منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   قدرة الله في الخلق والرزق (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=17163)

سماح 5 - 7 - 2011 01:49 AM

قدرة الله في الخلق والرزق
 









لم يكن هناك أحدٌ غيره، وكان العدم ينفتح على قدرته ليكون الوجود، ولم يكن هناك نموذج للصورة أو مثال للخلق، لذلك كان الوجود في تفاصيله ابتداعاً في الخلق من موقع القدرة في ذاته، واختراعاً للصورة









في ملامحها التفصيلية الرائعة من خلال مشيئته، فالخلق كله منه، المادة والصورة، فهو الذي أبدع الفكرة، واخترع الوجود، فكان الإنسان، هذا الخلق الذي أراده الله ليكون الموجود الحيّ العاقل الذي يحوّل العقل إلى علم، ويحرّك العلم في اتجاه الاكتشاف لأسرار الكون وقوانينه وحركيته، والإبداع في طريقة









استلهامه في حركة الحياة التي تصنع منه شيئاً جديداً لا يبتعد عن سنن الله في الوجود.









وقال للإنسان بعد ذلك، إنه خليفته في الأرض،وعرّف الملائكة سرّ هذا الاختيار وسرّ المعرفة الواسعة المتحرّكة في هذا المخلوق الجديد المتحرّك بإرادته، الذي قد يتحوَّل إلى موجود مشاغب، ولكن شغبه لا يُسقط التجربة كلها، بل يُغنيها من جانب معيّن.









وحدّد له خط السير في الطريق الذي يؤدّي إلى تجسيد إرادة الله في الحياة، من خلال ما يريده للحياة من شرائع ونظم، في الجانب الذي يُصلح كل أوضاعها، ويفجّر كل طاقاتها، ويحرّك كل موجوداتها، وفي ما يريده للإنسان من الأهداف التي تطل بها الدنيا على الآخرة، منطلقاً في مسيرة التكامل التي تأخذ من الدنيا ماديّتها، ومن الآخرة روحيتها، فهي ـ من جهةٍ ـ تبني للإنسان حياته من خلال حاجاتها وتطلّعاتها، ومن جهةٍ أخرى تفتح له أبواب الخلود في النتائج الكبرى التي ترتبط بالطاعة لله في أوامره ونواهيه، فلا ينفصل الإنسان في تطلّعاته الأخروية عن دنياه، ولا يبتعد في حاجاته الطبيعية في دنياه عن









آخرته.









وهكذا حرّك كلَّ خطواته إلى الانطلاق في سبيل الحصول على محبته، لأنه يريد للإنسان أن يعيش الحب لربه، لا لحاجةٍ منه إلى ذلك، ولكن لحكمةٍ في وجوده، لينمو ويتوازن ويسمو إلى الدرجات العليا، عندما يعيش في العمق الأعمق من شخصيته هذا الإحساس الحميم بالله، وهذا التطلّع الواله نحوه، وهذا









الشوق المحرق إليه، فيجعل كل حركةٍ من حركاته انفتاحاً على مواقع رضاه، وطريقاً للوصول إلى سرّ الحب في سرّ إنسانيته الباحثة أبداً عن الحب الطاهر النقي الصافي، في حبّه لله، وفي سرّ الألوهية تجاه الخلق، في حب الله له، وتلك هي سعادته في ينابيع الصفاء، وأنهار الطهر، وأجواء النقاء.









وإذا كان للإنسان أن يحيا في حركية إرادته حراً مختاراً، فليس معنى ذلك أنه يملك الحرية المطلقة في تأخير ما يريد تقديمه، أو تقديم ما يريد تأخيره، لأنه مرتبط ـ في وجوده ـ بالنظام الكوني الذي يدري الله حركته، ويحرّك ظواهره، ويخطّط لسننه وقوانينه، فلا يملك أحد أن يغيّر في معنى التكوين شيئاً، ولكنه يملك حرية الحركية،وتنوّع الإرادة في داخل الكون، فوجوده مرتبط بالكون من حوله، فلا يملك تقديم شيءٍ أراد الله تأخيره، أو تأخير شيء أراد الله









تقديمه، ولكنه بإنسانيته حر في تحريك طاقاته في المساحة الواسعة التي أراد الله أن يمارس فيها دوره، ويقوم فيها بمسؤوليته، وبذلك التقت حركة المسؤولية في حياته بحركة الحرية في ذاته، وهكذا اجتمعت له الجبرية في نظام وجوده، والحرية في خصوصية إنسانيته، وهو ـ في الحالتين ـ يعيش عبوديته لله،وخضوعه له، في انفعال وجوده بإرادة الله القاهرة وحركة اختياره في مواقع رضى الله، وبهذا كان الأفضل في الوجود، لأنه يمارس فيه









دور المنفعل في ذاته والفاعل في حركته.









والإنسان ـ بعد ذلك ـ جسدٌ حيّ، يختزن الروح في داخله، هذا الشيء الخفي في سرّه(3)،البارز في أثره، وللروح المتجسّدة حاجاتها في فاعلية الوجود واستمرارية البقاء، ولا يملك الإنسان في قدرته الخاصة أن يوفّر لنفسه تلك الحاجات، لأنها ليست من ذاتيات وجوده، بل هي حركة وجود آخر في النبات









والحيوان والهواء والماء والأرض، وما يتحرّك فيها من تفاصيل الحاجات للمخلوقات كلها.










وقد جعل الله لكل روحٍ من هذه الأرواح المتجسّدة في المادة نصيباً معيّناً من رزقه، في نظامٍ متوازن شامل، يضع لكل منها حاجاتها، ويقسم لكل واحدة منها رزقها، من خلال الأسباب التي أودعها في الكون مما يتّصل بإرادة الإنسان أو وجوده، فلا يملك ـ هو ولا غيره ـ أن يزيد شيئاً على قسمة الله، أو ينقص شيئاً من ذلك، لأن هذه القضية ـ في نطاقها الوجودي العام ـ من شؤون التكوين، لا من شؤون الإرادة الإنسانية، فليس للإرادة أن تتحرّك إلا في دائرتها، فلا مجال لها في الخروج منها بأية وسيلةٍ كانت.









الهـوامـش:









(1) قال تعالى: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} [الحجر:21].









(2) قال تعالى: {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا} [الزخرف:32].









(3) قال تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} [الإسراء:85].









تحياتي لكم























shreeata 5 - 7 - 2011 02:02 AM

جزاك الله عنا كل خير
وجعله في ميزان حسناتك
رائعة سماح
تحيات لك

سما 5 - 7 - 2011 11:11 PM

بارك الله بك سماح على الموضوع الهادف
دمت بخير

B-happy 5 - 7 - 2011 11:15 PM

بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك

شكرا على الإفادة والطرح


صائد الأفكار 5 - 7 - 2011 11:18 PM


سماح 6 - 7 - 2011 12:49 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shreeata (المشاركة 156287)
جزاك الله عنا كل خير
وجعله في ميزان حسناتك
رائعة سماح
تحيات لك


شكرا لك على التواجد العطر
أخي شريف
جعله الله لك هذا المرور في موازين حسناتك

سماح 6 - 7 - 2011 12:55 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سما (المشاركة 156400)
بارك الله بك سماح على الموضوع الهادف
دمت بخير


سما شكرا لك لمرورك العطر
جعله الله لك في موازين حسناتك

سماح 6 - 7 - 2011 12:58 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة b-happy (المشاركة 156401)
بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك


شكرا على الإفادة والطرح


عزيزتي هابي
شكرا لك على مرورك العذب
وجعله اللع لك في موازين حسناتك
أحترامي

حنان عرفه 6 - 7 - 2011 01:04 AM

جزاك الله خيرا سماح
طرح أكثر من رائع

أرب جمـال 8 - 7 - 2011 01:14 AM

جزاك الله خيرا غاليتي على الطرح
بارك الله بك

شيماء يوسف 8 - 7 - 2011 01:25 AM


جمال جرار 8 - 7 - 2011 01:27 AM

شكرا لك على موضوعك الرائع

طرح موفق

تقديري واحترامي

بارك الله بك وجعله في موازين حسناتك


الساعة الآن 02:28 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى