![]() |
مَكـانَكم!
خرج إبراهيم بن أدهم وإبراهيم بن طهمان وسفيان الثوري إلى الطائف ومعهم سفرة فيها طعام. فوضعوها ليأكلوا، وإذا أعرابٌ بالقرب منهم. فأراد بن طهمان أن يدعوهم ليأكلوا معهم، فناداهم: يا إخوتاه، هلمّوا! فصاح بهم سفيان: مكانكم! ثم قال لابن طهمان: خذ من الطعام ما تطيب أنفسُنا بإعطائه لهم فاذهب به إليهم، فإني أخاف أن يجيئوا فيأكلوا من طعامنا أكثر مما نحبّ فتتغيّر نيّاتُنا ويذهب أجرُنا! من كتاب "حلية الأولياء" لأبي نعيم الأصبهاني. |
مَـلِكٌ أنا أم خليفـة
قال عمر بن الخطاب لسلمان الفارسي: أَمَلِكٌ أنا أم خليفة؟ فقال سلمان: إن أنت جَبَيْتَ من أرض المسلمين درهماً أقل أو أكثر مما يحق لك أن تجبيه، أو جبيت درهماً يحق لك أن تجبيه ثم وضعته في غير حقّ، فأنت ملكٌ لا خليفة. من كتاب "الطبقات الكبرى" لابن سعد. |
ملك الروم وأسارى المسلمين
عن مكرم بن بكر القاضي قال: دخلت على الوزير عليّ بن عيسى وهو مهموم جدًا. فسألته عن ذلك فقال: كتب إليّ عاملنا بالثغر أن ملك الروم أجاع أسارى المسلمين في بلده وأعراهم وطالبهم بالتنصّر وأنهم في عذاب شديد. ولا حيلة لي في هذا، والخليفة لا يساعدني. ولو ساعدني لأنفقت الأموال وجهّزت الجيوش إلى القسطنطينية. قلت: هذا أمر سهل. قال: فقل. قلت: إن بأنطاكية عظيمًا للنصارى يقال له البطرك، وبالقدس آخر يقال له الجاثليق. وأمرهما ينفذ على الروم وعلى ملوكهم، وبلداهما في سلطاننا، والرجلان في ذمتنا. فيأمر الوزير بإحضارهما، ويتقدم إليهما بإزالة ما يحدث للأسارى، فإن لم يزُلْ لم يُطالَب بتلك الجريرة غيرهما. فكتب الوزير يستدعيهما. فلما كان بعد شهر، جاءني رسوله يستدعيني، فجئته فوجدته مسرورًا، وقال لي: جزاك الله عن نفسك ودينك وعنّي خيرًا. كان رأيك أبركَ رأي. هذا رسول عاملنا بالثغر قد ورد. ثم قال للرسول: خبِّر القاضي بما جرى. فقال العامل: أَنفَذَني العامل مع رسول البطرك والجاثليق إلى القسطنطينية، وكتبا إلى ملكها "إنك قد خرجت بما فعلت عن ملة عيسى عليه السلام، وليس لك الإضرار بالأسارى فإنه يخالف دينك وما يأمرك به المسيح فإما زلت عن هذا الفعل وإلا حرمناك ولعنّاك". فلما وصلنا إلى القسطنطينية حُجبنا أياما ثم استدعانا الملك، وقال لنا ترجمانه: "يقول لكما الملك إن الذي بلغ ملك العرب من فعلنا بالأسارى كذب وتشنيع، وقد أذنّا في دخولك لتشاهدهم على ضدّ ما قيل، وتسمع شكرهم لنا". فحُملتُ فرأيت الأسارى وكأن وجوههم قد خرجتْ من القبور تشهد بما كانوا فيه من الضرّ، غير أني رأيت ثيابهم جميعًا جديدة. فعلمت أني حُجبت تلك الأيام لتغيير حالهم. وقال لي الأسارى: "نحن شاكرون لملك الروم"، غير أن بعضهم أومأ إليّ "إن الذي بلغك كان صحيحا، وإنما خفف علينا لما أتيتم ها هنا. فكيف بلغكم أمرنا؟" فقلت: "الوزير عليّ بن عيسى بلغه حالكم ففعل كذا وكذا". فضجّوا بالدعاء للوزير، وسمعت امرأة منهم تقول: "يا عليّ ابن عيسى، لا نسي الله لك هذا الفعل!" فلما سمع الوزير ذلك أجهش بالبكاء، وسجد شكرًا لله تعالى. فقلتُ له: أيها الوزير، أسمعكَ كثيرًا تتبّرم بالوزارة. فهل كنت تقدر على تحصيل هذا الثواب لولا الوزارة! من كتاب "المنتظم" لابن الجوزي. |
من أحق بالكتـاب؟
قال الحضرمي: أقمت مرة بقرطبة ولازمتُ سوق كتبها مدّة أترقّب فيه وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع، وهو بخط فصيح وتفسير مليح. ففرحت به أشد الفرح، وجعلت أزيد في ثمنه فيرجع إليَّ المنادي بالزيادة عليّ، إلى أن بلغ فوق حدّه. فقلت له: ما هذا؟ أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلغه إلى ما لا يساوي. فأراني شخصًا عليه لباس الرئاسة، فدنوت منه وقلت له: أعزّ اللّه سيدنا الفقيه، إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركتُه لك، فلقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حدّه فقال لي: لستُ بفقيه، ولا أدري فيه، ولكني أقمتُ خزانة كتب، واحتفلتُ فيها لأتجمّل بها بين أعيان البلد، وبقي فيها موضع يسع هذا الكتاب. فلما رأيته حسن الخط، جيّد التجليد، استحسنته، ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد للّه على ما أنعم به من الرزق فهو كثير. فأحرجني وحملني على أن قلت: نعم، لا يكون الرزق كثيرًا إلا عند مثلك، وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب وأطلب الانتفاع به، تحول قلّة ما بيدي بيني وبينه! من كتاب "نفح الطيب" للمقري التلمساني. |
من آداب مخاطبة الملوك
دخل الأصمعيّ يومًا على هارون الرشيد بعد غيبة كانت منه. فقال له الرشيد: يا أصمعيّ، كيف كنتَ بعدي؟ فقال: ما لاقَتْني بعدَك أرضٌ. فتبسّم الرشيد. فلما خرج الناس، قال للأصمعي: ما معنى قولك "ما لاقتني أرض"؟ قال: ما استقرّت بي أرض، كما يُقال فلان لا يليق شيئًا أي لا يستقرّ معه شيء. فقال الرشيد: هذا حسن. ولكن لا ينبغي أن تكلمني بين يدي الناس إلا بما أفهمه، فإذا خَلَوتَ فعلِّمني، فإنه يقبح بالسطان أن لا يكون عالمًا: إما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم إذا لم أُجِب، وإما أن أجيب بغير الجواب فيعلم من حولي أني لم أفهم ما قلتَ. قال الأصمعيّ: فَعَلَّمَني الرشيد يومها أكثر مما عَلَّمْتُه. من كتاب "أخبار النحويين البصريين" لأبي سعيد السيرافي. |
من أنـت؟
كان رجل من تجار أهل المدينة في المسجد يصلي في ليلة من شهر رمضان، إذ عَرَضَ له أمرٌ اضطره إلى العودة إلى منزله. فوجد بابه مفتوحاً، وإذا فتى مع ابنته يحدّثها. فلما سأله: من أنت؟ قال إنه من ولد ابن أبي عتيق. فأخذه بيده وذهب به إلى منزل ابن أبي عتيق، فدقّ الباب. فلما أشرف عليه قال: أردت أن أكلمك في أمر. فلما نزل إليه ابن أبي عتيق قال التاجر: وجدت هذا الفتى مع ابنتي في منزلي، فسألته فزعم أنه ابنك. فأخذ ابن أبي عتيق الفتى وضربه وشتمه، ثم شكر التاجر ودعا له وقال: لن يعود إلى شيء تكرهه أبداً إن شاء الله. فلما انصرف الرجل قال ابن أبي عتيق للفتى: من أنت، ويلك؟! من كتاب "أخبار النساء" لابن قيِّم الجَوْزيّة. |
مـن ذاقـَه لـَم يـُفـْلـِح
دخل شريك النَّخَعِيّ على الخليفة المهدي يوماً، فقال المهدي له: لا بد أن تجيبني إلى خصلة من ثلاث خصال. قال: وما هنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: إما أن تلِيَ القضاء، أو تحدّث ولدي وتعلّمهم، أو تأكل عندي أكلة! ففكَّر ساعة ثم قال: الأكلة أخفّها على نفسي. فأجلسه المهدي، وتقدّم إلى الطبّاخ أن يُصلح له ألواناً من المخ المعقود بالسّكّر والعسل وغير ذلك. فلما فرغ شريك من الأكل، قال الطباخ: واللّه يا أمير المؤمنين، ليس يُفلح الشيخ بعد هذه الأكلة أبداً! وكان أن قَبل شريك بعد ذلك أن يحدّثهم، وأن يعلّم أولادهم، وأن يلي القضاء لهم! من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان |
مـن زوايـا العدالـة
عندما استولى العرب على شمال إفريقية، وقبل أن يقوم طارق بن زياد بغزو إسبانيا، هاجر أحد الإسبانيين إلى مراكش، هرباً من ظلم الإسبانيين وبطشهم، واختلط بالعرب، وشرب من مناهل آدابهم وعلومهم، وذهب يوماً إلى مجلس قضائهم، فوجد فقيراً يهودياً، يقدم قضيته للقاضي، الذي أكرمه وسأله عن شأنه، فقال: "أشكو إليك موسى بن نصير قائد جيوش المسلمين، فقد طلب مني أرضي التي أتعيش من فلاحتها، لينزل فيها بعض المحاربين، فطلبت ثمناً بخساً فاغتصبها، وأنا رجل فقير، فقال القاضي، عليَّ بموسى بن نصير فحضر وطلب إليه القاضي أن يقف بجانب اليهودي، وبعد سماع أقوالهما، عذر القاضي موسى بن نصير، وقال له: المفاوضة في الثمن قبل الاغتصاب، ويعوض عما أصابه من انتهاك حرمة حقه، أن تدفع ما طلب، فدفع موسى صاغراً ثم انصرف: فتعجب الإسباني، ولم يصدق أن موسى بن نصير نفسه، هو الذي كان واقفاً بجوار الفقير اليهودي، أمام القاضي، وقال: هذا رجل يهودي، واليهود في إسبانيا، يعتبرون نجساً، ويضطهدون لأنهم ليسوا على دين المسيح، فقيل له: "إن الدين الإسلامي ينهانا أن نأكل أموال الناس بالباطل، وليس على هذا اليهودي إلا الجزية ومتى أداها فله ذمة وحق، مثل ذمتنا وحقنا، وسأل الإسباني، وهل يجوز لفقير أو أحد من الناس، أن يشكو الوالي؟ فقيل له: ولم لا؟ وهل وُلـِّيَ الوالي إلا للقيام على حفظ الحقوق، ورعاية مصالح الناس؟ فأولى به أن يقوم بها فيما يخصه، فقال الإسباني: حقاً أن العرب أشباه الملائكة، نزلت عليهم روح من أرواح القدس الأعلى، لينشروا على الأرض، ظلال السلام والرحمة والعدل. |
مـن عـَلـَّمـك؟
زعموا أن أسداً وذئبـاً وثعلبـاً. خرجوا معـاً يتصيـّدون، فصادوا حماراً وظبيـاً وأرنبـاً. فقال الأسد للذئب: اقسم بيننا صيدنا. قال الذئب: الأمر سهل؛ الحمار لك، والأرنب للثعلب، والظبي لي. فخبطه الأسد فأطار رأسه. ثم أقبل على الثعلب وقال: قاتله الله، ما أجهله بالقسمة. هات أنت. قال الثعلب: الأمر سهل؛ الحمار لغدائك، والظبي لعشائك، والأرنب تتخلـّل به فيما بين ذلك. قال الأسد: ويحك! ما أقضاك! من علـّمك هذه القضية؟ قال: رأس الذئب الطائرة! من كتاب "محاضرات الأدباء" للراغب الإصبهاني |
مَنْ لي بَعْدَك يا سيّـدي؟
جاء أبو العِبَر يعود صديقًا له وهو على فراش الموت، فإذا بامرأته تلطم وتصيح: من لي بعدَك يا سيدي؟! وكانت شابة جميلة. فغمزها أبو العبر وأومأ إليها: أنا لكِ بعده! فلما مات الرجل وانقضَتْ عِدَّتُها، تزوّجها أبو العبر، فأقامت عنده حينا ثم حضرتْ أبا العبر الوفاة. وجاء أصحابه يعودونه، فإذا بالمرأة تصيح: من لي بعدَك يا سيدي؟! ففتح أبو العبر عينيه وقال: لا يغمزها إلا مَنْ تكون أُمُّه زانية! من كتاب "جمع الجواهر في المُلَح والنوادر" للحُصري |
الساعة الآن 12:20 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |