![]() |
مجزرة صبرا وشاتيلا... الجرح النازف
ثلاثة ايام سوداء!!! تاريخ الشعب الفلسطيني ملئ بالايام السوداء، واحدى اكثرها حلكة هي الايام الثلاثة التي ارتكبت خلالها مذبحة صبرا وشاتيلا! لن ننسى! لو ان الزمن قفز عن تلك الايام الثلاثة من منتصف ايلول عام 1982، فكانت نهاية يوم الاربعاء الخامس عشر من ايلول، تعلن بداية يوم الاحد التاسع عشر من ذات الشهر، لكان التاريخ قد تغير، ولكان بين الف وخمسمائة وثلاثة آلاف انسان فلسطيني ما زالوا احياء، او ربما قد توفوا نتيجة للمرض او الشيخوخة، ولم يضطروا لمواجهة موتهم البشع بايدي مجرمين فقدوا الحس الانساني، واضحوا ماكينات قتل لا قلب لها. مئات من الفلسطينيين العزّل، من نساء واطفال وشيوخ، ذبحوا بايدي مجرمين امتهنوا قتل الابرياء، في زمن رديء ترك فيه الفلسطينيون في الشتات وحدهم دون نصير، فاعمل فيهم المجرم سكاكينه في وضح النهار، دون ان يهب "الاشقاء" للمساعدة، فبقي الفلسطيني وحده، يسطر ملحمة بطولية في دفتر الذاكرة الانسانية، الباقي بلا شك، حين سترمى بقية الدفاتر الى مزبلة التاريخ. ائتلاف رجعي شارك فيه المحتل الاسرائيلي واليمين اللبناني بالقتل الفعلي، والرجعية العربية وقوى الاستعمار بالصمت وغض الطرف، ووقف الفلسطيني رافعا بندقيته في وجه آلة حرب حطمت جيوشا، وصمد، الى ان استشرس المتآمرون، فاضطر للتراجع خطوة، لانه انسان يكره الشر لاحد، فترك المقاتلون الفلسطينيون بيروت بعد حصار دام ثمانين يوما عليها، وخرجوا ظانين ان الضمانات الدولية بسلامة اهاليهم اهل للثقة، ولكن هيهات، فبعد اسبوعين ذبح اهاليهم في ضاحية بيروت الجنوبية، في مخيم شاتيلا وحي صبرا، وكانت المجزرة! |
البداية: جيش الاحتلال يحاصر شاتيلا في الليلة بين يوم الثلاثاء الرابع عشر من ايلول، ويوم الاربعاء الخامس عشر منه، قتل الرئيس اللبناني بشير الجميّل في عملية تفجيرية استهدفت مقر حزب الكتائب في بيروت الشرقية، فزحفت قوات الاحتلال الاسرائيلية فجر اليوم التالي، وفرضت حصارا على منطقة صبرا وشاتيلا بدعوى "فرض الامن والنظام في المخيم الفلسطيني"، فقام عدد من سكان المنطقة بالتوجه الى قوات المحتل الاسرائيلي، محاولين طمأنته بعدم وجود سلاح بايدي اهالي المخيم، وحتى ان كان موجودا، فان كميته محدودة، وذلك في محاولة من الاهالي بابعاد الحصار عن بيوتهم، وبالعودة الى حياة طبيعية قدر المستطاع، ولكن هيهات، فلم يجد اهالي المنطقة اذنا صاغية لدى الجنود الاسرائيليين، الامر الذي جعل عددا من الشبان والشابات من سكان صبرا وشاتيلا، يخرجون لمواجهة الجنود الاسرائيليين بما لديهم من سلاح. وتؤكد الشهادات بان كمية السلاح الموجودة في المخيم ومحيطه بعد مغادرة المقاتلين، لم تكن لتكفي لساعات في مواجهة وحدة واحدة من جيش الاحتلال! يجمع اهالي المنطقة، الناجون من المذيحة، بأن الحصار الاسرائيلي فرض لتمهيد السبل لقوات حزب الكتائب اليميني اللبناني لارتكاب مجزرتها. وهذا ما يؤكده بالفعل عدد كبير من الخبراء والصحفيين الاجانب الذين زاروا المنطقة بعيد المجزرة، واطلعوا على المواقع التي تواجد فيها جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي. |
الخميس 16/9/1982: بحسب الشهادات التي جمعت بعد المجزرة، فان المذبحة بدأت بين الساعة الخامسة والساعة السادسة والنصف من مساء يوم الخميس، السادس عشر من ايلول عام 1982. ويأتي هذا الفارق لعدة اسباب، اهمها، ان بعض الشهود رأوا قوات الكتائب وهي تتجمع في المنطقة المحيطة، وتتأهب للدخول، وبعضهم تفاجأ بهذه القوات وهي داخل احياء المخيم. المواجهة مع الجنود الاسرائيليين كانت قد انتهت قبل دخول قوات المليشيا التابعة لحزب الكتائب اليميني، الامر الذي يدل على التنسيق بين الاخيرة وبين قوات الاحتلال الاسرائيلية، وعلى ان الحصار الاسرائيلي للمنطقة كان يهدف لافساح المجال لقوات الكتائب لدخول مخيم شاتيلا وحي صبرا. استمر القصف الاسرائيلي المدفعي للمنطقة طوال نهار الخميس، واستمر القناصة الاسرائيليون باطلاق النيران على بيوت المخيم والحي من مواقعهم المحيطة، طوال النهار ايضا، الامر الذي اخلى كافة الشوارع من المارة، وابقى الناس في بيوتها (لقمة سائغة للقتلة). اعتقد الناس ان القصف الاسرائيلي هو "الحدث المركزي" لذلك اليوم، فقد اعتادوا عليه طوال اشهر الصيف خلال حصار الايام الثمانين لبيروت، ولم يعلم المواطنون ما تخبئه لهم الساعات القليلة القريبة، فانتظروا بفارغ الصبر انتهاء القصف، وعودة الامور "الى طبيعتها"! مع حلول المساء، انسحبت القلة من المقاومين التي بقيت حتى تلك الساعة تواجه القصف المدفعي باطلاق الرصاص من بنادق الكلاشينكوف، واتفق المقاومون على العودة الى القتال مع بزوغ الفجر. ومع بدء السماء بالاسوداد، هدأ القصف، فبدأت زفرات الارتياح تملأ فضاء البيوت، الا ان القصف المدفعي كان قد انسحب من مقدمة مسرح الاحداث، تاركا دور البطولة في تلك الساعة للقنابل الضوئية التي انارت سماء المخيم ومنطقته. الفوج الاول من ضحايا المجزرة كانوا سكان حي الحرش وحي عرسال والحي الغربي، والمنطقة المحيطة بهذه الاحياء الثلاثة. |
يروي شهود العيان، بان ساعات المساء حملت الى المخيم كما كبيرا من المركبات العسكرية "الكتائبية"، التي قدر عدد المسلحين فيها بين الف والف وخمسمائة مسلح. واكّد شهود العيان بان عددا من المركبات العسكرية الاسرائيلية كانت تسير مع المركبات الكتائبية. مع غروب شمس الخميس، دخل الى مخيم شاتيلا قرابة ستمائة عنصر من عناصر المليشيا اليمينية، بعد تأكيد عدد من الشهود، ومنهم ضباط في الجيش اللبناني، ان المسلحين تجمعوا قبل دخولهم المخيم بجانب مقر القيادة العسكرية الاسرائيلية القريب. بدأ المسلحون بدخول البيوت في المخيم، وبدأ السكان المحيطون بالمنطقة التي دخلها المسلحون اولا، يسمعون صوت اطلاق الرصاص، واصوات العويل والصراخ والبكاء. وتقول شاهدات عيان ان قسما من المسلحين بدأ يضرب الشيوخ والنساء والاطفال ويلقيهم ارضا، والبعض الآخر بدأ بالتفتيش عن "صبايا حلوات" كما قال احد المجرمين لزميله، اما البقية فقد بدأت باطلاق الرصاص دون تفرقة، في جميع الجهات، وترافق اطلاق الرصاص بصراخ همجي وحشي "موتوا يا ارهابيين". |
تقول الروايات بأن فرقا من مليشيا الكتائب وصلت الى الملاجئ التي اختبأ بعض من اهلي المخيم فيها، الامر الذي يدل على وجود جواسيس بين اهالي المخيم، كانوا ينقلون الاخبار لمرتكبي الجريمة. وبعد المجزرة بدأت روايات عن سيارات غريبة دخلت المخيم قبل المجزرة، على الرغم من احكام المحتل الاسرائيلي قبضته على المنطقة، ومنعه ايا كان من الدخول او الخروج، حيث كان راكبوا هذه السيارات يسألون الاهالي عن مواقع الملاجئ في المخيم. استغل المجرمون ساعات الليل، وقنابل الانارة الاسرائيلية، فدخلوا منطقة الاحياء المذكورة اعلاه، واقتحموا كل بيوتها، بالاضافة الى تلك المجموعة التي وصلت الى الملاجئ، واخرجوا الناس من منازلهم، ليلاقوا موتهم. العديدون من الناجين تحدثوا عن ان مسلحي مليشيا الكتائب بقروا بطون الحوامل "لانهن رح يخلفوا ارهابيين"، وانهم خصوا الفتيان ايضا "لحتى ما يخلفوا ارهابيين زيهن"، وان العديد من المسلحين، شاركوا في عمليات اغتصاب جماعية لفتيات من المخيم، قبل قتلهن، دون ان يرمش لهم جفن. من الجدير بالذكر ان القصف الاسرائيلي المدفعي تجدد بعد دخول المسلحين الى المخيم، حيث كان الاسرائيليون يختارون المواقع التي تقصف بدقة لئلا يتواجد فيها اي فرد من افراد مليشيا الكتائب. هذا دليل آخر على تورط اسرائيل الكامل بهذه المذبحة. كيف "غفلت اعين" اعضاء لجنة التحقيق الرسمية الاسرائيلية "لجنة كاهان"، عن هذه الادلة حول مشاركة قوات الاحتلال بارتكاب المجزرة!!؟؟ |
بعض سكان مخيم شاتيل وحي صبرا، ناموا تلك الليلة دون ان يعرفوا ان مجزرة ترتكب في ضواحي المخيم، لان الاحياء التي دخلها القتلة كانت الاحياء المتواجدة في اطراف المخيم. توجه العديد من سكان مخيم شاتيلا وحي صبرا في تلك الليلة الى المستشفيات المحيطة بالمخيم، للاحتماء من القصف الاسرائيلي، كما توجه البعض الى الملاجئ، فكان مصير هؤلاء القتل الجماعي في اليوم التالي للمجزرة. مع بزوغ فجر يوم الجمعة، السابع عشر من ايلول، بدأت آثار الجريمة بالتكشف، فقد انتشرت الجثث في الشوارع وفي البيوت، وعرف فيما بعد ان عدد الذين قتلوا في اليوم الاول، كان اكثر من عدد القتلى في اليومين التاليين، وذلك لعدة عوامل، منها هرب قسم كبير الى الشمال متوجها نحو بيروت، واحتماء قسم آخر في المستشفيا او في السفارة الكويتية القريبة او بمواقع الجيش اللبناني(؟؟). |
الجمعة 17/9/1982: يوم الجمعة، اي يوم المجزرة الثاني، كان حافلا بالنشاط الدموي لمجرمي الحرب القتلة، فقد وصلتهم تعزيزات على شكل قوات اضافية من مليشيا الكتائب، فدخلوا المخيم، وبدأوا باطلاق نداء "سلّم تسلم"، الا ان الجثث الملقاة في الشوارع، دلّت على امر واحد، هو ان هذا النداء الذي اطلق عبر مكبرات الصوت، كان نداء كاذبا، وان افراد مليشيا الكتائب، لو استطاعوا، لقتلوا كل ما يتحرك في المخيم ومنطقته. اطلق المسلحون في اليوم الثاني للمجزرة، القنابل الفوسفورية على الملاجئ، مطورين بذلك اسلوب القتل، وبالتالي عدد الضحايا، فقضى غالبية من بداخل هذه الملاجئ حرقا، ومن لم يمت وحاول الهرب، انتظره المسلحون في الخارج، واطلقوا عليه الرصاص!! احدى الامور التي ميزت عمليات القتل هي انها استهدفت عائلات باكملها، وكأن قتل العائلات هو الهدف الاول لدى مجرمي الحرب من قوات مليشيا الكتائب! في حديث لصحيفة "جيروزاليم بوست"، اكد عدد من جنود الاحتلال الاسرائيلي، بانهم لم يسمعوا اصوات تبادل اطلاق نار من داخل المخيم، وقالوا ان اطلاق النار كان من طرف واحد، الامر الذي يدل على ان افراد مليشيا الكتائب كانوا يقتلون العزّل فقط، اذ انه لم يكن داخل المخيم الا قلة من افراد المقاومة الفلسطينية. وعلى الرغم من اقوال الجنود الاسرائيليين هذه، الا ان القوات الاسرائيلية لم تتدخل لمنع المجزرة، بل على العكس، استمر قصفها المتقطع للمخيم، واستمر حصارها حول بعض المداخل، لمنع الفلسطينيين من الهرب. كانت التعليمات التي اصدرتها قيادة مليشيا الكتائب لافرادها الذين ارتكبوا المجزرة، واضحة وضوح الشمس، فاستعمال الرشاشات ممنوع الا عند الضرورة، "ويفضل استخدام السكاكين والحراب، لئلا ينتبه باقي سكان المخيم لما يحصل فيحاولون الهرب"!! |
مع بزوغ شمس يوم الجمعة، دخلت الى المخيم عدة جرافات، عرف فيما بعد انها لدفن الجثث في قبور جماعية، اكتشف منها القليل فقط. تسلسل احداث المجزرة يدل على كذب الشائعات التي اطلقها الاسرائيليون والكتائبيون، بان هناك آلاف المقاتلين الفلسطينيين في المخيم، فعدد الضحايا الشباب كان قليلا نسبة لعدد الضحايا من النساء والاطفال والشيوخ، بالاضافة الى عدم سماع اي صوت لتبادل اطلاق النار، بل على العكس، كان صوت الرصاص المسموع يطلق من طرف واحد دون رد، مما يدل على الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق المدنيين الفلسطينيين العزّل! استمرت المجزرة طوال الاربع والعشرين ساعة التي يتألف منها يوم الجمعة، فكان بهذا اطول يوم من ايام المجزرة بالساعات، وتواصلت خلال اليوم عمليات القتل الجماعي، اما عن طريق النحر بالسيوف او عن طريق اطلاق الرصاص او عن طريق دفن الضحية حيا في الرمال ليموت. واستمرت في هذا اليوم ايضا عمليات النهب والسرقة والاغتصاب، حيث كانت عمليات الاغتصاب تنتهي عادة بالقتل، خاصة عندما تكون المغتصبة فلسطينية. تميز يوم الجمعة ايضا ياقتحام افراد المليشيا للمستشفيا، فحاولت طواقم منظمة الصليب الاحمر اخلاء هذه المستشفيات ونجحت في بعض الحالات، الا ان حالات اخرى انتهت بقتل المرضى والاطباء والممرضين والممرضات، خاصة الفلسطينيين منهم!! |
السبت 17/9/1982: كان من المفترض ان ينسحب مرتكبو الجريمة صباح يوم السبت، بحسب اقوال جاءت بعد المجزرة على لسان مسؤولين عسكريين اسرائيليين، ادعوا انهم اصدروا الاوامر لقوات المليشيا بالانسحاب "بعد ان اكتشفوا ما يحدث داخل المخيم"! الا ان الانسحاب لم يتم، بل استمرت عمليات القتل الجماعي، وتم الانسحاب من داخل المخيم فقط عند ساعات الظهر، ومن منطقة المخيم باكملها، بعد الظهر. خلال ساعات النهار الثالث، اجبر سكان شاتيلا (من بقي منهم)، وسكان ضاحية صبرا بالخروج الى شارع شاتيلا الرئيسي، والوقوف على جوانبه، في ما يعرف بـ"المارش الاخير"، وكان هؤلاء السكان شهود على عمليات قتل واغتصاب، كانت تتم في الشارع، بصورة عشوائية، ان دلت على شيء، فعلى انعدام الحس الانساني للمجرمين من قوات الكتائب، وعلى كراهية هؤلاء لكل ما هو فلسطيني، كراهية زرعت فيهم بالتحريض العنصري والطائفي، وبمساعدة مشاهد القتل اليومي التي اضحت عادية في لبنان في مرحلة الحرب الاهلية. تؤكد الشهادات بان عمليات القتل الجماعي والدفن في القبور الجماعية استمرت خلال ساعات النهار الاولى من يوم المجزرة الثالث، السبت 17/9/1982، وان المهاجمين لم يتصرفوا على اساس ان هذه ساعتهم الاخيرة في المخيم، بل على العكس، تصرفوا على اساس انهم باقون. ظاهرة اخرى تميز بها اليوم الثالث كانت عمليات الاختطاف التي قام بها افراد المليشيا، فاختطفوا عددا كبيرا من سكان المنطقة، ووضعوهم في الشاحنات، واخذوهم الى مصيرهم المجهول، الذي ما زال مجهولا!! في اليوم الثالث، شارك جنود الاحتلال الاسرائيلي بعمليات استجواب سكان المنطقة، ومن السكان من عاد الى منزله بعد الاستجواب، ومنهم من لم يعد ابدا. |
صبرا وشاتيلا أو قصة المجزرة المعلنة المصدر :العالم الديبلوماسي تحميل المقال: صبرا وشاتيلا أو قصة المجزرة المعلنة http://youkaoui.maktoobblog.com/user...1232666314.jpg يتابع الجيش الاسرائيلي في الضفة وغزة سياسة الاستيطان وحصار المدن وتدمير المؤسسات المدنية ومطاردة المناضلين والاغتيالات المركزة. وقد اعترف للمرة الاولى انه يستخدم الدروع البشرية في عملياته وهي حريمة حرب بحسب المعاهدات الدولية. انها جلجلة طويلة لا تنتهي. اما مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت قبل عشرين عاما في ايلول/سبتمبر 1982 والتي قتل فيها مئات المدنيين في مخيمات لبنان على يد الميليشيات اللبنانية اليمينية تحت نظر الجنود الاسرائيليين المتواطئين، فيعتبرها الفلسطينيون محطة اضافية في تاريخ من المجازر واعمال الاضطهاد من دير ياسين الى عملية السور الواقي مرورا بقبية. بالنسبة اليهم الماضي هو الحاضر. بيار بيان * Pierre PEAN بعد مضي عشرين عاماً على المجزرة، لا تزال الكلمات في الكتب التي أعيد فتحها (١)، كما الكلام الجاري على ألسنة الناجين ممن بقي من صبرا وشاتيلا، تقطر دماً. فالزمن لم يمحُ كل شيء. وطوال مدة إجرائي تحقيقي هذا كنت أشعر بالتقزز لهذه الروايات التي تنقل في تسلسلها أخبار الأولاد يُنحرون أو يُخوزقون، والنساء الحوامل تُشق بطونهن، والرؤوس والأطراف تُقطع بالفؤوس، الى الجثث المكدسة… حتى لتشعر بالغثيان. |
لم أدخل الى ما تبقى من مخيمي صبرا وشاتيلا عبر المدخل الرئيسي، بل عبر حي موبوء في محيطهما، يعيش فيه الوافدون الجدد، وخصوصاً الآسيويين، وقد أفضى بي المرور في هذا الحي الى الشارع الرئيسي الذي يربط مستشفى غزة (لم يعد موجوداً الآن) بالمدخل الرئيسي من جهة السفارة الكويتية، المتناقضة معهما بفخامتها كما منشآت المدينة الرياضية المجددة القريبة منهما حيث جُمّع واستجوب الفلسطينيون واللبنانيون البالغون الذين كانوا نجوا من المجزرة. وفي الحي يختلط الناس ما بين الحوانيت وبسطات باعة الفواكه، والأقراص المدمجة (cd) والسلع الجديدة والمستعملة، وما بين السيارات والدراجات النارية الخفيفة. فكيف أصل في هذا الجمع الى الشهود المباشرين أو غير المباشرين على المجازر والذين، من دون أن أسمع صوتهم، يحيون في ذاكرتي مشاهد الرعب في أواسط أيلول/سبتمبر من العام 1982؟ |
أم شوقي، البالغة من العمر 52 عاماً، فقدت سبعة عشر شخصاً من عائلتها بينهم زوجها وابن لها في الثانية عشرة. كانت تقطن في حي بئر حسن بالقرب من سفارة الكويت. وهي أقامت بعد المجزرة مع اولادها الاثني عشر المتبقين في الشارع الرئيسي لمخيم شاتيلا. وتسكن في الطابق الرابع من مبنى لم تراعَ فيه كثيراً أصول الهندسة المعمارية. بيتها من الداخل نظيف حيث باقات من الزهور الاصطناعية تتناسب مع ألوان الكنبات، ولوحات منسوخة ملصقة أو معلقة على الجدران، تمثل القدس والجامع الأقصى وراية حركة “حماس”، مع انها لا تنتمي اليها: “أنا لا أنتمي الى أي تنظيم. ولن ألتزم الا عندما تكون النتائج مضمونة. وعن اولادها تقول: “لا أريدهم ان يستشهدوا مجانياً، لكن يوم أتأكد من أنني سأروي تعطشي الى الثأر سأشجعهم وسأكون الى جانب |
في كل يوم وكل ليلة تتراءى لها صور الجثث، والناس المشوهين، صورة ابنها وزوجها الذي لم تره بعد ذاك اليوم ولا تعرف عنه شيئاً. الألوان التي في الصالون لا تكسر من حدة سواد ثوبها وشعرها وعينيها. أم شوقي لا تبتسم وهي تتحرق من دون أن ترفع صوتها عندما تستعيد المأساة الثانية التي عاشتها عائلتها (الأولى كانت يوم تهجيرهم في العام 1948 من ترشيحا، وهي بلدة بالقرب من حيفا). تروي: “سمعنا طرقاً على الباب، وصوتاً يقول: نحن لبنانيون، جئنا نقوم بعملية تفتيش عن السلاح… فتح زوجي الباب من دون أن يكون خائفاً على الإطلاق لأنه لم يكن ينتمي الى اي من التنظيمات المقاتلة. كان يعمل في نادي الغولف بالقرب من المطار”. ثم تحدثت أم شوقي عن الجنود الاسرائيليين الثلاثة وعن عنصر من “القوات اللبنانية”، الميليشيا المسيحية اليمينية، الذين دخلوا المنزل واخذوا أساور ابنتها وانتزعوا الحلق من اذنيها ثم ضربوها. هي متأكدة من ان هؤلاء الجنود قدموا من اسرائيل. ـ كان لباسهم العسكري مختلفاً عن لباس “القوات اللبنانية” ولم يتكلموا العربية. لا اعرف إن كانت اللغة التي تكلموا بها هي العبرية، لكني متأكدة من أنهم اسرائيليون. |
وليس هذا امراً مستبعداً لأن منطقة بئر حسن، خارج محيط المخيم، كانت تحت سيطرة الجيش الاسرائيلي. وكغيرها من العائلات الفلسطينية نقلت عائلة أم شوقي الى داخل المخيمين. ـ أصعدونا في شاحنة صغيرة سارت بنا نحو مدخل مخيم شاتيلا. قام هؤلاء العسكريون بفصل الرجال عن النساء وعن الاطفال. أحد اللبنانيين اخذ اوراق ثلاثة من أقاربنا قبل أن يقتلهم امامنا، اما زوجي وأبني وآخرون من أقربائي فقد أخذهم الاسرائيليون. نقل النساء والأولاد سيراً على الأقدام الى المدينة الرياضية. وعلى حافة الطريق كان بعض النسوة يصرخن ويبكين مؤكدات أن جميع الرجال قد قتلوا… وفي المساء تمكنت ام شوقي، في جو البلبلة هذا، من ان تهرب مع أولادها الى شارع ثكنة الحلو، وعند انبلاج الفجر تركت أولادها في إحدى المدارس وذهبت سيراً في اتجاه المدينة الرياضية كي تستعلم عن مصير زوجها وابنها. فلم تستطع التحدث الى احد الضباط الاسرائيليين الموجودين هناك، لكنها سمعت أوامر بالعربية الى الرجال بأن يختموا بطاقات هوياتهم، ورأت شاحنة اسرائيلية تغص بالرجال البالغين والشباب. وقد ارشدتها امرأة غارقة في البكاء كانت فقدت عائلتها بأكملها الى المكان الذي رميت فيه الجثث. فاتجهت عندذاك المرأتان الى حي عرسال حيث ساروا فوق جثث قتلى لبنانيين وسوريين وفلسطينيين. وتقول أم شوقي إنها رأت المئات منها، وفي الحقيقة تبين أن اكثر الضحايا سقطوا في حي عرسال. ـ لم يكن في الامكان التعرف عليهم. وجوه مشوهة، منتفخة… رأيت 28 جثة من عائلة لبنانية واحدة، بينها جثتان لامرأتين مبقورتي البطن… حاولت ان أتعرف الى ابني وزوجي من خلال ثيابهما، فتشت طول النهار، وعدت في اليوم التالي… فلم أتعرف الى اي جثة من اهل بئر حسن. |
رأت ام شوقي جنوداً لبنانيين يفتحون حفراً ويدفعون الجثث اليها… ولم تجد زوجها واولادها من بعد. الموضوع الذي يصعب على أم شوقي الحديث عنه هو موضوع ابنتها التي أغتصبت… ـ أفكر في هذا كله ليلاً ونهاراً. لقد ربيت أولادي بمفردي…وقد اضطررت الى الاستعطاء، ولن أنسى أبداً، وسأنتقم لكل ذلك. قلبي أسود مثل ثوبي هذا، وسأخبر أولادي، وأولاد اولادي، بما رأيت... وبعدما تجولت في متاهة رهيبة في مختلف الأزقة حيث تتدلى الأسلاك الكهربائية في كل مكان وتسيل في الأرض مياه المجارير، وصلت أخيراً الى مركز مؤلف من ثلاثة او أربعة مكاتب. في احدها، في العمق، تجلس السيدة سهام بلقيس، رئيسة رابطة العودة، مستقيمة وراء مكتبها. وفي محيط الغرفة مسؤول فلسطيني واثنان من الناجين. والسيدة بلقيس، الأربعينية، هي مناضلة ملتزمة وصلبة. عائلتها أتت من قابا في منطقة عكا في اسرائيل. شرعت في الحديث فوراً. |
بدأت المجزرة مساء يوم الخميس في حوالى الخامسة والنصف. لم نصدق في بداية الأمر… وقد بقينا داخل منزلنا حتى صباح السبت ولم نعرف كثيراً عما يجري الا ان مجموعة صغيرة من الفلسطينيين واللبنانيين حاولت يومي الخميس والجمعة أن تدافع عن نفسها، لكن ان إفرادها كانوا قليلي العدد وليس معهم ما يكفي من الذخيرة. وليلاً رأينا قنابل مضيئة وسمعنا إطلاق نار. اعتقدنا أن الاسرائيليين يريدون فقط مهاجمة المقاتلين والعثور على الأسلحة… وعندما عاد الهدوء تماماً صباح يوم السبت خرجنا الى الشرفة ورأينا مجموعة من “القوات اللبنانية” في صحبة ضابط اسرائيلي. صرخ فينا اللبنانيون طالبين الينا الخروج، فخرجنا وسط الشتائم. كان الاسرائيلي يحمل جهاز توكي ووكي فأخذه منه أحد اللبنانيين وتكلم فيه قائلاً: لقد وصلنا الى آخر المنطقة المستهدفة.
وهي متأكدة من أنه كان إسرائيلياً لأنه بحسب ما تقول كان ثمة على ثيابه شارة بالعبرية ولم يكن وجهه وجه عربي، وكان يتكلم مع اللبنانيين بالفرنسية. اقتيدت السيدة سهام مع آخرين نحو مستشفى غزة، قام مرافقوهم بتجميع الأطباء الأجانب ومن التجأ عندهم في الم |
يتابع الجيش الاسرائيلي في الضفة وغزة سياسة الاستيطان وحصار المدن وتدمير المؤسسات المدنية ومطاردة المناضلين والاغتيالات المركزة. وقد اعترف للمرة الاولى انه يستخدم الدروع البشرية في عملياته وهي حريمة حرب بحسب المعاهدات الدولية. انها جلجلة طويلة لا تنتهي. اما مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت قبل عشرين عاما في ايلول/سبتمبر 1982 والتي قتل فيها مئات المدنيين في مخيمات لبنان على يد الميليشيات اللبنانية اليمينية تحت نظر الجنود الاسرائيليين المتواطئين، فيعتبرها الفلسطينيون محطة اضافية في تاريخ من المجازر واعمال الاضطهاد من دير ياسين الى عملية السور الواقي مرورا بقبية. بالنسبة اليهم الماضي هو الحاضر. بيار بيان * Pierre PEAN بعد مضي عشرين عاماً على المجزرة، لا تزال الكلمات في الكتب التي أعيد فتحها (١)، كما الكلام الجاري على ألسنة الناجين ممن بقي من صبرا وشاتيلا، تقطر دماً. فالزمن لم يمحُ كل شيء. وطوال مدة إجرائي تحقيقي هذا كنت أشعر بالتقزز لهذه الروايات التي تنقل في تسلسلها أخبار الأولاد يُنحرون أو يُخوزقون، والنساء الحوامل تُشق بطونهن، والرؤوس والأطراف تُقطع بالفؤوس، الى الجثث المكدسة… حتى لتشعر بالغثيان |
لم أدخل الى ما تبقى من مخيمي صبرا وشاتيلا عبر المدخل الرئيسي، بل عبر حي موبوء في محيطهما، يعيش فيه الوافدون الجدد، وخصوصاً الآسيويين، وقد أفضى بي المرور في هذا الحي الى الشارع الرئيسي الذي يربط مستشفى غزة (لم يعد موجوداً الآن) بالمدخل الرئيسي من جهة السفارة الكويتية، المتناقضة معهما بفخامتها كما منشآت المدينة الرياضية المجددة القريبة منهما حيث جُمّع واستجوب الفلسطينيون واللبنانيون البالغون الذين كانوا نجوا من المجزرة. وفي الحي يختلط الناس ما بين الحوانيت وبسطات باعة الفواكه، والأقراص المدمجة (cd) والسلع الجديدة والمستعملة، وما بين السيارات والدراجات النارية الخفيفة. فكيف أصل في هذا الجمع الى الشهود المباشرين أو غير المباشرين على المجازر والذين، من دون أن أسمع صوتهم، يحيون في ذاكرتي مشاهد الرعب في أواسط أيلول/سبتمبر من العام 1982؟ أم شوقي، البالغة من العمر 52 عاماً، فقدت سبعة عشر شخصاً من عائلتها بينهم زوجها وابن لها في الثانية عشرة. كانت تقطن في حي بئر حسن بالقرب من سفارة الكويت. وهي أقامت بعد المجزرة مع اولادها الاثني عشر المتبقين في الشارع الرئيسي لمخيم شاتيلا. وتسكن في الطابق الرابع من مبنى لم تراعَ فيه كثيراً أصول الهندسة المعمارية. بيتها من الداخل نظيف حيث باقات من الزهور الاصطناعية تتناسب مع ألوان الكنبات، ولوحات منسوخة ملصقة أو معلقة على الجدران، تمثل القدس والجامع الأقصى وراية حركة “حماس”، مع انها لا تنتمي اليها: “أنا لا أنتمي الى أي تنظيم. ولن ألتزم الا عندما تكون النتائج مضمونة. وعن اولادها تقول: “لا أريدهم ان يستشهدوا مجانياً، لكن يوم أتأكد من أنني سأروي تعطشي الى الثأر سأشجعهم وسأكون الى جانبهم… في كل يوم وكل ليلة تتراءى لها صور الجثث، والناس المشوهين، صورة ابنها وزوجها الذي لم تره بعد ذاك اليوم ولا تعرف عنه شيئاً. الألوان التي في الصالون لا تكسر من حدة سواد ثوبها وشعرها وعينيها. أم شوقي لا تبتسم وهي تتحرق من دون أن ترفع صوتها عندما تستعيد المأساة الثانية التي عاشتها عائلتها (الأولى كانت يوم تهجيرهم في العام 1948 من ترشيحا، وهي بلدة بالقرب من حيفا). تروي: “سمعنا طرقاً على الباب، وصوتاً يقول: نحن لبنانيون، جئنا نقوم بعملية تفتيش عن السلاح… فتح زوجي الباب من دون أن يكون خائفاً على الإطلاق لأنه لم يكن ينتمي الى اي من التنظيمات المقاتلة. كان يعمل في نادي الغولف بالقرب من المطار”. ثم تحدثت أم شوقي عن الجنود الاسرائيليين الثلاثة وعن عنصر من “القوات اللبنانية”، الميليشيا المسيحية اليمينية، الذين دخلوا المنزل واخذوا أساور ابنتها وانتزعوا الحلق من اذنيها ثم ضربوها. هي متأكدة من ان هؤلاء الجنود قدموا من اسرائيل. |
عاشق البندقية
موضوع به من الوحشية التي اقترفها شارون ما يندي له الجبين ويثير السخط والحقد عليه رحم الله الشهداء الذين سقطوا فيالمجزرة رحمة واسعه وادعو الله أن يحل غضبه وسخطه على اليهود كافة وعلى كل من شارك بالمجزرة أو وقف ساكتا عما جرى دون ان تحركه عروبته ونخوته. اشكرك على تذكيرنا بهذا الحدث المرير ولك كل تحية واحترام |
كان لباسهم العسكري مختلفاً عن لباس “القوات اللبنانية” ولم يتكلموا العربية. لا اعرف إن كانت اللغة التي تكلموا بها هي العبرية، لكني متأكدة من أنهم اسرائيليون.
وليس هذا امراً مستبعداً لأن منطقة بئر حسن، خارج محيط المخيم، كانت تحت سيطرة الجيش الاسرائيلي. وكغيرها من العائلات الفلسطينية نقلت عائلة أم شوقي الى داخل المخيمين. ـ أصعدونا في شاحنة صغيرة سارت بنا نحو مدخل مخيم شاتيلا. قام هؤلاء العسكريون بفصل الرجال عن النساء وعن الاطفال. أحد اللبنانيين اخذ اوراق ثلاثة من أقاربنا قبل أن يقتلهم امامنا، اما زوجي وأبني وآخرون من أقربائي فقد أخذهم الاسرائيليون |
نقل النساء والأولاد سيراً على الأقدام الى المدينة الرياضية. وعلى حافة الطريق كان بعض النسوة يصرخن ويبكين مؤكدات أن جميع الرجال قد قتلوا… وفي المساء تمكنت ام شوقي، في جو البلبلة هذا، من ان تهرب مع أولادها الى شارع ثكنة الحلو، وعند انبلاج الفجر تركت أولادها في إحدى المدارس وذهبت سيراً في اتجاه المدينة الرياضية كي تستعلم عن مصير زوجها وابنها. فلم تستطع التحدث الى احد الضباط الاسرائيليين الموجودين هناك، لكنها سمعت أوامر بالعربية الى الرجال بأن يختموا بطاقات هوياتهم، ورأت شاحنة اسرائيلية تغص بالرجال البالغين والشباب. وقد ارشدتها امرأة غارقة في البكاء كانت فقدت عائلتها بأكملها الى المكان الذي رميت فيه الجثث. فاتجهت عندذاك المرأتان الى حي عرسال حيث ساروا فوق جثث قتلى لبنانيين وسوريين وفلسطينيين. وتقول أم شوقي إنها رأت المئات منها، وفي الحقيقة تبين أن اكثر الضحايا سقطوا في حي عرسال. ـ لم يكن في الامكان التعرف عليهم. وجوه مشوهة، منتفخة… رأيت 28 جثة من عائلة لبنانية واحدة، بينها جثتان لامرأتين مبقورتي البطن… حاولت ان أتعرف الى ابني وزوجي من خلال ثيابهما، فتشت طول النهار، وعدت في اليوم التالي… فلم أتعرف الى اي جثة من اهل بئر حسن.
رأت ام شوقي جنوداً لبنانيين يفتحون حفراً ويدفعون الجثث اليها… ولم تجد زوجها واولادها من بعد. الموضوع الذي يصعب على أم شوقي الحديث عنه هو موضوع ابنتها التي أغتصبت |
أفكر في هذا كله ليلاً ونهاراً. لقد ربيت أولادي بمفردي…وقد اضطررت الى الاستعطاء، ولن أنسى أبداً، وسأنتقم لكل ذلك. قلبي أسود مثل ثوبي هذا، وسأخبر أولادي، وأولاد اولادي، بما رأيت...
وبعدما تجولت في متاهة رهيبة في مختلف الأزقة حيث تتدلى الأسلاك الكهربائية في كل مكان وتسيل في الأرض مياه المجارير، وصلت أخيراً الى مركز مؤلف من ثلاثة او أربعة مكاتب. في احدها، في العمق، تجلس السيدة سهام بلقيس، رئيسة رابطة العودة، مستقيمة وراء مكتبها. وفي محيط الغرفة مسؤول فلسطيني واثنان من الناجين. والسيدة بلقيس، الأربعينية، هي مناضلة ملتزمة وصلبة. عائلتها أتت من قابا في منطقة عكا في اسرائيل. شرعت في الحديث فوراً. ـ بدأت المجزرة مساء يوم الخميس في حوالى الخامسة والنصف. لم نصدق في بداية الأمر… وقد بقينا داخل منزلنا حتى صباح السبت ولم نعرف كثيراً عما يجري الا ان مجموعة صغيرة من الفلسطينيين واللبنانيين حاولت يومي الخميس والجمعة أن تدافع عن نفسها، لكن ان إفرادها كانوا قليلي العدد وليس معهم ما يكفي من الذخيرة. وليلاً رأينا قنابل مضيئة وسمعنا إطلاق نار. اعتقدنا أن الاسرائيليين يريدون فقط مهاجمة المقاتلين والعثور على الأسلحة… وعندما عاد الهدوء تماماً صباح يوم السبت خرجنا الى الشرفة ورأينا مجموعة من “القوات اللبنانية” في صحبة ضابط اسرائيلي. صرخ فينا اللبنانيون طالبين الينا الخروج، فخرجنا وسط الشتائم. كان الاسرائيلي يحمل جهاز توكي ووكي فأخذه منه أحد اللبنانيين وتكلم فيه قائلاً: لقد وصلنا الى آخر المنطقة المستهدفة. وهي متأكدة من أنه كان إسرائيلياً لأنه بحسب ما تقول كان ثمة على ثيابه شارة بالعبرية ولم يكن وجهه وجه عربي، وكان يتكلم مع اللبنانيين بالفرنسية. |
اقتيدت السيدة سهام مع آخرين نحو مستشفى غزة، قام مرافقوهم بتجميع الأطباء الأجانب ومن التجأ عندهم في المستشفى ومحيطه. ـ قتلوا حوالى عشرة من المقاتلين، واكتشفوا شاباً فلسطينياً يرتدي قميصاً أبيض بين الأطباء والممرضين فقتلوه. وعندما اكتمل تجميع الناس ذهبنا بالمئات في اتجاه السفارة الكويتية. كانت الشوارع مليئة بالجثث، فتيات مقيدات من معاصمهن، ومنازل مدمرة، ودبابات هي على الأرجح اسرائيلية، وعلى حديد إحداها التصقت بقايا طفل. وقبل وصولنا الى المدينة الرياضية فُصل عنا الرجال، وراح بعض العسكريين يطلبون الى الشباب أن يزحفوا، فمن زحف جيداً اعتبر مقاتلاً وقتل على أيدي “القوات اللبنانية”، اما الآخرون فكانوا يُرفسون بالأرجل… ـ رأيت سعد حداد (٢) مع آخرين امام مبنى السفارة الكويتية. ثم لدى وصولنا الى المدينة الرياضية شاهدت عدداً كبيراً من الجنود الاسرائيليين. قال كولونيل اسرائيلي ان في امكان النساء والأولاد أن يعودوا الى منازلهم، وفي ما بعد رأيت أخي يصعد الى سيارة جيب فيما صعد الآخرون الى الشاحنات، ركضت نحوه، لكن عبثاً، سمعت ضابطاً يقول بالعربية: “سنسلمكم الى “القوات اللبنانية”، فهم يعرفون أكثر منا كيف يجعلونكم تتكلمون. |
وفي الاجمال فإن الشهود جميعاً يروون الأخبار نفسها، والرعب نفسه. وقد التقيت أيضاً السيدة كاملة مهنا، وهي لبنانية من حي عرسال: ـ كل الذين بقوا في حيّنا قتلوا، وهم في غالبيتهم من اللبنانيين. وعندما عدت الى المكان كان هناك كومة من الجثث المتكدسة. بالقرب من منزلي كان هناك فلسطيني متدلٍّ على تعليقة الجزار وقد شطر نصفين مثل الذبيحة. ورأيت كيف وُضعت في الحفرة الكبيرة طبقة أولى من الجثث وتم تغطيتها بالرمل لتوضع فوقها طبقة أخرى من الجثث. وهكذا دواليك… وقد رأيت أيضاً لبنانياً آخر من حي عرسال، حمد شمص، وهو أحد الناجين القلائل من المجزرة في هذا الحي. لقد اختبأ في الملجأ لدى وصول ضابطين اسرائيليين في سيارة جيب مع 7 أو 8 جنو |
متأكدة من أن هؤلاء الجنود هم اسرائيليون لأنهم كانوا في بدلات عسكرية اسرائيلية ولا يتكلمون العربية بطلاقة. طلب الينا الجنود الخروج من الملجأ وهم يشتموننا، وطلبوا اليّ أن انزل الطفل الذي كنت احمله على ذراعيّ وان أقف في الصف مع الآخرين. وقام أحدهم، وهو يتكلم العربية جيداً بتفتيش الجميع وأخذ الأموال من الرجال، ثم راحوا يطلقون النار علينا. وجدت نفسي مصابة بجروح فقط في رأسي ومؤخرتي تحت كومة من الجثث. سقط 23 قتيلاً …اختبأت في أحد الملاجئ طول الليل. وعند الفجر عبقت رائحة الجثث في كل مكان. ما من جديد في كل هذه الشهادات، فهي تتوافق مع ما جمعته من شهادات ليلى شهيد، الممثلة العامة لفلسطين في فرنسا، التي كانت من أوائل الذين زاروا المخيمين بعد المجزرة، وحدها او مع جان جينه. وهي، باستثناء ما تخونه الذاكرة، متطابقة أيضاً مع شهادات عناصر الفريق الطبي في مستشفى غزة من الانكليز والنروجيين والأسوجين والفنلنديين والألمان والايرلنديين والأميركيين، ومع الشهادات التي سجلها العديد من الصحافيين إثر المجزرة. |
يروي الياس خوري، الكاتب اللبناني المعروف (٣) بالكثير من التأثر المعركة المستحيلة للذاكرة بالنسبة الى الشعب الفلسطيني بشكل عام وبالنسبة الى مجازر صبرا وشاتيلا بنوع خاص. ـ لم يعد قانون الذاكرة يعمل لدى الفلسطينيين بسبب المجازر المستمرة: دير ياسين وقبية (٤) وصبرا وشاتيلا، واليوم جنين. يستحيل عليهم النظر الى الماضي لأن هذا الماضي لا يزال مستمراً حالياً. فهم منذ العام 1948 يعيشون في خضم آلية جهنمية… الفلسطينيون هم ضحايا استغلال الحكومة الاسرائيلية لقضية المذبحة اليهودية”. إن المعايير الأخلاقية تسقط عند الحدود الاسرائيلية، وفي هذا السياق تصبح فكرة مأساة صبرا وشاتيلا هامشية… أضف الى أن هذه القضية هي من المحرّمات في لبنان، فالمتهم الرئيسي فيها، إيلي حبيقة (٥) أصبح وزيراً في الحكومة… ويتابع الياس خوري: |
بعد الحرب تولى المجرمون السلطة، أضف الى أن الفلسطينيين صاروا كبش المحرقة لحرب لبنان وهم يخضعون في هذا البلد لقوانين أين منها قوانين حكومة فيشي إزاء اليهود.
ـ حتى الأرقام في ما يتعلق بالضحايا والمفقودين يلفها الغموض منذ عشرين عاماً، وهي تراوح بحسب التقديرات بين 500 الى 5000 قتيل. الا أن المؤرخة بيان الحوت حاولت على مدى عشرين عاماً أن تسد هذه الثغرة. فهذه الباحثة اللبنانية المولودة في القدس حيث عاشت حتى التاسعة من عمرها، والاستاذة في جامعة بيروت قامت بعمل دؤوب في أوساط عائلات الضحايا والمفقودين وحللت مئات استمارات الاسئلة وقابلت بين لوائح المنظمات الانسانية والصليب الأحمر وحاولت ان تعثر على جميع المقابر… حتى باتت اليوم متأكدة من الأرقام: لقد سقط 906 قتلى من 12 جنسية نصفهم من الفلسطينيين… وفقد 484 منهم 100 من المؤكد أنهم خطفوا. أي ما يعادل 1490 ضحية تمّ تحديدها. هذه المجازر والاختفاءات جاءت في سياق الحرب التي شنتها الحكومة الاسرائيلية في 6 حزيران/يونيو عام 1982 من أجل القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية. وقد كلف اجتياح لبنان يومذاك سقوط أكثر من 12000 قتيل مدني و30000 جريح وتشريد 200000 شخص. |
وفي أواسط حزيران/يونيو بدأ الاسرائيليون حصارهم على بيروت مطوّقين 15000 مقاتل من منظمة التحرير وحلفائها اللبنانيين والسوريين. وفي اوائل تموز/يوليو أوفد الرئيس الأميركي رونالد ريغن السيد فيليب حبيب ومساعده السيد موريس درايبر لحل هذه الأزمة التي كادت أن تشعل الوضع في الشرق الأوسط، مهددةً المصالح الأميركية. وسرعان ما تبين أن حل الأزمة يجب ان يمر بترحيل المقاتلين الفلسطينيين والسيد ياسر عرفات من بيروت، وقد اقتنع عرفات على الأثر بأنه ليس هناك حل آخر. وقد تعقدت الأمور لأن الاسرائيليين والأميركيين لم يرغبوا في التفاوض مباشرة مع الفلسطينيين (٦)، فقام بدور الوسيط كل من الياس سركيس رئيس الجمهورية اللبنانية الماروني، ورئيس وزرائه السني شفيق الوزان. ذاك ان الاسرائيليين أرادوا مواصلة الضغط العسكري الوحشي وفرض الاستسلام التام والمذل على السيد عرفات. وقد قدم عرفات الكثير من العروض للحصول على ضمانات للعائلات الفلسطينية التي ستبقى في لبنان، إذ خشي عليهم من اعتداءات الجنود الاسرائيليين أو حلفائهم الكتائب، وقد رأى السيد عرفات أن هذه الضمانات لا يمكن أن تكون الا أميركية أو دولية. |
وتوصل السيد حبيب الى الحصول على تأكيدات من رئيس الوزراء الاسرائيلي بأن جنوده لن يدخلوا المنطقة الغربية من بيروت وبأنهم لن يعتدوا على فلسطينيي المخيمات، وعلى تأكيد من الرئيس اللبناني العتيد بشير الجميل بأن الكتائبيين لن يتحركوا، وعلى تأكيد من البنتاغون بأن رجال المارينز سيكونون الضمان الأخير لهذه التعهدات. وإذ تسلح بهذه الوعود، تعهد ممثل الرئيس ريغن خطياً بالحفاظ على امن المدنيين، في رسالتين موجهتين الى رئيس الوزراء اللبناني. وهذا التعهد الأميركي سيرد في البند الرابع من اتفاق ترحيل منظمة التحرير الفلسطينية الذي نشرته الأمم المتحدة في 20 آب/أغسطس، اي عشية ترحيل المجموعات الأولى من المقاتلين الفلسطينيين (٧). الا ان السيد عرفات أبدى قلقاً متزايداً على مصير المدنيين الفلسطينيين. فقام السيد حبيب (٨) بخطوة أخرى مع بشير الجميل الذي أكد مجدداً وعوده. وشدد حبيب على دور القوة المتعددة الجنسية المؤلفة من 800 فرنسي و500 إيطالي و800 أميركي. وقد وصلت القوة الأولى، الفرنسية، في 21 آب/أغسطس وتكفلت عملية الاخلاء وجمع السلاح. وكان من المفترض ان تستمر مهمة هذه القوة ثلاثين يوماً لتمنع أي مخالفة وتحمي العائلات الفلسطينية، وهكذا اقتنع السيد عرفات في النهاية بمغادرة بيروت… |
الا ان احداً لم يحترم تعهداته، بدءاً بالحكومة الأميركية. فقد أصدر السيد غاسبار واينبرغر، وزير الدفاع الأميركي، اوامره الى المارينز بمغادرة لبنان، في حين أن الميليشيات المسيحية تمركزت في 3 أيلول/سبتمبر في منطقة بئر حسن على تخوم مخيمي صبرا وشاتيلا. وقد استتبع رحيل الأميركيين تلقائياً رحيل الفرنسيين والايطاليين. وفي 10 أيلول/سبتمبر غادر بيروت آخر جندي، في حين أن مشروع السيد حبيب قام في الأساس على أن تتم عملية الاخلاء ما بين 21 و26 ايلول/سبتمبر. في 14 أيلول/سبتمبر، اغتيل بشير الجميل، الرئيس اللبناني الجديد الذي أوصله الاسرائيليون الى سدة الرئاسة. فتذرع أرييل شارون بهذا الحدث كي يجتاح بيروت الغربية ويطوّق مخيمي صبرا وشاتيلا ويشجع الميليشيات اللبنانية على تنظيفها.
يومذاك جرى تحقيق رسمي واحد، هو تحقيق اللجنة الاسرائيلية الذي تولاه اسحق كاهان، رئيس المحكمة العليا، والذي نشر في شباط/فبراير عام 1983 وقد حمّلت اللجنة حزب الكتائب المسؤولية وفي درجة اقل السيد أرييل شارون. تحدث التقرير أولاً عن خطأ فادح ارتكبه شارون الذي لم يتخذ أي إجراء لمراقبة المجزرة ومنعها”. وقد بدا مرتبكاً بالنسبة الى موقف السيد شارون الذي لم يبلّغ بيغن بالقرار الذي اتخذه بالسماح للكتائبيين بدخول المخيمات. وفي النهاية يعترف بمسؤوليته لأنه لم يأمر بأن تتخذ الاجراءات الملائمة لمنع حدوث المجازر المحتملة”. فالسيد شارون يتحمل مسؤولية شخصية وعليه (تالياً) ان يتحمل التبعات في شكل شخصي”. |
نشرت الصحف الاسرائيلية، وخصوصاً في العام 1994، العديد من المقالات التي أكدت هذه الاستنتاجات وتوسعت فيها. وهكذا أكد عامير أورن في صحيفة “دافار” الصادرة في الأول من تموز/يوليو عام 1994، واستناداً الى وثائق رسمية أن المجازر كانت جزءاً من خطة وضعها السيد أرييل شارون وبشير الجميل اللذين استخدما المخابرات السرية الاسرائيلية التي كان يقودها آنذاك أبراهام شالوم الذي تلقى الأوامر بإبادة جميع الارهابيين. مما يعني ان عناصر الميليشيات اللبنانية لم يكونوا سوى عملاء في التسلسل القيادي الذي يقود، عبر أجهزة المخابرات، الى السلطات الاسرائيلية.
كما ان برنامج بانوراما الذي بثته محطة بي.بي.سي. في 17 حزيران/يونيو عام 2001 تحت عنوان المتهم قد توسعت في المعلومات وخصوصاً بفضل شهادات من الصعب إنكارها، جاءت على لسان السيد موريس درايبر، مساعد السيد حبيب. فعندما أُتي على ذكر تأكيدات السيد شارون أنه لم يكن في امكانه توقع ما وقع في المخيمات، اكتفى درايبر بتعليق بسيط: “عبثية مطلقة”. ثم تحدث عن اجتماعه بشارون و يارون، رئيس أركانه، في وزارة الدفاع في تل أبيب، يوم الخميس بعدما كان الاسرائيليون قد دخلوا بيروت الغربية بالرغم من الوعد الذي قطعوه. وقد برر يارون هذا القرار برغبته في منع الكتائبيين من الانتقام من الفلسطينيين بعد اغتيال الرئيس بشير الجميل. وقد لاذت مجموعتنا المؤلفة من حوالى عشرين شخصاً بالصمت، كانت لحظة مأسوية. وإذ أكد أن الولايات المتحدة رفضت الاقتراح الاسرائيلي بنشر قوات الكتائب في بيروت الغربية لأننا كنا نعرف أن هذا الأمر سيتسبب بمجزرة إذا دخل هؤلاء القوم أضاف: “ما من أدنى شك في أن شارون هو المسؤول عن المجازر والأمر نفسه كان سيحدث لو أن اسرائيليين آخرين شاركوا في تحمل هذه المسؤولية. |
ولم يسأل الديبلوماسي الأميركي عن مسؤولية الأميركيين ولا عن مسؤولية إيطاليا وفرنسا اللتين سحبتا جنودهما بعد رحيل المارينز… وبعد مضي عشرين عاماً يحق لعائلات الضحايا والمفقودين في مخيمي صبرا وشاتيلا معرفة الحقيقة، وذلك كي يتمكنوا في النهاية من إقامة مأتمهم. وهذا لا يعني سوى العائلات. لكن يحق للجميع أن يعرف لماذا وكيف ومن نظّم ونفّذ اعمالاً على هذا المستوى من الوحشية. * كاتب، من مؤلفاته: Dernieres volontes, derniers combats, dernieres souffrances, Plon 20002, Manipulations africaines, Plon, 2001. 1. من كتاب: Amnon Kapeliouk, Le Seuil, 1982 ; Israël de la terreur au m***acre d?Etat, d?Ilan Halevi, Papyrus, 1984 ; Genet à Chatila, Babel,199X, Opération Boule de neige, de Shimon Shiffer, J.C.Lattès., 19XX, Revue d?Etudes palestiniennes, n?6 et 8. 2. قائد “جيش لبنان الجنوبي”، وكان يتعامل مع الاسرائيليين. 3. راجع في نوع خاص: Les Portes du Soleil, publié par Le Monde diplomatique et Actes Sud, يستعرض خمسين عاماً من المأساة الفلسطينية، وقد لاقت مسرحيته مذكرات أيوب” Les mémoires de Job نجاحاً كبيراً في باريس. |
4. ديرياسين قرية صغيرة واقعة على بعد حوالى عشرة كيلومترات من القدس، حيث قتل ما يزيد على 100 قروي في ربيع العام 1948 ، وفي قبية في الضفة الغربية وخلال عملية انتقامية في تشرين الأول/أكتوبر عام 1953، قادها أرييل شارون، فجر الجيش الاسرائيلي 45 منزلاً فوق رؤوس سكانها. وقد قضى تحت الأنقاض تسعة وستون شخصاً نصفهم من النساء والأولاد. 5. يعتبر إيلي حبيقة الجزار الأول في صبرا وشاتيلا، وقد اغتيل في 24 كانون الثاني/يناير عام 2002 في بيروت، فيما كان يستعد للحضور الى بروكسيل للإدلاء بشهادة. وبحسب المحامي اللبناني شبلي الملاط، الذي يتولى قضية أصحاب الدعوى، لم تكن اعترافات حبيقة هي التي ستشكل خطراً على السيد شارون بل مجرد حضوره الى بروكسيل. فلو انه مثل امام المحكمة وحمل حكماً المسؤولية، لما طرحت صلاحية المحكمة على بساط البحث. |
4. ديرياسين قرية صغيرة واقعة على بعد حوالى عشرة كيلومترات من القدس، حيث قتل ما يزيد على 100 قروي في ربيع العام 1948 ، وفي قبية في الضفة الغربية وخلال عملية انتقامية في تشرين الأول/أكتوبر عام 1953، قادها أرييل شارون، فجر الجيش الاسرائيلي 45 منزلاً فوق رؤوس سكانها. وقد قضى تحت الأنقاض تسعة وستون شخصاً نصفهم من النساء والأولاد. 5. يعتبر إيلي حبيقة الجزار الأول في صبرا وشاتيلا، وقد اغتيل في 24 كانون الثاني/يناير عام 2002 في بيروت، فيما كان يستعد للحضور الى بروكسيل للإدلاء بشهادة. وبحسب المحامي اللبناني شبلي الملاط، الذي يتولى قضية أصحاب الدعوى، لم تكن اعترافات حبيقة هي التي ستشكل خطراً على السيد شارون بل مجرد حضوره الى بروكسيل. فلو انه مثل امام المحكمة وحمل حكماً المسؤولية، لما طرحت صلاحية المحكمة على بساط البحث. http://up.g4z4.com/uploads/00f0a99933.jpg http://up.g4z4.com/uploads/e96948b827.jpg http://www.sudane4ever.com/vb/images.../wol_error.gifاضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة.http://up.g4z4.com/uploads/c670c2275f.jpg http://www.sudane4ever.com/vb/images.../wol_error.gifاضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة.http://up.g4z4.com/uploads/16e7e7b0e8.jpg |
جهودك عظيمة
شكرا لك يا عاشق البندقية والله يرعاك ويحفظك على اهتمامك هذا وان كان للباطل جولة ففلحق الف جولة ارق تحياتي لك |
الساعة الآن 05:58 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |