منتديات المُنى والأرب - أول مصنع لتدوير النفايات بالقطاع بأيد فلسطينية

في منطقة تل السلطان غرب محافظة رفح جنوب قطاع غزة، وعلى بُعد 500 متر من الحدود المصرية الفلسطينية، أقيم أول مصنعٍ لإعادة فرز وتدوير النفايات الصلبة على مستوى القطاع، وذلك بتفكير وتصميم فلسطيني بحت، وبأيد عاملة محلية.

وتكمن أهمية هذا المشروع الضخم والذي أنجزت أولى مراحله وفق القائمين عليه، بالمساعدة إلى حدٍ كبير في المحافظة على نظافة البيئة، من خلال التخلصِ من كميات النفايات الهائلة المُتكدسة في المكبات العشوائية، والذاهبة للمكب الرئيس الذي أقيم بطريقةٍ غير علمية، وأصبح بمثابة وباء بيئي شرقي رفح.

التخلص من النفايات

يقول رئيس بلدية رفح صبحي أبو رضوان إنّ" المشروع الذي أقامته جمعية أصدقاء البيئة بالتعاون مع البلدية وبتمويل من "UNDP"، يهدف للتخلص من كميات النفايات الصلبة المتكدسة بالمكبات العشوائية، والذاهبة للمكب الرئيس شرق المحافظة".

ويوضح أن المصنع ساهم في التخلص من نحو 40 طنًا من النفايات المتُكدسة، والتي تذهب لمكب صوفا، وكذلك التقليل من مساحة المكب، والقضاء على المكبات العشوائية، خاصة في منطقة تل السلطان، والتي كانت بمثابة كارثة بيئية للسكان القريبين من تلك المكبات.

ويشير إلى أن المصنع ساهم بتقليل نفقات نقل النفايات، وتحويلها لمواد صالحة للاستخدام من جديد، وتصدير الحديد للخارج، والورق لمصنع الورق شمال القطاع، وكذلك بالنسبة للبلاستك والزجاج، واستخراج السماد العضوي الصالح لزراعة، وتوفير فرص عمل لعشرات الأسر المحتاجة، ضمن نظام البطالة.

ويبين أبو رضوان أن المصنع أقيم على مساحة تُقدر بنحو 10 دونمات وبتكلفة وصلت لمليون دولار، وبأيد عاملة وخيرات محلية من كلا الجنسين، مؤكدًا أنه يعد أضخم مشروع على مستوى القطاع، ويُشكل أكبر تحدٍ لكسر الحصار المفروض على غزة.

نظافة البيئة

وبحسب المشرف على المصنع المهندس محمد النيرب فإن إنشاء هذا المصنع جاء من أجل الحفاظ على نظافة البيئة، نظرًا لأن جميع محافظات القطاع أصبحت تعاني من مشكلة النفايات.

ويقول "من هنا كان التفكير بإنشاء المحطة على مساحة 8 دونمات تقع على مقربة من الحدود الفلسطينية المصرية برفح".

ويبين أن مجموع نفايات رفح تزيد عن 120 طنًا يوميًا، يتم توريد الثلث تقريبًا للمحطة، فيما سيتم توريد الكمية جميعها ونفايات محافظة خان يونس، بما يقارب الـ 250طنًا يوميًا، في المستقبل القريب بعد اكتمال المشروع.

وينوه إلى أن آلية العمل بالمصنع تبدأ أولًا بجلب النفايات وتوزينها، ومن ثم حمل كمية بجراف صغير "كباش" وإلقائها بخط الفرز، وتصل لماكينة التفتيح، والتي تعمل على فتح الأكياس كبيرة الحجم "بواسطة شفرات حادة".

ويضيف "وتنقل بعدها للخط الصاعد الذي ينقلها لخط فرز داخل المصنع، وتقوم العاملات في هذه المرحلة بفرز البلاستك لوحده، والألمنيوم، الكرتون، والزجاج، فيما يوجد قالب مغناطيسي كبير يلتقط المواد المعدنية".

ويتابع "بالنسبة لفضلات الطعام تبقى تسير إلى أن تصل لقالب يحولها لسماد عضوي عبر مناخل كبيرة الحجم، بعد أن يتم معالجتها بماكينات التقليب والترطيب"، مبينًا أن هذا الإنجاز يُعد من صنُعٍ محلي عدا عن بعض القطع تم جلبها من مصر.

أياد نسائية

واللافت أن غالبية العاملين داخل المصنع هم من العنصر النسائي، فهناك نحو 26 عاملة تتراوح أعمارهن ما بين 30- 50 سنة يعملنّ داخل هذا المشروع، وذلك وفق مهندسة الزراعة وعلوم البيئة المشرفة على النساء إيناس أبو جامع.

وتلفت أبو جامع إلى أن هؤلاء النسوة من العوائل الفقيرة وسكان المناطق النائية، حيث يعملنّ براتب 1200 شيقل لمدة 22 يومًا، وبعد ذلك تأتي مجموعة أخرى للعمل على بند البطالة.

ويشترط بالمرأة التي تعمل - وفق أبو جامع- أن تكون غير حامل، وليست مصابة بالحساسية ومن أسرة فقيرة، وأن تعمل من الساعة الـ 8 صباحًا حتى الـ 2مساءً.

وحول طبيعة عملهنّ، توضح أن كل امرأة تقف مقابل نظيرتها وترتدي غطاء سميكا باليد "كفات"، وعلى فمها وأنفها واق "كمامة" قرب حاوية، ويقمن بجمع النفايات حسب التصنيف ويلقن بها داخل تلك الحاويات التي توجدها بأسفلها حاويات شبكية كبيرة.

وحسب أبو جامع، فإن عدد الحاويات ست، الأولى مخصصة لجمع البلاستك "مثل ورق الشبسي"، والثانية للبلاستك المقوى، والثالثة للألمنيوم الخفيف، والرابعة للزجاج، والخامسة للقماش ونظيره، والسادسة للحديد الخفيف، بينما الحديد الثقيل يتجمع بالقالب المغناطيسي، ويلقي به بسلة مخصصة.

فقر مدقع

ولجأت رضا الأم لعشرة أفراد لهذا العمل بسبب الفقر المُدقع الذي تعيشه أسرتها، كونها المُعيلة لها مُنذ 15عامًا نتيجة إصابة زوجها بالعمى وذلك أثناء عمله داخل الأراضي المُحتلة عام 1948، وعجز الأطباء عن علاجه حتى أصبح كفيفًا.

وتقول "مُنذ ذلك الحين لم أترك بابًا إلا وطرقته من أجل توفير قوت يومي لأبنائي، حتى لو اضطرني ذلك لعمل شاق قد يؤثر على صحتي مثل عملي في فرز النفايات"، مبررة ذلك لحاجتها الماسة للمال، نتيجة عجز زوجها عن العمل، فهي تشعر بالسعادة وتتحدى الروائح، كونها وجدت عملًا ولو كان شاقًا.

ولا يّختلف الحال كثيرًا بالنسبة لاكتمال (38عامًا) الأم لتسعة أفراد، بينهم اثنين يدرسان بالجامعات، فهي الأخرى لجأت للتسجيل بالمؤسسات الخيرية والمانحة للبحث عن فرصة عمل تُعيل أسرتها التي انقطع بها السُبل، بعد إصابة زوجها بالغضروف بسبب عمله الشاق بالبناء.

ولم يكُن مرض زوجها الوحيد الذي دفعها للبحث عن عمل –كما تقول-، فالديون المتراكمة عليهم وبيتهم المُترهل الذي لا يتعدى الـ 100 متر ومن الإسبست، ومصاريف بيتها اليومية، والتي يتجاوز منها 50 شيقلًا فقط مواصلات لأبنائها الذين يدرسون بالمدارس والجامعات، كلها دفعتها لذلك.

http://safa.ps/n2/images/uploads/092...1348917353.jpg

http://safa.ps/n2/images/uploads/092...1348917355.jpg

http://safa.ps/n2/images/uploads/092...1348917339.jpg

http://safa.ps/n2/images/uploads/092...1348917345.jpg

http://safa.ps/n2/images/uploads/092...1348917347.jpg

.http://safa.ps/n2/images/uploads/092...1348917349.jpg

http://safa.ps/n2/images/uploads/092...1348917351.jpg