٍ
الفَحْم الفَحَم لغتان، يريد قد علمتُ لو كنت أعمل في فائدة، وقَال‏:‏
قَدْ قَاتَلُوا لَوْ يَنْفُخُونَ في فَحَمْ
والعامة تقول‏:‏ إنما ينفخ في رَمَاد‏.‏
3295- لَوْ كانَ عِنْدَهُ كَنْزُ النَّطْفِ ما عَدَا‏.‏
النَّطْفُ بن الخَيْبَري‏:‏ رجلٌ من بني يَرْبُوع، كان فقيراً يحمل الماء على ظهره فينطف - أي يقطر - فأغار على مالٍ بعثَ به بأذانُ إلى كسرى من اليمن، فأعطى منه يوماً حتى غابت الشمس، فضربت العربُ به المثلَ في كثرة المال‏.‏
3296- لَمْ أجِدْ لِشَفْرَتِي مَحَزًّا
المَحَزُّ‏:‏ موضع الحز، وهو القطع‏.‏
يضرب عُذْراً في تَعَذُّر الحاجة‏.‏ أي لم أجد مَجَالاً في تحصيل ما أردت‏.‏ ‏[‏ص 187‏]‏
3297- لِكُلِّ صَارِمٍ نَبْوَة، ولكُلِّ جَوَادٍ كَبْوَةٌ، ولكلِّ عالِمٍ هَفْوَة‏.‏
يُقَال‏:‏ نَبَا السيفُ إذا تجافى عن الضريبة، وكَبَا الفرسُ‏:‏ عثر، وهَفْوَة العالم‏:‏ زلته
3298- لكُلِّ دَاخِلٍ دَهْشَة
أي حيرة‏.‏
3299- لأطْعَنَنَّ فِي حَوْصِهِمْ
الحَوْصُ‏:‏ الخياطة بغير رقعة‏.‏
يضرب في الوعيد، أي أفسِدُ ما أصلحوا
3300- لَيْتَ القِسِىَّ كُلَّهَا أرجُلاً كذا ورد المثل نصبا، وهى لغة تميم، يُعْمِلُون ‏"‏ليت‏"‏ إعمال ظن، فيقولون‏:‏ ليت زيداً شاخصاً، كما يقولون‏:‏
ظننت زيداً شاخصاً، قَال ابن الأعرابي‏:‏ أرجُلُ القسى إذا وترت‏:‏ أعاليها، وأيديها‏:‏ أسافلها، وأرجلها أشد من أيديها، وأنشد‏:‏
لَيْتَ القِسىَّ كُلَّهَا مِنْ أرْجُلِ
وقَال بعضهم‏:‏ الذين قَالوا ‏"‏ليت القسى كلها أرجلاً‏"‏ ظنوا أن ذلك ممكن، وليس بممكن؛ لأنه لما كانت أعالى القسى أطول من أسفلها فلو تركت الأسافل على غلَظ الأعالى مع قصرها لم تُوَاتِ النازعَ فيها ولتخلفت عن الأعالى وخذلتها‏.‏
يضرب للمتمنى مُحَالاً
2301- لَيْسَ بَعْدَ الإسَارِ إلاَّ القَتْلُ هذا المثل لبعض بنى تميم، قَاله يوم المُشَقَّر، وهو قصر بناحية البحرين، وكان كسرى كَتَبَ إلى عامله أن يُدْخلهم الحصنَ فيقتلهم، وذلك لجناية كانوا جَنَوْهَا عليه، فأرسل إليهم فأظهر لهم أنه يريد أن يقسم فيهم مالاً وطعاماً، فجعل يُدْخلُ واحداً واحداً فيقتله، فلما رأوا أنه ليس يخرج أحد ممن يدخل علموا أن الدخول إليه إنما هو أسر ثم قتل، فعندها قَال قائلهم‏:‏ ليس بعد الإسار إلا القتل، فامتنعوا حينئذ من الدخول‏.‏
يضرب في الإساءة يركبها الرجل من صاحبه، فيستدل بها على أكثر منها، قَاله أبو عبيد‏.‏
3302- لَيْسَ بَعْدَ السَّلْبِ إلاَّ الإسارُ
قَاله حمرىُّ بن عبادة يوم المشقر لما رأى قومه يدخلون حصنَ هَجَرَ على هَوْذَةَ بن على والمُبْكَعْبَر الضبى ولا يخرجون؛ لأنهم كانوا يٌقْتَلُون، وكانوا يأخذون أسلحتهم قبل الدخول، فَقَال حمرىّ‏:‏ ليس بعد السلب إلا الإسار، يعنى بعد سلب الأسلحة، وتناولَ سيفاً وعلى باب المشقرَّ سلسلة، ورجلٌ من الأساورة قابض عليها، فضرب السلسة ‏[‏ص 188‏]‏فقطعها، وبَدَ الأُسْوَار، فانفتح الباب وإذا الناسُ يُقْتَلون، فثارت بنو تميم، فلما عرف هَوْذَة أنهم نذروا به أمر المُكعبر فأطلق مائة من خيارهم، وخرج هارباً هو والأساورة معه، وتبعهم سعد والرباب، فقتل بعضهم، وأفلت مَنْ أفلت، وكان من قتل يومئذ أربعة آلاف رجل‏.‏
يضرب للرجل يمكر مكراً متقدماً ثم خلط ليجدع صاحبه‏.‏
3303- لَيْسَ فِي جَفِيْرِهِ غَيْر زَنْدَيْنِ
يضرب لمن ليس عنده خير، وهذا قريب من قولهم زندان في مرقعة‏"‏
يضرب للرجل المحتقر‏.‏
3304- لَيْسَ الدَّلْوُ إلاَّ بالرِّشَاءِ
أي لا يستقى الدلو إذا لم يقرن بالحبل يضرب في تَقَوِّى الرجل بأقاربه وعشريته
3305- لَيْسَ هَذَا مِنْ كَيْسِكَ
يضرب لمن يرى منه مالا يمكن أن يكون هو صاحبه‏.‏
وأصل هذا أن معاوية لما أراد المبايَعَة ليزيد دعا عمراً فعرَضَ عليه البيعة له، فامتنع، فتركه معاوية ولم يستقصِ عليه، فلما اعتلَّ معاوية العلَّةَ التي توفى فيها دَعَا يزيد وخَلاَ به، وقَال له‏:‏ إذا وضعتم سريري على شَفِير حفرتى فادخل أنت القبر ومُرْ عَمْرا يدخل معك، فإذا دخل فاخْرُج فاخترط سَيْفَكَ ومُره فَلْيُبَايعك، فإن فعل وإلا فادفنه قبلى، ففعل ذلك يزيد، فبايع عمرو وقَال‏:‏ ما هذا من كيسك، ولكنه من كيس الموضوع في اللحد، فذهبت مَثَلاً‏.‏
ويحكى من دهاء عَمْرو أن معاوية قَال له يوماً‏:‏ هَبْ لي الوَهْط، فَقَال‏:‏ هو لك، والوَهْط‏:‏ ضَيْعة كانت لعمرو بالطائف ما ملكت العرب مثله، وكان معاوية يشتهى أن يكون له بكل ما يملك، فلم يقدر على ذلك، فلما وهبه له وقَدَّرَ معاوية أنه صار ملكاً له قَال عمرو‏:‏ قد وَجَبَ أن تًسْعفنى بحاجة أسألكها، قَال معاوية‏:‏ أنت بكل ما سألت مُسْعَفٌ، قَال‏:‏ تردّ إلى الوَهْطَ، فوهبه له معاوية ضرورة


B-happy 3 - 3 - 2010 11:09 PM



3306- الّلسَانُ مَرْكَبٌ ذَلُولٌ
يعني أن الإنسان يقدر على قوله الخير والشر، فلا يعود لسانه مقَالة السوء
3307- أَلْهِ لَهُ كَما يُلْهِ لَكَ
الإلهاء‏:‏ إلقاء اللهوة، وهو‏:‏ ما يلقيه الطاحنُ بيده في فَمِ الرَّحَا، ومعنى المثل اصْنَعْ به كما يصنع بك‏.‏
يضرب في المُكافأة والمجازاة ‏[‏ص 189‏]‏
3308- لَيْسَ لِمُخْتَالٍ فِي حُسْنِ الثَّنَاءِ نَصِيبٌ
يضرب في ذم الخُيَلاَء والكبر
3309- لِجْ مَالِ وَلَجتَ الرَّجَمَ
قَاله سعدُ بن زيد لأخيه مالك بن زيد وكان مالك بن زيد يُحَمَّق، وكان لا يظهر على عَوْرَات النساء، ولا يدرى ما يراد منهن، فزوجه أخوه، فلما بنى بأهله أبى أن يدخل الخِبَاء، فَقَال له أخوه سعد‏:‏ لِجْ مَالِ وَلَجْتَ الرجم، فأرسلها مَثَلاً، والرَّجَم‏:‏ القبر
3310- لَيْسَ عِتَابُ النَّاس لِلْمرْءِ نافِعاً إذا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْءِ لُبُّ يُعَاتِبُهْ
يضرب في ترك العِتَابِ لمن لا يُعْتِبُ
3311- لَمْ أَجْعَلْهَا بِظَهْرٍ
الهاء كناية عن الحاجة‏.‏ يضربه المَعْنِىُّ بحاجتك‏.‏
يقول‏:‏ لم أجعل حاجتَكَ وراء ظهري ولم أغفل عنها، بل جعلتها نصب عيني
3312- لأَكْوِيَنَّهُ كَيَّةَ المُتَلَوِّمِ
أي كَيَّا بليغا، والمتلومُ‏:‏ الذي يتبع الداء حتى يعلم مكانه
يضرب في التهديد الشديد المحقَّق
3313- لَقَدْ حَمَّلْتُكَ غَيْرَ مَحْمَلِكَ
أي رفعتك فوقَ قدرك
يضرب لمن لا تجده موضع معروفك وإحسانك‏.‏
3314- لَوْ سُئِلَتِ العَارِيَّةُ أَيْنَ تَذْهَبينَ لقَالتْ‏:‏ أَكْسِبُ أَهْلِي ذَمَّا
هذا من كلام أكثم بن صيفي، يعنى أنهم يُحسنون في بَذْلها لمن يستعير، ثم يُكَافَؤن بالذم إذا طلبوا‏.‏
يضرب في سوء الجزاء للمنعم‏.‏
3315- لأضُمَّنَّكَ ضَمَّ الشَّنَاتِرِ
قَال أهل اللغة‏:‏ هي لغة يمانية، وهي الأصابع، الواحد شنترة، وذُو شَنَاتر‏:‏ ماكٌ من ملوك اليمن‏.‏
3316- لَوْلاَ عِتْقُهُ لَقَدْ بَلِيَ
العِتقُ‏:‏ الكرم، أي لولا كرمه وقوته لاحتمال أعباء ما يحمل لضعف وعجز عن حمله
3317- ليتني وفُلاَناً يُفْعَلُ بِنَا كَذَا حتّى يَمُوْتَ الأَعْجَلُ
هذا من قول الأغلب العِجلي في شعر له وهو
ضَرْبَاً وَطَعْناً أو يَمُوتَ الأعْجَلُ ‏[‏ص 190‏]‏
3318- لَيْسَ عَلَيْكَ نَسْخُهُ فاسْحَبْ وَجُرْ
أي إنك لم تَنْصَبْ فيه، فلذلك تفسده
3319- أَلْقِ دَلْوَكَ فِي الدِّلاءِ
قَال أبو عبيد‏:‏ يُضْرَبُ في اكتساب المال والحث عليه
قَال الشاعر‏:‏
وَلَيْسَ الرزقُ عَن طَلَبٍ حَثِيْثٍ * وَلكِنْ ألْقِ دَلْوَكَ فِي الدِّلاَءٍ
تجِىءُ بِمِلْئِهَا طَوْرَاً وطَوْرَاً * تجِىء بِحَمْأةٍ وَقَلِيلِ مَاءِ
3320- لَقِيتُ مِنْهُ عَرَق الجَبِيِنِ
أي تعبت في أمره حتى عَرِق جبيني من الشدة‏.‏
3321- لَيْسَ لِشَعْبَةٍ خَيْرٌ مِنَ صَفْرَةٍ تَحْفِزُها
الصَّفْرَة‏:‏ الجَوْعة، وفي الحديث ‏"‏صَفْرة في سبيل الله خير من حُمُرِ النَّعَم‏"‏ وهي فَعْلة من الصُّفُورة، وهي الخلاء، يُقَال‏:‏ مكان صفر، أي خالٍ، والحَفَزُ‏:‏ الدفع
ومثل هذا في المعنى قولُهم‏:‏
3322- لَيْسَ لِلْبِطْنَةَ خَيْرٌ مِنْ خَمْصَةٍ تَتْبْعَهَا
البِطْنة‏:‏ الكظَّة والامتلاء، والخَمْصَة‏:‏ الجوعة
3323- لَيْسَ الرِّيُّ عَنِ التَّشَافِّ
الاشتفاف والتَّشَاف‏:‏ أن تشرب جميعَ ما في الإناء، مأخوذ من الشفافة، وهي البقية، يقول‏:‏ ليس من لا يشتف لا يَرْوَى فقد يكون الرى دون ذلك‏.‏
يضرب في قَنَاعة الرجل ببعض ما ينال من حاجته‏.‏
أي ليس قضاؤك الحاجَةَ أن لا تَدَعَ قليلا ولا كثيراً إلا نِلتْه؛ فإذا نلتَ معظمها فاقنع به‏.‏
3324- لِهَذَا كُنْتُ أُحْسِيْكَ الجُرَعَ
يروى ‏"‏المجمع‏"‏ جمع مَجَمِيع، وهو اللبن يُنْقَع فيه التمر، أي لمثل هذا كنت أربيك لتدفع شراً أو تجلب خيراً‏.‏
قَال الأَصمَعي‏:‏ وأصلُه أن الرجل يغذو فرسَهُ بالألبان يحسيها إياه ثم يحتاج إليه في طلب أو هرب، فيقول‏:‏ لهذا كنت أفعل بك ما أفعل، قَال الراجز‏:‏
لِمِثلِهَا كُنْتَ أحسِّيكَ الحسى*
3325- لَيْسَ كلَّ حِيْنٍ أحْلِبُ فأشْرَبُ
يضرب في كل شَيء يمنع من المال وغير ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏أي ليس كل دهر يساعدك ويتأتى للـ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ ما تطلب، يحثه على العمل بالتدبير وترك التبذير ‏[‏ص 191‏]‏
قَال أبو عبيد‏:‏ وهذا المثل يروى عن سعيد بن جُبَيْر، قَاله في حديثٍ سئل عنه، قَال الطبري‏:‏ يقوله مَنْ يحكم أول أمره مخافة أن لا يمكن من آخره‏.‏
3326- لَتِحْلبَنَّهَا مَصْراً
يُقَال‏:‏ مَصْرْتُ النَاقة أمْصُرها مَصْرا، إذا حلبتها بأطراف الأصابع‏.‏
يضرب لمن يتوعَّدُك، فتقول‏:‏ لا تقدر أن تنال منى شيئاً إلا بعد عناء طويل ونصب ‏"‏مَصْراً‏"‏ على تقدير لتحلبنها حلبا بجهد وعناء، ويجوز أن يكون نصبا على الحال، أي لتحلبنها وأنت ماصر، والهاء كناية عن الخطة التي قدر أن ينالها منه فجعل الناقة والمصْر عبارة عنها‏.‏
3327- لَمْ تُحْلَبْ وَلَمْ تُغَارَّ
المُغَارَّة‏:‏ قلة اللبن، يقول‏:‏ لم تحلب هذه الناقة ولم تُغَارَّ هي وأودى اللبن
يضرب لمن ضيع ماله أو مال غيره‏.‏
3328- لله دَرُّهُ
أي خيره وعطاؤه وما يؤخذ منه، هذا هو الأصل، ثم يُقَال لكل متعجب منه
3329- لَيْسَ الشَّحْمُ بِالَّحْمِ، ولكن بقوَاصِيهِ
قوصي الشَيء‏:‏ نواحيه‏.‏
يضرب للمتقاربين في الشبه، وليسا شيئاً واحداً في الحقيقة
3330- لَمْ يَضِع مِنْ مَالِكَ مَا وَعَظَكَ
هذا المثل يروى عن أكثم بن صيفي، قَال المبرد‏:‏ إذا ذهبَ مِنْ مالك شَيء فَحَذَّرَك أن يحِلَ بك مثلك فتأديبُه إياك عِوَضٌ من ذهابه‏.‏
3331- لِفُلاَنٍ كُحْلٌ ولِفُلانٌ سَوَادٌ
يعني كثير مال، وأراد بالكحل هذا الذي يكتحل به، والغالب عليه السواد، وأراد بالسواد المال الكثير، يعني أن كثرته تمنع حصرَهْ وَعَدَّهُ كما أن السواد يمنع من إدراك الشَيء وحقيقته‏.‏
قَال أبو عبيد‏:‏ وكان الأَصمَعي يتأول في سواد العراقَ أنه سمى به للكثرة، قَال أبو عبيد‏:‏ وأما أنا فاحسبه سمى للخضرة التي في النخل والشجر والزرع؛ لأن العرب قد تلحق لونَ الخضرة بالسواد فتضع أحدهما موضع الآخَر، من ذلك قوله تعالى حين ذكر الجنتين ‏(‏مُدْ هَامَّتانِ‏)‏ قَال في التفسير‏:‏ خضْرَاوَانِ، قَال ذو الرمة‏:‏
قَدْ أطْلَعَ النازحُ المَجْهُود معسفه * في ظِلِ أخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُوْمُ
يريد بالأخضر الليل، فسماه بهذا لظلمته وسواده‏.‏ ‏[‏ص 192‏]‏
3332- لَيْسَ أخُو الشَّرِّ مَنْ تَوَاقَّه
يقول‏:‏ إذا وقعْتَ في الشر فلا تَوَقِهِ حتّى تنجُو منه‏.‏
3333- لَعَالَكَ عَاليِاً
ويقَال ‏"‏لعل لكَ‏"‏ يُقَال ذلك للعاثر دعاءً له، قَال المحجل بن حَزْن الحارثي‏:‏
لَنَا فَخْمَةٌ زَوْرَاءُ أَحْمَتْ بِلاَدَنَا * مَتى يَرَها الشَّاوِيُّ يَلْجِجْ به وَهَلْ
وأرْمَاحُنَا يَنْهَزْنَهُم نَهْزَ قَحْمَةٍ * يَقُلْنَ لِمَنْ أدركنَّ تَعْسَاً ولا لَعَلْ
3334- لَعَلَّ لَهُ عُذْرَاً وأنتَ تَلُومُ
يضرب لمن يلوم مَنْ له عذر ولا يعلمه اللائم‏.‏
وأوله‏:‏
تأنَّ ولاَ تَعْجَلْ بِلَوْمِكَ صَاحِبَاً*
3335- لَقِيْتُ مِنْهُ الأَقْوَرِينَ والفَتَكْرِينَ والبُرَحِينَ
إذا لقى منه الأمور العِظَام‏.‏
3336- لَمْ يُحْرَمَ مَنْ فُصِدَ لَهُ
الفَصِيد‏:‏ دمٌ كان يُجْعَلْ في مِعىً مِنْ فَصْدِ عِرْق البعيرِ ثم يُشْوَى ويُطْعمه الضيفُ في الأزْمة، يُقَال‏:‏ مَنْ فُصِدَ له البعيرُ فهو غير محروم، ويقَال أيضاً ‏"‏من فُصْدَ له‏"‏ بتسكين الصاد تخفيفاً، ويقَال ‏"‏فُزْدَ له‏"‏ بالزاى‏.‏ يضرب في القناعة باليسير‏.‏
3337- لأَمُدَّنَّ غَضَنَكَ
أي لأطيلَنَّ عَنَاءك، وإذا مد غَضَنَه فقد أطال عناءه، والغَضَنُ‏:‏ التشنج، ويروى ‏"‏لأُمُدَّنَّ عَصَبَك‏"‏ وهو قريب من الأول، وأنشد أبو حاتم عن أبي زيد على الغضن‏:‏
أريْتَ إنْ سُقْت سِيَاقاً حَسَنَا * تَمُدًّ مِنْ آباطِهِنَّ الغَضَنَا
أنازلٌ أنتَ فَخَابِز لَنَا*
3338- لَتَجِدَنَّ فُلاَناً أَلْوَى بَعِيْدَ المُسْتَمَرِّ
ألوى‏:‏ أي شديدَ الخُصُومة، واستمر‏:‏ استحكم، يعنى أنه قويٌ في الخصومة لا يَسْأم المِرَاسَ، أنشد أبو عبِيدَ‏:‏
وَجَدْتَنِى ألْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَرُ *
أي بعيد شَأوِ المستمر، ويجوز أن يريد بعيد المذْهَب، يُقَال‏:‏ مرَّ واسْتَمَرَّ أي ذهب، وقوله ‏"‏ألوى‏"‏ أي ألتوى على خصمى بالحجة، وقبله‏:‏
إذَا تَخَازَرْتُ وَمَا بِي مِنْ خَزَرْ * ثُمَّ كَسَرْتُ الطَّرْفَ مَنْ غَيْرِ عَوَرْ ‏[‏ص 193‏]‏
وَجَدْتَنِى ألْوَى بَعِيدَ المُسْتَمَرُ * أحْمِلُ مَا حُمِّلْتُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرّ
كان المفضل يذكر أن المثل للنعمان بن المنذر، قَاله في خالد بن معاوية السعدى، ونازعه رجل عنده، فوصفه النعمان بهذه الصفة، فذهب مَثَلاً‏.‏
3339- لأُقِيمَنَّ قَذْلَكَ
ويروى ‏"‏حَدْلَكَ‏"‏ أي عِوَجَك، والحدل‏:‏ عوج وميل في أحد المنكبين، والقَذْل‏:‏ الميل والجور، ويروى ‏"‏لأَقيمَنَّ صَعَرَك‏"‏ أي ميلك‏.‏
3340- لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لاقِطَةٌ
قَال الأَصمَعي وغيره‏:‏ الساقطة الكلمة يسقط بها الإنسان، أي لكل كلمة يخطئ فيها الإنسان مَنْ يتحفَّظها فيحملها عنه، وأدخل الهاء في ‏"‏الاقطة‏"‏ إرادة المبالغة، وقيل‏:‏ أدخلت لاردواج الكلام‏.‏
يضرب في التحفظ عند النطق‏.‏ وقَال ثعلب‏:‏ يعنى لكل قَذر فَدِرٌ ‏(‏الفدر - بفتح الفاء وكسر الدال المهملة، بزنة كتف - الأحمق‏.‏‏)‏
وقيل‏:‏ أراد لكل كلمة ساقطة أذنٌ لاقطه؛ لأن أداة لَقْطِ الكلام الأذُنُ‏.‏
3341- الّليلُ أَخْفَى لِلْوَيْلِ
أي‏:‏ افْعَلْ ما تريد ليلا فإنه أسْتَرُ لسرك
وأول من قَال ذلك سارية بن عويمر بن عَدِىٍّ العُقَيلى وكان سبب ذلك أن تَوْبَةَ بن الحمير شَهِدَ بنى خَفَاجة وبنى عَوْف وهم يختصمون عند هَمَّام بن مطرف العُقَيْلى، وكان مروان بن الحكم استعمله على صدَقَات بنى عامر، فضرب ثور بن أبى سمعان بن كعب العقيلى توبة بن الحمير بُجْرْزٍ
‏(‏الجرز - كقفل - عمود من الحديد وجمعه أجراز وجرزة‏)‏
وعلى توبة دِرع وبيضَة، فجرح أنْفُ البيضة وَجْهَ توبة، فأمر همام بن مطرف بثور فأقعد بين يدى توبة فَقَال‏:‏ خُذْ حقك ياتوبة، فَقَال توبة‏:‏ ما كان هذا إلا عن أمرك، وما كان ثور يجترئ على عند غيرك، ولم يقتص منه، وقَال‏:‏
إنْ يُمْكِنِ الدَّهْرُ فَسَوْفَ أنْتَقِمْ * أوْلاَ فَإنَّ العَفْوَ أولَى بِالكَرَمْ
ثم إن توبة بلغه أن ثورا قد خَرَجَ في نفر من أصحابه يريد ماء لهم يُقَال له جرين أو جرين بتثْلِيْثَ، فتبعهم توبة في أناس من أصحابه، حتى ذكر لهم أنهم عند رجل من بنى عامر يُقَال له سارية بن عويمر بن عدى، وكان صديقاً لتوبة، فَقَال توبة‏:‏
لا أطرقهم وهم عند سارية يخرجوا، وقَال سارية للقوم وقد أرادوا أن يخرجوا من ‏[‏ص 194‏]‏ عنده مُصْبحِين‏:‏ ادَّرِعُوا الليل فإنه أخفى للويل، ولست آمن عليكم توبة، فلما أظلموا ركبوا الفَلاَةَ، وتبعهم توبة فقتل ثَوْرَاً، وَجَرَّ هذا قتلَ توبة بن الحمير‏.‏
3342- لَيْسَ النَّفَّاخُ بِشَرِّ الزُّمْرَةِ
أي ليس المحرِّضُ في الحرب دون المُقَاتل‏.‏
3343- لَقِىَ مَا يَلْقَى المَنْتُوف باركاً
وذلك أن البعير ينتف باركا‏.‏
يضرب لمن لقى شدةً وأذىً‏.‏
3344- لَيْسَتْ بِرِيْشَاءَ ولاَعَمْشَاءَ
الرِّيْشَاء‏:‏ الطويلةُ هُدْبِ العين، والعَمْشَاء‏:‏ السيئة البصرِ‏.‏
يضرب للشَيء الوَسَطِ بين الجيد والردئ‏.‏
3345- لَيْسَ الحاثُ بأورع أي ليس من يَحُثُّ على العمل بأوْرَعَ ممن يعمل، وهذا كقولهم ‏"‏ليس النَّفَّاخُ بشر الزمرة‏"‏
3346- لَقِىَ اسْتَ الكَلْبَةِ
إذا لقى أمراً شديداً‏:‏
قَالوا‏:‏ إن ملك الرُّهَاء أطفأ نيران البلاد، وأمرهم أن يقتبسوا النار من أسْتِ الكلبة الميتة، فهرب قومٌ لذلك من البلاد‏.‏
3347- لَوْ تُرِكَ الضَّبُّ بأعْدَاءٍ الوَادِى
أي بنَواحِيْهِ، واحدها عِداُ، وهي جمع عُدْوَة مثل قولهم ‏"‏لو تُرِكَ القَطَا ليلاً لنام‏"‏
3348- لَمْ يَعْدَمْ مِنْهُ خَابِطٌ وَرَقاً
يضرب للجواد لا يحرم سائله‏.‏
والخَبْطُ‏:‏ ضَرْبُ الشجرةِ بالعَصَا فيسقط وَرَقَهَا‏.‏
3349- لِكُلِّ ذِي عَمُودٍ نَوىً
أي لكل أهلِ بيتٍ نجعة، المعنى لكن اجتماع افتراق، ولكل امرئ حاجة يطلبها‏.‏
3350- لَيْتَ حَظِّى مِنْ أبي كَرِبٍ أَنْ يَسُدَّ عَنىَّ خَيْرُهُ خَبْلَهُ
قيل‏:‏ نزلت بقوم شدةٌ فَقَالوا لعجوز عمياء‏:‏ أبشِرِي فهذا أبو كرب قد قرب منا، فَقَالت هذا القول، وأبو كرب‏:‏ تُتَّبع من تَبَايِعَهُ اليمن‏.‏
3351- لَوَى مُغِلٌّ أصْبُعَهُ
ويروى ‏"‏مضل‏"‏ أي لشدة أسفِهِ، قَال أبو عمرو‏:‏ المغلُّ الغاشُّ يلوى أصبعه في السلخ فيترك شيئاً من اللحم في الإرهاب ‏(‏الإرهاب - بزنة كتاب - الجلد‏)‏
يضرب للمبذِّر مالَه‏.‏ ‏[‏ص 195‏]‏
3352- لِتَحْمِلْ عِضَةٌ جَنَاهَا
العِضَاه‏:‏ شجَرٌ طِوَال ذواتُ شوك مثل الطلح والسَّلَم والسَّيَال وغيرها، ولكل منها جَنىًّ، وواحدة العِضَاه عِضهة، وبعضهم يقول عِضْوَة، ومثل هذا قولهم ‏"‏كل إناء يَرْشَحُ بما فيه‏"‏
3353- لأَفْقَرَ مِنَّا يُهْدَى غَمامُ أرْضِنَا
أي يذهب حَظُّنَا إلى غيرنا، ويروى ‏"‏نُهْدِى غَمَام‏"‏ أي نُؤثرهم علينا‏.‏
3354- لَكَ ما أبكِى وَلاَ عَبْرَةَ بي
يجوز أن تكون ‏"‏ما‏"‏ صلة، أي لك أبكى، ويجوز أن تكون مصدراً، أي لك بكائى، ولا حاجة بي إلى أن أبكى، أي لأجلك أتحمل النَّصَبَ‏.‏
يضرب في عناية الرجل بأخيه‏.‏
3355- لَيْسَ لِمَلُولٍ صَدِيْقٌ
كما قيل‏:‏
إنَّكَ واللهِ لَذُو مَلَّةٍ * يُطْرِفُكَ الأدنَى عَنِ الأبْعَدِ
قَال أبو عبيد‏:‏ المثل يروى عن أبى حازم، وكان من الحكماء، قَال‏:‏ ليس لِمُلُولٍ صديقٌ، ولا لحسودٍ غنى، والنظر في العواقب تلقيح للعقول‏.‏
3356- لَيْسَ لِشَرِةٍ غِنىً
لأنه لا يكتفى بما أوتي؛ لحرصه على الجمع فهو لا يزال طالباً فقيراً
3357- لَيْسَ المُتَعلِّقُ كالمتأنِّقِ
المُتَعَلِّق‏:‏ الذي يكتفى بالعُلقَةِ، وهي القليل من الشَيء، أي ليس الراضي بالبُلغَة من الشَيء كالمتخير ذي النِّيَقَةِ يأكل ما يشاء، ويختار منه ما يؤنقُه ‏(‏في نسخة ‏"‏ما يوافقه‏"‏ وليس على ما ينبغي‏.‏‏)‏ أي يعجبه‏.‏
3358- لَيْسَ مِنَ العَدْلِ سُرْعَةُ العَذْلِ
أي لا ينبغي أن تَعْجَلَ بالعَذْل قبل أن تعرف العذر‏.‏
3359- لَيْسَ بِصَلاّدِ القَدِحِ
أي ليس بصَلْدٍ زَنْدُه فيما يقدح‏.‏
يضرب لمن لا يرجع خائباً عما يقصد‏.‏
3360- لَوْ كَرَهَتْنِي يَدِى ما صَحِبَتْنِي
قَال‏:‏ ‏(‏هو ذو الإصبع العدواني‏)‏
لاأَبتَغِى وَصْلَ لِمَنْ مَنْ لاَ يَبْتَغِي صِلَتِى * وَلاَ أليْنُ لِمَنْ لاَ يَبْتَغِى لِيِنى
وَاللهِ لَوْ كَرَهَتْ كَفَّى مُصَاحَبَتِى * لَقُلْتُ لِلْكَفِّ بِينِى إذْ كَرِهْتِيِنِي
3361- لَقيتُهُ صَخْرَةَ بَحْرَةَ
أي خالياً ليس بيني وبينه حاجز، وهما ‏[‏ص 196‏]‏
اسمان جعلا اسماُ واحداً، ولا يون‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏، وأصل صَحرة من الصَّحْرَاء وهو الفَضَاء، وأصل بَحْرَة من البحر وهو الشَّقُّ والسَّعة، ومنه سمى البحر لأنه شق في الأرض‏.‏
3362- لَقِيتُهُ بُعَيْدَاتِ بَيْنٍ
أي بعدَ فِرَاقٍ، وذلك إذا كان الرجل يُمْسِكَ عن إتيان صاحبه الزمانَ، ثم يأتيه، ثم يمسك عنه نحو ذلك أيضاً ثم يأتيه، قَاله أبو زيد‏.‏
3363- لأََشْأنَنَّ شأنَهَمْ
أي لأفْسِدَنَّ أمْرَهم، والشأن‏:‏ ملتقى القبائل من الرأس، ومعناه لأصِيبَنَّ ذلك الموضع منهم، كما تقول ‏"‏رأسْتُه‏"‏ إذا أصبْتَ رأسه، وهذا لفظ يتضمن الوعيد‏.‏
3364- لأُلْجِئَنَّكَ إلى قُرِّ قُرَارِكَ
أي إلى مَحَلِّكَ الذي تستحقه، قَال الأَصمَعي‏:‏ القُرُّ المستقَرُّ، والقَرَار‏:‏ مصدر قَرَّ يَقِرُّ، أي لأضطرنك إليه، ويقَال‏:‏ أراد لألجئنك إلى مضجعك ومَدْفَنِك، يعنون القبر
3365- لأِمْرٍ مَايَسُوَّدُ مَنْ يَسُودُ
إنما دخلت ‏"‏ما‏"‏ للتأكيد، أي لا يُسَوِّدُ الرجل قومه إلا بالاستحقاق‏.‏
3366- لأَمْرٍ مَّا جَدَعَ قَصِيرٌ أَنْفَهُ
قَالته الزبَّاء لما رأت قصيراً مَجْدُوعاً، وقد مر ذكره في باب الخاء‏.‏
3367- للسُّوقِ دِرَّةٌ وَغِرارٌ
يُقَال‏:‏ سوقٌ دَارَّة، أي نافقة، وغارة‏:‏ أي كاسدة، ويقَال‏:‏ دَرَّتِ السوق تَدِرُّ، إذا كَثُرَ خبرها، وغَارَّتْ تُغَارُّ غِرَاراً، إذا قلَّ خيرها، وكلاهما على التشبيه بلَبَنِ الناقة، وكان القياس أن يُقَال سوق دَارَّةٌ ومُغَارة، لكنهم قَالوا غارة للازدواج‏.‏
3368- لكِنْ حَمْزَةُ لاَ بَواكِى لَهُ
قَاله النبي صلى الله عليه وسلم لما وجَد نساء المدينة يبكين قتلاهن بعد أحُدٍ، فأمر سعدُ بنُ مُعَاذ وأسَيْدُ بن حُضَيْرٍ رضي الله عنهما نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، بكاءهن على حمزة خرج إليهن وهن على باب مسجده فَقَال‏:‏ ارْجِعْنَ يرحمكن الله، فقد أسَأتُنَّ بأنفسكن‏.‏
يضرب عند فَقْد مَنْ يَهْتَمُّ بشأنك‏.‏
3369- لكِنْ خِلاَلِي قَدْ سَقَطَ
أصله أن شيخاً وعجوزاً حملا على جمل، وخاوا بينهما بِخِلاَلٍ، فَقَال الشيخ للعجوز‏:‏ خِلاَلُكِ ثابت‏؟‏ قَالت‏:‏ نعم، فَقَال‏:‏ لكن خِلاَلِى قد سقط، وانْتَزَعَ خلالَه فسقط ومات‏.‏
يضرب لمن يوقع نَفْسَه في الهلكة ‏[‏ص 197‏]‏
3370- لَعَلَّنِي مُضَلَّلٌ كَعَامِرٍ
أصله أن شابَّيْنِ كانا يجالسان المُسْتَوْغِرَ بن ربيعة، فَقَال أحدهما لصاحبه واسمه عامر‏:‏ إني أخالِفُ إلى بيت المستوغر، فإذا قام من مجلسه فأيقظنى بصوتك، ففطن المستوغر لفعله، فمنعه من الصياح، ثم أخذ بيده إلى منزله، فَقَال‏:‏ هل ترى بأسا‏؟‏ قَال‏:‏ لا، ثم أخذ إلى بيت الفتى، فإذا الرجل مع امرأته فَقَال المستوغر‏:‏ لعلني مُضَلل كعامر، فذهبت مَثَلاً‏.‏
يضرب لمن يطمع في أن يَخْدَعَكَ كما خدع غيرك‏.‏
3371- لَجَّ فَحَجَّ
أي نازَعَ خَصْمه فحمله الَّلجاج على أن غلبه بالحجة، ويقَال‏:‏ بل معناه أن رجلا خرج يطوف في البلاد، فاتَّفَق حصولُه بمكة فحج من غير رغبة منه، فقيل‏:‏ لَجَّ في الطَّوَاف حتى حج‏.‏
قَال أبو عبيد‏:‏ يضرب للرجل يبلغ من لجاجته أن يخرج إلى شَيء ليس من شأنه، قَال‏:‏ وهذا من أمثَالهم في صعوبة الخلق واللجاجة‏.‏
3372- لَمْ تُفَاتِى فَهَاتِى
أي لم يُفْتْكِ ما تطلبين فهاتي ما عندك، يعني اسْتَقْبِلِى الأمر فإنه لم يفتك‏.‏
زعموا أن رجلاً خرج من أهله، فلما رجع قَالت امرأته‏:‏ لو شهدتَنَا لأخبرناك وحدثناك بما كان، فَقَال الرجل‏:‏ لم تُفَاتِى فهاتي، أي لم يفتك ذاك فهاتي ما عندك‏.‏
3373- لَقِيِتُهُ في الفَرَطِ
إذا لقيته في اليومين والثلاثة فصاعدا مرة، ولا يكون الفَرَطُ في أكثر من خمس عشرة ليلة، قَاله الأحمر‏.‏
3374- لَقِيتُهُ عن هَجْرٍ
وذلك إذا لقيته بعد الحول، و‏"‏عَنْ‏"‏ بمعنى بعد، أي لقيته بعد هَجْرٍ
3375- لِكُلَّ زَعْمٍ خَصْمٌ
الزَّعْمُ والزُّعْم والزِّعْمُ ثلاث لغات، والتقدير‏:‏ لكل ذي زعم خصم، أي لكل مُدَّعٍ خصم يباريه ويناويه‏.‏ يضرب عند ادعاء الإنسان ما ليس له
3376- لأَضْرِبَنَّكَ غِبَّ الحِمَارِ، وَظاهِرَةَ الفَرَسِ
غِبُّ الحمار‏:‏ أن يشرب يوماً ويدع يوماً، وظاهرة الفرس‏:‏ أن يشرب كل يوم، والمعنى لأضْرِبنك كل وقت‏.‏
3377- لَمْ يَجِدْ لِمِسْحَاتِهِ طِيناً
هذا مثل قولهم ‏"‏لم يجد لشفر ته مَحَزَّا‏"‏ يضرب لمن حِيلَ بينه وبين مُرَاده ‏[‏ص 198‏]‏
3378- لَنْ يَعْدَمَ المُشَاوِرُ مُرْشِداً
يضرب في الحثِّ على المُشَاورة
3379- لَيْسَ الِلَّئِيمِ مِثْلُ الهَوانِ
يعنى أنك إذا دَفَعْتَه عنك بالحلم والاحتمال أجترأ عليك، وإن أهَنْتَه خافَكَ وأمسك عنك‏.‏
3380- لَقيِتُهُ نِقَاباً
أي فجْأة، وهو مصدر نَاقَبْتُه نِقاباً؛ إذا فاتحته، والنِّقَاب‏:‏ مشتق من النقب نقب الحائط، وهو نوع من الفتح، أو من المنقب وهو الطريق، وهو مفتوح أيضاً، وانتصابه على المصدر، ويجوز على الحال‏.‏
3381- لَقِتُهُ كِفَاحَاً
أي مُواجهة، ومنه ‏"‏إنى لأكْفَحُهَا وأنا صائم‏"‏ أي أقبلها، ومنه الكفاح في الحرب، وهو أن يقابل العدو مقاتلا‏.‏
وكذلك قولُهم‏:‏
3382- لَقيِتُهُ صِفَاحاً
وهو مشتق من الصَّفْح، وهو عُرْضُ الشَيء وجانبه، ويدل على القرب، كأنك قلت‏:‏ لقيتُه وصَفْحَةُ وجهي إلى صفحة وجهه، يعني لقيته مُوَاجِهاً
3383- لَقِيتُهُ صِقَاباً
هذا من الصَّقَب، وهو القُرْب، ومنه ‏"‏الجارُ أحَقُّ بصَقَبه‏"‏ كأنه قَال‏:‏ لقيته متقارِبَيْنِ‏.‏
3384- لَمْ يَبْرُد بِيَدِي مِنْهُ شَيء
أي لم يثبت ولم يستقر في يدي منه شَيء، وهذا من قولهم ‏"‏بَرَدَ حقى‏"‏ أي ثبت
3385- لِكُلِ مَقَامٍ مَقَال
يراد أن لكل أمرٍ أو فعلٍ أو كلام موضعاً لا يوضَعُ في غيره، وأنشد ابن الأعرَابى‏:‏
تحنَّنْ عَلَىَّ هَدَاكَ المَلِيكُ * فَإنَّ لِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالاً
قَال‏:‏ معناه أحسِنْ إلى حتى أذكرك في كل مقام بحُسْن فعلك‏.‏
3386- لَوْ قُلْتُ تَمْرَةً لَقَال جَمْرَةً
يضرب عند اختلاف الأهواء
3387- لِحَاجَةٍ نِيْكَ الأصَمُّ
يضرب لمن لَجَّ في شَيء فلا يُقْلِعُ عنه
3388- لَيْسَ المُجَالاَةُ كَمِثْلِ الدَّمْسِ
المُجالاة‏:‏ المبارزة والمجاهرة، قال الأَصمَعي‏:‏ جَالَيْتُه بالأمر وجالحته، إذا جاهرته به، والدَّمْسُ الإخفاء والدفن، يُقَال‏:‏ دَمَسْتُ عليه الخبرَ أدمِسُهُ دَمْسَاً
يضرب في الفرق بين الجلى والخفى
3389- لَيْتَ لَنَا مِنْ فَارِسَيْنِ فَارِساً
يضرب عند الرضا بالقليل ‏[‏ص 199‏]‏
3390- لَقَيْتُهُ سَرَاةَ النَّهَارِ
أي أولَّهُ، ويُقَال‏:‏ عند ارتفاعه، مأخوذ من سَرَاة الظهر، وهى أعلاه
3391- لَقيتُهُ أدِيْمَ الضُّحَى
أي أوسَطَه، ويقَال‏:‏ هو أولُه
3392- لَقِتُهُ رَأَدَ الضُّحَى
هو ارتفاعُهُ
3393- لَيْسَ جِدُّ الجِدِّ لَيْولِّينَّهُ لَمِيْسَ
قَالوا‏:‏ لميسُ اسمٌ للاست، أي ليولينه استه، قَال وائل بن سليم اليشكرى‏:‏
فأمَّا ابنُ دَلْمَاءَ الَّذي جَاءَ مخطبا * فَخُصْيَيهِ زَمَّلْنَاهُمَا أمْسِ بالدَّمِ
فَفَرَّ وَوَلاَّنا لَمِيْسَ، وفَوقها * رَشَاش كَتَوْلِيعِ الكَسَاءِ المرَقَّمِ
3394- لِسَانٌ مِنْ رُطَبٍ وَيَدٌ مِنْ خَشَب
يضرب للمَلاَذِ الذي لا منفعة عنده
3395- لَكَ ما بتٌّ أُبْرِدُهَا
نزل رجل ضيف فقرَاهُ، فاستطاب قِرِاه وأعجبه، فَقَال‏:‏ لقدْ أطبتَ فَقَال‏:‏ لك ما بت أبردها، أي لك أعددت هذه الكرامة‏.‏
3396- لَوْ تُرِكَ الحِرْبَاءُ مَاصَلَّ
الحِربَاء‏:‏ مسمار الدِّرْع، وصلَّ‏:‏ صوَّت‏.‏
يضرب لمن يظلم فيضج ويصيح‏.‏
3397 لَكِنْ عَدَّاءٌ لا أُّمَّ له
عدَّاء‏:‏ اسم غلام، ويروى‏"‏عدى‏"‏ يضرب لمن لا يكون له مَنْ يهتمُ بأمره‏.‏
3398- لَوَى عَنْهُ ذِرَاعَهُ
إذا عصاه ولم يسمع منه‏.‏
3399- لَوْ كَانَ في غَضْرَاءَ لَمْ يَنْشف
الغَضْرَاءَ‏:‏ أرضٌ طينتها حُرّة، يُقَال ‏"‏ أنبط بئره في غَضْرَاء‏"‏ و ‏"‏نَشَفَ الثوب العِرَقَ‏"‏ إذا شَرِبَهُ، أي لو كان معروفك عند كريم لم يضِعْ ويشكرك‏.‏
3400- لُبُّ المرأةِ إلَى حُمْقٍ
يضرب عُذْراً للمرأة عند الغيرة
3401- لَقِيْتُهَا بأصْبَارها
الهاء راجعة إلى الخصلة المكروهة أي لقى ما كره وساءه - كلاماً كان أو غيره - وأصبارُهًا‏:‏ نواحيها، يُقَال‏:‏ أخذ الشَيء بأصبارِهِ، أي بكله، الواحد صُبْر‏.‏
3402- ألْقَى عَلِيهِ لَطَاتَهُ
قَال أبو السمح‏:‏ إنما يُقَال هذا إذا لم يفارقه، وقَال أبو عمرو‏:‏ أي ثقله‏.‏
قلتُ‏:‏ اللَّطَاةُ في الأصل‏:‏ الجبهة، ثم يُقَال‏:‏ ألقى عليه بلطَاتِه، ولَطَاتَه، أي ثقله؛ قَال ابن أحمر‏:‏ ‏[‏ص 200‏]‏
فألَقَى التَّهامِي منْهُمَا بلَطَاتِه * وَأحلطَ هَذا لاأََرِيمُ مَكانيِا
‏(‏التهامي‏:‏ المنسوب إلى تهامة، وأحلط في يمينه‏:‏ اجتهد، ولا أريم‏:‏ لا أبرح‏.‏‏)‏
3403- لأفُشّنَّكَ فشََّ الوَطْبِ
وذلك أن الوَطْبَ ‏(‏الوطب - بالفتح - سقاء اللبن خاصة، يؤخذ من جلد الجزع فما فوقه، فإن أخذ من جلد الرضيع سمى شكوة، وإن أخذ من جلد الفطيم سمى بدرة، فأما وعاء السمن فهو عكة أو مسأد‏.‏‏)‏ ينفخ فيوضع فيه الشَيء فإذا أخرجت منه الريح فقد فش‏.‏ يضرب للغضبان الممتلىء‏.‏
3404- لَوْ كَانَ مِنْهُ وَعْلٌ لَتَرَكْتُهُ
يُقَال ‏"‏لاوعل من كذا‏"‏ أي لابُدَّ منه
3405- لَيْسَ أَوَانَ يُكْرَهُ الخلاَطُ
أي‏:‏ ليس هذا حين إبقائك على هذا الأمر أن تباشره، أي باشره‏.‏
3406- لاُلْجِمَنَّكَ لِجَامَاً مُعْذِبَاً
الإعذاب‏:‏ الترك للشَيء والنزوع عنه، لازم ومتعد، والمعنى‏:‏ لأفطمنك عن هذا الأمر فطاماً تامّاً‏.‏
3407- لِلبِاطلِ جَولَةٌ ثُمَّ يَضْمَحِلُّ
أي لا بَقَاء للباطل وإن جال جوله، ويضمحل‏:‏ يذهب ويبطل‏.‏
3408- لَيَسَتِ النَّائِحَةُ الثَّكْلَى كالمُسْتَأجَرةِ‏.‏
هذا مثل معروف تبتذله العامة‏.‏
3409- لِكُلِّ قَومٍ كَلْبٌ، فلا تَكُنْ كَلْبَ أَصْحَابِكَ
قَاله لقمان الحكيم لابنه يعظه حين سافر‏.‏

B-happy 3 - 3 - 2010 11:11 PM



3410- لَمَّا اسْتَدُّ سَاعِدُهُ رَمَانِي
يضرب لمن يسىء إليك وقد أحسنت إليه قَال الشاعر‏:‏
فَيَا عَجَباً لمن رَبَّيْتُ طِفْلاً *ألقَّمُهُ بأطْراَفِ الْبَنَانِ
أعلِّمهُ الرِّماَيَةَ كُلَّ يوَمٍ * فَلَمَّا اسْتَدَّ ساَعِدُهُ رَمَاني
وَكَمْ عَلَّمْتُهُ نَظْمَ الْقَوَافي * فَلَمَّا قَال قَافِيَةً هَجَاني
أعلِّمهُ الْفُتُوَّةَ كُلَّ وَقْتٍ * فَلَمَّا طَرَّ شارِبُهُ جَفَاني
3411- لَيْسَ للأمُورِ بِصاَحِبٍ مَنْ لَمْ يَنْظُرْ في العَوَاقِبِ
قَال حمزة‏:‏ قَاله ابن ضَمْرة للنعمان بن المنذر حين سأله عن أشياء، وهذا كما يُقَال ‏"‏النَّظَرُ في العواقب تلقيح للعقول ‏"‏ ‏(‏انظر المثل 3355‏)‏
وقَال أبو عبيد‏:‏ قَاله الصَّعْبُ بن عمرو النَّهْدِيُّ ‏[‏ص 201‏]‏
3412- لِكُلِّ جَيْشٍ عَرَاةٌ وَعَرامٌ
أي فَسَاد وشر
3413- لَيْسَ لِلحاَسِدِ إلاّما حَسَدَ
أي لا يحصل على شَيء إلا على الحسد فقط، و‏"‏ما‏"‏ مع الفعل مصدر، كأنه قيل‏:‏ ليس للحاسد إلا حَسَدُه
3414- لم أجِد ْلَكَ مَخْتَلاً
أي خَتْلاً، يعني ترفَّقْتُ بك وخَتَلْتُ بك فلم تمكني من حاجتي، فجَاهَرْتُكَ حتى أدركت ما أردت، وهذا كقولكم ‏"‏مجاهرة إذا لم أجد مَخْتَلاً‏"‏
3415- لِكُلِّ جَابِهٍ جَوْزَةٌ، ثُمَّ يُؤَذَّنُ
يُقَال‏:‏ جَبَهْتُ الماء جَبَهْاً، إذا وردَته، وليس عليه أداته ولا دلاؤه، والجَوْزَة‏:‏ السَّقْية، ولا فعل منه في الثلاثي، والْجَوَاز‏:‏ الماء الذي تُسْقَاه الماشية، يُقَال‏:‏ اسْتَجَزْتَه فأجازني، إذا سَقَاك ماء لأرضك أو ماشيتك، وقولهم ‏"‏ثم يؤذَّن ‏"‏ يُقَال‏:‏ أذَّنْتُه تأذينا، أي رَدَدْتَه، وتلخيص المعنى لكل مَنْ ورد علينا سَقْية ثم يُمْنَع من الماء ويُرَدُّ
يضرب للنازل يُطيل الإقامة
3416- لَئِنِ الْتَقَي رُوعِي وَرُوعُكَ لتَنْدَمَنَّ
يضرب للمتهِّدد، والرُّوع‏:‏ القلب، أي إن التقى قلبي وقلبُكَ في تدبير أمر لتندمَنَّ على مقارنتي؛ لأنك تجدني أَعْدَلَ منك وأقدر على دفع شرك‏.‏
3417- لأََنْ يَشْبَعَ واحِدٌ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَجُوعَ اثنَان
3418- لَيْسَ المَزَ كْزكُ بأَنْيَئِهِنَّ
أصله أن بعض الأعراب أصاب فراخَ المُكَّاء ‏(‏الماء - كرمان - طائر، ويجمع على مكاكى‏)‏ فدَفَنَها في رَمَادٍ سُخْن، وجعل يخرجهن ويأكلهن، فنهض واحد منها حيَّا، فعَدَا خلفه، فأخذه وجعل يأكل، فَقَال له صاحبه‏:‏ إنه نيء، فَقَال‏:‏ ليس المزكْزَكُ بأنْيَئِهِنَّ‏.‏ يضرب في تساوي القوم في الشر
والمزكزك‏:‏ من قولهم ‏"‏زَكَّ الدَّرَّاجُ ‏"‏ وهو مثل ‏"‏زّافّ الحمام ‏"‏ و ذلك إذا تبختر حول الحمام واستدار عليها ساحباً ذناباه، ويقَال ‏"‏لحم نىِءٌ ‏"‏على وزن نيعٍ بيِّنُ النُّيُوأة، وناء اللحم يَنِىء نَيْأً، وكذلك نَهِؤ اللحم ونَهِىءَ نُهُوأة، إذا لم ينضج ‏[‏ص 202‏]‏
3419- أَلْقَي عَلَى الشَّيءِ أرْوَاقَهُ
إذا حَرَصَ عليه وأَحَبَّهُ حبًّا شديداً، وهذا كما قَالوا ‏"‏ألقى عليه شَرَاِشرَهُ ‏"‏
3420- أُلْقِيَ عَلَيْهِ بحُباَلَتِهِ وَأََوْقِه
أي ثقله، ويقَال‏:‏ أَوَّقتُه تأويقاً، أي حملته المشقَّةَ والمكروه
3421- الُّلقَمُ تُورِثِ النِّقَم
يضرب في ذم الارتشاء يعني نقم الله تعالى، ويجوز أن يريد نقم الراشي إذا لم يأتِ الأمرُ على مُرَاده
3422- لِكُلِّ غَدٍ طَعَامٌ
يضرب في التوكُّلِ على فضل الله عز وجل
3423- لِكُلِّ دهرٍ رجالٌ
هذا من قول بعضهم‏:‏ لكل مَقَامٍ مَقَال، ولكل دهرٍ رجالٌ
3424- لِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ
المَصْرَع‏:‏ يكون مَصْدراً، ويكون موضع الصَّرْعِ والمعنى لكل حَىٍّ مَوْتٌ
3425- لِكُلِّ عُودٍ عَصَارَةٌ
العُصَارَةٌ‏:‏ ما يخرُجُُ من الشَيء إذا عُصر، إن حُلْواً فحلو، وإن مُرًّا فمر، أي لكل ظاهرٍ باطنٌ
3426- لَزَّ القَتَبَ
أي عَضَّه‏.‏ يضرب لمن لزمته الحجةُ، ومنه ‏"‏فلانٌ لِزَازُ خَصْم ‏"‏ ‏(‏يُقَال ‏"‏فلان لزاز خصومة ‏"‏ بزنة كتاب - إذا كان موكلا بها لازماً لها قادراً عليها‏.‏‏)‏
3427- لَوْ غَيْرُ ذَاتِ سِوَارٍ لَطَمَتْني
‏(‏انظر المثل 3227 ‏"‏لو ذات سوار لطمتني‏"‏‏)‏ يَرْوِي الأَصمَعي المثلَ على هذا الوجه، وذلك أن حاتماً الطائي مَرَّ ببلاد عَنَزَةَ في بعض الأشهر الحُرُم، فناداه أسير لهم يا أبا سَفَّانة أكَلَني الإسارُ والقمل، فقال‏:‏ ويْحَكَ‏!‏ أسأتَ إذا نَوَّهْتَ باسمي في غير بلاد قومي، فساوَمَ القومَ به، ثم قَال‏:‏ أطْلِقُوه واجعلوا يَدي في القد مكانه، ففعلوا، فجاءته امرَأة بغير ليَفْصِدَهُ فقام فنَحَره، فلطَمَتْ وَجْهَه، فَقَال‏:‏ لو غَيْرُ ذاتِ سِوَارٍ لطمتني، يعنى أنى لا أقتصّ من النساء، فعُرِفَ، ففَدَى نفسه فداء عظيما‏.‏
3428- لَقِتُهُ عِدَادَ الثُّرَيَّا
أي مرةً في الشهر، وذلك لأن القمر ينزل الثريا في كل شهر مرة، والعِدَاد‏:‏ ما يُعَادُّ الإنسان لوقتٍ من وَجَعَ أو غير ذلك
3429- لَقَدْ بُلِيْتَ بِغَيْرِ أعْزَلَ
أي قُيِّضَ لك قِرْنُكَ، وهذا يقرب من قولهم ‏"‏رميت بحَجَرِ الأرض‏"‏ ‏[‏ص 203‏]‏
3430- لَمْ يُشْطِطْ مَنِ انْتَقَمَ
هذا منتزع من قوله تعالى ‏{‏ولَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظلمه فأولئك ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ‏}
3431- لَمْ يُخْبَأ لِلدَّهْرِ شَيء إلا أَكَلَهُ
يعنى أن الدهر يُفْنِي كلَّ شَيء، ولا يسامح أحداً من بنيه‏.‏
3432- لَكَ العُتْبَى وَلاَ أَعُودُ
العُتْبَى‏:‏ اسم من الإعتاب، يُقَال ‏"‏أعْتَبَهُ‏"‏ أي أزالَ عَتْبه، وهو أن يُرضِيه، أي لك من أن أرضيك ولا أعود إلى ما يُسْخِطُكَ، يقوله التائب المعتذر‏.‏
3433- لِكِلِّ قَضَاءٍ جَالِبٌ، ولِكُلِّ دَرٍّ حالِبٌ‏.‏
3434- لَقَدْ تَنَوَّق في مَكْرُوهِهِ القَدَر
التَّنَوقُ‏:‏ النظر في الشَيء بِنيِقَةٍ، وبعضهم ينكر تنوق ويقول‏:‏ الصحيح تأنَّقَ‏.‏
يضرب لمن بُولِغ في إيذائه‏.‏
3435- لَقَدْ اسْتَبْطَنْتُمْ بأشْهَبَ بازِلٍ
قَاله العباسُ بن عبد المطلب رضي الله عنه لأهل مكة، أي بُليتم بأمرٍ صَعْبٍ مشهور، كالبيعير الأشْهَبِ البازِلِ وهو الأبيض القَوِىُّ، والباء في ‏"‏بأشهب‏"‏ زائدة، يُقَال‏:‏ اسْتَبطَنتُ الشَيء، إذا أخفَيْتَهُ‏.‏
3436- لَكَ العُتْبَى بأن لاَ رَضِيْتَ
هذا إذا لم يُرد الإعتاب، يقول‏:‏ أعْتِبُك بخلاف ما تَهْوَى، قَال بشر‏:‏
غَضِبَتْ تميمٌ أن تقتل عامر * يَوْمَ النِّسَارِ فأعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ
أي أعتبناهم بالسيف والقتل، والباء في ‏"‏بأن لارضيت‏"‏ تقديره إعتابي إياك بقولي لك‏:‏ لا رضيت، عَلَى وجه الدعاء، أي أبدا
3437- ألْقَى الكَلاَمَ عَلَى رُسَيْلاَتِهِ
يضرب للرجل المِهْذَار يتهاوَنُ بما يقول، ورُسَيْلاَتُ‏:‏ جمع رُسَيْلة، وهي تصغير رَسْلَة، يُقَال‏:‏ ناقة رَسْلَة؛ إذا كانت سهلَةَ السير تمشى هَوْناً، ويجوز أن يكون تصغير رِسْلَة - بكسر الراء - يُقَال‏:‏ في فلان رِسْلَة أي توان وكسل، ومنه قولهم ‏"‏على رِسْلِكَ‏"‏
3438- لولاَ جِلاَدِى غُنِمَ تِلاَدِى
أي‏:‏ لولا مُدافعتى عن مالى سُلِب وأخذ
3439- لَيْتَ حَفْصَةَ مِنْ رِجَالِ أمِّ عَاصِمٍ‏.‏
هذا من أمثال أهل المدينة‏.‏
وأصله أن عمر رضي الله عنه مر بسُوق ‏[‏ص 204‏]‏ الليل وهي من أسواق المدينة، فرأى امرَأةً معها لبن تبيعه، ومعها بنت لها شابة، وقد همت العجوز أن تَمْذُقَ لبَنَهَا، فجعلت الشابة تقول‏:‏ يا أمه، لا تَمْذُقيه ولا تَغُشيِّه، فوقفَ عليها عمر فَقَال‏:‏ مَنْ هذه منك‏؟‏ قَالت‏:‏ ابنتى، فأمر عاصماً فتزوجها، فولدت له أم عاصم وحفصة، فتزوج عبد العزيز بن مَرَوَان أم عاصم، فكانت حَسَنة العِشْرة لينة الجانب محبوبة عند أحمائها، فولدت له عمر، فلما ماتت خلف على حفصة، فكانت سيئة الخلق تؤذى أحماءها، فسئل مخنَّثٌ من موالى مروان عن حفصة وأم عاصم، فَقَال‏:‏ ليت حَفْصَة من رجال أم عاصم، فذهبت مَثَلاً‏.‏
يضرب في تفضيل بعض الخلق على بعضٍ‏.‏
3440- لَيْسَ القُدَامى كالخَوَافِى
القُدَامى‏:‏ المتقدم من ريِشِ الجَنَاح، والخَوَافِى‏:‏ ما خَفِى خلف القُدَامى‏.‏
يضرب عند التفضيل، قَال رُؤْبة‏:‏
خلقت من جَنَاحِكَ الغُدَافِ * مِنَ القُدَامى لاَ مِنَ الخَوَافِي
وقَال آخر‏:‏
لَيْسَ قُدَامى النَّسْرِ كالخَوَافى * وَلاَ تَوَالِى الخَيْلِ كالهَوَادِى
توالى الخيل‏:‏ أعجَازُها، وهواديها‏:‏ أعْنَاقُها، يجوز أن يراد بالتوالى التوابع وبالهوادى المتقدمات
3441- لَيَغْلِبَنَّ خَلَقى جَديدَكِ
يريد ليغلبنَّ كبرى شبابِكَ، وذلك أن رجلا شاخَ وله امرَأة شابة، وكانت تتثاقل عن خَدِمَته، فَقَال‏:‏
هَلُمَّ حبىَّ وَدَعِى تَعْدِيدَكِ * لَيَغْلِبِنَّ خَلْقِى جَدِيدَكِ
يعنى كبرى شبابَكِ في الباه
3442- لَحَفَنِى فَضْلَ لِحَافِهِ
يضرب لمن يُعْطِيك فَضْلَ زاده وعطائه
3443- لأَضَعَنَّ عَنْكَ دَيْنِى
يضرب عند التخويف بالهجران، وأنشد ثعلب‏:‏
أَيَا بُئنَ رَنْقَ المَاءِ لاَ تَطْعَمِنَّهُ * وَلِلْمَاءِ رَنْقٌ يُتْقَى وَنُقُوعُ
وإنْ غَلَبَتْكِ النَّفْس إلاَّ وُرُودَهُ * فَدَيْنِى إذاً يا بُثْنَ عَنْكِ وَضِيعُ
3444- لَوْ كُويتُ عَلَى دَاءٍ لَمْ أَكْرَهْ
يعنى لو عوتِبْتُ على ذنبٍ ما امتعضت
3445- لَيْسَ أَمِيرُ القَوْمِ بِالخِبِّ الخَدِعِ
يعنى أن أمير القوم ورئيسهم لا ينبغى ‏[‏ص 205‏]‏ له أن يخبَّ على أصحابه ويخْدَعهم، ويروى ‏"‏ليس أمينُ القومِ‏"‏
3446- لَقِيَ فُلاَنٌ وَيْساً
أي لقى ما يريد، قَال‏:‏
‏[‏وَ‏]‏ لَقِيْتْ مِنَ النِّكَاحِ وَيْسَا*
‏(‏أنشد في اللسان ‏(‏وىس‏)‏ عن ابن الأعرابي، وقبله‏:‏ عَصَتْ سَجَاحِ شَبَثاً وقَيْسَا*‏)‏
أي ما أرادت
قَال الخليل‏:‏ لم يسمع على هذا البناء إلا وَيْح ووَيْس ووَيهْ ووَيْل‏.‏
قلت‏:‏ وقد قَالوا وَيب وَوَيك أيضاً، وكلها متقارب في المعنى، إلا وَيْح ووَيْس فإنها كلمتا رأفةٍ واستعجابٍ‏.‏
3447- لَسْتُ بِعَمِّكِ ولاَ خَالِكِ، وَلكِنِّي بَعْلُكِ
قَالها رجل لأمرته لما دخل عليها، وذلك أنها قَالت‏:‏ ياعمَّاه ارفق، تردُّهُ بذلك عن نفسها‏.‏
3448- لَمْ يَجُرْ سَالِكُ القَصْدِ، ولَمْ يَعْمَ قَاصِدُ الحقّ
أي من سَلَكَ سَوَاء السبيل لم يحتجْ إلى أن يجوز عنه
3449- لَوَى عنْهُ عِذَارَهُ
يضرب لمن يَعْصِيك بعد الطاعة
3450- أَلْحِقِ الحِسِّ بالإسِّ
قَال ابن الأعرابي‏:‏ الحِسُّ الشر، والإسُّ الأصل، معناه ألحق الشر بأهله، قَال الأزهري‏:‏ الحَسُّ والأس بالفتح، وقَال الجوهري‏:‏ بالكسر
3451- لَيْسَ لِى حَشَفَةٌ وَلاَ خَدِرَةٌ
الحشَفَة‏:‏ اليابسة، والخَدِرَة‏:‏ التي تقع من النخلة قبل أن تنضج‏.‏
يضرب في الإنكار لثبوت الشَيء
ويجوز أن يريد بالخَدِرَة الندية ليكون بإزاء اليابسة، يُقَال‏:‏ يوم خَدِر‏.‏ وليلة خدرة، أي ندٍ ونَدِية‏.‏
3452- لَئنِ انْتَحَيْتُ عَلَيْكَ فإنَّى أَرَاكَ يتَخَرَّمُ زَنْدُكَ
وذلك أن الزَّنْدَ إذا تحزَّم لم يُورِ به القادحُ، وتَخَرُّمُه‏:‏ أن يظهر فيه خروق، ومنه ‏"‏الخَوْرَمُ‏"‏ لصخرة فيها خروق، أراد أنه لا خير فيه كالزَّنْدِ المتخرِّمِ لا نَارَ فيه
3453- لَقَى هِنْدَ الأحَامِسِ
أي مات، وهذا اسم من أسماء الموت، قَال سنان بن جابر‏:‏ ‏[‏ص 206‏]‏
وَدِدتُ لما ألقَى بِهِنْدٍ مِنَ الْجَوَى* بأم عبيد زُرْتُ هِنْدَ الأحامِسِ
أم عبيد‏:‏ كنية الأرض الخلاء، يريد تمنيت أن أزورَ المنية بأرضٍ خلاء لما ألقى في حب هذه المرأة، ويقَال‏:‏ هند الأحامس الداهية، قَال‏:‏
طَمِعْتَ بِنَا حَتَّى إذَا مَالَقِيتَنَا * لَقِيتَ بِنَا يا عمرُ هِنْدَ الأحَامِسِ
يعني الداهية
3454- لأَقْنُوَنَّكَ قَنَاوَتَكَ
يُقَال‏:‏ قَنْوَتُ الرجلَ، إذا جازيْتَه، أي لأجزينك جَزَاءك‏.‏
ومثله‏:‏
3455- لأَنْجُزَنَّكَ بِخَيْرَتَك
النَّجيرة‏:‏ حساء من دقيق يُجْعلَ عليه سمن، أي لأفعلنَّ بك ما يُوازيك‏.‏
3456- لأَقِيِمَنَّ صَعَرَكَ
أي مَيْلك، قَال أبو عبيد‏:‏ الصَّعَر مَيْلٌ في العنق في أحد الشِّقَّين، ويكون في الوجه أيضاً إذا مال في أحد شقيه‏.‏
3457- لَقِيتُهُ أدنَى ظَلَمٍ
يريدون أدنى شبَح، والشبح الظل والشخص، قاله أبو عمرو، وقيل‏:‏ أصله من الظلام، والظلام، يستر عنك الأشياء، فكأنه قَال‏:‏ لقيته أولَ مَنْ ستر عنى ما سِوَاه بوقوع بَصَرِى عليه
3458- لَيْسَ عَلَى الشَّرْقِ طَخَاءٌ يَحْجُبُ
الشَّرْقُ‏:‏ اسم للشمس، يُقَال‏:‏ طلع الشرق، ولا يُقَال‏:‏ غاب الشرق، والطَّخَاء‏:‏ السحاب المرتفع
يضرب في الأمر المشهور الذي لا يَخْفَى على أحد‏.‏
3459- لِيَوْمِهَا تَجْرِى مَهَاةٌ بالعَنَقِ
المَهَاة‏:‏ البقر الوحشية، والعَنَقُ‏:‏ ضرب من السَّير‏.‏
يضرب لمن أراد أمراً فأخطأه ثم أصاب بعد ذلك‏.‏
كذا قيل في معنى هذا المثل‏.‏
قلتُ‏:‏ ويجوز أن يُقَال‏:‏ إن قوله ‏"‏ليومها‏"‏ أراد ليوم موتها وهلاكها ‏"‏تجرى‏"‏ أي إلى يومها، فيكون كقولهم ‏"‏أتَتْكَ بِحَائِنٍ رِجْلاَه‏"‏ والمعنى إلى يوم تَهْلِكُ فيه تجرى هذه المَهَاة بعَجَلة وسُرْعة
3460- لَيْسَ بطىءٌ مَنْ بَني أُمِّ الفَرَسِ
قَالوا‏:‏ إن أم الفرس جَوَاد، وكانت لا تَلِدُ غير جَوَاد‏.‏ ‏[‏ص 207‏]‏
يضرب لبنى الكرام
وتقدير الكلام‏:‏ مَنْ ولدته الكرام لا يكون لئيما، كما أن بنى أم الفرس لا تكون بِطاء‏.‏
3461- لَسْتُ بالشَّقَّا وَلاَ الضِّيقَي حِراً
قيل‏:‏ إن جُوَيْرِتين صغيرتين زُوِّجَتا من رجلين، فَقَالت الصغرى‏:‏ ابْتَنُوا علينا، أي اضربوا لنا خَيْمَة نستتر بها من الرجال، فَقَالت الكبرى‏:‏ لا تعجلي حتى نَشُبَّ، فأبت الصغرى، فلما ألحت على أهلها قَالت لها الكبرى هذه المقَالة‏.‏
قلت‏:‏ الشقَّاء‏:‏ تأنيث الأشقِّ من قولك‏:‏ شَقَّ الأمر يشق شَقَّا، والاسم الشِّقُّ - بالكسر - والضِّيقى‏:‏ تأنيث الأضيق، والضُّوقَى‏:‏ لغة، وكذلك الِكيسَى والكُوسَى في تأنيث الأكْيَس، والأصل فيهما فُعْلَى، وإنما صارت الياء واو لسكونها وضمة ما قبلها وأرادت لستُ بالشَّقَّاء أمراً‏:‏ أي ليس أمري بأشَقَّ من أمرك ولا حِرِى بأضْيَق من حِرِك وأنت لا تُبَالِينَ بهزء الناس منك فكيف أبالى أنا‏؟‏
يضرب للرجل ينصح فلا يقبل، فيقول الناصح‏:‏ لست بأرحمَ عليك منك‏.‏
3462- لَنْ يُقْلِعَ الجِدُّ النَّكِدْ إلاَّ بجدِّ ذي الإبِدْ في كلِّ مَا عَامٍ تَلِدْ
الجد النكد‏:‏ القليل الخبر، والإبد، الولود يُقَال‏:‏ أتانٌ وجارية إبِد، أي وَلُود، ولم يجيء على هذا الوزن إلا إبل وإطِل في الأسماء، وإبِد وبِلز في الصفات‏.‏
ومعنى المثل لن يقلع جدُّ النكد إلا وهو مقرون بجد صاحب الأمة التي تلد كل عام، وكون الأمَة وَلُودا حرمان لصاحبها‏.‏
يضرب لمن لا يَزْدَادُ حالُه إلا شرا
3463- لَوْ كَانَ بِجَسَدِى بَرَصٌ مَا كَتَمْتُهُ
قَال أبو عبيد‏:‏ هذا من أمثال العامة
3464- لَوْ كُنْتُ عَنْ نَفْسِى رَاضِياً لَقَلِيْتُكُم
هذا من كلام مُطَرِّفِ بن الشِّخِّير أو غيره من العلماء، يعنى أنه لا يعيرهم ذنبا هو مرتكبه، قَالوا‏:‏ هذا مذهب كثير من السلف في الأمر بالمعروف‏.‏
3465- للْيَدَيْنِ و للْفَمِ
يُقَال هذا عند الشماتة بسُقُوط إنسان، وفي الحديث أن عمر رضي الله عنه أُتى ‏[‏ص 208‏]‏ بسَكْرَان في شهر رمضان، فتعثَّر بذَيْله فَقَال عمرو رضي الله عنه‏:‏ لليدين وللفم‏!‏ أو لْدَانُنَا صِيَام وأنت مُفْطر‏؟‏ ثم أمر به فحُدَّ وأراد على اليدين وعلى الفم، أي أسقطه الله عليهما‏.‏
3466- لَيْسَ لِرَجُلٍ لُدِغَ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ عُذْرٌ
قَالوا‏:‏ إن أول مَنْ قَال ذلك الحارث بن خَزَاز، وكان من قَيْس بن ثعْلَبة، وكان أَخْطَبَ بَكْرىٍّ بالبصرة، فخطب الناس لما قتل يزيد بن المهلب، فحمد الله وأثنى عليه ثم قَال‏:‏ أيها النَّاسُ إن الفتنة تُقْبِلُ بشُبْهة وتُدْبر ببَيَان، وليس لرجل لُدِغَ من جُحْر مرتين عذر، فاتقوا عَصَائبَ تأتيكم من قبل الشأم كالدِّلاَء قد انقطعت أوذامها، ثم نزل، فروَى الناس خطبته، وصار قوله مَثَلاً
3467- لَسْتَ مِنْ غَيْسَاني
ويروى ‏"‏من غساني‏"‏ قَال أبو زيد‏:‏
أي من رِجالي‏.‏
3468- لَبِّدُوا بِالأرْضِ تُحْسَبُوا جَرَائِيمَ
الجُرْثُومة‏:‏ أصلُ الشجرة، يقول الزقوا بالأرض تُحْسَبُوها‏.‏
يضرب في الحث على الاجتماع ويضرب للمنهزمين حين يهزأ بهم
3469- لَنْ يَزَالَ النَّاسُ بِخَيْرِ مَا تَبَايَنُوا، فإذا تَسَاوَوْا هَلكُوا
أي مادموا يتفاوتون في الرتب؛ فيكون أحدهم آمراً والآخر مأموراً، فإذا صاروا في الرتب لا ينقاد بعضُهم لبعض فحينئذ هلكوا، والجالب للباء في ‏"‏بخير‏"‏ معنى فعل، وهو لن يزالوا متصلين ومُتَّسِمِينَ بخير، وقَال أبو عبيد‏:‏ أحسب قولهم ‏"‏إذا تساووا هلكوا‏"‏ لأن الغالب على الناس الشر، وإنما يكون الخير في النادر من الرجال لعزته فإذا كان التساوي فإنما هو في السوء‏.‏
3470- لكِنْ عَلَى بَلْدَحَ قَوْمٌ عَجْفَى
بَلْدَح‏:‏ موضع، وإنما منع الصرف لأته منقول عن الفعل، من قولهم ‏"‏بَلْدَحَ الرجلُ‏"‏ و ‏"‏تبلدح‏"‏ إذا وَعَدَ ولم ينجز، أو لأنه أرِيدَ به البقعة، ومن صَرَفه في غير هذا الموضع أراد به المكان، وقد ذكرت هذا المثل في حديث بَيْهَسٍ في حرف الثاء عند قوله ‏"‏ثكل أرأمها‏"‏ ‏(‏انظر المثل 771 والمثلين 3228 و 3471‏)‏ وأشار بهذا ‏[‏ص 209‏]‏ إلى أن جَدْبَهم بنسبة لذة هذا الخصب الذي هو فيه‏.‏
يضرب في التحزن بالأقارب
3471- لكِنْ بِالأَثَلاَتِ لَحْمٌ لاَ يُظَلَّلُ
هذا أيضاً من كلامه، وقد ذكرته في قصته هناك ‏(‏انظر الأمثال 771، 3228، 3470، ‏)‏
3472- لَئِنْ فَعَلْتَ كَذَا ليَكُونَنَّ بَلْدَةً ما بَيْنِى وَبَيْنَكَ
ويروى ‏"‏بَلْتَهُ‏"‏ من البَلْت، وهو القَطْع، والبلدة‏:‏ نَقَاوَةُ ما بين الحاجبين وخلاؤه من الشَّعْر، والبلدة أيضاً‏:‏ منزلٌ من منازل القمر، وهى فُرجَةَ بين النغائم وسَعد الذابح، يعنى إنْ فَعَلْتَ كذا ليكونَنَّ ما بينى وبينك من الوُصْلَة خلاء، أو ليكونن فعلُكَ سبب قطع ما بيننا من الود‏.‏
يضرب في تخويف الرجل صديقَه بالهجران‏.‏
3473- لَيْسَ عَبْدٌ بأَخٍ لَكَ
قَاله خُزَيم، وقد ذكرته عند قوله ‏"‏إنَّ أخاك ‏(‏انظر المثل 362‏)‏ مَنْ آساك‏"‏
وأراد بقوله ‏"‏ليس عبدٌ بأخ لك‏"‏ أي ليس بمُواخٍ؛ لأن النسب لا يرتفع بالرق، ولكنه يذهب بالأخ إلى معنى الفعل كما ذكره بعضُ النحويين من أن الخَبَر لا بد من أن يكون فعلا أو ماله حكم الفعل، كقولك ‏"‏زيد أخوك‏"‏ تريد مُوَاخِيك أو يُواخيك، فيجرى مجرى قولك ‏"‏زيد يضرب‏"‏ ولهذا لم يكن الاسم الجامد خبراً للمبتدأ نحو قولك ‏"‏زيد عمرو‏"‏ إلا أن تريد به التشبيه أي هو هو في الصورة أو في معنىً من المعاتى‏.‏

B-happy 3 - 3 - 2010 11:15 PM



3474- الْتَقَى البِطَانُ وَالحَقَبُ
البِطَان للقَتَب‏:‏ الحِزَامُ الذي يجعل تحت بطن البعير، وهو بمنزلة التصدير الذي يتقدم الحَقْبَ، والحَقَبُ‏:‏ الحَبْلُ يكون عند ثَيْل البعير، فإذا التَقَيَا دلَّ التقاؤهما على اضطراب العقد وانحلالها، فجعل مَثَلاً‏.‏
يضرب لمن أشرف على الهلاك‏.‏
وهذا قريب من قولهم ‏"‏جاوز الحزام الطُّبْيَيْنِ‏"‏ ‏(‏انظر المثل 871‏)‏
3475- لَقِيتُهُ أَوَّلَ وَهْلَةٍ
الوَهْلَة‏:‏ فَعْلَة من ‏"‏وَهَلَ إليه‏"‏ إذا فزع‏.‏ قَاله أبو زيد
يضرب هذا المثل لمن تعثر به فتفزع بنظرك إليه‏.‏
ويجوز أن يكون فعلة من ‏"‏وَهَلْتُ أهِلُ‏"‏ إذا ذهب وَهْمُك إليه؛ فيكون المعنى ‏[‏ص 210‏]‏
لقيته أول ذي وهلة، أي أولّ مَنْ ذهب وَهْمِى إليه‏.‏
3476- لَقيتُهُ أَوَّلَ صَوْكٍ وَبَوْكٍ
أي أولَ شَيء‏.‏ باك الحمارُ الأتان يَبُوكها بًوْكاً، إذا نزا عليها، وصَاك الطيبُ يصيك به صَيْكا إذا لَصِقَ، صير الصَّيْكَ صَوْكا للازدواج، والصوك يدل على السكون، والبوك على الحركة، كأنه قَال‏:‏ لقيته أولَ متحرك وساكن
3477- لَقِيتُهُ أَدْنَيٍّ دَنِيًّ
أي أولَ شَيء والدنى‏:‏ فعيل بمعنى فاعل، أي أدْنى دَانٍ وأقربَ قريبٍ
3478- لَمْ يَنْتَعِلْ بِقِبالٍ خَذِمٍ
القِبَالُ‏:‏ ما يكون بين الأصبعين إذا لبست النعل، والخذِمُ‏:‏ السريعُ الإنقطاع، وإذا انقطع شِسْعُ النعل بقَي الرجلُ بغير نعل‏.‏ يضرب للرجل ينفى عنه الضعف‏.‏ قَال الأعشى‏:‏
أخُو الحَرْبِ لاَ ضَرِعٌ وَاهِنٌ * وَلَمْ يَنْتَعِلْ بِقِبَالٍ خَذِمْ
3479- لِيَ الشَّرُّ أَقِمْ سَوَادَك
يضرب عند التشجيع إذا ظهر الخوف والسَّوَاد‏:‏ الشخصُ، أي اْصِبَر في هذا الأمر، وقوله ‏"‏لي الشر‏"‏ أراد ليكن الشر مُقَدَّراً لي، لا لك، على سبيل الدعاء‏.‏
3480- التَأَمَ جُرْحٌ وَالأُسَاةُ غُيَّبٌ
يضرب لمن نال حاجته من غير مِنَّةِ واحد‏.‏
3481- لَيْسَ بِرِىٍّ وَإنَّهُ تَغَمُّرٌ
التَّغَمُّرُ‏:‏ الشُّرْبُ القليل
يضرب في الحث على القَنَاعة بالقليل
3482- لَوْ لَمْ يَتْرُكِ العاقِلُ الكَذِب إلاَّ للمروءة لكانَ حقِيقاً بِذَلِك، فَكَيْفَ وَفِيهِ المَأثَمُ وَالعَارُ‏؟‏
قَاله بعضُ الحكماء
3483- أَلْقِ حَبْلَهُ عَلَى غَارِ بِهِ
أصلُه الناقة، إذا أرادوا إرْسَالَهَا للرَّعْي ألْقَوا جديلها على الغارب، ولا يترك ساقطا فيمنعها من الرعى‏.‏ يضرب لمن تكره معاشرته، تقول‏:‏ دَعْهُ يَذْهَبْ حيث يشاء‏.‏
3484- لَوْلاَ الحِسُّ ما لَيْتُ بِالدَّسِّ
قَالته الخبزة، يُقَال‏:‏ حَسَنْتُ الخبزةَ، إذا رَدَدْتَ النارَ عليها بالعصا لتنضج‏.‏
يضرب من تَكَرَّر عليه البَلاَء‏.‏ ‏[‏ص 211‏]‏
3485- لَوْ خَفَّتْ خُصَاهُمْ وَلِكنَّهَا كالمَزَادِ
جواب ‏"‏لو‏"‏ محذوف، أي لو خَفَّتْ خُصَاهم لظعنوا، ولكنها أثقلتهم فأقاموا حتى هلكوا‏.‏
يضرب لمن مَنَعَتْهُ الموانع عن قَصْده
3486- لَحْظٌ أَصْدق مِنْ لَفْظٍ
يعنى أن أثر الحبِّ والبغض يظهر في العين فلا يُعَوَّلُ على اللسان
3487- اللهمَّ هَوْراً لاَ أَيَّاً
يُقَال‏:‏ هُرْتُه بالشَيء هَوْراً، اتَّهمته به والأىُّ‏:‏ الحنين والرقَّةُ، أي اجعَلْنِى ممن يُظَنُّ به الخير واليسار، لا ممن يُرْحَم ويؤْوَى له، ونصب ‏"‏هوراً‏"‏ على معنى أسألك هورا، أو اجعلني ذا هَوْرٍ‏.‏
3488- لَيْس يُلاَمُ هَارِبٌ مِنْ حَتْفِهِ
يضرب في عذر الجبان‏.‏
3489- لَوْ اقْتَدَحَ بالنَّبِع لأَوْرَى نَاراً
النَّبْعُ‏:‏ شجر يكون في قُلَّة الجبل، والشِّرْيَان في سَفْحِهِ، والشَّوْحَط في الحضِيض، ولا نار في النبع‏.‏
يضرب لمن يُوصَفُ بجَوْدَة رأي وحِذْقٌ بالأمور‏.‏
3490- لاَيِنْ إذَا عَزَّكَ مَنْ تُخَاشِنُ
هذا قريب من قولهم ‏"‏إذا عَزَّ أخُوكَ فَهُنْ‏"‏
ما جاء فيما أوله ‏"‏لا‏"‏
3491- لا مَخْبَأَ لِعِطْرٍ بَعْدَ عَرُوسٍ
ويروى ‏"‏لا عِطْرَ بعد عَرُوسٍ‏"‏ قَال المفضل‏:‏ أولُ من قَال ذلك امرَأة من عُذْرَةَ يُقَال لها أسماء بنت عبد الله، وكان لها زوج من بنى عمها يُقَال له عروس، فمات عنها، فتزوجها رجل من غير قومها يُقَال له نَوْفَل، وكان أعْسَرَ أَبخَرَ بخيلا دميما، فلما أراد أن يظعن بها قَالت له‏:‏ لو أذِنْتَ لي فرثَيْتَ ابنَ عمى وبكيت عند رَمْسه، فَقَال افعلى، فَقَالت‏:‏ أبكيك يا عروسَ الأعراس، يا ثعلبا في أهله وأسَداً عند البَاس ‏(‏في نسخة ‏"‏وأسد عند الناس‏"‏‏)‏، مع أشياء ليس يعلمها الناس قَال‏:‏ وما تلك الأشياء‏؟‏ قَالت‏:‏ كان عن الهمة غير نَعَّاس، ويُعْمِل السيف صبيحات الْبَاس، ثم قَالت‏:‏ يا عروس الأغر الأزهر، الطيب الخِيم الكريم المَخْبَر ‏(‏في نسخة‏"‏ الكريم المحضر‏"‏‏)‏، مع أشياءَ ‏[‏ص 212‏]‏ له لا تذكر، قَال‏:‏ وما تلك الأشياء‏؟‏ قَالت‏:‏ كان عَيْوفاً للخَنَا والمنكر، طيب النَّكْهة غير أبخر، أيسر غير أعسر، فعرف الزوج أنها تُعْرِض به، فلما رَحَل بها قَال‏:‏ ضُمِّي إليك عِطْرَك، وقد نظر إلى قَشْوَةِ ‏(‏قشوة العطر‏:‏ وعاؤه‏)‏ عطرها مطروحةً، فَقَالت‏:‏ لا عِطْرَ بعد عَرُوس، فذهبت مَثَلاً‏.‏
ويقَال‏:‏ إن رجلا تزوج امرَأة، فأهْدِيَتْ إليه، فوجَدَها تَفِلة، فَقَال لها‏:‏
أين الطيب‏؟‏ فَقَالت‏:‏ خبأته، فَقَال لها لا مخبأ لعطر بعد عروس، فذهبت مَثَلاً‏.‏
يضرب لمن لا يُدَّخَرُ عنه نَفَيْسُ‏.‏
3492- لاَ تُبلْ فِي قَلِيبٍ قَدْ شَرِبْتَ مِنْهُ
يُضْرَبُ لمن يُسىء القول فيمن أحْسَنَ إليه‏.‏
3493- لاَآتِيْكَ حَتَّى يَؤُبَ القارِظَانِ
القَارِظُ‏:‏ الذي يَجْتَنِي القَرْظَ، وهو ورق السَّلم يدبغ به، ومنابتُ القرظ اليمنُ، ويقَال‏:‏ كبش قَرَظِي؛ منسوبٌ إلى بلاد القرظ، ويقَال‏:‏ هذان القارظان كانا من عَنَزَة خرجا في طلب القرظ فلم يرجعا، قَال أبو ذُؤَيْب‏:‏
وحَتَّى يَؤُبَ القَارِظَانِ كِلاَهُمَا * وَيُنْشَرَ فِي القَتْلَى كُلَيْبُ بنُ وَائِلِ
وزعم ابن الأعرابي أن أحَدَ القارظين يذكر ابن عَنْزَة‏.‏
ويقَال أيضاً ‏"‏لا آتِيكَ حتى يؤب المنتخل‏"‏ وكانت غيبته كغيبة القارظين، غير أنها لم تكن بسبب القرظ وأما قول أبى الأسود الدُّؤَلِي‏:‏
آليتُ لاَ أغدو إلى رَبِّ لِقْحَةٍ * أُسَاومُهُ حتَّى يَؤُبَ المُثَلَّمُ
فإنما قتله الخوارج وغَيَّبته، ولم يعلم بمكانه حتى أقر قاتله‏.‏
3494- لاَ آتِيْكَ حَتَّى يَؤُبَ هَبِيرَةُ بنُ سَعْدٍ
هو رجل فُقِدَ، ومعناه لا آتيك أبداً‏.‏ ومثلُه في التأبيد قولهم‏:‏
3495- لاَ آتِيْكَ مِعْزَى الفِزْرِ
قَالوا‏:‏ الفِزْرُ‏:‏ لقبُ سعدُ بن زيد مَنَاة بن تميم، وإنما لقب بذلك لأنه وَافَى الموسمَ بمعزىً فأنهَبهَا هناك وقَال‏:‏ مَنْ أخذ منها واحدةً فهى له، ولا يؤخذ منها فِزْر، وهو الاثنان فأكثر، والمعنى لا آتيك حتى تجتمع تلك، وهى لا تجتمع أبداً‏.‏
3496- لاَ تَرْضَى شَانِئَةٌ إلاَّ بِجَرْزَةٍ
الجَرْزَةُ‏:‏ الاستئصالُ، ومنه ‏"‏ناقة ‏[‏ص 213‏]‏ جَرُوزٌ وجُرَاز‏"‏ إذا استأصلت النَّبْتَ، ومعنى المثل أن المُبْغِضَةَ لا ترضَى إلا باستئصال مَنْ تُبْغِضه، وأصل المثل في الخبر عن المؤنث وعلى هذه الصيغة يستعمل في المذكر أيضاً
3497- لاَتَعْدَمُ الحَسْنَاءُ ذَاماً
الذَّامُ والذَّيْم‏:‏ العَيْبُ، ومثله‏:‏ الرَّارُ والرَّيْر، والعَابُ والعَيْب، في الوزن
وأول من تكلم بهذا المثل - فيما زعم أهل الأخبار - حُبَّى بنتُ مالك بن عمرو العَدْوَانية، وكانت من أجمل النساء، فسمع بجمالها مَلِكُ غَسَّان فخطبها إلى أبيها، وحكَّمه في مهرها، وسأله تعجيلها، فلما عَزَم الأمر قَالت أمها لُتبَّاعها‏:‏ إن لنا عند الملامسة رَشْحَة فيها هَنَة، فإذا أرَدْتُنَّ إدخالها على زوجها فَطَيِّبْنهَا بما في أصدافها، فلما كان الوقت اعْجَلَهُنَّ زوجُها، فأغفلن تطيبها، فلما أصبح قيل له‏:‏ كيف وجدت أهلَكَ طروقتك البارحة‏؟‏ فَقَال‏:‏ ما رأيت كالليلة قط لولا رُوَيْحة أنكرتها‏؟‏ فَقَالت هي مِنْ
خلف الستر‏:‏ لا تعدم الحسناء ذاما، فأرسلتها مَثَلاً‏.‏
3498- لاَ تُحْمَدُ أمَةٌ عَامَ اشْتِرَائِهَا وَلاَ حُرَّةٌ عامَ بنَائِهَا
ويروى ‏"‏هِدَائِهَا‏"‏ أي أنهما يَتَصنَعَّانِ لأهلهما لجدَّةِ الأمر، وإن لم يكن ذلك شأنهما‏.‏
يضرب لكل من حُمِدَ قبل الاختبار قَال الشاعر‏:‏
لا تَحْمَدَنَّ امرأً حتى تجرِّبَهُ * ولا تَذُمَّنَّهُ مِنْ غير تَجْرِيبِ
فإنَّ حَمْدكَ مَنْ لم تَبْلُه صَلَفٌ * وإن ذَمَّكَ بَعْدَ الحمدِ تَكْذِيبُ
3499- لاَ تَعْدَمُ صَنَاعٍ ثَلَّةً
الثَّلة‏:‏ الصُّوفُ تغزله المرأة‏.‏
يضرب للرجل الصَّنَع، يعنى إذا عدم عملاً أخذ في آخر لِذْقِهِ وبصيرته‏.‏
3500- لاَ تَعِظِينى وتَعَظْعَظِى
أي‏:‏ لا تُوصِينى وأوصى نفسك، قَال الجوهري‏:‏ وهذا الحرف هكذا جاء عنهم فيما ذكره أبو عبي، وأنا أظنه ‏"‏وتُعَظْعِظِى‏"‏ بضم التاء - أي لا يكن منك أمر بالصلاح وأن تفسدى أنت في نفسك، كما قَال‏:‏
لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِىَ مِثْلَهُ * عَارٌ عَلِيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ
فيكون من ‏"‏عَظْعَظَ السَّهْمُ‏"‏ إذا التوى واعْوَجَّ، يقول‏:‏ كيف تأمريني بالاستقامة وأنت تتعوجين‏؟‏
قَال المؤرخ‏:‏ عظعظ الرجلُ، إذا هابّ وتابع، قَال العجاج‏:‏ ‏[‏ص 214‏]‏
وعَظْعَظَ الْجَبَانُ والزئني*
أراد الكلب الصينى‏.‏
3501- لاَ يُدْرَى أَسَعْدُ الله أَكْثَرُ أمْ جُذَامُ
قَال الأَصمَعي‏:‏ سعد الله وجُذَام حَيَّان بينهما فَضْل بَيِّن لا يخفى على الجاهل الذي لا يعرف شيئاً‏.‏
قَال أبو عبيد‏:‏ يروي عن جابر بن عبد العزيز العامري - وكان من علماء العرب - أن هذا المثلَ قَاله حمزة بن الضَّليل البَلَوي لروح بن زِنْبَاع الجُذَامي
لَقَد أُفْحِمْتَ حَتَّى لَسْتَ تَدْرِي * أسَعْدُ الله أكثَرُ أمْ جُذَامُ
3502- لاَ يَدْرِي أَيُّ طَرَفَيْهِ أَطْوَلُ
قَال الأَصمَعي‏:‏ معناه لا يدري أنَسَبُ أبيه أفضلُ أم نسبُ أمه‏.‏ وقَال غيره يُقَال‏:‏ إن وَسَط الإنسان سُرَّته، والطرف الأسفل أطول من الأعلى، وهذا يكاد يَجْهَله أكثر الناس حتى يُقَرَّر له‏.‏
يضرب في نفي العلم‏.‏
وقَال ابن الأعرابي‏:‏ طرفاء ذكرهُ ولسانهُ، وينشد‏:‏
إنَّ القُضَاة مَوَازينُ البلادِ، وقد * أعْيَا عَلَيْنَا بجَوْرِ الحكم قَاضِينَا
قد صَابَهُ طَرَفَاهُ الدَّهْرَ في تَعَبٍ* ضِرْسٌ يدقَ وفَرْجٌ يَهْدِمُ الدِّينَا
3503- لاَ تَعْدَمُ مِنَ ابْنِ عَمِّكَ نَصْراً
أي أن حَميمك يَغْضَبُ لك إذا رآك مظلوما، وإن كنت تُعَاديه‏.‏
ومثله‏:‏
3504- لاَ يَمْلِكُ مَوْلًى لِمَوْلًى نَصْراً
قَال المفضل‏:‏ إن أول من قَاله النعمانُ بن المنذر، وذلك أن العَيَّار بن عبد الله الضَّبي كان يعادي ضرار بن عمر، وهو من أسرته، فاختصم أبو مَرْحَب اليَرْبُوعي وضِرَار بن عمرو عند النعمان في شَيء فنَصَر العيارُ ضِرارا، فَقَال له النعمان‏:‏ أتفعل هذا بأبي مَرْحَب في ضرار وهو مُعَاديك‏؟‏ فَقَال العيار‏:‏ آكل لَحْمِى ولا أدَعُه لآكِلٍ، فعندها قَال النعمان‏:‏ لا يملك مولًى لمولًى نصرا، وتقديره‏:‏ لا يملك مولًى تَرْكَ نصرٍ أو ادِّخَارَ نصر لمولاه، يعني أنه يَثُور به الغضبُ له، فلا يملك نفسَه في ترك نصرته‏.‏
3505- لاَ أَفْعَلُ ما أبَسَّ عَبْدٌ بِناَقَتِه
الإبْسَاسُ‏:‏ أن يُقَال للناقة عند الحلب‏:‏ بِسْ بِسْ، وهو صُوَيْت للراعى يسكن به الناقة عندما يحلبها، جعل علما للتأبيد، أي لا أفعلهُ أبداً‏.‏‏[‏ص 215‏]‏
3506- لاَ تُفْشِ سِرَّكَ إلى أَمَةٍ، ولاَ تَبُلْ عَلَى أَكَمَةٍ
هذا من قول أكْثَمَ بن صَيْفي، وإنما قَرَنَ بينهما لأنهما ليسا بمحل لما يودَعَانِ، أي لا تجعل الأمة لسرك محلا، كما لا تجعل الأكمة لبولك موضعا‏.‏
ويروي أيضاً‏:‏ ‏"‏لاتُفَا كِهَنَّ أمة ‏"‏ قَال أبو عبيد‏:‏ هذا مثل قد ابتذلَتْه العامة، المفاكهة‏:‏ الممازحة، والفُكَاهة‏:‏ الَمزْح‏.‏
3507- لاَ يُلْسَعُ المؤُمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتين
قيل‏:‏ هذا كناية عما يُؤَثّمه، أي أن الشرع يمنع المؤمنَ من الإصرار؛ فلا يأتي ما يستوجب به تضاعف العقوبة‏.‏ يضرب لمن أصيب ونكب مرة بعد أخرى‏.‏
ويقَال‏:‏ هذا من قول النبي صلى الله علي وسلم لأبي عَزَّةَ الشاعر، أسَرَه يوم بدرٍ، ثم مَنَّ عليه، وأتاه يوم أحُدٍ فأسَرَه، فَقَال‏:‏ مُنَّ عَلَىَّ، فَقَال عليه الصلاة والسلام هذا القول، أي لو كنت مؤمناً لم تعاود لقتالنا
3508- لاَ جَدَّ إِلاَّ ما أَقَعَصَ عَنْكَ مَا تكْرَهُ
يُقَال‏:‏ ضَرَبه فأقْعَصَه، أي قتله مكانه يقول‏:‏ جَدُّكَ الحقيقي مادَفَع عنك المكروه وهو أن يقتل عدوك دونك، قَاله معاويةُ حين خاف أن يَميل الناسُ إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فاشتكى عبدَ الرحمن، فسقاه الطبيبُ شربةَ عسلٍ فيها سم فأحرقته فعند ذلك قَال معاوية هذا القول‏.‏
3509- لاَأَطْلُبُ أَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ
قد ذكرتُ هذا المثل مع قصته في حرف التاء ‏(‏انظر المثل 652‏"‏تطلب أثراً بعد عين‏"‏‏.‏‏)‏، وإنما أعدته ههنا لأنه في أمثال أبي عبيد على هذا الوجه، ومعنى المثل في الموضعين سواء، أي لا آخُذُ الديَةَ وهي أثر الدم وتبعته وأتْرُكُ العينَ يعني القاتلَ‏.‏
3510- لاَ يَضُرُّ السَّحابَ نُبِاَحُ الكِلاَبِ
يضرب لمن يَنَالُ من إنسانٍ بما لا يضره
3511- لاَ تَكْرَهْ سَخَطَ مَنْ رِضَاهُ الجَوْرُ
أي لا تُبَالِ بَسَخَطِ الظالم؛ فإن رضا الله من ورائه‏.‏
3512- لاَ أَمْرَ لِمَعْصِىٍّ
أي مَنْ عُصِىَ فيما أمر فكأنه لم يأمر، وهذا كقولهم ‏"‏لا رَأْيَ لمن يُطَاع‏"‏ ‏[‏ص 216‏]‏
3513- لا تَقَعَنَّ البَحْرَ إلاَّ سابِحاً
نصب ‏"‏ البحر‏"‏ على الظرف، أي لا تَقَعْ في البحر إلا وأنت سابح‏.‏
يضرب لمن يباشر أمراً لا يحسنه‏.‏
3514- لا يَرَى لِغَوِىٍّ غَياًّ
يضرب لمن لا يُنْكِرُ الضلالة، ولكن يزينها لصاحبها‏.‏
3515- لا تَلُمْ أَخَاكَ، واحْمَدْ رَباَّ عافَاكَ
3516- لا تُوكِ سِقَاءَكَ بأنْشُوطَةٍ
يضرب في الأخذ بالحَزْمِ‏.‏
3517- لا تُمْسِكْ ملا يُسْتَمْسِكُ
أي لا تَضَعِ المعروفَ في غير موضعه‏.‏
3518- لا تَغْزُ إلاَّ بِغُلاَمٍ قَدْ غَزَا
أي لا يَصْحَبْك إلا رجلٌ له تَجَارِب دون الغِزِّ الجاهل‏.‏
3519- لا آتِيكَ ما حَمَلَتْ عَيْنى المَاء
ويروى ‏"‏وَسَقَتْ‏"‏ أي جمعت‏.‏
3520- لا يُسْمِعُ أُذُناً خَمْشاً
الخَمْشُ ههنا‏:‏ الصوتُ، ومنه الخَمُوش للبعوض لما يُسْمَعُ من صوته أو لما يحصل من خَدْشه، ويروى ‏"‏جَمْشاً‏"‏ بالجيم - وهو الصوت أيضاً، وهذا أقرب إلى الصواب‏.‏
يضرب للذي لا يقبل نصحا، ويتغافل عنه، ولا يسمعك جوابا لما تقول له‏.‏
وقَال الكلابى‏:‏ لا تسمع آذان جمشا أي هُم في شَيء يُصِمُّهُم إما نومٌ وإما شغل غيره‏.‏
3521- لاأُحِبُّ رِئْمَانَ أنْفٍ وَأُمْنَعُ الضَّرْعَ
هذا مثلُ قول الشاعر‏:‏
أمْ كَيْفَ يَنْفَعُ مَا تُعْطِى العلُوقُ بِهِ * رِئْمَانَ أنْفٍ إذا مَا ضُنَّ بِاللَّبَنِ
3522- لا تُبْطِرْ صَاحِبَكَ ذَرْعَهُ
أي لا تُحَمِّلْه ملا يُطِيق، وأصل الذَّرْع بَسْطُ اليد، فإذا قيل ‏"‏ضِقْتُ به ذَرْعاً‏"‏ فمعناه ضاق ذرعى به، أي مَدَدْتُ يدى إليه فلم تَنَلْه، ولا تبطر‏:‏ أي لا تُدْهِش، ونصب ‏"‏ذرعه‏"‏ على تقدير البدل من صاحب ، كأنه قال‏:‏ لاتبطر ذرع صاحبك، أي لا تدهش قلبه بأن تَسُومَه ما ليس في طَوْقه‏.‏
3523- لا تَجْعْلَ شِمَالَكَ جَرْدبَاناً ‏(‏أنشد الفراء‏:‏
إذا ما كنت في قوم شهاوى * فلا تجعل شمالك جردبانا‏)‏
وهو الذي يَسْتُر الطعامَ بشِماله شَرْهاً‏.‏ ‏[‏ص 217‏]‏
يضرب في ذَمِّ الحِرْصِ‏.‏
3524- لا يَدَيْ لِوَاحِدٍ بِعَشَرَةٍ
أي لا قُدْرة، قَال الشاعر‏:‏
اعْمِدْ لمَا تَعْلُو فَمَا لَكَ بِالَّذِي * لاَ تَسْتَطيعُ مِنَ الأمُورِ يَدَانِ
3525- لا يُرْسِلُ السَّاق إلاَّ مًمْسِكاً ساقا
أصل هذا في الحِرْبَاء يشتدُّ عليه حَرُّ الشمسِ فَيَلْجَأ إلى ساق الشجرة يستظلُّ بظلها، فإذا زالت عنه تحوَّلَ إلى أُخْرَى أعدَّهَا إلى نفسه، ويقَال بخلاف هذا، قَال بعضهم‏:‏ لا، بل كلما اشتد حر الشمس ازداد نَشَاطا وحركة، يعنى الحرباء فإذا سقط قرص الشمس سقط الحرباء كأنه ميت، وإذا طَلَعَتْ تحرك وحيى، وإنما يتحوَّلُ من غصن إلى آخر لزوال الشمس عنه
يضرب لمن لا يَدَعُ له حاجة إلا سأل أخرى‏.‏
وقَال‏:‏
بلت بأشْوَسَ مِنْ حِرْبَاء تَنْضُبَة * لا يُرْسِلُ السَّاق إلا مُمْسِكاً سَاقَا
‏(‏المحفوظ في صدر هذا البيت‏:‏ أنى أتيح له حرباء تنضبة*‏)‏
3526- لا مَاءَكِ أَبْقَيْتِ، وَلا حِرَكِ أَنَقَيْتِ
ويروى ‏"‏ولا دَرَنَكِ‏"‏
أصله أن رجلا كان في سفَر ومعه امرأته، وكانت عَارِكَا فَطَهُرَتْ، وكان معها ماء يسير فاغتسلت، فلم يكن يكفها لغسلها وأنْقَذَتِ الماء فبقيا عطشانين، فعندها قَال لها هذا القول
وقَال المفضل‏:‏ أول من قال ذلك الضب بن أروى الكلاعى، وذلك أنه خرج تاجرا من اليمن إلى الشام، فسار أياماً، ثم حاد عن أصحابه، فبقى مفردا في تيهٍ من الأرض حتى سقط إلى قوم لا يَدْرى من هم، فسأل عنهم، فأخبر أنهم هَمَدَان، فنزل بهم، وكان طريراً ظريفاً، وأن امرَأة منهم يُقَال لها عمرة بنت سبيع هَوِيتَه وهَوِيَهَا، فخطبها الضب إلى أهل بيتها، وكانوا لا يزوِّجُون إلا شاعراً أو عائفاً أو عالماً بعيون الماء، فسألوه عن ذلك فلم يعرف منهم شيئاً، فأبوا تزويجه، فلم يزل بهم حتى أجابوه، فتزوجها ثم إن حَيَّا من أحياء العرب أرادوا الغارة عليهم، فتطيروا بالضب فأخرجوه وامرأته وهى طامث، فانطلقا، ومع الضب سِقَاء من ماء، فسار يوماً وليلة، وأمامهما عين يظنان ‏[‏ص 218‏]‏ أنهما يصبحانها، فَقَالت له‏:‏ إدْفَعْ إلىَّ هذا السقاء حتى أغتسل فقد قاربنا العين، فدفَعَ إليها السقاء، فاغتسلت بما فيه، ولم يكفها، ثم صبحا العين فوجداها نَاضِبة، وأدركهما العطش، فقال لها الضب‏:‏ لا ماءك أبقيت ولا حِرَكِ أنقيت، ثم استظلا بشجرة حيال العين، فأنشأ الضب يقول‏:‏ ‏(‏هذا ليس بشعر؛ لأنه ليس مستقيم الوزن على بحر واحد‏.‏‏)‏
تَالله مَا طَلَّةٌ أصَابَ بِهَا * بَعْلاً سِوَاى قَوَارِعُ العَطَبِ
وأيُّ مَهْرٍ يَكُونُ أثْقَلَ مِنْ * مَا طَلَبُوه إذاً مِنَ الضب
أنْ يَعْرِفَ الماء تحْتَ صُمِّ الصَّفا * وَ يُخْبِرَ النَّاسَ مَنْطِقَا الخطبِ
أخْرَجَنِي قَوْمُهَا بأنَّ الرَّحَى * دَارَتْ بِشُؤُمٍ لَهم عَلى القُطْبِ
فلما سمعت امرأته ذلك فرحت وقَالت‏:‏ ارجِع إلى القوم فإنك شاعرٌ، فانطلقا راجعين فلما وصلا خرج القوم إليهما وقصَدُوا ضربهما وردُّوهما، فَقَال لهما الضب‏:‏ اسمعوا شعري ثم اقتلوني، فأنشدهم شعره، فنجا وصار فيهم آثَرَ من بعضهم‏.‏ قَال الفرزدق‏:‏
وكُنْتُ كَذَاتِ الحَيْضِ لَمْ تُبقِ ماءَهَا * ولا هِي مِنْ مَاءِ العَذَابةِ طاهِرِ
3527- لاَ أبُوكَ نُشِرَ وَلاَ التُّرَابُ نَفِدَ
قَال الأحمر‏:‏ أصلُ هذا أن رجلاً قَال‏:‏ لو علمت أين قُتِل أبى لأخَذْتُ من تراب موضعه فجعلتُهُ على رأسي، فقيل له هذه المقَالة، أي أنك لا تُدْرِكُ بهذا ثأرَ أبيك ولا تقدر أن تنفد التراب‏.‏
يضرب في طلب ما يُجْدِى
3528- لاَ يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفَاً وَلاَ بُغْضُكَ تَلَفاً‏.‏
ويروى عن بعض الحكماء أنه قَال‏:‏ لا تكن في الإخاء مكثراً، ثم تكون فيه مدبراً، فيعرف سرفك في الإكثار، بِجَفَائك في الإدبار، ومنه الحديث ‏(‏ينسب هذا الكلام إلى علي بن أبى طالب كرم الله وجهه‏.‏‏)‏ ‏"‏أحْبِب حبيبَكَ هوناً ما، عسى أن يكون بغيضَكْ يوماً ما، وأبْغِضْ بَغيضَكَ هَوْناً ما، عسى أن يكون حبيبَكَ يوماً ما‏"‏ ومنه قول النِّمِرِ بن تَوْلَب‏:‏
أحْبِبْ حَبِيبَكَ حُبّاً رُويْداً * فَلَيْسَ يَعُولَكَ أنْ تَصْرِمَا
وَأبِغِضْ بَغِيضَكَ بُغْضَاً رُوَيْداً * إذا أنْتَ حَاوَلْتَ أن تَحْكُمَا
وقَال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏إنما المرء ‏[‏ص 219‏]‏ بخليله، فليَنْظُرِ امرؤ من يُخَالل‏"‏ وقريب منه بيت عَدِىّ بن زيد‏:‏
عَنِ المَرْءِ لاَ تَسْألْ وَأبْصِر قَرِيْنَهُ * فإنَّ القَرِينَ بِالمُقَارِنِ يَقْتَدِى
3529- لاَ يُدْعَى لِلْجُلَّى إلاَّ أخُوهَا
أي لا يُنْدَبُ للأمر العظيم إلا مَنْ يقوم به ويصلح له، ويضرب للعاجز أيضاً، أي ليس مثلك يُدْعَى إلى الأمر العظيم‏.‏
3530- لاَ يَعْدَمُ شَقِىٌ مُهْراً
ويروى ‏"‏مُهَيْرا‏"‏ تربية المهر شديدة لبطء خيره، أي لا يعدم الشقى شقاوة‏.‏
يضرب للرجل يعنى بالأمر فيطول نَصَبُه
3531- لاَ تَهْرِفْ بِمَا لاَ تَعْرِفُ
الهَرْفُ‏:‏ الإطْنَابُ في المَدْح‏.‏
يضرب لمن يتعدَّى في مدح الشَيء قبل تمام معرفته‏.‏
3532- لاَ تَنْسُبُوهَا وانظُرُوا ما نَارُهَا
يضرب في شواهد الأمور الظاهرة على علم باطنها‏.‏
3533- لاَ أُحِسِنُ تَكْذَابَكِ وَتَأثَامَكَ، تَشُولُ بِلِسَانِكَ شَوَلاَن البَرُوقِ
يُقَال‏:‏ البَرُوق الناقة التي تَشُولُ بذنبها فيظن بها لَقَح وليس بها، ويقَال‏:‏ أبرقَتِ الناقةُ فهى بَرُوقٌ، كما يُقَال‏:‏ أعَقَّتِ الفرسُ فهى عَقُوق، وأنتجَت فهى نَتُوج‏.‏
وأصل هذا أن مُجَاشع بن دَارِم وفَدَ على بعض الملوك، فكان يُسَامره، وكان أخوه نَهْشَل بن دارم رجلا جميلا، ولم يك وَفاداً إلى الملوك، فسأله الملكُ عن نَهْشَل، فَقَال‏:‏ إنه مُقيم في ضَيْعته، وليس ممن يَفِدُ على الملوك، فَقَال‏:‏ أوْفِدْهُ، فلما أوفَدَه اجتهره ‏(‏اجتهره‏:‏ رآه جميل المنظر، وجهره أيضاً‏)‏
ونظر إلى جَمَاله فَقَال له‏:‏ حدثنى يا نهشل، فلم يجبه، فقال له مجاشع‏:‏ حدث الملكَ، فَقَال‏:‏ إني والله لا أحسن تَكْذابَكَ وتأثامك تشول بلسانك شوَلان البروق‏.‏
يضربه من يقل كلامُه لمن يكثر
3534- لاَ يَعْدَمُ الحُوَارُ مِنْ أمَّه حَنَّةً
كذا رواه أبو عبيد، أي حنيناً وشَفَقة، وقَال غيره‏:‏ حنة أي شَبَهاً، قَال ابن الأعرابي‏:‏
هذا مثل قولهم ‏"‏من عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها‏"‏ يعنى الشَّبَهَ، وروى بعضهم ‏"‏خَنَّة‏"‏ من الخنين، ويراد به انتزاع شبه الأصل، والخنة‏:‏ الصوت، والحنة‏:‏ فَعْلَة من الحَنَان وهو الرحمة، وهذا أشبه بالصواب
3535- لاَ آتِيكَ مَا حَنَّنتِ النِّيبُ
ومثله ‏"‏ما أطَّتِ الإبلُ‏"‏ أي أبدا‏.‏ ‏[‏ص 220‏]‏
3536- لاَأَفْعَلُ كَذَا حَتَّى يَلِجَ الجَمْلُ في سَمِّ الخِيّاطِ
يُقَال للإبرة الخيَاطُ والمِخْيَطُ‏.‏
3537- لا يَضُرُّ الحُوَارَ مَا وَطِئَتْهُ أُمُّهُ
ويروى ‏"‏لا يضير‏"‏ وهما بمعنى واحد‏.‏ يضرب لمن في شَفَقَة الأم‏.‏
وما ‏"‏وطئنه‏"‏ مصدر؛ أي وَطأة أمه، والوطأة ضارة في صُورَتها، ولكنها إذا كانت من مُشْفِق خرجت من حد الضرر؛ لأن الشفَقَةَ تثنيها عن بلوغها حده‏.‏
3538- لاَ نَاقَتِى في هذا ولا جَمَلِى
أصل المثل للحارث بن عُباد حين قَتَلَ جَسَّاسُ بن مرةَ كليباً وهاجت الحربُ بين الفرقين، وكان الحارثُ اعتزلها، قَال الراعى‏:‏
وَمَا هَجْرتُكِ حَتَّى قُلْتِ مُعْلِنَةً * لا نَاقَةٌ لي فِي هذَا ولاَ جَمَلُ
يضرب عند التبرى من الظلم والإساءة وذكروا أن محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب شرور لما خرج الناس على الحجاج فَقَال‏:‏ لا ناقتى في ذا ولا جَمَلِي، فلما دخل بعد ذلك على الحجاج قَال‏:‏ أنت القائل لا ناقتي في ذا ولا جملي‏؟‏ لا جَعَلَ الله لك فيه ناقة ولا جملا ولا رَحْلا، فشمِتَ به حجار ابن أبجر العجلى وهو عند الحجاج، فلما دعا بَغدَائه جاؤا بِفُرْنِيِةٍ
‏(‏الفرنية‏:‏ نوع من الخبز غليظ نسبوه إلى الفرن، وقَال الهذلى‏:‏
نقابل جوعهم بمكللات * من الفرنى يرغبها الجميل‏)‏
فَقَال ضعوها بين يَدَي أبى عبد الله فإنه لَبَنِىٌّ يحبُّ اللبن، أراد أن يدفع عنه شَمَاتة حجار‏.‏
وقَال بعضهم‏:‏ إن أول مَنْ قَال ذلك الصًّدوف بنت حُلَيْس العُذرِية، وكان من شأنها أنها كانت عند زيد بن الأخنس العُذري، وكان لزيد بنتٌ من غيرها يقَال لها الفارعة، وإن زيداً عَزَلَ ابنتَه عن امرأته في خِباء لها، وأخْدَمها خادماً، وخرج زيدٌ إلى الشام، وإن رجلا من عُذْرَة يُقَال له شَبَث هَوِيَها وهويَتْه، ولم يزل بها حتى طاوعته، فكانت تأمر راعىَ أبيها أن يُعَجِّلَ ترويحَ إبله، وأن يحلب لها حلبة إبلها قَيْلاً، فتشرب اللبن نهاراً، حتى إذا أمست وهَدأ الحيُّ رُحِلَ لها جمل كان لأبيها ذَلُول فقعدت عليه وانطلقا حتى كانا ينتهيان إلى مَتْيَهة من الأرض فيكونان بها ليلتهما، ثم يقبلان في وَجْه الصبح، فكان ذلك دَأبَهُما، فلما فَصَلَ أبوهَا من الشأم مَرَّ بكاهنة على ‏[‏ص 221‏]‏ طريقِه، فسألها عن أهله، فنظرت له ثم قَالت‏:‏ أرى جَمَلَكَ يُرْحَلُ ليلا، وحلَبَةَ تَحْلب إبلَكَ قَيْلا، وأرى نعما وخيلا، فلا لبث، فقد كان حدث، بآل شيث، فأقبل زيد لا يلوى على شَيء حتى أتى أهلَه ليلا، فدخل على امرأته وخَرَجَ من عندها مُسْرِعاً حتى دخل خِباء ابنته، فإذا هي ليست فيه، فَقَال لخادمها‏:‏ أين الفارعة ثَكَلَتْكِ أمك‏؟‏ قَالت‏:‏ خرجت تمشى وهى حرود، زائرة تعود، لم تر بعدك شَمْسا، ولا شهدت عرسا، فانفتل عنها إلى امرأته، فلما رأته عَرَفَت الشَّر في وجهه، فَقَالت‏:‏ يازيد، لا تَعْجَلْ وَاقْفُ الأثر فلا ناقة لي في هذا ولا جمل، فهي أول من قَال ذلك‏.‏
3539- لاَ تَقْسِطْ عَلَى أبى حِبَالٍ
كان حِبال بن طُلَيْحة بن خُويلد لقى ثابت بن الأفرم وعُكَاشة بن مِحْصِن، وكان طليحة تنبأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل ثابت وعكاشة حِبَالاً، فجاء الخبر إلى طليحة، فتبعهما وقتلهما، وقَال‏:‏
فَإنْ تَكُ أذَوَادٌ أصِبْنَ وَنَسْوَةٌ * فَلَنْ يَذْهَبُوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبَالِ
وَمَا ظنكم بالقَوْمِ إذْ تَقْتُلُونَهُ * ألَيْسُوا وَإنْ لَمْ يُسْلِمُوا بِرِجَالِ
عَشَيَّةَ غَادَرْتُ ابنَ أفْرَمَ ثَاوِياً * وَعُكَّاشَةَ الغنمى عَنْهُ بِحَالِ
فلما رأت بنو أسد صنيعَ طليحة وطلبه بثأر ابنه قَالوا‏:‏ لا تَقْسِطْ على أنى حبال فذهبت مَثَلاً‏.‏
يضرب لمن يُحْذَر جانبه ويُخْشَى وتْرُه‏.‏
3540- لاَ يَكْظِمُ عَلَى جِرَّتِهِ
الكَظُوم‏:‏ السَّكُوت، وكَظَم البعيرُ يَكْظِم كُظُوماً، إذا أمْسَكَ عن الجِرَّة‏.‏
يضرب لمن يعجز عن كتمان ما في نفسه ومثلُه‏:‏
3541- لاَ يَخْنُق عَلى جِرَّتِهِ
يُقَال‏:‏ خَنَقَه يخْنُقُه خَنِقَاً، بكسر النون من المصدر‏.‏
3542- لاَ فِي ولاَ في النَّفيرِ
قَال المفضل‏:‏ أولُ من قَال ذلك أبو سفيان بن حَرْب، وذلك أنه أقْبَلَ بعِير قريش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تَحَّيَنَ انصرافها من الشأم فَنَدَب المسلمين للخروج معه، وأقبل أبو سفيان حتى دنا من المدينة وقد خاف خوفاً شديداً، فَقَال لمجدىّ بن عمرو‏:‏ هل أحْسَسْتَ من أحدٍ من أصحاب محمد‏؟‏ فَقَال‏:‏ ما رأيت من أحد ‏[‏ص 222‏]‏ أنكره إلا راكبين أتيَا هذا المكَانَ، وأشار له إلى مكان عديٍّ وبسبس عَيْنَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ أبو سفيان أبْعَاراً من أبعار بعيريهما ففَتَّها فإذا فيها نوىً، فَقَال‏:‏ علائفُ يَثْرب، هذه عيون محمد، فضرب وجوه عِيْرِهِ فسَاحَلَ بها وترك بَدْراً يساراً، وقد كان بَعَثَ إلى قريش حين فَصَلَ من الشأم يخبرهم بما يخافه من النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبلت قريش من مكة، فأرسل إليهم سفيان يخبرهم أنه قد أحرز العير، ويأمرهم بالرجوع، فأبَتْ قريش أن تَرْجِع ورَجَعَتْ بنو زهرة من ثنيَّة أجدى، عدلوا إلى الساحل مُنْصَرِفين إلى مكة، فصادفهم أبو سفيان فَقَال‏:‏ يابنى زهرة لا في العير ولا في النفير، قَالوا‏:‏ أنت أرسَلْتَ إلى قريش أن ترجع، ومضت قريش إلى بدر، فواقعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأظفره الله تعالى بهم، ولم يشهد بدراً من المشركين من بنى زهرة أحد‏.‏
قَال الأَصمَعي‏:‏ يضرب هذا للرجل يحطُّ أمره ويصغر قدره
وروى أن عبد الله بن يزيد بن معاوية أتى أخاه خالداً فَقَال‏:‏ يا أخى لقد هممت اليوم أن أفْتِكَ بالوليد ابن عبد الملك، فَقَال له‏:‏ والله بئسما هممت به في ابن أمير المؤمنين وولى عهد المسلمين، فَقَال‏:‏ إن خيلى مَرَّتْ به فتعبث بها وأصغرها وأصغرنى، فَقَال خالد‏:‏ أنا أكْفِيكَهُ، فدخل خالد إلى عبد الملك والوليد عنده فَقَال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الوليد مَرَّتْ به خيلُ ابن عمه عبد الله بن يزيد بن معاوية فتبعث بها وأصغره، وعبدُ الملك مُطرِق، فرفع رأسَه وقَال‏:‏ إن المُلُوك إذا دخَلوا قريةً أفْسَدُوها، وجَعَلُوا أعِزَّةَ أهلها أذلَّةً، إلى آخر الآية، فَقَال خالد‏:‏ وإذ أرَدْنَا أن نُهْلِكَ قريةً أمرنا مُترفيها، إلى آخر الآية، فَقَال عبد الملك‏:‏ أفى عبد الله تكلمى‏؟‏ والله لقد دَخَلَ عَلَىَّ فما أقام لسانه لحنا، فَقَال خالد‏:‏ أفَعَلَى الوليدِ تعول‏؟‏ فَقَال عبد الملك‏:‏ إن كان الوليد يلحن فإن أخاه سليمان لا، فَقَال خالد‏:‏ وإن كان عبد الله يلحن فإن أخاه خالدا لا، فَقَال له الوليد‏:‏ اسكُتْ يا خالدُ فوالله ما تعدُّ في العيرِ ولا في النَّفير، فَقَال خالد‏:‏ اسْمَعْ يا أمير المؤمنين، ثم أقبل عليه فَقَال‏:‏ ويْحَكَ‏!‏ مَنْ في العير والنفير غيري‏؟‏ جَدِّى أبو سفيان صاحبُ العير، وجدي عتبة بن ربيعة صاحب النَّفِير، ولكن لو قلت ‏"‏غُنَيْمات وجُبَيْلاَت والطائف ورحم الله عثمان‏"‏ قلنا‏:‏ صدقت، عَنَى بذلك طَرْدَ رسول صلى الله عليه وسلم الحكَم إلى الطائف إلى مكان ‏[‏ص 223‏]‏ يدعى غَنيمات، وكان يأوى إلى حُبْلةَ وهى الكَرْمة، وقوله ‏"‏رَحِمَ الله عثمان‏"‏ لردِّهِ إياه‏.‏
3543- لاَ أفْعَلُ كَذَا مَا أَرْزَمَتْ أُمُّ حائِلٍ
أرْزَمَتِ الناقة؛ إذا حَنَّتْ، والحائل‏:‏ الأنثى من أولادها، أي لا أفعلُه أبداً
3544- لاَ تُرَاهِنْ عَلَى الصَّعْبَةِ وَلاَ تَنْشِدِ القَرِيضَ
هذا المثل للحُطَيئة، لما حَضَرَته الوَفَاة اكْتَنَفَهُ أهلُهُ وبنو عمه، فقيل‏:‏ يا حًطَىءْ أوْصِ، قَال‏:‏ وبِمَ أوصِى‏؟‏ مالى بين بنىَّ، قَالوا‏:‏ قد علمنا أن مالك بيني وبنيك فأوْصِ، فقال‏:‏ وَيْل للشِّعْر من راوية السوء، فأرسلها مَثَلاً، فَقَالوا‏:‏ أوصِ، فَقَال‏:‏ أخبِرُوا أهلَ ضابئ بن الحارث أنه كان شاعراً حيث يقول‏:‏
لكُلِّ جَدِيدٍ لَذَة، وغيرَ أنَّنِي * وَجَدْتُ جَدِيدَ المَوْتِ غيرَ لذيذ
ثم قَال‏:‏ لا تُرَاهِن على الصَّعبة ولا تنشد القريض، فأرسلها مَثَلاً‏.‏
يضرب في التحذير
وفي بعض الروايات أنه قيل له‏:‏ يا أبا مُلَيْكَةَ أوْصِهْ، قَال‏:‏ مالى للذكور دون الإناث، قَالوا‏:‏ إن الله لم يأمر بذا، قَال‏:‏ فآتى آمر، قَالوا‏:‏ أوْصِهْ، قَال‏:‏ أخبروا آل الشماخ أن أخاهم أشْعَرُ العرب حيث يقول‏:‏
وظلت بأعراف صِياماً كأنَّهَا * رمَاحٌ نَحَاهَا وجهة الريح رَاكِزُ
قَالوا‏:‏ أوْصِيهْ فإن هذا لا يُغْنِى عنك شيئاً، قَال‏:‏ أبلِغُوا كِنْدَة أن أخاهم أشْعَرُ العرب يقول‏:‏
فَيَالَكَ مِنْ لَيْلٍ كأنَّ نُجُومَهُ * بأمْرَاسِ كتَّان إلى صُمِّ جَنْدَلِ
يعنى امرؤ القيس، قَالوا‏:‏ أوْصِهْ فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً، قَال‏:‏ أخْبِرُوا الأنصارَ أن أخاهم أمْدَحُ العرب حيث يقول‏:‏
يُغْشُونَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلاَبُهُمْ * لاَ يَسْأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ المُقْبِلِ
قَالوا‏:‏ أوصه فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً قَال‏:‏ أوصيكم بالشعر خيراً، ثم أنشأ يقول‏:‏
الشعْرُ صَعْبٌ وَطَوِيلٌ سُلَّمُهْ * إذا ارْتَقَى إلى الَّذي لاَ يَعْلَمُه
زَلَّتْ بِهِ إلَى الحَضِيضِ قَدَمُهْ * وَالشِّعْرُ لاَ يُطيعُهُ مَنْ يَظْلِمُهْ
يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فَيُعْجِمُهْ * وِلَمْ يَزَلْ مِنْ حَيْثُ يأتي يَخْرِمُهْ ‏[‏ص 224‏]‏
مَنْ يَسِمِ الأعْدَاء يبقى مِيسَمُهُ*
قَالوا‏:‏ أوْصِهْ فإن هذا لا يبقى عنك شيئاً، قَال‏:‏
‏[‏قد‏]‏ كُنْتُ أحْيَانَاً شَدِيدَ المُعْتَمَدْ * وَكُنْتُ أحياناً عَلَى خَصْمِى ألَدْ
قَدْ وَرْدَتْ نَفْسِى وَمَا كَادَتْ تَرِدْ*
قَالوا‏:‏ أوْصِهْ فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً، قَال‏:‏ واجَزَعَاهُ على المديح الجيد يُمْدَح به من ليس من أهله، قَالوا‏:‏ أوْصِهْ فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً، فبكى، قَالوا‏:‏ وما يبكيك‏؟‏ قَال‏:‏ أبكى الشعرَ الجيدَ، من راوية السوء، قَالوا‏:‏ أوص للمساكين بشَيء، قَال‏:‏ أوصيهم بالمسألة وأوصِ الناسَ أن لا يُعْطُوهم، قَالوا‏:‏ أعتِقْ غُلامك فإنه قد رَعَى عليك ثلاثين سنة، قَال‏:‏ هو عبد ما بقى على الأرض عَبْسى، ثم قَال‏:‏ احملوني على حماري ودُورُوا بي حول هذا التل فإنه لَم يَمُتْ على الحمار كريم، فعسى ربي أن يرحمني، فحمله ابناه وأخذا بضبْعَيه ثم جَعَلاَ يسوقان الحمار حول التل، وهو يقول‏:‏
قَدْ عَجَّلَ الدَّهْرُ والأحْدَاثُ يتمكما‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ * فَاسْتَغْنَيَا بوشَيِكٍ إنَّني عَانِ
‏[‏وَ‏]‏ دَلِّيَانِي في غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ * كَمَا تدلى دلاءٌ بَيْنَ أشْطَانِ
قَالوا‏:‏ يا أبا مليكة، مَنْ أشْعَرُ العرب‏؟‏
قَال‏:‏ هذا الجُحَير، إذا طمع بخير، وأشار بيده إلى فيه، وكان آخر كلامه، فمات وكان له عشرون ومائة سنة، منها سبعون في الجاهلية، وخمسون في الإسلام‏.‏
ويروى أنه أراد سَفَراً، فلما قَدَّم راحلته قَالت له امرأته‏:‏ متى ترجع‏؟‏ فَقَال‏:‏
عُدِّى السِّنِينَ لَغِيَبَتِى وَتَصَبَّرِى * وَدَعى الشُّهورً فَإنَّهُنَّ قِصَارُ
فَقَالت‏:‏
اذْكُرْ صَبَابَتَنَا إلَيْكَ وَشَوْقَنَا * وَارْحَمْ بَنَاتِكَ إنَّهُنَّ صِغَارُ
قَالوا‏:‏ وما مدح قوماً إلا رفَعهم، وما هجا قوماً إلا وضعهم‏.‏ وقال يهجو نفسه وقد نظر في المرآة، وكان دَميماً‏:‏
أبَتْ شَفَتَاي اليَوْمَ إلاَّ تَكَلُّماً * بِسُوء، فَمَا أدْرِى لِمَنْ أنَا قَائِلُهْ
أرَى ليَ وَجْهاً شَوَّهَ الله خَلْقَهُ * فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ وَقُبِّحَ حَامِلُهْ
3545- لاَ تَكُنْ أَدْنَى العَيْرَيْنِ إلَى السَّهْمِ
أي لا تكن أدنى أصحابك من التَّلَفِ يضرب في التحذير ‏[‏ص 225‏]‏
3546- لاَ يأبى الكَرَامة إلاَّ حِمَارٌ
قَال المفضل‏:‏ أولُ من قَال ذلك أميرُ المؤمنين علي رضي الله عنه، وذلك أنه دخل عليه رجلان، فرمى أحدهما بوِسَادتين، فقعَدَ أحدُهما على الوِسَادة، ولم يقعد الآخَر، فَقَال علي‏:‏ اقْعُد على الوِسَادة، لا يأبى الكرامة إلا حمار، فقعد الرجل على الوسادة‏.‏


B-happy 3 - 3 - 2010 11:17 PM



3547- لا أَفْعَلُ ذلِكَ مَا جَبَحَ ابْنُ أتانٍ
قَاله عدى، يُقَال‏:‏ جَبَح وجَبَخَ - بالخاء، والخاء - وابن الأتَانِ‏:‏ الجحشُ، أي لا أفعل كذا أبداً‏.‏
3548- لا تَحْبِقُ في هذا الأمْرِ عَنَاقٌ حَوْلِيَّةٌ
قَاله عدى بن حاتم حين قُتل عثمان رضي الله عنه، فلما يومُ الجمل فقُئت عين عدى وقُتل ابنه بِصِفِّين، فقيل له‏:‏ يا أبا طريف، ألم تزعُم أنه لا تحبق في هذا الأمر عَنَاقٌ حولية‏؟‏ فَقَال‏:‏ بَلَى والله، التَّيْسُ الأعظَم قد حَبَق فيه، قَالوا‏:‏ ولما كان بعد ذلك دخَلَ على معاوية وعنده عبد الله بن الزبير، فَقَال ابن الزبير‏:‏ يا أمير المؤمنين هِجْهُ فإنَّ عنده جواباً، فَقَال معاوية‏:‏ أما أنا فلا، ولكن دونك إن شِئت، فَقَال له ابن الزبير‏:‏ أي يوم فقئت عينك ياعدى، قَال‏:‏ قي اليوم الذي قُتلَ فيه أبوك مُدْبِراً وضُرِبْتَ على قفاك مُوَالِّيا، فأفِحَمَهُ‏.‏
يضرب المثل في الأمر لا يُعْبَأَ به ولا غِيَرَ له، أي لا يدرك فيه ثأر‏.‏
ومثلُه قولهم‏:‏
3549- لا تَنْفِطُ فِيهِ عَنَاقٌ
أي لا تَعْطَس، والنَّفيط من العَنَاق مثلُ العُطَاس من الإنسان‏.‏
ومثلهما‏:‏
3550- لا يَنْتطِحُ فِيهِ عَنْزَانِ
أي لا يكون له تَغْيير ولا له نكير‏.‏ فأما قولهم‏:‏
3551- لا تَنْطَحُ بِهَا ذَاتُ قَرْنٍ جَمَّاءَ
فإنما يُقَال ذلك عند اشتداد الزمان وقلة النشاط‏.‏
3552- لا أَفْعَلُ ذلِكَ مَا لأَلأَتِ الفُوزُ بأَذْنَابِهَا
اللألأة‏:‏ المصْع، وهو التحريك، والفُوز‏:‏ الظِّباء، ولا واحد لها من لفظها، ويروى ‏"‏مالألأت العُفْر‏"‏ وهى الظبأ أيضاً أي أبداً‏؟‏
3553- لا لَعَاً لِفُلاَنٍ
يُقَال للعاثر ‏"‏لَعاً له‏"‏ إذا دَعَوْا له، ‏[‏ص 226‏]‏ و‏"‏لا لَعاً له‏"‏ إذا دَعُوا عليه وشمتوا به، أي لا أقامه الله من سَقْطته، قَال الأخطَل‏:‏
فَلاَ هَدَى الله قَيْسَاُ مِنْ ضَلالَتْهِمْ * وَلاَ لَعاً لِبَنِي ذَكْوَانَ إذ عَثَرٌوا
3554- لا قَرَارَ عَلَى زَأرٍ مِنْ الأَسَدِ
تمثل به الحجاج حين سَخِطَ عليه عبدُ الملك، وهو قول النابغة‏:‏
نُبَئتُ أن أبا قَابُوسَ أوعَدَنى * وَلاَ قَرَارَ عَلَى زَأرٍ مِنْ الأسَدِ
3555- لا تَقْتَنِ مِنْ كَلْبِ سُوءٍ جَرْواً
وينشد على هذا المعنى‏:‏
تَرْجُو الوَلِيدَ وَقَدْ أعْيَاكَ وَالِدُهُ * ومَا رَجاؤكَ بَعْدَ الوَالدِ الوَلَدَا
3556- لا أَفْعَلُهُ سِنَّ الحِسْلِ
أي أبدا‏.‏
يُقَال‏:‏ إن الحِسْلَ - وهو ولد الضَّبِّ - لا تسقُطُ له سن، ويقَال‏:‏ إن الضب والحية والقُرَاد والنَّسْر أطولُ شَيء عُمُراً، ولذلك قَالوا ‏"‏أحْيى من ضب‏"‏ لطول حياته، زعموا أن الضبَّ يَعِيش ثلثمائة سنة، والتقدير‏:‏ لا آتيك دوامَ سن الحسل، أي مدة دَوَامه
3557- لا يَكُونُ كَذَا حتَّى يَحِنَّ الضَّبُّ في أثَرِ الإبل الصَّادِرَة
وهذا لا يكون؛ لأن الضبَّ لا يَرِدُ ولا حاجة به إلى الماء، وقد مر في الكتاب ذكر الضب والضفدع فلا فائدة في إعادته هنا
3558- لا أدْرِى أيُّ الجَرَادِ عَارَهُ
أي ما أدري مَنْ أهلكه ومَنْ دهاه وأتى إليه ما يكره‏.‏
3559- لا يَلتَاطُ هذا بِصُفْرِى
ويروى ‏"‏لا يليق بصفرى‏"‏ قَال الكسائي‏:‏ لاَطَ الشَيء بقلبي يلوط ويَلِيط أي إذا لزق به، ولا يلتاط بصفرى‏:‏ أي لاَ يَلْصَق بقلبي، وهذا ألوَطُ بقلبي وأليَطُ وأصل الصُّفْرُ الخُلُو، يُقَال‏:‏ صَفِرَتْ يدى، أي خَلَتْ، وصَفِرَ الإناء، أي خلاَ كأنه قيل‏:‏ لا يلزق ولا يقر هذا في خَلاَء قلبي‏.‏
3560- لا تَأكُلْ حتَّى تَطِيرَ عَصَافِيرُ نَفْسِكَ
أي حتى تشتهى وتنطلق نفسك للطعام
3561- لا يَعْدَمُ مانِعٌ عِلَّةً
يضرب لمن يعتلُّ فيمنع شُحاً وإبقاء على ما في يده‏.‏ ‏[‏ص 227‏]‏
3562- لا عِلَّةَ لا عِلَّةَ، هذه أَوْتَاد وَأَخِلَّةٌ
أصلُ المثل لامرَأة خَرْقَاء كانت لا تُحِسْن بناء بيتها، وتعتلُّ بأنه لا أوتاد لها، فأتاها زوجُها بالأوتاد والأخِلَّة، وقَال لها هذا القول‏.‏
يضرب لمن يعتلُّ عليك بما لا عِلَّةَ له فيه
3563- لا يَنَامُ مَنْ أَثأَرَ
أي مَنْ طلب الثأر حَرَّمَ على نفسه الدَّعَةَ والنوم‏.‏
يضرب في الحث على الطلب‏.‏
3564- لا أَفْعَلُهُ ما حَيٌّ حَيٌّ أَو ماتَ مَيْتٌ
أي ابداً‏.‏
3565- لا عِتَاب بَعْدَ المَوْتِ
يضرب في الحث على الإعتاب‏.‏
3566- لاَ يَمْلكُ الحَائنُ حَيْنَهُ
أي دَفَع حَينهُ، وأراد بالحائن الذي قُدِّرَ حَيْنُه، لا الذي حَانَ وَهَلَكَ‏.‏
3567- لاَ عِتَابَ عَلَى الجَنْدَلِ
ذكر بعضُهم أن مَلِكة كانت بسبأ، فأتاها قوم يخطبونها، فَقَالت‏:‏ لِيَصِفْ كلُّ رجلٍ منكم نفسه، ولبَصْدُقْ وليُوجِزْ، لأتقدم إن تقدمت أو أدَعَ إن تركت على عِلْم، فتكلم رجل منهم يُقَال له مُدْرِك فَقَال‏:‏ إن أبي كان في العز الباذخ، والحسَبِ الشامخ، وأنا شرس الخليقة، غيرُ رِعْدِيد عند الحقيقة، قَالت‏:‏ لا عتابَ على الجندل، فأرسلتها مَثَلاً‏.‏
يضرب في الأمر الذي إذا وَقَعَ لا مَرَدَّ له قَال أبو عمرو‏.‏
ثم تكلم آخر منهم يُقَال له ضَبِيسُ بن شرس، فَقَال‏:‏ أنا في مال أثيثٍ، وخُلُق غير خبيث، وحسَب غير عَثيث، وأخذُو النعلَ بالنعل، وأجْزَى القَرْضَ بالقرض، فَقَالت‏:‏ لا يَسُرُّكَ غائبا من لا يسرك شاهدا، فأرسلتها مَثَلاً‏.‏
ثم تكلم آخر منهم يُقَال له شَمَّاس بن عبَّاس، فَقَال‏:‏ أنا شَمَّاس بن عباس، معروف بالنَّدَى والباس، حُسْنُ الخلق في سجيته، والعدل في قضيتي، مالى غير مَحْظُور على القُلِّ والكُثْر، وبابي غيرُ محجوبٍ على العُسْر واليُسْر، قَالت‏:‏ الخير مُتَّبَع والشرُّ محذور، فأرسلتها مَثَلاً‏.‏
ثم قَالت‏:‏ اسمع يا مُدْرِك وأنت يا ضَبيس، لن يستقيم معكما مُعاشرة لعشير حتى يكون فيكما لين عَرِيكة، وأما أنت يا شَمَّاس فقد ‏[‏ص 228‏]‏ حَلَلْتَ منى محلَّ الأهزَعِ ‏(‏الهزع‏:‏ آخر ما يبقى من السهام في الكنانة، والكنانة‏:‏ وعاء السهام‏)‏‏.‏ من الكِنَانة والواسطة من القلادة؛ لدَمَاثة خُلُقك وكَرَم طِبَاعك، ثم اسْعَ بِجِدٍّ أودَعْ، فأرسلتها مَثَلاً، وتزوجت شماسا‏.‏
3568- لا أفْعَلُ كَذَا ما أنَّ السَّماءٌ سَمَاءٌ
أي ما كان السماء سماء‏.‏
وكذلك‏:‏
3569- لاَ أفْعَلُهُ مَا أنَّ في السَّمَاء نَجْمَاً
ويروى ‏"‏ما عَنَّ في السماء نجم‏"‏ أي ظهرَ، ويجوز ‏"‏ما عنَّ في السماء نجما‏"‏ على لغة تميم؛ فإنهم يجعلون مكان الهمزة عينا‏.‏
3570- لاَ آتِيكَ السَّمَرَ والقَمَرَ
أي ما كان السمر والقمر‏.‏
قَال الأصمعى‏:‏ السَّمَر عندهم الظُلْمة، والأصل في هذا أنهم كانوا يجتمعون
فَيَسْمَرُون في الظلمة، ثم كثر الاستعمال حتى سموا الظلمة سَمَراً، وأنشد في أن السمر الظلمة‏:‏
لاَ تَسْقِنى إن لَمْ أزُر سَمَراً * غَطَفَانَ مَوْكب جَحْفَلٍ ضَخْمٍ
تُدْعَى هوازنُ في طوائفه * يتوقٌّدَ تَوْقُدَ النَّجْمِ
3571- لاَ أفْهَلُهُ مَا جَمَرَ ابْنُ جَمِيرٍ
قَال اللحياني‏:‏ الجمير المظلم‏.‏
قلت‏:‏ جَمَّر معناه جَمَع، والظلام يَجْمَع كلَّ شَيء، ومنه جَمَّرَتِ المرأة شَعْرَها، إذا جَمَعَتْه وعقَدَتْهُ في قَفَاهَا ولم ترسله، وابن جَمِير‏:‏ الليل المظلم، وابن سَمير‏:‏ الليل المقمر، وينشد‏:‏ ‏(‏البيت لعمرو بن أحمر الباهلى‏)‏
نَهَارهُمُ ظَمْآن ضَاحٍ، ولَيْلُهُم * وَإن كَان بَدْراً ظُلْمةُ ابنِ جَمِير
وكذلك ‏"‏لا أفعله ما سَمَرَ ابنَ سَمِير‏"‏ قَالوا‏:‏ السمير والجمير الدهر، أجْمَرَ القومُ على الشَيء، أي اجتمعوا، وابنا جِميرٍ‏:‏ الليل والنهار، سُميِّا بذلك للاجتماع كما سُمِّيا ابنَىْ سَمِير لأنه يُسْمَر فيها‏.‏
3572- لا أفْعَلُ كَذَا سَجِيسَ الأَوْجَسِ
وهو الدهر، وسَجيسُه‏:‏ آخره، ويقَال‏:‏ طولهُ، قَال قيس بن زهير يرثى حَمَلاً‏:‏
ولَوْلاَ ظُلْمُهُ مَا زِلْتُ أبكِى * سَجِيسَ الدَّهْرِ مَا طَلَعَ النَّجُومُ
ويقال‏:‏
3573- لاَ آتِيكَ سَجِيسَ عُجَيْسٍ
وإنما سمى عجيساُ لأنه يتعَجَّس أي يبطىء فلا يذهب أبداً، قَال‏:‏ ‏[‏ص 229‏]‏
وَوَالله لا آتِى ابن ماطئة اسْتِهَا * سَجِيسَ عُجَيْسٍ ما أبان لِسَانِي
‏(‏روى الجوهري صدره‏:‏ فوالله لا آتى ابن ضمرة طائعا*‏)‏
أي أبدا، يُقَال ‏"‏مطا‏"‏ إذا ضرب، فقوله ‏"‏ماطئة استها‏"‏ معناه ضاربة استها، يقال‏:‏ سجين عَجِيس، وسجيسَ عُجَيَس مصغراً، ‏(‏ذكر المجد في ‏(‏ع ج س‏)‏ أن عجيسا أتى مكبرا، ونص الشارح على خطئه‏)‏ وسجيسَ الأوجَسِ والأوجُسِ، ومعنى كله الدهر، قَال ابن فارس‏:‏ هذا من الكلام المشكل‏.‏
3574- لا أفْعَلُهُ دَهْرَ الدَّهَارِيرِ
قَال الخليل‏:‏ الدَّهَارِيرِ أولُ يوم من الزمان الماضي، ولا يفرد منه دهرير، قَال‏:‏ والدهر هو النازلة، تقول‏:‏ دَهَرَهم أمر، أي نزل بهم مكروه
ويقَال أيضاً‏:‏ لا أفعله دَهْرَ الداهرين، وأبدَ الابدين، وعوض العائضين، كله بمعنى أبدا‏.‏
3575- لاَ يُلْبِثُ المرء اخْتِلاَفُ الأحْوَالْ مِنْ عَهْدِ شَوَّالٍ وَبَعْدَ شَوَّالْ يُفْنِيهِ مِثْلَ فَنَاء السِّرْبَالِ
3576- لاَ تُيْبْسِ الثَّرَى بَيْنى وَبَينْكَ
يضرب في تخويف الرجل صاحبَه
بالهجر، ويروى ‏"‏لا توبس‏"‏ وينشد
فَلا تُوِبِسُوا بَيْنى وَبَيْنَكُم الثَّرَى * فَإنَّ الَّذي بَيْنِى وَبَيْنَكُم مُثْرِى
3577- لا يَبِضُّ حَجَرُهُ
البَضُّ‏:‏ أدنى ما يكون من السيلان يضرب للبحيل الذي لا خَيْرَ فيه‏.‏
3578- لا هُلْكَ بوَادٍ خَبِرٍ
الخَبِرُ‏:‏ من الخَبرِ، أي بوادٍ ذي شجرٍ من النبق وغيره، ومناقع الماء التي تبقى في الصيف، يُقَال‏:‏ خَبِرَ الموضعُ يَخْبَرُ خَبَراً، إذا صار ذا سِدْرٍ، فهو خَبِر‏.‏
يضرب مَثَلاً للرجل الكريم ذي المعروف، أي مَنْ نزل به فلا يُخَافُ عليه الهلْكُ‏.‏
3579- لاَ حِضْنُهَا حِضْنٌ وَلاَ الزِّنَاءُ زِنَاءٌ
يضرب لمن لا يبقى على حالة واحدة، لا في الخير ولا في الشر‏.‏
3580- لاَ يَغُرَّنَّكَ الدُّبَّاء وَإنْ كانَ فِي الماءِ
قَاله أعرابى تناولَ قَرْعاً مطبوخا فأحرق فمه، فَقَال‏:‏ لا يغرنَّكَ الدباء وإن كان نشؤه في الماء‏.‏
يضرب مَثَلاً للرجل الساكن الكثير الغائلة‏.‏‏[‏ص 230‏]‏
3581- لاَ يُنْبِتُ البَقْلَةَ إلاَّ الحَقْلَةُ
يُقَال‏:‏ الحَقْلَة القَرَاح، أي لا يَلِدُ الوالدُ إلا مثله‏.‏
وقَاله الأزهري‏:‏ يضرب مَثَلاً للكلمة الخسيسة تخرج من الرجل الخسيس، حكاه عن ابن الأعرابي
3582- لاَ تَجْنِ مِنَ الشَّوْكِ العِنَبَ
أي إذا ظلمت فاحدر الانتصار والانتقام
3583- لاَ تَنْقُشِ الشَّوْكةَ بِمِثْلِهَا فَإن ضَلْعَهَا مَعَهَا
أي لا تستعن في حاجتك بمن هو للمطلوب منه الحاجة أنْصَحُ منه لك، ويروى ‏"‏فإن ابتهالها‏"‏ وروى أبو عمر ‏"‏فإن ضلعها لها‏"‏ أي ميلها لها‏.‏
3584- لاَ ذَنْبَ لي قَدْ قُلْتُ لِلْقَوْمِ اسْتَقُوا
ويُنشد معه‏:‏
أنْ تَرِدَ المَاءَ بِمَا أرْفَقُ* لاَ ذَنْبَ لي قَدْ قُلْتُ لِلْقَوْمِ اسْتَقُوا
ثم قَال‏:‏
وَهُمْ إلىَ جَنْبِ غَدِيرٍ يَفْهَقُ*
يضرب لمن لا يقبل الموعظة
3585- لاَ أَفْعَلُ كَذَا ما بَلَّ البَحْرُ صُوفَةً، ومَا أَنَّ فِي الفُرَاتِ قَطْرَةً
أي أبدا
3586- لاَ تَرَاءى نَارَاهُمَا
قَاله صلى الله عليه وسلم، يعنى نارى المسلم والمشرك، أي لا يَحِل للمسلم أن يسكن بلاد الشرك فيكون معهم، بحيث يرى كل واحد منهما نار صاحبه، فجعل الرؤية للنار، والمعنى أن تدنوا هذه من هذه، وأراد لا تتراءى، فحذف إحدى التاءين، وهو نفى يراد به النهى‏.‏
3587- لاَقَدْحَ إنْ لَمْ تُورِ نَاراً بِهَجَرَ
هذا للعجاج يخاطب عمرو بن معمر، يقول‏:‏ إن قَدحْتَ في كل موضع فليس بشَيء حتى تُورى بهَجَر
يضرب لمن ترك ما يلزمه في طلب حاجته
3588- لاَ يَفُلُّ الحَدِيدَ إلاَّ الحَدِيد
هذا مثل قولهم ‏"‏الحديدُ بالحديد يُفْلَحُ‏"‏ وقَال‏:‏
قَوْمُنَا بَعْضُهًمْ يُقَتِّلُ بعضاً * لا يَفُلُّ الحَديدَ إلاَّ الحَدِيدُ
3589- لاَ يُجْمَعُ سَيْفَانِ فِي غِمْدٍ
قَال أبو ذؤيب‏:‏‏[‏ص 231‏]‏
تُرِيدِينَ كَيمَا تَجْمَعينِى وَخَالِدَاً * وَهَلْ تُجْمَعُ السِّيْفَانِ وَيْحَكِ فِي غمْدِ‏؟‏
3590- لاَ تَأمَنِ الأحْمَق وبِيَدِهِ السَّيْفُ
يضرب لمن يتهدَّدك وفيه مُوقٌ
3591- لاَ تَعْجَلْ بالإنْبَاضِ قَبْلَ التَّوتِيرِ
الإنباض‏:‏ أن تمدَّ الوَتَر ثم تُرْسِله فتسمع له صوتاً، قَال اللحياني‏:‏ هذا مثلٌ في الاستعجال بالأمر قبل بلوغ أنَاهُ
3592- لاَ تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ
قَال أبو عبيد‏:‏ قد علم أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد ضربَهم بالعَصَا، إنما هو الأدَبُ أراد لا ترفع أدبك عنهم، وقيل‏:‏ أراد لا تغب ولا تباعدوا عنهم، من قولهم ‏"‏إنشَّقت عصاهم‏"‏ إذا تبعدوا وتفرقوا، وهذا تأويل حسن
3593- لاَ تَدْخُلْ بَيْنَ العَصَا وَلِحَائِهَا
يضرب في المتخالين المتصافيين، قَال‏:‏
لاتَدْخُلَنْ بنميمة * بين العَصَا ولحائها
3594- لاَ يَحْزُنْكِ دَمٌ هَرَاقَهُ أَهْلُهُ
قَاله جَذيمة، وقد مر ذكره في قصة قصير والزباء في حرف الخاء‏.‏
يضرب لمن يوقع نفسه في مَهْلكة
3595- لاَ تَسْألِ الصَّارِخَ وانْظُرْ مالَهُ
يضرب في قضاء الحاجة قبل سُؤَالها
3596- لاَ جَدِيدَ لِمَنْ خَلَق لَهُ
يضرب لمن يمتهن جديدَه فيؤمر بالتوقَّى عليه بالخَلَق‏.‏
ويروى أن عائشة رضي الله عنها وَهَبَتْ مالاُ كثيراً، ثم أمَرَتْ بثوب لها أن يُرقَعَ وتمثلت بهذا المثل‏.‏
3597- لاَ يَعْجِزُ مَسْكُ السُّوءِ عَنْ عَرْفِ السُّوءِ
قَال أبو عبيدة‏:‏ يضربُ هذا في الذي يكتم لؤمه وهو يظهر‏.‏
3598- لاَ تَحْقِنُهَا مِنِّى في سِقَاءٍ أَوفَرَ
يُقَال‏:‏ سقاء أوفرُ وقِرْبة وَفْرَاء، للتي لم ينقص من أديمها شَيء‏.‏
يضرب هذا للرجل يظلم فيقول‏:‏ أما والله لا تحقنها منى في سقاء أوفر، أي لا تذهب بها منى حتى يستقاد منك‏.‏
ومنه قول أوسٍ‏:‏
إنْ كَانَ ظَنِّى يَا ابْنَ هِنْدٍ صَادِقَاً * لَمْ يَحَقِنُوها في السِّقَاءِ الأوفَرِ
حَتَّى يلفَّ نخيلَهم وزرُعَهُمْ * لَهَبٌ كناصية الحصان الأشْقَرِ ‏[‏ص 232‏]‏
3599- لاَأَكُونُ أَوَّلَ مَنِ التَبَأَ لِبَأهُ
يُقَال‏:‏ ألبَأتِ الشاة ولَدَها، أي أرضعته الِّلبأ، والْتَبَأها وَلَدها‏.‏
وأصل المثل أن حكيم بن مُعًية بن ربيعة الجوع كانت عنده امرَأة من بنى سَليط، وكان حكيم راجزاً، وكان جرير يهجو بنى سليط، فَقَالت بنو سليط لحكيم‏:‏ قَبَحَك الله من صهر قوم، هذا الغلام يقطع أعراضنا - يعنون جريرا - وأنت راجز بنى تميم لا تعينُ أبا زوجك، فخرج حكيم نحوه، وأقبل مع بنى سليط، ودون الموقف الذي به جرير والجماعة نَجْفَة - وهى مارتفع من الأرض كالأكَمة - قَال حكيم‏:‏ فلما وافيتها سمعتُه يقول
لا تَحِسَبَنِّي عَنْ سَلِيطٍ غَافِلاَ * إنْ تَغشَ لَيْلاً بسَليط نازلاَ
لاَ تَلْقَ أفْرَاساً وَلاَ صَوَاهِلاَ * وَلاَ قِرَى لِلْنازِلينَ عَاجِلاَ
لا يتقى حُولاً ولا حَوَامِلاَ * يترك أصْفَانَ الخُصَي جَلاَ جِلاَ
فنكصتُ على عَقِبى، فَقَالت لي بنو سليط‏:‏ أين تريد‏؟‏ فقلت‏:‏ والله لقد جلجل الحصى جلجلةً لا أكون أولَ من التَبَأ لِبَأة فعرفتُ أنه بحر لا يُنكش ولا يُفْثَج، ‏(‏لا ينكش‏:‏ لا ينزف ولا يغيض، ولا يفثج‏:‏ لا ينزح‏)‏
فنكصْتُ وانصرفت عنه، وقلت‏:‏ ايم الله لا جَلْجَلتنى اليوم، فأرسلها مَثَلاً، ومعنى قوله ‏"‏لا أكون أول من التَبَأَ لِبَاه‏"‏ أي لا أعرض نفسى لهجائه ولا أتحكك به‏.‏
3600- لاَ أَفْعَلُ كَذَا ما اخْتَلَفَتِ الدِّرَّةُ وَالجِرَّةُ
وذلك أن الدِّرَّة تَسفُل والجِرَّة تعلو، فهما مختلفَتَان‏.‏
3601- لاَ حَرِيزَ مِنْ بَيْعِ
أي لاَ احْتِرَازَ ولاَ امتناع من بيع، وهو أنَّ القوم إذا أنْفَضُوا فلم يكن عندهم شيء قَالَوا‏:‏ أخْرِجُوا بنت فلاَن وبنت فلاَن فيبيعونهن‏.‏
3602- لاَ يُلْبِثُ الحَلَبَ الحَوَالِبُ
أن لاَ يُلْبِثُونَه أن يأتوا عليه إذا اجتمعوا له، وقيل‏:‏ معناه يأخذ الحالبُ حاجته من اللبن قبل صاحب الإبل‏.‏
3603- لاَ تَكُنْ حُلْواً فتُسْتَرطَ، ولاَ مُرّاً فَتُعْقِىَ
الاَستراط‏:‏ الاَبتلاَعُ، والإعقاء‏:‏ أن تشتدَّ مرارةُ الشيء حتى يُلْفَظَ لمرارته، وبعضهم يروى ‏"‏فَتُعْقَى‏"‏ بوزن فتسترط والصواب كسر القاف، يُقَال‏:‏ أعقَى الشيء ‏[‏ص 233‏]‏
والمعنى لاَ تتجاوز الحد في المرارة فترمى، ولاَ في الحلاَء فتُبْتَلَع، أي كنْ متوسطا في الحالين
3604- لاَ تَسْأَلْ عَنْ مَصَارِعِ قَوْمٍ ذَهَبَتْ أَمْوَالُهُمْ
أيْ أنهم يتفرقون فيموتون بكل أوْبٍ
3605- لاَ رَأْيَ لمَكْذُوبِ قد مرت قصتها تامة في الباب الحاء ‏(‏انظر المثل -1025‏)‏
3606- لاَ يَكْذِبُ الرَائِدُ أَهْلَهُ
وهو الذي يُقَدِّمُونه لَيرْتاد منزلاَ أو ماء أو موضع حِرْز يَلْجَؤن إليه من عدو يطلبهم، فإن كَذَبهم صار تدبيرهم على خلاَف الصواب، وكانت فيه هَلَكتهم، أي أنه وإن كان كذاباً فإنه لاَ يكذب أهله‏.‏
يضرب فيما يُخَاف من غِبِّ الكذب‏.‏
قَالَ ابنُ الأعرابي‏:‏ بعث قوم رائداً لهمْ فلما أتاهُم قَالَوا‏:‏ ما وراءك‏؟‏ قَالَ‏:‏ رأيت عُشْباً يشبعْ مِنهُ الجملُ البروكْ، وَتَشكَت منه النساء، وهَمَّ الرَجلُ بأخيه، يقول‏:‏ العشب قليل لاَ يناله الجمل من قصره حتى يبرك، وقوله ‏"‏تشكت مِنهُ النِساء‏"‏ أي مِنْ قِلَّته تحلب الغنم في شَكْوَةٍ، وقوله‏"‏وهمَّ الرجُلُ بأخيه‏"‏ أي تقاطَعَ الناسُ فهمَّ الرجلُ أَنْ يدعو أخاه ويصله من قلة العشب‏.‏
3607- لاَ آتِيكَ مَادَامَ السَّعْدَانُ مُسْتَلْقِياً
قيل لأعرابي كَرِهَ البَادية‏:‏ هل لك في البادية‏؟‏ قَالَ‏:‏ أما دام السَّعْدَان مستلقياً فلاَ، قَالَوا‏:‏ وكّذا ينبت السَّعْدَان‏.‏
3608- لاَ أفْعَلُهُ حتَّى تَرْجِعَ ضالَّةَ غَطَفَانَ
يعنونْ سِنان بن أبي حارثة المُرِّيَّ، وكان قومه عنَّفُوهُ على الجود، فَقَالَ‏:‏ لاَ أراني يؤخذ على يدي، فركب ناقته ورمى بها الفَلاَة فلم يُرَ بعد ذلك، فصار مثلاً‏.‏
3609- لاَ حِسَاسَ مِنَ ابْنِي مُوقِدِ النَّارِ
يُقَال‏:‏ إنَ رَجُلين كانَ يُقَال لَهُما ابنا موقد النار، كانا يُوقِدَان على الطريق، فإذا مرَّ بهما قومٌ أضافاهم، فمضيا ومر بهما قوم فلمْ يَرُوهما، فقيل‏:‏ لاَ حِساس منْ ابني موقدِ النار، والحِسَاس‏:‏ ما يُحَسْ أي يُرَى، يعنى لاَ أثر مِنهُما يُبْصَر‏.‏
يَضرب في ذَهاب الشيء البتة حتى لاَ يرى منهُ عَيْن ولاَ أثَر‏.‏
3610- لاَ تَجْعَلَنَّ بِجَنْبِكَ الأَسدةَ
قُلت‏:‏ هذا مثلٌ يَقَع فيه التصحيف،‏[‏ص 234‏]‏
فقد رَوَى بعضُ النَّاس ‏"‏لاَ تحفلنَّ بجنبك الأشد‏"‏ وتحَّملَ له معنى يبعد عن سَنَن الصواب، وقد تمثل به أبو مُسْلم صَاحبُ الدولة حين وردَ عليه رؤبة بن العجاج وأنشده شِعره، ثم قَالَ له أبو مسلم‏:‏ إنك أتَيتَنا والأموال مَشُفوهَة والنوائبُ كَثيرة، ولكَ علينا مُعَوَّل، وإلينا عَوْدَة، وأنتَ لنا عاذر، وقد أمرنا لكَ بشيء وهو وَتِح ‏(‏الوتح - بفتح الواو وسكون التاء أو فتحها أو كسرها - ومثله الوتيح‏:‏ القليل التافه من الشيء‏)‏ فلاَ تجعلنَّ بجنبك الأَسدة، هكذا أورَدهُ السلامي في تاريخه، فإن الدَهر أطرَقُ مستتبٌّ، ثُم دعا بِكِيسٍ فيه ألفُ دينار فدفَعَه إليه، قَالَ رؤبة‏:‏ فوالله ما أدْرِي كيفَ أُجِيبه، قَالَ الجوهَري‏:‏ السَّد - بالفتح - واحدُ الأَسدة، وهيَ العُيُوب مثلُ العَمَى والصَّمَ والبَكَم، جمع عَلى غَير قياس، وكان قياسه سُدوداً، ومنه قولهم ‏"‏لاَ تجعلن بجنبك الأَسدة‏"‏ أي لاَ يضيقَنَّ صدرُك فَتَسكت عن الجَواب كمن به صَمَ أو بكم، قَالَ الكُمَيْت‏:‏
وَمَا بَجْنَبيَّ مِن صَفْحٍ وَعَائِدَةٍ * عِنْدَ الأَسدة إنَّ العِيَّ كالعَضَبِ
يقول‏:‏ ليس بي عي ولاَ بكم عَن جَواب الكاشح، ولكنى أصفح عنه؛ لأن العي عن الجواب كالعَضب، وهو قَطع يَد أو ذهاب عضو، والعَائدة‏:‏ العَطف، هذا كلامهُ، وأما قول أبى مسلم ‏"‏فإن الدهر أطْرَقَ مستتب‏"‏ فالطرق‏:‏ استرخاء وضُعف في الرُكبتين، والاستتباب‏:‏ الاستقامة، يريد أن الدهر تارة يَعْوَجُّ وتارة يستقيم، وهذا كالاَعتذار منه إلى رؤبة‏.‏
3611- لاَ أَبْقَى اللهُ عَلَيْكَ إنْ أَبْقَيْتَ عَلَىَّ
يُقَال‏:‏ أَبقَيْتُ الشيء، أي جَعلته باقيا، وأبقيت على الشيء، إذا تركتَه عَطْفاً عَليه ورَحمة له، يُقَال هذا للمتوعد، ومعناه لاَ بقيتَ إنّ أبقيتني، يعني لاَ تَأْلُ جَهْداً في الإساءة إلىَّ إنْ قَدَرْتَ
3612- لاَ فِي أَسْفل القِدْرِ ولاَ فِي أَعْلاَهَا
هذا قريبٌ من قولهم ‏"‏لاَ في العير ولاَ في النفير‏"‏
3613- لاَ تَدْعَنَّ فَتَاةً وَلاَ مَرْعَاةً فإنَّ لِكُلٍّ بُغَاة
يضرب لمن يُؤمر بانتِهَاز الفُرْصَة وأخْذِ الأمر بالحزم‏.‏‏[‏ص 235‏]‏
3614- لاَ أَلِيةَّ لِمُجْرِبٍ
الألَّيةُ‏:‏ القَسَم، والمُجْرِبُ‏:‏ صاحبُ الإبل الجَرْبى، وهذا مثلُ قولهم ‏"‏أكْذَبُ من مُجْرِب‏"‏ لأنه يُسأل الهِنَاء فَيْحلف أنه لاَ هَنَاء عنده لاَحتياجه إليه‏.‏
3615- لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ طَرِيقُ بِرْكٍ وَإنْ كُنْتَ فِي وَادِي نَعَامٍ
بِرْك ونَعَام‏:‏ موضعان بناحية اليمن‏.‏
يضرب لمن له عِلم بأمر وإنْ كان خارجاً مِنهُ‏.‏
3616- لاَ يَعْدَمُ خَابِطٌ وَرَقاً
أي مَنِ انتَجَعَ لاَ يَعْدَمُ عُشْباً‏.‏
3617- لاَ يَدْرِى الكَذُوبُ كَيْفَ يأْتَمِرُ
أي كَيفَ يَمتَثل الأمر ويَتْبَعُه‏.‏
3618- لاَ تَنْفَعُ حِيْلَةٌ مَعَ غِيلَةٍ
يضرب للذي تأتَمنهُ وهو يَغُشُّك ويغتَالك‏.‏
والغِيْلَة‏:‏ اسمٌ منَ الاغتيال‏.‏
3619- لاَ تَرْتَدْ عَلَى قَرْوَاهَا
القَرْوى‏:‏ فَعْلَى من القَرْو، وهو التَتَبع يُقَال‏:‏ قَرَوْتُ البلاَدَ، إذا تتبعتها بأن تخرج من أرض إلى أرض‏.‏
يَضرب للرجل يتَكَلم بالكلمة لاَ يستطيع أن يردَّها‏.‏
والتاء في ‏"‏ترتد‏"‏ كناية عن الكلمة أي لاَ ترجع الكلمة على عقبها بعد ما فُهْتَ بها
3620- لاَ بُقْيَا لِلْحِمِيَّةِ بَعْدَ الحرَائِمِ
البُقْيَا‏:‏ الإبقاء، والحريمة‏:‏ ما فاتَ مِنْ كُل مَطموع فيه، ويُراد بها الحرم هنا، ويروى عن محكم اليمامة أنه كان يقول فيما يَحُضُّ به قومه مُسَيْلمة الكذاب‏:‏ الآن تُسْتَخَفُّ الحرائم غير حَظِيِّات، وينكحن غيرَ رَضيات، فما كانَ عِندكم منْ حَسَب فأخرجوه، يعنى لاَ بُقيَا بعد هذا اليوم لشيء
3621- لاَ يَنْفُعُكَ مِنْ جَارِ سُوءٍ تَوَقَّ
التَّوْقي‏:‏ الاتقاء‏.‏
يَضرب في سُوء المجاورة‏.‏
ومثله ما روى عن داود النبي عليه السلام‏:‏ اللهم إني أعوذ بكَ مِنْ جارٍ عينه تَرَانِي وقلبه يَرْعَانِي، إنْ رَأي حسنةً كتَمَهَا، وإنْ رأي سيئةً نَشَرَها‏.‏
3622- لاَ يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إلاَ ثَلْباً
يعنى أنه سَفيه يُصَرِّح بمُشاتمة الناس منْ غير كِناية ولاَ تعريض، والثَّلْبُ‏:‏ الطعن في الأنساب وغيرها، ونصب على ‏[‏ص 236‏]‏ الاستثناء من غير الجِنس‏.‏
3623- لاَ تُبَرْقِلْ عَلَيْنَا
هذا مأخوذ من البَرق بلاَ مَطَر، ومعناه الكلام بلاَ فعل‏.‏
يضرب للمُتَصَلِّف‏.‏
يُقَال‏:‏ أخْذنا في البَرْقَلَة، أي صِرْنا في لاَشيء‏.‏



الساعة الآن 11:32 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى