![]() |
عنوان الحلقة: التوبة والإستغفار 61 تقديم علاء بسيوني هذا مناط التكليف وهو مناط لنتيجة أيضاً بمعنى أن الحديث القدسي الذي بين أيدينا هو حديث محوري يوضح الله تعالى فيه حقائق قرآنية كثيرة هي المنهج. ساعة نسمع " يا عبادي كلكم... كلكم....لكان الأمر علينا أكبر من الحداث الآن لكن في الحديث "كلكم... إلا....فافعلوا" كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم واستهدوني أي اطلبوا مني الهداية، بعدما يقول كلكم إلا من الواقع أنه لن ينجو إلا من ينفذ هذه التعليمات ويأخذ المنهج على مراد الله. والحديث الذي معنا واقع في منطقة في منتهى الخطورة في التلقي. نضرب مثالاً في كل الفئات الضالة التي ظنت أنها بضلالها ستنجو مثل المرجئة والقدرية والجبرية وكل الذين ظنوا أنه لم يفهموا أو فخوموا خطأ، المنهج ليس منهجاً إطلاقياً أطلقه الله تعالى ولم يرتب على التلقي أو عدمه نتائج فالمنهج واضح جداً ولم يحصل أن يدّعي أحد الألوهية ثم يقول للناس " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وكل من ادعى الألوهية يريد الجميع أن يطيعوه وهو ليس قادراً على إجبارهم على الطاعة. مثل الجبرية أين كانوا من هذا المنهج؟ كانوا يقولون كل شيء أُجبرنا الله عليه، مسألة الجبر والقضاء والقدر موضوع صعب وسنتكلم عنها قريباً إن شاء الله. هذ القضية صعبة لكنها محلولة لأنه في نهاية الحديث القدسي يقول تعالى "فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه" وقال تعالى "إنما هي أعمالكم أحصيها لكم" و"لكم" هنا يجب أن تُفهم على مدار العمل إما أنها ستكون لكم أو ستكون عليكم، مع فئة ستكون لكم ومع فئة ستكون عليكم لأنها بالسلب لأنه (من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها) وهذه الآية حاكمة فاصلة المنطق يقول أنه من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فلنفسه لكنه تعالى قال ومن أساء فعليها ولذلك في النهاية لا تعتقد أنك ستعصي والمولى تعالى يفاجأ بعصيانك، هذا لن يكون إلهاً!. الله تعالى يعلم الإحصاء والنتيجة وإنما يحصيها ومن ضمن معاني أحصيها أن منتهاها إلى علمه سبحانه ولا تعتقد أنك آمنت بمجهودك وشطارتك أو عصيت بغفلة عن الله وحاشا الله أن يريد ما لا يقع أو أن يقع في ملكه ما يريد فهو سبحانه يُعبَد بأمره ويُعصى بعلمه وهذا هو الإله الحق وسبق أن ذكرنا أن اليهودي أو غير المسلم الذي يخرج صباحاً من بيته يعتقد أنه متمرد على الله هو مسلم كرهاً والمسلم الذي يخرج من بيته متوكلاً على الله تعالى هو مسلم طوعاً. القضية خطيرة في نفسي أنا ماذا فهمت؟ هناك الحديث الشريف بصيغه الكثيرة "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" هذه حقيقة وفي رواية مسلم "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة" لما نأخذ الحديث بكلمة (يعلم) ونذهب إلى أول سؤال في القبر (من ربك؟) لا يُسأل من الله؟ أنت ليس مطلوباً منك أن تعرّف الإله الحق وإنما المطلوب منك ما هي عقيدتك؟ ومرحلة الإعتقاد هذه مرحلة غابت عن الأمة، نسمع قصص الصحابة ثم نسرق أو نكذب أو نزني. الفرق بين واقعنا والصحابة أننا نستبعد أن نكون مثلهم. الحديث القدسي " يا عبادي إنما هي أعمالكم" (إنما) للحصر والقصر. المولى تعالى يقول (إنما هي إعمالكم) واحضر حالة وفاة لم يكن يصلي يريدون أن يصلوا له ويحجوا له ويتصدقوا له لكن أين نحن من الحديث (إنما هي أعمالكم) أعمالكم أنتم وليس أعمال أحد آخر، (ولقد جئتمونا فرادى) (وأن ليس للإنسان ما سعى) ما سعى هو، (وأن سعيه سوف يُرى) ليس كل عمل نعمله سيُقبل لأنه لو عملت عملاً لا تريد به وجه الله تبارك وتعالى سيكون رداً عليك لأنه تعالى قال في الحديث القدسي" أنا أغنى الأغنياء عن الشرك فمن عمل عملاً أشرك فيه معي غير فأنا منه براء وهو للذي أشرك" إذا عملت العمل لأحد خذ منه الجزاء لكن لو عملته لوجه الله فانظر إلى جزاء الله تعالى لك ولا يضيع عنده عمل سبحانه. "إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم فمن وجد خيراً فليحمد الله" ودعاء أهل الجنة في الجنة (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) هؤلاء يتكلمون بمنطق الصدق. هذه الآية ملخص صحيح الاعتقاد بالنتيجة، هم داخل الجنة وأخذوا جائزتهم وكلامهم منطق صدق وحق. الذي أى عند موته ملائكة سود الوجوه ثم صلى له أهله وحجوا له فماذا يفيده؟ إنما هي أعمالكم. الله تعالى قال لرسوله (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) (ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد). الذي يُذنب ظلم نفسه وهو أول من يتلقى نتيجة ظلمه وليس المظلوم الذي يعتقد أنه ظلمه بل إن هذا المظلوم يأخذ أجراً على صبره على الظالم. الظالم لو لم يتب يكون قد ظلم نفسه، وأول ما ذكره الله تعالى في الحديث القدسي الذي بين أيدينا هو تحريم الظلم "إني حرمت الظلم على نفسي" هذه القاعدة من الله تبارك وتعالى وفضل كبير أن يحرم الله على نفسه الظلم لسبب ولا يجب أن نفهم أن الله تعالى حرّم على نفسه الظلم لشيء "إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني؟ لا نفهم أن الذي قدّمه الله تعالى قدّمه كما يفعل البشر فبعض الملوك يعطون شيئاً لأحد حتى يسكت عنه أو مكافأة، المولى تعالى عندما يعطي ليس هذا لأنه لا يحتاج نفعاً ولا يضره شيء، وبدأ بذاته تعالى فقال: إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً" يعني قبل أن يخلق الله تعالى آدم ممثلاً للبشر هذه هي القضية أن الله تعالى لم يحرم الله الظلم على نفسه فقط فالله تعالى الذي عندما خلق البشر كتب فوق العرش "إن رحمتي سبقت غضبي" يوضح لنا أن أعمالنا في الغالب تغضب الله تعالى فلو أطلق الله تعالى العنان حاشاه للأعمال أن تكون هذه مقابل هذه فتكون كارثة فلو هذه الدنيا من عهد آدم إلى يوم القيامة تساوي عند الله جناح بعوضة وهي لا تساوي ما سقى الكافر شربة ماء. لو كان هناك إله من البشر وكان هناك من يكفر به لسجنه وقتله لكن الله تعالى يمهل الكافر حتى يتوب لأن رحمته سبقت غضبه. الله تعالى ادخر 99% من رحمته للآخرة لأن الدنيا دار فناء لا تحتاج أكثر من 1% من رحمة الله تعالى لكن دار الخلود والنعيم الأبدي يحتاج إلى رحمات فهناك مكافآت ولهذا أيضاً من ضمن الآيات التي أتمنى أن نفهم صح هي قوله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) البعض يفهم أن الله تعالى لا يغفر للمشرك لكن الآية تتكلم في الشرك الدائم الذي لم يتب صاحبها من الشرك لكن لو تاب قبل الموت يغفر الله تعالى له لأن عندنا آية أخرى في سورة الفرقان (والذين لا يدعون مع الله إله آخر) ثم قال (إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك ) المشرك لو تاب يُقبَل والله تعالى قال في آية أخرى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) حتى الشرك والكفر إذا تاب وعاد صاحبه. إلا من تاب في الآية يقابلها في الحديث القدسي الذي معنا "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني" اطلب المغفرة من الله وأنت تتوب، أنت تقول أستغفر الله هل تطلبها بنية الإستغفار؟ الحديث يوجهنا إلى أن نطلب من الله تعالى أن يوجهنا الله تعالى إلى المغفرة (ثم تاب عليهم ليتوبوا) لو كان المذنبون واعين لطلبوا من الله تعالى التوبة الأولى أي أن يوجههم الله تعالى للتوبة ولنعرف أن الله قبل التوبة نرى هل نعود إلى الذنب؟ إذا عدنا تكون التوبة ليست توبة صادقة. عندما نقول يجب أن يقول مع القول عمل يثبت أن القول صحيح فعلامة قبول التوبة يعتمد على رجوعنا للذنب أو عدمه، لو قبلت توبتك لن تعود للذنب أبداً واعلم أنه لو عدت إلى الذنب تكون توبتك لم تكن صحيحة صادقة. الله تعالى يطالبنا بالتوبة من أجل المجتمع نفسه حتى يعود التائب لحضن المجتمع. هل إذا دخل السجن أحد المذنبين يخرج وقد تعلم من الدرس أو يخرج وهو أكثر جرأة على الذنب أو يخرج بحالة منهارة ويرفضه المجتمع لأنه خرج من السجن فلن يجد عملاً ولا مصدر دخل بالحلال وللأسف الناس تنظر له على أنه كان مسجوناً فيرفضوه بينهم فماذا يفعل هذا الشخص والمجتمع لم يساعده ولا يعطيه فرصة ليعمل عملاً حلالاً؟ هذا الشخص ظالم ومظلوم وللأسف الشارع الوضعي لم يتعلم من الله تعالى الشارع الحكيم لم يتعلم التوبة ولم يتعلم أن العقوبة هي للتهذيب وللأسف هذه شعارات فارغة جوفاء لأن الذي يدخل السجن يخرج أسوأ مما دخل وهذه قضية صعبة ولو تعلمنا من الله تعالى يجب أن تكون العقوبة الأولى للمذنب تعذير ثم يكون هناك من يعمل معه نفسياً واجتماعياً حتى يؤهّل حقيقياً للعودة إلى حياته السليمة. الشارع الحكيم سبحانه وتعالى ستير فإذا يمعت من يقول أن هذا زاني أو سارق فاعلم أنها ليست المرة الأولى لأنه تعالى ستير لا يفضح المذنب من المرة الأولى وإذا كانت المرة الأولى وتاب يقبله الله تعالى. حتى في موضوع رد المظالم إذا لم تكن قادراً على رد المظالم فالجأ إلى الدعاء" اللهم إن ما بيني وبينك ذنوباً كثيرة وما بيني وبين خلقك ذنوباً فما كان بيني وبينك فاغفره لي وما كان بيني وبين خلقك فتحمله عني" هذا عندما لا يكون المذنب قادراً على رد المظالم فعلاً وليس مدّعياً عدم القدرة لأن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور والله تعالى هو المهيمن سبحانه وتعالى. القصة تكون عند التلقي فالله تعالى يضع التشريع ويضع المنهج ويبين الطريق والإنسان هو الذي يختار ولهاذ يجب أن يدفع هو ثمن ما اشترى. بعد التقرير في الحديث القدسي قال تعالى " يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار" ثم ذكر موضوع التوبة والاستغفار ثم بين أننا كبشر لن ننفع ولن نضر الله تعالى فما سر هذا الترتيب؟ هذه هي الدنيا، عندما نولد الفترة التي قبل البلوغ هذه هي الدنيا، ساعة تبدأ محاسبتك عند البلوغ إذا كنت عاقلاً سيبدأ التسجيل عليك (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16) الانفطار) أول مدار البلوغ هي العقيدة، من الله؟ من ربك؟ ما دينك؟ أنت جُبلت على المنهج لكن ساعة البلوغ هناك منهج وضعه الله تعالى ولم يتركك هملاً لذا في سورة الرحمن (الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان) هذه اختلف فيها المفسرون والبعض يقول خلق الإنسان كان المفروض أن تأتي أولاً لكن ترتيب الآيات تدل على أن الله تعالى خلق المنهج أولاً، وبالنسبة لآدم منهجه ساعة التوبة لأنه لما قيل له لا تقرب الشجرة ثم أكل منها شرع له التوبة وهذا منهج. قال r : "لو لم تذنبوا يستبدلكم الله تعالى بقوم يذنبون فيتوبون فيغفر الله لهم" ضفات الله تعالى أزلية لا يعطلها شيء وأنت مخلوق على مراد الله تعالى لا على مرادك. نحن لا يمكن أن نغير قواعد الكون (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) لا بد من الخطأ لأن الله تعالى تواب ولهذا قال تعالى (إن ربك واسع المغفرة) اللمم أمر بسيط ومع هذا يحتاج إلى واسع المغفرة لأن العبد قد يرتكب لمماً كثيراً يحتاج واسع المغفرة أو لأن العباد على مر العصور كثير فهذا يحتاج واسع المغفرة وهذه تتناسب مع قوله تعالى إن رحمتي سبقت غضبي وهذا كلام الله تعالى لا تعارض فيه ولذلك الترتيب في الحديث القدسي يفيدنا نحن حتى نكون متوكلين لا متواكلين وسنخطئ ولذا علينا أن نستغفر أي نطلب من الله تعالى أن يتوب علينا والله تعالى لا يحتاج لنا فلا ننفعه ولا نضره ولهذا قال بعدها في الحديث القدسي " يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً" لا بإيمانك ستنفع الله تعالى ولا بكفرك ستضره وبيّن لنا وقائع الموضوع في قدرته وفي ما عندنا فقال " يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر" كلمة صعيد يمكن أن تأخذ معنى الزمان ومعنى المكان، المخيط إبرة الخياطة ملساء لا تحمل شيئاً لو أنزناه الماء ماذا تأخذ من البحر؟ لا شيء وهذه نقطة يجب أن نفهمها فهي لا تنقص من البحر شيء ولو كان بسيطاً. قارون رغم عظم خزائنه لو أخذنا منها ستنتهي لكن عطاء الله تعالى لا ينفد وإنما هو عطاء متزايد والقاعدة إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ولا يأخذ من رصيد ما حاشاه فعطاء الله تعالى ليس له حدود ولهذا المثال عن المخيط البعض قد يتصور أن المخيط سيأخذ شيئاً قليلاً من البحر وهذا خطأ لأن المخيط لا يأخذ شيئاً من البحر. الناس للأسف من يأسها توقفت عن الدعاء واستسلمت مع أن في القرآن آية حاكمة (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) تطبيقها (وإذا سألك عبادي عني أجيب دعوة الداع إذا دعان) إذن علينا أن ندعو الله تعالى لكن على الداعي أن يكون موقناً أن يدعو الله تعالى ويوقن أنه سبحانه هو الذي يجيب لا غيره. الله تعالى قال لموسى عن فرعون: إستغاثك سبعين مرة فلم تغثه وعزتي وجلالي لو استغاثني مرة لأغثته، المسألة ليست مسألة دعاء (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) الإستجابة شرط قبول الدعاء فكم من قائل يقول يا رب وهو لا يقصد يا رب!. لا يفهم من كلامنا أن نتوقف عن العمل ونكتفي بالدعاء فقط. الشاعر قال: وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا الله تعالى ساعة خلقك أعطاك قبل أن تسأله. الرسول r يعلمنا سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت (هذا العهد الذي أخذه الله تعالى علينا في عالم الذر) أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" سماه الرسول r سيد الاستغفار، عندما يقول أنت ربي هذا دليل التوحيد، أنا أعمل ما بوسعي وعندما أريد أن أرجع يجب أن أبوء بنعمة الله تعالى عليّ، لو كانت عقيدتك أنه لا يغفر الذنوب إلا الله تعالى فسيغفر لك. نص: الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضالٌ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه". بُثت الحلقة بتاريخ 27/11/2007م |
عنوان الحلقة: التوبة والإستغفار 62 تقديم علاء بسيوني نص الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب مسلما قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك وابن أمتك ناصيتي في يدك ماض في حكمك عدل في قضاءك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي إلا أذهب الله همه وغمّه وأبدله مكان حزنه فرحا قالوا يا رسول الله ألا نتعلم هذه الكلمات قال بلى ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن. الرسول r يتكلم عن تفريج الهم والحزن واستخدم تحقيقاً لهذا الهدف أربعة ألفاظ أولها أن يجعل القرآن ربيع القلب (ربيع القلب) فما هو ربيع القلب وما علاقة القلب بالهم والغمّ ولماذا القلب بالتحديد؟ عادة نقول عقلي مشغول والرسول r تكلم عن القلب. الحديث مهم جداً في أمور كثيرة ويمكن ربنا تعالى له فضل علينا أننتوقف عنده مرة ثانية ونوضح نقاطاً كثيرة تخدمنا ونحن نتكلم عن عباد الرحمن ومسألة التوبة والاستغفار. الحديث نرجع إلى أوله (ما أصاب) يعني أي شيء يصيب أي إنسان هذه نقطة يجب أن نتوقف عندها، أي شيء، أي إصابة عضوية أسرية اجتماعية، كلام الرسول r ليس كأي كلام ويجب على المتلقي أن يتلقى حديث رسول الله r بطريقة تختلف عما إذا كان يتلقى من أي أحد آخر. أي إصابة من أي نوع حلّها في هذا الحديث وليس عند ساحر أو بشر أو غيره وهذا مضمون الحديث العام، يقين العبد في الله تعالى. أي شخص أصيب بأي إصابة كانت يذهب لمن هو قادر على حلّها فالمريض يذهب إلى الطبيب مثلاً فيبحث عن أكفأ طبيب ويقول له أنا مصاب بكذا لكن عندما يتوجه إلى الله تعالى أول ما يقول (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك) سلّم أمره إلى الله تعالى أولاً رضى بقضائه بأن الذي حصل مهما اعترض الشخص لا يمثل شيئاً وكل شيء بيد الله ولو اعترضت أو وافقت لن يؤثر على الله تعالى في شيء لن ينفع أحد ربنا ولن يضره أحد كما جاء في الحديث القدسي (لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم....) الإبداع في هذا الحديث القدسي لو كان الناس كلهم على أتقى قلب رجل ما زاد ذلك في ملك الله تعالى شيئاً ولو كانوا على أفجر قلب رجل ما نقص ذلك من ملك الله تعالى شيئاً فالحديث النبوي توقيع لهذا الحديث القدسي العبد يعلن التسليم لله تعالى وأننا كلنا عبيد. إذا كنت في هم أو حزن أو غم، يقول العبد المهموم (اللهم إني عبدك وابن أمتك ناصيتي في يدك ماض في حكمك عدل في قضاءك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك) أي أن لله تعالى أسماء نعرفها وأسماء لا نعرفها فالعبد يسأل الله بكل هذه الأسماء لأنه ربما يكون الحل بإسم من الأسماء التي يجهلها فيقول العبد (اللهم إني عبدك وابن أمتك ناصيتي في يدك ماض في حكمك عدل في قضاءك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك) (أو) هنا في الحديث ليست للتخيير، ورد في الحديث كل الاحتمالات. ثم قال (أن تجعل) لم يقل أن تفرج ما أنا فيه وهذا سيكون فيه ضيق لكنه دخل على الأصل (أن تجعل القرآن ربيع قلبي) كأن حل أي مشكلة أياً كانت هو بالقرآن ولو القرآن ربيع قلب أي شخص أي قضية ستحل، الحل لأي مشكلة تصادفها هو في القرآن. البعض قد يفهم من هذا الكلام أن القرآن ليس كتاب منهج وإنما كتاب شفاء ويعالجون به الأمراض حتى العضوية. نحن سبق وذكرنا أن العلاج بالقرآن كلام فارغ والقرآن لا يعالج أمراض عضوية وإنما الأصل في القرآن أنه كتاب منهج وكلام الرسول r يعني أنني لو اتبعت المنهج بشكل صحيح لن أعترض على مصيبة أصابتني وإنما أرضى بها وأسلّم بها وأكون عبداً لله تعالى والفاعل هو الله تعالى وأبدأ في حلها. لو القرآن ربيع قلب المصاب تهون المصيبة وتحل، القرآن نفسه يكون ربيع القلب. نقف عند كلمتي ربيع وقلب: القلب وعاء العقل ووعاء الفكر والتعقل والتدبر لذلك قال تعالى (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين) يعني القرآن نزل على قلب الرسول r وليس على عقله لأن القلب عو وعاء العقل والعقل هو في القلب، التعقل والتدبر في القلب ولذلك ربيع قلبي، ربيع تبين المسألة، لما كان القلب هو وعاء التعقل الأحداث التي تحصل على مر السنين والأسابيع والشهور لو قسمنا السنة إلى أربع فصول نحصل على الشتاء والخريف والصيف والربيع وأحسنها الربيع والرسول r ليس صدفة أن يختار الربيع وليس صدفة أن يكون مولد الرسول r في شهر ربيع الأول. فالربيع هو أفضل فصول السنة فلو كنت أتحدث مع أحد وكنت أشعر بالحر سيتضايق السامع وإذا كان يشعر بالبرد أيضاً سيتضايق وإذا كان الجو خريف لكن لو كان الربيع ستجد السامع يسمع بذكاء وتعقل فربيع القلب أي أن تجعل القرآن في مناط القلب في أفضل الأوقات فإذا ما حدثت المصيبة تلقاها وهو في أحسن حال. ربيع القلب، مثلاً نقول فلان كريم أو عادل ولو أردت المبالغة أقول فلان هو العدل أو هو الكرم مثلاً لما يقول القرآن (في عيشة راضية) هل العيشة راضية أو الذي يعيش هو راضي؟ الذي يعيش هو راضي لكن إذا كانت العيشة نفسها راضية فما بالك بالذي يعيش؟ سؤال: القرآن ليس كتاب شفاء من الأمراض العضوية كما يفعل الكثيرين والبعض يقول ورد في القرآن أن القرآن شفاء لما فيه الصدور فكيف نوفق بين الأمرين؟ ما هو أولاً (لما في الصدور)؟ ما في الصدور ليس أعضاء وإنما مسألة عقيدة فالقرآن يحل مشكلة العقيدة ويعالج هذه القضية لكن كلمة علاج الناس الذين يعالجون بالقرآن يفهمونها خطأ، العلاج ممارسة الداء نفسه والتعامل معه لكن الشافي هو الله تعالى والله تعالى لم يقل علاج لما في الصدور وإنما قال شفاء لما في الصدور أنت تعالج بالقرآن الكافر عقيدة وتبدأ تناقشه ولن تسأله عما في بطنه، أنت تتكلم معه عن العقيدة، تسأله من ربك؟ ثم تبدأ التعامل معه. إذن القرآن شفاء لما في الصدور أي لما استقر عقيدة في صدرك. حتى الحديث (أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري) نعود لنقطتين أن الله تعالى أنزل القرآن على صدر الرسول r ولما أراد تعالى أن يوقع هذا توقيعاً بيّناً قال لرسوله r(ألم نشرح لك صدرك) يعني لو لم يشرح صدر رسول الله r لما تلقى القرآن وهو الذي قال (إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً) ثقيلاً على قلبك فإن لم يكن الصدر منشرحاً لا يوقّع ما في القلب بما في الصدر ولذلك القلب والصدر مرتبطة. قال (لنثبت به فؤادك) والفؤاد غير القلب. عندنا قلب وصدر وفؤاد وبعض المفسرين يطلقوا القلب على الفؤاد وهذا ليس دقيقاً ونحن من أنصار من يقول إذا تغير الكلمة تغير المعنى لا يمكن أن تكون الفؤاد بمعنى القلب وإلا لما استخدم هذه الكلمة وهذا واضح في قوله تعالى عن أم موسى (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) القصص) الفؤاد كان سيكون فارغاً لولا أن الله تعالى ربط على قلبها، فالفؤاد محل القلب فإذا أردت التعبير عن شيء سطحي نقول قلب ولو كان عميقاً نقول القلب ولذلك قال تعالى (وكذلك لنثبت به فؤادك) لم يقل قلبك فلما يثبت الفؤاد فمن باب أولى يثبت القلب لكن لو ثبت القلب لا يعني بالضرورة تثبيت الفؤاد. قال تعالى (وكذلك لتثبت به فؤادك) نزلت الآية عندما طلب المشركون من الرسول r أن ينزل عليه القرآن جملة واحدة فقال تعالى (كذلك لنثبت به فؤادك) و(كذلك) تعني كذلك أنزلناه متفرقاً لنثبت به فؤادك لأنه لو نزل جملة واحدة فكيف يحفظه وكيف يناقشه؟ نزل القرآن مفرقاً فالآية مثلاً (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) قضية بعينها حُلّت نزلت هذه الآية فسمعها المسلمون وطبقوها. إذن أن تجعل القرآن ربيع قلبي أي بالتطبيق، ربيع قلبي، الربيع مثل النسمة الطيبة ثم قال (ونور صدري). قال تعالى في القرآن (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى) وقلنا أن الآخرة هنا أي آخر مرة نزل فيها الوحي أفضل من السابقة عليها وبعد أن عدد له كل أفضال الله تعالى من ساعة ما كان الرسول r يذهب إلى الغار يبحث عن الإله الحق بعيداً عن الأصنام قال تعالى له (ألم يجدك يتيماً فآوى فأما اليتيم فلا تقهر وأما بنعمة ربك فحدث) ثم قال بعدها مباشرة (ألم نشرح لك صدرك) إذن عندما سيحدّث الرسول r سيحدّث بما شُرح به وله الصدر فثبّت الله الفؤاد وشرح الصدر فالذي يتكلم سيتكلم بشكل صحيح ولو المتلقي هكذا ستهون عليه أي مصيبة. خذ رجلاً عاقلاً وآخر مجنون وأخبرهما خبراً معيناً فالعاقل يسأل من قال هذا الكلام ويتأكد منه أما المجنون فيذيع الخبر مباشرة دون تأكد. إذن مسألة ربيع القلب كأن الربيع هو الجو الأمثل والحالة النفسية المثلى لوقوع القرآن في القلب ليسهل تلقي الحوادث والأخبار فإذا أزلت السبب لا يعود للمسبب معنى. ربنا يشرح صدر الإنسان للإسلام وفي المقابل يجعل صدر الكافر ضيقاً والله تعالى مع بني إسرائيل قال عنهد (وأشربوا في قلوبهم العجل) والشرب يكون من الفم عادة لكن أشربوا في قلوبهم هذه تحتاج إلى علاج وكأن عقيدتهم فسدت بحيث أنهم ارتوا كفراً بالله تعالى. فلما الرسول r يقول (ربيع قلبي ونور صدري) ثم قال (وجلاء حزني وذهاب غمي) أولاً القرآن توقيع تلقي (ربيع قلبي ونور صدري) ثم أصبح فاعلاً (وجلاء حزني وذهاب همي). الله تعالى قال عن سورة الإخلاص أنها تعدل ثلث القرآن وهذه الجملة يقوم عليها علم كامل، القرآن مقسم إلى ثلاثة أقسام ثلث منه التوحيد (سورة الإخلاص) هذا ثلث التوحيد فلما القرآن يكون ثلثه توحيد وثلثه يتكلم عن الخلق والبعث والجزاء والثلث الأخير توقيع صدق رسالة الرسول r وقلنا أن هناك أوضاعاً في القرآن لا يمكن للرسول r أن يغامر بها ويقولها لو كان هو الذي يؤلف القرآن مثال (سيقول السفهاء من الناس) لا يتكلم عن المستقبل وإنما يتكلم عن ما حصل لو كان هو الذي ألّف القرآن كما يزعمون لأنه قد يأتي هؤلاء السفهاء ويقولون كلاماً غير الذي قاله. هم عندهم في التوراة أن محمداً r نبيّ القِبلتين ونزل في القرآن أنه لما تتحول القبلة سيقولون هذا الكلام ولو كان عندهم ذرة سيطرة لما قالوا هذا الكلام، الآيات تدل على الهيمنة ومن أسمائه سبحانه وتعالى المهيمن قال تعالى عنهم سفهاء وهم وقّعوها بأنفسهم، إذن لا يمكن أن يكون محمد r هو الذي ألّف القرآن. كل ثلث من القرآن تحتاج إلى حلقات إثبات منطقي عقلي ففي التوحيد مثلاً (لا إله إلا الله) هل هناك إله إدّعى أنه إله ولم يُقصمه الله تعالى؟ فرعون والنمرود ادعوا الألوهية فقصمهم الله تعالى، في مسألة الخلق لم يدّعي أحد الخلق ولم يقل أحد أنه خلق الشمس أو البشر، البعث والجزاء جاءت من الأرض نراها ميتة ثم يحييها الله تعالى وكذلك تخرجون فعلينا أن نقيس هذه بهذه. وصدق رسالة الرسول الله rبآيات مثل: (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون) هذه في يدك (ولا أنتم عابدون ما أعبد) لو قال أحدهم أشهد أن لا إله إلا الله يكون ضيّع القرآن وضيع الرسول لكنلم يقلها أحد وهذا نفهم منه هيمنة المهيمن سبحانه وتعالى لأن الذي قالها هو الله تعالى. لما يقول تعالى (تبت يدا أبي لهب) لو كان عند أبي لهب ذرّة سيطرة لقال للرسول r أنت تقول أنه من قال لا إله إلا الله دخل الجنة والقرآن يقول أني في النار وأنا أقول لا إله إلا الله (ولو كذباً أو نفاقاً) لضيّع القرآن لكنه لم يفعلها لأنه لا يستطيع. هذه الآيات تثبت صدق رسالة رسول الله r وأنه لا يأتي بهذا الكلام من عنده وإنما من عند الله تبارك وتعالى. إذن الخلق والبعث والجزاء والتوحيد وصدق رسالة الرسول r هذه أثلاث التوحيد، سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن لأنه تتكلم في ثلث التوحيد. سورة الفاتحة سميت الجامعة لأنها تتكلم في الأثلاث الثلاثة (إياك نعبد) توحيد، (مالك يوم الدين) تفويض. كلمة التوحيد يعتبرها البعض أنها مجرد شعور الإنسان أن هنالك إله واحد لكن هذه الكلمة لها أبعاد كثيرة وغياب هذه المعاني عن الناس هي التي تجعل الناس تهلع وتجزع. يحب أن أوقن أن هنالك إله واحد وأوقن أن ناصيتي بيد الله وأن حكم الله نافذ وأن الله تعالى عدل فلا يمكن أن يظلمنا. هذه الثلاث مضمون التسليم ومناطه، التسليم بأني عبد وأن الله تعالى إله واحد وكلمة إله تعني القدرة والسيطرة ولا يمكن أن يكون هو إله وهناك من يفعل له شيئاً، البشر لا يحيط بكل القضايا في وقت واحد إنما الإله الحق هو القادر أبداً في كل وقت وفي كل حين المهيمن أبداً ولذلك لا يكون في لحظة غير مهيمن لا يمكن لأنه تعالى القاهر فوق عباده. لذلك قلنا لما أدخل الوليد بن مسلم سامحه الله (المنتقم) في أسماء الله الحسنى والناس صدقت أن هذا الإسم من أسماء الله الحسنى لكن هذه الصفة صفة الثبوت، الحديث عند البخاري ومسلم ليس فيه تعداد للأسماء، البعض يقول أنها موجودة في القرآن في قوله تعالى (والله عزيز ذو انتقام) وذو انتقام غير المنتقم وهناك فارق لغوي بينهما، ذو انتقام أي صاحب انتقام قد ينتقم وقد لا ينتقم لكن المنتقم النافع هذه صفة ثابتة وليس لنا نحن أن نسمي الله تعالى فلو كنا مسلمين نأخذ أسماء الله تعالى من القرآن أو من الحديث الصحيحة لأن الرسول r لا ينطق عن الهوى (إن هو إلا وحي يوحى) فالمهيمن هو الله والرسول r يعبر عما أوحي إليه ولو لم يعلم الرسول r أن هذا الإسم الذي ورد في السنة يصادف إسماً عند الله لما أطلقه. إذا كنت موحّداً واعترضت أكون لست موحّداً. الله سبحانه وتعالى محيط (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) وما بينهما أيضاً سبحانه. إذا وحدت ثم اعترضت تكون ما وحدت لأنه من دواعي التوحيد التسليم، عندما يموت أحد ترى الناس تصرخ كأنه أول واحد يموت. النفس والشيطان يعملان على هذه المنطقة وهي منطقة العقيدة الشيطان يفسد العقيدة ولو أفسدها تفعل كل شيء خطأ ولكن لو كانت عقيدتك سلمية لا يمكن أن يوسوس لك الشيطان لذلك اختار الرسول rالألفاظ بدقة في هذا الحديث الذي معنا وفي كل حديث. (ربيع قلبي) تخيل لو في كل قلب القرآن ربيعه سيبقى هذا القلب صاحياً قوياً شاباً في كل وقت، فكلمة ربيع تصادف موضوع الفصول ومن العمر الفتوة والشباب واعي لا ينام. (ونور صدري) الصدر وعاء التوقيع كما أن القلب وعاء التوقيع. الأطباء النفسيين عندما يذهب إليهم مريض محبط يكون هذا المريض غير قادر على أخذ نَفَس. نحن لم نتعامل مع النفس على أنها عضو وهذا خطأ يجب أن يقوم بسرعة، لو كان عندك ألم في ظهرك تمسك بظهرك لكن إذا آلمتك نفسك فماذا تمسك؟ علينا أن نتعامل مع النفس على أنها عضو، عندما تكون نفسي متعبة لا أتكلم مع أحد حتى لا يظنون أني مجنون. لكن نحن نعلم أن البشر جماع نفس وجسم. عندما نتعامل مع أنفسنا ومع الناس ومع القرآن يجب أن نضع في أذهاننا أن الجسم يمكن أن نستغني عن جزء منه أما النفس فلا، إذا كان عندي ألم في يدي مثلاً لا أستخدمها لكن إذا تعب جزء من نفسي يتعطل كل الجسم لذلك قال الرسول r (ربيع قلبي ونور صدري) فإذا حصل هذا سيكون (وجلاء حزني وذهاب همي) هذا دعاء. فلان تعب فقال هذا الدعاء وتحقق وقال ربكم ادعوني استجب لكم لو دعا هذا الرجل واستجاب الله تعالى له ثم حصل أمر آخر فهذا الرجل لا يحتاج للدعاء ثانية لأن القرآن أصبح ربيع قلبه ونور صدره فالمشكلة الثانية ستحل تلقائياً فلو دعا مرة واحدة وتحقق مرة وحافظت عليه سيكون نمط حياتك أنه كلمت يحصل شيء يحصل اليقين والتثبيت والإحسان وكأنه تطعيم وقائي يصلح للأبد. إذا أصاب العبد هم أو غم وكان قلبه واعياً سيتعامل مع الهم والغم وسيذهبا وبعدها يكون محصّناً من الهم والغم. البعض يقول أن فلان مسحور والسحر موجود فلو سيطر المسحور على نفسه قليلاً لن يقدر عليه الساحر إذا كان القرآن ربيع قلبه ونور صدره لأن الساحر لما يكفر يسخر له الجن والعياذ بالله والجن أنواع لكن المسحور معه المولى عز وجل فمن يقدر على من؟ المصيبة عند الناس أنها عندما تسمع بكلمة السحر يخاف ويجزع. هذه مسألة اليقين والتوكل والثقة بالله تعالى ولذلك في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي) هذا الحديث عملت مع الدكتور رمضان عليه سنة كاملة وذكرنا مراحل التلقي في الإدراك (العلم والظن والشك والوهم) الجهل لا يدخل معها لأنه ليس علماً، لم يقل المولى أنا عند علم عبدي بي والعلم أقوى من الظن لأنه لا أحد يحيط بالله تعالى أبداً ولذلك الرجل الذي يأخذ كتابه بيمينه ويدخل الجنة قال (إني ظننت أني ملاق حسابيه) لمجرد أنه ظنّ عمل وعبّر بالظن بدل العلم لأنه في حضرة علام الغيوب لا يمكن أن يقول علمت ولذلك قالها المولى تعالى (أنا عند ظن عبدي بي). بُثّت الحلقة بتاريخ 17/12/2007م |
عنوان الحلقة: التوبة والإستغفار 63 تقديم علاء بسيوني تكلم الله تعالى في سورة الفرقان عن أكبر الكبائر (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)) موضوع مضاعفة العذاب يقول الناس أن الله تعالى عادل ويحاسبنا بما عملنا وفي الحسنات يضاعف لنا إلى سبعمائة ضعف أما السيئة فتحسب سيئة واحدة فكيف نوفق بين الأمرين؟ هذا سؤال جيد لكنه خطأ، جزاء سيئة سيئة أما مضاعفة العذاب فهو في السيئة نفسها وليس في عدد السيئات. تكلمنا سابقاً عن (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) الرحمن) الذي خاف مقام ربه يأخذ جنتين وعندما خلق الله الخلق بحكمته عمل لكل واحد مكان في الجنة ومكان في النار فإذا دخل الجنة يفرغ مكانه في النار ولما يدخل واحد الجنة يأخذ جنة جزاء العمل وعندما يدخل أحد النار يفرغ مكانه في الجنة فالآخر يورثها جزاء أنه خاف مقام ربه. ولو كنا واعين نضع المقابل أن الذي لم يخف مقام ربه له نارين. هذا كلام منطقي في الآية والآية تتكلم عن مضاعفة العذاب والعذاب ليس عذابين فقط وإنما عذابات. لو عمل أحدهم سيئة آخرون يقلدونه في هذه السيئة والرسول r يقول: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة (وفي رواية: دون أن ينقص من أجره شيئاً) ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة (وفي رواية: دون أن ينقص من أوزاره شيئاً)" إذن عندنا صنفين واحد يعمل سنة حسنة (أحد الدعاة فهمها وقال أنه يمكن لأحد أن يبتكر سُنّة لكنه هذا المفهوم خطرة لأن هذه تكون بدعة وليت سنة لما أما أفعل شيئاً) كلمة سنّ جاءت من سُنّة أي أحيا سُنّة كان يعملها الرسول r وغابت عن الناس لأن الذي يعمل ما لم يعمله الرسول r يكون بدعة، توقيع هذا في القرآن أن القرآن يشجع ويحث على الأخذ بالعلم الحديث، قال تعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) الحج) المفسرون في العصر القديم قالوا (على كل ضامر) قالوا أن الإبل من كثرة السفر تضمر وفي العصر الحديث فلم يعد يذهب أحد على الجِمال ولو بحثنا عن كلمة ضمر في اللغة نجد أن ضامر معناه كل مُغلَق إذن السيارة والطائرة ضامر ومنها أضمر فلان أمراً أو الضمير. العلم الحديث يجب أن يكون على ما سنّه رسول الله r. ومن سن في الإسلام سنة سيئة هذه تأتي من عند البشر لأن الرسول r لم يعمل سيئة فمثلاً إذا فتح أحدهم خمّارة أو كباريه أو غيره يكون قد سن سنة سيئة. الرسول r قال : أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" وقال أحدهم أنا أريد أن أحيي سنة الرسول r وسأفتح داراً للأيتام وآخرون فتحوا دوراً أخرى تقليداً هذه سنة حسنة والأجر يتضاعف، هذه في الحسنات وكذلك في السيئات (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ (25) النحل). العذاب يضاعف أضعافاً مضاعفة وليس ضعفين كما يفهمها الناس، يضاعف كلمة منضبطة. الذى حرّف التوراة والإنجيل أضلّ الناس الذين يصدقونه إلى يوم القيامة. التوقيع القرآني ينبهنا إلى أن المضِلّ يحمل وزره ووزر من أضَلّه إلى يوم القيامة. مسألة مضاعفة العذاب شيء منطقي فكما فهمنا أن الذي يتقي الله تعالى يأخذ مكانه ومكان من دخل النار بينما الذي لم يتقي ولم يتوب سيدخل النار ومكانه في الجنة يفرغ ومكان المؤمن الطائع في النار يفرغ فيأخذه هذا العاصي لأن أضل أناساً عدة وعمل سيئات جارية فعليه وزره ووزر من أضله إلى يوم القيامة. كلمة يضاعف لا تعني ضعفين وإنما مضاعفة إلى يوم القيامة وهذا عيب البدعة لأن كل بدعة ضلالة. يجب أن نتوقف عند كل أمر ونسأل هل فعله الرسول r. العذاب فيه خلود وفيه إهانة، الخلود لأن العاصي لم يتب والإهانة هل هي في نوعية العذاب أو لمجرد أنه لن يدخل الجنة؟ العذاب وصف في القرآن بأنه أليم وهذا يتحدث عن الأعضاء أي عذاب أليم يؤلم العضو ولما يقول عذاب مهين فهو عذاب نفسي إذن العذاب عضوي ونفسي. هناك من تكفيه الكلمة أو الإشارة فقط ليستحي وهناك من يستمر ولو نظرت إليه ولا يتوقف إلا إذا ضربته فالناس أصناف. إذن العذاب نوعين نوع يعاقب الله تعالى به الأعضاء (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ (56) النساء) هذا العذاب العضوي ووصف في القرآن بأنه أليم، عظيم أما العذاب الآخر (عذاب مهين) فأنت تتكلم عن إهانة النفس. كل المتكبرين في الدنيا والعظماء والمسؤولين قال فيهم رسول الله r "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر" (أنا) هنا يجب توضيحها والناس تخطئ عندما تقول أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا وليس هذا ما قصده الرسول r وإنما ما ورد أنه طرق باب رسول الله r فقال من؟ قال الطارق أنا، فقال r أنا أنا، كأن الرسول r يريده أن يقول اسمه. (أنا) التي يتكلم عنها الإنسان من باب الكِبر هذا لا يدخل الجنة فالذي يقول من هذا حتى أتكلم معه؟ هذا كِبر. الرسول r قال لمعاذ " كُفّ عنك لسانك فقال معاذ أونحن مؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال له رسول الله r: ثكلتك أمك يا معاذ وخل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم؟ لذلك اللسان تعبير عما بداخل النفس فلو كان في النفس كِبر سيظهر لذلك قال تعالى (ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) الدخان) هذا العذاب المهين. قوله تعالى (وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) الإهانة هنا مستمرة لأنه ساعة وقع في المعاصي كان مستهزئاً ولم يعمل صفة الرقيب فمقابلها إهانته وخلوده في العذاب أليم إذن الخلود أليم (وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا) ثم استثنى (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) لا يدخل التائب النار ولا يخلد فيها ولا يهان ومن عمل معصية أو كبيرة ثم تاب ليس عليه عذاب أساساً وهناك من الناس من هو معجب بأنه يدخل النار ثم يخرج والقرآن لم يتكلم في هذا الموضوع. نسأل سؤالاً إذا ارتكب أحدهم معصية ثم تاب إلى الله لن يدخل النار لأن الله تعالى قال (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) آمن لأنه ساعة ارتكب المعصية خرج من دائرة الإيمان، (فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) المتاب هو المكان الآمن يبقى فيه بعيداً عن المعصية وطالما ابتعد عن المعصية فلماذا يدخله الله تعالى النار؟. هناك نقطتان أولاً أن الله تعالى لم يخلقنا للعصمة فالعصمة للأنبياء والمرسلين أما نحن البشر فخُلِقنا لنخطئ ونتوب ما خلق الله تعالى آدم إلا ليعصي ولذلك لما موسى وآدم احتجوا كانت حجة آدم أقوى وأول إخبار عن آدم في القرآن قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (30) البقرة) يعني سوف يجعل في الأرض خليفة فهو مخلوق للأرض وأغلب الآراء العلمية أن جنة آدم في جنة تدريب على المعصية والتوبة في الأرض ولما قال اهبطوا منها هو هبوط معصية. وأصل كلمة جنة في القرآن في الأرض واستعيرت لجنة الخلد حتى يمكن للإنسان أن يتخيلها، أول إخبار عن كلمة جنة في القرآن قوله تعالى (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) القلم) جنة بمعنى بستان يجنّ من بداخله أي يستره وأطلقها الله تعالى على جنة السماء لكن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. نحن خلقنا لنخطئ والرسول r قال لو لم تذنبوا لجاء الله تعالى بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر الله لهم حت تبقى صفة التواب. إذا أخطأت ولم تتب أو أخطأت ولم تتب لا يستوون فالذي تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً يتوب الله تعالى عليه. هذا الرجل الذي أخطأ وتاب أفضل من الذي لم يخطئ لأن الذي لم يخطئ لم يذق لذة المعصية (بإجماع العلماء وتزيين الشيطان والنفس على أن للمعصية لذة) أجبر الإمنسان نفسه على عدم المعصية وعلى طاعة الله، لماذا بدل الله سيئات العاصي حسنات؟ تبديل السيئات أولاً السيئات القديمة تصبح حسنات لأنه منع نفسه لذة المعصية وكان يحبها واستبدل بها مشقة الطاعة فتبدل السيئات حسنات والسيئات المفترض أنه كان سيأخذها لو استمر في المعصية ستكون تلقائياً حسنات. واحد عمل مائة ألف سيئة وفجأة تاب فهذه المائة ألف صاروا مائة ألف حسنة والحسنة بعشرة إلى سبعمائة ضعف والله يضاعف لمن يشاء ومن همّ بسيئة ففعلها تكتب سيئة واحدة فإذا عاد عنها تكتب حسنة. إذا عمل أحدهم سيئة جارية وبعد سنة تاب لكن خلال السنة هناك من عمل بهذه السيئة وآخرون عملوا مثلها فماذا يحصل بالسيئات الجارية وكل من قلّد هذا الرجل إذا تاب هذا الرجل وندم ورجع وترك الأموال الحرام وبدأ ينصح الناس؟ السيئات الجارية بالنسبة لهذا الرجل التائب هو لما عمل هذه السيئة مثلاً عمل خمارة، هناك من عمل خمارة وهناك من لم يعمل فالذي عمل يحمل السيئات والذي لم يعمل لا يحمل سيئات، هذا الرجل تاب وبتوقيع القرآن (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) ومن أخص العمل الصالح أن لا يعود لهذا الذنب ومن أشمل العمل الصالح أن يعمل عملاً يناقض الذي فعله فلو هدم الخمارة وعمل مكانها دار أيتام أو مستشفى ولا يتركها خمارة ليأخذها غيره ويفسد فيها. البعض يريد أن يتوب لكنه يريد أن يحتفظ بالأموال الحرام فالتوبة درجات وهناك درجات للقبول والمكافأة هناك من لا يأخذ من الأموال التي اكتسبها بالحرام، هناك من يهدم الخمارة ويعملها مسجد أو دار أيتام ليقلب السيئة إلى صدقة جارية وهذا (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) فكأن الذي أفسد المجتمع عشر سنين عليه أن يصلح المجتمع عشر سنين كما أفسده ولو مات قبل أن تنتهي هذه السنوات يحاسبه رب العالمين على نيته. بمجرد أن يتوب الإنسان العاصي ويعترف تسقط عنه السيئات ويمكن لهذا الرجل أن يذهب إلى من عنده خمارة وينصحه وعليه أن يعوّض عن كل السيئات والعقاب بأن العاصي الذي يسن سنة سيئة أنه يحمل وزره ووزر من عمل بالسيئة لأنه يضر بالمجتمع وقد يقلّده ضعاف النفوس ولو كان العاصي صادقاً فمع توبته عليه أن يعيد هؤلاء الذين قلّدوه عن الاستمرار في المعصية نفسها. الأفلام السينمائية التي فيها مشاهد ساخنة ويكون الممثل والممثلة تابوا لكن الأفلام ما زالت تعرض فهل على التائبين ذنب؟ المشكلة في الناس أنهم يقولون أن هذه مشاهد تمثيلية والممثلين لا يمارسون الرذيلة وإنما يمثلون الرذيلة ولهؤلاء نقول تمثيل الرذيلة رذيلة ونحن نقول حديث الرسول r الحلال بيّن والحرام وبيّن. إذا تاب الممثلين ويمكنهم شراء الأفلام فليفعلوا ويمكن شرائها من نفس الأموال التي كسبوها فإذا لم يفعلوا فالتوبة مقبولة إن شاء الله تعالى. الذين يشاهدون هذه الأفلام هم المسؤولون عن الذهاب إلى السينما وهم محاسبون على ذلك. الحلال بيّن والحرام بيّن ومن صفات عباد الرحمن (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا). التوبة لهؤلاء مقبولة إن شاء الله تعالى لكن بشرط (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) فقد لا يكون عند الممثلين مال ليشتروا به الأفلام فلا باس لكن عليهم أن ينشروا بين الناس أن ما فعلوه كان خطأ ويمنعوا الفساد في المجتمع. العمل الصالح يتوقف على إمكانيات كل شخص فإذا كان مع الممثلين مال هل يشتروا به الأفلام أن يبنوا مسجداً يجب أن نمنع الأفلام أولاً لأن درء المفاسد مقدمة على جلب المنافع ويمكن لأحد من الأشخاص الميسورين أن يشتري هذه الأفلام ويمنع عرضها لأن هذه حسمة جارية بالسلب والمنع. الأمور المعنوية كالخلافات الزوجية بين زوجين يدخل بينهما أحد الأشخاص ويزيد من الأزمة الزوجية ويوحي للزوجة أنه سيسعدها ويأخذها من زوجها هذا الرجل لو أراد أن يتوب ماذا يفعل؟ التوبة كلمة لو فهمناها تكون الإجابة سهلة واضحة، التوبة هي العودة والرجوع إلى الله تعالى أن يعود إلى الله تعالى وأن يستغفر وهذه مسألة كافية ولو كان الزوج مثلاً غير مسامح له حق عند الرجل فإما يأخذ من حسناته يوم القيامة وإما أن يرفع الله تعالى هذا الحق وهناك دعاء "اللهم ما كان بيني وبينك فاغفره لي وما كان بيني وبين خلقك فتحملها عني" لا يضيع شيء عند الله تعالى، إما أن يأخذ حسنات من عنده فإذا فنيت يؤخذ من أوزاره ويوم القيامة إسمه يوم الفصل ويوم التعابن وكل إسم له معنى وله موقف لكن نقول أن على كل إنسان أن يبادر ويشارع في التوبة إلى الله تعالى وليست التوبة كلمات تقال باللسان فقط وإنما هي حالة. بُثّت الحلقة بتاريخ 25/12/2007م |
عنوان الحلقة: التوبة والإستغفار 64 تقديم علاء بسيوني نبدأ بصفات أخرى لعباد الرحمن وهو موضوع الزور والبعض يظن أن الزور فقط هو متعلق بشهادة الزور فقط في المحكمة. وقبل ذلك ورد استفسار من بعض المشاهدين عن دلالة تكرار التوبة في الآيتين في خواتيم سورة الفرقان (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)). فما فائدة التكرار أولاً؟ ثم ما دلالة عدم ورود الإيمان في الآية الثانية؟ في هذه الآيات الاستثناء لا بد أن نقف عليه (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) هنا الاستثناء من توقيع العقوبة وقلنا سابقاً في قوله تعالى (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ) أن هذه الثلاث تعتبر مثال فقط وليست هي وحدها التي تتم فيها المضاعفة وليست هي وحدها التي فيها ذنوب، الكبائر الثلاث ضربها الله عز وجل كأمثلة فقط لكن نضعها عناوين كبيرة على رأس كل الذنوب، وعندما يضرب الأمثلة بهذه الثلاث يقول (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) الاستثناء مم؟ هذه نقطة مهمة لنفهم لماذا قال مرة (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) ومرة (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا)؟. الاستثناء من توقيع العقوبة يعني (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) هذه للجميع (يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا)، هذا الكلام لو أخذناه بعيداً عن سورة الفرقان وأوصاف عباد الرحمن يكون له وقع وكونه داخل في توصيف عباد الرحمن وقلنا أن عباد الرحمن ضرب بهم المثل أنهم لا يدعون مع الله إلهاً آخر يعني هذه الصفات ليس صفات عباد الرحمن فيجب أن نعلم عمن يتكلم القرآن؟ القرآن يتكلم عن جماعة قبلها في توقيع سورة الفرقان قبلها سورة النور وقبلها سورة المؤمنون ننتبه إلى صفات المؤمنين في سورة المؤمنون (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) هنا صفات جماعة من المسلمين اتصفوا بالإيمان (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) وصفهم بأنهم (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) وبعد صفات عديدة قال (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)) فلما نتكلم عن الصلاة بالنسبة للمؤمنين عندنا صفتين: أولاً هم خاشعون في صلاتهم وأنهم يحافظون عليها والمنطق يقول أن تأتي المحافظة على الصلاة في وقتها أولاً ثم تخشع فيها (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103) النساءً) فلماذا قدّم؟ كأن هذه مسألة منتهية وكأن المحافظة على الصلوات من صفات المؤمنين من باب التذكير فقط وهذه المسألة منتهية عند المؤمنين وإلا لا يكون مؤمناً وإنما يكون مسلماً ونذكر بقوله تعالى (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا (14) الحجرات) قد يكون في صفاتهم أنهم لم يكونوا يحافظون على الصلاة فالله تعالى حرمهم من صفات المؤمنين ومن عدالة السماء قال تعالى (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) لم يقفل الباب في وجههم. الفرق بين لم ولمّا أن (لم) تقفل الباب (لم يفعل ذلك) أما (لمّا يفعل ذلك) يعني لم يفعل إلى الآن لكنه متوقع أن يفعل. سؤال: التأخير في المحافظة على الصلاة على الخشوع هل يعني أنهم يحافظون على الصلاة في وقتها ويحافظون على الخشوع فيها؟ لا بأس بهذا المعنى لكن المعنى الأهم أنه يريد أن يقول أن مسألأة المحافظة على الصلاة عند المؤمنين مسألة منتهية لكن المسألة أن يخشعوا في الصلاة. لو عندنا مائة مؤمن وعندنا مائة مسلم عند أذان الظهر مثلاً أن المؤمنين جميعاً عندما يسمعون الأذان سيقومون إلى الصلاة حتماً هؤلاء يحافظون على الصلاة لكن المسألة من سيخشع من بين هؤلاء الذين دخلوا؟ ستجد نسبة 20% ربما فقط خاشعين. هذه هي القضية ولذلك قدّم تعالى الخشوع في الصلاة على المحافظة عليها. لما تكلم تعالى عن المؤمنين جاء بصفتين استبعدهما تماماً في حق عباد الرحمن وبالعكس تكلم في عباد الرحمن عن صلاة الليل كأني بالمولى عز وجل يقول بعد أن تكلم عن صفات المؤمنين أن مشكلتهم إما أنهم يخشعوا بعد أن يحافظوا، هذه المشكلة منتهية عند عباد الرحمن، عباد الرحمن يخشعوا ويحافظوا وبقي عندهم قيام الليل وهذه يفعلها جميعهم أن عباد الرحمن يبيتون لربهم سجداً وقياماً ولم تقال في حق المؤمنين. كأننا نسير بالترقي من الإسلام إلى الإيمان لما وصلنا إلى سورة المؤمنون سبقها الكلام عن الصلاة والمحافظة عليها والخشوع فيها فأخذنا المؤمنين كمثال على الترقي من الإسلام إلى الإيمان ولذلك عباد الرحمن أرقى فلم يذكر لهم مسألة الخشوع في الصلاة أو المداوة عليها لأنها مسألة منتهية عندهم من ساعة ما كانوا مؤمنين. كأني بالله تعالى أن عباد الرحمن هؤلاء صفوة الصفوة وهم أرقى ناس داخل الإيمان الذي قلنا يرتقي من الإيمان إلى التقوى إلى الإحسان وهذا ما نادى به الحق تبارك وتعالى ساعة قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) آل عمران) عندنا درجتان بعد الإيمان وهما التقوى والإحسان اللتان عملهما عباد الرحمن بدليل أنه عندما لا تكلمني في قضية ما فذلك لأنني أعملها أصلاً ولما ذكرها في عباد الرحمن لم يذكرها كما ذكرها في سورة المؤمنون على أنها مشكلة لأنها ليست مشكلة عندهم وإنما قال (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) الفرقان) إذن كل عبد من عباد الرحمن لا يحافظ على الصلاة فقط وإنما عندما يذهب لبيته الكل ينام بينما هو كعبد من عباد الرحمن يبيتون لربهم سجداً وقياماً. سؤال: البعض يقول أن ظروف الحياة متعبة وأعباء وشغل وأن في هذا في تكليف زيادة وهم يشعرون أنهم مقصرون فهم بالكاد يصلون الفرائض كيف نصحو ليلاً ونصلي الليل ثم نذهب إلى أعمالنا باكراً؟ نحن لا نطلب من الناس أن يقوموا كل الليل. سبحانه وتعالى قال (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) وعندما حللناها قلنا أنه من رحمة هذا الدين أنه إذا كنت متعوداً أن تقوم من الليل ساعة تصلي فيها وتقرأ فيها القرآن وفي ليلة انشغلت أو مرضت ولم تقم ليلة فالملائكة تكتب لك هذا الثواب لأنه ما منعك إلا المرض أو ما شابه. المهم عندما يكون لديك فراغ تقوم أو لا تقوم؟ نضرب مثال بدولة نامية ودولة متقدمة، الدولة النامية تحتجّ وتقول عدد سكاني كثير والدول المتقدمة عندنا نفس العدد أو أكثر ولكنها استثمرت هذا العدد، ليس عندهما موارد لكن فرق بين من استثمر ومن لم يستثمر، المهم العمل. الناس التي تحتج أن الحياة صعبة وأنه لا وقت لديهم ليقوموا الليل نقول لهم أنهم لم يفعلوها وهم ليسوا مشغولين. ولو أنهم فهموا سبب خلق الله تعالى لنا لارتاحوا ولشعروا أن العبادة هي الحياة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) هذا الاستثناء غريب جداً فالله تعالى لم يخلقنا فقط للعبادة وإنما للاستخلاف في الأرض والعمل وهذه كما يقال الحج عرفة فهل تعني أنه ليس هناك منى أو طواف أو أو؟ كلا، وإنما هو يذكر أهمّ ما في الحج. إذن نحن أهمّ ما خلقنا لأجله هو العبادة ويجب أن تسير حياتنا على هذا المبدأ. نحن مثلاً في مواعيد المحاضرات نحددها بحسب مواقيت الصلاة فالذي يفعل هكذا يكون مرتاحاً في مسألة العبادة. الذي لم يبدأ الصلاة وهو صغير مع أنه يلتزم يقوم بتقطيع الصلاة رغماً عنه لأنه لم يتعود عليها منذ الصغر وهذا ما نراه بأعيننا وكذلك الصيام. الصلاة والصيام آيتين من آيات الله تعالى في التمرّس والرسول rلم يتكلم في الشهادة أو الزكاة أو الحج وإنما قال مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم لعشر. البعض يقول هل هو بالغصب؟ نقول لا ليس غصباً وإنما لو تعبت مع الولد منذ الصغر سيرتاح لاحقاً والذي يتعود على الصلاة تصبح عنده سليقة ولا تعود أمراً متعباً كما يحتج البعض. ولذلك رب العالمين لم يتكلم عن مسألة المحافظة على الصلوات أو الخشوع فيها مع عباد الرحمن لأنهم هم متعودون عليها وهذا أمر منتهي بالنسبة لهم. قال تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) المؤمنون) هذه صفات المؤمنين أما بالنسبة لعباد الرحمن نفى تعالى هذه الصفة عنهم فقال (ولا يزنون) نحن سنضع صفات هؤلاء وهؤلاء لنعلم أننا نتكلم عن فئة يستحقون الغُرفة (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) الفرقان) مسألة الصبر تحل هذه المشكلة التي يحتج بها الناس ويقولون أن العمل عبادة. في أوائل سورة البقرة تكلم تعالى عن فئة من فئات الناس وهم اليهود الذين صبروا على كل شيء إلا العبادة والإيمان والإخلاص لذلك قال تعالى لهم (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) البقرة). قال تعالى استعينوا بالصبر والصلاة ثم قال (وإنها لكبيرة) بالمفرد قال بعض المفسرون أن الضمير يعود على الصلاة لكن نحن نقول لو نظرنا إلى الصلاة والصبر نجد أن الصلاة من غير صبر لا تؤدى بشكل جيد فالمسيء صلاته لم يصبر ولو صبر لوصل إلى الخشوع التي هي من صفات المؤمنين. لو قرأنا الآية بتدبر لغوي نجد أن الهاء في (وإنها) تعود على الصبر والصلاة معاً تعود على توقيع استعينوا، أي استعينوا بالصبر والصلاة وإن الاستعانة بهما لكبيرة إلا على الخاشعين أي لن يجمع بين الاثنين إلا الخاشعين وهذا ما وصف به المؤمنين ولما تكلم عن عباد الرحمن ذكر ما لا يفعله المؤمنون لأنهم مروا بهذه الدرجات سابقاً. هذه هي القضية في مسألة تكرار التوبة. يتكلم تعالى عن عباد الرحمن فيما لا يفعلون هذه الصفات هم لا يفعلون الشرك ولا القتل ولا الزنا لذلك قال (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) هؤلاء ليسوا من عباد الرحمن. في التوقيع هناك فرقان فريق لا يعمل هذه الكبائر وهم عباد الرحمن وفريق يعملها لما نتكلم عن التوبة نتكلم عن هؤلاء وعن المحتمل من هؤلاء أن أحداً من عباد الرحمن يذل فيشرك أو يقتل أو يزني. الآية الأولى على الذين ليسوا من هؤلاء فقال آمن لأنه مهتز في هذه النقطة (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) أما الآية الثانية فهي لعباد الرحمن وكأني بالله تعالى يطمئنهم أنه من أخطأ منكم في هذه الأمور يمكن أن يعود وعندما يرجع يرجع أأمن من الذي قبله وكأن التوقع من عباد الرحمن أن لا يكرر الغلطة إنما المتوقع من غير عباد الرحمن أن تتكرر وكما قلنا سابقاً أنها إذا تكررت الغلطة تكون التوبة لم تكن صحيحة أو أن التائب ادّعى التوبة ولم يتب بشكل صحيح لذلك قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا (8) التحريم) وقلنا النصوح من نَصُحَ العسل الذي تأتي به النحلة من غير غش منك لا قبل ولا بعد لأن العبض يغش العسل بعد أن تأتي به النحلة وهناك من يغشه قبل بإطعام النحل السكر ولم يدع النحلة تجني من الأزهار وهذا غش قبل الإنتاج. نصح العسل أي من غير غش منك ويسمى عسل ناصح أي نافع فيه شفاء. البعض يطعم النحل السكر ليس لغرض الغش وإنما لتربية النجل في موسم معين حيث لا تتوافر الأزهار وهذا موضوع بينهم وبين الله تعالى وهو سبحانه هو سيحاسبه. (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) النحل) الوحي من الله تعالى والنحلة استجابت. القصة في الإخلاص والصبر والعمل هل هو لله أو غيره. التوصيف لعباد الرحمن (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ) نفي عنهم الشرك والقتل والزنى ثم قال (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا) هذا ليس منهم وإنما ممن عمل هكذا لأنه قبلها قال (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) تبقى صفات عباد الرحمن ليس فيها الكبائر الثلاثة وليس فيها عقوبة وإنما الذي يخطيء من عباد الرحمن مع جماعة المؤمنين من السورة قبلها يبقى باب التوبة مفتوحاً وقلنا سابقاً نتمنى أن يتوب في مجلس المعصية نفسه لأنه تعالى قال (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) النساء) البعض يشرحها على أنها جهل أي أن الذي يعرف عقوبة شيء ويفعله ليس به توبة وهذا غير صحيح لكن بجهالة أي بحماقة والحماقة يعني أنه يعرف العقوبة ويعملها لأن المتوقع في ذهن العالم أن الذي لا يعرف العقوبة ليس له عقاب كما في القانون الوضعي نحن نتكلم عن الذي عرف وعمل والمولى تعالى صاغها بطريقة مبدعة (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ) الفيصل عند المولى عز وجل أنه تاب بسرعة. سؤال: ما أهمية التوبة من قريب ونحن نتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "هلك المسوّفون"؟ إن صحّ هذا الحديث لأن فيه مشكلة في السند لكن هذا الحديث معناه جميل ومخيف لأن لما ننظر إلى المسوّف تجده لا يعمل. مشكلة الحديث في السند لكن المتن صحيح. الذي يسوّف فعلاً لا يعمل لذلك هلك المسوّفون. المتن السليم نأخذه لكن لا ننسبه للرسول صلى الله عليه وسلم. (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ) لأن العقيدة عند المؤمن الحق ونحن نتكلم على كل المسلمين لأن الآية لم تحدد فئة، العقيدة السليمة التي يجب أن تكون في ذهن كل واحد منا هو أننا قد نموت الآن لو قلت أنني سأتوب غداً تكون فسدت عقيدتي دون أن أشعر لأن هذا يعني أني اعتقدت أني سأعيش إلى الغد ومن قال أني سأعيش إلى الغد؟ ألم يحدث أن مات أحد في مجلس المعصية أو مجلس الشرك أو الزنا؟ بالطبع حصلت, لو تاب هذا المذنب في مجلس المعصية يدخل في الآية (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ) (على) حرف يفيد الإلزام وإن كان الله تعالى لا يلزمه شيء. لو مات العاصي على توبة فيكون من قريب لأنه تاب في مجلس المعصية ويكون قطعاً رب العالمين قد رضي عنه لذا لا يجب علينا أن نصف هذا في الجنة وهذا في النار لأننا لا نعرف على ماذا مات العاصي في مجلس المعصية هل تاب أو لم يتب؟ الله تعالى يحاسبه وعندما وصفنا علم الله سبحانه تعالى قلنا: علم ما كان وما يكون وما سوف يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون، هذا علمٌ محيط ولذلك لا يمكن أن نقول فلان في الجنة أو في النار. الحجاج رغم ما فعل في حياته من إراقة الدماء وقطع الرؤوس ومع هذا عند موته وهو على فراش المرض كان خائفاً من الله تعالى فقال " يظنون أنك لن تغفر لي لكن ثقتي بك أنك ستغفر لي" هذا منتهى الذكاء بالتسليم بالعقيدة. هذا الكلام يبين ذكاء التائب أو العائد إلى الله تعالى وهذه قضية لا يعلمها إلا الله تعالى كما ذكرنا في قضية توبة العاجز معظم العلماء قالوا ليس للعاجز توبة لكن عند أهل العلم الحقيقي العاجز له توبة لأنه يتوب إلى الله عز وجل الذي من أسرار عمله أنه علم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون والله تعالى يحاسبه على أنه لوعاش هل كان سيعمل المعصية أو سيتوب؟ الآيات فيها قوة في الأداء (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ) يلزم الله تعالى نفسه بها. ثلث القرآن آيات دالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه الآية من ضمنها لأن الرسول لا يمكن أن يقول بهذه الآية إلا إذا كانت وحياً من الله تعالى كما في آية سورة الروم (وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) الروم) المتكلم ليس محمداً صلى الله عليه وسلم وإنما هو وحي يوحى لهذا كل آيات توصيف القرآن آيات عقيدة مثل قوله تعالى (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ) آية عقيدة لأن الذي سيؤجل التوبة إلى الغد عمل كأنه ضامن على الله أنه سيعيش للغد. قبل أن ينام المؤمن يقول (باسمك اللهم وضعت جنبي وباسمك أرفعه اللهم إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) وعندما استفاق قال (الحمد لله الذي أحياني بعد أن أماتني وإليه النشور). الموت أولى لأنه حتى علماء التوصيف قالوا أن النوم هو الموتة الصغرى ولذلك قال (إن أمسكت نفسي فاغفر لها وارحمها وإن أرسلتها فاحفظها) والرسول صلى الله عليه وسلم لما بُعِث قال لأهله بعد أن جمعهم "والله إن الرائد لا يكذب أهله والله لو كذبت الناس كلهم ما كذبتكم ولو غششت الناس كلهم ما غششتكم، والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون وإنها إما جنة أبداً وإما نار أبداً" هذا منتهى البلاغة لخّص الموضوع كله بهذا الكلام، هذه رسالته وهو صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم. هذا جوهر الإسلام وهذه الرسالة وهذا ما يجب أن يكون في عقيدة كل مسلم ولذلك قال (إلا من تاب) هذا الاستثناء من الذي يعمل أي الذي يتوب لن يأخذ ضعف العذاب لأنه بالتوبة خرج من العذاب وعاد إلى الفئة التي كان فيها إما عباد الرحمن أو المؤمنين لأن الدجنة درجات فإن لم يكن من عباد الرحمن يحتاج إلى إيمان لأنه بمعصيته خرج من الإيمان وإذا كان من عباد الرحمن فهم مؤمنون وعودتهم أقرب من أولئك لذلك قال (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) متاباً في اللغة مصدر ميمي كأن نقول الذي يفعل هذا سيكون في مكان آمن. الذي في معية اللله يجب أن يبقى في معية الله لأنه إذا لم يكن في معية الله سيكون في معية الشيطان سواء كان هذا الشيطان شيطان إنس أو شيطان جن وسبق أن ذكرنا أن شيطان الإنس أصعب من شيطان الجن وقد انتشروا في المجتمع وازدادوا جداً ولذلك الحسن البصري لما سئل أيهما أهون عليّ شيطان الإنس أو شيطان الجن؟ قال شيطان الجن أهون لأن شيطان الجن إذا استعذت بالله ولى مدبراً أما شيطان الإنس فلا ينجيك منه إلا الله تعالى ولذلك في التوقيع شياطين الإنس أخطر من شياطين الجن لأنهم يتكلمون معك بلغتك ولذلك من أبدع التوقيع القرآني قال (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)). يجب أن نعترف أننا فهمنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم خطأ " هل أدلكم على أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور" ثم اعتدل وأخذ يكررها حتى قلنا ليته سكت" ليته سكت معناه أن الصحابة رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم منفعلاً جداً وهو يقول ألا وشهادة الزور، نحن فهمنا شهادة الزور أنها الشهادة الزور في المحكمة أمام القضاء. المولى عز وجل قال (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ (72)) والناس فهموا لا يشهدون بالزور وسنشرحها في الحلقة القادمة عندما نعرب كلمة الزور فالذين أعربوا الزور مفعول به فهم على حق والذين أعربوها نائب عن المصدر على خطأ، الزور هنا أي لا يشهدون شهادة الزور هذا ليس المعنى المطلوب وإلا لقال تعالى لا يشهدون بالزور. حتى شهادة الزور في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مطلقة. الرسول قال في الصيام " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" يدع يعني يبعد، كل قول زور يتبعه عمل. والآية (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (185) البقرة) شهد هما بمعنى حصر إذن لا يشهدون الزور أي لا يحضرون كل الزور. بُثّت الحلقة بتاريخ 15/1/2008م |
عنوان الحلقة: التوبة والإستغفار 65 تقديم علاء بسيوني مسألة شهادة الزور فهم الناس أن القصد منها للأسف أنك تطلب للشهادة في محكمة فتشهد شهادة زور مقابل بعض المال واعتبروا أن هذا هو الموضوع وانتهى بينما ذكرنا في نهاية الحلقة السابقة عن مفهوم أوسع وشهادة الزور أن تحضر أو تشهد أي قول زور أو كلام زور أو عمل زور كما قال r(من لم يدع قول الزور والعمل به) وقول الزور يجب أن يتبعه موقف فاسد في المجتمع. ما هي أبعاد هذا الموضوع وكيف لا نقع فيه وكيف نخلص المجتمع منه هو محور حلقتنا اليوم. تفشى في المجتمع الإسلامي هذه الأيام للأسف ظاهرة أن الناس تقول زور وتشهد زور وتعمل زور وتشهد قوانين زور وأوضاع زور فما معنى كلمة الزور؟ نتكلم عن كلمة (لا يشهدون الزور) وهذه أولاً صفة منفية عن عباد الرحمن ومن يقترب من صفاتهم لا يشهدون الزور. المشكلة في قصر الموضوع على شهادة الزور في المحكمة وهذا خطأ لأن فعل شهد له أكثر من معنى: شهد يعني قال أو حضر وحضر أشمل من قال فشهادة الزور في المحكمة فرع من شهادة الزور المطلقة في الآية مثل قوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) شهد هنا بمعنى حضر إعلان الصيام. شهد فعل يأتي بأكثر من معنى. لا يشهدون أي لا يحضرون وبالتالي لا يقولون. في الغزوات كان يقال الذي شهد بدر يعني الذي حضرها وليس الذي رآها، يعني اشترك فيها ومن ضمن المعاني أنه حضر ولو سلباً أنت تحضر وتسكت فالساكت عن الحق شيطان أخرس. هذا كلام واضح أنك أنت حضرت والمصيبة أن يكون عندك من مقومات الكلام بحيث لو تكلمت يسمع لكلامك ويكون لكلامك وقع، لكن أنت تحضر وتسكت هذه مصيبة وأن تحضر وتتكلم زور هذه أكبر. يقولون من شهد بدر يعني من اشترك بالموقعة وهذا يختلف هل اشترك صادقاً أو منافقاً هذه أشياء لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى وفي توصيفه تعالى أنه (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) وما تخفي الصدور لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. (لا يشهدون الزور) بمعنى الشهادة نطقاً أو الحضور مشاركة بالسلب والإيجاب تكلم أو لم يتكلم، تكلم يأثم ولم يتكلم يأثم والإثم توقيعه عند الله تعالى في الحالتين ومعلوم من الدين بالضرورة أن العلماء ومن على شاكلتهم أعظم ذنباً في هذه الدرجات من غيرهم لأن غيرهم سيقولون لا نعرف لكن هؤلاء العلماء يعرفوا. الزور يجب أن نفهمه: ما هو الزور؟ بعض المفسرين قال الزور الغناء والرقص والمعازف وغيره، هذا فرع من الفروع لكن الزور يشمل كثيراً من المعاني وقد توصلت لتعريف للزور من كتب اللغة وهو تمويه الباطل وتزينه بما يوهم أنه الحق. الزور هو الباطل لأن الذي يزوّر أكبر واحد يعرف أن هذا باطل بدليل أنه يزوره ويعطيه لغيره على أنه حقيقة. تزييف العملة (لا نقول تزوير العملة العملة لا تزور وإنما تزيف) هذا التزييف زور ولكنه ليس تزويراً. البنك المركزي أخذ الصيغة القانونية من الدولة بأن يطبع ورقة المائة جنيه وعنده غطاء نقدي يغطي العملة وهذه الورقة لها رصيد يغطيها ليصدرها البنك ولو لم يكن عنده لا يطبع وعندما يطبع يطبع كمية محددة يمكنه أن يغطيها، عند المزيف هذا ليس موجوداً، هذا أمر والأمر الثاني أن البنك يعمل الطباعة على ورق معين والثاني يعمل على ورق أبيض والبنك يطبع بشكل معين والمزيف يقلده وهذا هو تمويه الباطل وتزيينه بما يوهم أنه الحق فإذا أعطاك النقود المزورة تأخذها ولا تعرف إذا لم تكن خبيراً وتأخذ الورقة السليمة، هذا المزيف عمل زوراً وليس تزوير فالتزوير أن أقلّد إمضاء شخص أو محافظ البنك مثلاً لأن التزوير يحتوي على التزييف إذا وقّع أحد المزورين على أنه محافظ البنك هذا تزوير، (والذين لا يشهدون الزور) الزور هو بالتعريف الذي قلناه هو كل الباطل وهو ما يقابل الحق. مجلس يشرك فيه بالله، يكفر فيه بالله وأنت تقول هذا هو الإيمان بالله حضوره زور وكل من يحضر هذا المجلس هذا عبارة عن تمويه الباطل وتزيينه بما يوهم أنه الحق فالذي يتفرج على هذا المجلس لا يعرف لكن لما يجد من هم متخصصون في هذا المجال حاضرين سيقول هذا هو الحق. عباد الرحمن لا يشهدون الزور، هذا التعبير كأني بعباد الرحمن في أعلى مراحل الحق والصدق لأن كلمة الزور بمعنى البهتان والكذب وكله عكس الحق والصدق. الرسول r عندما قال الحديث واعتدل في جلسته وأخذ يردد ألا وقول الزور ألا وقول الزور قال الصحابة ليته سكت خوفاً عليه من وقع الكلمة لأنهم رأوه rوقد غضب واحمرت جبهته الشريفة. قول الزور من أكبر الكبائر لأنها تدفع الناس للإيمان بهذا الكلام دفعاً عن طريق شاهد الزور وشاهد الزور هنا أي حاضر مجلس الزور خصوصاً إذا كانت القضية كبيرة يترتب عليها فساد مجتمعي كبير وشاهد الزور هذا أخذ سيئة جارية لملايين الناس وعبر سنوات لأنه من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. عندما نتكلم عن موضوع اقتصادي وموجود رجل اقتصاد ولكنه لم يعلق على الحديث فتظن أن الكلام صحيح لأنه لم يتكلم ولم يعلق فهو بدون أن يشعر شهد زوراً سلبياً لأنه حضر ولم يتكلم. ما دلالة استخدام اللغو بعد شهادة الزور (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72))؟ لأن الله سبحانه وتعالى يتكلم عن عباد الرحمن وقال (إذا) ونقف عند صفات المؤمنين في سورة المؤمنون وصفهم بأنهم (والذين هم عن اللغو معرضون). عباد الرحمن معرضين عن اللغو وهم لا يذهبوا إلى اللغو أبداً لكن إذا صادف أنهم مروا رغماً عنهم مروا كراماً ولو ذهب إلى اللغو لا يكون من عباد الرحمن ولا من المؤمنين لأن الله تعالى قال في توقيع المؤمنين (والذين هم عن اللغو معرضون). نحن نتكلم عن توقيت معين فيه احتالفين برأس السنة الميلادية ورأس السنة الهجرية والاحتفال يأخذ عند الناس إما شكل طراطير وزمامير وشرب ما لذ وطاب من الخمور والأنوار تطفأ عند الساعة الثانية عشرة ويحصل تقبيل بين الرجال والنساء فما علاقة الخمرة والزمامير بذكرى دينية؟ لهذا نسأل ما هو الزور؟ تمويه الباطل وتزينه بما يوهم أنه الحق، هناك كثيرون ممن كان يفعل مثل هذه الأمور وتاب الآن يحاول أن يعكس ما كان يفعله فيصوم مثلاً في هذه اليوم ليكفر عما فعله في سنوات سابقة لأنه لما عمل هذا سابقاً عملها بجهل لأنه كان تائهاً لاهياً عاصياً ناسياً غير فاهم أو تعود على ذلك لذلك نقول إياكم أن تغلقوا باب التوبة في وجه أحد لأن العاصي عصى وهو تائه أو ناسي لكن عندما ندم العاصي على ما فات يكون قد تاب وأقل التوبة ندم وهذه توبة مقبولة بيقين ولو أحدهم سمع كلامنا اليوم وقال سأفعل هكذا السنة القادمة ومات يموت على توبة لأن الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. من أخص الأحاديث عن رسول الله هذا الحديث، أولاً الرسول r يعلمك كيف تحسب أعمالك والله تعالى أمر الملائكة إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها فإن عملها اكتبوها عشرة وفي بعض الروايات العشرة إلى سبعمائة ضعف والله يضاعف لمن يشاء وإذا هم بسيئة لا تكتبوها فإن عاد عنها من أجل الله تكتب حسنة وإن عملها تكتب سيئة واحدة هل هناك أعدل من هذا؟! والرسول r يصف هذه "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" وسؤالي ما الذي دفع الرسول r ليقول "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله"؟ ما علاقة الهجرة هنا؟ وأول الحديث إنما الأعمال بالنيات وآخر الحديث يوضح المعنى "ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه". ما دلالة استخدام الهجرة هنا؟ كأن حياة الواحد فينا مبنية على أحد هجرتين إما هجرة لله ورسوله أو هدرة لشيء آخر هو عمل من أعمال الدنيا، تجارة أو امرأة ينكحها أو تجارة. هل هذا يعني أن الذي هجرته إلى الله ورسوله لا يتزوج؟ هذا لو تزوج يتزوج لله وكل عمل يعمله لله ورسوله وهذا يعيدنا إلى شهادة الزور وإلى اللغو، هذا يذهب لله ورسوله والآخر يذهب للزور واللغو. ما الذي دفع الرسول r ليقول: من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله وروسله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه"؟ حتى الذين هاجروا من بلادهم على أنه هارب في سبيل الله أو رافض لبلده أو غيره إلى بلاد يعمل فيها معاصي تكون هجرته لدنيا يصيبها وليس لله ورسوله. ولو أخذنا الشباب الذي يسافر بحثاً عن العمل لأن الدنيا ضاقت عليه وسمع أنه في دولة ما أوروبية هنالك فرص عمل أو هجرة (الهجرة عندنا أعلى المراتب) وهاجر توقيعاً لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (97) النساء) وآخر يفكر يريد أن يعمل وهو مسلم يريد أن يعيل نفسه وينشئ أسرة مسلمة لمجتمع مسلم قوي وهو لا يجد هذا في بلده وسيسافر إلى بلد غير مسلم لكنه سيبحث عن عمل يرضي الله تعالى، هذا هجرته إلى الله ورسوله ولو كانت هجرته إلى دار كفر لكن المهم ان يحافظ على نيته التي بدأ بها. هناك كثيرون بدأوا بنية الهجرة لكن لما وصلوا إلى تلك البلاد تحولوا وغرقوا في المعاصي. الكتاب سيكون فيه كل شيء (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) الإسراء هذه من أخص الآيات في القرآن كأنك أنت الذي ستحاسب نفسك. هنالك حديث للرسول rمتنه مبدع لكن سنده فيه كلام: "لن يدخل أحدكم الجنة إلا وهو يعلم أنها أولى به من النار ولن يدخل أحدكم النار إلا وهو يعلم أنها أولى به من الجنة" هذا توقيع الآية (كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً) الذي داخل النار لو سألته ما الأمر يقول لك أنا المخطئ وهو مقتنع جداً أنها أولى به من الجنة نسأل الله الرحمة لنا ولهم. الآية حلّّت لنا مسألة الحديث الذي متنه سليم لكن السند غير سليم نأخذه ولا ننسبه للرسول r. التوقيع القرآني مبدع (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)) كرر كلمة (مروا) و(كراماً) مقابلها لئاماً لأن كريم هنا ليست ضد الشح والبخل وإنما ضد اللؤم فالذين يدعون إلى المفاسد واللغو لئام ومقابلهم من عباد الرحمن ومن هم على شاكلتهم كراماً. الشريحة التي بين هاتين الشريحتين لا هم ذاهبون للغو ولكنهم يقعون في المعصية، في بعض الأحيان أنت تأخذ أسرتك للعشاء في مطعم ثم فجأة تحضر راقصة إلى المطعم عليك أن تخرج إذا استطعت لأن هذا مجلس زور. الرسول r قال "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". القرآن لما عبر بكلمة (مروا) أي ليس في نيتهم أن يمروا. كلام الرسول r واضح "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". هناك للأسف الشديد أناس لما نتكلم معهم عن أحكام تجادل وهم ليسوا أصحاب العلم مثل مسألة الحجاب تكلم فيها الكل والبعض قال هو لنساء النبي r فقط. ما أجمع عليه علماء الأمة والإجماع من قواعد التشريع فلتأخذ النساء موضوع الحجاب صيانة احتمال فالتي تدعي أنها غير مقتنعة بالحجاب نقول لها هل أنت أعلم من علماء المسلمين؟ هل نصبت نفسها أنها أعلم من علماء الأمة. البعض قال الآية فقط لتغطية فتحة الصدر فقط وليس الشعر لكن الآية تشرح نفسها (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها). العلم واضح وما أجمع عليه علماء الأمة هو التشريع فالتي نصبت نفسها أعلم من علماء الأمة فماذ تفعل في الإجماع وهو تشريع الإسلام؟ علماء الأمة تخصصوا في هذا العلم ولم يجاملوا أحداً ولم يكن عندهم ضغوط ولم يكن هنالك مجاملة في الدين وهذه الأمور استقرت منذ الأزل. الآية تشرح نفسها (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) إلا ما ظهر منها فيها كلام كثير عند علماء اللغة أن الشعر عند المرأة من مفاتن المرأة. (لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو) مجلس مثل هذا الذي تكلموا فيه مجلس لغو شهدت أو لم تشهد حضرت أو لم تحضر تكلمت أو لم تتكلم ومررت عليه يجب أن يكون مرورك عليه يجب أن تكون من الكرام وتعرض عنه ولذلك في توصيف المؤمنين قبل عباد الرحمن قال (والذين هم عن اللغو معرضون) معرضون أي لا يعملوا فيه ولا يسمعوه ولا يروجوه. مسألة المرور، ما معنى (مروا كراماً)؟ هل مروا كراماً معناها أنهم سكتوا وابتعدوا أو أنهم قبل أن يبتعدوا قالوا نصيحة أو كلاماً حق لوجه الله بهدوء وذوق؟ كراماً تقابل الموقف، إذا كان الموقف يستدعي أن أتكلم وأنا من أهل الكلام يجب أن أتكلم. (مروا) تكررت مرتين لنرى من الذي مرّ؟ وكراماً بحسب الوقف ود يستدعي الموقف ألا أتكلم وتوصيفي من الكرام قد يكون بألا أتكلم وقد يكون إذا تكلمت بحسب الموقف وهذا يعتمد على وعي الذي مرّ. في بعض الأحيان يطلب منا الناس أن نرد على من يتهم الإسلام بشيء أو يهاجم القرآن لكن نقول هؤلاء يتفرج عليهم ألف واحد ونحن يتفرج علينا مليون فإذا تكلمت عنه أكون قد شهرته من غير أن أشعر، فشطارة المار أن يحسبها وتوصيفه من الكرام يتوقف على حساباته وحساباته هذه لوجه الله ونحن عندما حسبناها حسبناها لوجه الله لا نحن خائفون. صحيح أن القضية التي تثار قضية دينية ولكن طريقة عرضها واستغلال بعض الجهال من الذين لا يفهمون اللغة يصعِّد الموضوع بالمقلوب ولهذا نحن ننبه الناس بطريقتنا لكن بأسلوب آخر غير الرد على هؤلاء مباشرة. البعض يتكلم عن مداراة السفيه وأولها لا أتكلم معه لكن ليس معناها أن أسكت عن القضية لكن أتكلم عنها في الوقت المناسب لأنه حسب القاعدة الأصولية أولاً ليس كل ما يُعلم يقال وثانياً وليس كل ما يقال حاضر أهله وثالثاً ليس كل من هو حاضر أهله بآتٍ وقته فنحن عندنا ما يحكمنا ومن الشطارة أن تتحرك وحتى تكون من الكرام يجب أن تكون واعياً لهذه النقاط. تكون مقصراً لو جاء الوقت المناسب ولم تتكلم. مثلاً لو هم يتكلم في موضوع وفي الأمة موضوع أخطر ووتكلمت معه في موضوعه أكون ضيّعت الأولويات وهذا ما يعرف عندنا بفقه الأولويات. لما سئل الرسول rفي أكثر من موقف أي الأعمال أحب إلى الله؟ كان جواب الرسول r مختلفاً بحسب السائل نفسه.وهذا الذي جعل بعض الناس لم تفهم الأحاديث وطبقتها على أنها أحاديث عامة مثلاً قضية الحج عن الغير لم يتكلم فيها القرآن وهي قضية من الخطورة بمكان لأنها لو كانت فرضاً لتكلم فيها القرآن لكن لم يتكلم فيها القرآن ولا الرسول قالها بصيغة الإلزام وإنما جاءه رجل أو امرأة، هذا قال له نذرت أمي أن تحج فقال حج عن أمك هذا حج نذر قاسوا عليه الحج عن الغير وقالوا الرسول أمر ولكن الرسول r رد على واحد وفي حادثة أخرى قال أحد الصحابة لبيك عن شبرمة فقاله له r أحججت عن نفسك؟ قال لا فقال r حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة وهذا كلام مجازي معناه دعك في حالك، شبرمة لم يحج لأنه لم يستطع. البعض يقول أبي كان يستطيع أن يحج وجمع المال لكن قبل موسم الحج مات؟ هذه تعود عليك أنت لا أقول أنك آثم إذا لم تحج عنه وقد يأخذ الأب ثواب الحج بنيته لكن أنت تأخذ المال وتضعه في يد الأيتام أو الآرامل تأخذ أجراً وضاعفاً والبعض يأخذ المفهوم الآخر ويحج. الإمام الشافعي أباح الحج عن الغير إذا كانت النية منعقدة عنه وللأسف نحن نقحم أنفسنا في أمور من غير أن نفهمها فالذي أباح الحج عن الغير استند إلى قول الرسول r للرجل الذي سأله أن أمه ماتت وقد نذرت أن تحج قال له حج عنها لكن الرسول r قال هذا الكلام لهذا الرجل وليس للأمة كلها. والبعض يعمل عشرات العمرات في مرة واحدة بحجة مسجد عائشة الذي يخرج الناس إليه ثم يعود للعمرة وهذا المسجد للمرأة الحائض التي تدخل مكة في موسم الحج وهي حائض وهو لم يكن مسجداً وإنما الرسول r قال لعائشة اخرجي إلى الحِلّ وعودي وخرج معها عبد الرحمن ابن أبي بكر لم يدخل وهو معتمر وإنما خرج معها للحماية هي التي خرجت للحل ورجعت وعملت العمرة التي لم تعملها في البداية لأنها دخلت متمتعة. لكن للأسف البعض يذهبون ويعودون من التنعيم مرات ومرات. إذا تجاوز الإنسان الميقات بدون إحرام فليس له عمرة فالسفرة بعمرة من هذا المفهوم وكل أهل دولة لهم ميقات من مكان معين. الذي يخرج من القاهرة إلى مكرة يحرم من مصر لكن الذي يذهب للمدينة لا يحرم إلا إذا وصل ميقات أهل المدينة. هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون فالذين إذا مروا باللغو مروا كراماً تعود للمار نفسه وتصنيفه وفهمه واختياره هو وهل سيكون من اللئام أو الكرام أمام الله تبارك وتعالى إن كان قاصداً الخير فهجرته إلى الله ورسوله وإن كان قاصداً للشر فهجرته إلى ما هاجر إليه. الترتيب الإلهي في الآية (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) الفرقان) القرآن يقول أنه إذا مررت باللغو يمكن أن يتكلم وينصح وإذا لم يفعل يكون ممن هم صماً وعمياناً وهذا ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى. بُثّت الحلقة بتاريخ 22/1/2008م |
عنوان الحلقة: التوبة والإستغفار 66 تقديم علاء بسيوني ذكرنا في الحلقة السابقة مفهوم كلمة الزور التي فهمها الناس على أنها منحصرة في شهادة زور في محكمة ولكنا ذكرنا مفهوم هذه الكلمة. وشرحنا كلمة اللغو وكيف أن عباد الرحمن لا يذهبون للغو وإنما إذا مروا به مروا كراماً. واليوم ندخل في قضية أخرى في قوله تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) الفرقان) فما معنى الصم والعميان؟ وهل هذا مرض؟ ولماذا هاتان الصفتان استخدمت مع التذكير بآيات الله تعالى؟ ما حكمة ترتيب هذه الآية (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) الفرقان) بعد آية شهادة الزور (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72))؟ (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)) كان إكرام الضيف من مميزات العرب قبل الإسلام ولم يكن يُسأل الضيف عن حاجته قبل ثلاثة أيام فإذا كان هذا الإكرام من البشر في الدنيا فما بالنا بالجنة حيث الملائكة تسلم على المؤمنين وتستقبلهم؟! لماذا جاءت كلمة صم وعمياناً مباشرة بعد آية شهادة الزور واللغو؟ من تفسير كلمة كراماً أنها بحسب الإنسان الذي يمر ما هي حالته إن كان عادياً ليس له علاقة بالعلم فعليه أن ينصرف أو يبتعد عن هذا المجلس وإن كان عالماً يختلف الأمر لأنه كما في الحديث الصحيح "من رأى منكم منكراً فليغيّره" وبدأ اتغيير يأخذ أكثر من شكل على حسب الإنسان الذي يغيّر "فبيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهو أضعف الإيمان" لكن أضعف هنا ليس تقليلاً من شأن المسألة القلبية ولكنها تختلف باختلاف من يستطيع أن يغيّر فالذي يستطيع أن يغيّر بقلبه غير الذي يغير بلسانه غير الذي يغير بيده. المسألة في عباد الرحمن أننا نتكلم عن أناس أراد لهم الله تعالى ذلك الوصف ووقعه في القرآن توقيعات شتى منتهاها أنهم صفوة الصفوة من أول ما بدأ الحديث عنهم (وعباد الرحمن). عباد الرحمن يتساوون مع فئة اختارها واصطفاها الله تبارك وتعالى اصطفاء لا يتدخل الواحد منا فيه لا شأن لنا به وهم الأنبياء والمرسلون هذا اصطفاء الله تبارك وتعالى. وفي حلقة سابقة شرحنا مسألة المنيّة والمعية في مسألة الصدق (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119) التوبة) لم يقل (من الصادقين). كلما تأتي درجة من درجات العبودية ينادي الله تعالى بالارتقاء فيها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ) المفهوم الشائع عند الناس أن المؤمن هذا وصل إلى درجة عالية من العبودية لكن لما نسمع القرآن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ) ناداهم وأثبت لهم الإيمان ومسألة الإيمان لا تثبت إلا بالعمل. لما يقول تعالى (وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) أفهم منها أنني لا يمكن أن أكون من الصادقين وإنما يمكن أن أكون معهم. لذلك كلمة الصادقين في هذه الآية تختلف عما إذا وردت خارج القرآن لأنه إذا قيلت خارج القرآن قد يكون فلان من الصادقين وفلان من الصادقين وقد تكون محدودة بفئة ولكن عندما ترد في القرآن فهي تقتصر على الأنبياء والمرسلين وهؤلاء مقصور عليهم الصفة المطلقة الصدق المطلق ونذكر الرسول r عندما قال " إن الرائد لا يكذب أهله" ونذكر أنهم كانوا يسمونه قبل البعثة وقبل الرسالة الصادق الأمين كأن فطرة الله التي فطر الناس عليها أن الذي سيأتي نبياً أو رسولاً يكون معروفاً بالصدق ومن غير المعقول أن يشاع في المجتمع أن فلان كاذب ثم تنزل عليه الرسالة. العرب عندهم موضوع توثيق المصدر موضوع مهم وهذا ما يبحث عنه أهل التحقيق والحديث فيقولون هذا وضاع وهذا كذاب. وأبو بكر الصديق فعلها حين قيل له أن صاحبك يزعم أنه صعد إلى السماء فكان أبو بكر الصديق من الذكاء بمكان أنه أثنى عليهم وأثبت لهم ما يدّعون عندهم الحق بأن الكلام لا يُصدّق لكن لما كان المتكلم محمد r خرج عن كنه الخبر إلى كنه الرجل وصفة الرجل فقال: إن كان قال فقد صدق وهم شهدوا له بالصدق ويثقون به ويحفظون أماناتهم عنده وحتى بعد البعثة كان يأتمنوه على أموالهم وهم كافرون به فهذا يؤكد أن صفة الصدق المطلقة يجب أن تكون ثابتة في الرجل الذي سيرسله الله تبارك وتعالى وهذا – إن صح الكلام – من دأب السماء ودأب رسالات السماء وهذا ما كان عليه كل الأنبياء والمرسلين وهذا ما قاله المولى عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119) التوبة). تكلمنا عن مراتب الإيمان الإسلام والإيمان والتقوى والإحسان وإسلام الوجه لله وقلنا أن التقوى مرحلة نسبية وهي أشبه بحالة أن تضع نفسك فيها وتعمل لنفسك حماية ووقاية بينك ومبين محارم الله وبينك وبين ما يغضب الله ولكن هي في نفس الوقت أداة وسلاح أنه كلما أردت أن ترتقي إلى مرتبة إيمانية أعلى وتقترب من الله تعالى تحتاج لهذا السلاح حتى تصل إلى مرتبة أعلى وهي أعلى ولذلك في كل مرة يطلب تعالى من المؤمنين أن يتقوا الله. هذه النسبية تغيب عن بعض المفسرين والشراح في قضية التقوى. هناك سلاحان التقوى والصبر وإذا لم يأخذ بهما معاً لا يرتقي، التقوى تعمل له سياج والصبر يجعله يستمر في الترقي. آخر الجزاء في آيات عباد الرحمن قال تعالى (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)) كل الجزاء لأنهم صبروا. سورة الفرقان كونها تسمى الفرقان يحتاج لوقفة والختام لكل الصفات التي ذكرناها قال (بما صبروا) لم يحدد على ماذا صبروا وكأن الآية تشير إلى الصبر المطلق لمن أراد يكون من عباد الرحمن لأن الذي يجب أن نتوقف عنده اليوم أن المسألة تتعلق بأمور لم تذكر. في بداية الصفات قال (وعباد الرحمن) وقلنا أن الواو هنا لها وقع مهم. لما نسمع صفة من أخص الصفات وهي قوله تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73))، بعد كل الصفات التي ذكرها تعالى عن عباد الرحمن قال في الجزاء (بما صبروا) موضوع الصبر هذا يعطي ملمح بأن الأمر صعب وموضوع التقوى نسبية أمر صعب لأن هناك زمان أسهل من زمان واختيار الله سبحانه وتعالى لكل واحد فينا تاريخ ميلاد فترة من كذا إلى كذا له وقع داخل المكان مع الزمان يعني الموضوع نسبي لكل واحد فينا ولكل مجتمع وسنتكلم في نسبية مطلقة والبعض يقول ليتنا كنا في عهد النبي r لهذا نقول أنت لا تدري هل كنت ستكون من المؤمنين أو من الكافرين تماماً كما تسأل طفل ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟. هل البيئة تؤثر أو الوراثة تؤثر؟ هذه المسائل كلها تعود إلى الله تبارك وتعالى ونحن كمسلمين جئنا مسلمين بالسليقة علينا أن نكثر من قول: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. القرآن لما يتكلم يتكلم عما في أيدينا أن نفعله فعندما تكلم في صفات عباد الرحمن قال تعالى (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)) تكلم أنهم يعملون ما في أيديهم وما ليس في أيديهم يسألوا الله سبحانه وتعالى أن يعنهم عليه لأن مشوارهم يحتاج للصبر. الصبر ليس أمراً سهلاً عندما يكون هنالك تكليف وتوصية بالصبر فلا بد أن هذا التكليف صعب ويحتاج إلى صبر. البعض يقول أن التقوى صعبة وأن القابض على دينه في هذا الزمن كالقابض على جمر لكن نقول لهؤلاء هل يمكنكم أن تصبروا على نار جهنم؟ في ختام سورة الفرقان قال تعالى (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)) وفي سورة البقرة (أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)) يتكلم تعالى عن أهل النار، مفارقة أن عباد الرحمن يأخذون الجنة بما صبروا والكافرون يسألهم الله تعالى سؤالاً استنكارياً من باب التهكم أنهم يعملون أعمالاً ستؤدي بهم على النار وهم يعتقدون أنهم بعيدون عنها. كل من كفر بالله تعالى يستبعد العذاب لذلك كل الأحاديث وتوقيع الآيات توصي بأن لا تستبعد المسألة لأن الناس يقولون أين نحن من القيامة؟ والحكيم قال: إن غداً لناظره قريب. لذلك توقيع القرآن كان مبدعاً في هذا الأمر في قوله تعالى (أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) النحل) هل هو وقع أو لم يقع؟ القرآن الكريم يعلمنا أن ما وعد الله تعالى به أنه قد حصل طالما وعد الله تبارك وتعالى به اعتبره حصل ولذلك (أتى) بالفعل الماضي ثم أمرك ألا تستعجل. مسألة العقيدة يجب أن تكون في عقيدة كل واحد فينا أن كل ما أراده الله تعالى وقع أزلاً ولذلك (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) أي اظهر. لكنه ساعة أراد وقع وهذا سر (أتى أمر الله) لم يقل سيأتي. بالنسبة لنا نقول سأفعل ذلك إن شاء الله تعالى ولكن بالنسبة لمراد الله حصل هذا عقيدة أن تعتبر ما أراده الله وقع وهذا توقيع (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) ما معنى لا تستعجلوه؟ هو كل شيء عنده بقدر، هو أتى لكن متى يقع؟ كل شيء له ميعاد وربنا لن يغير ما أراده في مراده حتى يرضيك ولذلك جمعت سورة الفرقان في أواخرها كل ما يخطر على بالك في مسألة العقيدة. مسألة الواو في قوله تعالى (وعباد الرحمن) وفي الختام قال (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)) (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)) هؤلاء ليسوا من عباد الرحمن وإنما الذين لم يعرفوا أن يكونوا من عباد الرحمن وهذا من عظمة الصياغة القرآنية وصف عباد الرحمن بصفات ثابتة وصفات منفية وبعد أن أنهى ذكر صفاتهم وأدخلهم الجنة قال (قل ما يعبأ بكم ربي) من هؤلاء؟! عندما يتكلم القرآن عن أي صفة يعمل حساب مقابلها إذن عباد الرحمن فئة لها صفات كثيرة جداً والذي لن يتمكن أن يكون منهم ولا من أقرانهم من المحسنين والمتقين المقابل سيكون صعباً جداً والعياذ بالله النفاق، الشرك جمعوا في بوتقة واحدة (قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم) شرح هذه الآية أن الله تبارك وتعالى قرر أن فلان كذا وفلان كذا ولم يمنع أن يأتي من ولد نصرانياً أو يهودياً أن يُسلم أو مسلم يتهود أو يتنصر لذا صدق تعالى (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لكن المؤمن إن وجد خيراً فليحمد الله ولذلك دعاء أهل الجنة في الجنة "الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله". قال تعالى (قل ما يعبأ بكم ربي) لولا أن الله تعالى قدر أن تنادوا وتدعوا إلى هذا الدين ليس هناك أهمية كما ذكرنا في الحديث القدسي لن يزيد أحد ولن ينقص من ملك الله تعالى شيئاً فأنت الذي تحتاج إلى الله والاستعانة به ولو كنت في عز إيمانك لا تغترّ. من الناس من يسمع كلام الله تعالى ويقول حاضر والبعض يجادل ويجادل في آيات الله تعالى فهل هذا أحد معاني أن يكون أحدهم أطرش لا يسمع وأعمى لا يرى؟ في توصيف عباد الرحمن أكثر من ملمح وتركيب الآيات لما قال أول صفة غير الصفة الثانية، والآية (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)) هي الصفة الثامنة من صفات عباد الرحمن، كان يمكن في خارج القرآن أن يقول وعباد الرحمن الذي إذا ذكروا بآيات ربهم لكن يمكن أن يقال (ذكروا) ونحن نتكلم عن أول صفة من صفات عباد الرحمن؟ طالما قال (ذكروا) يعني هم يعرفون المنهج لذا لا تنفع أن تكون صفة أولى. في التلقي عموماً لديك أمران إما أن الموضوع الذي تتحدث فيه له قدوم أول على السامع وهنا يكون الأمر تعليماً وليس تذكيراً وإما أن يكون الموضوع تذكيراً يكون متأكداً أن هذا ليس القدوم الأول وإنما يذكِّر. نحن نشرح في صفات عباد الرحمن كلمة (ذكروا) معناها يتناسوا أو يغفلوا؟ كلا بدليل أنه أثبت لهم صفات تنفي عنهم النسيان وصفاتهم التي أوصلتني إلى هذه الصفة الثامنة تثبت أنهم ليس من صفاتهم أنهم ينسوا. هم يخشعون ويحافظون على الصلوات ويبيتون لربهم سجداً وقياماً والله تعالى يريد أن يثبت لهم أمراً جديداً فهم لديهم الفطرة السليمة التي أخذت الميثاق الأول في عالم الذر (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) الأعراف) إذن عباد الرحمن حافظوا على الميثاق الذي لم يستطع أحد أن يحفظه فكلمة (ذكروا) لا تتكلم عن أمر حصل لهم في الدنيا وإنما تتكلم عما حصل في عالم الذر والفطرة السليمة احتفظت لهم به بدليل أنهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً ولا يزنون ولا يقتلون، فالذي جعلهم يبيتون لربهم أنهم ذكروا بالميثاق الأول والقدوم عندهم ليس آيات وإنما ما أخذه الله وأراد أن نمتثل به لكننا لم نفعل لذلك (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) الروم) إذن الدين القيم هو أن تذكر الذي لا يذكره أحد ولذلك استعمل الواو ونسبهم إلى نفسه سبحانه فقال (وعباد الرحمن) لأخص صفة من صفات الله تعالى وهي الرحمن. عباد الرحمن لم يكونوا من النبيين وإنما معهم كما في سورة الإسراء (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا {س}(109)) لمجرد أنهم أوتوا العلم أول ما يسمعوا القرآن هذا أول قدوم عليهم بالنسبة للقرآن لكن بالنسبة للعلم هذا قدوم ثاني بالنسبة لهم كمعلومات لأن التوراة والانجيل والقرآن لم يختلفوا، إذا كان القرآن عندهم قدوم أول لكن الرصيد الذي عندهم من التوراة والانجيل تجعل القرآن عندهم قدوم ثاني. الذي جعلهم يفهمون القرآن أن عندهم التوراة والإنجيل لكن الذي جعل عباد الرحمن فهموه ولم يخروا عليه صماً وعمياناً أن عندهم فطرة وهذه صفة لم تتحقق على مر العصور إلا لعباد الرحمن وهذا الذي جعلهم يتساوون بالنبيين كما في قوله تعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا {س}(58)) وأصبحوا مع النبيين. يجب أن نفهم (وعباد الرحمن) من أين أتت؟ في الإسراء قال (قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107)) لم يقل كلمة الرحمن وقال يخرون عليها سجداً ويبكون ثم قال في سورة الإسراء (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ) وفي مريم قال (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن) بعد أن ذكر الأنبياء على مر العصور قال (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ (58) مريم) إسرائيل يعني يعقوب، المذكورين عم الذين منهم تفرع النبيين كلهم، ثم ممن هدينا واجتبينا هؤلاء ليسوا بأنبياء، (وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا) يعني الحمد لله الذي هدانا لهذا. نبيين وغير نبيين ومنهم عباد الرحمن قال (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) لم يقل ربهم أو الله لأن وقع عندهم أن الرب أو الله هو الرحمن ولذلك قال في الإسراء (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى (110)) إذن أخص صفة في الأسماء الحسنى هي الرحمن الذي سيكون منها الانتساب من فئة من أمة محمد r يستوون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا (69) النساء) أي الذي يضع نفسه مع عباد الرحمن في التوصيف سيكون في الآخرة مع النبيين. الجنة درجات فانظر أين تضع نفسك؟ قال تعالى غرفة وليس جنة، كلمة غرفة عند العرب تعني أنها عالية لذلك لم يقل في صفات عباد الرحمن أنهم يجزون الجنة وإنما أخذوا أعلى الجنان منازل النبيين فقال (أولئك يجزون الغرفة). فلما نراجع آيات سورة الإسراء ومريم والفرقان نجد أن قوله تعالى (وعباد الرحمن) الواو هنا كانت تعقيباً على تشبيههم ووصفهم مع فئة لا تكون باختيارنا نحن وهم النبيين لكن في اختيارنا أن نكون معهم لذلك قال (أولئك يجزون الغرفة) وسيصبرون على ابتلاءات الدنيا لأن الجنة تستأهل هذا الصبر والرسول r الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر طلب منا أن نسأل الله تعالى الفردوس الأعلى التي هي الغرفة. بُثّت هذه الحلقة بتاريخ 29/1/2008م |
عنوان الحلقة: التوبة والإستغفار 67 تقديم علاء بسيوني قلنا هذا الكلام رداً على بعض الناس الذين يسألوننا هل ما زلتم في سورة الفرقان؟ وهل ما زلتم في مسألة التوبة والاستغفار؟ ولماذا مررتم بسرعة على آيات الإسراء ومريم؟ هنالك بعض الناس الذين يريدون أن يفهموا بتدبر. الخشوع الذي تكلمنا عنه وارتباطه بتلقي آيات الله ونحن كنا نتكلم عن قوله تعالى في سورة الفرقان (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)) والقرآن الكريم ضرب لنا مقابل آخر (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) الإسراء) (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) مريم) نلفت النظر أولاً للمقابلة أن هنالك من يسمع الآية الإلهية فيتحول إلى أصم وأعمى وهنالك من يسمع الآية وجوهر التكليف فيزداد خشوعاً ويبكي، فلماذا يبكي؟ وكيف تأتي هذه الحالة؟ لكن أولاً نفهم التوصيف فما معنى (يخرون للأذقان) وهل هي مختلفة عن يخر ساجداً؟ هل السجود أمر والخرور للأذقان أمر آخر؟ هذه المقدمة هو ما يجب أن يكون عليه لا نقول المسلم أو المتقي أو المحسن وإنما عباد الرحمن، هؤلاء العباد تميزوا بالصفات التي ما زلنا نشرحها والصفة التي وقفنا عندها هي صفة التلقي. علينا أن نفهم مسألة التلقي: ننظر لأي إنسان إذا رجعنا بالذاكرة إلى الإعدادي والثانويي، من هو المتفوق؟ المتفوق هو الذي يتلقى بوعي والوعي لو درسناها جيداً هي الكلمة التي أطلق خطأ وهي الحفظ. هذه الطريقة في التلقي هي التي أوصلتنا لمسألة الخرور أو نوع الخرور. الآية في سورة الفرقان في وصف عباد الرحمن لا تنفي الخرور وإنما تنفي كنه الخرور ونوعه (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)) إذن خروا سجداً أو بكياً، الناس تتصور أن النفي للخرور، الآية لم تقل لم يخروا وإنما قال لم يخروا صماً وعمياناً، هم يخرّون ولكن سجداً وبكياً هذا في توصيفهم قبل أن يكونوا من عباد الرحمن، سجداً وبكياً تأتي مع المؤمنين المتقين لكن عباد الرحمن أعلى صفة. نقف عند الفعل يخرّ: هناك فرق في اللغة عندما نقول فلان سمع الذكر أو القرآن فسجد أو فلان سمع الذكر فخرّ ساجداً فما الفرق بينهما؟ لو فهمنا الفرق بينهما يمكن أن نصل إلى الموضوع ولكن لا نريد التسرع. لو قلت سجد فلان يكون مالكاً زمام كل أعضائه ومسيطراً عليها ويحسب سجوده بدليل أنه عندما نسمع السجود في القرآن لا نجدها للأذقان إلا مع فعل خرّ. هناك سجود كثير (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا (100) يوسف) هذا الخرور الذي يكون العبد غير مسيطر على أعضائه يعملها بدون تنظيم ومن غير إنفعال أو تصنّع وإنما يفعلها طبيعياً أول ما يسمع يخرًّ، استجابة لا إرادية (لكن ليس بمعنى لا وعي لأن الوعي شيء واللاوعي شيء آخر لأنه أثبت لهم أنهم لم يخروا صماً وعمياناً وإذا أردنا إثباتها نقول خرّوا بآذان واعية وأعين واعية إذن أثبت لهم الوعي ومن كثرة ما وعي خرّ، إذن لا إرادية لا تنفي الوعي، خرّ ساجداً لا إرادياً لكن بمنتهى الوعي. لأن هذا الإنسان فهم جيداً وتلقى جيداً أثّر فيه فاستجابت جوارحه فصدقت أعضاؤه فخرّ لله تعالى. كلمة خرّ لا تأتي إلا مع من فهم كنه الإله، علم من هو المسجود له؟. أن تعي هذا الأمر مسألة بحد ذاتها ولذلك من عرف الله خافه ومن خافه إمتثل أوامره. ساعة يعصي الإنسان يقفل الشيطان على منطقة الوعي الكبير (وعي الله) لهذا قال (يخرون للأذقان) ولم يقل يخرون سجداً. ما معنى يخرون للأذقان؟ الخرور هو سرعة الأداء نتيجة علو الوعي، يعني قمة الإدراك مع اللاإرادية من الإنفعال الذي حصل أي فهم جيداً ولما أفهم يعني أن هذا الإله الحق لا ينفع إلا أن أسجد له فلم أسيطر على أعضائي. إذا نظرنا لمن هو ساجد وأخذنا له مسقط أفقي نجده ساجد على الجبهة مع الأنف وهذا موضع واحد في السجود ويجب أن يستوي الأنف مع الجبهة، هذا السجود هو السجود بالإرادة لكن الخرور لا يكون بإرادة فما الذي يجعل الجبهة مع الأذقان؟ أن يختفي البروز الذي هو الأنف فلما تخر للأذقان تكون كأنك أزلت علامة التكبر لأن الأنف علامة التكبر في الدنيا حتى في التعبير العامي يقولون رافع أنفه في السما. لو أنت ساجد بإرادة ستنزل على أعضاء وجهك لكن لو خررت بلا إرادة كأنك أزلت الأنف دليل التكبر، سجد لدرجة أنه ليس هناك كبر ولا استعلاء وأنه لا شيء أمام الإله الحق. يخرون للأذقان أي من كثرة ما الخرور أتى بطريقة لاإرادية في السيطرة على الأعضاء يكون كأنه ساجد على ذقنه وهذا يعني كأنه ليس فيه ذرة كِبر ولا استعلاء ولهذا لو نظرنا إلى خرّ انظر إلى سجدة الصلاة وسجدة التلاوة في المساجد سجدة التلاوة أقرب للخرور لأن الجميع يسجد سجدة التلاوة وراء الإمام بسرعة لأن هناك آية سجود وآيات السجود كلها عظمة لله وخشوع. وموضوع الكبر هو الذي أوصل إبليس ومن على شاكلته ومن يتبعه إلى ما هو عليه، الله تعالى حرّم الجنة على من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر وقال تعالى لإبليس (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) الأعراف) لأنه في حضرة الرحمن. الإنسان الذي سيعي بصدق ومعرفة يقينية قدر المولى سبحانه وتعالى ويفتح القلب للتلقي للآيات هو الذي فتح الطريق. عندما نعلم أولادنا المذاكرة نعلمهم أن يحبوا الموضوع الذي يذاكرونه وليس مجرد مذاكرة للامتحان فقط لينجحوا فيه وإنما نريدهم أن يتعلموا، لا نريد أن نكون جهلة وإنما يجب أن ننهل من العلم لنترقى فالذي يعمل هذا مع القرآن يفهم جيداً كأنه يستعد لأحسن صورة للتلقي فيعطيه الله تعالى بأحسن صورة من الفهم والوعي فيصل إلى الحالة الإيمانية فيخر الإنسان بأعضاء روحه ساجداً قبل أن يخر بأعضائه وهذا ينتفي معه الكبر وهي مشلكة إبليس التي أوردته المهالك هو ومن على شاكلته ومن يتبعه. ولذلك أقسم رسول الله r أنه لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر وهذا القسم من الرسول rفي أوج أنه أرسله الله تبارك وتعالى رحمة للعالمين، قولها مع التركيب الصياغي في الحديث يبين خطورة الكبر وخطورة فروع الكبر للكبر فروع كثيرة جداً ولا يمكن إنسان عادي أن يحصيها فيقع فيها وهذا مرجعه إلى الوعي. البعض عندما تتكلم معه في نقطة يقول أين الكبر؟ مسألة أن تصرخ في وجه خادم أو خادمة أو نحوه هذا من الكبر لأننا عندما تتبادل الأوضاع مع الذي تتكلم معه لن ترضاه لنفسك فإذا قلت وكيف أكون مكانه؟! هذا من الكِبر، هذا فرع لكن لا أحد يعلمه وهذا نعيده لما قاله أنس بن مالك خادم رسول الله r والخدمة عند رسول الله r شرف لأي مخلوق، أنس قال أنه لم يقل له r عن أمر كان يجب أن يعمله ولم يعمله لم لم تعمله؟ ولا أمر ما كان يجب أن يعمله وعمله قال له لم عملته؟ ومع هذا كان رسول الله r أرق في تعامله مع الخادم لدرجة أنه مرة أرسله بثلاثة دراهم التي لم يكن غيرها في البيت فذهب ولعب وأضاع الدراهم فتأخر فخرج رسول الله r خلفه فسأله أنه تأخر وقال أين الدراهم؟ فقال ضاعت فسأله r هل تعرف أن تعود إلى البيت بعد أن تنتهي من اللعب؟ قال نعم. ضع هذا الموقف في الزمن الذي نعيشه أولاً الدراهم ليس هناك غيرها وضيعهم الخادم وهو يلعب فماذا كان سيحصل لهذا الخادم؟ كان سيحصل له ضرب وحبس وتعذيب بدون دواعي هذا فرع من فروع الكبر، الناس الواعية لا يقول فلان يعمل عندي وإنما يقول يعمل معي. هذا نتيجة الوعي بحق الذي قلنا عليه حفظ، الحفظ لا ينفع اغة ولا توقيعاً لأن الرجل الذي حفظ والرجل الذي فهم، من تأخذ معك في جلسة علم؟ نأخذ الذي فهم يسندنا في جلسة علم لأن الذي يحفظ لو نسي كلمة لا يمكن أن يكمل أما الفاهم يعي والكلمة الصحيحة للحفظ هو الوعي فالوعي عليه معول عليه جداً لذلك بعضنا سيأتي يوم القيامة ليس عنده حصيلة قرآن أبداً أي عمل وأنا أذكِّر الناس بالسؤال الرابع في القبر غير المشهور في المنابر، ما عملك؟ الإجابة: قرأتُ كتاب الله فآمنت به وصدقته، آمنت به يعني قرأته بوعي وفهمت وصدقت أي طبقت هذا الكلام يعني عملت به. لم يقل (وقل قولوا) وإنما قال (وقل اعملوا) العمل هو المهم ولذلك حصيلة القرآن يوم القيامة العمل. لن تجد في الجنة يهودي أدرك رسول الله r ولم يؤمن به، وأيضاً المسلم الذي لم يقرأ القرآن ووعاه وفهمه وعمل به لن تجده في الجنة لأن الفيصل عندنا العمل. عندما يأتيك أحد بخبر لم تتأكد من صحته تقول إدّعى ولا تقل قال لأنها لا تخدم المعنى وعندما نطبق رأي عمر بن الخطاب في القضاء قال عمر البينة على من ادعى، يثبت بها حجة قوله، واليمين على من أقسم. البينة على من ادعى نفهم من هذا أنها هذه كارثة ونحن حياتنا كلها للأسف إدعاءات وهذا الذي وجدنا نتيجته أن الله تعالى يقول في سورة الفرقان (وعباد الرحمن) أي أن عباد الرحمن مختلفين عن كل التوصيف السابق ولما قالها تعالى أعطانا صفات بطريقة توقيع غير مسبوقة قمة الإبداع، هناك صفات أثبتها لهم وصفات نفاها عنهم، مثلاً (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا (63) الفرقان) هذه صفة إثبات وفي آية أخرى قال (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ (68)) لم يقل الذين وصلوا في التوحيد إلى غاية التوحيد لأن هذه الصفة بالإثبات لا يعملها إلا هم والصفة الثانية المنفية الناس كلهم يعملونها إلا هم والاستثناء للقلة. (وإذا ذُكِّروا) التذكير يختلف عن الفهم الشائع عند الناس أنك لما تذكرني بشيء يجب أن أكون أعرفها لكن أعرفها في حق عباد الرحمن هي قاعدة في الفطرة السلمية لم يعملها غيرهم ولما تنظر لهذا الاستثناء لهم، مَنْ مِن خلق الله أخذ هذه الصفة في القرآن؟ (وعباد الرحمن) هذه صفات البشر ولم يأخذ هذه الصفة في القرآن إلا الملائكة ولذلك ليس من قبيل الصدفة أن يقول تعالى (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ). عندما ذكرنا الكِبر وخطورته نجد أن بعض الناس من المتقين يرتكبون شيئاً من الكِبر حتى وهو يعمل الخير كالذي ينادي على ولد فقير وهو في سيارته ويمد يده ويعطيه بشكل فيه كِبر، يجب أن نعلم أن المفروض أن الذي يكسب في هذه العملية هو الذي يتعب، لكن هذا الرجل هو الغني وأعطى الفقير وأعطاه المال بصورة فوقية وكان مفروضاً به أن يذهب إلى الفقير المحتاج ويعطيه. توصيف اليد العليا والسفلى أن اليد العليا هي التي تعطي والسفلى هي التي تأخذ. لو عرف الرجل الذي يقول خُذ قيمة الآخذ لقال الحمد لله الذي أرسل لي من يحمل حسناتي إلى الجنة دون أجر، الفقير يعطيني حسنات توصلني الجنة وهو ليس له أجر في هذا، أصحاب البيوت الذين يطرق بابهم سائل في ستر الليل يجب أن يعلموا أن الله تعالى أرسل لهم هدية، والسيدة عائشة كانت تعطر مال الصدقة والسيدة خديجة دعت للسائل دعاء وعلينا أن نتعلم من هؤلاء ونطبق ونعي المسألة، لذلك وعي الموضوع أن الآخذ له فضل علي ويجب أن أعيها وتكون في حساباتي والكثير منا يتصرف بحسن نية لكن الاستثناءات لا ينبني عليها تشريع، نحن لا نتكلم عن المتعب لأن لديه عذر والقرآن عذر المريض والمسكين ونحن نتكلم في صفة العموم والقاعدة الأصولية أن الضرورات تبيح المحظورات لكن يبقى الوعي للمسألة. هناك فرق بين إنسان يسمع آيات الله والتكليف الإلهي فيخر ساجداً للأذقان وبين من يسمع التكليف فبدل أن يشعر بثق المسؤولية عندما يسمع الذكر وكأنه لا يرى ولا يسمع. هناك مفارقة أخرى وهي حالة الخشوع التي نحن نبحث عنها في الصلاة والعبادات وهناك أناس يصلون إلى مثل هذه الحالة عن طريق المعصية فتجد إحداهن تقول أنها تسمع الموسيقى ثم ينتابها شعور بأنها يجب أن ترقص ولا يمكن أن تتمالك نفسها وتحركت جوارحها للمسخرة. في مسألة الخشوع ومسألة السجود قلنا أنه من أعلى التوصيفات أن يخر ساجداً وليس يسجد فقط وهناك موقف في قصة موسى مع السحرة في الآيات التي تحدثت عن القصة (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) الشعراء) الفعل مبني للمجهول ويحمل معنى الإجبار، السحرة آمنوا بعد أن علموا أن ما فعلوه هم هو إيحاء لكن ما جاء به موسى سحر وتحولت العصى إلى حية فعلاً ورغم أنهم آمنوا ورأوا الدليل والبرهان وصفهم القرآن بأنهم ألقوا ساجدين فلماذا؟ الخرور هو قمة الوعي قمة الإدراك فيعملان لا إرادة في السجود. لما نقول قمة الوعي والإرادة نعني أن الإنسان سمع الآيات وهو يسمعها عرضها على الواقع فوجدها منطقية جداً وعقلانية جداً لا تخرج خارج إلف المعتاد وهذا عمل رصيداً من الخشوع فأعطاه اللاإرادة هذه بإدراك كامل ووعي كامل ولهذا قال تعالى عليهم (يخرون أو خروا أو يخروا) ولم يقلها على سحرة موسى مع أن المعنى فيها لأنهم رأوا البرهان والمعجزة الإلهية وكثير من الناس في عضرنا هذا يطلبون المعجزة للتصديق. بالنسبة لموقف السحرة رأوا الآية والمعجزة لكن في القرآن لم يقل أنهم لم يخروا ساجدين. (ألقي) فعل مبني لما لم يُسمى فاعله (لا نقول مبني للمجهول لأن الفاعل هو الله هو الذي ألقاهم). الخرور قمة الوعي والإدراك عمل خشوعاً وهنا لما سمع لم يتنازعه شيء، لو ذكرنا سورة مريم الذي فعل هذا هم النبيون والذين اجتباهم ربهم وهداهم (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) مريم) لما أُطلق على الرجل الخرور هو عنده نزعته ولم يتنازعه شيء. ذكرنا في الحلقة السابقة أن الفطرة هنا سليمة لدرجة أنهم تذكروا الميثاق (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) الأعراف) لكن هؤلاء قال (ألقي) معهم لأنهم رأوا اليقين لكن تتنازعهم العقيدة التي كانت عندهم لأنك تأخذهم من إمام إلى مأموم، وهذا الذي يمنع بعض الناس من أن يسلموا، هل أصلي خلف هذا وأنا فلان الفلاني؟ هذا منعه الكِبر. الذي يتنازعهم أمران: منطق ويقين وأمور تراهم بعينك. لماذا سجد السحرة؟ لأن هذه هي الماء في حارة السقايين كما يقال بالعامية. السحرة أُلقوا لأنهم رأوا اليقين وكأنهم يقولون نتمنى أن نسجد لكنهم لم يسدوا فألقاهم الله تعالى، الوضع الطبيعي أن يسجدوا لكن لو سجدوا لموسى ماذا سأصبح وماذا كنت؟ وقد كان وعدهم فرعون بالثواب، هؤلاء ليس عندهم فطرة سليمة ولا خشوع. الخرور جاء على من له فطرة سليمة تلاقت الإرادتان فجاء الخرور رغم أنه غير إرادي كان بوعي منهم والسجود عند السحرة قمة التصديق لكن يتنازعهم أمراً أنهم لو سجدوا لموسى كاذا سيصبحون وماذا كانوا قبله؟! لما نوقع القرآن هم في هذا الموقف أداة، لما سجدوا بهذه الطريقة هم أداة لغيرهم هذه إرادة الله تعالى هنا في هذا الموقف لأنه قد يقول أحدهم لو سجد الساحر سيسجد الناس. الناس التي تتفرج على هذا الموقف حساباتهم إما أن يكون موسى صح أو السحرة صح، ماذا سيفعل المتفرج؟ إذا الساحر لا قدر الله كسب سيكون معه وإذا كسب موسى؟! الغريب أن الناس الذين كانوا موجودين في عصر فرعون فطرتهم مشوهة ولم يقولوا لو كسب موسى سنتبعه وإنما قالوا (لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40) الشعراء) إذن الغالب على ذهنهم أنهم يريدون أن يمشوا وراء الساحر فماذا لو سجد الساحر؟! لذلك ألقاهم الله تعالى والفاعل في الفعل الذي بُني لما لم يسمى فاعله هو الله تعالى، وهذه مسألة نائب الفاعل، نائب الفاعل هو المفعول به في الجملة السليمة التي فيها الفعل مبني للمعلوم (ألقى الله السحرة ساجدين) لما تحذف الله وتسندها لهم يصبح المفعول به نائب فاعل، ولهذا الفرق بينهما أن عباد الرحمن فطرتهم سليمة فمع قمة الوعي والإدرك حصل الخشوع فأعطى اللاإرادة إنما هنا ماذا سأكون إذا سجدت وماذا كنت؟ إذن لو ترك الأمر لهم ما سجدوا لذلك ألقاهم الله تبارك وتعالى. بعد هذا فرعون يهددهم بالويل والثبور وهذا ما نقوله لأولادنا أنهم سجدوا بتوفيق الله، إرادة الله تعالى شاءت أن يسجدوا وهناك من يدخل المسجد عفواً ولا يغادره حتى يموت، لا يغادره يعني يعتاد عليه حتى يموت (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ (18) التوبة)، كله يسير بفضل الله تعالى ولذلك (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِ (28) وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) التكوير) هذه يجب أن يضعها المؤمن نصب عينيه ولذلك دعاء أهل الجنة داخل الجنة (الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله). رغم أن هناك من رأى البرهان كأن لديهم أمل بأن يكسب السحرة ورغم ذلك قال لهم فرعون هذا كبيرهم الذي علمهم السحر واسخف فرعون قومه فأطاعوه وستجد إلى يوم القيامة جنوداً للباطل أمام الحق وهذا دأب الحياة. في مسألة الله والرحمن: لما قرأنا في سورة مريم (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)) لم لم يقل آياتنا أو آيات الله؟ لماذا صفة الرحمن؟ هل يمكن استعمال صفة أخرى تعطي خشوع أكثر وخوف أن هنالك تكليف وعقاب؟ هذا نفس الذي سنقوله في آية سورة الإسراء ويظل هذا الكلام صالحاً لكل الله أو الرحمن، هو الله هو الرحمن. لو رجعنا إلى سورة الإسراء نجد أنه وهو وصّف الله تعالى العباد والعبادية والعبودية بين سورة الإسراء ومريم والفرقان استخدم إما الله وإما الرحمن (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ). نضع السؤال عند قوله تعالى (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى (110) الإسراء) ويبقى اختار الله تبارك وتعالى لصفة الرحمن أنها هي المقابل إن صح التعبير لله يعني لو قلت يا الله هذه تجمع كل صفات الجلال والكمال فإذا لم تقل الله قُل يا رحمن. بُثّت هذه الحلقة بتاريخ 5/2/2008م |
التوبة والإستغفار 68 الله – الرحمن لفظ الجلالة هو الإسم الجامع لكن ما خصوصية إسم الرحمن في القرآن؟ وما هي خصوصية عباد الرحمن؟ ولماذا يصف الملائكة بأنهم عباد الرحمن؟ (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى (110)) ما الفرق ولماذا أتى بالإسم الجامع الله ثم إسم الرحمن ثم أطلق الأسماء الحسنى جميعاً؟تقديم علاء بسيوني خواتيم سورة الإسراء (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)). ما دلالة لفظ الجلالة الله والرحمن وما الرابط بينهما؟ وهل (أو) في الآية لأن اللفظين متساويين؟ أو هي للتخيير؟ ولماذا أطلق بعدهما الأسماء الحسنى؟ الوعي والتدبر أن نسأل أنفسنا هذه الأسئلة عندما نقرأ هذه الآيات فهذا من تدبر القرآن. (أو) هل هي للتخيير أو للتساوي وإذا كان اللفظان متساويان فما الفرق بينهما؟ الله هو الإسم الجامع لكل صفات الجلال والكمال فالذي لم يسعفه توصيف حالته يقول يا الله أو يقول يا رحمن لأنها أخص، لا نريد أن يفهم الناس قوله تعالى قل ادعو الله أن يدعو هكذا ارفعوا أيديكم وادعو هي ليست كذلك ولكنها هي نفس إطلاق اللفظ أو الإسم. ولله المثل الأعلى تقول فلان يُدعى كذا، يدعى هنا لا تعني الدعاء كما نفهم وإنما يدعى بمعنى يُطلق عليه إسم كذا. إذن كلمة ادعو لا تُفهم على أنها الدعاء فقط وإنما أطلقوا، سمّوا، خذوا الإسم ومعاني كثيرة جداً. لا يجب أن نفهم كلمة ادعو من ناحية واحدة بمعنى السؤال أو الطلب وللأسف قرأتها في كتب كثيرة مشروحة على أنها بمعنى اطلبوا. اطلبوا كلمة فيها مشكلة لغوية كبيرة الطلب يختلف باختلاف الطالِب والمطلوب منه، فالطلب في القرآن له فروع كثيرة جداً لو فلان يطلب من فلان ننظر للإثنين إذا كانا بقدر بعض هذا يسمى إلتماس لأنهما في درجة واحدة وإذا طان صغيراً يطلب من كبير يكون رجاء وإذا كان كبيراً يطلب من صغير فهو أمر. لو شخص يطلب من المولى عز وجل يسمى دعاء وهذا كله يسمى الطلب. الله هو الإسم الجامع لكل صفات الجلال والكمال، من الذي أطلق هذا الإسم؟ هو الله تبارك وتعالى، جعل الله علم على الذات الواجبة الوجود التي نخطيء فيها ونقول موجود (البعض يقول الله موجود) قصدهم صحيح لكنهم يوصفون خطأ، إذا قلنا موجود فهو إسم مفعول يعني هناك من أوجده أما عند المولى عز وجل الله واجب الوجود بدل أن نقول موجود. لما نقول واجب الوجود يوصلنا إلى أن الله تعالى هو العلم على الذات الواجبة الوجود ولم نسمع حتى من الذين ادعوا الألوهية أنه سمى نفسه الله، فرعون قال (أنا ربكم الأعلى) لم يقل أنا الله، يعني هذه مسألة تخرج –إن صح التعبير- بالله تبارك وتعالى إلى القاعدة الأصولية في كتابنا العزيز (ليس كمثله شيء) يعني كلما تكلمنا عن المولى عز وجل سنضعه على مدار ليس كمثله شيء. فرعون قال (ما علمت لكم من إله غيري) لم يقل الله وإنما قال إله وإله هو توصيف أما الله فهو الإسم ولم يُسمى بهذا اللفظ من قبل الله تبارك وتعالى مخلوق لله تبارك وتعالى. لو أن أحدهم لديه 11 ولداً وهو يحب الرسول r حباً كبيراً فقال أنا أريد أن أسمي جميع الأولاد محمد فلو نادى يا محمد سيرد عليه الجميع فهو نفسه صار يقول محمد الصغير، محمد الكبير، طالما تسمي إسماً واحداً يجب أن تُلحِق به ما يميزه وهذا جاء من مطلق قوله تعالى (فله الأسماء الحسنى) أي أن هناك الرحيم والعزيز والقدير فأنت لو سعفك صفة من هذه الصفات ادعو بها : يا عزيز، يا جبار، يا قدير فإن لم يسعفك فقل واحدة من اثنين: يا الله (وهو الإسم الجامع لكل الصفات) أو يا رحمن الذي يرحمك في دعائك وسؤالك. أنت تسأل لأنك مضطر فالله تعالى يرحمك ويعيطيك ما تريد. (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى) الآية أثبتت أن له أسماء كثيرة والحديث صحيح "إن لله تسعاً وتسعين اسماً مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة" هذا في البخاري ومسلم أما في رواية الترمذي وضع الوليد بن مسلم فيها أسماء لم يقلها الرسول r وهناك بعض الأسماء فيها خطأ في التوصيف اللغوي لن نتحدث عنه الآن. إذا لم يسعفك إسم من أسماء التوصيف سواء صفات الجلال أو الكمال فخذ الله أو الرحمن. لماذا الرحمن في الصفات؟ لو تدبرنا آيات الإسراء ستعرف سبباً من أسباب كثيرة، بعدما قال (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى) أمرنا تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا). ما دلالة ذكر الصلاة مباشرة (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) بعد قوله تعالى (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى)؟ هذه وسيلة الطلب، السبيل هو وسيلة الطلب والدعاء وإطلاق الإسم على الله أن تكون في صلاتك غير مجاهر ولا مخافت فالصلاة صلتك بالله فذكرها لتوقيع الإطلاق. هل المقصود بالصلاة في الآية الصلاة التعبدية المفروضة علينا أو لها معاني أخرى ومفهوم أوسع؟ البعض لما قرأ الآية قال نحن نصلي خطأ لأننا في صلوات نجهر بالصلاة وفي أخرى نخافت بها فأين الحقيقة؟ النص يحتمل كل الآراء لكن الذي يحزننا أن نقصر الكلمة على معنى والصلاة هنا ليس مقصوداً بها معنى الصلاة المشهورة وما سنه الرسول r في النوافل الأخرى وأطمئن أن صلاة الرجل خلف الإمام ما يحدث في المساجد صحيح مائة بالمائة لكن المعنى الذي نأخذه من الآية: إذا كان هناك رجل يصلي ويقرأ في سرّه فهو يؤدي كما أدّى المسيء صلاته بالضبط. المرحلة التي تتكلم فيها الآية بين الجهر والخفوت هي الحالة التي لا يمكن لك معها أن تسرح ولا يمكن أن تقرأ بسرعة وهي نص ما ذكره تعالى لرسوله r(ورتل القرآن ترتيلاً) الفاتحة وبعدها ما تيسر من القرآن (البعض يقول سورة قصيرة ولا أدري من أين أتوا بهذا المصطلح)، هي ما تيسر لك وهذا أمر نسبي بالنسبة للأشخاص، فإذا طبقت الآية في قراءتك للفاتحة وما تيسر تكون ممن (ورتل القرآن ترتيلاً) تقرأ الفاتحة وما تيسر تجهر وتخفت بحسب الزمان والمكان (صلاة جهرية أو سرية، تصلي وحدك أو جماعة) طبق الآية في صلاتك في البيت (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) قال ابتغ بين ذلك سبيلاً حتى تراعي كل شخص هل يصلي لوحده أو معه أحد هل يريد أن يستمتع بتلاوته؟ لكن المهم أن لا تجهر ولا تخافت لأنك في الجهر قد تضايق أحداً وفي الخفوت سيحصل سرحان، ابتغ بين ذلك سبيلا تجعلك ممن يرتل القرآن ترتيلا ويجعلك تقرأ كما قرأ رسول الله r وهو الذي قال "صلوا كما رأيتموني أصلي". الذي يقرأ مسرعاً يسيء في صلاته. المرأة إذا كانت لوحدها تعمل هكذا وتسمع نفسها ما تقول. الآية الشاملة (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) الأعراف) لم يحدد من القارئ؟ حتى لو كنت أنت الذي تقرأ ركّز واسمع حتى تكون الصلاة صلة واتصال، الإمام مالك قال: إذا أردت أن أناجب ربي دخلت في الصلاة وإذا أردت أن يناجيني ربي قرأت القرآن، دخولك في الصلاة أنت تكلم ربنا فكيف نقولها بسرعة ونحن نكلم المولى عز وجل. لو ركزنا في الحديث القدسي المبدع في هذا الباب " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي" وسمى الفاتحة الصلاة ولذلك بعض المفسرين الفحول قالوا ولا تجهر بصلاتك أي بالفاتحة وهناك كلام كثير جداً في هذا الموضوع. قسمت الصلاة بيني وبين عبدي كما قال الرسول rمثلاً الحج عرفة، أخص الصلاة الفاتحة والركوع من الصلاة لذا لا تُسبِّح بسرعة. إن شاء الله نخصص حلقة عن كيفية صلاة النبي r وقبلها عن الوضوء لأن هناك كثير من الأخطاء في صلاتنا ووضوئنا. آخر حلقة في عباد الرحمن الناس ستقتنع أن الحمد لله أننا ما زلنا نحيا حتى نكون من عباد الرحمن. الآية (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) تطلق على كل صلاة، الصلاة المعروفة بالحركات التي نؤديها وكل صلة بالله تبارك وتعالى وهذه الآية كتوقيع لمسألة الدعاء لما يكون المعنى إذا دعيت. لكن نقف عند نقطتين في السؤال الأول (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ) لماذا قال تعالى بعدها (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا)؟ لما نبحث في القرآن الله تبارك وتعالى الإسم المطلق علم على الذات واجبة الوجود لله تبارك وتعالى ثم قال إذا لم يسعفك إسم تخص به الدعاء أو السؤال الذي أنت تريده قل يا الله أو يا رحمن. فلماذا الرحمن؟ نحن خلقنا على الفطرة التي أخذنا فيها ميثاق توحيد ومن بديع توقيع القرآن الكريم أن هذا اللفظ الله والرحمن أطلقوه وهم ينسبون لله تعالى ولداً سواء الولد إناث (الملائكة) أو عيسى u أو العزير u لأن هذا الخطأ بدأ من عند اليهود (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ (30) التوبة) قبل النصارى (وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ) وغيرهم من الكافرين نسبوا الإناث الذين هم الملائكة لله تبارك وتعالى. فالناس يجب أن تفهم هذه الآية (وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا (116) البقرة) (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) مريم). لم يذكر إسم من الصفات يوضع فيه نسبة الولد لله تبارك وتعالى إلا الرحمن ففي ختام الإسراء (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا) بعد أن ذكر الله والرحمن (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ) ذكر الإلتباس الذي حصل في الإسم العَلَم على الذات واجبة الوجود (الله) والالتباس الذي حصل في الرحمن (وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا (116) البقرة) (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) مريم). في سورة الزخرف المسألة واضحة (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)) نعرف منها إطلاق الرحمن على التسمية في إتخاذ الله ولد وأن الملائكة هم عباد الرحمن. حتى وهم يريدون تصحيح خطئهم ويجعلونه واقعاً قالوا (وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم). لذلك (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا (111)) ختمها بكلمة ولد والولد هنا ليس العزير وعيسى ابن مريم u وإنما حتى الإناث لأنه كل مخلوق ولد. الولد جزء من أبيه، الكافر مرة قال (قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا) ومرة قال (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) مريم) وهي الصفة من الصفات التي تتساوى مع الله. ولو نظرنا في القرآن نجد أن الرحمن تتساوى مع الله في الاستواء على العرش لما استوى على العرض استخدم مرة الله ومرة الرحمن (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) طه) يجب أن نأخذ القرآن كله. لو بحثنا في القرآن نجد أن كلمة الله أُطلِقت مرة بالرفع ومرة بالنصب ومرة بالجرّ فإذا عددناهم في القرآن نجدهم 2600 وكلمة الرحمن 57 مرة ولما نأخذ الآيات التي ذكر فيها الله والرحمن نجد أن مسألة نسبة الولد حتى يضرب لنا التوحيد والاستواء على العرش يعني يقابل مسألة إتخاذ الولد استواء الله على العرش التي هي الوحدانية نسبت لله وللرحمن وقس على ذلك. هكذا يجب أن يكون التفسير وأن نبحث في الآيات أين تقع وفي أي سورة وانظر كيف انتقلنا من سورة الفرقان إلى الإسراء إلى مريم إلى الزخرف وهناك آيات كثيرة جداً توضح أن الرحمن هي فعلاً الصفة الجامعة لصفات الجلال والكمال بعد الله ولذلك قال (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى) الذي وصف الإسمان والرحمن هنا في الآية إسم وليس صفة. في آخر سورة الإسراء قال تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) أمر من الله تعالى بالحمد الذي يحمل في طيّاته شكر لله فما دلالة أن أشكر الله على أنه لم يتخذ ولداً؟ البعض يقول أنه من المنطقي عنده أن كل من يستوي على العرش يحتاج لولي عهد أو شريك أو ما شابه فهل ربنا يحتاج لولي عهد حتى يدير شؤون الكون عنه؟ يجب أن نوضح أننا نحترم فكر الآخرين في عقيدتهم لكن لا نحترم تلك العقيدة لأننا لا نقرِّها (لكم دينكم ولي دين)، نحن نتكلم من باب التدقيق العلمي وليس من باب شتم صاحب هذه العقيدة. يجب أن لا يُفهم على أننا نزدري فكر الآخرين في عقيدتهم. الآية تتكلم عن هذا التوصيف الإلهي الحق أن الله تبارك وتعالى ليس كمثله شيء وهذه قاعدة ولما نتكلم عن ولي عهد فهذا للبشر، الله تعالى لا يحتاج لولي عهد وقد سبق ورددنا على المسلمين الذين قالوا أن آدم خليفة الله في الأرض وقلنا هذا لفظ يحتاج إلى تأدب مع الله وهذه الجملة خطأ وقالوا أن واحد من المفسرين، أحدهم أخطأ فيجب أن نصحح هذا الخطأ ونذكر أن الشيخ محمد عبده صححها وكذلك الشيخ محمد رشيد رضا والشيخ عبد الجليل عيسى وهو من علماء اللغة الفحول صححها والشيخ الشعراوي أستاذنا في التفسير لما ناقشته فيها أقسم بالله أنه كأنه يقرأها لأول مرة وقال أسأل الله تعالى إن كنت قلتها قبل ذلك أن يعفو عني، هذه هي العودة إلى الحق وهو أستاذنا لكن بعض المكابرين في هذا الزمان يقولون ليس فيها شيء، كيف يقولون أن آدم خليفة الله في الأرض والله تعالى ليس كمثله شيء؟ سألنا متى يعيّن الخليفة؟ عندما يتوفى الخليفة الأول وقلنا أن أبو بكر الصديق خليفة رسول الله r خلفه بعد أن توفي الرسول وأقول أنه علينا أن نتأدب مع الله تعالى لأنه ليس كمثله شيء وهذه تحل أي مشكلة في الإعتقاد. أن يحتاج الله إلى خليفة هذا مستحيل، أن يحتاج إلى ولد ذكر أو أنثى هذا مستحيل بدليل لما خصص (وقل الحمد لله) من أخص خصائصه تعالى أنه (لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ). من هو ولي الذل؟ ولي الذل الذي تحتاجه أنت لنصرتك والله سبحانه وتعالى عزيز ليس له أدنى قرب من الذل حاشاه. فإذا اختلط على البعض مسألة الولد فلا يجب أن يختلط عليه أمر ولي من الذل لأنه لو احتاج هذا الإله الذي يدّعونه لمن ينصرنه فمن ينصرنه أولى بالعبادة وهذه القضية التي وصل لها إبراهيم u والرسول r لما خرج إبراهيم u يبحث عن الإله الحق لما رأى الكوكب قال هذا ربي فلما أفل قالت الفطرة السليمة لا أحب الآفلين ولما رأى القمر قال (هذا ربي) الفطرة السليمة قالت (لا أحب الآفلين) فلما رأى الشمس قال هذا ربي والفطرة السليمة قالت (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) لكن في النهاية قال (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) الأنعام) إذن هذه هي الفطرة السليمة. ومحمد r جاءه جبريل u في الغار وهو يتحنّث ويتفكر ويبحث (لا كما يقولون أنه كان يتعبد) إبراهيم u خرج يبحث والرسول r كان يترقب في مكانه فالإسلام دين العقل والمنطق والوعي والرسالة وكل شيء جاء وحياً. العلمانيين أرادوا مخالفة هؤلاء ولم ينضموا إلى هؤلاء فخرجنا بتسمية غريبة جداً وأنا أربأ بأي مسلم في أي جلسة أن يتباهى ويقول أنا علماني، الله تعالى خلقنا للعبادة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) والعبادة هي علاقة بين معبود سبحانه وتعالى وعابد تمشي على مراد المعبود سبحانه وتعالى لا على هوى العابد (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ (30) الروم) الدين القيم أن تتبع وطالما تتبع يعني الوحي وطالما الوحي يعني القرآن وطالما القرآن تدبّر لما قال (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ) ذكر أخص نقطتين ضرب بهما التوحيد عند بعض الغافلين لما قالوا (اتخذ الله ولداً) هنا ولداً يعني سواء الإناث التي قالوها في سورة الزخرف أو العزير أو عيسى u ولذلك هذه نعرة يهويدة الأصل (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ (30) التوبة) القضية عندنا في العقيدة نحن نحترم فكر الآخر في عقيدته بنصّ قرآننا (لكم دينكم ولي دين) لكن النظرية في أساسها مرفوضة عندي منطقاً وتعبداً وقرآناً فضلاً عن السنة النبوية المطهرة ولهذا إجابة على سؤال لماذ نقول الحمد لله على أنه لم يتخذ ولداً؟ لأن الرحمن والله ضربت فيهما قضية التوحيد مرة قالوا (قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا) ومرة قالوا (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا) ولما رب العزة عدّل المفاهيم ذكر الله والصفة المختارة في الاستواء الرحمن ولما سماه على تسمية الملائكة عباد قال الرحمن أيضاً وأخص توصيف لعباد الله في الكتاب عباد الرحمن ونحن نقف الآن عند قوله تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) الفرقان) كأني بآيات ربهم هنا يعني آيات الرحمن. بُثّت الحلقة بتاريخ 12/2/2008م |
التوبة والإستغفار 69 تقديم علاء بسيوني قبل أن نبدأ الكلام عن هذه الآيات نحن أن نعلق على الإساءة المتكررة للرسول r من قبل الغرب الذين يعتقدون أن هذا من باب حريتهم الإعلامية فماذا علينا أن نفعل؟ وهل نبقى في رد الفعل أو علينا أن ننتقل إلى الفعل؟ لو تذكرنا في الأحداث الأولى للتهجم على الرسول r قلنا آنذاك أنها سوف تتكرر ونحن ما ولنا في رد الفعل الذي لا صوت له كرد فعل الميت ومن ثم ستستمر هذه الأمور وأريد أن نقف عند حقيقة أن المسلمين أنفسهم يسيؤن إلى رسول الله r وسمعنا مؤخراً عن كتاب الحب والجنس في حياة الرسول r وهذا الكتاب كتبه مسلم وأنا أتعجب من هذا العنوان الذي لا يليق برسول الله r هذا قبل أن نقرأ ما بداخله فكيف يجرؤ مسلم على كتابة هذا العنوان؟! أريد أن أقول أن هذه الأمور ستستمر ما دمنا في رد فعل الميت الذي لا حراك له. هناك كتاب رد على الشبهات في الأسواق وهو موجود منذ سنوات لكن للأسف من يقرأه؟ نحن نتكلم عن رد فعل الإساءة، هل نشجب ونرفض؟ هناك من لم يتكلم أبداً وهناك من هو مستمر بفتح الأبواب لهؤلاء المسيئين فلا بد أن يفيق هؤلاء قبل أن يأتي رد الفعل من العوام الذي قد لا يمكن أن يوقفه شيء. ومن الغريب أن في الدانمارك قاموا باستفتاء يسألون الدانمركيين إذا كانوا يتفهمون غضب المسلمين حول هذه الإساءة لرسولهم فكان جواب الغالبية بالنفي أنهم لا يتفهمون لماذا يغضب المسلمون لهذا الأمر وهذا عكس الإستفتاء الذي حصل في المرة السابقة. في المرة السابقة قاطعنا منتجاتهم لكن هذه المرة لم نسمع شيئاً وسبق أن قلنا أن هذه المقاطعة ليست رداً على الإساءة لرسول الله r. نحن من قبل أن يسيئوا إلى الرسول r كان يجب أن نكتفي من منتجاتنا وصناعتنا ولا نعتمد على منتجات الغرب. لو كنا نحن المصدرين الذين نمنع منتجاتنا من الوصول إلى بلاد الغرب لكان هذا رد فعل إيجابي ولو أن الدول العربية الإسلامية استدعت سفراءها من تلك البلاد وقاطعتهم ربما هذا قد يكون رد فعل إيجابي، مصر تتحرك لكن هناك دول لم تتحرك فعلينا أن نحسن أخلاقنا وأفعالنا وعلينا توضيح إسلامنا من قبل الإساءة للرسول rوللأسف حتى شعاراتنا خطأ مثل شعار إلا رسول الله فهل نرضى مثلاً أن يسب الله أو القرآن؟! ونسمع شعرا فداك أبي وأمي، ما معناها؟ وصلنا إلى درجة من الخيبة أننا نقدم آباءنا وأمهاتنا ولا نقدم أنفسنا؟! مثل شعار اللهم اهلك الظالمين بالظالمين، أين نحن؟ هل نتفرج؟ هذه الشعارات خطأ وللأسف البيئة التي نعيش فيها ساهمت في هذه الخيبة وأثرت على العقيدة فنجد الدعاية إرسال رسالة نصية على الهواتف للتزويج أو ربح مليون جنيه أو غيره فانصرفت الهمم إلى هذه الأمور وانحصرت حياتنا في الجلوس في البيت وإرسال هذه الرسائل! المشكلة أن مثل هذه الشعارات تصلك وأنت ترددها من غير أن تفهم مثل فداك أبي وأمي فلم لا نقول فداك نفسي يا رسول الله، والمهم ليس في الكلام فقط لكن في الفعل. حتى رد فعلنا خطأ والشعارات الخطأ نكررها ولا نصححها، حبنا لرسول الله r يجب أن يكون في ذاتنا وفي أعمالنا. تكرار الإساءة عدم وجود رد الفعل الإيجابي لهذه الأمور والقرآن يشرح لنا هذه الأمور أن نخر صماً وعمياناً هذه هي القضية والآية واضحة وسنشرحها. نفى الله تعالى هذه الصفة عن عباد الرحمن وقلنا أن النفي ليس للخرور ولكن للتلقي وقلنا أن هذه الآية لا تُفهم بمعناها وإنما بلازم المعنى. نسأل الله تعالى أن تكون هذه الإساءات تمثل لنا حالة إفاقة والفرحة التي حصلت في العالم العربي والإسلامي بمناسبة فوز مصر في كأس الأمم الإفريقية صرح الشيخ محمد بن راشد أن هذه الأمة تستطيع أن تحقق المعجزات. علينا أن نقوم بعمل مشروع علمي للنهضة في بلاد المسلمين والعرب وندعو جميع الحكام والمؤسسات إلى دعم هذا المشروع حتى نصل صورتنا إلى الغرب بشكل صحيح حتى ننهض ونتقدم ونصبح في طليعة الصفوف. كيف يستطيع الإنسان أن يتلقى الذكر؟ (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) الفرقان) التذكير يمكن أن يكون بكلمة أو نصيحة تذكر الإنسان بمنهج لكنه هو لا يريد أن يسمع فكأنه أصم أو أن الإنسان يقرأ بالصدفة في كتاب أو مقال عن منهج معين أو حكم شرعي فيحول نفسه إلى أعمى وكأنه لم يسمع ولم يرى ولم يدخل هذا الكلام في عقله ولا في منطقة التعقل والتدبر ليخرج منها على بصيرة وللأسف هناك أناس كثير هكذا وليس فقط من الكافرين وإنما من المسلمين أنفسهم. وصلنا رسالة من سيدة تطلب منا أن نعلن أن التدخين حرام شرعاً. ليس فقط التدخين هذه الآية تنطبق على أمور كثيرة جداً وبصرف النظر عن الكافر والمشرك والمنافق، الآية بلازم المعنى قسمت الناس أكثر من صنف وصارت كلمة (ذُكِروا) تعمل مع كل صنف حسب حالاته بمعنى مسلمين كثر (وهذه الكلمة نطلقها على إطلاقها الشائع الآن وهو أنه بعيد عن الإسلام). ما الإسلام؟ ملخص التعريفات أنه حتى يقال أن فلان مسلم يجب أن يسلِّم حتى بما اتفق عليه علماء الأمة وليس فقط بما عُلِم من الدين بالضرورة. مسلم يقول أن مسلم وأصلي لكن لا تقل لي التدخين حرام أو لا تقل أن الحجاب فرض ويدخلون أنفسهم من متاهات ويضعون أنفسهم في مصاف من يستطيع أن يفسر كلام الله تعالى أو أحاديث الرسول r وهم متأكدون أنهه خطأ ولكن لا يمكنهم أن يتغلبوا على شياطين الإنس والجن الذين يزينون لهم أن ما يفعلونه صح (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) ليس فقط يحسنون صنعاً في التوقيع وإنما فيما يردون عليك به وهذه الآية تحتاج إلى شغل (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) الكهف) من ضمن أعمالهم أن يجادل فلان ثم يعودون إلى بيوتهم ويفخرون أنهم جادلوا فلاناً وأسكته. في إحدى المحاضرات طُلب منا من زوجات دبلوماسيين أن نشرح لأزواجهن ضرورة الحجاب وقلنا لهم أن هذا منهج في القرآن وليس موروثاً بدوياً أو شعبياً والآيات في القرآن واضحة وحتى نساء النصارى واليهود يرتدون ما يشبه الحجاب وأنا أدعو الناس لمراجعة أنفسهم بأن يسلِّموا للحق وللأسف بعض الدبلوماسيين قالوا أن هذا بروتوكول وهذا لن ينفع في الآخرة. الآية واضحة وصاغها الله تعالى بطريقة سؤال وليس تقرير لأن المسلم يعلم وعادة إذا أردت أن يعترف أحد بخطئه تقول له هلى تريدني أن أقول ماذا فعلتَ؟ الصيغة في السؤال تبين أن الحلال بيّن وأن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات فالذي يريد أن يستبرئ لدينه وعرضه عليه أن يتقي الشبهات لكن للأسف نحن لا نتقي الشبهات ولكن نجادل فيها. (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ (29) الروم) لم يتبعوا دينهم أو عقيدتهم وإنما اتبعوا أهواءهم وللأسف اتبعوها بغير علم, والسؤال بطريقة تقريرية بديعة (فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (29) الروم) من يهديه إلا الله تعالى؟ يجب أن نعود إلى الحق في نقاط كثيرة مثل الربا وفوائد البنوك لأننا لا نضمن حياتنا فاليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل فعلينا أن نعود إلى الحق في نقطتين التدخين والحجاب. التدخين يفسد جسم الإنسان بالكامل وفي محاضرة لي في جامعة المنصورة وضعوا ملصقاً يبين آثار التدخين على كل أعضاء الجسم والذي عملها أناس غير مسلمين ويقرون أن التدخين مضر فقام الدكتور محمد شابوري بترجمتها وعرضها. في مصر يقومون حالياً بحملة لمكافحة التدخين وأسسنا جمعية خيرية غير ربحية "حياة بلا تدخين" لكن علينا أن نفعّل هذه الحملات ونوقف الشركات المحلية التي تصنع السجائر. القضية أن مثل هذه الجمعيات يجب أن تتفاعل مع الناس التي تريد أن تعمل وأنا أدعو الجميع للتعاون مع جامعة المنصورة وما يقدمونه من مشاريع لوجه الله تعالى منها مكافحة التدخين والمشروع الخيري بحيث أن الطالب المحدود الدخل يمكن أن يشتري ما يحتاجه بأسعار زهيدة جداً وهناك جديد يومياً لأن هناك خير كثير ونحن نريد مثل هذه المشاريع أن تستمر بدعم أهل الخير. مساعدة هذه المشاريع تدخل تحت قوله تعالى (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)). هل الكبر أحد أهم الأسباب التي تجعل الإنسان أصم وأعمى لما يُذكّر بآيات الله؟ نعم الكبر فرع مهم وهذه العملية الواضحة وهناك المنافق الذي يهتم لما يسمعه فيعتقد المتكلم أنه اقتنع بما يقول لكنه كالمثل الشعبي الذي يسمع من أذن ويخرج من الأذن الأخرى. الآية تتكلم في حق عباد الرحمن لو قلبنا الآية أنهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً يعني خروا بآذان واعية يعني يسمع ويفهم وأعين راعية يرى ويقرأ ويتدبر لأن عندنا في الآية (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ) الآيات يمكن أن تكون آيات كونية أو آيات قرآنية أو آيات كثيرة في الكون (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) آل عمران) بذكرهم لله تبارك وتعالى جعلتهم إذا ذُكِّروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً. القضية أن نفهم الآية على جميع صنوف المجتمع. المنافق في عهد رسول الله rالهداية القائمة آناء الليل وأطراف النهار الرحمة المهداة كانوا يدّعون أنهم فهموا ما قاله الرسول r(وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ (14) البقرة) الذي يشفي الغليل قوله تعالى (اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) البقرة). لم يقل يعمون وإنما يعمهون من العمه الذي هو عمى البصيرة لا البصر فكأنه ينظر ولا يُبصر لأن النظر من العين والبصر من القلب تنظر بعينك وتستوعب بقلبلك بدليل الذي كفّ الله بصره لا ينظر وإنما يُبصر ببصيرة القلب وتجد حاسة السمع لديه أقوى وعادة ما ينتبه لما تقول وهذا من فضل الله تعالى وليثبت لنا أن العملية ليست بكثرة الحواس ولذلك (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) في عباد الرحمن لم يخروا عليها صماً وعمياناً يعني خروا عليها بآذان واعية وأعين واعية والبقاي كلٌ حسب فئته هناك من يسمع ويستوعب ويجادلك وهناك من يدعي أن سمع ولا يفعل وهناك من يقول نحن معك ولكن يعمل عكس ما يقول ولذلك توقيع الآية في سورة البقرة (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ) أي شياطين؟ إذا نظرنا في الكتاب وليس في القرآن أن أول ذكر للشيطان هو للإنس وليس للجن (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ) من الإنس زعماء الكفر زعماء النفاق الذين يدبرون لهم فأول استخدام لكلمة شياطين في الكتاب على شياطين الإنس ولذلك شيطان الإنس أخطر من شيطان الجن آلآف المرات. مسألة أن ينظر الإنسان ولا يبصر مسألة خطيرة جداً فالله تعالى أعطانا نعمة حتى نستخدمها مثل السمع عندما يقول تعالى (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12) الحاقة) ليس مجرد السمع فقط وإنما استيعاب ما تسمع الأذن من معلومات وكذلك البصر. في صلاة الفجر صيفاً أو شتاء هناك رجل كبير في السن لحيته بيضاء كفيف البصر لم يتأخر يوماً عن صلاة الفجر ويذهب مشياً على قدميه بدون سيارة ولم يقل يوماً أني متعب أو مريض أو نائم أو كبير ومرة وجدته قادماً لوحده ويعتمد على سماعه للأذان، هذا نموذج جميل وهناك من يقول العمل عبادة ويمكن أن نصلي الفجر لاحقاً. قوله تعالى (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) تدل على أن هناك أذن غير واعية فإضافة واعية للأذن تدل على أن هناك أذن غير واعية التي هي لازم معنى (صماً) وهناك أعين لازم معنى (عمياناً) مع أنها تنظر وترى لكنها لا تبصر. نحن اتفقنا أن البصر والسمع في القلب والعين والأذن أدوات لكن في الحقيقة القلب هو أداة أو الوعاء الذي به يعي المسلم ويميز عن غير المسلم الكافر والمشرك والمنافق وللأسف هناك قلوب تزين لأصحابها المعتقد الذي عندهم مثل حكاية التدخين والحجاب وغيرهاوهو نفسه يعلم أن هذا خطأ بدليل أنه يقول لك لا تكلمني في هذا الموضوع أو يقول أنا أعرف أن الموضوع حرام أو أنني مقصر، فالذي لا يعرف معذور لكن ماذا يقول الذي يعرف؟ قال تعالى (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) الملك) توقيع الآية في توصيف الحق تبارك وتعالى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) الإسراء) يعني منهجنا هكذا وتوقيعها أنه في داخل النار يسأل سؤال: ألم يأتكم نذير؟ والإجابة بلى قد جاءنا نذير (بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) القيامة) هذه المعاذير يلقيها في الدنيا والآخرة بل إني أرى أنها تُلقى في الدنيا لكن في الآخرة (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء) كأني بالمعاذير أصلاً تلقى في الدنيا لكن يوم القيامة انتهى الأمر وبنى الإجابة على السؤال المنفي (ألم يأتكم نذير) فلو أجبت بـ نعم يعني لم يأتهم نذير ولو أجبت بـ لا يعني لم يأتهم نذير وإنما أجاب بـ (بلى) (قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا) إجابة السؤال المنفي بالإثبات يعني جاءهم نذير والمولى تعالى قال (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). عندما نتكلم في مسألة التدخين والحجاب نقول أن الرسول r ما ترك صغيرة ولا كبيرة كما فعل الله تبارك وتعالى في منهجه واليهود حسدونا فقالوا: مال هذا الرجل يعلم أصحابه حتى دخول الخلاء. فليس من المنطق أن الذي يعلمنا دخول الخلاء أن يتركنا في مثل هذه الأمور. فلما القرآن يعطينا المنهج كاملاً من الألف إلى الياء (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ (38) الأنعام) وضربنا سابقاً مثالاً نعيه بأذن واعية لما الصحابة في مرحلة من مراحل الدعوة كفّت عن سؤال رسول الله r وكان هناك أموراً يجب أن يتعلموها المولى عز وجل ضرب لنا مثالاً من أروع أمثلة التعلم أرسل جبريل u على هيئة رجل شديد بياض الثياب شديد بياض الوجه ليس عليه آثار السفر وغير معروف لهم والحديث له روايات جميلة جداً هناك روايات غير شائعة جميلة جداً سأل الرسول r أسئلة فبعد أن غادر قال الرسول r للصحابة تتبعوه فلم يجدوه فسلوا الرسول r فقال لهم هذا جبريل جاء يعلمكم دينكم. لماذا؟ لأنه كانت هناك فترة لم يسأل الصحابة فكأن الله تعالى يعلمنا أنه طالما الرسول r موجود إسألوا لكن بدون جدال السؤال للتعلم فلما توقفوا عن السؤال في أمور يجب أن يسألوا فيها أرسل الله تعالى جبريل u بشكل رجل يسأل وحتى عمر بن الخطاب قال عجبنا له يسأله ويصدقه والمفروض أن السائل لا يعرف الجواب لكن سؤال جبريل كان ليُسمع الصحابة. أسئلة جبريل u كان تتعلق بدرجات العبودية. وللأسف نجد فتوى أن التدخين حرام ثم يقوم البعض ويقول لا تكلمونا في التدخين أو التدخين ليس حراماً. هذه الفتوى كانت من الجاءة بمكان أن تصدر في الوقت الذي صدرت فيه والمفارقة في أنه عندما صدرت صدر قرار أن تعلق في الدوائر الحكومية فالذي علّقها كان يسمسك السيجارة في يده، ما هذا؟ هذه غيبوبة، خروا عليها صماً وعمياناً. البعض قال أتوقف عن التدخين لما يهديني ربي فهو أقر أن الله لم يهديه فماذا لو قُبض في لحظتها؟! ألقى باللوم على الله تعالى وهو سبحانه لم يخلقك إلا على الفطرة التي فيها شق الهداية فقال (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)) وأنت الذي تخر على آياته صماً وعمياناً. الذي يريد أن ينضم إلى عباد الرحمن يجب أن ترتدي الحجاب ويتوقف عن التدخين ويخرج عن الأنا أنا أرى ولا تكلمني في هذا الموضوع وكل هذا سينطبق عليه حديث رسول الله r إن الحلال بين وإن الحرام بيّن والرسول r قال دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. والبعض يقول إذا السيجارة حرام فنحن نحرقها. بُثّت الحلقة بتاريخ 26/2/2008م |
عنوان الحلقة: التوبة والإستغفار 70 تقديم علاء بسيوني ما زلنا مع الآية الكريمة في سورة الفرقان (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) المشكلة في تطبيق الناس لهذه الآية وأنها تنطبق على كثير من البشر الذي يسمعون ولا يسمعون وينظرون ولا يبصرون. ربنا تعالى يقول (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) فما دلالة هذه الصياغة اللغوية للآية وهل نلمح فيها معنى النعمة والهبة والعطية أن الله تعالى يرسل لنا من يدلنا على طريق الهداية وهل يمكن أن نعتبر أنه إذا دلّنا أحد على محاضرة أو برنامج أو غيره يكون هذا بحد ذاته فيه عطية وهبة من المولى عز وجل؟ آيات القرآن حمالة لأكثر من وجه في التفسير وذكرنا من حلقتين مسألة (ذكروا) أنها تحتمل معنى أنني قد أكون ناسياً وهناك من ذكّرني وهذا معنى لكن ذُكروا في الحقيقة قد تحمل معنى القدوم الأول للآية معتمدة على الفطرة أو على ما أخذه الله تبارك وتعالى من عهد ونحن في عالم الذر، هذا معنى يجب أن يستقر لا سيما مع عباد الرحمن لأنه لا يمكن أن تقول (وعباد الرحمن) وكل الصفات الطيبة المحمودة ثم يذكر أنهم نسوا لأن كيف ينسون وهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً ويمشون على الأرض هوناً ونحن ذكرنا سابقاً أن صفات عباد الرحمن تبدأ معهم من أول النهار والظهر والعصر إلى الليل ووصل بهم الأمر إلى الناس تنام وهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً وذكرنا أن عباد الرحمن يبيتون لربهم وهم نيام يعني لم ينسوا لذا (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ) لا تتلاءم مع عباد الرحمن وإنما تتلاءم مع الفئات الثانية: مسلم بالإسم، مع مدّعي إيمان، مع منافق لكنها لا تتلاءم مع عباد الرحمن بمعنى أنهم نسوا فذكروا لكنها تتلاءم معهم في معنى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) الذاريات) بمعنى كرر أو قُل. في مسجد من المساجد قال لي أحدهم أنا لست كافراً وإنما أنا عاصي وفاسق، ظنّ هذا الرجل أنه يفعل شيئاً جيداً ونسي قوله (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ (7) الحجرات) كأنه يريد أن يخرج نفسه من مسألة الكفر لأنه للأسف ترسخ في العقيدة عند المسلمين أن الكافر فقط هو الذي يدخل النار. مشكلتنا أننا لا نفهم معنى العقيدة وقليل من يتكلم في موضوع العقيدة. العقيدة هي أنك تبني على أساس، في مسألة البدعة لا أحد ينظر لها على أنها إتهام للرسول r أنه مقصّر وسبق أن قمنا باستفتاء في ندوة ما معنى "من سنّ في الإسلام سنة حسنة" فكان الجواب أنه من يأتي بجديد لكن غاب عنهم أنه من أتى بجديد فقد أتى ببدعة. الحديث يقول " من سن في الاسلام سنة حسنة " الناس فهمت أنه من يعمل مسألة جديدة ولا يعرفون أن كلمة سنّ تحتلف باختلاف إضافتها فالرسول r قال "من سن في الإسلام سنة حسنة" و " من سن في الاسلام سنة سيئة" فمرة أضيفت السُنة إلى كلمة حسنة ومرة إلى كلمة سيئة. وكلمة سُنة تعني الرسول rلا ينفع أن نأتي بسنة لم يعملها الرسول r لكن نحيي سنة غابت عن الأمة ويكون الرسول r قد عملها فهكذا نكون نحيي السُنة هذا في السُنة الحسنة. مثلاً لو جاء أحدهم وقال مستشفى ما ليس لديهم أجهزة متطورة في سيارات الإسعاف فقام رجل من أهل الخير قرر أن يتبرع بهذه الأجهزة وأيام الرسول r لم يكن هناك سيارات إسعاف فهل هذه سنة أو بدعة؟ هذه لا تنطبق على توقيع الحديث. هذا المتبرع لا شك قام بعمل خير على أعلى مستوى وقام بصدقة جارية لكن نحن نشرح معنى الحديث : من سن في الإسلام سنة حسنة" المقصود في الحديث أن نفهم أن كلمة سُنة يعني يجب أن يكون الرسول rقد عملها أو لم ينه عنها أو سمح بها فهذه السُنة الحسنة. توقيعها أن هناك من يحج كل سنة فسمع أن عبد الله بن المبارك كان يحج عاماً ويجاهد عاماً وفي سنة أخرج نفقة الحج للأرامل هذه سنة حسنة فيحيي أحدهم هذه السُنة في عصرنا الآن يكون أحيا سُنة ولم ينشيء بدعة فلو قام بعمل جديد يكون بدعة. :من سنّ: كلمة سنُ تختلف بحسب إضافتها سنُة حسنة تكون تبعاً للرسول r ومن سنّ سنة سيئة تكون محدثة وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. العقيدة عندنا لا تقبل الترتيب بمعنى الشكل التراكمي لبناء العقيدة السليمة. القضية أنه يجب أن تبني بالتلقي التراكمي على أساس سليم وعلى عقيدة صحيحة. لما نتكلم في بدعة منتشرة نسمع نعرة يهودية محض " نحن تعودنا على هذا" وهذه نفس كلمة "هذا ما وجدنا عليه آباءنا" وهذه كلمة قالها اليهود وكفار قريش كأن آباؤم أهم من المولى عز وجل ومن الدين ومن محمد r. ليس في الإسلام أننا تعودنا على هذا وإنما هل فعل الرسل r هذا أم لا؟. الإسلام دين العقل والتعقل والوعي والتلقي ورغم هذا تجد بعض الناس الذين يقولون أنه في الستينات والسبعينات لم يكن هنالك حجاب والأخلاق كانت أفضل وكنا لا نرى الفتيات يعودون إلى البيت بعد منتصف الليل فهل هذه نتيجة عدم وجود خطاب ديني معتدل أو عدم وجود توعية كافية؟ وهل الإسلام كتوديهات إلهية هو حجة على المسلمين أو واقع المسلمين هو الحجة على الإسلام؟ طبعاً الإسلام حجة على الجميع والعيب ليس في الإسلام وإنما في المسلمين والقضية أنه في الخمسينات والستينات كان العيب في الخطاب الديني أما في السبعينات فبدأت تتحسن الأمور بفضل الله سبحانه وتعالى. والسبعينات والثمانينات والتسعينات هو صراع في الخطاب الديني بين القديم والحديث وهذه مشكلة حتى في يومنا هذا عندما نحاول أن نصحح أمراً ما. البعض الذين لم يكن لديهم معلومات كافية عن الدنيا بدأ يخلط ما بين التطرف والتزمت والرجعية وما بين فرائض التي فرضها الله تعالى التي ليس فيها إجتهاد ولا آراء وهذه هي القضية الحقيقية بالنسبة للخطاب الديني وهي عدم كفاية المعلومات عند بعضهم بدليل أن أساتذتنا الكبار وجدنا عندهم هذا الكلام وهم لا يقولونه يعني المتحمل عبء الخطاب الديني في السبعينات والثمانينات بالطريقة التقليدية ونحن عندما بدأنا نشتغل إتهمنا شيوخهم لكننا وجدنا أن شيوخهم لديهم العلم الصحيح إذن العيب في المعلومات القليلة التي كانت عندهم بدليل الشيخ الشعراوي تلميذ الشيخ عبد الجليل عيسى وهو الذي لفت نظرنا للشيخ عبد الجليل الذي مات وعمره مائة وخمس سنوات والشيخ عبد الجليل كان أستاذ الشيخ الشعراوي والشيخ عبد الحليم محمود ووجدت عنده كنوز لا يقولها إلا شيخين أو ثلاثة وهم الخاصة من تلامذة الشيخ بدليل الشيخ الشعراوي لما ظهر هوجِم كثيراً لأنه كان يقول الصحيح وهم يردون عليه بأنهم لو يتعلموا هذا وقالوا هذا ما وجدنا عليه آباءنا. الذي يناقش يجب أن يسلِّم ويدرس الرأيين ويخاف على نفسه لأنه يوم القيامة لن يدافه عنه أحد ولن يُسأل في القبر من شيخك؟ ولكن تُسأل من ربك؟ ما دينك؟ سمعت مرة خطبة في مسجد يستعرضون فيها الفتاوى المتناقضة وأحدهم أخذ الرأي الضعيف فقلنا له يا أخي إتقِ الله فالحلال بيّن والحرام بيّن فقال لي: "إلزقها بعالم واطلع سالم" يعني هو يعلم أن هذا العالم مخطيء لكن حجته أن ينسبها لهذا العالم وغاب أنه أن الذي سيحاسبه يووم القيامة هو الله سبحانه وتعالى الذي يقول لنا في القرآن (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء) هل سمعنا عن ممتحِن يعطي الطالب أسئلة الامتحانات؟ ماذا يفعل الطالب لو حصل هذا؟! الله تعالى من اليوم يقول لنا (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء) أنت الذي تقرأه وإما أن تذهب إلى الجنة وإما إلى النار. ماذا نحتاج أكثر من هذا حتى نعي ونفهم؟! عمر ابن الخطاب قال: اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل، يعني إذا كنت تعتقد أنك ستفعل شيئاً يوم الحساب فأنت مخطيء لذا علينا أن نحاسب أنفسنا يوماً بيوم حتى لا نأتي يوم القيامة ونحن غير قادرين على أن نعمل شيئاً. هذا الرجل في الخطبة لا يقول لنا أن كلامنا خطأ وكلامه صحيح لكنه يقول أنه يختار الذي يسأله لأنه يعطيه الإجابة التي يريدها وهو يتخيل أنه يوم القيامة لن يحاسب على هذا. (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ) إذا تحتمل أكثر من رأي لغوي: إذا الشرطية وإذا بمعنى حين يعني لما يُذكَّروا بحيث تختلف باختلاف تلقي المتذكِّر أو المذكّر. فلان يقول هناك درس في المسجد الفلاني والكل ذهب لكن درجة استيعاب الحاضرين يختلف باختلاف سبب حضور المحاضرة والحاجة وطريقة التلقي وطريقة المناقشة والبعض للأسف يذهب فقط للمجادلة والنقاش لا للعلم ويناقشون من منطلق خالِف تُعرف، فكيف نتصور أن يتلقى هذا الإنسان؟ هو لا يريد أن يسمع وإنما يريد المناقشة فقط يعني أقفل على وسائل الوعي. إذن (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ) هي مع عباد الرحمن يعني كلما ذُكِّروا ومع غير عباد الرحمن تكون بمقلوب المعنى وقلنا أن النفي ليس للخرور وإنما للوسيلة يعني خروا سجداً وبكياً في حق عباد الرحمن وصماً وعمياناً مع غير عباد الرحمن. ما دلالة قوله تعالى (بآيات ربهم) ولم يقل مثلاً بآيات الله؟ الفرق بين الله والرب فالرب تأتي في كل مسائل الربوبية المتعلقة بالعطاء وبالتربية والذي يعطيك وسيلة لحياتك لمعيشتك لدنياك التي تأخذ منها لأخراك وعلي ابن أبي طالب قال خذوا من ممركم لمقركم فالدنيا ممر والآخرة مقر. ماذا نأخذ من مقرنا؟ كل إنسان يأخذ مهما كان حاله فقيراً أو غنياً سنجد في الجنة أناس كانوا فقراء جداً وأناس كانوا أغنياء جداً وآخرين كانوا متوسطين وستجد من كل فئة بدليل أنه تعالى عمل حسابنا حتى مع السابقين فقال تعالى (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ (14) القارعة). نحن نطمع في الفردوس الأعلى لكن أقل الجنة جنة فعلينا أن نطمع بها ونحن كلنا مقصرون. القرآن لما وقّع قال (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) الفجر) لم يعمل وإنما قال رب أكرمن (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) الفجر) لازم معنى الآية الأولى أنه طالما أكرمنا الله فلن يحاسبنا والآية الثانية لازم معناها أنه مادام أهانني فعلى ماذا يحاسبني؟ لكن الله تعالى رد على الإثنين فقال: كلا، و(كلا) كلمة زجر وردع فلا الكلام الأول صحيح ولا الثاني صحيح لأنه لا الغنى دليل الإكرام ولا الفقر دليل الإهانة إنما حل القضية من القرآن في القرآن (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (13) الحجرات) (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى (197) البقرة) وهذا هو صندوق العمل الذي نملأه في ممرنا إلى مقرنا. رب العالمين يصف حالة الصمم والعمى أن فيها كبر وتمسك وكما أن هناك عباد الرحمن من لا يتمالك نفسه فيخر سجداً وقياماً عندما يسمع كلام الله أو يرى آياته هناك من لا يريد أن يسمع أو يرى طريق النور ولا أن يفكر. هذه الآية يجب أن نأخذ لازم معناها (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) هذه في حق عباد الرحمن يعني غير عباد الرحمن إذا ذكروا بآيات ربهم خروا عليها صماً وعمياناً فلازم المعنى أنه أقفل وسائل الاستيعاب والتلقي والوعي لأنه لا يريد أن يغير الذي هو عليه وليس هذا فقط لكن حتى التجربة لن تنفعه فهو لا يسمع فقط ويأخذ وينتقي من الفتاوى ما يعجبه ولكن التجربة العملية لا تنفعه والرسول r يضرب لنا مثالاً بثلاثة أقرع وأبرص وأعمى، أقرع مرض يصيب الرأس ويقع الشعر (وهناك خلط بين الأصلع والأقرع) والأبرص هو تغيير لون الجلد، نص الحديث: حدثنا شيبان بن فروخ. حدثنا همام. حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة. حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة؛ أن أبا هريرة حدثه؛ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول "إن ثلاثة في بني إسرائيل. أبرص وأقرع وأعمى. فأراد الله أن يبتليهم. فبعث إليهم ملكا. فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس. قال فمسحه فذهب عنه قذره. وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل (أو قال البقر. شك إسحاق) - إلا أن الأبرص أو الأقرع قال أحدهما: الإبل. وقال الآخر البقر - قال فأعطى ناقة عشراء. فقال: بارك الله لك فيها. قال فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس. قال فمسحه فذهب عنه. وأعطي شعرا حسنا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر. فأعطي بقرة حاملا. فقال: بارك الله لك فيها. قال فأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس. قال فمسحه فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاة والدا. فأنتج هذان وولد هذا. قال: فكان لهذا واد من الإبل. ولهذا واد من البقر. ولهذا واد من الغنم. قال ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين. قد انقطعت بي الحبال في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك، بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيرا أتبلغ عليه في سفري. فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك. ألم تكن أبرص يقذرك الناس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر. فقال: إن كنت كاذبا، فصيرك الله إلى ما كنت. قال وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا. ورد عليه مثل ما رد على هذا. فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت. قال وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين وابن سبيل. انقطعت بي الحبال في سفري. فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك، بالذي رد عليك بصرك، شاة أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري. فخذ ما شئت. ودع ما شئت. فوالله! لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله. فقال: أمسك مالك. فإنما ابتليتم. فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك". الشاهد في الحديث أن نسبة الصالح هي الثلث وصدق قوله تعالى (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ) هؤلاء الثلاثة في الحديث يمثلون أصناف البشر وثلثهم فقط الجيد ولهذا أهل الجنة قليل والرسول r ضرب لنا هذا الحديث كمثال والثلث فقط هو الذي اعترف بفضل الله تعالى عليك فليس شرطاً أن تكون أعمى ويمن الله تعالى عليك برد بصرك لكن قد تكون في نعمة ما ومع هذا تخر على آيات ربك صماً وعمياناً. يمكن أن نطبق هذه الآيات في مجال التجاة والسوق واحتكار السلع وإرتفاع الأسعار. هناك تاجر اتصل بي ليسألني كم ينبغي أن يكون ربحي؟ هذا دليل أن هنالك خير لكن للأسف ليس هناك من يذكِّر وابتعدنا عن ما طلبه الله تعالى منا في سورة العصر (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) حتى ترجع الحق أو تقف عليه تحتاج إلى صبر، قد تأخذ مبلغاً ليس من حقك فالحاجة تدفعك أن توافق مع أنه غير حق لكن لو صبرت لن تأخذه فالصبر يعينك على أن لا تأخذ الحرام. الصبر عند الحكيم أن الصبر يبدأ حيث ينتهي ليس له حدود قد يصبر الرجل شهوراً وفي اليوم الذي سيفرج فيه عليه يقول أنا صبرت كثيراً فكأنه ضيّع كل الصبر الذي صبره خلال شهور. الصبر يبدأ حيث ينتهي يعني المفروض كلما تجد أنك لم تعد تحتمل إجتهد لتصبر أكثر. ومن النادر من يقول أنا سأعمل الأمر الفلاني والكل يسمعه ولا يقول له أحد أن هذا حرام ولا نتواصى بالصبر ولا بالحق (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) الناس للأسف تخاف من الناس وخاصة أصحاب المناصب ولا يعلمون أن الرزق عند الله تعالى لا يمكن لأحد أن يقطعه (وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) الذاريات) كل هذا الذي يحصل في عصرنا هو ابتلاءات. موظف عادي يخاف أن يتكلم عندما يرى أمراً خطأ من رشوة أو ظلم أو غيره. إذا كنت تريد أن تكون من عباد الرحمن إذا ذُكِّرت بآيات ربك تُقبل عليها بآذان واعية وأعين راعية بتلقي صحيح. الناس تشتكي من تضارب الفتاوى لكن نقول لهم أن هذا أمر طبيعي وإلا لا يكون هناك أكثر من مذهب فقهي لكن بشرط أن يكون من أهل اجتهاد مسموح لهم في الفتوى والإمام مالك تعارض كثيراً مع الشافعي وإبن حنبل وأبو حنيفة وهنا ينطبق الحديث إستفت قلبك لأنهم جميعاً أهل فتوى لكن لا أقول أنا سأعطل هذه الفتاوي وأعمل مفتي لنفسي وهذه نسمعها من كثيرين، والله تعالى قال لنا (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (43) النحل). كيف أستفتي قلبي؟ إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وعندما تصدر فتوى ما تظهر حيثياتها فإذا كان الذي أطلقها من أهل الذكر نأخذ الرأي الذي نراه يصلح ديننا قبل دنيانا وليس المعنى أن آخذ الفتوى التي تريحني أنا والناس حمّلت حديث الرسول r أنه ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما" حمّلوه على معنى أنه يختار السهل لكن كلمة أيسر تختلف تماماً فالأيسر قد تكون فيه مشقة أكبر لكنه أيسر إلى الجنة وأيسر إلى إقامة الدين وأيسر إلى إقامة الحجة فالأحاديث حمالة أوجه ونحن للأسف نأخذ ما يناسب هوانا. إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن والرسول r قال دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. ما دلالة تقديم السمع على البصر؟ بُثّت الحلقة بتاريخ 4/3/2008م |
الساعة الآن 04:49 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |