![]() |
أقوال العلماء فى خدمة الزوجة لزوجها
أقوال العلماء فى خدمة الزوجة لزوجها المعنى الشرعى للنكاح • الحنفية عقد يفيد ملك المتعة قصدا، ومعنى ملك المتعة اختصاص الرجل ببضع المرأة وسائر بدنها من حيث التلذذ. • الشافعية عقد يتضمن ملك وطء بلفظ انكاح أو تزويج أو معناهما والمراد أنه يترتب عليه ملك الانتفاع باللذة المعروفة. • المالكية عقد على مجرد متعة التلذذ بآدمية غير موجب قيمتها ببينة قبله غير عالم عاقده حرمتها إن حرمها الكتاب على غير المشهور أو الاجماع على غير المشهور. اه ابن عرفة. • الحنابلة عقد بلفظ انكاح أو تزويج على منفعة الاستمتاع. قال صاحب الفقه على المذاهب الأربعة: وقد اختلفت فيه عبارات الفقهاء ، ولكنها كلها ترجع الى معنى واحد وهو أن عقد النكاح وضعه الشارع ليرتب عليه انتفاع الزوج ببضع الزوجة وسائر بدنها من حيث التلذذ. |
الأعمال المنزلية • الحنفية أن ذلك يتبع حال الزوجة، فإن كانت من الأسر التى لا تخدم نفسها، فعليه أن يأتيها بطعام مهيأ، وكذا إذا كان بها علة تمنعها من الخدمة، أما إذا كانت قادرة على الطحن والعجن والطبخ بنفسها، فإنه يجب عليها أن تفعل ولا يحل لها أن تأخذ على ذلك أجرة، فالفصل فى هذا للعرف، فمتى كان العرف جاريا على أن مثل هذه الزوجة ممن لا تَخدم وامتنعت عن الخبز والطهى والخدمة كان لها ذلك. وإلا فلا، بل يجب عليها أن تفعل من الخدمة ما هو متعارف بين أمثالها من الناس. قال تعالى: ( ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف)، أى عليهن من الواجبات والحقوق مثل الذى لهن بحسب المتعارف بين الناس. ويؤيد هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسّم أعمال الحياة بين على وفاطمة ، فجعل علىُّ كرم الله وجهه لأعمال الخارج، وجعل على فاطمة أعمال الداخل، وقد كانت يومئذ أعمال المنزل شاقة، لأنهم كانوا يطحنون على الرحى. • المالكية إذا كانت المرأة موسرة لا تخدم نفسها أو كان الزوج ذا جاه وقدر لا يصح لامرأته أن تخدم نفسها، فإنه يًفرض عليه خادم لها إذا كان ذا سعة يستطيع ذلك، وإلا فإنها تُلزم بخدمة المنزل، وعليه أن يُساعدها بنفسه فى أوقات فراغه من عمله، ولا تُلزم بخدمة غير منزلية كخياطة وتطريز وغير ذلك. • الشافعية يجب على الزوج أن يأتى بخادم لزوجته ولو كان معسرا بشرط أن يكون مثلها ممن يُخدم وإن لم تُخدم بالفعل. • الحنابلة إن كانت الزوجة ممن لا يخدم مثلها نفسه، فإنه يجب عليه أن يحضر لها خادما يخدمها ، وإذا قال لها : أنا أخدمك بنفسى، فإنها لا تُلزم بقبوله. وعليه نفقة الخادم وكسةته بحسب ما يليق بالخادم. • صاحب فقه السنة أساس العلاقة بين الزوج وزوجته هى المساواة بين الرجل والمرأة فى الحقوق والواجبات، وأصل ذلك قوله تعالى: ( ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة). فالآية تعطى المرأة من الحقوق مثل ما للرجل عليها، فكلما طُولبت المرأة بشئ طُولب الرجل بمثله. والأساس الذى وضعه الإسلام للتعامل بين الزوجين وتنظيم الحياة بينهما هو أساس فطرى وطبيعى، فالرجل أقدر على العمل والكدح والكسب خارج المنزل، والمرأة أقدر على تدبير المنزل وتربية الأولاد وتيسير أسباب الراحة البيتية. فيكلف الرجل ما هو مناسب له، وتكلف المرأة ما هو من طبيعتها، وبهذا ينتظم البيت من ناحية الداخل والخارج، دون أن يجد أى واحد من الزوجين سببا من أسباب انقسام البيت على نفسه. وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين علىّ بن أنى طالب رضى الله عنه وكرم الله وجهه وبين زوجته فاطمة رضى الله عنها، فجعل على فاطمة خدمة البيت، وجعل على علىّ العمل والكسب. روى البخارى ومسلم أن فاطمة رضى الله عنها أتت النبى صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى فى يديها من الرخاء وتسأله خادمة. فقال: ( ألا أدلكما على ما هو خير لكما مما سألتما: إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، وأحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم). وعن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنها أنها قالت: كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله وكان له فرس فكنت أسوسه وكنت أحش له وأقوم عليه) وكانت تعلفه وتسقى الماء وتخرز الدلو وتعجن وتنقل النوى على رأسها من أرض له على ثلثى فرسخ. ففى هذين الحديثين ما يفيد بأن على المرأة أن تقوم بخدمة بيتها ، كما أن على الرجل أن يقوم بالإنفاق عليها. وقد شكت السيدة فاطمة رضى الله عنها ما كانت تلقاه من خدمة ، فلم يقل لها الرسول صلى الله عليه وسلم لعلىّ: لا خدمة عليها وإنما هى عليك. وكذلك لما رأى خدمة أسماء لزوجها لم يقل : لا خدمة عليها، بل أقره على استخدامها، وأقر سائر أصحابه على خدمة أزواجهن. مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية. قال ابن القيم: هذا أمر لا ريب فيه، ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة، وفقيرة وغنية. فهذه أشرف نساء العالمين كانت تخدم زوجها، وجاءت الرسول صلى الله عليه وسلم تشكو إليه الخدمة فلم يسمع شكايتها. من تفسير القرطبى: قال بعض علماء المالكية: إن على الزوجة خدمة مسكنها، فإن كانت شريفة المحل ليسا أبوة أو ترفه، فعليها التدبير للمنزل وأمر الخادم، وإن كانت متوسطة الحال فعليها أن تفرش الفراش ونحو ذلك. وإن كانت دون ذلك فعليها أن تقم البيت وتطبخ وتغسل، وإن كانت من الكرد والديلم والجبل كلفت ما يكلفه نساؤهم. وذلك لقوله تعالى: ( ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف). وقد جرى عرف المسلمين فى بلدانهم فى قديم الأمر وحديثه بما ذكرنا. وكان أزواج النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتكلفون الطحين والخبز والطبخ وأشباه ذلك، ولا نعلم امرأة امتنعت عن ذلك، ولا يسوغ لها الامتناع. هذا هو المذهب الصحيح خلافا لما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة والشافعى من عدم وجوب خدمة المرأة لزوجها، وقالوا : إن عقد الزواج إنما اقتضى الاستمتاع لا الاستخدام وبذل المنافع ... وأن الأحاديث المذكورة تدل على التطوع ومكارم الأخلاق. |
الرضاع • المالكية تُلزم الأم بالرضاع بدون أجر، إلا إذا كانت عظيمة لا يُرضِعُ مثلها فإنها لا تُلزم إلا إذا أبى الطفل أن يقبل غير ثديها، فإنها فى هذه الحالة تُلزم بإرضاعه. • صاحب فقه السنة أُجرة الرضاع لا تستحقها الأم ما دامت زوجة أو معتدة ، لأن لها نفقة الزوجية إذا كانت زوجة، أو نفقة العدة إذا كانت معتدة. قال تعالى: ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف). وفى هذا دلالة على أن الوالدة لا تستحق الأجرة ما دامت زوجة أو معتدة. |
الواجبات الزوجية بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وبعد * واجبات الزوج : بما أن القوامة في بيت الزوجية للزوج ، فإن عليه أن يتحلى بصفات القيادة والأناة والصبر والحكمة ، وحُسْن العِشرة ، لقوله تعالى : (( وعاشِروهُنَّ بالمعروفِ فإنْ كَرِهْتُموهُنَّ فَعَسَى أنْ تَكْرَهُوا شيئاً ويَجْعَلَ اللهُ فيهِ خيراً كثيراً )) سورة النساء 19 ، وقوله تعالى : (( ولهنَّ مِثْلُ الذي عليهِنَّ بالمعروفِ )) سورة البقرة 228 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً ، إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر ) ، والفَرْكُ : هو الكره والبُغض . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( استوصوا بالنساء خيراً فإنَّ المرأةَ خُلقتْ من ضلع ، وإنَّ أعوجَ شيءٍ في الضلعِ أعلاهُ ، فإن ذهبتَ تقيمُـهُ كَسَرْتَهُ ، وإن تركتًهُ لم يزلْ أعـوجَ ، فاستوصوا بالنسـاءِ ) ، ومعنى ذلك أداء الحقوق كاملة للمرأة ، مع حسن الخلق في معاشرتها ، والبشاشة لها ، وعدم الإساءة بالكلام الغليظ ، أو الإعراض عنها والميل إلى غيرها ؛ كما أوجب عليه واجبات مالية من مهر ونفقة وسكنى ، وواجبات غير مالية كحسن العشرة ، وعدم الإضرار بها أو ظلمها ، والعدل بين الزوجات إن كـُنَّ أكثر من واحدة ، وأن يعفها بأن يطأها ويقضي وطرها … * واجبـات الزوجـة : يجب على الزوجة طاعـة زوجها بالمعروف ، لأنه هو القوام عليها وعلى أمور البيت لقوله تعالى : (( الرِّجالُ قوَّامونَ على النِّساءِ بما فضَّلَ اللهُ بعضَهم على بعضٍ وبما أنفقوا منْ أموالِهم )) النساء 34 ، وتمكينه من الاستمتاع بها ، وعدم الإذن لمن يكره بدخول بيته ، وعدم الخروج من البيت إلا بإذنه ، وله تأديبها بالمعروف ، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه ليس عليها خدمة زوجها من طبخ ونحوه ، لأن المعقود عليه من جهتها هو الاستمتاع فلا يلزمها ما سواه ، أما المالكية فقد أوقفوا ذلك على العرف. * واجبات مشتركة بين الزوجين : وهناك واجبـات مشتركة يشترك فيها كل مـن الزوجين ، منها حِلُّ المعاشرة واستمتاع كل منهما بالآخر ، وحرمة المصاهرة فالزوجة تحرم على آباء الزوج وأجداده وأبنائه وفروع أبنائه وبناته ، كما يحرم على الزوج أمهات الزوجة وجداتها وبناتها ، وبنات أبنائها وبناتها ، وأن يجمع بينها وبين أختها أو عمتها أو خالتها ، كما يثبت التوارث بين الزوجين بمجرد إتمام عقد الزواج وإن لـم يدخل بها ومن حق كل من الزوجين على الآخر أن يكتم سره ، وأن يستر ما يقع بينهما حال الجماع وقبله من مقدماته أو غير ذلك من الأسرار التى تكون عادة بين الزوجين. لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضى الى امرأته وتفضى اليه ثم ينشر سرها). |
فتاوى علماء الأزهر - المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا - 1997 سئل : نقرأ فى الكتب والصحف عن تجارب المفكرين فى وسائل محافظة الزوجة على قلب زوجها أشياء كثيرة قد تكون صدى لإحساس خاص ، أو نَضْحًا لبيئة بعرفها المناسب لها، فهل فى الإسلام شىء من هذه الوسائل التى تستعين بها الزوجة على سعادة زوجها والأسرة ؟. أجاب : الإسلام وهو الدين الذى أكمله اللّه وأتم به النعمة فيه تبيان كل شىء يحقق السعادة للفرد والمجتمع فى الدنيا والآخرة، وكل تشريعاته العامة والخاصة لها صلة كبيرة بإسعاد الحياة الزوجية ، ومع ما عرفناه مأثور العرب فى وصايا بناتهم عند الزواج نورد بعضا من هذه الآداب : 1- أن تكون الزوجة صورة حسنة فى عين زوجها تجذب قلبه إليها، وذلك بالعناية بجمالها ، وقد مر الحديث عنه وموقف الإسلام منه. 2 -تنسيق البيت بشكل يدخل السرور على قلب الزوج ، وتجديد هذا التنسيق حتى يتجدد شعوره بالسرور، ولا تسير الحياة على وتيرة واحدة. 3-توفير الجو الهادى له ليستريح من عناء عمله ، وبخاصة فى أيام الراحة ، التى لا ينبغى أن تشغلها بما يصرفها عنه ، ولا تترك الأولاد يعكرون صفو هذا الجو. 4 -مشاركته فى فرحه وفى حزنه ، ومحاولة التسرية عنه بكلام طيب أو عمل سار، كما كانت السيدة خديجة رضى الله عنها مع النبى صلى الله عليه وسلم يوم أن جاء من الغار يرجف فؤاده ، فطمأنته بأن اللّه لا يخزيه أبدا. 5 -معرفة مواعيد أكله ونومه وعمل الحساب لكل منها ، وذلك بإعداد طعامه الذى يشتهيه والهدوء التام عند نومه الذى يحب أن يهدأ الجو من حوله ليشعر بالراحة. 6-عدم إظهار الاشمئزاز منه لعيب وجد فيه كمرض وفقر وكبر سن ، ومحاولة تخفيف هذه الآلام عنه بالقول أو الفعل ، فهذا ضرب من الوفاء له. 7 - الأدب معه فى الحديث ، واختيار الألفاظ المحببة إلى قلبه ، وعدم مراجعته بصورة تثير غضبه ، أو تجرح شعوره ، فقد يكون من وراء ذلك هدم الأسرة. 8 - عدم المن والتطاول عليه بغناها أو حسبها أو منصبها مثلا، وعدم ذكره بالسوء والشكاية منه إلا فى أضيق الحدود ، لدفع شر يتوقع مثلا، جاء فى إحياء علوم الدين للغزالى أن الأصمعى قال : دخلت البادية فإذا أنا بامرأة من أحسن الناس وجها ، وزوجها من أقبح الناس وجها فقلت لها: يا هذه أترضين لنفسك أن تكونى زوجة له ؟ فقالت : اسكت يا هذا ، فقد أسأت فى قولك ، لعله أحسن فيما بينه وبين اللّه فجعلنى ثوابه. أو لعلنى أسأت فيما بينى وبين ربى فجعله عقوبتى ، أفلا أرضى بما رضى الله لى ؟. تلك وأمثالها آداب يقرها الإسلام ويدعو إليها ، وأولى أن نتبعها بدل أن نتبع التقاليد الأخرى التى لا تناسبنا ، فلكلٍّ شرعة ومنهاج. |
- المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا - 1997 سئل : هل من الإسلام أن تعيش المرأة فى البيت كمَّا مهملا، ينظر إليها بمنظار أسود، وتعامل كجارية لا إحساس لها ولا شعور ؟. أجاب : من ميزة الإسلام أنه كرم المرأة وأزال الصورة القاتمة التى صورت بها من قبل. وقرر لها كثيرا من الحقوق التى أضاعتها هذه الصورة، واعتد بإنسانيتها التى سلبتها إياها بعض الأفكار وطبقها بعض الرسول - واللّه سبحانه أمر بمعاشرتها بالمعروف كما دلت على ذلك النصوص الكثيرة ، ومن أهم مظاهر هذه المعاشرة التى تتصل بإحساسها وشعورها : 1 - صون اللسان عن رميها بالعيوب التى تكره أن تعاب بها ، سواء أكانت خِلقية لا تملك من أمر تغييرها شينا كدمامة وقصر، أم كانت خُلقية لها دخل فيها كتباطؤ فى إنجاز العمل ، أو ثرثرة كثيرة ، فالله نهى بوجه عام عن السخرية والهمز واللمز والتنابز بالألقاب والسباب ، والنبى صلى الله عليه وسلم قال فيما يخص المرأة ، كما رواه أبو داود بإسناد حسن "ولا تضرب الوجه ولا تقبح "أى لا تقل لها : قبَّحك الله ، يقول الحافظ المنذرى بعد ذكر هذا الحديث : أى لا تسمعها المكروه ولا تشتمها ولا تقل قبحك الله. 2 - ومع عدم رميها بالعيوب ، لا ينبغى الاشمئزاز وإظهار النفور منها ، ولتكن النظرة إليها بعينين لا بعين واحدة ، فكما أن فيها عيوبا فيها محاسن ينبغى ألا تغفل وتنسى، والله سبحانه يقول {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} النساء : 19 ، والحديث يقول كما رواه مسلم "لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خلقا رضى منها آخر" ويعجبنى فى هذا المقام ما جاء فى "الأحكام السلطانية للماوردى" أن عمر بن الخطاب رأى رجلا يطوف حول الكعبة وعلى عاتقه امرأة حسناء، وهو يقول : عُدْت لهذى جملا ذلولا * مُوطَّأً أتبع السهولا أعدلها بالكف أن تميل * أحذر أن تسقط أو تميلا أرجو بذاك نائلا جزيلا فقال له : من هذه التى وهبت لها حجك ؟ فقال : امرأتى يا أمير المؤمنين ، وإنها حمقاء مرغامة ، أكول قمامة ، لا يبقى لها خامة. فقال له : لم لا تطلقها ؟ لا قال : إنها حسناء لا تُفْرَك ، وأم صبيان لا تُترك. قال : فشأنك بها. 3 - عدم ذكر محاسن غيرها من النساء أمامها بقصد إغاظتها ، فليس أقتل لشعور المرأة من ذلك وبخاصة إذا كانت هذه المرأة ضرتها أو جارتها أو لزوجها صلة بها أيا كانت هذه الصلة اللهم إلا إذا كان يقصد بمدح غيرها تأديبها وتوجيهها لتكون مثلها. روى البخارى ومسلم عن عائشة قالت : ما غرت على أحد من نساء النبى صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها قط ، ولكن كان يكثر ذكرها ، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها فى صدائق خديجة فربما قلت له : كأن لم يكن فى الدنيا امرأة إلا خديجة ، فيقول : إنها كانت وكانت.... وكان لى منها ولد". 4 - حفظ أسرارها وبخاصة ما يكون من الأمور الداخلية التى لا يعرفها إلا زوجها. يقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضى إلى امرأته وتفض إليه ثم ينشر سرها". أراد بعض الصالحين أن يطلق امرأته فقيل له : ما الذى يريبك منها؟ فقال : العاقل لا يهتك ستر امرأته. فلما طلقها قيل له : لم طلقتها؟ فقال : ما لى ولامرأة غيرى ؟(الإحياء ج 2 ص 52) 5 –نداؤها بلفظ يشعر بكرامتها مثل : يا أم فلان ، والعرف مختلف فى ذلك. 6 -إلقاء السلام عليها عند دخول البيت ، لإيناسها واطمئنانها ، ففى حديث الترمذى وصححه "يا بنى ، إذا دخلت على أهلك فسلِّم يكن سلامك بركة عليك وعلى أهل بيتك ". تلك بعض المظاهر التى تدل على احترام الإسلام لشعور المرأة، ليعاملها زوجها على ضوئها معاملة كريمة، وهناك أكثر وأوضح من ذلك فى كتاب "الأسرة تحت رعاية الإسلام -الجزء الثالث ". |
3- المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا - 1997 سئل : هل يجوز للزوج أو الزوجة أن يفشى السر الخاص بينهما لطلب مشورة أو حل مشكله ؟. أجاب : إفشاء السر له خطورته ، وبخاصة إذا كان فى الأمور الهامة، على المستوى العام كأسرار الدول والحكومات ، وعلى المستوى الخاص كأسرار الأسر والشركات والجماعات ، وإفشاء السر منهى عنه لما فيه من الإيذاء والتهاون بحقوق الغير، فى الحديث الذى رواه أبو داود والترمذى وحسَّنه "إذا حدَّث الرجل الحديث ثم التفت فهى أمانة" وفى تاريخ الإسلام أحداث كان إفشاء السر فيها خطيرا ، من ذلك نقل حاطب بن أبى بلتعة سر مسيرة النبى وصحبه لغزو مكة، ولم يعصمه من القتل إلا أنه قد شهد بدرا ، وكان قصده حسنا ، ونقل بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم حديثه إلى بعضهن كما قال تعالى {وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرَّف بعضه وأعرض عن بعض } التحريم : 3. ومن الأسرار التى لها حرمتها ما يحصل بين الزوج وزوجته فى الخلوة الخاصة، وقد أخرج أحمد بن حنبل عن أسماء بنت يزيد بن السكن أنها كانت عند الرسول والرجال والنساء قعود عنده فقال "لعل رجلا يقول ما فعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها" فأرمَّ القوم ، أى سكتوا ، فقالت يا رسول الله ، إى والله إنهم ليفعلون ، وإنهن ليفعلن ، فقال ما معناه : "فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة فكان منهما ما كان والناس ينظرون " وروى مسلم قوله صلى الله عليه وسلم "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفض إلى المرأة وتفضى إليه ، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه ". هذا فى السر الخاص ، أما الأسرار الأخرى للبيوت فلا ينبغى إفشاؤها لغير من تهمهم مصلحة الأسرة من الأقارب ، بل إن البيوت الكريمة تحاول أن تخفى أسرارها حتى عن أقرب الناس إليها ، لأن السر إذا خرج أوغر الصدر، إلى جانب ما يترتب عليه من آثار ضارة ، أقلها الشماتة عند معرفة العيوب التى يشكو منها أحد الزوجين ، وكثير من الناس يتصيدون أخبار البيوت للإفساد، وللنساء فى مجالسهن الخاصة أحاديث متشعبة وخبر أم زرع بشأن النسوة اللاتى تحدثن عن أزواجهن معروف. على أنه لا بأس بإفشاء بعض الأسرار عند الحاجة بقصد الإصلاح ، كما شكت هند إلى النبى تقتير زوجها أبى سفيان ، وذلك عند التقاضى ، أما الحديث لمن لا يرجى عنده إصلاح فممنوع ، ففى حديث مسلم "ومن ستر مسلما ستر الله فى الدنيا والآخرة" ومن كتم سره كان الخيار بيده. |
4- المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا - 1997 سئل : يكثر على ألسنة الناس قولهم علىَّ الطلاق ، فهل يقع الطلاق بهذه الصيغة؟ أجاب : قال العلماء : إن هذه الصيغة وهى : علىَّ الطلاق أو يلزمنى الطلاق ، تعتبر يمين طلاق يقصد به إثبات شىء أو نفيه ، أو الحث على فعل شىء أو تركه ، كقول القائل : علىَّ الطلاق أو يلزمنى الطلاق إن كان إبراهيم قد حضر أمس ، أو: علىَّ الطلاق لأفعلن كذا أو أتركن كذا. وقد أفتى بعض الحنفية كأبى السعود بعدم وقوع الطلاق بمثل هذه الصيغة ، اعتمادا منه على أن شرط صحة الطلاق أن يكون مضافا إلى المرأة أو إلى جزء شائع منها ، وهذا اللفظ لا إضافة فيه إليها ، فهو ليس من صريح الطلاق ولا من كنايته ، فلا يقع به الطلاق. ويرى المحققون من الحنفية أن مثل هذا الطلاق واقع ، لاشتهاره فى معنى التطليق وجريان العرف بذلك ، والأيمان مبنية على العرف ، وهو وإن كان بصورة ظاهرة فى اليمين إلا أن المتبادر منه أنه تعليق فى المعنى على فعل المحلوف عليه وإن لم يكن فيه أداة تعليق صريحة. ويرى الإمام على وشريح وعطاء والحكم بن عيينة وداود الظاهرى والقفال من الشافعية وابن حزم - أن تعليقات الطلاق لاغية ، وصح عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس أنه قال فيها : إنها من خطوات الشيطان لا يلزم بها شىء، وروى عن طاووس أنه قال : ليس الحلف بالطلاق شيئا والشافعية يقيدون هذا من صيغ الطلاق ويوقعونه بها. والعمل الآن فى المحاكم المصرية حسب القانون رقم 25 لسنة 1929م - كما تنص عليه المادة الثانية منه- على أن الطلاق غير المنجز إذا قصد به الحمل على فعل شىء أو تركه لا غير لا يقع. وقد سبق فى ص 279 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى توضيح ذلك فيرجع إليه. |
5- المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا - 1997 سئل : نريد تفسير قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم} وكيف يتناسب ذلك مع ما ورد فى الزواج من سكن ومودة ورحمة؟ أجاب : الأسرة تقوم على الزوج والزوجة والأولاد ، وهى إذا أحسن توجيهها حققت السكن والمودة والرحمة، لكن ليست كل الأسر تستطيع الالتزام بتوجيهات الدين ، ومن هنا يأتى القلق والبغض والقسوة ، وتكون المساءلة الشديدة أمام الله سبحانه ، ولذلك أوصى الإِسلام ببناء الأسرة على أسس القيم الرفيعة الموجودة فى الرجل والمرأة ، فتُختار المرأة ذات الدين والخُلق ، ويُختار الرجل ذو الدين والأمانة كما جاء فى السنة النبوية. وإذا وجب على الأسرة أن تتعاون لتحقيق أهدافها فكيف تكون العداوة أو من أين تأتى؟ إن الآية الكريمة تبين أن بعض الأزواج -الزوجات- وبعض الأولاد قد يكونون أعداء للزوج والوالد ، وليس الكل أعداء ، وإلا ما كانت هناك حاجة إلى الزواج ، ولذلك عبرت الآية بلفظ " مِنْ " التى تفيد التبعيض. والعداوة تأتى من مخالفة الوصية بحسن المعاشرة ، وعدم التزام أفراد الأسرة بالواجبات المفروضة عليها ، والاهتمام بالحقوق أكثر من الواجبات ، قال تعالى {وعاشروهن بالمعروف} النساء : 19 وقال : { ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} البقرة : 228 وقال { الرجال قوَّامون على النساء بما فضًل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} النساء: 34 وقال: {وبالوالدين إحسانا} الإِسراء : 23 إلى غير ذلك من النصوص التى تبين الحقوق والواجبات. جاء فى سبب نزول الآية التى فى السؤال أن بعض الرجال أسلموا من أهل مكة وأرادوا الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فى المدينة ، فأبى أزواجهم وأولادهم ، فلما أتوا النبى صلى الله عليه وسلم ورأوا الناس قد تفقهوا فى الدين همُّوا أن يعاقبوا أزواجهم وأولادهم ، رواه الترمذى بسند حسن صحيح فنزلت الآية ولذلك جاء فى آخر الأية { وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم} والعفو هو ترك المؤاخذة بالذنب ، والصفح هو إزالة أثره من النفس ، يقال : صفح عنه أعرض عن ذنبه ، وضرب عنه صفحا أى أعرض عنه وتركه ، والغفر هو الستر. وقيل: نزلت فى عوف بن مالك الأشجعى ، كان إذا أراد الغزو بكت الزوجة والأولاد ورققوه قائلين : إلى من تتركنا؟ فيرق لهم. وفى حديث ضعيف "يكون هلاك الرجل على يد زوجته وأولاده ، يعيّرونه بالفقر فيركب الصعب من أجلهم". ومن جهاد الزوج لهم ما فى البخارى أن الشيطان قعد لابن آدم -وسْوس أو أغرى زوجته وأولاده ليقولوا له- فى طريق الإيمان فقال: أتؤمن بالله وتذر دينك ودين آبائك ؟ فخالفه فآمن ، فقعد له فى طريق الهجرة فقال : أتهاجر وتذر مالك وأهلك ؟ فخالفه فهاجر، فقعد له فى طريق الجهاد فقال : أتجاهد فتقتل نفسك وتنكح زوجاتك ويقسم مالك ؟ فخالفه وجاهد ، فحق على الله أن يدخله الجنة وفي الحديث "الأولاد مَجبنة مبخلة" أو " مُجَبِّنَةٌ مُبَخِّلةٌ" رواه البغوى. وأخرج الترمذى عن خولة بنت حكيم قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو مُختَضِنٌ أحد ابني بنته وهو يقول "إنكم لتبخِّلون وتجبِّنون وتجهلون ، وإنكم لمن ريحان الله ". أى تحملون على البخل على غيركم إيثارا لكم ، وتحملون على الجبن والقعود عن الجهاد، وتحملون على الاعتداء على غيركم دفاعا عنكم. والموضوع مبسوط فى كتابنا "تربية الأولاد فى الإِسلام" وفى هذا القدر كفاية. |
6- المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا - 1997 سئل : رجل قال لزوجته : إن خرجت من البيت فأنت طالق فهل يقع الطلاق لو خرجت ؟. أجاب : الطلاق المعلق هو الذى يقصد به إثبات شىء أو نفيه ، أو الحث على فعل شىء أو تركه. وفيه أقوال خمسة ذكرها ابن القيبم فى كتابه " إغاثة اللهفان " ص 5 6 2 - 67 2 وملخصها هو: - 1 -أنه لا ينعقد، ولا يجب فيه شىء. وعليه أكثر أهل الظاهر، لأن الطلاق عندهم لا يقبل التعليق كالنكاح ، وعليه من أصحاب الشافعى أبو عبد الرحمن. 2-أنه لغو وليس بشىء وصح ذلك عن طاووس وعكرمة. 3- لا يقع الطلاق المحلوف به ويلزمه كفارة يمين إذا حنث فيه. وبه قال ابن عمر وابن عباس وغيرهما. 4 -الفرق بين أن يحلف على فعل امرأته أو على فعل نفسه أو على فعل غير الزوجة ، فيقول لامرأته : إن خرجت من الدار فأنت طالق ، فلا يقع عليه الطلاق بفعلها ذلك ، وإن حلف على نفسه أو على غير امرأته وحنث لزمه الطلاق ، وبه قال أشهب من المالكية. 5 -الفرق بين الحلف بصيغة الشرط والجزاء وبين الحلف بصيغة الالتزام ، فالأول كقوله : إن فعلت كذا فأنت طالق. والثانى كقوله : الطلاق يلزمنى أو على الطلاق إن فعلت ، فلا يلزمه الطلاق فى هذا القسم إن حنث دون الأول. وهذا أحد الوجوه الثلاثة لأصحاب الشافعى والمنقول عن أبى حنيفة وقدماء أصحابه. والعمل الآن فى المحاكم المصرية حسب القانون رقم 25 لسنة 1929 م كما تنص عليه المادة الثانية منه ، على أن الطلاق غير المنجز إذا قصد به الحمل على فعل شىء أو تركه لا غير - لا يقع ، وجاء فى المذكرة الإيضاحية لهذا القانون : أن الطلاق ينقسم إلى منجز وهو ما قصد به إيقاع الطلاق فورا ، وإلى مضاف كأنت طالق غدا ، وإلى يمين نحو: على الطلاق لا أفعل كذا ، وإلى معلق كإن فعلت كذا فأنت طالق. والمعلق إن كان غرض المتكلم به التخويف أو الحمل على فعل شىء أو تركه -وهو يكره حصول الطلاق ولا وطر له فيه - كان فى معنى اليمين بالطلاق ، واليمين فى الطلاق وما فى معناه لاغ. ويمكن الرجوع إلى الجزء السادس من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام ص 343 لمعرفة أدلة الآراء المختلفة فى هذا الموضوع. ومن المتحمسين لوقوع الطلاق المعلق الإمام تقى الدين السبكى المتوفى سنة 756 هـ فى رسالته " النظر المحقق فى الحلف بالطلاق المعلق " يرد بها على ابن تيمية، وقد فرغ منها قبل وفاة ابن تيمية بسنوات ، ويراجع كتاب " أحكام الأحوال الشخصية فى الشريعة الإسلامية " ص 291 للشيخ عبد الرحمن تاج -والفتوى على الرأى الذى يطبق فى المحاكم المصرية ، لأن ولى الأمر اختاره ، ومعلوم أن حكم الحاكم يرفع الخلاف ، وينبغى الالتزام به فى الفتوى منعا للبلبلة. |
7- المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا - 1997 سئل : هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من زيارة أهلها ؟. أجاب : من المتفق عليه أن الزوجة يجب عليها أن تطيع الزوج فى أمرين أساسيين ، هما المتعة وملازمة البيت ، فلو عصته فى أحدهما كانت ناشزا، تسقط نفقتها ويتخذ معها إجراء بينة القرآن فى قوله تعالى {واللاتى تخافون نشوزهن } النساء : 34 ، وصحت الأحاديث بالنهى عن عصيانها فيما يجب عليها نحوه. وفى ملازمة البيت روى حديث بسند ضعيف أن رجلا كان فى سفر وعهد إلى امرأته ألا تنزل من العلو إلى السفل ، أى من الطابق الأعلى إلى الطابق الذى تحته ، وكان أبوها فيه ، فمرض ، فاستأذنت الرسول فى زيارته فأمرها أن تطيع زوجها ، فمات أبوها ودفن ولم تنزل ، فأخبرها الرسول بأن اللَّه غفر لأبيها بسبب طاعتها لزوجها.&بعد هذا أقول :&كما أن للزوج على زوجته حقوقا مؤكدة يعرِّض التفريط فيها إلى عقوبات دنيوية وأخروية -كذلك لوالديها حقوق من البر والإِحسان ، منها ما هو واجب يعرِّض لعقوبة اللَّه : ومنها ما هو مندوب لا عقوبة عليه ، لكن حق الزوج مقدم على حق الوالدين ، فقد روى الحاكم وصححه والبزار بإسناد حسن أن عائشة رضى اللّه عنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم : أى الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال " زوجها " قالت :&فأى الناس أعظم حقا على الرجل ؟ قال " أمه ". ويمكن للزوجة أن توفق بين طاعتها لزوجها وطاعتها لوالديها دون إثارة مشكلات أو تعرَّض لعقوبات ، ومن العشرة بالمعروف التى أمر اللّه الزوج بها مع زوجته.أن يمكنها من بر والديها وصلة رحمها، لكن ليست زيارتها لهما هى الوسيلة الوحيدة للبر والصلة، فقد يتم ذلك بمكالمة تليفونية أو إرسال خطاب مثلا، أو بزيارة أهلها لها فى بيت زوجها ، وكل ذلك فى نطاق المصلحة الزوجية ، فإذا رأى الزوج أن زيارتها لأهلها تضر الحياة الزوجية كان له منعها ، ولو خرجت بدون إذنه كانت ناشزا وحكم النشوز معروف ، وليس منعه لها من زيارة أهلها معصية حتى نبيح لها أن تخالفه ، بناء على ما هو معروف من أنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق ، فالبر كما قلنا-يحصل بغير زيارتها لأهلها، وقد يكون المنع فى مصلحتها هي أيضا، فلا يجوز لها أن تتمسك بهذه الزيارة وتعلق حياتها مع زوجها عليها ، فذلك عناد يجر إلى عناد أكبر قد تندم على نتيجته. وبحسن التفاهم يمكن الخروج من هذه الأزمة ، والوسائل لذلك كثيرة ، وعلى الوالدين أن يساعدا ابنتهما على استقرار حياتها الزوجية بعدم إثارة الزوابع التى تعصف بسعادة كل من تعرض لها أو تسبب فيها. هذا، وقد نشر كلام حدث منذ أكثر من مائة سنة جاء فيه - حول هذا الموضوع - أن الأبوين إذا كانا قادرين على زيارة ابنتهما فلا تخرج هى لزيارتهما إلا بإذن الزوج ، وكلام يبيح لها أن تخرج للزيارة كل أسبوع بإذن وبغير إذن ، وقيَّد بعضهم ذلك بعدم قدرتهما على زيارتها ( الشيخ محمد عبده ذكر كل ذلك بتاريخ 27 من ربيع الأول سنة 1322 انتهى. واختار أن تخرج إلى أبويها فى كل جمعة ، أذنها الزوج أو لم يأذن ، ولها أن تخرج إلى المحارم كذلك كل سنة مرة بإذنه وبغير إذنه ، كما أن لها أن تخرج إلى الأهل كذلك كل سنة مرة بالإذن وبدونه ، أما خروجها زائدًا على ذلك للأهل فيسوغ لها بإذنه. وكان اختياره لذلك بعد عرض أقوال الفقهاء الأحناف من كتبهم ، دون أن يكون لأقوالهم أو لاختياره هو أى دليل من قرآن أو سنة " الفتاوى الإِسلامية مجلد 4 ص 1355 " وكل ذلك اجتهاد نظر فيه إلى العرف الجارى فى زمانهم ، لكن الأصل الذى يجب أن يعلم هو أن الزيارة فى حد ذاتها ليست ممنوعة، فقد أذن الرسول والصحابة لنسائهم بذلك ، والمدار هو على تحقيق المصلحة وعدم المفسدة، مع مراعاة تقدم حق الزوج على الأبوين ، والواجب يقدم على المندوب ، وللتحديد بمدة يرجع فيه إلى العرف ، ومخالفته لا ترقى إلى درجة التحريم وكلامهم هو فى الأولى والأفضل. ولعل ما ذكرته يكون أقرب إلى الصواب ). |
8- المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا - 1997 سئل : هل يجوز للمرأة أن تتصرف فى مال زوجها بدون إذنه ؟. أجاب : جاء فى صحيح البخارى قوله صلى الله عليه وسلم " إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فلها نصف أجره "وجاء مثل ذلك فى صحيح مسلم ، وروى أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذى قوله " لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها " وروى الترمذى من خطبة الوداع " لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها " وروى البخارى ومسلم " إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ، ولزوجها أجره بما اكتسب ، وللخازن مثل ذلك ، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا " وروى مسلم أن أسماء قالت للنبى صلى الله عليه وسلم : مالى مال إلا ما أدخله عليَّ الزبير ، أفأتصدق ؟ قال " تصدقى، ولا توعى فيوعى عليك ". الواجب على الزوجة أن تحافظ على مال زوجها ، فلا تتصرف فيه بما يضر ، والتصرف فيه إما أن يكون لمصلحة الأسرة ، أى الزوجين والأولاد ، وإما أن يكون لغير ذلك ، فما كان لمصلحة الأسرة سيقوم به الزوج لأنه هو المسئول عنه ، ولا تضطر الزوجة أن تأخذ بدون إذنه أكثر من كفايتها ، فإن قصر عن الكفاية أخذت بقدرها بدون إذنه فذلك حقها ، ودليله حديث هند لما شكت للنبى صلى الله عليه وسلم زوجها أبا سفيان بأنه شحيح مسِّيك ، فهل تأخذ من ماله بغير إذنه ؟ فقال " خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف " رواه مسلم. وإن كان التصرف فى ماله لغير مصلحة الأسرة ، فإن كان بإذنه جاز وإن كان صدقة فإن للزوج ثواب الصدقة من ماله ، ولها مثل هذا الثواب لأنها ساعدت بالعمل ، أما إن كان بغير إذنه استحقت نصف الأجر ، وذلك فى الشىء اليسير الذى تسمح به نفس الزوج ، أما إن كان كثيرا فيحرم عليها أن تتصرف أو تتصدق إلا بإذنه. وبهذا يمكن التوفيق بين الأحاديث التى أجازت لها التصرف ، والتى نهت عن التصرف ، والتى أعطت للزوجة مثل ثواب الصدقة أو نصف الثواب ، يقول النووى فى شرح صحيح مسلم "ج 7 ص 111 " : لابد من إذن الزوج ، وإلا فلا أجر لها وعليها الوزر ، والإذن إما صريح أو مفهوم من العرف والعادة ، كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به واطرد العرف فيه ، وعلم رضاء الزوج والمالك به ، فإذنه فى ذلك حاصل وإن لم يتكلم. وهذا إذا عُلم رضاه لاطراد العرف ، وعلم أن نفسه كنفوس غالب الناس فى السماحة بذلك والرضا به ، فإن اضطرب العرف وشك فى رضاه ، أو كان شخصا يشح بذلك ، وعلم من حاله ذلك أو شك فيه لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه. ثم قال النووى " ص 113 " : واعلم أن هذا كله مفروض فى قدر يسير ، يعلم رضا المالك به فى العادة ، فإن زاد على المتعارف لم يجز وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة "ثم قال : ونَبَّه بالطعام أيضا على ذلك ، لأنه يسمح به فى العادة ، بخلاف الدراهم والدنانير فى حق أكثر الناس وفى كثير من الأحوال.انتهى. يعلم من هذا أن الأموال الخاصة بالزوج - غير الطعام - لا يجوز للزوجة أن تتصرف فى شىء منها إلا بإذنه حتى لو كان للصدقة ، وإلا كان عليها الوزر وله الأجر ، أما إذا كان لحاجة الأسرة فلا يجوز أبدا إلا بإذنه ، لأنه هو المكلف بالإنفاق عليها ، اللهم إلا إذا كان بخيلا مقصرا فلها أخذ ما يكفى بالمعروف ، دون إسراف ودون إنفاق فى الكماليات الأخرى ، كما يعلم أيضا أن التصرف بغير الصدقة ونفقة الزوجية لا يجوز مطلقا من مال الزوج فى تقديم هدايا أو عمل ،ولائم ونحوها إلا بإذنه. أما مالها الخاص فلها أن تتصرف فيه بغير إذن زوجها ما دام فى شىء مشروع ، بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم لما حث النساء على التصدق ألقين بالخواتم والحلى فى حجر بلال ، ولم يسألهن النبى : هل استأذن أزواجهن فى ذلك أو لا " شرح صحيح مسلم ج 6 ص 173 ". وكانت زينب أم المؤمنين صناع اليدين ، تدبغ وتحرز وتتصدق بما تكسبه كله على المساكين " الزرقانى على المواهب ج 3 ص 247، 248". وأخبر عنها النبى صلى الله عليه وسلم بأنها أطول زوجاته يدا ، من أجل كثرة تصدقها ومن الخير أن تطلع الزوجة زوجها على حالتها وتصرفاتها المالية حتى لا يدخل الشك قلبه ، فكثيرا ما تدخل الشكوك والريب قلوب الأزواج من هذه الناحية. وإذا قلنا : إن للزوجة أن تنصرف فى مالها الخاص فى الأمور المشروعة بدون إذن الزوج ، فإن ذلك محله إذا لم يكن بينهما اتفاق ، أما إذا كان هناك اتفاق مشروط أو معروف عرفا على أن مال الزوجة يكون كله أو قدر معين منه فى مصاريف الأسرة فلا بد من تنفيذ الاتفاق ، والمؤمنون عند شروطهم. |
9- المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا - 1997 سئل : لماذا أجاز الله للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة ولم يجز للمرأة أن تتزوج بأكثر من رجل ؟. أجاب : قال اللّه تعالى { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } النساء : 3 ، ولقد كان تعدد الزوجات معروفا وسائدا فى الشرائع الوضعية والأديان السماوية السابقة ، والإسلام أقره بشرط ألا يزيد على أربع ، وألا يخاف العدل بينهن. وفى مشروعيته مصلحة للرجل ، فمن المقررأنه بحكم تكوينه مستعد للإخصاب فى كل وقت من سنه العادى ، وتتوق نفسه إلى المتعة ما دام فى حال سوية، أما المرأة فبحكم تكوينها لا تستعد للإخصاب مدة الحمل ، وهى أشهر طوال ، ومدة الدورة وهى فى الغالب ربع الشهر طيلة عمرها حتى تبلغ سِنَّ الياس ، كما أنها تعزف عن المتعة مدة الإرضاع التى قد تبلغ حولين كاملين ، ولا ترغب فيها غالبا ، أو تلحُّ عليها إلا فى فترة قصيرة جدا كل شهر حين تنضج البويضة ، فكان من العدل والحكمة أن يشرع التعدد ما دامت هناك قدرة عليه وعدل فيه. فالزوجة قد تكون غير محققة لمتعته كما يريد ، إما لعامل فى نفسه أو نفسها هى ولا يريد أن يطلقها ، وقد تكون عقيما لا تلد وهو يتوق إلى الولد شأن كل رجل ، بل وكل امرأة ، فيبقى عليها لسيب أو لآخر ، أو قد تكون هناك عوامل أخرى تحقق له بالتعدد مصلحة مادية أو أدبية أو عاطفية يحب أن ينالها فى الحلال بدل أن ينالها فى الحرام. كما أن فى تعدد الزوجات مصلحة للمرأة أيظا إذا كانت عقيما أو مريضة وتفضل البقاء فى عصمة الرجل ، لعدم الاطمئنان عليها إذا انفصلت ، وقد تكون محبة له يعز عليها.أن تفارقه لشرف الانتساب إليه أو نيل خير لا يوجد عند غيره. وفيه مصلحة للمجتمع بضم الأيامى ورعاية الأيتام ، وبخاصة فى الظروف الاستثنائية ، وبالتعفف عن الفاحشة والمخاللة ، وكذلك بزيادة النسل فى بعض البلاد ، أو بعض الظروف التى تحتاج إلى جنود أو أيد عاملة. وإذا علمنا أن الرجل مستعد للإخصاب فى كل وقت ، وبتزوجه بعدة زوجات يكثر النسل. جاز له أن يعدد الزوجات ، لكن المرأة إذا حملت أو كانت فى فترات الدم أو الرضاع لا تكون مستعدة للحمل مهما كثر اللقاء الجنسى بينها وبين زوجها الواحد ، فما هى الفائدة من كثرة اللقاء بينها وبين أكثر من رجل ؟ إنها ستكون للمتعة فقط ، تتداول كما تتداول السلعة ، وفوق أن هذا إهانة لكرامة المرأة : فيه اختلاط للأنساب وتنازع على المولود من أى هؤلاء الرجال يكون ، وتلك هى الفوضى الجنسية والاجتماعية التى تضيع بها الحقوق ، ولا يتحقق السكن بالزواج. إن تعدد الأزواج للمرأة الواحدة صورة من صور النكاح فى الجاهلية التى أبطلها الإسلام ، كما ثبت فى صحيح البخارى. فقد كان عندهم نكاح أخبرت عنه السيدة عائشة بأن الرهط ما دون العشرة من الرجال يدخلون على المرأة كلهم يصيبونها ، فاذا حملت ووضعت ومرت ليال بعد أن تضع أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع ، حتى يجتمعوا عندها فتقول لهم : قد عرفتم الذى كان من أمركم ، وقد ولدت فهو ابنك يا فلان - تلحقه بمن أحبت - فلا يستطيع أن يمتنع. كما كان هناك نكاح البغايا الذى يدخل فيه كثير من الناس على. المرأة فلا تمتنع ممن جاءها ، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها القافة-الذين يعرفون الأثر-فألحقوا ولدها بالذى يرون والتاط به - أى لحقه -ودعى ابنه لا يمتنع منه ، والإماء هن فى الغالب اللاتى يحترفن هذه الحرفة ، وينصبن الرايات على بيوتهن. وقد أثير مثل هذا السؤال بالنسبة للجنة حيث يزوج اللّه الرجل بكثير من الحور العين ، ولا يجعل للمرأة إلا زوجا واحدا ، ومع الاعتقاد بأن قانون الآخرة ليس تماما كقانون الدنيا ، فإن الغرض من نعيم الآخرة هو إمتاع المؤمنين الصالحين بكل ما تشتهيه الأنفس وبخاصة ما حرموا منه فى الدنيا ، والإمتاع معنى يقدره اللَّه ويكيفه حسب إرادته ، فكما يجعل متعة الرجل فى الحور العين ، يجعل متعة المرأة بمعنى آخر ، لأن مهمتها الدنيوية فى الحمل لا لزوم لها فى الجنة ، وسيضع اللّه فى قلبها القناعة بحيث لا تغار من زوجات زوجها من الحور ، كما جعل الحور أنفسهن قاصرات الطرف على من خصصْنَ له من الرجال ، لا يملْن ولايشتهين غير أزواجهن { وعندهم قاصرات الطرف أتراب } ص : 52 ، وقد منع اللَّه عن أهل الجنة عامة الغل والحسد ، والهم والحزن : قال تعالى{ ونزعنا ما فى صدورهم من غل } الحجر: 47 ، وقال على لسانهم { الحمد للَّه الذى اذهب عنا الحَزن إن ربنا لغفور شكور * الذى أحلنا دار المُقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب } فاطر: 34، 35. |
10- المفتى : فضيلة الشيخ محمد خاطر . 18 أغسطس 1978م سئل : بطلب الإفادة عن رأى الدين فى الزوجة التى ترفض طلب زوجها أن يجامعها، وليس عندها مانع شرعى ( دورة شهرية ) أو مرض. أجاب : لكل من الزوجين حقوق على الآخر، فمن حقوق الزوج على زوجته أن تطيعه فى كل أمر من أمور الزوجية فيما ليس فيه معصية، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال النبى صلى الله عليه وسلم ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجىء فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) متفق عليه. وفى الحديث عن عبد الله بن أبى أوفى قال ( والذى نفس محمد بيده لا تؤدى المرأة حق ربها حتى تؤدى حق زوجها ولو سألها نفسها وهى على قتب لم تمنعه ) ( القتب ما يوضع على ظهر البعير ) رواه أحمد وابن ماجه. وعلى هذا فامتناع الزوجة عن طاعة زوجها فيما ذكر بالسؤال غير جائز شرعا ، ما لم يكن لديها عذر يمنعها من إجابة طلبه، وتكون آثمة فى هذا الامتناع.ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.والله سبحانه وتعالى أعلم. |
11- المفتى : فضيلة الشيخ عبد اللطيف حمزة. 4 أبريل سنة 1985 م. سئل : من السيد / م ع ت بطلبه المتضمن استفساره عما يأتى 1 - هل من حق الزوج أن يمنع زوجته من مساعدة والدها كبير السن والعاجز عن العمل مساعدة مالية من مالها الخاص حيث أنها تعمل بالسعودية ولها راتبها الخاص بها. 2 - هل يحق للزوج شرعا أن يأخذ راتب زوجته معللا ذلك بأن الزوجة وما تملك ملك لزوجها ولا يمكنها التصرف فى مالها إلا باذنه. 3 - ما حكم الشرع فى استعمال القوة والعنف فى معاملة الزوج لزوجته لدرجة حدوث آثار للضرب بجسد الزوجة والتفوه بألفاظ منافية للدين الإسلامى. أجاب : أن الزواج فى الإسلام عهد وميثاق بين الزوجين يرتبطان به ارتباطا وثيقا مدى الحياة ويندمج كل منهما فى الآخر اندماجا كليا كما يرشد قوله تعالى { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } وقوله تعالى { وان أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم احداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا واثما مبينا وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا } وجعل الله تعالى الزواج من نعمه وعده من آياته حيث قال { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون } وقال تعالى { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون }.&فأمر الشارع الحكيم بحسن المعاشرة بين الزوجين وبين حقوق كل منهما وواجباته فى المعاشرة الزوجية فواجب على كلا الزوجين أن يتقيا الله فيما وجب لكل منهما نحو الآخر.&ومما يجدر الاشارة اليه هنا من حق للزوجة على زوجها وواجب عليها نحوه أنه يجب للزوجة على زوجها نفقة شرعية وهى كل ما تحتاج اليه الزوجة لمعيشتها من طعام وكسوة ومسكن وخدمة وما يلزمها من فرش وغطاء وسائر أدوات البيت بحسب المتعارف بين الناس وسبب وجوب هذه النفقة هو حق الزوج فى احتباس زوجته لأجله ودخولها فى طاعته وذلك ليتمكن الزوج من الاستمتاع للزوجة شرعا لأنها حينئذ تكون ناشزا عن طاعته بدون حق فلا تستحق النفقة. فعلى الزوجة المسلمة أن تطيع زوجها فى كل ما ليس فيه معصية لله. وقد قرر جمهور الفقهاء أن للزوجة المسلمة لها شخصيتها المدنية ولها ذمتها المالية المستقلة عن شخصية زوجها وذمته فلكل منهما ذمته المالية المستقلة عن ذمة الآخر فللزوجة أهليتها فى التعاقد وحقها فى التمليك ولها مطلق الحق وكامل الأهلية فى تحمل الالتزامات واجراء مختلف العقود محتفظة بحقها فى التمليك مستقلة عن زوجها. ونظام أموال الزوجين فى الإسلام هو نظام الانفصال المطلق واستقلال ذمة كل منهما ماليا عن الآخر. وهذه المبادىء قد أرساها القرآن الكريم فى آيات كثيرة كالآيات رقم 228، 229 من سورة البقرة و 4، 20، 21 من سورة النساء. وعلى ذلك فليس من حق الزوج المسلم أن يمنع زوجته من مساعدة والدها كبير السن والعاجز عن العمل مساعدة مالية من مالها الخاص بها بل أن لها الحق أن تقوم بخدمة والدها هذا اذا كان لا يجد من يخدمه غيرها. تعوله وتخدمه ولو كان على غير دينها. ونصيحتنا لكل زوج مسلم أن يحسن معاشرة زوجته وأن يراعى العدل والاحسان فى معاملتها قال تعالى { وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } وقال صلى الله عليه وسلم ( اتقوا الله فى النساء فانكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ). ونصيحتنا لكل زوجة مسلمة أن تطيع زوجها فيما هو من شئون الزوجية مما ليس فيه معصية لله تعالى وكذلك فيما يلزم لرعاية النشء الذى يكون لهما وتربيته أما غير ذلك من الشئون الخاصة بها فلا تجب عليها طاعته فيه كأن يمنعها من التصرف فى مالها أو يأمرها أن تتصرف فيه على وجه خاص فانه ليس له ولاية على أموالها. وفقنا الله جميعا لفهم تعاليم الإسلام وأحكامه وهدانا جميعا سواء السبيل، والله سبحانه وتعالى أعلم. |
12- المفتى : فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم. 27 يوليو 1943 م. سئل : من ز م إ قالت السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته وبعد سأشرح لكم قصتى بالتفصيل وأرجو هدايتى إلى الطريق المستقيم ولدت فى بيت دينى وكان أبى أحد رجال الدين البارزين وكان جدى أكبر رجل دينى فى مصر وتوفيا قبل أن أبلغ مبلغ النساء. كنت أعيش مع والدتى وأخوتى وتبعا للظروف كنت ألبس الملابس القصيرة وكنت أخرج بالكم النصفى ومن غير جورب وكنت أضع على وجهى بعض الأحمر الخفيف ومع ذلك كنت أؤدى فروض الصلاة وكنت أخرج دائما مع أخى ووالدتى وأعجب ابن خالتى بى فتزوجنى لحسن أخلاقى وكان فرحا بى معجبا يمدحنى فى كل وقت لما أنا عليه من جمال الخلق والخلق ولكنه كان ينصحنى بلبس الجورب والكم والطويل لكى أستر ما أمرنا اللّه بستره وأحضر لى الكتب الدينية التى تحض على ذلك ولما كنت قد ورثت حب التدين عن والدى فقد أطعته بل زدت على ذلك وأخذت ألبس إيشارب وهو أشبه بالمنديل الملون فوق رأسى وعصبه من تحت الذقن وهى طريقة تتبعها القرويات لكى يخفين شعر الرأس والعنق وذلك ابتغاء مرضاة الله فسر زوجى بذلك فى مبدأ الأمر ولكنه رجع فطالبنى بأن أتزين وأتعطر وألبس له الفساتين التى تكشف عن الساقين والذراعين وأن أصفف شعرى فى أشكال بديعة كما كنت أفعل سابقا ولما كان ذلك متعذرا لأن زوجى يسكن مع والديه وأخوته وأحدهما فى السادسة عشرة والثانى فى الواحدة والعشرين وذلك لأن ظروف زوجى لا تساعده على السكن وحده وقد بينت له أن ذلك غير متيسر لأننى لا أستطيع أن أمنع أحدا منهم من دخول حجرة أخيه فى أى وقت خصوصا وأن لى أطفالا صغارا ومطالبهم تجعلنى لا أستطيع أن أتعبد بحجرة خاصة لذلك فأنا ألبس فى المنزل غطاء الرأس الذى وصفته وجلبابا طويلا يغطى إلى آخر الكعبين وأظل به طول النهار وبعضا من الليل وحين يرانى زوجى بهذه الحال يثور ويغضب ويقول إنه لا يسمح لى بهذا اللبس الذى أشبه فيه بالغسالة أو كجدته العجوز ولست أقول إنه يظلمنى بهذا التشبيه ولكن والحق أصحبت فتاة غريبة جدا عن تلك الفتاة التى كنتها والتى أعجب بها وتزوجها لأن عدم التزين وهذه الملابس التى ألبسها جعلتنى أشبه بالفلاحات وحتى حين أراه غاضبا وألبس بدل القميص فستانا قصيرا وشراب وجاكت لا يرضى بذلك وأنا متأكدة أنه لو رآنى قبل الزواج لما تزوجنى وقد تطورت الحالة فى الشهور الأخيرة فأخذ يشتمنى ويلعننى فى كل وقت ويقول إنه غير راض عنى أبدا وأننى ملعونة من اللّه ومن الملائكة ومن كل شىء إلا إذا أطعته وأقلعت عن هذا الملبس ولبست ما كنت ألبس يوم تزوجنى لأنه تزوجنى ليصون نفسه من الزلل وأنه الآن فى عنفوان شبابه وهو يرى فى الخارج من المغريات كثيرا فإذا أنا لم ألبس له وأتزين كما كنت فيما مضى سيضطر أن يمتع نفسه بطريقة أخرى وأنه إذا زل فذنبه واقع على لأننى لا أطيعه وأمتعه كما يريد ولما قلت له إنى أخاف عقاب اللّه إذا أبديت زينتى ولبست الملابس التى تبدى بعض أجزاء الجسم قال لى أنه سيحمل الذنب وحده لأنه هو الذى أمرنى وما أنا إلا مأمورة فلا عقاب على لأن اللّه يأمرنا بطاعة أزواجنا وقد قال الرسول فى ذلك - لو كان السجود لغير اللّه لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها - والآن الحالة بيننا على أشدها وقد هددنى بأن يحلف بالطلاق أنى لا ألبس هذه الملابس والآن أنا فى حيرة لا أدرى معها إن كنت على صواب أم على خطأ فى مخالفته خصوصا وأنه يطلب منى حين حضور أحد من أقاربنا أو حين الخروج للنزهة عدم لبس شىء على رأسى وعدم لبس جوارب وأكمام طويلة وهو لا يطلب منى ذلك دائما وإنما فى بعض الأحيان فارفض خوفا من اللّه فيقول إنه يجب أن أكون على أحسن حال وأنه يطلب منى طلبا معقولا فيجب أن أطيعه. والآن أنا فى أشد الحيرة هل أطيعه فى كل شىء طاعة عمياء أم أطيعه فى بعض النقط دون بعضها وهل إذا أطعته يكون لا ذنب على إن لى منه طفلة وطفلا وهو شاب مهذب مؤدب دين فأفتنى بما يرضى اللّه ورسوله هدانا اللّه وأياكم سواء السبيل. أجاب : اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه يحرم على السائلة أن تخرج بالحالة المنوه عنها فى السؤال كما يحرم عليها إبداء زينتها المذكورة لأخوى زوجها فقد قال اللّه تعالى فى كتابه العزيز فى سورة النور { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى اللّه جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون } النور 31 ، وأولوا الأربة من الرجال (هم الذين لا حاجة لهم إلى النساء من الشيوخ الطاعنين فى السن ونحوهم والخمر فى قوله تعالى { وليضربن بخمرهن } جمع خمار وهى المقنعة التى تلقيها المرأة على رأسها والجيب - الطوق - وهو فتح فى أعلى القميص يبدو منه بعض الجسد وليس المراد منه الجيب المعروف الآن والمراد بهذه الجملة من الآية الكريمة أمر النساء بستر نحورهن وصدورهن بخمرهن حتى لا يرى منها شىء - وإذا كان هذا (أى الخروج وإبداء الزينة كما جاء بالسؤال) حراما ومعصية فإذا أمرها زوجها به كانت إطاعته محرمة فإنه أمر بمعصية وقد قال النبى صلى اله عليه وسلم ( لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق ) ومما يناسب ذكره هنا ما قاله الألوسى فى تفسير الآية الكريمة المذكورة قال رحمه اللّه (ثم اعلم أن عندى مما يلحق بالزينة المنهى عن إبدائها ما يلبسه أكثر مترفات النساء فى زماننا فوق ثيابهن ويتسترن به إذا خرجن من بيوتهن وهو غطاء منسوج من حرير ذى عدة الوان وفيه من النقوش الذهبية أو القطنية ما يبهر العيون وأرى أن تمكين أزواجهن ونحوهم من الخروج بذلك ومشيهن به بين الأجانب من قلة الغيرة قد عمت البلوى بذلك ومثله ما عمت به البلوى أيضا من عدم احجتاب أكثر النساء من اخوان بعولتهن وعدم مبالاة بعولتهن بذلك وكثيرا ما يأمرونهن به وقد تحتجب المرأة منهم بعد الدخول أياما إلى أن يعطوها شيئا من الحلى ونحوه فتبدوا لهم ولا تحتجب منهم بعد. وكل ذلك مما لم يأذن به اللّه تعالى ورسوله صلى اللّه عليه وسلم. وأمثال ذلك كثيرا ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلى العظيم انتهى - هذا وطاعة الزوجة لزوجها وإن كانت واجبة بل هى أوجب من طاعتها لأبويها كما دلت على ذلك النصوص الشرعية التى منها قوله عليه الصلاة والسلام (لو كنت آمر أحدا أن يسجد لغير اللّه لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذى نفس محمد بيده لا تؤدى المرأة حق ربها حتى تؤدى حق زوجها ولو سألها نفسها وهى على قتب لم تمنعه) فهى أى طاعة الزوجة لزوجها فيما له من حقوق عليها وليس من الحقوق إبداء زينتها لمن لا يحل له النظر إليها هذا وعليك أن تتقى اللّه وتتحملى أذى زوجك وتصبرى على ذلك فى سبيل رضاء اللّه عنك وليكن نصب عينيك قوله تعالى { ومن يتق اللّه يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على اللّه فهو حسبه } الطلاق 2 ، 3 ، وقوله تعالى { ومن يتق اللّه يجعل له من أمره يسرا } الطلاق 4 ، وقوله تعالى { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } الزمر 10 ، واحذرى أن تطيعى زوجك فيما يأمرك به مما نهى اللّه عنه وحرمه إرضاء له فإنه لا يغنى عنك من اللّه شيئا. ففى حديث عائشة أم المؤمنين رضى اللّه عنها الذى بعثت به إلى معاوية (من أرضى اللّه بسخط الناس رضى اللّه عنه ومن أرضى الناس بسخط اللّه لم يغنوا عنه من اللّه شيئا) وانتهزى فرصة صفو زوجك وانصحى له أن يكون معك فى طاعة اللّه واجتناب معاصيه وليكن ذلك منك بالحكمة وحسن التصرف ولين القول واذكرى له أنه بأمره لك بما جاء فى كتابك إنما يأمرك بالمنكر وليس هذا من شأن المؤمنين بل هذا شأن المنافقين كما قال اللّه تعالى فى سورة التوبة { المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا اللّه فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون. وعد اللّه المنافقين والمنافقات والكفار نار جنهم خالدين فيها هى حسبهم ولعنهم اللّه ولهم عذاب مقيم } التوبة 67 ، 68 ، أعاذ اللّه زوجك من النفاق ووقاه شر المنافقين ووفقه إلى أن يكون من المؤمنين الذين ذكرهم اللّه فى قوله فى هذه السورة { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون اللّه ورسوله أولئك سيرحمهم اللّه إن اللّه عزيز حكيم. وعد اللّه المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من اللّه أكبر ذلك هو الفوز العظيم } التوبة 71 ، 72 ، فإذا ذكرت له هذا وكان مهذبا مثقفا وذا دين كما جاء بكتابك لم يرض لنفسه إلا أن يكون من المؤمنين الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. وأسأل اللّه سبحانه وتعالى أن يوفقنا وسائر المسلمين لما يحبه ويرضاه وأن يجعل بينك وبين زوجك من الألفة والمودة والرحمة ما به تقيما حدود اللّه تعالى وأن يصلح لكما شأنكما وأن يسعدكما وذريتكما فى الدنيا والآخرة إنه سميع الدعاء وهو ولينا ونعم المولى ونعم النصير.والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته. |
بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك يعطيك العافية على الإفادة والطرح |
جزاك الله الخير
في موازين حسناتك ايها الأخ العزيز الفاضل |
بارك الله فيك اخي ابوجمال وجزيت خيرا على هذا الجمع الطيب
|
الساعة الآن 10:40 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |