![]() |
العدالة وهذا العجوز.....
العدالة وهذا العجوز.....
[gdwl] كل يوم أراه..طاوياً جريدته تحت ابطه متكئاً عصاه ويجر نفسه الى ذات المكان تحت شجرة وارفة في مكان ابى ان يكتسحه عمران المدن والطرقات المزدحمة.. يجلس على ذات الصخرة المغروسة في الأرض ولم يتبق منها شيء ظاهر الاّ سطحها وكأنها اُعدّت لهذا العجوز خصيصاً دون غيره. يفرش المكان بهذه الجريدة ويضع عصاه الى جنبه ويتكأ يده الملآى بتجاعيد وأخاديد حفرها الزمن.. ثم يأخذ غفوة قد تطول او قد تقصر.. ما الذي يحمله كل يوم ان يزور ذات المكان؟ فضول غريزي لدي يدفعني للتساؤل.. وما الذي يجبره على الحضور بهذا الشكل المعتاد يوميا؟؟ الا يملك بيتا او ركنا في مكان ما ليلقي بجثته المنهكة سوا هذا المكان؟؟ خطر ببالي ان اسبقه يوما والقي نفسي في مكانه لأرى كيف يتصرف معي وماهي ردة الفعل التي ستكون لديه حين يكون هناك احد قد احتل مكانه المفضل. ذهبت في اليوم التالي وانتظرته في نفس الوقت.. وإذا به كعادته قادم بنفس الخطوات الثقيلة.. نفس العصا.. ولا أدري إن كانت نفس الجريدة. صُعق حين رآني وجالت عيناه هنا وهناك باحثاً.. لعله أخطأ الطريق وأخطأ المكان.. ربما جالت في نفسه هذه التساؤلات.. لا أدري. أهلا ياعمّاه.. بادرته بالكلام.. طرح السلام شارداً بل ذاهلاً لوجودي.. تفضل يا عمّاه ربما أكون قد احتللت مكاناً ليس من حقي احتلاله. إطمأن قليلاً وأجاب: كل الأماكن يابني هي لله وليست ملك أحد.. ابق مكانك يا بني لعلّي اجد مكاناً آخر القي به نفسي لأستريح قليلاً. انتابني الخجل من نفسي.. وتمنيت لو أني لم اقحمها واسوقها لخوض معرفة سرّ هذا العجوز الذي من نبرات صوته اشعرتني بأنّ الدنيا منقلبة ضده ربما من قبل ميلاده. لا يمكن ياوالدي ان احتل مكانك.. تفضل واجلس كما انت معتاد..ذهل العجوز ان هناك من يعرف مكانه الذي ظنّ بعفويته انه بعيد عن العالم وأن هذا المكان ربما لا يعرفه سواه. قمت مسرعاً وأجلسته.. ولكن ياوالدي .. اسمح لي أن اناديك هكذا وأن اقحم نفسي بأسئلة حيرت فضولي... ما ألذي يدفعك للمجيء كل يوم الى هنا؟ وأين تذهب في الأيام العاصفة والممطرة؟؟ أغرورقت عيناه المكابرة وتنهد بعمق.. يبدو انه إطمأن لي .. تلعثمت الكلمات في فمه.. لكنه أصر أن يخرجها ولو كلفته حياته. أعمل حارساً ليليا في احدى الشركات.. وليس لي مأوى او مكان الاّ هذا المكان.. فلقد انتزع مني ما كنت أظنه ملكي.. بيتي الذي كان مملكتي.. وعملي الذي كان مصدر رزقي..فبعد ان احالوني الى التقاعد.. استلمت مكافأتي وزوّجت ابنائي كلهم.. واسكنت الصغير معي.. لم يرق لزوجته بقائي.. تريد أن تنفرد في البيت كباقي ابنائي وزوجاتهم.. بدأت تفتعل المشاكل ولم تترك من جهدها جهداً إلى ان جاء ذلك اليوم الذي كنت عائدا به الى البيت وكانت لوحدها فإذا بها تصرخ وتمزق الثياب عليها.. الم تفعل ذلك امرأة فرعون بيوسف عليه السلام؟؟ أضاف قائلا:.. اجتمع الجيران وأنا مذهول لكل مايجري وأطبطب عليها وأقول مابك يا ابنتي؟؟ وبقيت اردد نفس العبارة حتى وأنا في المحكمة... ولم يزرني أحد منذ تلك الواقعة.. كلهم تخلوا عني.. تركوني وأنا احتسبتهم عند الله. وها أنا ذا اعمل حارساً في الليل لأسد رمقي في النهار.. وأنام هنا لأستطيع ان أقوم بعملي في الليل.. وفي الأيام العاصفة الجأ الى المسجد أو إلى بيت صديق خفية يعمل حارس في احدى البنايات.. وكأني ضيف جاء لزيارته ويخرج قبل أن يحل المساء. أهذه هي العدالة؟؟ كيف نحيا نحن؟؟ لقد دفنت العدالة على الأرض وطويت منذ زمن؟؟ كم بكيت وبكيت وذهلت وهو يتلعثم ويكمل قصته.... وكم عجوز على الأرض يساق الى مل هذا المصير بسبب الجشع والظلم وانعدام الرحمة من القلوب؟؟؟ لو كان هناك عدالة على الأرض ما حيينا..وأي عدالة هي التي ساقت هذا العجوز ليلقى هذا المصير؟؟ قضت العدالة بسجنه.. فماذا كان مصيره؟؟ إذلال فوق إذلال .. ودعته.. لا أدري بأي عبارة او كلمة.. كل ما هنالك اني انسحبت من أمامه وعدت.. عدت وأنا احترق من كل ماسمعت.. أيعقل هذا؟؟ ايعقل أن تكون هناك نهاية اسوأ من هذه النهاية؟؟ مشرّد هذا العجوز.. أين هم ابناؤه ياترى؟؟ اين هم؟؟ وكيف لي ان ابحث عنهم وأطرق بابهم في هذه الساعة؟؟ لابدّ انهم في لحظة قيلولة؟؟ ربما. عدت الى نفس المكان في اليوم التالي ولا أدري كم من الوقت سرقت او سرقني وأنا أبحث لحل مشكلة هذا العجوز؟؟ وجدته قد سبقني إلى مكانه .. يبدوا انني تأخرت قليلا عن موعده اليوم.. أحضرت له بعض الطعام معي وبعض الشراب.. كيف انت اليوم يا والدي؟؟ أجاب نحمد الله يا بني. هيا لنأكل القليل من الطعام فلديك عندي الكثير لأحدثك عنه. لقد أكلت يابني ولله الحمد تناول انت طعامك.. وسأنتظرك الى ان تنهي .. وبعد الحاح شديد مني واصرار مدّ يده ليأخذ القليل من الطعام. لقد وجدت لك مسكناً في بيتنا فهل ستأتي وتكرمني بضيافتك؟ اغرورقت عيناه.. وتحشرجت الكلمات على شفتيه..وكاد يغص في لقمته.. لا تتعب نفسك يا بني.. انا مرتاح هنا في ارض الله وهذه الشجرة طالما شكوتها وشكتني.. وهذه الصخرة لا تستطيع أن تفارق عرقي ودموعي.. و.. تحت إلحاح وإصرار مني أخذته معي..واسكنته غرفة صغيرة عند مدخل المنزل.. غرفة متواضعة كنت قد بنيتها على أمل أن يسكنها حارس مستقبلاً.. ويعتني ببيتي وزرعي. كيف تجد المكان يا والدي؟؟ لم يجبني.. سجد لله راكعاً شاكراً.. ودعا لي دعوات هزتني من أعماقي. عاش في بيتي ولا أخفيكم بأني لأول مرة أحس بالسعادة تغمرني.. أقضي معه وقتا أحدثه ويحدثني.. وآن الأوان أن اجعله يترك عمله.. رفض بشدة في البداية لأنه شهم وتأبى شهامته أن يعيش عالة على أحد.. لكني قلت له لقد انتقلت وظيفتك من هناك الى هنا.. إعمل حارساً عندي واعتني بحديقة غفلها الزمن.. فوافق....لم أعامله كحارس بل كملاك أرسله الله سبحانه وتعالى لي.. وعاملني كمن رزق بإبن في أواخر أيامه.. لن أقول لكم بأن الله أكرمني أكثر مما أستحق.. فأحمده في كل لحظة. ولن أقول لكم أن هذا العجوز الذي اناديه والدي قد عادت اليه الحياة مرة أخرى فأصبح نشيطاً كمن دبّت الروح إلى جسده من جديد. وحين نريد أن نتسامر نسير أنا وهو الى نفس المكان الذي وجدته عنده.. تحت الشجرة وفوق تلك الصخرة نركن أنا وهو.. أبحث الآن عن مالك هذه الأرض لأشتريها لأنها عرفتني بإنسان لن اعوضه ولو دفعت روحي ثمناً لحياته. العدالة على الأرض تأتي وتروح حسب المشيئة والأهواء... ولكن عدالة الله في السماء باقية إلى الأبد. [/gdwl]أرب |
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك
موفق بإذن الله لك مني أجمل تحية نشمي المنتدى |
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
يسلمووووووووووو
|
|
مشكورة على الطرح المميز والتسلسل المنطقي للأحداث ايتها القاصة والأديبه |
الغالية أرب كأنّي بها قصّة حقيقيّة لصدق عاطفتها وأسلوبها المشوّق .... نصّ ممتاز .... تفاعلت مع أسطرها وتمنيّت ألا ّ تنتهي !! احتراماتي اخوك ناجي |
قصة قصيرة تمتلك نبل العاطفة وسلاسة الاسلوب
باقات من شموع المحبة |
عزيزتي أرب
قصة من واقعنا الاليم الايقولون رب اخ لم تلده امك ورب ابن لم تلده انت قصة رائعة شكرا لك |
سيدتى العزيزه
أرب قصه رائعه هزتنى بشده وأثارت دموعى.. أصبحنا فى واقع مرير يشهد نذالة الأبناء مع الأباء والأمهات.. فهناك من يرمى والديه فى دار للمسنين ليفقد أغلى هديه قد تدخله الجنه ولكنه رفضها .. مع خالص تقديرى |
اقتباس:
ردك بحد ذاته يثير في الألم على هذا الواقع الذي نعيش هي العولمة التي جعلت من قلوب الأبناء صخرا فأين نحن من وقضى ربك الاّ تعبدوا الاّ إيّاه وبالوالدين إحسانا؟؟ شكرا لاطلالتك الرائعه تقديري لك |
اقتباس:
هي قصة حقيقية مع بعض الرتوش اضفتها من خيالي سلمت على تفاعلك وأسعدني هذا الرد المتفحص لكتاباتي لك ارق تحية اخي العزيز |
اقتباس:
أبجدية انثى شكرا لردك الجميل والوافي محبتي لك |
جمال
بيسان بي هابي رورو ابو جمال أسعدني وجودكم وردكم لا حرمني الله تواجدكم محبتي وتقديري لكم واعتزازي بتواجدكم في صفحتي |
اقتباس:
اشكرك على عبورك وردك الرائع نعم يقولون ولكن من يبقى على هذه المقولة ؟ظ تحيتي ومحبتي لك عزيزتي |
شكرا كثير يامعلمتي على هذا الكلام الرائع
|
اوراق الزمن
شكرا على حضورك الرقيق غاليتي تحيتي لكِ |
الاخت الفاضله الكاتبه أرب جمال
يبدو أننا قد وقفنا عند نقطة مهمة في النتاج الادبي للكاتبه العربيه أرب جمال ..وسوف اطلق عليه النادي القصصي ..نعم قررت أن اقرا نتاجها القصصي بكليته لأننا نفتقر بكل الصدقيه الى حراك على مستوى القصه القصيره وحتى القصيره جدا ..لقد مررت على النص القصصي الخاص للكاتبه من باب أن ابدأ مراجعة لناديها القصصي علي أوفق ان اضع يدي على إبداعات للكاتبه تختفي في نصوصها لنعطيها حقها من العنايه .. .. اما النص الذي بين يدي (العدالة وهذا العجوز ) فهونص جميل يحمل في ثناياه نفسا إنسانيا خاصا وبعدا إجتماعيا مؤثرا وقفلة كانت الكاتبه معبرة فيها عن خصوصية فكرها الانساني ..والان لاأريد تفصيلا مستفيضا عن النص طالما لنا رؤية جديده في الموضوع من حيث المطالع المكثفه . وتكون واحتنا الادبيه زاخرة بأرضية لبناء يعتبر نموذجا بين الانديه العربيه في وضع أقلام مبدعينا في الصوره اللائقه ونٌخرج الابداع من الظل الذي يعتريه .. اختي الفاضله أرب الابداع له فصول وحكاية بدأت بإذن الله .. متابعه خاصه 7/9/2011 |
سلمت عزيزتي ارب على روعة الادراج
قصة مثيرة واكثر من جميلة رائعة كما هي العادة تحيات لك |
قصة مؤثرة وبلا شك ان الله الرقيب يرأف بالعباد وهذا العجوز اكرمه بابن لم ينجبه من صلبه فكان له خير ابن وكان هو خير اب
بوركت سيدة ارب |
اقتباس:
تقديري لك |
اقتباس:
شكرا لحضورك الراقي وردك الجميل يسعدني تواجدك الدائم بين حروفي تقديري لك |
اقتباس:
انتظر حضورك لأقرأ ردك الذي استنير به وانتظر ان نبدأ بالنادي القصصي لأننا بالفعل نفتقر لوجوده المنتدى أمامك ولك ما تشاء انت تطلب ونحن ننفذ .. يعجبني دوما ردك تقديري لك |
الساعة الآن 09:20 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |