![]() |
3624- لاَ دَرَيْتَ وَلاَ ائْتَلَيْتَ قَالَ الفراء: ائتليت افْتَعَلْتَ من ألَوْت إذا قصرت، فتقول: لاَ دريت ولاَ قَصَّرْتَ في الطلب ليكون أشقى لك، وأنشد لأمرىء القيس: وَمَا المرءُ مَا دَامَتَ حُشَاشَةُ نَفْسِهِ * بِمُدرِكِ أطْرَافِ الخُطُوبِ وَلاَ آلى 3625- لاَ تُعَلِّمِ اليتيمَ البُكَاءَ أولَ مَنْ قَالَ ذَلكَ زُهَير بِن جَنَاب الكلبي وكانَ منْ حَديثَهُ أنَ عَلْقَمة بن جِذْل الطِّعَان بن فِرَاس بن غَنم بن ثعلبة أغار على بنى عبد الله بن كنانة بن بكر وهم بُعْسفَانَ، فقَتل عبد الله بِن هبل عبيدَةَ بِن هُبل ومالكَ بِن عُبَيدة وصَرِيم بن قيس بن هُبَل، وأسَرَ مالك بن عبد الَله بن هُبل، فلما أصيبوا وأفْلَتَ من أفْلَت أقبلت جارية من بنى عبد الله بن كنانة فَقَالَت لزهير ولمْ تَشهد الوقعة: يا عماه، ما تَرَى فَعَلَ أبى؟ قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ قَالَت: على شَقَّاء نَقَّاء، طويلة الأنقاء، تَمَطَّق بالعرق، تَمَطَقَ الشيخ بالمرق، قَالَ: نجا أبوكِ؟ ثم أتته أخرى فَقَالَت: يا عماه وما ترى فَعَلَ أبى؟ قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ؟ قَالَتْ: على طويل بَطْنُها، قصيرٍ ظَهُرها،هاديها شَطْرها، يكُبُّها خَصْرُها، قَالَ: نجا أبوكِ، ثم أتتهُ بِنتُ مالك بن عُبيدة بن هُبَل فَقَالَت: يا عماه، وما ترى فَعَلَ أبى؟ قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ؟ قَالَتْ: على الكَزَّة الأَنُوح، التي يكفيها لَبَنُ الَّلقُوح، قَالَ: هَلكَ أبوكِ، قَالَ: فَبَكَت، فَقَالَ رجل: ما أسوأ بُكَاءها، فَقَالَ زهير: لاَ تُعَلِّم اليتيم البُكاء. 3626- لاَحُرَّ بِوَادِي عَوْفٍ هو عَوْف بن مُحَلِّم بن ذُهلِ بن شَيْبَان، وذلك أن بعض الملوك - وهو عمرو بن هند - طلب منه رَجُلاً، وهو مروان القَرِظِ، وكان قد أجارَه، فمنعه عوف وأبىَ أن يُسْلمه، فَقَالَ الملك: لاَ حُرَّ بوادي عَوْف، أي أنه يقهر مَنْ حَلَّ بواديه، فكلُ مَنْ فيه كالعبد له لطاعتهم إياه. وقَالَ بعضهم: إنما قيل ذلكَ لأنه كَانَ يَقْتُل الاَسارىَ، وقد ذكرت قصة مروان[ص 237] مع عوف في حرف الواو عند قولهم "أوْفَى من عَوْف بن محلِّمٍ" وقَالَ أبو عبيد: كان المفضل يخبر أن المثل للمنذر بن ماء السماء قَالَه في عوف بن محلِّمٍ، وذلك أن المُنذر كان يطلب زهير بن أمية الشيباني بذَحْل، فمَنَعَه عوف، فعندها قَالَ المنذر: لاَ حُرَّ بوادي عوف. وكان أبو عبيدة يقول: هو عَوْف بن كَعْب بن سَعْد بن زَيْد مَنَاة بن تميم. 3627- لاَ تَسْخَرَنَّ مِنْ شيء فَيَحُورَ بِكَ. أي يعود عليك، قَالَ عمرو بن شرحبيل: لو عَيَّرْتُ رجلاً بَرْضَاع الغنم لخشِيتُ أن أرضعها، وقوله "يحور" معناه يرجع، أي يَرجع بِكَ ما سَخِرْتَ منه فتبتلى به. 3628- لاَ يُرَحِّلَنَّ رَحْلَكَ مَنْ لَيْسَ مَعَكَ. أي لاَ تستعِنْ إلاَ بأهل ثِقَتِك، ويروى "لاَ يُرَحِّلُ رَحْلَكَ" على وجه النفي، أي لاَ يعينُكَ مَنْ لاَ يكون صَغْوه معك (صغوه - بالغين المعجمة - أي ميله، وفي أصول هذا الكتاب "صفوه" بالفاء، وما أحسبه إلاَ محرفاً عما أثبت.) 3629- لاَ تَبْرُكُ الإبل عَلَى هَذَا يضرب لما لاَ يُصْبر عَليه لشدته 3630- لاَ يَبَرُّكَ مِثْلُ مالك قَالَوا: هو اسم رَجُل مَرْغُوب في مَحَبته (وفي نسخة "مرغوب في صحبته") 3631- لاَحاءَ وَلاَ ساءَ أي لم يأمر ولم يَنْه، قَالَ أبو عمرو: يُقَال حاء بضأنك أي ادعُهَا، ويُقَال: سَأسَأْتُ بالحمار، إذا دعوته يشرب. يضرب للرجل إذا بلغ النهاية في السن 3632- لاَ بيَّ عَلَيْكَ وَلاَ هَيَّ أي لاَ بأسَ عليك. 3633- لاَ يَغُرَّنَّك شَمَطٌ بِهِ، دَبَّ شيْخٌ في الجحِيمِ. 3634- لاَ يَنْتَصِفُ حَليمٌ مِنْ جَهُولٍ لاَنَ الجهولَ يُرْبِى عليه، والحليم لاَ يَضَعُ نفسه لمسافهته. 3635- لاَ يَمْلِكُ حَائِنٌ دَمَهُ أي مَنْ حان حَيْنُه لاَ يقدر على حَقْن دمه 3636- لاَ يَقُومُ لَهَا إلاَ ابنُ أجْدَاهَا أي لاَ يقوم لدَفْع العظيمة إلاَ الرجل العظيم يضرب لمن يُغْنى غناءً عظيماً. كأنَهم قَالَوا: إلاَ كريم الأَباء والأمهات من الرجال والإبل، قَالَه أبو زيد. 3637- لاَ يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ ويروى "لاَ ينفعك من رديء حَذَر".[ص 238] 3638- لاَ يَنْقُصُكَ مِنْ زَادٍ تَبَقٍّ التَبقي: الإبقاء. يَضرب في الحث على أكل ما يفسد إن أُبِقَىَ. 3639- لاَ يَعْدَمُ عائِشٌ وَصْلاَتٍ أي مادام للمرء أجَل فهو لاَ يَعْدَم ما يتوصل به. يَضرب للرجل يُرْمل مِنْ الزاد فيلقى آخر فينال منه ما يبلِّغُه أهله. 3640- لاَ تُمَازِح الشَّريفَ فَيْحْقِدَ عَلَيْكَ، ولاَ الدَّنيء فَيْجْتَرِئَ عَلَيْكَ. قَالَه سعيد بن العاص أخو عمرو. 3641- لاَ تَكْذِبَنَّ ولاَ تَشَبَّهَنَّ مِن التشبه، أي لاَ تكذب على غيرك ولاَ تَشَبَّهْ بالكاذب، ويروى ولاَ تُشَبِّهَنَّ مِن التَّشْبيه أي لاَ تَكذب ولاَ تُلَبِّسْ على غيرك بأن تكذبه، فيلتبس عليه الأمر. 3642- لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتَأتَى مِثْلَهُ ينشد في هذا المعنى: إذا عِبْتَ أمْراً فَلاَ تَأتِهِ * فَذُو اللُّبِّ مُّجْتَنِبٌ مَا يَعِيب وقيل أيضاً: لاَ تَنْهً عَنْ خُلُقٍ وَتَأتِىَ مِثْلَهُ * عَارٌ عَلَيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ 3643- لاَ تُبْقِ إلاَ عَلى نَفْسِكَ أي أنَكَ إن أسْرفْتَ أسْرفَ عليك، ومعناه إن أبقيتَ على أحدٍ فما أبقيت إلاَ على نفسك. وقَالَ أبو عبيد: يُقَال للمتوعد "لاَ تُبْقِ إلاَ على نفسك" ومعناه اجْهَدْ جَهْدَكَ، فكأنهُ يَقول: لاَ تَعْطِفْ إلاَ على نفسك، فأما أنا فَافْعَلْ بي ما تَقدر عليه فلستُ ممن يبالي وَعيدَكَ وَتهديدكَ، ومثله "لاَ أبقى الله عَلَيْكَ إن أبْقَيْتَ علي" 3644- لاَ تَعْقِرْهَا لاَ أبا لَكَ إمَّا لَنَا وإمَّا لَكَ قَالَه مالك بن المُنْتَفق لِبِسْطَام بن قَيْس حين أغار على إبله فكان يَسُوقها، فإذا تفرقت طَعَنَهَا لتجمع وتُسْرع. 3645- لاَ تَظْعَنِي فَتَهَيِّجي القَوْمَ للظَّعْنِ يضرب لمن يًتَّبع فيما يَنْهَج. يعنى أنَكَ مَتْبُوع فلاَ تَفْعَلْ مالاَ يليقُ بكَ 3646- لاَ يُطَاعُ لِقَصيرٍ أمْرُهُ مضى ذكره في قصة الزباء في حرف الخاء 3637- لاَ يُلْبِثُ الغَويَّانِ الصَّرْمَةَ يريد بالغويِّ الذئبَ، أي إذا كانا اثنين أسْرَعَا في تمزيقها.[ص 239] يضرب لمن يُفْسد ماله وهو قليل. والصَّرْمَة: القِطْعة من الغنم أو الإبل القليلة، والتقدير: لاَ يلبث ولاَ يمهل الذئبان الغويان القطعةَ القليلةَ أن يُفرقاها ويُهْلكاها 3648- لاَ فَتىً إلاَ عَمْرُو بنُ تَقْنٍ قد ذكرت قصته مع لقمان عند قوله "إحدى حُظَيَّات لُقْمَان" 3649- لاَ أفْعَلُ كَذَا ما غبَا غُبَيْس قُلتُ: لم أجد في معنى هذا المثل ما يوافق لفظه، إلاَ ما حكاه اللحياني، قَالَ: يُقَال للظلام غبس وغُبَيْس أيضاً، ورأيت في أمالى الخوارزمى أن معنى غبا أظلم، والغبيس: من أسماء الليل، وقَالَ ابن الأَعرَبي: ما أدري ما أصله، وقالَ بعضهم: غبَيْس تَصْغير أغْبَسَ مرخما وهو الذئب، وغَبَا أصله غَبَّ فأبدل من أحد حرفي التضعيف الألف، مثل تَقَضَّي وتَظَنَّي في تَقَضَّضَ وتَظَنَّنَ، أي مادام الذئب يأتي الغنم غِبّاً، أنشد الأموي: وَفِى بَنى أمِّ زُبَيرٍ كَيْسُ * عَلى الطَّعَامِ ما غَبَا غُبَيْسُ أي فيهم كِياسة على بَذْل الطعام، يصفهم بالجود، وتكون "على" بمعنى في، وروى الأَزهَري عن ابن الأَعرَبي أن معناه ما بقى الدهر، هذا حكاية أقوالهم. وإذا صح ما قَالَه اللحياني فالأَوَّلى أن يحمل غُبَيْس على أنه الليل، ويحمل غَبَا على غَبىَ في لغة طئ فإنهم يقولون في بَقِيَ وَفَنِيَ: بَقَا وَفَنَا، ويصح أن يُقَال غَبِىَ الليلُ وإن كان صاحبه يَغْبَى، كما قَالَ أبو كبير: [مُبَطَّناً * سُهداً، إذا ما] نام ليل الهَوْجَلِ والغَبَاوَة: أن يَخْفَى الأمر على الرجل فلاَ يفطن له، وإبدال السين من الشين لاَ ينكر، نحو قولهم: جعسوس وجعشوش، وتسْميت العاطس، وتشميت العاطس. 3650- لاَ يَلدُ الوَقْبانِ إلاَ وَقِباً الوَقْبُ: الأحمق، هذا يتكلم به عند التشاتم (يضرب للرجل يوافق أبويه في الموق) 3651- لاَ مَحَالَةَ مِنْ جَلْزٍ بِعِلْبَاءٍ يضرب عند انقطاع الرجاء. أي صرتَ إلى الغاية القُصْوَى من الأمر قَالَه أبو عمرو. ويروى "لاَبُدَّ" والجَلْز: شدة عَصَب العَقَب على شيء، أي لاَبدَّ من النهوض في هذا الأمر، وقَالَ: ضَرَبْتُ بالسَّيْف حَتَّى ارْفَضَّ قَائِمُهُ * وَلاَ مَحَالَةَ مِنْ جَلْزٍ بِعلْبَاءٍ 3652- لاَ تُحْيِ البَيْضَ وتَقْتُلِ الفِرَاخَ أي لاَ تحفظ الصغير وتضيع الكبير. [ص 240] 3653- لاَ حَمَّ وَلاَ رَمَّ أن أفْعَلَ كَذَا أي لاَ بدَّ من ذلك. 3654- لاَ تَحْسُدِ الضَّبَّ عَلى مَا فِي جُحْرِهِ. أي لاَ تحسد فُلاَناً على ما رُزِق من خير. 3655- لاَ أُحِبُّ تَخْدِيشَ وَجْهِ الصّاحب قَالَ يونس: تزعم العربُ أن الثعلبَ رأي حَجَرا أبيض بين لِصْبَيْن (اللصبان: معنى لصب - بكسر اللام وسكون الصاد - وهو الشعب الصغير في الجبل) فأراد أن يَغْتَالَ به الأَسد، فأتاه ذاتَ يوم فَقَالَ: يا أبا الحارث، الغنيمة الباردة، شحمة رأيتها بينِ لصْبَين، فكرهت أن أدنو منها، وأحببت أن تولى ذلك أنت، فهلم لأريكها، قَالَ: فانطَلَقَ به حتى قام به عليه، فَقَالَ: دونَكَ يا أبا الحارث، فذهب الأَسد ليدخل فضاق به المكان، فَقَالَ له الثعلب: اردُسْ برأسك، أي ادفَعْ برأسك، قَالَ: فأقبل الأَسد يردس برأسه حتى نَشَبَ فلم يقدر أن يتقدم ولاَ أن يتأخر، ثم أقبل الثعلبُ يخورُه، أي يخدش خَوَرَانه (الخوران: مجرى الروث، ويُقَال: طعنه فخاره، إذا أصاب خورانه) من قُبُل دُبُره، فَقَالَ الأَسد: ما تصْنع يا ثُعَالة؟ قَالَ: أريد لاَستنقذك، قَالَ: فمن قبل الرأس إذن، فَقَالَ الثعلب: لاَ أحب تخديشَ وجه الصاحب. يضرب للرجل يُرِيكَ من نفسه النصيحة ثم يَغْدِر. 3656- لاَ تُدْرِهِ بِعِرْضِكِ فَيَلْذَمَ الإدراء: الإغراء، ولَذِمَ: لزم وضَرِيَ أي لاَ تجرِّئه فيجترئ عليك 3657- لاَ تَرَ العُكْلِىَّ إلاَ حَيْثُ يَسُوءُكَ يضرب لمن لاَ تزال تراه في أمر تكرهه 3658- لاَ يُسَاغُ طَعَامُكَ ياوَحْوَحُ يضرب عند كل معروف يكدر بالمنِّ، ووَحْوَح: اسمُ رجلٍ. 3659- وَلاَ جِنَّ بِالبَغْضَاء وَالنَّظَرِ الشَّزْرِ أي: لاَ يخفى نَظَرُ المبغض، ولاَ جِنَّ معناه لاَ خَفَاء، والبغضاء: البغض، والنظر الشزر: نَظَرُ الغضبان بمؤخر العينين، والشعر لأبى جَنْدَل الهُذَلى، وأوله: تحدِّثُنِى عَيْنَاكَ مالقَلْبُ كَاتِم 3660- لاَ إخَالُكَ بالعَبْدِ إذا قُلْتَ يَا أَخَاهُ يضرب لمن يَصَطَنع المعروفَ إلى مَنْ ليس له بأهل.[ص 241] وهذا كقولهم "ليس العبد بأخ لك" وقد ذكر. 3661- لاَ يَشْقَى بِقَعْقَاعٍ جَلِيس يُقَال: هذا القَعْقَاع بن عَمْرو، والصحيح قَعْقَاع بن شَوْر، وهو ممن جرى مَجْرى كعب بن مامة في حسن المُجَاورة، فضرب به المثل، وكان إذا جاوره رجلُ أو جالسه فعرفه بالقصد إليه جعل له نصيباً من ماله، وأعانه على عدوه، وشَفَع له في حاجته، وغدا إليه بعد ذلك شاكراً له فَقَالَ فيه الشاعر: وكُنْتُ جَلِيسَ قَعْقَاعِ بْنِ شَوْرٍ * وَلاَ يَشْقى بِقَعْقَاعٍ جَلِيسُ 3662- لاَ رَأْيَ لِمَنْ لاَ يُطُاعُ قَالَه أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه في خطبته التي يعاتب فيها أصحابه 3663- لاَ حَيٌّ فَيُرَجَى وَلاَ مَيْتٌ فَيُنْسى مكتوبة قصته عند قوله "قد حِيلَ بين العَيْرِ والنَّزَوَان"(انظر المثل 2852- ورد هناك "لاَ ميت فينعى") من كلام صخر بن عمرو ابن الشَّرِيد في حرف القاف. 3664- لاَ يَذْهَبُ العُرْفُ بَيْنَ الله وَالَنَّاس العُرْفُ والمعروف: الإحسان. 3665- لاَ سَيْرُكَ سَيْرٌ ولاَ هَرْجُكَ هَرْجٌ الهَرْجُ: الحديثُ الذي لاَ يُدْرَى ما هو يضرب للذي يكثر الكلام، أي لاَ يحسن يَسِير ولاَ يحسن يتكلم. 3666- لاَ بُدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَنْفُثَ المصدور: الذي يشتكى صَدْره، وهو يستريح ويشفى بالنَّفْثِ. 3667- لاَ زِيَالَ لَزِمَ الحَبْلُ العُنُقَ الزيال: المُزَايلة (الزيال والمزيلة: المفارقة) يضرب للشيء يلزم فلاَ يُرْجَى الخلاَصُ منه 3668- لاَ يَرْأَمُ بَوَّ الهَوَانِ أي لاَ ينقاد له، والرِّثْمَان: أن تَعْطِفَ الناقة على ولدها، والبو: جلْدُ حُوَارِ يُسْلِخُ فيُحْشَى، ويعلق عليها، فتظنه ولدها، فتدِرُّ عليه، والمعنى في المثل أنه لاَ يقبل الضَّيْمَ 3669- لاَ عَيْشَ لِمَنْ يُضَاجِعُ الخَوْفَ يضرب في مدح الأمن 3670- لاَ تُقْرَعُ لَهُ العَصَا، ولاَ تُقَلْقَلُ لَهُ الحَصَا يضرب للمُحَنَّكِ المُجَرِّبِ.[ص 242] 3671- لاَ أكُونُ كالضَّبُعِ تَسْمَعُ الَّلدْمَ فَتَخْرُجُ حتَّى تُصَادَ أي لاَ أغفل عما يجب التيقظ فيه، قَالَه أميرُ المؤمنين علي رضي الله عنه. 3672- لاَ تَأْمَنْ شَقِيّاً أُوحِشَتْ أَهْلُهُ 3673- لاَ يُخْدَعَ الأَعرَبي إلاَ وَاحِدَةً قَالَه أعرابي خُدِعَ مرة ثم سَئِمَ الخداع أخرى 3674- لاَ يَطْحَنُ بِكَ العِزُّ الفَطِيرُ (في نسخة "لاَ يطمح بك العز الفطير" يعنى أن العزَّ الحادثَ لاَ مُعَوَّلَ عليه 3675- لاَ أَصْلَ لَهُ وَلاَ فَضْلَ قَالَ الكسائي: الأصل: الحسب، والفصل: اللسان، يعنى النُّطْقَ 3676- لاَ تَزَالُ تَقْرِصُنِي مِنْكَ قَارِصَةٌ أي كلمة مُؤْذِية 3677- لاَ يُصَدَّقُ أَثَرُهُ يضرب للكاذب يعنى لاَ يُصدَّقُ أثر رحله؛ لأنه إذا كذب هو كَذَب أثره في الأَرض أيضاً مثله أي أنه إذا قيل له: من أين جئت؟ قَالَ: من ثَمَّ، وإنما جاء مِن ههنا 3678- لاَ أُمَّ لَكَ قَالَ أبو الهيثم: لاَ أم لك عندنا في مذهب ليس لك أم حُرَّة، وهذا هو الشتم الصحيح؛ لاَن بني الأماء عند العرب ليسوا بمحمودين ولاَ لاَحقين بما يلحق به غيرهم من أبناء الحرائر، فأما إذا قَالَ "لاَ أبا لك" فلم يترك له من الشَّتيمة شيئا، حكي جميعَ هذا عن أبى سعيد الضرير. 3679- لاَ خَيْرَ فِي رَزَمَةٍ لاَ دِرَّة مَعَهَا الرَّزَمَةَ: صوتُ حنينِ الناقة، والفعل أرْزَمِتْ تُرْزْم إرْزَاماً، والدِّرَّة: اللبن، أي لاَ خَيْرَ في قول لاَ فعلَ معه. 3680- لاَ يُثَنِّى ولاَ يُثَلِّثُ أي هذا رجل كبير أراد النهوضَ فلم يقدر في أول مرة ولاَ في الثانية ولاَ في الثالثة 3681- لاَ تَرَكَ الله لَهُ فِي الأَرض مَقْعِداً، ولاَ فِي السَّمَاء مَصْعَدَاً قَالَته امرأة دَعَتْ على ولدها 3682- لاَ يَصْلُحُ رَفِيْقَاً مَنْ لَمْ يَبْتَلِعْ رِيقَاً يضرب لمن يَكْظِمْ الغَيْظَ ونصب "رفيقاً" على الحال، وأراد بالريق ريقَ الغَضب.[ص 243] 3683- لاَ تَشْرِينَّ مَشْرَى صَفْوٍ يُكَدَّرُ يُقَال "شَرَى" إذا باع، و "شَرَى"إذا اشترى، ومنه قوله تعالى (وشَرَوْهُ بثَمَنٍ بَخْسٍ) يضرب لمن يستبدل خبراً بشر 3684- لاَ بلاَدَ لِمَنْ لاَ تِلاَدَ لَهُ أي لاَ يَسْمَعُ فقيراً مكانٌ ولاَ تحمله أرض لذلته وقلته في أعين الناس، ويجوز أن يكون المعنى لاَ يقدر الفقيرُ أن يقيمَ ببلاَده وأرضِه لفقره، بل يحتاج أن يَرْحَلَ عنها، كما قيل: وَتَرْمِي النَّوَى بالمُقْترِينَ الْمَرَامِيَا 3685- لاَ مَالَ لِمَنْ لاَ رِفْقَ لَهُ يعني أن المال يكسبه الرِّفق لاَ الخرق 3686- لاَ جَعَلَ الله فيهِ آمَرَةً أي بَرَكة ونماء، وهذا كما يُقَال: تعرف في وجه المال أََمَرَته، ويروى "أَمْرَتَه" بسكون الميم، أي زيادته، من قولهم: أمِرَ مال فلاَن، إذا كَثُر. 3687- لاَغَرْو وَلاَ هَيْمَ يضرب للأمر إذا أشكل، قَالَ: أََعييَتني كُلَّ الْعَيَا * ءِ فَلاَ أُغَرُّ وَلاَ أَهِيمْ 3688- لاَ تَظْلِمَنَّ وَضَحَ الْطَريق يضرب في التحذير لمن ترك الطريق الواضِح إلى المبهم. وظُلْمه: وضعه السير في غير موضعه 3689- لاَ تَلْبِسَنَّ بِيَقِينٍ شَكّاً أي لاَ تَخْلِطَنَّ بِما أَيقَنْته شكا فيضعف رأيك وعزيمتك 3690- لاَ يُوجَدُ العَجُولَ مَحْمُودَاً روى ثعلب عن ابن الأَعرَبي قَالَ: كان يُقَال: لاَ يوجد العجول محموداً، ولاَ الغضوب مسروراً، ولاَ الغضوب مسروراً، ولاَ الملول ذا إخوان، ولاَ الحر حريصاً، ولاَ الشره غنياً 3691- لاَ تَبْعَثِ المُهْرَ علَى وَجَاهُ يُقَال: وَجِىَ الفرسُ يَوْجَى وَجًى، إذا حَفِى، وهو للفرس بمنزلة النقب للبعير. يضرب لمن يوجه في أمره مَنْ يكرهه أو به ضعف عنه 3692- لاَعَبَابَ وَلاَ أَبابَ يُقَال: إن الظّباء إذا أصابت الماء لم تعبَّ فيه، وإن لم تصبه لم تأُببْ لهُ، أي لم تتهيأ لطلبه، يُقَال: أبَّ يَئِبُّ أباًّ وأَباَباً، إذا قصد وتهيأ كما قَالَ: أخٌ قد طَوَى كَشْحاً وأَبَّ لِيَذْهَبَا (عجز بيت للأعشى، وصدره: صرمت، ولم أصرمكم، وكصارم) [ص 244] قَالَوا: وليس شيء من الوحوش من الظباء والنعام والبقر يطلب الماء إلاَ أن يرى الماء قريباً منه فيَرِدَه وإن تباعد عنه لم يطلبه ولم يرده كما يرده الحمير. يضرب للرجل يُعْرِضُ عن الشيء استغناء. 3693- لاَ يُحْسْنُ العَبْدُ الكَرَّ إلاَ الحَلْبَ والصَّرَّ يُقَال : إن شَدَّاداً العيسيِّ قَالَ لاَبنه عنترة في يوم لقاء ورآه يتقاعَسُ عن الحرب وقد حَمِيتْ فقال : كر عَنْتَر، فَقَالَ عنترة: لاَ يُحْسِنُ العبدُ الكَرَّ إلاَ الحلب والصَّرَّ، وكانت أمه حَبَشية، فكان أبوه كأنه يستخفّ به لذلك، فلما قَالَ عنترة لاَ يحسن العبد الكر قَالَ له:كر وقد زوجتك عَبْلَة، فكرّ وأبْلَى، ووَفى له أبوه بذلك فزوجه عبلة، والصًّرُّ: شد الصِّرَار وهو خيط يشد فوق الخِلْفِ والتَّوْدِية (الخلف للناقة كالثدي للمرأة، والتودية: خشبة تشد على خلف الناقة إذا صرت، وجمعه توادى.) لئلاَ يرضعَ الفيصلُ أمه، ونصب الحلب على أنه استثناء منقطع كأنه قال: لا يحسن العبدُ الكرَّ لكن الحلب والصر يحسنهما. يضرب لمن يكلَّف مالاَ يطيق 3694- لاَ أُعَلِّقُ الجُلْجُلَ مِنْ عُنُقي أي: لاَ أشهر نفسي ولاَ أخاطر بها بين القوم، قَالَ أبو النجم يصف فحلاَ: يُرْعِدُ إذْ يَرْعُدُ قَلْبُ الأعزلِ * إلاَ امْرَأ يَعْقُدُ خَيْطَ الجُلْجُلِ قيل في معنى هذا البيت: إنه كان في بني عجْلٍ رجل يحمَّقُ وكان الأَسد يَغْشَى بيوت بنى عجل فيفترس منهم الناقة بعد الناقة والبعيرَ بعد البعير فَقَالَت بنو عجل: كيف لنا بهذا الأَسد فقد أضَرَّ بأموالنا؟ فَقَالَ الذي كان يحمق فيهم: عَلَّقوا في هذا عُنُقِ هذا الأَسد جُلْجُلاَ، فإذا جاء على غفلةٍ منكم وغِرَّةٍ تحرك الجلجل في عُنقه فنذرتُمْ به، فضر به أبو النجم مثلاً، فَقَالَ: يرعد مِنْ فرق هذا الفحل مَنْ رآه من هَوْلِهِ وإبعاده إلاَ من كان بمنزلة هذا الأحمق فإنه لاَ يخافه لعدم عقله. 3695- لاَ تُهْدِي إلى حَمَاتِكِ الكَتِفِ يضرب لمن يُباسط إخوانَهُ بالحقير الرديء. وأصله أَن امرأة وصَّتْ بنتها فَقَالَت: لاَ تهدي إلى حماتك الكتفَ، فإن الماء يجرى بين ألَلَيْها قَالَ أبو عبد الله: الأللانِ هما اللحمتان المطارقتان من على يمين البعير ويساره، وقَالَ أبو الهيثم: لاَن بينهما رَجْرَجَةً أي ماء غليظاً.[ص 245] 3696- لاَ تَرْكَبَنَّ مِنْ بَنَانٍ نَيْسَبَاً بنان: اسم أرضٍ، والنيسب: الطريق يضرب في النهي عن ارتكاب الباطل وإن جَرَّ إليك منفعةً. 3697- لاَ تُطِلِ الذَّيْلَ فَقَدْ أَجَدَّ الحَضِرُ يضرب للمتأني وقد جدَّ الأمر واحتاج إلى العَجَلَة. 3698- لاَ تَشِم الغَيْثَ فَقَدْ أَوْدَى النَّقَدُ أودى: هلك، والنَّقَدُ: صغار الغنم. يضرب لمن حَزِنَ على ما فات. 3699- لاَ حَجْرَةً أَمْشِى ولاَ حَوْطَ القَصَا الحَجْرَة: الناحية، والقَصَا: البعد، يُقَال: قَصَا فُلاَنٌ عن جِوَارنا يَقْصِى قَصَاً، أي بعُد، قَالَ بشر: فَحَاطُونا القَصَا وَلَقَدْ رَأوْنَا * قَرِيباً حَيْثُ يُسْتَمَعُ السِّرَارُ والتقدير: لاَ أمشى حَجْرة أي في حَجْرة ولاَ أحُوطَك حَوْطَ القَصَا، أي لاَ أتباعد عنك. يضرب لمن يتهددك فتقول له: هاأنا ذا لاَ أتباعد ولاَ أتنحَّى عنك فَهَلُم إلى مبارزتى ومقارعتى. 3700- لاَ غَزْوَ إلاَ التَّعْقِيبُ يُقَال: عَقَبَ الرجلُ، وهو أن يغزو مرة ثم يثنى من سَنَتِهِ، قَالَ طُفَيل يصف الخيل: طِوَالُ الهَوَادِى وَالمُتُونُ صَليبة * مَغَاويرُ فِيهَا للأريبِ مُعَقَّبُ وأول من قَالَ ذلك حُجْر بن الحارث بن عمرو آكل المُرَار، وذلك أن الحارث بن مَنْدَلَةَ ملك الشام - وكان من ملوك سَلِحٍ، من ملوك الضَّجاعم، وهو الذي ذكره مالك بن جُوَيْنٍ الطائي في شعره فَقَالَ: هُنَالِكَ لاَ أُعْطِى رَئِيساً مَقَادَةً * وَلاَ مَلِكاً حتَّى يَؤُبَ ابنُ مَنْدَلَه وكانَ قدْ أَغارَ على أرض نجد، وهى أرض حجر بن الحارث هذا، وذلك على عهد بَهْرَام جور، وكان بها أهل جُحْر، فوجد القومَ خُلُوفا، ووجد حُجْراً قد غَزَا أهلَ نَجْرَان، فاستاق ابنُ مَنْدَلة مالَ حُجْرٍ، وأخذ امرأته هندَ الهنود، ووقع بها فأعجبها، وكان آكلُ المُرَار شيخاً كبيراً، وابنُ مندلة شابا جميلاَ، فَقَالَت له: النَّجَاءَ النجاء فإن وَرَاءك طالبا حثيثاً، وجمعاً كثيراً، ورأياً صليباً، وحزماً وكيداً، فخرج ابنُ مندلة [ص 246] مُغِذاً إلى الشام، وجعل يقسم المِرْبَاعَ نهاره أجمع، فإذا كانَ الليل أسْرِجَتْ له السُّرُجُ يقسم عليها، فلما رجع حُجْر وجَدَ ماله قد اسْتِيقَ، ووجد هنداً قد أخِذَتْ، فَقَالَ: مَنْ أغار عليكم؟ قَالَوا: ابن مَنْدلة، قَالَ: مذكم؟ فَقَالَوا: مذ ثماني ليال، فَقَالَ حُجْر: ثمان في ثمان، لاَ غَزْوَ إلاَ التعقيب، فأرسلها مثلاً، يعنى غزوةَ الأَوَّل والثاني. قُلتُ: قوله "ثمانٍ في ثمانٍ" يعنى ثمان لِيالي أدخلت في ثمانٍ أخرى؛ إذ كانت غزوة نَجْرَان كذا، فقرنت بمثلها من هذا الغزو الآخر، أو أراد ثمانٍ ليال في أثرِ ثمان ليال، يعنى أنه سبقه بثمانِ ليالٍ حين أغار على قومه وسيلحقه في ثمانِ ليال. ثم أقبل مُجِداً في طلب ابن مَنْدَلة حتى دفع إلى وادٍ دون منزل ابن مندلة، فكَمَنَ فيهِ، وبعث سَدُوسَ بن شيبان بن ذُهل بن ثَعْلبة، وكان من مَنَاكير العرب، فَقَالَ له حُجر: اذهَبْ متنكراً إلى القوم حتى تعلم لنا عِلْمَهم، فانطلق سدوس حتى انتهى إلى ابن مَنْدلَة وقد نزل في سَفْح الجبل، وأقد ناراً وأقبل يَقْسم المِرْبَاع، ونثر تمراً، وقَالَ: مَنْ جاء بِحُزْمَة حطبٍ، فذهب سدوسُ فأتى بحُزمة حطب وألقاها على النارِ، وأخذَ قَبْضَةً من تمر فألقاها في كِنانته، وجلس مع القوم يستمع إلى ما يقولون، وهند خَلْفَ ابن مندلة تحدثه، فَقَالَ ابن مندلة: يا هند ما ظنك الآن بحُجر؟ قَالَت: أراه ضارباً بجوشنه على واسطة رحله وهو يقول: سِيرُوا سِيرُوا لاَ غَزْوَ إلاَ التعقيب، وذلك مثل ما قَالَ زوجها سواء، ثم قَالَت هند لاَبن مندلة: والله ما نام حُجْر قطٌ إلاَ وعُضْو منه حي، قَالَ ابن مندلة: وما علمك بذلك؟ وانتهَرها قَالَت: بلى كنت له فارِكاً فبينما هو ذات يوم في منزل له قد أخرج إليه رابعاً، فضربت له قبة من قبابه، ثم أمر بُجُزرٍ فنُحِرَتْ وبشاءٍ فذبحت، فصنع ذلك، ثم أرسل للناس فدعاهم فأطعمهم، فلما طعموا وخرجوا نام كما هو مكانه، وأنا جالسةٌ عندَ بابِ القُبةَ فأَقبلت حَيَّة وهو نائم باسطٌ رِجلَهُ، فذهبت الحية لتنهشهُ، فقبض رجله، ثم تحولت من قبل يده لتنهشه، فقبض يده إليه، ثم تحولت من قبل رأسه، فلَما دنت منهُ وهو يغطُّ قعدَ جالساً، فنظر إلى الحية، فَقَالَ: ما هذه يا هند؟ فقلت: ما فَطِنْتُ لها حتى جلستُ، قَالَ: لاَ والله، وذلك كله بمَسْمَع سدوس، فلما سمع الحديث رجع إلى حُجْر فنثر التمر من الكِنَانة بين يديه، وقَالَ: أَتَاكَ المُرْجِفُونَ بأمْرِ غَيْبٍ * عَلَى دَهْشٍ وَجِئْتُكَ بِاليَقِينِ[ص 247] فلما حَدَّثه بحديثِ امرأته مع ابن مَنْدلة عرف أنه قد صَدَقَهُ، فضرب بيده على المُرَار - وهى شجرة مرة إذا أكلت منها الإبل قَلَصَتْ مَشَافِرُها - فأكل منها من الغَضَب فلم يضره فسمته العرب "آكلَ المُرَار" ثم خرج حتى أغار على ابن مَنْدلة، فنذر به ابن مَنْدَلة فوثب على فرسه، ووقف، فَقَالَ له آكل المُرَار: هل لك في المبارزة؟ فآيُّنَا قَتَلَ صاحبه انقاد له جندب المقتول، قَالَ له ابن مندلة: أنْصَفْتَ، وذلك بعين هند، فاختلفا بينهما بطعنتين، فطعنه آكل المُرَار طعنةَ جَنْدَله بها عن فرسه، فوثبت هند إلى ابن مندلة تفديه، وانتزعت الرمح منْ نِحره وخرجت نفسهِ، فظفر أكل المرار بجنده، واستنقَذَ جميعَ ما كَان ذهبَ به منْ ماله ومال أهل بلاَده، وأخذ هنداً فقتلها مكانه، وأنشأ يقول: لِمَنِ النارُ أوقِدَتْ بحَفِيرِ * لَمْ يَنَمْ غَيْرُ مُصْطَلٍ مَقْرُورِ إنَّ مَنْ يأمَنُ النِّسَاء بشيء * بَعْدَ هِنْدٍ لِجَاهِل مَغْرورُ كلُّ أُنْثَى وَ إنْ تَبَيَّنْتَ مِنْهَا * آيةَ الحبِّ حُبُّهَا خَيْتَعُورُ 3701- لاَ يَيْأسَنَّ نائِمٌ أَنْ يَغَنَمَا قَالَ المفضل: بَلَغَنَا أن رَجُلاً كان يسير بإبل له حتى إذا كان بأرضٍ فَلٍّ (الفل - بفتح الفاء وقد تكسر - الأَرض الجدبة، أو التي تمطر ولاَ تنبت، أو التي أخطأها المطر) إذا هو برحل نائم، فأتاه يستجيره، فَقَالَ: آني جائرك من الناس كلهم إلاَ من عامر بن جُوَيْن، فَقَالَ الرجل: نَعَمْ، ومَا عسى أن يكون عامر بن جُوَين وهو رجلٌ واحد؟ وكان هو عامر بن جُوَين، فسار به حتى توسَّط قومه، فأخذ إبله وقَالَ: أنا عامرٌ بن جُوَين وقد أجَرْتُك من الناس كلهم إلاَ مني، فَقَالَ الرجل عند ذلك: لاَ ييأسَنَّ نائم أن يغنما، فذهب مثلاً. 3702- لاَ تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَهَا قَالَوا: إن أول من قَالَ ذلك خالدٌ بن أخت أبى ذُؤَيب الهُذَلي، وذلكَ أن أبا ذُؤَيب كان قد نزل في بنى عامر بن صَعْصَعة على رجل يُقَالُ له عبد عمرو بن عامر، فعشقته امرأة عبد عمرو وعَشقها، فَخَبَّبَهَا على زوجها وحَمَلها وهرب بها إلى قومه ،فلما قدم منزلهُ تخوَّفَ أهْلَه فأسَرَّهَا منهم في موضع لاَ يُعلم، وكان يختلف إليها إذا أمكنه، وكان الرسولُ بينها وبينه ابنَ أختٍ له يُقَال له[ص 248] خالد، وكان غلاماً حَدَثاً له منظر وصَباحة فمكثَ بذلك بُرْهَة من دهر، وشَبَّ خالد وأدرك، فعشقته المرأة ودَعَتْه إلى نفسها، فأجابها وَهَوِيها، ثم إنه حَمَلَها من مكانها ذلك فأتى بها مكاناً غيره، وجعل يختلف إليها فيه، ومنع أبا ذؤيب عنها، فأنشأ أبو ذؤيب يقول: [ وَ ] ما حُمِّلَ البختى عامٍ غياره * عليه الوسوق بُرُّهَا وشَعيرها بأعظمِ مما كنت حَمَّلْتُ خالداً * وبعض أماناتُ الرجالِ غرورها فلما تراماه الشبابُ وغيُّه * وفي النفس منه فتنة وفجورها لَوَى رأسه عنا ومال بوُدِّه أغانيجُ خَوْدٍ كان قِدْماً يزورها فلما بلغ ذلك ابنَ أخته خالداً أنشأ يقول: فَهَلْ أنتَ إمَّا أُّمُّ عمروٍ وتبدَّلّتْ * سَوَاكَ خَليلاَ دائبا تَسْتَجِيْرُها فَرَرْتَ بها من عند عَمْرو بن عامر * وهى همها في نفسه وسجيرها فَلاَ تَجْزَ عَنْ مِنْ سُنّةٍ أنْتَ سِرْتَهَا * فأولُ راضٍ سُنّةً مَنْ يَسِيرُها وَلاَ تَكُ كَالثَّوْرِ الذي دفنت له * حديدة حقف دَائباً يَسْتَثِيرُهَا 3703- لاَ يَعْلَمُ ما فِي الخُفِّ إلاَ اللهُ والإسكافُ أصلُه أن إسكافاً رَمى كلباً بخف فيه قَالَب، فأوجعه جداً، فجعل الكلبُ يصيح ويجزع، فَقَالَ له أصحابه من الكلاَب: أكُلُّ هذا من خف؟ فَقَالَ: لاَ يعلم ما في الخف إلاَ اللهُ والإسكاف. يضرب في الأمر يَخْفَى على الناظر فيه علمه وحقيقته. 3704- لاَ تَصْحَبْ مَنْ لاَ يَرَى لَكَ مِنَ الحَقِّ مِثْلَ مَا تَرَى لَه أي لاَ تصاحب مَنْ لاَ يُشَاكلك ولاَ يعتقد حَقَّكَ، يُقَال: فلاَن يَرَى رأي أبي حنيفة، أي يعتقد اعتقاده، وليس من رؤية البصر. 3705- لاَ يَكْسِبُ اَلْحَمْدَ فَتَىً شَحِيحُ يُضربْ في ذَمِّ البُخل 3706- لاَ أَعْرِفَنَّكَ بَعْدَ المُوتِ تَنْدُبنِي وَفِي حَيَاتِي ما زودتني زادي يضرب لمنْ يُضَيع أخاه في حياتهِ ثُمَ بَكاه بعد موته، قَالَه أبو عبيد.[ص 249] *3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif ما جاء على أفعل من هذا الباب 3707- ألْهَفُ مِنْ قَضِيبٍ هَذا رجُلٌ منَ العربِ كانَ تَمَّاراً باليحرينِ وكانَ يأتي تاجراً فيَشتري مِنهُ التمرَ، ولم يكنْ يُعاملُ غَيرهُ، وإن ذلكَ التاجرُ اجتمعَ عِندهُ حَشَف كثيرٌ مِن التمرِ الذي كانَ يبَيعَهُ، فَدَخَل يَوماً ومَعهُ كيسٌ له فيه دَنانير كثيرةٌ، فَطرحهُ بَين ذلكَ الحشَفِ، وأُنْسِيَ رَفْعَة منْ هُناكَ، وأتاه الأَعرَبي كما كانَ يأتيه يشتري مِنهُ التَمرَ، فَقَالَ في نفسه: هذا أعرابي وليسَ يدري ما أعطيه، فلاَ صيرن هذا الحشفَ فيما يبتاعه، فلما ابتاعَ مِنهُ التمر عَدَّ عليه قَوْصَرَّةَ الحشَفِ التي فيها الدَنانير، ومضى قضيب بما اشترى منَ التمرِ، فباع جميعَ ما معه من التمر غير الحشف، فإنه لم يقدر على بيعهِ ولمْ يأخذه منهُ أحدٌ، وتذكر التمار كيسَه، وعلم أنه باع القَوصَرَّةَ غلطاً، فأخذ سكيناً وتبع الأَعرَبي فلحقهُ وقَالَ: إنكَ صديقٌ لي وقد أعطيتكَ تمراً غير جيد فَرُدَّه علي لأعوضك الجيد، فأخرجَ الجِلدة إليه، فنَثَرها وأخرجَ منها دنانيرهُ، وقَالَ للأعرابي: أتدري لم حملتُ هذا السكين معي؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: لأشق بها بَطني إن لمْ أجد الدنانير، فَتَنَفَّسَ الأَعرَبي وقَالَ: أرني السكين، ناولنيه، فناوله إياه، فشقَّ به بطن نفسه تلهفاً، فضربت به العربُ المثل فَقَالَوا: ألهف من قضيب، وهو أفعل من لَهِفُ يَلْهَفُ لهفاً، وليس من التلهف؛ لاَن أفعل لاَ ينبني من المنشعبةَ إلاَ شاذاً. وفي هذا الرجل يقول عروة بن حُزام: ألاَ لاَ تَلُومَا لَيْسَ في اللوم رَاحةٌ * فَقَدْ لُمْتُ نَفْسي مِثْلَ لَوْمِ قَضِيب 3708- ألأم مِنْ أسْلَم هو أسلم بن زُرْعة، ومن لؤمه أنه جَبَى أهلَ خراسان حين وليها ما لم يَجْبِهِ أحد قبله، ثم بلغه أن الفُرْسَ كانت تَضَعُ في فم كل مَنْ مات درهما، فأخذ ينبش تربة النواويس ليستخرج ذلك الدرهم، فَقَالَ فيه صهبان الجرمى: تَعَوَّذْ بنَجْمٍ وَاجْعَلِ القَبْرَ في صَفاً * مِنَ الطَّوْدِ لاَ يَنْبِشْ عِظَامَكَ أسْلَمُ هُوَ النابش الموتى المجيلُ عِظَامَهُمْ * ليَنْظُرَ هَلْ تَحْتَ السَّقَائِفِ دِرْهَمُ 3709- ألْزَقُ مِنْ بُرَامٍ، وألْزَقُ مِنَ عَلٍّ. وهما القُرَاد، قَالَ الشاعر:[ص 250] فًصَادَفْنَ ذَا فَتْرةٍ لاَ صِقاً * لُصُوقَ البُرَامِ يَظُنُّ الظُّنُونَا والقَراد يعرض لاَسْتِ الجَمَل فيلزق بها كما يلزق النملُ بالخصاء، وكذلك يُقَال في مثل آخر "[هُوَ] مني مكان القراد من است الجمل" 3710- ألْزَقُ مِنَ الكَشُوثِ هو نَبْت يتعلق بالشجر من غير أن يضرب بعرقٍ في الأَرض، قَالَ الشاعر: هُوَ الكَشُوثُ فَلاَ أصْلٌ ولاَ وَرَقٌ * ولاَ نَسِيمٌ ولاَ ظِلٌّ وَلاَ ثَمَرُ(البيت في اللسان (ك ش ث) على ما أثرناه، ووقع في أصول هذا الكتاب غير مستقيم الوزن.) 3711- أَلْزَقُ من ريشٍ على غِرَاءِ، ومَنْ قَارٍ، ومَنْ دِبْقٍ، ومِنْ حُمىًّ الرَّبْعِ 3712- أَلْزَقُ مِنْ جُعَلٍ، وألْزَق مِنْ قَرَنْبي والقَرَنْبَي: دويبة فوق الخنفاء، وهو والجُعَل يَتبعان الرجلَ إذا أراد الغائط ولذلك يُقَال: في المثل: سَدِكَ به جُعَلُه، قَالَ الشاعر: إذَا أتَيْتُ سُلَيْمَى شَدَّ لِي جُعَلٌ * إنَّ الشَّقِيَّ الَّذِي يُغْرَى بِهِ الجُعَلُ روى أبو الندى: شُبَّ لي، أي أتِيحَ وعني بالجعل الواشي، ويروى شَبَّ - بفتح الشين - أي ارتفع وظهر. يُضرب هذا المثل للرجل إذا لزق به مَنْ يَكرهَهُ فلاَ يزال يهرب منه. وأصل هذا المثل إنما هو مُلاَزمة الجعل لمن بات بالصحراء، وكلما قامَ لغائط تبعه الجعل. وفي القرنبي يقول الشاعر: ولاَ أطْرُقُ الجَارَاتِ بالَّليلِ قَابِعاً * قُبُوعَ القَرْنْبيَ أَخْلَفَتْهُ مَحَاجِرُهْ 3713- أَلْزَمُ مِنْ شَعَرَاتِ القَصِّ لأنها لاَ يمكن أن تُزَال، وذلك أنها كلما حُلِقَتْ نبتت، والمعنى أنه لاَ يفارقك. 3714- أَلْزَمُ للمرء مِنْ ظِلِهِ لأنه لاَ يزال ملاَزمَ صاحبه، ولذلك يُقَال: لَزَمَنِي فلاَن لزومَ ظلي، ولزومَ ذنْبِي، والعامة تقول: ألزم الذنَب بفتح النون. 3715- أَلْزَمُ مِنْ اليَمينِ لِلْشِمالِ، ومَنْ نَبْزِ الَّلقَبِ، وَأَلْزَمُ لِلْمَرْءِ مِنْ إحْدَى طَبَائِعِهِ 3716- أَلْحُّ مِنَ الحُمىَّ، وَمَنَ الخُنْفسَاءِ، ومَنَ الذُّبَابِ، ومَنِ كَلْبٍ لأن الكلب يُلُحُّ بالهرير على الناس. [ص 251] 3717- أَلِينُ مِنَ الزُّبْدِ، ومَنْ خِرْنِقٍ الخِرْنقُ: ولد الأرنب. 3718- أَلِينُ مِن خَمِيرَةٍ مُمَرَّنَةٍ تروى هذه اللفظة بالحاء والخاء، فأما الحاء فمن الحمر، يُقَال حَمَرْتُ السير أحْمُرُهُ - بالضم - إذا سَحَوْتَ قِشره، ويُقَال لذلك السير: الحَمِير والحَمِيرَة، وهو سير أبيض مقشور الظاهر، يؤكد به السروج، ويَسْهُل به الخَرزُ لِلْينِه، ويُقَال له "الأشْكُزُّ" أيضا، والتمرين: التلين، وأما الخاء فمن الخَمِير، والخُمْرَة: ما يجعل في العجين من الخَمِيرة. قُلتُ: وهذا الحرف كان مهملاَ في كتابِ حمزة رحمه الله، وكان يحتاج إلى تفسير وشرح ففعلتُ حينئذٍ، 3719- أَلأم مِنَ ابْنِ قَرْصَعٍ وروى البيارى "قَوْصَع" وكذلك في النسخة الأخيرة من هذا الكِتاب، وفي تكملة الخارزنجي "قرصع: رجل من أهل اليمن، كان متعالما باللؤم" 3720- أَلأم مِنْ جَدْرَةَ، وأَلأم مِنْ ضَبَارةَ زعم ابن بحر في كتابه الموسم بكتاب "أطْعِمَة العرب" أن هذين الرجلين - يعنى جَذْرَةَ وضَبَارةَ - أَلأم مَنْ ضَرَبت العربُ به المثل، قَالَ: وسأل بعضُ ملوكِ العرب عن أّلأم مَنْ في العرب ليمثِّلَ به، فدلَّ على جَدْرة - وهو رجل من بني الحارث بن عدي بن جُندب بن العَنْبر، ومنزلُهم بماوية - وعلى ضَبَارة، فجاؤه بجدرة فجدع أنفه وفر ضبارة لما رأى أن نظيره لقيَ ما لقيَ فَقَالَوا في المثل: نَجَا ضَبَارة لما جُدِعَ جَذْرَة. 3721- أَلأم مِنْ رَاضِعِ اللَّبَنِ هو رجل من العرب كان يَرْضَع اللبنَ من حَلَمة شَاتِهِ، ولاَ يحِلُبها، مخافَةَ أن يُسْمَع وَقْعُ الحَلَبِ في الإناء فيُطْلَبَ منه، فمن ههنا قَالَوا: لئيم راضع، قَالَ رجل يصف ابنَ عم له بالبعد من الإنسانية والمبالغة في التوحُّش والإفراط في البخل: أحبُّ شيء إليه أنْ يَكُونَ له * حُلْقُومُ وَادٍ له في جَوْفِهِ غَارُ لاَ تَعْرِفُ الريحُ مُمِسَاهُ وَمُصْبَحَهُ * وَلاَ تُشَبُّ إذا أَمْسَى لَهُ نَارُ لاَ يَحْلُبُ الضَّرْعَ لؤماً فِي الإناءِ وَلاَ * يُرَى له فِي نَوَاحِي الصَّحْنِ آثَارُ |
3722- ألأم مِنْ رَاضِعٍ قَالَ المفضل بن سلمة في كتابه الموسوم[ص 252] بالفاخر: إن الطائي قَالَ: الراضع الذي يأخذ الخُلاَلَةَ من الخِلاَل فيأكُلُها من اللؤم لئلاَ يفوته شيء، وقَالَ أبو عمرو: الراضع الذي يَرْضَع الشاة والناقة قبل أن يحِلُبهما من الجَشَع والشَّرَه واللؤم، قَالَ الفراء: الراضع هو الذي يكون رَاعياً ولاَ يُمْسِكُ معه مِحْلَباً فإذا جاء مُعْتَر فسأله القِرَى اعتلَّ بأن ليس معه مِحْلَب، وإذا رام هو الشرب رَضَعَ من الناقة والشاة، وقَالَ أبو علي اليمامي: الراضع الذي رضَعَ اللؤمَ من ثَدْي أمه، يريد أبو علي أنه الذي يُولَد في اللؤم. 3723- أَلأم مِنْ البَرَمِ هو الذي لاَ يَدْخُل مع الأيسار في المَيْسِر وهو مُوسِر، ولاَ يُسَمَّى بَرَماً إذا كان الذي يمنعه غير البخل، وهذا الاَسم قد سقط استعماله لزوال سببهِ، قَالَ مُتَمِّمُ بن نُوَيْرَة في أخيه مالك: لقد كَفَّنَ المُنْهَالُ تَحْتَ رِدائِهِ * فَتىً غَيْرَ مِبْطَانِ العَشِيَّاتِ أرْوَعَا وَلاَ بَرَماً تُهْدِى النِّساءُ لِعِرْسِهِ * إذا القِشْعُ مِنْ بَرْدِ الشِّتَاءِ تَقَعْقَعَا 3724- أَلأم مِنْ البَرَمِ القُرُونِ كان هو رَجُلاً من الأبرام فَدفَع إلى امرأته قِدْراً لتستطعم من بيوت الأيسار؛ لاَن بذلك كانت تجري عادةُ البَرَم، فرجعت بِالقِدْر فيها لحم وسَنَام، فوضعتها بين يديه وجمعت عليها الأَوَّلاَد، فأقبل هو يأكل من بينهم قطعتين قطعتين، فَقَالَت المرأة: أبَرَماً قَرُوناً؟ فصار قولها مثلاً في كل بخيل يجر المنفعة إلى نفسه. 3725- أَلأم مِنْ سَقْبٍ رَيَّانَ لأنه إذا دَنَا من أمه لم يدرَّهَا، ولذلك قيل في مثل آخر: شَرُّ مرغوب إليه فصيلٌ رَيَّان، ومعناه أن الناقة لاَ تكاد تدرُّ إلاَ على ولدٍ أو وبَوًّ، فربمَّا أرادوا أن يحتلبوا واحدة منهن فأرسلوا تحتها فصيلها أو فصيلاَ آخرَ لغيرها ليَمْرِيَهَا بلسانه، فإذا دَرَّتْ عليه نَحَّوْه عنها وحلبوها، وإذا كان الفصيلُ رَيَّان غيرَ جائع لَمْ يَمْرِها، وهذا الفعل يسمى القلبين. 3726- أَلْذُّ مِنَ الغَنِيمَة البَارِدَةِ تَقول العرب: هذه غنيمة باردة، إذا لم يكن فيها حَرْبٌ، مثل قول الشاعر: قليلَةُ لَحْمِ النَّاظِرَيْنِ يَزِينُهَا * شَبَابٌ وَمَخْفُوضٌ مِنَ العَيْشِ بَارِدُ أي لاَ مكروه فيه، ويُقَال: بل معنى قولهم "غنيمة باردة" أي حاصلة من قولهم:[ص 253] بَرَدَ حقي على فلاَن، وجَمَدَ، أي ثَبَتَ، ومن ذلك قولُ أبى يزيد يرثي رَجُلاً: خَارِجَاً نَاجِذَهُ قَدْ بَرَدَ المَوْ * تُ (الموت) عَلَى مُصْطَلاَهُ أي بُرودِ وللجاحظ في ذلكَ قول ثالث، زعم أن أهل تهامة والحجاز لما عَدِمُوا البردَ في مشاربهم وملاَبسهم إلاَ إذا هبت الشَّمَال سَمَّوْا الماء النعمة الباردة، ثم كثر ذلكَ منهم حتى سَمُّوا ما غنموه "الباردة" تلذذا منهم كتلذذهم بالماء البارد. 3727- أَلْذُّ مِنَ المُنَى هذا من قول الشاعر: مُنىً إنْ تَكُنْ حَقاً تَكُنْ أَطْيَبَ المُنَى * وإلاَ فَقَدْ عِشْنَا بها زَمَناً رَغْدَا وقَالَ آخر: إذا ازْدَحَمَتْ هُمُومِي فِي فُؤَادِي* طَلَبْتُ لها المَخَارِجَ بِالتَّمَنِّي وقيل لبنت الخس: أي شيء أطولُ إمتاعاً؟ قَالَت: التمني. وقَالَ بشار الشاعر: الإنسان لاَ ينفكُّ من أمل فإن فاته الأملُ عَوَّل على المُنَى، إلاَ أن الأمل يَقَعُ بسبب وباب المنى مفتوح لمن تكلفَ الدخولَ فيه. وقَالَ ابن المقفع: كثرة المنى تخلق العقل، وتطرد القناعة، وتُفسد الحسن. وقَالَ إبراهيم النَّظَّام: كنا نَلْهُو بالأماني، ونطيب أنفسنا بالمواعيد، فذهب بعد فقطعنا أنفسنا عن فضول المنى. وقَالَ الشاعر: إذَا تَمَنَّيْتُ بِتُّ اللّيْلَ مُغْتَبْطَاً * إنَّ المُنَى رَأْسُ أَمْوَالِ المَفَالِيسِ وقَالَ آخر: إن المُنَى طَرَفٌ من الوَسْوَاسِ* قلت: وقَالَ علي بن الحسن الباخَرْزِي في ذم التمني: تَرَكْتُ الاَتِّكَالَ عَلَى التَّمَنِّي* وَبِتُّ أُضَاجِعُ اليَأْسَ المُرِيحَا وَذَلِكَ أنَّنِي مِنْ قَبْلِ هذَا * أَكَلْتُ تَمَنِّياً فَخَرِيتُ رِيحَاً 3728- أَلْذُّ مِنَ إغْفَاءَةِ الفَجْر هذا من قول الشاعر، وهو مجنون بني عامر: فَلَوْ كُنْت مَاءً كُنْت مَاءَ غَمَامَةٍ * وَلَوْ كُنْت نَوْمَاً كُنْت إغْفَاءَة الفَجْرَ وَلَوْ كُنْت لَهْوَاً كُنْت تَعْلِيلَ سَاعَةٍ * ولَو كُنْت دَرَّا كُنْت مِنْ درَّة بِكْرِ ويروى: ولو كُنْت دَرًّا كُنْت مِنْ بَكْرَةٍ بِكْرِ* 3729- أََلْذُّ مِنْ شِفَاءَ غَلِيلِ الصَّدر هذا من قول الشاعر، أنشده ابنُ الأَعرَبي:[ص 254] لَوْ كُنْت لَيْلاَ مِنْ لَيالِي الدَّهْر * كُنْت منَ البِيضِ وَفَاءَ البَدْرِ قَمْرَاءَ لاَ يَشْقَى بِهَا مَنْ يَسْرِى * أوْ كُنْت ماءً كُنْت غَيْرَ كَدْرِ مَاءَ سَحَابٍ فِي صَفَا ذي صَخْرٍ * أظَلَّهُ اللهُ بغَيْضِ سِدْرِ فَهْوَ شِفَاءٌ لِغَلِيلِ الصَّدْرِ* قَالَ حمزة: وأما قولهم: 3730- أَلْذُّ مِنْ زُبْدٍ بِزُبٍّ، وأَلْذُّ مِنْ زُبْدٍ بِنِرْسِيَانٍ فالمثل [الأَوَّل] بَصْريّ، والثاني كوفيّ، وأما النِّرْسِيَانُ فَتَمْر من تمور الكوفة، وأما الزب فتمر من تمور البَصرة، ويسمى هَذا التمر أيضاً زب رباح، وذكَرَ ذَلكَ ابن دريد، وَحَكى أن أبا الشَّمَقْمَق دخَلَ على الهادي وعنده سعيدُ بن سَلْم فأنشد: شَفِيعي إلى مُوسَى سَمَاحُ يَمِينِهِ * وَحَسْبُ امْرِئٍ مِنْ شَافِعٍ بِسَمَاحِ وَشَعْرِىَ شِعْرٌ يَشْتَهِي الناس أَكْلَهُ * كَمَا يُشْتَهَى زُبْدٌ بزبَّ ربَاحِ وعلى رأس الهادي خادمٌ اسمه رَبَاح؟ فَقَالَ لهُ الهادي: ما عَنيتُ بزب رباح؟ قالَ تمر عندنا بالبصرة، إذا أكَلَه الإنسان وجد طعمه في كعبه، قَالَ: ومَنْ يشهد لك بذلك؟ قَالَ: القاعد عن يمينك، قَالَ: أهكذا هو يا سعيد؟ قَالَ: نعم، فأمر له بألفَي درهم. 3713- أَلْوَطُ مِنْ دُبٍّ قَالَوا: هو رجل من العرب كان متعالماً بذلك. وأما قولهم: 3732- أَلْوَطُ مِنْ نُغَرٍ فإنما قَالَوا ذلك لأنه لاَ يُفارِقُ دُبُرَ الدابة وقولهم: 3733- أَلْوَطُ مِنْ رَاهِبٍ هذا من قول الشاعر: وألْوَطُ مِنْ رَاهِبٍ يَدَّعِي * بأنَّ النِّسَاء عَلَيْهِ حَرَامُ 3734- أَلْهَفُ مِنْ أبي غَبْشانَ تقدم في باب الحاء عند قولهم "أحمق من أبي غَبْشَان" 3735- أَلْهَفُ مِنْ مُغْرِقِ الدّرِّ كان هذا رَجُلاً من تميم رَأى في النوم أنه ظّفِرَ من البحر بِعِدْلٍ من الدّرِّ فأغرقَهُ، فاستيقظ من نومه، ومات تلهفا عليه. 3736- أَلْهَفُ مِنَ ابْنِ السَّوءِ لأنه لاَ يُطيع أبويه في حياته، فإذا ماتا تلهَّفَ عليهما.[ص 255] 3737- أَلْهَفُ مَنَ قَالَبِ الصَّخْرَةِ قد مرَّتْ قصته في باب الطاء عند قولهم "أطمع من قَالَب الصخرة" 3738- أَلْحَنُ مِنْ قَيْنَتَيْ يَزِيدَ يعنون به لحن الغناء، والمثلُ من أمثال أهل الشأم، ويزيد هذا هو يزيد بن عبد الملك بن مروان، وقَيْنَتاه حَبَابة وسلامة وكانتا ألحنَ من رؤى في الإسلام من قِيَان النساء، واسْتُهْتِرَ يزيد وهو خليفة بحبابة حتى أهْمَلَ أمرَ الأمة وتخلى بها، ومن استهتاره بها أن غنته يوماً: لَعَمْرُكَ إنَّني لأحِبُّ سَلْعاً * لِرُؤْيَتِهاَ وَمَنْ أضْحَى بِسَلْعِ تَقَرُّ بِقُرْبِهاَ عَيْني، وَإنِّي * لأخشى أنْ تَكُونَ تَرِيْدُ فَجْعِي حَلَفْتُ بِرَبِّ مَكَّةَ وَالمُصَلَّى * وَأيْدِي السَّابحاَتِ غَدَاةَ جَمْعِ لاَنْتِ عَلَى التَّنَائي فَاعْلَمِيه * أحّبُّ إلىَّ مِنْ بَصَرِي وَسَمْعِي ثم تنفَّست، فَقَالَ يزيد: إن شئتِ أن أنقُلَ إليك سَلْعاً حَجَراً حجرا أمرتُ، فَقَالَت: وما أصنع بسَلْع؟ ليس إياه أرَدْتُ، ثم غَنتهُ: بَيْنَ التَّرَاقي وَاللهاةِ حَرَارَةٌ * مَا تَطْمَئِنُّ وَلاَ تَسُوغُ فَتَبْرُدَا فأهوى يزيد ليطير، فَقَالَت: كما أنت، على مّنْ تخِّلفُ الأمة؟ فَقَالَ: عليك. قَالَ حمزة: وأما لحن الغناء فيجمع على لُحُون وألْحَان، فيُقَال: لَحَنَ في قراءته؛ إذا طَرَّبَ فيها وغَرَّد، وقَالَ: سمعت أبا بكر ابن دريد يقول: أصل الَّلحْن في الكلام الفِطْنَة، وفي الحديث "ولعلَّ أحَدَكم أن يكون ألْحَنَ بُحجَّته" أي أفْطَنَ لها وأغوَصّ عليها، وذلك أن معنى اللحن في الكلام أن تُرِيدَ الشيء فتورِّىَ عنه بقولٍ آخر، وقيل لمعاوية: إن عبيد الله بن زياد يلحَنُ، فَقَالَ: أو ليس بظريفٍ لاَبن أخي أن يتكلم بالفارسية إذ كان التكلم بها معدولاَ عن جهة العربية، وقَالَ الفَزَاري: وَحَدِيثٍ ألذُّهُ هُوَ ممَّا * يَنْعَتُ النَّاعِتُونَ يُوزَنُ وَزْناَ مَنْطِقٌ رَائِعٌ وتَلْحَنُ أحْيَا * ناً وَخَيْرُ الحَدِيثِ مَا كَانَ لَحْنَاً يريد أنها تتكلم بالشيء وهي تريد غيره، وتعرض في حديثها فتزيله عن جهته من ذكائها وفطنتها، وكما قَالَ الله عز وجل (ولتعرفَنَّهُمْ في لحن القول) وكما قَالَ القَتَّال الكلاَبي: وَلَقَدْ وَحَيَتُ لَكُمْ لِكيْمَا تَفْهَمُوا * وَلَحَنْتُ لَحْنَاً لَيْسَ بِالمُرْتَابِ[ص 256] واللحن في العربية راجع إلى هذا؛ لأنه العُدُول عن الصواب؛ لأنك إذا قلت: "ضربت عبدُ الله يزيدُ" لم يدر أيهما الضارب وأيهما المضروب، فكأنك قد عَدَلْتَ عن جهته، فإذا أعْرَبْتَ عن معناك فُهِم عنك، فسمى اللحن في الكلام لحناً؛ لأنه يخرج على نحوين، وتحته معنيان، ويسمى الأعراب نحواً لاَن صاحبه يَنْحُوا الصوابَ أي يقصده. قَالَ أبو بكر: وقد غلط بعضُ الكبار من العلماء في تفسير بيت الفَزَارى، وهو عمرو ابن بحر الجاحظ، وأودعه كتاب البيان، فَقَالَ: معنى قوله "وخير الحديث ما كان لحناً" هو أنه تعَجَّب من الجارية أن تكون غيرَ فصيحة، وأن يعتري كلامهَا لحن، فهذه عثرةٌ منه لاَ تُقَال وقدْ استَدرَكْتَ عليه عثرةً أخرى وهو أنه قَالَ: حدثني محمد بن سلام الجمحي قَالَ: سمعت يونس النحوي يقول: ما جاءنا من روائع الكلام ما جاءنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الحكاية تجمع إلى التصحيف الذي فيها قلَّةَ الفائدة، فأما قلة الفائدة فلاَن أحداً ممن أسلم أو عَانَدَ قط لم يَشُكَّ في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أفصَحَ الخلق، وأما التصحيف فلاَن أبا حاتم حدثني عن الأَصمعي عن يونس قَالَ: ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن البُسْتيّ(1) بعد النبي صلى الله عليه وسلم، يعنى عثمان البستيّ(1). (كذا، وأحسب أنه تصحيف عن "البتي" بفتح الباء وتشديد التاء بعدها ياء مشددة للنسب، وهو أبو عمرو، عثمان بن مسلم، البصرى، وتوفى سنة 143- من الهجرة) فأما قولهم: 3739- أَلْحْنُ مِنْ جَرَادَتَيْنِ فالمثل عادى قديم، والجرادتان: كانتا قَينَتين لمعاوية بن بكر العِمْليقي سيد العَمَالقة الذين كانوا نازلين بمكة في قديم الدهر، واسمهما يعاد (كذا، ويُقَال: كان اسم إحداهما وردة، واسم الأخرى جرادة، فغلب اسم الثانية على الأَوَّلى، في التثنية، كما قَالَوا: العمرين في تَثنية أبي بكر وعمر والقمرين في تثنية الشمس والقمر.) ويماد، وبهما ضرب المثل الآخر في سالف الدهر فقيل "صار فلاَن حديثَ الجرادتين" إذا اشتهر أمره. 3740- أَلأم مِنْ كَلْبٍ عَلَى عِرْقِ 3741- أَلأم مِنْ ذِئْبٍ 3742- أَلأم مِنْ صبيٍّ 3743- أَلأم مِنَ اَلْجوْز 3744- أَلأم مِنْ ماء عَادِيةَ، ومِنْ مَذاقِ الخمرِ ومَنْ نَوْمةِ الضُّحَى، ومِنْ قُبْلَةٍ عَلَى عَجَلٍ[ص 257] 3745- أَلْصُّ مِنْ شِظَاظٍ، وَمِنْ سِرْحَانِ 3746- أَلْصُّ مِنْ فَأْرَةٍ 3747- أَلْصُّ مِنْ عَقِعقٍ *3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif المولدون لَمْ يَحْمِلْ خَاتَمِي مِثْلُ خِنْصَرِي لَيْسَ الفَرَسُ بِجُلِّه وبُرْقُعِهِ لَيْسَ في الحبِّ مَشُورَةٌ لَيْسَ قي الشَّهَوَاتِ خُصُومةٌ لَيْسَ بِصِياحِ الغُرَابِ يَجيء المَطَرُ لَيْسَ الجمَالُ بِالثِّيابِ لَيْسَ وَرَاءَ عَبَّادَانَ قَرْبَةٌ لَيْسَ لِلْبَاطِل أَسَاسٌ لَيْسَ عَلَى الإنسان إلاَ مَا ملَكَ لَيْسَ الحَرِيصُ بِزائِدٍ فِي رِزْقِهِ لَيْسَ حَيٌّ عَلَى الزَّمَانِ بِباقٍ لَيْسَ لَلْعَبْدِ مِنْ الأمور الخيرُ لَيْسَ الشَّاميُّ لِلْعِرَاقِيِّ بِرَفِيقٍ لَيْسَ المُشِيرُ كالخَبيرِ للمُسْتَشَارِ حَيْرَةٌ فَليُمْهِلْ حتَّى يَغِبَّ رَأْيُهُ لَيْسَ لِلْحِمَارِ الوَاقِعِ كصَاحِبِهِ لَيْسَ فِي التَّصَنُّعٌ تَمَتُّعٌ وَلاَ مَعَ التَّكَلُّفِ تَظَرُّفٌ لَيْسَ لِقَوْلِهِ سُورٌ يَحْصُرُهُ لَيْسَتْ يَدِي مَخَضُوبَةً بِالحنَّاءِ يضرب في إمكان المكافأة لَيْسَ هَذَا بِنَارِ إبْرَاهِيمَ صلوات الله على نَبيّنا وعليه، أي ليس بهين. لَيْتَهُ بِسَاهِرَةِ العَلْيَاءَ، وَبِالسُّوسِ الأبعدِ، وفِي البَحْرِ الأخْضَر. لَيْتَهُ فِي سَقَرَ، حَيثُ لاَ مَاءَ وَلاَ شَجَرَ لَيْتَ الفُجْلَ يَهْضِمُ نَفْسَهُ لَيْسَ فِي العَصَا سَيْرٌ يضرب لمنْ لاَ يقدر على ما يريد لَيْسَ في البيت سِوَى البَيْتِ لو أَلْقَمتُهُ عَسَلاَ عَضَّ أصْبُعِي لو وَقَعَتْ مِنَ السَّمَاءِ صَفْعَةٌ مَا سَقَطَتْ إلاَ على قفاه لو كانَ في البُومة خَيْرٌ ما تَرَكَهَا الصَّيادُ لَولاَ القِيدُ عَدَا لَيْسَ كلَُ مْن سَوَّدَ وَجْهَهُ قَالَ: أناَ حَدَّاد. [ص 258] لَيْسَ مَعَ السَّيْفِ بُقْيا لو عَيَّرْتَ كَلباً خشيتََ مَحَارهُ لَوْ بَلَغَ رَأسهُ السَّماَءَ ما زادَ لَوْ سَدًّ مَحْساَه لَنَبَسَ مَفْساهُ لأمْرٍ مَّا قِيل دَعِ الكلام لِلْجَوَابِ لَحْظٌ أصْدَقُ مِنْ لَفْظٍ لَزِمَهُ مِنْ الكَوْكَبِ إلى الكَوْكَبِ لَقِيَهُ بذِهْنِ أبيِ أيُّوبَ يَضرب في التمكن مِنْ صَاحبه لِكُلِّ عَملٍ ثَوَبٌ لِكُلِّ كلام جَوابٌ لِسانُ التَّجْرِبِةَ أصْدَقُ لَوْ لاَ الخبْزُ لَمْا عُبِدَ الله لَوْ بَلَغَ الرّزْقُ فَاهُ لَوَلاَهُ قَفَاهُ يَضرب للمحروم لِتَكُنِ الثَّريدَةُ بَلْقاءَ لاَ القَصْعَةُ لَيْسَ يَوْمِي بِواجِدٍ مِنْ ظَلُومٍ لِسَانُ المَرْءِ مِنْ خَدَمِ الفُؤادِ لِسَانُ الباطِلِ عِيُّ الظَّاهِرِ والبَاطِنِ لَنا إليْهِ حَاجَة كَحَاجَةِ الدِّيكِ إلَى الدَّجَاجَة لَيْسَ في البَرْقِ اللاَّمعِ مُسْتَمتَعٌ يضرب لمن يخوض في الظلمة لَوْ أُسْعِطْتُ بِكَ مَا دَمَعَتْ عَيْنِيِ لَوِ اتَّجَرْتُ فِي الأكْفانِ مَا مَاتَ أَحَدٌ لِحَافٌ وَمُضَرَّبةٌ لمن يعلو ويعلى . لَنْ يَتَلَمَّظَ بِهِ شُدِقَاكَ، وَلَنْ يَسْوَدَّ بِهِ كِفَّاكَ يضرب في التجنيب لَيْسَ هَذا الأمْرُ زُوراً، ولاَ احْتِجاجاً بالْكِعابِ لِكُلِّ حَي أجَلٌ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ لِكُلِّ جَديدٍ لَذَّةٌ لِكُلِّ قَدِيمٍ حُرْمةٌ اْلَزِم الصِّحَّة يَلْزَمْكَ الْعَملُ الْتِماَسُ الزّياَدَةِ عَلَى الْغَايَةِ مُحَالٌ اللَّذَّاتُ بالْمؤنات الألقابُ تَنْزِلُ مِنَ السماء اللَّيْلُ جُنَّةُ الهَارِبِ لاَ خَيْرَ في وِدٍّ يَكُونُ بِشَافِعٍ لاَ يَصْبِرُ عَلَى الخَلِّ إلاَّ دُودُهُ لاَ تُحْسِنِ الثِّقَةَ بِالفِيلِ لاَ عتَابَ بَعْدَ المَوْتِ لاَ تَطْمَعْ في كُلِّ مَا تَسْمَعُ لاَ تَجْرِ فِيماَ لاَ تَدْرِي لاَ تُرِ الصَّبِيَّ بَيَاضَ سِنِّكَ فَيُرِيَكَ سَوَادَ اسْتِهِ [ص 259] لاَ تُنْكِحْ خَاطِبَ سِرِّكَ لاَ تَمُدَّنَّ إلىَ المَعَالي يَداً قَصُرَتْ عَن المَعْروفِ لاَ تَدُلَّنَّ بحالَةٍ بَلَغْتَهَا بِغَيْرِ آلةٍ لاَ بُدَّ لِلْحدِيثِ مِنْ أباريزَ لاَ أحبُّ دَمِي في طَسْتِ ذَهَبٍ لاَ تُرسل الْبَازىَ في الضَّبَابِ لاَ تُعَنِّفْ طَالباً لِرِزْقِهِ لاَ خَيْرَ في أرَبٍ ألقَاكَ في لَهَبٍ لاَ تَكُنْ رَطْباً فَتُعْصَرَ ولاَ يَابِساً فتُكْسَرَ لاَ يَجِيءُ مِنْ خَلِّهِ عَصِيرُهُ لاَ يَرَى وَرَاءَهُ خُضْرَاً يضرب للمعجب لاَ يملأُ قلبْهَ شَيْءٌ يضرب للرجل الشجاعة لاَ يفرِّجْ عَن إنْسانٍ بِرَمَصِ عَيْنِهِ يضرب للبخيل النكد لاَ تُعَلِّمَ الشُّرَطىَّ التَّفَحُّص ولاَ الزَّطِّىِّ التَّلصُّصَ لاَ تُكَالُ الرِّجالُ بالقُفْزَان لاَ تَسُبَّ أُمِّي اللَّئِيمةَ فَأسُبَّ أُمَّكَ الكَرِيَمةَ لاَ يَعْرِفُ مَحْساَهُ مِنْ مَفْساَهُ لاَ تَأْكُلْ خُبْزَكَ عَلَى مَائدَةِ غَيْرِكَ لاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ التِّيِنِ والسِّرْقِينِ لاَ يَقْرَأ إلاَ آيَةَ العَذَابِ وكُتُبَ الصَّوَاعِقِ يضرب للمهوِّلِ لاَ يَجِدُ في السماَء مَصْعَداً، ولاَ في الأرْضِ مَقْعَداً يضرب للخائف لاَ يَقُومُ عِطْرُهُ بِفُسَائِهِ لاَ تَسْقُطُ مِنْ كَفِّهِ خَرْدلَةٌ يضرب للبخيل لاَ يَطِنُّ عَلَيهِ اُلذُّبابُ، ولاَ يَهُبَّ عَلَيْهِ الرِيحُ، ولاَ يَراهُ الشَّمسُ والقْمَر يضرب للمَصُون لاَ يُطَوِّلُ حَيَاتَهُ ولاَ يُقَصِّرُ جَارِيَتَها لاَ تُؤخِّرْ عَمَلَ اليَوْمِ لِغَدٍ لاَ تُحَرِّكَّن سَاكِناً لاَ يُمْسِكُ ضُرَاطَهُ خَوْفاً لاَ تَأمَنِ الأميرَ إذَا غشَّكَ الوَزِيرُ لاَ تَلِدُ الفَأرَةُ إلاَ الفَأرَةَ، ولاَ الحَيَّةُ إلاَ الحَيَّةَ لاَ تحَرِ عَلَى ما دَهاكَ أعْمَى أصَمَّ لاَ يَشْكُرُ الله مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاس لاَ تقعُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ يضرب الرَجل النَذل لاَ تَجْنِيَ يمِينُكَ عَلَى شِمَالِكَ[ص 260] لاَ قَلِيلٌ مِنَ العَدَاوةِ والإحِنِ والمَرَضِ لاَ تَدْخُلْ بَينَ البَصَلَةِ وَقِشْرِهَا لاَ يَذْهَبُ العُرْفُ بَينَ اللَهِ والنَّاسِ لاَ جُرْمَ بَعْدَ النَدَامَةِ لاَ يَسْتَمْتِعُ بِالجَوزَةِ إِلاَ كاسِرُها لاَ عِنْدَ رَبِّي ولاَ عِندَ أُسْتَاذِي لاَ تَسْخَرْ بِكَوسَجٍ مَا لَمْ تَلْتَحِ لاَ يَفْزَعُ البازِي مِنْ صِيّاحِ الكًرْكِي لاَتَبِعْ نَقْداً بِدَينٍ لاَ يُبصِرُ الدِّينَارَ غَيْرُ النَّاقِدِ لاَ رَسُولَ كالدِّرْهَمِ لاَ يَعْقُدُ الحَبْلَ ولاَ يرْكُضُ الحِجْر يضرب للضعيف لاَ يَصْبِرُ عَلَى طَعَام واحدٍ لاَ يَشْرَبُ الماءَ إلاَ بِدَمٍ يضرب للشجاع لاَ تَلْهَجُ بِالمِقَادِير، فإنَّها مَضْراةٌ عَلى الإسَاءةِ مَدْعَاةٌ إلى التَقْصير لاَ تُؤدِّبْ مَنْ لاَ يُؤاتِيكَ، ولاَ تُسْرِعْ فيما لاَ يَعْنِيكَ. |
*2* - http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif الباب الرابع والعشرون فيما أوله ميم 3738- ما تَنْفَع الشَّعْفَةُ فِي الوَادِي الرُّغُبِ الشَّعْفَة: المَطْرَة الهينة، والوادي الرُّغب: الواسع يضرب للذي يُعطِيك قَليلاً لا يقع منك مَوْقعاً، ويروى "ما ترتفع" 3749- ما يَجْعَلُ قَدَّكَ إلى أَديِمكَ؟ القَدُّ: مَسْكُ السَّخْلة، والأديم: الجِلْد العظيم، أي ما يحملك على أن تقيس الصَّغِيرَ من الأمر بالعظيم منه، و"إلى" من صلة المعنى، أي ما يَضُمُّ قدَّكَ إلى أديمك؟ يضرب في إخطاء القياس 3750- مَا حَلَلْتَ بَطْنَ تَبَالَةَ لِتَحْرِمَ الأَضْيَاف تَبَالة: بلد مُخْصبة باليمن، ويروى "لم تحلِّى بطن تبالة لتُحْرِمى" بالتأنيث. يضرب لمن عَوَّدَ الناسَ إحسانَه، ثم يريد أن يقطعه عنهم. 3751- مَا عَلَى الأرْضِ شيء أَحَقُّ بِطُولِ سِجْن مِنْ لسَانٍ يروى "أحَقَّ" نصبا على لغة أهل الحجاز، وربما على لغة تميم، وهذا المثل [ص 261] يروى عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه يضرب في الحثّ على حفظ اللسان عما يجر إلى صاحبِهِ شراً. 4752- مَا صَدَقَةٌ أفْضَلَ مِنْ صَدَقَةٍ مِنْ قَوْل يعني من قول يكون بالحق يضرب في حفظ اللسان أيضاً 3753- مَا بَلِلْتُ مِنهُ بأفْوَقَ ناصِلٍ البل: الظَّفَر، والفعل منه بَلَّ يَبَلّ مثل عَضَّ يَعَضّ، ومنه قول الشاعر: وَبَلِّى إنْ بَلِلْتِ بأرْيَحيٍّ * مِنَ الفِتْيَانِ لاَ يُضْحِي بَطِيناً والأفْوَق: السَّهْم الذي انكَسَر فوقه، والناصل: الذي خرج نَصْلُه وسقط. يضرب لمن له غناء فيما يُفَوض إليه من أمر، وقَالَ بعضهم: يضرب لمن [لاَ] ينال منه شيء لبخله. وأصل النصول المفارقة، يُقَال: نَصَلَ الخِضابُ؛ إذا ذهب وفارق. 3754- مَا يُقَعْقَعُ لَهُ بِالشِّنَانِ القَعْقَعَة: تحريك الشيء اليابِسِ الصُّلْب مع صوتٍ مثل السلاَح وغيره، والشِّنَان: جمع شَنٍّ، وهو القِرْبَة البالية، وهم يحركونها إذا أرادوا حَثَّ الإبل على السيرِ لتَفْزَعَ فتُسْرِعَ، قَالَ النابغة: كَأَنَّكَ مِنْ جِمَالِ بَنى أُقَيْشٍ * يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ يضرب لمن لاَ يَتضع لما ينزل به حوادث الدهر، ولاَ يروعه ما لاَ حقيقة له 3755- مَا يُصْطَلَى بِنَارِهِ يعنى أنه عزيز مَنِيع لاَ يوصَلُ إليه ولاَ يتعرض لِمَرَاسِهِ، قَالَ الأنصارى: أنا الذي مَا يُصطَلَى بنارِهِ * ولاَ ينَامُ الجارُ من سُعَارِهِ السُّعار: الجوع، يريد أنا الذي لاَ ينامُ جارُهُ جائعاً، ويجوز أن تكون النار كنايةً عن الجود، أي لاَ يطلب قِرَاه لبُخْله، ويدلّ على هذا المعنى قولُه "ولاَ ينام الجار" أي جاره؛ فيكون البيتان هَجْوا 3756- مَا تُقْرَنُ بِفُلاَن صَعْبَةٌ أصله أن الناقة الصَّعبة تقترن بالجَمَل الذلول لَيُروضَهَا ويذللها، أي: أنه أكْرَمُ وأجلّ من أن يستعمل ويكلف تذليل الصعب كما يكلف ذلك الفحل يضرب لمن يذل من ناوأة قَالَه أبو عبيد، وقَالَ الباهلي: الذي أعرفه "تُقْرَنُ بفُلاَنٍ الصَّعْبة" أي هو الذي يصلح لإصلاَح الأمر يُفَوّض إليه ويُهاج له لا غيره. 3757- مَا بَلِلْتُ مِنْهُ بِأعْزَلَ الأعزل: الذي لاَ سلاَح معه، أي ما ظفرت [ص 262] منه برجل ليس معه أداة لأمر يُوكلُ إليه، بل هو معد لما يُعَوَّلُ فيه عليه. 3758- مَا يُحْسًنُ القُلْبَانِ فِي يَدَىْ حَالِبَةِ الضَّأْنِ. القُلْب: السِّوار، ويراد بحالبة الضأن الأمةُ الراعيةُ. يضرب لمن يُرَى بحالة حسنة وليس لها بأهل. 3759- ما وَرَاءِكَ يَا عِصَام؟ قَالَ المفضل: أولُ من قَالَ ذلك الحارث بن عمرو مَلِكُ كِنْدَةَ، وذلك أنه لما بلغه جَمَالُ ابنة عَوْف بن مُحَلِّم الشَّيْبَاني وكمَالُها وقوة عَقْلها دعا امرأةً من كِنْدَة يُقَال لها عِصَام ذاتَ عقل ولسان وأدَب وبَيَان، وقَالَ لها: اذهبي حتى تعلمي لي عِلْم ابنَةِ عَوْف، فمضَتْ حتى انتهت إلى أمها، وهى أمامَةُ بنةُ الحارث، فأعلمتها ما قدمَتْ له، فأرسلت أمامة إلى ابنتها، وقَالَت: أي بنية، هذه خالتُك أتَتْكِ لتنظر إليك، فلاَ تستُرِي عنها شيئاً إن أرادت النظر من وجهٍ أو خلق، وناطقيها إن استنطقتك، فدخلت إليها فنظرت إلى ما لم ترقَطُ مثله، فخرجت من عندها وهي تقول: ترك الخِدَاعَ مَنْ كَشَفَ القَناع، فأرسلتها مثلاً، ثم انطلقت إلى الحارث فلما رآها مقبلة قَالَ لها: ما وراءك ياعصام؟ قَالَت: صَرَّحَ المَخْضُ عن الزُّبْد، رأيت جَبْهة كالمِرْآة المصقولة، يزينها شعر حالك كأذناب الخيل، إن أرْسَلَتْه خِلْته السلاَسل، وإن مشطته قلت عناقيد جَلاَها الوابل. وحاجبين كأنما خُطّا بقلم، أو سُوِّدا بحمم، تقوَّسا على مثل عَيْن ظبية عَبْهَرَة، بينهما أنف كحدِّ السيف الصَّنيع، حَفَّتْ به وَجْنَتَان كالأرجُوان، في بياض كالجُمَان، شُقَّ فيه فم كالخاتم، لذيذ المبتسم، فيه ثَنَايا غُر ذات أشَر، تقلَّبَ فيه لِسَان، ذو فصاحة وبيان، بعقل وافر، وجواب حاضر، تلتقي فيه شَفَتَان حَمْرَاوان، تحلبان ريقاً كالشهد إذا دلك، في رقبة بيضاء كالفضة، ركبت في صَدرْ كصَدْر تمثال دُمْية، وعَضُدان مُدْمَجَان يتصل بها ذراعان ليس فيهما عظم يُمَسُّ، ولاَ عرق يجس، ركبت فيهما كفان دقيق قصبهما لين عَصَبُهُما، تعقد إن شيءت منهما الأنامل، نتأ في ذلك الصدر ثَدْيان كالرمَّانتين يخرقان عليها ثيابها، تحت ذلك بطن طُوِى طيَّ القَبَاطيِّ المدمجة كسر عُكَناً كالقَرَاطيس المدرجة، تُحِيطُ بتلك العكن سُرَّة كالمُدْهُن المجلوِّ، خلف ذلك ظهر فيه كالجدول، ينتهي إلى حضر لولاَ رحمة الله لاَ نَبَتَرَ، لها كفَلُ يُقْعدها [ص 263] إذا نهضَت وينهضها إذا قعدت، كأنه دِعْصُ الرَّمْل لَبَّده سقوط الطَّلَّ، يحمله فَخِذَانِ لُفَّا كأنما قلبا على نَضَد جُمَان، تحتهما ساقان خَدْلَتَان كالبرديتين وُشِّيتا بشعر أسود كأنه حلق الزرد، يحمل ذلك قَدَمَان كحذو اللسان، فتبارك الله مع صغرهما كيف تطيقان حمل ما فوقهما، فأرسل الملك إلى أبيها فخطبها، فزوجها إياه، وبعث بصداقها، فجهزت، فلما أراد أن يحملوها إلى زوجها قَالَت لها أمها: أي بنية، إن الوصية لو تُرِكت لِفَضلِ أدبٍ تُرِكت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل، ومَعُونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لِغِنَي أبويها وشدَّة حاجتهما إليها كنتِ أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقْنَ، ولهن خلق الرجال. أي بنية، إنك فَارقْتِ الجوَّ الذي منه خَرَجْتِ، وخَلَّفْتِ العُشَّ الذي فيه دَرَجْتِ، إلى وَكْر لم تعرفيه، وقَرِين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكا، فكونِي له أمَةً يكُنْ لك عبداً وَشِيكا، يا بنية احْمِلِي عنى عَشْرَ خِصَالٍ تكن لك ذُخْراً وذِكْراً: الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهُّد لموقع عينه، والتفقُّد لموضع أنفه، فلاَ تَقَع عينُه منك على قبيح، ولاَ يشم منك إلاَ طيبَ ريح، والكحلُ أحسنُ الحسن، والماء أطيبُ الطيب المفقود، والتعهد لوقت طعامه، والهدو عنه عند منامه، فإن حَرَارة الجوع مَلْهبة، وتنغيص النوم مَبْغَضَة والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير، ولاَ تُفْشِي له سراً، ولاَ تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيتِ سِرَّه لم تأمني غَدْرَه، وإن عصيت أمره أوغَرْتِ صَدْره ثم اتَّقِي مع ذلك الفرح إن كان تَرِحَا، والاكتئاب عنده إن كان فَرِحَا، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشَدَّ ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراما، وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطولَ ما تكونين له مرافقة، واعلمي أنك لاَ تَصْلِين إلى ما تحبين حتى تُؤْثِرِي رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت، والله يَخِيرُ لك، فحملت فسُلِّمَت إليه، فعَظُم مَوْقِعُها منه، وولدت له الملوك السبعة الذين ملكوا بعده اليمن. وروى أبو عبيد "ما وَرَاءَكَ" على التذكير وقَالَ: يُقَال: إن المتكلم به النابغة الذُبْيَاني قَالَه لعصام بن شهبر حاجب النعمان، وكان مريضاً، وقد أُرْجِفَ بموته، فسأله النابغة عن حال النعمان، فَقَالَ: ما وراءك يا عصام؟[ص 264] ومعناه ما خَلْفَكَ من أمر العليل، أو ما أمامك من حاله، ووَرَاء: من الأضداد. قلت: يجوز أن يكون أصل المثل ما ذكرت، ثم اتفق الاَسمان، فخُوطِبَ كلٌّ بما استحق من التذكير والتأنيث. 3760- مَا لِي ذَنْبٌ إلاَ ذَنْبُ صَخْرٍ ويجوز "ذنب صَخْرَ" يُصْرَف ولاَ يُصْرَف، كجُمْل ودَعْد، وهي صخر بنت لقمان، كان أبوها لقمان وأخوها لُقَيْم خرجا مُغِيرَيْنِ، فأصابا إبلاَ كثيرة، فسبق لقيم إلى منزله، فعمدت صخر إلى جَزُور مما قدم بها لقيم فنحَرَتْهَا وصنعت منها طعاماً يكون مُعَدَّاً لأبيها لقمان إذا قدم تُتْحِفه به، وقد كان لقمان حَسَدَ لقيماً لتبريزه كان عليه، فلما قدم لقمان وقَدَّمَتْ صخر إليه الطعام وعلم أنه من غنيمة لقيم لطَمَهَا لطمةً قضت عليها؛ فصارت عقوبتها مثلاً لكل مَنْ يُعَاقَبُ ولاَ ذَنْبَ له. ويضرب لمن يُجْزَى بالإحسان سوأ قَالَ خُفاف بن نَدْبَةَ: وَعَبَّاس يَدِبُّ ليَ المَنَايَا * ومَا أَذْنَبْتُ إلاَ ذَنْبَ صَخْرٍ ويروى: وَعَسَّاس يَدِبُّ لِيَ المَنَايَا* |
3761- مُحْسَنَةٌ فَهَيِلِى أصله أن امرأة كانت تُفْرِغُ طعاماً من وعاء رَجُلٍ في وعائها، فجاء الرجل، فدُهِشَتْ، فأقبلت تفرغ من وِعائها في وِعائه، فَقَالَ لها: ما تصنعين؟ قَالَت: أهيل من هذا في هذا، فَقَالَ لها: مُحْسِنة - أي أنتِ محسنة - فَهِيلى، ويروى "محسنةً" بالنصب على الحال، أي هِيِلي محسنةً. ويجوز أن ينصب على معنى أراكِ محسنةً يضرب للرجل يعمل العملَ يكون فيه مصيباً 3762- مِنْ حَظِّكَ نَفَاقُ أَيْمِكَ أي مما وَهَبَ الله لك من الجَدِّ أن لاَ تَبُورَ عليكَ أيمُكَ، ويروى هذا في الحديث. 3763- مُصِّي مَصِيصَاً أصله أن غلاماًً خَادعَ جاريةً عن نفسها بتَمَرَاتٍ، فطاوعته على أن تَدَعَه في معالجتها قدر ما تأكل ذلك التمر، فجعل يعمل عمله وهي تأكل، فلما خافَ أن ينفَدَ التمرُ ولم يقضِ حاجته قَالَ لها: وَيْحَكِ! مُصِّي مَصِيصاً. يضرب في الأمر بالتَّوَانِي. 3764- مَنْ أَضْرِبُ بَعْدَ الأمةِ المُعَارَةِ؟ يضرب لمن يَهُونُ عليك [ص 265] 3765- مَا يَعْرِفُ قَطَاتَهُ مِنْ لَطَاتِهِ القَطَاة: الردفُ، واللَّطَاة: الجبهة. يضرب للأحمق 3766- مَا بِالدَّارِ شَفْر أي أحَدٌ، وقَالَ اللحياني: شُفْر - بضم الشين - لغة، أي ذو شفر، ولاَ يُقَال إلا مع حرف الجَحْد، لاَ يُقَال في الدار شفر، وقد يُقَال، قَالَ ذو الرمة من غير نفي: تَمُرُّ لَنَا الأَيَّامُ مَا لَمَحَتْ لَنَا * بَصِيرَةُ عَيْنٍ مِنْ سِوَانَا إلَى شُفَرِ أي ما نَظَرَتْ عينٌ منا إلى إنسان سوانا 3767- مَا بِهَا دُعْوِيٌّ أي مَنْ يُدْعَى 3768- ما بِهَا دُبِّيٌّ أي من يَدِبُّ، ومثلُ هذا كثيرٌ، وكله لاَ يتكلم به إلاَ في الجَحْد والنفي خاصة 3769- مَقْتَلُ الرَّجُلِ بَيْنَ فَكَّيْهِ المقتل: القَتْلُ، وموضع القتل أيضاً، ويجوز أن يُجْعل اللسان قَتْلاَ مبالغة في وَصْفه بالإفضاء إليه، قَالَ: فإنما هيِ إقْبَالٌ وَإدْبَار* (هو عجز بيت للخنساء، وصدره: ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت) ويجوز أن يجعل موضعَ القتل، أي بسببه يحصل القتل، ويجوز أن يكون بمعنى القاتل، فالمصدر يَنُوب عن الفاعل، كأنه قَالَ: قاتِلُ الرجلِ بين فكيه. قَالَ المفضل: أولُ من قَالَ ذلك أكْثَمُ بن صَيْفي في وصية لبنيه، وكان جَمَعَهم فَقَالَ: تَبَارُّوا فإن البر يبقى عليه العدد، وكُفُّوا ألسِنَتَكم فإن مَقْتَلَ الرجل بين فَكَّيه، إن قول الحق لم يَدَعْ لي صديقاً، الصدقُ مَنْجَاة، لاَ يَنْفَعُ التَّوَقِّي مما هو واقع، في طلب المعالي يكون العَنَاء، الاقتصادُ في السعي أبْقَى للجمام، مَنْ لم يأسَ على ما فاته ودع بدنه، ومن قَنَعَ بما هو فيه قَرَّتْ عينه، التقدُّم قبل التندم، أصْبح عند رأس الأمر أحبُّ إلي من أن أصبح عند ذنَبه،لم يهلك من مالك ما وَعَظَك، ويل لعالِم أمرٍ مِنْ جاهله، يتشابه الأمر إذا أقبل، وإذا أدْبَرَ عرفه الكَيِّسُ والأحْمَقُ، البَطَرُ عند الرخاء حُمْق، والعجز عند البلاَء أمْنٌ، لاَ تَغْضَبُوا من اليسير فإنه يجني الكثير، لاَ تجيبوا فيما لاَ تُسْألون عنه، ولاَ تضحكوا مما لاَ يُضْحَك منه، تَنَاءَوا في الديار ولاَ تباغضوا، فإنه من يجتمع يقعقع عنده، ألزموا النساء المَهَانة، نعم لَهْوُ الغِرَّةِ المِغْزَلُ، حيلَةُ مَنْ لاَ حيلَةَ له الصبر، إن تَعِش تَرَ ما لم تَرَهْ، المكثار [ص 266]كحاطِبِ ليل، مَنْ أكثر أسْقَطَ، لاَ تجعلوا سراً إلى أمةٍ؛ فهذه تسعة وعشرون مثلاً منها [ما] قد مر ذكره فيما سبق من الكتاب، ومنها ما يأتي إن شاء الله تعالى وقد أحسن من قَالَ: رَحِمَ اللهُ امرأ أطْلَقَ ما بين كَفَّيْه، وأمسَكَ ما بين فكيه ولله در أبى الفَتْح البُسْتى حيث يقول في هذا المثل: تَكَلَّمْ وسَدِّدْ ما استَطَعْتَ؛ فَإنما * كلامكَ حَيٌّ وَالسُّكُوتُ جَمَادُ فَإنْ لم تَجِدْ قَوْلاً سَدِيداً تَقُولُهُ * فَصَمْتُكَ عَنْ غَيْرِ السَّدَادِ سَدادُ واحْتَذَاهُ القاضي أبو أحمد منصور بن محمد الهروى فَقَالَ: إذَا كُنْتَ ذَا عِلْمٍ وَمَا رَاكَ جَاهِلٌ * فأعْرِضْ فَفِي تَرْكِ الجَوَابِ جَوَابُ وَإنْ لم تُصِبْ فِي القَوْلِ فَاسْكُتْ فإنما * سُكوتُكَ عَنْ غَيْرِ الصَّوَابِ صَوَابُ وضمن الشيخ أبو سهل النيلي شرائطَ الكلام قولَه: أوصِيكَ فِي نَظْمِ الكلام بخَمْسَةٍ * إنْ كُنْتَ لِلْمُوصِي الشَّفيقِ مُطِيعَا لاَ تُغْفِلَنْ سَبَبَ الكلام وَوَقْتَهُ * وَالكَيْفَ وَالكَمْ وَالمكَان جَمِيعَا 3770- ماتَ حَتْفَ أنْفِهِ ويروى "حَتْفَ أنْفِيَه" و "حَتْفَ فِيْهِ" أي مات ولم يُقْتل، وأصلُهُ أن يموت الرجل على فراشه فتخرج نفسه من أنفه وفمهِ قَالَ خالد بن الوليد عند موته: لقد لقيتُ كذا وكذا زَحْفَاً، وما في جسدي موضعُ شِبْرٍ إلاَ وفيه ضربة أو طعنه أو رَمْيَة، وهاأنا ذا أموتُ حَتْفَ أنْفِي كما يموت العَيْرُ فلاَ نامَتْ أعْيُنُ الجُبَنَاء. 3771- مُثْقَلٌ اسْتعَانَ بِذَقْنِهِ ويروى "بدَفَّيْه" أي بجنبيه. يضرب للذي يستعين بما لاَ دفع عنده. 2772- مالَهُ نَسُولَةٌ وَلاَ قَتُوبَةٌ ولاَ جَزُوزَةٌ أي ما يُتَّخَذُ للنَّسْل، ولاَ ما يعمل عليه، ولاَ شاة يُجَزُّ صُوفها، أي ماله شيء 3773- مَثَلُ جَلِيسِ السُّوءِ كَالقَيْنِ إلاَ يَحْرِقْ ثَوْبَكَ بِشَررِهِ أو يُؤْذِيكَ بِدُخانِهِ ومثل هذا قول مُصْعَب بن سعد بن أبى وقَّاص: لاَ تجالس مفتوناً فإنه لاَ يخطئك منه إحدى خلَّتَيْن: إما أن يفتنك فتتابعه، أو يؤذيك قبل أن تفارقه.[ص 267] 3774- مَا أطْوَلَ سَلَى فُلاَنٍ إذا كان مطولاً عسر الأمر يشبه بسَلَى الناقة؛ فإنه إذا طال عسر خروجه وامتدَّ زمانه 3775- مَا أُضيف شيءٌ إلَى شيء أحْسَنَ مِنْ عِلْمٍ إلى حِلْمٍ 3776- ما غَضَبى عَلَى مَنْ أمْلِكُ وما غضبي على ما لا أملك أي إذا كنتُ مالكاً له فأنا قادر على الانتقام منه فلا أغضب، وإن كنت لاَ أملكه ولاَ يضره غضبي فلم أدخل الغضب على نفسي، يريد إني لاَ أغضب أبداً، ويروى هذا عن معاوية رضي الله عنه. 3777- ما يُحُجَرُ فُلاَنٌ في العِكْمِ أي ليس ممن يخفي مكانه، والعِكْمُ: الجُوَالَقُ، والحَجْر: المنع. ويروى عن عبد الله بن الحر الجُعْفى أنه دخل على عبيد الله بن زياد بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، فَقَالَ له: خرجتَ مع الحسين فظاهَرْتَ علينا، فَقَالَ له ابن الحر: لو كنتُ معه ما خفى مكاني. يضرب للرجل النَّابِهِ الذِّكْرِ. 3778- مَا تَبُلُّ إحْدى يَدَيهِ الأخْرَى يضرب للرجل البخيل. 3779- مَالِي بِهَذَا الأمْرِ يَدَانِ أي لاَ أستطيعه، ولاَ أقدر عليه. 3780- مَا أُبَالي عَلَى أي قُتْرَيْهِِ وَقَعَ ويروى "قُطْريه" يضرب لمن لاَ يُشْفَق عليه ويُشْمَت به 3781- مَا أُبَالِي مَا نَهِىءَ مِنْ ضِبِّكَ يُقَال: نَهِىَء يَنْهَأُ نُهُوأً ونُهًاء، إذا لم يَنْضَجْ، ويُقَال: نَهُؤَ فهو نَهىءٌ. 3782- ما فِي بَطْنِهَا نُعَرَةٌ أصل النُّعَرَة الذباب، وَيُشَبَّه ما أجَنَّتْ الحمر في بطنها بها، يعني ليس في بطنها حمل يضرب لمن قَلَّتْ ذاتُ يده، قَالَ: والشَّدَنِيَّاتُ يُسَاقِطْنَ النُّعَرْ* 3783- ماتَ فُلاَنُ بِبِطْنَتِهِ لَمْ يَتَغَضْغَضْ مِنْهَا شَيءٌ أي لم ينقص، يُقَال: غَضْغَضَه فَتَغَضْغَضَ، أي نَقْصه فنَقَص، من الغَضَاضة وهى النقصان، يُقَال: غضَّ من قَدْره، إذا نَقَصه وهذا المثل لعمرو بن العاص، قَالَه بعضهم قَالَ أبو عبيد: وقد يضرب هذا المثل في أمر الدين، يُقَال: إنك خَرْجْتَ من الدنيا سليماً لم يثلم دينك ولم يُكْلَم، قَالَ: ولعل عمراً رضي الله عنه أراد هذا المعنى[ص 268] 3784- ماتَ وَهُوَ عَرِيضُ البِطَانِ البِطَان للبعير: بمنزلة الحِزام للفرس، وعرضه كناية عن انتفاخ بطنه وسَعَته. يضرب لمن مات ومالُه جَمٌّ لم يذهب منه شيء. 3785- ما أعْرَفَنِي كَيْفَ يُجَزُّ الظَّهْرُ يضرب للرجل يَعيبُكَ وَسَطَ قومٍ وأنت تعرف منه أخْبَثَ مما عابك به، أي لو شئت عِبْتُكَ بمثل ذلك أو أشَدَّ 3786- مَا حَكَّ ظَهْرِي مِثْلُ يَدِي يضرب في ترك الاَتكال على الناس 3787- مِنْ كلِّ شيء تَحْفَظُ أخَاكَ إلاَ مِنْ نَفْسِه يراد أنك تحفظه من الناس، فإذا كان مُسِيئاً إلى نفسه لم يدر كيف تحفظه منها. 3788- مُذْكِيَةٌ تُقَاسُ بِالجِذَاعِ يضرب لمن يقيس الصغيرَ بالكبير. 3789- أمْهِلْني فُوَاقَ نَاقَةٍ الفُوَاق والفَوَاق: قدر ما تجمع الفِيقَة، وهي اللبن يُنْتَظَرُ اجتماعُه بين الحلبتين. يضرب في سرعة الوقت. 3790- مَا أرْخَصَ الجَمَلَ لَوْلاَ الهِرَّةُ وذلك أن رجلاً ضلَّ له بعيرٌ، فأقْسَمَ لئن وجَده ليبيعَنَّهُ بدرهم، فأصابه، فَقَرَنَ به سِنَّوْراً وقَالَ: أبيعُ الجملَ بدرهم، وأبيعُ السِّنَّوْرَ بألف درهم، ولاَ أبيعهما إلاَ معاً، فقيل له: ما أرخصَ الجملَ لولاَ الهرة، فجرت مثلاً. يضرب في النفيس والخسيس يقترنان. 3791- مَا بَقِي مِنْهُ إلاَ قَدْرُ ظِمْءِ الحِمَارِ وهو أقْصَرُ الظِّمء لقلة صبره عن الماء. قَالَ أبو عبيد: وهذا المثل يروى عن مَرْوَان بن الحكم أنه قَالَ في الفتنة: الآنَ حين نَفِدَ عُمْرِي فلم يبق إلاَ قَدْرُ ظِمْء الحِمَار صرتُ أضربُ الجيوشَ بعضها ببعض. 3792- مَا بِالبَعِيْرِ مِنْ قُمِاَصٍ يروى بالضم، والكسر، والصحيحُ الفصيحُ الكسرُ. يضرب لمن لم يَبْقَ من جَلَده شيء. 3793- مَالًهُ عَافِطَةٌ وَلاَ نَافِطَةٌ العافطة: النعجَة، والنافطة: العَنْز، وقَالَ بعضهم: العافطة الأمَةُ، والنافطة الشاة؛ لأن الأمَةَ تَعْفِطُ في كلامها، أي لاَ تُفْصِحُ، يُقَال: فلان يَعْفِطُ في كلامه، و يعفطُ في كلامه، ويُقَال: العافطة الضارطة، والنافطة العاطسة، وكلتاهما العنز تعفِظُ وتنفط، والعفيط: الحَبَقُ، والنَّفِيطُ صوتٌ يخرج من الأنف، أي ماله شيء.[ص 269] 3794- المِعْزىَ تُبْهِى ولاَ تُبْنِى الإبهاء: الخَرْق، والإبناء: أن تجعله بانياً. قَالَ أبو عبيد: أصل هذا أن المِعْزَى لاَ يكون منها الأبنية وهى بيوت الأعراب، وإنما تكون أخْبِيَتُهُمْ من الوَبَر والصوف، ولاَ تكون من الشعر، والمِعزى مع هذا ربما صعدَتِ الخِبَاء فخرقته. يضرب لمن يُفْسِدُ ولاَ يُصلح. 3795- مِلْحُهُ عَلَى رُكْبَتِه هذا مَثَلٌ يضرب للذي يَغْضَب من كل شيء سريعاً، ويكون سيئ الخُلُقِ. أي أدنى شيء يُبَدِّده، أي يُنَفَّره، كما أن المِلْحَ إذا كان على الركبة أدنى شيء يبدده ويفرقه. ويُقَال: الملح ههنا اللبن، والملح الرَّضَاع، أي لاَ يحافظ على حُرْمة ولاَ يَرْعَى حقاً، كما أن واضعَ اللبن على ركبته لاَ قدرة له على حفظه، وهذا أجْوَدُ الوجوه. قَالَ مسكين الدرامى في امرأته: لاَ تَلُمْهَا إنَّهَا مِنْ نِسْوَةٍ * مِلْحُهَا مَوْضُوعَةٌ فَوْقَ الرُّكَبْ كَشَمُوسِ الخَيْلِ يَبْدُو شَغْبُهَا * كُلَّمَا قِيْلَ لَهَا هَابِ وَهَبّْ أراد بالشَّغْبِ القتالَ والخروجَ عن الطاعة، وهابِ وهَبْ: ضربان من زَجْر الخيل، ويروى "هالِ" باللام وأصله مقلوب "هَلاً" وهو زَجر الخيل أيضاً. وقَالَ ابن فارس: العرب تسمى الشحم ملحاً أيضاً، وتقول: أمْلَحْتُ القِدْرَ؛ إذا جعلتَ فيها شيئاً من شَحْم، ثم قَالَ: وعليه فسر قوله "لاَ تلمها - البيت" يعني أن هَمَّها السمن والشحم. قلت: يضرب المثل - على ما قَالَه - لمن لاَ يطمح إلى معالي الأمور، بل يُسِفُّ على سَفْسَافها. قَالَ: ابن الأعرابي: يُقَال " فلاَن ملحه على ركبته " إذا كان قليلَ الوفاء. وقَالَ أبو سعيد: هذا كقولهم: إنما ملحه مادام معك جالساً، فإذا قام نفضَها فَذَهَبَتْ. 3796: ماَ يَعْرفٌ قَبِيلاً مِنْ دَبيرٍ القَبيل: ما أقبل به على الصَّدْر، من القبل، والدَّبير: ما أدبر عنه، وقَالَ الأصمعي: هو مأخوذ من الشاة المُقَابلة و المُدَابرَة، فالمقابلة: التي شُقَّ أذنها إلى قدام، والمُدَابَرَة التي شق أذنها إلى الخَلْف. 3797- مَا يَعْرِفُ هِرّاً مِنْ بِرٍّ قَالَ ابن الأعرابي: الهرُّ دُعَاء الغنم،[ص 270] والبر: سَوْقُها، ويُقَال: الهر اسم من هَرَرْتُه أي أكْرَهْتُه، والبراسم من بَرِرتُ به، أي لاَ يعرف مَنْ يكرهه ممن يَبَرُّه، وقَالَ خالد بن كلثوم: الهر السَّنَّوْرُ، والبر الجُرَذ، وقَالَ أبو عبيدة: الهر من الهَرْهَرَة وهي صَوْتُ الضأن، والبر من البربرة وهى صوت المِغْزَى. يضرب لمن يتناهى في جهله. 3798- مَالُه هِلَّعٌ ولاَ هِلِّعَةٌ قَالَ أبو زيد: هما الجَدْيُ والعَنَاق، أي ماله شيء. ومثله: 3799- مَالَهُ هَارِبٌ وَلاَ قَارِبٌ قَالَ الخليل: القارب: طالبُ الماء ليلاً، ولاَ يُقَال ذلك لطالب الماء نهاراً، ومعنى المثل ماله صادر عن الماء ولاَ وارد، أي شيء، قَالَ الأَصمعي: يريد ليس أحد يهرب منه ولاَ أحد يقرب إليه أي فليس له شيء. 3800- مَالَهُ سُمٌّ وَلاَ حُمّ بالضم، ويفتحان أيضاً، أي ماله هَمٌّ غيرك، قَالَ الفراء: هما الرجاء، يُقَال: ماله سُمٌّ ولاَ حُمٌّ، أي ليس أحد يرجوه. قلت: أصلُ هذا من قولهم: حممت حمَّكَ وسَمَمْتُ سَمَّك، أي قصدت قصدك، فالسُّمُّ والحَمُّ بالفتح المصدر، وبالضم الاَسم، والمعنى ماله قاصد يقصده، أي لاَ خَيْرَ فيه يُقْصَد له. 3801- مَالَهُ حَبَضٌ ولاَ نَبَضٌ قَالَ أبوعمرو: الحَبضُ الصوتَ، والنَّبَضُ اضطرابُ العرقِ، وقَالَ الأَصمعي: لاَ أدري ما الحَبَضُ، ويروى "ما به حَبَض ولاَ نَبَض" ومعناهما الحركة، يُقَال: حَبَضَ السهمُ، إذا وقع بين يَدَيَ الرامي، ونبَضَ العرقُ ينْبُضُ نَبْضَاً ونَبَضانَاً، إذا تحرك. 3802- مَالَهُ حَانَّةٌ ولاَ آنَّةٌ أي ناقة ولاَ شاة. 3803- مَالَهُ سَبَدٌ ولاَ لَبَدٌ السَّبَد: الشَّعر، والَّلبد: الصوف ومثل هذا قولهم: 3804- مَالَهُ قُذْعْمِلَةٌ وَلاَ قِرْطَعْبَةٌ قَالَ أبو عبيد: أحسب أصول هذه الأشياء كلها كانت على ما ذكرنا، ثم صارت أمثالاً لكل مَنْ لاَ شيء له، فأما القُذَعْمِلَة والقِرْطَعْبَة والسَّعْنَةُ والمَعْنَةُ فما وجدنا أحداً يدري ما أصولها، هذا كلامه. قلت: قَالَ أبو عمرو: ورَجُل قِذْعَلْ - مثال سِبْحَلّ - أي هين خسيس، وقَالَ أبو زيد: والقُذَعْمِلَة المرأة القَصِيرة الخسيسة،[ص 271] وقَالَ زائدة: هي الشيء الحقير مثل الحبة، يُقَال: لاَ تُعْطِ فلاَناً قُذْعْمِلة، ومعنى المثل ماله شيء يسير مما كان، والقِرْطَعْبَة مثلُه في المعنى، وقَالَ: فَمَا عَلَيْهِ مِنْ لِبَاسٍ طحربه * وَمَالَهُ مِنْ نَشَبٍ قِرطَعْبَةْ أي شيء. ومثله قوله: 3805- ما لَهُ سَمْعَنَةٌ ولاَ مَعْنَةٌ قَالَ اللحْيَاني: السَّعْنَة: الوَدَك، وقَالَ ابن الأَعرابي: السعنة: الكثرة من الطعام وغيره، والمعنى القلة من الطعام وغيره والمَعْن: الشيء اليسير، وقَالَ فإنَّ هَلاَكَ مَالِكَ غَيْرُ مَعْنِ* ومعنى المثل ماله قليل ولاَ كثير 3806- ما يَجْمَعُ بَيْنَ الأرْوَى وَالنَّعَامِ؟ الأروى في رؤس الجبال، والنعام في السهولة من الأَرض، أيْ أيُّ شيء يجمع بينهما؟ يضرب في الشيئين يختلفان جداً ويروى "ما يجمع الأروى والنعام" أي كيف يأتلف الخير والشر 3807- مَا نَهِئَ الضَّبُّ ومَا نَضِجَ يضرب لمن لاَ يُبْرِمُ الأمر ولاَ يتركه، فهو مُتَرَدِّد. 3808- مَا هُوَ إلاَ ضَبُّ كُدْيَةٍ ويروى "ضب كلدة" وهما الصُّلْب من الأَرض. يضرب لمن لاَ يُقْدَرُ عليه وإنما نسب الضبُّ إليها لأنه لاَ يحفره إلاَ في صَلاَبة خوفاً من انهيار الجحر عليه 3809- ما ماتَ فُلاَنٌ كَمَدَ الحُبَارَى قد مر الكلام عليه في باب الكاف عند قولهم "أكمَدُ من الحُبَارى" 3810- مَرَرْتُ بِهِمُ الجمَّاء الغَفِيرَ قَالَ سيبويه: هو اسمٌ جعل مصدراً فانتصب كانتصابه في قوله: فأوردَهَا العِرَاكَ وَلَمْ يَذُدْهَا (صدر بيت للبيد، وعجزه: ولم يشفق على نغص الدخال) وقَالَ بعضهم: الجمَّاء بَيْضَةُ الرأس لاَ ستوائها، وهي جَماء لاَ حيود لها، والغَفير: لأنها تغفر الرأس، أي تُغَطِيه، ويُقَال: هم في هذا الأمر الجَمَّاء الغَفِيرَ، وجَمَّاء الغَفِيرِ، أنشد ابن الأَعرَبي: صَغِيْرُهم وكَهْلُهُمْ سَوَاء * هُمُ الجَمَّاء في اللُّؤمِ الغَفيرُ 3811- مَا بِهِ قَلَبَةٌ أي عيب، وأصله من القُلاَب، وهو[ص 272] داء يصيب الإبلَ، قَالَ الأصمعى: داء يَشْتكى البعيرُ منه قلبه فيموتُ مِنْ يومه 3812- مَا جُعِلَ العَبْدُ كَرَبِّهِ قَالَوا: إن أول مَنْ قَالَ ذلك رَبيعة بن جرادٍ الأسلمىُّ، وذلك أن القَعْقَاع بن مَعْبَد بن زُرَارة بن عُدُس ابن زيد بن عبد الله بن دارم وخالدَ بن مالك بن رِبْعِيِّ بن سَلْم بن جَنْدَل بن نَهْشَل تَنَافَرَا إلى أكثَمَ ابن صَيْفي أيُّهما اكرم، وجعلاَ بينهما مائةً من الإبل لمن كان أكْرَمَهُمَا، فَقَالَ أكثم بن صَيْفي: سفيهان يُريدان الشر، وطلب إليهما أن يرجعا عما جاآله، فأبَيَا، فبعث معهما رجلاً إلى ربيعة بن جراد وحَبَس إبلهما التي تنافَرَا عليهما مائة ومائة، وقَالَ انطلقا مع رسولي هذا فإنه قَتَلَ أرْضاً عالمُهَا وقَتَلَتْ أرضٌ جاهلها، فأرسلها مثلاً، فلما قَدِمَا على ربيعة وأخبراه بما جاآله قَالَ ربيعة للقعقاع: ما عندك يا قعقاع؟ قَالَ: أنا ابن مَعْبَد بن زُرَارة، وأمي مُعَاذة بنت ضِرَار، رَأَسَ من اعمامي عشرة، ومِنْ أخوالي عشرة، وهذه قَوْسُ عمي رهَنَها عن العرب، وجَدِّي زُرَارة أجار ثلاَثة أملاَك بعضَهم من بعضٍ، قَالَوا: وفي ذلك يقول الفرزدق مِنَّا الَّذِي جَمَعَ المُلُوكَ وَبَيْنَهُمْ * حَرْبٌ يُشَبُّ سَعِيرُهَا بِضِرَامِ ثم قَالَ ربيعة لخالد بن مالك: ما عندك ياخالد؟ قَالَ أنا ابن مالك، قَالَ: لم تصنع شيئاً، ثم ابن مَنْ؟ قَالَ: ابن ربْعي، قَالَ: لمْ تَصنَع شيئاً، ثم ابن مَنْ؟ قال: ابن سَلْم؟ قَالَ: الآن، فمن أمُّكَ؟ قَالَ: فرعة، قَالَ ابنة مَنْ؟ قَالَ: ابنة مندوس، قَالَ ربيعة للقَعْقَاع: قد نَفَّزْتُكَ يا ابن الضبنة، فَقَالَ خالد: أتجعل معبد بن زُرَارة كمثل سَلْم بن جندل؟ فَقَالَ ربيعة: ماجُعِلَ العبدُ كربة! فأرسلها مثلاً 3813- مَا نَلْتَقِى إلاَ عَنْ عُفْرٍ أي بعد شهر أو شهرين، والحين بعد الحِينِ 3814- مَا يَوْمُ حَلِيمَةَ بِسِرٍّ هي حليمة بنت الحارث بن أبي شمر، وكان أبوها وَجَّهَ جيشاً إلى المنذر بن ماء السماء، فأخرجت لهم طِيباً من مِرْكَن فطَيَّبتهم، وقَالَ المبرد: هو أشْهَرُ أيام العرب، يُقَال: ارتفع في هذا اليوم من العَجَاج ما غَطَّى عَيْنَ الشمسِ حتى ظهرت الكواكبُ يضرب مثلاً في كل أمر مُتَعَالم مشهور، قَالَ النابغة يصف السيوفَ: تُخُيِّرْنَ مِنْ أزْمَانِ عَهْدِ حَلِيمَةٍ * إلَى اليَوْمِ قَدْ جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ تَقُدُّ السَّلوقِىَّ المُضَاعَفَ نَسْجُهُ * وَيُوقِدْنَ بِالصُّفَّاحِ نَارَ الحُبَاحِبِ [ص 273] وذكر عبد الرحمن بن المفضل عن أبيه قَالَ: لما غزا المنذرُ بن ماء السماء غَزَاته التي قُتِلَ فيها، وكان الحارثُ بن جَبَلَة الأَكبر ملك غسان يخاف، وكان في جيش المنذر رجل من بني حنيفة يُقَال له شمرُ بن عمرو، وكانت أمه من غسان، فخرج يتوصل بجيش المنذر يريد أن يلحق بالحارث، فلما تدانَوْا سار حتى لحق بالحارث، فَقَالَ: أتاك مالاَ تُطِيق، فلما رأى ذلك الحارثُ نَدَبَ من أصحابه مائةَ رجلٍ اختارهم رجلاً رجلاً، فَقَالَ: انطلقوا إلى عسكر المنذر فأخْبِرُوهُ أنا نَدِينُ له ونُعْطيه حاجته، فإذا رأيتم منه غِرَّةً فاحملوا عليه، ثم أمر ابنته حَلِيمة فأخرجَتْ لهم مِرْكَناً فيه خَلُوق، فَقَالَ: خَلِّقِيِهِمْ، فخرجت إليهم وهي من أجمل ما يكون من النساء، فجعلت تخلِّقهم، حتى مر عليها فتىً منهم يُقَال له لبيد ابن عمرو، فذهبت لِتُخَلِّقه، فلما دنَتْ منه قَبَّلَها، فلطمته وبكت، وأتَتْ أباها فأخبرته الخبر، فَقَالَ لها: وَيْلَكِ اسْكُتي عنه فهو أرْجَاهُمْ عندي ذكاءَ فؤادٍ، ومَضَي القومُ ومعهم شمر بن عمرو الحَنَفُّىِ حتى أتوا المنذر فَقَالَوا له: أتيناك من عند صاحبنا وهو يَدِينُ لك ويعطيك حاجتك، فتباشَرَ أهلُ عسكر المنذر بذلك، وغَفَلُوا بعضَ غَفْلة، فحملوا على المنذر فقتلوه: ليس يومُ جليمة يسر، فذهبت مثلاً. قَالَ أبو الهيثم: يُقَال إن العرب تسمي بَلْقِيسَ حليمة 3815- مَا أَرْزَمَتْ أُمُّ حَائِلٍ يضرب في التأبيد والحائل: الأنثى من ولد الناقة حين تنتج، والسكب: الذكر، والرَّزَمَةُ: صوت الناقة. 3816- مَا يَلْقَى الشَّجِيُّ مِنْ الخَلِيِّ الياء من الشجي مخففة، ومن الخلي مشددة، يُقَال شَجِيَ يَشْجَى شَجىً فهو شَجٍ، ومن شَدَّد الياء منه فيجوز أن يقول هو فَعِيل بمعنى مفعول من "شَجَاه يَشْجُوه" إذا أحْزَنَه، ويجوز أن يقول: شُدِّد للاَزدواج، "وما" استفهام، ومعناه: أي شيء الذي يلقاه الشجي من الخلي من ترك الاهتمام بشأنه لخلوه مما هو مبتلىً به؟ قَالَ أبو عبيد: معناه أنه لاَ يساعده على همومه، ومع ذلك يَعْذِله قلت: وقد ذكرتُ لهذا المثل قصةً في باب الواو عند قولهم "ويل للشجي من الخلي" 3817- مَا أَمْرُ العَذْرَاءِ فِي نَوَى القَوْمِ؟ يضرب في ترك مُشَاورة النساء في الأمور[ص 274] 3818- مَا يُبْدى الوَتْرُ مثل قولهم "ما تُبْدِى الرَّضَفَة" و "ما تَنْدَى صَفَاتُه" تضرب كلها للبخيل. 3819- مَا فِي سَنَامِهَا هُنَانَةٌ بالضم، أي شحم وسمن. يضرب لمن لاَ يوجَد عنده خير. 3820- مَا كلُّ عَوْرَةٍ تُصَابُ العَوْرَة: الخلل الذي يَظْهَر للطالب من المطلوب، أي ليس كل عورة تظهر لك من عدو يمكنك أن تصيب منها مرادك. 3821- ما أنتِ نَجِيَّةٌ ولاَ سَبيَّة هذا مثل قولهم "فلاَن لاَحاء ولاَ ساء" أي لاَ مُحْسن ولاَ مُسِيء، ويجوز أن يكون من حَاءِ وهو زَجْر للمعز، ومن ساء وهو زجر للحمار، أي لاَ يمكنه زَجْرُها لهمومه وذَهَاب قوته. 3822- ما أنْتَ بِعِلْقِ مَضَنّةٍ يضرب لما لاَ يَعْلَقُ به القلب ولاَ يَضَنُّ به لخَسَاسته. 3823- ما يَرْوَى غُلَّتَهُ بِالمضِيحِ المَحْلُوبِ المَضِيح، والضَّيْح، والضَّيَاحُ: اللبن الكثير الماء، أي لاَ يُجْبَر كسرُه بالشيء القليل. |
3824- مَا كلُّ رامِي غَرَضٍ يُصِيبُ يضرب في التأسِيَةِ عن الفائت. 3825- ما هذا البِرُّ الطَّارِقُ يُقَال "طَرَقَ" إذا أتى ليلاً. يضرب في الإحسان يُسْتَبْعد من الإنسان. ويروى "الطارف" أي الجَدِيدُ. 3826- مِنْ قَرِيبٍ يُشْبِهُ العَبْدُ الأمَةَ أي لاَ يكون بينها كثيرُ فرقٍ. يضرب في المُتَقَارِبَيْنِ في الشَّبَه. مِنْ قَدِمٍ مَا كَذَبَ النَّاسُ يعنى أن الكذب قديماً يستعمل ليس بِبِدْعٍ مُحْدَثٍ. 3828- مالَهُ رُواءُ ولاَ شاهِدٌ الرُّوَاء: المنْظَر، والشاهد: اللسان، أي ماله مَنْظَر ولاَ مَنْطِق. 3829- منْ حَدَِّثَ نَفْسَهُ بِطُولِ البَقَاءِ فَلْيُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى المَصائِب وهذا يروى عن عبد الرحمن بن أبى بكر رضي الله عنهما.[ص 275] 3830- مَنْ لَمْ يَأْسَ عَلَى ما فَاتَهُ أَرَاحَ نَفْسَهُ قَالَه أكثم بن صيفي. يضرب في التَّعْزِية عند المصيبة وحَرَارتها وتَرْك التأسُّفِ عليها. 3831- ما أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَهْ أي ما أشبَهَ بعضَ القوم ببعض. يضرب في تساوِي الناس في الشر والخديعة. وتمثل به الحسنُ رضي الله عنه في بعض كلامه للناس. وهو من بيت أولُه: كُلُّهُمُ أرْوَغُ من ثَعْلَبٍ * مَا أشْبَهَ الَّليْلَةَ بِالبَارِحَهْ وإنما خص البارحة لقُرْبِهَا منها، فكأنه قَالَ: ما أشبه الليلة بالليلة، يعنى أنهم في اللؤم من نصاب واحد، والباء في "البارحة" من صلة المعنى، كأنه في التقدير شيء يشبه الليلة بالبارحة، يُقَال: شبهته كذا وبكذا. يضرب عند تشابه الشيئين. 3832- المَرْءُ بِخَلِيلِهِ - أي مقيس بخليله - فَلْيَنْظُر امْرُؤٌ مَنْ يُخَالِلُ يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. 3833- مَلِّكْ ذا أمرٍ أَمْرَهُ أي كِلِ الأمور إلى أربابها، ووَلِّ المالَ رَبَّه، أي هو المعنىُّ به دون غيره. يضرب في عناية الرجل بماله. 3834- ما عِنْدَهُ ما يُنَدَّى الرَّضَفَةَ قَالَ الأَصمعي: أصلُ ذلك انهم كانوا إذا أعْوَزَهم قِدْرٌ يطبخون فيها عملوا شيئاً كهيئة القِدْر من الجُلُود وجعلوا فيه الماء واللبن، وما أرادوا من وَدَك، ثم ألْقَوْا فيها الرضَفَ - وهى الحجارة المُحْمَاة - لتُنْضِجَ ما في ذلك الوعاء، أي ليس عند هذا من الخير ما يُنَدِّى تلك الرضفة. يضرب للبخيل لاَ يخرج من يده شيء. 3835- أَمْرَعَ وَادِيِهِ وَ أَجْنَى حُلَّبُهُ الحَلَّبُ: نبتٌ ينبسط على وجه الأَرض يقال: تَيْسُ حُلَّبٍ كما يُقَال: قنفذُ برقة، والحُلَّب سُهْلى تَدُومُ خُضرته. يضرب لمن حسنت حالُه. وأجنى: أي جاء بالجَنَى، وهو ما يُجْتَنَى، ومعناه أثمر. 3836- مَرْعْىً وَلاَ كَالسَّعْدَانِ قَالَ بعض الرواة: السَّعْدَان أخْثَرُ العُشْبِ لَبَنَا، وإذا خَثَرَ لبنُ الراعية (خثر اللبن - كنصر - ثخن واشتد، فهو خائر) كان [ص 276] أفضَلَ ما يكون وأطيَبَ وأدْسَمَ، ومنابِتُ السَّعْدان السهولُ، وهو من أنجع المَرَاعِي في المال، ولاَ تحسنُ على نبتٍ حُسْنَهَا عليه، قَالَ النابغة: الوَاهِبُ المِائِةَ الأبكارَ زَيَّنَهَا * سَعْدَانُ تُوضِحَ فِي أوبَارِهَا اللِّبَدُ يضرب مثلاً للشيء يَفْضُل على أقرانه وأشكاله. قَالَوا: و أولُ من قَالَ ذلك الخَنْسَاء بنت عمرو بن الشريد، وذلك أنها أقبلت من الموسم فوجَدَتْ الناسَ مجتمعين على هند بنت عتبة بن رَبيعة، ففرجَتْ عنها وهي تنشدهم مراثي في أهل بيتها، فلما دنَتْ منها قَالَت: على مَنْ تبكين؟ قَالَت: أبكى سادةً مَضَوا، قَالَت: فأنشِدِينِي بعضَ ما قلت، فَقَالَت هند: أبْكِى عَمُودَ الاَبْطَحَيْنِ كِلَيْهِمَا * ومَا نَعِهَا مِنْ كُلِّ بَاغٍ يُرِيدُهَا أبُو عُتَبَةَ الفَيَّاض وَيْحَكِ فَاعْلَمِي* وشَبِيبَة وَالحَامِي الذِّمَارِ وَلِيدُهَا أولئِكَ أهْلُ العِزِّ مِنْ آل غَالِبٍ * وَللمجد يوم حين عُدَّ عَدِيدُهَا قَالَت الخنساء: مَرْعىً ولاَ كالسعدان، فذهبت مثلاً، ثم أنشأت تقول: أَبْكِي أَبَا عَمْرٍو بَعَيْنٍ غَزِيرَةٍ * قَلِيل إذا تُغْفِى العُيُونُ رُقُودُهَا وَصَخْراً وَمَنْ ذَا مِثْلُ صَخْرٍ إذا بَدَا * بِسَاحَتِهِ الأبطَالُ قُبَّاً يَقُودُهَا حتى فرغت من ذلك؛ فهي أول من قَالَت "مَرْعىً ولاَ كالسَّعْدَانِ" ومرعى: خبر مبتدأ محذوف، وتقديره هذا مرعى جيد، وليس في الجودة مثل السعدان. وقَالَ أبو عبيد: حكى المفضل أن المثل لامرأة من طيئ، كان تزوجها امرؤ القيس بن حُجْر الكندي، وكان مُفَرَّكاً، فَقَالَ لَها: أين أنا مِنْ زوجك الأول؟ فَقَالَت: مَرْعىً ولاَ كالسَّعدان، أي إنك وإن كنت رِضاً فلستَ كفلاَن. 3837- المَالُ بَيْنِي وبَيْنَكَ شِقَّ الأَبلمَةِ ويروى " الأَبلمة" بالفتح. قَالَ أبو زياد: هي بَقْلة تخرج لها قرون كالباقلاَ، فإذا شَقَقَتْهَا طولاً انشقَّت نصفين سواء من أولها إلى آخرها. يضرب في المُسَاواة والمشاركة في الأمر وشِقَّ: نصبٌ على المصدر من معنى قوله "المال بيني وبينك" أي مشقوق بيني وبينك[ص 277]. 3838- مَثَلُ المُؤْمنِ مَثَلُ الخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ تُفِيئُهَا الريْح مَرَّة ههُنَا وَمَرَّةً هَهُنَا، ومثَلُ الكافِرِ مَثَلُ الأرزة المُحْدَبَةِ عَلَى الأَرض حتَّى يَكُونُ انْجِعَافُهَا مَرَّة وَاحِدَةً. قَالَه النبي صلى الله عليه وسلم. قَالَ أبو عبيد: شبه المؤمنَ بالخامة التي تُمِيلها الريحُ لأنه مُرَزَّأ في نفسه أهله وولده وماله، وأما الكافر فمثلُ الأرزة التي لاَ تُمِيْلها الريحُ، والكافر لاَ يُرْزَأ شيئاً حتى يموتَ، وإن رُزئ لم يؤجَرْ عليه، فشبه موتَه بانْجِعَافِ تلك حتى يلقى الله بذنوبه. 3839- مَرْعىً وَلاَ أكُولَةً الأكُولة: الشاة التي تُغْزَل للأكل وتُسَمَّن. يضرب للمتمِّولِ لاَ آكِل لماله. 3840- أمرْعْتَ فانْزِلْ يُقَال "أمْرَعَ الوادى" و "مَرُع" بالضم - أي كثر كَلَؤه، و"أمْرَعَ الرجلُ" إذا وجَد مكاناً مَرِيعاً. يضرب لمن وقَع في خِصْب وسَعَة ومثله "أعْشَبْتَ فَانْزِلْ". 3841- مَا ضرَّ نَابِى شَوْلُهَا المُعَلَّقُ إن تَرِدِ المَاءَ بِمضاءَ أوْثَقُ الشَّوْل: القليل من الماء. يضرب في حمل مالاَ يضرك إن كان معك، وينفعك إن احْتَجْتَ إليه. وهذا مثل قولهم "إن ترد الماءَ بماء أكْيَسُ" 3842- مَاءٌ وَلاَ كَصَدَّاءَ قَالَ المفضل: صداء: رَكِيَّة لم يكن عندهم ماءٌ أعذبُ من مائها، وفيها يقول ضِرَار السَّعْدِي: وَإنِّي وَتَهْيَامِى بزَيْنَبَ كالَّذِي * تَطَلَّبَ مِنْ أحْوَاضِ صَدَّاءَ مَشْرباَ يريد أنه لا يَصِلُ إليها إلا بالمُزَاحمة لفَرْط حسنها كالذي يَرِدُ هذا الماء فإنه يزاحم عليه لفَرط عذوبته. قَالَ المبرد: يروى عن ابنة هانئ بن قبيصة أنه لما قتل لَقِيط بن زُرَارة من دارم فتزوجها رجل مِنْ أهلها فكان لا يزال يراها تذكر لقيطاً، فَقَالَ لها ذاتَ مرة: ما استحسنت من لقيط؟ قَالَت كل أموره حَسَن، ولكني أحَدَّثُكَ أنه خَرَجَ إلى الصيد مرةً وقد ابتَنَي بي، فرجع إلي وبقميصه نَضْحٌ من دماء صيد، والمِسْكُ يَضُوع من أعطافه، ورائحةُ الشراب من فيه، فَضَمَّنِى [ص 278] ضمةً، وشَمَّني شَمة فليتني متُّ ثَمَةَ، قَالَ: ففعل زوجُها مثلَ ذلك ثم ضمها، وقَالَ لها: أين أنا من لقيط؟ قَالَت ماءٌ ولاَ كصَدَّاء! ويروى على وزن حَمْرَاء، قَالَ الجوهرى: سألت أبا علي - يعنى الفَسَوَى - فقلت: أهو فَعْلاَء من المضاعف؟ قَالَ نعم، وأنشدني قَولَ ضِرار بن عتبة السعدي : كأنِّي من وَجْدٍ بِزَيْنَبَ هَائِمٌ * يُخَالِسُ مِنْ أحْوَاضِ صَدَّاءَ مَشْرَباً يَرَى دُونَ بَرْدِ الماء هَوْلاً وَذَادَةً * إذا اشْتَدَّ صَاحُوا قَبْلَ أنْ يَتَجَنَّبَا أي قبل أن يَرْوَى، وبعضهم يرويه بالهمز وسألت عنه رجلاً في البادية من بني سُلَيم فلم يهمزه 3843- المَاءُ مِلْكُ أمْرٍ ويروى "ملك الأمر" أي هو مِلاَكُ الأشياء. يضرب للشيء الذي يكون مِلاَكَ الأمر، عن أبى زيد. 3844- ما أقومُ بِسَيْلِ تَلعاتِكَ أي ما أطيقُ هجاءك وشَتْمَكَ ولا أقوم لهما 3845- مَا أنتَ بِلُحْمَةٍ وَلاَ سَتَاةٍ السَّتَاة والسَّدَاة واحد، وهما ضدُّ اللحمة يضرب لمن لاَ يُنْتفَع منه بشيء ولاَ يصلح لأمر. 3846- ما أنتَ بنَيْرَةٍ ولاَ حَفَّةٍ النَّيْرَة: الخَشَبة المعترضة، والحَفَّة: القَصَبَاتُ الثلاَث. يضرب لمن لاَ ينفع ولاَ يضر. 3847- مَا عِقَالَكَ بِأنْشُوطَةٍ العِقَال: ما يُعْتَقَل به البعير، والأنشُوطة: عقدة يَسْهُل انحلاَلها، أي ما مودَّتُكَ بواهية، وتقديره ما عقد عقالك بعقد أنشوطة، فحذف "عقد" قَالَ ذو الرمة: وَقَدْ عَلِقَتْ مَىٌّ بقَلْبى عَلاَقَةً * بَطِيئاً عَلَى الشُّهُور انحِلاَلُها 3848- مَا بِهَا عَلَى نَافِخُ ضَرْمَةٍ "بها" أي بالدار، والضَّرْمَة: ما أضرمْتَ فيه النار كائناً ما كان، ويعني بالمثل ما في الدار أحَدٌ، وفي حديث علي رضي الله عنه: يَوَدُّ معاويةُ أنه ما بقى من بنى هاشم نافخُ ضَرْمة إلاَ طُعِنَ في نيطه، أي في نِيَاطِ قلبه 3849- ما عَلَيْهَا خَضَاضٌ الخَضَاض: الشيء اليسير من الحلى، قَالَ الشاعر: وَلَوْ أشْرَفَتْ مِنْ كفة السِّتْرِ عَاطِلاً * لَقُلْتُ: غَزَالٌ مَا عَلَيْهِ خضَاضُ يضرب في نفى الحلى عن المرأة. 3850- ما كَفَى حَرْباً جَانِيهَا أي إنما يكون صلاَحُهَا بأهل الأناة [ص 279] والحلم، لاَ بمن جَنَاها وأوقد لظَاهَا، وقَالَ: لكِنْ فَررْتُ حِذَارَ المَوْتِ مُنْكَفِئاً * وَلَيْسَ مُغْنِىَ حَرْبٍ عَنْكَ جَانِيهَا قَالَ أبو الهيثم: أي من أفسد أمراً لم يُتَوَقَّع منه إصلاَحُه. 3851- مَحَا السَّيْفُ ما قَالَ ابْنُ دَارَةَ أَجْمَعَا ابن دَارَة: هو سالم بن دَارَةَ أحدُ بني عبد الله بن غَطَفَان، ودارة: أمه، وكان هجا بعضَ بنى فَزَارة فَقَالَ: أبْلِغْ فَزَارَةَ أنِّي لَنْ أُصَالَحَهَا * حَتَّى يَنِيكَ زَمَيْلٌ أمَّ دِينَارِ فاغتاله زُمَيل فقتله، قَالَ: أنَا زُمَيْلٌ قَاتِلُ ابْنِ دَارَهْ * وَرَاحِضُ المَخْزَاةِ عَنْ فَزَارَهْ وفيه يقول الكميت: أبَتْ أمُّ دِيْنَارٍ فأصبَحَ فَأصْبَحَ فَرْجُهَا * حَصَاناً وَقُلِّدْتُمْ قَلاَئِدَ قوزعا خُذُوا العَقْلَ إنْ أعْطَاكُمْ العَقْلَ قَوْمُكُمْ * وَكُونُوا كَمَنْ سِيْمَ الهَوانَ فأَرْتَعَا وَلاَ تُكْثِرُوا فِيهِ الضَّجَاجَ فَإنَّهُ * مَحَا السَّيْفُ مَا قَالَ ابْنُ دَارَةَ أجْمَعَا قَالَ المفسرون: أراد بقوله "قلاَئد قوزع" الداهيةَ والعارَ 3852- مَازِ رْأْسَكَ والسِّيْفَ قَالَ الأَصمعي: أصل ذلك أن رجلاً يُقَال له "مازن" أسَرَ رجلاً، وكان رجل يطلب المأسور بِذَحْل، فَقَالَ له: مازِ - أي يا مازن - رأسَكَ والسيفَ، فنحَّى رأسه، فضرب الرجل عنق الأسير قلت: قَالَ الليث: إذا أراد الرجلُ أن يضرب عنقَ آخر يقول: أخرج رأسَك فقد أخطىء حتى يقول: ما زِرَأسَك، أو يقول: مَازَ، ويَسكت، ومعناه مُدَّ رأسكَ. قَالَ الأزهرى: لاَ أعرف "مازِ رأسَكَ" بهذا المعنى، إلاَ أن يكون بمعنى مايز، فأخَّرَ الياء فَقَالَ ماز وأسقطت الياء في الأمر 3853- مَخْشُوبٌ لَمْ يُنَقَّحْ المخشوب: المقطوع من الشجر قبل أن يصلح، ويُقَال "سيف خَشِيب" للذى لم يتم عمله، ويُقَال أيضاً للصَّقِيل "خشيب" وهو من الأضداد. يضرب للشيء يبتدأ به ولم يهذب بعد 3854- ما تَنْهَضُ رَابِطَتُهُ ويروى "ماتقوم رابضتُه" وهي الصيد يَرْميه الرجلُ فيقتل أوْيَعينُ (يعين: يصيب بعينه) فيقتل وأكثر ما يُقَال في العين [ص 280] يضرب للعالم بأمره. 3855- ما أصَيْبتُ مِنْهُ أَقْذَّ ولاَ مَرِيشاً الأقذُّ: السهم الذي لاَ ريش عليه، والمَرِيشُ: الذي عليه الريش، أي لم أظفر منه بخير قليلٍ ولاَ كثير. 3856- مالَهُ لاَ عُدَّ مِنْ نَفَرِهْ قَالَ أبو عبيد: هذا دُعاء في موضع المدح، نحو قولهم "قاتلة الله ما أفْصَحَه" قَالَ امرؤ القيس: فَهْوَ لاَ تَنْمِى رَمِيَّتُهُ * مَالَهُ لاَ عُدَّ مِنْ نَفَرِهْ قوله "لاَ تَنْمى رميته" أي لاَ ترتفع من مكانها الذي أصابها فيه السهم لحِذْقِ الرامي ثم قَالَ "لاَ عد من نفره" أي أماته الله حتى لاَ يُعَدَّ منهم، كما يُقَال "قاتله الله" ومعناه لاَ كان له غير الله قاتلاً، أي أنه لاَ قِرْنَ له يَقْدِرُ على قتله فلاَ يقتله غير الله تعالى قَالَ أبو الهيثم: خرج هذا وأمثاله مخرج الدعاء، ومعناه التعجب، والنَّفَر: واحدهم رجل، ولاَ امرأة في النفر، ولاَ في القوم. 3857- مِنَ الخَوَاطِئِ سَهْمٌ صَائِبٌ يضرب للذي يخطئ مراراً يصيب مرة والخواطئ: التي القِرْطَاس، وهي من خَطِئَتْ أي أخطات، قَالَ أبو الهيثم: وهى لغة رديئة، قَالَ: ومَثَلُ العامة في هذا "ربَّ رميةٍ من غير رام" وانشد محمد بن حبيب: رمتني يَوْمَ ذَاتِ الغمر سَلْمى * بسَهْم مُطْعِمِ للصيد لأم فَقُلْتُ لَهَا أصبْتِ حَصَاةَ قَلْبِى * وَرُبَّةَ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رَامِ وقَالَ أبو عبيد: يضرب قوله "من الخواطئ" للبخيل يُعْطِى أحياناً على بخله 3858- مِنْ أَنَّى تَرْمِى الاَقْرَعَ تَشُجُّهُ يضرب لمن عَرَّضَ أغراضه للعائب فلاَ يستتر من ذلك بشيء. 3859- ما قُرِعَتْ عَصاً عَلَى عَصَاً إلاَ حَزِنَ لَهَا قَوْمٌ وَسُرَّ لَهَا آخَرُونَ قَالَ أبو عبيد: معناه لاَ يحدث في الدنيا حادث فيجتمع الناس على أمر واحد من سرور وأحزان، ولكنهم فيه مختلفون قلت: وإنما وَصَله بعلى وحقه "ما قرعت عَصاً بعصاً" على معنى ما ألقيت أو أسقطت عَصاً على عَصاً. 3860- ما مِثْلُ صَرْخَةِ الحُبْلَى ويروى "صَيْحَة الحبلى" أي صحية شديدة عند المصيبة أو غيرها.[ص 281] 3861- ما كانُوا عِنْدَنا كَكُفَّةِ الثَّوْبِ أي من هَوَانهم علينا 3862- مَا عَلَيْهِ فِرَاضٌ أي شيء من لباس وكذلك: 3863- مَا عَلَيْهِ طَحْرَبَةٌ، وطَحْرِبَةٌ، وَطُحْرُبَةٌ قَالَ أبو عبيد: وفي الحديث "يُحْشَر الناس يوم القيامة وليس عليهم طَحْرَبَةٌ" 3864- ما ذُقْتُ عَضَاضاً، ولاَ لَمَاجاً، ولاَ أكَالاً، ولاَ ذَوَاقاً، ولاَ قَضَاماً أي شيئاً يُعَضُّ ويُلْمج ويؤْكل ويُذَاق ويُقْضَم ومثل هذا كثيرٌ، مثل قولهم: 3865- ما ذُقْتُ عَلُوساً، ولاَ عَذُوفاً، ولاَ عًذَافاً بالذال والدال، وكلها بمعنى 3866- مَهْلاَ فُواقَ نَاقَةٍ أي أمْهِلْنِي قَدْرَ ما يجتمع اللبن في ضَرْع الناقة، وهو مقدار ما بين الحلبتين والفِيقَةُ: اسم ذلك اللبن. 3867- مَا يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَمْ يُذيِبُ قَالَ الأَصمعي: أصل هذا أن المرأة تَسْلأ السمنَ فيرتَجِنُ أي يختلط خائرة برقيقه فلاَ يصفو، فتبرم بأمرها، فلاَ تدري أتوقد هذا حتى يصفو وتخشى أن أوقدَتْ أن يحترق، فلا تدري أتنـزل القدر غير صافية أم تتركها حتى تصفو، وأنشد أبن السكيت: تَفَرّقَتِ المُخَاضُ عَلَى ابنِ بو * فَمَا يَدْرِى أيخُثِرُ أمْ يُذيبُ وقَالَ بشر: وكُنْتُ كَذَاتِ القِدْرِ لَمْ تَدْرِ إذَا غَلَتْ * أتُنْزِلُهَا مَذْمُومَةً أمْ تُذِيبُهَا يضرب في اختلاَط الأمر 3868- مَا كُلُّ بَيْضَاء شَحْمَةً، ولاَ كُلُّ سَوْدَاءَ تَمْرَةً وحديثه أنه كانت هندُ بنت عَوْف بن عامر بن نِزار بن بجيلة تحت ذُهل بن ثعلبة ابن عُكابة، فولدت له عامراً وشيبان، ثم هَلَكَ عنها ذهل، فتزوجها بعده مالكُ بن بكر بن سعد بن ضبة، فولدت له ذُهْلَ ابن مالك، فكان عامر وشيبان مع أمها في بنى ضَبَّة، فلما هلك ملك بن بكر انصرفا إلى قومهما، وكان لهما مال عند عمهما قيس بن ثعلبة، فوجَدَاه قد أتْوَاه، فوثب عامر بن ذُهْل فجعل يحتفه، فَقَالَ قيس: يا ابن دَعْنِي [ص 282] فإن الشيخ متأوه، فذهب قوله مثلاً، ثم قَالَ: ما كل بيضاء شَحْمَة، ولاَ كل سوداء تمرة، يعنى أنه وإن أشْبَهَ أباه خَلْقَاً فلم يشبه خُلْقاً، فذهب قوله مثلاً. يضرب في موضع التهمة. 3869- مَا أصْغَيْتُ لَكَ إنَاءً ولاَ أصفَرْتُ لَكَ فِنَاءً أي ما تعرضت لأمر تكرهه، يعنى لم آخذ إبلَكَ فيبقى إناؤك مكبوبا لاَ تجدُ لَبَناً تحلبه فيه ويبقى فناؤك خالياً لاَ تجد بعيراً يَبْرُك فيه وذكر عن علىٍّ رضي الله عنه أنه قَالَ: اللهم إنى أستعديكَ على قريش، فإنهم أصْغُوا إنائى وأصْفَرُوا عظم منزلتي وقدري. 3870- ما أَنْتَ بِخَلٍّ وَلاَ خَمْرٍ قَالَ أبو عمرو: بعض العرب يجعل الخمر للذتها خيراً والخل لحموضته شراً، وأنه لاَ يقدر على شربه، وبعضهم يجعل الخل شراً والخل خيراً، ويقولون: لست منه هذا الأمر في خل ولاَ خمر، أ ي لست منه في خير ولاَ شر 3871- مَا بِهَا طَلٌّ وَلاَ نَاطِلٌ الطَّل: اللبن، والناطل: الخمر، ويُقَال: مكيال من مكاييل الخمر، وقَالَ الأحمر: الناطل الفَضْلَة تبقى من الشراب في المكيال، والهاء في "بها" راجعة إلى الدار. 3872- مَتَى كانَ حُكْمُ الله فِي كَرَبِ النَّخْلِ. كَرَبَ النخل: أصولُ السَّعَف أمثال الكتف. قَالَ أبو عبيدة: وهذا المثل لجرير بن الخَطَفَى يقوله لرجل من عبد قيس شاعر. قلت: اسمه الصَّلَتَان العَبْدي كان قَالَ لجرير: أرى شاعِرَ لاَ شَاعِرَ اليَوْمَ مِثْله * جَرِيرَ، ولَكِنْ فِي كُلَيْبٍ تَوَاضُعُ (المحفوظ في صدر هذا البيت: أيا شاعرا لاَ شاعر اليوم مثله*) فَقَالَ جرير: أقُولُ وَلَمْ أمْلِكْ بوَادرَ دَمْعَتِى: مَتَى كَانَ حُكْمُ الله فِي كَرَبِ النَّخْلِ؟ وذلك أن بلاَد عبد القَيْس بلاَدُ النخل، فلهذا قَالَه. يضرب فيمن يَضَعُ نفسه حيث لاَ يستأهل 3873- ما ظلمته نقيراً ولا فتيلاً النَّقِير: النُّقْرة التي في ظهر النَّواة، والفتيل: ما يكون في شقِّ النَّوَاة، أي ماظلمته شيئاً. 3874- ما الخوَافِى كالقُلَبَةِ، وَلاَ الخُنَّازُ كالثُّعْبَةِ الخوافى: سَعَفُ النخل الذي دون القُلبَة، [ص 283] وهي جمع قَلْب وقِلْب وقُلْب، وكلها قُلْبُ النخلة ولُبُّها، أي لاَ يكون القِشرْ كاللب، وأما الخُنَّاز فهو الوَزَغَة، والثُّعَبْة: دابة أغلظ من الوَزَغَة تلسع، وربما قتلت، قَالَه ابن دريد، قَالَ: وهذا مثل من أمثالهم. يضرب في الأمر بعضُه أسهَلُ من بعضٍ، والأول في تفضيل الشيء بعضِه على بعضٍ. 3875- ما نَقَصَ مِنْ مَالِكَ ما زَادَ في عَقْلِكَ هذا مثل قولهم "لم يضِعْ من مالك ما وَعَظَكَ" 3876- المَسْأَلَةُ آخِرُ كَسْبِ الرَّجُلِ وهذا المثل عن أكْثَم بن صيفي في كلام له، وفي الحديث المرفوع "المسألة كُدُوحٌ أو خُموشٌ في وجه صاحبها" يعني إذا كان له غنى كما في حديث آخر " مَنْ سأل عن ظهر غِنىً جاء يومَ القيامة وفي وجهه كذا وكذا" 3877- مَالهُ أحَالَ وَأجْرَبَ المُحِيلُ: الذي حالت إبله فلم تَحْمِل، قَالَ الشاعر: فَمَا طَلَبَتْ مِنِّي؟ أحَالَتْ وأجْرَبَتْ * وَمَدَّتْ يَدَيْهَا لاَحْتِلاَبٍ وَصَرَّتِ دعا عليها أن تُحِيلَ وتُجْرِبَ وتصير أمةً تَصرُّ وتَحْلُب. 3878- مَثَلُ العَالِمِ كالحُمَّةِ يأتِيهَا البُعْدَاءَ ويَزْهَدُ فِيها القُرْباءُ الحمة: العَيْنُ الحارة الماء، وهذا مثل قولهم "أزْهَدُ الناسِ في العالم أهلُه وجِيرَانُهُ" 3879- مَلكْت فأسْجِحْ الإسْجَاحُ: حسن العفوِ، أي ملكت الأمر علىَّ فأحْسِنِ العفوَ عني، وأصله السهولة والرفق، يُقَال: مَشْيَةٌ سُجُح، أي سهلة، قَالَ أبو عبيد: يروى عن عائشة أنها قَالَت لعلي رضي الله عنهما يومَ الجَمَل حين ظَهَرَ على الناس فَدَنا من هَوْدَجها ثم كَلَّمها بكلام فأجابته "ملَكْتَ فأشجِحْ" أي ملكت فأحسن، فجهزها عند ذلك بأحسن جهاز وبَعَثَ معها أربعين امرأة، وقَالَ بعضهم: سبعين امرأة، حتى قدمت المدينة 3880- المَلَسى لاَ عُهْدَةَ يُقَال "ناقة مَلَسَى" للتي تملُس ولاَ يَعْلَق بها شيء لسرعتها في سيرها، ويُقَال في البيع "مَلَسَيِ لاَ عُهْدَةَ" و "أبيعك المَلسَى" أي البيعة المَلسَى، وفَعَلَى يكون نعتاً، يُقَال: ناقة وكَرَى، أي قصيرة، وحمار حَيَدَى، كثير الحيُود عن الشيء، وكذلك جَمَزَى وشَمَخَى في النعوت، والعَهْدَة: التَّبِعَةُ في العيب، ومعنى "لاَعهدة" أي تتلمَّس و تنفلت فلاَ ترجع إلي.[ص 284] يضرب لمن يخرج من الأمر سالماً لاَ له ولاَ عليه. قَالَ أبو عبيد: يضرب في كراهة المعايب 3881- ما أُبَاليهِ عَبْكَةً قَالَوا: العَبَكَة والحَبَكَةَ: الحبة من السَّوِيق يضرب في استهانة الرجل بصاحبه. قَالَ الأَصمعي: ومثلُه 3882- مَا أُبَالِيهِ بَالَةً قَالَ أبو عبيد: ومثل هذا المثل قد يضرب في غير الناس، ومنه قول ابن عباس رحمهما الله وسُئِل عن الوضوء من الَّلبن، فَقَالَ: ما أباليه بَالةً، اسْمَحْ يُسْمَحْ لك. قَالَ أبو عبيد: العبكة: الوذَحَة، وهي ما يتعلق بأذناب الشاء من البَعَرِ ويُقَال: الَّلبكَة في قولهم: 3883- ما نَقَصَ عِنْدَهُ عَبَكَةَ ولاَ لَبَكَةً القِطْعةُ من الثريد، ويُقَال: العَبَكَةَ شيء قليل من السمن تبقى في النِّحْى. ونصب "عبكة" في قوله "ما أباليه عبكة" على المصدر، كأنه أراد أن يقول "ما أباليه بالة" فأقام عبكة مُقَامه. 3884- المَرْءُ تَوَاقٌ إلى مَالَمْ يَنَلْ يُقَال: تاقُ الرجلُ يَتُوق تَوَاقَاناً، إذا اشتاق، يعنى أن الرجل حريصٌ على ما يمنع منه، كما قيل: أحَبُّ شيءٍ إلى الإنسانِ مَا امْتَعَنَا (المحفوظ: وحب شيء إلى الإنسان ما منعا بحذف الهمزة من "أحب" كما حذفت من خير وشر، وببناء "منع" للمجهول.) 3885- المَدْحُ الذَّبْحُ أي من مُدِح وهو يَغْتَرُّ بذلك فكأنه ذُبح، جعل ضرره كالذبح له. 3886- ما يُمْعِنُ بِحَقَيَّ وَلاَ يُذْعِنُ يُقَال "أمْعَنَ بحقه" إذا ذهبَ به، و"أذعن" إذا أقرَّ يضرب للغريم لاَ ينكر حقك ولا يقر به، ولكل من عَوَّقَ في أمر. 3887- مَنْ شَرٍّ ما أَلْقَاكَ أهْلُكَ يقول: لو كان فيك ما تحاماك الناسُ، ويروى "من شر ما طَرَحكَ" يضرب للبخيل يَزْهَدُ فيه الناس. 3888- مالَهُ ثَاغِيَةٌ وَلاَ رَاغِيَةٌ الثاغية: النَّعْجَة، والراغية: الناقة، أي ماله شيء. ومثله: 3889- مالَهُ دَقِيقَةٌ وَلاَ جَليلَةٌ فالدقيقة: الشاة، والجليلة: الناقة. [ص 285] 3890- مالَهُ دَارٌ وَلاَ عَقَارٌ يُقَال: العَقَار النَّخْل، ويُقَال: هو مَتَاع البيت. 3891- ما فِي الدَّار صَافِرٌ قَالَ أبو عبيد والأصمعي: معناه ما في الدار أحد يُصْفَرُ به، وهذا مما جاء على لفظ فاعل ومعناه مفعول به، كما قيل: ماء دافق، وسر كاتم، وقَالَ غيرهما: ما بها أحدٌ يصفر 3892- ما حَجَّ ولَكِنَّهُ دَجَّ يُقَال: هم الحاجُّ والداجُّ، قَالَوا: الداج الأعوان والمُكَارُون، ويُقَال: الداجُّ الذي خرج للتجارة، وهو من يدَجَّ يَدِجُّ دَجِيجَاً أي دبَّ. 3893- ما أنْكِرُكَ مِنْ سُوءٍ أي ليس إنكاري إياك من سوءٍ بك لكني لاَ أُثْبِتُكَ 3894- ما عِنْدَهُ طَائِلٌ وَلاَ نَائِلٌ الطائل: من الطَّوْل، وهو الفَضْل، والنائل: من النَّوَال وهو العَطِية، والمعنى ما عنده فضل ولاَ جود. 3895- ما عِنْدَهُ خَيْرٌ ولاَ مَيْرٌ الخير: " كل ما رُزْقه الناس من متاع الدنيا، والمير: ما جُلب من المِيرَة، وهو ما يتقوَّتُ فيتزود، أي ليس عنده خَيرٌ عاجل ولاَ يرجى منه أن يأتى بخير. 3896- مالي في هذا الأمر دَرَكٌ أي منزلة ومٌرْتَقَى، وأصل الدَّرَكِ حَبْلٌ يشدُّ في العَرَاقى ويشدُّ فيه الرِّشَاء لئلاَ يبتلَّ الرِّشاء، والمعنى مالي فيه منفعة ولاَ مَدْفَع عن مضرة. 3897- اسْتَمْسِكْ فَإنَّكَ مَعْدُوٌّ بِكَ يضرب في موضع التحذير؛ فإن المقادير تسوقك إلى ما حُمَّ لك ومنه قول الحسن "من كان الليل والنهار مَطِيَّتَهُ فإنه يُسَارُيه وإن كان مقيماً، وقول شُرَيح في الذين فَرُّوا من الطاعون: "إنَّا وإيَّاهم من طالبٍ لَقَريبُ" 3898- أُمِرَّ دُونَ عُبَيدةَ الوَذْمُ أي أحْكِمَ، والوَذْم: سَيْر يشدُّ به أذن الدلو. يضرب لمن أحكم أمر دونه ولاَ يُشْهِدُونه (نظير قول الشاعر: ويقضى الأمر حين تغيب تيم * ولاَ يستأمرون وهم شهود) 3899- ما تَئِطُّ مِنِّى حَاسَّةٌ أي ليس عندي عَطْف ولاَ رقة.[ص 286] 3900- ما هَذَا الشَّفَقُ الطَّارِفُ حُبىَّ الشَّفَق: الشفقة، والطارف: الحادث وحُبَّى: اسم امرأة. 3901- مالذُّبَابُ ومَا مَرَقَتُهُ يضرب في احتقار الشيء وتصغيره. 3902- مَا يَدْرِي مَا أبي مِنْ بَنِىَّ أي لاَ يعرف هذا من هذا، ويروى "ما يدرى أي من أي" قَالَه أبو عمرو. |
3903- ما يَعْرِفُ الحَوَّ مِنَ اللَّوِّ قَالَ بعضهم: أي الحقَّ من الباطل، وقَالَ بعضهم: الحوُّ سَوْقُ الإبل، واللَّوُّ: حبسها، ويروى "الحي من اللي" وقَالَ شمر: الحوُّ نَعَم، واللولَوْ، أي لاَ يعرف هذا من هذا. 3904- ما طافَ فَوْقَ الأَرض حافٍ وَنَاعِلُ يعنى بالناعل ذا النَّعْلِ نحو وَلاَ بِنٍ وتَامِرٍ 3905- ما يُعْوَى ولاَ يُنْبَحُ أي لاَ يُعْتَدُّ به في خير ولاَ شر لضعْفه، يُقَال: نَبَحَ الكلبُ فلاَناً، ونبح عليه، ولما كان النُّبَاح متعدياً أجرى عليه العُوَاء، فقيل ما يَعْوَى ولاَ يُنْبَح ازدواجا أي لاَ يكلم بخير ولاَ بشر لاحتقاره، ويروى "ما يَعْوِى ولاَ يَنْبَحُ" على معنى لا يبشر ولاَ يُنْذِر؛ لأن نُبَاح الكلب يبشر بمجيء الضيف وعُواء الذئب يؤذِن بهجوم شره على الغنم وغيرها. 3906- ما جَعَلَ البُؤْسَ كالأذَى؟ أيْ أيَّ شيء جَعَلَ البرد في الشتاء كالأذى والحر في الصيف؟ 3907- ما اكتَحَلْتُ غِمَاضاً وَلاَ حِثَاثاً أي ما ذُقْتُ نوماً 3908- مالَهُ سِتْرٌ ولاَ عَقْلٌ أي ماله حَياء، ذهبوا إلى معنى قوله تعالى (ولباسُ التقوى) يعنون الحياء؛ لأنه يَسْتُر العيوبَ، وذلك أنه لاَ يَصْنَع ما يَسْتَحْي منه فلاَ يعاب 3909- ما فِي كَنَانَتِهِ أَهْزَعُ وهو آخر ما يَبْقَى من السهام في الجُعْبة يضرب لمن لم يَبْقَ من ماله شيء 3910- ما زَالَ مِنْهَا بِعَلْيَاءَ الهاء راجعة إلى الفَعْلَة، أي لاَ يزال مما فعله من المجد والكرم بمحلة عالية من الشرف والثناء الحسن. 3911- أَمْسِكْ عَلَيكَ نَفَقَتَكَ أي فَضْلَ القَوْل، قَالَه شُريح بن الحارث القاضي لرجل سمعه يتكلم، قَالَ أبو عبيد: [ص 287] جعل النفقةَ التي يُخْرِجُها من ماله مثلاً لكلامه 3912- الْمِنَّةُ تهْدِمُ الصَنِيعَةَ هذا كما قَالَ الله تعالى (لاَتبطلوا صَدقَاتكم بالمنِّ والأَذَى) 3913- المُزَاحَةُ تُذْهِبُ المَهَابَةَ المُزَاح والمُزَاحة: المَزْح، والمِزَاحُ: المُمَازحة، والمَهَابة: الهَيْبة، أي إذا عُرف بها الرجلُ قَلَّت هيبته، وهذا من كلام أكثم بن صيفي. ويروي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أنه قَالَ: إياك والمُزَاح فإنه يَجُرُّ إلى القبيحة، ويورث الضغينة. قَالَ أبو عبيد: وجاءنا عن بعض الخلفاء أنه عَرَضَ على رجل حُلَّتين يختار إحدهما، فَقَالَ الرجل: كلتاهما وتمراً، فغضب عليه، وقَالَ: أعندي تمزح؟ فلم يُوَلِّهِ شيئاً 3914- الْمِزاحُ سِبَابُ النَّوْكَى هذا من المُمَازحة، والسِّبَابُ: المُسَابة، وإذا مازَحْتَ الأحمق فقد شاكلته، ومشاكلة الأحمق سُبَّة. 3915- مازَالَ يَنْظُرُ في خَيْرٍ أوْ شَرٍّ يضرب لمن يفعل الفعلة من خير فيثاب أو شر فيعاقب. وهذا مثل قولهم "مازال منها بعلياء" وقد مر. 3916- ما ظَنُّكَ بِجَارِك فَقَالَ ظَنِّي بِنَفْسِي أي أن الرجل يظنُّ بالناس ما يعلم من نفسه، إن خيراً فخير وإن شراً فشر. 3917- مِثْلُ المَاء خَيْرٌ مِنَ المَاء قَالَه رجل عُرِض عليه مَذْقَهُ لبنٍ، فقيل له: إنها كالماء، فَقَالَ: مثلُ الماء خير من الماء، فذهبت مثلاً. يضرب للقنوع بالقليل. 3918- أَمْلَكُ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَكْتَمُهُمْ لِسِرِّهِ يضرب في مَدْح كتمان السر 3919- ما في الحَجَرِ مَبْغًى ولاَ عِنْدَ فُلاَنٍ يضرب في تأكيد اللؤم وقلة الخير 3920- ما الأَوَّلُ حَسُنَ حَسُنَ الآخِرُ أي إذا حَسُنَ الأَوَّل حسن الآخر يضرب لمن يحسن فيتمِّم إحسانه 3921- ما مأمَنَيْكِ تُؤْتَينَ ما كَرِهْتِ مِنْ نَاحِيَتَيْكِ أي اللتين أمنتها من قرابه أو صديق 3922- ما صَلَّى عَصَاكَ كَمُسْتَدِيمٍ الاستدامة: ترك العجلة، أي ما ثقفك [ص 288] عاقل، فلذلك جهلت، قَالَ: فلاَ تَعْجَلْ بأمركَ واسْتَدِمْهُ* فما صلى عَصاك كمُسْتَدِيمِ يُقَال: صَليْت العصا، إذا لينتها وقَوَّمْتَهَا بالنار. ويُقَال: 3923- ما صَلَّيْتُ عَصاً مِثْلَهُ أي ما جَرَّيْت أحْزَمَ منه 3924- ما ضَفَا ولا صَفَا عَطَاؤهُ الضافي: الكثير، والصافي: النَّقُّي، أي لم يضْف وفقَ الظنّ ولم يَصْفُ من كدَر المنَّ 3925- مَا هُوَ إلاَ سَحَابَةٌ ناصِحةٌ أي لاَ يَسْيلُ منها شيء، يُقَال: سِقَاء ناصِح، لاَ يَنْدَى بشيء. يضرب للبخيل جداً 3926- مَا شَاءَ مَنْ أَعْتَبَ يضرب لمن يعتذر إلى صاحبه ويُخْبر أنه سَيُعْتِبُ. 3927- ما يَخْنُقُ عَلَى جِرَّتِهِ يضرب لمن لاَ يحفظ ما في صدره، بل يتكلم به ولاَ يَهَاب. 3928- مَا أَسْكَتَ الصَّبِيَّ أَهْوَنُ مِمَّا أَبْكَاهُ يضرب لمن يسألك وأنت تظنه يطلب كثيراً، فإذا رضَخْتَ له بشيء يَسِيرٍ أرضاه وقنع به. 3929- مالَكَ لاَ تَنْبَحُ يا كلبَ الدَّوْمِ قَدْ كُنْتَ نَبَّاحاً فَمَا لَكَ اليَوْمْ يضرب لمن كَبُرَ وضَعُفَ. أصل المثل أن رجلاً كان له كلب، وكان له عِيْرٌ، فكان كلبه كلما جاءت نَبِحَ، فأبطأت العِيرُ فَقَالَ: مالَكَ لاَ تَنْبح يا كلب الدوم؟ أي ماللعِير لاَ تأتى؟ 3930- ما يَنْفُضُ أذُنَيْهِ مِنْ ذَلِكَ يضرب لمن يُقِرُّ بالأمر ولاَ يُغَيره. 3931- مادُونَهُ شَوْكَةٌ وَلاَ ذُبَّاحٌ الذُّبَّاح: شقّ يكون في باطن الإصبع شديدٌ خبيث، قَالَه أبو السمحِ يضرب للأمر يَسْهُل الوصول إليه. 3932- ما دُونَهُ شَقَذٌ وَلاَ نَقَذٌ أي مادونه شيء يُخَاف ويكره. قلت: لم يزد على هذا، ولعل الشَّقَذَ من قولهم "أشْقَذَهُ فشَقَذَ" أي طَرَده فذهب، كأنه قيل: ما دونه بعد، والنقذ: إتباع له، وإذا قيل "ما به شقذ ولاَ نقذ" فإن ابن الأَعرَبي قَالَ: ما به حراك، ولعله يجعل الشَّقَذَ من الشقاذ (كذا، وأحسبه محرفا عن "الإشقاذ") من قوله:[ص 289] لَقَدْ غَضِبُوا عَلَيَّ وَأَشْقَذُونِي * فَصِرْتُ كأنَّنِي فَرَأٌ مثارُ أي أزعجوني وحَرَّكوني، ويجعل النَّقَذ من الإنقاذ، أي لاَ يمكنه إنقاذ شيء من يد العدو. 3933- مالَكَ مِنْ شَيْخِكَ إلاَ عَمَلُهُ يضرب للرجل حين يكبر، أي لاَ يُصْلح أن يُكَلَّف إلاَ ماكان اعْتَاده وقَدَر عليه قبل هَرَمِه. 3934- ما تُحْسِنُ تَعْجُوهُ وَلاَ تَنْجُوهُ أي تَسْقِيه اللَبن، وتنجوه: من النَّجْوِ، يُقَال للدواء إذا أمشى الإنسان: قَدْ أنْجَاه. يضرب للمرأة الحمقاء، والهاء راجعة للولد 3935- ما نَزَعَهَا مِنْ لَيْتَ الهاء راجعة إلى الفعلة، أي فعل الفعلة القبيحة لاَ يريد أن يَنْزِعَ عنها يضرب للرجل يعلقه الذم أو الأمر القبيح فلاَ يَنْزِع عنه. وأراد ما نزع عنها فحذف "عن" وأوصل الفعل، وقوله "من ليت" أي لم يترك تلك الفعلة من الندم، وهو قول النادم: ليتني لم أفعل، يريد لم يندم على ما فعل. 3936- ما هَلَكَ امْرؤٌ عَنْ مَشُورَةٍ المَشُورة والمَشْوَرة: لغتان، والأصل المَشْوَرَة على وزن الجَهْوَرَة والَمعتَبة ثم خُفِّفَتْ فقيل المَشُورة على وزن المَثُوبة، وقرأ بعضهم (لَمَثوبَةٌ من عند الله خير) على الأصل يضرب في الحث على المشاورة في الأمور 3937- ما لِلرِّجَالِ مَعَ القَضَاءِ مَحَالَةٌ المَحَالة: الحِيلة، ومنه قولهم "المرء يَعْجِزُ لاَ مَحَالَةَ) (المحفوظ *المرء يعجز لاَ المحالة*) 3938- ما النَّاسُ إلاَ أكْمَةٌ وَبَصِيرٌ بضرب في التفاوت بين الخلق 3939- المَرْءُ أَعَلَمُ بشَأْنِهِ يضرب في العُذْر يكون للرجل ولاَ يمكنه أن يُبْدِيه أي أنه لاَ يَقْدر أن يفسر للناس من أمره كل ما يعلم. 3940- المَنَاكِحُ الكَرِيمَةُ مَدَارِجُ الشَّرَف قَالَه أكثمَ بن صَيفي 3941- المُشَاوَرَةُ قبلَ المُثَاوَرَةِ هذا كقولهم "المُحَاجزة قبل المُناجزة" و"التقدُّم قبل التَّندم". 3942- المُدَارَاةُ قِوَامُ المُعَاشَرَةِ وَمِلاَكُ المُعَاشَرَةِ[ص 290] 3943- ما أحْلَى فِي هَذَا الأمر وَلاَ أمَرَّ أي لم يصنع شيئاً 3944- مالِي فِي هّذَا الأمر يَدٌ ولاَ أصْبُعٌ أي أثَرٌ. 3945- ما رأَيْتُ صَقْراً يَرْصُدُهُ خَرَبٌ يضرب للشريف يَقْهَرُه الوضيع. 3946- ما أُمَامَةُ مِنْ هِنْدٍ يضرب في البَوْن بين كل شيئين لاَ يُقَاس أحدُهما بالآخر، ذكره اللحياني. 3947- مالَهُ حَابِلٌ ولاَ نَابِلٌ فالحابل: السدي، والنابل: اللُّحْمَة، أي ماله شيء. 3948- ما اسْتَبقَاكَ مَنْ عَرَّضَكَ لِلأسَدِ يضرب لمن يحملك على ما تُكْرَهُ عاقبتُه 3949- مِثْلُ النَّعَامَةِ لاَ طَيْرٌ وَلاَ جَمَلُ يضرب لمن لاَ يُحْكَم له بخير ولاَ شر. 3950- ما عَسَى أَنْ يَبْلُغَ عَضُّ النَّمْلِ يضرب لمن لا يُبَالِى بوعيده. 3951- مَا سَدَّ فَقْرَكَ مِثْلُ ذَاتِ يَدِكَ أي لاَ تَتَّكل على غيرك فيما يَنُوبُكَ 3952- ما قَلِّ سُفَهاءُ قَوْمٍ إلاَ ذَلُّوا هذا مثل قولهم "لاَبُدَّ للفقيه من سَفِيه يُنَاضِلُ عنه" 3953- ما النَّارُ في الفَتِيلَةِ بأحْرَقَ مِنَ التَّعَادِي لِلقَبِيلَةِ 3954- مالهُ حَلَبَ قَاعِداً واصطَبَحَ بَارِداً يُقَال: معناه حلَب شاةً وشرِبَ من غير ثُفْل، وهذا في الدعاء عليه. 3955- مُقَنَّعٌ وَاسْتُهُ بَادِيَةٌ يضرب لمن لاَ سِرَّ عنده. 3956- ما تَسَالَمُ خَيْلاَهُ كَذِباً، وما تَسَايَرُ خَيْلاَهُ كَذِباً يضربان للكذاب، قَالَ الشاعر: فَمَا تَسَالَمُ خَيْلاَهُ إذا التَقَتَا * وَلاَ يعرج عَنْ بَابٍ إذا وَقَفَا قَالَ الفراء: فلاَن لاَ يُرَدُّ عن باب ولاَ يُعَرَج عنه، قَالَ ابن الأَعرَبي: يُقَال كَذَّاب لاَ تَسَايَرُ خَيْلاَه ولاَ تَسَالم خَيْلاَه، أي لاَ يصدق فيقبل منه، والخيلُ إذا تسالمت تسايرت لاَ يهيج بعضها بعضاً، قَالَ: وأنشد لرجل من محارب: ولاَ تَسَايَرُ خَيْلاَهُ إذا التَقَتا * ولاَ يُرَوَّعُ عَنْ بَابٍ إذا وَرَدَا [ص 291] 3957- ماْ عندَه شِوبٌ وَلاَ رَوب قَالَ ابن الأَعرَبي: الشَّوب العسل اَلمَشوْب، والرَّوب: اللبن الرائب، ويقال: لاشوب ولا روب، عند البيع والشراء في السلعة تبيعها، أي أنك بريء عن عيوبها. 3958- ما الإنْسَانُ لَوْلا اللَّسَانُ إِلاَّ صُورَةٌ مُمَثَّلَةٌ أَوْ بَهِيمَةٌ مُهْمَلَة يضرب في مَدْحِ القًدْرة على الكلام. 3959- ما تَرَكَ الله لهُ شُفْراً ولاَ ظُفْراً وَلاَ أَقَذَّ وَلاَ مَرِيشاً (الأقذ: السهم الذي لاَ ريش عليه، ووزنه كالأصم، وجمعه قذ مثل صم، وضبط بخط القلم في أصل هذا الكتاب بفتح الهمزة وسكون القاف وتنوين الذال، وليس بشيء) أي ما ترك شيئاً. 3960- مالهُ لاسُقَي سَاعِدَ الدَّرِّ السواعد: عروقُ الضَّرْع التي يخرج منها اللبن، دعاء عليه بأن تَجِفَّ ضروعُ إبله، والتقدير: لاَسُقي درَّ ساعِد الدر، فحذف المضاف. 3961- ما يَقُومُ برَوْبَةِ أَهْلِهِ ويروى "برَوْبَةِ أمْرِهِ" أي بجميعه، وأصل الرَّوْبَةَ الخميرة يروب بها اللبن، ويُقَال: الرَّوْبَة الحاجة، يُقَال: ما يقوم فُلاَن برَوْبة أهله، أي بما أسْنَدُوا له من حوائجهم، وقَالَ ابن الأعرابي: روْبةَ الرجل عَقْلُه، تقول: كان فلاَن يحدثني وأنا إذ ذاك غلام ليست لي رَوْبةَ. 3962- مالَهُ جُولٌ وَلاَ مَعْقُولٌ فالجُولُ: عرض البئر من أسفله إلى اعلاَه، فإذا صَلُب لم يحتج إلى طَىٍّ، والمعقولُ: العقلُ، ومثله المَعْسُور والمَيْسُور والمَجْلُود وأشباهها، والمعنى ماله عَزيمة قوية كجُولِ البئر الذي يؤمَنْ انهيارُه لصلاَبته ولاَ عَقْل يمنعه وَيكُفُّه عما لا يليق بأمثاله. 3963- ما يُنْضِجُ كُراعاً وَلاَ يَرُدُّ راويةُ يضرب للضعيف الذليل. قَالَت عمرة بنت معاوية بن عمرو: سمعت أبي يُنْشِد في الليلة التي مات في صبيحتها وينظر إلينا حوله: يا ويحَ صِبيَتِى الَّذينَ تَرَكْتُهُمْ * مِنْ ضَعْفِهِمْ ما يُنُضِجُون كُرَاعَا 3964- ما أَمْلِكُ شَدّاً وَلاَ إرْخَاءً يقوله الذي كُلِّفَ أمراً أو عَمَلاً، أي لاَ أقدِرُ على شيء منه. 3965- ما يُساوِي مَتكَ ذُبَابٍ يضرب للشيء الحقير.[ص 292] قَالَ نصير: المَتْك: العِرْقُ الذي في باطن الذكر، وهو كالخيط في باطنه على حلقة العِجَان 3966- ما فَجَرَ غَيورٌ قَطُّ قَالَه بعض الحكماء من العرب، يعني أن الغيور هو الذي يَغَار على كل أنثى. 3967- مَا بِهَا دِبِيحٌ - بالحاء ويروى بالجيم - وَمَا بِهَا وَابِرٌ أي أحد. قلت: يجوز أن يكون الوابر كاللاَبن والتامِرِ (ويكون معنى الوابر حينئذ ذا الوبر كما أن معنى التامر ذو التمر ومعنى اللاَبن ذو اللبن) ويجوز أن يكون من قولهم: "وبَرَ في الأَرض" إذا مشي، أو من قولهم "وبر في منزله" إذا أقام فيه فلم يَبْرَحْ، قَالَ الشاعر: فأبْتُ إلى الحَىِّ الَّذينَ وَرَاءَهُمْ * جَرِيضاً، ولم يُفْلِتْ مِن الجَيْشِ وَابِرُ أي أحد، ومثل هذا كثير، وكله لاَ يتكلم به إلاَ في الجَحْد خاصة. 3968- ما نَحَنِى مِنَاحَ العَلُوقِ قَالَ المنذرى: هذا مثل للعرب سائر فيمن يُرَائي وينافق فيعطى من نفسه في الظاهر غير ما في قلبه، والعَلُوق: الناقة تَرْأم ولَدَ غيرِهَا، وقَالَ ابن السكيت: ناقة عَلُوق ترأم بأنفها وتمنع دَرَّها، قَالَ الجعدى: (البيت للنابغة الجعدى، وقبله: وكان الخليل إذا رابني * فعاتبته ثم لم يعتب) ومَا نَحَنِى كَمِنَاحِ العَلُو * قِ مَا تَرَ مِنْ غرة تضرب 3969- ما سَقَانِي مِنْ سُوَيْدٍ قَطْرَةً سُوَيْد: تصغير أسود مرخما، يريد الماء، وقَالَ: ألاَ إنَّنِي سُقِّيتُ أسْوَدَ حَالِكَاً * أَلَذَّ مِنَ الشُّرْب الرَّحِيق المُبَجَّلِ أراد بالأسود الحالك الماء، يُقَال للماء والتمر: الأَسودان. يضرب لمن لاَ يواسيك بشيء. 3970- مَهْمَا تَعِشْ تَرَهْ مهما: حرف في الشرط بمنزلة ما، والهاء في "تره" للسكت، ومفعول تر محذوف، والتقدير: ما تعش تر أشياء عجيبة، أي ما دمت تعيش ترى شيئاً عجيباً. 3971- مَا حَوَيْتُ وَلاَ لَوْيْتُ، وما حَوَاهُ ولاَ لَوَاهُ الحَوْيَّة: كلُّ شيء ضَمَمْته إليك، واللَّوِيَّةُ: كل شيء خَبَأته. يضرب لمن يطلب المال.[ص 293] والمعنى ما جمعت ولاَ خبأت، أي لم تجمع ما طلبت لأنك كنت تطلب باطلاً. 3972- مَا جَاءَ بِمَا أدَّتْ إلى يَدٍ، ومَا جَاءَ بمَا تَحْمِلُ ذَرَّةٌ إلى جُحْرِهَا. يضرب في تأكيد الإخفاق. 3973- مَا هُوَ إلاَ غَرَقٌ أو شَرَقٌ فالغَرَق: أن يدخل الماء في مجرى النفس فيسده فيموت، ومنه قيل "غَرَّقَتِ القابلةُ المولودَ" وذلك أن المولود إذا سَقَطَ مَسَحَتِ القابلة منخريه ليخرج ما فيهما فيتسع مُتَنَفَّسُ المولود، فإن لم تفعل ذلك دخَلَ فيه الماء الذي في السابياء فغَرِق، قَالَ الأعْشَى: (السابياء: المشيمة التي تخرج مع الولد، أو جليدة رقيقة على أنفه إن لم تكشف عند الولاَدة مات، وقول الأعشى يقوله في قيس ابن مسعود الشيباني، وصدره: أطورين في عام غزاة ورحلة) ألاَ لَيْتَ قَيْساً غَرَّقْتْهُ القَوَابِلُ والشَّرَقُ: أن يدخل الماء في الحنجرة وهي مجرى التنفس أيضاً، فإذا شَرقَ ولم يتدارك بما يُحَلِّلُ ذلك هلك، فالشرق والغرق مختلفان وكادا يكونان متفقين. يضرب في الأمر يتعذَّر من وجهين. 3974- مَا أغْنَى عَنْهُ زِبْلَةٌ وَلاَ زِبَالٌ وهما ما تحمله النملة بفمها. يضرب لمن لاَ يغني عنك شيئاً. قلت: لم أر الزِّبْلَة بهذا المعنى ولاَ غيره، وإنما المذكور قولهم "ما في الإناء زُبَالَةَ" بالضم - أي شيء، و "ما رزأته زباَلاً" بالكسر أي شيئاً، ولاَ يبعد أن تكون الزبلة واحدةِ زِبال نحو رَقْبَة ورِقَاب وحَرَجَة وحِرَاج، ولكن الجمع يستعمل دون الواحد، ووجدت في الجامع زُبْلَة بضم الزاي، ويجوز أن يحمل هذا على أنها مقصورة من زُبَالة، وهذا وجه جيد. 3975- مَالَهُ نُقْرٌ وَلاَ مُلْكٌ يريد بئراً ولاَ ماء، النُّقْر: جمع نُقْرَة وهو الموضع يستنقع فيه الماء، والمُلك: الماء، قَالَ: ولَمْ يَكُنْ ملك لِلْقَوْمِ ينزلهم * إلاَ صَلاَصِل لاَ تَلْوِى عَلَى حَسَبِ 3976- مَا أدْرِي أغارَ أمْ مَارَ يُقَال "غَارَ" أي أتى الغَوْر، و"مار" أنجد، أي أتى نَجْداً. 3977- مَالَهُ لاَ عِى قَرْوٍ قَالَ الأَصمعي: القَرْو مَيْلَغة، ويُقَال: هو حَوْض صغير يُتَّخذ بجنب حوض كبير تَرِدُه البَهْم للسقى، قَالَوا: واللاَعى يحتمل [ص 294] أن يكون اشتقاقهُ من قولهم "كلبة لَعْوَة " و"امرأة لَعْوَة" أي حريصة على الأكل والشرب، ويقَال "رجل لَعْو، ولَعَّاءٌ" أي شهوان حَريص، ويُقَال: إن القَرْو قَدَح من خشب "وما بها لاَعى قَرْوٍ" أي ما بها مَنْ يَلحس عُساً (العس - بضم العين وتشديد السين - القدح، وجمعه عساس بوزن رجال) أي ما بها أحد، وهذا القول يروى عن ابن الأَعرَبي، ولاَ أرى لقولهم "لاَعى" فعلاً يتصرف منه. 3978- مَالَهُ هَابِلٌ وَلاَ آبِلٌ الهابل: المُحْتَال، والآبل: الحَسَنُ الرَّعْيَة، يُقَال "ذئب هَبِل" أي محتال، قَالَ ذو الرمة: ومُطْعِم الصَّيْدِ هَبَّالٌ لِبِغْيِتِهِ * ألْفْى أباهُ بِذَاكَ الكَسْبُ يَكْتَسِبُ واهتبل الصائدُ: أي اغتنم غَفْلَةَ الصيد يضرب لما لا يكون له أحد يهتم بشأنه 3979- مَا كَانَ لَيْلِى عَنْ صَبَاحٍ يَنْجِلِى (أحسب الأصل في هذا المثل "ماكاد ليلى - إلخ" وإن اتفقت الأصول كلها ما أثبتناه) يضرب لمن طلب أمرا لاَ يكاد يناله، ثم ناله بعد طول مدة. 3980- مَاؤُكَ لاَ يَنَالُ قَادِحُهُ يُقَال "قَدَحْتُ الماء" أي غَرَفْته، والماء إذا قل تعذَّر قَدْحه، أي ماؤك قليل لاَ يُبْرِدُ الغُلَّةَ لقلته. يضرب للشيء يصغر قدره ويقل نفعه. 3981- مَا يُشَقُّ غُبَارُهُ يراد أنه لاَ غُبَار له فيشق، وذلك لسرعة عَدْوه وخفة وطئه، وقَالَ: خَفَّتْ مَوَاقِعُ وَطْئِهِ فَلَوْ أنَّهُ * يَجْرِى بِرِمْلَةِ عَالجٍ لم يُرْهج وقَالَ النابغة: أعَلِمْتَ يَوْمَ عُكَاظَ حِينَ لَقَيتَنِي * تَحْتَ العَجَاجِ فَمَا شَقَقْتَ غُبَارِي يضرب لمن لاَ يُجَاري. لأن مجاريك يكون مَعَكَ في الغُبار، فكَأنهُ قَالَ: لاقِرْنَ له يجاريه، وهذا المثل من كلام قَصِير لجذيمة، وقد مَرَّ ذكره في باب الخاء عند قصة الزباء (انظر المثل 1250 "خطب يسير في خطب كبير") 3982- المَرْءُ بَأصْغَرَيْهِ يعني بهما القلبَ واللسان، وقيل لهما الأصغران لِصغر حجمهما، ويجوز أن يسميا الأَصغرين ذهاباً إلى أنهما أكبر ما في الإنسان معنىً وفضلاً، كما قيل: أنا جُذَيْلُها المحكَّكُ وعُذَيْقُها المرَجَّبُ، والجالب للباء القيام، كأنه قيل: المرء يَقُوم معانيه بهما أو يكمل المرء بهما[ص 295] 3983- ما كَلَّمْتُهُ إلاَ كَحَسْوِ الدِّيكِ يريدون السرعة، وقَالَ: وَنَوْم كَحَسْوِ الدِّيكِ قَدْ بَاتَ صُحْبَتى * يَنَالُونَهُ فَوْقَ القِلاَصِ العَبَاهِلِ يعنى قلته. 3984- مَا يَخْفَى هَذَا عَلَى الضَّبُعِ يضرب للشيء يتعالَمُه الناس. والضَّبُعُ أحمق الدوابِّ. 3985- مَسِّي سُخَيْلُ بَعْدَهَا أو صَبِّحِي سُخَيْل: جارية كانت لعامر بن الظَّرِبِ العَدْوَانِي، وكان عامرٌ حكَمَ العرب، (وهو الذي يقول فيه ذو الأصبع العدواني: ومن حكم يقضى * فلاَ ينقص ما يقضى وذلك من كلمته التي أولها: عذير الحي من عدوا * ن كانوا حية الأَرض) وكانت سُخَيْل ترعى عليه غَنَمَة، فكان عامر يعاتبها في رِعْيَتها، إذا سرحت قَالَ: أصْبَحَتِ يا سُخَيْل، وإذا راحت قال: أمسيت يا سُخَيْل، وكان عامر عَىَّ في فَتْوَى قومٍ اختلفوا إليه في خُنْثَى يحكم فيه، فَسَهِرَ في جوابهم ليالي، فَقَالَت الجارية: أتْبِعْهُ المَبَال، فبأيَّتِهما بال فهو هو، فَفُرِّجَ عنهُ وحكم به، وقَالَ: مَسَّى سُخَيل، أي بعد جواب هذه المسألة، أي لا سبيل لأحدٍ عليك بعد ما أخرجِتِنِي من هذه الوَرْطَة. يضرب لمن يُبَاشر أمر الاعتراضَ لأَحَدٍ عليه فيه. 3986- مَا عِنْدَهُ أَبْعَدُ أي ما عنده طائل. قَالَ أبو زيد: إنما تقول هذا إذا ذممته، وكذلك "إنه لَغَيْرُ أبْعَدَ". قلت: يمكن أن يُحْمل "ما" ههنا على معنى الذي، أي ما عنده من المطالب أبعدُ مما عند غيره، ويجوز أن يحمل على النفي، أي ليس عنده شيء يبعد في طلبه، أي شيء له قيمة أو محل. قَالَ ابن الأَعرَبي: إذا قيل "إنه لغيرُ أبعد" كان معناه لاَ غَوْرَ له في شيء. 3987- مَالَهُ بِذْمٌ يُقَال: البَذيم الذي يَغضب لما يغضب (هذا رأي الأصمعي، وعبارة اللسان "قَالَ الأَصمعي: إذا لم يكن للرجل رأي قيل: ماله بذم (بوزن قفل) والبذم: مصدر البذيم، وهو العاقل الغضب من الرجال، أي أنه يعلم ما يأتيه عند الغضب. وقيل: يعلم ما يغضب له، قَالَ الشاعر: كريم عروق النبعتين مطهر * ويغضب مما منه ذو البذم يغضب" اهـ ) [ص 296] له الكريم، والبَذْمُ: مصدر البَذِيم، وأصله القوة والاحتمال للشيء، يُقَال ثوبٌ ذو بُذْمٍ أي كثير الغزل، وذلك أقوى له. 3988- مَالَكَ اسْتٌ مَعَ اسْتِكَ قَالَ أبو زيد: يضرب لمن لم تكن له ثروة من مال ولاَ عِدَّة من رجال. 3989- مِنَ الرَّفْشِ إلَى العَرْشِ الرَّفْشِ والرُّفْشِ: مِجْرَفَة يُرْفَشُ بها البُرُّ، ويجوز أن يكون الرَّفْش مصدر رفش يرفش، وهو الرفع، أي كان نازلاً فصار مرتفعاً ومِنْ من صلة الفعل الضمير، وهو ارْتَقَى أو ارتَفَع. 3990- مَخَايلُ أغْزَرُها السَّرَابُ المَخِيْلَةُ: السحابة الخَليقة بالمطر، وأغزرها: أكثر ماء. يضرب للذي يكثر الكلام وأكثره ليس بشيء. 3991- مِنْ قَبْلِ تَوْتِيرٍ تَرُومُ النَّبْضَ؟ النَّبْضُ: اسم من الإنباض، وهو صوت يخرج من القوس إذا نزع فيها. يضرب لمن يَرُومُ الأمر قبل وقته. 3992- ما مِنْ عِزَّةِ إلاَّ وَ إلَى جَنْبِهَا عَرَّةٌ يضرب للقوم الكرام يَشُوبهم اللئام. 3993- مَنْ تَرَكَ المِرَاءَ سَلِمَتْ لَهُ المُرُوأةُ 3994- مَنْ عَاشَرَ النَّاسَ بالمَكْرُ كافَؤُهُ بِالغَدْرِ 3995- المَعاذِرُ مَكاَذِبُ المعاذر: جمع مَعْذِرَة، وهي العُذْر، والمَكَاذب: جمع الكذب كالمحاسن جمع حُسْن والمَقَابح جمع قُبْح، وهذا من قول مُطَرف بن الشَّخِّير. وهو مثل قولهم: 3996- المَعَاذِيرُ قَدْ يَشُوبُهَا الكَذِبِ 3997- مَعَ المَخْضِ يَبْدُو الزُّبْدُ أي إذا استقصى الأمر حصل المراد 3998- مَا عَدَا مِمَّا بَدَا؟ أي ما مَنَعَك مما ظهر لك أولاً، قَالَه علي بن أبي طالب للزبير بن العوام رضي الله عنهما يوم الجمل، يريد مالذي صَرَفَك عما كنت عليه من البيعة، وهذا متصل بقوله: عرفتني بالحجاز، وأنكرتني بالعراق، فما عَدَا مما بَدَا؟ 3999- مَنْ صَدَقَ الله نَجَا روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: إن ثلاَثة [ص 297] نفرٍ انطلقوا إلى الصحراء، فمَطَرتْهم السماء فَلَجَؤا إلى الكهف في جبلٍ ينتظرون إقْلاَعَ المطر، فبينما هم كذلك إذ هَبَطت صخرة من الجبل وجَثَمَت على باب الغار، فيئسوا من الحياة والنجاة، فَقَالَ أحدهم: لينظر كلُّ واحدٍ منكم إلى أفضل عملٍ عَمِلَه فليذكره ثم لَيَدْعُ الله تعالى عسى أن يَرْحَمَنا وينجينا، فَقَالَ أحدهم: اللهمَ إن كنت تعلم أني كنت بارّاً بوالِديَّ، وكنت آتيهما بغَبُوقهما فيغتبقانه فأتيت ليلةً بغبوقهما، فوجدتهما قد ناما، وكرهت أن أوقظهما، وكرهتُ الرجوعَ، فلم يزل ذاك دأبي حتى طلع الفجر، فإن كنتُ عملتُ ذلك لوجهِكَ فافرج عنا، فمالت الصخرة عن مكانها حتى دخل عليهم الضوء، وقَالَ الآخر: اللهم إنك تعلم أني هَوِيتُ امرأة، ولقيت في شأنها أهوالاً حتى ظفرت بها، وقعدت منها مقعد الرجل من المرأة قَالَت: إنه لاَ يحلُّ لك أن تَفضَّ خاتمي إلاَ بحقه، فقمت عنها، فإن كنتَ تعلم أنه مَا حَمَلَني على ذلك إلاَ مَخَافتُك فافرج عنا، فانفرجت الصخرة حتى لو شاء القوم أن يخرجوا لقدروا، وقَالَ الثالث: اللهم إنك تعلم أني استأجرتُ أجَرَاءَ، فعملوا لي، فوفيتهم أجورهم، إلاَّ رجلاً واحداً ترك أَجْرُهُ عندي وخرج مُغَاضِباً، فربيتُ أجره حتى نما وبلغ مبلغاً، ثم جاء الأجير فطلب أجرته، فقلت: هاك ما ترى من المال، فإن كنت عملت ذلك لك فافرج عنا، فمالت الصخرة وانطلقوا سالمين فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَدَقَ الله نَجَا، ومعنى "صَدق الله" لقي الله بالصدق، وهو أن يحقق قوله فعلُه. 4000- مَنْ أكْثَرَ أهْجَرَ الإهجار: الإفحاش، وهو أن يأتي في كلامه بالفحش، والَهَجْرُ: الاسم من الإهجار، كالفُحْشِ من الإفْحَاش، سمى هُجْرَاً لهَجْر العقلاَء إياه يضرب لمن يأتي في كلامه بما لاَ يعنيه. 4001- مَنْ اغْتَابَ خَرَقَ، ومَنْ استَغْفَرَ رقَعَ الغيبةُ: اسم من الاغتياب كالحِيلَةِ من الاحتِيال، وهو أن تذكر الغائب عنك بسوء، والمعنى من اغتاب خَرَقَ ستر الله، فإذا استغفر رَقَعَ ما خَرَقَ. 4002- مَنْ حَفَرَ مُغَوَّاةً وَقَعَ فيها قَالَ شمر: المغَوَّاة: تحفر وتُغَطى للضبع والذئب، ويجعل فيها جَدَى، والجمع المُغَاواياتُ، ويُقَال لكل مهلكة "مُغَوَّاة" بالتشديد ويروى عن عمر رضي الله عنه:[ص 298] إن قريشاً تريد أن تكون مغويات لمالِ الله، أي مهلكة له. 4003- مَنْ يُطِعْ عَرِيْباً يُمْسِي غَرِيباً يعني عريب بن عِمْليق - ويُقَال: عملوق - بن لاوذ بن سام بن نوح، وكان مبذراً للمال ومثلُه قولهم: 4004- مَنْ يُطِعْ عِكَبّاً يُمسِ مُنْكَبّاً ومثله: 4005- مَنْ يُطِعْ نَمِرَةً يَفقِدْ ثَمَرَهُ 4006- مِنْكَ رَبَضُكَ وإنْ كانَ سَمَاراً أي منك قريبُك وإن كان رديئاً، والسُّمار: اللبَنُ الكثير الماء الرقيق، ويُقَال لقوت الإنسان الذي يقيمه ويكفيه من اللبن: رَبض، ويُقَال: رُبُض، والرَّبَضُ الأهلُ. ومثلُهُ في هذا المعنى قولُهم: 4007- مِنْكَ أنْفُكَ وإن كان أجْدَعَ يضرب لمن يلزمك خيره وشره وإن كان ليس بمُستحكم القرب. وأول مَنْ قَالَ ذلك قُنفُذُ بن جَعْوَنَةَ المازنى للربيع بن كعب المازني، وذلك أن الربيع دفَعَ فرساً كان قد أبرَّ على الخيل كرماً وجودة إلى أخيه كَمِيشٍ ليأتي به أهله، وكان كَمِيش أنْوَكَ مشهوراً بالحمق، وقد كان رجل من بني مالك يُقَال له قُرَاد بن جَرْم قدم على أصحاب الفرس ليصيب منهم غِرَّةً فيأخذها، وكان داهية، فمكث فيهم مقيماً لا يعرفون نسبه ولاَ يُظْهِرِه هو، فلما نظر إلى كَمِيش راكباً الفرسَ ركب ناقته، ثم عارضه فَقَالَ: ياكَمِيشُ هل لك في عَانَةٍ أرَ مثلَها سمنا ولاَ عظما وعيرٍ معها من ذهب؟ فأما الأتُن فتروج بها إلى أهلك فتملأ قدورهم، وتفرح صدورهم، وأما العِيرُ فلاَ افتقارَ بعده، قَالَ له كميش: وكيف لنا به؟ قَالَ: أنا لك به، وليس يدرك إلاَ على فرسك هذا، ولاَ يرى إلاَ بليل، ولاَ يراه غيري، قَالَ كَمِيش: فدونَكَه، قَالَ: نعم، وأمْسِكْ أنت راحلتي، فركب قُرَاد الفرسَ وقَالَ: انتظرني في هذا المكان إلى هذه الساعة من غدٍ، قَالَ: نعم، ومضى قُرَاد فلما توارى أنشأ يقول: ضَيَّعْتَ فِي العيرِ ضَلاَلاً مُهْرَكَا * لِتُطْعِمَ الحىَّ جَمِيعاً عَيْرَكَا فَسَوْفَ تأتِى بالهَوَانِ أهْلَكَا * وَقَبْلَ هذا مَا خَدَعْتُ الأنْوَكَا فلم يزل كَمِيشٌ ينتظره حتى أمسى من غده وجاع، فلما لمْ يَرَ له أثراً انصرف إلى أهله، وقَالَ في نفسه: إن سألن أخي عن الفرس قلت: تحوَّلَ ناقة، فلما رآه أخوه الربيعُ عرف أنه خُدِعَ عن الفرس، فَقَالَ له: أين الفرس؟ قَالَ: تحوَّل ناقة، قَالَ: فما [ص 299] فَعَلَ السَّرْجُ؟ قَالَ لم أذكر السرج فاطلب له عِلة، فصرعه الربيع ليقتله، فَقَالَ قنفذ بن جَعْوَنة: الْهُ عما فاتك فإن أنفَكَ منك وإن كان أجْدَعَ، فذهبت مثلاً، وقدم قُرَاد ابن جَرْم على أهله بالفرس، وقَالَ في ذلك: رَأيْتُ كَمِيشاً نوكُهُ ليَ نَافِعٌ * وَلَمْ أرَ نوكاً قَبْلَ ذَلِكَ يَنْفَعُ يؤمِّلُ عَيْراً مِنْ نُضَارٍ وَعَسْجَدٍ * فَهَلْ كَانَ لِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَطْمَعُ؟ وَقُلْتُ له: أمسِكْ قَلُوصِي وَلاَ تَرِمْ * خِدَاعاً له إذ ذُو المَكَايد يَخْدَعُ فأصْبَحَ يَرْمِي الخافقينِ بِطَرْفِهِ * وَأصْبَحَ تَحْتِى ذُو أفَانِينَ جُرْشُعُ أبرَّ عَلَى الجُرْدِ العَنَاجيح كلها * فَلَيْسَ وَلَوْ أقحَمْتَهُ الوَعْرَ يَكْسَعُ |
4008- ما أنتَ بأنْجَاهُمْ مَرَقَةً المَرَقة: النَّفْسُ، وأنجى: من النجاة. يضرب لمن أفْلَتَ من قوم قد أخِذُوا وأصيبوا. 4009- مَنْ نَجَا بِرأسِهِ فَقَدْ رَبِحَ يضرب في إبطاء الحاجة وتعذرها حتى يَرْضَى صاحبها بالسلامة منها. قَالَ أبو عبيد: وهذا الشعر أراه قيل في ليالي صِفِّين: الّليلُ دَاجٍ وَالكِبَاشُ تَنْتَطِحْ * نِطَاحَ أسْدِ مَا أُرَاهَا تَصْطَلِحْ فَمَنْ نَجَا بِرَأسِهِ فَقَدْ رَبِحْ* 4010- مَتَى عَهْدُكَ بأسْفَلِ فِيكَ؟ أي متى أثْغَرْتَ؟ . يضرب للأمر القديم وللرجل يخرف قبل وقت الخرف. وقَالَ ابن الأَعرَبي: يضرب للذي يطلبُ مالاً يناله، ويعني القائل به أسنانه إذا كان صغيراً. قَالَ: وهذا مثل قولهم: هيهات طار غرابها يجرُّ ذلك. وقَالَ في موضع آخر: يضرب للأمر قد فات ولاَ يطمع فيه، قَالَ: ومثله "عهدك بالغابات قديم". (كذا، وربما كان محرفاً عن "الغانيات") وقَالَ أبو زيد: من أمثالهم "مَتَى عهدك بأسفل فيك" وذلكَ إذا سألتَهُ عن أمرٍ قديم لا عهد له به. وقال أبو عمرو: تقول إذا قدم عهدك بالرجل ثم رأيته "مَتَى عهدك بأسفل فيك" فيقول المجيب "زَمَن 4011- السلام رِطَاب" وربما قيل "زمن الفطحل" يريدون به قدم العهد.[ص 300] مَنْ وُقِىَ شَرَّ لَقْلَقِهِ وَقَبْقَبِهِ وَذَبْذَبِهِِ فَقَدْ وُقيَ اللَّقْلَق: اللسان، والقَبْقَب: البطن، والذبذب: الفرج. يضرب لمن يكثر. 4012- مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ يُقَال: خِلْتُ إخال، بالكسر وهو الأفصح، وبنو أسد يقولون "أَخَالُ" بالفتح وهو القياس، والمعنى مَنْ يَسْمَع أخبارَ الناس ومعايبَهم يقع في نفسه عليهم المكروه 4013- مِنْ كِلاَ جَنْبَيْكَ لاَ لَبَّيْكَ ويروى "جانبيك" وهما سواء. يضرب للمَخْذُول 4014- مَنْ يَطُلْ هَنُ أَبِيهِ يَنْتَطِقْ بِهِ يريد من كثر إخوته اشتدَّ ظهره وعِزُّهُ بهم، قَالَ الشاعر: فَلَوْ شَاءَ رَبى كَانَ أيْرُ أبيكُمُ * طَوِيلاً كَأَيْرِ الحارثِ بِنْ سَدُوسِ قَالَ الأصمعي: كان للحارث بن سدوس أحد وعشرون ذكراً وأما المثل الآخر في قولهم: 4015- مَنْ يَطُلْ ذَيْلُهُ يَنْتَطِقْ بِهِ فأخبر أبو حاتم عن الأَصمعي أنه قَالَ: يراد مَنْ وجد سَعَةَ وضَعَها في غير موضعها، ويروى "مَنْ يَطُلْ ذيلُه يطأ فيه" يضرب للغنيّ المسرف. 4016- مَنْ يَنْكِح الحَسْنَاءَ يُعْطِ مَهْرَهَا أي مَنْ طلب حاجةً اهتمَّ بها وبذَلَ مالَه فيها. يضرب في المُصَانَعة بالمال 4017- مَنْ سَرَّهُ بَنُوهُ سَاءَتْهُ نَفْسُهُ قائل هذا المثل ضِرَار بن عمرو الضَّبِّيُّ، وكان ولده قد بلغوا ثلاَثة عشرَ رجلاً، كلهم قد غزا ورأس، فرآهم يوماً معاً، وأولاَدَهم، فعلم أنهم لم يبلغوا هذه الأسنان إلاَ مع كبر سنه، فَقَالَ: مَنْ سره بنوه ساءته نفسه، فأرسلها مثلاً 4018- مَثَلُ ابْنَةِ الجِبَلِ مَهْمَا يُقَلْ تَقُلْ يضرب للإمَّعَةِ يتبعُ كلَّ إنسان على ما يقول. 4019- مَنْ أشْبَهَ أبَاهُ فَمَا ظَلَمَ أي لم يَضَع الشَّبَهَ في غير موضعه؛ لأنه ليس أحدٌ أولى به منه بأن يشبهه، ويجوز أن يراد فما ظلم الأَبُ، أي لم يظلم حين وضع زَرْعَه حيث أدَّى إليه الشبه، وكلاَ القولين حسن.[ص 301] وكتب الشيخ على أبو الحسن إلى الأديب البارع وقد وَفَد إليه ابنُه الربيعُ ابن البارع، فَقَالَ: مرحَباً بولده، بل بولدي الظريف، الربيع الوارد في الخريف. كأنَّكَ قَدْ قَابَلْتَ مِنْهُ سَجَنْجَلاً * فَجَاءَكَ مِنْهُ بِالخَيَالِ المُمَاثِلِ وَمَا ظَلَمَ إذا أشْبَهَ أبَاهُ، وإنَّمَا ظَلَمه أنْ لَوْ كانَ أبَاهُ. 4020- مَنْ يَكُنْ أبُوهُ حَذَّاءً تُجَدُّ نَعْلاَهُ يقول: من كان ذا جِدَة جَادَ متاعُه يضرب لمن كانت له أعوان ينصرونه 4021- مَنْ لَكَ بأَخِيكَ كُلِّهِ أي مَنْ يكفُلُ ويضمن لك بأخ كله لك، أي كل ما فعله مَرْضي، يعني لاَ بدَّ أن يكون فيه ما تكره، وهذا يروى من قول أبي الدَّردَاء الأنصاري رضي الله عنه. يضرب في عز الإخاء. 4022- مَنْ العَنَاءِ رِيَاضَةٌ الهَرِمِ دخل بعض الشُّرَارة على المنصور، فَقَالَ له شيئاً في توبيخه، فَقَالَ الشارى: أتروض عرسك بعد ما كبَرَتْ * وَمِنَ العَنَاءِ رِياضَة الهَرِمِ فلم يسمعه المنصور لضعف صوته، فَقَالَ للربيع: ما يقول الشيخ؟ قَالَ: يقول: العبد عبدكم، والمال مالكم * فَهَلْ عذابُكَ عَنيَّ اليومَ مَصْروف فأمر بإطلاَقه، واستحسن من الربيع هذا الفعل. 4023- مَا اسْتَتَرَ مَنْ قَادَ الجَمَلَ قَالَ القُلاَخ: أنا القُلاَخُ بنُ جَنَاب بن جَلاَ * أخُو خَنَاثِيرَ أقُودُ الجَمَلاَ 4024- مَالَهُ سَرِحَةٌ وَلاَ رَائِحَةٌ سَرَحْتُ الماشية: أرسلتها في المَرْعَى فَسَرَحَتْ هي، والمعنى ماله ما تَسْرَحُ وترُوحُ، أي شيء، ومثله كثير. 4025- مَعْيُورَاء تُكادِمُ المَعْيُوراء: جمع الأعيار جمع غريب، والتكادم: التَّعَاضّ. يضرب مثلاً للسفهاء تتهارش 4026- مَنْ لِي بِالسَّانِح بَعْدَ البَارِحِ؟ السانح من الصيد: ما جاء عن شمالك فولاَكَ مَيَامنه، والبارح: ماجاء عن يمينك فولاَكَ مَيَاسره، والناطح: ما تَلَقَّاكَ، والقَعيد: ما استدبَرَك. وأصل المثل أن رجلاً مرت به ظِباء بارحة، والعرب تتشاءم بها فكره الرجلُ [ص 302] ذلك، فقيل له: إنها ستمرُّ بك سانحةً، فعندها قَالَ: مَنْ لي بالسانح بمد البارح؟ يضرب مثلاً في اليأس عن الشيء. 4027- مَنْ اسْتَرْعَى الذِّئْبَ ظَلَمَ أي ظَلَمَ الغنم، ويجوز أن يراد ظلم الذئب حيثُ كُلَّفه ما ليس في طبعه. يضرب لمن يولي غير الأمين قَالَوا: إن أول من قَالَ ذلك أكْثَم بن صَيْفي، وذلك أن عامر بن عبيد بن وهيب تزوج صَعْبة بنت صيفي أخْتَ أكثم، فولدت له بنين: ذئباً، وكلباً، وسبعاً، فتزوج كلبٌ امرأة من بني أسد ثم من بني حبيب، وأغار على الأقياس - وهم قيس بن نوفل، وقيس بن وهبان، وقيس بن جابر - فأخذ أموالهم وأغار بنو أسد على بني كلب - وهم بنو أختهم - فأخذوهم بالأقياس، فوفد كلب بن عامر على خاله أكثم، فقال: ادفع إلى الأقياس أموالَهم حتى أفتدى بها بَنِيَّ من بني أسد، فأراد أكثم أن يفعل ذلك، فَقَالَ أبوه صيفى: يابنى لاَ تفعل؛ فإن الكلب إنسان زهيد إن دفعت إليه أموالهم أمسكها وإن دفعت إليه الأقياسَ أخذ منهم الفداء، ولكن تجعل الأموال على يد الذئب فإنه أمْثَلُ إخوته وأنْبَلُهم، وتدفع الأقياس إلى الكلب، فإذا أطلقهم فمُرِ الذئب أن يدفع إليهم أموالهم، فجعل أكثم الأموال على يد الذئب والأَقياس على يد الكلب، فخدع الكلب أخاه الذئب فأخذ منه أموالهم، ثم قَالَ لهم: إن شئتم جززت نَوَاصيكم وخليت سبيلكم، وذهبت بأموالكم، وخليتم سبيل أولاَدي، وذهبتم بأموالكم وبلغ ذلك أكثم فَقَالَ: من استرعى الذئب ظلم، وأطمع الكلب في الفِداء فطوَّلَ على الأَقياس فأتاه أكثم فَقَالَ: إنك لفى أموال بني أسد وأهْلُكَ في الهوان، ثم قَالَ: نَعِيمُ كلبٍ في هَوَان أهله، فأرسلها مثلاً. 4028- مَنْ حَبَّ طَبَّ قَالَوا: معناه من أحَبَّ فَطِنَ واحتال لمن يُحِبُّ، والطَّبُّ: الحِذْقُ 4029- مِنْ ثَطَاتِهِ لاَ يَعْرِفُ قَطَاتَهُ مِنْ لَطَاتِهِ الثَّطاة: الحمق، ويروى "من رطاته" وهي الحمق أيضاً، وأصله الهمز، يُقَال: رَطِئٌ بين الرَّطاءة، لكنه ترك الهمز، والقَطَاة: الرِّدفُ، واللَّطَاة: الجبهة 4030- مَطْلُهُ مَطْلُ نُعَاسِ الكَلْبِ وذلك أن نعاس الكلب دائم مُتَّصل وقَالَ: لاَ قَيْتُ مَطْلاً كَنُعَاسِ الكَلْبِ* [ص 303] 4031- المَنَايا عَلَى السَّوَايَا ويروى "على الحَوَايا" يُقَال: إن المثل لعَبيد بن الأبرص، قَالَه حين استنشده النعمانُ بن المنذر يوم بؤسه. قَالَ أبو عبيد: يُقَال إن الحوايا في هذا الموضع مَرْكَب من مراكب النساء، واحدتها حَوِيَّة، قَالَ: وأحسب أن أصلها قوم قُتِلُوا فحُمِلوا على الحوايا، فصارت مثلاً. يضرب عند الشدائد والمخاوف. والسَّوَايا: مثلُ الحوايا. 4032- المَنِيَّةُ ولاَ الدَّنِيَّةُ أي أختار المنيةَ على العار، ويجوز الرفع، أي المنيةُ أحبُّ إلىَّ ولاَ الدنية، أي وليست الدنية مما أحِبُّ وأختار. قيل: المثل لأوس بن حارثة. 4033- المَوْتُ الأحْمَرُ قَالَ أبو عبيد: يُقَال ذلك في الصبر على الأذى والمشقة والحمل على البدن. قَالَ: ومنه قول علي رضي الله عنه: كُنَّا إذا احْمَرَّ البأس اتَّقَيْنَا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن منا أحد أقرب إلى العدو منه. قَالَ الأَصمعي: في هذا قولاَن قَالَ الموت الأحمر والأسود شبه بلون الأسد، كأنه أسد يَهْوِى إلى صاحبه، قَالَ: ويكون من قولهم "وَطْأة حمراء" إذا كانت طرية، فكأنَّ معناه الموت الجديد. وقَالَ أبو عبيد: الموت الأَحمر معناه أن يَسْمَدِرَّ بَصَرُ الرجل من الهَوْل فيرى الدنيا في عينه حمراء أو سمراء كما قَالَ أبو زبيد الطائى في صِفَةِ الأَسد: إذا علقت قِرْناً خَطَاطِيفُ كفه * رأي المَوْتَ بِالعَيْنَيْنِ أسْوَدَ أحْمَرَا وفي الحديث "أسْرَعُ الأَرض خراباً البصرة بالموت الأَحمر والجوع الأَغبر" 4034- المَوْتُ السَّجِيحُ خَيْرٌ مِنَ الحَيَاة الذَّمِيمَةِ السَّجَاحة: السهُولة واللين، ومنه: وجه أسْجَحُ، وخُلُق سجيح، أي لين 4035- مَنْ عَتَبَ عَلَى الدَّهْرِ طَالَتْ مَعْتَبَتُهُ. أي عَتْبه، وهذا من كلام أكثم بن صيفي، وهو الغضب، أي مَنْ غَضِبَ على الدهر طال غضبه؛ لأن الدهر لاَ يخلو من أذى. 4036- المْكْثَارُ كَحَاطِبِ لَيْلٍ هذا من كلام أكْثمَ بن صَيْفي. قَالَ أبو عبيد: وإنما شبه بحاطب الليل لأنه ربما نَهَشَته الحية ولدغته العقرب في [ص 304]احتطابه ليلاً، فكذلك المكثار ربما يتكلم بما فيه هلاَكه. يضرب للذي يتكلم بكل ما يهجس في خاطره. قَالَ الشاعر: احْفَظْ لسانكَ أيها الإنسان * لاَ يَقْتَلنَّكَ؛ إنَّهُ ثُعْبَانُ كَمْ فِي المَقَابِرِ مِنْ قَتِيلِ لسَانِهِ * كَانَتْ تَخَافُ لِقَاءَهُ الأَقْرَانُ 4037- مَنْ يُرِ يَوْمَاً يُرَ بِهِ قَالَ المفضل: أول من قَالَ ذلك كَلْحَبُ بن شُؤْبُوب الأَسدي، وكان يُغير على طيئ وحده، فدعا حارثةُ بن لأم الطائىُّ رجلاً من قومه يُقَال له عِتْرِم، وكان بطلاً شجاعاً، فَقَالَ له: أما تستطيع أن تكفيني هذا الخبيث؟ فَقَالَ: بلى، ثم أرسل معه عشرة من العيون حتى علموا مكانه، وانطلق إليه الرجل في جماعة فوجدوه نائماً في ظل أراكة وفرسُه مشدود عنده، فنزل عنده الرجل ومعه آخر إليه، فأخذ كل واحد منهما بإحدى يَدَيْه، فانتبه فنزع يده اليمنى من مُمْسِكها، وقبض على حَلْق الآخر فقتله، وبادر الباقونَ إليه فأخذوه وشَدُّوه وَثَاقاً، فَقَالَ لهم ابن المقتول - وهو حَوْذَة بن عِتْرِم - دعوني أقتله كما قتل أبي، قَالَوا: حتى نأتي به حارثة، فأبى، فَقَالَوا له: والله لئن قتلته لنقتلنك، وأتَوْا به حارثة بن لأم، فَقَالَ له حارثة: يا كلْحب إن كنت أسيراً فطَالَما أسَرْتَ، فَقَالَ كلحب: من يُرِ يوماً يًرِ به، فأرسلها مثلاً، وقال حَوْذَة لحارثة: أعطنيه اقتله كما قتل أبي، قَالَ: دونكهُ، وجعلوا يكلمونه وهو يُعُالج كِتَافَه حتى انحلَّ، ثم وثب على رجليه يجاريهم، وتواثبوا على الخيل واتبعوه فأعجزهم، فَقَالَ حَوْذَة في ذلك: إلى الله أشْكُو أن أؤوبَ وقَدْ ثَوَى * قَتِيلاً فأوْدَى سَيِّدُ القومِ عِتْرِمُ فماتَ ضَيَاعاً هكذا بيَدِ امْرئٍ * لئيم فَلَوْلاَ قِيْلَ ذُو الوِتْرِ مُعَلَمُ فأجابه كَحْلب: أحَوْذَةُ إنْ تَفْخَرْ وتَزْعُمُ أننِي * لَئِيمٌ فَمِنِّي عِتْرِمُ اللؤمِ أْلأم فأقْسِمُ بالبيت المحرَّمِ مِنْ مِنىً * ألِيَّةَ بَرٍّ صَادِقٍ حِينَ يُقْسِمُ لَضَبٌّ بِقَفْرٍ مِنْ قَفارٍ وضَبَّة * خَمُوع ويَرْبُوعُ الفَلاَ مِنْكَ أكْرَمُ فَهَلْ أنْتَ إلاَ خُنْفَسَاءُ لَئيمَةٌ * وَخَالُكَ يَرْبُوع وَجَدُّكَ شَيْهَمُ أتوِعِدُونِي بالمنكَرَاتِ وَإنَّنِي * صَبُورٌ عَلَى مَا نَابَ جَلْدٌ صَلَخْدَمُ فإن أفْنَ أَوْ أعمر إلَى وَقْتِ لهذِهِ * فأَنِّي ابنُ شُؤبُوبٍ جَسُور غَشَمْشَمُ [ص 305] 4038- مَنْ يَنِكِ العَيْرَ يَنِكْ نَيَّاكاً أول من قَالَ ذلك خِضْر بن شِبْل الخثعْمى، وكانت امرأته صديقةً لرجل يُقَال له هِشَيمْ، وإن خِضْراً أخذ ماله ذهباً وفضة فدفَنَه في أصل شجرة، ثم رجع فأخبر امرأته بما دفن، فأرسلت وليدَتَها إلى هُشَيم تخبره بمكان المال وتأمره بأخذه، فجاءت الوليدة إلى سيدها فَقَالَت: إن امرأتك مُوَاتية لهُشَيم، ولم يَمنعني أن أعلمك ذلك قبل هذا اليوم إلاَ رهبة أن لا تؤمن به، وآية ذلك أنها أرسلتنى إلى هُشَيم تخبره بالمكان الذي دفنت فيه المال، فما تأمرني؟ قَالَ: انطلقي إلى هَشَيم برسالتها، فانطلقت إليه، وركب خِضْر فرسَه وانطلق وأنشأ يقول: يَا سَلْم قَدْ لاَحَ لِي مَا كَانَ يَبْلُغُنِي * عنكُمْ فأيَقَنْتُ أنَّي كُنْتُ مأكُولاَ وقَدْ حَبَوْتُكِ إكْرَاماً ومَنْزِلَةً * لَوْ كَانَ عِنْدَكِ إكْرَامِيكِ مَقْبُولاَ فَقَدْ أتانِي بما كُنْتُ أحْمَدُهُ * مِنْ سِرِّهَا أن أمْرِي كان تَضْلِيلاَ فَسَوف أبدل سَلْمَى مِنْ جِنَايَتِهَا * هُلْكا، وَأتْبِعُهُ مِنْهَا عَقَابِيلاَ وَسَوْفَ أبْعَثُ إنْ مُدَّ البَقَاءُ لَنَا * عَلَى هُشَيْمٍ مُرِنَّاتٍ مَثَاكِيلاَ فلما انتهى إلى ذلك المكان وجد هُشَيْما قد سبقه وأخذ المال، فأسف ورجع يؤامر نفسه في قتل امرأته، وجعل يكاد يتهم الجارية، ثم عَزَم على مكايدة امرأته حتى يظفر بحاجته، فرجع إلى منزلة كأنه لاَ يعلم بشيء مما كان، ومكث أياماً، ثم قَالَ لامرأته: إني مستودعك سراً، قَالَت: إني إذاً أرعاه، قَالَ: إني لقيتُ غَوَّاصاً جائيا من جَنَبَات البحر ومعه دُرَّتَانِ، فقتلته وأخذتهما منه، ودفنتهما في موضع كذا وكذا، وقَالَ للوليدة: إذا أرسلتكِ إلى هُشَيم فابدئي بي، ولم يعلمها ما قَالَ لامرأته، فأرسلت امرأتُه الوليدةَ إلى هُشَيم، فأتت الوليدة خِضْرَاً فأخبرته، فعرف أنها صادقة، وقَالَ لها: انطلقي فأعلميه، وركب هو وأخ له يُقَالُ له صُوَيْد وخرج هُشَيْم وقد سبقاه فكمَنَا له حيث لاَ يراهما، فأقبل يتغنى سَلَبْتُكَ يَا ابنَ شِبْلٍ وَصْلَ سَلْمَى * وَمَالَكَ، ثُمَّ تُسْلَبُ دُرَّتاَكا فأنْتَ اليَوْمَ مَغبُونٌ ذَلِيلٌ * تُسَام العَارَ فِينَا وَالهَلاَكا إذَا مَا جِئْتَ تَطْلُبُ فَضْلَ مَالٍ * ضَربْتَ مَليحَةً خًوْداً ضِنَاكا وتَرْجِعُ خَائِبَاً كَمِداً حَزِيناً * تَحِكُّ جُلَيْدَ فَقْحَتِكَ احْتِكَاكا [ص 306] فشد عليه خضر وهو يقول: مَنْ يَنِكِ العيرَ ينك نياكا، ثم أخذه وكتفه، وقَالَ أين مالي؟ فأخبره بموضعه، فضرب عنقه، وذهب إلى ماله فأخذه، وانصرف إلى امرأته فقتلها، واحتبس وليدتها مكانها. يضرب مثلاً لمن يُغُالِبُ الغَلاَّبَ 4039- مَنْ سَلَكَ الجَدَدَ أمِنَ العِثَار الجَدَد: الأَرض المستوية، يضرب في طلب العافية ومثلُه: 4040- مَنْ تَجَنَّبَ الخَبَار أَمِنَ العِثَارَ الخَبَار: الأَرض المهملة فيها حجارة ولَخَافِيقُ (اللخافيق: الشقوق، واحدها لخفوق) 4041- مَنْ دَخَلَ ظَفَارِ حَمَّرَ ظَفَارِ: قرية باليمن يكون فيها المغرة، وحمَّر: تكلم بالحميرية، ويُقَال: معناه صبغ ثوبه بالحمرة؛ لأن بها تعمل المغرة، وهو - أعنى ظفار - مبنى على الكسر مثل قَطَامِ وحَذَامِ يضرب للرجل يدخل في القوم فيأخذ بزيهم 4042- مَنْ يُرُدُّ السَّيْلَ عَلَى أدْرَاجِهِ؟ أدراج السيل: طرقُة ومجاريه. يضرب لما لاَ يقدر عليه 4043- مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي وَهَذَا أَثَرُهُ؟ قَالَ المفضل: أول من قَالَ ذلك الحارث بن ظالم المُريُّ، وذلك أن خالد بن جَعْفر بن كِلاَب لما قتل زُهير بن جَذيمة العَبْسي ضاقت به الأَرض، وعلم أن غَطَفَان غيرُ تاركيه، فخرج حتى أتى النعمان، فاستجار به فأجاره، ومعه أخوه عُتْبة بن جعفر، ونهض قيس بن زهير، فاستعدَّ لمحاربة بني عامر، وهَجَم الشتاء، فَقَالَ الحارث بن ظالم: يا قيسُ أنتم أعلم وحربكم، وأنا راحِل إلى خالد حتى أقتله، قَالَ قيس: قد أجاره النعمان قَالَ الحارث: لأقتلنه ولو كان في حِجْرِهِ، وكان النعمان قد ضرب على خالد وأخيه قُبَّة وأمرهما بحضور طعامه ومُدَامه، فأقبل الحارث ومعه تابع له من بني محارب، فأتى بَابَ النعمان، فاستأذن، فأذن له النعمان وفرِح به، فدخل الحارث، وكان من أحسن الناس وَجْهاً وحديثاً، وأعلم الناس بأيام العرب، فأقبل النعمان عليه بوجهه وحديثه، وبين أيديهم تمر يأكلونه، فلما رأى خالد إقبال النعمان على الحارث غَاظَهُ، فَقَالَ: يا أبا ليلى ألاَ تشكرني؟ قَالَ: فبماذا؟ قَالَ: قتلتُ زهيراً فصرتَ بعده سيدَ غطفان، وفي يد الحارث تمراتٌ فاضطربت يده، وجعل يرعد ويقول: [ص 307] أنت قتلته؟ والتمر يسقط من يده، ونظر النعمان إلى ما به من الزَّمَع، فَنَخَس خالداً بقضيبه وقَالَ: هذا يقتلك؟ وافترق القوم، وبقي الحارث عند النعمان، وأشرج خالد قبته عليه وعلى أخيه وناما، وانصرف الحارث إلى رحله، فلما هَدَأت العيون خرج الحارث بسيفه شاهره حتى أتى قبة خالدٍ فهتكَ شرجها بسيفه ودخل، فرأي خالداً نائماً وأخوه إلى جنبه، فأيقظ خالداً، فاستوى قائماً، فَقَالَ له الحارث: يا خالد أظننتَ أن دمَ زهيرٍ كان سائغاً لك؟ وعَلاَه بسيفه حتى قتله، وانتبه عتبة فَقَالَ له الحارث: لئن نَبَسْتَ لألحقنَّكَ به، وانصرف الحارث ورَكِبَ فرسه ومضى على وجهه، وخرج عتبة صارخاً حتى أتى بابَ النعمان، فنادى: يا سوء جِوَارَاه فأجيب: لاَروع عليك، فقال دخل الحارث على خالد فقتله، وأخْفَرَ الملك، فوجه النعمان فوارس في طلبه فلحقوه سَحَرا فعطَفَ عليهم فَقَتل منهم جماعة، وكثروا عليه فجعل لاَ يقصد لجماعة إلاَ فَرَّقها ولاَ لفارس إلاَ قتله، وهو يرتجز ويقول: أنا أبُو لَيْلَى وسَيْفِى المعْلُوبْ * مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي وَهَذَا أَثَرُهْ وارتدع القوم عنه وانصرفوا إلى النعمان. يضرب في المحاذرة من شيء قد ابتلى مرة قَالَ الأغْلَبُ العِجْلي قَالَتْ لَهُ فِي بَعْضِ مَا تُسَطِّرُهْ * مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي وهَذَا أَثَرُهْ 4044- مَنْ عَزَّبزَّ أي من غَلَب سَلَبَ، قَالَت الخنساء: كأنْ لَمْ يَكُونُوا حِمىً يُتَّقَى * إذ النَّاس إذ ذَاكَ مَنْ عَزَّبَزَّ قَالَ المفضل: وأولُ من قَالَ "من عزبز" رجلٌ من طيئ يُقَال له جابر بن رَأْلاَن أحَدُ بني ثُعَل، وكان من حديثه أنه خرج ومعه صاحبان له، حتى إذا كانُوا بظهر الحِيْرَة وكان للمنذر بن ماء السماء يومٌ يركب فيه فلاَ يلقى أحداً إلاَ قتله، فلقي في ذلك اليوم جابراً وصاحبيه، فأخذتهم الخيلُ بالسوية فأتِىَ بهم المنذر، فَقَالَ: اقترعوا فأيكم قَرَعَ خليت سبيله، وقتلت الباقين، فاقترعوا فَقَرَعَهم جابر بن رَأْلاَن، فخَلَّى سبيله وقتل صاحبيه، فلما رآهما يقادان ليُقْتَلاَ قَالَ "مَنْ عَزَّبز" فأرسلها مثلاً. 4045- مَنْ يَأكُلُ خَضْماً لاَ يَأكُلُ قَضْمَاً، ومَنْ لاَ يَأكُلُ قَضْمَاً يأكُلُ خَضْماً الخَضْمُ: الأكل بجميع الفم، والقَضْم: الأكل بأطراف الأسنَان. [ص 308] يضرب في تدبير المعيشة. قَالَ الشاعر: لقد رَابَنِي مِنْ أهْلِ أرْضِي أنَّنِي * أرى النَّاس حَوْلِي يَخِضِمُونُ وأقضِمُ وَمَا ذَاكَ مِنْ عَجْزٍ وَسًوء جِبِلَّةً * أخَاكَ ولكِني امْرُؤٌ مِنْ أتَكرَّمُ 4046- مَنْ يَرَ الزُّبْدَ يَخَلْهُ مِنْ لبَنٍ أصل هذا أن رجلاً سأل امرأة فَقَالَ: هل لبَنتْ غَنَمُك؟ فَقَالَت: لاَ، وهو يَرَى عندها زُبْداً، فَقَالَ: مَنْ ير الزُّبدَ يَخَلْه من لبن. يضرب للرجل يريد أن يُخفِيَ مالا يُخفىَ وقَالَ أبو الهيثم "من يرى الزَّبَدَ" بفتح الزاي والباء، والصحيح ما تقدم. 4047- مَنِ اشْتَرى اشْتَوَى قَالَ أبو عبيد: اشْتَوى بمعنى شَوَى، وهذا المثل عن الأَحمر. يضرب في المُصَانعة بالمال في طلب الحاجة. 4048- مَنْ فَازَ بِفُلاَنٍ فقد فَازَ بِالسَّهْمِ الأخْيَبِ وفي كلام أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه أنه قَالَ لأصحابه: مَنْ فاز بكم فاز بالسهم الأخْيَبِ. يضرب في خَيبَة الرجل من مطلوبه. 4049- مِنْ مَالِ جَعْدٍ وَجَعْدٌ غَيْرُ مَحْمُودٍ أولُ من قَالَه جَعْدُ بن الحُصين الخُضْري أبو صخر بن جَعْد الشاعر، وكان قد أسَنَّ، فتفرق عنه بنوه وأهلُه، وبقيت له جارية سَوْدَاء تَخْدمه، فعشقت فتىً في الحي يُقَال له عَرَابة، فجعلت تنقُلُ إليه ما في بيت جَعْد، ففَطِنَ لها جعد، فَقَالَ: أبْلِغْ لَدَيكَ بَنِي عَمْروٍ مُغَلْغَلَةً * عَمْراً وعَوْفَاً وَمَا قَوْلِي بمَرْدُودِ (في الفاخر 114 "بني عمي مغلغلة") بأن بَيْتِي أمْسَى وفْقَ دَاهِيَةٍ * سَوْدَاءَ قَدْ وَعَدتنى شَرَّ مَوْعُودِ تُعْطِى عَرَابَةَ بالكَفَّين مجتنحا * مِنَ الخَلُوقِ وَتُعْطِيني عَلَى العُودِ أمْسَى عَرَابةُ ذَا مَالٍ يُسِرُّ بِهِ * مِنْ مال جَعْدٍ وَجَعْد غَيْرُ مَحْمُودِ يضرب للرجل يُصَاب من ماله ويُذَم. 4050- مَنْ قَنَع فَنِعَ الفَنَع: زيادة المال وكثرته، قَالَ الشاعر: أظِلَّ بَيْتِيَ أم حَسْنَاءَ نَاعِمَةً * حَسَدْتَنِي أمْ عَطَاءِ الله ذَا الفَنَع [ص 309] 4051- مَنْ عُرِفَ بِالصِّدْقِ جَازَ كِذْبُهُ، ومَنْ عُرِفَ بِالكِذْبِ لَمْ يَجُزْ صِدْقُه 4052- مَنْ خَاصَمَ بالبَاطِل أَنْجَحَ بِهِ أي مَنْ طَلَبَ الباطلَ قعدت به حجتُه وغُلب. قَالَ أبو عبيد: معناه أن نُجْحَ الباطل عليه لاَ له، يُقَال "نُجَحَ" إذا صار ذا نُجْح، بمعنى مَنْ خاصم بالباطل صار الباطل منجِحاً، أي ظافراً به. 4053- مُخْرَ نْبِقٌ لِيَنْبَاعَ الاخْرِ نْبَاق: الإطراق والسكوت، والانبياع: الامتداد والوَثْب، أي أنا أطْرِقُ ليثب، ويروى "لينباق" أي يأتي بالبائقة، وهى الداهية. 4054- أَمَكْرٌ وَأَنْتَ فِي الحَدِيدِ؟ قَالَ أبو عبيد: هذا المثل لعبد الملك بن مروان، قَالَه لسعيد بن عمرو بن العاص، وكان مُكَبَّلاَ، فلما أراد قتله قَالَ: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن لاَ تَفْضَحَنِي بأن تخرجني للناس فتقتلني بحضرتهم فافعل، وإنما أراد سعيدٌ بهذه المقَالَة أن يُخَالفه عبدُ الملك فيما أراد فيخرجه، فإذا أظهره مَنَعه أصحابه وحالوا بينه وبين قتله، فَقَالَ: يا أبا أمية أمَكْراً وأنت في الحديد؟ يضرب لمن أراد أن يمكر وهو مقهور. 4055- مُجَاهَرةً إذَا لَمْ أَجِدْ مَخْتِلاً المُجَاهرة بالعداوة: المُبَاداة بها، والخَتْل الخَتر، يقول: آخذ حقي مجاهرة أي عَلاَنيَةً قهراً إذا لم أختل إليه في العافية والستر. ونصب "مجاهرة" على تقدير أجاهر مجاهرة، وقوله "مَخْتِلاً" أي موضع خَتْلٍ، ويجوز مَخْتَل بفتح التاء يجعله مصدراً، والتقدير أجاهر فيما أطلب مجاهرة إذا لم أجده خَتْلا، أي بالختل. |
4056- المرءُ يَعْجَزُ لاَ مَحَالَةَ أي لا تَضِيقُ الحيلُ ومخارجُ الأمور إلا على العاجز، والمحالة: الحيلة. 4057- مَنْ نَجلَ النَّاس نَجَلُوهُ النَّجْلُ : أن تضرب الرجلَ بمقدم رجلك فيتدحرج. ومعنى المثل مَنْ شَارَّ الناس شَارُّوه، ويجوز أن يكون من نَجَل إذا رَمَى أو من نَجَل إذا طَعَنَ أي مَنْ رماهم بشَتْم رموه بمثله 4058- مَنْ يَبْغ في الدِّين يَصْلَفُ أي مَنْ يَطْلُبُ الدنيا بالدين قل حَظُّه منها، وقال الأصمعي: يعني أنه لا يحظى عند [ص 310] الناس ولا يرزق منهم المحبة، والبَغْي: التعدِّي أي من يتعدَّ الحقَّ في ديته لم يُحَبَّ لفرط غُلُوه. 4059- مَنْ حَفَّنا أوْرَفنَّا فَلْيَقْصِدْ يجوز أن يكون "حَفَّنا" من "حَفَّتِ المرأةُ وجهها" إذا أزالت ما عليه من الشَّعَر تزييناً وتحسيناً، و"رفَّنَا" من "رَفَّ الغزالُ ثمر الأراك" أي تناوله، يريد من تناولنا بالإطراء أو زاننا به فليقتصد. قَالَ أبو عبيد: يقول من مَدَحنا فلاَ يَغْلُونَّ في ذلك، ولكن ليتكلم بالحق فيه، ويُقَال: مَنْ حفنا أي خَدَمنا أو تعطَّفَ علينا ورَفَّنا أي حاطنا، ويُقَال: ما لفلاَن حافّ ولاَ رافّ، وذهب من كان يَحُفُّه ويَرُفُّه، أي يخدمه ويحوطه، وروى "مَنْ حفنا أو رفنا فليترك". وهذا قول امرأة، زعموا أن قوماً كانوا يعطفون عليها وينفعونها، فانتهت يوماً إلى نعامة قد غصت بصُعُرُّورَة - والصُعُرُّورَة: صَمْغة دقيقة طويلة ملتوية - فألقت عليها ثوبها، وغطت به رأسها، ثم انطلقت إلى أولئك القوم، فَقَالَت: مَنْ كان يحفنا أو يرفنا فليترك؛ لأنها زعمت أنها استغنت بالنعامة؛ ثم رجعت فوجدت النعامة قد أساغت الصُّعُرُّورة وذهبت بالثوب. يضرب لمن يبطره الشيء اليسير ويثق بغير الثقة. 4060- مَنْ قَلَّ ذَلَّ وَمَنْ أَمِرَ فَل قَالَه أوس بن حارثة. أمِرَ: أي كثر، يعني من قل أنصاره غَلَب؛ ومن كثر أقرباؤه قل أعداؤه. 4061- مِنَ الَّلجَاجَةَ مَا يَضُرُّ وَيَنْفَعُ أول من قَالَ ذلك الأسْعَرُ بن أبى حُمْرَان الجُعْفي، وكان راهَنَ على مُهْرٍ له كريم فَعَطِبَ، فَقَالَ: أهْلَكْتُ مُهْرِي فِي الرَّهَانِ لِجَاجَةً * وَمِنَ الَّلجَاجَةِ مَا يَضُرُّ وَيَنْفُع 4062- مِنْ غَيْرِ خَيْرٍ طَرَحَكِ أهْلُكِ يُقَال: إنه كان رجلٌ قبيحُ الوجهِ، فأتى على محلة قوم قد انتقَلُوا عنها، فوجد مرآة، فأخذها فنظر فيها إلى وجهه، فلما رأى قُبْحَه فيها طرحَهَا، وقَالَ: من غير خيرٍ طَرَحَكِ أهلُكِ، فذهبت مثلاً. 4063- مِنْ مأمَنِهِ يؤتَى الحَذِرُ هذا المثل يُرْوَى عن أكْثَمَ بن صيفي التميمي، أي أن الحَذَرَ لاَ يدفع عنه ما لاَ بد له منه، وإن جَهِدَ جَهْده، ومنه الحديث "لاَ ينفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ".[ص 311] 4064- المَوْتُ دُونَ الجَمَلِ المُجَلّلَ أول من قَالَ ذلك عبدُ الرحمن بن عَتَّاب بن أَسِيد بن أبي العاص بن أمية، وكان يقاتل يوم الجمل ويرتجز: وَاْلمَوتُ دُونَ الَجَمَلِ الْمُجَلَلِ يعني جمل عائشة، وقُطعت يَدُه يومئذ وفيها خاتمه، فاختطفها نسرٌ فطرحها باليمامة، فعرفت يده بخاتمه، ويُقَال: إن علياً رضي الله عنه وقَفَ عليه وقد قُتلَ فقال: هذا يَعْسُوب قريشٍ، جَدَعْتُ أَنْفِي وشَفيتُ نفسي. 4065- المُلْكُ عَقِيمٌ يعني إذا تنازع قوم في ملك انقطعت بينهم الأرحام، فلم يُبْقِ فيه والد على ولده، فصار كأنه عقيم لم يُولَد له. 4066- المَحْقُ الخَفِيُّ أَذْكَارُ الإبل يعني إذا نتجت الإبل ذكوراً محق مال الرجل، ولاَ يعلمه كل أحد 4067- مَنْ شَمَّ خِمَارَكِ بَعْدِي؟ أي ما نَفَّرَكِ عنى؟. يضرب لمن نفر بعد السكون 4068- مَن يَمْدَحُ العَروسَ إِلاَ أهْلُهاَ؟ يضرب في اعتقاد الأقارب بعضهم ببعض وعجبهم بأنفسهم قيل لأعرابي: ما أكثر ما تمدح نفسك! قَالَ: فإلى من أكِلُ مَدْحَها؟ وهل يمدح العروسَ إلاَ أهلها؟ 4069- مَنْ يَأتِ الحَكَمَ وَحْدَهُ يُفْلِحْ. لأنه لاَ يكون معه مَنْ يكذبه. 4070- مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ قَالَ أبو عبيد: هو رجل من العَمَاليق، أتاه أخ له يسأله، فَقَالَ له عرقوب: إذا أطْلَعَتْ هذه النخلة فلك طَلْعها، فلما أطلهت أتاه للعِدَةِ، فَقَالَ: دَعْها حتى تصير بَلَحا، فلما أبْلَحَتْ قَالَ: دَعْها حتى تصيرَ زَهْوًا، فلما زَهَت قَالَ: دَعْها حتى تصير رُطَبا، فلما أرْطَبَتْ قَالَ: دَعْها حتى تصير تمراً، فلما أتْمَرَتْ عمد إليها عرقوبٌ من الليل فجدَّها ولم يُعْطِ أخاه شيئاً، فصار مثلاً في الخُلْفِ، وفيه يقول الأشجعي: وَعَدْت وَكاَنَ الخُلْفُ مِنْك سَجِيَّةً * مَوَاعِيدَ عُرْقُوبٍ أخَاهُ بِيَتْربِ ويروى "بيثْرِب" وهي مدينة الرسول عله أفضل الصلاَة والسلم، ويترب - بالتاء وفتح الراء - موضع قريب من اليمامة، وقَالَ آخر: وأكْذَبُ مِنْ عُرْقُوبِ يَتْرَبَ لَهْجَةً * وأبْيَنُ شُؤماً في الْحَواَئجِ مِنْ زُحَلْ[ص 312] 4071- مَنْ يَجْتَمِعْ يَتَقَعْقَعْ عَمَدُهُ أي لاَ بدَّ من افتراق بعد اجتماع، ويُقَال في معناه: إذا اجتمع القومُ وتقاربوا وقَعَ بينهم الشر فتفرقوا. 4072- مَتَى يأتى غُوَاثُكَ مَنْ تُغِيثُ؟ يضرب في استبطاء الغَوْث، وللرجل يَعِدُ ثم يَمْطُلُ. يُقَال: غَوَّثَ الرجلُ، إذا قَالَ: واغَوْثَاه، والاسم الغَوْث والغُوَاث والغَوَاث، قَالَ الفراء: لم يأت في الأصوات شيء بالفتح غيره، وإنما يأتى بالضم كالبُكاَء والدُّعاء أو بالكسر كالنَّدَاء والصيَّاح. 4073- منْ يَمشِ يَرْضىَ بماَ رَكِبَ يضرب للذي يُضْطَرَّ إلى ما كان يرغب عنه 4074- مَنْ عَالَ بَعْدَها فَلاَ اجْتَبَرْ يُقَال: جَبَرهُ فَجَبَر وانْجَبَرَ واجْتَبَر، وعال: أي افتقر يَعيلُ عَيْلَة. وهذا من قول عمرو بن كلثوم: مَنْ عَالَ مِنَّا بَعدَهاَ فَلاَ اجْتَبَرْ * وَلاَ سَقَي الماء وَلاَ رَعَى الشَّجَرْ 4075- مَنْ لاَحَاكَ فَقَدْ عَادَاكَ اللَّحْىُ والّلحْو: القَشْر، أي من تعرض لَقشْر عِرْضك فقد نَصَب لك العَدَاوة والمثل من قول أكْثَمَ بن صَيْفي وفي الحديث: إن أول ما نهاني ربي عنه بعد عِبادة الأوثان شرب الخمور ومُلاَحاة الرجال. 4076- مَنْ حَقَرَ حَرَمَ يُقَال: حَقَرتْهُ واُحْتَقَرتُهُ واسْتَحْقَرتْه، إذا عددته حقيراً، أي من حَقَر يسيراً ما يقدِر عليه ولم يقدر على الكثير ضاعتْ لديه الحقوق. وفي الحديث: لاَ تَرُدُّوا السائلَ ولو بظِلْفٍ مُحْرَقٍ. 4077- مَنْ صَانَعَ الحَاكِمَ لَمْ يَحْتَشِمْ أي مَنْ رَشَا الحاكمَ لم يحتشم من التبسُّط عليه، وروى أبو عبيد "مَنْ صانَعَ بالمال لم يحتشم من طلب الحاجة" يضرب في بَذْل المال عند طلب المراد 4078- مَنْ يَلْقَ أبَطَالَ الرِّجَالِ يُكْلَمِ قَالَه عَقيل بن علقمة المرى (هكذا وقع في أصول هذا الكتاب، وما أراها تصح، ولعلها "عقيل بن علفة" والذي في اللسان "قَالَ الأَصمعي: هذا رجز يتمثل به لأبى أخزم الطائي، قَالَ ابن برى: كان أحزم عاقاً لأبيه، فمات وترك بنين عقوا جدهم وضربوه وأدموه فَقَالَ في ذلك) وقد رماه [ص 313] عمَلَّس ابنه بسهم فحلَّ فخذه، وهي أبيات منها. إنَّ بَنِيَّ زَمَّلُوني بالدَّمِ * شِنْشَةٌ أعْرَفُهَا مِنْ أخْزَمِ مَنْ يَلْقَ أبْطَالَ الرِّجَالِ يُكْلَمِ* 4079- مَنْ لاَ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ يُهْدَمْ أي مَنْ لم يدفع عن نفسه يُظْلم ويُهْضَم 4080- مِنَ العَجْزِ وَالتَّوَانِي نُتِجَتِ الفَاقَةُ أي هما سبب الفقر. وهذا من كلام أكْثَمَ بن صَيْفي، حيث يقول: المعيشة أن لاَ تنى في استصلاَح المال والتقدير، وأحوج الناس إلى الغنى مَنْ لم يُصْلحه إلاَ الغني، وكذلك الملوك، وإن التغرير مفتاح البؤس، ومن التواني والعجز نُتِجَتِ الفاقة، ويروى "الهلكة" قوله "التغرير مفتاح البؤس" يريد أن مَنْ كان في شدة وفقر إذا غَرَّر بنفسه بأن يُوقِعَهَا في الأخطار ويحمل عليها أعباء الأسفار يُوشِك أن يفتح عنه أقفال البُوس، ويرفل من حسن الحال في أضْفى الّلبوس. ومثل ما حكي من كلام أكثم بن صيفي ماحكاه المؤرِّجُ بن عمرو السَّدُوسي قَالَ: سأل الحجاجُ رجلاً من العَرَب عن عشيرته قَالَ: أي عشيرتك أفضَل؟ قَالَ: أتقاهم لله بالرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا، قَالَ: فأيهم أسْوَدُ؟ قَالَ: أرْزَنُهم حِلْما حين يُسْتَجْهل وأسخاهم حين يُسْأل، قَالَ، فأيهم أدهى؟ قَالَ: مَنْ كتم سِرَّه ممن أحَبَّ مخافة أن يشارَّ إليه يوماً، قَالَ: فأيهم أكْيَسُ؟ قَالَ: مَنْ يصلح ماله ويقتصد في معيشته، قَالَ: فأيهم أرفق؟ قَالَ: مَنْ يُعْطِي بِشْرَ وجهه أصدقاءه، ويتلطف في مسألته، ويتعاهد حقوق إخوانه في إجابة دَعَوَاتهم، وعيادة مَرْضَاهم، والتسليم عليهم، والمشي مع جَنَائِزهم، والنصح لهم بالغَيْب، قَالَ: فأيهم أفْطَن؟ قَالَ: مَنْ عرف ما يوافق الرجال من الحديث حين يجالسهم، قَالَ: فأيهم أصْلَبُ؟ قَالَ: من اشتدَّتْ عارضُته في اليقين، وحزم في التوكل، ومَنَعَ جَارُهُ من الظلم. 4081- مَوْتٌ لاَ يَجُرُّ إلَى عَارٍ خَيْرٌ مِنْ عَيْشٍ رَمَاقٍ يُقَال: ما في عَيْشِ فلاَنٍ رَمَقَة ورَمَاق، أي بُلْغَةَ، والمعنى مُتْ كريماً ولاَ تَرْضَ بعيش يمسك الرَّمَقَ. 4082- مَأْرُبَةٌ لاَ حَفَاوَةٌ أي إنما يكرمُكَ لأرَبٍ له فيك،[ص 314] لاَ لمحبة لك، يُقَال: مَأرُبَةٌ ومَأْرَبَة، وهما الحاجة، وحَفِيَ بِهِ حَفَاوَةً؛ إذا اهتمَّ بشأنه وبالغ في السؤال عن حاله، ورفع "مأربة" على تقدير هذه مأربة، ومن نَصَبَ أراد فَعَلْت هذا مأربة، أي للمأربة لاَ للحَفَاوة. 4083- مِنْ دُونِ ما تُؤمِّلُهُ نَهَابِرُ قَالَ أبو عمرو: النَّهَابِرُ: ما تجهم لك من الليل من وادٍ أو عَقَبة أو حُزُونة. يضرب في الأمر يشتدُّ الوصولُ إليه. 4084- مَوْلاَكَ وَإنْ عَنَاكَ أي هو وإن جهل عليك فأنت أحقُّ مَنْ تحمَّل عنه، أي اسْتَبْقِ أرْحَامَكَ و "مولاَك" في موضع النصب، على التقدير احفظ أو رَاعِ مولاَك 4085- مَنْ لَكَ بِدَنَايَةِ لَوْ (كذا، وأحسبه "بذنابة لو") أي مَنْ لك بأن يكون "لو" حقاً، وقَالَ: تَعَلَّقْتُ من أذْنَابِ لَوٍّ بلَيْتَنِي * وَلَيْتٌ كَلَوٍّ خَيْبَةٌ ليس تَنْفَعُ 4086- مَنْ سَبَّك؟ قَالَ: منْ بَلَّغَنِى أي الذي بَلَغَكَ ما تكره هو الذي قَالَه لك؛ لأنه لو سكت لم تعلم 4087- مَشَى إلَيْهِ المَلاَ وَالبَرَاحَ هما بمعنى واحد، أي مَشَى إليه ظاهراً وهذا قريب من مضادة قولهم 4088- مَشَى إلَيْهِ الخَمَرَ، وَدَبَّ لَهُ الضَّرَاءَ 4089- مُعَاوِدُ السَّقىِ سُقِيَ صَبِياً يضرب لمن جَرَّبَ الأمور وعمل الأَعمال ونصب "صبيا" على الحال، أي عَاوَدَ هذا الأمر وعالجه مذ كان صبياً 4090- مَنْ قَنَعَ بِمَا هُوَ فيهِ قَرَّتْ عَيْنُهُ 4091- وَمَنْ لَبِسَ يَأساً عَلَى ما فَاتَهُ وَدَّعَ بدَنَهُ 4092- ومَنْ رَضِيَ بِاليَسِيرِ طَابَتْ مَعِيْشَتُهُ 4093- ومَنْ عَتَبَ عَلَى الدَّهْرِ طَالَتْ مَعِتْبَتُهُ هذا من كلام أكثم بن صيفي 4094- مَنْ يَرُدُّ الفُرَاتَ عَنْ دِرَاجِهِ؟ ويروى عن "أدْرَاجِه" وهما جمع دَرَج أي عن وَجْهه الذي توجه له يروى أن زيد صُوحَان العَبْدِي حين أتاه رسولُ عائشة رضي الله عنها بكتاب فيه: من عائشَةَ أم المؤمنين إلى ابنها الخالص زيدِ بن صُوحَان، تأمره بتَثْبيط أهل الكوفة [ص 315] عن المسـارعة إلى علي رضي الله عنه، فَقَالَ زيد بن صُوحَان: أمِرْتُ بأمر وأمِرْنا بأمرٍ، أُمِرْنَا أن نقاتل حتى لا تكون فتنة، وأُمِرَتْ أن تقعُدَ في بيتها، فأمرتْنَا بما أمِرَتْ ونهتنا عما أمِرْنَا به، ثم دخل مسجدَ الكوفة، فرفع يده اليسرى - وكانت قد قُطِعَتْ يوم اليَرْمُوك - ثم قَال فيما يقول: مَنْ يُردُّ الفرَات عن دِرَاجه؟ يعنى أن الأمر خرج من يده، وأن الناس عزموا على الخروج من الكوفة، فهو لاَ يقدر أن يَرُدَّهم من فَوْرِهم هذا. 4095- مَذقِتي أحَبُّ إليَّ مِنْ مَخْضَةِ آخَرَ. هذا الكلام مثلُ قولهم "غَثُّكَ خيرٌ من سمين غيرك" 4096- مَنْ عَضَّ عَلَى شِبْدِعِهِ أمِنَ الآثامَ. أي من عَضَّ على لسانه أمِنَ عقوبَةَ الإثم وجَزَاءه. 4097- مَنَاجِلُ تَحْصُدُ ثِنَّا بِالياً. الثِّنُّ: يَبِيسُ الحشيش، والمِنْجَلُ: ما يُحْصَدُ به ويُنْجَل أي يُرْمَى. يضرب لمن يَحْمَدُ من لاَ يبالي بحمده إياه 4098- مِنْ غَيْرِ مَا شَخْصٍ ظَلِيْمٌ نَافِرٌ "ما" صلة، والظَّليم: ذكر النَّعَام، وهو أشدُّ الدوابِّ نفوراً. يضرب لمن يشكو صاحبه من غير أن يكون له ذنب. 4099- مَظْلُوم وَطْبٍ يَشْرَبُ المُحَبَّبُ المَظْلُوم والظَّليم: اللبن الذي يُحْقَن (يحقن: يجمع في السقاء حليبه على رائبه، وهذا اللبن حقين، وسقاؤه المحقن.) ثم يُشْرَب قبل أن يَرُوبَ، والمَحَبَّب: الممتلئ رِياًّ، يقال: شربت الإبل حتى تَحَبَبَتْ، أي تملأَت من الماء. يضرب لمن أصاب خيراً ولاَ حاجَةَ به إليه كمن يشرب اللبن وهو رَيَّان. 4100- مَقْنأةٌ رِيَاحُهَا السَّمَائِمُ المَقْنأة والمَقْنُوة، يهمزان ولاَ يهمزان، وهما المكان لاَ تَطْلُع عليه الشمس، والسَّمُوم: الريح الحارة، تقول: ظِلٌّ في ضِمْنِهِ سَمُوم يضرب للعريض الجاه العزيز الجانب يُرْجَى عنده الخير، فإذا أوى إليه لاَ يكون له حسن مَعُونة ونظر. 4101- مَخَالِبُ تَنْسُرُ جِلْدَ الأَعْزَلِ النَّسْر: نَتَفُ البازي اللحمَ بمَنْسِرِه، أي مِنَقَاره، والأَعْزَلُ: الذي لاَ سِلاَح معه، [ص 316] والطائر الأَعزل الذي لاَ قُدرة له على الطيران، ومنه قول لَبيد: لما رأى لُبَدُ النُّسُورَ تَطَايَرَتْ * رَفَعَ القَوَادمَ كالفَقِيرِ الأَعْزَلِ الفقير: المكسور الفقار. يضرب لمَنْ يَظْلم مَنْ دونه. 4102- مَشِيمَةٌ تَحْمِلُها مِئْنَاثٌ المَشِيمة: ما يكون فيه الوَلَدُ في الرحم، والمئناث: التي من عادتها أن تلد الإناث. يضرب للرجل لاَ يَسَرُّ به أحد ولاَ يُرْجَى منه خير. 4103- مَشَامُ مُرْبِعٍ رَعَاهُ مُصِيفٌ المَشَام: الموضِعُ يُنْظَر فيه إلى البرق، والمُرْبِع: الذي نتجت إبله في الربيع، والمُصيف: الذي نتجت إبله في آخر زمان النتاج يضرب لمن انتفع بشيء تَعَنَّي فيه غيرُه 4104- مُجيلُ القِدْحِ وَالجَزُورُ تَرْتعُ الإجالة: إدارة القِدْح في المَيْسِر، ولاَ يُجَال القِدْح إلاَ بعدما تُنْحَر الجزورُ ويُقْسَم أجزاؤها. 4105- مَخَيْلَةٌ تَقْتُلُ نَفْسَ الخَائلِ المَخِيلَة: الخُيَلاَء، والخَائل: المُخْتال، يُقَال: خالَ يَخَالُ خَالاً، وجمع الخائل خَالَة مثل بأئِعٍ وبَاعَةٍ. يضرب لمن يُورِدُ نفسَه مَوَاردَ الهَلَكة طلباً للتَّرَؤُّسِ 4106- مَسَّ الثَّرَى خَيْرٌ مِنَ السَّرَابِ أي اقتصارُكَ على قليلك خير من اغترارك بمال غيرك. 4107- مُمَالِحَانِ يَشْحَذَانِ المُنْصُلَ (ممالحان: وصف من الممالحة، وهي المؤاكلة، والمنصل: السيف.) يضرب للمتصافيين ظاهراً المتعاديين باطناً 4108- مَنْ خَشِيَ الذِّئْبَ أَعَدَّ كَلْبَاً يضرب عند الحَثِّ على الاستعداد للأَعداء 4109- مَنْ سَئمَ الحَرْبَ اقْتَوَى لِلسلْمِ الاقْتِوَاء: الانعطافُ، وأصله من التقاوى بين الشركاء، وهو أن يشتروا شيئاً رخيصاً ثم انعطفوا فتزايدوا في ثمنه حتى بلغوا به غاية ثمنه عندهم. يضرب في التحذير لمن خاف شيئاً فتركه، ورجع إلى ما هو أسْلَمُ له منه. 4110- أمْهِ لكَ الوَيْلُ فَقَدْ ضَلَّ الجَمَلُ يُقَال: أمْهَى الفرسَ، إذا أجْرَاه وأحْمَاه في جَرْيه. يقول: أعِدَّ فرسَكَ فقد ضَلَّ جملُكَ. [ص 317] يضرب لمن وقع في أمر عظيم يؤمر ببذل ما يطلب منه لينجو. 4111- مُفِّوزٌ عَلَّقَ شَنّاً باَليِاً فَوَّزَ الرجلُ: إذا ركب المَفَازة، والشَّنُّ: القربة البالية. يضرب للرجل يحتمل أموراً عظيمة بلاَ عُدَّة لها منه. 4112- مَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلاَ يَتَحمَّدْ بِهِ عَلَى النَّاسِ ويروى "إلى الناس" فمن وَصله بعلى أراد فلاَ يَمْتَنَّ به على الناس، ومن وصله بإلى أراد فلاَ يخطبن إليهم حمده. 4113- مَنْ فَسَدَتْ بِطَانَتُهُ كانَ كَمَنْ غُصَّ بِالماءِ البطَانة: ضدُّ الظِّهارة، جعلت لقربها من اللابس مثلاً لمن يَخَضُّ مداخلَةَ ومعاملَةً وهذا من كلام أكثم بن صيفي، يريد إذا كان الأمر على هذه الحالة فلاَ دواء له؛ لأن الغاصَّ بالطعام يلجأ إلى الماء، فإذا كان الماء هو الذي يغصه فلاَ حيلَةَ له، فكذلك بطانة الرجل وأهل دِخْلَتِهِ، كما قَالَ: (البيت لعدي بن زيد العبادي) لَوْ بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ * كُنْتُ كَالغَصَّانِ بِالماء اعتِصَارِي 4114- مُعَاتَبَةُ الإخْوَانِ خَيْرٌ مِنْ فَقْدِهِم هذا مثل قولهم: وَفِي العِتَابِ حَيَاةٌ بَيْنَ أقْوَامِ* 4115- مِنْ حُسْنِ إسلام المَرْء تَرْكُه مَالاَ يَعنيِهِ هذا المثلُ يُرْوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروى عن لقمان الحكيم أنه سُئِل: أي عملِك أوثقُ؟ فَقَالَ: تركي مالاَ يعنيني، وقَالَ رجل للأحنف: بِمَ سُدْتَ قَوْمَك؟ وأراد عيه، فَقَالَ اللأحنف: بتَرْكِي من أمرك مالاَ يعنيني كما عَنَاكَ من أمري ما لا يَعْنيكَ، وقَالَ أيضاً: ما دخلت بين اثنين قَطُّ حتى يكونا هما يدخلاَنِّي في أمرهما، ولاَ أقمِتُ عن مجلسٍ قط، ولاَ حُجِبْتُ عن باب، يريد لاَ أجلس إلاَ مجلساً أعلم أني لاَ أقامُ عن مثله، ولاَ أقف على باب أخاف أن أحْجَبَ عن صاحبه. 4116- مَنْ يزرَعِ الشَّوْكَ لاَ يَحْصُدْ بِهِ العِنَبَا لاَ يُقَال: حَصَدتُ العنبَ، وإنما يُقَال: قَطَفْتُ، ولكنه وضع الحصد بإزاء الزرع، وقوله "به" أراد ببدَله (في أصول هذا الكتاب "بيذله" تصحيف) ويجوز أن يريد [ص 318] بزَرْعه، أي لاَ يحصد العنب بزَرْعِهِ الشوكَ، والمعنى من أساء إلى إنسان فليتوقَّعْ مثله. 4117- مُكْرَهٌ أَخُوكَ لاَ بَطَلٌ هذا من كلام أبى حَنَشٍ خال بَيْهسْ الملقب بنَعَامة، وقد ذكرت قصته في باب الثاء عند قوله "ثكل أرأمها ولداً (انظر المثل 771)" يريد أنه محمولٌ على ذلك، لاَ أن في طَبْعه شجاعة يضرب لمن يُحْمَل على ماليس من شأنه 4118- مَرَّةً عَيْشٌ ومَرَّةً جَيْشٌ قَالَ أبو زيد: أصْلُه أن يكون الرجل مرةً في عيش رَخِيٍّ ومرةً في جيش غزاة وارتَفَع عيش وجَيش لأنه في تقدير خبر الابتداء، كأنه قَالَ: الدهرُ عيش مرة وجيشٌ أخرى، أي ذو عيش، عَبَّرَ عن البَقَاء بالعَيْش وعن الفَنَاء بالجيش لأن مَنْ قاد الجيشَ ولاَ بَسَ الحرب عَرَّض نفسه للفناء 4119- مَنْ ضَاقَ عَنْهُ الأقْرَبُ أَتَاحَ الله لَهُ الأَبْعَدَ 4120- مَنْ يَرْ نَأيَقُلْ سَوَادٌ رَكِبَ يضرب في التَّوَافُقِ والاجتماع 4121- المَرْءُ يُعْرَفُ لاَ ثَوْبَاهُ يضرب لذي الفَضْل تَزْدَريه العينُ لتقشُّفه 4122- مَنْ لَمْ يُغْنِيهِ مَا يَكْفِيهِ أعْجَزَهُ ما يُغْنِيهِ يضرب في مدح القَنَاعة 4123- مَوْتٌ فِي قُوتٍ وَعِزٍّ أَصْلَحُ مِنْ حَيَاةٍ في ذُلٍّ وَعَجْزِ 4124- مَنْ مَحَّضَكَ مَوَدَّتَهُ فَقَدْ خَوَّلَكَ مُهْجَتَهُ يُقَال: مَحَّضْتُه الوُدَّ وأمْحَضْتُه، إذا أخْلَصْتَ له المودة. 4125- مَنْ يكُنِ الطَّمَعُ شِعَارَهُ يكُنْ الجَشَعُ دِثَارَهُ 4126- مِنَ الحَبَّةِ تَنْشَأ الشَّجَرَةُ أي من الأمور الصِّغَار تنتج الكبار 4127- مَنْ يُعَالِجْ مالَكَ غَيْرَكَ يَسأَمْ هذا مثل قولهم "ما حَكَّ ظَهْرِي مثل ظفري" 4128- مِنْ شُفْرِهِ إلى ظُفْرِهِ يضرب لمن رَجَعَ إلى ما كاده في شأن غيره. 4129- مَنْ جَزِعَ اليَوْمَ مِنَ الشَّرِّ ظَلَم يضرب عند صلاَح الأمر بعد فساده أي لا شر يجزع منه اليوم [ص 319] 4130- مَنْ جَعَلَ لِنَفْسِهِ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِإخْوَانِهِ نَصِيباً أراحَ قَلْبَهُ يعني أن الرجل إذا رأى من أخيه إعراضاً وتغيراً فَحَمَله منه على وجهٍ حَسَنٍ وطلب له المخارج والحذر خَفَّفَ ذلك عن قلبه وقَلَّ منه غيظه، وهذا من قول أكثم بن صيفى. يضرب في حسن الظن بالأخ عند ظهور الجفاء منه. 4131- مَنْ ذَهِبَ مَالُهُ هَانَ عَلَى أهلِهِ يضرب في إكرام المَلِىءِ. ويروى عن رجل من أهل العلم أنه مَرَّ به رجل من أرباب الأموال، فتحرك له وأكرمه وأدناه، فقيل له بعد ذلك: أكانت لك إلى هذا حاجة؟ قَالَ: لا، والله، ولكني رأيت المال مَهِيناً، ويروى "ذا المالِ مَهيباً" 4132- مَنْ نَهَشَتهُ الحَيَّةُ حَذِرَ الرَّسَنَ الأَبلقَ قَالَ أبو عبيد: هذا من أمثال العامة، قَالَ الشاعر: إنَّ الَّلسِيعَ لَحَذِرٌ مُتَوَجِّسٌ * يَخْشَى وَيَرْهَبُ كُلَّ حَبْلٍ أبْلَقِ 4133- المَرْأَةُ مِنَ المَرْءِ، وكلُّ أَدْماءَ مِنْ آدَمَ يُقَال هذا أولُ مثلٍ جَرَى للعرب 4134- مَنْ نَامَ لاَ يَشَعْرِ بِشَجْوِ الأرِقِ يضرب لمن غَفَلَ عما يعانيه صاحبُه من المشقة. 4135- مُحَلِّيءٌ يَمْشِي لِحَوْضٍ لاَئِطاً يُقَال: حَلأتُ الإبل عن الماء، إذا منعَتَها الورود، والَّلوطُ: أن تُصْلِحَ الحوضَ وترمه. يضرب لمن يتعنى في أمرٍ لاَ يستمتع به 4136- مَنْ طَلَبَ شَيْئَاً وَجَدَهُ أولُ مَنْ قَالَ ذلك عامر بن الظَّرِبِ، وكان سيدَ قومه، فلما كبر وخشي عليه قومُهُ أن يموت اجتمعوا إليه وقَالَوا: إنك سيدُنا وقائلنا وشريفنا، فاجعل لنا شريفاً وسيداً وقائلاً بعدك، فَقَالَ: يا معشر عَدْوَان كلفتموني بَغْيا، إن كنتم شرفتموني فإني أريتكم ذلك من نفسي، فأنَّي لكم مثلى؟ افهموا ما أقول لكم، إنه مَنْ جَمَعَ بين الحق والباطل لم يجتمعا له، وكان الباطلُ أولى به، وإن الحق لم يزل ينفر من الباطل ولم يزل الباطل ينفر من الحق، يا معشر [ص 320] عَدْوَان لاَ تَشْمَتُوا بالذلة، ولاَ تفرحوا بالعزة فبكل عيش يعيش الفقير مع الغني، ومن يُرِ يوماً يُرَ به، (انظر المثل 4037) وأعدُّوا لكل امرئ جَوَابه، إن مع السفاهة الندامة، والعقوبة نكال، وفيها ذمامة، ولليد العُلْيا العاقبة، والقود راحة، لاَ لك ولا عليك، وإذا شئت وجدت مثلك، إن عليك كما أن لك، وللكثرة الرعب، وللصبر الغَلَبة، ومن طلب شيئاً وجده، وإن لم يجده يُوشك أن يقع قريباً منه. 4137- مِنْ أَبْعَدِ أدْوَائِهَا تُكْوَى الإبل يضرب للذي يَذْهَبُ في الباطل تائها ويَدَع ما يعنيه. 4138- مِلْءُ عَيْنَيْكَ شَيْءُ غَيْرِكَ يضرب عِندَ اليأس مما في أيدي الناس 4139- مَنْ مَلَكَ اسْتَأثَرَ يضرب لمن يَلِي أمراً فيُفْضِل عَلَى نفسه وأهلِهِ فَيُعَابُ عليه فعله. 4140- مَنْ لَكَ بِأخٍ مَنِيعٍ حَرْجُهُ أي حَرِيمه. يضرب للمانع لما وَرَاء ظهره لاَ يَطْمَع فيه أحد 4141- مَنْ لاَ يُدَارِي عَيْشُهُ يُضلَّلُ أي مَنْ لم يحسن تدبيرَ عيشِه ضُلِّلُ وحُمِّقَ 4142- مَأْتِيٌّ أَنْتَ أيُّهاَ السَّوادُ يضرب لمنْ يتوعَّدُ، أي سألقاك ولا أبالي بك 4143- مَرْحَى مَرَاحِ مثل قولك "صُمِّى صَمَامِ" يريد به الداهية، قَالَ الشاعر: فأسْمَعَ صَوْتُهُ عَمْراً فَوَلَّى * وَأَيْقَنَ أنَّهَا مَرْحَى مَرَاحِ 4144- ماكانَ مَرْبًوباً لَمْ يَنْضَحْ النَّضْحُ: مثل الرَّشَح، يعني إذا كان السقاء مربوباً لم يرشح بما فيه أي إذا كان سرك عند رجل حَصِيفٍ لم يظهر منه شيء 4145- أمَعَنا أنْتَ أَمْ في الجَيْشِ؟ أي أعَلَيْنا أنتَ أم معنا بنُصْرَتك؟ 4146- مِنْكِ الحَيْضُ فَاغْسِلِيهِ أي هذا منك فاعتذري وهذا مثل قولهم "يَدَاكَ أو كَتَا وَفُوكَ نَفَخَ" 4147- مُعْتَرِضٌ لِعَنْنٍ لَمْ يَعْنِهِ يضرب للمعترض فيما ليس من شأنه والعَنَنُ: شَوْطُ الدابة وأول الكلام [ص 321] 4148- مُحْترَسٌ مِنْ مِثْلِهِ وَهُوَ حارِسٌ أي الناس يحترسون منه ومن مثله وهو حارس. وهذا كما تقول العامة "اللهم احفظنا من حافظنا" وإنما أوْرَدَ أبو عبيد هذا المثل مع قولهم "عَيَّرَ بحَيْر بجرَة" لأن الحارس يبرئ نفسه السارقةَ وينسبها إلى غيره قَالَ الأَصمعي: يضرب للرجل يُعَيِّرُ الفاسقَ بفعله وهو أخبث منه. 4149- مِنْ حَظِّكَ مَوْضِعُ حَقَّكَ ويروى "مَوْقِع" أي وقوعُ حقك نتيجة حظك، يريد أن وجوده منه وبسببه، ويجوز أن يريد من حظك وبَخْتِك أن يكون حاملُ حقك مَلِيَّا يقوم بأدائه، ولاَ يعجز عن قضائه، وهذا معنى قول أبي عبيد، فإنه قَالَ: إن معناه أن مما وَهَبَ الله تعالى لعباده من الحظوظ أن يعرف للرجل حقه ولاَ يبخسه قلت: وتقدير المثل حُسْنُ موضع حقك معدود عليك من حظك. 4150- مَنْ كَانَ مُحَاسِيَنَا أو مُوَاسِيَنَا فَلْيَتَفَّرْ يضرب هذا في موضع "مَنْ كان يَحُفُّنا أو يَرْفُّنا فليترك" وقد مر ذكره. وقوله "فَلْيَتَّفِرْ" من الوَفْرِ. 4151- مَنْ أَجْدَبَ انْتَجَعَ يضرب للمحتاج فيُقَال: اطلُبْ حاجتك من وجه كذا. يُقَال: تَغَدَى صَعْصَعة بن صُوحان عند معاوية رضي الله عنه، فتناول من بين يدي معاوية شيئاً فَقَالَ: يا ابن صُوحان انتجعت من بُعْدٍ، فَقَالَ: مَنْ أجْدَبَ انْتَجَعَ. 4152- مَنْ بَاعَ بِعِرْضِهِ أنْفَقَ أي من تعرض ليشتمه الناسُ وجدَ الشتمَ له حاضراً، ومعنى أنفق وَجَدَ نَفَاقاً. 4153- مَنْ يأكُلْ بِيَدَيْنِ يَنْفَدْ أي من قصد أمرين ولم يصبر على واحد فيخلص له ذهب منه الأمران جميعاً. 4154- مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى حَيْرِ جارِهِ أصْبَحَ عَيْرُهُ فِي النَّدَى يعنى المطر، والحَيْر: الإصطبل، وأصله حظِيرَة الإبل. 4155- مَنْ أَكَلَ مَرَقَةَ السُّلْطَانِ احْتَرقَتْ شَفَتَاهُ ولَوْ بَعْدَ حِينٍ 4156- مَررْتُ بِهِمْ بَقْطاً أي متفرقين، وذهبوا في الأَرض بَقْطَا، قَالَ الشاعر:[ص 321] رأيتُ تميماً قد أضَاعَتْ أمُورَهَا * فَهُمْ بقط في الأَرض فَرْثٌ طوائف شبههم بالفرث يتناثر من الكرش لتفرقهم، ومنه المثل "بَقَطِيِهِ بِطِبِّكِ" (انظر المثل رقم 484) وقد مر ذكره. 4157- مَنْ غَرْبَلَ النَّاس نَخَلُوهُ أي من فَتَشَّ عن أمور الناس وأصولهم جعلوه نُخَالة. 4158- مُساعَدَة الخَاطِلِ تُعَدُّ مِنَ البَاطِلِ الخاطل: الجاهل، وأصله من الخَطْل وهو الاضطراب في الكلام وغيره، وهذا من كلام الأفْعَى الجُرْهُمى النَّجْرَاني حكم العرب. 4159- مَرَّ لَهُ غُرابُ شِمَالٍ أي لقى ما يكره. 4160- مَنْ بَعُدَ قَلْبُهُ لَمْ يَقْرُبْ لِسَانُهُ وَيَدُهُ يضرب للخائف الفزع. 4161- مِنْ شُؤْمِهَا رُغَاؤُهَا يضرب عند الأمر يَعْسُر ويكثر الاختلاَفُ فيه. 4162- مَنْ يَكُ ذَا وَفْرٍ مِنَ الصَّبِيَانِ فإنَّهُ مِنْ كَمْأةٍ شَبْعَانٌ، ومَنْ بَنَاتِ أو بَرِ المكانِ أي من كثر صبيانه شبع من الكمأة؛ لأنهم يَجْتَنُونَهَا، وبناتُ أوبر: جنس ردئ منها، كبعر البعير، اسم الواحد ابن أوبر، وإنما قيل بنات أوبر في الجمع لتأنيث الجماعة، وكذلك ما أشبههه مثل بَنَات نَعْش وبَنَات مَخَاض. يضرب لمن كثر أعوانُه فيما يَعْرِض له. 4163- مَنْ ساغَ رِيقَ الصًّبْرِ لمْ يَحْقَلْ ساغَ الشراب يَسُوغ، إذا سهل مَدْخَله في الحلق، وسُغْتُه أنا، يتعدى ولاَ يتعدَّى، والحَقْل: داء من أدواء البطن، والصبر هنا: الدواء. يضرب في الحثِّ على احتمال أذَى الناس.[ص 323] *3* http://www.al-eman.com/Islamlib/images/up.gif ما جاء على أفعل من هذا الباب 4164- أمْنَعُ مِنْ أُمِّ قِرْفَةَ قَالَ الأَصمعي: هي امرأة فَزَارية، وكانت تحت مالك بن حُذيفة بن بدر، وكان يُعَلَّقْ في بيتها خمسون سيفاً بخمسين فارساً كلهم لها محْرم. |
الباب الخامس والعشرون فيما أوله نون
4189- نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَاماً قيل: إنه عصام بن شهبر حاجبُ النعمان بن المنذر الذي قَالَ له النابغة الذبياني حين حَجَبَهُ عن عيادة النعمان من قصيدة له فإنِّي لاَ ألُومُكَ في دُخُول * وَلَكِنْ مَا وَرَاءَكَ يا عِصَامُ؟ يضرب في نَبَاهة الرجل من غير قديم، وهو الذي تسميه العرب "الخارجي" يعنى أنه خرج بنفسه من غير أولية كانت له قَالَ كثير: أبَا مَرْوَانَ لَسْتَ بِخَارِجِيٍّ * وَلَيْسَ قَدِيمُ مَجْدِكَ بِانْتِحَالِ وفي المثل "كن عصامياً، ولاَ تكن عظامياً" وقيل: نَفَسُ عِصَامٍ سَوْدَتْ عَصَامَا * وَعَلَّمَتْهُ الكَرَّ وَالإقْدَامَا وَصَيَّرَتْهُ مَلِكاً هُمَامَا* يُقَال: إنه وُصف عند الحجاج رجلٌ بالجهل، وكانت له إليه حاجة، فَقَالَ في نفسه: لأخْتَبِرَنَّهُ، ثم قَالَ له حين دخل عليه: أعصامياً أنت أم عِظَامياً؟ يريد أشَرُفْتَ أنتَ بنفسك أم تفخر بآبائك اللذين صاروا عظاما؟ فَقَالَ الرجل: أنا عصامي وعظامي، فَقَالَ الحجاج: هذا أفضل الناس، وقضى حاجته، وزاده، ومكث عنده مدة، ثم فاتشه فوجَدَه أجْهَلَ الناسِ، فَقَالَ له: تصدُقُنِي وإلاَ قَتلتك، قَالَ له: قل ما بدا لك وأصدقك، قَالَ: كيف أجَبْتَنِي بما أجَبْتَ لما سألتك عما سألتك؟ قَالَ له: والله لم أعلم أعصامي خير أم عظامي، فخشيت أن أقول أحدهما فأخطئ، فقلت: أقول كليهما، فإن ضرني أحدهما نفعني الأخر، [ص 332] وكان الحجاج ظَنَّ أنه أراد أفْتَخِرُ بنفسي لِفَضْلِي وبآبائي لشرفهم، فَقَالَ الحجاج عند ذلك: المقاديرُ تًصَيِّرُ العَيَّ خطيباً، فذهبت مثلاً. 4190- نَفْسِي تَعْلَمُ أنِّي خَاسِرٌ يضرب للمَلُوم يَعْلَم من نفسه ما يُلام عليه، ويَعْرِفُ من صفته مالاَ يعرفه الناس 4191- نَفْسُكَ بِمَا تُحَجْحِجُ أعْلَمُ أي أنت بما فيه في قلبك أعلم من غيرك، يُقَال: حجحج الرجل، إذا أراد أن يقول ما في نفسه ثم أمسك، وهو مثل المَجْمَجَةِ 4192- نَظْرَةٌ مِنْ ذِي عُلْقَةٍ أي من ذي هَوَىً قد عَلِقَ قلبه بمن يهواه. يضرب لمن ينظر بًودٍّ 4193- نَعِمَ عَوْفُكَ العَوفُ: البال والشان، قَالَه الشيباني، وقيل: العَوْفُ الذكر، قَالَ الراجز: جَارِيَةٌ ذاتُ حِرٍ كَالنَّوفِ * مُلَمْلَم تَسْتُرُهُ بِحَوْفِ (النواف: سنام البعير، وجمعه أنواف كثوب وأثواب، والحوف: جلد يشق كهيئة الأزار يلبسه الصبيان والحيض من النساء، أو هو أديم أحمر يقد سيورا ثم يجعل على السيور شذر وتلبسه الجارية فوق ثيابها) يَشْفِي غَلِيلَ العَزَبِ الهِلَّوْفِ * يا ليتني قَرْمَشْتُ فِيها عَوْفِي (الهلوف - بزنة جردحل - الثقيل الجافي، أو العظيم البطين لاَ غناء عنده، وقرمشته: أفسدته.) يضرب للباني بأهله. 4194- أَنْجَزَ حُرٌّ مَا وَعَدَ يُقَال: نَجَزَ الوَعْدُ ينجز، وقَالَ الأزهري: نَجَزَ الوَعْدُ وأنْجَزْتُهُ أنا، وكذلك نَجَزَت به، وإنما قَالَ حُرٌّ ولم يقل الحرُّ لأنه حذر أن يسمى نفسه حراً فكان ذلك تمدحا. قَالَ المفضل: أولُ من قَالَ ذلك الحارث بن عمرو آكل المُرَار الكِنْدِي لصَخْر بن نَهَشْل بن دَارِم، وذلك أن الحارثَ قَالَ لصخر: هل أدلُّكَ على غَنِيمَة على أن لي خُمُسَها؟ فقال صخر: نَعَمْ، فدلَّه على ناسٍ من اليمن، فأغار عليهم بقومه، فَظَفِرُوا وغنموا، فلما انصرفوا قَالَ له الحارث: أنجَز حُرٌّ ما وعد، فأرسلها مثلاً، فراوَدَ صخرٌ قومَه على أن يُعْطُوا الحارثَ ما كان ضمن له، فأبَوا عليه، وكان في طريقهم ثَنِية متضايقة يُقَال لها شَجَعَات، فلما دنا القومُ منها سار صخر حتى سبقَهم إليها، ووقف على رأس الثنية وقَالَ: أزِمْتْ شَجَعَاتٌ بما [ص 333] فيهن، فَقَالَ جَعْفَر بن ثَعْلَبة بن جَعْفَر بن ثعلبة ابن يَرْبُوع: والله لاَ نعطيه شيئاً من غنيمتنا، ثم مضى في الثنية فَحَمَلَ عليه صخر فَطَعَنَه فقتله، فلما رأى ذلك الجيش أعطوه الخمس، فدفعه إلى الحارث، فَقَالَ في ذلك نَهْشَل بن حَرِّيٍّ: وَنَحْنُ مَنَعْنَا الجِيشَ أن يتأوَّبُوا * على شَجَعَاتٍ وَالجيَادُ بنا تَجْرِي حَبَسْنَاهُمُ حَتَى أقَرُّوا بحُكْمِنَا * وَأَدَّيّ أَنْفَالُ الخَمِيسُ إلى صَخْرِ 4195- النَّفْسُ أَعْلَمُ مَنْ أخُوهَا النَّافِعُ يضرب فيمن تحمدُه أو تذُمُّه عند الحاجة. 4196- النَّفْسُ مُولعةٌ بِحُبِّ العَاجِلِ هذا المثل لجرير بن الخطفَي حيث يقول إني لأرْجُو مِنْكَ شَيئاً عَاجِلاً * وَالنَّفْسُ مُوَلَعَةٌ بِحُبِّ العَاجِلِ (كذا في جميع أصول هذا الكتاب، والمحفوظ "لأرجو منك سيبا عاجلاً" والسيب: العطا". 4197- النَّفْسُ عَرُوفٌ أي صَبُور، إذا أصابها ما تكره فيئست من خير اعتبرت فصبرت، والعارف: الصابر، قَالَ عنترة يذكر حربا: فصُبِرْتِ عَارِفَةً لِذَلِكَ حُرةً * تَرْسُو إذَا نَفْسُ الجَبَانِ تَطَلَّعُ صبرت: أي حُبِسْتِ 4198- نَظَرْتُ إليهِ عَرْضَ عَيْنٍ أي اعترضته عيُنه من غير تعمد، ونصب "عَرْضَ" على المصدر، أي نظر إليه نظراً بعين. 4199- نَزَتْ بِهِ البِطْنَةُ يضرب لمن لاَ يحتمل النعمة ويبْطَر، وينشد: فَلاَ تَكُونِينَ كَالنَّازي بِبِطْنِهِ * بَيْنَ القَرْيَتَيْنِ حَتَّى ظَلَّ مَقْرُوناً 4200- انْكِحِيني وَانْظُري أي: إن لي مَخبَراً محموداً، وإن لم يكن لي منظر. ودخل عبد الرحمن بن محمد بن الأَشعث على الحجاج، فَقَالَ الحجاج: إنك لمنظراني، قَالَ: نعم أيها الأمير ومَخْبَراني. 4201- النَّاسُ إخْوَانٌ وَشَتَّى فِي الشِّيَمِ قوله "إخوان" أي أشباهٌ وأشكال، وشَتَّى: فَعْلَى من الشَّتِّ وهو التفرق، والشَّيَمُ: الأخلاَق الكريمة إذا أتى بها غير مقيدة كما أن جعدا إذا أطلق كان مَدْحا، [ص 334] يُقَال: رجُلٌ جَعْدٌ، فإذا قيد كان ذما، نحو قولهم: جَعْدَ اليَدَيْنِ، أو جعد البَنَانِ، أي إنهم وإن كانوا مجتمعين بالأشخاص فشِيَمُهُم مختلفة 4202- انْصُر أَخَاكَ ظَالماً أو مَظْلُوماً يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ هذا، فقيل: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: تَرُدُّهُ عن الظلم. قَالَ أبو عبيد: أم الحديث فهكذا، وأما العرب فكان مذهبها في المثل نصرته على كل حال قال المفضل: أول من قَالَ ذلك جُنْدُب بن العَنْبَر بن تميما بن عمرو، وكان رجلاً دميماً فاحشاً، وكان شجاعاً، وإنه جَلَس هو وسَعْد بن زَيْد مَنَاة يَشْرَبَانِ، فلما أخذ الشرابُ فيهما قَالَ جندب لسعد وهو يمازحه: يا سعد لشُرْبُ لبن اللقَاح، وطولُ النكاح، وحُسْن المزاح، أحَبُّ إليك من الكِفَاح، ودَعْس الرِّمَاح، ورَكْضِ الوقَاح، قَالَ سعد: كذَبْتَ، والله إن لأعْمِلُ العامِلَ، وأنْحَرُ البازِل، وأسْكِتُ القائل، قَالَ جُنْدُب: إنك لتعلم أنك لو فَزِغْتَ دَعَوْتَنِي عجلاً، وما ابتغيت بي بَدَلاً، ولرأيتني بَطَلاً، أركب العزيمة، وأمنع الكريمة، وأحمي الحريمة، فغضب سعد وأنشأ يقول: هَلْ يَسُودُ الفَتَى إذا قَبُحَ الوَجْـ * هـُ وأمْسَى قراه غَيْرَ عَتِيدِ وَإذَا الناسُ في النَّدَىِّ رَأوْهُ * نَاطِقاً قَالَ قَوْلَ غَيْرِ سَديِدِ فأجاب جندب: لَيْسَ زَيْنُ الْفَتَى الْجَمَالَ وَلكِنْ * زَيْنُهُ الضَّرْبُ بِالْحُسَامِ التَّلِيدِ إنْ يَنُلْكَ الْفَتَى فَزَيْنً وَإلاَ * رُبَّمَا ضَنَّ بِاليَسِيرِ الْعَتِيدِ قَالَ سعد، وكان عائفاً: أما والذي أحْلِفُ به لتأسرنَّكَ ظَعِينة، بين العَرينة والدهينة، ولقد أخبرني طَيْرِي، أنه لاَ يَفُكُّكَ غيري، فَقَالَ جُنْدُب: كلاَ! إنك لجَبَان، تكره الطِعان، وتُحُبُّ القِيَان، فتفرقا على ذلك، فَغبَرا حيناً، ثم إن جُنْدُبا خرج علي فرس له يطلب القَنَصَ، فأتى على أمةٍ لبني تميم يُقَال إن أصلها من جُرْهُم فَقَالَ لها: لتمكنني مَسْرُورة، أو تقهرين مجبورة، قَالَت: مَهْلاً، فإن المرء من نُوكِه، يشرب من سقاء لَمْ يُوكِه، فنزل إليها عن فرسه مُدِلاَّ، فلما دنا منها قبضَتْ على يديه بيدٍ واحدة، فما زالت تَعْصِرُهما حتى صار لاَ يستطيع أن يحركهما ثم كتفته بعِنَانِ فَرَسِه وراحت به مع غنمها، وهي تحدو به وتقول: [ص 335] لاَتَأْمَنَنَّ بَعْدَهَا الوَلاَئِدَا * فَسَوْفَ تَلْقَى بَاسِلاً مواردا وَحَية تُضْحِي لحي رَاصِدَا* قَالَ: فمرَّ بسعد في إبله، فَقَالَ: يا سعد أغثني، قَالَ سعد: إن الجَبَان لاَ يُغيث، فَقَالَ جُنْدُب: يا أيها المرءُ الكريمُ المشكوم * انْصُرْ أخاك ظالماً أو مظلوم فأقبل إليه سعد فأطلقه، ثم قَالَ: لولاَ أن يُقَال قتل امرأة لقتلتُكِ. قَالَ: كلاَ! لم يكن ليكذب طَيْرُك، ويصدق غيرك، قَالَ: صدقت. قوله: "انصر أخاك ظالماً " يجوز أن يكون ظالماً أو مظلوماً حالين من قوله أخاك ويجوز أن يكونا حالين من الضمير المستكن في الأمر، يعني انصره ظالماً إن كنتَ خصمه أومظلوماً من جهة خصمه، أي لاَ تُسْلِمه في أي حال كنت. 4203- نَابٌ وقد تَقْطَعُ الدَّوِّيِّة (الناب: المسنة من النوق، وتجمع على أنياب ونيب، والدوية - بتشديد الدال والواو والياء، ويُقَال فيها: داوية، ونخفيف الياء فيهما - الفلاَة تدوى فيها الرياح.) يضرب للمُسِنِّ وقد بقيت منه بقية يصلح أن يُعَوَّلَ عليها. 4204- نَزْوُّ الفُرَارِ اُسْتَجْهَل الْفُرَارَ يُقَال: فَرِير، وفُرَار، لولد البقر الوحشي، وقَالَ بعضهم: الفُرَار جمع فَرِير، وهو نادر، ولم يأتِ فُعَال في أبنية الجمع إلاَ في أحرف يسيرة، مثل عِرْق وعُرَاق، وظِئْر وظُؤَار، ورخْل ورُخَال، وتَوأم وتُؤَام، وإذا شب الفُرَار أخَذَ في النزوان، فمتى رآه غيره نَزَا لنزوهِ. يضرب لَمن تُتَّقَى مصاحبته. أي إنك إذا صحبته فعلتَ فعلَه. ويروى "نَزْوَ" بالنصب على المصدر، أي نزا نَزْوَ الفُرار وقد استجهل فُرَاراً مثله، والرفع على الأبتداء، أي نَزْوُ الفرار حَمَلَ مثلَه على النَّزْو. 4205- أنْكَحْنَا الفَرَا فَسنَرى قَالَه رجل لامرأته حين خَطَب إليه ابنتَه رجلٌ وأبى أن يزوجه، فرضيت أمها بتزويجه فغلبت الأبَ حتى زوجها منه بكره، وقَالَ: أنكَحْنَا الفَرَا فسنرى، ثم أساء الزوجُ العِشْرَةَ فطلقها. يضرب في التحذير من سوء العاقبة. 4206- نَجَّى عَيْراً سِمْنُهُ قَالَ أبو زيد: زعموا أن حُمُراً كانت هِزَالاً، فهلكت في جَدْب، ونجا منها حمار [ص 336] كان سميناً، فضرب به المثل في الحزم قبل وقوع الأمر، أي انْجُ قبل أن لاَ تقدر على ذلك. ويضرب لمن خَلَّصه مالُه من مكروه. 4207- نَعِمَ كلْبٌ في بُؤْسِ أَهْلِهِ ويروى "نَعيمُ الكلب في بؤس أهله" (انظر المثل 4027"من استرعى الذئب ظلم") وذلك أن الجدب والبؤس يكثر الموتى والجيف، وذلك نعيم الكلب. يضرب هذا للعبد أو العون للقوم تصيبهم شدة فيشتغلون بها فيغتنم هو ما أصاب من أموالهم. قَالَ الشاعر: تَرَاهُ إذا ما الْكَلْبُ أنْكَرَ أهْلَهُ * يُفَدَّى وَحِينَ الكلْبُ جَذْلاَنُ نَاعِمُ يقول: يفدي هذا الرجل إذا أنكر الكلبُ أهله، وذلك إذا لبسوا السلاَح في الحرب، وإنما يفدي في ذلك الوقت لقيامه بها وغَنَائه فيها، ويفدَّى أيضا في حال الجدب لإفضاله وإحسانه إلى الناس ولنَحْره اُلجزُرَ فينعم الكلب في ذلك ويجذل. 4208- النَّبحُ مِنْ بَعِيدٍ أهْوَنُ مِنَ الهَرِيرِ مِنْ قَريبٍ أي لاَ تَدْنُ من الذي تَخْشَى، ولكن احْتَلَ له من بعيد. 4209- انْطقِي يَا رَخَمُ إنَّكَ مِنْ طَيْرِ الله يُقَال: إن أصله أن الطير صاحت، فصاحت الرَّخَم، فقيل لها يهزأ: إنك من طير الله فانطقي. يضرب للرجل لاَ يُلْتَفَتُ إليه ولاَ يُسْمَع منه. وليس من الطير شيء إلاَ وهو يُزْجَرُ إلاَ الرخم، قَالَ الكميت يهجو رجلاً: أنشَأت تَنْطِقُ في الأمو * ر كَوَافِدِ الرَّخَمِ الدوائر إذ قِيلَ ياَ رَخَم انْطِقي *في الطير إنك شَرُّ طائر فأتَتْ بما هِيَ أهْلُهُ * وَالعَىُّ مِنْ مِثْلِ المُحَاورْ 4210- نامَ نَومَةَ عبُّودٍ قَالَ الشرقي: أصلُ ذلك أن عَبُّوداً هذا كان تَمَاوت على أهله، وقَالَ: اُنْدُبُونى لأعْلَمَ كيف تندبونني ميتا، فَندَبْنَهُ، ومات على تلك الحال. [ص 337] وقَالَ المفضل: قَالَ أبو سليم بن أبي شعيب الحَراني: إنه عَبْد أسود يُقَال له عَبُّود، وكان من حديثه - فيما يرفعه عن محمد بن كعب القرظي - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إن أول الناس دخولاً الجنة لَعَبْدٌ أسود يُقَال له عبود وذلك أن الله تعالى بعث نبيًّاً إلى أهل قرية، فلم يؤمن به أحد إلاَ ذلك الأَسود، وإن قومه احتفروا له بئراً فصيروه فيها، وأطبقوا عليها صخرة، فكان ذلك الأَسود يخرج فَيَحْتَطُبُ ويبيع الحطَبَ ويشتري به طعاماً وشراباً، ثم يأتي تلك الحُفْرة فيُعينه الله عز وجل على تلك الصخرة فيرفعها ويُدْلي إليه ذلك الطعام والشراب. وإن الأَسود احتطبَ يوماً ثم جلس ليستريح فضرب بنفسه الأَرض بشقه الأيسر، فنام سبع سنين، ثم هَبَّ من نومته وهو يرى أنه ما نام إلاَ ساعة من نهار، فاحتمل حُزْمته فأتى القرية فباع حطبه، ثم أتى الحفرة فلم يجد النبي فيها، وقد كان بَدَا لقومه فيه وأخرجوه، فكان يسأل عن الأَسود فيقولون: لاَ ندْرِي أين هو، فضرب به المثل لكل مَنْ نام يوماً طويلاً، حتى يُقَال: " أنْوَمُ من عَبُّود" 4211- النَّقْدُ عِنْدَ الحَافِرَةِ قَالَ ابن الأنباري: قَالَ ثعلب: معناه النقد عند السَّبْق، وذلك أن الفَرَسَ إذا سَبَقَ أخذ الرهن، والحافرة: الأَرض التي حفرها الفرس بقَوائمه، فاعلة بمعنى مفعولة. وقَالَ الفراء: سمعت بعض العرب يقول: النقد عند الحافرة معناه عند حافر الفرس. وأصل المثل في الخيل، ثم استعمل في غيرها. وقَالَ الأَصمعي: النقد عند الحافر هو النقد الحاضر في البيع، قال: وبعضهم يقول في البيع بالهاء، أي عند الحافرة. وقَالَ غيره: النقد عند الحافرة معناه عند أول كلمة، يُقَال: رجَعَ فلاَنٌ في حافرته، أي في أمره الأَوَّل. 4212- أَنْجَدَ مَنْ رأى حَضَناً أنْجَدَ: أي بلغ نجدا مَنْ رأى هذا الجبل. يضرب في الدليل على الشيء، أي قد ظهر حصول المراد وقربه. 4213- النَّبْعُ يَقْرَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً النَّبْع: من شجر الجبل، وهو من أكرم العِيدان. وهذا المثل يروى لزياد، قَالَه في نفسه وفي معاوية، وذلك أن زياداً كان على البصرة وكان المغيرة بن شعبة على الكوفة، فتُوفي بها، فخاف زياد أن يولى مكانه عبد الله بن عامر، وكان زياد لذلك كارهاً، فكتب إلى [ص 338] معاوية يخبره بوفاة المغيرة، ويشير عليه بتولية الضحاك بن قيس مكانه، ففطن له معاوية، فكتب إليه: قد فهمتُ كتابَكَ، فليُفْرِخْ رَوْعُك أبا المغيرة (في أصول هذا الكتاب "بالمغيرة ") لَسـْنَا نسـتعمل ابن عامر على الكوفة، وقد ضمناها إليك مع البصرة، فلما ورد على زياد كتابه قَالَ: النبع يَقْرَعُ بعضُه بعضا، فذهبت كلمتاهما مثلين، قوله "النبع" يضرب للمتكافئين في الدهاء والمكر، وقوله "فليفرخ روعك" فَسَرْتُه في باب الفاء والقاف. 4214- نُجَارُهَا نَارُهَا النار: السَّمَة، يُقَال: ما نار هذه الناقة؟ أي: ما سمتها، فإذا رأيت نارها عرفْتَ نُجَارها وهو الأصل، قَالَ: لاَ تَنْسُبًوهَا وَانْظْرُوا ما نَارُهَا* وقَالَ آخر: قَدْ سُقِيَتْ آبَالُهُم بِالنَّارِ * وَالنَّارُ قَدْ تَشْفِي مِنَ الأوَارِ أي: لما رأى أصحاب الماء سِمَتَها علموا لمن هي فَسَقُوها لعزهم ومَنَعَتهم. يضرب في شواهد الأمور الظاهرة التي تدلُ على علم باطنها. 4215- نَبْلُ العَبْدِ أكْثَرُها المَرَامِي المرْماَةُ: سهام الهدف، والمعنى أن الحر يُغَالي بالسهام فيشتري المِعْبَلَة والمِشْقَصَ (المعبلة - بوزن المكنسة - النصل العريض الطويل، والمشقص - بوزن المنبر - نصل عريض، أو سهم فيه ذلك.) لأنه صاحب صيد وحرب، والعبد إنما يكون راعياً تُقْنِعْه المَرَامِي، لأنها أرخصُ، يعني أن العبد يحوم حول الخساسة لاَ هِمَّةَ له. 4216- نَاقِرَةٌ لاَ خَيْرَ فِي سَهْمٍ زَلَجٍ الناقرة: المفرطة، وزلَجَ السهم يزلج إذا تزلَّج عن القوس. يضرب للرجل يصيب في حُجَّته ويظفر بخصمه. وناقرة: رفع على تقدير سهامه ناقرة أو رميته ناقرة، ويجوز النصب على تقدير رَمَى رمية ناقرة (والذي في الصحاح: الناقر السهم إذا أصاب الهدف، وإذا لم يصب فليس بناقر) 4217- النُّقَاضُ يُقَطَّر الجَلَبَ النُّقَاض - بفتح النون وضمها - فَنَاء الزاد، والجلب: المجلوب للبيع، أي إذا جاء الجَدْبُ جلبت الإبل قطارا للبيع مخافة أن تهلك، يُقَال: أنْقَضَ القوم؛ إذا هلكت أموالهم. يضرب لمن يؤمر بإصلاَح ماله قبل أن يتطرَّقَ إليه الفَسَاد. [ص 339] 4218- انْجُ وَلاَ إخَالُكَ نَاجِياً قَالَته الهَيْجُمَانة لأبيها حين أخبرته بإغارة مَقْرُوع عليهم، وقد ذكرت القصة بتمامها عند قوله "حَنَّتْ ولاَ هَنَّتْ" (انظر المثل رقم 1025) 4219- النَّجَاحُ مَعَ الشِّرَاحِ كذا قَالَ الأَصمعي، قَالَ: ومعناه اشرح لي أمري فإن ذلك مما يُنْجِحُ حاجتي، وعلى ما قَالَ الشَّرَاح التَّشْرِيحُ. 4220- النَّاقَةُ جِنٌّ ضِرَاسُهّا يُقَال: ناقة ضَرُوس، إذا كانت سيئة الخلق عند النتاج ، وإذا كانت كذلك حامت على ولدها، وجِنُّ كل شيء: أولُه وقربُ عهده. يضرب للرجل الذي ساء خلُقه عند المحاماة. 4221- النَّقْبُ مِعَادُهُ مَزَاحِيفُ المَطِيِّ النَّقْب: الطريق في الجبل، أي هناك تزلق وتزحف المطايا، يعني أن الأمور بعَوَاقبها تتبين. 4222- أَنْقَعَ لَهُ الشَّرَّ حَتّى سَئِمَ أي أدام وأعدَّ كما ينقع الدواء في الماء. 4223- نَشِطْتُهُ شَعُوبُ أي اقتلعته المنية، وأصله من قوله: "نَشِطته الحية" إذا عَضَّته بنابها. 4224- نَظَرَ المَرِيضِ إلى وُجُوهِ العُوَّادِ يضرب مثلاً للمضطر ينظر إلى محب. 4225- نَفْسِي تَمْقُسُ مِنْ سُمَانَي الأقْبَرِ (مقست نفسه - من باب فرح - ومثله تمقست، أي غثت) قَالَه ضبي صاد هامة، فظنها سُماني فأكلها، فأصابه القيء. يضرب مثلاً في استقذار الشيء. 4226- نَاوَصَ الجِرَّةَ ثُمَّ سَالَمَهَا الجِرَّة: خشبة يُصَاد بها الوحـش، أي أضرب ثم سـكن، و"ناوص" من النَّوِيص وهي الحركة، يُقَال "ما به نويص" أي قوة وحراك، والجِرَّة: حِبالة، وإذا نَشَب الظبي فيها نَاوَصَهَا ساعة واضطرب، فإذا غلبته اسْتَقَرَّ فيها كأنه سالمها. يضرب لمن خالف ثم اضطر إلى الوفاق 4227- نَظَرَ التُيُّوسِ إلى شِفَارِ الجَازِرِ يضرب لمن قهر وهو ينظر إلى عدوه. 4228- انْجُ سَعْدٌ فَقَدْ هَلَكَ سَعيدٌ هما ابنا ضبة بن أد، وتمثل به الحجاج، وقد ذكرت القصة في باب الحاء. [ص 340] 4229- إنْبَاضٌ بِغَيْرِ تَوْتِيرٍ أي يُنِبِضُ القَوْسَ من غير أن يُوَتِّرَها أي يتوعَّد من غير أن يقدر عليه، ويزعم أنه يفعل ولا مفعول يفعل؛ لأن الإنباض ثَانٍ للتوتير، فإذا لم يكن توتير فكيف إنباض؟ 4230- النَّاسُ كأسْنَانِ المُشْطِ أي متساوون في النسب، أي كُلُّهم بنو آدم . 4231- النَّاسُ بُخَيْرٍ ماَ تَباَيَنُوا أي مادام فيهم الرئيس والمرؤس، فإذا تساووا هلكوا. 4232- النَّاسُ كإبِلٍ مِائَةٍ لاَ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَة أي إنهم كثير، ولكن قلَّ منهم مَنْ يكون فيه خير. 4233- النِّسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطانِ قَالَه ابن مسعود رضي الله عنه. 4234- نَقْطُ عَرُوسٍ وَأَبْعارُ ظِبَاءٍ يُقَال: إن جريرا مَرَّ بذي الرُّمِة وهو يُنْشد، وقد اجتمع الناسُ عليه، فَقَالَ هذا المثل، أي إن هذا الشعر مثل بَعْر الظبي مَنْ شَمَّه وَجَد لهُ رائحة طيبة، فإذا فَتَّته وجده بخلاَف ذلك. 4235- نِقيِّ نّقِيقّكِ فماَ أَنْتِ إِلاَ حُبَارَي قَالَه رجل اصطاده هامة فنقَّتْ في يده، قَالَ أبو عمرو: يضرب هذا عند التغميض على الخبيث لحساب الطيب. 4236- نَجاَ فُلاَنٌ جَرِيضاً أي: نَجَا وقد نِيلَ منه، ولم يؤت على نفسه، وقَالَ: وأفْلَتُهنَّ عِلْباَءٌ جَرِيضاً * وَلَوْ أدْرَكْتَهُ صَفِرَ الْوِطَابُ (البيت لأمرىء القيس بن حجر الكندي.) 4237- أَنَسَبٌ أَمْ مَعْرِفَة أي أن النَّسَبَ والمعرفة سواء في لزوم الحق والمنفعة . 4238- نِعْمَ مَأْوَى المِعْزَ ثَرْمَداء هذا مكان خصيب يضرب هذا المثل للرجل الكثير المعروف يؤمر بإتيانه ولزومه. وثَرْمَدَاءُ: بناء غَريب لاَ أعلم له نظيراً 4239- نَشَرَ لِذَلِكَ الأمر أُذُنَيْهُ فَرَأى عِثْيَرَ عَيْنَيْهِ يضرب لمن طَمِعَ في أمْرٍ فرأى ما كرهه منه. [ص 341] 4240- نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْقُلِّ بَعْدَ الكُثْرِ يريدون بالقُلِّ القَليلَ وبالكُثْرِ الكَثِير. 4241- النَّومُ فَرْخُ الغَضَبِ الفَرْخ: اسمٌ من الإفراخ في قولهم " أفْرَخَ رَوْعُك" أي ذهب خَوْفُكَ ومعنى هذا المثل أن الغضبان إذا نام ذهَبَ غَضَبهُ. 4242- نَجَا مِنْهُ بأَفْوَقَ ناَصِلٍ أي بعد ما أصابه بِشَرٍ. 4243- نَشِبَ في حَبْلِ غَىٍّ ويروى "في حِبَالة غي" إذا وقّعَ في مكروه لا مخلصَ له منه 4244- نَقَض الَّدهْرُ مِرَّتَهُ المِرَّة: القوة: ويراد ههنا أن الزمان أثَّرَ فيه 4245- نَطَحَ بِقَرْنٍ أَرُومُهُ نَقْدٌ (الأروم - بوزن صبور - أصل الشجرة وأصل القرن، والنقد فسره المؤلف، أي أرومه مؤتكل.) النَّقد: الذي وَقع فيه الدود يضرب لمن ناوأك ولاَ أُهْبَةَ له 4246- النَّدَمُ تَوْبَةٌ هذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم 4247- النَّاسُ مَجْزِيُّونَ بأَعَمالهِمْ إن خَيْراً فَخَيْرٌ وَإنْ شَرّاً فَشَرٌّ أي إن عَمِلُوا خيراً يجزون خيراً، وإن عملوا شراً يجزون شراً 4248- أَنْفِقْ بِلاَلُ وَلاَ تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقلالا قَالَه النبي صلى الله عليه وسلم لبلاَل يضرب في التوسَّعِ وَتَرْكِ البخل 4249- النَّارُ خَيْرٌ للنَّاسِ مِنْ حَلْقَةِ زعموا أن الضَّبُعَ رأت سَنَا نارٍ من بعيد، فقابلتها ثم أقْعَتْ ورفعت يَدَيْها فِعْلَ المُصْطَلى وبهأت بالنار (يُقَال: بهأت بالرجل وبهئت به - كفتح وكفرح - بهأ وبهوأ، أي أنست به) ثم قَالَت عند ذلك: النار خير للناس من حَلْقَة يضرب لمن يفرح بما لاَ يناله منه كثير خير 4250- النَّاسُ نَقَائِعُ الْمَوْتِ النَّقِيعة من الإبل: ما يُجْزَرُ من النَّهْب قبل القَسْم، يعني أن الموت يجزر الخلق كما يجزر الجزار نّقيعته.[ص 342] 4251- النَّفْسُ عَزُوفٌ أَلُوفٌ يُقَال: عَزَفَتْ نفسي عن الشيء تَعْزِفُ وتَعْزِفُ عُزُوفا، أي زَهِدَتْ فيه وانصرفت عنه. ومعنى المثل أن النفس تعتاد ما عُوِّدّتْ إنْ زَهَّدْتها في شيء زهِدَتْ وإن رَغَّبْتها رَغِبَتْ 4252- نِعْمَ المِجَنُّ أَجَلٌ مُسْتَأْخِرٌ هذا يروى عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه 4253- نِعْمَ الدَّوَاءُ الأَزْمُ يعني الحمية، يُقَال: أزَمَ يأزِمُ أزْماً، إذا عَضَّ. سأل عمر رضي الله عنه الحارث بن كلدة عن خير الأدوية، فَقَالَ: نِعْمَ الدواء الأزْمُ، وهو مثل قولهم " ليس للبطنة خير من خمصة تتبعها ". 4254- نَاصِعْ أَخَاكَ الخَبَرَ أي أصْدُقْهُ، النُّصُوع: الخلوص، أي خَالِصْهُ فيما تخبره به ولاَ تَغُشَّة 4255- نَزِقُ الحِقَاقِ الحِقَاق: المُحَاقَّة، وهي المخاصمة. والنَّزَقُ: الطيش والخفة. يضرب لمن له طَيْشٌ عند المخاصمة 4256- نَجَوْتُ وَأَرْهَنْتُهُمْ مالِكاً هذا من قول عبد الله بن هَمَّام السَّلولي فَلَمَّا خَشِيتُ أظَافِيرَهُمْ * نَجَوْتُ وَأَرْهَنْتُهُمْ مَالِكاَ قَالَ ثعلب: الرُّوَاة كلهم على "أرهنتهم" على أنه يجوز رَهَنْته، إلاَ الأَصمعي فإنه رواه "وأرهَنُهُمُ مالكا" على أن الواو للحال نحو قولهم: قمت وأصُكُّ وَجْهه، أي قمت صاكا وَجْهَه. يضرب لمن ينجو من هلكة نَشِبَ فيها شركاؤه وأصحابه. 4257- نَكْءُ القَرْح بِالْقَرْحِ أَوْجَعُ يعني أن القَرْحَ إذا جلب (جلب: قشرت جلدته) ثم نكىء كان أشد إيجاعاً؛ لأنه يقرح ثانياً، كأنه قيل: نَكْءُ القَرْح مع القرح - أي مع مابقي منه - أوجع. 4258- نَاجِزاً بِنَاجِزٍ كقولك: يداً بيدٍ، أي تَعْجيلاً بتعجيل، وفي الحديث " لاَ تَبِيعُوا إلا حاضراً بناجزٍ " أي حاضر بحاضر، يعني في الصَّرْف، ويُقَال " ناجزا بناجز" أي نَقْداً بنقد، وناجزا في المثل: منصوب بفعل مضمر، أي أبيعُكَ ناجزاً، وهو نصب على الفعل. [ص 343] 4259- نِعْمَ مَعْلَقُ الشَّرْبةِ هذَا وقَالَ الأَصمعي: المَعْلَق قَدَح يُعَلّقه الراكب، وقوله" هذا " إشارة إلى القَدَح أي يكتفي الشاربُ به إلى منزله الذي يريده بشربة واحدة لا يحتاج إلى غيرها يضرب لمن يكتفي في الأمور برأيه، ولا يحتاج إلى رأي غيره 4260- النَّزَائِعَ لاَ الْقَرَائِبَ ويُقَال: " الغرائبَ لاَ القرائب " قَالَ ابن السـكيت: النزيعة: الغريبة، يعني أن الغريبة أنْجَبُ، ويُقَال "اغْتَرِبُوا لاَ تُضْوُوا" أي انكحوا في الأَباعد لاَ يُولَدْ لكم ضَاوِىٌّ، والقرائب: جمع قريبة. ونصب "النزائع" على تقدير تَزَوَّجُوا النزائع ولاَ تتزوجوا القرائب، وقَالَ: فَتىً لَمْ تَلِدْهُ بِنْتُ عَمّ قَرِيبَةٌ * فَيَضْوَى وَقدْ يَضْوَى رَدِيدُ الْقَرَائِبِ 4261- النَّاسُ يَمَامَةٌ اليمامة: طائر مثل الحمامة. وهي التي تألف البيوت، يعني أرْفُقْ بهم ولاَ تنفرهم 4262- أنْتِزَاعُ العَادَةِ شَدِيدٌ ويروى "انتزاع العادة من الناس ذنب محسوب" وهذا كما يُقَال "الفِطَامُ شديد" وكما قَالَ: وَشَدِيدٌ عَادَةٌ مُنْتَزَعَةّْ ويُقَال: العادة طبيعةٌ خامسة 4263- النِّدَاءُ بَعْدَ النِّجَاءِ يضرب في التحذير والنِّجَاء: المناجاة، يعني يظهر الأمر بعد الإسرار، أي بعدما أسِرَّ 4264- نَوْآنِ شَالاَ مُحْقِبٌ وَبَارِحٌ النَّوْءُ في اللغة: النُّهُوضُ بجهد ومشقة، يُقَال: نَاءَ بالحمل، إذا نَهَضَ به مثقلاً، والنَّوْءُ أيضاً: السقوط؛ فهذا الحرف من الأضداد، والنَّوْء: سقوطُ نجم من المنازل في المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته، وكانت العرب تقول: مُطِرْنَا بنَوْءِ كذا، إذا كان المطر يأتي في ذلك الوقت، فأبطل الإسلام ذلك، ونزل قوله تعالى (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) أي تجعلون شكر ما تُرْزَقون به من المطر تكذيبَكم بنعمة الله فتقولون: سقينا بَنْوءِ كذا، ومُطِرْنَا بَنْوءِ كذا، والشَّوْل في الأصل: الارتفاع، والشَّوْلُ: النُّوقُ التي خَفَّ لبنها؛ لأن اللبن إذا خفَّ ارتَفَعَ الضَّرْعُ، والإحْقَاب: الوقوع والحصول في الحقب، وهو احتباسُ المطر، والبارح: الريح الحارة في الصيف. [ص 344] وتقدير المثل: هما نَوْآن ارتَفَعا أحدُهما مُحْقِب والآخر بارح. يضرب للرجلين لهما منزلة وشرف وجاه، ولكنهما متساويان في قلة الخير. 4265- نَشِيطَةٌ لِلْرَّأسِ فيِهَا مأكَلٌ النَّشِيطة: ما يصيبه الجيشَ (في الصحاح " النشيطة: ما يغنمه الغزاة في الطريق قبل البلوغ إلى الموضع الذي قصدوه، وقَالَ الشاعر: لك المرابع مها والصفايا*وحكمك والنشيطة والفضول" وبيضة القوم في كلام المؤلف: أي ساحتهم) من شيء دونه بيضة الحيء، والرأس: الرئيس، ومنه: برَأسٍ مِنْ بَنِي جُشَمَ بْنِ بَكْرٍ* (صدر البيت لعمر بن كلثوم، وعجزه: *ندق به السهول والحزونا* ) والمأكل: الكَسْب، أي شيء قليل ثم يطمع فيه. يضرب لمن استعان في طلب حقه بمن يطمع في احتواء ماله. 4266- نَامَ عِصَامٌ سَاعَةَ الرَّحيلِ يضرب لمن طلب الأمر بعد ماولّى 4267- ناَمَ بِعَيْنِ الآمنِ المُشَيَّعِ يضرب للرجل الضعيف يَرُومُ الأمور ولاَ يروم مثلها إلاَ البطل، والمُشَّيع: القوي القلب. 4268- نَعْلُكَ شَرٌ مِنْ حَفَاكَ فَاتَّرِكْ يضرب لمن استعان بمن لاَ يعينهُ ولاَ يهتمُّ بشأنه. 4269- نَحْنُ بِأَرْضٍ مَاؤُهَا مَسُوسُ الماء المَسُوس: الذي لاَ يَعْدِلُه ولاَ يُعْدَلُ به ماء عُذُوبةً، وبعده: لولاَ عُقَابُ صَيْدِهَا النَّسُوسُ *(النسوس: السريع الذهاب بورد الماء خاصة، قاله الليث) يُقَال: إن النَّسُوسَ طائر يأوي الجبلَ، وهو أضخم من العصفور، ودون الحَجَل، له هامة كبيرة. يضرب في موضع يطيب العيش فيه، ولكنه لاَ يخلو من ظالم يظلم الضعيف. 4270- نُفُورَ ظَبْيٍ مَالَهُ زُوَيْرٌ يُقَال: زُوَيْر القوم زعيمُهم، وأصلُه شيء يلقي في الحرب، فيقول الجيش: لاَ نَفِرُّ ولاَ نبرح حتى يفر ويبرح. هذا، ويُقَال: إن رجلاً من بني هند من كِنْدَةَ يُقَال له علقمة، وكان شيخاً قد خَرِفَ قَالَ لقومه في حربٍ كان لهم: يا بني، إني قد كبرت واقترب أجلي، فما أنا مُوَرِّثكم شيئاً هو خير من مجد تباؤن به على قومكم، أنا زُوَيْرُكم اليوم، يقول: ألقوني فقاتلوا عليّ، ففعلوا، فسمي [ص 345] ذلك اليوم "الزُّوَيْر" لأنهم كانوا يَرْجِعُون إليه ويَزُورونه، فصار اسماً للرئيس والزعيم، ويجوز أن يكون الزوير تصغير الزُّورِ، يُقَال: ما لفلاَن زُورٌ ولاَ صَيُّور، أي رَأيٌ يرجع إليه ويصير إليه وبعضهم يرويه بالفتح فيقول: ماله زَوْرٌ، وهو القوة، فمعنى المثل وتقديُره: نفر نفور ظبي ماله مَعْقِل يلجأِ ويرجع إليه. يضرب في شدة النفار مما ساء خلقه أو ساء قوله. 4271- النَّسْىءُ خَيْرٌ مِنْ خَيرِ أمَارَاتِ الرَّبْغِ. النَّسىِء: بدوًّ السمن، والرَّبغ: أن تَرِدَ الإبل كلما شاءت، يُقَال له أرَبغَ إبِلَهُ، وهي إبل هَمَل مُرْبَغَة. يضرب لمن يشكو جهد عيش وعلى وجهه أثر الرفاهية. 4272- نَحْنُ بِوَادٍ غَيثُهُ ضَرُوسُ الضَّرْسُ: المَطَرَةَ القليلة، قَالَ الأَصمعي: يُقَال "وَقَعَت في الأَرض ضروسٌ من مطرٍ" (في اللسان "ووقعت في الأَرض ضروس من مطر، إذا وقع قطع متفرقة، وقيل: هي الأمطار المتفرقة، وقيل: هي الجود، عن ابن الأَعرَبي، واحدها ضرس، والضرس: السحابة تمطر لاَ عرض لها، والضرس: المطر ههنا وهنا" اهـ.) إذا وقعت فيها قطع متفرقة. يضرب لمن يقل خيره، وإن وقع لم يَعُمَّ 4273- نَفْطٌ وقُطْنٌ أسْرَعُ احْتِراقاً يُقَال: نَفَطْ و نِفْط، ويروى "أسرعا" يضرب للشَّرَّيْنِ اختلطاً. 4274- النَّاسُ أخْيَافٌ أي مختلفون، والأخْيَفُ: الذي اختلفت عيناه، فتكون إحداهما سوداء والأخْرَى زرقاء، والخيف: جمع أخْيَفَ وخَيْفَاء، والأخْيَاف: جمع الخِيفِ أو الخَيَفِ الذي هو المصدر، وهو اختلاَف العينين، والتقدير: الناسُ أولو أخياف، أي اختلاَفات، وإن كان المصدر لاَ تثنى ولاَ تجمع، ولكنها إذا اختلفت أنواعها جمعت كالأَشغال والعُلُوم. يضرب في اختلاَف الأَخلاَق. 4275- النَّاسُ شَجَرةُ بَغْيٍ البَغْي: الظلم، وإنما جعلهم شجرة البغي إشارة إلى أنهم ينبتون وَينْمُونَ عليه. 4276- نَقَّتْ ضَفادِعُ بَطْنِهِ يضرب لمن جاع، ومثله "صاحَتْ عَصَافِيرُ بِطْنِهِ" 4277- النَّمِيمَةُ أُرْثَةُ العَدَاوَةِ الأرْثَة والإرَاثُ: اسمٌ لما تُؤَرَّثُ به النار، أي النميمة وقُودُ نارِ العداوة. [ص 346] 4278- نَارُ الحَرْبِ أَسْعَرُ كانت العرب إذا أرادت حَرْبَاً أوقَدَتْ ناراً لتصير إعلاماً للناهضين فيها، قَالَ الله عز وجل (كُلَّما أوْقَدُوا ناراً للحَرْب أطفأها الله) 4279- النَّدَمُ عَلَى السُّكُوت خَيرٌ مِنَ النَّدَمِ عَلَى القَولِ يضرب في ذم الإكثار 4280- النَّخْسُ يَكْفِيكَ البَطِيءَ المُثْقِلَ ويروى "المحثل" يعني أن الحَثَّ يُحَرِّكُ البطيء الضعيف ويحمله على السرعة 4281- نِصْفُ العَقَلِ بَعْدَ الإيمَانَ بِالله مُدَارَاةُ النَّاسِ وهذا يروى في حديث مرفوع 4282- نَجَا ضَبَارَةُ لمَّا جُدِعَ جَدْرَةُ ضَبَارة وجَدْرة: رجلاَن معروفان باللؤم يُقَال: إنهما ألأم مَنْ في العرب، ولهما قصة ذكرتها في حرف اللام في باب أفْعَلَ منه 4283- نَابِلٌ وَابْنُ نَابِلٍ أي حاذق وابن حاذق، وأصله من الحِذْق بالنَّبَالة، وهي صناعة النبل، ومنه: أنْبَل عَدْوَانَ كُلِّها صَنَعا* |
ما جاء على أفعل من هذا الباب
4284- أَنْسَبُ مِنْ دَغْفِلٍ هو رجلٌ من بني ذُهل بن ثعلبة بن عُكَابة، كان أعْلَمَ أهلِ زمانه بالأَنساب زعموا أن معاوية سأله عن أشياء فخبره بها، فَقَالَ: بم علمت؟ قَالَ: بلسان سَؤُل وقلب عَقُول، على أن للعلم آفة وإضاعة ونكدا واستجاعة، فآفته النسيان، وإضاعته أن تحدَّثَ به مَنْ ليس من أهله، ونكده الكذب فيه، واستجاعته أن صاحبه مَنْهُوم لا يشبع. قَالَ القتبي: هو دَغْفَلْ بن حَنْظَلَة السَّدُوسي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئاً، ووفد معاوية وعنده قُدَامة بن جَرَاد القُرَيعي، فنسبه دَغْفَل حتى بلغ أباه الذي ولده، فَقَالَ: وولد جَرَاد رجلين: أما أحدهما فشاعر سفيه، والآخر ناسك، فأيهما أنت؟ فَقَالَ: أنا الشاعر السفيه، وقد أصبْتَ في نسبتي، وكل أمري، فأخبرنِي - بأبي أنت - مَتَى أمُوت؟ قَالَ: دَغْفَل: أما هذا فليس عندي، وقتله الأزارقة. [ص 347] 4285- أَنْسَبُ مِنَ ابنِ لِسَانِ الحُمَّرَةِ هو أحد بني تَيْم الّلاَت بن ثعلبة، وكان من علماء زمانه، واسمه ورقاء بن الأشعر (ويُقَال: اسمه عبد الله بن حصين، ذكر القولين الفيروز أبادى في القاموس) ويكنى أبا الكلاَب، وكان أنْسَبَ العربِ وأعظمهم كبراً. وأما قولُهم: 4286- أنْسَبُ مِنْ كُثَيِّرٍ فهو من النسيب، أخْذاً من قول الشاعر: (البيتان من شعر أبي تمام حبيب بن أوس، وقد أخطأ في قوله "وكثير عزة" حيث أتى بالاَسم مكبرا على زنة جميل وحبيب، وهو مصغر بضم الكاف وتشديد الياء، وهذا مما أخذ على أبي تمام. انظر ديوانه 40 والموازنة بتحقيقنا 14-15- ثانية.) وكأنَّ قُسَّاقِي عُكَاظ يَخْطُبُ * وَابْنَ المُقَفَّع في التميمة يُسْهِبُ (وقع في كثير من أصول هذا الكتاب "وابن المقنع في النميمة يسهب" تحريف.) وكأنَّ لَيلَى الأخْيَلِيَة تَنْدُبُ * وَكَثِيَر عَزَّة يَومَ بَيْنٍ يَنْسُبُ 4287- اْنسَبُ مِنْ قَطَاةٍ هو من النِّسْبة، وذلك إنها إذا صوتت فإنها تنسب لأنها تصوت باسم نفسها فتقول: قَطَاقَطَا 4288- أنْكَحُ مِنَ ابنِ ألْغَزَ هو رَجُل اختلفوا في اسمه، فَقَالَ أبو اليقظان: هو سعد بن ألغز الإيادي، وقَالَ ابن الكلبي: هو الحارث بن ألغز، وقَالَ حمزة: هو عُرْوَةٍ بن أشْيَمَ الأَيادي وكان أوْفَرَ الناس مَتَاعاً، وأشدهم نكاحاً زعموا أن عروسه زفت إليه، فأصاب رأسُ أيره جَنْبها، فَقَالَت له: أتهددني بالركبة؟ ويُقَال: إنه كان يَسْتَلْقي على قَفَاه ثم يُنْعِظ فيجئ الفَصيلُ فيحتك بمتَاعه يظنه الجذل الذي ينصب في المعاطن ليحتكَّ به الجِرْبَي، وهو القائل: ألاَ ربمَّا أنْعَظْتُ حتى إخالُهُ * سَيَنْقَدُّ للإنعاظ أو يَتَمَزَّقُ فأعمله حتَّى إذا قُلْتُ: قَدْوَنَي * أبى وتمطَّى جامحاً يَتَمَطَّقُ 4289- أَنْكَحُ مِنْ خَوَّاتٍ يعنون خَوَّات بن جُبَير صاحبَ ذات النحيَيْن، وقد مرَّ ذكره في باب الشين (انظر المثل 2029 "أشغل من ذات النحيين") وقَالَوا: 4290- أَنْكَحُ مِنْ حَوْثَرَةَ هو رجل من بني عبد القيس، واسمُه ربيعة بن عمرو، وكان في طَريق ابن الغزو ووفُور كمرته، حتى لقد قيل: أعظم أيرا من حَوْثرة [ص 348] وحضر يوماً سوقَ عُكاظ، فرام شراء عُسٍّ من امرأة فَسَامت سيمَةً غالية، فَقَالَ لها: لماذا تُغالين بثمن إناء أمْلَؤُها بحوثرتي، فكشف عن حوثرته فملأ بها عُسَّ المرأة، فنادت المرأة باللقلقة (اللقلقة: شدة الصوت، أو هي كل صوت معه اضطراب.) وجمعت عليه الناس، فسمى "حوثرة" باسم هذا العضو. والحوثرة في اللغة: الكمرة، قَالَت عمرة بنت الحمارس لهند بنت العذافر: حَوْثَرَة مِنْ أعْظَمِ الحَواثر * نيطَتْ بحقوى صَميَان عَاهِر أهْدِيتهَا إلى ابْنَةِ العُذَافِرِ* 4291- أنْدَمُ مِنَ الكُسَعِيَّ قَالَ حمزة: هو رجل من كُسَعَ، واسمه مُحَارب بن قيْس، وقَالَ غيره: هو من بني كُسَع ثم من بني محارب، واسمه غامد بن الحارث. ومن حديثه أنه كان يَرْعَى إبلاً له بوادٍ مُعْشب، فبينما هو كذلك إذ أبْصَرَ نَبْعَة في صخرة، فأعجبْتُه، فَقَالَ: ينبغي أن تكون هذه قوساً فجعل يتعهدها ويرصدها حتى إذا أدْرَكتْ قطعها وجَفَّفها، فلما جفت اتخذ منها قوساً، وأنشأ يقول: يارَبِّ وَفِّقْنِي لِنَحْتِ قَوْسِي * فإنَّهَا مِنْ لَذَّتِي لِنْفْسِي وَانْفَعْ بِقَوْسِي وَلَدِي وَعِرْسِي * انْحَتُها صَفْرَاء مِثْلَ الوَرْسِ صفْرَاء لَيْسَتْ كَقِسىِّ النِّكْسِ* ثم دهَنَها وخطمها بوَتَر، ثم عمد إلى ما كان من بُرَايتها فجعل منها خمسة أسْهُمْ، وجعل يقلبها في كفه ويقول: هُنَّ وَرَبِّي أسْهُمٌ حِسَانُ * تلذ للرَّامِي بِهَا البَنَانُ كأنما قوامها مِيزانُ فأبشِرُوا بِالخِصْبِ يَا صِبيان إن لم يَعُقْنِ الشؤمُ والحِرْمانُ * ثم خرج حتى أتى قُتَرَةً على مَوَارد حُمْر فكمن فيها، فرمى قطيع منها، فرمى عَيراً منها فأمخطه السهمُ: أي أنقذه فيه وجازه، وأصاب الجبل فأورَى ناراً، فظنَّ انه أخطأه فانشأ يقول: أعُوذُ بالله العَزِيزِ الرَّحْمنْ * مِنْ نَكْدِ الْجَدِّ مَعاً وَالْحِرْمَانْ مَالي رَأيْتُ السَّهْمَ بَيْنَ الصوَّانْ * يُورِى شَرَاراً مِثْلَ لَوْنِ الْعِقْيَانْ فأخْلَفَ الْيَوْمَ رَجَاءَ الصِّبْيَانْ* ثم مكث على حاله فمر قطيع آخر، فرمى منها عَيْرا فأمْخَطَة السهم، وصَنَعَ صنيع الأول، فأنشأ يقول: [ص 349] لاَبَارَكَ الرحمنُ في رَمي القَتر * أعُوذُ بالخْالِقِ مِنْ سُوء الْقَدَرْ أأمْخَطَ السَّهْمُ لإرْهَاقِ البَصَرْ * أمْ ذَاكَ مِنْ سُوءِ احْتِياَلٍ وَنَظَرْ ثم مكث على حاله، فمر قطيع آخر، فرمى منها عيراً فأمخطه السهم، فصنع صنيع الثاني، فأنشأ يقول: مَابَالُ سَهْمِي يُوْقِدُ اُلْحُبَاحَبَا * قَدْ كُنْتُ أرجُو أنْ يَكُونَ صَائِباً وأمكن العير وَوَلَّى جَنِباً * فَصَارَ رَأْيِي فِيهِ رَأْياً خَائِياً ثم مكث مكانه، فمر به قطيع آخر، فرمى عيراً منها فصنع صنيع الثالث، فأنشأ يقول: يَا أََسَفِي للِشُؤمِ والجدّ النَّكدْ * أَخْلَفَ مَا أرْجُو لأهْلٍ وَوَلَدْ ثم مر به قطيع أخر، فرمى عيراً منها فصنع صنيع الرابع، فأنشأ يقول: أبَعْدَ خَمْسٍ قَدْ حَفِظْتُ عَدَّهَا * أحْمِلُ قَوْسِي وَأرِيدُ ورْدَهَا أخْزَى الإلهُ لينها وَشدَّهَا * وَاللهِ لاَ تَسْلَمُ عِنْدِي بَعْدَهَا وَلاَ أُرَجِّى مَا حَيِيتُ رِفْدَهَا ثم عمد إلى قوسه فضرب بها حَجَراً فكسرها، ثم بات، فلما أصبح نظر فإذا اُلْحمُرُ مطروحة حوله مُصَرعة، أسهمه بالدم مُضَرَّجة، فندم على كَسْر القوس، فشدَّ على إبهامه فقطعها، وأنشأ يقول: نَدِمْتُ نَدَامَةٌ لَوْ أنَّ نَفْسِي * تُطَاوِعُني إذاً لَقَطَعْتُ خَمْسِي تَبَيَّنَ لي سفَاهُ الرَّأي مِنِّي * لَعَمْرُ أبِيك حِينَ كَسرتُ قَوْسِي وقَالَ الفرزدق حين أبان النَّوَارَ زوجته وقصتُه مشهورة: نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمَّا * غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَارُ وَكَانَتْ جَنَّتي فَخَرَجْتُ مِنْها * كآدَمَ حِينَ لَجَّ بِهِ الضِّرَارُ وَلَوْ ضَنَّتْ بِهاَ نَفْسِي وَكَفى * لكَانَ عَلَيَّ لَلْقَدَرِ اخْتِيَارُ 4292- أَنْجَبُ مِنْ ماريةَ هي مارية بنت عبد مَنَاة بن مالك بن زيد بن عبد الله بن دارم، وقَالَ حمزة: هي دَارِميَّة ولدت حَاجِباُ ولَقِيطاً ومَعْبَداً بني زرارة بن عدس بن زَيد مناة بن دَارِم 4293- أَنْجَبُ مِنْ فاطِمَة بنْتَ الخُرشًبَ الأنماريةِ أنْمَار: بَغيض بن رَيْث بن غَطَفَان، وذلك أنها ولَدَتِ الكَملَةَ لِزيادٍ العبسي، [ص 350] وهم: ربيع الكامل، وقيس الحِفاظ، وعمارة الوهَّاب، وأنَسُ الفَوارس. وقيل لفاطمة: أي بَنِيكِ أفضل؟ فَقَالَت: الربيع، لاَ، بل قيس، لاَ، بل عمارة، لاَ، بل أنس، ثكِلْتُهم إن كنتُ أدْري أيهم أفضل. ولاَ يقولون "مُنْجِبِة" حتى تنجب ثلاَثة. وقَالَ أبو اليقظان: قيل لابنة الخُرْشُبِّ: أي بَنْيكِ أفضل؟ فَقَالَت: وعَيْشهم ما أدري، إني ما حملت واحداً منهم تصنعاً، ولاَ ولدته نبياً، ولاَ أرضَعْتُه غيلاً، ولاَ منعته قيلاً ولاَ أنمته ثئداً ولاَ سقيتهُ هُدبداً ولاَ أطعمته قبل رِثَةَ كَبدَاً، ولاَ أبتُّه على مأقة. قَالَ حمزة: قولها "ثئدا" أي مَقْرُوا، والهُدَبِد: الرئيئة (تقول: رثأ اللبن؛ إذا حلبه على حامض فخثر، وبابه كمع، وذلك اللبن هو الرثيئة وفي المثل: إن الرثيئة تفتأ الغضب (انظر المثل رقم 7) من اللبن، والمأقة: البكاء. 4294- أنْجَبُ مِنْ أُمِّ البَنينَ هي ابنة عمرو بن عامر فارس الضَّحْياء، ولدت لمالك بن جعفر بن كلاَب: أبا بَرَاء مُلاَعب الأَسِنَّة عامرا، وفارس قُرْزل طُفيل الخيل والد عامر بن الطفيل، وربيع المُقترين ربيعة، ونزال المضيف سُلمى، ومُعَوِّذ الحكماء معاوية، قَالَ لبيد يفتخر بها. (انظر المثل شرح رقم 2878) نحن بَنُو أمِّ البَنِينَ الأرْبَعَةْ* وإنما قَالَ "الأَربعة" لوزن الشعر، وإلاَ فهم خمسة كما مر ذكرهم آنفا. 4295- أَنْجَبُ مِنْ خَبِيئَة هي خبيئة بنت رِياح بن الأشَلِّ الغَنَوية أتاها آتٍ في منامها، فَقَالَ: أعَشَرة هَدِرَة أحَبُّ إليك أم ثلاثة كعشرة؟ ثم أتاها بمثل ذلك في الليلة الثانية، فقصَّتْ رؤياها على زوجها، فَقَالَ إن عاد ثالثَة فقولي : ثلاثة كعشرة، فعاد بمثله، فَقَالَت: ثلاَثة كعشرة، فولدتهم وبكل واحد علامة، ولدت لجعفر بن كلاَب: خالداً الأصبغ، ومالكا الطَّيَّان، وربيعة الأحوص، فأما خالد فسُمِّىَ الأصبغ لشامِةٍ بَيضاء كانت في مُقَّدَّم رأسه، وأما مالك فسمى الطِّيِّان لأنه كان طاوِيَ البَطنْ، وأما ربيعة فسمى الأحوص لصِغَر عينيه كأنهم مَخِيطَتَان. 4296- أنْجَبُ مِنْ عَاتِكَة بنت هلاَل بن فالج بن مُرَّة بن ذَكْوَان [ص 351] السُّلَمِية، ولدت لعبد مناف بن قُصَيٍّ: هاشماً، وعبد شَمْسٍ، والمطلَّب. 4297- أنْتَنُ مِنْ مَرْقَاتِ الغَنَمِ الواحدة مَرَقٌة، وهي صُوفُ العِجَافِ المَرْضَى منها ينتف، يُقَال: كأنه ريحُ مَرَقٍ. 4298- أَنْكَحُ مِنْ يَسَارٍ هو مولى لبنى تَيْم، وكان جُبْيَهاء الأَشجعي مَنَحَه غزالة، فحبسها عنه، فَقَالَ جُبَيْهاء: أمَوْلى بنى تَيم ألَسْتَ مُؤدِّياً * مَنيْحتَنَا فيما تُؤَدَّى المَنَائِحُ في أبيات عدة، فَقَالَ التيمي: بَلَى سَنُؤَدِّيها إلَيكَ ذَمِيمَةً * فتنكحها إذ أعْوَزَتْكَ المَنَاكِحُ فَقَالَ جبيهاء: ذكرت نِكَاحَ العَنْزِ حِيناً ولم يَكُنْ * بأعْرَاضِنا مِنْ مَنْكَح العَنْزِ قَادِحُ فَلَوْ كُنْتَ شَيْخَاً مِنْ سُواةَ نَكحتها * نِكَاحَ يَسَارٍ عَنْزَهَا وَهْوَ سَارِحُ وبنو سُواة بن سليم من أشجَع، يُعَيَّرون بنكاح العنز. 4299- أَنَمُّ مِنَ الصُّبْحِ لأنه يَهْتك كلَّ ستر، ولاَ يكتم شيئاً. 4300- أنَمُّ مِنَ التُّرَابِ إنما قيل ذلك لما يثبت عليه من الآثار. وأما قولهم: 4301- أَنَمُّ مِنْ جُلْجُلٍ فهو من قول الشاعر: فإنَّكُمَا يا ابْنَي جَنابٍ وُجِدْتُما * كَمَنْ دَبَّ يَسْتَخْفِي وَفي العُنْقِ جُلْجُلُ 4302- أَنَمُّ مِنْ زُجَاجةٍ عَلَى ما فيلها لأن الزجاج جَوْهَرَ لاَ ينكتم فيه شيء، لما في جرمه من الضياء، وقد تعاطى البُلَغَاء وصف هذا الجوهر، فعبَّرُوا عن مدحه وذمه. فأما ذمه فإنَّ النَّظَّام أخْرَجه في كلمتين بأواجز لفظ وأتم معنى، فَقَالَ: يُسْرِع إليه الكسر، ولاَ يقبل الجَبْر. وأما مَدْحه فإن سَهْل بن هارون شهد مجلسا من مجالس الملوك قد حضَرَ فيه شَدَّاد الحارثي، فأخذ يُعَدِّد خصال طباع الذهب، وقد قَالَ شداد: الذهب أبقى الجواهر على الدَّفْن، وأصبرها على الماء، وأقلها نقصاناً على النار، وهو أوْزَنُ من كل ذي وَزْنِ، إذا كان في مقدار شَخصِهِ، وجميع جواهر الأَرض والفِلِّزِّ كله إذا وُضِع على ظهر الزئبق في إنائه طَفَا، ولو كان ذا وزن ثقيل وحجم عظيم، ولو وَضَعْتَ على الزئبق قيراطا [ص 352] من الذهب لرسَبَ حتى يضرب قعر الإناء، ولاَ يجوز ولاَ يصلح أن تُشَدَّ الأسنان المقتلعة بغيره، وأن يوضع في مكان الأَنوف المُصطَلمة سِوَاه، ومِيلُه أجودُ الأميال، والهندُ تمرُّهُ في العين بلاَ كحل ولاَ ذَرُور لصلاَح طبعه ولموافقة جوهره لجوهر الناظرين، ولهما حسن، ومنه الزرياب والصفائح التي تكون في سقوف الملوك، وعليه مَدَارُ الطَبائع، وثمن لكل شيء، ثم هو فوق الفضة مع حسن الفضة وكرمها، وحَظِّها في الصدور، وأنها ثمن لكل مبيع بأضعاف وأضعاف أضعاف، وله المرجوع وقلة النقصان، والأَرض التي تنبته ويسلم عليها تُحِيل الفضة إلى جوهرها في السنين اليسيرة، وتقلب الحديد إلى طبعها في الأيام القليلة، والطبيخ الذي يكون في قُدِورِه أغْذَى وأمْرَى، وأصَحُّ في الجوف وأطيب، وسئل علي بن أبى طالب رضي الله عنه عن الكبريت الأَحمر، فَقَالَ: هو الذهب، وقَالَ النبي صلّى الله عليه وسلم "لو أن لي طِلاَعَ الأَرض ذهباً" فأجراه في ضرب الأمثال كل مُجْرَى. فحسده سهل بن هارون على ما حضره من الخطابة والبلاَغة، فَقَالَ يعترض عليه يعيب الذهب ويفضِّلُ عليه الزجاج: الذهبُ مخلوق، والزجاج مصنوع وإن فضل الذهَب بالصَّلاَبة وفضل الزجاج بالصفاء، ثم الزجاج مع ذلك أبقى على الدفن والغرق، والزجاج مجلو نُورِى، والذهب مناع ساتر، والشراب في الزجاج أحسنُ منه في كل معدن، ولاَ يفقد معه وجْه النديم، ولاَ يُثْقل اليد، ولاَ يرتفع في السَّوْم، واسم الذهب يُتَطَيرُ منه ولاَ يتفاءل به، وإن سقط عليك قتَلَكَ، وإن سَقَطْتَ عليهِ عَقَرَكَ ومن لؤمه سرعَته إلى بيوت اللئام وملكهم، وإبطاؤه عن بيوت الكرام وملكهم، وهو فاتن وقاتل لمن صانه، وهو أيضاً من مصايد إبليس، ولذلك قَالَوا: أهْلَكَ الرجَالَ الأَحمران، وأهلك النساء الأَحامرة، وقُدُور الزجاج أطْيب من قدور الذهب، وهي لاَ تصدأ، ولاَ يتداخل تحت حيطانها ريح الغمر و أوساخ الوضَر، وإن اتسخَتْ فالماء وحده لها جلاَء، ومتى غسلت بالماء عادت جُدَداً، ولها مرجوع حسن، وهو أشبه شيء بالماء وصنعته عجيبة، وصناعته أعجب وكان سليمان بن داوود على نبينا وعليهما الصلاَة والسلام إذا عبَّ في الإَناء كَلَحَتْ في وجهه مَرَدَة الجن والشياطين، فعلَّمه الله صنعة القوارير، فحسم بها عن نفسه تلك الجراءة، وذلك التهجين، ومَنْ، كرعَ فيه شارب ماء فكأنه يكرع في إناء من ماء وهواء وضياء، ومرآته المركبة في الحائط [ص 353] أضوأ من مرآة الفولاَذ، والصُّور فيها أبين، وقد تقدح النار من قنينة الزجاج إذا كان فيها ماء فحاذوا بها عين الشمس؛ لأَن طبع الماء والزجاج والهواء والشمس من عنصر واحد، وليس في كل ما يدور عليه الفلك جوهر أقبل لكل صبغ وأجدر أن لاَ يفارقه حتى كان ذلك الصبغ جوهرية فيه منه، ومتى سقط عليه ضياء أنقذه إلى الجانب الآخر من الهواء، وأعاره لونه، وإن كان الجامُ ذا ألوانٍ أراك أرضَ البيت أحسن من وَشْىَ صَنْعاء، ومن دِيباج تستر، ولم يتخذ الناس آنية لشرب الشراب أجمع لما يريدون من الشراب منه، قَالَ الله تعالى: (قيل لها ادْخُلِى الصرح، فلما رأته حَسِبَتْه لجة، وكشفت عن ساقيها، قَالَ: إنه صَرْح مُمَرَّدٌ من قوارير) وقَالَ تعالى: (ويُطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير قوارير من فضة) فاشتق للفضة اسماً، وقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم للحادي وقد عنف في سياق ظُعُنه: يا أنيس ارْفُق بالقوارير، فاشتقَّ للنساء اسماً من أسمائها، ويقولون: ما فلان إلاَ قارورة، على أنه أقطع من السيف وأحدُّ من المُوسى، وإذا وقع شعاع المصباحُ على جوهر الزجاجة صار الزجاج والمصباح مصباحاً واحداً، وردََّ الضياء كل منهما على صاحبه، واعتبروا ذلك بالشعاع الذي يسقط في وَجْه المرآة على وجه الماء، وعلى الزجاج، ثم انظروا كيف يتضاعف نوره، وإنْ كان سقوطه على عين إنسان أعْشَار وربما أعماه، قَالَ الله تعالى ( - الله نُورُ السموات والأَرض، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح - الآية) فللزيت في الزجاجة نور على نور وضوء متضاعف. فلم يبق في ذلك المجلس أحد إلاَ تحير فيه، وشق عليه ما نال من نفسه بهذه المُعَارضة، وأيقنوا أنه ليس دون اللسان حاجز، وأنه مخْرَاق يذهب في كل فن، يخيل مرة، ويكذب مرة، ويهجو مرة، ويَهْذي مرة، وإذا صحَّ تهذيب العقل صح تقويمُ اللسان 4303- أنْقَى منْ لَيْلة القَدْرِ لأنه لاَ يبقى فيها أحد على الماء. 4304- أنْقى منْ مِرْآة الغَرِيبَة يعنون التي تتزوج من غير قومها، فهي تجلو مرآتها أبداً، لئلاَ يخفى عليها من وجهها شيء، قَالَ ذو الرمة: لها أذُنٌ حَشْرٌ وَذِي فرى أسَيلةٌ * وخَدٌّ كَمْرآةِ الغَريبة أسْجَحُ (أذن حشر: أي لطيفة، كأنها حشرت حشراً، وأذنان حشر، وآذان حشر، لاَ يثنى ولاَ يجمع، مثل ماء غور وماء سكب، وخد أسجح: معتدل، وانظر المثل رقم 4390) [ص 354] 4305- أَنْكَدُ مِنْ تَالِي النَّجْمِ يعنون بالنجم مطلق الثريا، وتاليه الدَّبَرَان، قَالَ الأخطل: فَهَلاَ زَجَرْت الطَّيْرَ إذْ جاءَ خَاطِبا * بضَيْقَةَ بَيْنَ النَّجْمِ وَالدَّيْرَانِ (ضيقة - بالكسر ويفتح - منزل للقمر) وقَالَ الأَسود بن يَعْفُر يصف رفعة منزلته: نَزَلْتُ بِحادي النَّجِمِ يَحْدُو قَرِينَهُ * وَبِالقلب قلب العَقْرَبِ المُتَوَقِّدِ والعرب تقول: إن الدَّبَرَانَ خَطَب الثريا، وأراد القمر أن يزوِّجه، فأبت عليه، وولَّتْ عنه، وقَالَت للقمر: ما أصنع بهذا السُّبْرُوت الذي لاَ مال له، فَجَمَعَ الدبرانُ قِلاَصَه يتموَّل بها. فهو يتبعها حيث توجهت، يَسُوق صدَاقها قُدَّامة، يعنون القِلاَصَ، وإن الجَدْيَ قتل نَعْشاً؛ فبناتُه تدورُ به تريده، وإن سُهيلا ركَضَ الجَوْزَاء، فركضَتْهُ برجلها فطرحته حيث هو، وضربها هو بالسيف فقطع وَسَطها، وإن الشَّعْرَى اليَمَانية كانت مع الشَّعْرَى الشامية ففارقتها وعَبَرَتِ المَجَرَّةَ، فسميت الشَّعْرَى العَبُور، فلما رأت الشَّعْرَى الشامية فراقَهَا إياها بكَتْ عليها حتى غَمِصَتْ عينُها فسميت الشعرى الغُمَيْصَاء. 4306- أنْتَنُ مِنْ ريحِ الجَوْرَبِ هو من قول الشاعر أثْنِي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فَإنَّنِي * مُثْنٍ عَلَيْكَ بِمِثْلِ رِيحِ الجَوْرَبِ وقَالَ آخر: بَعَثُوا إلىَّ صَحِيفَةً مَطْوِيَّةً * مَخْتُومةً بخاتمها كَالعَقْرَبِ فَعَرَفتُ فِيها الشَّرَّ حينَ رأيتُها * فَفَضَضْتُها عَنْ مِثلِ رِيحِ الجَوْربِ زعم الأَصمعي أن معنى قوله "فعرفت فيها الشر حين رأيتها" هو أن عنوانها كان من كهمس، قَالَ الأَصمعي: وليس شيء أشبه بالعقرب من كهمس. 4307- أنْتَنُ منَ العَذْرَةِ هي كناية عن الخُرء، قَالَ الأَصمعي: أصل العَذِرة فِنَاء الدار، وكانوا يطرحون ذلك بأفنيتهم، ثم كثر حتى سمي الخرء بعينه عَذِرة. 4308- أنْشَطُ مِنْ ظَبْيٍ مْقِمَرٍ لأنهُ يأخذهُ النَّشاطُ في القَمَر فَيَلعب . 4309- أنْفَرُ مِنْ أَزَبَّ هذا مثل قولهم "كلُُّ أزَبَّ نَفُور" وذلك أن البعير الأزَبَّ يَرَى طولَ الشَّعْر على عينيه فيحسبه شخصاً فهو نافر أبداً.[ص 355] وقَالَ ابن الأَعرَبي: الأَزبُّ من الإبل شَرُّ الإبل وأنفرها نفاراً، وأبطؤها سيراً، وأخَبُّها خباراً، ولاَ يقطع الأَرض. 4310- أنْبَشُ منْ جَيْألَ هذا الاسم للضَّبُع، وهي تَنْبِشُ القبور، وتستخرج جِيفَ الموتى فتأكلها. قَالَ الأَصمعي: أنشد أبو عمرو بن العَلاَء لرجل من بنى عامر يُقَال له مشهث (في الأصول "مشعب" وما أثبتناه عن اللسان (ج أل) وقد أنشد ثالث هذه الأَبيات، وعنده "بها خماع" وروى أولها في (م ت ع) وأربعتها في الأَصمعيات 43) تَمَتَّع يا مشعَّث إنَّ شَيئاً * سَبَقْتَ بِهِ الوفَاةَ هُوَ المَتَاعُ بِأصْرٍ يَتْرِكْنِي الحي يوما * رَهِينَةَ دَارِهم وَهُمُ سِرَاعُ وجَاءتْ جَيْأل وَبَنُو أبِيها * أحَمّ المأقِيَينِ بهمْ خُماعُ فَظَلاَ يَنبْشَانِ التُّربَ عَنِّى * ومَا أنا - وَيْبَ غيرك - والسباع 4311- أَنْوَمُ مِنْ كلْبٍ هذا من قول رُؤْبة: لاَقَيْتُ مَطْلا كَنُعاسِ الكَلْبِ * وَعِدَةً هَاجَ عَلَيْها صَحْبِي كَالشَّهْدِ بِالمَاءِ الزُّلاَلِ العَذْبِ قَالَ حمزة: هذا من قول الأَعرَبي في نعاس الكلب، وقد خالفهم صاحبُ المنطق فَقَالَ: أيْقَظُ من الكلب وزعم أن الكلب أيْقَظ حيوان عينا، فإنه أغلب ما يكون النوم عليه يفتح من عينيه بقدر ما يكفيه للحراسة، فذلك ساعة وساعة، وهو في ذلك كله أيْقَظُ من ذئب، وأسمَع من فرس، وأحذَر من عَقْعق، قَالَ: والأعراب إنما أرادوا بما قَالَوا المَطْلَ في المواعيد. 4312- أنْوَمُ مِنْ الفَهْدِ لأن الفَهْد أنْوَم الخلق، وليس نومُه كنوم الكلب؛ لأن الكلب نومُع نعاس والفهد نومه مصمت، وليس شيء في جسم الفهد - أي في حَجْم الفَهْد - إلاَ والفهدُ أثقل منه أحْطَم لظهر الدابة. وقَالَت امرأة من العرب: زوجي إذا دخل فهد وخرج أسد يأكل ما وَجَد، ولاَ يسأل عما عهد. وأما قولهم: 4313- أَنْوَمُ مِنْ غَزَالٍ فلأنه إذا رضَع أمه فَرَوِى امتلأ نوما. وأما قولُهم: 4314- أنْوَمُ مِنْ عَبُودٍ فقد مرَّ ذكره. 4315- أَنْعَمُ مِنْ خُرَيْمٍ هو خُرَيم بن خليفة بن فلاَن بن سنان [ص 356] ابن أبي حارثة المرِّىُّ، وكان متنعما، فسمى خريما الناعم، وسأله الحجاج عن تنُّعمه، قَالَ: لم ألبس خَلَقا في شتاء، ولاَ جَدِيدا في صيف، فَقَالَ له: فما النعمة؟ قَالَ: الأمن؛ لأني رأيت الخائف لاَ ينتفع بعيش، قَالَ: زدني، قَالَ: الشباب؛ لأني رأيت الشيخ لاَ ينتفع بشيء، قَالَ: زِدْني، قَالَ: الصحة، فإني رأيت السَّقيم لاَ ينتفع بعيش، فَقَالَ: زدني، قَالَ: الغني؛ فإني رأيت الفقير لاَ ينتفع بعيش، فَقَالَ: زدني، قَالَ: لا أجد مزيداً. 4316- أَنْعَمُ مِنْ حيَّانَ أَخِي جابرٍ قَالَوا: إنه كان رجلاً من العرب في رخاء من العيش ونعمة من البدن، فَقَالَ فيه الأعشى: (وقع هنا في أكثر أصول هذا الكتاب "فَقَالَ فيه الأَعمش" تحريف، والبيت مشهور جداً، يستشهد به النحاة واللغويون، ووقع في البيت "ما يومي على كورها ويوم حيان" وبذلك يروى.) شَتَّانَ مَا نَوْمِي عَلَى كُورِهَا * وَنَوْمُ حَيَّانَ أخي جَابِرِ يقول: أنا في السير والشقاء وحَيَّان في الدَّعَة والرخاء. 4317- أَنْزَى مِنْ هِجْرِسٍ قَالَوا: إنه هنا الدبّ. وقَالَوا في قولهم: 4318- أَنْزَى مِنْ ضَيْوَنٍ هو السِّنَوْر، قَالَ الشاعر: يَدَبُّ بِاللَّيلِ لِجَارَاتِهِ * كَضيَوَنِ دَبَّ إلَى قَرنَبِ 4319- أَنْزَى مِنْ ظَبْيٍ وَأَنْزَى مِنْ جَرادٍ هذا من النَّزَوان، لاَ من النَّزْو، كذا قَالَ حمزة، وليس كما ذهب إليه، بل النزوان والنزو واحد، وهما الوَثْبُ، وأما المعنى الآَخر فهو النَّزَاء - بكسر النون - (وبفتحها أيضاً كما قَالَه في القاموس) هذا هو الوجه. |
الساعة الآن 12:13 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |