![]() |
مولده ولد بغرناطة بلده في الثاني والعشرين لذي قعدة من عام تسعة وستين وست ماية. وفاته فقد في الوقيعة العظمى بطريف يوم الاثنين السابع لجمادى الأولى من عام أحد وأربعين وسبعماية. حدث بعض الجند أنه رآه يتحامل وجرح بصدره يثعب دمًا وهو رابط الجأش فكان آخر العهد به. تقبل الله شهادته. عبد الله بن سهل الغرناطي يكنى أبا محمد وينبز بالوجه نافخ حاله من كتاب ابن حمامة قال عني بعلم القرآن والنحو والحديث عناية تامة وبهذا كنت أسمع الثناء عليه من الأشياخ في حال طفولتي بغرناطة ثم شهر بعد ذلك بعلم المنطق والعلوم الرياضية وساير العلوم القديمة وعظم بسببها وامتد صيته من أجلها وأجمع المسلمون واليهود والنصارى أن ليس في زمانه مثله ولا في كثير ممن تقدمه وبين هذه الملل الثلاثة من التحاسد ما عرف. وكانت النصارى تقصده من طليطلة تتعلم منه أيام كان ببياسة وله مع قسيسهم مجالس في التناظر حاز فيها قصب السبق. قال ثم خرج عن بياسة وسار إلى نظر ابن همشك عند خروج النصارى عن بياسة. وله تواليف. وهو الآن بحاله. قلت تاريخ هذا القول عام ثلاثة وخمسين وخمسماية. يكنى أبا محمد ويعرف بابن خروج من أهل قلعة أيوب. حاله فقيه حافظ لمذهب مالك. استوطن غرناطة وسكنها. تواليفه ألف في الفقه كتابًا مفيدًا سماه المنوطة على مذهب مالك في ثمانية أسفار أتقن فيها كل الإتقان: وفاته : توفي بها سنة اثنيتين وستين وخمسماية وقد قارب المائة. القرطبي عبد الله بن الحسن بن أحمد بن يحيى بن عبد الله الأنصاري مالقى قرطبي الأصل يكنى أبا محمد ويعرف بالقرطبي وقرأ بغرناطة. حاله كان في وقته ببلده كامل المعارف صدرا في المقرئين والمجودين رئيس المحدثين وإمامهم واسع المعرفة مكثرًا ثقة عدلًا أمينا مكين الرواية رايق الخط نبيل التقييد والضبط ناقدًا ذاكرًا أسماء رجال الحديث وطبقاتهم وتواريخهم وما حلوا به من جرح وتعديل لا يدانيه أحد في ذلك عزيز النظر متيقظًا متوقد الذهن كريم الخلال حميد العشرة دمثًا متواضعًا حسن الخلق محببًا إلى الناس نزيه النفس جميل الهيئة وقورًا معظمًا عند الخاصة والعامة دينًا زاهدًا ورعًا فاضلا نحويًا ماهرًا ريان من الأدب قائلًا الجيد من الشعر مقصدا ومقطعًا وكان له بجامع مالقة الأعظم مجلس عام سوى مجلس تدريسه يتكلم فيه على الجديث إسنادًا ومتنًا بطريقة عجز عنها الكثير من أكابر أهل زمانه. وتصدر للإقراء ابن عشرين سنة. من أخباره في العلم والذكاء: قالوا قرئ عليه يومًا باب الابتداء بالكلم التي يلفظ بها في إيضاح الفارس وكان أحسن الناس قيامًا عليه فتكلم على المسألة الواقعة في ذلك الباب المتعلقة بعلم العروض وكان في الحاضرين من أحسن صناعته فجاذبه الكلام وضايقه المباحثه حتى أحس الأستاذ من نفسه التقصير إذ لم يكن له قبل كبير نظر في العروض فكف عن الخوض في المسألة وانصرف إلى منزله وعكف ساير اليوم على تصفح علم العروض حتى فهم أغراضه وحصل تواليفه وصنف فيه مختصرًا نبيلًا لخص في صدوره ضروبه وأبدع فيه بنظم مثله وجاء به من الغد معجزًا من رآه أو سمع به فبهت الجاضرون وقضوا العجب من اقتداره وذكائه ونفوذ ومن أخباره في الدين: قال أبو أحمد جعفر بن زعرور العاملي المالقي تلميذه الأخص به بت معه ليلة في دويرته التي كانت له بجبل فاره للإقراء والمطالعة فقام ساعة كنت فيها يقظانا وهو ضاحك مسرور يشد يده كأنه ظفر بشيء نفيس فسألته فقال رأيت كأن الناس قد حشروا في العرض على الله وأتى بالمحدثين وكنت أرى أبا عبد الله النصيرى يؤتى به فيوقف بين يدي الله تعإلى فيعطى براءته من النار ثم يؤتى بي فأوقفت بين يدي ربي فأعطاني براءتي من النار فاستيقظت وأنا أشد عليها يدى ربي فأعطاني براءتي من النار فاستيقظت وأنا أشد عليها يدي اغتباطا بها وفرحا والحمد لله. مشيخته تلا بمالقة على أبيه وأبي زيد السهيلى والقاسم بن دحمان وروى عنهم وعن أبي الحجاج بن الشيخ وأبوي عبد الله بن الفخار وابن نوح وابن كامل وابن جابر وابن بونة. وبالمنكب عن عبد الوهاب الصدفي. وحضر بمالقة مجلس أبي إسحق بن قرقول. وبإشبيلية عن أبي بكر بن الجد وابن صاف وأبي جعفر بن مضاء وأبوي الحسن عبد الرحمن بن مسلمة وأبي عبد الله بن زرقون وأبي القاسم بن عبد الرازق وأبي محمد بن جمهور. وبغرناطة عن أبوي جعفر بن حكم الحصار وابن شراحيل وأبي عبد الله بن عروس وأبوي محمد عبد الحق النوالشي وعبد المنعم بن الفرس. وبمرسية عن أبي عبد الله بن حميد وأبي القاسم بن حبيش وبسبتة عن أبي محمد الحجري. وأجاز له من الأندلس ابن محرز وابن حسون وابن خيرة والأركشي وابن حفص وابن سعادة ويحيى المجريطي وابن بشكوال وابن قزمان. ومن أهل المشرق جماعة كبيرة. شعره وتصانيفه ألف في العروض مجموعات نبيلة وفي قراءة نافع. ولخص أسانيد الموطأ. وله المبدي لخطإ الرندي. ودخل يومًا بمجلس أقرأ به أبو الفضل عياض وكان أفتى منه غير أن الشيب جار عليه وتأخر شيب الأستاذ فقال يا أستاذ شبنا وما شبتم قال فأنشده ارتجالًا: وهل نافع أن أخطأ الشيب مفرقي وقد شاب أترابي وشاب لداتي لئن كان خطب الشيب يوجد حسه بتربي فمعناه يقوم بذاتي ومن شعره في التجنيس: لعمرك ما الدنيا بسرعة سيرهابسكانها إلا طريق مجاز ومما يؤثر أيضًا من شعره قوله: سهرت أعين ونامت عيون لأمور تكون أو لا تكون فاطرد الهم ما استطعت عن النفس فحملانك الهموم جنون إن ربًا كفاك بالأمس ما كان فسيكفيك في غد ما يكون مولده ولد أبو محمد قريب ظهر يوم الاثنين لثمان بقين من ذي القعدة عام ستة وخمسين وخمسماية. فته سحر ليلة السبت أو سحر يومها ودفن إثر صلاة العصر من اليوم السابع لربيع الآخر سنة أحد عشر وستماية. من رثاه رثاه الأديب أبو محمد عبد الله بن حسون البرجي من قصيدة حسنة طويلة: خليلي هبًا ساعداني بعبرة وقولًا لمن بالري ويحكم هبوا نبكي العلى والمجد والعلم والتقي فمأتم أحزاني نوائحه الصحب وقد طمست أنوار سنة أحمد وقد خلت الدنيا وقد ظعن الركب مضى الكوكب الوقاد والمرهف الذي يصحح في نص الحديث فما ينب تمنى علاه النيران ونوره وقالا بزعم أنه لهما ترب أأسلو وبحر العلم غيضت مباهة ومحيى رسوم العلم يحجبه الترب عزيز على الإسلام أن يودع الثرى مسدده الأسرى وعلله الندب بكى العالم العلوي والسبع حسرة أولئكم حزب الله ما فوقهم حزب على القرطبي الحبر أستاذنا الذي على أهل هذا العصر فضله الرب فقد كان فيما مضى من زمانه به تحسن الدنيا ويلتئم الشعب ويجمع سرب الأنس روض حياتة فقد جف ذاك الروض وافترق السرب فسحقًا لدنيا خادعتنا بمكرها إذا عاقدت سلما فقصدها حرب ركبنا السهل الذلول فقادنا إلى كل ما في طيه مركب صعب وتغفل عنها والردى يستفزنا كفى واعظًا بالموت لو كان لي لب إسماعيل بن سماك العاملي يكنى أبا محمد مالقي الأصل. حاله كان فقيهًا أديبًا بارع الأدب شاعرًا مطبوعًا كثير النادر حلو الشمايل أدرك شيوخًا جلة وولى قضاء غرناطة مدة. مشيخته روى عن جده لأمه وابن عم أبيه أبي عمر أحمد بن إسماعيل وأبي على الغساني وأبي الحسن علي بن عبيد الرحمن بن سمحون والمرساني الأديب شعره الروض مخضر الربى متجمل للناظرين بأجمل الألوان وكأنما بسطت هناك سوارها خود زهت بقلائد العقيان وكأنما فتقت هناك نوافح من مسكة عجنت بعرف البان والطير يسجع في الغصون كأنما تقرأ القيان فيه على العيدان بهجات حسن أكملت فكأنها حسن اليقين وبهجة الإيمان وكتب إلى الكاتب أبي نصر الفتح بن عبيد الله في أثناء رسالة: تفتحت الكتابة عن نسيم نسيم المسك في خلق الكريم أبا نصر رسمت لها رسوما تخال رسومها وضح النجوم وقد كانت عفت فأثرت منها سراجًا لاح في الليل البهيم فنحت من الصناعة كل باب فسارة في طريق مستقيم فكتاب الزمان ولست منهم إذا راموا مرامك في هموم فما قس بأبدع منك لفظًا ولا سحبان مثلك في العلوم وفاته: في السابع والعشرين من رمضان المعظم سنة أربعين وخمسمائة وهو ابن أربع وثمانين سنة. ومن ترجمة القضاة عبد الله بن أحمد بن العافقي عبد الله بن أحمد بن محمد بن سعيد بن أيوب بن الحسن بن من أهل غرناطة وأعيانها يكنى أبا محمد وينسب إلى غافق بن الشاهد بن عك بن عدنا لا إلى حصن غافق. حاله من العايد كان رجلًا صحيح المذهب سليم الصدر قليل المصانعة كثير الحركة والهشة والجدة ملازم الاجتهاد والعكوف لا يفتر عن النسخ والتقييد والمطالعة على حال الكبرة قديم التعين والأصالة ولى القضاء عمره بمواضع كثيرة منها بيرة ورندة ثم مالقة مضافًا إلى الخطابة بها. مشيخته حج في حدود سبعة وثمانين وستماية وروى عن جلة من أهل المشرق كالإمام تقي الدين بن دقيق العيد والحافظ أبي محمد عبد المؤمن الدمياطي وشمس الدين المصنف أبي عبد الله بن عبد السلام. وأجازه من أهل المغرب شيخ الجماعة بالأندلس أبو جعفر بن الزبير والقاضي ابن أبي الأحوص والخطيب أبو الحسن بن فضيلة الأستاذ أبو الحسن ابن الصايغ الإشبيلي وأبو جعفر الطباع وغيرهم. ألف كتابا سماه بالمنهاج في ترتيب مسائل الفقيه المشاور أبي عبد الله ابن الحاج. مولده ولد بغرناطة في حدود ستين وستماية. وفاته : توفي بغرناطة يوم عاشوراء من عام أحد وثلاثين وسبعماية. عبد الله بن أبي زمنين المري عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن أبي زمنين المري يكنى أبا خالد. حاله كان فقيهًا جليلًا وولى القضاء ببعض جهات غرناطة. مشيخته أخذ الفقيه عن أبي جعفر بن هلال وأبي محمد بن سماك القاضي. والعربية عن الخضر بن رضوان العبدري. والحديث عن الحافظ أبي بكر ابن غالب بن عبد الرحمن بن عطية والإمام أبي الحسن علي بن أحمد والقاضي أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض أيام قضائه بغرناطة. مولده ولد سنة سبع وتسعين وأربعماية. وفاته : توفي في ذي قعدة سنة أربع وأربعين وخمس ماية. عبد الله بن يحيى بن زكريا الأنصاري عبد الله بن يحيى بن محمد بن أحمد بن زكريا بن عيسى بن محمد بن يحيى بن زكريا الأنصاري يكنى أبا محمد من أهل غرناطة شرقي الأصل مرسيه من بيوتاته النبيهة وقد مر ذكر أخيهز حاله كان على طريقة حسنة من دمائه الأخلاق وسلامة السجية والتزام الحشمة والاشتغال بما يعنى. ولي القضاء دون العشرين سنة وتصرف فيه عمره بالجهات الأندلسية فأظهر فيه عدلًا ونزاهة ولم يختلف عليه اثنان مدة حياته من أهل المعرفة بالأحكام والتقدم في عقد الشرط وصناعة الفرايض علمًا وعملًا ثاقب الذهن نافذًا في صنعة العدد. مشيخته قرأ على أبيه الفاضي أبي بكر بن زكريا وله رواية عالية عن أعلام من أهل المشرق والغرب. وقرأ على أبي الحسن بن فضيلة الولي الصالح والقاضي أبي عبد الله بن هشام الألشي والأستاذ أبي جعفر بن الزبير والحاج أبي محمد بن جابر وأبي بكر القللوسي. وقرأ العدد وما أشبهه على الأستاذ التعاليمي أبي عبد الله الرقام ولازمه وأجازه طايفة كبيرة. وأخبرني ولده الفاضل أبو بكر قال: ورد سؤال من تونس مع تاجر وصل في مركب إلى مدينة المنكب أيام قضائه بها في رجل فرط في إخراج زكاة ماله سنين متعددة سميت في السؤال مع نسبة قدر المال وطلب في السؤال أن يكون عملها بالأربعة الأعداد المتناسبة إذ عملها بذلك أصعب من عملها بالجبر والمقابلة فعملها وأخرجها بالعملين وعبر عنها بعبارة حسنة وكتبها في بطاقة بخط جميل فذكر التاجر أنه لم يبق بتونس فقيه إلا ونسخ منها نسخة واستحسنها. مولده ولد يوم الخميس السابع عشر لجمادى الآخرة عام خمسة وسبعين وستماية. وفاته: توفي قاضيًا ببسطة في التاسع عشر من رمضان عام خمسة وأربعين وسبعماية. عبد الله بن أبي جمرة الأزدي عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك بن أبي جمرة الأزدي من أهل مرسيه نزيل غرناطة يكنى أبا محمد وبيته بمرسية من أعلام بيوتاتها شهير التعين والأصالة ينكح فيه الأمراء. حاله كان من أعلام وقته فضلًا وعدالة وصلاحا ووقارًا طاهر النشأة عف الطعمة كثير الحياء مليح التخلق. نشأ بمرسيه ثم انتقل إلى غرناطة فتولى القضاء ببيرة وجهاتها ثم جاز إلى سبتة وانعقدت بينه وبين رؤسايها المصاهرة في بعض بناته. ثم آب إلى غرناطة عند رجوع إيالة سبتة إلى أميرها فتقدم خطيبا بها. مشيخته روى بالإجازة عن الخطيب الحافظ أبي الربيع بن سالم وأمثاله. وفاته الغريبة المستحسنة. قال بعض شيوخنا كنت أسمعه عند سجوده وتبتله وضراعته إلى الله. يقول اللهم أمتني ميتة حسنة ويكرر ذلك. فأجاب الله دعاءه وتوفاه على أتم وجوه التأنيب طهارة وخشوعًا وخضوعًا وتأهبًا وزمانًا ومكانًا عندما صعد أول درج من أدراج المنبر يوم الجمعة الثالث والعشرين لشوال من عام أحد عشر وسبع ماية فكان يومًا مشهودًا لا عهد بمثله مارئى ألآكثر باكيًا منه وأكثر الناس من الثناء عليه. عبد الله الحارثى الأزدي عبد الله بن سليمن بن داود بن عبد الرحمن بن سليمن بن عمر بن حوط الله الأنصاري الحارثى الأزدي يكنى أبا محمد. حاله من الصلة: قال القاضي المحدث الجليل العالم كان فقيهًا جليلًا أصوليًا نحويًا كاتبًا أديبًا شاعرًا متفننًا في العلوم ورعًا دينًا حافظًا ثبتًا فاضلًا. وكان يدرس كتاب سيبويه ومستصفى أبي حامد ويميل إلى الاجتهاد في نظره ويغلب طريقة الظاهرية مشهورًا بالعقل والفضل معظمًا عند الملوك معلوم القدر لديهم يخطب في مجالس الأمراء والمحافل الجمهورية مقدمًا في ذلك بلاغة وفصاحة إلى أبعد مضمار. ولملوك الموحدين به اعتناء كبير. وهو كان أستاذ الناصر وإخوته وكان له عند المنصور والهم بذلك أكرم أثرة مع ما كان مشهورًا به من العلم والدين والفل. ولي القضاء بإشبيلية وقرطبة ومرسية وسبتة وسلا وميورقة فتظاهر بالعدل وعرف بما أبطن من الدين والفضل وكان من العلماء العاملين سنيًا مجانبًا لأهل البدع والأهواء بارع الخط حسن التقييد. مشيخته تردد في طلب العلم فسمع ببلنسية وشاطبة ومرسية وألمرية وقرطبة وإشبيلية ومالقة وغيرها من البلاد الأندلسية وتحصل له سماع جم لم يشاركه فيه أحد من أهل المغرب. قرأ القرآن على أبيه وعلى أبي محمد عبد الصمد الغساني وأخذ عن ابن حميد كتاب سيبويه تفقهًا. وعن غيره وسمع عن ابن بشكموال وقرأ أكثر من ستين تأليفًا بين كبار وصغار وكمل له على أبي محمد بن عبد الله بين قراءة وسما نحو من سنة وثلاثين تأليفًا منها الصحيحان. وأكثر عن ابن حبيش والسهيلي وابن الفخار وغيرهم. واستيفاء مشيخته يشق. شعره قال الأستاذ أنشدنيه ابن أبو القاسم ونقلت من خطة: أتدري أنك الخطاء حقًا وأنك بالذي تدري رهين مولده في محرم سنة ثمان وأربعين وخمسماية. وفاته: كان آخر عمره قد أعيد إلى مرسية قصدها من الحضرة مات بغرناطة سحر يوم الخميس الثاني لربيع الأول اثنتي عشرة وستماية ونقل منها في تابوته الذي ألحد فيه يوم السبت التاسع عشر لشعبان من السنة إلى مالقة. فدفن بها. ابن ربيع عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري من أهل قرطبة يكنى أبا القاسم ويعرف بابن ربيع. حاله كان رحمه الله أديبا كاتبًا شاعرًا نحويًا فقيهًا أصوليًا مشاركًا في علوم محبًا في القراءة وطيًا عند المناطرة متناصفا سنيًا أشعري المذهب والنسب مصممًا على طريقة الأشعرية ملتزمًا لمذهب أهل السنة المالكي من بقايا الناس وعليتهم ومن آخر طلبة الأندلس المشاركين الجلة المصممين على مذهب أهل السنة المنافرين للمذاهب الفلسفية والمبتدعة والزيغ. ولي قضاء مواضع من الأندلس منها مدينة شريش ورندة ومالقة وأم وخطب بجامعها. ثم ولي قضاء الجماعة بحضرة غرناطة وعقد بها مجلسا للإقراء. فانتفع به طلبتها واستمر على ذلك وكانت ولايته غرناطة نحوًا من سبعة أعوام. مشيخته أخذ عن أبيه أبي عامر وتفقه به وعن الخطيب أبي جعفر بن يحيى الحميري وتلا عليه وتأدب به وعن الأستاذ أبي الحسن بن خروف وروى مع هؤلاء عن القاضي أبي القاسم بن بقي وأبي محمد بن حوط الله وأبي عبد الله بن أصبغ وغيرهم وأجاز له الشيخ المسن أبو الحسن على ابن أحمد بن على الغافقي الشقوري وله به علو وبالأستاذ الخطيب المسن أبي جعفر بن يحيى المتقدم. وفاته توفي في الساب عشر لشوال سنة ست وستين وستماية. ولم يخلف بعده مثله ولا من يقاربه. عبد الله بن إبراهيم الثقفي العاصمي عبد الله بن إبراهيم بن الزبير بن الحسن بن الحسين الثقفي العاصمي من ولد عاصم بن مسلم الداخل في طلعة بلج الملقب بالعريان أخو الأستاذ أبي جعفر بن الزبير شقيقه يكنى أبا محمد. حاله كان طبيبًا ماهرًا كاتبًا شاعرًا ذاكرًا للغة صنع اليدين متقدمًا في أقرانه نباهة وفصاحة معدوم النظير في الشجاعة والإقدام يحضر الغزوات فارسًا وراجلًا ولقي بفحص غرناطة ليلا نصرانيًا يتجسس فأسره وجره وأدخله البلد ولم يلتفت إلى ثمنه استكتامًا لتلك الفعلة. مشيخته أخذ القرآن عن الأستاذ أبي عبد الله بن مستقور وروى عن أبي يحيى بن عبد الرحيم وأبي الوليد العطار وأبي القاسم بن ربيع وأبي الخطار بن خليل وأخذ عن أبي عمر بن حوط الله بمالقة وابن أبي ريحانه. وبسبتة على أبي بكر بن مشليون. وأجاز له أبو بكر بن محرز وأبو الحسن الثاري. وأخذ عن الأستاذ الناقد أبي الحسن علي بن محمد الكناني. ولد بغرناطة لسبع عشرة ليلة خلت من ذي قعدة سنة ثلاث وأربعين وستماية. وفاته: توفي بها سحر أول يوم من ذي قعدة سنة ثلاث وثمانين وستماية. عبد الله بن موسى بن عبد الرحمن بن حماد الصنهاجي يكنى أبا يحيى. حاله طالب نبيل فاضل ورع زاهد مؤثر في الدنيا بما تملكه تال لكتاب الله في جميع الأوقات. أخباره في الإيثار وجه له السيد أبو إسحاق ابن الخليفة أبي يعقوب خمسماية دنير ليصلح بها من شأنه. فصرف جميعها على أهل الستر في أقل من شهر. ومر بفتى في إشبيلية وأعوان القاضي يحملونه إلى السجن وهو يبكي فسأله فقال: أنا غريب وطولبت بخمسين دنيرا وبيدي عقود وطولبت بضامن فلم أجده فقال له الله قال نعم قال فدفع له خمسين دنيرا قال أشهد لك بها فضجر وقال إن الله إذا أعطى عبده شيئًا لم يشهد به عليه وتركه وانصرف لشأنه وكانت عنده معرفة وأدب. مولده: بغرناطة في سنة إحدى وعشرين وخمسماية. ابن المرابع عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله الأزدي من أهل بلش يكنى أبا محمد. ويعرف بابن المرابع حاله من نبهاء أدباء البادية خشن الظاهر منطو على لوذعية متوارية في مظهر جفوة كثير الانطباع عند الخبرة قادر على النظم والنثر متوسط الطبقة فيهما مسترفد بالشعر سيال القريحة مرهوب الهجاء مشهور المكان ببلده يعيش من الخدم المخزنية بين خارص وشاهد وجد بذلك وقته يوسط رقاعته فتنجح الوسيلة ويتمشى له بين الرضا والسخط الغرض. وجرى ذكره في التاج بما نصه: طويل القوادم والخوافي كلف على كبر سنه بعقايل القوافي شاب في الأدب وشب ونشق ريح البيان لما هب قحاول رفيعه وجزله وأجاد جده وأحكم هزله. فإن مدح صدح وإن وصف أنصف وإن عصف قصف. وإن أنشأ ودون وتقلب في أفانين البلاغة وتلون أفسد ما شاء الله وكون فهو شيخ الطريقة الأدبية وفتاها وخطيب حفلها كلما أتاها لا يتوقف عليه من أغراضها غرض ولا يضيع لديه منها مفترضِ. ولم نزل بروقه تتألق ومعانيه بأذيال الإحسان تتعلق. حتى برز في أبطال الكلام وفرسانه وذعرت القلوب لسطوة لسانه وألفت إليه الصناعة زمامها ووقفت عليه أحكامها. وعبر البحر منتجعًا بسعره ومنفقًا في سوق الكساد من شعره فأبرق وأرعد وحذر وتوعد وبلغ جهد إمكانه في التعريف بمكانه فما حرك ولا هز وذل في طلب الرقد وقد عز وما برح أن رجع إلى وطنه الذي اعتاده رجوع الحديث إلى قتاده. شعره قال في التاد وقد أثبت من نزعاته وبعض مخترعاته ما يدل على سعة باعه ونهضة ذراعه. فمن النسيب قوله: ما للمحب دواء يذهب الألما عنه سوى لمم فيه ارتشاف لما ولا يرد عليه نوم مقلته إلا الدنو إلى من شفه سقما يا حاكمًا والهوى فينا يؤيده هواك في بما ترضاه قد حكما أشغلتني بك شغلًا شاغلا فلما تناسى فديتك عني بعد ذاك لما ملكت روحي فأرفق قد علمت بما يلقى ولا حجة تبقى لمن علما ما لحت لي فدنا طرفي لغيرك يا مولى لحا فيه جفني النوم قد حرما طوعًا لطيعك لا أعصيك فافض بما ترضاه أرضى بما ترضى ولا جرما إن الهوى يقتضي ذلًا لغيرك لو أفادني فيك قربًا يبرد الألما سلمت من كل عيب يا محمد لا كن قلب صبك من عينيك ما سلما ومن مخاطباته الأدبية. ما كتب به إلى شيخ الصوفية ببلده مع طالع من ولده: مماليكم قد زاد فيكم مرابع من الأفق الكوني باليمن طالع بأنواركم يهدي إلى سبل الهدى ويسموا لما تسمو إليه المطالع فواسوه منكم بالدعاء فإنه مجاب بفضل الله للخلق نافع أفاض عليه الله من بركاتكم وأبقاكم ذو العرش ماجن ساجع فوقع له الشيخ المخاطب بها. أبو جعفر بن الزيات رحمه الله بما نصه: عسى الله يؤتيه من العلم حصة تصوب على الألباب منها ينابع ويجعله طرفًا لكل سجية مطهرة للناس فيها منافع ويلحقه في الصالحات بجده فيثنى عليه الكل دان وشاسع وله يستدعى إلى الباكور: بدار بدار قد آن البدار إلى أكواس باكور تدار تبدت رافلات في مسوح له لون الدياجي مستعار وقد رقمت بياضًا في سواد كأن الليل خالطه النهار وقد نضجت وما طبخت بنار وهل يحتاج للباكور نار ولا تحتاج مضغًا لا وليس عجيب لا يشق له غبار فقل للخلق قل للضرس دعني ففي البلع اكتفاء واقتصار ومما وقع له أثناء مقامات تشهد باقتداره مقطوعة سهلة وهي: رعى الله عهدًا حوى ما حوى لأهل الوداد وأهل الهوى أرهم أمورًا حلا وردها وأعطاهم السؤل كيف نوا ولما حلا الوصل صالوا له وراموه ملوًا وما روا وأوردهم سرًا سرارهم ورودًا إلى الكل ذا دوا وما أمل طال إلا وها ولا أمل صال إلا هوا أوودي به الحتف لما جاءه الأجل ديكًا فلا عوض منه ولا بدل قد كان لي أمل في أن يعيش فلم يثبت مع الحتف في بغيالها أمل فقدته فلعمري إنها عظة وبالواعظ تذري دمعها المقل كأن مطرف وشى فوق ملبسه عليه من كل حسن باهر حلل كأن إكليل كسرى فوق مفرقه وتاجه فهو عالي الشكل محتفل مؤقت لم يكن بطريق ل خطأ فيما يرتب من ورد ولا خطل كأن زرقيل فيما مر علمه علم المواقيت فيما رتب الأول يرحل الليل يحيى بالصراخ فما يصده كلل عنه ولا ملل رأيته قد وهنت منه القوى فهوى للأرض فعلا يريه الشارب الثمل لو يفتدي بديوك الأرض قل له ذاك الفدا ولكن فاجأ الأجل قالوا الدواء فلم يغن الدوام ولم ينفعه من ذاك ما قالوا وما فعلوا أملت فيه ثوابًا أجر محتسب إن قلت ذاك صح القول والعمل عليه لباس أبيض باهر السنا وليس بثوب أحكمته يد البشر وطورًا تراه كله كاسيًا به وكسوته فيها لأهل النهي عبر وطورًا ثراه عاريًا ليس يشتكي لحر ولا برد من الشمس والقمر وكم مرت الأيام وهو كما ترى على حاله لم يشك ضعفًا ولا كبر فذاك شلير شيخ غرناطة التي لبهجتها في الأرض ذكر قد انتشر بها ملك سامي المراقي أطاعه كبار ملوك الأرض في حالة الصغر تولاه رب العرش منه بعصمة تقيه مدى الأيام من كل ما ضرر |
نثره ونثره كثير ما بين مخاطبات وخطب ومقطعات ولعب وزرديات شأنها عجب.
فمن ذلك ما خاطب به الرئيس أبا سعيد بن نصر يستجدي أضحية: يقول شاكر الأيادي وذاكر فخر كل نادي وناشر غرر الغرر لعاكف والبادي والرايح والغادي إسمعوا مني حديثًا تلذه الأسماع ويستطرفه الاستماع. ويشهد بحسه الإجماع. ويجب عليه الاجتماع. وهو من الأحاديث التي لم تتفق إلا لمثلي ولا ذكرت عن أحد قبلي. وذلك يا معشر الألبا والخلصاء الأحبا. أني دخلت في هذه الأيام داري. في بعض أدواري لأقضي من أخذ الغذاء أوطاري. على حسب أطواري. فقالت لي ربة البيت لم جئت. وبما أتيت. قلت جيت لكذا كذا فهات الغدا فقالت لا غذا لك عندي اليوم. ول أودى بك الصوم. حتى تسل الاستخارة وتفعل كما فعل زوج الجارة طيب الله نجاره. وملأ بالأرزاق وجاره. قلت وما فعل قريني. وأرني من العلامة ما أحببت أن تريني. قالت إنه فكر في العيد. ونظر في أسباب التعييد. وفعل في ذلك ولم تنظر إليه نظرة بعين اهتبالك. وعيد الأضحى في اليد. والنظر ف يشراء الأضحية اليوم أوفق من الغد. قلت صدقت وبالحق نطقت بارك الله فيك وشكر جميل تحفيك. فلقد نبهت بعلك لإقامة السنة ورفعت عنه من الغفلة منة. والآن أسير لأبحث عما ذكرت. وأنظر في إحضار ما إليه أشرت ويتأتى ذلك إن شاء الله بسعدك. وتنالين فيه من بلوغ الأمر غاية قصدك. والجد ليس من الهزل والأضحية للمرأة وللرجل الغزل. قالت دعني من الخرافات. وأخبار الزرافات. فإنك حلو اللسان قليل الإحسان. تخذت الغربة صحبتك إلى ساسان. فتهاونت بالنسا وأسأت فيمن أسا. وعودت أكل خبزك في غير منديل. وإيقاد الفتيل دون قنديل وسكنى الخان و عدم ارتفاع الدخان فما تقيم موسما ولا تعرف له ميسما. وأخذت معي في ذلك بطويل وعريض وكلانا في طرفي نقيض إلى أن قلت لها إزاركوردائي فقد تفاقم بك أمر دائي وما أظنك إلا بعض أعدائي قالت مالك والإزار شط بك المزار لعلك تريد إهانه في الأضحية والأبزار أخرج عني بيا مقيت لا عمرت معك ولا بقيت أو عدمت الذين وأخذ الورق بالعين. يلزمني صوم سنة لا أغفيت معك سنة إلا إن رجعت بمثل ما رجع به زوج جارتي ورأى لك الربح في تجارتي. فقمت عنها وقد لوت رأسها وولولت وابتدرت وهرولت وجالت في العتاب وصولت وضمت بنتها وولدها وقامت باللجج والانتصار بالحجج أودها فلم يسعني إلا أن عدوت أطوف السكك والشوارع وأبارد لما غدوت بسبيله وأسارع وأجوب الآفاق وأسل الرفاق وأخترق الأسواق وأقتحم زريبة بعد زريبة وأختبر منها البعيدة والقريبة فما استرخصته استنقصته وما استغليته استعليته وما وافق غرضي اعترضني دونه عدم عرضي حتى انقض ثلثا يومي وقد عييت بدوراني وهومي وأنا لم أتحصل من الابتياع على فايدة ولا عادت علي فيه من قضاء الأرب عايدة فأومأت الإياب وأنا أجد من خوفها ما يجد صغار الغنم من الذئاب إلى أن مررت بقصاب يقصب في مجزره قد شد في وسطه مئزره وقصر أثوابه حتى كشف عن ساقيه وشمر عن ساعديه حتى أبدى مرفقيه وبين يديه عنز قد شد يديه في رقبته وهو يجذبه فيبرك ويجره فما يتحرك ويروم سيره فيرجع القهقرى ويعود إلى ورا والقصاب يشد على إزاره خيفة من فراره وهو يقول: اقتله من جان باغ وشيطان طاغ ما أشده وما ألذه وما أصده وما أجده وما أكثره بشحم وما أطيبه بلحم الطلاق يلزمه إن كان عاين تيسًا مثله أو أضحية تشبهه قبله أضحية حفيلة ومنحة جليلة. هنأ الله من رزقها وأخلف عليه رزقها. فاقتحمت المزدحم أنظر مع من نظر وأختبر فيمن اختبر. وأنا والله لا أعرف في التقليب والتخمين. ولا أفرق بين العجف والسمين غير أني رأيت صورة دون البغل وفوق الحمار وهيكلا يخبرك عن صورة العمار فقلت للقصاب كم طلبك فيه على أن تمهل الثمن حتى أوفيه فقال ابغني فيه أجيرا وكن له الآن من الذبح مجيرا وخذه بما يرضى لأول التقضي. قلت استمع الصوت ولا تخف الفوت. قال ابتعه مني نسيه وخذه هدية قلت نعم فشق لي الضمير وعاكسني فيه بالنقير والقطمير. قال تضمن لي فيه عشرين دينارًا أقبضها منك لانقضاء الحول دنيرًا دنيرًا. قلت إن هذا لكثير فاسمح منه بإحاطة اليسير. قال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا أنقصك من هذا وما قلت لك سمسمة اللهم إن شئت السعة في الأجل فأقضي لك ذلك دون أجل فجلبني للابتياع منه الإنساء في الأمد. وغلبني بذلك فلم أفتقر منه لرأى والد ولا ولد ولا أحوجت نفسي في ذلك لمشورة أحد وقلت قد اشتريته منك فضع البركة ليصح النجح في الحركة. فقال فقيه بارك الله فيه قد بعته لك فاقبض متاعك وثبت ابتياعك. وها هو في قبضك فاشدد وثاقه وهلم لنعقد عليك الوثاقة. فانحدرت معه لدكان التوثيق وابتدرت من السعة إلى الضيق وأوثقني بالشادة تحت عقد وثيق وحملني من ركوب الدين ولحاق الشين في أوعر طريق. ثم قال لي هذا تيسك فشأنك وإياه وما أظنك إلا تعصياه وأت بحمالين أربعة فإنك لا تقدر أن ترفعه ولا يتأتى لك أن يتبعك ولا أن تتبعه ولم يبق لك من الكلفة إلا أن يحصل في محلك فيكمل سرور أهلك. وانطلقت للحمال وقلت هلم إلي وقم الآن بين يدي حتى انتهينا إلى مجزرة القصاب والعنز يطلب فلا يصاب فقلت أين التيس يا أبا أويس. قال إنه قد فر ولا أعلم حيث استقر. قلت أتضيع علي مالي لتخيب آمالي والله لا يحزنك بالعصا كمن عصا ولا رفعتك إلى الحكام تجري عليك منهم الأحكام. قال مالي علم به ولا بمنقلبه لعله فر لأمه وأبيه وصاحبته وبنيه فعليك بالبريح. فاتجهت أنادي بالأسواق وجيران الزقاق من ثقف لي تيسًا فله البشارة بعد ما أتى بالأمارة وإذا برجل قد خرج من دهليز وله هدير هزيز وهو يقول من صاحب العنز المشوم لا عدم به الشوم إن وقعت عليه عيني يرتفع الكلام بينه وبيني. قلت أنا صاحبه فما الذي دهاك مني أو بلغك عني. قال إن عنزك حين شرد خرج مثل الأسد وأوقع الرهج في البلد وأضر بكل أحد ودخل في دهليز الفخارة فقام فيه وقعد وكان العمل فيه مطبوخًا ونيا فلم يترك منه شيا ومنه كانت معيشتي وبه استقامت عيشتي وأنت ضامن مالي فارتفع معي إلى الوالي والعنز مع هذا يدور وسط الجمهور ويكر كرة العفريت المزجور ويأتي بالكسر على ما بقي في الدهليز من الطواجن والقدور والخلق قد انحسروا للضجيج وكثر العياط والعجيج وأنت تعرف عفرطة الباعة وما يحوون من الوضاعة وأنا أحاول من أخذه ما أستطيع وأروم الإطاعة من غير مطيع والباعة قد أكسبته من الحماقة ما لم يكن لي به طاقة. ورجل يقول المحتسب واعرف ما تكتسب وإلى من تنتسب فقد كثر عنده بك التشكي وصاحب الدهليز قبالته يبكي وقد وجد عنده عليك وجد الشكوى وأيقن أنك كسرت الدعوى وأمر بإحضارك وهو في انتظارك فشد وسطك واحفظ إبطك وإنك تقوم على من فتح باعه للحكم على البقعة ونصب لأرباب البراهين على أرباب الشواهين ورفع على طبقة ليملأ طبقة ثم أمسكني باليمين حتى أوصلني للأمين فقال لي أرسلت التيس للفساد كأنك في نعم الله من الحساد. قلت إنه شرد ولم أدر حيث ورج قال ولم لا أخذت ميثاقه ولم تشدد وثاقه يا شرطى طرده واطرح يدك فيه وجرده. قلت أتجردني الساعة ولست من الباعة قال لا بد من ذاك أو تضمن ما أفسده هناك. قلت الضمان الضمان الأمان الأمان. قال قد أمنت إن ضمنت وعليك الثقاف حتى يقع الإنصاف أو ضامن كاف فابتدر أحد إخواني بعض جيراني فأدى عني ما ظهر بالتقدير وآلت الحال للتكدير. ثم أردت الانصراف بالتيس لا كان كيانه ولا كون مكانه وإذا بالشرطي قد دار حولي وقال لي كلف فعلي بأداء جعلي فقد عطلت من أجلك شغلي فلم يك عندي بما تكسر سورته ولا بما تطفي جمرته فاسترهن مئزري في بيته ليأخذ مايته. وتوجهت لداري وقد تقدمت أخباري وقدمت بغباري وتغير صغاري وكباري والتيس على كاهل الحمال يرغو كالبعير ويزأر كالأسد إذا فصلت العير فقلت للحمال إنزله على مهل فهلال العيد قد استهل فحين طرحه في الأسطوان. كر إلى العدوان وصرخ كالشيطان وهم أن يقفز الحيطان وعلا فوق الجدار وأقام الرهجة في الدار ولم تبق في الزقاق عجوز إلا وصلت لتراه وتسل عما اعتراه وتقول بكم اشتراه والأولاد قد دارت به وأرهقهم لهفه ودخل قلوبهم خوفه فابتدرت ربة البيت وقالت كيت وكيت لا خل ولا زيت ولا حي ولا ميت ولا موسم ولا عيد ولا قريب ولا بعيد سقت العفريت إلى المنزل ورجعت بمعزل ومن قال لك اشتره ما لم تره ومن قال لك سقه حتى توثقه ومتى تفرح زوجتك والعنز أضحيتك ومتى تطبخ القدور وولدك منه معذور وبأي قلب تأكل الشوية ولم تخلص لك فيه النية واقلة سعدها وأخلف وعدها والله لو كان العنز يخرج الكنز ما عمر لي دارًا ولا قرب لي جوارًا أخرج عني يا لكع فعل الله بك وصنع وما حبسك عن الكباش السمان والضأن الرفيعة الأثمان يا قليل التحصيل يا من لا يعرف الخياطة ولا التفصيل أدلك على كبش سمين واسع الصدر والجبين أكحل عجيب أقرن مثل كبش الخطيب يعبق من أوداكه كل طيب يغلب شحمه على لحمه ويسيل الودك من عظمه قد علف بالشعير ودبر عليه أحسن تدبير لا بالصغير ولا بالكبير تصلح منه الألوان ويستطرف شواه في كل أوان ويستحسن ثريده وقديده في سائر الأحيان قلت بيني لي قولك. لأتعرف فعلك. وأين توجد هذه الصفة يا قليلة المعرفة. قالت عند مولانا وكهفنا ومأوانا الرييس الأعلى الشهاب الأجلى القمر الزاهر. الملك الظاهر الذي أعز المسلمين بنعمته وأذل المشركين بنقمته. واسترسل في المدح فأطال وفيما ثبت كفاية. وفاته في كاينة الطاعون ببلده بلش في أواخر عام خمسين وسبعماية ودفن بها. عبد الله بن الحجاري الصنهاجي عبد الله بن إبراهيم بن وزمر الحجاري الصنهاجي الأديب المصنف يكنى أبا محمد. حاله وأوليته أبوه أديب مدينة الفرج بوادي الحجارة المصنف للمأمون بن ذي النون كتاب مغنيطاس الأفكار فيما تحتوي عليه مدينة الفرج من النظم والنثر والأخبار وكان أبو محمد هذا ماهرًا كاتبًا شاعرًا رحالا. سكن مدينة شلب بعد استيلاء العدو على بلاده بالثغر. وله في التحول أشعار وأخبار. قدم غرناطة وقصد عبد الملك بن سعيد صاحب القلعة من بنياتها واستأذن عليه في زي موحش واستخف به القاعدون ببابه إلى أن لاطف بعضهم وسأله أن يعرف به القايد فما بلغ عنه أمر بإدخاله فأنشده قصيدة مطلعها: عليك أحالني الذكر الجميل فجيت ومن ثنايك لي دليل أتيت ولم أقدمك من رسول لأن القلب كان هو الرسول منها في وصف زيه البدوي المستقل وما في طيه: فأكرم نزله وأحسن إليه وأقام عنده سنة حتى ألف بالقلعة كتاب المسهب في غرايب المغرب وفيه التنبيه على الحلى البلادية والعبادية. وانصرف إلى قصد ابن هود بورطة بعد أن عذله عن التحول عنه فقال النفس تواقة ومالي بالتغرب طاقة ثم أفكر وقال: يقولون لي مإذا الملال تقيم في محل فعند الأنس تذهب راحلا فقلت لهم مثل الحمام إذا شدا على غصن أمسى بآخر نازلا نكبته قال علي بن موسى بن سعيد: ولما قصد الحجارى روطة وحل لدى أميرها المستنصر بن عماد الدولة بن هود. وتحرك لغزو من قصده من البشكنس فهزم جيشه وكان الحجارى أحد من أسر في تلك الوقيعة فاستقر ببسقاية وبقي بها مدة يحرك ابن هود بالأشعار ويحثه على خلاصه من الإسار فلم يجد عنده ذمامة ولا تحرك له اهتمامه فخاطب عبد الملك بن سعيد بقوله: أصبحت في بسقاية مسلمًا إلى الأعادي لا أرى مسلمًا مكلفًا ما ليس في طاقتي مصفدا منتهرا مرغما فهل كريم يرتجي للأسير يفكه أكرم به منتما وقوله: أرييس الزمان أغفلت أمري وتلذذت تاركًا لي بأسر ما كذا يعمل الكرام ولكن قد جرى على المعود دهري فجتهد في فدايه ولم يمر شهر إلا وقد تخلص من أسره واستقر لديه. فكان طليق آل سعيد. وفيهم يقول: وحدنا سعيدًا منجبًا خير عصبة هم في بني أعصارهم كالمواسم مشنفة أسماعهم بمدايح مسورة أيمانهم بالصوارم فكم لهم في الحرب من فضل ناثر وكم لهم في السلم من فضل ناظم تواليفه تواليف الحجارى بديعة منها الحديقة في البديع. وهو كتاب مشهور ومنها المسهب في غرايب المغرب. وافتتح خطبته بقوله: الحمد لله الذي جعل العباد من البلاد بمنزلة الأرواح من الأجساد والأسياف من الأغماد. وهو في ستة مجلدات. ابن الخطيب السلماني يكنى أبا محمد. أوليته تنظر في اسم جده. حاله حسن السكل. جيد الفهم يغطى منه رماد السكون جمرة حركة منقبض عن الناس. قليل البشاشة حسن الخط وسط النظم. كتب عن الأمراء بالمغرب وأنشدهم واقتضى خلعهم وصكوكهم بالإقطاع والإحسان. ثم لما كانت الفتنة كتب عن سلطان وطنه معزز الخطة بالقيادة وأنشدهم. مشيخته قرأ على قاضي الجماعة الشيخ الأستاذ الخطيب أبي القاسم الحسني والأستاذ الخطيب أبي سعيد فرج بن لب التغلبي واستظهر بعض المبادي في العربية واستجيز له من أدركه ميلاده من أهل المشرق والمغرب. شعره مترفع عن الوسط إلى الإجادة بما يكفله عذر الحداثة وقد ثبت في اسم السلطان لهذا العهد أبي عبد الله بن نصر أيده الله ما يدل على جودة قريحته وذكاء طبعه. ومما دون الذي ثبت له حيث ذكر قوله: لمن طلل بالرقمتين محيل عفت دمنتيه شمأل وقبول يلوح كباقي الوشم غيره البلى وجادت عليه السحب وهي همول فيا سعد مهلًا بالركاب لعلنا نسايل رعًا فالمحب سئول قف العيس ننظر نظرة تذهب الأسى ويشفى بها بين الضلوع غليل وعرج على الوادي المقدس بالحمىفطاب لديه مربع ومقيل فيا حبذا تلك الديار وحبذا حديث بها للعاشقين طويل دعوت لها سقيا الحمى عندما سرى وميض وعرف للنسيم عليل وأرسلت دمعي للغمام مساجلًا فسال على الخدين منه مسيل فأصبح ذاك الربع من بعد محله رياضًا بها الغصن المروح يميل لين حال رسم الدار عما عهدته فعهد الهوى في القلب ليس يحول لمن طلل بالرقمتين محيل عفت دمنتيه شمأل وقبول يلوح كباقي الوشم غيره البلى وجادت عليه السحب وهي همول فيا سعد مهلًا بالركاب لعلنا نسايل رعًا فالمحب سئول قف العيس ننظر نظرة تذهب الأسى ويشفى بها بين الضلوع غليل وعرج على الوادي المقدس بالحمىفطاب لديه مربع ومقيل فيا حبذا تلك الديار وحبذا حديث بها للعاشقين طويل دعوت لها سقيا الحمى عندما سرى وميض وعرف للنسيم عليل وأرسلت دمعي للغمام مساجلًا فسال على الخدين منه مسيل فأصبح ذاك الربع من بعد محله رياضًا بها الغصن المروح يميل لين حال رسم الدار عما عهدته فعهد الهوى في القلب ليس يحول ومما شجاني بعد ما سكن الهوى بكاء حمامات لهن هديل تقول اصطبارًا عن معاهدك الأني وهيهات صبري ما إليه سبيل تقول اصطبارًا عن معاهدك الأني وهيهات صبري ما إليه سبيل فلله عينًا من رآني وللأسا غداة استقلت بالخليط حمول يطاول ليل التم مني مسهد وقد بان عني منزل وخليل فيا ليت شعري هل يعودن ما مضى وهل يسمحن الدهر وهو بخيل نثره أجابني لما خاطبت الجملة من الكتاب والسلطان رضي الله عنه بالمنكب في رحلة أعملها بما نصه: ولله من فذة المعاني حيث مشوق الفؤاد عاني لما أنارت بها المغاني غنين عن مطرب الأغاني يا صاحب الإذعاني أجب بالله من دعاني إذا صرت من كثرة الأماني بالشوق والوجد مثل ماني. وردت سحات سيدي التي أنشأت لغمام الرحمة عند اشتداد الأزمة رياحًا وملأت العيون محاسنًا الصدور انشراحًا وأصبح رحيب قرطاسها وعميم فضلها ونوالها وأيناسها لفرسان البلاغة مغدى ومراحًا. فلم أدر أصحيفة نسخت مسطورة أم روضة نفحت ممطورة أطيب من المسك منشقا وأحسن من السلك متسقا فملكتها مقادة خاطري وأودعتها سواد قلبي وناظري وطلعت علي طلوع الصبح على عقب السرى ورحمة الله وبركاته. من عبده الشبق لوجهه عبد الله بن الخطيب في الخامس عشر لجمادى الأولى عام تسعة وستين وسبعماية. مولده: بحضرة غرناطة يوم السبت سابع عشر صفر عام ثلاثة وأربعين وسبعماية. ب الله بن محمد بن ساره البكري شنترينى سكن ألمرية وغرناطة وتردد مادحًا ومنتجعًا شرقًا ومغربًا ويضرب في كثير من البلاد. حاله كان ذا حظ صالح من النحو واللغة وحفظ الأشعار أديبًا ماهرًا شاعرًا مجيدًا مطبوع الاختراع والتوليد. تجول في شرق الأندلس وغربها معلمًا للنحو ومادحًا ولاتها وكتب عن بعضهم وتعيش بالوراقة زمانا وكان حسن الخط جيد النقل والضبط. مشيخته روى عن أبي الحسن بن الأخضر. من روى عنه: روى عنه أبو بكر بن مسعود وأبو جعفر بن الباذش وأبو عثمن بن هرون وأبو الطاهر التميمي وأبو العباس بن علي اللص وأبو العلاء بن الجنان. وأبو محمدبن يوسف القضاعي وإبراهيم بن محمد السبتي. عه أما الوراقة فهي أيكة حرفة أغصانها وثمارها الحرمان شبهت صاحبها بإيرة خايط يكسو العراة وظهره عريان وقال في نجم الرحيم وهو من التشبيه العقيم: وكوكب أبصرالعفريت مسترقًا فانقضى يذكي سريعًا خلفه لهبه كفارس حل إخصارًا عمامته تجرها كلها من خلفه عدبه وقال منه في المواعظ: يا من يصيخ إلى داعي السفاه وقد نادى به الناعيان الشيب والكبر إن كنت لا تسمع الذكر ففيم ترى في رأسك الواعيان السمع والبصر ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل لم يهده الهاديان العين والأثر لا الدهر يبقى على حال ولا الفلك الأعلى ولا النيران الشمس والقمر لأرحلن عن الدنيا ولو كرهًا فراقها الثاويان البدو والحضر وقال في موت ابنة له: ألا يا موت كنت بنا رؤوفا فجددت السرور لنا بزورة حمدنا سعيك المشكور لما كفيت مؤنة وسترت عورة وفاته توفي عبد الله بن ساره سنة تسع عشرة وخمسمائة. عبد الله بن محمد الشراط عبد الله بن محمد الشراط يكنى أبا محمد من أهل مالقة. حاله طالب جليل ذكي مدرك ظريف كثير الصلف والختروانة والإزراء بمن دونه حاد النادرة مرسل عنان الدعابة شاعر مكثر يقوم على الأدب والعربية وله تقدم في الحساب والبرهان على مسايله. استدعى إلى الكتابة بالباب السلطاني واختص بولي العهد ونيط به من العمل وظيف نبيه وكاد ينمو عشبه ويتأشب جاهه لو أن الليالي أمهلته فاعتبط لأمد قريب من ظهوره وكانت بينه وبين الوزير أبي عبد الله بن الحكيم إحنة تخلصه الحمام لأجلها من كف انتقامه. شعره وشعره كثير لكني لم أظفر منه إلا باليسير. نقلت من خط صاحبنا القاضي المؤرخ أبي الحسن بن الحسن من نظم أبي محمد الشراط في معنى كان أدباء عصره قد كلفوا بالنظم فيه يظهر من هذه الأبيات في شمعة: وذكر لي أن هذا صدر عنه في مجلس أنس مع الوزير أبي عبد الله ابن عيسى بمالقة بحضرة طايفة من ظرفاء الأدباء. وفاته كان حيا سنة سبعمائة وتوفي بغرناطة وهي على حاله من الكتابة رحمه الله. عبد الله بن يوسف بن رضوان بن يوسف بن رضوان النجاري يكنى أبا القاسم ويعرف باسم جده من أهل مالقة وصاحب القلم الأعلى لهذا العهد بالمغرب. حاله هذا الفاضل نسيج وحده فهمًا وانطباعًا ولوذعية مع الدين والصون معم مخول في الخير مستول على خصال حميدة من خط وأدب وحفظ مشارك في معارف جملة. كتب ببلده عدلًا رضي وأنشد السلطان عند حلوله ببلده. ورحل عن بلده إلى المغرب فارتسم في كتابة الإنشاء بالباب السلطاني ثم بان فضله ونبه قدره ولطف محله وعاد إلى الأندلس لما جرت على سلطانه الهزيمة بالقيروان ولم ينتشله الدهر بعدها مع جملة من خواصه. فلما استأثر الله بالسلطان المذكور موسوم التمحيص وصير أمره إلى ولده بعده جنح إليه ولحق ببابه مقترن الوفادة بيمن الطاير وسعادة النصبة مظنة الاصطناع فحصل على الحظوة وأصبح في الأمد القريب محلا للبث وجليسًا في الخلوة ومؤتمنا على خطة العلامة من رجل ناهض بالكل جلد على العمل حذر من الذكر متقلص ذيل الجاه متهيب غزير المشاركة مطفف في حقوق الدول عند انخفاض الأسعار جالب لسوق الملك ما ينفق فيها حار النادرة. مليح التندير حلو الفكاهة. غزل مع العفة حافظ للعيون مقدم في باب التحسين والتنقيح لم ينشب الملك أن أنس منه بهذه الحال فشد عليه يد الغبطة. وأنشب فيه فيه براثن الأثرة ورمى إليه بمقاليد الخدمة فسما مكانه وعلا كعبه ونما عشه. وهو الآن بحاله الموصوفة من مفاخر قطره. ومناقب وطنه كثر الله مثله. مشيخته قرأ ببلده على المقري أبي محمد بن أيوب والمقري الصالح أبي عبد الله المهندس والأستاذ أبي عبد اله بن أبي الجيش والقاضي أبي جعفر بن عبد الحق وروى عن الخطيب المحدث أبي جعفر الطنجالي والقاضي أبي بكر بن منظور. وبغرناطة عن جلة منهم شيخنا رئيس الكتاب أبو الحسنى ولازم بالمغرب الرييس أبا محمد عبد المهيمن الحضرمي والقاضي أبا إسحق إبراهيم بن أبي يحيى وأبا العباس بن بربوع السبتي. وبتلمسان عن أبي عبد الله الآبلي وأبي عبد الله بن النجار وغيرهما. وبتونس عن قاضي الجماعة أبي عبد الله بن السلام. وعن جماعة غيرهم. ونظمه ونثره متجاريان لهذا العهد في ميدان الإجادة. أما شعره فمتناسب الوضع سهل المأخذ ظاهر الرواء محكم الإمرة للتنقيح. وأما نثره فطريف السجع كثير الدالة مطيع لدعوة البديهة وربما استعمل الكلام المرسل فجرى يراعه في ميدانه ملئ عنانه. وجرى ذكره في التاج أيام لم يفهق حرضه ولا أزهر روضه ولا تباينت سماؤه ولا أرضه. بما نصه: أديب أحسن ما شا وفتح قليبه فملأ الدلو وبل الرشا. وعانى على حداثته الشعر والإنشا وله ببلده بيت معمور بفضل وأمانة ومجد وديانة. ونشأ هذا الفاضل على أتم العفاف والصون. فما مال إلى فساد بعد الكون. وله خط بارع. وفهم إلى الغوامض مسارع. وقد أثبت من كلامه ونفثات أقلامه كل محكم العقود زاريًا بنت العنقود. |
فمن ذلك قصيدة أنشدها للسلطان أمير المسلمين مهنيا بهلاك الأسطول الحربي بالزقاق الغربي أجاد أغراضها وسبك المعاني وراضها وهي قوله: لعلكما أن ترعيا لي وسايلا فبالله عوجا بالركاب وسايلا بأوطان أوطار قفا ومآربى وبالحب خصا بالسلام المنازلا ألا فانشدا بين القباب من الحما فؤاد شد أضحي عن الجسم راحلا وبثا صبًا بات هنالك واشرحا لهم من أحاديثي عرضًا وطايلا وهل لزمان باللوى سقى اللوى مآرب فما ألقى مدى الدهر حايلا فحظي بعيد الدار منه بقربه ويورد فيه من مناه مناهلا وحملني من صرفه ما يؤدني ومكن مني الخطوب شواغلا عتبت عله فاغتدى لي عاتبا وقال اصخ لي لا تكن لي عاذلا أتعتبني إذ قد أفدتك موقفا لدى أعظم الأملاك حلمًا ونايلا مليك جاه الله بالخلق الرضا وأعلى له في المكرمات المنازلا مليك علا فوق السماك فطرفه غدا كهلال الأفق يبصرنا علا إذا ما دجا ليل الخطوب فبشره صباح وبدر لا يرى الدهر آفلا نماه من الأنصار غر أكابر لهم شيم ملء الفضاء فضايلا تلوا سور النعماء في حزبهم كما جلوا صور الأيام غرًا جلايلا تسامت لهم في المعلوات مراتب يرى زحل دون المراتب زاحلا عصابة نصر الله طابت أواخرا كما قد زكت أصلا وطابت أوايلا عوامله بالحذف تحكم في العد كما حكموا في حذف جزم عواملا يبدد جمع الكفر رعبا وهيبة كما بددت منه اليمين النوافلا ومنها في وصفه الأسطول واللقاء: ولما استقامت بالزقاق أساطل واستقلت للعود محافلا رآها عدو الله فانفض جمعه وأبصر أمواج البحار أساطلا ومن دهش ظن السواحل أبحرا ومن رعب خال البحار سواحلا ومن جندكم هبت عليه عواصف تدمر أدناها الصلاب الجنادلا تفرقهم أيدي سبا وتبيدهم فقد خلفت فيهم حساما وذابلا وعهدي بمر الريح للنار موقدا فقد أطفأت تلك الحروب المشاعلا وكان لهم برد العذاب ولم يكن سلامًا وما كادوه قد عاد باطلا حداهم هواهم للإسار وللفنا فما أفلتوا من ذا وذاك حبايلا فهم بين عان في القيود مصفد وفان عليه السيف أصبح صايلا أعدت لنا الدنيا نعيمًا ولذة ألا للمعالي ما تعيد وما تبد بنوركم والله يكلأ نوركم تبدت لنا سبل السعادة والرشد تحلى لكم بالملك نحر ولبة فراق كذاك الجيد يزدان بالعقد مآثركم قد سطرتها يد العلا على صفحات الفخر أو مفرق الحمد بمدحكم للقرآن أثنى منزلا وقد حزتم مجدا بجدكم سعد كفاكم فخارا أنه لكم أبومن فخره إن أنت تدعوه بالجد ثناؤكم هذا أم المسك نافح وذكركم أم عاطر العنبر الورد أجل ذكركم أزكى وأذكى لناشق كما أنكم أجلى وأعلا لمشهد طلعتن على الآفاق نورا وبهجة فما أنت إلا البدر في طالع السعد وفي جملة الأملاك عز ورفعة ودم في خلود الملك والنصر والسعد ولو أثنى فقت سجان وايل وأربيت في شعري على الشاعر الكند لما قمت بالمعشار من بعض مالكم من الجود والأفضال والبذل والرفد أبي الله إلا أن تكون مشرفًا بمقعد خير العالمين محمد فهنيت بالفخر السني محله وهنيت بالمجد الرفيع المجدد شهدت بما أوليتني من عوارف وخولت من نعمى وأسديت من يد وما حزت من مجد كريم نجاره وما لك من مجد ورفعة محتد لقد نبأتني بالرواح لعزكم مخايل إسعاد تروح وتغتد تحدثني نفسي وإني لصادق بأن سوف تلقى كاملا كل مقصد دليلي بهذا أنك الماجد الذي تسامى علوا فوق كل ممجد ليفخر أولو الفخر المنيف بأنكم لهم علم أعلى به الكل مقتدي إمام علوم معتلي القدر لم يزل رداء المعالي والعوارف يرتد وقاض إذا الأحكام أشكل أمرها جلا لها برأي الحقيقة مرشد إذا الحق أبدى نوره عند حكمه رأيت له حد الحسام المهند وإن جميع الخلق في الحق عنده سواسية ما بين دان وسيد وما زال قدمًا للحقيقة حاميا وللشرعة البيضاء يهدي ويهتدي ويمنح أفضالا ويولى أياديًا وإحسانه للمعتفين بمرصد يقيد أحرارًا بمنطق جوده فما إن يني عن مطلق أو مقيد نعم إن يكن للفضل شخص فإنما بشيمته الغراء في الفضل يبتدي أيا ناثرًا أسى المعارف والغنا ويا طارقا يطوي السرى كل فدفد ألا الق عصا التسيار واعش لناره تجد خر نار عندها خير موقد ومن مقطوعاته وقوله: تبرأت من حولي إليك وأيقنت برحماك آمالي فصح يقيني فلا أرهب الأيام إذ كنت ملجأي وحسبي يقيني باليقين يقيني ومن شعره لهذا العهد منقولا من خطه قال مما نظمه فلان يعني نفسه في كتاب الشفا نفع الله به: سل بالعلى وسنى المعارف يبهر هل زانها إلا الأيمة معشر وهل للمفاخر غير ما شهدت به آي الكتاب وخارتها الأعصر وعياض الأعلى قداحًا في العلى منهم وحوله الفخار الأظهر بشفايه تشفى الصدور وإنه لرشاد نار به الشهاب النير هو للتوالف روح صورتها وقل هو تاج مفرقها البهي الأنور أفنت محاسنه المدايح مثل ما لمعيده بعد الثناء الأعطر وله اليد البيضاء في تأليفه عند الجميع ففضلها لا ينكر هو مورد الهيم العطاش هفت بهم أشواقهم فاعتاض منه المصدر فبه ننال من الرضى ما نبتغي وبكونه فينا نغاث ونمطر أنظر إليه تميمة من كل ما تخشى من الخطب المهول وتحذر لكأنني بك يا عياض مهنأ بالفوز والملأ العلي مبشر لكأنني بك يا عياض منعما بجوار أحمد يعتلي بك مظهر لكأنني بك يا عياض متوجًا تاج الكرامة عند ربك تخبر لكأنني بك راويًا من حوضه إذا لا صدى ترويه إلا الكوثر وسقى هزيم الودق مضجعك الذي ما زال بالرحمي يؤم ويعمر وقال في محمل الكتب: أنا الحبر في حمل العلوم وإن تقل بأني حلى عن حلاهن تعدل أقيد ضروب العلم ما دمت قايما وإن لم أقم فالعلم عن بمعزل خدمت بتقوى الله خير خليفه فبوأني من قربه خير منزل أبا سالم لا زال في الدهر سالما يسوغ من شرب المنا كل منهل وكان قد رأى ليلة الاثنين الثانية لجمادى الأولى عام ستين وسبعماية في النوم كأن الوزير أبا علي بن عمر بن يخلف بن عمران الفدودي يأمره أن يجيب عن كلام من كتب إليه. فأجاب عنه بأبيات نظمها في النوم ولم يحفظ منها غير هذين البيتين: وإني لأجزى بما قد أتاه صديقي احتمالا لفعل الحرفاء بتمكين ود وإثبات عهد وإجزال حمد وبذل حياء ومن نظمه في التورية: وبخيل لما دعوه لسكني منزل بالجنان ضن بذاك قال لي مخزن بداري فيه جل ما لي فلست للدار شاك ومن ذلك أيضا: يا رب منشأة عجبت لشأنها وقد احتوت في البحر أعجب شان سكنت بجنبها عصابة شدة حلت محل الروح في الجثمان فتحركت بإرادة مع أنها في حسنها ليست من الحيوان وجرت كما قد شاء سكانها فعلمت أن السر في السكان ومن ذلك أيضًا قوله: وذي خدع دعوه لاشتغال وما عرفوه غثًا من سمين فأظهر زهده وغنى بمال وجيش الحرص منه في كمين وأقسم لا فعلت بمن خب فيا عجبًا لخلاف مهين يقد بسيره ويمين حلف ليأكل باليسار وباليمين شيء من نثره خاطبته من مدينة سلا بما نصه حسبما يظهر من غرضه: مرضت فأيامي لذاك مريضة وبرؤك مقرون برئ اعتلالها وينظر باقي الرسالة في خبر التعريف بمؤلف الكتاب فراجعني عن ذلك بما نصه: متى شيت ألفي من علايك كل ما ينيل من الآمال خير منالها كبر اعتلال من دعايك زارني وعادات بر لم ترم عن وصالها أبقى الله ذلك الجلال الأعلى متطولًا بتأكيد البر متفضلًا بموجبات الحمد والشكر. وردتني سماة سيدي المشتملة على معهود تشريفه وفضله الغنى عن تعريفه متحفيًا في السؤال عن شرح الحال ومعلنًا ما تحلى به من كرم الخلال والشرف العال والمعظم على ما يسر ذلك الجلال الوزاري الرياسي أجراه الله على أفضل ما عوده كما أعلى في كل مكرمة يده ذلك ببركة دعايه الصالح وحبه المخيم بين الجوانح. والله سبحانه المحمود على نعمه ومواهب لطفه وكرمه وهو سبحانه المسئول أن يسنى لسيدي قرار الخاطر على ما يسره في الباطن والظاهر. بمن الله وفضله والسلام على جلاله الأعلى ورحمة الله وبركاته. كتبه المعظم الشاكر الداعي المحب ابن رضوان وفقه الله. ومما خاطبني به وقد جرت بيني وبين المتغلب على دولتهم رقاع فيها سلم وإيقاع ما نصه: يا سيدي الذي علا مجده قدرا وخطرا وسما ذكره في الأندية الحافلة ثناء وشكرا وسما فخره في المراتب الدينية والدنيوية حمدًا وأجرًا أبقاك الله جميل السعي أصيل الرأي سديد الرمي رشيد الأمر والنهى وممدوحًا من بلغاء زمانك بما يقصر بالنوابغ والعشي مفتوحًا لك باب القبول عند الواحد الحق. وصلني كتابك الذي هو للإعجاز آية وللإحسان غاية ولشاهد الحسن تبريز ولثوب الأدب تطريز وفي النقد إبريز وقفت منه على ما لا تفي العبارة بعجايبه ولا يحيد الفضل كله عن مذاهبه من كل أسلوب طار في الجو إعرابًا وإغرابًا وملك من سحر البيان خطابًا وحمد ثناه مطالًا وحديثًا مطابًا شأن من قصر عن شأو البلغاء بعد الإغياء ووقف دون سباق البديع بعد الإعياء فلم يشق غباره ولا اقتفيت إلا بالوهم آثاره فلله من سيدي إتحاف سر ما شاء وأحكم الإنشاء وبر الأكابر والإنشاء فما شئت من إفصاح وكتابة وبر ورعاية وفهم وإفهام وتخصيص وإبهام وكبح لطرف النفس وقمع وخفض في الجواب ورفع وتحرج وتورع وترقص وتوسع وجماع وأصحاب وعتب وإعتاب وإدلال على أحباب وإلى غير ذلك من أنواع الأغراض والمقاصد السالمة جواهرها من الأعراض جملة جمعت المحاسن وأمتعت السامع والمعاين وحلت من امتناعها مع السهولة الحرم إلا من زاد الله تلك المعارف ظهورًا وجعلها في شرع المكارم هدى ونورًا. وأما شكر الجناب الوزاري أسماه الله بحكم النيابة عن جلالكم فقد أبلغت فيه حمدي وبذلت ما عندي وودي لكم ودي ووردي لكم من المخالصة لكم وردي وكل حالات ذلك الكمال مجمع على تفضيله معتمد من الثناء العاطر بإجماله وتفصيله. وأما مؤديه إليكم أخي وسيدي الفقيه المعظم قاضي الحضرة وخطيبها أبو الحسن أدام الله عزته وحفظ أخوته فقد قرر من أوصاف كمالاتكم ما لا تفي بتقريره الأمثلة من أولى العلم بتلك السجايا الغر والشيم الزهر وما تحليتم به من التقوى والبر والعدل والفضل والصبر والشكر ولحمل المتاعب في أمور الجهاد وترك الملاذ والدعة في مرضاة رب العباد والإعراض عن الفانية والإقبال على الباقية فيا لها من صفات خلعت السعادة عليكم مطارفها وأجزلت عوارفها وجمعت لكم تالدها وطارفها زكى الله ثوابها وجدد أثوابها ووصل بالقبول أسبابها. وذكر لي أيضًا من حسناتكم المنقبة الكبيرة والقربة الأثيرة في إقامة المارستان بالحضرة والتسبب في إنشاء تلك المكرمة المبتكرة التي هي من مهمات المسلمين بالمحل الأعلى ومن ضروريات الدين بالمزية الفضلى وما ذخره القدر لكم من الأجر في ذلك السعي المشكور والعمل المبرور فسرني لتلك المجادة إحراز ذلك الفضل العظيم والفوز بثوابه الكريم وفخره العميم. ومعلوم أبقكم الله ما تقدم من ضياع الغربا ولاضعفا من المضي فيما سلف هنالك وقبل ما قدر لهم من المرتفق العظيم وبذلك حتى أن من حفظ قول عمر رضي الله عنه والله لو ضاعت نخلة بشاطئ الفرات لخفت أن يسأل الله عنها عمر. لا شك في أن من تقدم من أهل الأمر هنالكم لا بد من سؤاله عمن ضاع لعدم القيام بهذا الواجب المغفل. والحمد لله على ما خصكم به من مزية قوله صلى الله عليه وسلم " إذا أراد الله بخليفة خيرًا جعل ل وزيرًا صالحًا إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه ". وأما كتاب المحبة فقد وقف المعظم على ما وجهتهم منه وقوفًا ظهر بمزية التأمل وعلم منه ما ترك للآخر للأول ولم يشك في أن الفضل للحاكي وشتان بين الباكي والمتباكي. حقا لقد فاق التأليف جمعًا وترتيبًا وذهب في الطرق الصوفية مذهبًا عجيبًا. ولقد بهرت معانيه كالعرائس المجلوة حسنًا ونضارة وبرعت بدايعه وروايعه سنى وإنارة وألفاظًا مختارة وكؤوسا مدارة وغيوثًا من البركات مدرارة أحسن بما أدته تلك الغرر السافرة والأمثال السايرة والخمايل الناظرة واللآلئ المفاخرة والنجوم الزاهرة. وأما إنه لكتاب تضمن زبدة العلوم وثمرة الفهوم وإن موضعه للباب اللباب وخلاصة الألباب وفذلكة الحساب وفتح الملك الوهاب سنى الله لكم ولنا كماله وبلغ الجميع منا آماله وجعل السعي فيه خالصًا لوجهه وكفيلًا بمعرفته بمنه وكرمه وهو سبحانه يبقى بركتكم ويكلأ ذاتكم الكريمة وحوزتكم بفضله وطوله وقوته والسلام الكريم يخصكم به كثيرًا أثيرًا معظم مقداركم وملتزم إجلالكم وإكباركم ابن رضوان وفقه الله وكتب في الثامن والعشرين لرجب من عام سبعة وستين وسبعمائة. m0ب الله بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن عثمان بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن عمار ين ياسر غرناطي قلعي الأصل سكن مالقة. حاله قال صاحب الطالع هو المشهور باليربطول. |
زاد على أخيه بخفة الروح وطيب النوادر واختار سكنى مالقة فما زال بها يمشي على كواهل ما تعاقب فيها من الدول ويقلب طرفه مما نال من ولاياتها بين الخيل والخول حتى أن ابن عسكر قاضى مالقة وعالمها كان من جملة من مدحه وتوسل به إلى بلوغ أغراضه عند القوم وصنف له شجرة الأنساب السعيدية. وكان قبيح المنظر مع كونه من رياحين الفضل والأدب. فمن الحكايات المتعلقة بذلك أنه كونه من رياحين الفضل والأدب. فمن الحكايات المتعلقة بذلك أنه دخل يومًا على الوالي بغرناطة السيد أبي إبراهيم وجعل يساره وكان مختصًا به واقتضى ذلك أن رد ظهره للشيخ الفقيه الجليل عميد البلدة أبي الحسن سهل بن مالك ثم التفت فرد وجهه إليه وقال اعتذر لكم بأمر ضروري فقال أبو الحسن إنما تعتذر لسيدنا فانقلب المجلس ضحكًا. ومنها أنه خرج إلى سوق الدواب مع ابن يحيى الحضرمي المشهور أيضًا بخفة الروح وكان مسلطًا على بني سعيد فبينما هو واقف إذ النخاس ينادي على فرس فم يشرب من القادوس وعين تحصد بالمنجل فقال له يا قايد أبا محمد سر بنا من هنا لئلا تؤخذ من يدي ولا أقدر لك بحيلة فعلم مقصده ولم يخفف عليه أن تلك صورته فقال سل جارتك عنها فمضى لأمه وأوقع بينها وبينه فحلف أن لا يدخل عليها الدار. قال أبو عمران بن سعيد واتفق أن جزت بدار أم الحضرمي فرأيته إلى ناحية وهو كثيب منكسر فقلت له ما خبرك يا أبا يحيى فقال لي عن أمه وعن نفسه النساء يرمين أبناء الزنا صغارا وهذه العجوز الفاعلة الصانعة ترميني ابن خمسين سنة فقلت له وما سبب ذلك فقال ابن عمك يوسف الجمال لا أخذ الله له بيد فما زلت حتى أصلحت بينها وبينه. ومن نوادر أجوبته المسكتة أنه كان كثير الخلطة بمراكش لأحد السادة لا يفارقه إلى أن ولي ذلك السيد وتمول واشتغل بدنياه عنه فقيل له نرى السيد فلانًا أصرب عن صحبتك ومنادمتك فقال كان يحتاج إلى وقتًا كان يتبخر بي وأما اليوم فإنه يتبخر بالعود والند والعنبر. وقال له شخص كان يلقب بفسيوات في مجلس خاص أي فائدة في اليربطول وفيم ذا يحتاج إليه فقال له لا تقل هذا فإنه يقطع رايحة الفسا فود أنه لم ينطق. وتكلم شخص من المترفين فقال أمس بعنا الباذنجان التي بدار خالتي بعشرين مثقالا فقال لو بعتم الكريز التي فيها لساوي أكثر من ماية. وأخباره شهيرة قال أبو الحسن علي بن موسى وقعت في رسايل الكاتب الجليل شيخ الكتاب أبي زيد الفازازي على رسايل في حق أبي محمد اليربطول ومنه إليه فمنها في رسالة عن السيد أبي العلاء صاحب قرطبة إلى أخيه أبي محمد اليربطول ومنه إليه فمنها في رسالة عن السيد أبي العلاء صاحب قرطبة إلى أخيه أبي موسى صاحب مالقة ويصلكم به إن شاء الله القايد الأجل الأكرم الحسيب الأمجد الأنجد أبو محمد أدام الله كرامته وكتب سلامته وهو الأكيد الحرمة القديم الخدمة المرعى الماتة والذمة المستحق البر في وجوه كثيرة ولمعان أثيرة منها أنه من عقب عمار بن ياسر رضوان الله عليه وحسبكم هذا مجدًا مؤثلًا وشرفًا موصلًا ومنها تعين بيته وسلفه واختصاصهم من النجابة والظهور بأنوه الإسم وأشرفه وكونهم بين معتكف على مضجعه أو مجاهد بمرهفه ومثقفه ومنها سبقهم إلى هذا الأمر العزيز وتميزهم بأثرة الشفوف والتمييز ومنها سبقهم إلى هذا الأمر العزيز وتميزهم بأثرة الشفوف والتمييز ومنها الانقطاع إلى أخيكم ممد مورده ومصدره وكرم مغيبه ومحضره وهذه وسايل وفاته كانت وفاته بمالقة بعد عشرين وستماية قال الرييس أبو عمر بن حكم شاهدته قد وصل إلى السيد أبي محمد البياسي أيام ثورته وهو بشنتلية مع وفد مالقة بالبيعة سنة ثنتين وعشرين وستماية. ومن الصوفية والفقراء ابن أبي المجد عبد الله بن عبد البر بن سليمن بن محمد بن أشعث الرعيني من أهل أرجدونه من كورة ريه يكنى أبا محمد ويعرف بابن أبي المجد. حاله كان من أعلام الكور سلفًا وترتبًا وصلاحًا وإنابة ونية في الصالحين متسع الذرع للوارد كثير الإيثار بما تيسر مليح التخلق حسن السمت طيب النفس حسن الظن له حظ من الطلب من فقه وقراءات وفريضة وخوض في طريقة الصوفية وأدب لا بأس به قطع عمره خطيبًا وقاضيًا ببلده ووزيرًا وكتب بالدار السلطانية في كل ذلك لم يفارق السداد. مشيخته قرأ على الأستاذ الجليل أبي جعفر بن الزبير. رحل إليه من وطنه عام اثنين وتسعين وستماية ولازمه وانتفع به أخذ عنه الكتاب العزيز والعربية وسمع عليه الكثير من الحديث وعلى الخطيب الصوفي المحقق أبي الحسن فضل بن محمد بن فضيلة المعافري وعلى الخطيب المحدث أبي عبد الله محمد بن عمر بن رشيد وسمع على الشيخ القاضي الراوية أبي محمد النبعي والوزير المعمر المحدث الحسيب أبي محمد عبد المنعم بن سماك العاملي والعدل الراوية أبي الحسن بن مستقور. وقرأ بمالقة على الأستاذ أبي بكر بن الفخار وأجازه من أهل المشرق طائفة. شعره مما حدثني ابن أخته صاحبنا أبو عثمن بن سعيد. قال نظم الفقيه القاضي الكاتب أبو بكر بن شبرين ببيت الكتاب مألف الجملة رحمهم الله هذين البيتين: ألا يا محب المصطفى زد صبابة وضمخ لسان الذكر منه بطيبه ولا تعبأن بالمبطلين فإنما علامة حب الله حب حبيبه فأخذ الأصحاب في تذييل ذلك. فقال الشيخ أبو الحسن بن الجياب رحمه الله: فمن يعمر الأوقات طرًا بذكره فليس نصيب في الهدى كنصيبه ومن كان عنه معرضًا طول دهره فكيف يرجيه شفيع ذنوبه وقال أبو القاسم بن أبي القاسم بن أبي العافية: أليس الذي جلى دجا الجهل هديه بنور أقمنا بعده نهتدي به وقال أبو بكر بن أرقم: نبى هدانا من ضلال وحيرة إلى مرتقى سامي المحل خصيبه فهل يذكر الملهوف فضل مجيره ويغمط شاكي الداء شكر طبيبه وانتهى القول إلى الخطيب أبي محمد بن أبي المجد فقال رحمه الله مذيلًا كذلك: ومن قال مغرورًا حجابك ذكره فذلك مغمور طريد عيوبه وذكر سول الله فرض مؤكد وكل محق قايل بوجوبه وقال يومًا شيخنا أبو الحسن بن الجياب هذين البيتين على عادة الأدباء في اختيار الأذهان: جاهد النفس جاهدا فإذا ما فنيت عنك فهي عين الوجود وليكن حكمك المسدد فيها حكم سعد في قتله لليهود قال فأجابه أبو محمد بن أبي المجد: أيها العارف المعبر ذوقا عن معان غزيرة في الوجود إن حال الفنا عن كل غير لمقام المراد غير المريد كيف لي بالجهاد غير معان وعدوه مظاهر بجنود ولو أني حكمت فيمن ذكرتم حكم سعد لكنت جد سعيد سوف أسلو بحبكم عن سواها ولو أبدت فعل المحب الودود سوف أسلو بحبكم عن سواها ولو أبدت فعل المحب الودود ليس شيء سوى إلآهك يبقى واعتبر صدق ذا بقول لبيد وفاته توفي رحمه الله ليلة النصف من شعبان المكرم عام تسعة وثلاثين وسبعماية. وكان يجمع الفقراء ويحضر طائفتهم وتظهر عليه حال لا يتمالك معها وربما أوحشت من لا يعرفه بها. عبد الله بن فارس بن زيان من بني عبد الوادي تلمساني يكنى أبا محمد وينتمي إلى بني زيان من بيت أمرائهم. كذا نقلت من خط صاحبنا الفقيه القاضي أبي الطاهر قاضي الجماعة أبي جعفر بن جعفر بن فركون وله بأحواله عناية وله إليه تردد كثير وزيارة. قال ورد الأندلس مع أبيه وهو طفل صغير واستقر بقتورية في ديوان غزانها. ولما توفي أبوه سلك مسلكه برهة ورفض ذلك وجعل يتردد بين الولد وانقطع لشأنه. حاله ابن العسال عبد الله بن فرج بن غزلون اليحصبي يعرف بابن العسال ويكنى أبا محمد طليطلي الأصل. سكن غرناطة واستوطنها الصالح المقصود التربة المبرور البقعة المفزع لأهل المدينة عند الشدة. حاله قال ابن الصيرفي كان رحمه الله فذا في وقته غريب الجود طرفًا في الخير والزهد والورع له في كل جو متنفس يضرب في كل علم بسهم وله في الوعظ تواليف كبيرة وأشعاره في الزهد مشهورة جارية على ألسنة الناس أكثرها كالأمثال جيدة الرصعة صحيحة المباني والمعاني. وكان يلحق في الفقه. ويجلس للوعظ. وقال الغافقي كان فقيهًا جليلًا زاهدًا متفننًا فصيحًا لسنا الأغلب عليه مطبوعا. كان له مجلس يقرأ عليه فيه الحفظ والتفسير ويتكلم عليه ويقص من حفظه أحاديث. وألف في أنواع من العلوم وكان يغظ الناس بجامع غرناطة غريبًا في وقته فذا ي دهره عزيز الوجود. مشيخته روى عن أبي محمد مكي بن أبي طالب وأبي عمرو المقري الداني وأبي عمر بن عبد البر وأبي إسحق إبراهيم بن مسعود الإلبيري الزاهد وعن أبيه فرج وعن أبي زيد الحشا القاضي وعن القاضي أبي الوليد الباجي. شعره وشعره كثير ومن أمثل ما روى منه قوله: لست وجيهًا لدي إلهي في مبدإ الأمر والمعاد لو كنت وجيهًا لما براني في عالم الكون والفساد وفاته توفي رحمه الله يوم الاثنين لعشر خلون من رمضان عام سبعة وثمانين وأربعمائة وألحد ضحى يوم الثلاثاء بعده بمقبرة باب إلبيرة بين الجبانتين. ويعرف المكان إلى الآن بمقبرة العسال. وكان له يوم مشهود وقد نيف على الثمانين رحمه الله ونفع به. ومن الملوك والأمراء والأعيان والوزراء عبد الرحمن بن عبد الله بن معاوية بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية أمير المؤمنين الناصر لدين الله الخليفة الممتع المجدود المظفر البعيد الذكر الشهير الصيت. حاله كان أبيض أشهل حسن الوجه عظيم الجسم قصير الساقين. أول من تسمى أمير المؤمنين ولي الخلافة فعلا جده وبعد صيته وتوطأ ملكه وكأن خلافته كانت شمسا نافية للظلمات فبايعه أجداده وأعمامه وأهل بيته على حداثة السن وجدة العمر فجدد الخلافة وأحيا الدعوة وزين الملك ووطد الدولة وأجرى الله له من السعد ما يعظم عنه الوصف ويجل عن الذكر وهيأ له استنزال الثوار والمنافقين واجتثاث جراثيمهم. بنوه: أحد عشر منهم الحكم الخليفة بعده والمنذر وعبد الله وعبد الجبار. حجابه: بدر مولاه وموسى بن حدير. قضاته: جملة منهم أسلم بن عبد العزيز وأحمد بن بقي ومنذر ابن سعيد البلوطي. نقش خاتمة: عبد الرحمن بقضاء الله راض. دخوله إلبيره قال المؤرخ أول غزوة غزاها بعد أن استحجب بدرا مولاه وخرج إليها يوم الخميس رابع عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ثلاثمائة مفوضًا إليه ومستدعيًا نصره واستيلاف الشاردين وتأمين الخايفين إلى ناحية كورة جيان وحصن المنتلون فاستنزل منه سعيد بن هذيل وأناب إليه من كان نافرًا عن الطاعة مثل ابن اللبانة وابن مسرة ودحون الأعمى وانصرف إلى قرطبة وقد تجول وأنزل كل من بحصن من حصون كورة جيان. وبسطة وناجرة وإلبيرة وبجانة والبشرة وغيرها بعد أن عرض نفسه عليها. وعلى عهده توفي ابن حفصون. وجرت عليه هزيمة الخندق في سنة سبع وعشرين وثلاثماية وطال عمره فملك نيفا وخمسين سنة ووجد بخطه أيام السرور التي صفت لي دون كدر يوم كذا ويوم كذا فعدت فوجدت أربعة عشر يومًا. وفاته في أول رمضان من سنة خمسين وثلاثمائة. عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الناصر لدين الله بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يكنى أبا المطرف ويلقب بالمرتضى. حاله وصفته كان أبيض أشقر أقنى مخفف البدن مدور اللحية خيرًا فاضلًا من أهل الصلاح والتقى قام بدولته خيران العامري بعد أن كثر السؤال عن بني أمية فلم يجد فيهم أسدًا للخلافة منه بورعه وعفافه ووقاره وخاطب في شأنه ملوك الطوائف على عهده فاستجاب الكل إلى الطاعة بعد أن جمع الفقهاء والشيوخ وجعلوها شورى وانصرفوا يريدون قرطبة وبدأوا بصنهاجة بالقتال فكان نزوله بجبل شقشتر على محجة واط. وفاته يوم الثلاث خلون من جمادى الأولى سنة تسع وأربعمائة. وكانت الهزيمة على عساكر المرتضى فتركوا المحلات وهربوا وفشي فيهم القتل وظفرت صنهاجة من المتاع والأموال بما يأخذه الوصف وقتل المرتضى في تلك الهزيمة فلم يوقع له على أثر وقد بلغ سنه نحو أربعين. عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس يكنى أبا المطرف وقيل أبا زيد وقيل أبا سليمن وهو الداخل إلى الأندلس والمجدد الخلافة بها لذريته والملقب بصقر بني أمية. حاله قال ابن مفرج كان الأمير عبد الرحمن بن معاوية راجح العقل راسخ العلم ثابت الفهم كثير الحزم فذ العزم بريئًا من العجز مستخفا للثقل سريع النهضة متصل الحركة لا يخلد إلى راحة ولا يسكن إلى دعة ولا يكل الأمور إلى غيره ثم لا ينفرد بإبرامها برأيه. وعلى ذلك فكان شجاعًا مقدامًا بعيد الغور شديد الحذر قليل الطمأنينة بليغًا مفوهًا شاعرًا محسنا سمحًا سخيًا طلق اللسان فاضل البنان يلبس البياص ويعتم به ويؤثره. وكان أعطى هيبة من وليه وعدوه لم يعطها واحد من الملوك في زمانه. وقال غيره وألفى الأمير عبد الحمن الأندلسي ثغرًا من أنأي الثغور القاصية غفلًا من سمة الملك عاطلاُ من حليه الإمامة فأرهب أهله بالطاعة السلطانية وحركهم بالسيرة الملوكية ورفعهم بالآداب الوسطية فألبسهم عما قريب المودة وأقامهم على الطريقة. وبدأ يدون الدواوين وأقام القوانين ورفع الأواوين. وفرض الأعطية وأنفد الأقضية وعقد الألوية وجند الأجناد ورفع العماد وأوثق الأوتاد فأقام للملك نبذة من أوليته لما ظهر بنو العباس بالمشرق ونجا فيمن نجا من بني أمية معروفًا بصفته عندهم وخرج بؤم المغرب لأمر كان في نفسه من ملك الأندلس اقتضاه حدثان. فسار حتى نزل القيروان ومعه بدر مولاه ثم سار حتى لحق بأخواله من نفزة ثم سار بساحل العدوة في كنف قوم من زناته وبعث إلى الأندلس بدرًا فداخل له بها من يوثق به وأجاز البحر إلى المنكب وسأل عنها فقال نكبوا عنها ونزل بشاط من أحوازها وقدم إليه أول دعوته وعقد اللوا وقصد قرطبة في خبر يطول حروب مبيرة وهزم يوسف الفهري واستولى على قرطبة فبويع له بها يوم عيد الأضحى من سنة ثمان وثلاثين ومائة وهو ابن خمس وعشرين سنة. دخوله إلبيرة قالوا ولما انهزم الأمير يوسف بن عبد الرحمن الفهري لحق بإلبيرة فامتنع بحصن غرناطة وحاصره الأمير عبد الرحمن بن معوية وأحاط به فنزل على صلح وانعقد بينهما عقد ورهنه يوسف ابنيه أبا زيد وأبا الأسود وشهد في الأمان وجوه العسكر منهم أمية بن حمزة الفهري وحبيب بن عبد الملك المرواني ومالك بن عبد الله القرشي ويحيى بن يحيى اليحصبي ورزق بن النعمان الغسالي وجدار بن سلامة المذحجي. وعمر بن عبد الحميد العبدري وثعلبة بن عبيد الجذامي والحريش ابن حوار السلمي وعتاب بن علقمة اللخمي وطالوت بن عمر اليحصبي والجراح بن حبيب الأسدي وموسى بن خالد والحصين بن العقيلي وعبد الرحمن بن منعم الكلبي إلى آخر سواهم بتاريخ يوم الأربعاء لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة تسع وثلاثين ومائة. نقلت أسماء من شهد لكونهم مممن دخل البلد ووجب ذكره فاجتزأت بذلك فرارا من الإطالة إذ هذا الأمر بعيد الأمد والإحاطة لله. |
بلاغته ونثره وشعره قال الرازي قام بين يديه رجل من جند قنسرين يستنجد به وقال له يا ابن الخلايف الراشدين والسادات الأكرمين إليك فررنا وبك عذت من زمن ظلوم ودهر غشوم قلل المال وذهب الحال وصير إلي بذاك المنال فأنت ولي الحمد وربي المجد والمرجو للرفد. فقال له ابن معاوية مسرعًا قد سمعنا مقالتك فلا تعودن ولا سواك لمثله من إراقة وجهك بتصريح المسلة والإلحاف في الطلبة وإذا ألم لك خطب أو دهاك أمر أو أحرقتك حاجة فارفعه إلينا في رقعة لا تعدو ذكيًا تستر عليك خلتك وتكف شماتة العدو بك بعد رفعها إلى مالكنا ومالكها عن وجهه بإخلاص الدعاء وحسن النية. وأمر له بجائزة حسنة. وخرج الناس يعجبون من حسن منطقه وبراعة أدبه. ومن شعره قوله وقد نظر إلى نخلة بمنية الرصافة مفردة هاجت شجنه إلى تذكر بلاد المشرق: تبدت لنا وسط الرصافة نخلة تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل فقلت شبيهي في التغرب والنوى وطول التنائي عن بنيي وعن أهلي نشأت بأرض أنت فيها غريبة فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي سقتك غوادي المزن من صوبها الذي يسح ويستمرئ السماكين بالوبل وفاته توفي بقرطبة يوم الثلاثاء الرابع والعشرين لربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وماية وهو ابن تسعة وخمسين عامًا وأربعة أشهر وكانت مدة ملكه ثلاثًا وثلاثين سنة وأربعة أشهر وأخباره شهيرة. وجرى ذكره في الرجز المسمى بقطع السلوك في ذكر هذين من بني أمية قولي في ذكر الداخل: وجلت الفتنة في أندلس فأصبحت فريسة المفترس فأسرع السير إليها وابتدر وكل شيء بقضاء وقدر صقر قريش عابد الرحمن باني المعالي لبني مروان جدد عهد الخلفاء فيها وأسس الملك لمترفيها جدد عهد الخلفاء فيها وأسس الملك لمترفيها ثم أجاب داعي الحمام وخلف الأمر إلى هشام وقام بالأمر الحفيد الناصر والناس محصور بها وحاصر فأقبل السعد وجاء النصر وأشرق الأمن وضاءت القصر وعادت الأيام في شباب وأصبح العدو في تباب سطى وأعطى وتغاضى ووفا وكلما أقدره الله عفا فعاد من خالف فيها وانتزا وحارب الكفار دأبا وغزا وأوقع الروم به في الخندق فانقلب الملك بسعي مخفق واتصلت من بعد ذا فتوح تغدو على مثواه أو تروح فاغتنموا السلم لهذا الحين ووصلت إرسال قسطنطين وساعد السعد فنال واقتنا ثم بني الزهرا فيما قد بنا عبد الرحمن بن إبراهيم اللخمي بن يحيى بن سعيد بن محمد اللخمي عبد الرحمن بن إبراهيم اللخمي بن يحيى بن سعيد بن محمد اللخمي من أهل رندة وأعيانها يكنى أبا القاسم ويعرف بابن الحكيم وجده يحيى هو المعروف بابن الحكيم وقد تقدم ذكر جملة من هذا البيت. حاله كان رحمه الله عين بلده المشار إليه كثير الانقباض والعزلة مجانبًا لأهل الدنيا نشأ على طهارة وعفة مرضى الحال معدودا في أهل النزاهة والعدالة وأفرط في باب الصدقة بما انقطع عنه أهل الإثراء من المتصدقين ووقفوا دون شأوه. ومن شهير مايروى من مناقبه في هذا الباب. أنه أعتق بكل عضو من أعضائه رقبة وفي ذلك يقول بعض أدباء عصره: أعتق بكل عضو منه رقبة واعتد ذلك ذخرًا ليوم العقبة لا أجد منقبة مثل هذه المنقبة مشيخته روى عن القاضي الجليل أبي الحسن بن قطرال وعن أبي محمد بن ابن عبد اله بن عبد العظيم حاله كان فقيهًا جليل القدر رفيع الذكر عارفًا بالنحو واللغة والأدب ماهر الكتابة رايق الشعر بديع التوشيح سريع البديهة جاريًا على أخلاق الملوك في مركبه وملبسه وزيه قال ابن مسعدة: وطيء من درجات العز والمجد أعلاها وفرع من الأصالة منتماها. ثم علت همته إلى طلب الرياسة والملك. فارتحل إلى بلاد العدوة ودعا إلى نفسه فأجابه إلى ذلك الخلق الكثير. والجم الغفير ودعوه باسم الخليفة وحيوه بتحية الملك. ثم خانته الأقدار والدهر بالإنسان غدار فأحاطت به جيوش الناصر بن المنصور وهو في جيش عظيم من البربر فقطع رأسه وهزم جيشه وسيق إلى باب الخليفة فعلق على باب مراكش في شبكة حديد وبقي به مدة من عشرين سنة. قال أبو جعفر بن الزبير كان أحد نبهاء وقته لولا حدة كانت فيه أدت به إلى ما حدثني به بعض شيوخي من صحبه. قال: خرجنا معه يومًا على باب من أبواب مراكش برسم الفرجة فلما كان عند الرجوع نظرنا إلى رؤوس معلقة وتعوذنا بالله من الشر وأهله وسألناه سبحانه العافية. قال: فأخذ يتعجب منا وقال: هذا خور طريقة وخساسة همه والله ما الشرف والهمة إلا في تلك. يعني في طلب الملك وإن أدى الاجتهاد فيه إلى الموت دونه على تلك الصفة. قال: فما برحت الليالي والأيام حتى شرع في ذلك ورام الثورة وسيق رأسه إلى مراكش فعلق في جملة تلك الرؤوس وكتب عليه أو قيل فيه: لقد طمح المهر الجموح لغاية فقطع أعناق الجياد السوابق جرى وجرت رجلاه لكن رأسه أتى سابقًا والجسم ليس بسابق وكانت ثورته ببعض جهات درعة من بلاد السوس. مشيخته أخذ عن صهره القاضي أبي محمد عبد المنعم بن عبد الرحيم. وعن غيره من أهل بلده وتفقه بهم وبهر في العقليات والعلوم القديمة وقرأ على القاضي المحدث أب يبكر بن أبي زمنين وتلا على الأستاذ الخطيب أبي عبد الله بن عروس والأدب والنحو على الأستاذ الوزير أبي يحيى بن مسعدة. وأجازه الأستاذ الخطيب أبو جعفر العطار. ومن شعره في الثورة: قولوا لأولاد عبد المؤمن بن علي تأهبوا لوقوع الحادث الجلل قد جاء فارس قحطان وسيدها ووارث الملك والغلاب للدول الله حسبي لا أريد سواه هل في الوجود الحق إلا الله ذات الإله بها تقوم دولتنا هل كان يوجد غيره لولاه يا من يلوذ بذاته أنت الذي لا تطمع الأبصار في مرآه لا غرو أنا قد رأيناه بها فالحق يظهر ذاته وتراه يا من له وجب الكمال بذاته فالكل غاية فوزهم لقياه أنت الذي لما تعإلى جده قصرت خطا الألباب دون حماه أنت الذي امتلأ الوجود بحمده لما غدا ملآن من نعماه أنت الذي اخترع الوجود بأسره ما بين أعلاه إلى أدناه أنت الذي خصصتنا بوجودنا أنت الذي عرفتنا معناه أنت الذي لو لم تلح أنواره لم تعرف الأضداد والأشباه لم أفش ما أودعتنية إنه ما صان سر الحق من أفشاه عجز الأنام عن امتداحك إنه تتضاءل الأفكار دون مداه من كان يعلم أنك الحق الذي بهر العقول فحسبه وكفاه لم ينقطع أحد إليك محبة إلا وأصبح حامدا عقباه من أهل غرناطة يكنى أبا ورد ويعرف بابن القصجة عديم رواء الحس قريب العهد بالنجعة فارق وطنه وعيصه واستقبل المغرب الوفادة وقدم على الأندلس في أخريات دولة الثاني من الملوك النصريين فمهد جانب البر له وقرب مجلسه ورعى وسيلته وكان على عمل بر من صوم واعتكاف وجهاد. نباهته ووقف بي ولده الشريف أبو زيد عبد الرحيم على رسالة كتب بها أمير مكة على عهده إلى سلطان الأندلس ثاني الملوك النصريين رحمهم الله وعبر فيها عن نفسه من عبد الله المؤيد بالله محمد بن سعد الحرسني في غرض المواصلة والمودة والمراجعة عن بر صدر عن السلطان رحمه الله من فصولها: ثم أنكم رضي الله عنكم بالغنم في الإحسان للسيد الشريف أبي القاسم الذي انتسب إلينا وأويتموه من أجلنا وأكرمتموه ورفعتموه احترامًا لبيته الشريف جعل الله عملكم معه وسيلة بين يدي جدنا عليه السلام وهي طويلة وتحميدها ظريف من شنشنة أحوال تلك البال بمكة المباركة. وفاته: توفي شهيدًا في الوقيعة بين المسلمين والنصارى بظاهر ألمرية عندما وقع الصريخ لإنجادها الحسن بن الطراوة وأكثر عن في علوم اللسان وأبي عبد الله حفيد مكي وابن يمن الله وأبوي القاسم ابن الأبرش وابن الرماك وأبوي محمد ابن رشد والقاسم بن دحمان وأبوي مروان بن بونة وأبي عبد الله بن بحر. وناظر في المدونة على ابن هشام. وأجاز له ولم يلقه أبو العباس عباد بن سرحان وأبو القاسم بن ورد. من روى عنه روى عنه أبو إسحق الزوالي وأبو إسحق الجاني وأبو أمية بن عفير وأبو بكر بن دحمان وابن قنتوال والمحمدون ابن طلحة وابن عبد العزيز وابن علي جويحمات وأبو جعفر بن عبد المجيد والحفار وسهل بن مالك وابن العفاص وابن أبي العافية وأبو الحسن السراج وأبو سليمن بن حوط الله والسماتي. وابن عياش الأندرشي وابن عطية وابن يربوع وابن رشيد وابن ناجح وابن جمهور وأبو عبد الله بن عياش الكاتب وابن الجذع وأبو علي الشلوبين وسالم بن صالح وأبو القاسم بن بقي وأبو القاسم بن الطيلسان وعبد الرحيم بن الفرس وابن الملجوم وأبو الكرم جودى وأبو محمد بن حوط الله إلى جملة لا يحصرها الحد. دخل غرناطة. وكان كثير التأميل والمدح لأبي الحسن بن أضحى قاضيها ورييسها. وله في مدحه أشعار كثيرة وذكر لي من أرخ في الغرناطيين وأخبرني بذلك صاحبنا القاضي أبو الحسن بن الحسن كتابة عمن يثق به. تواليفه منها كتاب الشريف والإعلام بما أبهم في القرآن من أسماء الأعلام. ومنها شرح آية الوصية ومنها الروض الآنف والمشرع الروا فيما اشتمل عليه كتاب السيرة واحتوى. وابتدأ إملاءه في محرم سنة تسع وستين وخمسماية وفرغ منه في جمادى منها. ومنها حلية النبيل في معارضة ما في السبيل. إلى غير ذلك. شعره قال أبو عبد الله بن عبد الملك: أنشدني أبو محمد القطان قال أنشدني أبو علي الرندي قال أنشدني أبو القاسم السهيلي لنفسه: أسايل عن جيرانه من لقيته وأعرض عن ذكراه والحال تنطق ومالي إلى جيرانه من صبابة ولكن قلبي عن صبوح يوفق ونقلت من خط الفقيه القاضي أبي الحسن بن الحسن من شعر أبي القاسم السهيلي مذيلًا ولما رأيت الدهر تسطو خطوبه بكل جليد في الورى وهدان ولم أر من حرز ألوذ بظله ولا من له بالحادثات يدان فزعت إلى من تملك الدهر كفه ومن ليس ذو ملك له بمران وأعرضت عن ذكر الورى متبرمًا إلى الرب من قاص هناك ودان وناديته سرًا ليرحم عبرتي وقلت رجائي قادني وهدان ولم أدعه حتى تطاول مفضلًا علي بالهام الدعاء وعان وقلت أرجي عطفه متمثلًا ببيت لعبد صايل بردان تغطيت من دهري بظل جناحه فعسى ترى دهري وليس براني قلت وما ضره غفر الله له لو سلمت أنباته من بردان ولكن أبت صناعة النحو إلا أن تخرج أعناقها. ومن شعره قوله: تواضع إذا كنت تبغي العلا وكنت راسيًا عند صفو الغضب فخفض الفتى نفسه رفعة له واعتبر برسوب الذهب وشعره كثير وكتابته كذلك وكلاهما من نمط يقصر عن الإجادة. حامل للعلوم غير فقيه ليس يرجوا أمرًا ولا يتقيه يحمل العلم فاتحًا قدميه فإذا التقتا فلا علم فيه ومن ذلك قوله في المجنبات: شغف الفؤاد نواعم أبكار بردت فؤاد الصب وهي حرار أذكى من المسك العتيق لنا نشقًا وألذ من صبًا حين تدار وكأن من صافى اللجين بطونها وكأنما ألوانهن نضار صفت البواطن والظواهر كلها لكن حكت ألوانها الأزهار عجبًا لها وهي النعيم يصوغها نار وأين من النعيم النار ومن شعره وثبت في الصلة: إذا قلت يومًا سلام عليك ففيها شفاء وفيها سقام شفًا إذ قلتها مقبلًا وإن قلتها مدبرًا فالحمام فاعجب لحال اختلافيهما وهذا سلام وهذا سلام مولده: عام سبعة أو ثمانية وخمسماية. عبد الرحمن بن هانئ اللخمي يكنى أبا المطرف من أهل فرقد من قرى إقليم غرناطة. حاله كان فقيهًا فاضلًا وتجول في بلاد المشرق. قال أنشدني إمام الجامع بالبصرة: بلاء ليس بشبهه بلاء عداوة غير ذي حسب ودين ينيلك منه عرضًا لم يصنه ويرتع منك في عرض مصون ابن القصيب عبد الرحمن بن أحمد بن أحمد بن محمد الأزدي من أهل غرناطة يكنى أبا جعفر ويعرف بابن القصيب حاله كان فقيهًا جليلًا بارع الأدب عارفًا بالوثيقة نقادا لها صاحب رواية ودراية تقلب ببلاد الأندلس وأخذ الناس عنه بمرسية وغيرها. ورحل إلى مدينة فاس وإفريقية وأخذ بها وولى القضاء يتقرش من بلاد الجريد. روى عن أبيه القاضي أبي الحسن بن أحمد وعن عمه أبي مروان وعن أبوي الحسن ابن دري وابن الباذش وأبي الوليد بن رشد وأبي إسحق بن رشيق الطليطلي نزيل وادي آش وأبي بكر بن العربي وأبي الحسن ابن وهب وأبي محمد عبد الحق بن عطية وأبي عبد الله بن أبي الخصال وأبي الحسن يونس بن مغيث وأبي القاسم بن ورد وأبي بكر بن مسعود الخشن وأبي القاسم بن بقي وأبي الفضل عياض بن موسى بن عياض وغيرهم. تواليفه له تواليف وخطب ورسائل ومقامات وجمع مناقب من أدركه من أهل عصره واختصر كتاب الجمل لابن خاقان الإصبهاني وغير ذلك وألف برنامجًا يضم رواياته. من روى عنه روى عنه ابن الملجوم واستوفى خبره وفاته ركب البحر قاصدًا الحج فتوفي شهيدًا في البحر قتله الروم بمرسى توسن مع جماعة من المسلمين صبح يوم الأحد في العشر الوسط من شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين ابن الفصال عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد الأنصاري يكنى أبا بكر ويعرف بابن الفصال. حاله هذا الرجل فاضل عريق في العدالة ذكي نبيل مختصر الجرم شعلة من شعل الإدراك مليح المحاورة عظيم الكفاية طالب متقن قرأ على مشيخة بلده واختص منهم بمولى النعمة على أبناء جنسه أبي سعيد ابن لب واستظهر من حفظه كتبًا كثيرة منها كتاب التفريع في الفروع وارتسم في العدول وتعاطى لهذا العهد الأدب فبرز في فنه. أدبه مما جمع فيه بين نظمه ونثره وقوله يخاطب الكتاب ويسحر ببراعته الألباب: لعل نسيم الريح يسري عليله فأهدى صحيح الود طي سقيم لتحملا عني وأزكى تحية لقيته كهف مانع ورقيم ويذكر ما بين الجوانح من جوى وشوق إليهم مقعد ومقيم يا كتاب المحل السامي والإمام المتسامي وواكف الأدب البسامي أناشدكم بانتظامي في محبتكم وارتسامي وأقسم بحقكم علي وحبذا إقسامي ألا ما أمددتم بأذهانكم الثاقبة وأسعدتم بأفكاركم النيرة الواقية على إخراج هذا المسمى وشرح ما أبهمه المعمى فلعمري لقد أخرق مزاجي وفرق امتزاجي وأظلم به وهاجي وغطى على مرآة ابتهاجي فأعينوني بقوة ما استطعتم وأقطعوني من مددكم ما قطعتم وآتوني بذلك كله إعانة وسدًا. وإلا فها هو بين يديكم ففكوا غلقه واسردوا خلقه واجمعوا مضغه المتباينة وعلقه حتى يستقيم جسدًا قايمًا بذاته متصفًا بصفاته المذكورة ولذاته قايلًا بتسلية أسلوبًا مصحفًا كان أو مقلوبًا. وإن تأبى عليكم وتمنع وأدركه الحياء فتستر وتقنع وضرب على إذان الشهدا وربط على قلوبهم من الإرشاد له والاهتداء فابعثوا أحدكم إلى المدينة ليسأل عنه خدينه: أحاجي ذوي العلم والحلم ممن ترى شعلة الفهم من زنده عن اسم هو الموت مهما دنا وإن بات يبكي على فقده لذيذ وليس بذي طعم ويومر بالغسل من بعده وأطيب ما يجتنيه الفتى لدى ربة الحسن أو عبده مضجعه عشر الثلث في حساب المصحف من خده وقد جاء في الذكر إخراجه لقوم نبي على عهده وتصحيف ضد له آخر لقوم نبي على عهده وتصحيف ضد له آخر يبارك للنحل في شهده وتصحيف مقلوبه ربه تردد م قبل في رده فهاكم معانيه قد بدت كنار الكريم على نجده وكتب للولد أسعده الله يتوسل إليه ويروم قضاء حاجته: أيها السيد العزيز تصدق فيالمقام العلي لي بالوسيلة عند رب الوزارتين أطال الله أيامه حسانًا جميلة عله أن يجيرني من زمان مسنى الضر من خطاه الثقيلة واستطالت علي بالنهب جورًا من يديه الخفيفة المستطيلة لم تدع لي بضاعة غير مزجاة ونزر أهون به من قليله وإذا ما وفى لي الكيل يوما حشفًا ما يكيله سوء كيله دمت يا بن الوزير في عزك السامي ودامت به الليالي كفيلة سيدي الذي بعزة جاهه أصول وبتوسلي بعنايته أبلغ المأمول والسول وأروم لما أنا أحوم عليه الوصول ببركة المشفوع إليه والرسول المرغوب من مجدك السامي الصريح والمؤمل من ذلك الوجه السني الصبيح أن تقوم بين نجوى الشفاعة هذه الرقاعة وتعين بذاتك الفاضلة النافعة من لسانك مصقاعة حتى ينجلي حالي عن بلج وأتنسم من مهبات القبول طيب الأرج وتتطلع مستبشرات فرحتي من ثنيات الفرج فإن سيد الجماعة الأعلى وملاذ هذه البسيطة وفحلها الأجلي فسح اله تعإلى في ميدان هذا الوجود بوجوده وأضفى على هذا القطر ملابس الستر برأيه السديد وسعوده وبلغه في جميعكم غاية أمله ومقصوده قلما تضيع عنده شفاعة الأكبر من ولده أو يخيب لديه من توسل إليه بأزكى قطع كبده وبحقك ألا ما أمرت هذه الرقعة بالمثول بين يدي ذلك الزكي الذات الطاهر البقعة وقل لها قبل الحلول بين يدي هذا المولى الكريم والموئل الرحيم بعظيم التوقير والتبجيل اعلمي ياأيتها السايل أن هذا الرجل هو المؤمل بعد الله تعإلى في هذا الجيل والحجة البالغة في تبليغ راجيه أقصى ما يؤملونه بالتعجيل وخاتمة كلام البلاغة وتمام الفصاحة الموقف عليه ذلك كله بالتسجيل وغرة صفح دين الإسلام المؤيد بالتحجيل. وهذا هو مدبر فلك الخلافة العالية بإيالته وحافظ بدر سمايها السامية بهالته فقرى بالمثول بين يديه عينًا ولقد قضيت على الأيام بذلك دينًا وإذا قيل ما وسيلة مؤملك وحاجة متوسلك فوسيلته تشيعه في أهل ذلك المعنى وحاجته يتكفل بها مجدكم الصميم ويعنى وليست تكون بحرمة جاهكم من العرض الأدنى وتمن فإن للإنسان هنالك ما تمنى وتولى تكليف مرسلي بحسب ما وسعكم وأنتم الأعلون والله معكم. ثم أثن العنان والله المستعان وأعيدي السلام ثم عودي بسلام. وخاطب قاضي الحضرة وقد أنكر عليله لباس ثوب أصفر: أبقى الله المثابة العلية ومثلها أعلى وقدحها في المعلوات المعلي ما لها أمرت لا زالت بركاتها تنثال ولأمر ما يجب الأمتثال بتغيير ثوبي الفاقع اللون وإحالته عن معتاده في الكون وإلحاقه بالأسود الجون أصبغة حدادًا وأيام سيدي أيام سرور وبنو الزمان بعدله ضاحك ومسرور ما هكذا شيمة البرور بل لو استطعنا أن نزهو له كالميلاد ونتزيا في أيامه بزي الأعياد ونرفل من المشروع في محبر وموروس ونتجلى في حلل العروس حتى تقر عين سيدي بكتيبة دفاعه وقيمة نوافله وإشفاعه ففي علم سيدي الذي به الاهتداء وبفضله الاقتداء تفضيل الأصفر الفاقع حيثما وقع من المواقع فهو مهما حضر نزهة الحاضرين وكفاه فاقع لونها تسر الناظرين. ولقد اعتمه جبريل عليه السلام وبه تطرز المحبرات والأعلام وإنه لزي الظرفاء و شارة أهل الرفاء اللهم إلا إن كان سيدي دام له البقاء وساعده الارتقاء ينهى أهل التبريز عن مقاربة لون الذهب الإبريز خيفة أن تميل له منهم ضريبة فيزنوا بريبة فنعم إذا ونعمى عين وسمعًا وطاعة لهذا الأمر الهينن اللين أتبعك لا زيدًا وعمرًا ولا أعصى لك أمرًا ثم لا ألبس بعدها إلا طمرًا وأتجرد لطاعتك تجريدًا وأسلك إليك فقيرًا ومزيدًا ولا أتعرض للسخط بلبس شفيف استنشق هباه وألبس عباه وأبرأ من لباس زي ينشئ عتابا يلقى على لسان مثل هذا كتابًا وأتوب منه متابًا ولولا أني الليلة صفر اليدين ومعتقل الدين لباكرت به من حانوت صباغ رأس خابية وقاع مظلمة جابية وقاع مظلمة جابية فأصيره حالكًا ولا ألبسه حتى استفتى فيه مالكًا ولعلى أجد فأرضى سيدي بالتزيي بشارته والعمل بمقتضى إشارته والله تعإلى يبقيه للحسنات ينبه عليها ويومي بعمله وحظه إليها والسلام. وخاطبني وقد قدم في شهادة المواريث بحضرة غرناطة: يا منتهى الغايات دامت لنا غايتك القصوى بلا فوت طلبت إحيائي بكم فانتهى من قبله حالي إلى الموت وحق ذلك الجاه جاه العلا لامت إلا أن أتى وقت مولاي الذي أتأذى من جور الزمان بذمام جلاله وأتعوذ من نقص شهادة المواريث بتمام كماله شهادة يأباها المعسر والحي ويود أن لا يوافيه أجله عليها الحي مناقضة لما العبد بسبيله غير مربح قطميرها من قليله فإن ظهر لمولاي إعفاء عبده فمن عنده والله تعإلى يمتع الجميع بدوام سعده والسلام الكريم يختص بالطاهر من ذاته ومجده ورحمة اله وبركاته من عبد إنعامكم ابن الفصال لطف الله به: قد كنت أسترزق الأحياء ما رزقوا شيئًا ولا وفوني بعض أقوات فكيف حالي لما أن شكوتهم رجعت أطلب قوتي عند أموات والسلام يعود على جناب مولاي ورحمة الله وبركاته: وخاطب أحد أصحابه وقد استخفى لأمر قرف به برسالة افتتحا بأبيات على حرف الصاد أجابه المذكور عن ذلك بما نصه وفيه إشارة لغلط وقع في الإعراب: يا شعلة من ذكاء أرسلت شررا إلى قريب من الأرجاء بعد قص وشبهة حملت دعوى السفاح على فحل يليق به مضمونها وخص رحماك بي فلقد جرعتني غصصا أثار تعريضها المكتوم من غص بليتني بنكأة القرح في كبدي كمثل مرتجف المجذوم بالبرص أيها الأخ الذي رقى ومسح ثم فصح وغش ونصح ومزق ثم نصح وتلاعب بأطراف الكلام المشقق فما أفصح ما لسحاتك ذات الجيد المنصوص وتونس على العموم وتوحش على الخصوص لا در دره من باب برضاع مفتاحه وتأنيس حر سبق بالسجن استفتاحه ومن الذي أنهى إلى أخي خبر ثقافي ووثيقة تحبيسي وإيقافي وقد أبى ذلك سعد فرعه باسق وعز عقده متناسق. ويا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ بل المثوى والحمد الله جنات وغرف والمنتهى مجد وشرف فإن كان وليي مكترثًا فيحق له السرور أو شامتًا فلي الظل وله الحرور. أنا لا أزن والحمد لله بها من هناه ولما أدين بها من عزي ومناه ولا تمر لي ببال فلست بذي سيف ولست بنكال نفسي أرق شيمة وأكرم مشيمة وعيني أغزر ديمة لو كان يسئل لسان عن إنسان أو مجاولته بملعبه خوان أوقفني إخوان لا بمأزق عدوان لارتسمت منه بديوان. لا يغنى في حرب عوان عين هذا الشكل والحمد لله فراره وعنوان هذا الحد غراره. وأما كوني من جملة الصفرة. وممن أجهز سيدي الفقار على ذي الفقرة فأقسم لو ضرب القتيل ببعض البقرة لتعين مقدار تلك الغفرة. اللهم لو كنت مثل سيدي ممن تتضاءل النخلة السحوق لقامته ويعترف عوج لديه بقماءته ودمامته مقبل الظعن كالبدور في سحاب الخدور وخليفة السيد الذي بلغت سراويله تندوة العدو الأيد لطلت بباع مديد وساعدني الخلق بساعد شديد وأنا لي جسم شحت يحف به بخت وحسب مثلي أن يعلم في ميدان هوى تسل فيه سيوف اللحاظ على ذوي الحفاظ وتشرع سيوف القدود. إلى شكاة الصدود وتسطو أولو الجفون السود بالأسود فكيف أخشى تبعة تزل عن صفاتي وتنافى صفاتي ولا تطمع أسبابها في التفاتي ولا تستعمل في حربها قنا ألفاتي. والله يشكر سيدي على اهتباله ويحل كريم سباله على ما ظهر لأجلى من شغف باله إذ رفع ما يتصب وغير ما لو غيره الحجاج لكان مع الهيبة يحصب ونكت بأن نفقت بالحظ سوقي. وظهر لأجله فسوقي ويا حبذا هو من شفيع رفيع ووسيلة لا يخالفها الرعي ولا يخيب لها السعي. ولله در القايل. لله بالإنسان في تعليمه بوساطة القلم الكريم عناية فالخط خط والكتابة لم تزل في الدهر عن معنى الكمال كناية وما أقرب يا سيدي هذه الدعوى لشهامتك. وكبر هامتك: لو كنت حاضرهم بخندق بلج ولحمل ما قد أبرموه فصال لخصصت بالدعوى التي عموا بها ولقيل فصل جلاه الفصال وتركت فرعون بن موسى عبرة تتقدمنه بسيفه الأوصال فاحمد الله الذي نجاك من حضور وليمتها ولم تشهد يوم حليمتها. وأما اعتذارك عما يقال من تفقد الكنز ومنتطح العنز فورع في سيدي أتم من أن يتهم بغيبة ولسانه أعف من أن ينسب إلى ريبة لما اتصل به من فضل ضريبة ومقاصد في الخير غريبة إنما يستخف سيدي أفرط التهم رمى العوامل بالتهم فيجري أصح مجرى أختها ويلبسها ثياب تحتها بحيث لا إثم يترتب ولا هو ممن تعتبه وعلى الرجال فجنايته عذبة الجناء ومقاصده مستطرفة لفصح أو كنى. أبقاه الله رب نفاضة وجرادة ولا أخلى مبرده القاطع من برادة وعوده الخير عادة ولا أعدمه بركة وسعادة بفضل الله والسلام عليه من وليه المستزيد من ورش وليه لا بل من قلايد حليه. محمد بن فركون القرشي. ورحمة الله وبركاته فراجعه المترجم بما نصه وقد اتهم أن ذلك من إملايي: يا ملبس النصح ثوب الغش متهما يلوى النصيحة عنه غير منتكص وجاهلًا باتخاذ الهزل مأدبة أشد ما يتوقى محمل الرخص نصحته فقصاني فانقلبت إلى حال يغص بها من جملة الفصص بالأمس أنكرت آيات القصاص له واليوم يسمع فيه سورة القصص ممن استعرت يا بابلي هذا السحر ولم تسكن بناصية السحر ولا أعملت إلى بابل هاروت امتطاء ظهر ومن أين جيت بقلايد ذلك النحر أمن البحر أو مما وراء النهر. ما لمثل هذه الأريحية الفاتقة استنشقنا مهبك ولا قبل هذه البارقة الفايقة استكثرنا غيك. يا أيها الساحر ادع لنا ربك. أأضغاث أحلام ما تريه الأقلام أم في لحظة تلد الأيام فرايد الأعلام. لقد عهدت بربعك محسن دعابة ما فرعت شعابه أو مصيبًا في صبابة ما قرعت بابه ولا استرجعت قبل أن أعبر عبابه. اللهم إلا أن تكون تلك الآيات البينات من بنات يراعتك لا براعتك ومفترس تلك الزهر الطالعة كالكواكب الزهر مختلس يد استطاعتك لا زراعتك وإلا فنطرح مصايد التعليم والإنشاء وننتظر معنى قوله عز وجل يؤتى الحكمة من يشاء أو نتوسل في مقام الإلحاح والإلحاف. أن ننقل من غايلة الحسد إلى الإنصاف وحسبي أن أطلعت بالحديقة الأنيقة ووقفت من مثلي تلك الطريقة على حقيقة فألفيت بها بيانًا قد وضح تبيانًا أو أطلق عنانًا ومحاسن وجدت إحسانًا فتمثلت إنسانًا سرح لسانًا وأجهد بنانًا إلا أن صادح أيكتها يتململ في قيظ ويكاد يتميز من الغيظ فيفيض ويغيض ويهيض وينهض ثم يهيض ويأخذ في طويل وعريض بتسبيب وتعريض ويتناهض في ذلك بغير مهيض وفاتن كمايمها تسل عن الصادح ويتلقف عصا استعجاله ما يفكه المادح ويحرق بناره زند القادح ويتلقف عصا استعجاله ما يفكه المادح ويحرق بناره زند القادح ويتعاطى من نفسه بالإعجاب ويكاد ينادي من وراء حجاب إن هذا لشيء عجاب إيه بغير تمويه رجع الحديث الأول إلى ما عليه المعول لا در درها من نصيحة غير صحيحة ووصية مودة صريحة تعلقت بغير ذي قريحة فهي استعجلتني بداهية كاتب واستطالة ظالم عاتب قد سل مرهفه واستنجد مترفه وجهزها نحو كتيبته تسفر عن تحجيل بغير تبجيل وسحابة سجل ترمى بسجيل ما كان إلا أن استقلت ورمتني بدائها وانسلت وألقت ما فيها وتخلت فحسبي الله تغلب على فهمي ورميت بسهمي وقتلت بسلاحي وأسكرت براحي بريت بريت مما به دهيت أنت أبقاك الله لم تدن بها مني منالًا وعزًا فكيف بها تنسب إلى بعدك وتعزا نفسي التي هي أرق وأجدر بالمعالي وأحق وشكلى أخف على القلوب وأدق وشمايلي أملك فلا تسترق ولساني هو الذي يسئل فلا يفل وقدري يعزه ويجل عما فخرت أنت به من ملعب مايدة ومجال رقاب متمايدة فحاشى سيدي أن يقع منه بذلك مفخر إلا أن يكون يلهو ويسخر وموج بحره بالطيب والخبيث تزخر وعين شكلي هي بحمد الله عين الظرف المشار إليه بالبنان والطرف. وأما تعريض سيدي بصغر القامة وتكبيره لغير إقامة فمطرد قول ومدامة غول وفريضة نشأ فيها عول إذ لا مبالاة تجسم كاينا ما كان أو ما سمعت أن السر في السكان وإنما الجسد للروح مكان ولم يبق إليه فقد يروح وقد قال ويسئلونك عن الروح والمرء بقلبه ولسانه لا بمستظهر عيانه والله در القايل: لم يرضني أني بجسم هايل والروح ما وفت له أغراضه ولقد رضيت بأن جسمي ناحل والروح سابغة به فضفاضة ولما وقع سيدي بمكتوبي على المرفوع والمنصوب وظفرت يده بالمغصوب والباحث المعصوب لم يقلها زلة عالم. وإني وقد وجدتها منية حالم فعدد وأعاد وشدد وأشاد هلأ عقل ما قال وعلم أن المقيل سيكون مقال وزلة العلم لا تقال وأن الحرب سجال. وقبضة غيره هو المتلاعب في الحجال وبالجملة فلك الفضل يا سيدي ما اعتنى بمعناك وارتفع بين مغاني الكرام مغناك فمدة ركوبك الحمران لا تجاري ولا يشق أحد لك غبارا. أبقاك الله تحفظ عرى هذا الوداد ويشمل الجميع بركة ذلك الناد والسلام عليك من ابن الفصال ورحمة الله وبركاته. وجعلا إلى التحيم وفوضا لنظري التفضيل فكتبت: بارك عليها بذكر الله من قصص واذكر ما أى في سورة القصص حيث اغتدي السحر يلهو بالعقول وقد أحال بين حال كيده وعص عقايل العقل والسحر الحلال قوت من كافل الصون بعد الكون حجروص وأقبلت تتهادى كالبدور إذا بسحر من فلك النذور في حصص من للبدور وربات الخدور بها المثل غير مطيع والمثلان عص ما قرصة البدر والشمس المنيرة أن قيست بمن سوى من جملة القرص تا لله ما حكمها يومًا بمنتقض كلًا ولا بدرها يومًا بمنتقص أو كنت أرخصت في الترجيح مجتهدًا لم يقبل الورع الفتيا مع الرخص يا مدلج ليل الترجيح قف فقد خفيت الكواكب ويا قاضي طرف التحسين والتقبيح تسامت والحمد لله المناكب ويا مستوكف خبر الوقيعة من وراء أقتام القيعة تصالحت المواكب. |
حصحص الحق فارتفع اللجاج وتعارضت الأدلة فسقط الاحتجاج ووضعت الحرب أوزارها فسكن العجاج وطاب نحل الأقلام بأزهار الأحلام فطاب المجاج وقل لفرعون البيان وإن تأله وبلد العقول وبله وولي بالغرور ودله. أوسع الكناين نثلا ودونك أيدا شثلًا وشحرا حثلا لا خطما ولا أثلا. إن هذان لساحران إلى قوله ويذهبا بطريقتكم المثلى وإن أثرت أدب الحليم مع قصة الكليم فقل لمجمل جياد التعاليم وواضع جغرافيًا الأقاليم أندلسا ما علمت بلد الأجم لا سود العجم ومداحض السقوط على شوك قتاد القوط ولم يذر إن محل ذات العجايب والأسرار التي تضرب إليها أباط النجاب في غير الإقليم الأول. وهذا الوطن بشهادة القلب الحول. إنما هو رسم دارس ليس عليه من معول. فهنالك يتكلم الحق فيفصح ويعجم ويرد المدد على النفوس الجريبة من مطالع الأضواء فيحدث ويلهم ويجود خازن الأمداد على المتوسل بوسيلة الاستعداد فيقطع ويسهم. وأما إقليمنا الرابع والخامس بعد أن تكافأت المناظر والملامس وتناصف الليل الدامس واليوم الشامس باعتدال ربيعي ومجرى طبيعي وذكى بليد ومعاش وتوليد وطريف في البداوة وتليد ليس به برباه ولا هرم يخدم بها درب محترم ويشب لقرياته حرم فيفيد روحانيا يتصرف ورييسًا يتعرض ويتعرف كلما استنزل صاب وأعمل الانتصاب وجلب المآرب وأذهب الأوصاب وعلم الجواب وفهم الصواب. ولو فرضنا هذه المدارك ذوات أمثال أو مسبوقة بمثال لتلقينا منشور القضاء بامتثال لا كنا نخاف أن نميل بعض الميل فنجني بذلك أبخس الجري وإرضا الذميل ونجر تنازع الفهري مع الصميل. فمن خير ميز ومن حكم أزرى به وتهكم وما سل سيوف الخوارج في الزمن الدارج إلا التحكيم حتى جهل الحكيم وخلع الخطام ونزع الشكيم وأضر بالخلق نافع وذهب الطفل لجراه واليافع وذم الذمام ورد الشافع وقطر سيف قطري بمسجد الثقفي وهو محصور وانتهبت المقاصير والقصور إلا أن مستأهل الوظيفة الشرعية عند الضرورة يجبر والمنتدب للبرمحي عند الله ويجبر واجعلني على خزائن الأرض وهو الأوضح والأشهر فيها به يستظهر. وأنا فإن حكمت على التعجيل فغير مشهد على نفسي بالتسجيل إنما هو تلفيق يرضى وتطفيل يعتب عليه من تصدع بالحق ويمضي إلا أن يغضى ورأيي فيها المراضاة والاستصلاح وإلا فالسلاح والركاب الطلاح والصلح خير وما استدفع بمثل التسامح ضير. ومن وقف عليه واعتبر ما لديه فليعلم أني صدعت وقطعت والحق أطعت وإن أريد إلا الإصلاح ما استطعت والسلام. عبد الرحمن بن محمد الحضرمي بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر ابن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي من ذرية عثمن أخي كريب المذكور في نبهاء ثوار الأندلس. وينتسب سلفهم إلى وائل بن حجر وحاله عند القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم معروف. أوليته قد ذكر بعض منها. وانتقلسلفه من مدينة إشبيلية عن نباهة وتعين وشهرة عند الحادثة بها أو قبل ذلك واستقر بتونس منهم ثالث المحمد بن الحسن وتناسلوا على سراوة وحشمة ورسوم حسنة وتصرف جد المترجم به لملوكها في القيادة. حاله هذا الرجل الفاضل حسن الخلق جم الفضائل باهر الخصل رفيع القدر ظاهر الحياء أصيل المجد وقور المجلس خاصي الزي عالي الهمة عزوف عن الضيم صعب المقادة قوى الجأش طامح لقنن الرياسة خاطب للحظ متقدم في فنون عقلية ونقلية متعدد المزايا سديد البحث كثير الحفظ صحيح التصور بارع الخط مغري بالتجلة جواد الكف حسن العشرة مبذول المشاركة مقيم لرسوم التعين عاكف على رعي خلال الأصالة مفخرة من مفاخر التخوم المغربية. مشيخته قرأ القرآن ببلده على المكتب ابن برال والعربية على المقرى الزواوي وابن العربي وتأدب بأبيه وأخذ عن المحدث أبي عبد الله بن جابر الوادي آش وحضر مجلس القاضي أبي عبد الله بن عبد السلام وروى عن الحافظ عبد الله السطي والرئيس أبي محمد عبد المهيمن الحضرمي ولازم العالم الشهير أبا عبد الله الآبلى وانتفع به. توجهه إلى المغرب انصرف عن إفريقية منشئه. بعد أن تعلق بالخدمة السلطانية على الحداثة وإقامته لرسم العلامة بحكم الاستنابة عام ثلاثة وخمسين وسبعمائة. وعرف فضله وخطبه السلطان منفق سوق العلم والأدب أبو عنان فارس بن علي ابن عثمن واستقدمه واستحضره بمجلس المذاكرة فعرف حقه وأوجب فضله واستعمله في الكتابة أوائل عام ستة وخمسين ثم عظم عليه حمل الخاصة من طلبة الحضرة لبعده عن حسن التأني وشفوفه بثقوب الفهم وجودة الإدراك فأغروا به السلطان إغراء عضده ما جبل عليه عند ئذ من إغفال التحفظ مما يريب لديه فأصابته شدة تخلصه منها أجله كانت مغربة في جفاء ذلك الملك وهناة جواره وإحدى العواذل لأولى الهوى في القبول بفضله واستأثر به الاعتقال باقي أيام دولته على سنن الأشراف من الصبر وعدم الخشوع وإهمال التوسل وإبادة المكسوب في سبيل النفقة والإرضاخ على زمن المحنة وجار المنزل الخشن إلى أن أفضى الأمر إلى السعيد ولده فأعتبه قيم الملك لحينه وأعاده إلى رسمه. ودالت الدولة إلى السلطان أبي سالم وكان له به الاتصال قبل تسوغ المحنة بما أكد حظوته فقلده ديوان الإنشاء مطلق الجرايات محرر السهام نبيه الرتبة إلى آخر أيامه. ولما ألقت الدولة مقادها بعده إلى الوزير عمر بن عبد الله مدبر الأمر وله إليه قبل ذلك وسيلة وفي حليه شركة وعنده حق رابه تقصيره عما ارتمى إليه أمله فساء ما يبينهما إلى أن إلى إلى انفصاله عن الباب المريني. دخوله غرناطة ورد على الأندلس في أوائل شهر ربيع الأول من عام أربعة وستين وسبعماية واهتز له السلطان وأركب خاصته لتلقيه وأكرم وفادته وخلع عليه وأجلسه بمجلسه الخاص. ولم يدخر عنه برا ومؤاكله ومطايبة وفكاهة. وخاطبني لما حل بظاهر الحضرة مخاطبة لم تحضرني الآن فأجبته عنها بقولي: حللت حلول الغيث في البلد المحل على الطائر الميمون والرحب والسهل يمينًا بمن تعنو الوجوه لوجهه من الشيخ والطفل المهدإ والكهل لقد نشأت عندي للقياك غبطة تنسى اغتباطي بالشبيبة والأهل أقسمت بمن حجت قريش لبيته وقبر صرفت أزمة الأحياء لميته الذي زيازته الأمنية السنية والعارفة الوارفة واللطيفة المطيفة بين رجع الشباب يقطر ماء ويرف نماء ويغزل عيون الكواكب فضلًا عن الكواعب إشارة وإيماء بحيث لا الوخط يلم بسياج لمته أو يقدح ذبالة في ظلمته أو يقوم حواريه في ملته من الأحابش وأمته وزمانه روح وراح ومغدى في النعيم ومراح وقصف صراح ورفى وجراح وانتخاب واقتراح وصدور ما بها إلا انشراح ومسرات تردفها أفراح. وبين قدومك خليع الرسن ممتعًا والحمد لله باليقظة والوسن محكمًا في نسك الجنيد أو فتك الحسن ممتعًا بظرف المعارف مالئًا أكف الصيارف ما حيا بأنوار البراهين شبه الزخارف لما اخترت الشباب وإن شاقني زمنه وأعياني ثمنه وأجرت سحاب دمعي دمنه. فالحمد لله الذي رقى جنون اغترابي وملكني أزمة آرابي وغبطني بمائي وترابي ومألف أترابي وقد أغصني بلذيذ شرابي ووقع على سطوره المعتبرة إضرابي وعجلت هذه مغبطة بمناخ المطية ومنتهى الطية وملتقى للسعود غير البطية وتهنى الآمال الوثيرة الوطية فما شئت من نفوس عاطشة إلى ريك متجملة بزيك عاقلة خطى مهريك ومولى مكارمه نشيدة أمثالك ومظان مثالك وسيصدق الخبر ما هنالك ويسع فضل مجدك في التخلف عن الأصحار لا بل اللقاء من وراء البحار والسلام. ولما استقر بالحضرة جرت بيني وبينه مكاتبات أقطعها الظرف جانبه وأوضح الأدب فيها مذاهبه. فمن ذلك ما خاطبته به وقد تسرى جارية رومية إسمها هند صبيحة الابتناء بها. أوصيك بالشيخ أبي بكره لا تأمنن في حالة مكره واجتنب الشك إذا جئته جنبك الرحمن من تكره سيدي لا زلت تتصف بالوالج بين الخلاخل والدمالج وتركض فوقها ركض الهمالج. اخبرني كيف كانت الحال وهل حطت بالقاع من خير البقاع الرحال وأحكم بمرود المراودة الاكتحال وارتفع بالسقيا الإمحال وصح الانتحال وحصحص الحق وذهب المحال وقد طولعت بكل بشرى وبشر وزفت هند منك إلى بشر فلله من عشية تمتعت من الربيع بفرشي موشية وابتذلت منها أي وساد وحشية وقد أقبل ظبي الكناس من الديماس ومطوق الحمام من الحمام وقد حسنت الوجه الجميل النظرية وأزيلت عن الفرع الأثيث الأبرية وصقلت الخدود فهي كأنها الأمرية وسلط الدلك على الجلود وأغريت النورة بالشعر المولود وعادت الأعضاء يزلق عنها اللمس ولا تنالها البنان الخمس والسحنة يجول في صفحتها الفضية ماء النعيم والمسواك يلبي من ثنية التنعيم والقلب يرمى من الكف الرقيم بالمقعد المقيم وينظر إلى نجوم الوشوم فيقول إني سقيم. وقد تفتح ورج الخفر وحكم لزنجي الظفيرة بالظفر واتصف أمير الحسن بالصدود المغتفر ورش بماء الطيب ثم أعلق بباله دخان العود الرطيب. وأقبلت الغادة يهديها اليمن. وتزفها السعادة فهي تمشي على استحياء وقد ذاع طيب الريا وراق حسن المحيا حتى إذا نزع الخف وقبلت الأكف وصحب المزمار وتجاوب الدف وذاع الأرج وارتفع الحرج وتجوز اللوا والمنعرج ونزل على بشر بزيارة هند الفرج اهتزت الأرض وربت وعوصيت الطباع البشرية فأبت ولله در القائل: ومرت فقالت متى نلتقي فهش اشتياقًا إليها الخبيث وكاد بمزق سرباله فقلت إليك بساق الحديث فلما انسدل جنح الظلام وانتصفت من غريم العشاء الأخيرة فريضة الإسلام وخاطت خيوط المنام عيون الأنام تأتى دنو الجلسة ومسارقة الخلسة ثم عضة النهد وقبله الفم والخد وإرسال اليد من النجد إلى الوهد وكانت الإمالة القلية قبل المد ثم الإفاضة فيما يغبط ويرغب ثم الإماطة لما يشوش ويشغب ثم إعمال المسير إلى السرير. وصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا ورضت فذلت صعبة أي إذلال هذا بعد منازعة للأطواق يسيرة يراها الغيد من حسن السيرة ثم شرع في حل التكة ونزع الشكة وتهيئة الأرض الغرار عمل السكة ثم كان الوحى والاستعجال. وحمى الوطيس والمجال وعلا الجزء الخفيف وتضافرت الخصور الهيف وتشاطر الطبع العفيف وتواتر التقبيل وكان الأخذ الوبيل وامتاز الأنوك من النبيل ومنها جائر وعلى الله قصد السبيل فيا لها من نعم متداركة ونفوس في سبيل القحة متهالكة ونفس يقطع حروف يقطع حروف الحلق وسبحان الذي يزيد في الخلق. وعظمت الممانعة وكثرت باليد المصانة وطال الترواغ والتزاور وشكى التجاور وهنالك تختلف الأحوال وتعظم الأهوال وتخسر أو تربح الأموال فمن عصا تنقلب ثعبانًا مبينًا ونونه تصير تنينًا وبطل لم يهله المعترك الهائل والوهم الزائل ولا حال بينه وبين قرته الحائل فتعدى فتكة السليك إلى فتكة البراض وتقلد مذهب الأزارقة من الخوارج في الاعتراض ثم شق الصف وقد خضب الكف بعد أن كاد يصيب البرى بطعنه ويبوء بمقت الله ولعنته: طعنت ابن عبد الله طعنة ثائر لها نفذ لولا الشعاع أضاءها وهناك هدأ القتال وسكن الخبال ووقع المتوقع فاستراح البال وتشوف إلى مذهب الثنوية من لم يكن للتوحيد بسبال وكثر السؤال عن البال بما بال وجعل الجريح يقول وقد نظر إلى دمه يسيل على قدمه: أنى له عن دمي المسفوك معتذر أقول حملته في سفكه تعبا ومن سنان عاد عنانا وشجاع صار هدانا جبانًا كلما شابته شائبة ريبة أدخل يده في جيبه فانجحرت الحية وماتت الغريزة الحية وهناك يزيغ البصر ويخذل المنتصر ويسلم الأسر ويغلب الحصر ويجف اللباب ويظهر العاب ويخفق الفؤاد ويكبو الجواد ويسيل العرق ويشتد الكرب والأرق وينشأ في محل الأمن الفرق ويدرك فرعون الغرق. ويقوي اللجاج ويعظم الخرق. فلا تزيد الحال إلا شدة ولا تعرف تلك الجارحة المؤمنة إلا ردة: إذا لم يكن عون من الله للفتى فأكثر ما يجنى عليه اجتهاده فكم مغري بطول اللبث وهو من الخبث يؤمل الكرة ليزيل المعرة ويستنصر الخيال ويعلم إنك لا تشكو إلى مصمت فاصبر على الحمل الثقيل أو مت ومعتذر بمرض أصابه جرعه أو صابه. ووجع طرقه جلب أرقه وخطيب أرتج عليه أحيانًا فقال سيحدث الله بعد عسر يسرا وبعد عي بيانًا اللهم إنا نعوذ بك من فضائح الفروج إذا استغلقت أقفالها ولم تسم بالنجيع أعفالها ومن معرات الأقدار والنكول عن الأبكار ومن النزول عن البطون والسرر والجوارح الحسنة الغرر قبل ثقب الدر ولا تجعلنا من يستحي من البكر بالغداة وتعلم منه كلال الأداة وهو مجال فضحت فيه رجال وفراش شكيت فيه أو جال وأعملت روية وارتجال. فمن قائل: أرفعه طورا على إصبعي ورأسه مضطربة أسفله كالحنش المقتول يلقى على عود لكي يطرح في مزبله أو قايل: عدمت من أيري قوى حسه يا حسرة المرء على نفسه تراه قد مال على أصله كحائط خر على أسه وقايل: أيحسدني إبليس داءين أصبحا برجلي ورأسي دملًا وزكاما وقائل: أقول لأيري وهو يرقب فتكة به خبت من أير وغالتك داهية إذا لم يكن للأير بخت تعذرت عليه وجوه. من كل ناحية وقايل: تعفف قوق الخصيتين كأنه رشاء إلى جنب الركية ملتف كفرخ ابن ذي يومين يرفع رأسه إلى أبويه ثم يدركه الضعف وقايل: تكرش أيري بعد ما كان أملسا وكان غنيًا من قواه فأفلسا وصار جوابي للمها أن مررن بي مضى الوصل إلا منية تبعث الأسى وقايل: بنفسي من حييته فاستخف بي ولم يخطر الهجران منه على بال وقابلني بالهزء والنجة بعدما حططت به رجلي وجردت سريالي وما ارتجى من موسر فوق دكة عرضت له شيئًا من الحشف البالي من النمط الأول ولم تقل وهل عند رسم دارس من معول فقد جنيت الثمر. واستطبت السمر فاستدع الأبواق من أقصى المدينة واخرج على قومك في ثياب الزينة واستبشر بالوفود وعرف السمع عارفة الجود وتبجح بصلابة العود وإنجاز الوعود واجن رمان النهود من أغصان القدود واقطف ببنان اللثم أقاح الثغور وورد الخدود. وإن كانت الأخرى فاخف الكمد وأرض الثمد وانتظر الأمد واكذب التوسم واستعمل التبسم واستكتم النسوة وأفض فيهن الرشوة وتقلد المغالطة وارتكب وجئ على قميصك بدم كذب واستنجد الرحمن واستعن على أمورك بالكتمان لا تظهرن لعاذل أو عاذر حاليك في السراء والضراء فلرحمة المتفجعين حرارة في القلب مثل شماتة الأعداء وانتشق الأرج وارتقب الفرج. فكم غمام طبق وما همي وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وأملك بعدها عنان نفسك حتى تمكنك الفرصة وترفع إليك القصة ولا تشتره إلى عمل لا تفئ منه بتمام وخذ عن إمام ولله در عروة بن حزام. الله يعلم ما تركتن قتالهم حتى رموا مهري بأشقر مزبد وعلمت أني إن أقاتل دونهم أقتل ولم يضرر عدوي مشهدي واللبانات تلين وتجمح والمآرب تدنو وتنزح وتحرن ثم تسمح وكم من شجاع خام. ويقظ نام ودليل أخطأ الطريق وأضل الفريق والله عز وجل يجعلها خلة موصولة وشملًا أكنافه بالخير مشمولة وبنية أركانها لركاب اليمن مأمولة حتى يكثر خدم سيدي وجواريه وأسرته وسراريه وتضفو عليه نعمة باريه ما طورد قنيص واقتحم عبص وأدرك مرام عويص وأعطي زاهد وحرم حريص. والسلام. تواليفه شرح القصيدة المسماة بالبردة شرحًا بديعًا دل فيه على انفساح ذرعه وتفنن إدراكه وغزارة حفظه. ولخص كثيرًا من كتب ابن رشد. وعلق للسلطان أيام نظره في العلوم العقلية تقييداُ مفيدًا في المنطق ولخص محصل الإمام فخر الدين ابن الخطيب الرازي. وبذلك داعبته أول لقيته بعض منازل الأشراف في سبيل المبرة بمدينة فاس فقلت له لي عليك مطالبة فإنك لخصت محصلي. وألف كتابًا في الحساب. وشرع في هذه الأيام في شرح الرجز الصادر عني في أصول الفقه بشيء لا غاية وراءه في الكمال. وأما نثره وسلطانياته مرسلها ومسجعها فخلج بلاغة ورياض فنون ومعادن إبداع يفرغ عنها يراعه الجريء شبيهة البداءات بالخواتم في نداوة الحروف وقرب العهد بجرية المداد ونفوذ أمر القريحة واسترسال الطبع. وأما نظمه فنهض لهذا العهد قدمًا في ميدان الشعر. وأغر نقده باعتبار أساليبه فانثال عليه جوه وهان عليه صعبه فأتى منه بكل غريبة من ذلك قوله يخاطب السلطان ملك المغرب ليلة الميلاد الكريم عام اثنين وستين وسبعمائة بقصيدة طويلة: أسرفن في هجري وفي تعذيبي وأطلن موفق عبرتي ونحيبي وأبين يوم البين موقف ساعة لوداع مشغوف الفؤاد كثيب لله عهد الظاعنين وغادروا قلبي رهين صبابة ووجيب غربت ركائبهم ودمعي سافح فشرقت بعدهم بماء غروبي يا ناقعًا بالعتب غلة شوقهم رحماك في عذلي وفي تأنيبي يستعذب الصب الملام وإنني ماء الملام لدي غير شريب ما هاجني طرب ولا اعتاد الجوى لولا تذكر منزل وحبيب أهفو إلى الطلال كانت مطلعًا للبدر منهم أو كناس ربيب عبثت بها أيدي البلى وترددت في عطفها للدهر آي خطوب تبلى معاهدها وإن عهودها ليجدها وصفي وحسن نسيبي إيه على الصبر الجميل فإنه ألوى بدين فؤادي المنهوب لم أنسها والدهر يثني صرفه ويغض طرفي حاسد ورقيب والدار مونقة محاسنها بما لبست من الأيام كل قشيب يا سائق الأظعان تعتسف الفلا وتواصل الآساد بالتأويب متهافتًا عن رحل كل مذلل نشوان من أين ومس لغوب تتجاذب النفحات فضل ردائه في ملتقاها من صبًا وجنوب إن هام من ظما الصبابة صحبة نهلوا بمورد دمعه المسكوب في كل شعب منية من دونها هجر الأماني أو لقاء شعوب هلا عطفت صدورهن إلى التي فيها لبانة أعين وقلوب فتؤم من أكناف يثرب مأمنا يكفيك ما تخشاه من تثريب حيث النبوة آيها مجلوة تتلو من الآثار كل غريب سر غريب لم تحجبه الثرى ما كان سر الله بالمحجوب لم يخلصوا لله حتى فرقوا في الله بين مضاجع وجنوب هب لي شفاعتك التي أرجو بها صفحًا جميلًا عن قبيح ذنوبي إن النجاة وإن أتيحت لامرئ فبفضل جاهك ليس بالتسبيب إني دعوتك واثقًا بإجابتي يا خير مدعو وخير مجيب قصرت في مدحي فإن يك طيبًا فبما لذكرك من أريج الطيب مإذا عسى يبغي المطيل وقد حوى في مدحك القرآن كل مطيب يا هل تبلغني الليالي زورة تدني إلي الفوز بالمرغوب أمحو خطيئاتي بإخلاصي بها وأحط أوزاري وإصر ذنوبي فثي فتية هجروا المنى وتعودوا إنضاء كل تجيبة ونجيب يطوى صحائف ليلهم فوق الفلا ما شئت من خبب ومن تقريب إن رنم الحادي بذكرك رددوا أنفاس مشتاق إليك طروب أو غرد الركب الخلي بطيبة حنوا لمغناها حنين النيب والمانعون الجار حتى عرضهم في منتدى الأعداء غير معيب تخشى بوادرهم ويرجى حملهموالعز شيمة مرتجى ومهيب ومنها بعد كثير: سائل به طامي العباب وقد سرى تزجى بريح العزم ذات هبوب تهديه شهب أسنة وعزائم يصدعن ليل الحادث المرهوب حتى انجلت ظلم الضلال بسعيه وسطا الهدى بفريقها المغلوب يا ابن الإلى شادوا الخلافة بالتقى واستأثروك بتاجها المعصوب جمعوا بحفظ الدين آي مناقب فلقد شهدنا منه كل عجيب كم رهبة أو رغبة لك والعلا تقتاد بالترغيب والترهيب لا زلت مسرورًا بأشرف دولة يبدو الهدي من أفقها المرقوب تحيي المعالي غاديًا أو رائحًاوجديد سعدك ضامن المطلوب وقال من قصيدة خاطبه بها عند وصول هدية ملك السودان وفيها الحيوان الغريب المسمى بالزرافة: قدحت يد الأشواق من زندي وهفت بقلبي زفرة الوجد ولرب وصل كنت آمله فاعتضت منه مؤلم الصد لا عهد عند الصبر أطلبه إن الغرام أضاع من عهدي يلحي العذول فيما أعنفه وأقول ضل فأبتغي رشدي وأعارض النفحات أسألها برد الجوى فتزيد في الوقد يهدي الغرام إلى مسالكها لتعللي بضعيف ما تهدى يا سائق الوجناء معتسفًا طي الفلاة لطية الوجد أرح الركاب ففي الصبا نبأ يغنى عن المستنة الجرد وسل الربوع برامة خبرًا عن ساكني نجد وعن نجد ما لي تلام على الهوى خلقي وهي التي تأبى سوى الحمد لأبيت إلا الرشد مذ وضحت بالمستعين معالم الرشد نعم الخليقة في هدى وتقى وبناء عز شامخ الطود نجل السراة الغر شأنهم كسب العلا بمواهب الوجد أوريت زند العزم في طلبي وقضيت حق المجد من قصدي ووردت عن ظمأ مناهله فرويت من عز ومن رفد هي جنة المأوى لمن كلفت آماله بمطالب المجد لو لم أعل بورد كوثرها ما قلت هذى جنة الخلد من مبلغ قومي ودونهم قذف النوى وتنوفة البعد إني أنفت على رجائهم وملكت عز جميعهم وحدي ومنها: ورقيمة الأعطاف حالية موشية بوشائج البرد وحشية الأنساب ما أنستفي موحش البيداء بالقود تسمو بجيد بالغ صعدًا شرف الصروح بغير ما جهد طالت رؤوس الشامخات به ولربما قصرت عن الوهد قطعت إليك تنائفًا وصلت آسادها بالنص والوخد نحدي على استصعابها ذللًا وتبيت طوع القن والقد وافوك أنضاء تقلبهم أيدي السري بالغور والنجد كالطيف يستقري مضاجعه أو كالحسام يسل من غمد يثنون بالحسنى التي سبقت من غير إنكار ولا جحد ويرون لحظك من وفادتهم فخرًا على الأتراك والهند يا مستعينًا جل في شرف عن رتبة المنصور والمهدي جازاك ربك عن خليقته خير الجزاء فنعم ما يسدي وبقيت للدنيا وساكنها في عزة أبدًا وفي سعد وقال يخاطب صدر الدولة فيما يظهر من غرض المنظوم: يا سيد الفضلاء دعوة مشفق نادى لشكوى البث خير سميع مالي وللإقصاء بعد تعلة بالقرب كنت لها أجل شفيع وأرى الليالي رتقت لي صافيا منها فأصبح في الأجاج شروعي ولقد خلصت إليك بالقرب التي ليس الزمان لشملها بصدوع رغمت نفوسهم بنجح وسائلي وتقطعت أنفاسهم بصنيعي وبغوا بما نقموةا علي خلائقي حسدًا فراموني بكل شنيع لا تطمعنهم ببذل في الستي قد صنتها عنهم بفضل قنوع أني أضام وفي يدي القلم الذي ما كان طيعه لهم بمطيع ولي الخصائص ليس تأبى رتبة حسبي بعلمك ذاك من تفريعي قسمًا بمجدك وهو خير ألية اعتدها لفؤادي المصدوع إني لتصطحب الهموم بمضجعي فتحول ما بيني وبين هجوعي عطفًا علي بوحدتي عن معشر نفث الإباء صدودهم في روعي أغدو إذا باكرتهم متجلدًا وأروح أعثر في فضول دموعي حيران أوجس عند نفسي خيفة فتسر في الأوهام كل مروع أطوي على الزفرات قلبًا إده حمل الهموم تجول بين ضلوعي ولقد أقول لصرف دهر رابني بحوادث جاءت على تنويع وأنشد السلطان أمير المسلمين أبا عبد الله بن أمير المسلمين أبا الحجاج لأول قدومه ليلة الميلاد الكريم من عام أربعة وستين وسبعمائة: حي المعاهد كانت قبل تحييني بواكف الدمع يرويها ويظميني إن الإلى نزحت داري ودارهم تحملوا القلب في آثارهم دوني وقفت أنشد صبرًا ضاع بعدهم فيهم وأسأل رسمًا لا يناجيني أمثل الربع من شوق وألثمه وكيف والفكر يدنيه ويقصيني وينهب الوجد مني كل لؤلؤة ما زال جفني عليها غير مأمون سقت جفوني مغاني الربع بعدهم فالدمع وقف على أطلاله الجون قد كان للقلب عن داعي الهوى شغل لو أن قلبي إلى السلوان يدعوني أحبابنا هل لعهد الوصل مدكر منكم وهل نسمة منكم تحييني ما لي وللطيف لا يعتاد زائره وللنسيم عليلًا لا يداويني يا أهل نجد وما نجد وساكنها حسنًا سوى جنة الفردوس والعين أعندكم أنني ما مر ذكركم إلا انثنيت كأن الراح تثنيني أسلى هواك فؤادي عن سواك وما سواك يومًا بحال عنك يسليني ترى الليالي أنستك ادكاري يا من لم يكن ذكره الأيام تنسيني ومنها في ذكر التفريط: أبعد مر الثلاثين التي ذهبت أولى الشباب بإحساني وتحسيني أضعت فيها نفيسًا ما وردت به إلا سراب غرور ليس يرويني وا حسرتا من أماني كلها خدع تريش غيي ومر الدهر يبريني ومنها في وصف المشور المبتنى لهذا العهد: يا مصنعًا شيدت منه السعود حمى لا يطرق الدهر مبناه بتوهين صرح يحار لديه الطرف مفتتنا فما يروقك من شكل وتلوين بعدًا لإيوان كسرى إن مشورك السامي لأعظم من تلك الأواوين ودع دمشق ومغناها فقصرك ذا أشهى إلى القلب من أبواب جيرون ومنها في التعريض بالوزير الذي كان انصرافه من المغرب لأجله: من مبلغ عني الصحب الإلى جهلوا ودي وضاع حماهم إذ أضاعوني لا كالتي أخفرت عهدي ليالي إذ أقلب الطرف بين الخوف والهون سقيًا ورعيًا لأيامي التي ظفرت يداي منها بحظ غير مغبون ارتاد منها مليًا لا يماطلني وعدًا وأرجو كريمًا لا يعنيني وهاك منها قواف طيها حكم مثل الأزاهر في طي الرياحين تلوح إن جليت درًا وإن تليت تثنى عليك بأنفاس البساتين عانيت منها بجهدي كل شاردة لولا سعودك ما كانت تواتيني يمانع الفكر عنا ما تقسمه من حزن بطي الصدر مكنون لكن بسعدك ذلت لي شواردها فرضت منها بتحبير وتزيين بقيت دهرك في أمن وفي دعة ودام ملكك في نصر وتمكين وهو الآن قد بدا له في التحول طوع أمل ثاب له في الأمير أبي عبد الله ابن الأمير أبي زكريا بن حفص لما عاد إليه ملك بجاية وطار إليه بجناح شراع تفيأ ظله وصك من لدنه رآه مستقرًا عنده يدعم ذلك بدعوى تقصير خفي أحس به وجعله علة منقلبه وتجن سار منه في مذهبه وذلك في. من عام ثمانية وستين وسبعمائة. ولما بلغ بجاية صدق رأيه ونجحت مخيلته صاحب قسنطينة وبملك البلدة بد مهلكه وأجرة المترجم به على رسمه بما طرق إليه الظنة بمداخلته في الواقع. ثم ساء ما بينه وبين الأمير أبي العباس وانصرف عنه واستوطن بسكرة متحولًا إلى جوار رييسها أبي العباس بن مزنى متعللًا برفده إلى هذا العهد. وخاطبته برسالة في هذه الأيام تنظر في اسم المؤلف في آخر الديوان. |
مولده بمدينة تونس بلده حرسها الله في شهر رمضان من عام اثنين وثلاثين وسبعمائة.
عبد الرحمن بن الحاج بن القميي الإلبيري حاله كان شاعرًا مجيدًا هجا القاضي أبا الحسن بن توبة قاضي غرناطة ومن نصره من الفقهاء فضربه القاضي ضربًا وجيعًا وطيف به على الأسواق بغرناطة فقال فيه الكاتب أبو إسحاق الإلبيري الزاهد وكان يومئذ كاتبًا للقاضي المذكور الأبيات الشهيرة: السوط أبلغ من قول ومن قيل ومن نباح سفيه بالأباطيل من الدار كحر النار أبراه يعقل التقاضي أي تعقيل عبد الرحمن بن يخلفتن بن أحمد بن تفليت الفازازي يكنى أبا زيد. حاله كان حافظًا نظارًا ذكيًا ذا حظ وافر من معرفة أصول الفقه وعلم الكلام وعناية بشأن الرواية متبذلًا في هيئته ولباسه قلما يرى راكبًا في حضر إلا لضررة فاضلًا سنيًا شديد الإنكار والإنحاء على أهل البدع مبالغًا في التحذير منهم عامرالإتاء يطلب العلم شغفًا به وانطباعًا إليه وحبًا فيه وحرصًا عليه آية من آيات الله في سرعة البديهة وارتجال النظم والنثر وفور ماده وموالاة استعمال لا يكاد يقيد ولا يصرفه عنه إلا نسخ أومطالعة علم أو مذاكرة فيه حي صار له ملكة لا يتكلف معها الإنشاء مع الإجادة وتمكن البراعة. وكان متلبسًا بالكتابة عن الولاة والأمراء ملتزمًا بذلك كارهًا له حريصًا على الانقطاع عنه واختص بالسيد أبي إسحق بن المنصور وبأخيه أبي العلاء وبملازمتهما استحق الذكر فيمن دخل غرناطة إذ عد ممن دخلها من الأمراء. روى عن أبيه أبي سعيد وأبي الحسن جابر بن أحمد وابن عتيق بن مون وأبي الحسن بن الصايغ وأبي زيد السهيلي وأبي عبد اله التجيبي وأبي عبد الله بن الفخار وأبي محمد بن عبيد الله وأبي المعالي محمود الخراساني وأبي الوليد بن يزيد بن بقى وغيرهم. وروى عنه ابنه أبو عبد الله وأبو بكر بن سيد الناس وابن مهدي وأبو جعفر بن علي ابن غالب وأبو العباس بن علي بن مروان وأبو عمرو بن سالم وأبو القاسم عبد الرحيم بن سالم وابنه عبد الوهاب بن عبد الرحمن ابن سالم وأبو القاسم عبد الكريم بن عمران وأبو يحيى بن سليمن ابن حوط الله وأبو محمد بن قاسم الحرار وأبو الحسن الرعيني وأبو علي الماقري. تواليفه ومنظوماته له المعشرات الزهدية التي ترجمها بقوله: المعشرات الزهدية والمذكرات الحقيقية الجدية ناطقة بألسنة الوجلين المشفقين شايقة إلى مناهج السالكين المستبقين. نظمها متبركًا بعبادتهم متيمنًا بأغراضهم وإشاراتهم قابضًا عنان الدعوىعن مداناتهم ومجاراتهم مهتديًا إهداء السنن الخمس بالأشعة الواضحة من إشاراتهم مخلدًا دون أفقهم العالي إلى حضضه جامعًا لحسن أقواله وقبح أفعاله بين الشيء ونقضيه. عبد الرحمن. وله المعشرات الحبية وترجمتها النفحات القلبية واللفحات الشوقية منظمة على ألسنة الذاهبين وجدًا الذايبين كمدًا وجهدًا الذين غربوا وبقيت أنوارهم واحتجبوا وظهرت آثارهم ونطقوا وصمتت أخبارهم ووفوا العبودية حقها ومحضوا المحبة مستحقها نظم من نسج على منوالهم ولم يشاركهم إلا في أقوالهم فلان. والقصايد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم التي كل قصيدة منها عشرون بيتًا وترجمتها الوسايل المتقبلة والآثار المسلمة المقبلة مودعة في العشرنية النبيوية والحقايق اللفظية والمعنوية نظم من اعتقدها من أزكى الأعمال وأعدها لما يستقبله من مدهش الأهوال وفرع خاطره لها على توالي القواطع وتتابع الأشغال ورجا بركة خاتم الرسالة وغاية السؤدد والجلالة محو ما لسلفه من خطأ في الفعل وزلل في المقال والله سبحانه ولي القبول للتوبة والمنان بتسويغ هذه المنة المطلوبة فذلك يسير في جنب قدرته ومعهود رحمته الواسعة ومغفرته. شعره وشعره كثير جدًا ونثره مشهور وموجود. فمن شعره في غرض الشكر لله عز وجل على غيث جاء بعد قحط: نعم الإله بشره تتقيد فالله يشكر في النوال ويحمد وأغاثنا بغمايم وكافة بالبشر تشرق والبشاير ترعد حملت إلى ظما البسيطة ريه فلها عليه منة لا تجحد فالجو براق والشعاع مفضض والماء فياض الأثير معسجد والأرض في حلى الأتي كأنما نطف الغمام لؤلؤ وزبرجد والروض مطلول الخمايل باسم والقضب لينه الحمايل ميد تاهت عقول الناس في حركاتها ألشكرها أم سكرها تتأود فيقول أرباب البطالة تنثني ويقول أرباب الحقيقة تسجد وإذا اهتديت إلى الصواب فإنها في شكر خالقها تقوم وتقعد هذا هو الفضل الذي لا ينقضي هذا هو الجود الذي لا ينفد إحضر فؤادك القيام بشكره إن كنت تعلم قدر ما تتقلد والفض يديك من العباد فكلهم عجز الحل وأنت جهلا تعقد وإذا افتقرت إلى سواه فإنما الذي بخاطرك المجال الأبعد نعم الإله كما تشاهد حجة والغائبات أجل مما يشهد فانظر إلى آثار رحمته التي لا يمتري فيها ولا يتردد من ذا الذي يرتاب إن إلهة أحد وألسنة الجماد توحد من ذا الذي يرتاب إن إلهة أحد وألسنة الجماد توحد كل يصرح حاله ومقاله أن ليس إلا الله رب يعبد ومن شعره أيضًا قوله: عجبًا لمن ترك الحقيقة جانبًا وغدا لأرباب الصواب مجانبا وابتاع بالحق المصحح حاضرا ما شاء للزور المعلل عسايبا من بعد ما قد صار أنفذ أسهما وأشد عادية وأمضي قاضبا لا تخدعنك سوابق من سابق حتى ترى الإحضار منه عواقبا فلربما اشتد الخيال وعاقه دون الصواب هوى وأصبح غالبا ولكم إمام قد أضر بفهمه كتب تعب من الضلال كتايبا فانحرف بأفلاطون وأرسطا طاليس ودونهما تسلك طريقًا لاحبا ودع الفلاسفة الذميم جميعهم ومقالهم تأتى الأحق الواجبا يا طالب البرهان في أوضاعهم أعزز علي بأن تعمر جانبا أعيته أعباء الشريعة شدة فارتد مسلوبا ويحسب سالبا والله أسل عصمة وكفاية من أن أكون عن المحجة ناكبا ومن شعره: إليك مددت الكف في كل شدة ومنك وجدت اللطف في كل نايب وأنت ملاذ والأنام بمعزل وهل مستحيل في الرجاء كرآيب فحقق رجائي فيك يا رب واكفني شماتة عدو أو إساءة صاحب ومن أين أخشى من عدو إساءة وسترك ضاف من جميع الجوانب وكم كربة نجيتني من غمارها وكانت شجًا بين الحشا والترايب فلا قوة عندي ولا لي حبلة سوى حسن ظني بالجميل المواهب فيا منجي المضطر عند دعايه أغشني فقد سدت على مذاهب رجاؤك رأس المال عندي وربحه وزهد في المخلوق أسنى المواهب إذا عجزوا عن نفعهم في نفوسهم فتأميلهم بعض الظنون الكواذب فصل على المختار من آل هاشم إمام الورى عند اشتداد النوايب وقال في مدعي قراءة الخط دون نظر: وأدور مياس العواطف أصبحت محاسنه في الناس كالنوع في الجنس يدير على القرطاس أنمل كفه فيدرك أخفى الخط في أيسر اللمس فقال فريق سحر بابل عنده وقال فريق ليس هذا من الإنس فقلت لهم لم تفهموا سر دركه على أنه للعقل أجلى من الشمس ستكفه حب القلوب فأصبحت مداركها أجفان أنمله الخمس وفاته: استقدمه المأمون. على حال وحشة كانت بينه وبينه فورد ورود الرضا على مراكش في شعبان سنة سبع وعشرين وستماية. وتوفي في ذي قعدة بعده ودفن بجبانة الشيوخ مع أخيه عبد الله وقرنايهما رحم الله جميعهم. انتهى السفر التاسع بحمد الله ومن السفر العاشر العمال الأثرا في هذا الحرف عبد الرحمن بن أسباط الكاتب المنجب كاتب أمير المسلمين يوسف بن تاشفين. حاله لحق به بالعدوة فاتصل بخدمته وأغراه بالأندلس إذ ألقى إليه أمورها على صورتها حتى كان ما فرغ الله عز وجل من استيلانه على ممالكها وخلعه لرؤسايها. وكان عبد الرحمن قبل اتصاله به مقدورًا عليه في رزقه يتحرف بالنسخ ولم يكن حسن الخط ولا معرب اللفظ إلى أن تسير للكتابة في باب الديوان بألمرية ورأى خلال ذلك في نومه شخصًا يوقظه ويقول له قم يا صاحب ربع الدنيا وقص رؤياه على صاحب له بمثواه فبشره فطلب من ذلك الحين السمو بنفسه فأجاز البحر وتعلق بحاشية الحرة العليا زينب فاستكتبته. فلما توفيت الحرة أقره أمير المسلمين كاتبًا فنال ما شاء مما ترتمي إليه الهمم جاهًا ومالًا وشهرة. وكان رجلًا حصيفًا سكوتًا عاقلًا مجدي الجاه حسن الوساطة شهير المكانة. توفي فجأة بمدينة سبتة في عام سبعة وثمانين وأربعمائة. وتقلد الكتابة بعده أبو بكر بن القصير. ذكره ابن الصيرفي. عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مالك المعافري وتكر مالك في نسبه أوليته قالوا من ولد عقبة بن نعيم الداخل إلى الأندلس من جند دمشق نزيل قرية شكنب من إقليم تاجرة الجمل من عمل بلدنا لوشة غرناطي يكنى أبا محمد. حاله كان أبو محمد هذا أحد وزراء الأندلس كثير الصنايع جزل المواهب عظيم المكارم على سنن عظماء الملوك وأخلاق السادة الكرام. لم ير بعده مثله في حال الأندلس ذاكرًا للفقه والحجيث بارعًا في الأدب شاعرًا مجيدًا وكاتبًا بليغا حلو الكتابة والشعر هشًا مع وقار لينًا على مضاء عالي الهمة كثير الخادم والأمل. من آثاره المائلة إلى اليوم الحمام بجوفي الجامع الأعظم من غرناطة. بدأ بناه أول يوم من جمادى الأولى سنة تسع وخمسماية. شرع في الزيادة في سقف الجامع من صحنه سنة ست عشرة وعوض أرجل قسيه أعمدة الرخام وجلب الروس والموايد من قرطبة وفرش صحنه بكذان الصخيرة. ومن مكارمه أنه لما ولي مستخلص غرناطة وإشبيلية وجهه أميره علي بن يوسف بن تاشفين إلى طرطوشة برسم بنايها وإصلاح خللها فلما استوفى الغاية فيها قلده واستصحب جملة من ماله لمؤنته المختصة به فلما احتلها سال قاضيها فكتب إليه جملة من أهلها ممن ضعف حاله وقل تصرفه من ذوي البيوتات فاستعملهم أمناء في كل وجه جميل ووسع أرزاقهم حتى كمل له ما أراد من عمله. ومن عجز أن يستعمله وصله من ماله وصدر عنها وقد أنعش خلقًا كثيرًا. شعره من قوله في مجلس أطربه سماعه وبسطه احتشاد الأنس فيه واجتماعه: لا تلمني إذا طربت لشجو يبعث الأنس فالكريم طروب ليس شق الجيوب حقًا علينا إنما الحق أن تشق القلوب وقال: وقد قطف غلام من غلمانه نوارة ومد بها يده إلى أبي نصر الفتح بن عبيد الله. فقال أبو نصر: وبدر بدا والطرف مطلع حسنه وفي كفه من رايق النور كوكب فقال أبو محمد بن مالك: ويحسد منه الغصن أي مهفهف يجيء على مثل الكتيب ويذهب نثره قال أبو نصر كتبت إليه مودعًا فكتب إلي مستدعيًا وأخبرني رسوله أنه لما قرأ الكتاب وضعه وما سوى ولا فكر ولا روى: يا سيدي جرت الأيام بجمع افتراقك وكان الله جارك في انطلاقك فغيرك روع بالظعن وأوقد للوداع جامح الشجن فأنت من أبناء هذا الزمن خليفة الخضر لا يستقر على وطن كأنك والله يختار لك ما تأتيه وما تدعه موكل بفضاء الأرض تذرعه فحسب من نوى بعشرتك الاستمتاع أن يعدك من العواري السريعة الارتجاع فلا يأسف على قلة الثوى وينشد: وفارقت حتى ما أبالي من النوى. وفاته اعتل بإشبيلية فانتقل إلى غرناطة فزادت علته بها وتوفي رحمه الله بها في غرة شعبان سنة ثمان عشرة وخمسمائة ودفن إثر صلاة الظهر من يوم الجمعة المذكورة بمقبرة باب إلبيرة وحضر ومن رثاه: رثاه ذو الوزارتين أبو عبد الله بن أبي الخصال رحمه الله فقال: إن كنت تشفق من نزوح نواه فهناك مقبرة وذا مثواه قسم زمانك عبرة أو عبرة وأحل تشوقه على ذكراه وأعدده ما امتدت حياتك غايبًا أو عاتبًا إن لم تزر زرناه أو نائمًا غلبت عليه رقدة لمسهد لم تغتمض عيناه أو كوكبًا سرت الركاب بنوره فمضى وبلغنا المحل سناه فمتى تبعد والنفوس تزوره ومتى تغيب والقلوب تراه يا واحدًا عدل الجميع وأصلحت دنيا الجميع ودينهم دنياه طالت إذاتك بالحياء كرامة والله يكرم عبده بإذاه لشهادة التوحيد بين لسانه وجنانه نور يرى مسراه ويوجهه سيمى أغر محجل مهما بدا لم تلتبس سيماه وكأنما هو في الحياة سكينة لولا اهتزاز في الندى يغشاه وكأنه لحظ العفاة توجعا فتلازمت فوق الفؤاد يداه أبدي رضي الرحمن عنك ثناؤهم إن الثناء علامة لرضاه ما ذاك إلا أنه فرع زكا وسع الجميع بظله وحناه ما ذاك إلا أنه فرع زكا وسع الجميع بظله وحناه فاليوم أودى كل من أحببته ونعى إلى النفس من ينعاه مإذا يؤمل في دمشق مسهد قد كنت ناظره وكن تراه يعتاد قبرك للبكا أسفًا بما قد كان أضحكه الذي أبكاه يا تربة حل الوزير ضريحها سقاك بل صلى عليك الله وسرى إليك ومنك ذكر ساطع كالمسك عاطرة به الأفواه عبد الرحمن بن عبد الملك الينشتي يكنى أبا بكر أصله من مدينة باغة ونشأ بلوشة وهو محسوب من الغرناطيين. حاله كان شيخًا يبدو على مخيلته النبل والدهاء مع قصور أدواته. ينتحل النظم والنثر في أراجيز يتوصل بها إلى غرضه من التصرف في العمل. وجرى ذكره في التاج المحلى وغيره بما نصه: قارض هاج مداهن مداج أخبث من نظر من طرف خفي وأغدر من تلبس بسعار وفي إلى مكيدة مبثوتة الحبايل وإغراء يقطع بين الشعوب وصدرت عنه مقطوعات في غير هذا المعنى مما عذب به المجني منها قوله: إن الولاية رفعة لكنها أبدا إذا حققتها تنتقل فنظر فضايل من مضى من أهلها تجد الفضايل كلها لا تعزل وقال: هنيا أبا إسحق دمت موفقًا سعيدًا قرير العين بالعرس والعرس فأنت كمثل البدر في الحسن والتي تملكتها في الحسن أسنى من الشمس وقالوا عجيب نور بدرين ظاهر فقلت نعم إن ألف الجنس للجنس وكتب إلي: إذا ضاق ذرعي بالزمان شكوته لمولاي من آل الخطيب فينفرج هو العدة العظمى هو السيد الذي بأوصافه الحسنى المكارم تبتهج وزير علا ذاتًا وقدرا ومنصبا فمن دونه أعلا الكواكب يندرج وفي بابه نلت الأماني وقادني دليل رشادي حيث رافقني الفرج فلا زال في سعد وعز ونعمة تصان به الأموال والأهل والمهج عبد الأعلى بن موسى بن نصير مولى لخم أوليته أبوه المنسوب إليه فتح الأندلس ومحله من الدين والشهرة وعظم الصيت معروف. حاله كان عبد الأعلى أميرا على سنن أبيه في الفضل والدين وهو الذي باشر فتح غرناطة ومالقة واستحق الذكر لذلك. قال الرازي وكان موسى بن نصير قد أخرج ابنه عبد الأعلى فيمن رتبه من الرجال إلى إلبيرة وتدمكير لفتحها ومضى إلى إلبيرة ففتحها وضم بها إلى غرناطة اليهود مستظهرًا بهم على النصر ثم مضى إلى كورة ريه ففتحها عبد الحليم بن عمر بن عثمن بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو يكنى أبا محمد أوليته معروفة. وفسد ما بين أبيه وبين جده أمير المسلمين بما أوجب انتباذه إ لى سكني مدينة سجلماسة معززة له ألقاب السلطان بها مدوخًا ما بأحوازها من أماكن الرياسة منسوبة إليه بها الآثار كالسد الكبير الشهير وقصور الملك. فلما نزل عنها على حكم أخيه أمير ا لمسلمين أبي الحسن وأمضى قتلته بالفصاد نشأ ولده وهم عدة بباب عمهم يسعهم رفده ويقودهم ولده ثم جلاهم إلى الأندلس إبنه السلطان أبو عنان عندما تصير الأمر إليه فاستقروا بغرناطة تحت بر وجراية قلقًا بمكانهم من جلاهم ومن بعده لإشارة عيون الترشيح إليهم مغازلة من كثب وقعودهم بحيث تعثر فيهم المظنة إلى أن كان من أمرهم ما هو معروف. حاله هذا الرجل م ن أهل الخير والعفاف والصيانة ودمث الخلق وحسن المداراة يألف أهل الفضل خاطب للرتبة بكل جهد وحيلة وسد عنه باب الأطماع. حذر من كان له الأمر بالأندلس من لدن وصوله. كي لا تختلف أحوال هذا الوطن في صرف وجوه أهله إلى غزو عدو الملة ومحولي القبلة وإعراضهم عن الإغماض في الفتنة المسلمة وربما بميت عنهم الحركات والهموم. فثقفوا من فيها عليهم إلى أن تبرأ ساحتهم ويظن به السكون. فلما دالت الدولة وكانت للأخابث الكرة واستقرت بيد الرئيس الغادر الكرة وكان ما تقدم الإلماع به من عمل السلطان أبي سالم ملك المغرب على إجازة السلطان ولي ملك الأندلس المزعج عنها بعلة البغي ذهب الدايل الأخرق إلى المقارضة فعندما استقر السلطان أبو عبد الله بجبل الفتح حاول إجازة الأمير عبد الحليم إلى تلمسان بعد مفاوضة. فكان ذلك في أخريات ذي قعدة وقد قضى الأمر في السلطان أبي سالم وانحلت العقدة وانتكثت المريرة وولي الناس الرجل المعتوه وفد إلى تلمسان من لم يرض محله من الإدالة ولا قويت نفسه على العوض ولا صابرت غض المخافة وحرك ذلك من عزمه وقد أنجده السلطان مستدعيه بما في طوقه. ولما اتصل خبره بالقايم بالأمر بفاس ومعول التدبير على سلطانه. أعمل النظر فيهم زعموا بتسليم الأمر ثم حذر من لحق به من أضداده فصمم على الحصار واستراب بالقبيل المريني وأكثف الحجاب دونهم بما يحرك أنفتهم فنفروا عنه بواحدة أول عام ثلاثة وستين وسبعماية واتفق رأيهم على الأمير عبد الحليم فتوجهت إليه وجهوهم اتفاقا وانثالوا عليه اضطرارا ونازل البلد الجديد دار الملك من مدينة فاس يوم السبت السادس لشهر المحرم من العام. واضطربت المحلات بظاهره وخرج إليه أهل المدينة القدمى فأخذ بيعتهم وخاطب الجهات فألقت إليه قواعدها باليد ووصلت إليه مخاطبتها. يا إمام الهدى وأي إمام أوضح الحق بعد إخفاء رسمه أنت عبد الحليم نر جوفا لمسمى له نصيب من اسمه وسلك مسلكا حسنا في الناس وفسح الآمال وأجمل اللقاء وتحمل الجفاء واستفز الخاصة بجميل التأني وأخذ العفو والتظاهر بإقامة رسوم الديانة وحارب البلد المحصور في يوم السبت الثالث عشر لشهر الله المحرم المذكور كانت الملاقاة التي برز فيها وزير الملك ومدير رحاه بمن اشتملت عليه البلدة من الروم والجند الرحل واستكثر من آلات الظهور وعدد التهويل فكانت بين الفريقين حرب مرة تولى كبرها الناشبة فأرسلت على القوم حواصب النبل غارت لها الخيل واقشعرت الوجوه وتقهقرت المواكب. وعندها برز السلطان المعتوه مصاحبة له نسمة الإقدام وتهور الشجاعة عند مفارقة الخلال الصحية وتوالت الشدات وتكالبت الطايفة المحصورة فتمرست بأختها. ووقعت الهزيمة ضحوة اليوم المذكور على قبيل بني مرين ومن لف لفهم فصرفوا الوجوه إلى مدينة تازي واستقر بها سلطانهم ودخلت مكناسة في أمرهم وضاق ذرع فاس للملك بهم إلى أن وصل الأمير المستدعي طية الصبر وأجدى دفع الدين ودخل البلد في يوم الاثنين الثاني والعشرين لصفر من العام. وكان اللقاء بين جيش السلطان لنظر الوزير مطعم الإمهال ومعود الصنع. وبين جيش بني مرين لنظر الأخ عبد المؤمن ابن السلطان أبي علي. فرحل القوم من مكناسة وفر عنهم الكثير من الأولياء وأخذوا العرصة واستقروا أخيرًا ببلد أبيهم سجلماسة فكانت بين القوم مهادنة. وعلى أثرها تعصب للأخ عبد المؤمن معظم عرب الجهة وقد برز إليهم في شأن استخلاص الجباية فرجعوا به إلى سجلماسة. وخرج لمدافعتهم الأمير عبد الحليم بمن معه من أشياخ قبيله والعرب أولى مظاهر فكانت بينهم حرب أجلت عن هزيمة الأمير عبد الحليم واستلحم للسيف جملة من المشاهير. كالشيخ الخاطب في حبله خدن النكر وقادح زند الفتنة الداين بالحمل على الدول على التفصيل والجملة المعتمد بالمغرب بالرأي والمشورة يحيى بن مسطي وغيره. وأذعن عبد الحليم بعدها للخلع وخرج عن الأمر لأخيه وأبقى عليه وتحرج من قتله. وتعرف لهذا الوقت صرفه عنه إلى الأرض الحجازية على صحراء القبلة فانتهى أمره إلى هذه الغاية. دخوله غرناطة قدم على الحضرة مع الجملة من إخوته وبني عمه في. جلاهم السلطان أبو عنان عندما تصير له الأمر فاستقروا بها يناهز عبد الحليم منهم بلوغ أشده. وتوفي. وستين وسبعماية بن عثمن بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو أخو الأمير عبد الحليم يكنى أبا محمد حاله كان رجلا وقورًا سكونا نحيفا آية الله في جمود الكف وإيثار المسك قليل المداخلة للناس مشتغلا بما يغنيه من خويصة نفسه موصوفًا ببسالة وإقدام حسن الهيئة. دخل الأندلس مع أخيه وعلى رسمه وتحرك معه وابن أخ لما فتولى كثيرا من أمره ولقي الهول دونه. ولما استقروا بسجلماسة كان ما تقرر من توبته على أمره والعمل على خلعه معتذرا زعموا إليه موفيا حقه موجبا تجلته إلى حين انصرافه ووصل الأندلس خطابه يعرف بذلك بما نصه في المدرجة. ولم ينشب أن أحس بحركة جيش السلطان بفاس إليه فخاطب عميد الهساكره عامر بن محمد الهنتاتي وعرض نفسه عليه فاستدعاه. وبذل له أمانًا. ولما تحصل عنده قبض عليه وثقفه وشد عليه يده وحصل على طلبه دهية من التوعد بمكانه واتخاذ اليد عند السلطان بكف عاديته إلى هذا التاريخ. عبد الحق بن علي بن عثمن بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق الأمير المخاف بعد أبيه أمير المسلمين أبي الحسن بمدينة الجزائر بعد ما توجه إلى المغرب وجرت عليه الهزيمة من بني زيان. حاله كان صبيا ظاهر السكون والأدب في سن المراهقة لم ينشب أن نازله جيش عدوه ومالأه أهل البلد وأخذ من معه لأنفسهم وله الأمان فنزل عنها ولحق بالأندلس. قال في كتاب طرفة العصر وفي ليلة العاشر من شهر ربيع الأول اثنين وخمسين وسبعمائة اتصل الخبر من جهة الساحل بنزول الأمير عبد الحق ابن أمير المسلمين أبي الحسن ومن معه بساحل شلوبانية مفلتين من دهق الشدة بما كان من منازلة جيش بني زيان مدينة الجزائر وقيام أهلها بدعوتهم لما سيموه من المطاولة ونهكهم من الفتنة وامتنع الأمير ومن معه بقصبتها وأخذوا لأنفسهم عهدا فنزلوا وركبوا البحر فرافقتهم السلامة وشملهم ستر العصمة. ولحين اتصل بالسلطان خبره بادر إليه بمركبين ثقيلي الحلية وما يناسب ذلك من بزة وعجل من خدامه بمن يقوم ببره وأصحبه إلى منزل كرامته ولرابع يوم من وصوله كان قدومه وبرز له السلطان بروزًا فخما. ونزل له قارضًا إياه أحسن القرض بما أسلفه من يد وأسداه من طول وأقام ضيفا في جواره إلى أن استدعاه أخوه ملك المغرب فانصرف عن رضي منه ولم ينشب أن هلك مغتالا في جملة أرادهم الترشيح عبد الواحد بن زكريا بن أحمد اللحياني يكنى أبا ملك. وبيته في الموحدين الملوك بتونس. وأبوه سلطان إفريقية المترقى إليها من رتبة الشياخة الموحدية. |
مولده بمدينة تونس بلده حرسها الله في شهر رمضان من عام اثنين وثلاثين وسبعمائة. عبد الرحمن بن الحاج بن القميي الإلبيري حاله كان شاعرًا مجيدًا هجا القاضي أبا الحسن بن توبة قاضي غرناطة ومن نصره من الفقهاء فضربه القاضي ضربًا وجيعًا وطيف به على الأسواق بغرناطة فقال فيه الكاتب أبو إسحاق الإلبيري الزاهد وكان يومئذ كاتبًا للقاضي المذكور الأبيات الشهيرة: السوط أبلغ من قول ومن قيل ومن نباح سفيه بالأباطيل من الدار كحر النار أبراه يعقل التقاضي أي تعقيل عبد الرحمن بن يخلفتن بن أحمد بن تفليت الفازازي يكنى أبا زيد. حاله كان حافظًا نظارًا ذكيًا ذا حظ وافر من معرفة أصول الفقه وعلم الكلام وعناية بشأن الرواية متبذلًا في هيئته ولباسه قلما يرى راكبًا في حضر إلا لضررة فاضلًا سنيًا شديد الإنكار والإنحاء على أهل البدع مبالغًا في التحذير منهم عامرالإتاء يطلب العلم شغفًا به وانطباعًا إليه وحبًا فيه وحرصًا عليه آية من آيات الله في سرعة البديهة وارتجال النظم والنثر وفور ماده وموالاة استعمال لا يكاد يقيد ولا يصرفه عنه إلا نسخ أومطالعة علم أو مذاكرة فيه حي صار له ملكة لا يتكلف معها الإنشاء مع الإجادة وتمكن البراعة. وكان متلبسًا بالكتابة عن الولاة والأمراء ملتزمًا بذلك كارهًا له حريصًا على الانقطاع عنه واختص بالسيد أبي إسحق بن المنصور وبأخيه أبي العلاء وبملازمتهما استحق الذكر فيمن دخل غرناطة إذ عد ممن دخلها من الأمراء. روى عن أبيه أبي سعيد وأبي الحسن جابر بن أحمد وابن عتيق بن مون وأبي الحسن بن الصايغ وأبي زيد السهيلي وأبي عبد اله التجيبي وأبي عبد الله بن الفخار وأبي محمد بن عبيد الله وأبي المعالي محمود الخراساني وأبي الوليد بن يزيد بن بقى وغيرهم. وروى عنه ابنه أبو عبد الله وأبو بكر بن سيد الناس وابن مهدي وأبو جعفر بن علي ابن غالب وأبو العباس بن علي بن مروان وأبو عمرو بن سالم وأبو القاسم عبد الرحيم بن سالم وابنه عبد الوهاب بن عبد الرحمن ابن سالم وأبو القاسم عبد الكريم بن عمران وأبو يحيى بن سليمن ابن حوط الله وأبو محمد بن قاسم الحرار وأبو الحسن الرعيني وأبو علي الماقري. تواليفه ومنظوماته له المعشرات الزهدية التي ترجمها بقوله: المعشرات الزهدية والمذكرات الحقيقية الجدية ناطقة بألسنة الوجلين المشفقين شايقة إلى مناهج السالكين المستبقين. نظمها متبركًا بعبادتهم متيمنًا بأغراضهم وإشاراتهم قابضًا عنان الدعوىعن مداناتهم ومجاراتهم مهتديًا إهداء السنن الخمس بالأشعة الواضحة من إشاراتهم مخلدًا دون أفقهم العالي إلى حضضه جامعًا لحسن أقواله وقبح أفعاله بين الشيء ونقضيه. عبد الرحمن. وله المعشرات الحبية وترجمتها النفحات القلبية واللفحات الشوقية منظمة على ألسنة الذاهبين وجدًا الذايبين كمدًا وجهدًا الذين غربوا وبقيت أنوارهم واحتجبوا وظهرت آثارهم ونطقوا وصمتت أخبارهم ووفوا العبودية حقها ومحضوا المحبة مستحقها نظم من نسج على منوالهم ولم يشاركهم إلا في أقوالهم فلان. والقصايد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم التي كل قصيدة منها عشرون بيتًا وترجمتها الوسايل المتقبلة والآثار المسلمة المقبلة مودعة في العشرنية النبيوية والحقايق اللفظية والمعنوية نظم من اعتقدها من أزكى الأعمال وأعدها لما يستقبله من مدهش الأهوال وفرع خاطره لها على توالي القواطع وتتابع الأشغال ورجا بركة خاتم الرسالة وغاية السؤدد والجلالة محو ما لسلفه من خطأ في الفعل وزلل في المقال والله سبحانه ولي القبول للتوبة والمنان بتسويغ هذه المنة المطلوبة فذلك يسير في جنب قدرته ومعهود رحمته الواسعة ومغفرته. شعره وشعره كثير جدًا ونثره مشهور وموجود. فمن شعره في غرض الشكر لله عز وجل على غيث جاء بعد قحط: نعم الإله بشره تتقيد فالله يشكر في النوال ويحمد وأغاثنا بغمايم وكافة بالبشر تشرق والبشاير ترعد حملت إلى ظما البسيطة ريه فلها عليه منة لا تجحد فالجو براق والشعاع مفضض والماء فياض الأثير معسجد والأرض في حلى الأتي كأنما نطف الغمام لؤلؤ وزبرجد والروض مطلول الخمايل باسم والقضب لينه الحمايل ميد تاهت عقول الناس في حركاتها ألشكرها أم سكرها تتأود فيقول أرباب البطالة تنثني ويقول أرباب الحقيقة تسجد وإذا اهتديت إلى الصواب فإنها في شكر خالقها تقوم وتقعد هذا هو الفضل الذي لا ينقضي هذا هو الجود الذي لا ينفد إحضر فؤادك القيام بشكره إن كنت تعلم قدر ما تتقلد والفض يديك من العباد فكلهم عجز الحل وأنت جهلا تعقد وإذا افتقرت إلى سواه فإنما الذي بخاطرك المجال الأبعد نعم الإله كما تشاهد حجة والغائبات أجل مما يشهد فانظر إلى آثار رحمته التي لا يمتري فيها ولا يتردد من ذا الذي يرتاب إن إلهة أحد وألسنة الجماد توحد من ذا الذي يرتاب إن إلهة أحد وألسنة الجماد توحد كل يصرح حاله ومقاله أن ليس إلا الله رب يعبد ومن شعره أيضًا قوله: عجبًا لمن ترك الحقيقة جانبًا وغدا لأرباب الصواب مجانبا وابتاع بالحق المصحح حاضرا ما شاء للزور المعلل عسايبا من بعد ما قد صار أنفذ أسهما وأشد عادية وأمضي قاضبا لا تخدعنك سوابق من سابق حتى ترى الإحضار منه عواقبا فلربما اشتد الخيال وعاقه دون الصواب هوى وأصبح غالبا ولكم إمام قد أضر بفهمه كتب تعب من الضلال كتايبا فانحرف بأفلاطون وأرسطا طاليس ودونهما تسلك طريقًا لاحبا ودع الفلاسفة الذميم جميعهم ومقالهم تأتى الأحق الواجبا يا طالب البرهان في أوضاعهم أعزز علي بأن تعمر جانبا أعيته أعباء الشريعة شدة فارتد مسلوبا ويحسب سالبا والله أسل عصمة وكفاية من أن أكون عن المحجة ناكبا ومن شعره: إليك مددت الكف في كل شدة ومنك وجدت اللطف في كل نايب وأنت ملاذ والأنام بمعزل وهل مستحيل في الرجاء كرآيب فحقق رجائي فيك يا رب واكفني شماتة عدو أو إساءة صاحب ومن أين أخشى من عدو إساءة وسترك ضاف من جميع الجوانب وكم كربة نجيتني من غمارها وكانت شجًا بين الحشا والترايب فلا قوة عندي ولا لي حبلة سوى حسن ظني بالجميل المواهب فيا منجي المضطر عند دعايه أغشني فقد سدت على مذاهب رجاؤك رأس المال عندي وربحه وزهد في المخلوق أسنى المواهب إذا عجزوا عن نفعهم في نفوسهم فتأميلهم بعض الظنون الكواذب فصل على المختار من آل هاشم إمام الورى عند اشتداد النوايب وقال في مدعي قراءة الخط دون نظر: وأدور مياس العواطف أصبحت محاسنه في الناس كالنوع في الجنس يدير على القرطاس أنمل كفه فيدرك أخفى الخط في أيسر اللمس فقال فريق سحر بابل عنده وقال فريق ليس هذا من الإنس فقلت لهم لم تفهموا سر دركه على أنه للعقل أجلى من الشمس ستكفه حب القلوب فأصبحت مداركها أجفان أنمله الخمس وفاته: استقدمه المأمون. على حال وحشة كانت بينه وبينه فورد ورود الرضا على مراكش في شعبان سنة سبع وعشرين وستماية. وتوفي في ذي قعدة بعده ودفن بجبانة الشيوخ مع أخيه عبد الله وقرنايهما رحم الله جميعهم. انتهى السفر التاسع بحمد الله ومن السفر العاشر العمال الأثرا في هذا الحرف عبد الرحمن بن أسباط الكاتب المنجب كاتب أمير المسلمين يوسف بن تاشفين. حاله لحق به بالعدوة فاتصل بخدمته وأغراه بالأندلس إذ ألقى إليه أمورها على صورتها حتى كان ما فرغ الله عز وجل من استيلانه على ممالكها وخلعه لرؤسايها. وكان عبد الرحمن قبل اتصاله به مقدورًا عليه في رزقه يتحرف بالنسخ ولم يكن حسن الخط ولا معرب اللفظ إلى أن تسير للكتابة في باب الديوان بألمرية ورأى خلال ذلك في نومه شخصًا يوقظه ويقول له قم يا صاحب ربع الدنيا وقص رؤياه على صاحب له بمثواه فبشره فطلب من ذلك الحين السمو بنفسه فأجاز البحر وتعلق بحاشية الحرة العليا زينب فاستكتبته. فلما توفيت الحرة أقره أمير المسلمين كاتبًا فنال ما شاء مما ترتمي إليه الهمم جاهًا ومالًا وشهرة. وكان رجلًا حصيفًا سكوتًا عاقلًا مجدي الجاه حسن الوساطة شهير المكانة. توفي فجأة بمدينة سبتة في عام سبعة وثمانين وأربعمائة. وتقلد الكتابة بعده أبو بكر بن القصير. ذكره ابن الصيرفي. عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مالك المعافري وتكر مالك في نسبه أوليته قالوا من ولد عقبة بن نعيم الداخل إلى الأندلس من جند دمشق نزيل قرية شكنب من إقليم تاجرة الجمل من عمل بلدنا لوشة غرناطي يكنى أبا محمد. حاله كان أبو محمد هذا أحد وزراء الأندلس كثير الصنايع جزل المواهب عظيم المكارم على سنن عظماء الملوك وأخلاق السادة الكرام. لم ير بعده مثله في حال الأندلس ذاكرًا للفقه والحجيث بارعًا في الأدب شاعرًا مجيدًا وكاتبًا بليغا حلو الكتابة والشعر هشًا مع وقار لينًا على مضاء عالي الهمة كثير الخادم والأمل. من آثاره المائلة إلى اليوم الحمام بجوفي الجامع الأعظم من غرناطة. بدأ بناه أول يوم من جمادى الأولى سنة تسع وخمسماية. شرع في الزيادة في سقف الجامع من صحنه سنة ست عشرة وعوض أرجل قسيه أعمدة الرخام وجلب الروس والموايد من قرطبة وفرش صحنه بكذان الصخيرة. ومن مكارمه أنه لما ولي مستخلص غرناطة وإشبيلية وجهه أميره علي بن يوسف بن تاشفين إلى طرطوشة برسم بنايها وإصلاح خللها فلما استوفى الغاية فيها قلده واستصحب جملة من ماله لمؤنته المختصة به فلما احتلها سال قاضيها فكتب إليه جملة من أهلها ممن ضعف حاله وقل تصرفه من ذوي البيوتات فاستعملهم أمناء في كل وجه جميل ووسع أرزاقهم حتى كمل له ما أراد من عمله. ومن عجز أن يستعمله وصله من ماله وصدر عنها وقد أنعش خلقًا كثيرًا. شعره من قوله في مجلس أطربه سماعه وبسطه احتشاد الأنس فيه واجتماعه: لا تلمني إذا طربت لشجو يبعث الأنس فالكريم طروب ليس شق الجيوب حقًا علينا إنما الحق أن تشق القلوب وقال: وقد قطف غلام من غلمانه نوارة ومد بها يده إلى أبي نصر الفتح بن عبيد الله. فقال أبو نصر: وبدر بدا والطرف مطلع حسنه وفي كفه من رايق النور كوكب فقال أبو محمد بن مالك: ويحسد منه الغصن أي مهفهف يجيء على مثل الكتيب ويذهب نثره قال أبو نصر كتبت إليه مودعًا فكتب إلي مستدعيًا وأخبرني رسوله أنه لما قرأ الكتاب وضعه وما سوى ولا فكر ولا روى: يا سيدي جرت الأيام بجمع افتراقك وكان الله جارك في انطلاقك فغيرك روع بالظعن وأوقد للوداع جامح الشجن فأنت من أبناء هذا الزمن خليفة الخضر لا يستقر على وطن كأنك والله يختار لك ما تأتيه وما تدعه موكل بفضاء الأرض تذرعه فحسب من نوى بعشرتك الاستمتاع أن يعدك من العواري السريعة الارتجاع فلا يأسف على قلة الثوى وينشد: وفارقت حتى ما أبالي من النوى. وفاته اعتل بإشبيلية فانتقل إلى غرناطة فزادت علته بها وتوفي رحمه الله بها في غرة شعبان سنة ثمان عشرة وخمسمائة ودفن إثر صلاة الظهر من يوم الجمعة المذكورة بمقبرة باب إلبيرة وحضر ومن رثاه: رثاه ذو الوزارتين أبو عبد الله بن أبي الخصال رحمه الله فقال: إن كنت تشفق من نزوح نواه فهناك مقبرة وذا مثواه قسم زمانك عبرة أو عبرة وأحل تشوقه على ذكراه وأعدده ما امتدت حياتك غايبًا أو عاتبًا إن لم تزر زرناه أو نائمًا غلبت عليه رقدة لمسهد لم تغتمض عيناه أو كوكبًا سرت الركاب بنوره فمضى وبلغنا المحل سناه فمتى تبعد والنفوس تزوره ومتى تغيب والقلوب تراه يا واحدًا عدل الجميع وأصلحت دنيا الجميع ودينهم دنياه طالت إذاتك بالحياء كرامة والله يكرم عبده بإذاه لشهادة التوحيد بين لسانه وجنانه نور يرى مسراه ويوجهه سيمى أغر محجل مهما بدا لم تلتبس سيماه وكأنما هو في الحياة سكينة لولا اهتزاز في الندى يغشاه وكأنه لحظ العفاة توجعا فتلازمت فوق الفؤاد يداه أبدي رضي الرحمن عنك ثناؤهم إن الثناء علامة لرضاه ما ذاك إلا أنه فرع زكا وسع الجميع بظله وحناه ما ذاك إلا أنه فرع زكا وسع الجميع بظله وحناه فاليوم أودى كل من أحببته ونعى إلى النفس من ينعاه مإذا يؤمل في دمشق مسهد قد كنت ناظره وكن تراه يعتاد قبرك للبكا أسفًا بما قد كان أضحكه الذي أبكاه يا تربة حل الوزير ضريحها سقاك بل صلى عليك الله وسرى إليك ومنك ذكر ساطع كالمسك عاطرة به الأفواه عبد الرحمن بن عبد الملك الينشتي يكنى أبا بكر أصله من مدينة باغة ونشأ بلوشة وهو محسوب من الغرناطيين. حاله كان شيخًا يبدو على مخيلته النبل والدهاء مع قصور أدواته. ينتحل النظم والنثر في أراجيز يتوصل بها إلى غرضه من التصرف في العمل. |
وجرى ذكره في التاج المحلى وغيره بما نصه: قارض هاج مداهن مداج أخبث من نظر من طرف خفي وأغدر من تلبس بسعار وفي إلى مكيدة مبثوتة الحبايل وإغراء يقطع بين الشعوب وصدرت عنه مقطوعات في غير هذا المعنى مما عذب به المجني منها قوله: إن الولاية رفعة لكنها أبدا إذا حققتها تنتقل فنظر فضايل من مضى من أهلها تجد الفضايل كلها لا تعزل وقال: هنيا أبا إسحق دمت موفقًا سعيدًا قرير العين بالعرس والعرس فأنت كمثل البدر في الحسن والتي تملكتها في الحسن أسنى من الشمس وقالوا عجيب نور بدرين ظاهر فقلت نعم إن ألف الجنس للجنس وكتب إلي: إذا ضاق ذرعي بالزمان شكوته لمولاي من آل الخطيب فينفرج هو العدة العظمى هو السيد الذي بأوصافه الحسنى المكارم تبتهج وزير علا ذاتًا وقدرا ومنصبا فمن دونه أعلا الكواكب يندرج وفي بابه نلت الأماني وقادني دليل رشادي حيث رافقني الفرج فلا زال في سعد وعز ونعمة تصان به الأموال والأهل والمهج عبد الأعلى بن موسى بن نصير مولى لخم أوليته أبوه المنسوب إليه فتح الأندلس ومحله من الدين والشهرة وعظم الصيت معروف.
حاله كان عبد الأعلى أميرا على سنن أبيه في الفضل والدين وهو الذي باشر فتح غرناطة ومالقة واستحق الذكر لذلك. قال الرازي وكان موسى بن نصير قد أخرج ابنه عبد الأعلى فيمن رتبه من الرجال إلى إلبيرة وتدمكير لفتحها ومضى إلى إلبيرة ففتحها وضم بها إلى غرناطة اليهود مستظهرًا بهم على النصر ثم مضى إلى كورة ريه ففتحها عبد الحليم بن عمر بن عثمن بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو يكنى أبا محمد أوليته معروفة. وفسد ما بين أبيه وبين جده أمير المسلمين بما أوجب انتباذه إ لى سكني مدينة سجلماسة معززة له ألقاب السلطان بها مدوخًا ما بأحوازها من أماكن الرياسة منسوبة إليه بها الآثار كالسد الكبير الشهير وقصور الملك. فلما نزل عنها على حكم أخيه أمير ا لمسلمين أبي الحسن وأمضى قتلته بالفصاد نشأ ولده وهم عدة بباب عمهم يسعهم رفده ويقودهم ولده ثم جلاهم إلى الأندلس إبنه السلطان أبو عنان عندما تصير الأمر إليه فاستقروا بغرناطة تحت بر وجراية قلقًا بمكانهم من جلاهم ومن بعده لإشارة عيون الترشيح إليهم مغازلة من كثب وقعودهم بحيث تعثر فيهم المظنة إلى أن كان من أمرهم ما هو معروف. حاله هذا الرجل م ن أهل الخير والعفاف والصيانة ودمث الخلق وحسن المداراة يألف أهل الفضل خاطب للرتبة بكل جهد وحيلة وسد عنه باب الأطماع. حذر من كان له الأمر بالأندلس من لدن وصوله. كي لا تختلف أحوال هذا الوطن في صرف وجوه أهله إلى غزو عدو الملة ومحولي القبلة وإعراضهم عن الإغماض في الفتنة المسلمة وربما بميت عنهم الحركات والهموم. فثقفوا من فيها عليهم إلى أن تبرأ ساحتهم ويظن به السكون. فلما دالت الدولة وكانت للأخابث الكرة واستقرت بيد الرئيس الغادر الكرة وكان ما تقدم الإلماع به من عمل السلطان أبي سالم ملك المغرب على إجازة السلطان ولي ملك الأندلس المزعج عنها بعلة البغي ذهب الدايل الأخرق إلى المقارضة فعندما استقر السلطان أبو عبد الله بجبل الفتح حاول إجازة الأمير عبد الحليم إلى تلمسان بعد مفاوضة. فكان ذلك في أخريات ذي قعدة وقد قضى الأمر في السلطان أبي سالم وانحلت العقدة وانتكثت المريرة وولي الناس الرجل المعتوه وفد إلى تلمسان من لم يرض محله من الإدالة ولا قويت نفسه على العوض ولا صابرت غض المخافة وحرك ذلك من عزمه وقد أنجده السلطان مستدعيه بما في طوقه. ولما اتصل خبره بالقايم بالأمر بفاس ومعول التدبير على سلطانه. أعمل النظر فيهم زعموا بتسليم الأمر ثم حذر من لحق به من أضداده فصمم على الحصار واستراب بالقبيل المريني وأكثف الحجاب دونهم بما يحرك أنفتهم فنفروا عنه بواحدة أول عام ثلاثة وستين وسبعماية واتفق رأيهم على الأمير عبد الحليم فتوجهت إليه وجهوهم اتفاقا وانثالوا عليه اضطرارا ونازل البلد الجديد دار الملك من مدينة فاس يوم السبت السادس لشهر المحرم من العام. واضطربت المحلات بظاهره وخرج إليه أهل المدينة القدمى فأخذ بيعتهم وخاطب الجهات فألقت إليه قواعدها باليد ووصلت إليه مخاطبتها. يا إمام الهدى وأي إمام أوضح الحق بعد إخفاء رسمه أنت عبد الحليم نر جوفا لمسمى له نصيب من اسمه وسلك مسلكا حسنا في الناس وفسح الآمال وأجمل اللقاء وتحمل الجفاء واستفز الخاصة بجميل التأني وأخذ العفو والتظاهر بإقامة رسوم الديانة وحارب البلد المحصور في يوم السبت الثالث عشر لشهر الله المحرم المذكور كانت الملاقاة التي برز فيها وزير الملك ومدير رحاه بمن اشتملت عليه البلدة من الروم والجند الرحل واستكثر من آلات الظهور وعدد التهويل فكانت بين الفريقين حرب مرة تولى كبرها الناشبة فأرسلت على القوم حواصب النبل غارت لها الخيل واقشعرت الوجوه وتقهقرت المواكب. وعندها برز السلطان المعتوه مصاحبة له نسمة الإقدام وتهور الشجاعة عند مفارقة الخلال الصحية وتوالت الشدات وتكالبت الطايفة المحصورة فتمرست بأختها. ووقعت الهزيمة ضحوة اليوم المذكور على قبيل بني مرين ومن لف لفهم فصرفوا الوجوه إلى مدينة تازي واستقر بها سلطانهم ودخلت مكناسة في أمرهم وضاق ذرع فاس للملك بهم إلى أن وصل الأمير المستدعي طية الصبر وأجدى دفع الدين ودخل البلد في يوم الاثنين الثاني والعشرين لصفر من العام. وكان اللقاء بين جيش السلطان لنظر الوزير مطعم الإمهال ومعود الصنع. وبين جيش بني مرين لنظر الأخ عبد المؤمن ابن السلطان أبي علي. فرحل القوم من مكناسة وفر عنهم الكثير من الأولياء وأخذوا العرصة واستقروا أخيرًا ببلد أبيهم سجلماسة فكانت بين القوم مهادنة. وعلى أثرها تعصب للأخ عبد المؤمن معظم عرب الجهة وقد برز إليهم في شأن استخلاص الجباية فرجعوا به إلى سجلماسة. وخرج لمدافعتهم الأمير عبد الحليم بمن معه من أشياخ قبيله والعرب أولى مظاهر فكانت بينهم حرب أجلت عن هزيمة الأمير عبد الحليم واستلحم للسيف جملة من المشاهير. كالشيخ الخاطب في حبله خدن النكر وقادح زند الفتنة الداين بالحمل على الدول على التفصيل والجملة المعتمد بالمغرب بالرأي والمشورة يحيى بن مسطي وغيره. وأذعن عبد الحليم بعدها للخلع وخرج عن الأمر لأخيه وأبقى عليه وتحرج من قتله. وتعرف لهذا الوقت صرفه عنه إلى الأرض الحجازية على صحراء القبلة فانتهى أمره إلى هذه الغاية. دخوله غرناطة قدم على الحضرة مع الجملة من إخوته وبني عمه في. جلاهم السلطان أبو عنان عندما تصير له الأمر فاستقروا بها يناهز عبد الحليم منهم بلوغ أشده. وتوفي. وستين وسبعماية بن عثمن بن يعقوب بن عبد الحق بن محيو أخو الأمير عبد الحليم يكنى أبا محمد حاله كان رجلا وقورًا سكونا نحيفا آية الله في جمود الكف وإيثار المسك قليل المداخلة للناس مشتغلا بما يغنيه من خويصة نفسه موصوفًا ببسالة وإقدام حسن الهيئة. دخل الأندلس مع أخيه وعلى رسمه وتحرك معه وابن أخ لما فتولى كثيرا من أمره ولقي الهول دونه. ولما استقروا بسجلماسة كان ما تقرر من توبته على أمره والعمل على خلعه معتذرا زعموا إليه موفيا حقه موجبا تجلته إلى حين انصرافه ووصل الأندلس خطابه يعرف بذلك بما نصه في المدرجة. ولم ينشب أن أحس بحركة جيش السلطان بفاس إليه فخاطب عميد الهساكره عامر بن محمد الهنتاتي وعرض نفسه عليه فاستدعاه. وبذل له أمانًا. ولما تحصل عنده قبض عليه وثقفه وشد عليه يده وحصل على طلبه دهية من التوعد بمكانه واتخاذ اليد عند السلطان بكف عاديته إلى هذا التاريخ. عبد الحق بن علي بن عثمن بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق الأمير المخاف بعد أبيه أمير المسلمين أبي الحسن بمدينة الجزائر بعد ما توجه إلى المغرب وجرت عليه الهزيمة من بني زيان. حاله كان صبيا ظاهر السكون والأدب في سن المراهقة لم ينشب أن نازله جيش عدوه ومالأه أهل البلد وأخذ من معه لأنفسهم وله الأمان فنزل عنها ولحق بالأندلس. قال في كتاب طرفة العصر وفي ليلة العاشر من شهر ربيع الأول اثنين وخمسين وسبعمائة اتصل الخبر من جهة الساحل بنزول الأمير عبد الحق ابن أمير المسلمين أبي الحسن ومن معه بساحل شلوبانية مفلتين من دهق الشدة بما كان من منازلة جيش بني زيان مدينة الجزائر وقيام أهلها بدعوتهم لما سيموه من المطاولة ونهكهم من الفتنة وامتنع الأمير ومن معه بقصبتها وأخذوا لأنفسهم عهدا فنزلوا وركبوا البحر فرافقتهم السلامة وشملهم ستر العصمة. ولحين اتصل بالسلطان خبره بادر إليه بمركبين ثقيلي الحلية وما يناسب ذلك من بزة وعجل من خدامه بمن يقوم ببره وأصحبه إلى منزل كرامته ولرابع يوم من وصوله كان قدومه وبرز له السلطان بروزًا فخما. ونزل له قارضًا إياه أحسن القرض بما أسلفه من يد وأسداه من طول وأقام ضيفا في جواره إلى أن استدعاه أخوه ملك المغرب فانصرف عن رضي منه ولم ينشب أن هلك مغتالا في جملة أرادهم الترشيح عبد الواحد بن زكريا بن أحمد اللحياني يكنى أبا ملك. وبيته في الموحدين الملوك بتونس. وأبوه سلطان إفريقية المترقى إليها من رتبة الشياخة الموحدية. حاله كان رجلا طوالا نحيفا فاضلا حسيبا مقيما للرسوم الحسبية حسن العشرة معتدل الطريقة نشأ بالبلاد المشرقية ثم اتصل بوطنه إفريقية وتقلد الإمارة بها برهة يسيرة ثم فر عنها ولحق بالمغرب وجاز إلى الأندلس وقدم على سلطانها فرحب به وقابله بالبر ونوه محله وأطلق جرايته ثم ارتحل أدراجه إلى العدوة ووقعت بيني وبينه صحبة أنشدته عند وداعه: أبا ملك أنت نجل الملوك غيوث الندى وليوث النزال عزيز بأنفسنا أن نرى ركابك مؤذنة بارتحال وقد خبرت منك خلقًا كريمًا أناف على درجات الكمال وفازت لديك بساعات أنس كما زار في النوم طيف الخيال فلولا تعللنا أننا نزورك فسوق بساط الجلال ونبلغ فيك الذي نشتهي وذاك على السهل المنال لما فترت أنفس من أسى ولا برحت أدمع في انهمال تلقتك حيث احتللت السعود وكان لك الله على كل حال ومن ترجمة الأعيان والوزراء والأماثل والكبرا عبد الحق بن عثمن بن محمد بن عبد الحق بن محيو يكنى أبا إدريس شيخ الغزاة بالأندلس. حاله كان شجاعًا عفيفًا تقيا وقورًا جلدًا معروف الحق بعيد الصيت. نازع الأمر قومه بالمغرب وانتزى بمدينة تازى على السلطان أبي الربيع وأخذ بها البيعة لنفسه. ثم ضاق ذرعه فعبر فيمن معه إلى تلمسان. ولما هلك أبو الربيع وولي السلطان أبو سعيد قدم للكتب في شأنه إلى سلطان الأندلس وقد تعرف عزمه على اللحاق ولم ينشب أن لحق بألمرية من تلمسان فثقف بها قضاء لحق من خاطب في شأنه. ثم بدا للسلطان في أمره فأوعز لرقبايه في الغفلة عنه وفر فلحق ببلاد النصرى فأقام بها إلى أن كانت الوقيعة بالسلطان بغرناطة بأحواز قرية العطشا على يد طالب الملك أمير المسلمين أبي الوليد وأسر يومئذ شيخ الغزاة حمو بن عبد الحق وترجح الرأي في إطلاقه وصرف إعلانا للتهديد. فنجحت الحيلة وعزل عن الخطة واستدعى عبد الحق هذا إليها فوصل غرناطة وقدم شيخا على الغزاة. ولما تغلب السلطان أبو الوليد على الأمر واستوسق له وكان ممن شمله أمانه فأقره مرؤسًا بالشيخ أبي سعيد عثمن بن أبي العلاء برهة. ثم لحق بأميره المخلوع نصر المستقر موادعًا بوادي آش وأوقع بجيش المسلمين مظاهر الطاغية الوقيعة الشنيعة بقرمونة وأقام لديه مدة. ثم لحق بأرض النصرى وأجاز البحر إلى سبتة. مظاهرًا لأميرها أبي عمرو يحيى بن أبي طالب العزفي وقد كشف القناع في منابذة طاعة السلطان ملك المغرب وكان أملك لما بيده وأتيح له ظفر عظيم على الجيش المضيق على سبتة فبيته وهزمه. وتخلص له ولده الكاين بمضرب أمير الجيش في بيت من الخشب رهينة فصرف عليه فما شئت من ذياع شهرة وبعد صيت وكرم أحدوثة. ثم بدا له في التحول إلى تلمسان فانتقل إليها وأقام في إيالة ملكها عبد الرحمن بن موسى بن تاشفين إلى آخر عمره. وفاته توفي يوم دخول مدينة تلمسان عنوة وهو يوم عيد الفطر من عام ثمانية وثلثين وسبعماية قتل على باب منزله يدافع عن نفسه وعلى ذلك فلم يشهر عنه يومئذ كبير غناء وكور واستلحم وحز رأسه. وكان أسوة أميرها في المحيا والممات رحم الله جميعهم فانتقل بانتقاله وقتل بمقتله. وكان أيضًا علمًا من أعلام الحروب ومثلا في الأبطال وليثا من ليوث النزال. عبد الملك بن علي وعبد الله أخوه بن هذيل الفزاري وعبد الله أخوه حالهما قال ابن مسعدة أبو محمد وأبو مروان توليا خطة الوزارة في الدولة الحبوسية ثم توليا القيادة بثغور الأندلس وقهرا ما جاورهما من العدو وغلباه وسقياه كأس المنايا وجرعاه ولم يزالا عبد القهار بن مفرج بن عبد القهار بن هذيل الفزاري حاله قال ابن مسعدة كان بارع الأدب شاعر نحويا لغويا كاتبا متوقد الذهن عنده معرفة بالطب ثم اعتزل الناس وانقبض وقصد سكنى البشارات لينفرد بها ويخفى نفسه فرارا من الخدمة فتهيأ له المراد. شعره وكان شاعرا جيد القريحة سريع الخاطر ومن شعره: يا صاح لا تعرض لزوجية كل البلا من أجلها يعترى الفقر والذل وطول الأسى لست بما أذكره مفترى ما في فم المرأة شيء سوى اشتر لي واشتر لي واشتر القضاة الفضلاء وأولا الأصليون عبد الحق بن غالب بن عطية بن عبد الرحمن بن غالب بن عبد الرؤوف بن تمام بن عبد الله بن تمام بن عطية بن خالد بن عطية بن خالد بن خفاف بن أسلم بن مكتوم المحاربي أوليته من ولد زيد بن محارب بن عطية نزل جده عطية بن خفاف بقرية قسلة من زاويه غرناطة فأنسل كثيرًا ممن له خطر وفيه فضل. حاله كان عبد الحق فقيها عالما بالتفسير والأحكام والحديث والفقه والنحو والأدب واللغة مقيدا حسن التقيد له نظم ونثر ولى القضاء بمدينة ألمرية في المحرم سنة تسع وعشرين وخمسماية وكان غاية في الدهاء والذكاء والتهمم بالعلم سرى الهمة في اقتناء الكتب. توخى الحق وعدل في الحكم وأعز الخطة. روى عن الحافظ أبيه وأبوي على الغساني والصدفي وأبي عبد الله محمد بن فرج مولى الطلاع وأبي المطرف الشعبي وأبي الحسين بن البيان وأبي القاسم بن الحصار المقري وغيرهم. تواليفه ألف كتابه المسمى بالوجيز في التفسير فأحسن فيه وأبدع وطار بحسن نيته كل مطار. وألف برنامجًا ضمنه مروياته وأسماء شيوخه وجرز وأجاد. شعره قال الملاحي ما حدثني به غير واحد من أشياخه عنه قوله: وليلة جيت فيها الجذع مرتديا بالسيف أسحب أذيالا من الظلم والنجم حيران في بحر الدجا غرق والبدر في طيلسان الليل كالعلم كأنما الليل زنجي بكاهله جرح فيثغب أحيانا له بدم وقال يندب عهد شبابه: سقيًا لعهد شباب ظلت أمرح في ريعانه وليالي العيش أسحار والنفس تركض في تضمين ثرتها طرفًا له في زمان اللهو إحضار عهدًا كريمًا لبسنا منه أردية كانت عيونًا ومحيت فهي آثار مضى وأبقى بقلبيي منه نار أسى كوني سلامًا أو بردًا فيه يا نار أبعد أن نعمت نفسي وأصبح في ليل الشباب لصبح الشيب أسفار ونازعتني الليالي وانثنت كسرًا عن ضيغم ماله ناب وأظفار ألا سلاح خلال أخلصت فلها في منهل المجد إيراد وإصدار أصبو إلى روض عيش روضه خضل أو ينثني بي عن اللقيا إقصار إذا تعطلت كفى من شبا قلم آثاره في رياض العلم أزهار من روى عنه روى عنه أبو بكر بن أبي جمرة وأبو محمد بن عبد الله وأبو القاسم بن حبيش وأبو جعفر بن مضاء وأبو محمد عبد المنعم وأبو جعفر ابن حكم وغيرهم. مولده: ولد سنة إحدى وثمانين وأربع ماية. وفاته: توفي في الخامس والعشرين لشهر رمضان سنة ست وأربعين وخمس ماية بمدينة لورقة. عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن فرج الخزرجي من أهل غرناطة يكنى أبا محمد ويعرف بابن الفرس وقد تقدم ذكر طايفة من أهل بيته. حاله كان حافظًا جليلًا فقيها عارفا بالنحو واللغة كاتبا بارعا شاعرًا مطبوعا شهير الذكر عالي الصيت. ولي القضاء بمدينة شقر ثم بمدينة وادي آش ثم بجيان ثم بغرناطة ثم عزل عنها ثم وليها الولاية التي كان من مضمن ظهيره بها قول المنصور له أٌول لك ما قاله موسى عليه السلام لأخيه هرون إخلفني في قومي واصلح ولا تتبع سبيل المفسدين وجعل إليه النظر في الحسبة والشرطة وغير ذلك فكان إليه النظر في الدماء فما دونها ولم يكن يقطع أمر دونه ببلده وما يرجع إليه. وقال ابن عبد الملك كان من بيت علم وجلالة مستبحرًا في فنون المعارف على تفاريقها متحققًا بها نافذا فيها ذكي القلب حافظًا للفقه. استظهر أوان طلبه للكتابين المدونة وكتاب سيبويه وغيرهما وعني به أبوه وجده عناية تامة. وقال أبوة الربيع بن سالم سمعت أبا بكر ابن الجد وحسبك شاهدا يقول غير ما مرة ما أعلم بالأندلس أحفظ لمذهب مالك من عبد المنعم بن الفرس بعد أبي عبد الله بن زرقون. مشيخته روى عن أبيه الحافظ أبي عبد الله وعن جده أبي القاسم سمع عليهما وقرأ وعن أبي بكر بن النفيس وأبي الحسن بن هذيل وأبي عبد الله ابن سعادة وأبي محمد عبد الجبار بن موسى الجذامي وأبي عامر محمد ابن أحمد الشلبي وأبي العباس أحمد وأخيه أبي الحسن ابني زيادة الله. هذه جملة من لقى من الشيوخ وشافهه وسمع منه وأجاز له من غير لقاء وبعضهم باللقاء من غير قراءة ابن ورد وابن بقى وأبو عبد الله ابن سليمن التونسي وأبو جعفر بن قبلال وأبو الحسن بن الباذش ويونس بن مغيث وابن معمر وشريح وابن الوحيدي وأبو عبد الله ابن صاف والرشاطي والحميري وابن واضاح وابن موهب وأبو مروان الباجي وأبو العباس بن خلف بن عيشون وأبو بكر بن طاهر وجعفر بن مكي وابن العربي ومساعد بن أحمد بن مساعد وعبد الحق بن عطية وأبو مروان بن قزمان وابن أبي الخصال وعياض ابن موسى والمازري وغيرهم. ألف عدة تواليف منها كتاب الأحكام ألفه وهو ابن خمسة وعشرين عامًا فاستوفى ووفي واختصر الأحكام السلطانية وكتاب النسب لأبي عبيد بن سلام وناسخ القرآن ومنسوخه لابن شاهين وكتاب المحتسب لابن جنى. وألف كتابا في المسايل التي اختلف فيها النحويون من أهل البصرة ولاكوفة وكتابا في صناعة الجدل ورد على ابن غرسية في رسالته في تفضيل العجم على العرب. وكتب بخطه من كتب العربية واللغة والأدب والطب وغير ذلك. من روى عنه حدث عنه الحافظ أبو محمد القرطبي وأبو علي الرندي وإبنا حوط الله وأبو الربيع ين سالم والجم الغفير. شعره أبى ما بقلبي اليوم أن يتكتما وحسبك بالدمع السفوح مترجما وأعجب به من أخرس بات مفصحا يبين للواشين ما كان مبهما فكم عبرة في نهر شقر بعثتها سباقا فأمسى النهر مختضبا دما يرجع ترجيع الأنين اضطراره كشكوى الجريح للجريح تألما ولله ليل قد لبست ظلامه راداُ بأنوار النجوم منمنما أناوح فيه الورق فوق غصونها فكم أورق منهن قد بات معجما وممالي إلا للفرقدين مصاحب ويا بعد حالي في الصبابة منهما أبيت شتيت الشمل والشمل فيهما جميع كما أبصرت عقدا منظما فيا قاصدًا تدمير عرج مصافحا نسألك رسما بالعقيق ومعلما وأعلم بأبواب السلام صبابتي كما كان عرف المسك بالمسك علما وإن طفت في تلك الأجارع لا تضع بحق هواها إن لم تلم مسلما وما ضرها لو جاذبت ظبية النقا فضول رداء قد تغشته معلما فيثني قضيبًا أثمر البدر مايسًا بحقف مسيل لفه السيل مظلما وما كنت إلا البدر وافي غمامة فما لاح حتى غاب فيها مغيما وما ذاك من هجر ولكن لشقوة أبت أن يكون الوصل منها متمما فياليتني أصبحت في الشعر لفظة ترددني مهما أردت تفهما ولله ما أذكى نسيمك نفحة أأنت أعرت للروض طيبًا تنسما ولله ما أشفى لقاك للجوى كأنك قد أصبحت عيسى بن مريما فمالي وللأيام قد كان شملنا جميعًا فأضحى في يديها مقسمًا وما جنيت الطيب من شهد وصلها جنيت من التبديد للوصل علقما وق ذقت طعم البين حتى كأنني لألفة من أهواه ما ذقت مطعما فمن لفؤاد شطره حازه الهوى وشطر لإحراز الثواب مسلما ويا ليت أن الدار حان مزارها فلو صح قرب الدار أدركت مغنما ولو صح قرب الدار لي لجعلته إلى مرتقى السلوان والصبر سلما فقد طال ما ناديت سرًا وجهرة عسى وطن يدنو بهم ولعلما سلام على من شفني بعد داره وأصبحت مشغوفًا بقرب مزاره ومن هو في عيني ألذ من الكرى وفي النفس أشهى من أمان المكاره سلام عليه كلما ذر شارق ينم كعرف الزهر غب فطاره لعمرك ما أخشى غداة وداعنا وقد سعرت في القلب شعلة ناره وسال على الخدين دمع كأنه بقية ظل للروض في جلناره سل البرق عن شوقي يخبرك بالذي ألاقيه من برح الهوى وأواره وهل هو إلا نار وجدي وكلما تنفست عم الجو ضوء شراره ومن شعره أيضًا رحمة الله عليه: أقرأ على شنجل سلام أطيب من عرفه نسيما من مغرم القلب ليس ينسى منظره الرايق الوسيما إذا رأى منظرا سواه عاف الجنى منه والشميما وإن أتى مشربا حميدا كان وإن راقه ذميما وقف بنجد وقوف صب يستذكر الخدن والحميما وأندب أركًا بشعب رضوى قد رجعت بعدنا مشيما وأذكر شبابًا مضى سريعا أصبحت من بعده سقيما هيهات ولي وجاء شيب وكيف للقلب أن يهيما ما يصلح الشيب غير تقوى تحجب عن وجهه الجحيما قد سبق الوعد منه حتى أطمع ذا الشقوة النعيما مولده في سنة أربع وعشرين وخمسماية وفاته: عصر يوم الأحد الرابع من جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمسماية. وشهد دفنه بباب إلبيرة الجم الغفير وازدحم الناس على نعشه حتى حملوه على أكفهم ومزقوه. وأمر أن يكتب على قبره: عليك سلام الله يا من يسلم ورحمته مازرتني تترحم أتحسبني وحدي نقلت إلى هنا ستلحق بي عما قريب فتعلم فيا لمن يمسي لدنياه مؤثرا ويهمل أخراه ستشقى وتندم فلا تفرحن إلا بتقديم طاعة فذاك الذي ينجي غدا ويسلم ومن غير الأصلبين عبد الحكيم بن الحسين بن عبد الملك بن يحيى بن باسيو بن تادرت شمالي اليدرازتيني ثم أصله من تينملل من نظر مراكش وانتقل جده عبد الملك مع الخليفة عبد المؤمن بن علي إلى إقليم بجاية. ونشأ عبد الملك ببجاية وانتقل إلى تونس في حدود خمسة وثمانين. وورد أبو محمد الأندلس في حدود سبعمائة. حاله من تعريف شيخنا أبي البركات: كان من أهل المعرفة بالفقه وأصوله على طريقة المتأخرين. وكان مع ذلك رجلا كريم النفس صادق الهجة سليم الصدر منصفا في المذاكرة. قلت يجمع هذا الرجل إلى ما وصفه به الأصالة ببلده إفريقية وثبت اسمه في عايد الصلة بما نصه: الشيخ الأستاذ القاضي يكنى أبا محمد. كان رحمه الله من أهل العلم بالفقه والقيام على الأصلين صحيح الباطن سليم الصدر من أهل الدين والعدالة والأصالة. بث في الأندلس علم أصول الفقه وانتفع به. وتصرف في القضاء في جهات. مشيخته منقولا من خط ولده الفقيه أبي عبد الله صاحبنا الكاتب بالدار السلطانية قرأ ببلده على الفقيه الصدر أبي علي بن غنوان والشيخ أبي الطاهر بن سرور والإمام أبي علي ناصر الدين المشدالي والشيخ أبي الشمل جماعة الحلبي والشيخ أبي الحجاج بن قسوم وغيرهم. ومن خط المحدث أبي بكر بن الزيات يحمل عن أبي الطاهر بن سرور وعن أبي إسحق بن عبد الرفيع. تواليفه من تواليفه: المعاني المبتكرة الفكرية في ترتيب المعالم الفقهية. والإيجاز في دلالة المجاز ونصرة الحق ورد الباغي في مسألة الصدقة ببعض الأضحية والكراس المرسوم بالمباحث البديعة في مقتضى الأمر من الشريعة. مولده ببجاية في أحد لجمادى الأولى من عام ثلاثة وستين وستمائة. وتوفي قاضيا بشالش يوم الجمعة و الرابع عشر لجمادى الأولى من عام ثلاثة وعشرين وسبعماية. ودفن بجبانة باب إلبيرة بمقربة من قبر ولي الله أبي عبد الله التونسي. وكانت جنازته مشهورة. ومن المقريين والعلماء عبد الملك بن حبيب أصله من قرية قورت وقيل حصن واط من خارج غرناطة وبها نشأ وقرأ. حاله قال ابن عبد البر. كان جماعا للعلم كثير الكتب طويل اللسان فقيها نحويا عروضيا شاعرا نسابة إخباريًا. وكان أكثر من يختلف إليه الملوك وأبناؤهم. قال ابن مخلوف كان يأتي إلى معالي الأمور. وقال غيره رأيته يخرج من الجامع وخلفه نحو من ثلاثمائة بين طالب حديث وفرايض وفقه وإعراب وقد رتب الدول عليه كل يوم ثلاثين دولة لا يقرأ عليه فيهغا شيء إلا تواليفه وموطأ مالك. وكان يلبس الخز والسعيد. قال ابن نمير وإنما كان يفعله إجلالا للعلم وتوقيرا له. وكان يلبس إلى جسمه ثوب شعر وكان صوامًا قوامًا. وقال المغاسي لو رأيت ما كان على باب ابن حبيب لزدريت غيره. وزعم الزبيدي أنه نعى إلى سحنون فاسترجع وقال مات عالم الأندلس. قال ابن الفرضي جمع إلى إمامته في الفقه التبحبح في الأدب والتفنن في ضروب العلوم وكان فقيها مفتيا. قال ابن خلف أبو القاسم الغافقي كان له أرض وزبتون بقرية بيرة من طوق غرناطة حبس جميع ذلك على مسجد قرطبة. وله ببيرة مسجد ينسب إليه. وكان يهبط من قرية قورت يوم الاثنين والخميس إلى مسجده ببيرة فيقرأ مشيخته روى عن صعصعة بن سلام والغازي بن قيس وزياد بن عبد الرحمن. ورحل إلى المشرق سنة ثمان ومائتين. وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وكانت رحلته من قريته بفحص غرناطة. وسمع فيها من عبد الملك بن الماجشون ومطرف بن عبد الله وأصبغ بن الفرج وابنه موسى وجماعة سواهم وأقام في رحلته ثلاثة أعوام وشهورا. وعاد إلى إلبيرة إلى أن رحله عبد الرحمن بن الحكم إلى قرطبة في رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين. من روى عنه: سمع منه إبناه محمد وعبد الله وسعيد بن نمر وأحمد بن راشد وإبراهيم بن خالد وإبراهيم بن شعيب ومحمد بن قطيس. وروى عنه من عظماء القرطبيين مطرف بن عيسى وبقي بن مخلد ومحمد بن وضاح والمقامي في جماعة. تواليفه قال أبو الفضل عياض بن موسى في كتابه في أصحاب مالك قال بعضهم قلت لعبد الملك بن حبيب. كم كتبك التي ألفت قال ألف كتاب وخمسون كتابا. قال عبد الأعلى منها كتب المواعظ سبعة وكتب الفضايل سبعة وكتب أجواد قريش وأخبارها وأنسابها خمسة عشر كتابا وكتب السلطان وسيرة الإمام ثمانية كتب وكتب الباه والنساء ثمانية وغير ذلك. ومن كتب سماعاته في الحديث والفقه وتواليفه في الطب وتفسير القرآن ستون كتابا. وكتاب المغازي والناسخ والمنسوخ ورغايب القرآن وكتاب الرهون والحدثان خمسة وتسعون كتابا وكتاب مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان وعشرون كتابا وكتاب في النسب وفي النجوم وكتاب الجامع وهي كتب فيها مناسك النبي وكتاب الرغايب وكتاب الورع في المال وكتاب الربا. وكتاب الحكم والعدل بالجوارح. ومن المشهورات الكتاب المسمى بالواضحة. |
ومن تواليفه كتاب إعراب القرآن وكتاب الحسبة في الأمراض وكتاب الفرايض وكتاب السخاء واصطناع المعروف وكتاب كراهية الغناء. شعره أنشد ابن الفرضي مما كتب بها إلى أهله من المشرق سنة عشر ومايتين: أحب بلاد الغرب والغرب موطني ألا كل غربي إلي حبيب فيا جسدًا أضناه شوق كأنه إذا انتضيت عنه الثياب قضيب ويا كبدًا عادت زمانا كأنما يلذغها بالكاويات طبيب وأهلي بأقصى مغرب الشمس دارهم ومن دونهم بحر أجش مهيب وهول كريه ليله كنهاره وسير حثيث للركاب دؤوب فما الداء إلا أن تكون بغربة وحسبك داء أن يقال غريب فيا ليت شعري هل أبيتن ليلة بأكناف نهر الثلج حين يصوب وحولي أصحابي وبنتي وأمها ومعشر أهلي والرؤوف مجيب وكتب إلى الأمير عبد الرحمن في ليلة عاشوراء: لا تنسى لا ينسك الرحمن عاشوراء واذكره لا زلت في الأحياء مذكورا قال الرسول صلاة الله تشمله قولا وجدنا عليه الحق والنورا من بات في ليل عاشوراء ذا سعة يكن بعيشه في الحول محبورا فارغب فديتك فيما فيه رغبتنا خير الورى كلم حيًا ومقبورا وفاته توفي في ذي الحجة سنة ثماني وثلاثين. وقيل تسع وثلاثين ومايتين. قال ابن خلف كان يقول في دعائه إن كنت يا رب راضيًا عني فاقبضني إليك قبل انقضاء سنة ثمان وثلاثين فقبضه الله في أحب الشهور إليه رمضان من عام ثمانية وثلاثين وهو ابن أربع وستين سنة وصلى عليه ولده محمد ودفن بمقبرة أم سلمة بقبلي محراب مسجد الضيافة من قرطبة. قالوا والخبر متصل إنه وجد جسده وكفنه وافرين لم يتغيرا بعد وفاته بتسع وأربعين سنة وقطعت من كفنه وافرين لم يتغيرا بعد وفاته بتسع وأربعين سنة وقطعت من كفنه قطعة رفعت إلى الأمير عبد الله. ورثاه أبو عبد الله الرشاش وغيره فقال: لئن أخذت منا المنايا مهذبا وقد قل فيها من يقال المهذب لقد طاب فيه الموت والموت غبطة لمن هو مغموم الفؤاد معذب ولأحمد بن ساهي فيه: مإذا تضمن قبر أنت ساكنه من التقى والندى يا خير مفقود عجبت للأرض في أن غيبتك وقد ملأتها حكمًا في البيض والسود قلت فلو لم يكن من المفاخر الغرناطية إلا هذا الخبر لكفى. ومن الطارئين عليها عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد الأموي المالقي الشهير بالباهلي حاله كان رحمه الله بعيد المدى منقطع القرين في الدين المتين والصلاح. وسكون النفس ولين الجانب والتواضع وحسن الخلق إلى وسامة الصورة وملاحة الشيبة وطيب القراءة مولى النعمة على الطلبة من أهل بلده أستإذا حافلا متفننا مضطلعا إماما في القراءات حايز خصل السباق إتقانا وأداء ومعرفة ورواية وتحقيقا. ماهرا في صناعة النحو فقيها أصوليًا حسن التعليم مستمر القراءة فسيح التحليق نافعًا متحببًا مقوم الأزمنة على العلم وأهله كثير الخضوع والخشوع قريب الدمعة أقرأ عمره وخطب بالمسجد الأعظم من مالقة أو أخذ عنه الكثير من أهل الأندلس. مشيخته قرأ على الأستاذ الإمام أبي جعفر بن الزبير وكان من مفاخره. وعلى القاضي أبي علي بن أبي الأحوص وعلى المقرئ الضرير أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن سالم بن خلف السهيلي والراوية أبي الحجاج ابن أبي ريحانة المربلي. وكتب له بالإجازة العامة الراوية أبو الوليد العطار والإمام أبو عبد الله بن سمعون الطائي. وسمع على الراوية أبي عمر عبد الرحمن بن حوط الله الأنصاري وقرأ على القاضي أبي القاسم قاسم ابن أحمد بن حسن الحجري الشهير بالسكوت المالقي وأخذ عن الشيخ الصالح أبي جعفر أحمد بن يوسف الهاشمي الطنجالي وغيرهم ممن يطول ذكرهم. ويحمل عن خاله ولي الله أبي محمد عبد العظيم ابن ولي الله محمد بن أبي الحجاج ابن الشيخ رحمه الله. تواليفه: شرح التيسير في القراءات. وله تواليف غيره في القرآن والفقه. شعره حدث الشيخ الفقيه القاضي أبو الحجاج المنتشافري. قال رأيت في النوم أبا محمد الباهلي أيام قراءتي عليه بمالقة في المسجد الجامع بها وهو قائم يذكر الناس ويعظهم. فعقلت من قوله أتحسبونني غنيًا فقيرا أنا فقير أنا فاستيقظت وقصصتها عليه فاستغفر الله وقال يا بني حقا ما رأيت. ثم رفع إلى ثاني يوم تعريفه رقعة فيها مكتوب: لئن ظن قوم من أهل الدنا بأن لهم قوة أو غنا فلا تحسبوني إلى رأيهم فإني ضعيف فقير أنا وليس افتقاري وفقري معا إلى الخلق فما عند خلق غنا ولكن إلى خالقي وحده وفي ذاك عز ونيل المنا فمن ذل للحق يرقى العلا ومن ذل للخلق يلق العنا وفاته ببلده مالقة رضي الله عنه ونفع به. في خامس ذي القعدة من عام خمسة وسبعماية. وكان الحفل في جنازته عظيما. وحف الناس بنعشه وحمله الطلبة وأهل العلم على رؤوسهم سكن غرناطة وأقرأ بها. ومن الكتاب والشعراء في هذا الحرف عبد الحق بن محمد بن عطية بن يحيى بن عبد الله بن طلحة بن أحمد بن عبد الرحمن بن غالب بن عطية المحاربي صاحبنا الكاتب للدولة الغادرة. كان هذا الرجل في حال الدعة التي استصحبها وقبل أن تبعته أيدي الفضول بعفاف وطهارة إلى خصل خط نشط البنان جلد على العمل. ونظمه وسط ونثره جمهورى عامى مبين عن الأغراض. وولي ببلده الخطابة والقضاء في الحداثة. ثم انتقل إلى غرناطة فجاجأت به الكتابة السلطانية باختياري مستظهرة منه ببطل كفاية وباذل حمل كلفة فانتقل رئيسا في غرض إعانتي وانتشالي من الكلفة على الضعف وإلمام المرض والترفع عن الابتذال والأنفة من الاستخدام فرفع الكل ولطف من الدولة محله. ثم لما حال الأمر وحتم التمحيص وتسورت القلعة وانتثر النظم واستأثر به الاصطناع كشفت الخبرة منه عن سوءة لا تواري وعورة لا يرتاب في أشنوعتها ولا يتمارى فسبحان من علم النفس فجورها وتقواها إذ لصق بالدايل الفاسق فكان آلة انتقامه وجارحة صيده وأحبولة كيده فسفك الدما وهتك الأستار ومزق الأسباب وبدل الأرض غير الأرض وهو يزقه في أذنه فيؤم النصيحة ويمحله لقب الهداية ويبلغ في شد أزره إلى الغاية: عنوان عقل الفتى اختياره. يجري في جميل دعوته. طوالًا أخرق بسيء السمع وينسى الإجابة بدويًا قحًا جهوريًا ذاهلًا عن عواقب الدنيا والآخرة: طرقًا في سوء العهد وقلة الوفا مردودًا في الحافزة منسلخا من آية السعادة تشهد عليه بالحمل يده ويقيم عليه الحجج شرهه وتبوه هفوات الندم جهالته. ثم أسلم المحروم مصطنعه أحوج ما كان إليه وتبرأ منه ولحقته بعده مطالبة مالية. لقي لأجلها ضغطا وهو الآن بحال خزي واحتقاب تبعات خلصنا الله من ورطات الدنيا والآخرة. أوليته وشيوخه وبسط كثير من مجمل حاله حسبما نقلت من خطه. قال يخاطبني بما نصه: يا سيدًا فاق في مجد وفي شرف وفات سبقًا بفضل الذات والسلف وفاضلا عن سبيل الذم منحرفًا وعن سبيل المعالي غير منحرف وتحفة الزمن الآتي فلقد أربى بما حازه منها على التحف ومعدنًا لنفيس الدر فهو لما حواه منه لدى التشبيه كالصدف وبحر بعلم جميع الناس مغترف منه ونيل المعالي حظ مغترف وسابقًا بذ أهل العصر قاطبة فالكل في ذاك منهم غير مختلف من ذا يخالف في نار على علم أو يجحد الشمس نورًا وهو غير خف ما أنت إلا وحيد العصر في شيم وفي ذكاء وفي علم وفي ظرف لله من حسب عد ومن كرم قد شاده السلف الأخيار لخلف أيه أيا من به تبأى الوزارة إذ كنت الأحق بها في الذات والشرف يا صاحب القلم الأعلى الذي جمعت فيه المعالي ببعض البعض لم أصف يا من يقصر وصفي في علاه ولو أنسى مديح حبيب في أبي دلف شرفتني عندما استدعيت من قبلي نظما تدونه في أبدع الصحف وربما راق ثغر في مباسمه حتى إذا ناله إلمام مرتشف أجل قدرك أن ترضى لمنتجع بسوء كليلته حظا مع الحشف هذا ولو أنني فيما أتيت به نافحت في الطيب زهر الروضة الأنف لكنت أفضى إلى التقصير من خجل أخليت بالبعض مما تستحق أف فحسبي العجز عما قد أشرت به والعجز حتمًا قصارى كل معترف لكن أجبت إلى المطلوب ممتثلا وإن غدوت بمرقى القوم كالهدف فانظر إليها بعين الصفح عن زلل واجعل تصفحها من جملة الكلف بسقط المتاع ولا يرضى له بالحشف مع بخس المد والصاع. لكن فضلك يغضي عن التقصير ويسمح ويتجاوز عن الخطإ ويصفح وأنت في كل حال إلى الأدنى من الله أجنح. ولولا أن إشارتك واجبة الامتثال والمسارعة إليها مقدمة على ساير الأعمال لما أتيت بها تمشي على استحياء ولا عرضت نفسي أن أقف موقف حشمة وحياء فما مثلي فيما أعرضه عليك أو أقدمه من هذا الهذر بين يديك إلا مثل من أهدى الخرز لجالب الدر أو عارض للوشل موج البحر أو كاثر بالحصى عدد الأنجم الزهر. على أني لو نظمت الشعرى شعرًا وجبتك بالسحر الحلال نظمًا ونثرًا ونافحتك بمثل تلك الروضة الأدبية التي تعبق أزاهرها نثرا لما وصفتك ببعض البعض من نفايس حلاك ولا وفيت ما يجب من نشر مآثر علاك. فما عسى أن أقول في تلك المآثر العلمية والذات الموسومة باسم التعريف والعلمية أو أعبر عنه في وصف تلك المحاسن اأدبية والمفاخر الحسبية. إن وصفت مالك من شرف الذات ملت إلى الاختصار وقلت آية من الآيات. وإن ذهبت إلى ذكر مفاخرك الباهرة الآيات بلغت في مدى الفخر والحب إلى أبعد الغايات وإن حليتك ببعض الحلا والصفات سلبت محاسن الروض الأريج النفحات. فكم لك من التصانيف الرايقة والبدائع الفائقة والآداب البارعة والمحاسن الجامعة فما شيت من حدايق ذات بهجة كأنما جادتها سحب نيسان وجنات ثمراتها صنوان وغير صنوان تزري ببدايع بديع الزمان وتخجل الروض كما يخجل الورد ابتسام الأقحوان. نظم كما انتثر الدر ونثر تتمنى الجوزاء أن تتقلده والأنجم الزهر ومعان أرق من نسيم الأسحار تهب على صفحات الأزهار. فأهلًا بك يا روضة الآداب ورب البلاغة التي شمس آياتها لا تتوارى بالحجاب فما أنت إلا حسنة الزمان ومالك أزمة البيان وسباق غايات الحسن والإحسان. وقد وجدت مكان القول ذا سعة في أوصافك وما في تحليك بالفضائل واتصافك. لكني رأيت أني لو مددت في ذلك باع الإطناب وأتيت فيه بالعجب العجاب فليس لي إلا تقصير عن المطاولة وإمساك والعجز عن درك الإدراك إدراك. إيه أيها السيد الأعلى والفاضل الذي له في قداح الفخر القدح المعلى فإنك أمرت أن أعرض عليك لتعريف بنفسي ومولدي وذكر أشياخي الذين بأنوارهم أقتدي فعلمت أن هذا إنما هو تهمم منك بشأني وجري على معتاد الفضل الذي يقصر عنه لساني وفضل جميل لا أزال أجري في الثناء عليه ملء عناني. وإلا فمن أنا في الناس حتى أنسب أو من يذهب إلا أنت هذا المذهب. أما التعريف بنفسي فأبدأ فيه باسم أبي. هو أبو القاسم محمد بن عطيه بن يحيى بن عبد الله بن طلحة بن أحمد بن عبد الرحمن بن غالب ابن عطية المحاربي. وجدي عطية هو الداخل إلى الأندلس عام الفتح نزل بإلبيرة وبها تفرع من تفرع من عقبه إلى أن انتقلوا إلى غرناطة فتأثل بها حالهم واستمر بها استيطانهم إلى حدود المائة السابعة فتسبب في الانتقال من بقي منهم وهو جدي الأقرب الأنساب وقضى ارتحاله إلى مدينة وادي آش ولك أجل كتاب. وذلك أنه استقضى بنظر ما في دولة أمير المسلمين الغالب بالله أول ملوك هذه الدولة النصرية نصر الله خلفها ورحم سلفها فاتخذ فيها صهرًا ونسبا وكان ذلك لاستيطانه بها سببا واستمر مقامه بها إلى أن ارتحل إلى المشرق لأداء الفريضة فكان إلى أشرف الحالات مرتحله وقضى في إيابه من الحج أمله. واستمرت به الاستيطان. وتعذرت بعوده إلى غرناطة بعدما نبت فيها الأوطان. على أنه لم يعدم من الله الستر الجميل ولا حظ من عنايته بإيصال النعمة كفيل فإنه سبحانه حفظ من سلف فيمن خلف وجعلهم في حال الاغتراب فيمن اشتهر بنباهة الحال واتصف وقبض لمصاهرتهم من خيار المجد والشرف وبذلك حفظ الله بيتهم وشمل باتصال النعمة حيهم وميتهم. فالحمد لله بجميع محامده على جميل عوايده. |
الساعة الآن 07:32 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |