![]() |
قال تعالى (ويؤت كل ذي فضل فضله)المذنب يستغفر الله ويتوب إليه حتى يعفو عنه يبعد عن الذنب ومن المنطق البشري أن يقال: أعفو عنكم وأسامحكم لكنه تعالى أعطانا نتيجة أخرى: ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى 3 هود)
باركك الله اختي الفاضلة |
التوبة والاستغفار 81 تقديم علاء بسيوني (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) ق) سؤال من المقدم: بعض الناس يقول أننا نتكلم عن الموت وشدة الحساب والموقف المهول فأين التيسير والبشارة؟ فكيف نرد على هؤلاء؟ د. هداية: فعلاً هناك ناس تقول هذا الكلام وناس تفهم أنه يجب أن نتدبر ونعتبر من الآيات فآيات الحساب والجزاء ويوم الدين هذه ليست قصة وكذلك الآيات التي تتكلم عن الأمم السابقة هي للعبرة (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ (3) يوسف) القصة تروى لأجل الأبناء والآباء والحسد والغل فنخرج مثلاً من قصة يوسف بعبر كثيرة جداً ونخرج من قصة لوط بعبر كثيرة جداً فكل هذه الآيات لم يذكرها القرآن على سبيل التسلية وإنما هي للإتعاظ والاعتبار. ذُكرت ليقف الإنسان مع نفسه في مسألة من أهم مسائل العقيدة من أهم مسائل الشريعة الدين الإسلامي دين مبني على العقيدة والشريعة وقد ذكرنا أن العقيدة في الدروس الدينية الآن وفي أحاديث الدعاة أصبحت تخلو أو تكاد تخلو من العقيدة إلا الذي يتكلم في شق من هذا الموضوع، فأين الدروس المبنية على الاعتقاد وأنا أكرر أن أسئلة القبر توضح هذه المسألة في أنها كلها مبنية على اعتقادك وذكرنا في حلقة سابقة ما هو اعتقادك في هذا الرب؟ وفي هذا الدين. وفي هذا الرسول الذي بعث في زمنك؟ خطأ أن يقال أن من أسئلة القبر ما قولك في محمد؟ لأنه ليس كل الذين ماتوا يعرفون محمداً أو من أمته فهناك من مات في عهد موسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء لذلك صيانة للاحتمال السؤال الذي ورد في الحديث الصحيح هو: ما قولك في هذا الرجل؟ والعجيب أننا لما عملنا بحث حتى نعرف مدى فهم الناس لهذه الأسئلة فكثيرون أجابوا هو محمد لكن السؤال لا يسأل عن إسم الرجل وهناك فرق بين أن أسألك ما قولك في هذا الرجل؟ أو أسألك ما اسمه؟ نحن نسأل سؤالاً ما قيمة الإسم؟ السؤال يقول: ما قولك في هذا الرجل؟ يعني يريد أن يلفت نظرك وأنت في قبرك ماذا كان اعتقادك في هذا الرجل بعد أن قال عنه بعض الناس أنه ساحر أو أنه شاعر أو مجنون أو كذاب أو مسحور، أنت ما هو قولك لذا الإجابة الصحيحة على هذا السؤال: هو رسول الله حقاً لا هو شاعر ولا ساحر ولا مجنون ولا كذاب ولا مسحور بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة. المقدم: الرسول r كان يفعل هذا في خواتيم خطبه دائماً. د. هداية: أؤكد لك هذه المسألة في الحديث في خطبة الوداع: "تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله" لم يقل "وسنتي" ثم قال r: وأنت تُسألون عني فماذا أنتم قائلون (هذه مقابل السؤال في القبر: ما قولك في هذا الرجل؟) لأن الصحابة كانوا يفهمون ماذا يقصد رسول الله r أجابوا مباشرة: نشهد أنك قد أدّيت وبلّغت ونصحت فقال r اللهم "اشهد اللهم اشهد اللهم اشهد" يعني اللهم اشهد على كلامهم. ما يعني الرسول r أن تشهد أنت له أنه بلّغ؟ المفروض أن أشهد أنا الذي لم أعاصر الرسول ولم أره r بذلك لأن الدين الحق قد وصلني. الرسول r يقول: فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد، يعني فهموا أنه سؤال شهادة ليس سؤال معلومة. هذه الإجابة تنقسم إلى قسمين قسم في كتاب محمد r وقسم في كتابي، القسم الذي في كتاب محمد r أني شهدت أنه بلّغ هذه تكتب لرسول الله r والقسم الذي في كتابي لا يكتب إلا إذا عملت بما بلّغ به رسول الله r وهذه قيمة السؤال الرابع في القبر (ما عملك)؟ الذي جاء بعد سؤال ما قولك في هذ الرجل؟ لأن عملك جاء مما أتى به r. لذا يجب أن نفهم أننا لما نقول في الدنيا نشهد أن الرسول r قد بلّغ الرسالة فماذا عملنا نحن؟ يجب أن ننتبه أن لا تكون الشهادة مجرد قول منفك ومنفصل عن العمل وإلا تكتب شهادتك لرسول الله rوتأتي وبالاً عليك أنت فتكون تشهد على نفسد ضد نفسك. إذن هذه الشهادة ستنقسم إلى قسمين شهادة للرسول rوهذه إيجابية والله تعالى في غنى عن هذه الشهادة ولكنه إنصاف لهذا الرجل بما قدّم والشهادة الثانية إما أن تكون لك أو تكون عليك فهنيئاً لو كانت لك لأنها تعني أنك أخذت المنهج وطبقته وعندها ستجيب على السؤال الرابع من أسئلة القبر. وفي الحديث الصحيح أن السؤال الرابع في القبر لن يُسأل إلا إذا أجبت على الأسئلة الثلاثة السابقين. الرجل الكافر أو المشرك أو المنافق لا داعي لوزن أعماله لأن مطلع كتابه أنه كفر بالله وأشرك بالله، الميزان لا يعود له داعي في هذه الحالة فالذي أشرك أو كفر خفّ ميزانه دون أن يزن لما يقول تعالى (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) القارعة) هذا وزن (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) القارعة) هذا لم يزن ولا يحتاج أن يزن إلا إذا كانت الآية للمسلمين الذين شهدوا أن لا إله إلا الله هذا توزن أعماله فإن خفت فهو يرجو رحمة الله أو مغفرته. لهذا شهادتك إما أن تكون لك أو تكون عليك لذلك الذي لم يعرف أن يجيب الله ربي والإسلام ديني (والإسلام هنا ليس ديانة محمد وإنما هو الشرع العام لكل الديانان بما فيها ديانة محمد r) عندما نقول الإسلام ديني لا نقصد الديانة وإنما نقصد الشرع يعني سيقولها اليهودي الذي آمن بموسى uمن بعثته إلى ما قبل بعثة عيسى u وسيقولها النصراني من بعثة عيسى u إلى ما قبل بعثة الرسول r ويقولها الذي جاء عليه محمد r إلى قيام الساعة وهذا ينطبق على كل الأنبياء والرسل (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ (19) آل عمران) الإسلام يعني الشرع العام التسليم لله، أسلمت يعني أنت تعفر أن الله ربي وأن ديني الإسلام. المقدم: غير المسلمين لم يدرسوا القرآن بدقة ولكن المسلمين هذا كتابهم الذي يحكي في أكثر من مرة عن الأنبياء السابقين ويقول على لسان الأتباع (وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) آل عمران) قالها أتباع عيسى من النصارى فالمفروض أنه مسلم الدين نصراني الديانة وقالها أتباع الأنبياء من عهد آدم إلى قيام الساعة فلماذا لا يفهم المسلمون أن الإسلام هو التسليم لله؟ د. هداية: ننظر إلى حال المسلمين الذين هم أصحاب القرآن الآية تقول (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) الأعراف) هذا قرآن، أسأل سؤالاً: (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) هل هي لأنكم استمعتم؟ أو لأنكم أنصتم؟ ما دلالة أنصتوا بعد استمعوا؟ يعني أن معنى كل كلمة مختلف عن الأخرى. هذا تكليف (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أنصتوا يعني اعملوا. عندما يقول لك أحدهم أمراً فيه تكليف وأنت لا تريد أن تفعله تستمع فقط لكن لو أردت أن تنفذ الأمر وسيترتب على هذا العمل جزاء أو عقاب تقول للقائل أعد عليّ مرة ثانية ما قلت وأنت تسمعه يكون هناك سمع وإنصات ولازم معنى الإنصات العمل لأنك لو لم ترد أن تعمل لن تعطي القائل الاهتمام الذي يترتب عليه العمل. في ندوة ما هناك مائة شخص 20 مثلاً يسمعوا لمجرد السماع 40 يسمعوا وينصتوا ويعملوا والباقي يسمع وينصت ويعمل ويزيد على الذي ذكرناه وكأن هذا الأمر بداية له لكنه سيزود. عندما يقول تعالى (فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ) إضافة الكلمة التي قد تتضمن نفس المعنى من وجهة نظر العامة تكون على سبيل لازم المعنى، أنصتوا تأتي بلازم معناها. ألفت نظر الناس (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (لعل) في كلامنا نحن تفيد التمني لكن لما يقلها المولى عز وجل لا تفيد التمني لأن التمني يفيد الجهالة والجهالة تستحيل على الإله الحق فلما يقول (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) يعني غايتي من هذا التوجيه أنكم ترحمون، هل سأُرحم إذا سمعت أو إذا أنصت أو إذا عملت؟ نذهب للبيوت المصرية المسلمة الآن تسمع أحدهم يقول ابنتي تتعب وهي تصلي فيقول أحد الجالسين شغّل إذاعة القرآن الكريم في غرفتها وآخر يقول وأنت خارج من البيت اترك إذاعة القرآن الكريم مفتوحة في المنزل للبركة لكن القرآن ليس للبركة وإنما (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ) إذن لو كنت ستستمع وتنصت شغّل القرآن لكن إذا كنت لن تستمع ولن تنصت فلا تشغّله فالقرآن تحول لدينا إلى تمائم وبركة ولا يعلم هؤلاء أنه عندما يشغل القرآن في البيت ويخرج هو يستدعي الجن لأن الجن يسمع وإما يؤمن وإما يكفر. أنت حتى لو كنت في البيت ولن تنصت له فلا تشغّله. الآية واضحة (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ) يجب أن يتحقق لازم معنى الإنصات للقرآن حتى نُرحم لكن هذا لا يحصل وإنما نجد من يشغل القرآن في السيارة للبركة أو في البيت أو لا نستمع له ولا ننصت ولا نطبق فالحالة التي وصلنا لها أننا نسمع الآية وقلوبنا غافلة. المقدم: في المآتم والأماكن العامة أن الشيخ الذي صوته جميل ويجوّد تجد من يصرخ الله يا سيدنا الشيخ، أعد الآية. د. هداية: بعض القراء يقرأ قوله تعالى (فَأَمَّا مَن طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) النازعات) وينغّم كلمة مأوى فالناس تقول الله! هل يمكن أن يقول الله على من ذاهب إلى النار؟! الشيخ وهو ذاهب للمأتم يعطي مالاً لمهندس الصوت حتى يعطي صدى في الصوت كأنه ذاهب للغناء. ثم يقرأ القرآن بالقراءات التي لا يفهمها ويقرأ خطأ والناس تقول الله! هناك قرآن قُرئ لكن لا يتحقق من الآية شيء فالتوجيهات الإلهية تقول (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ) يعني حتى لو سمعت القرآن على مدار نصف ساعة أو ساعة يجب أن تخرج منها بعمل ما حتى لو كان عملاً واحداً حتى تتحقق الآية (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). البعض من القراء ينتقل من قراءة حفص إلى ورش إلى نافع وكأن الناس تحضر حفلة غنائية لا تلاوة للقرآن الكريم! د. هداية: يجب أن يعلم الناس أن هذا العزاء الذي في المآتم ليس من السنة النبوية وإنما هو بدعة يأثم صاحبها على الأقل. ما هو منهجنا ومن أين جئنا به؟ (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) التكوير) القرآن عبارة عن ذكر للعالمين، ما معنى ذكر؟ هل هو ذكر يُتلى، البعض يقرأون القرآن ليجمعوا حسنات قراءة الحرف بناء على الحديث" لا أقول ألم حرف وإنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف" يريدون ثواب القرآءة لكن أين ثواب العبادة وتناول المنهج؟ في سورة ق التي معنا تضع لنا بعض الحقائق وتصور حياة الإنسان كلها بين آية وأخرى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) ق) ثم (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) ق) (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) ق) مراحل سريعة كأنه من خلقك لموتك آية ومن موتك لبعثك آية ومن الميلاد إلى البعث للحساب آيتين أو ثلاثة فكأنه يريد أن يقول لنا أن الحياة قصيرة. في سورة الفجر لما قال (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)) قالها لأنه عرف أن الحياة الآتية هي الحياة الأبدية والتي فاتت هي فانية زائلة مؤقتة. لو شرحنا سورة ق هذه الحلقة والحلقة القادمة سيتغير منهج عملنا تماماً على مراد الله تبارك وتعالى. وسنشرح نقطة في منتهى الخطورة في مبدأ العقيدة. (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)) ما هي الوسوسة؟ الوسوسة في بعض الكتب هي الصوت الخفي، لكن كلمة خفي لا تعني صوتاً الصوت لا يمكن أن يكون خفياً وإنما قد يكون خافتاً, الوسوسة أضيفت للنفس فلما نعرفها تعريفاً صحيحاً - هي جاءت من صوت الحلي الذهب التي تلبسها النساء – الآية ذكرت (وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) أنت لو كنت بجانبي سأسمعك لكن لو نفسك حدّثتك لا يمكن لي أن أسمعك إذن يمكن أن نقول أن الوسوسة هو حديث النفس الذي لا يسمعه إلا الشخص ويعلمه الله تبارك وتعالى من قبل أن يوسوس. سنمشي في الآيات ونعرف أن الملائكة ستسجل علينا أعمالنا هذه الأعمال يتقلص عند قيام فلان بظاهر العمل فقط (فلان صلّى، فلان لم يصلي) لكن نية الشخص في العمل هذه ليست وظيفة الملك. مسألة (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) غافر) كأن كتاب أعمالك (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء) يحتاج لشيء معه (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) العاديات) قبل أن تقرأ تحتاج لـ (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) لأن الملك كتب فقط أن فلان صلى فيقول له المولى نفاقاً أو صحيحاً فهذا علم المولى سبحانه وتعالى وصدق (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) من حبل الوريد يعني من حبل هو الوردي والوريد هو الشريان الذي يأخذ الدم من القلب إلى الجسم لازم معنى الوريد أن هذا الشريان هو الذي يعطي الجسم قوام الحياة يعني المولى تعالى أقرب إلينا من روحنا التي بين جنبينا يعني المولى تعالى أقرب من قوام حياتي التي تعطي النفس الوسوسة فالله تعالى يعلم الوسوسة من قبل أن تحصل. (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)) بعض المفسرين قالوا أن هذا العلم متعلق بـ (إذ يتلقى) وكأن علم الله يقف عند كتابة الملك وهذا كلام فارغ لأن علم الله أزلي أبدي " علم ما كان وما يكون وما سوف يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون". (إذ) ظرف يتعلق بالجُمل لكن جملة يتلقى هذه مسألة تسير مع علم الملك لأن الملك لا يعرف إلا بعد أن تعمل (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) الانفطار) علم الملك يعرف متى تصلي عندما تصلي لكن المولى تعالى عالم وعافر أنك فلان لن يصلي العشاء الليلة مثلاً. البعض قال أن التلقي تشمل الحسنات لكنها (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ) مثلاً أنا أصلي كل يوم لكن سيحصل عندي طارئ فلا أصلي العشاء الليلة مثلاً فالملك يتفاجأ أني لم أصلي لكن المولى عز وجل يعلم من قبل أو أولد أنني في هذه الليلة لن أصلي. المقدم: ربنا يخاطب الملائكة بحديث: إذا همّ عبدي بحسنة وإذا همّ عبدي بسيئة " فكيف عرف الملك بنيّتي إن كنت سأهمّ بحسنة أو بسيئة؟ وكيف ستسجل هذا الأمر؟ د. هداية: الوسوسة هي حديث النفس الذي أضيف علمه قصراً على الله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)) يعني علم الملكين متوقف على عملك لكن علم الله تبارك وتعالى من حيث الوسوسة. الحديث يقول" إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها" هم يعرفونها عندما نعملها لكن ساعة همّ الإنسان الذي يأمر بالكتابة هو الله تعالى لأنه يعلم بالوسوسة. يعني لو وسوست لي نفسي أخذ رشوة ثم راجعت نفسي وقلا لن أطعم ولدي مالاً حراماً سأرجع عن هذا الأمر إذن هممت بسيئة لكن لم أعملها فالله تعالى يقول للملك اكتبها حسنة لأن الوسوسة يعلمها إلا الله تبارك وتعالى فالذي يأمر بكتابة الحسنة ساعة تنويها هو الله تعالى والذي يأمر بكتابة الحسنة بعد عودتك عن سيئة بالوسوسة هو الله تبارك وتعالى أما الملك فيعرف عندما تعمل فقط لذلك عندنا الآية (يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) وفي سورة ثانية (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) العاديات) الكتاب مكتوب فيه مجرد العمل أما النية التي تفيد التي تفيد أن هذا العمل مقبول أو غير مقبول هذا من حُصل ما في الصدور. التوقيع القرآني لهذه الآية والتي بعدها، في علم الله قال (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)) فهو يريد أن يقول أن علم الله ليس فقط عندما تفكر وإنما تفكيرك جاء نتيجة القلب أو العقل الله تعالى يعلم وأقرب لك من الدم الذي يعطيك قوام الحياة هذا العلم المطلق والتي بعدها (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)) كلمة يتلقى يعني الملك جهاز تسجيل ليس له علاقة بملاحظته لك وليس له رأي شخصي هما متلقيان وليسا كاتبان فقط. الآية قالت متلقيان لأن غيرها قالت (كِرَامًا كَاتِبِينَ (11)) وهنا قال (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق) حتى لا تفهم أن رقيب جاءت من المراقبة التي هي الملاحظة وإنما رقيب جاءت من فعيل التي تعني أنه دقيق جداً في التلقي لا في المراقبة. ممكن تقول لفلان راقب هذا الشخص فيقول لك خرج الساعة كذا ورجع الساعة كذا ويبدو عليه أنه غضبان ويبدو عليه أنه فرحان هذه ملاحظات المراقب لكن الملك لا يقول ملاحظاته علينا وإنما يتلقى ما يفعله فلان من فلان (يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ) كأنه لا يراقب وإنما كأنه جهاز تسجيل فلو اعترض المراقَب يقال له هذا تسجيل كلامك يسجل لك ما تفعله فعلاً وهذا الجهاز ليس لديه ملاحظات فعندما يعترض المراقَب ويسمع الجهاز يسكت. لذلك عندما يكون هناك مراقبة لأحد يكون هناك مرحلة أخرى وهي مرحلة تفريغ الشرائط وتحليلها لأن هناك تحليل نفسي وسيكولوجي لأن الداتا المجردة مجرد وجودها ليست نهاية المطاف ولكنها دلالة على أشياء الذي يفهم يحلل هذه حصل ما في الصدور لكن في الدنيا البشر لا يمكن أن يعملوها لأن علمهم قاصر فمهما كان المحلل النفسي شاطر لكنه قد يخطئ وقد يدخل هواه في الأمر لذا قال (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ) البعض قال (إذ) هذه تتعلق بعلم الله وهذه خطأ لأن علم الله مطلق فهو يعلم ماذا سأفعل غداً المتلقي يعرفها غداً لكن المولى يعرفها مت قبل خلقي. إذن (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)) لم يقل قعيدان، التوصيف اللغوي إذ يتلقى عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد لم يقل قعيدان لأن الأولى الفعل يحتاج لفاعل والفاعل الأول إثنان والفاعل الثاني الإثنان يغنيان عن أن أسمي ثانية، لم يقل قعيدان لأنهما لما يتلقوا هما يتلقيان لأن أحدهما يتلقى حسنات والآخر سيئات فالفعل في التلقي يختلف بحسب نوع الفعل إما يكون حسنة أو سيئة فكان يجب أن أثنّي إنما حالة الملكين حالة واحدة فيُفرد (قعيد) حتى نفهم أن هذا قعيد وهذا قعيد فلا نحتاج للتثنية، هذا مثل هذا في القعاد لكن هذا ليس كهذا في التلقي لأن أحدهما سيتلقى حسنات والآخر سيئات لكن حالتهم في مراقبتهم لي واحدة (رَقِيبٌ عَتِيدٌ). المقدم: منطق البشر يسأل سؤالاً ربنا سبحانه وتعالى لا يعوزه شيء فلماذا كلّف ملكين أحدهما يكتب الحسنات والآخر يكتب السيئات؟ ما الحكمة في تخصيص ملك للحسنات وآخر للسيئات؟ د. هداية: نضيف لهذا السؤال لماذا ملك؟ ولماذا ملك هنا وملك هنا؟ ملك هنا وملك هنا ليتفرغ هذا للحسنات وهذا للسيئات فتكون (رَقِيبٌ عَتِيدٌ) صح لأن كلمة عتيد لا تعني جسيم هنا وإنما عتيد من مُعدّ فلما تعدّ أحدهم لحالتين لا تكون درجة تركيزه كما لو أنك تعده لحالة واحدة. لكن السؤال لماذا ملك؟ إرجع لأول خلق آدم (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30) البقرة) إني أعلم ما لا تعلمون وساشهدكم على هذا، سأجعلكم أنتم الذين تسجلون، صحيح هناك سيئات ولكن هناك حسنات أيضاً وهذه التي قالها المولى عز وجل (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) حكمته تعالى لا تناقش ولا يُسأل عنا يفعل لكن الجنس الذي اعترض على آدم وذريته تنصرف إرادة الله تعالى بحكمته أنهم هم الذين يسجلون الحسنات كما يسجلوا السيئات. سؤال الملائكة في الآية 30 من سورة البقرة التفسير الذي يشفي الغليل هو أن نأخذ كل التفاسير التي وردت فقد يكون سؤال الملائكة من باب الإستقراء لأن الملائكة لا تعلم الغيب، الإستقراء يعني إذا كان هناك خبير في مسألة معينة يطلب منه دراسة حالة معينة ويعطينا رأيه بما هو متوقع بالخبرة التي لديه في مجاله ويعطينا المحتمل حدوثه وقد يعطيك سيناريوهات بديلة. هذا ليس عيباً في الملائكة وإنما رتبوا بخبرتهم السابقة في أهل الأرض أنهم يفسدوا، هذا علمهم عن أهل الأرض والمولى تعالى لما قال (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) استقراء الملائكة قد يكون خطأ وقد يكون صواباً لكن علم المولى تعالى فهو صانع العمل بعلمه. كلمة (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ (71) ص) قد تكون هي التي أعطت الملائكة هذه الفكرة وهم مخلوقين من نور، هذا استقراء وقلنا الاستقراء إما أن يكون صواباً وإما يكون خطأ. كان يمكن للمولى تعالى أن يقول للملائكة لا تناقشوا الموضوع ولكن نأخذ من هذه الآية أنه تعالى سمح لهم بالمناقشة لكن حذرهم من أن يساووا علمهم بعلم الله تعالى. هناك أنواع من الملائكة وأختار منهم بعضهم (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ) بدأ باليمين الذي يمثل الحسنات ولذلك الله تعالى يباهي ببعض خلقه الملائكة. بُثّت الحلقة بتاريخ 8/7/2008م |
التوبة والاستغفار 82 تقديم علاء بسيوني سؤال: (تحيد) أول وقع للكلمة أن الذي تريد أن تهرب منه فهل الإنسان بمنتهى غروره وجهله وعلمه القاصر رغم هذا كلنا سنموت ولا أحد سيهرب من الموت فما معنى (ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) ق)؟ هل هو الهروب أو المعنى المقصود أن هذا الذي كنت غافلاً عنه وتتمنى أن لا تمر به؟ د. هداية: هناك آية تؤيد ما ذكرته في مطلق الكلام (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ (8) الجمعة) يبقى السؤال قائماً ما معنى تفرون؟ كيف أفر من الموت؟ الإنسان في الحقيقة أحياناً يعرف الحق ومتأكد كنه لكنه يعمل شيئاً غريباً وهو عدم استطاعته مواجهة الحق وهذا عيب في النفس ومرض فيها لكن عند غالبية البشر بدليل لما تكلم القرآن جمع والجمع في اللغة العربية يكون للأغلبية (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ) الغالبية العظمى على هذه الشاكلة. والمعنى القرآني هذا ينطبق على موسى u عندما جاءه ملك الموت وهو بشر رفض أن يموت وفقأ عين ملك الموت (صكّه) وفي رواية فقأ عينه وقال لا أريد أن أموت وعاد ملك الموت إلى ربه فقال عد إليه فقال إن الله أمرك أن تضع يدك على جسم ثور وسيزيد في عمرك على قدر الشعرات التي يمسّها كفك فقال موسى ثم ماذا؟ قال الموت فقال إذن الآن، هذه القصة من باب تخيير الأنبياء أيّ نبي يُخيّر لكن كل نبي يحتار الموت. الموت قضاء الله تعالى والملك يأخذ الرزق والأجل قبل الميلاد، يأخذ ساعة الموت قبل أن يولد الإنسان ولذلك أول ما يولد الإنسان ينطلق سهم الموت وأعجب من الذين يحتفلون بعيد ميلادهم لأنهم في كل سنة عمرهم ينقص لا يزيد ويقتربون من الموت أكثر هذا مثل العد التنازلي. (فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ) هذه منطقية لأنه شيء كُتب عليك من قبل أن تولَد. يقول تعالى (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) (ما) استعمالاتها إما أن تأتي للنفي أو إسم موصول بمعنى الذي والمعنييان مرادن ذلك الذي كنت تفر منه وذلك الذي لا تستطيع أن تفر منه. كيف يفر الإنسان من قدره؟ بعدم المواجهة وأهل المنطق وكثير منهم ليسوا مسلمين قالوا أن الحقيقة الوحيدة في الكون هو الموت في كل يوم لنا ميْت نشيّعه نحيي بمصرعه آثار موتانا نحن كل يوم نرى جنازة أو نشارك فيها وهذه حقيقة أمامنا وكل منا يفكر فيها لحظياً فقط عند ساعة الدفن. هذه قضية خطيرة ولذلك عندنا كلمتان يبينان أمراً مهماً (بالحق – تحيد) المفروض أن الموت ما دام سيأتي بالحق يجب أن أسلّم ولا أفر وتحيد يعني تحاول الفرار وعدم المواجهة لكن في النهاية الساعة التي قضب بها الله تبارك وتعالى لا يمكن أن تتأخر أو تتقدم دقيقة واحدة. المقدم: هل من الوعي أن الإنسان يربي أولاده على فكر المواجهة؟ هذا سيكون له مردودات تطبيقية إيجابية، البعض مما يتعاطون المخدرات يفعلون هذا من باب عدم مواجهة الحزن فيهربون بدل من حل المشكلة؟ د. هداية: الذي تقوله على المخدرات موجود في حياتنا اليومية العملية بالنسبة لكل مقادير الله تبارك وتعالى وللذلك أسأل أين مناط تحيد (ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ)؟ عندما نتقدم في الآيات هذه السكرة ثم يأتي نفخ الصور ثم البعث وسيأتي وقت يقول لنا (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ (22)) هذه المخدرات التي تشربها والذي يهرب كأنه يعمل لنفسه غطاء بالسلب لا بالإيجاب. فمثلاً إذا كنت على يقين أن هذا اليوم سأموت فيه المفروض أن أصلي جيداً وأعبد الله جيداً وأكثر من الطاعات لكن إذا كنت متأكداً أني سأموت وأعمل المعاصي على أمل أن أتوب ولم أتب أكون قد مت على معصية فهذا الغطاء يجب أن ينكشف ولو كنت واعياً عليك أن تكشف غطاءك وأنت في هذه الدنيا حتى لا تندم ساعة لا ينفع الندم (لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) يعني أنك لما كنت في الدنيا تحيد كان بصرك ضعيفاً لأن كلمة حديد تعني القوة فلماذا استخدم كلمة (حديد)؟ لأن الحديد هو المعدن الوحيد الذي ليس من الأرض وإنما أنزله تعالى من السماء فكأنه يريد أن يقول لك أن بصرك اليوم على غير الذي جئت به لأنك في الآخرة في يوم حساب فسأريك حقيقة بتوصيف أو بتشبيه لم يكن عندك على الأرض فاختار الله تعالى كلمة حديد كناية أو مجاز عن القوة ليبين لنا أننا يوم القيامة سنكون على شاكلة تختلف عن التي نحن منها لأن كل المعادن تأتي من الأرض ونحن نأتي من الأرض لكن لما نكون حديد يوم القيامة سيختلف حتى عن طبيعتك وسترى الحقائق كاملة. لما نناقش الموت والسيدة عائشة رضي الله عنها ناقشت قصة الموت والرسول r قال: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها هل هناك من يحب الموت؟ هي فهمت لقاء الله أنه الموت فالرسول r فلسف الموضوع فقال ساعة يأتي الموت وعلينا أن ننتبه إلى كلمة (جاءت) كأن السكرة عاقل فالرسول r يقول أنه ساعة تحين ساعة الموت يأتيه الموت بالحق فالمؤمن الذي قدم الصالحات يرى مقعده من الجنة مع دخول ملك الموت وهذا ذكرناه في حديث خروج الروح (إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ نزل إليهملائكة من السماء، بيض الوجوه) والآخر (وإن العبد الكافر إذا كانفي انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه) الرسول r يقول أنه في تلك اللحظة المؤمن عندما يأتيه الملائكة بيض الوجوه هؤلاء يأتون له نتيجة عمله فهذا الرجل يقول رب أقم الساعة قالها لأنه لما سئل الأسئلة الأربعة في القبر أجاب عنها كلها (من ربك؟ الله ربي، ما دينك؟ الإسلام ديني، ما رأيك في هذا الرجل (أياً كان هذا الرجل من عهد آدم إلى قيام الساعة)؟ هو رسول الله حقاً، ما عملك؟ قرأت كتاب الله فآمنت به وصدّقت، ينادي الله تبارك وتعالى أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة إذن هذا الرجل عرف نتيجة عمله، الملائكة بيض الوجوه وانتهى به الأمر إلى الجنة ساعة الموت لأن الحديث (إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة؛ نزل إليهملائكة من السماء، بيض الوجوه) (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) في هذه اللحظة المؤمن جاءه ملائكة بيض الوجوه بعمله، هذه نقولها للذين يقولون لم نقرأ قرآن على الميت ولم نعتمر له ولم نحج له ولم نعمل له صدقة جارية! هذا الرجل أخذ النتيجة ساعة الموت والذي يأتيه الملائكة سود الوجوه لن ينفعه شيء لأنه (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) النجم). هذا العبد المؤمن وهذا العبد الكافر هذا ساعة رأى المقعد في الجنة أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه والآخر الكافر ساعة رأى مقعده من النار كره لقاء الله فكره الله لقاءه، المسألة قبل الموت ترتب عليها حب اللقاء أو كره اللقاء والرسول r ساعة الموت قال بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى. المقدم: نقلة في آية اختصرت مرحلة من ساعة موت الإنسان إلى قيام الساعة وقد يكون بينهما قرون لكن الله تعالى اختزل المعاني الهامة ليبين لنا أن الحياة نقاط، مولد، ساعة موت ثم حساب (ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ونفخ في الصور) هل هذا يعطي المعنى أن الإنسان أول ما يموت ينقطع إحساسه بالزمن كالنائم (والنوم نسميه الموتة الصغرى)؟ القرآن يؤيد هذا الكلام (كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ (19) الكهف) د. هداية: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ (259) البقرة) الزمن ينقطع. في البداية خُلق مات نُفخ بُعث. الأزمنة فيها الذي عشته أنت في الدنيا مهما طال الأمد سنتهي "إن غداً لناظره قريب". نلفت النظر إلى استخدام الفعل الماضي في أحداث لم تحدث بعد بل إنها ستحدث فلم يقل مثلاً ستأتي سكرة الموت وسينفخ في الصور استخدام الفعل الماضي ليستشعر القارئ المستمع المنصت أن المسألة التي تكون بأمر الله تبارك وتعالى يجب على الواعي أن يتيقن منها تيقن الذي حدثت له لذلك قال (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) فأنت تقولها للذي مات تُقبل لكن (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ (20) ق) كيف تُفهم؟ فاستخدام الفعل الماضي لما يكون الفاعل هو الله تبارك وتعالى المراد من ذلك أن الذي سيحدث بأمر من الله لو أنت واعي اعتبره حصل فعلاً. المقدم: بعض الناس تقول أن الذي مات هذا قامت قيامته؟ د. هداية: نعم فهناك قيامتان القيامة الصغرى وهي الموت والقيامة الكبرى وهي تجمع الجميع لكن ليس يوم قيامة خاص بكل واحد وإنما يوم قيامة للكل (يوم الدين، الصاخة، الطامة) هذه تتعلق بالكل. قال (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) ولم يقل الموت لأنه لما يأتي الموت على الإنسان يجب أن تحصل هذه السكرة. الذي يسكر لا يمكن أن تأخذ منه شهادة على موضوع هو شهده لأن عقله مغيّب. (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) كيف تكون السكرة بالحق؟ في الحقيقة الموت اعتبره أهل المنطق الحقيقة الوحيدة في الحياة وكلمة حقيقة جاءت من الحق فلو عشت حياتك بالباطل سيأتيك الموت بالحق والدليل على هذا قوله تعالى (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ (100) المؤمنون) كأن السكرة ستأتيه بالحق ستوقظه، (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) كان يمكن أن يقول قال رب ارجعون سأعمل صالحاً فيما تركت، لو ضاعت منك فرصة تطلب فرصة ثانية لتثبت نفسك لكن الحق جعل هذا الإنسان ينطق بالحق (لَعَلِّي أَعْمَلُ) يعني يتمنى فرد المولى تعالى (كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا) لم يقل أنت قائلها لأن الذي على هذه الشاكلة لا يرد المولى عليه مباشرة فقال (هُوَ قَائِلُهَا) و(وَمِن وَرَائِهِم) يعني من أمامهم هذا استخدام اللفظ بمقلوب المعنى (وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) وراء بمعنى أمام لأن الذي يخرج من الدنيا إلى الدار الآخرة لما كان في الدنيا كان البرزخ أمامه لكن لما انتقل من الدنيا إلى الآخرى البرزخ سيكون وراءه فاستخدم رب العالمين لفظ الوقوع للذي سيحصل على الذي لم يحصل بعد لذلك استخدم هنا كلمة وراء بمعنى أمام، هي ستكون أمامه للحظة وعندما ينتقل إلى الدار الآخرة ستكون فعلاً من ورائهم. (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) الموت كم أخذ من الوقت في الدنيا؟ قال (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) فالذي مات من عهد آدم لو سألته ما الفرق بين الموت من عهد آدم إلى يوم القيامة سيقول جاءت سكرة الموت ثم نفخ في الصور لأن الزمن منقطع فالذي مات مليون سنة والذي مات قبل يوم القيامة بثوان كلاهما انقطع عنهما الزمن ولو سألنا الاثنين سيقولان وجاءت سكرة الموت ونفخ في الصور. المقدم: كيف يستقيم هذا مع فهم الناس أن الإنسان في القبر يرى مكانه في الجنة ومكانه في النار والذي في الجنة يقول رب أقم الساعة والذي في النار يقول رب لا تقم الساعة؟ وكيف يعذّب في القبر إذا كان لا يدرك أبعاد الوقت؟ تحول جسده إلى تراب والروح هي التي في عالم البرزخ؟ د. هداية: إجابة الذي ناموا 300 سنة والذي مات مائة عام كانت واحدة (يوماً أو بعض يوم) هذه تمفي لتجيب عن السؤال أن أرى مقعدي من الجنة وأقول رب أقم الساعة هذه تكفي يوماً أو بعض يوم، هذه المدة الزمنية كافية وقلنا أن انتظار النعيم أجمل أنواع النعيم وانتظار العذاب أشد أنواع العذاب والمولى عز وجل ليس بحاجة لعذابنا ويكفي عذاب الآخرة (ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ). المقدم: المفترض أن الكلام يتكلم عن متلقيان واحد للحسنات وآخر للسيئات والمفترض أن يوم القيامة يحمل وعد ووعيد وعد لأهل الجنة ووعيد لأهل النار فالوعد تطلق على الأمر الذي فيه خير والوعيد على الأمر الذي فيه شر فما دلالة أن يذكر كلمة وعيد فقط هنا في الآية؟ د. هداية: قلنا سابقاً أن الضمير يطلق على الغلبية فالتوقيع يكون للغالبية ويوم القيامة أهل الجنة عددهم أمام أهل النار (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ) قال وعيد لأنها للغالبية العظمى ولو عملنا لها حسابات لا تتعدى 10% لذلك الجنة واسعة جداً والنار ضيقة وسنشرح لاحقاً الآيات التي فهمها الناس خطأ (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30) ق). قال (ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) لأنه كم من الناس الذي سمع الكلام؟ ودائماً نوقع من سورة يوسف لينتبهوا إلى حقيقة الناس بالنسبة للرسول فالله تعالى الذي أرسل رسوله بالحق ليظهره على الدين كله هو نفسه الذي يقول (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) يوسف) هذا هو الواقع لذلك هو منطقي. المتكلم هو الله سبحانه وتعالى العليم العلام (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) لما يريد سبحانه وتعالى كأن الأمر حصل فقضاء الله هكذا ولذلك قال (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) يعني الغالبية ليسوا مؤمنين إنذ المسألة وعيد وليست وعداً فأطلقت على الأكثرية ثم يقول تعالى (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ (106) يوسف) حتى هؤلاء المؤمنون القلائل أكثرهم مشركين، قليل من هؤلاء من يوحّد ويسمع الكلام ويشكر فالغالبية من العدد الكبير في النار والغالبية من العدد القليل في النار. وسرة القارعة تشرح هذا الأمر وتقسم الناس إلى ثلاثة أصناف السابقون وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال، السابقون هؤلاء صفوة الصفوة (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14)) وأهل اليمين (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (40)) لو حسبناها لن تتعدى من 5 إلى 10% ولذلك لما نوقع الكلام في سورة ق (وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) ق) وكأنه إذا تُركت هذه النفس لوحدها لن تأتي لأنها ساعة الموت عرفت لذلك لن تأتي. يجب أن ننتبه إلى (وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ) حتى النفس التي في الجنة معها سائق وشهيد، أهل النار يخافون أن يأتوا للمعاصي التي قدموها وأهل الجنة رغم فرحهم أنهم سيدخلون الجنة إلا أنهم يخافون مقام الله تبارك وتعالى مقام الله تعالى كبير حتى وهم يدخلون الجنة ولذلك التوقيع (فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) النازعات) هذا لم يخف مقام ربه ولا يريد أن يأتي والآخر (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)) فهذا خاف مقام ربه فيخاف أن يأتي والآخر لم يخف مقام ربه فيخاف أن يأتي ولذلك قال (وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) ق) سائق يسوقها وهناك فرق بين الدليل أو الإمام الذي يمشي في المقدمة والسائق يسوقها من الخلف للحساب. وشهيد قد يكون الكتاب أو الأ‘ضاء أو القراءة من الكتاب لذلك قال (اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء) حسيب يعني محاسب فلما أنت تحاسب نفسك فأنت المحاسب والشهيد وأنت تقرأ الكتاب وعندما يحصل ما في الصرو يوافق ما في الكتاب ويشرح ما في الكتاب ويحدد كل عمل هم كان في رياء أو في صدق ونزن ويكون أحد سبيلين (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) القارعة) (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) القارعة). المقدم: الخطاب مستمر للشخص الذي موازينه خفيفة من المشركين والمنافقين والكافرين (لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)) غفلة من والمعتاد في اللغة أن يقال غفل فلان عن، غفلت عن كذا فما معنى غفلة من؟ د. هداية: هذه الحقيقة ثبتت في القرآن عدة مرات فأنت كأنك داخلها فكيف غفلت؟ لو قال عن تكون بعيدة عنك لكنه قال (من) كأنك أنت وسط الكلام فأنت غفلت عن الذي أنت تعيش فيه. أنت تدفن الناس بيدك وكل يوم تسمع هذا مات وفلان مات فأنت غافل من داخل الأحداث والقرآن يشرح لك كل شيء ويتكلم عن القيامة والموت وأنت غافل من داخلها لذلك (لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا (22) ق) هذه ستكون حجة ثانية عليك. ما الذي يجعلك تعي؟ (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ) الضمير في كشفنا يعود لله تبارك وتعالى وفي غطاءك يعود على كل واحد منا سواء رجل أو امرأة لابن آدم هو الذي عمل الغطاء. ما هذا الغطاء؟ هذا الغطاء أنت الذي عملته من الأهواء والبدع لذلك قال (غِطَاءكَ) فأصحاب البدع والطرق والمذاهب يناقشون ويدافعون عن مذاهبهم وصفهم القرآن (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) الروم) هذه مصيبة هم لا يعلمون أن صناعة مذهب معين فوق مذهب الرسول rأو ما جاء به الرسول r يعتبر في قراءة علي بن أبي طالب وكثير من القُرّاء (من الذي فارقوا دينهم) كأنك عندما تعمل مهنجاً أو تتبع هوى أنت لا تفرق الدين وإنما تفارق الدين وهذه قراءة موجودة. المقدم: الناس تفهم المذاهب الأربعة كأنه عندنا أربع أديان أو أربع رسالات؟ د. هداية: هذه المذاهب الفقهية عندما يقول أحدهم أنا مالكي المذهب هذا لا يصح فلا مذهب بعد رسول الله لكن هذه المذاهب الفقهية لدراسة السنة من الناحية الفقيهة ما ذهب إليه فلان وفلان في فهمه لآية أو حديث أو لما قاله الرسول r تغقيباً على آي أو في شرحه لهذه الآية فمالك له فهم وأبو حنيفة له فهم والشافعي له فهم وأحمد بن حنبل له فهم فلا ينفع أن أقول أنا مالكي المذهب وأترك كل ما بقي من المذاهب وإنما المفروض أن أدرس الكل وآخذ من كل منهج ما يناسب النص من حسب فهمي طاعة وإخلاصاً لله تبارك وتعالى لا تسهيلاً بأن أختار السهل بالنسبة لي. فكرة التمذهب على مذهب فقهي واحد غير دقيقة وإنم المفروض أن أدرس الكل وآخذ من كل مذهب ما يناسب ولذلك مالك نفسه قال الكل يؤخذ مه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر. بالقطع وباليقين أن كل واحد من هؤلاء الفقهاء عنده خطأ وإلا كان نبياً وهؤلاء هم بشر. الإجتهاد موجود في كل عصر بشرط أن يكون المجتهد أهل للإجتهاد من ناحية ومن ناحية أخرى أن لا يخالف قاعدة أصولية أو يخالف أصل من أصول الدين والاجتهاد يكون في المسائل التي ليس فيها نص قطعي الثبوت والدلالة أو متفق عليها من العلماء. المقدم: بدل أن نترك الاجتهادات الفردية أو عبر الفضائيات لماذا لا يكون هناك لجنة مشكلة من علماء الأمة متخصصون ويدرسوا كل المذهاب مع القضايا المستحدثة في هذا العصر ويستخرجوا فهماً واضحاً لسنة الرسول rوهذا أفضل بكثير يكون هناك طريقتان الأولى إجماع الآراء والثانية الرأي الراجح بدل أن نضيع الناس بالآراء المختلفة. د. هداية: هذه تحتاج إلى إخلاص النية لله وعدم مراعاة أحد وهذه أفضل لأمة محمد r وهذه الأمة التي عندما ذكرت في القرآن لم يرد فيها أبداً حالات إفراد (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ (110) آل عمران) لم يقل يأمر الواحد منكم بالمعروف وإنما العمل جماعي. الأعمى الذي جاء يستأذن الرسول بالصلاة في بيته أجازه r أولاً ثم فقال له الرسول r أتسمع الأذان من بيتك؟ قال نعم قال لبّي يعني يريده أن يكون مع الجماعة ولهذا أجمل صلاة صلاة الجماعة أنت لما تصلي وحدك وتسرح قد لا تأخذ أجراً لكن لما تصلي مع جماعة وتسرح الإمام ضامن هذه قاعدة. الرسول r قال في الصلاة المنفردة الشيطان ذئب الإنسان والذئب لا يأكل من الغنم إلا الشاردة هذا المثال مجازي بتشبيه وتمثيل يعني لا تصلي وحدك حتى لا تكون فريسة شهلة للشيطان لكن لما تصلي مع الجماعة وتسرح الإمام ضامن، المنفردة بدرجة وصلاة الجماعة بسبع وعشرين والجماعة ليست مطلوبة فقط في الصلاة وإنما في الصلاة والزكاة وفي التلقي والفهم والرأي وعدم التفرد بدليل قوله تعالى (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) الروم) لا تكونوا يعني ابقوا جماعات في كل عصر. والرسول r حذرنا: ستتفرق أمتي على بضع وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. هذه الفرقة الناجية هم جماعة واحدة يتشاورون مع بعض ويتناقشون مع بعض ويأخذون قراراً واحداً وينفذوا قرار الجماعة لكن إذا تركنا المسألة لكل واحد على حدى يصبح كل واحد منهم شيخ طريقة ولك شيخ من هؤلاء يرثه ابنه في الطريقة ويسميها بإسمه تبعاً لإسم أبيه مثلاً إذا قلت الطريقة الإبراهيمية والشيخ ابراهيم مات يأتي ابنه إسمه أحمد فيسميها الطريقة الأحمدية الإبراهيمية وهكذا وصدق الله (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) الكهف) لو ناقش أحد هؤلاء يقول نحن نشرح للناس. المقدم: قابلت رجلاً يتكلم عن شيخه ويقول هو رجل مقامه عالي جداً ويصل إلى مرحلة صفاء كأن يطير عن الأرض وذهب مرة للحج ومعه أحد تلاميذه فقال له قل لي نكتة حتى أبقى على الأرض لأنني بعد أن طفت مرتين حول الكعبة أكاد أطير من كثرة الشفافية فأريد أمراً دنيوياً ينزلني الأرض ثانية فقلت للرجل هل أنت كمسلم تصدق أن يكون أحدنا عند المسجد الحرام ويقول هذا الكلام؟ والبعض يجادل ويقول نحن نذكر الله ونردد إسماً من أسماء الله الحسنى كذا ألف مرة ونعلو ونطير وما إلى ذلك من هذا الكلام فقلت له سأسألك سؤالاً منطقياً أليس الرسول r أقرب مخلوقات الله لله؟ هل سمعت عنه أنه طار من بين الصحابة أو ذكر الصحابة أمامه إسم الله كذا مرة حتى يطيروا؟ وقال له أحد الأطباء في المجلس عندنا في الطب الإنسان لو قال كلمة واحدة أو فكر في معنى واحد عدد معين من المرات يصل لحالة غياب العقل نسميها الذِهان لأن تكرار نفس النبضة الكهربائية في المخ أكثر من مرة يغفل ويصاب بحالة تائهة وهذه حالة من حالات الخلل العقلي. د. هداية: للأسف الناس تصدق هذا الكلام وليس عبثاً أن يقول تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)). أقول لهؤلاء هل تعملون هذا الكلام بناء على آية في كتاب الله أو حديث أو سنة عن رسول الله r أو عن أحد من الصحابة؟ هذه بدعة وكان من باب أولى أن يعمل أبو بكر الصديق الطريقة الأبو بكرية ولكنه قال ساعة الخلافة أنا متّبع ولست بمبتدع يعني أنا سأعمل كما فعل الرسول وإذا رأيتموني أخالفه ردوني أو ناقشوني لأن أبا بكر رجل يخاف الله تعالى فالمسألة أن الآيات في سورة ق تعيشنا في أحداث يجب أن نتدرب عليها وسنشرح في الحلقة القادمة كيف نتدرب عليها. المقدم: نحن نتأسى بالرسول r ونبلّغ اللهم فاشهد. بُثّت الحلقة بتاريخ 15/7/2008م |
التوبة والاستغفار 83 تقديم علاء بسيوني د. هداية: الموضوع شائك وما يجعله شائكاً الخنوع الذي أصبح سائداً عند كثير من الناس ورضاهم بهذا الكلام الذي فُرِّغ من مضمونه ومن حقيقته وعدم قراءة القرآن بالوعي الكافي وليس من سبيل التكرار أن نذكر بقوله تعالى الذي أمرنا ونحن نقرأ القرآن (أفلا يتدبرون القرآن) هذا يعني أن هذا القرآن يحتاج إلى تدبر وكلمة تدبر يعني يحتاج إلى وعي ولا ينفع أن نقرأه بالسرعة التي يُقرأ بها الآن ولا ينفع أن يقال أنا أقرأ الجزء في ربع ساعة، أنا لا أنتقد أجداً ولكني أتكلم بمنطق فإذا قرئ الجزء في ربع ساعة أخبرني كيف ستكون هذه القرآءة؟ المقدم: المشكلة في نيّة القارئ، هل هو يقرأ بنية التدبر أو أداء واجب أو يريد إنهاء الجزء وكثير من الناس تستدل بالحديث "لا أقول ألم حرف وإنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف" هل هذا منتهى المراد من قراءة القرآن أن يجمع حسنات من قراءته؟ د. هداية: نعود إلى توصيف القرآن بالقرآن (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ (28) التكوير) لم يقل لمن شاء منكم أن يجمع حسنات وثواب، إذن المنهج والتطبيق أن تقرأ القرآن في الدنيا لتكون على الصراط المستقيم في الآخرة. ننتقل إلى السؤال الرابع في القبر الذي لن يُسأل إلا بعد الإجابة عن الأسئلة الثلاثة قبله (من ربك؟ ما دينك؟ ما قولك في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟)السؤال الرابع (ما عملك؟) الإجابة عليه: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدّقت، يعني عملت فإن كنت تقرأ القرآت لتجمع حسنات أو تجمع ثواب أو ليقال أنك قارئ أو أي من الأمور المخالفة فلا طائل مما تقرأ لأن هذا الكلام مجلاد عن الحقيقة التي نزل لأجلها القرآن. نقف عند حقيقة الحياة أولاً: لماذا خلق الله الإنسان؟ الإجابة من القرآن (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) يقولون العمل عبادة هذا أمر لا يعنينا، إذا أردنا أن نفهم لماذا خلقنا الله تعالى علينا أن نقرأ القرآن (إلا ليعبدون) نحن وجدنا في هذا الكون لعبادة هذا الإله الخالق. بدأت الدنيا بآدم وحواء ثم المغصية بداية، هذا الإنسان المخلقو للعبادة أول ما عمل أنه عصى مع أول تكليف ولما عصى لم يعرف أن يتوب وإنما وقف بمعصيته لا يدري ماذا يفعل إلى أن رحمه الله تعالى – بما قضاه أزلاً – لأننا لو قرأنا بوعي من الآية 30 في سورة البقرة وهذا أول إخبار عن آدم وذرية آدم (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) لما وقف آدم كممثل للبشرية كلها وليس خليفة لله كما يقال. المصيبة أن يعتقد البعض أن آدم عليه السلام خليفة عن الله في الأرض وهذا كلام خطير في الاعتقاد وأسأل الله تعالى الهداية لمن يقول هذا الأمر لأننا قلنا إذا ذكر إسم الجلالة الله يجب أن يكون في ذهني أنه تعالى (ليس كمثله شيء). البشر عندما يتزوجون وينجب طفلاً نقول أنهم يخلّفون لكن كيف يكون لله تعالى خليفة؟! هذا غير منطقي. أول تكليف لآدم كممثل للجنس البشري وقع فيه، نفهم من هذا أن أول تكليف سقطنا فيه هذا السقوط الذريع. نفهم منها أن هذا قضاء الله أولاً أن يخرج آدم وحواء من الجنة ويكونا في الأرض حيث المشقة والتعب وهذا قضاء الله تعالى ونفهم من هذا أن الإنسان جُبِل على المعصية ولا أريد أن يفهم الناس هذا الكلام خطأ فيقولون كيف يكون الإنسان مجبولاً على المعصية ثم يحاسبه الله تعالى؟!. الإنسان لما خلقه الله تعالى على هذه الشاكلة شرع له التوبة إذن الإبتلاء ليس في أن تخطئ وإنما الإبتلاء في أن تتوب أو لا تتوب. يتفضل علينا المولى عز وجل ويكرمنا ويرحمنا بأن يشرع التوبة والبديع أن باب التوبة هذا لا يُقفل "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنار ليتوب مسيء الليل" والأحاديث كثيرة جداً مع الآيات في هذا المعنى. إذن القضية الحقيقية ليس في أن يخطئ الإنسان لكن إذا أخطأ هل يتوب أم لا؟ إن تاب فهو في الجنة وإن لم يتب فهو في النار، نسمع التكليف: أولاً لم يتب آدم u من تلقاء ذاته، هو أخطأ لكنه لم يعرف أن يتوب فعلمه الله تعالى التوبة (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) البقرة) الفاء في (فتاب عليه) تدل على سرعة القبول وتوقيعها في القرآن (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ (17) النساء) والحديث يقول: " إن لم تذنبوا (يعني إذا لم تخطئوا كأنكم ملائكة وليس بشر سيستبدلكم الله بأقوام يخطئون فيتوبون حتى لا تقف صفة التواب ونحن مجبولون على هذا، المشكلة ليس في أن نخطئ وإنما هل نتوب أو لا؟ إذا تبنا فنحن في الجنة وإذا لم نتب فهناك احتمالين: هل أنت مصر على المعصية أو أنك تأخذ الموضوع بدون وعي وبغباء؟ هذا مصيره إلى الله تعالى لكن أقول أن الذي أصر على المعصية ولم يتب عنها هذا في النار ولن يخرج منها وهذا وضاح في القرآن منذ اللحظة الأولى (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) البقرة) ما هو الهدى. الرسل وكل نبي جاء بكتاب وإفعل ولا تفعل، إحذر، هذا كلام الأنبياء والمرسلين. فهل ينفع أن يبعث الله تعالى الإله الحق رسولاً يقول للناس خذوا وقتكم أنتم داخلون داخلون كما هو المفهوم السائد؟ هذا غير منطقي ولكن المنطقي أن يقول لك الرسول إفعل كذا ولا تفعل كذا وإن فعلت كذا فأنت في الجنة وهذه الناحية ليس فيها تشدد الإنسان مجبول على المعصية يخطئ لكن عليه إن عصى أن يتوب. المقدم: هل هذا تصريح لبني البشر بأن يخطئوا؟ كثير من الناس يعصون وعندما تكلمهم يقولون أنتم قلتم أخطئوا فأنتم مجبولون على المعصية وأن آدم عليه السلام أخطأ ولم يعرف أن يتوب وإنما علمه الله تعالى إذن يمكننا أن نخطئ حتى نتوب؟ د. هداية: كلا، آدم لما تاب هل عاد إلى المعصية من جديد؟ إنذ هو المثال، هو أخطأ أول مرة لأن هذا الخطأ كأنه رسالة توضيحية للبشر أنه لم يكن هناك منهج لو كنت تعيش من غير منهج إذا أخطأت لا يمكن أن أعاقبك وهذا يجيب على السؤال الذي يطرح كثيراً عن الناس الذين لم تصلهم رسالة أين يكون مصيرهم؟ هؤلاء في الجنة. نفهم من قصة آدم عليه السلام عندما قال له تعالى كُل من هذه الشجرة ولا تأكل من هذه نفهم أنه لم يكن هنالك تكليفات بمنهج بعد ثم لما تاب الله تعالى عليه قال (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) البقرة) يعني الذي سيسمع الكلام فهو في الجنة والذي لا يسمع فأمره إلى الله تعالى. نحن نضع الأسس في هذا الموضوع إلى أن نصل إلى رسالة محمد r. المقدم: مسألة دخول الجنة أو النار تسبب مشكلة بين الناس من الذي سيدخل الجنة ومن سيدخل النار؟ نحن نوضح المسألة ولا نتدخل في المشيئة الإلهية ولا في معرفة الغيب إلا الرسول r عندما أُبلغ ببشارة بعض الناس أخبرهم لكن بعد ذلك لا يعرف أحد منا شيء ونحن دورنا اليوم أن نوضح المنهج للناس وأسس الحساب وفي النهاية أمرنا كله إلى الله ونحذر الناس من هذه المسائل وما هو الصحيح فيها. د. هداية: نحن سنثبت أن منهج القرآن والسنة الصحيحة هو الذي فيه كل التيسير لسبب: تخيل منهجاً يقول لك هذه هي الحياة حاول أن تكون من المتقين فإذا كنت منهم فأنت في الجنة وإذا كنت من عباد الرحمن أو من المتقين وأخطأت التوبة تعيدك إلى صفوف المتقين ولو مت على هذا فأنت في الجنة دون سابقة عذاب والمقابل أن الذي يصر على معصية سيكون في النار، فلماذا تريد أن تدخل النار؟ كن من المتقين أو عباد الرحمن أو المحسنين أو المؤمنين أو المسلمين وإذا أخطأت تُب إلى الله تعالى، فأيها أفضل؟ المصيبة في العبد الذي يريد أن يبقى على المعصية ولا يريد أن يرجع عنها لأن الشهوة والهوى يغلبه وهذا توصيفه إما مشرك أو فاسق والقرآن الكريم قضى على أصحاب الشرك والفسق بالنار الأبدية. البعض يقول أنا فاسق فقط ولست كافراً أو منافقاً هذا لم يقرأ القرآن أو سمع من يتكلم ويقول هذا فاسق فقط، العبض قالوا في تارك الصلاة أنه إذا تركها كسلاً أو يصلي ويقطع فهو فاسق وإذا تركها جحوداً بها فهو كافر، البعض لا يفهم معنى الفاسق ولا يعلم أن الفاسق مع الكافر والعاصي كلمة خطيرة لا يفهم معناه كثيرون والله تعالى قال في كتابه (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ (7) الحجرات) الكفر مع الفسوق مع العصيان. وفي سورة السجدة شرح لنا أين يكون الفاسق؟ البعض يتوقع أن الكافر فقط هو الذي في النار أما الفاسق فهذا مشرك فقط، عيسى u قال (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) المائدة) كلمة حرّم عليه الجنة يعني أنه لن يدخلها. توصيف الناس لبعض الأمور مثل كلمة مستقراً ومقاماً ويفرقون بينهما ولكن الآيات في سورة الفرقان تصحح هذا التوصيف لأنه تعالى وصف النار (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66)) البعض يقول المستقر لا تعني الإقامة الدائمة ولكن إذا أكملنا الآيات في وصف الجنة (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)) توصيف الجنة أنها مستقر ومقام والنار توصيفها أنها مستقر ومقام فالذي يقولون أن الذين في الجنة سيمكثون فيها بعض الوقت ثك يخرجون نقول له لماذا لا يطبق هذا الكلام على من الجنة فهل هؤلاء سيمكثون فيها ثم يخرجون إلى النار أيضاً؟ هؤلاء يتكلمون من غير أن قرأوا القرآن كله. بدأنا بآدم وُضِع له المنهج ثم مشت المسألة عبر العصور ولما يصف القرآن (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19) الأعلى) معنى هذا أن مناهج الله تعالى وإن تعددت جوهرها واحد وأصلها واحد وسنثبت في هذه الحلقة الحلقة القادمة أن كلام القرآن لا يختلف عن كلام موسى أو كلام عيس بدليل أن كلام عيسى (اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ) هذا قوله لبني إسرائيل والله تعالى يوم القيامة يكيل بمكيال واحد (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) القارعة) (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) القارعة)، (فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات) قسم الناس إلى فريقين. جاءتني مكالمة من أحد أصدقائي يقول لي أحتاج مساعدتك معي شخص مثقف قارئ جيد يقول أنه لم يرد في القرآن الكريم عقوبة تارك الصلاة فقلت له ضعه على الهاتف أتحدث معه فسألته هل قرأت القرآن كله؟ قال نعم أنا أقرأ جيداً جداً وليس فيه عقوبة تارك الصلاة فقلت له ماذا تقول إذن في قوله تعالى (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) المدثر)؟ فترك هذا الرجل سماعة الهاتف فأخبرت صديقي الذي اتصل أن يطلب من هذا الرجل أن يصلي لله تعالى ركعتين ويستغفر الله تعالى لأنه دخل في قوله تعالى (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ). المشكلة أن البعض يتكلم مع الناس وإذا كان معروف بينهم أنه قارئ ومثقف ويخبرهم بمثل هذا الكلام يصدقوه للأسف! هذه مصيبة. المقدم: مسألة القراءة والتدبر مسألة تحتاج إلى حسم وفليس كل من يقرأ كتاب الله أو مثقف ويقرأ الكتب يمكنه أن يفتي بغير علم؟ د. هداية: طبعاً لا ينفع وإلا يدخلون في قوله تعالى (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ). هل يتصور هذا الرجل أن المولى تعالى لا يضع عقوبة على الركن الأهم بعد الشهادة؟! لأنه لم يقرأ بيقين. وهناك أحاديث تؤكد هذا الكلام ومنها قوله r: "الفرق بين الرجل والكفر ترك الصلاة". هل يستوي من سمع الأذان وقام للصلاة فوراً ومن سمع الأذان ولم يتحرك؟ بالطبع لا يستوون، هذا ينطبق عليه الحديث ويوم الجمعة نرى كثيراً من الناس يمشون في الشارع ويشترون من المحلات والخطبة في المساجد قائمة والمصلين في المساجد وعندما تسألهم يقولون لك نحن لا نصلي؟ هل هؤلاء يدخلون الجنة؟! الحديث خطير جداً "الفرق بين الرجل والكفر ترك الصلاة" والآية تقول أن المؤمنين يسألون المجرمين ما سلككم في سقر؟ قالوا لم نك من المصلين، تارك الصلاة له نار خاصة بتسمية خاصة إسمها سقر تختلف عن كل النار، المولة سمى النار المخصوصة بتارك الصلاة. (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)) لو صدقوا يوم الدين لكان عمل له وضربنا مثالاً رجلين أحدهما قال لك أن أصدق كلامك مائة في المائة ولم يعمل به وآخر لم يصدقك هذان الإثنان يتساويان لكن الفرق أن أحدهما ابتسم في وجهك والآخر لم يفعل لكن النتيجة أن كلاهما متساويان فما فائدة التصديق إن لم يعمل بما صدّقه؟! لذلك الرسول r قال لأهله" إعملوا فما أغني عنكم من الله شيئاً" لم يقل لهم قولوا، وإنما قال اعملوا. نعود لبداية المسألة عندما جمع الرسول r أهله وقال لهم الحديث الشهير: " إن الرائد لا يكذب أهله" الرائد هو الكبير في قوم أو في جماعة لا يكذب قومه، الرائد هو الإمام الدليل. والرسول r قال الرائد لأن توصيف القوم له قبل البعثة أنه الصادق الأمين، محمد الصادق، محمد الأمين، قال لهم: إن الرائد لا يكذب أهله والله لو كذبت الناس كلهم ما كذبتكم ولو غششت الناس كلهم ما غششتكم (يعطي rخصوصية لعشيرته من ملمح الآية (وأنذر عشيرتك الأقربين) يعني أهله يكونوا سنداً له حتى يدعو غيرهم) " والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون" الموت سيكون كالنوم والبعث كأنه الاستيقاظ وستسأل وتحاسب " وإنها إما جنة أبداً وإما نار أبداً". ما هي الشفاعة؟ أنه r سيشفع في ناس يخرجهم من النار؟. المقدم: هل يكون معنى قول الرسول r عن إخراج أهل النار من النار هو إخراجهم من قفص الإتهام قبل أن يدخلوا في النار في مسألة العفو أنهم من أمة لا إله إلا الله أشفع لهم حتى لا يدخلوا النار لكن لو دخلوا لن يخرجوا؟ ربنا تعالى ذكر قاعدة في القرآن أنه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء؟ معنى يغفر لمن يشاء يعني هذا الشخص أخطأ، في القانون الوضعي هناك ما يسمى بالعفو الرئاسي أن يعفو الرئيس عن مذنب فهل يمكن أن يغفر الله تعالى لإنسان ما؟ فهل يمكن أن يكون هذا معنى كلام الرسول r؟ د. هداية: الجهة منفكة في السؤال فالرئيس الذي يصدر العفو تفاجأ بمعسية الشخص أما الله سبحانه وتعالى فلا يتفاجأ من معصية العبد، الرئيس لم يحدد جنة أو نار، هذا يعمل من دماغه لكن الله تعالى له منهج منذ اللحظة الأولى في الدنيا (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38) البقرة). كلمة غفر تعني أن الله تعالى غفر لكن بعد أن استغفر العبد (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) نوح)، قلنا في سورة الفرقان أنه تعالى ذكر ثلاث كبائر من يعملها يخلد في النار إلا (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا (70)) لم يقل إلا من عفا الله عنه، يجب على المذنب أن يتوب حتى تقبل التوة، صحيح أننا ذكرنا أن هناك توبة هداية (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ (118) التوبة) هذا فضل من الله تعالى فالذي يتوب الله تعال ألهمه للتوبة والذي لم يتب فهذا مصر على المعصية. المقدم: حتى التوبة التي قرأناها عن آدم قال تعالى (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ) آدمُ بالضم ولم يقل آدمَ؟ د. هداية: أي أن الله تعالى أعطى آدم التوبة فآدم هنا مفعول به لكن آدم الفاعل لأن التلقي الذي جاء هو الذي عمله هو الذي كان محتاجاً إليه وهذا فرق بين اللغة وبين التوصيف. المقدم: هل يمكن أن نقول كما يقول بعض الناس هاأنتم تقولون أن الله تعالى هو الذي هدى الناس إذن الناس التي تخطئ ربنا تعالى لم يهديها فكيف نرد على هذه النقطة؟ د. هداية: الله تعالى أعطانا المنهج يوضح فيه إفعل ولا تفعل وأرسل لنا الرسل ولم يجبرنا على الطاعة وكذلك لم يجبرنا على المعصية وإنما قال تعالى (فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ (29) الكهف) لا تقس على مشيئته السابقة وعلى علمه بأن فلان سيكفر، هذا موضوع آخر بدليل لو واحد من الكافرين أسلم يكون قد ضيّع باقي الكافرين وقد حصل. نعود لمسألة الشفاعة نقول قرآناً وحديث، القرآن المولى عز وجل يسأل الرسول r(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) الفرقان) حاشا لله لا يمكن أن يقول الرسول r نعم أكون عليه وكيلاً وسأخرجه من النار؟!، لا يمكن للرسول أن يقول لا أرضى وأحد من أمته في النار! هذا كلام فارغ! وغير مقبول. الرسول r على رأس أمة (وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة) ونحن سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا، غفرانك على أننا لما نسمع ونطيع قد نخطئ. الرسول r لا يمكن أن يرد على القرآن، القرآن يقول (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) الفرقان) هل أنت يا محمد ترضى أن تكون عليه وكيلاً؟ وفي الحديث الصحيح أن الرسول r يسبقنا إلى الحوض فيرى جماعة من أمته وعندما يحاول أن يناولهم يؤخذون عنه فيقول يا رب أصيحابي فيقول المولى تعالى إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك! الرسول يريد أن يشفع لكن قيل له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك وهذا الحديث في البخاري وأحمد ومسلم وكلها روايات صحيحة. ندخل على سورة السجدة (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22)) المقدم: في الآية يقول تعالى (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)) أين يرجعون؟ ألم يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار؟ د. هداية: هذا العذاب الأدنى في الدنيا وليس في الآخرة. أثناء حياتهم أعطاهم الله تعالى فرصة في الدنيا وأحياناً المشرك أو العاصي أو الكافر أو المنافق أو الفاسق يحصل لهم بعض العذاب في الدنيا هذا اسمه العذاب الأدنى (ولنذيقنهم) يعني أذاقهم العذاب الأدنى قبل العذاب الأكبر. (لعلّ) في كلامنا يفيد التمني أما في كلام المولى سبحانه وتعالى فتفيد الغاية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (1839 البقرة) لعلكم لا تعني أتمنى ولكن يعني غايتي من الصيام أن تخرجوا منه إلى التقوى. (لعلهم يرجعون) يعني غايتي من ذلك أن يرجعوا فيقول تعالى (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) أي في الدنيا (دون العذاب الأكبر) أي في الآخرة (لعلهم يرجعون) توقيع هذه الآية (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) الروم) ظهر الفساد من غلاء واحتكار وغيره لعلهم يرجعون أنه لما يظهر الفساد في الأرض ينتبه الغافل ويقول أنا قدمت شيء خطأ في الأرض إذن عندما يحصل تغيرات في الدنيا (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا (124) طه) لو هو لم يكن في الضنك لا يُكمل بل يستفيق ويرجع لأن الضنك أفاقه، العذاب الأدنى أفاقه. (لعلهم يرجعون) نوقعها (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) ليس من عند المولى عز وجل إنما أنتم الذين فعلتم هذا ومن فضل الله تعالى أنه قال (لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) ولم يقل كل الذي عملوا لأن هناك غلية وهي (لعلهم يرجعون). الآية تقول أنهم دخلوا النار ولن يخرجوا منها لأن الله تعالى أعطاهم فرصاً، هذا الذي حصل في الدنيا لذلك إذا دخلوا النار لا تحزن عليهم لأن الله تعالى أعطاهم فرصاً في الدنيا. المقدم: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ (18) السجدة) د. هداية: هذا سؤال من أسئلة القرآن التي يجب وأنت تقرأه تجيب عنه، المولى يسألنا أفمن كان مؤمناً يا ناس كمن كان فاسقاً؟ الإجابة لا يستوون ولا يمكن أن يستوي يوم القيامة كافر فاسق عاصي مشرك منافق بمؤمن. المؤمن هنا مقابل الفاسق ولو كنا نقرأ القرآن بتدبر في مطلع البقرة قال تعالى (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)) قال المتقين لأن المتقي يتقي كل شيء يؤدي به إلى النار فبالطبع هو مؤمن، من عظمة العرض القرآني قال تعالى (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) ولم يقل هدى للمؤمنين وقال هدى للمتقين كأن التقوى ستأتي بك إلى الإيمان ثم ترقيك في التقوى إلى الإحسان وإلى عباد الرحمن يعني التقوى هي التي ستصعد بك وترقى بك فهي غاية ووسيلة للترقي، هي غاية على أنها مرحلة من مراحل الإيمان (الإسلام، الإيمان، الإحسان، التقوى) غير الوسيلة لتي بدأ بها الكتاب (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) إذن المسألة تحتاج لوعي، لماذا قال المتقين هنا بينما في سورة السجدة قال (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا) جاء بلفظ من درجات العبودية العالية يقابل الفسق لأن الفاسق تمثيل للكافر والمنافق والمشرك والعاصي. المقدم: نختم بسؤال نجيب عنه في الحلقة المقبلة، يقول تعالى (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة) هم سيحاولون الخروج وسيقال لهم لا لستم بخارجين؟ د. هداية: (كلما أرادوا أن يخرجوا) لا تفسير لها عندي إلا المفهوم الذي ساد عندهم من اللخبطة التي سمعوها. بُثّت الحلقة بتاريخ 22/7/2008م |
التوبة والاستغفار 84 تقديم علاء بسيوني د. هداية: الفسق جاء من خروج التمرة أو الرطبة عن قشرتها عندما تنضج جيداً من هنا جاء الفسق يعني الفسق هو الخروج عن المعتاد، عن الإيمان. السؤال في الآية (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ) هذه من الأسئلة الي أجاب عنها القرآن أنهم لا يستوون، الله تعالى يسأل عن مؤمن مقابل فاسق يعني مفرد مقابل مفرد لكنه لم يقل لا يستويان وإنما قال لا يستوون لأن هذا الصنف فيه عدد وهذا الصنف فيه عدد فهو لا يتكلم عن حالة شخص وإنما يتكلم عن حالة فريق. لا يستوون تدفعنا إلى أن نفهم أن المؤمن مقابل الفاسق والمفهوم السائد عند الناس أن المؤمن مقابل الكافر لأن عكس الإيمان الكفر لكن القرآن يلفت الأنظار إلى ما يعلمنا القرآن إياه. الناس في القرآن مقسومة إلى فريقين فريق يسمع الكلام وفريق لا يسمع فريق مؤمن وفريق غير مؤمن فمرة يقول القرآن (فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) النازعات) مقابلها (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)) ومرة يقول (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) الانفطار) ومقابلها (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)) الأبرار هنا المؤمنين والمسلمين وكل الدرجات فوصفهم جميعاً (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) وفي مقابلهم الفجار، الناس مقسومة دائماً إلى فريقين في فريق الأبرار قال (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) واكتفى بهذا القدر ولم يشرح النعيم وحالتهم فيه لكن في الفريق الآخر وصفهم إلى الآخر (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16)) الفجار لم يعرّفهم القرآن لأن كل من يتطاول ويفجر هو منهم. عندما صدرت الفتوى أن التدخين حرام هناك من أطفأ السيجارة مباشرة طاعة لله تعالى وخوفاً من عقابه هذا من الأبرار والذي استمر في التدخين ليس شرطاً يكون فاجراً وإنما قد يكون مكابر أو مريض لأن التدخين هو نوع من الإدمان وأنا أحترم المدخن الذي يقول أنا أعلم أن التدخين مضر لكن أرجو أن تدعو لي لكن هناك من يقول لا ليس حراماً وليس مضراً هذا فاجر. أقل ما يقال في التدخين أنه مضر بالصحة كما قال النجاشي قال لهم دعوا مسألة الدين ماذا يقول لكم هذا الرجل؟ فقال له إن هذا الرجل لا يأمركم بمنكر ولا ينهاكم عن معروف إن لم يكن هذا ديناً فإنه في خلق الناس حسناً. لما يضع الأبرار مقابل الفجار، الطاغي والخائف مقام ربه، المؤمن والفاسق هذه توصيفات خارجة عن إلف فهمنها للإيمان لأننا نعرف أن الإيمان مقابله الكفر لكن هذا نوع توصيفي أو تحليلي؟ هل هذه صفة أو أنت تحلل فريقاً بدليل أنه قال لا يستوون ولم يقل لا يستويان. أحلى توصيف أو تعريف للفسق أن لا تعرِّف الإيمان أمامه وإنما عرّف المؤمن (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15)) لم يعرف الإيمان وإنما عرّف المؤمن. تكلم عن أهل النار ثم قال (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) (الذين) ثم ذكر توصيفهم وهنا درجة الإيمان المتكامل وهذا هو الإيمان المطبِّق، تكلم عن الإيمان ليس كتوصيف وإنما كتوقيع لكل درجات الإيمان إذن الآية فيها كل درجات الإيمان. (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)) هنا توصيفات وهي الملامح الأساسية وتلخيص للصفات والخطوط العريضة لصفات المؤمنين. عباد الرحمن من ضمن أوصافهم أنهم دائبون على قول (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) الفرقان) وهنا طمأنهم الله تعالى (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)) لطمأنهم المولى عز وجل أن الذي طلبوه في سورة الفرقان استجاب لهم فيه. الذي يلح في الدعاء هذا فيستيجيب المولى تعالى وعندما دعا عباد الرحمن والمولى تعالى قال (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (186) البقرة) إذا دعاني أي وحدي، قال أجيب جعوة الداعي لكنه قال (إذا دعان) يعني دعاني وحدي فلا ينفع أن ندعو ببركة فلان أو بواسطة فلان وكلام سيدنا عيسى u يجب أن نضعه أمام أعيننا (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ (72) المائدة) لذلك يجب أن ندعو الله تعالى مباشرة ولهذا ننبه إلى من يقول بالحديث الموضوع أن يصلي 12 ركعة إذا احتاج حاجة لكن المولى تعالى قال (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) لم يقل إذا سألك عبادي عني فليصلي 12 ركعة و(قريب) يعني أن الإنسان في مكانه لا ينبغي أن يذهب لمكان آخر ليدعو وإنما يدعو من مكانه الله تعالى قريب ووقعها في سورة ق (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)). المقدم: موضوع الزواج والتطبيق والسلوكيات السيئة التي تمارسها الناس في الزواج جعله يكسب سمعة سيئة مع أنه سُنة إلهية لكن الممارسات الخطأ جعلت الناس ترى الزواج بشكل خاطئ ولم يعد الزواج سكينة هذا أرض الواقع هذه العصر وقلنا أن عباد الرحمن يقولون (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) الفرقان) د. هداية: نحن شرحنا معنى الآية وقلنا أن الزوجة الصلحة عطاء من الله تبارك وتعالى وإذا تزوج الإنسان امرأة غير صالحة عليه أن يسأل من المولى عز وجل أن يجعلها صالحة. نحن لا نريد أن نخرج عن الموضوع ونحن سنتكلم في حلقات عن الزواج لكن ما ذكرته في سؤالك هو طبعاً ضد قرة الأعين بلا شك. المقدم: عندما يتكلم المولى تعالى عن (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة) فهل يمكن ان نصبّر الناس غير السعداء في الدنيا بأنه في الآخرة المولى تعالى سيصلح هذه الزوجة؟ وهل ينطبق هذا الكلام أنه يمكن أنك ستستمتع هذه الزوجة وإنما يبدلك الله تعالى بالحور العين التي هي قرة أعين؟. د. هداية: هذه في الآخرة وليس في الدنيا. الصبر سمة في المسلم لكن ليس الصبر القانع الصبر مع التغيير يجب أن يغير لا نقصد تغيير الزوج أو الزوجة بالطلاق كما سنشرح في الحلقات التي سنخصصها عن الموضوع وإنما التغيير يكون بالكلام والحوار والطلاق يكون آخر الحلول. الزوجة الصالحة هبة من الله تعالى وفضل والواعي هم من يرتب أموره وللأسف البيوت المسلمة مقفلة على مشاكل عديدة ونحن ليس عندنا مسألة التأبيد كما عند غيرنا. قرة الأعين في سورة السجدة هي المكافأة الإلهية في الآخرة عن كل (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا (75) الفرقان) هذا صبر الرضى والتحمل لا صبر الخنوع. (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا (15) السجدة) سنعرِّف المؤمن، الذين إذا ذُكِّروا تدل على أنهم يعرفونها ولو معرفة الفطرة وهذا ما ذكره تعالى في سورة الفرقان (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)). المقدم: هل خرّوا سجداً هنا المقصود بها السجود الفعلي أنه سمع فسجد أو التطبيق أنه سمعنا وأطعنا؟ د. هداية: هذه الآيات للتطبيق (إنما) للحصر والقصر (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) السجدة) ما معنى سبحوا بحمد ربهم؟ سبحوا لا يعني أن يقولوا سبحان الله، أنزه الله وإنما هو فعل وليس قولاً ولذلك ألفت النظر إلى قوله تعالى (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة) أخفي لهم من قرة أعين لم يختم الآية بقوله جزاء بما كانوا يقولون وإنما بما كانوا يعملون. المسألة ليست قولاً والإيمان لم ولن يكون قولاً إنما هو عمل وإن لم يكن هناك عمل فليس هناك جزاء. إذن سبحوا بحمد ربهم ليس قولاً، سبّح يعني نزّه الله فكيف تنزّه الله قولاً وأنت تزني بعيداً عن أعين الناس؟ وتسرق وأنت تستتر عن الناس؟! هل هكذا يكون التسبيح؟! أنت تقول لكن القول انفك عن العمل والله تعالى يقول (كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) الصف) يعني انفكّ قولك عن عملك تقول شيئاً وتعمل شيئاً آخر وهذه وظيفة المنافقين لا المؤمنين. سورة البقرة ثاني سورة في القرآن بعد فاتحة الكتاب التي تعدل في المعنى القرآن فسورة البقرة لما يقول تعالى (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) البقرة) ويعرف المتقين ثم يتكلم عن الكفار في آيتين ثم يتكلم عن المافقين في 13 آية هذه ليست عبثاً وإنما حقيقة يريد الله تعالى أن يثبت لنا بها المؤمن الذي مثله في المتقي والكافر والمنافق كن من المتقين وإياك أن تكون من الكفار أو المنافقين. أول توصيف للنفاق في القرآن كان (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8)) هنا قال (من يقول) لا من يعمل أما في آية السجدة (بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وظيفة المؤمن أنه يعمل (إنما يؤمن) وظيفة المؤمن التوقيعية لكل درجات العبودية أنه يعمل والمنافق يقول فقط، هذا ليس من قبيل الصدفة ولنسمع القرآن بعدما تكلم عن التقوى في سورة البقرة ثم وصف الكفر في آيتين الذي لا فائدة منه فقال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ (7) البقرة) لا يهم توصيفهم لكن ما يهمنا كمؤمنين أن نخاف أن نكون معهم أن هؤلاء قضي عليهم بما هم فيه. في سورة الفرقان قال تعالى (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)) ما هو اللزام؟ هل هو العذاب أو ما وضعتم أنفسكم فيه؟ (فقد كذبتم) في الحقيقة هو تكذبهم وما وضعوا أنفسهم فيه. في سورة الكافرون قال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)) إذن قضى الله عليهم هم الذين اختاروا الكفر فسيبقون فيه ووقعها في شخص واحد (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) المسد) قلنا سابقاً أن أبو لهب لو كان عنده ذرة فكر لقال ولو كذباً لا إله إلا الله والكافرون الذين قضى عيلهم بالكفر لو واحد منهم قام فقال أنت تقول عني كافر ولكن أنا أشهد أن لا إله إلا الله، لم يستطع أحد أن يفعلها لذلك في سورة البقرة ذكرها الله تعالى بمنطق المهيمن القدير المقتدر الذي ملك زمام القلوب لا يمكن لأحد أن يعملها فقال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (6)) أما وصف المتقين فقال (والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)) ما دلالة يؤمنون بعد ذكر المتقين؟ الإيمان هنا هو تصديق بالعمل، إذن الإيمان عمل وليس قولاً. وعندما وصف المنافق أمام المتقي المتقي يعمل (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) هذه كلها عمل لكن عندما وصف المنافق هو لا يعمل وإنما يقول فقط (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) البقرة) فالذي يقول فقط لا يمكن أن يكون في الجنة (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ (145) النساء) وسيأخذوا معهم الكافرين وغيرهم الذين هم الفجار (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16) الانفطار) لن يخرج منها أحد الذي يدخل لن يخرج منها. يقول تعالى على لسان عيسى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) المائدة) المنافق يقول فقط (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9)) يخادعون هذا قول وليس عملاً حتى مع الشياطين قول (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ (14)) الذي يحصر حياته في الكلام فقط ولا يعمل الذي يجلس على القهوة وعندما يؤذن للصلاة تقول لم قم صلِّ يقول لك قلبي عامر نقول له حسناً هذا ما وقر في القلب فأين ما صدقه العمل؟! نحن لا نعرف ما في قلب الرجل لكن أين ما صدقه العمل فالإيمان بتعريفه الذي يعرفه الناس أنه ما وقر في القلب وصدّقه العمل إنما اللسان كل أوصاف المنافقين كلام حتى مع الشياطين والذين هم منهم أيضاً كلام إذن كل حياتهم انحصرت في الكلام فالذي انحصرت حياته في الكلام فقط عليه أن يستغفر الله تبارك وتعالى ويعود إلى الله تعالى بتوبة نصوح صادقة ولا يعود إلى مثل هذا الكلام ويحول حياته من الكلام إلى العمل. المقدم: الفسق دخل فيه الفجار والمشركين والملحدين والمشكلة أن هناك كثيرون من أمة محمد من يقع في الشرك دون أن يعلم ونريد أن نحذر الناس. د. هداية: نحن نريد أن نخصص حلقة كاملة في هذا الموضوغ لكن أعطيك ملمحاً فيها وهي في الدعاء يقول تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (186) البقرة) إذا دعاني وحدي لا يشرك بي أيّ أحد. المقدم: مسألة البركة والصالحين وآل البيت؟ د. هداية: آل بيت نحبهم جداً وحبهم من حب الرسول r لكن لا نذهب إليهم للتبرّك إطلاقاً لكن دائرة علمهم عندنا كما في توصيف القرآن الكريم (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) يونس) لأنفسهم ولن ينفعونا بشيء بدليل أننا يوم القيامة سنفر من أمهاتنا وآبائنا وإخواننا فما بالك بالوليّ؟ المقدم: هناك نهي في الدعاء عمن النظر إلى السماء على أساس أن ربنا سميع مجيب؟ د. هداية: ربنا ليس موجوداً فوق في السماء، ذكرت سابقاً عن السيدة التي كان لديها مشاكل مع زوجها وقالت أنها خرجت للشرفة وقالت له لم تفعل معي هكذا؟ وسألتها لِمَ خرجت إلى الشرفة؟ قالت هو هناك وسألتها من هو الذي في الشرفة؟ قال الله تعالى! هذا مفهوم عند بعض الناس ولكنه هذا مفهوم خطأ في العقيدة. رفع اليدين هناك خلاف فيه عند الدعاء لكن لا ينظر إلى السماء والله تعالى واجب والوجود في كل زمان ومكان. الفكرة أنك عندما تدعو الله تعالى يجب أن تعتقد أنه ليس كمثله شيء. المقدم: في برنامج الرحمن علم القرآن ذكرنا هذا الموضوع والتبرك بالأضرحة والنهي الواضح من الرسول r عن هذا وعن التبرك بالأضرحة والصلاة في المساجد التي فيها قبور والتمسح والتبرك بها وفي اليوم التالي التقيت برجل من إحدى الجمعيات وعاتبني فيما ذكرناه وقال هؤلاء آل البيت فقلت له نحن نحب آل البيت وقلت له أن المسألة خطيرة لأن الناس قد يقعون في الشرك فقال لا تقل شرك أو أن هؤلاء أشركوا فقلت له ماذا تسمي المرأة التي تمسك بقصبان الضريح وتقول يا حسين إشفي لي ولدي أو زوج لي ابنتي أو إفعل لي كذا؟! أليس هذا شركاً؟ د. هداية: وإذا كانت ما تفعله أو ما تسأله تسأله من الله تعالى فلماذا تذهب إلى القبر بالتحديد لتدعو؟ الله تعالى موجود في كل مكان. إذا كانت تعتقد أن المكان مبارك فهذا شرك بالمكان لأن الله تعالى غني عن المكان وأعيد الآية (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (186) البقرة) والآية الثانية (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (60) غافر) هذا أمر بالدعاء ولكن دعاء لله تعالى وحده، ادعوني وحدي أستجب لكم. المقدم: سنخصص حلقة خاصة عن الضمائر في القرآن الكريم فمرة يتكلم المولى تعالى عن ذاته بضمير الإفراد ومرة بضمير الجمع. نعود إلى التوصيفات والركائز في سورة السجدة يوصف الله تعالى ركائز أوصاف المؤمنين الذين يؤمنون بآياتنا (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15)) ما دلالة ذكر الاستكبار في الآية مع أن الكلام عن أناس مؤمنين يؤمنون بآيات الله كلاماً وفعلاً وعملاً ويخرون سجداً عندما يسمعوا آيات الله تعالى وسجودهم في معناه الخضوع والتذلل لله وفي معناه التطبيقي سمعنا وأطعنا بدون مناقشة وسبحوا بحمد ربهم قولاً وعملاً فالموضوع يبدو أن ليس فيه استكبار فما دلالة ذكر الاستكبار في الآية؟ د. هداية: وأنت تشرح قلت أنهم لا يستكبرون ويسجدون فالساجد لا ينطيق عليه أيّ كبر بدليل أنه أول ما يسمع آيات اللله يخر ساجداً إما بهيئته في السجود أو كما ذكرنا في وصف عباد الرحمن (سجداً) حتى وهم نائمون السجود بمعنى الخضوع والخشوع بالعمل وليس بهيئة السجود وهذه أهم. لما تجد الرجل يسمع الآية ويسجد تقول عنه ساجد خاضع خاشع ليس فيه كبر لكنه قد يستكبر بهذه العبادة أنه وصل إلى مرتبة عالية فوصفهم الله تعالى أنهم لا يستكبرون بعبادتهم على غيرهم من الخلق. هذه مسألة في الجنس البشري فقد ترى الملتحي لا يتكلم مع غير الملتحي والمحجبة لا تتكلم مع غير المحجبة والمنتفبة لا تتكلم مع غير المنتقمة هذه في الجنس البشري البعض يقول أنا بتاع ربنا، هذا لا يجوز والعبادة لا تسير بهذا المفهوم لأن هذا المفهوم ليس خطأ فقط وإنما المسألة في العبودية لله الذي ليس كمثله شيء قد تقال أنا بتاع الوزير أو بتاع الملك لكن مع الله تعالى لا يمكن لهذا المعنى أن يكون وإلا اتخذ ولداً، لو اتخذ ولداً لكان حباه وفضّله على الخلق والمسألة عند الله تعالى ليست بالبنوة وإنما بالتقوى ولذلك قال (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (13) الحجرات) لم يقل أقربكم مني. إذن التنافس والتفاضل يكون بالتقوى والذي توصله درجة تقواه إلى أن يكون في مرتبة الصالحين عليه أن لا يغتر بهذه المنزلة على غيره من الخلق لذلك قال تعالى (وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) السجدة) حتى في الحالة التي هم فيها إنسان تحول من الإسلام إلى الإيمان ثم إلى الإحسان ثم التقوى ثم إسلام الوجه لله فأصبح مؤمناً توقيعاً لا توصيفاً لما يسمع آيات ربنا يُطبقها لا يخر ساجداً بالهيئة وإتنما بالتطبيق وفي نفس الوقت لا يستكبر بها ولا يخترع الطريقة الفلانية ولا تدخل الناس عليه تقبل يده ورجله!. الحق لا يتعدد وإنما هو واحد ولأن الله تعالى هو الحق من أسمائه الأحد هذه ليس صدفة، من أسمائه الواحد الأحد الحق والحق لا يتعدد. المقدم: الرسول r لم يسمي الطريقة المحمدية؟! د. هداية: لما وصف القرآن الكريم الرسول r قال (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ (110) الكهف) الرسول جاء ليدلنا على الله تعالى لا عن نفسه، الكلام في بداية الآية عن الرسول r تحول الكلام لأن الرسول r داء ليدل على الإله الحق وليس على نفسه (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) يوسف) ولأنه كذلك يدعو الله على بصيرة. أنت داعية إلى الله تعالى وليس لنفسك أو ذاتك وحتى الرسول r انحصرت ذاته في دلالته على الله تبارك وتعالى. المقدم: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) السجدة) د. هداية: هذه الحالة الدائمة التي هم عليها، يدعون ربهم خوفاً وطمعاً. أنبه المشاهدين إلى هذه الآية لأن البعض تكلم في تفسيرها فقسم قالوا هي الصلاة وقسم قال ليست الصلاة وأقول أن التطرف في الرأي مسألة تفسد جمال الآيات وفهمنا الصحيح لها فلماذا لا نأخذ الرأيين؟ تتجافى جنوبهم عن المضاجع البعض قال أين الصلاة في الآية؟ إذا أردنا التيسير على الناس نأخذ الرأيين ونعمل التفكير في الآية. تتجافى جنوبهم يعني لا ينامون حتى وإن ناموا لا ينامون، يدعون ربهم يمكن أن نفهمها على أنها الصلاة ففي أخص آية في الفاتحة التي سماها ربنا الصلاة قال (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6)) يعني أخص (خَوْفًا وَطَمَعًا) أنت خائف وطامع خائف من مالك يوم الدين وطامع في الصراط المستقيم فيدعون ربهم خوفاً وطمعاً تفهم توقيعاً على أنها الصلاة وبالأخص قيام الليل وهي صفة من لوازم التقوى وفي صفات عباد الرحمن قال تعالى (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا (63)) هذه حالهم في النهار وقال (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)) الناس تنام وهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً فصلاة الليل هذه صفة عباد الرحمن نسأل الله تعالى أن نكون منهم وعندما تكون منهم فهل هناك أجمل (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)) وهذه جنة باطمئنان جنة بيقين وجنة ليس قبلها نار لأن النار قيل في حقها (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) الحشر) أصحاب النار لن يتركوها هم أصحابها (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) القارعة) يعني تحتضنه النار كما تحتضن الأم وليدها فهل تتركه؟ أبداً وسنكرر قوله تعالى (وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16) الانفطار). البعض يقول هؤلاء الفجار لكن ليس في الآية سوى الأبرار ومقابلهم الفجار. الفرق بين هذا المبدأ ومبدأ الدخول والخروج من النار مسألة التوبة فقط، أنت عصيت وفعلت ما فعلت فتب إلى الله تعالى وهذا كلام المولى عز وجل الذي قال (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ) وقال (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) لماذا يريدون أن يدخلوه النار؟ هما فريقان إما في النار وإما في الجنة. بُثّت الحلقة بتاريخ 4/8/2008 |
عنوان الحلقة: التوبة والاستغفار 85 تقديم علاء بسيوني (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة) تكلمنا سابقاً عن ركائز المؤمنين ماذا يفعلون؟ هم تتجافى جنوبهم عن المضاجع وقلنا أنهم يعملون ولا يقولون فقط. المقابل هم الذين فسقوا. تكلم عن أوصاف المؤمنين لكن لما ذكر الفاسقين لم يذكر أوصافهم أو أفعالهم لماذا؟ د. هداية: ليس بعد الكفر الذنب فالفاسق جمع كل الصفات الكافر والمنافق والعاصي والمشرك، لماذا يوزن له فهم في قمة الفسوق والكفر طالما أخذ كتباه بشكاله فلا يوزن له فلماذا يصفهم؟ الأمر نفسه حصل في توصيف عباد الرحمن وصفهم بصفات عديدة ثم انتقل فجأة للكلام عن المقابل فلم يصفهم وإنما قال (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) الفرقان) ليس هناك حاجة لتوصيفهم! الفاسق عندما نسمع ذكره علينا أن نرجع لصفات المؤمن، صفات الفاسق عكس صفات المؤمن تماماً لذا يجب أن نعود لصفات المؤمن. المقدم: بداية الآية (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19)) فيها اقتران بين الإيمان والعمل وقلنا أن الإيمان لا يكون فقط في القلب وإنما بالعمل، البعض يقول إذا كانت فتاة غير محجبة ونصحتها بالحجاب تقول هذا بيني وبين رب العالمين وأنا قلبي عامر بالإيمان. د. هداية: نسأل هؤلاء عندما يقولون نحن جيدون في أمور أخرى فنقول لهم لماذا لا تكونوا كذلك في هذا الموضوع أيضاً؟ هل أنا ضامن الجنة؟! لو سأل كل واحد نفسه هذا السؤال! أبو بكر الصديق قال: أنا لا آمن مكر ربي وإن كانت إحدى قدماي في الجنة، وهو أحد المبشرين بالجنة وهو أول من يدخل الجنة بغير حساب. وهنا نؤكد على ما ذكرناه سابقاً عندما ذكر البعض تقسيمات النفس وقالوا النفس المطمئنة إحدى تقسيمات النفس في الدنيا بعد النفس الأمارة واللوامة فقلنا لا يمكن أن يكون الإنسان الواعي مطمئناً في الدنيا ونأخذ أبو بكر الصديق مثالاً، الواعي لا يطمئن. بعد ذكر النفس المطمئنة قال تعالى (إرجعي) ولم يقل اعملي إذن هذه ليست في الدنيا وهذه ليست تقسيمات النفس وإنما نتيجة النفس اللوامة التي ستكون مطمئنة في الآخرة "لا يجتمع على المؤمن خوفان ولا أمنان". التفس اللوامة لا تجعل صاحبها يطمئن ولا ينام لأنها تلومه على كل فعل، والنوم من علامات الاطمئنان لكن النفس اللوامة لا تجعل صاحبها ينام ونأخذ أمثلة على ذلك أبو بكر وعمر. (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ (28) الفجر) النفس المطمئنة هي لحظة ساعة دخول ملك الموت (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) ق) وهذا تطبيق حديث الرسول r عند خروج الروح الملائكة بيض الوجوه أو سود الوجوه. لدينا نفس مطمئنة ونفس خائفة فالنفس عند خروج الروح إذا رأت ملائكة بيض الوجوه تطمئن والنفس التي ترى الملائكة سود الوجوه لا يمكن أن تكون مطمئنة وإنما خائفة. النفس المطئمنة في نهاية حديث خروج الروح تقول رب أقم الساعة لأنه مطمئنة وفرحانة أنها ستكون في الجنة أما الآخر فقال رب لا تقم الساعة. من فضل رب العالمين علينا أنه في سورة الفجر قال (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)) هذا يعتقد أنه طالما رب العالمين أعطاه فلن يحاسبه، هذا غباء لأنه بالمنطق طالما أعطاني فهو سيحاسبني. والآخر قال (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)) طالما لم يعطيني فلماذا يحاسبني؟ المولى عز وجل رد على الاثنين (كَلَّا (17)) ثم انتقل إلى قوله تعالى (بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17)). (كلا) عند أهل اللغة للزجر والردع يعني لا هذا الكلام صح ولا الكلام الآخر صح، لا العطاء دليل الإكرام ولا الفقر دليل الإهانة إنما حل المسألة (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (13) الحجرات). إذن المنطق يقول أن التقسميات هي (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) و (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) لا توجد حالة ثالثة في الدنيا وإلا لذكرها القرآن وكذلك في الآخرة هما تقسميان. كلا الفريقان حسبوا والقرآن يقول (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) إذن الحالتان فتنة عطاء المال فتنة وعدم المال فتنة ولا ظلم في المسألة طالما هناك أناس ينجحون في الحالتين. الذي سيظلم هم الذي ظلم نفسه. الإكرام والإنعام والرزق ليس فقط في المال وإنما تشمل كل شيء الصحة والعمل والأولاد والمال والمنصب. الكبر والعناد والتمسك بالرأي الخطأ كل هذا قد لا يكون وباله في الدنيا وإنما في الآخرة. المقدم: من باب الكبر والعناد هناك من الناس من يقول عن التدخين كيف تساوونه بالخمرة فالخمرة أمر كبير جداً وخطيئة كبيرة جداً! د. هداية: لا يستوي بالخمر لكن دعنا نتكلم في الأمر أليس التدخين معصية يجب أن يتركها؟! نحن لا نساويه بالخمر لكن أليس هو معصية؟ وقد علمنا أن التبغ يخمّر في كحول. المقدم: في دول العالم الثالث نوعية التبغ التي تأتي إلى بلادنا أسوأ وأردأ الأنواع ومخلوطة بمواد كيميائية معينة لتزيد من شعور المدخن بالإدمان وتمسكه بالسيجارة فلا يتركها لأن هذه تجارة بملايين الدولارات ويصبح مدمناً بحيث لا يمكن للمدخن أن يترك التدخين. الإمام علي ابن ابي طالب له مقولة رائعة وهي: لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر لعظم من عصيت. د. هداية: هؤلاء يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله. المقدم: في السابق كان الناس عندما تشرب الخمرة تستتر وتشربها في أماكن غير مكشوفة وعندما يشترونها يغلفوها بأوراق الجرائد حتى لا يظهر أما الآن فأصبح الناس يشربون في المطاعم والمقاهي، نحن فعلاً في أزمة نسأل الله منها السلامة. المقدم: الإيمان مقرون دائماً بالعمل الصالح (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) السجدة) ذكرنا أهمية إقتران الإيمان بالعمل د. هداية: لا يوجد إيمان يثبت إلا بالعمل يعني الذي يثبت الإيمان لا قولك وإنما عملك. المقدم: كيف يعرف الإنسان أن عمله صالح أو غير صالح؟ د. هداية: إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما أمور متشابهات وهذا كلام الرسول r، الأمور المتشابهة إذا وقع الإنسان فيها عليه أن يطبق قول الرسول r "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ويبقى الحلال حلالاً ويبقى الحرام حراماً. كثيرون يسألوننا كيف أعرف أن الله تعالى يقبل مني؟ نسأله أنت ماذا تعمل؟ فيقول أصلي وأتقي الله فنقول لا بد أن يقبل الله تعالى ولن يردك وهو سبحانه قال (وقل اعملوا) لم يقل ماذا يعملوا، وقل اعملوا أي صالحاً فلن يرد الله تعالى عليك عملاً صالحاً لكنه يرد العمل إذا كان فيه شرك ونفاق ورياء لذلك بمقابل (إقرأ كتابك) (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ (11) العاديات) الله تعالى دائماً خبير وليس فقط يومئذ لكن الكافر سيعرف يومئذ أن الله تعالى به خبير. قال تعالى (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (19) ق) ما الحق الذي جاءت به سكرة الموت؟ الحق الذي كنت منه تحيد (ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) أسأل الله تعالى أن نكون والمشاهدين من أهل الإيمان وأهل الجنة. البعض للأسف يكابر ويعاند وهؤلاء أشفق عليهم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (6) البقرة). ساعة الموت سكرة الموت جاءت بالحق يعني على الأقل عرف الحق وهو يموت لما الرسول r في حديث خروج الروح الذي قسم فيه الناس فريقين المؤمن والكافر قال لما يُسأل أسئلة القبر من ربك؟ يقول الله ربي، الإسلام ديني، هو رسول الله حقاً (البعض يقول محمد r وهو لا يسأل عن إسمه)، في المقابل الكافر والمشرك والعاصي والفاسق لما يُسأل يقول لا أدري، لا أدري، لا أدري، لم يُسأل هذا عن عمله وعندما يُسأل السؤال الثالث فيقول لا أدري يقال له كذبت (كذب عبدي) لأنه على الأقل ساعة الموت عرف الحق حتى لو لم يكن يعرف في حياته فلو عنده ذرة حق عليه عندما يُسأل من ربك؟ عليه أن يقول الله ربي لكن لأنه لم يطبقها في الدنيا رغم أنه عرفها حُرّمت عليه حتى قولاً ولذلك قال (أن كذب عبدي) لأنه عرف ولكنه معرفته الآن لا يقدم ولا يؤخر كما حصل مع فرعون الذي قال (قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) يونس) هو قالها نفاقاً، هو يغرق من أقرب له؟ الله أو موسى وقومه؟ لأنه كافر قال موسى فجاملهم بالإيمان، الله تعالى نادى موسى قال استغاثك فرعون سبعين مرة فلم تغثه وعزتي وجلالي لو استغاث بي مرة واحدة لوجدني سميعاً قريباً، لكن لما قالها هكذا وهو يغرق رد عليه المولى تعالى (آلآن) هذه تعادل (لا أدري) في حديث خروج الروح، هذا المكان ليس مكان تطبيق لذا حُرّم عليهم القول. المقدم: هل يمكن أن نطبق موضوع التكذيب هذا من أول ميثاق الذرية؟ د. هداية: نعم، عندنا توقيع في قوله تعالى (ذكروا بآيات ربهم) هل سمعوها مرة؟ أحدهم يقول لم أسمعها فنقول له أنت سمعتها فطرة (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) الأعراف) التي هي "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة" يولد مسلماً لكن ماذا يفعل به أهله هذا أمر آخر. هذا مسلم ليس إسلام دين وديانة وإنما إسلام فطرة التي هي (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) بلى يعني شهدنا. (أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) لا ينفع أن يقول الكافر عند سؤال القبر لا أدري لأنه شهد على نفسه في عالم الذر لكن الكبر يمنعه من أن يقولها. أنت تشهد أن لا إله إلا الله لأن هذه الشهادة قبلها (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) آل عمران) هو شهد قبل أن تشهد فنحن شهدنا بشهادته وهذه الفطرة السليمة وهي الإسلام ولذلك قال (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) السجدة). المقدم: لماذا تكرر ذكر العمل في الآية؟ قال تعالى في الاية جنات ولم يقل جنة (فإن الجنة هي المأوى) هل هناك فرق؟ د. هداية: أولاً ذكر (بما كانوا يعملون) بعد أن ذكر (وعملوا الصالحات) هي ليست فقط تأكيد وإنما تبيان لأن عملهم وإن تعدد فكله للآخرة، هم يعملون الصالحات بطبيعتهم لا لأنها صالحات وإنما لأن الله تبارك وتعالى يرضى بذلك طاعة لله وتقرباً لله ويبتعدون عن الشرك حتى بالصالحات. السؤال الآخر قال (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) بعد أن قال (أفمن كان مؤمناً) أفرد التوصيف وجمع التوقيع فحتى لا تخاف أن تكون ضيقة قال جنات يعني كل واحد له جنة التي هي غرفة لو كان من عباد الرحمن وفي توصيف آخر قال (ولمن خاف مقام ربه جنتان) لأنها كثيرة، الجنة واسعة جداً أن عدد الداخلين إليها قليل فتشعر بالسعة أما مع الكافرين يشعرك بالضيق والحشر ومضاعفة العذاب داخل النار. المقدم: ما معنى نزلاً في الاية (فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا)؟ د. هداية: نزلاً مقام التكريم (حسنت مستقراً ومقاما) (تحية وسلاما) هناك مقام عالي لعباد الرحمن والمتقين فكلمة نزلاً للتكريم كأنه ينزل منزلاً كريماً جزاء فوق الجزاء وتكريم فوق التكريم. المقدم: (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة) د. هداية: هنا كل يقل نار المأوى وإنما قال مأواهم النار لأنهم لن يخرجوا منها، جاء بالمأوى قبل النار لأن المأوى يعني القعود لذلك وقّع وقال (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا) أرادوا بالمفهوم التافه الذي كان عندهم. أنا أقرأ هذه الآية منذ العام 1979 من بدأن أعمل في التفسير ومن أول ما تقرأ هذه الآية تستتفه هذا المفهوم، ما معنى أرادوا. هذه؟ لو قرأنا كل آيات العذاب والنار لا تجد إرادة، هو مجبر على العذاب (خذوه فغلوه) ليس هناك إرادة وهنا يقول (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا) يعني خرجوا ولكن خروج ليشعروا بشدة ما في النار وكأنه حصل لهم مقلب وقد وردت في القرآن (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) فرح بكلمة يغاثوا لكنهم أغيثوا بماء كالمهل. قال تعالى (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا) كأنهم يخرجون من النار قليلاً لكنهم لم يذهبوا للجنة لكنهم أعيدوا فيها حتى يشعروا ما في النار من العذاب توقيعها (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ (56) النساء) لحظة التبديل هي مثل (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا). المقدم: (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة) الآية تتكلم عن الذين فسقوا. د. هداية: أين الخروج في الآية؟ أطرح هذا السؤال على الذين يقولون أن الفسق أقل من الكفر والمنافق والعاصي؟! إذا كان هذا عذاب الذين فسقوا؟! أولاً سألهم (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا (18)) وأجاب تعالى أنهم لا يستوون (لَّا يَسْتَوُونَ). ثم أكد أن الفسق مقابل الإيمان وعرض الذين آمنوا وفي مقابلهم عرض الذين فسقوا ولم يقل الذين كفروا. وقال (فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ) توقيعها في سورة الزمر (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (71)) بدون واو (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا (73)) وهنا قال (فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ) والبعض يقول أنه يدخلون قليلاً في المار ثم يخرجون ولكن كأن القرآن يرد عليهم في الاية (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ). توقيع هذا الكلام خطير جداً (كلما أرادوا) هذا بالمفهوم الذي سيطر عليهم وفكرة الدخول والخروج هذه فكرة اليهود (وقالوا لن تمسنا النار إلا اياماً معدودة) هذه ليست فكرة مؤمن أبداً ولا يرضى بها مؤمن أبداً، الصحابي الذي كان يسمع كلمة نار كان يغمى عليه! المسألة جد خطيرة، هذه ليست فكرة مؤمن ولا مسلم أبداً، لم يصف القرآن الفسوق أو العصيان على أنه من المؤمنين هذه سخافة فكر! لم يقل مؤمن عاصي، كافر عاصي لأنه لو كان مؤمناً لا يمكن أن يكون عاصياً ولو عصى لحظة يرجع بالتوبة. الداعية يجب أن يتعب إذا كان الرسول r تعب وهوجم وأشرك عمّه. الشيطان في المسجد يحاول إغواء المؤمنين ونحن في الخمارات! القرآن قابل الإيمان بالفسق، الإيمان بالكفر، مؤمن كافر عاصي فاسق دائماً شيء مقابل شيء. المؤمن الذي يموت على معصية فاسق ولذلك (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) الروم) فيها قراءة (من الذين فارقوا دينهم) هذا الفسق، قرأها علي بن أبي طالب كأنك لما تخالف المنهج فارقت الدين ولم تفرقه، فرحون هنا تعبير مجازي لازم معناه أنا صح والباقي خطأ. لما خرج من الإيمان إذا رجع بتوبة لا يعود عاصياً ولا كافراً ولا فاسقاً، الذي يتوب لماذا يدخل النار؟! (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) الفرقان) الشرك معه الكفر والفسق هذه الثلاثة مثال، فالذي يفعل هذه ولم يتب يلق أثاماً، هو كان مؤمناً لكن إذا فعل هذا لم يعد مؤمناً (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)) إلا إذا رجع قبل الموت (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا (70)) إذا عاد لن يدخل النار أبداً، هو رجع بالتوبة. لذلك العبرة بخواتيم الأعمال وفي الحديث وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيحشر معهم، هذا حديث الرسول r ولذلك قال r لا يزني المؤمن وهو يزني وهو مؤمن، لكن العبرة أين يموت؟ إذا مات على توبة فهو في الجنة. هناك الإيمان المطلق وهناك الزنا والشرك فإذا مات في الإيمان المطلق يدخل الجنة وإذا مات على الشرك ففي النار. إذا رجع للإيمان لماذا يدخل النار؟! الشفاعة في الدرجات ونحن لا ننكر الشفاعة ورد القرآن (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ (19) الزمر) فهل يعقل أن الله تعالى يسأل الرسول r هذا السؤال وهو r يجيب نعم! هل يمكن أن يتحدى محمد r إلهه؟! إذا كان القرآن قال للرسول r(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (56) القصص) إذن مشيئة محمد r منحصرة بما أراده الله تبارك وتعالى، هدايته r هداية دلالة وليست هداية معونة. المقدم: حديث الرسول r أن الإنسان يسبق عليه الكتاب فيكون إما من أهل الجنة وإما من أهل النار فيقول أحدهم افترض أن اثنين سرقوا ثم ندموا وأرادوا التوبة فأحدهما تاب وعمل صالحاً ثم مات بعد سنة أما الشخص الثاني ومات في ليلتها د. هداية: لو ندم يكون من أهل الجنة؟ مات على ماذا؟ إذن ندم (ثم يتوبون من قريب) مصيره إلى الله تعالى لكن أنصح الناس طالما ندم أن يتوب من قريب. المقدم: هل يمكن أن هذا السارق الذي تاب عاش سنة أو أكثر فسمع نصيحة وتاب فعلاً؟ د. هداية: الله تعالى يحاسبه على ما كان سيفعله لو أمد في عمره فالله تعالى علم ما كان وما يكون وما سوف يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون بدليل (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون) مع أنه وقع ما زال يتمنى! الناس الذين يعيشون في الخطأ لو سالتهم لو عاد بكم الزمان ماذا تفعلون فيجيبون بكل كِبر نفس الذي فعلناه! المقدم: الكبر لا يستقيم مع الإيمان لأنه من فعل إبليس الذي طُرد من الجنة. د. هداية: لا يمكن أن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر. ندعو كل الناس لعدم الكِبر. بُثّت الحلقة بتاريخ 7/10/2008م |
التوبة والاستغفار 86 تقديم علاء بسيوني نعود بعد شهر رمضان وأداء العمرة في العشر الأواخر من رمضان بقوة وعزيمة على العمل أكثر ومحملين بسلام من أهل مكة وباسئلة كثيرة ولا بد من شكر خادم الحرمين الشريفين على التوسعة التي تمت في المسجد الحرام والسعي وإن شاء الله تكون من حسن إلى أحسن في السنوات القادمة. لما حصلت التوسعة بين الصفا والمروة خاف بعض الناس أن التوسعة قد تخرج عن المسعى الأصلي فهل لهذه المخاوف من الصحة؟ د. هداية: دعاء من القلب والأعماق لكل من أسهم بفكرة التوسعة وسيكون هناك في كل زمان من يخاف من مثل هذه الأمور ولكل وجهة نظره. نحن لا ننطر على أحد اجتهاد لكن المسألة ليست مسألة خطوات السيدة هاجر وأنه نفس الممشى الذي سارت عليه فأنت لا يمكن أن تجعل خمسة ملايين شخص يسيرون بالضبط على المسار الذي سارت عليه هاجر. وليست الحكمة من التشريع الإلهي أن نمشي على نفس المكان الذي داست عليه أقدامها. أوقفنا بعض الناس هناك وسألونا وجزى الله تعالى خيراً خادم الحرمين الشريفين وكل من ساهم في هذه التوسعة جزاهم عن المسلمين كل خير التوسعة صائبة مائة بالمائة إن شاء الله تعالى وستكبر التوسعة بعد سنوات والتوسعة تحصل للخارج وليس في اتجاه الحرم ولكن المسافة هي هي بغض النظر عن التوسعة من الصفا إلى المروة ومن المروة إلى الصفا ونحن نفعل ما فعله الرسول r والذي يخاف من التوسعة نقول لهم لا يمكن للمكان الذي اتسع يوماً لبضعة مئات أو آلآف من الناس أن يتسع لملايين الناس. الكل يقول أن هناك ازدحام في كل وقت. سبق أن عملت عمرة قبل رمضان وكانت التوسعة في أولها وكانت صعبة أما في رمضان فالتوسعة أحدثت فرقاً. انظر في طواف الإفاضة ساحة الحرم تكون مقفلة وكتلة من البشر وتتمنى أن تكون أوسع فعندما يكون عندك فرصة أن توسع فلا مانع من التوسعة. المقدم: الناس يجب أن تدرك الأبعاد والحكمة للنسك المختلفة في الإسلام ومع اقتراب موسم الحج فرصة لنا أن نجهز حلقات عن الحج عن كل يوم من ايام الحج حتى يتعلم الناس بالإضافة إلى كيفية الحج الهدف من الحج أو الحكمة منه وهم يطوفون لماذا يطوفون ولكا يسعون ولماذا ترجم الشيطان ولماذا تقف بعرفة يجب معرفة فلسفة المناسك نفسها فيجب أن نخصص هذه الحلقات وتترجم وتوزع على الحجاج في بلادهم قبل أن يسافروا للحج حتى يعرفوا كل ما يجب عن الحج. د. هداية: عيب البرامج عندنا في الحقيقة أنها تذاع بعد أن يسافر الناس الحج التوعية تكون بعد أن يسافر الناس. صحيح أن الأيام كلها مناسك للحج وعمل لغير الحاج والمفروض أن نستفيد من هذه الأيام لكن الأهم أن الحجيج قبل أن يسافروا يكونوا على دراية وعلم ماذا سيفعلون هناك وبالأخص الذي يذهبون للحج لأول مرة حتى يحجوا بشكل صحيح. هناك ألفاظ غريبة في الصحف عن الحج السريع والحج الفاخر والحج الممتاز والحج السُنّة. علينا أن نحضر الحلقات ونذيعها قريباً جداً إن شاء الله تعالى. علينا أن نجهز للحاج كتيبات وسي دي تتحدث عن فلسفة الحج والمناسك حتى يحج كما حج الرسول r. المقدم: نعود لسورة السجدة (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)) مسألة الموت علامة فارقة عند الإنسان لأنه إما أن يكون مؤمناً أو يكون كافراً، إما صالح وإما طالح. (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) السجدة) المجرمون لهم عقاب آخر عند الله (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) السجدة) هنا أيقنوا ورأوا بأعينهم أنه الحق. في مسألة الموت ومسألة (وُكّل بكم) عندما قرأت في تفسير الشوكاني قال :"وملك الموت هو عزرائيل" د. هداية: هذا كلام غير صحيح وهذه من الإسرائيليات تسمية ملك الموت بعزرائيل وتسمية ابني آدم الرسول r نفسه قال ابن آدم الأول وابن آدم الثاني، هذا أمر والأمر الآخر لما تكلم عن ملك الموت قال ملك الموت والقرآن قال (ملك الموت) لم يحدد اسمه مع أنه ذكر اسماء بعض الملائكة مثل جبرائيل وميكال، هذه الأسماء أسماء عبرية والقرآن عرّبها وذكرها لمسألة مهمة في اللغة أن الكلمة التس تعجز عن أن تضع لها مقابلاً في العربية عرّبها وخذها كما هي لكنه لم يقل عن ملك الموت عزرائيل. وهذه مسألة تحتلف عند الناس ونجد البعض يقول لك ماذا فيها أن يذكر اسمه؟ فيها أن الرسول r لم يذكرها مثلاً الناس تسمي ابني آدم قابيل وهابيل والرسول r قال عنهما ابن آدم الأول وابن آدم الثاني لما قال القرآن (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ (27) المائدة) لم يتطوع الرسول r بذكر إسم وإنما بالعكس رفض تماماً أن يأخذ المسلمون من اليهود وذكرنا ما قاله ابن مسعود لما عاد الصحابة مرة مسرورين جداً أن اليهود يقولوا كلاماً مثل الرسول r تماماً وحصلت حادثة مع عمر بن الخطاب فقال له r: أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ هل تحتاج أن تسمع من اليهود حتى تصدقني؟! كلمة أمتهوكون يجب أن يقف الناس عندها وهذا عمر بن الخطاب! ابن مسعود قال للصحابة "أناس ضلوا أنفسهم أيهدونكم أنتم؟!" هل يمكن للرجل الذي ضلّ نفسه أن يهديكم؟ كان أولى به أن يهدي نفسه. المقدم: تقصد أنك لست مع المنهج الذي يقول بعض الباحثين من المسلمين عندما يقرأون عن دلائل نبوة محمد r في التوراة والانجيل أنهم يعرفونه كما يعرفون ابناءهم ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، هم يدرسون التوراة ويقولون هناك كلام في التوراة نفس الكلام الذي يوجد في القرآن وكذلك في الانجيل. د. هداية: إذا وافقتهم في هذه فسيقولون بعدها هناك أشياء أخرى في التوراة والإنجيل فإذا فتحت لهم المجال في تلك سيحاجوك في غيرها. الله تعالى قال (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) الجمعة) هل الحمار خلقه الله تعالى ليحمل الأسفار؟ بالطبع لا، من الحمار إذن؟! الحمار لم يعترض أبداً على أن تحمّله الأحمال الزراعية مثل الذرة وغيرها لكن تحمله كتب وعلم يفهمها؟ هذه ليست له. هذا مثل في القرآن وهؤلاء مثل هذا الحمار. المقدم: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) بعض الناس يظن أنه ليس ملكاً واحداً وإنما لكل إنسان ملك مختلف فهل هو ملك واحد؟ د. هداية: هو ملك الموت ملك واحد لكن معناه ملائكة أعوان. الرسول r قال "إن كان العبد المؤمن في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة جاءته ملائكة بيض الوجوه" كلمة ملائكة يعني عدد ووصف في بعض الأحاديث أنها أربعين وفي نفس الحديث " وإذا كان العبد الكافر جاءته ملائكة سود الوجوه" المؤمن مثال للمتقي والمسلم والمؤمن والمحسن والمتقي والصالح كل التوصيفات التي لها درجة جنة وكذلك العبد الكافر والمنافق مع الكافر والمجرم مع الكافر والمشرك مع الكافر والعاصي مع الكافر. المجرم يمكن أن يكون كل هؤلاء، كلمة مجرم هنا مقابلة للمؤمن، منذ حلقات ذكرنا (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا (18) السجدة) وأجاب على السؤال (لَا يَسْتَوُونَ) هو يتكلم عن اثنين لكن لم يقل لا يستويان وإنما قال لا يستوون للدلالة على أن هذا صنف من الناس يعني الفاسق وكل من هو مثله والمؤمن وكل من هو مثله حتى يخرج الناس من موضوع أن الإيمان مقابله الإيمان فقط وإنما الإيمان مقابله الفسق والاجرام لذلك قال (يؤمن بآياتنا) يتكلم عن المؤمنين لأنه يتكلم عن مسألة عقيدة وإما أن تصدق أو تكذب لو صدق يكون آمن. هذه الآيات تبين مسألة هامة في التطبيق وتبين أن مسألة القول لا ينفك أبداً عن مسألة العمل فالإيمان ليس قولاً فقط ولدينا حديث يسبب مشكلة عند الناس وهو "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" الحديث صحيح متناً وسنداً لكن ماذا فهمنا من القول؟ من قال لا إله إلا الله دخل الجنة، ما معنى قال؟ أنت مثلاً مدير بنك أو شركة وأنا موظف وكل يوم صباحاً أدخل عليك وأقول لك أنك أنت أكفأ مدير على وجه الإطلاق وأنك مدير ممتاز وليس لك مثيل، وأنت كلما تصدر أمراً إدارياً لا أنفذه أنا رافض أوامرك دائماً وأدخل عليك واقول لك أنت مدير ممتاز ماذا تفعل بي؟ بالطبع ستخصم عليّ من راتبي أو تطردني من العمل لأني كاذب، أنا لم أتعدى القول إلى العمل والمفروض بكلامي الذي اقوله لك أنه كلما صدر منك أمر كمدير أكون أول من ينفذه لأني أمدحك كل يوم. أنت تصرفت هكذا كمدير فما بالك بهذا الإله الذي رفض أن يُشرك به وقالها في محكم التنزيل (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (116) النساء) أنا كل يوم أقول لا إله إلا الله ثم كلما جاءت آية أجادل فيها ولا أنفذها، صلاة ماذا؟ هل الإله محتاج إلى صلاتي؟! ولماذا أصوم وهل الإله محتاج لصيامي؟ هذا الرجل كاذب انفك قوله عن العمل إذن هو لا يتعدى حدود القول إذن "من قال لا إله إلا الله" حديث صحيح لكن معناها من قال لا إله إلا الله وطبّق. لو عدنا إلى الآية (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11) السجدة) المشهد الذي بعد الآية أول مشهد بعد الوفاة لم يذكر القبر وإنما قال (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)) (ولو ترى) معناها أنك أنت لا تنظر من وراء الحجب ولكن مالك يوم الدين سيخبرك كما ذكرنا في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)) والرسول r ولد في عام الفيل لم يعي الحادثة وإنما التوقيع القرآني قال له ألم تر كيف يعني سيخبره المولى تعالى المحيط المهيمن الذي لا يغفل ولا ينام، يعني إسمع من هذا الذي فعل. عظمة القرآن في الآية أنه يخبره عن حكاية ستحصل (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)) وقال للرسول (ألم تر) الحادثة حصلت لأنه لم يكن موجوداً الكلام من كلام الخبير المحيط المهيمن. لماذا لم يقل في الآية الكافر أو المنافق أو الفاسق وإنما ذكر المجرم؟ في السابق لما فسرنا الفجار اعترض أحدهم وقال أن الآية تتحدث عن الفجار هؤلاء الذين هم في النار! لكن نقول له الآية قسمت الناس إلى قسمين (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) الانفطار) لا توجد أصناف أخرى إما أبرار وإما فجار، من هم الفجار؟ هم كل الصنوف الذين ليسوا من الأبرار، الفجار مقابل الأبرار، تكملة الآية (يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16)) البعض يقول الآية تتكلم الفجار ولكن نقول لهم هاتوا لنا بمن سيدخل النار ثم يخرج منها! المقدم: أناس كثيرون يطلبون أن نعمل حلقات عن موضوع دخول النار والخروج من النار وموضوع سورة الأعراف ومن هم الذي على الأعراف؟ والبعض طلب أن نقرأ كتاب المعجزة الكبرى والأحاديث التي فيه تتحدث عن الشفاعة والخروج من النار وهناك أحاديث قدسية فيها أن الله تعالى يقول أخرجوا من النار من ذكرني مرة واحدة في حياته. د. هداية: هل هذا الموضوع من القلة بمكان أنه لا يُذكر في القرآن ويترك للحديث؟! هذا أصل من أصول هذا الدين وهو الجزاء. سورة الفاتحة التس تساوي في الكيف والقيمة القرآن (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) الحجر) ذكر بعض الآيات (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)) ثم انتقل إلى (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)) يتكلم في أول سورة في الكتاب يتكلم عن يوم الدين الذي هو أصل من أصول هذا الكتاب وهو يشكل ثلث القرآن. ولذلك يجب أن ننتبه إلى الآيات التي عملت المقارنة ليس بين المؤمن والكافر وإنما بين البر والفاجر بين المجرم والمؤمن ولذلك جاء توقيع المجرم أنه فاسق، ما معنى فاسق؟ فاسق أنه خرج عن الأوامر والنواهي كما تفسق القشرة عن الرطبة. علي بن أبي طالب له قراءة في قوله تعالى (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) الروم) قال (فارقوا دينهم) لأن عدم تنفيذ القرآن وتطبيق المنهج هو مفارقة للدين ومفارقة للجماعة لذلك سورة السجدة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء وهو يصور الصورة والمجرم يوم القيامة الذي هو المنافق والمشرك والعاصي والكافر والفاسق كل هؤلاء ناكسوا رؤوسهم. المقدم: الكفار أيضاً تفرقوا إلى شيع كثيرة دائماً الصالحين فئة واحدة لكن الفرق بينهم الدرجات في الجنة لكن هناك المشرك والمنافق ومسألة التفرق والتحزب تأتي من خطأ في العقيدة (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا) فهل لمسألة الشيع علاقة بالتشيع والشيعة؟ د. هداية: لا هذا موضوع آخر. التشيع موضوع آخر والشيع هنا يعني فرق. هو لا يتكلم عن فرق الشيعة وإنم عن كل مفارقة للدين. (شيعاً) قال (وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) لأنهم صاروا أحزاباً وصارت هناك عصبية لا منهجية. المقدم: الدكتور يوسف القرضاوي طرح هذا الموضوع مؤخراً وأثار ضجة في الصحافة عن علاقة أهل السنة بأهل الشيعة وعلينا أن نوضح هذا الموضوع في حلقات. حسب فهمي للعقيدة أنه لا ينفع أن اقول غير أني مسلم لا سني ولا شيعي، يجب أن أطيع المنهج وأطيع الرسول وسنته ولا يحتاج أن اقول أنا سني أو أهل السنة أنا إنسان مسلم ولن أسمي نفسي إسماً آخر غير إسم رسول الله r. د. هداية: بداية التحزب هي بداية الخطورة ويقول لك من شيخك؟ شيخي محمد r فقط. هذه نقاط خطيرة جداً لكن نأخذ ملمحاً في الآية حتى نتعلم كيف نفسر وكيف نتلقى القرآن (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) السجدة) ناكسو رؤوسهم عند ربهم نسأل هل ربهم باعتبارهم أو ربنا فرضها لأنه يوم الدين؟ لا هذا باعتبارهم واعترافهم هم لأنهم قالوا (ربنا). في القرآن كله قدّم السمع على البصر أما في هذه الآية فقد ذكر العكس هم قالوا إنا موقنون هذه مقابل الذي قال (لعلي أعمل صالحاً) المقدم: جاءني معنى جميل هو من الناس المكذبين درجته في العقيدة صفر لا يؤمن إلا إذا رأى بعينه وهذا لا ينطبق عليه التوصيف في سورة البقرة (يؤمنون بالغيب) د. هداية: عندما قالوا (إنا موقنون) نقول لهم أنتم كاذبون لأن اليقين هو تصديق بالغيب أنت تتكلم في مشهد وبعدما رايت بعينك لم يعد ينفع قول إنا موقنون هذه كانت تنفع في الدنيا ولذلك لا تستغرب أن عظمة هذا الكتاب أن يذكر لك في مطلعه توصيف الذي سيصدقه ويأخذ الهدى (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) البقرة) هو لا يعتمد على نفسه وإننما العقيدة عنده هو القول والفعل لما يقول رازقي هو الله لا يسرق لو تأخر رزقه هو يعلم أن رزقه فضل من الله تعالى وبالتالي عندما يأتيه هذا الرزق يؤدي الحق. أول توصيف (يؤمنون بالغيب) لا يأتي أحد يوم القيامة بعد أن أبصر وسمع لا ينفع أن يوقن بعد أن رأى الجزاء يوم القيامة. المقدم: مسألة اليقين هي الفيصل في التصنيف وفي سورة البقرة أول تصنيف (الذين يؤمنون بالغيب) أين امتحان الإيمان إذا أرانا الله تعالى نفسه؟ وأين امتحان الإيمان؟ هناك أناس لا يؤمنون إلا إذا رأوا بأعينهم هذا درجته صفر وهناك من يؤمن بالغيب وهذا درجته عشرة من عشرة لأن الإيمان وصل درجة اليقين كأنه رأى لكن الذي ينتظر يوم القيامة ليرى بعينه لن يكون أمامه فرصة ليعود ثانية ويؤمن. الكلام عن اليقين البعض يقولون اليقين أن أكون متأكداً من أمر فهل هذا المعنى صحيح؟ د. هداية: المسألة هذه قضية فارقة وضربنا سابقاً مثالاً جئنا بإناء فيه عسل ووضعناه على الطاولة وأحضرنا عشرة رجال لنختبر إيمانهم نعود بكم إلى أبي بكر الصديق ساعة قالوا له إن صاحبكم يقول ويقول في مسألة الإسراء والعروج قطع عليهم الطريق وقال لهم "إن كان قال فقد صدق" أي أمر لا يصدق لكن إذا قاله محمد r فهو صحيح. نأخذ الصديق مثالاً على الذي سنذكره. نعود لمثالنا البعض خمسة منهم قال طالما قلت أن هذا عسل وأنت إنسان لا يكذب فهو عسل، الخمسة الآخرون قال نرى بأعيننا أولاً وقالوا هذا عسل والثلاثة الباقين قالوا العسل كشكل الصمغ لن نصدق حتى نذوق هؤلاء في النار لأن المسألة مسألة إدراك ويقين. الخمسة الذين لم يتحركوا في البداية هم أقل درجات الإدراك لأنهم لم ينظروا إلى العسل ولم يذوقوه وهم أعلى درجات اليقين والخمسة الآخرون إثنان منهم نظروا للعسل والثلاثة قالوا نذوق أولاً هؤلاء أعلى درجات الإدراك لكنهم أقل درجات اليقين والإيمان عكس الأولين. القرآن عبر عن هذا الكلام فقال (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) التكاثر) ذكرت الاية علم اليقين وعين اليقين، علم اليقين أقل درجات الإدراك وأعلى درجات الجنة واليقين والجزاء (إن كان قال فقد صدق) الخمسة الأولين أخذوا علم اليقين، وثّق المصدر من يتكلم؟ مسيلمة، إذن كذاب، محمد r؟ صادق، الله تعالى إله حق ولذلك أسئلة القبر: من ربك؟ الله، ما دينك؟ الإسلام، ما قولك في هذا الرجل؟ هو رسول الله، هذا يقيني وهناك آخر لما سُئل قال عنه كذاب شاعر ساحر. الذي نظر بعينه للعسل هذا عين اليقين أما الآخر الذي لم يصدق حتى ذاق هذا ليس إيماناً هذه التي قيل عنها في القرآن (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) الواقعة) هذا لن يؤمن حتى يذوق نار جهنم. إذن هناك علم يقين وعين يقين وحق يقين، أقلهم في الإدراك علم اليقين هذا أعلاهم في اليقين وأعلاهم جزاء والثاني عين اليقين هذا متعب لأنه يجادل إنما الأخير (حق اليقين) هذا حق اليقين ولم يصدق إلا عندما أصبح في النار (وتصلية جحيم) وصل إلى الجحيم صدّق موضوع النار والعذاب عندما ذاقه وصار في النار. الآن يقول أنه صدّق ويطلب أن يرجع لكنه لا يمكنه أن يعود بعد أن وصل إلى هذه المرحلة والمسألة ليست على مزاجه لأن الإله حق له منهج وتوقيت وبعث وعقاب ورسول مسألة لا ينفع أن أُعمل دماغي وإنما أُعمل يقيني. المقدم: الآية التي بعدها لدي فيها بعض الأسئلة (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) هناك من سيقرأ الآية ويقول لو شاء ربنا لآتى كل نفس هداها فكان من الممكن أن يؤمن كل الناس، والسؤال الثاني (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) ربنا لا يلزمه شيء لكنه حق القول فصار أمراً إليهاً البعض سيقول هذا الأمر النافذ أليس بسبب كلام الشيطان بمعنى أن آدم وحواء كانوا في الجنة ونهاهم الله تعالى عن الأكل من الشجرة والشيطان وسوس لهما، الشيطان أخطأ وآدم أخطأ لكن شاءت إرادة الله تعالى أن يتوب على آدم وحواء ولم يتب على الشيطان لأن خطأ آدم أنه نسي ولم يجد له عزماً لكنه لم يرفض ساعة أمره الله تعالى ولم يرد الأمر على الآمر أما إبليس فتكبر لذلك طرد من رحمة الله ولُعن وكان يمكن أن ينتهي الأمر عند هذا الحد آدم أخطأ وعوقب ثم تاب الله عليه والشيطان أخطأ وطرد ولُعن فابليس أدرك أن العقوبة ستطبق عليه فقال (قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) الأعراف) وقال (لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62) الإسراء) يعني لو لم قال إبليس هذا الكلام لرب العالمين لم يكن هناك عداوة لذرية آدم ولم ندخل في الاختبارات، هل كلام إبليس هو الذي جعل الله تعالى يقول من يقع منهم سأدخله النار وأعذبه فهل هذا حصل بسبب إبليس أو أن المشيئة موجودة قبل خلق إبليس وقبل خلق السموات والأرض؟ د. هداية: لا يمكن أن تكون المسألة على الشكل الذي يفترضه الناس، عندما يقال المفروض نسأل المفروض عند من؟ هذا سؤال من لم يقرأ القرآن ولم يفهم ما هي العقيدة والاسلام والإله وأول توصيف لهذا الإله الحق أنه لا يُسأل عما يفعل هذا الإله يفعل ما شاء وما أراد ولهذا ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا يسأل عما يفعل. الكلام الذي ذكرته يجب أن نجيب عنه نقطة نقطة لأن هذا ما يدور في أذهان الناس ونضيف إليها مسألة أخرى (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ (30) الإنسان) أهل الجنة استفادوا من هذه فقالوا (وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ (43) الأعراف) أخذوا المشيئة في صالحهم لكن أهل النار لم يمنعهم أحد من الإيمان إلا أعمالهم هم التي دفعتهم للكفر. يجب أن نقف عند هذه المعاني لأن الناس تفكر فيها ويقولون إبليس السبب ولولا آدم لما خرجنا ثم تسمع نعرة ثانية حواء هي التي أخرجتنا من الجنة وكل هذا الكلام ليس له أصل في الدين ولا في العلم ولا في المنهج والقرآن لم يترك شيئاً لاجتهاد الناس لكنه قضى كل شيء بكا فيها الآية التي سألت عنها. المقدم: أنا طرحت هذه الأسئلة لأن هناك كثير من الناس تقع في أخطاء العقيدة وتأخذ صفراً في اختبار اليقين بسبب الفهم الخاطئ والتلقي الخاطئ وإرسال العقل دون ضوابط والقرآن محتاج إلى ضوابط عند التلقي والفهم والتأويل. بُثّت الحلقة بتاريخ 21/10/2008م |
التوبة والاستغفار 87 تقديم علاء بسيوني المقدم: الله سبحانه وتعالى لا يلزمه شيء ولا يمكن لأحد أن يسألأه لم فعلت هذا ولم لم تفعل هذا لأنه سبحانه وتعالى له الطلاقة في المشئية وفي القدرة. ولكن الله سبحانه وتعالى في القرآن يقول (كتب على نفسه الرحمة) كان يمكن أن يكتفي بالقول أنه رحيم أو رحمن لكنه اقتضت مشيئته أن يستخدم هذه الصياغة في القرآن ولو نظرنا في الآية التي بين أيدينا اليوم سنجد أن المولى تعالى يتكلم عن قضاء عن إلزام عن الإرادة المسبقة التي لا تتغير ولكن يمكن أن تتغير بمشيئة إلهية. نحن نريد أن نفهم علاقة هذه المشيئة الإلهية بقدرنا وبمصيرنا لأن القضية ليس فيها ملاحق وإنما هي إما جنة وإما نار ولا ينفع طلب العودة بعد أن تنتهي الحياة لكن الفرص بالتوبة والعودة موجودة طالما نحن في هذه الدنيا نتلمس طريق الهداية. بسم الله الرحمن الرحيم وقفنا عند الآية (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) السؤال الذي سألته: هل هذا الكلام حصل لما دار الحوار بين المولى سبحانه وتعالى وبين إبليس اللعين لما طرد من رحمة ربنا نحن قلنا أن آدم وإبليس أخطأوا لكن آدم كان خطؤه نتيجة ضعف عزم ونسيان (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) طه) أما إبليس عليه اللعنة فتكبّر وقارن بعقله هو لا أنا مخلوق من نار وآدم مخلوق من طين إذاً أنا أرقى وأحسن منه ورد الأمر على الآمر ورفض أن يسجد وبالتالي أنت مطرود من رحمة الله. المفترض بمنطقنا نحن هذا المخلوق أخطأ وتكبر في حضرة الخالق وعصى أمراً مباشراً وخلاص لُعِن وطرد من حرمة ربنا والحكم صدر مفروض تقع عليه العقوبة فوراً سواءً بدخوله النار من وقتها أو ربنا يعاقبه بأيّ كيفية، اللعنة هذه ما شكلها؟ المهم أن العقوبة هذه تطبق لكن تمادى إبليس وقال (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) ص) وقال أنا هؤلاء الناس الذين فضلته علي سأقعد لهم على صراط المستقيم وسأعمل كذا وكذا ولن تجد أكثرهم شاكرين وستجد منهم الكافرين الخ وسأجعل منهم شغلتي. فربنا قال له اذهب والذي يتبعك أنا سأملأ بكم جهنم، فهل المفترض أن لا يحدث هذا الشيء وأننا نحن كنا يجب أن من أهل الجنة ولا يوجد شيطان ولا فتنة ولا هذا الكلام لغاية لما الشيطان قعد لنا ويحاول أن يوقعنا في المعاصي الخ كنوع من الانتقام بما أنك فضلت هذا المخلوق عني وجعلتني أسجد له وأمرتني وطردتني من الرحمة عندما لم أسجد له إذاً أنا سأنتقم منه ومن ذريته وأجعلهم شغلي الشاغل لكي أوقع منهم أكبر عدد ممكن أدخلهم معي النار لكي لا أدخل لوحدي. فهل هذا الموضوع حصل بتمادي إبليس وتطاوله أو أن الموضوع أساساً قدر مقدور من قبل أن يخلق إبليس ولذلك إبليس وهو يكلم المولى سبحانه وتعالى قال له (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي (16) الأعراف) فهل هي غواية إلهية؟ الدكتور محمد هداية: بداية أريد أن أرد على بعض السادة المشاهدين الذين اتصلوا بي عندما قالوا أنك أنت تسأل أسئلة تودي في داهية. أرد وأقول ليس دفاعاً عنك وإنما علاء بسيوني يعرف السؤال ويعرف لماذا يسأله وأظن أن المعلوم بالضرورة أن أنا وأنت نجلس كثيراً مع بعض إذن أنت غير محتاج أن تسألني هذه الأسئلة على الهواء حتى يظهر أنك لا تعرف الأسئلة وترد أن تعرفها، ثانياً هذا الموضوع فعلاً شائك وخطير جداً ومصيبة الأمة أننا منذ ولادتنا وأنا أتكلم عن كل حقبة زمنية نحن نرقّع الدين لكن لا نوضح الأمور نحن تعلمنا أن نبرر الأمر لا أن ندبر الأمر وفرق كبير جداً بين من يبررون الأمور الدينية وبين من يدبرون الأمور الدينية. الموضوع الذي نحن نتكلم فيه قبل أن أجيب على سؤالك وأنا فاهم السؤال وفاهم خطورته وأنا أقسم بالله العظيم أن الذي سوف يفهم هذا الموضوع سوف تتصحح عقيدته وسوف يعيش براحة وهذا الهدف من سؤالك. علاء: شاع أن الذي يحاول أن يصحح بعض المفاهيم المغلوطة السائدة يتعرض لهجوم ونحن نقول هذا نوع من الاجتهاد نرجو من الله أن نكون مصيبين فيه ونحن لسنا غاضبين ممن يتعرض لنا أو يهاجمنا ونسامحهم ونعفو عنهم قبل يوم القيامة. د. هداية: الموضوع سأضرب أمثلة ولله المثل الأعلى لكي نفهم أين نحن وسأضرب مثال من الآية، فالشرح البسيط للآية يبين أننا غير فاهمين للآية والشرح البسيط أقصد به العميق البسيط ليس السهل ولكن العميق وهذا مفهوم عكس شيوع الكلمة أذكر شخص أتى للدكتور رمضان عبد التواب ويقول له بسط لي الأمر قال له حاضر فأعطاه عشر كتب فقال له أنا أقول لك بسط لي فأعطاه خمسة عشر والدكتور فاهم ما الذي يفعله فلما سأله ما الذي تقصد ببسّطه؟ قال له بسّطه فقال له سيكون عشرين بذلك تكون قد أكثرت على نفسك يعني قوله (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ (37) الروم) يعني يضيق عليه؟ لا فالتبسيط غير التسهيل وغير التيسيير. لما واحد يذهب إلى دكتور متخصص في أي تخصص طبي الدكتور يكشف عليه ويكتب له وصفة فيها ثلاث اربع أدوية هو يأخذها ويذهب إلى الصيدلية يصرفها ويأخذها ويشفى صح؟ هل من المنطق أو المعقول أن هذا المريض يقول للدكتور لحظة هذا الدواء ما الذي سيفعله بجسمي؟ ويسأل عن كل دواء فيقوم الدكتور يشرح له بيولوجي وفارموكولوجي هل هذا منطق؟ بذلك تحتاج أن تدخل إلى كلية الطب لتدرس سبع سنين فأنت تتكلم في المستحيل فأنت المفروض عندما تأتيك هداية من السماء تقبلها كيف؟ تقبلها على مدار اعتقادك في هذا الإله وهذا الرسول. ولا أريد أن أطيل فهذا الذي عمله الصديق في مسألة الإسراء فالصدّيق كان مضمون كلامه رضي الله عنه أن هذا الكلام فعلاً لا يُصدّق لأنه ليس منطقياً لكن يُصدّق إذا قاله رجل أنا أصدقه تصديقاً مطلقاً أنا لا أناقش وراءه أي شيء. الآية التي معنا وسأضرب المثال من هنا التي وقفت عندها وقلت اللفظ الذي أغضب قلة من الناس فالناس التي فهمت لم تغضب بالعكس هم يريدون أن يسألوا السؤال هكذا (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) هل انتبه أحد من الزعلانين الذي يدّعون الفهم هذه الآية ردّ على ماذا؟ هل الآية تقرير في البداية أو ردّ على قضية؟ هو هذا السؤال الذي لو فهم سنفهم القضية كلها. الآية التي قبلها ماذا طلب المجرمون؟ (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) السجدة) سأعيدك إلى أول الآية لم يقل لك طلب المجرمون من الله كذا إنما خاطبك أنت وكل من آمن وكل من دُعي إلى الإيمان قال لك (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ) يعني هو أخذ المؤمنين وقال لهم عيشوا هذه اللحظة من وأنتم لا تزالون في الدنيا ولذلك قال (وَلَوْ تَرَى) ثم قال (وَلَوْ شِئْنَا) هذا الكلام توقيع لغوي مبدع وأنا لا أريد أن أطيل فيه فقط أريد أن أقول للذين يقولون يا جماعة انزلوا للناس أريد أن أقول لهم نحن زمان نزلوا العلماء لنا جداً وجلسوا معنا تحت وهذا لا ينفع، هذا الكتاب مثل الروشتة لو أنت تريد أن تفهم يجب أن تدخل الطب وتدرس إنما من عظمة هذا الكتاب هو يقول لك فقط اقرأه بتدبر أنت لن تدرس سبع سنين في الكلية. نتوكل على الله ونشتغل هو يقول لك عيش اللحظة وأنت في الدنيا في قوله (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ) يعني عيشها من الآن كي لا تكون منهم. (نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ) لماذا؟ لأنهم أتاهم الهدى فرفضوه ولما وصلوا في اليوم هذا قالوا (رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا) يعني هم طالبين الرجوع للدنيا فرصة ثانية ملحق، هذه الفرصة سيحصل فيها نوع من أنواع العمل بعد ماذا؟ سنفترض أننا سننفذ لهم طلبهم هم سيعودون إلى الدنيا ويشتغلوا صح إذاً الفرصة الثانية جاءتهم نتيجة أنهم عرفوا فقال لهم لو أنني سأرجعكم كنت هديتكم. علاء: كنت هديتكم غصباً أو بطريقة أخرى؟ د. هداية: لا تقديراً عدنا إلى القضاء والقدر دون أن نشعر وهي في قوله (وَلَوْ شِئْنَا) المشيئة. هم يقولون (فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا) فقال لهم (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) من الأول يعني. يعني لو أنا سأجاريكم في طلبكم كإله الإله لا يغير رأيه كنت من البداية هديتكم. وهو بعث الرسل لكي يهدي الناس إذاً الهداية هدايتان وقد تكلمنا في هذا الموضوع من قبل هناك هداية الدلالة وهداية المعونة هم الآن مشكلتهم في هداية المعونة فهداية الدلالة حصلت فالرسل أتت لكن الآن نحن نتكلم في هداية المعونة. يا معشر السادة هداية المعونة التي ستحصل في اليوم هذا أصبحت رؤية عين وليست غيباً ولذلك لما قالوا (إِنَّا مُوقِنُونَ) قل لهم أنتم كاذبون لأن اليقين والتصديق والإيمان بالغيب لكن عندما تصل النار تريد أن ترجع؟ّ هذه هي القضية. علاء: ولذلك كل المكذبين والكفار والمشركين الذين طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من رسل من قبله طيب أرنا ربنا نريد أن نراه ولماذا لم يأتي معك ملك من السماء؟ طيب نريد أن نرى الملائكة؟ د. هداية: إذاً هم طلبوا الهداية بطريقتهم وليس بإرادة الله وهذا يعتبر نوع من أنواع رد الأمر على الآمر ولذلك سيحشرهم مع أول مخلوق عمل هذا الأمر وهو إبليس (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). علاء: إذاً كل من سيقلد أو يتّبع أو يقلد إبليس في عملته أنه يرد الأمر على الأمر ومعه كل من يجادل في آيات ربنا وفي أوامره والذي قال هذا فرض وليس فرض والخ كل هذا يعمل شيء من عمل إبليس فهو معه. الدكتور هداية: الرسول صلى الله عليه وسلم قال جملة تلخص كل هذا قال (المرء مع من أحب) اشرحها فسرها ترجمها هو هذا المضمون المرء مع من أحب يعني ماذا؟ بالله عليك أنت تتبع شخصاً لا تحبه؟! لا طبعاً حتى لو شتمت إبليس وعملت كعمله فهذا هو أنت مثله ربما لم تحبه لكن أحببت عمله واتبعته. علاء: السؤال لو أنا قلت بلساني أنا لا أحب إبليس هذا مخلوق لعين ومطرود من رحمة ربنا وهو الذي يوقع الناس في المعاصي وهو سبب البلاء والفساد وظللت أشتم فيه من الآن إلى الغد لكن كل تصرفاتي تقلده وتعمل كل الذي يقول عنه أو يوسوس به هو وأعوانه أو كل الذي نهانا الله عن عمله فهل أنا فعلاً كرهته أم هذا فقط كلام؟! ونرجع للآية (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا (6) فاطر) الكلام قسمان أولاً ربنا يقول لنا الشيطان عدو والجزء الثاني أمر اتخذوه عدواً وأنا عشان أعادي أحداً ما فيه تصرفات يجب أن أعمله أكون فاهمه ومذاكره وعارف أساليبه ومحضر له القوات التي سأواجهه فيها ولا أفعل الذي يوقعني فيه وأخرج من الفخ الذي يوقعني فيه يعني فيه حاجات لازم أعملها عشان يكون عدواً. ما دام الشيطان عدو وأنا أقوم بكل التصرفات التي يوقعني فيها يبقى أنا داخل النار معه في مجموعته، هل هذا هو السبب الذي من أجله ربنا قدّم في قوله (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) الجِنّة الأول ثم الناس أجمعين هل هذا سبب؟ الدكتور هداية: الإمام قبل المأموم. أولاً هو الذي يسوق وأنت وراءه إذاً راضي به هذا الرد على السؤال الأول، لكن عندي سؤال أخطر لماذا جاء هنا (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)؟ لماذا قال (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)؟ كان يقدر أن يتكلم عنا نحن والقضية منتهية سواء إبليس في النار أو ليس في النار أنت ستفاجأ به في النار لكن المولى يريد أن يلفت نظرك أن هذه قضية وأن هذا موضوع متكامل النقطة التي قلتها فيها جزئية في منتهى الخطورة لم ينتبه لها كثير منا لماذا أمرنا الله تبارك وتعالى إذا أردت أن تقرأ القرآن أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم؟ هل انتبه أحد لهذا؟ لماذا قال لك (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) النحل) لماذا؟ لأن عمله هو سيبدأ عليك من التلبيس في أنه لا يجعلك تفهم المنهج ليس فقط يوسوس لك فالناس تظن أنه يوسوس لك بالمعصية لا فهو أشطر من هذا فالذي يوقعك في الحقيقة عدم فهمك للمنهج الذي قال لك لا تعصي لا تسرق لا تزني لا تكذب فأنت مشكلتك أنه يعمل عليك تلبيس في فهم هذا المنهج فلما يدفعك ستقع لأنك أنت ليس لديك التحصينات الكافية في فهم المنهج هذا أولاً. والأخطر من ذلك أن الآية التي معنا المولى عز وجل يقول فيها جملة التي أنت قلت بسببها كلمة -تودي في داهية- أن ممكن أحد من الذي يسمعنا أو يقرأ يقول لك طيب هذا هو فإذا كان (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) إذاً المولى هو الذي أوقعنا في هذه المسألة. ونحن سمعنا هذا الكلام بأنفسنا من ناس يتكلمون في نقطة هل نحن مسيرين ولا مخيرين في مسألة القضاء والقدر والتيسير والتخيير والهداية. يجب أن نقف هنا لأننا إذا لم نفهم الأسباب لن نستطيع أن نصل للحقائق. لما السؤال هذا كان يُطرح من مائة سنة كانت الإجابات يصل معك إلى جزء إلى أن يستطيع السائل أن يورط المسؤول في مسألة " يعني هو ربنا الذي جعل الكافر كافر؟!" تكون الإجابة: لا مش هكذا أنت لست فاهم الخ، طيب ما هي؟ لا يقول له فيظل الحال على ما هو عليه في أن أنا لم أعتقد صح. ونحن اليوم نريد أن نعتقد صح فالقضية على النحو التالي: أولاً أنا بقول أن آية 13 سورة السجدة هي رد على الآية 12 هم يقولون للمولى عز وجل أرجعنا قال لهم – بالمعنى أنا أتكلم بالمعنى الآن- لو أنا سأرجعك الآن كنت هديتكم من الأول (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) من الأول يعني، ثانياً هذه الآية بعد كونها رد على الآية 12 هذه الآية تكون من غير أن نشعر تصنيف للخلق يعني ماذا (لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا)؟ طيب أنت يا رب أعطيت بعض النفس هداها المطلق؟ نعم، الملائكة. فهم خلق لا يخطئون وأنت يجب أن تعتقد أن المولى قادر على كل صنوف الخلق هو خلق خلقاً لا يعصون الله ما أمرهم (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) التحريم) والخلق الثاني من الجِنّة والناس قسموا إلى قسمين قسم يسمع ويفهم وينفذ والقسم الثاني هذا غريب جداً قسم يسمع ويفهم وعند التنفيذ يقع وقسم يسمع ويفهم وينفذ وهؤلاء قلة وقسم يسمع وكأنه لا يسمع وقسم يسمع ولا يفهم وقسم يسمع ويفهم ولكن لا ينفذ ستعدد صنوفاً ليس لها حصر من الجِنّة والناس ولذلك في الآية (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) ولكن إذاً يكون هنالك شيء حدث أدى إلى منع حصول هذا الطلب. علاء: لماذا هداها وليس الهدى المطلق؟ هل كل نفس لها مفتاح غير الأخرى ؟ د. هداية: طبعاً، قال (ولكن) هناك أمر حصل جعل الطلب لا يستجاب وجعلت موضوع الطلب مستحيل وهو الأول أنكم تعودوا للدنيا مرة أخرى هذا لن يحدث، أسألك سؤالاً لماذا لا يعودون؟ لماذا لا يرجعون؟ أولاً لأن المولى عز وجل لا أحد يستطيع أن يمشي عليه كلام فهو لا يُسأل عما يفعل. ثانياً لو أنت نظرت إلى الجدوى من الرجوع تجدها غير منطقية لأنهم خلاص رأوا بأعينهم رأوا النار ولكي أعطيك مثالاً علاء واقف في لجنة امتحان ومحمد واقف يتفرج فهنالك اثنان يمتحنون الأول أعطاه ورقة الإجابة فوجده أخذ 70% هذا في الجنة والثاني صفر فقال له طيب أعطيني الإجابة وأنا سأنقلها لك يعني أعطيني إجابة الأسئلة ووالله العظيم سأكتبها فراح علاء عامل هكذا فالواقف يقول أن علاء ظالم لأن الآخر صاحب الـ70% الذي من البداية ذاكر وتعب واجتهد إذاً أنت كعلاء لا تنفع كمراقب ولا شيء أبداً لكن أنت تتكلم عن إله. فإذاً أولاً المولى لا ينفع أن يتغير كلامه وثانياً منطقية الرجوع ليست واردة ليست في العقل ولا المنطق ولا الحسابات المنطقية بعيد عن الدين صح؟ أنت انتبهت من كلمة (هُدَاهَا) كأنه يقول لك أن ليست كل نفس مثل الأخرى صح؟ وتستطيع أن تقول لي لماذا؟ لأن عندك في البشر الذي ولِد ذكياً أو غبياً أو فقيراً أو غنياً أو وسط في العلم ووسط في المفاهيم ووسط في الذكاء والغباء ووسط في المال فاهم؟ لدينا صنوف كثيرة وليس باختيارهم إذاً في النقطة الثانية فعلاً كل نفس من هؤلاء تحتاج إلى هدى يختلف عن الثانية، فكل شخص مدخله مختلف عن الثاني فالذي يصلح هذا لا يصلح الآخر والعكس ولذلك انظر إلى التعبير القرآني (كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا). هنا سنعود إلى القضية الأولى وهي قضية يا سادة إعملوا. وسأعيدك لشيء حصل في رمضان تبين لك هذه القضية التي سأتكلم فيها الآن، تتذكر حديث (إذا جاء رمضان فتحت وغلقت وصفدت....) المفهوم العام عند الناس ماذا؟ أن المولى يفتح باب الجنة ويقفل باب النار ويمسك لي الشيطان، طيب أنت هكذا ما الذي فعلته لكي تأخذ أجراً عليه؟ّ أنا الذي فتحت لك- ولله المثل الأعلى-أنا فتحت لك وقفلت لك ومسكت لك الشيطان طيب ما الذي فعلته؟ أين عملك؟ هنا القضية يا علاء لما تأخذ مفهوم الناس تحلله مثل تحليل المعامل الكيميائية تحليل نفسي تجد أن الناس يريدون الشيء على الجاهز أنا لا أريد أن أعمل أنا أريد ربنا يفتح لي باب الجنة ويقفل لي باب النار ويصفد لي الشيطان وأنا أدخل الجنة، يا سلام!ّ انظر إلى المنطق العجيب! هذا كالدعاء الذي نسمعه في بعض المساجد (اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين) نحن ليس لدينا أي دور لن نجاهد ولا نقاتل في سبيل الله الخ لكنك ستخرج سالم! طيب أنت ما الذي فعلته لكي تخرج سالماً؟! هذه نقطة هنا القضية تكمن في أن الناس يريدون يعني يقول لك لخص لي ليالي العام في النصف من شعبان وليلة القدر، يعني هو يريد أن يعمل فقط يومين في السنة أو ليلتين ويريد بمفهومه هو أن يلخص الـ12 شهر في رمضان بدليل أنه لا يدخل المسجد إلا في رمضان فكأنه هو يقول لك يقول للإله الحق الذي قال (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ (43) البقرة) وجاء بها بلفظ الجماعة والرسول شرحها يرد عليك يقول لا هي في رمضان أنت كإله لا تتعبنا هي في رمضان. إذاَ المفهوم هذا يحتاج إلى تعديل ولما قال (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ) ماذا يعني ولو ترى؟ يعني ليس الكل سيتدبر يعني يريد أن يقول لك إذا أنك أنت تخيلت الأمر ستنجو ولذلك قال لك (وَلَوْ تَرَى) ولما رد عليهم قال (وَلَوْ شِئْنَا) يعني كأن الذي سيتخيل هو الذي سيخرج من بند المشيئة بالنار على قدر ما هذه قليلة هذه قليلة. هنا قال (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ) وهنا قال (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) أكيد بالقطع هذه ليست هداية الدلالة لأن الرسل قد أتوا وانتهوا وأتوا لكل الناس وقلت لك من قبل لا يوجد أحد واقف على باب الجنة يسأل علاء سؤال شرطي للدخول فالذي يوزن ويقرأ الكتاب ويضبط حاله يدخل الجنة دون أن يعترضه أحد لكن انظر من باب العدالة هناك من يقف عند النار لأن الذي سيدخل سيدخل وهو متضايق فهو يدخل يطمئنه (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى (9) الملك) إذاً تفضل، فهنا يقول (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) إذاً هذه هداية المعونة. علاء: قضية الهداية أو هداية المعونة تحتاج إلى شرح وتحتاج إلى أن نربطها بقضية الإنسان مسير أو مخير ومسألة الهداية بالتحديد تتوضح من آيات كثيرة قرأناها في القرآن (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) الإنسان) وهذه نفس القضية، الرسول صلى الله عليه وسلم يهدي الناس لكن الذي يأتيه احساس أنا شاطر وأنا عشان اهتديت واشتغلت وعملت الرسول يذكّرك ويقول لك لا (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله) الدكتور هداية: لكن انتبه أن الجهة منفكة في مفهوم ألفاظ الرسول وليس في المعاني ماذا يعني (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله) معنى هذا أنكم لا تعملون؟ بالعكس هذا معناه أنك تعمل كثيراً لكي تكون من أهل الجنة. فالجهة منفكة في المفهوم بمعنى ماذا؟ (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله) يريد أن يعيدك لمشيئة الله بالهداية التي يجب أن تحمد ربنا عليها بالعمل. علاء: سؤالي هو هل هنا معنى الآية (لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) كأنه يريد أن يوصل رسالة للبشر انتبهوا أن الذي يتكلم هذا إله وعنده طلاقة القدرة فلو كل الناس وكل نسل آدم عليه السلام أردت كإله أن أضع في قلبه الهداية غصباً حتى لو هو لم يرد يعني يريد أن يقول أنه ليس هناك إنسان يظن أنه يتكبر على الله أو أنه كفر أو جحد بوجود الله دون إرادة الله وربنا لم يقدر عليه أو ربنا لم يستطيع أن يهديه لا فهو لو أراد أن يقول كن فيكون فلان هذا من أعتى كفار المشركين فجأة يهتدي وهو مؤمن ولو أنه كافر ولو أنه مؤمن؟ الدكتور هداية: يعني كلامك يا علاء يصادف الحقيقة الغائبة في مسألة القضاء والقدر والقدرة الإلهية المطلقة. يعني تعال على أبو بكر الصديق وأبو جهل، أبو بكر الصديق توصيفه أنه في الجنة ومن أهل الإيمان ومن العشرة المبشرين بالجنة طيب لو أن الله أراده أعلى درجات الكفر كان أبو بكر بكل ما أوتي من طلاقة في الإيمان يقدر أن يغير قضاء الله؟ ويكون ابو بكر غصباً عن الإله الحق؟ لا طيب والعكس بالعكس وأبو جهل بكل ما أطلقه هو من كفر لو أن الله أراد له الهداية ما الذي كان سيحدث؟ كان سيكون الصديق انتبهوا لهذه النقطة فهذه هي السوادة سوادة مسألة القضاء والقدر والمشيئة المطلقة لله تبارك وتعالى؟ يعني ماذا؟ يعني لا مؤمن أعجز الله في الكفر ولا كافر أعجز الله في الإيمان. علاء: تذكرت آية في سورة يونس (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) يونس) الدكتور هداية: هذا الإكراه هو فرع المشيئة المطلقة فيما أراده الله. يعني لا ينفع أن يشد الرسول حيله كثيراً فيجعل شخص ربنا كاتب أنه يكون كافر مؤمن وهذه قضية صعبة للغاية على الرسول صلى الله عليه وسلم، علاء: يعني اعذرني أنا طبعاً لا أقلل من قدر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أدواته لكن أنت تتكلم عن بشر يتلقى وحي أنه نبي ثم يتلقى التكليف بالرسالة مرسل إلى القوم وإلى الناس وإلى الأبيض والأسود والأحمر لكي تحقق الهدى وتخرج الناس من الظلمات إلى النور، طيب ما هو المؤشر؟ لو أنا نبي وتكلفت أن أذهب لمهمة وهؤلاء الناس الذين دخلت عليهم لا أعرفهم يعني في إنسان من أول لحظة تكلمه يسمع كلام القرآن الكريم ويهتدي والتاريخ الإسلامي مليء بهذا يعني مثلاً عمر بن الخطاب لم يكن من أوائل المسلمين وهناك من الناس من آمن لما رحل المسلمين إلى المدينة، طيب أنا كبشر كرسول أعرف فلان آخره فين يعني بعد المرة الثانية سيهتدي؟ أم مكتوب عليه أنه من الكفار؟ هل أحاول معه ثلاث مرات؟ أو خمس مرات؟ أو عشر مرات؟ أو أيأس منه؟ يعني أين الميزان الحساس هنا؟ الدكتور هداية: الميزان الحساس في التكليف الإلهي ومناطه، يعني ماذا؟ هو قال له (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء) تفهم ماذا؟ أنك أنت الذي ستلمسه سيهتدي صح؟ فالواقع لم يعطي المعنى لأن هذه من الآيات التي تمشي بلازم معناها يعني مناط هذه ماذا؟ هو لما قال له هكذا رجع وقال له (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) النور) وعاد وقال له مرة أخرى (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) الغاشية) صح؟ رجع وقال له نقطة غريبة جداً غريبة على الذي يريد أن يفهم وهو نائم لا ينفع، قال له في آية (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) القصص) صح؟ ثم رجع وقال (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) الشورى) هو يا ربي يهدي ولا لا يهدي؟؟ هو القرآن ببلاغته يريد أن يقول لك افهم أن الهداية هدايتين هداية دلالة وهداية معونة. إذاً آية النفي تنفي هداية المعونة، فالمعونة من الله وليست من الرسول لأن الجهة منفكة في إطلاق هداية المعونة هي من مين؟ هي من المكلِّف أو من المبلِّغ؟ علاء: المبلِّغ أو الرسول أو النبي عليه أنه هو يبلغ ويدلك على طريق الجنة وطريق النار وافعل ما تريده الدكتور هداية: هذه هي المشكلة في موضوع (هُدَاهَا) لماذا؟ نحن كنا نتكلم في أن الناس يريدون أن يدخلوا الجنة وهم نائمين الجنة تفتح والنار تقفل والشياطين تسلسل ثم أدخلني الجنة، بماذا؟ أنت لم تفعل شيئاً! اسمع القرآن في توقيعه في هذه النقطة فالذي أريد أن أقوله للسادة المشاهدين الآية 13 هذه توقيع لآيات أخرى توقيع للآية التي لما الشيطان قال سأعمل وأقعد لهم الخ فقيّد ربنا أفعاله وكتّفها كيف كتّفها؟ كأن الشيطان يقول شيئاً طبعاً هو بخباثته فهم القضية كلها فحاول أن ينسب الفضل لنفسه فقال (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) الحجر) فقال له ربنا (إِنَّ عِبَادِي (42) الحجر) وأنا من قبل قلت انتبهوا للياء، عبادي أي الذين يستحقون وهم عباد الرحمن (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ (42) الحجر) هذا ليس من عندك فهذه قضية قاضيها المولى عز وجل أنك أنت بكل الذي تتصور أنك تستطيع أن تفعله أنت ستفعل في فئة يستحقونها أما الفئة التي لا تستحق فأنا حاميهم من قبلك من قبل أن أخلقهم صح؟ تعال نوقع في آية قال فيها المولى عز وجل (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) الشمس) قفلنا وروحنا وخلصت كذا كان يبقى مفهومك صح لكنه قال بعد ذلك (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس) الفعل هنا للإنسان إذاً أنت يجب أن يكون عليك دور، إذاً للهداية لله والهداية للرسول، المعونة لله والدلالة للرسول وأنت أين دورك؟ فهي لم تنتهي فأنت عندما تقرأ (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) سيظهر من الناس من يقول انظر إذاً الأمر بيد الله لو كان يريدنا أن نكون كويسين كنا سنكون كويسين، طيب أين أنت؟ أين دورك؟ علاء: نستطيع أن نقول لو أن ربنا سبحانه وتعالى أجبر كل الناس أنها تذاكر وتكون كويسة وتمشي على المنهج إذاً أين الامتحان وأين الابتلاء والفتنة؟ بل العكس أنه من مطلق الحرية والعدل الإلهي أنه أعطى الحرية لكل بني آدم هذا هو المنهج وهذا هو طريق الجنة وهذا طريق النار اعمل الذي يحلو لك. الدكتور هداية: انتبه هذه الآية مهمة (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)) ألهمها هنا يعني بيّن لها يعني أعطاها الدلالة بالأنبياء والمرسلين ألهمها فجورها وتقواها وهذا لا يعني أنه وضع فيها الشر وخلق الإنسان شرير بدليل أنه قال (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) الفعل لمن؟ فعل التزكية لمن؟ أنت الذي زكيت نفسك أو خيبتها. علاء: حياتنا كلها ندوات ولقاءات واحتكاك بالناس والكلام الذي سأقوله نسمعه كثيراً من ناس يقرأون القرآن ولكن غير فاهمين أو يقرأون وفاهمين ولكن لا يطبقون أو يقرأون ولا يفهمون لكنهم خائفين من السؤال فنحن نسأل عنهم هذه الأسئلة بضوابط القرآن الكريم لكي نرفع الحرج عنهم والذي كان متجهاً للضلال لأنه تعمق في الفكر والشيطان لعب في أفكاره نحاول أن نجذبه إلينا لكي يكون عندنا عقيدة سليمة. الدكتور هداية: أولاً نتكلم عن الآية ونقف عليهم الحلقة القادمة أولاً (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)) أي بيّن لها فجورها وتقواها وأرجع الفعل لكل واحد منا قال (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)) صح؟ المفهوم هذا يجب أن يكون له توقيع في التنفيذ يعني صح؟ قال (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) البلد) هذه هداية أيضاً، الفعل لمن؟ للإنسان يعني الدلالة الهداية كانت من الله وأنت عكست مناط الهداية وعملت مقلوبه قال (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)) ولم يقفل ولم يقل ما دام عمل هذا يجب أن يدخل النار لا بل انظر إلى رحمة الله قال (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) البلد) يعني أعطاك حلولاً حتى للذي يكفر للذي يغلط للذي يأثم فالموضوع لا يزال فيه فرص ثانية طالما لا تزال في الدنيا وهي التوبة. هل فهمتم لماذا نحن نخرج من هذه وندخل على هذه لكي نرجع مرة أخرى لأن الذي قلناه من قبل أن التائب ممكن أن يرجع مرة أخرى ويقع في نفس المعصية إذاً لم يتب طيب لماذا يفعل هذا؟ لأنه لم يفهم ولأنه لم يتب صح ولأنه لو تاب مرة صح والله لا شيطان ولا نفس يقدرون عليه. يبقى توقيع (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) توقيعها (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)) يبقى ربنا لما لم يعطيه الهداية كان يستاهلها بدليل أنه لم تكلم قال (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) الكهف) يبقى أنت لما تسعى للهداية ربنا يعطيك إياها ولما تسعى للضلال؟ يتركك فيه لأنك أنت الذي اخترت أنت حر. علاء: نستطيع أن نلخص أنه ما دام ربنا سبحانه وتعالى أعطى الطريقين الصح والغلط للناس وبيّنهما لك جيداً وفي النفس وهي من المفترض في الفطرة قبل إرسال الرسل ومع ذلك أرسل رسل لكي يذكرونك بالمنهج بدليل أنه قال (بِمَا نَسِيتُمْ (14) السجدة) نسيتم ماذا؟ العهد الأول (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ (73) الفرقان) إذن كان هناك شيء من قبل أنا لا أشرح له من الأول أنا فقط أذكره. علاء: يبقى الذي مشي صح هو الذي عمل هكذا وربنا كرمه والذي مشي غلط أنت الذي اخترت وأنا أقدر كإله أجبرك أنك تمشي في الطريق الصح بس حكمتي ليست هكذا ويكون بذلك ظُلم الإنسان الذي اشتغل وذاكر من تلقائه، سؤالي (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)) نسمع بعض الأراء تقول أن كل المجرمين وكل الناس الذين لديهم شذوذ في تصرفاتهم وفي حياتهم إما الجنسية أو غير الجنسية والخ وكل الذي نسمعه اليوم عن تبادل الزوجات وزنا المحارم والبلاوي السوداء التي نسمعها في زمننا اليوم تجد هناك من يدافع ويقول طيب هم ما ذنبهم ؟ فالقرآن بتاعكم هو الذي يقول هم خلقوا هكذا فيهم الفجور والشذوذ والجينات بايظة الخ هو خرج وجد شهوته هكذا ووجد طريقته هكذا لقى حياته هكذا فحرام لماذا تقول عنهم أنهم في النار وأنهم مجرمون وليه وليه الخ فهذا ظلم هم خلقوا ووجدوا أنفسهم هكذا، هل هم فعلاً مظلومين ولا ظالمين؟ نجاوب على هذا السؤال إن شاء الله الحلقة القادمة بإذن الله. أشكرك يا دكتور وتحملونا في هذه الأسئلة لأنها ليس من قبيل الصدف أنه ونحن نتكلم في الألفية الجديدة وبعد حوالي 14 قرن هجري نرى كل الموبقات وكل المشاكل التي الرسول صلى الله عليه وسلم تنبأ أنها ستحصل في زمن من الأزمنة وينتشر هذا الفساد فلو دورنا أننا لم ننور الناس ونوضح الحقيقة وأصلحنا العقيدة إذاً نكون قصرنا ونحن لا نريد أن نكون من المقصرين بل نريد أن نكون من عباد الله المخلصين ادعوا لنا بالهداية ونحن أيضاً ندعو لكم ونراكم بألف خير سلام الله عليكم ورحمته وبركاته بُثّت الحلقة بتاريخ 4/11/2008م |
التوبة والاستغفار 88 تقديم علاء بسيوني د. هداية: القرآن رد على هذا الكلام بدليل قوله تعالى (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) الشمس) يعني الله تعالى سوّى هذه النفس بكل ما في كلمة التسوية من معاني عظيمة وخلق الخلق في أحسن صورة وأحسن تقويم (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) التين) لم يقل تكوين وإنما قال تقويم أي ما يقوّم هذه النطفة بمعاني واسعة قد يضيق العقل الساذج عن فهمها، (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)) هنا بفعله وعمله ولذلك (جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) الواقعة) سواء في الجنة أو في النار فالمسألأة لا يمكن أن تفهم أبداً على هذا المارد فالناس لم تتكلم عن مريض القلب هكذا ولم يقولوا عن مريض الإدمان هكذا لكن هذه نعرة حتى يخرجوا خارج مسؤولية فساد أخلاقه لا فساد عمله، هذا الفساد الأخلاقي المسألة فيها كلام كثير جداً هل هي مسألة مرضية أو خلقية أو خِلقية هذه قضية كبيرة؟ المقدم: إفترض أنها حالة مرضية ألا تعالج؟ كما لو أصيب الإنسان بمرض الكلى أو في الكبد فهل يترك ليموت ونقول له الله تعالى خلقك هكذا؟! د. هداية: تعالج، لا يجب أن نعالج. نحن نرد عليهم بإحصائيات من الغرب أن هناك حالات تم شفاؤها تماماً لكن الذي ذهب للعلاج كان صادقاً مع نفسه أنه يريد العلاج تماماً مثل الإدمان والكلام فيه كثير الذي ينجح في علاج الإدمان الحقيقي هو المتدين الذي يذهب للعلاج بنزعة دينية لا نزعة اجتماعية وهذه حالات عندنا إحصائيات فيها فالرجل الذي جاء بنفسه تديناً مخافة رب العالمين ليست مسألة اجتماعية شكلية وإنما مسألة دينية مع أن الكتاب في الطب المجرد عندهم يقول أن المدمن إما يموت وإما يُسجن ليس لها ثالث وإنما الطب الذي يقوم عليه متدينين ثبت بالإحصاء أن الذي يأتي للعلاج بنزعة دينية يتقي وجه الله لا يكذب ولا يمثل يشفى تماماً. وهذه قضية يرد عليها القرآن (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) البلد) من الذي اقتحم العقبة؟ والباب مفتوح (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13)) باب التوبة مفتوح أربع وعشرين ساعة لكن نقول للناس طبقوا قول الحق (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ (17) النساء) لا تؤجل حتى لا يقال لنا آلآن. المقدم: خصوصاً أن إرادة المولى تعالى اختلفت ببعثة محمد r أقصد أنه في الأقوام السابقين كان دائماً ربنا يبعث نبي لقوم من الناس بأمر معين توحيد وسلوكيات معينة فيكفروا فيرسل الله تعالى عليهم العذاب إما صيحة أو ريح فالعقاب كان يأتي في حينها وتكلم القرآن عن قوم عاد وثمود وهود ولوط ولما بعث النبي r اختلف الموضوع وجعل الله تعالى يوماً الدين للحساب لكن أقف مع قوم لوط الذين عاقبهم الله تعالى بعقوبة مختلفة فهناك من عوقب بالصيحة ومنهم من عوقب بالريح لكن قوم لوط القرية كلها والمكان الذي كان فيه اللواط رفع للسماء ثم قُلب فهل شكل العقاب كأن الله تعالى يقول لهم كما أنكم قلبتم الفطرة فأنا أيضاً غيرت شكل العقاب وفي سورة هود (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)) ختام الآية هل هو تهديد وإنذار لكل من يسير على هذه الطريق؟ د. هداية: كل شيء ذكر في القرآن له هدف أن تنتبه لكل ما حصل للأقوام موعظة لك لأن القرآن كتاب منهج وكتاب يحمل التبشير والإنذار كما يحمل هذه يحمل هذه وقصر بعض الآيات على هذه وبعضها على هذه وقال للرسول (مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ (99) المائدة) أي بلاغ؟ في سورة يوسف قال (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) يوسف) يعني هذا القرآن يحمل قصص السابقين حتى تنتبه أن كل واحد كان له عقاب كان من جنس عمله كما ذكرت مسألة عاليها سافلها. وهذا الكلام له معنى لغوي بلازم المعنى خطير ومبدع. وعقابهم حتى من أصحاب هذه القرون من بعد محمد r سيكون بهذه الطريقة يوم القيامة مثل الزناة. قضيتنا الحقيقية هل كتب الله علينا هذا أم أن الله تعالى خلق نفسي ونفسك في أحسن تقويم وأنت عليك أن تعمل؟ المقدم: ملحوظة مهمة جداً هل يكون ضمن المشاكل والعولمة التي نعرفها أن بعض الناس لا تعرف ولكن الفضول يقتله فيدخل القنوات الفضائية الغربية التي فيها شذوذ وأمور غريبة أو بعض المواقع على الانترنت فهل هذا يفتح المجال لهؤلاء الناس الذين كانوا أسوياء أن يجربوا هذه الأمور ويبدأ سقف الرغبات يرتفع. زمان كان كل واحد راضي بزوجته أما الآن ومع ظهور الفضائيات وظهور فتيات عاريات وأجسادهن ظاهرة فأصبح كل واحد ينظر إلى زوجته بشكل أنه غير راض عنها وإنما يريد مما يراه فهل ننصح الناس أن لا يتفرجوا ويقفلوا أبواب الشيطان هذه؟ د. هداية: كل كلمة في القرآن جاءت لتضع الأمور في نصابها يعني ساعة قال لا تقربوا الزنا يعني لا تقربه من أي ناحية من أي باب، لا تقربوا لا تعني لا تزني وإنما لا تقربه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) المائدة) جاء على الكبائر وقال مرة في الزنا لا تقربوا وفي الخمر والميسر قال فاجتنبوه ماذا يعني تجتنبوه؟ يعني لا تدخل مكاناً فيه خمر ولا تجلس مع أحد يشرب الخمر أو يلعب الميسر الأوامر ليست هكذا وهي ليست مسألة تشدد. المقدم: يعني لا يقول أحدهم أنا أذهب معهم الخمارة لكني لن أشرب! د. هداية: لو كان الأمر كذلك لما قال تعالى (فَاجْتَنِبُوهُ). كل صانع صنعة ولله المثل الأعلى أدرى بصنعته فصانع هذه الصنعة سبحانه وتعالى الخالق الأعظم قال اجتبنوا، لا تقرب ثم قال صلّ، أعطانا ما يضر وما يصون فلما قال أقيموا الصلاة هذه صيانة الصنعة أن تعمل لها ما يصونها ولما تدرس معنى الصلاة (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ (45) العنكبوت) والبعض يقول فلان يصلي ويرتكب المعاصي نقول له هذا لا يصلي هذا صلّى وما صلّى، عمل حركات ولم يعمل المضمون الذي يعطي مناط الأمر بالتكليف. كالذي يقول لك كيف أعرف أني بت؟ إسأله هل رجعت للذنب ثانية؟ لإذا عاد يعني لم يتب. بعدما تكلم في سورة الفرقان (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)) ثم قال (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) الذي يعمل هذه له دليل يدله إن كان تاب أو لم يتب فقال (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)) يعني حتى تعرف إن كانت قبلت أم لا عليك أن لا ترجع، المتاب مكان آمن المفروض أن تذهب إليه ولا تعود منه لأنك لو خرجت منه فأنت لم تتب وطالما فتحت باب العودة تكون لم تدخل أو تكون قد دخلت بنية غير صادقة. القضية أنه لو فهمت هذه الآية (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) سنفهم ما معنى قضاء ما معنى قدر وما معنى عمل وفعل وحدث وحادث، حلقة اليوم هل فوجئ الله تبارك وتعالى بها؟ حاشاه وإنما هي مقدرة لنا من قبل آدم عليه السلام وسنثبت ذلك. نحن وقفنا عند المشيئة والهدى (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) المشيئة لله أولاً وللنفس ثانياً والهداية هدايتان هداية دلالة رسول يرسله الله تبارك وتعالى يدل على الطريق وهداية معونة تجعل النفس تقبل هذا الهدى وتعمل به (وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ (43) الأعراف) وهناك حديث للرسول r لو فهمناه نفهم المسألة "فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه" لماذا الأولى فليحمد الله والثانية فلا يلومن إلا نفسه؟ إذن المسألة مقسومة على اثنين لو دخلت الجنة إسمع كلام أهل الجنة داخل الجنة (وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ) كلام أهل الجنة داخل الجنة جعلهم يقولون أن هناك عملية تمت من الله تعالى ونحن قبلناها وحتى قبولنا بها بفضل من الله تبارك وتعالى (وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ) إذن هداهم هدايتان وهناك هداية ثالثة أيضاً، هداية الدلالة من الرسول وهي في الأصل من الله لأنه أرسل الرسول وهداية المعونة من الله أن جعلنا نستقبل هذه الهداية والهداية الثالثة نحن اهتدينا فهذا بفضل الله تعالى. المقدم: السؤال الذي نريد أن نطرحه في مسألة الهدى والهداية وربنا يتدخل لغاية أين ويترك الإنسان لغاية أين ثم يتركه لتلقي الهداية ناس كثيرة لا تفهم هذا الكلام وكثيرون يعتقدون أننا نقصد الزمن الذي نحن فيه وإنما الموضوع قديم قدم الرسالة والآيات تدل على أن الناس من زمان غير فاهمة فالله تعالى يقول (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) النساء) لو توقفت الآيات هنا لفهمنا أن السيئة والحسنة من عند الله تعالى وأنه هو يقدر الخير والشر لكن الآيات بعدها تقول (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا (79)) فما الفرق بين (كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ) في آية (فَمِن نَّفْسِكَ) في الآية الثانية؟ د. هداية: القضية واحدة لكن هي مسألة الضمائر والمفهوم. الكافر يعمل الحكاية التي أنت ذكرتها أن الله تعالى كتب عليه هذا فهذه صورة التخلص من الذنب مثل شمّاعة إبليس كل ما يحصل من إبليس فأين النفس؟ هم قالوا الحسنات من عند الله والسيئات من محمد r يعني بسبب أنك إما أنك لم توصل أو لم تعرف تشرح. هذه المسألة تتكلم في وقوع الحسنة والسيئة هو قال (كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ) تقديراً لا قدراً. الفرق أن القضاء هو ما قضى الله به أزلاً والقدر هو وقوع القضاء. القضاء (كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ) والقدر الخير الذي أعمله فبفضل من الله والسيئة أنا الذي أخطأت فيها. هذا موضوع المشيئة والقضاء والقدر. المقدم: أذكر كلام الرسول r "لا ينزل بلاء إلا بمعصية ولا يرفع إلا بتوبة" د. هداية: هذا ليس حديثاً للرسول وإنما قول. المقدم: الإنسان لما يعمل معصية يرى العقوبة ضيق في الرزق ولا ترفع إلا بتوبة. د. هداية: هذه قضية ثانية. دعنا في موضوع (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) التكوير) الكلام على القرآن (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) التكوير) فالذي يريد أن يستقيم ويعمل به والذي يفتح المنهج ويعمل به غليه أن لا يغتر بعمله (وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ). نضع عنوانين من توصيف هذا الإله الحق سبحانه وتعالى أنه لا يُعبد إلا بإذنه ولا يُعصى إلا بعلمه يعني ربنا لم يفاجأ بأبو جهل يكفر، السؤال الذكي ما ذنب أبو جهل؟ وما فضل الصدّيق وما ذنب أبو جهل؟ طالما المشيئة أنه وما تشاؤون إلا أن يشاء الله فمن شاء الهدى أو الهداية قدّر الله له ذلك ومن شاء الكفر والمعصية قدّر الله له ذلك إذا ما هي القضية؟ الآية 12 سورة السجدة (رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)) وفي موطن آخر قال (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ (100) المؤمنون) فقال له (كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)) رب العالمين رد عليهم فقال (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) قال مني وليس عليّ وقال (حَقَّ الْقَوْلُ) ولم يقل وقع القول أو قدّرت، حق القول يعني القول هذا في الجنة والنار حق الذي دخل هنا يستاهل والذي دخل هنا يستاهل. أنت تقول في سورة النساء أن النزاع قديم منذ نزل القرآن وأنا أقول من عهد آدم هناك نزاع بل إن هذا النزاع وقع بين موسى عليه السلام وهو نبي رسول وبين آدم عليه السلام وتكلم موسى بالحديث الصحيح عند مسلم بما يتكلم فيه الناس الآن وليس عيباً أن نسأل أسئلة وأن نتعلم وليس عيباً أن تقول كما تقول أسئلة تودي في داهية، موسى تكلم في كلام يتكلمه الآن عامة الناس قال لآدم أنت أبونا ولكن أخطأت وأتعبتنا وموسى هنا يتكلم ببشرية محض وآدم رد عليه فقال أنت نبي رسول اصطفاك الله كيف توجه إلي اللوم بشيء قدره الله عليّ وإذا قدّره على آدم يعني قدّره على بني آدم والرسول r يرد على القولين فيقول فحجّ آدمُ موسى يعني هو الذي ربح في المحاجة هذه، حجة آدم أقوى. موسى يقول له أنت أخطأت فخطؤك أخرجنا فرد عليه آدم هذا شيء قدّره الله عليه، حجة موسى تعيد خطأ آدم لآدم، الكلام لا ينفي وقوع آدم في المعصية لكن ما سببها؟ سببها ما قدره الله أزلاً. في حديث صحيح للنبي r: كتب الله مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة" آدم وحواء عندما يُخلقا يحتاجان لأرض وسماء حتى يعيشا لكنه قال "قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة" خمسين ألف سنة جملة مجازية على سبيل لأن قدر الله أزلي. الرسول r يقول أن خلق أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يوماً ثم أربعين يوم علقة ثم أربعين يوم مضغة يعني 120 يوماً ثم يرسل الملك فيؤمر بأربع كلمات يكتب أولاً رزقه يعني رزق المولود، ويكتب أجله يعني قضى عليه الموت قبل الولادة (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) الملك) ويكتب عمله وشقي أو سعيد. البعض سيقول ربنا كتب علينا العمل؟ هذا الحديث يبين أن هذا الإله ومن يرسل من رسل لا يبررون الأمر وإنما يدبرون الأمر، الرسول r يقول خلقك في بطن أمك أربعين أربعين أربعين ثم يرسل الملك مكلف بهذا ويكتب أربع كلمات رزقك وأجلك وعملك وشقي أو سعيد، شقي أو سعيد لا نفهمها على أنها في الدنيا وإنما في الآخرة نتيجة عملك. فيقول الرسول r يحلف " والذي لا إله غيره إن أحدكم يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب (أي القضاء) فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، هذا مكتوب له في القضاء أنه من أهل النار مع أنه عاش بعمل أهل الجنة حتى لم يبق بينه وبينها إلا ذراع أي الموت فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، حتى لو عمل بعمل أهل النار يوم أو ساعة. لو انتهى الحديث هنا كان هناك مشكلة لكن قال العكس: وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. قال في الحالتين أن يدخلها والرسول r يريد أن يقول لنا أن ما قضى الله به أولاً لن يتغير. المقدم: الناس تستدل بآيات من القرآن، القرآن يقول (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (18) فاطر) فكيف أعبد ربنا سبعين سنة ثم أعمل معصية ولا أعرف أن أتوب وأموت وأنا لا أعرف أجلي فكأن سبعين سنة عبادة ضاعت في الهواء فأين الميزان؟! السؤال بالمنطق البشري أناس كثير يسألوه هل يمكن أن أعيش ستين سنة في طاعة مستمرة وشكلي ذاهب للجنة ثم أعمل معصية وأُقبض قبل أن أتوب منها فمعنى حديث الرسول r أن الستين سنة هذه بكل حسناتها لا تحسب والمعصية الوحيدة التي عملتها ولم أتب منها هي التي ستدخلني النار؟ أعتقد هذا ظلم! هكذا يقول الناس! د. هداية: الكلام ليس هكذا، هذا افتراض الناس لفهمهم وهذه هي المشكلة كلٌ يفهم الحديث على مزاجه. الرسول r لم يقل معصية واحدة وإنما قال (فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) والثاني (فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) ما معنى هذا؟ يعني اعتقد سعني حصل تغيير في العقيدة وعمل بعمل إحداها فلا بد أن يدخل إحداها. لو أحدهم ولد مسلماً وكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسناه أو ينصرانه يعني يعملوا فيه تغيير في العقيدة هذه تشرحها (فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14) السجدة) أو نسيتم الفطرة التي أقررتم بالوحدانية فيها فذوقوا لقاء يومكم هذا. الرجل ولد مسلماً ثم دان بغير الإسلام وعاش ثلاثين سنة بغير الإسلام ثم سمع قرآناً أو قرأ كتاباً أو سمع برنامجاً فهداه الله هذا يصدق عليه فيسبق عليه الكتاب، سبق عليه الكتاب فتغير اعتقاده من الكفر إلى الإيمان وعمل بعمل أهل الجنة. المقدم: فيعتبر ما فات من الذنوب التي عملها خلال السنوات الماضية غفرت لأنه آمن؟ د. هداية: وعمل بعمل أهل الجنة. والعكس بالنسبة لأهل النار ولد مسلماً وعاش مسلماً ثلاثين سنة ثم سمع واحداً أضله ودار في قلبه أنه لن يذهب لصلاة الفجر وسيشرب فتغير اعتقاده وعمل بعمل أهل النار فيجب أن يدخلها. السؤال الذي ييمكن أن ُسأل ما الفترة في كل منها؟ والاحتمالات؟ هو عاش ثلاثين سنة مسلم ثم تغير الاعتقاد في لحظة وفي لحظة أعلن كفره ومات أين تضعه؟ المفترض أنه ما بقي سيكون على ما مات عليه أو هل هناك احتمال أن يعدِّل؟ المقدم: البعض قد يقول أنه من الممكن لو عاش أن يرزقه الله تعالى من يسمع منه فيعود إلى الإيمان. د. هداية: هذا الرد (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا (13) السجدة) لو كان هذا سيحصل ما كان ضلّ أساساً. ومصيره إلى الذي أُطلق علمه فهو سبحانه وتعالى علِم ما كان وما يكون وما سوف يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون وسيحاسبه عليها وهذا ردنا على الذين قالوا لا توبة للعاجز قلنا لماذا؟ قالوا لأنه غير قادر ولو كان قادراً لعمل، نقول لهم ليس قادراً هذه أمامي أنا وأنت لكن الله تعالى سيحاسبه إن كان قادراً هل كان سيعمل أو لا يعمل وهو الوحيد سبحانه الذي يعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون. أشرح سريعاً حديث الرسول r:" لن يدخل احدكم الجنة بعمله" وهذا لا يعني أن لا تعمل وإنما عليك أن تعمل أكثر. الصحابة سألوا الرسول r حتى أنت؟ قال حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته أي يتغمدني ويتغمدكم. معنى الحديث أن الذي أمر بالعمل أمر بالعمل قال اعملوا هو الذي عنده الجزاء للجنة أو للنار، لهذا العمل أو ذاك لو أن دخول الجنة برحمة الله تبارك وتعالى السعي إلى هذه الرحمة هل يكون بالكسل والنوم أو بالعمل؟ بالعمل. لو أنك تأكدت بعد دراسات مستفيضة أن قول أهل الجنة في الجنة هو الذي يصادف المنطق الحق (وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ) هؤلاء الناس كانوا يعملوا. البعض يسأل لماذا العمل طالما دخول الجنة برحمة الله؟ نقول لهم إذا كان دخول الجنة برحمة الله فالسعي إلى إدراك هذه الرحمة لا يكون إلا بالعمل الصالح وبما أراده صاحب المنهج سبحانه وتعالى. المسألة أننا نحن نفهم الحوار على هوانا حتى نخرج أنفسنا من المسؤولية. المقدم: هل من ضمن الرحمة أن الذي كلفنا بالعمل سبحانه يعلم أننا ببشريتنا وضعفنا لن نحسن العمل على إطلاقه ولا أن نعدل العدل المطلق ولا أن نحسّن في عقيدتنا حتى نصل إلى درجة الكمال المطلق الذي يستحيل على البشر وهو من حق الإله الواحد القهار وبالتالي من رحمته بنا أن يتقبل هذا مع تقصيرنا ومع عدم إحساننا ومع نسياننا ومع غلكاتنا؟ د. هداية: هذا الكلام صحيح. هناك توبة وهدى من الله وهداية على الطريق واثناء الطريق لا بد أن أُخطيء. أزول حديث في التصنيف قال r: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" لم يقل ما عمل صان احتمال أنك إذا عملت لكن نيتك خير وقد تخطئ لكن إعمل ولا تخاف وإذا أخطأت تب إلى الله، إذا وقعت قم ولا تنسى نيتك وهدفك. إذا سرقت قد تكون غصباً عنك لكن بقاءك على هذا الخلق لا يكون غصباً عنك، إذن إن ربك لا يظلم أحداً. المقدم: كلمة (غصباً عنك) الناس تفهمها بشكل مختلف. إنسان لا يجد عملاً وهناك بطالة والأمور صعبة والظروف والأولاد جائعون ماذا أفعل؟ هل أسرق؟ د. هداية: السؤال هل كل الناس على هذه الحال؟ هل كلهم سيسرق أم أن معظمهم تحملوا أو بحثوا عن اي شغل حلال أو استجدى من الناس؟ لو غير المسلمين كلهم جاؤوا يوم القيامة قالوا لربنا أنت الذي خلقتنا عليه بقينا عليه ولم يسلم منهم أحد قد تكون حجتهم صحيحة وقد يدخلوا النار لكن لو أن واحداًً منهم فقط أسلم تقوم الحجة على الباقين لأنه وقّع المنطق ووقع قول الحق (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) التكوير) إذن ينبغي عليك أن تتحرك للهداية. رب العالمين لم يقفل باب التوبة والهداية أنت لا تعلم ما هو مكتوب لك لكن أمامك طريقان (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) البلد) المفروض أن أمشي في الخير لأن الله وضح لي الأمران. ما قضاه الله تبارك وتعالى بحكمته وخبرته هو الذي جعلني أمشي في طريق آخر يمشي في طريق آخر ولا أحد يقفل على الأول باب الرجوع ولم يقفل على الآخر باب النار فهذا بقي هنا بفضل من الله والآخر بقي بخطأ من نفسه ولكن بما قضاه الله تبارك وتعالى وهنا – وقد تكون الحلقة القادمة – الفرق بين الخبرة والعلم الذي هو مطلقاً لله تعالى ونحن كلق بمنتهى البجاحة نحاسبه تعالى على الخبرة. مثلاً إذا ضاف بي الحال فقلت لي إذهب إلى هذه الشركة سيعطوك مرتباً كبيراً وفي الطريق اقول لنفسي عندما اقابل رئيس مجلس الإدارة وأملي عليه ما أريده وساحضر في الوقت الذي يعجبني وأترك في الوقت الذي يعجبني، هذا بالنسبة للبشر فما بالك بالإله الخالق الذي لم ينازعه أحد في الخلق ولا في الرزق ولا في المرض ولا في الشفاء أنت تنازعه فيما لا قدرة لك حتى على إثباته وهو منطق المِلك لأن الناس تخلط ما بين الخبرة والكتابة أنه كتب علينا كذا. ضربنا مثال سابقاً رجل عنده ولدين في الثانوية العامة فحجز لأحد أولاده مكاناً في كلية الشرطة والآخر سيكون مهنياً في ورشة لأنه لن ينجح وعندما ظهرت النتيجة وأحد الأولاد تسعني في المائة والآخر رسب فهل الأول نجح لأن أبوه حجز له مكاناً في كلية الشرطة والآخر رسب لأن أبوه قال هذا؟ الأول نجح سعيه وجهده وجدّه والأب بخبرته عرف هذا والآخر رسب بعدم مذاكرته والأب بخبرته عرف هذا. لو الأب حاشا لله تفاجأ أن الولد الثاني حصل على سبعين في المائة سيفرح الأب بنتيجة الولد ولن يحزن على خبرته أنه توقع رسوبه؟! لا تعاقب الأب على خبرته فلا يقول الولد الثاني لأبيه بعد أن رسب لماذا حجرت لي مكاناً في الورشة؟ فهل نعاقب نحن الإله على خبرته؟ حاشاه! المفروض علينا عندما قال تعالى (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا (13) السجدة) فأقول الحمد لله الذي جعلني ممن قرأوا المنهج وعملوا به. إذن نحن في منطقة تحتاج تدبر في معنى القضاء والقدر وفي معنى المشيئة. المقدم: إن شاء الله نخصص الحلقة القادمة في موضوع القضاء والقدر من الآيات والحديث حتى تكون العقيدة صحيحة ومستقرة وواضحة ويتفرغ الإنسان لإحسان العمل وإتقانه عسى أن نكون ممن يستحقون العفو والعتق من النيران والفوز بجنات العدنان. بُثّت الحلقة بتاريخ 11/11/2008م |
التوبة والاستغفار 89 تقديم علاء بسيوني القضية خطيرة وهناك أسئلة يسألها الناس لكن عندنا أكثر من وقفة مع القرآن الكريم وفي كلام الرسول r وخاصة في حديث جبريل عندما سأله عن الإيمان والإسلام والإحسان نبدأ من هذه النقطة في هذا الحديث الشريف ونتعرف على التوصيف الحقيقي للإيمان وعلاقته بالغيب وعلاقة الغيب بالإيمان الصحيح والعقيدة السليمة للإنسان المسلم. د. هداية: هذا موضوع شائك جداً والتسليم به هو الفارق بين العقيدة السليمة والعقيدة الفاسدة العياذ بالله. وأذكر الناس أن أسئلة القبر كلها مبنية على العقيدة وهي ملخص اعتقاد الإنسان في حياته. الإنسان يحيا ويموت على ما اعتقد. يجب أن نضع كلمات نعيش عليها لنحاول أن نصل إلى ما أراده الله تعالى من خلق الإنسان (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) هذه الآية على ظاهرها فيها مشكلة كبيرة وقد يستغرق الحديث هذه الحلقة والحلقة القادمة عن هذه الآية ونحن نتكلم عن القضاء والقدر لأنه سئلنا ما الذي أوصلنا إلى هذه الأزمة؟ الذي أوصلنا لهذه المرحلة أننا نعيش على اعتقادات وخطأ شائع يُبنى عليه الاعتقاد وتسير المسألة ثم يرتاح الإنسان لهذا المفهوم فلماذا التغيير؟! وهذه تظهر في المعتقدات الفاسدة هل نحجّ للميت وهل نقرأ القرآن للميت وهل نجري ماء للميت والذي يفعل هذا إنما يفعله لكي يعامل بالمثل لأنه يعتقد أن هذه المسألة سنتفع الميت وأنها لا تقتصر على رفع الدرجات وإنما قد تخرج من النار وتدخل الجنة بحسب اعتقادهم الفاسد. القرآن غير هذا تماماً المفهوم الاعتقادي في القرآن (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) النجم). المقدم: الأسئلة التي ليس لها رد نسأل الناس لماذا لم تتبرع بمالك في حياتك؟ لماذا لم تجري ماء ليشرب الناس منه؟ لماذا لم تحج؟ لماذا تنتظر أن تموت لكي يحج عنك أحد؟ د. هداية: ومفهوم القرآن في الجزاء والعقاب كما ذكرت في البداية لو هذا الاعتقاد صحيح فما فائدة الجنة والنار؟ وما فائدة أن تكون أول سورة في الكتاب (مالك يوم الدين) وأنت تقرأها سبعة عشر مرة في اليوم هل فكرت بيوم الدين؟ هل فكرت بمالك يوم الدين؟ أنت تقرأها سبعة عشر مرة ولا يقف عندها أحد وهي موجودة في فاتحة الكتاب (مالك يوم الدين) لماذا نقرأها سبعة عشر مرة؟ ولماذا جاءت في أول الكتاب؟ ساعة قعد الصحابة عن سؤال الرسول في قضية من أخطر قضايا العقيدة وهو تعريف الإيمان وتعريف الإسلام وتعريف الإحسان والسؤال عن الساعة، من الذي جاء؟ ومن الذي أرسل؟ ولماذا؟ أرسل الله تبارك وتعالى جبريل الأمين ليسأل محمداً r أسئلة واضحة في وجود الصحابة كأني بالله تبارك وتعالى يذكرنا أنه لما لم يسأل الصحابة هذه الأسئلة كانت الفترة التي ينبغي أن تُسأل فيها هذه الأسئلة لتبني عليها العقيدة الصحيحة. ولذلك في كلام عمر في هذا الحديث أنه يقول: رجل لا نعرفه شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ولا تبدو عليه آثار السفر ويجلس إلى الرسول ثم يبدأ يسأل. نحن لن نكرر الحديث لأننا ذكرناه كثيراً لكني سآخذ أركان العقيدة في الإيمان لما سأله عن الإسلام نعرفها لكن لما سأله فأخبرني عن الإيمان هل سأله عن الإيمان كتوصيف أو كتوقيع أو أنا كرجل أسلمت لله تبارك وتعالى وقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ماذا عليّ أن أفعل؟ قال جبريل: فأخبرني عن الإيمان لم يقل عرّف لي الإيمان، قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر الذي هو يوم الدين (هذا الترتيب مقصود): الله – الملائكة – الكتب (يجب أن تكون الملائكة قبل الكتب لأنها هي التي تحمل الكتب والوحي من السماء إلى الأرض للأنبياء) – الرسل – اليوم الآخر (الرسول يأتي ليحذرك من اليوم الآخر). وفي النهاية كرر مسألة الإيمان ولم يعطف على ما سبق فقال (وأن تؤمن بالقدر خيره وشره) تؤمن يعني تسلِّم لهذا قال بعدها (خيره وشره) يعني أن تؤمن بالقدر خيره وشره. المنطق يقول أن قدر الخير نفرح به لكن كيف أسلّم للقدر الشر؟ هذه قضية عقائدية أن الرجل الذي يكفر بالشر وبمصائب الأمور ولو عنده تفكير لعلم أن هذا يجب أن يحصل لكي يمحص إيمانه والله تعالى غني عن هذا لكنه يريد أن يثبته للناس (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) ليس معنى أن تقول آمنت أنه لن يصيبك شيء. عندما قال الرسول r (وأن تؤمن بالقدر خيره وشره) قال له جبريل: صدقت. إذن الذي قاله الرسول جاءت ليس من اعتقاده وتفكيره وإنما (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) النجم) (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) النجم) لهذا في هذا الحديث بعدما فرغ جبريل عليه السلام وذهب قال الرسول r لصحابته نادوه ثانية وتتبعوه فلم يجدوه فسألهم هل تعرفون من هذا؟ هذا جبريل جاء يعلمكم أمور دينكم وفي رواية دينكم. هذا يثبت أن أمور الدين تحتاج إلى تعلم ولا ينفع أن أحسب الأمور على مزاجي ووفق هواي. لما قعد الصحابة عن السؤال في قضية مهمة أرسل الله تعالى جبريل عليه السلام حامل الوحي ليعلمهم وهو يسأل والرسول يجيب. من أركان الإيمان في العقيدة أن تؤمن بالقدر خيره وشره. القدر أو الأحداث التي تحصل، هل فاجأ اللهَ تعالى الأحداثُ التي تحصل؟ حاشاه! إذن كل شيء يحصل هو قدر بما قضاه الله أزلاً ولهذا القرآن في القضايا (إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (35) مريم) (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس) يشرحها بطريقة مبدعة في اللغة. القضاء هو ما قضاه الله تبارك وتعالى أزلاً قبل خلق الإنسان لأنه لا ينفع أن يكون للإله الحق مفاجآت بل كما ذكرنا في الحديث من أكثر من حلقة بأن الله كتب مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة (خمسين ألف سنة) على سبيل التهويل. المولى عز وجل لا يفاجأ بشيء لأنه هو خالق كل شيء وصانع كل شيء وذكرنا سابقاً أن من صفات هذا الإله أنه لا يُعبد إلا بإذنه ولا يُعصى إلا بعلمه. عندنا مفهوم خاطئ حتى في الإيمان ونحن مؤمنين، بعض المؤمنين في مسألة (كن فيكون) البعض يعتقد أن كُن هي التي تعمل الشيء، هذا مفهوم في منتهى الخطورة وهم ينسبون الكلام لعلماء، هم يفهمون خطأ، هم يتصورون أن كلمة كن فيكون هي التي توجد الشيء ونحن ذكرنا أنه تعالى يقول (إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (35) مريم) (له) تعني أنه موجود لكن كثيرين يعتقدون أن (كن) هي التي تعمل الشيء وبعض علمائنا قالوا (كن) بالنسبة لنا إظهار والبعض فهمها خطأ أنها تدخل في مسألة التكوين. كل شيء أعد سلفاً قبل خلق السموات والأرض. أنت كإنسان الله تعالى كتب مقاديرك قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. المقدم: بعض الناس تقول أنتم تقولون ليس هناك صُدف وأن الله تعالى لا يُفاجأ بشيء لم يكن يعرفه أو مقدِّره لكن في القرآن الكريم قال تعالى أنه قضى بشيء ما حتى يعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (143) البقرة) هذا علم إظهار، والحوار الرسالة لبني إسرائيل عن كفرهم وقتلهم الأنبياء والإفساد ثم يقول لبني إسرائيل (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا (8) الإسراء) كأن رب العالمين ينتظرهم إن عادوا؟ كأن الكلام معلّق ومشروط بالذي يفعلوه. هل هذا الكلام معناه أن هذه الآيات تناقض المفهوم الذي طرحناه أو أن معاني الآيات مختلفة عما يفهمه كثير من الناس. د. هداية: الآية الأولى يمكن أن يكون فيها لبس أكثر من الآية الثانية هذا إن كان هناك لبس وعند من إعتقد الإعتقاد السليم حتى بعيداً عن دراسة اللغة وعلم اللغة والصرف والنحو الذي يعتقد الاعتقاد السليم يسلِّم أن هذا الكلام أكيد له حكمة أو غاية فلما يقول الحق تبارك وتعالى (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ) اعتقادي أن الله تبارك وتعالى يعلم كل شيء ما سبق والحاضر والمستقبل وعند الحكماء أن الله تبارك وتعالى يعلم ما كان وما يكون وما سوف يكون وما لا يكون لو كان كيف كان يكون فهم وضعوا احتمال الذي لم يحصل لو حصل الله تعالى يعلمه سبحانه. في بعض الكتب للأسف الشديد الناس تطرح أفكار بتصورهم وهذا لا ينفع فقالوا مثلاً الأطفال الذي ماتوا وهم صغار سيبعثهم الله يوم القيامة ويوقفهم في عرصات القيامة ثم يرسل لهم نبياً فيرى هل سيؤمنوا أو لا، هذا كلام فارغ لأن الله تبارك وتعالى بعلمه غنيٌ عن هذا. القاعدة أن الذي مات قبل التكليف (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ولازم معنى إرسال الرسول التكليف وسن التكليف فلما يموت الطفل وعنده ثلاث سنوات أو سنتين يرسل الله له نبي ليرى إن كان سيؤمن؟ هذا كلام فارغ. نصيغ المسألة بصيغة ثانية الله تبارك وتعالى بعلمه يعلم لو أدرك هذا الطفل سن التكليف هل سيؤمن أو لا يؤمن. هذه الآية ربنا يبين لما لماذا تم تحويل القبلة، وما هي الغاية من تحويل القبلة؟ بعض الفلاسفة من اليهود قالوا أنتم كنتم تتبعون قبلتنا فقال تعالى (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ) (لنعلم) في الاعتقاد السليم عند رجل مؤمن لأننا في أصل حديث جبريل الذي ذكرناه أن تؤمن بالله، ما معنى تؤمن بالله؟ هل تعني تسلّم لله أو تؤمن بالقدر خيره وشره؟ هل تسلِّم لأحد لا تعرفه أم عليك أن تبحث عن كُنه هذا الإله. المقدم: هل المقصود التسليم وهذا الذي يفرق بين الموحدين والملحدين الذين قالوا نحن أبناء الطبيعة والكون مجرد طفرة جينية طبيعية، فهل الإيمان بالله معناه التسليم بوجود خالق لهذا الكون؟ د. هداية: طبعاً التسليم بوجود خالق قادر وقدرته ليس لها قدرة وإنما مطلقة. المقدم: إذن هذه من مراحل الإيمان؟ د. هداية: نعم طبعاً والرزق لا ينحصر في الفلوس كما يظن الناس ولو قلنا ينحصر في المال مقبولة لأن المال هو كل ما لك وليس النقود. نحن عندنا قصور في الفهم وعلينا أن نعترف بهذا. لما يقول تعالى (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ) إلا لنعلم يعني إلا لنبين للناس، كما نجري نحن امتحانات للطلبة، الأستاذ بخبرته يمكن أن يعلم إذا كان هذا الطالب ناجح أو راسب لكن بهذه الطريقة الطالب سيقول للأستاذ أنت ظلمتني، ورقة الامتحان دليل وبيان للطلاب فلما يقول تعالى (إلا لنعلم) معناه إلا لنظهر، إلا لنبين للناس وليس للإله لأن علم الإله هنا علم تحقيق وعلم وقوع، أمر يقع أمامك لترى لماذا وقع. تحويل القبلة لا يفرق عن قضية الإسراء، البعض كذّب قصة الإسراء والبعض صدّقها وكذلك قضية القبلة. أما سؤالك عن (وإن عدتم عدنا) هذا إنذار وليس لها علاقة بالعلم، إذا أراد الناس أن يجربوا قدرة الله تعالى فليفعلوا، هذه المقولة (وإن عدتم عدنا) لو قالها إنسان قوي ليست كما لو قالها إنسان ضعيف، من الذي قال مهمة جداً وقدرة الذي قال مهمة. البحث هو هل عادوا أم لا؟ هذه تبين المعاني وهذا إنذار من القوي القدير. حديث رواه أبو هريرة عن رسول الله r أن بعض مشركي قريش ذهبوا يخاصموا الرسول في القدر واذكر ما قاله الرسول r في مخاصمة آدم وموسى عليهما السلام فحجّ آدم موسى حجّة آدم أقوى من حجة موسى فذهب بعض مشركي قريش يخاصموا الرسول في القدر والحديث في مسلم فلما خاصموه في القدر وقبل أن يرد الرسول r عليهم نزل القرآن المعجز وتكلم عن يوم القيامة مباشرة (ويوم يسحبون على وجوههم في النار) يكلمهم عن يوم الجزاء (ذوقوا مس سقر) قوة هذا الإله الحق (إنا كل شيء خلقناه بقدر) يعني الذي سيخاصم في هذه القضية سيسحب على وجهه وسيقال له يوم لا ينفع لا محاجة ولا مناقشة (ذوقوا مس سقر) لم يقل لا تفعلوا هذا وإنما قال (إنا كل شيء خلقناه بقدر وما أمرنا إلا كلمح بالبصر) الله تعالى لا يحرّم المناقشة وإنما يحرِّم الكِبر أن يقول أحدهم هذا كلام غير منطقي فقال (ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر) خذ هذه الآية وقس عليها كل الآيات التي تكلمت عن (إنا كل شيء خلقناه بقدر) (إنما أمره إذا أراد شيئاً) وانظر كيف قيلت وما هي معانيها؟ المقدم: الكِبر هو حجر الزاوية في العقيدة لأن الذي يفعله يكون قد تشبه بإبليس. يقفل القلب ويمنع الإنسان من أن يتلقى تلقي سليم ويتدبر ويؤمن. د. هداية: ذكرنا الآية (فذوقوا بما نسيتم) ماذا نسيتم؟ نسيتم الميثاق؟ نسيتم العهد؟ نسيتم الفطرة؟ المقدم: ننتقل من سورة السجدة إلى سورة البقرة (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)). (وإذا قضى أمراً) ما معناها؟ هل تعني عندما؟ د. هداية: نعم معناها عندما. المقدم: الآيات تكلمت عن المشرق والمغرب ولها علاقة بالإتجاهات والسموات والأرض ثم تكلمت عن قضية التوحيد لأن العقيدة لا تنفع أن تكون سليمة إلا إذا كانت مبنية على التوحيد. هذه الآية (وقالوا اتخذ الله ولداً) ثم في الآية (118) يقول (تشابهت قلوبهم) في تفسير الشوكاني قال المراد بقوله (وقال الذين لا يعلمون) قيل اليهود لأنهم قالوا عزير انب الله وقيل النصارى لأنهم قالوا المسيح ابن الله وقيل مشركو العرب الذين قالوا الملائكة بنات الله. د. هداية: هم الكل، هذه قضية التفسير، في هذا النص لم يحدد من الذي قال وإتما قال (وقال) يشمل كل الذي قال من جميع الطوائف. القضية ليست فيمن قال وإنما إتخاذ الله للولد. وفي اللغة الولد تقال للذكر والأنثى. القضية في هذه الآية لا يناقش قضية المسيح وإنما يناقش قضية إتخاذ الله للولد حاشاه ولذلك قال تعالى بعدها (بديع السموات والأرض) لم يقل خالق السموات والأرض لنه ليس من الإبداع أن يتخذ الخالق ولداً والإله الخالق المبدع لا يتخذ ولداً لأنه لا يحتاج. إتخاذ الولد لا يحتاج إلا للإحتياج وإذا سألت أحد الفلاحين في الأرياف لماذا ينجب يقول لك حتى يهتم بالأرض وحتى أفرح به ويكون عزوة بدليل أنه لو جاءهم بنت يحزنوا وهذه فكرة قديمة من قبل الجاهلية وهذا الفكر ما زال سائداً إلى الآن. المقدم: (بديع السموات والأرض) ذكر الله تعالى السموات والأرض أكثر من مرة وذكر البارئ والمصور والخالق لكن ذكر بديع هنا مع مسألة التوحيد والعقيدة السليمة لا بد وأن لها سبب؟ د. هداية: الآية في أولها (وقالوا اتخذ الله ولداً سبحانه بل له ما في السموات والأرض كل له قانتون) هذه قضية نأخذها في أول الحلقة القادمة. (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) هل كل الإنس والجن عبدوه؟ هل البعض عبدوا؟ الناس قسمت قسمين ناس أسلمت طوعاً وناس أسلمت كرهاً (وله أسلم من في السموات والأرض كرهاً وطوعاً)، طوعاً يعني قالوا أشهد أن لا إله الله وأن فلان رسول الله من عهد آدم، سؤال جبريل للرسول تختص بالإيمان من عهد آدم فقال r أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وكأن الرسول r يقول أن كل حقبة فيها رسول معه كتاب أو إنذار أو خبر إن كان نبياً أو رسولاً فلو أنت مسلم صادفت أحد الأنبياء تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن هذا الرسول في هذا الزمن رسول الله، كل الأنبياء نحن لا يصح إسلامنا بعد إرسال محمد r بأن نقول أشهد أن لا إله الله فقط، هذه نصف الشهادة فلا تقولوا هي شهادتين هما شهادة واحدة وليست شهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن عيسى رسول الله، وأن موسى رسول الله، هذه هي الشهادة. قال (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) البعض يقول أن هناك من لا يعبد الله فنقول له هذا الكافر قانت لله مسلم غصباً عني التي هي (كل له قانتون) القنوت ليس من وجهة نظري أنا وإنما كل قانتون شاؤوا أم أبوا أعلنوا أم أسرّوا كل هذا يجب أن يفهم ولذلك قال تعالى (بل له ما في السموات والأرض) ذكر السموات والأرض هنا ثم قال (بديع السموات والأرض) بديع يعني أنت لا تفهم أن له الذي في السموات والأرض فقط وإنما هما له أيضاً، لم يقل (من) وإنما قال (ما) لأن (ما) تشمل وتعم، البعض قد يفهم أن له سبحانه الذي في السموات والأرض أما السموات والأرض فليستا له، هو له ما فيهما ومالكهما أيضاً فله كل شيء. بديع لأن الناس قالوا على مر العصور أنه حاشاه اتخذ ولداً لكن هذه ليست من صفات البديع لأن الذي يبدع السموات والأرض لا يحتاج لولد ولذلك لو انتبهنا إلى مسألة الاحتياج في الخلق في التوحيد وفي أخص سورة عن التوحيد قال (قل هو الله أحدالله الصمد) بعد أن قال الصمد أي الذي لا جوف له لا يحتاج إلى طعام ولا شراب قال (لم يلد ولم يولد) هذا منطق. المقدم: في مسألة قصة العزير مثلاً أو المسيح وطريقة خلقه ألا يعلم الله سبحانه وتعالى أن الخلق بهذا الصورة سيشكل فتنة للناس؟ الناس لم تر أحداً يموت ويرجع إلا في المعجزات فلما يرى الناس أن أحدهم مات ثم يحيا ألا يسبب هذا فتنة؟ وكذلك ميلاد المسيح عليه السلام من أنثى بدون رجل بدون زواج؟ ثم الناس على عهد عيسى يراه الناس يشفي الناس ويحيي الموتى بإذن الله تعالى، هذا كلام خارق للعادة، وجود شيء معجز خارق للنواميس الكونية سيوقع الناس في فتنة فلما يروا أحدهم مات مائة سنة ثم عاد سيقولون هذا ابن الله وكذلك عيسى يمكن أن يكون إلهاً أو ابن إله؟ د. هداية: طبعاً. هذا يسبب فتنة لمن؟ سبب فتنة للبعض وليس للكل، وقع في الفتنة بعض الناس الذين عاصروا هذه المعجزات فلو أنها فتنت كل الناس لقلنا أنه خطأ وإنما جزء من الناس فقط وقع في الفتنة فالباقون يشهدون على هؤلاء. الذين قالوا هذا يشهد على قدرة الله تعالى، المسيح عليه السلام ساعة أحيا الموتى قال أحيي الموتى بإذن الله ولم يدعي لنفسه شيئاً وهذه عظمة الأداء القرآني عندما تكلم عن المسيح عليه السلام. الاعتقاد الخاطئ يأتي من الناس وليس من القرآن، في القرآن الكريم قال تعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) السؤال (كن) هذه قبل الخلق أو بعد الخلق؟ الآية قالت خلقه، ثم قال له كن فيكون. القضية أن كُن ليست داخلة في الإيجاد وعلينا أن نصحح المفاهيم لدينا. يقول تعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) يعني خلقه تمّ ثم قال له كُن فيكون لم يقل كُن فكان. ساعة يقول (كُن) كان عيسى قد خُلق لأنه قال (خلقه). المقدم: الناس التي لم تفهم جيداً عندما سمعوا قوله تعالى (فنفخنا فيها من روحنا) قالوا هي روح الله نفخها في مريم إذن عيسى من روح الله يعني إبن الله. د. هداية: والله تعالى قال في آدم أيضاً (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي) يعني كل مخلوقات الله من البشر فيها نفخة الله تعالى ولا ننكر هذا. الآية التي أعرضها تقول للذين تصدروا في مسألة خلق عيسى لماذا لم تتصدروا لخلق آدم فعيسى عليه السلام وجد أماً تحمله أما آدم فليس له أم ولا أب! المسألة مسألة (كُن) لا تدخل في الإيجاد لأسباب لغوية كثيرة. لو قلت لي أنه يقول له كُن فيكون يعني يوجَد إذن هو يكلِّم المعدوم وكلام المعدوم ضرب من السفه، ولو قلت لي بعد خلقه يقول له كُن يعني هذا الإله الحق يقول للموجود اتوجد وهو موجود. من الذي وجده؟ الله تبارك وتعالى بقضائه الأزلي. الآية تتكلم في قضية خطيرة أن القدر تحقيق القضاء الأزلي، يعني قضاء الله الأزلي بعلاء بسيوني لم يتفاجأ الله تعالى أن مخرج البرنامج قال احضروا علاء بسيوني! قبل آدم هناك علاء وهذه قدرة الإله في الخلق ولو كنت فاهماً تسأل ما معنى كُن فيكون؟ المقدم: هذه قضية خطيرة وخطورتها أن الاعتقاد السليم مبني عليها وهذا سؤال القبر وهو الذي يحدد مصير الإنسان إلى الجنة باعتقاد سليم أو إلى النار باعتقاد خاطئ والعياذ بالله. نبدأ اللقاء القادم بـ(كُن فيكون) إن شاء الله تعالى. بُثّت الحلقة بتاريخ 18/11/2008م |
الساعة الآن 08:33 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |