![]() |
كتاب إعتقال لحظة هاربة للكاتبة السورية غادة السمان كاملا
كتاب إعتقال لحظة هاربة للكاتبة السورية غادة السمان كاملا معلومات مهمة عن الكتاب اسم الكتاب : اعتقال لحظة هاربة اسم المؤلف: غادة السمان التصنيف : الاعمال غير الكاملة 5 لوحة الغلاف الاول : الفنان ادوارد مانش رسمها عام 1893م اللوحات الداخلية للكتاب : اللوحتان الاولى و الاخيرة للفنان المصري جورج البهجوريو البقية لادوارد مانش لوحة الغلاف الاخيرة : المؤلفة – بريشة الفنان جريجوري تصميم الغلاف و الخطوط : الفنان حسين ماجد تنفيذ الغلاف : الفنان نبيل البقيلي تنفيذ الطبع : مطبعة دار الكتب بيروت جميع الحقوق محفوظة للمؤلفة بيروت لبنان الاهداء : لا استطيع ان اهديك يا حبيبي هذا الكتاب فلحظاته المضيئة ممعنة في الهرب الى حيث لا ادري و انا لا استطيع اهداءك ما لا املك و الا كنت كمن يهدي نجما راكضا في الفضاء اللامتناهي اللامتناهي اللامتناهي او عاصفة او موجة او برقا او بركانا لا استطيع اهداء هذه اللحظات الهاربة و الا فساكون كمن يهدي اسماك المتوسط المحتضر على الشاطىء غادة |
((اعتقال سمكة معشوقة )) اهديتني سمكة متحجرة عمرها 40 ميلون سنة ... و قلت لي : كانت سمكة فريدة عشقها البحر فخلدها !... *** الا ترى معي ان البحر لحظة اعتقل السمكة بعشقه قتلها ايضا ؟! *** وحده الفن قد ينجح في اعتقال لحظة هاربة ما دون ان يقتلها او يموت بموتها 14/12/1976 |
((اعتقال قوس قزح ؟)) احبك لكني اكره ان تعتقلني كما يكره النهر ان يعتقله مجراه ... في نقطة واحدة .. كن شلالا او بحيرة كن غيمة او سدا ستنهمر مياهي عبر صخور شلالك ثم تتابع مسيرتها و ستتجمع في بحيرتك ثم تتابع تدفقها و سياسرها سدك زمنا ما لكنها ستفيض او تنفجر .. و قد تتبخر و تسجنها الغيمة لكنها ستهطل مطرا و تعود حرة عبر اليانبيع الاولى ... احبك لكنك لن تستطيع اعتقالي كما يفشل الشلال في اعتقال نهر و تفشل البحيرة و الغيمة و يفشل السد فاحببني كما انا لحظة هاربة و اقبلني كما انا و كن بحرا شاسعا كالبحر عميقا كالبحر كي اصب فيك بنفسي !! و تقول انني كالزئبق زائغة لا يمكن اعتقالها و كأن الزئبق قبل ان يكون كان نظرة حب براقة في عيني عاشقة و حاول حبيبها العالم في الخيمياء اعتقال نظرتها و تجميدها في معدن صلب : فكان الزئبق !! *** الا ترى يا حبيبي ان الزبيب محاولة بائسة لاعتقال حبة عنب هاربة ؟ *** فاحببني كما انا و لا تحاول اعتقال نظرتي او روحي و اقبلني كما انا كما يتقبل البحر الانهار كلها التي تصب فيه ... و تركض اليه ابدا رغم الشلالات و السدود و البحيرات و تعرف كيف تجد طريقها الى قبوله اللامتناهي ... 1/1/1975 _______ |
((اعتقال رأسين برصاصة واحدة ؟)) الكهرباء ميتة و المصابيح مكسرة كعيون مفقوءة و جثث الاسلاك ممددة على الاسفلت و الاسفلت مثقوب بحفر القنابل و بقذائف مدافع ال 120 و ال 155 و مدافع هاون 75 و 82 و حينما تلتوي رجلي داخل حفرها اسمع من جديد ذلك الصوت الذي لا ينسى صوت انفجار القذيفة و اعيش مشهد الذين تساقطوا بها فزعي عليهم و فرحي بانهم ليسوا انا ! و الليل حذر و حزين و الشوارع خالية الا من الجرذان و الرعب و المناشير و المتاريس و الاحلام و الصلوات و الشرفات خالية الا من الاشباح داخل ثياب الحداد السود المنشورة *** و في ضوء القمر الشبحي و نحن نتحرك داخل ذلك الديكور المرعب استندت اليك و من شجرة جسدك خرجت الي اغصان الحنان و في ضوء القمر الشبحي استحلت الى قبيلة رجال الى الرجال جميعا الذين سبق و احببت و الرجال جميعا الذين يمكن ان احب فيما بعد – حين نلتقي - ... *** و مشينا لافتات الشوارع مرفوعة فوق الجثث و شارات المرور مطحونة و منصهرة و نظرات العابرين القلائل حراب مسنونة من الخوف المتبادل و اختبات يدي داخل قبضة يدك و احتوتني كاحتواء الجفن للعين في العاصفة *** انها الحرب و ضوء القمر ستارة رعب مسدلة فوق الاحتضار و الموت المرتجف خوفا الميت خوفا و شوارع بيروت المذعورة تركض تحت اقدامنا الراكضة المذعورة *** و حين اقترب راسك من راسي سمعنا عشرات الاسلحة ( تخرطش ) صوت ادخال الطلقة في بيت النار ووعينا مئات الرصاصات المتاهبة تحت اصابع نزقة و التصقنا و كانت تكفي راسي و راسك رصاصة واحدة و التصقنا رعبا ام حبا ؟ 5/7/1976 |
((اعتقال قشة في كم قميص)) من يجرؤ على رفع ستائر النافذة و هو يعرف ان القمر رابض خلفها ليوقظ اشواقه للبعيد .. ترى أين انت الآن ؟ و هل تراه ... *** من يجرؤ على ان يظل مرتديا قميصا صوفيا في كمه قشة منذ الشتاء الماضي يتذكر برعب : انها قشة من حشائش ( الهايد بارك ) يوم تمددنا على العشب و كنا معا ؟... انها القشة التي قصمت ظهر النسيان ... من يجرؤ على ان يتمدد في سريره و هو يعرف ان ذكرى تلك الضحكات في السرير ذاته ستتسلق ( ارجله ) كاللبلاب و تتراكم فوق صدره كبلاطة القبر ؟ *** من يجرؤ على وضع يده في جيوب معطف الشتاء الماضي بعد ان وجد فيها تذكرة سينما عتيقة منسية دون ان تتعثر يده في جيب المعطف بتلك اليد الغالية التي كان يداعب في السينما في تلك اللحظة الحلوة الهاربة ؟ *** و هل يجرؤ من كان حبه صادقا بحجم الموت على عتاب من كان حبه أرضي التضاريس ؟... 7/10/1977 ______ |
(( اعتقال ليلة البكاء ب 99 قرشا )) و لن انسى بكائي وحيدة في موقف السيارات ( الباركينغ) تلك الليلة المالحة حين دفعت 99 قرشا كي اجد مكانا فارغا اشهق فيه بصمت و افتش عن درب اخرى *** ليلة البكاء في موقف السيارات و الليل قارة من الضياع و انا قد غادرت جسدك القرصان منذ دقائق و البحر مركب و موقف السيارات غرق و انا اعرف البرد و اعرف الحر و لا اعرف الدفء *** غادرتك الغدر و العيون الزئبقية و احببتك الغدر و العيون الزئبقية و الجسد الذي يتضوع باساطير الصيادين و احببتك الحلم يجسر بين روحي و صخبك و احببتك في ظلمتي القاحلة كما لو كنت اخر نورس على وجه الكرة الارضية *** ليلة البكاء ب 99 قرشا في موقف للسيارات ... تحسست بذاكرتي عنقك الذي يختصرك بعنفوانه و نبضه ووعيت انك تحيطه بعقد من اسنان النساء اللواتي احببنك !... *** ليلة البكاء ب99 قرشا في موقف للسيارات ... كدت احدثك عن الحب فحدثتني عن الجسد و اختفى بؤبؤ عينيك و صارت عيناك زجاج مرآتين تعكسان ضوءا قاسيا جارحا كنصل خنجر ... *** ليلة البكاء ب 99 قرشا في موقف للسيارات وعيت ليلتها اخيرا انك ما تزال تعيش مرحلة المقاهي و انا اعيش مرحلة الغابات ... *** ليلة البكاء ب 99 قرشا في موقف للسيارات ... داهمتني الذكريات المقددة لزمننا الصدىء ووعيت عمق حبي لك انت الذي تكفيه ستارة و قبلات مسروقة في سيارة شتائية معتمة في موقف للسيارات ب 99قرشا و انا التي احببتك حبا شاسعا كالفجر نابضا كالمظاهرة تمسك بيدي فتمنو اصابعي لتصيير اغصان شجرة مزدهرة بالخضرة و اصوات العصافير و انا التي كنت اراك فيتنفس الحب الصعداء *** ليلة البكاء ب 99 قرشا في موقف للسيارات و انا اترنح في اخر سهل الحزن خطوة اخرى في هذا الاتجاه وأقع عن الكرة الارضية بينما السيارات تحدق بي بعيونها الصامتة المطفأة و تحيط بي في ( الموقف ) مثل قبيلة من الناس الآليين أطفات بطارياتها حزنا و انا مبعثرة كإناء مكسور اصمت و الجدران تردد صدى صراخ صمتي ... *** ليلة البكاء ب 99 قرشا في موقف للسيارات تذكرت انك كنت تخطط معي لما سنفعله في الفصول الاربعة : الشتاء و الربيع و الصيف و الخريف و انني حين صرخت بك : هنالك فصل النزف هنالك فصل القحط هنالك فصل الحزن هنالك فصل الفراق هنالك فصل الموت ... ماذا نفعل بها مواسمنا تلك ؟ لم تسمعني ... ووعيت انني كمن ينزف دماءه امام باب موصد . *** ليلة البكاء ب 99 قرشا في موقف للسيارات كنت اغص حتى قاع عظامي و انا اتذكر عذابي المجيد بك و سقوطي في رمالك المتحركة و مرورك بعمري كمرور ظل طائرة فوق حقل مقفر ... ووداعي لك تلك الليلة دون ان اودعك عرفت انني افلت يدي من يدك لآخر مرة و كنت سفينة تغرق الى اعماق بحار الأسى ... *** ليلة البكاء ب 99 قرشا في موقف السيارات ... جاء صبي ( الموقف ) مدهوشا لوقفتي المتحجرة ... فقلت له نفذ الوقود يا اخي ... وركض بطيبة يشتري لي وقودا ... أي وقود لمن حولتها الى امراة من ملح ساقطة تحت شلال الليل تعي انها بدونك ستضمحل كما يضمحل الوجه في المرآة حين نطفىء الشمعة امامه ؟! 7/4/1977 ________ |
(( اعتقال كلمة لم يقرأها جيدا )) فليظل الشريان نابضا معلقا بين الحضور و الغياب على اسوار الليل و الترقب *** و ليظل الحلم نائيا كندف الثلج فوق الذرى لئلا تدوسه اقدام الواقع اليومي الموسخة ... *** لا اريد حبا اريد حلما ... لا اريد جسدا اريد ظلا ... هل تعني لك شيئا هذه اللغة !.. ام تراك مثلهم جميعا ستقراها دون ان تقراني ؟... الربيع الخريفي ل 1977 |
(( اعتقال رعشة قهر )) اه كم حدثتك عن حبي دون ان ادري انني كنت اتلو مزاميري على طائر مهاجر *** اه كم قلت لك ان الرصاصة التي تطلق لا تسترد ... و ان حبي ليس مقعدا في حديقة عامة تغادره حين يحلو لك و ترجع اليه متى شئت ... *** اه كم كررت لك ان رداء الحب شفاف كجناح الفراشات ... و ان خدشه لا يرفا بابرة النسيان ... *** اه كم حذرتك من اللعب بفأس العبث في غابة الحب لان اشجارها تحمل الى الابد أي كلمة حلوة تنقشها على جذوعها و أي جرح ...اي جرح *** و لكنك لم تصدق ان مخمل قلبي يستطيع ان يصيير فولاذا.. و ان ينابيعي المتفجرة في مواطىء قدميك تستطيع ان تستحيل صبارا ناريا مسموم الاشواك و ان كلمة وداعا صارت تعني ببساطة : وداعا!!... 2/4/1976 _____ |
(( اعتقال لحظة انعطاف )) اصفح نفسي بكتبي و فلاسفتي و المؤرخين ... و اهرب من اصابعك الخشنة الى نعومة اسطواناتي ... راكضة على السلم الموسيقي لبيتهوفن و قد اخفيت جسدي المرتجف تحت احدى نوطاته ... *** احتمي من منطقك البسيط المباشر باطروحات المنطق الاغريقي و بذكرى المتاحف التي زرتها و اللوحات و التماثيل و ملايين الاطنان من الاعمدة التاريخية ... و لكنك تخطو نحو ايامي و الزلزال الدامي وقع خطاك و الزوبعة جسدك... و تتمزق الكتب امام رياحك وتتطاير من نوافذ روحي كريش طيور محنطة و تشب النيران في اللوحات و الاسطوانات و تتكسر الاعمدة امام حضورك *** ووسط هذا الليل المروع تمد يدك لتتناول وجهي و استسلامي و انهار امام مشهد طلوع الفجر 3/9/1976 |
(( اعتقال لحظة مخاوف )) هل يمكن لمركبة الحلم ان تقلع عن شطرنج الضحالة الاجتماعية مرتين؟ *** و هل يمكن للطائر الساقط في دبق ( الواجبات) الاكذوبة ان يتابع مباهج هجرته؟ *** هل يمكن للفرح ان يزهر في شجرة الغربة مرتين في موسم واحد للحزن؟ *** هل يمكن للابتسامة ان تشرق ثانية على شفاهنا المغسولة بالدم - كل منا بدم الآخر-..؟؟.. *** و هل يمكن لحبنا المكسور ان يعاود التحامه دونما شرخ؟... *** و هل يعود نجم هوى الى موضعه في السماء ؟... *** ربما لا و لكن و لانني احبك حقا سوف نستحم في النهر نفسه مرتين !!... 14/9/1976 |
(( اعتقال اكذوبة في لحظة صدق )) الحب اكذوبتي المفضلة لانه يخدرني عن التفاصيل و اللامعنى ...و يفجرني ... *** انا اختار الحب و لا يهمني كثيرا اختيار الرجل.. ليس مهما ( من ) أحب المهم ان اكون في ( حالة حب ) *** و لانني اسمع باستمرار تكات ساعة الزمن بصوت عال كطلقات الرصاص اعي باستمرار: ان كل لحظة قد تكون اخر لحظة و كل لحظة تمضي هي شيء فريد و ثمين ما دامت لن تكرر... و لنقض على حبي و افترسه ! *** و ما دام لا غد لنا لماذا لا نعيش دورة حبنا باكملها في يوم واحد بعيدا عن التطويل و الإطناب ؟؟... 2/2/1975 |
((اعتقال لحظة استشهاد )) ... و كان القمر مصفرا و حزينا و صوت البحر صرخات استغاثة و ضربات قلبي عويل سيارة راكضة في شوارع العتمة الحذرة ... الارصفة تنتحب و الديكة تموء و القطط تنبح و الكلاب تطلق شهقات الرعب لهول قادم... *** و كانوا يتربصون بك يا حبيبي *** تلك الليلة كورت صلاتي وسادة لراسك و فرشت حلمي عباءة لجرحك و غسلت وجهك بقهر الاطفال الذين لم يولدوا بعد *** لكن الجلاد رآك حين مر بنا للمرة الاولى و ظنك سنبلة ... و رآك حين مر بنا للمرة الثانية و ظنك شمعة... و رآك حين مر بنا للمرة الثالثة و ظنك فأسا... *** و اذهلني حين امسك بالفاس و قطع بها السنبلة و اطفا الشمعة و لم يلحظ انها تحولت الى اصبع ديناميت !... 31/8/1976 |
(( اطلاق سراح لحظة معتقلة ...)) اين كهفناالبحري ؟ توابيت تلك الايام مصفوفة في الظلام جنبا الى جنب كالعلب البريدية المغلقة تسطو عليها افعى ذات اجراس و الاجراس تقرع في قرية الذكرى و يجتاحها المرتزقة... لن اغفر لك ابدا انك تركت المرتزقة يدنسون كهفنا البحري الذي كان معبدا للبخور و الموسيقى *** اين الماء؟ فمي ينشق عن كلمة وداعا و الجداول جفت و اناولك كاس الماء الوحيدة المتبقية في مدينة الجذام فتحطهما على الارض و اشكرك! *** اين المنارة؟ عينك فاغرة و قد اطفات قناديلها و المرتزقة يجتاحون جسد ايامنا يلتهمون ذكرياتنا و اطفالنا الذين لم احبل بهم بعد *** اين الاساطير؟ ثرثرة عجائز في دار للعجزة حول نارجيلة ماؤها دم *** اين الغابة؟ في عرمون بعد المنعطف الثالث عند الشجرة الخامسة تجد بقايا عظامي و حلي الفضية فقد مت منذ عام *** ذلك الوداع المدبب: طلبت مني المستحيل و اوقفتني عارية على جدار الزمن و تركته يجلدني حتى النزف و حتى صحو الاغماء *** ذلك الشجار: و لم اكن خصمك و لم تكن خصمي كنا نتشاجر مع القدر و لكننا نتجاهل ذلك بتبادل الاتهامات فيما بيننا *** ذلك الحزن سال على اطراف يومنا الاخير.. و شربناه من زجاجة شرابنا المعتق - فازددنا صحوا- و لعقنا عن الاشجار و الشوارع و نوافذ السيارة الراكضة بنا و عبثا استطاع لسان المطر الشفاف ان يمسحه عن وجه يومنا الاخير ... *** ذلك الليل: شهقت بين ذراعيك كسمكة عشقت صنارتها ومع الفجر جاء الفراق ينتزعني من صدرك و يسوقني كالجلاد الى ساحة المطار و يشنقني على جناح طائرة *** اين الضحك؟ بقايا عظام حوت ابيض ابحر بحثا عن حلم شفاف و ظل يسبح وسط الرمال ثم غرق في بركة سراب *** اين ليالينا؟ جثث مقددة و مملحة على اسفلت شوارع نخرها الرصاص *** اين انت؟ بعيد كذكرياتي داخل رحم امي و قريب كجلدي *** اين حبنا ؟ يركض حافيا في البرية و قد اطال شعره و اظافره و اضاع ذاكرته!... 27/5/1976 _________ |
(( اعتقال اميرة المتسولين)) لقد اختلطت الصور و ضاع وجهي و كنت مرآتي التي تحطمت و انا اتسلق تلك الجبال المسننة في دربي اليك *** و كنت تناديني : ايتها الاميرة ...اميرة المتسولين ... و كنت ايضا اميرة جوع القلب الرجيم اميرة الغربة الشهية المجنونة و اميرة الحب اسود البياض اميرة العشب المحروق و اميرة الاشجار المكسورة... *** و كنت اطمح بحبك كي اظل اعي توقيت نسلنا البشري... كي يظل لأسماء الايام مدلولها و اسماء الشهور و بقية الاصطلاحات الهزلية على كوكبنا المضحك... *** و ها أنت تهرب من عالمي المسعور و ها انا اركب من جديد مكنستي طائرة فوق الجبال و الوديان و الازمان بحثا عنك...لأضيعك... 6/4/1977 _________ |
(( اعتقال صدى)) الصدى ميت لم يثأر له *** الصدى قتيل لم تسمع صرخة احتضاره – الوصية *** الصدى استمرار الحياة عبر شريان الموت الموهوم... *** الصدى صرختك الصامتة و الرصاصة تخترقك - بعد ان اخطو فوق جسدك نحو عصفور الفرح الذهبي الذي كنا نطارده معا حين اصطادوك لاتابع المحاولة .... |
((اعتقال مخالب تحت فراء اليد !)) عما قريب تكف لآلىء الضوء عن الرقص فوق البحر الزئبقي... و تمضي الشمس و يمضي معها بعد ظهرنا الاليف ليوم اخر من ايام حبنا المتوحش... *** استرخي على الشمس العق جراح البارحة و انتظر جراح الغد... و استسلم لسلام اللحظة و راحة ما بين الطعنة و الطعنة... لقد اتقنت دروس حبك و تعلمت الا التصق بك تماما كي لا تزهد بي و الا ابتعد عنك تماما كي لا تنساني... *** لقد اتقنت كيف المس حبك – اللغم... و لا اتمسك به كي لا ينفجر و لا اعرض عنه كي لا ينطفىء... و رضيت بان اطوع ايامي و عواطفي النهمة و براكيني لتوازن حبك الجهنمي حيث تكون اللهفة توأما للإعراض و اللقاء مرادفا لبعض الفراق... *** بنيت السدود في وجه ينابيع حبي و بسوط الارادة الكابحة لسعت ظهور قوافل اشواقي... فقد تعلمت ان الكثير لديك يوازي القليل و انك لا تريد ان امنحك حبي بل تريد ان امنحك لذة سرقة حبي!... *** فيما مضى كنت اصرخ في وجهك : أحبك فترد بالصمت البارد... و اليوم أخنق في قلبي صرخة احبك ( و صرخي كقرع طبول بدائية في غابة افريقية ) و اخنق في مسامي صرخة: أحبك و اواجهك بالصمت البارد مستمتعة سرا بصرختك المتاعة بي : أحبك... *** و يوم كان حبي لك حقلا بريا من الازهار الربعية تمنحها اعماقي بكل عفوية الجنون و غزارة الفرح... اعرضت عنه... *** و صار حبي لك اليوم وردة اسطورية سوداء واحدة في حقل من الثلج مسور بالاشواك السامة كأسنان الافاعي... و ها انت تقضي ايامك راكضا حول السور تناديني و لم يعد بوسعي ان اعود حقلا بريا من الازهار الربيعية... و لم يعد بوسعك ان تقطف ولو زهرة واحدة من تلال قلبي الثلجية... *** ها هي الشمس تسقط في حصار السحب... و لآلىء الضوء انطفأ فورانها على صفحة البحر... لكن خيطا رفيعا من النور ما يزال يتسلل عبر اكداس الغيوم نحيلا مرهفا نفاذا كسيف... *** كان حبي لك كحب الرعيان و كان حبك لي كحب العباقرة و الفلاسفة و ها انا اتابع رحلة التوازن الجهنمي في مجاهل حبك.. فلا تلمني اذا سالتني ذات فجر مشمس هل تحبني و اذا أجبتك: نعم و لا! 11/1/1976 |
(( اغتيال لحظة هاربة )) ها أنا من جديد في ذلك العالم الليلي المسعور حيث وجوه الغرباء المستعرة و همهماتهم اللامفهومة حول كؤوس النسيان... و الموسيقى الهائجة و الأوجاع السرية للروح الصاخبة الضحكات *** ها أنا من جديد في ذلك العالم الليلي المسعور و قد غادرت متراس حبك و هربت من عشقك ( المفخخ) أنقذف من جديد في تيار الجنون المشع لأغتال قتلك اليومي لي... *** ها أنا من جديد حيث جنون الرقص و النسيان و الشبان بوجوههم التي تشبه وجه المسيح في الايقونات و كل العيون تتأمل بقية العيون بحثا عن ملجأ و سقف و نجمة و رصاصة للزمن الرابض على عتبة المكان كوحش خرافي يبتلع من يغادره وحيدا... *** ها انا من جديد ادخل في مناخ القسوة و ابدأ حقا رحلة اغترابي عنك متكئة على ذراع شاب ساحبه - و لا أعرف بعد اسمه-! *** أتعذب قليلا لأجلك فقد شاهدنا السحب معا أنت و أنا شاهدنا الجبال معا لمسنا العشب معا و انصتنا الى انهمار المطر معا بكينا معا و هذينا معا و احتضرنا معا في ليالي غربة الروح و الآن نغتال ذلك كله؟.... *** ها أنا من جديد في ذلك العالم الليلي المسعور اكتب اسمك بالحبر على لفافتي ثم ادخنها و ارقب النار تاكل حروف اسمك حرفا بعد الآخر و انفثك دخانا نحو السقف المعدني... أكتب رقمك الهاتفي اللامنسي على لفافة تبغ أخرى ثم ادخنها رقما رقما و أطلق على كل رقم رصاصة صمت... آه موجع هو الحزن المتحضر و لو كنت في غابة لقرعت الطبول و لعويت طويلا كذئاب الأساطير فوق قرص القمر... و لدهنت وجهي بدم التوت البري.. لكنني هنا متأكة على ذراع شاب ساحبه - ولم أساله بعد عن اسمه- و الحزن المحتضر لا يسمح لي الآن بغير البكاء رقصا و الاحتجاج رقصا *** آه موجع و حاد هو شوقي اليك حتى ليكاد يشبه ألما جسديا و تأتيني أيامنا كرمال موجة تجرحني على حباتها و تأخذني الى صدرك ثم تردني الى شاطىء الليل في علية الموسيقى و الصخب و النسيان... *** أيها الليل كالنشافة السوداء امتص دموعي و حذار ان تتنهد احزاني اذا عرفوا تكاثرت السكاكين على النعجة ( الواقعة) في الحب لا ( الواقفة ) فيه *** ها أنا من جديد في ذلك العالم الليلي المسعور ألاطف رجلا لا اعرفه - لأني سأحبه! و اتعذب و اشعر ان انبل مافي اعماقي يموت إنني استحيل الى امراة جديدة لا اعرفها... و اذا التقينا فلن تعرفني انت ايضا... *** لكنني أحلم بأن تنبت الأزهار الربيعية على أطراف جرحي كما شاهدتها هذا الصباح و قد نبتت على حافة الفجوة التي أحدثها الصاروخ و كأن كل زهرة منها تغتال لحظة انفجار الصاروخ...و دماره.. 5/5/1977 ______ |
(( اعتقال غصة )) اهذا أنت حقا؟ أتأملك و أبحث عنك فيك فلا أجدك!... *** أين مضيت دون أن تمضي كيف مضيت دون أن تمضي؟ *** ارى عينيك شفتيك ذراعيك جسدك و لكن أين انت؟ آه كم افتقدك أين أنت؟ *** احببت فيك العبير لا الزهرة.. النبض لا الجسد حفيف الريح عبر اغصانك لا الجذع الخشبي احببت فيك الحلم . الحلم الحلم فكيف اغتلته؟.. 17/8/1977 |
(( اعتقال مخابرة هاتفية !)) . احزري من يتكلم . ... و عرفته ... صوتك الخارج من حقيبة سفر المرمي من طرف سماعة هاتف الى طرف جرح قلبي *** و عرفته ...صوتك... و لم اجرؤ على النطق باسمك كنت مذعورة و مذهولة كما يحدث لنا حين يتحقق حلم الليلة السابقة .. *** و كنت حلم الليالي كلها منذ افترست نظراتي وجهك المفعم بالبراءة الخبيثة و الشر مقدس النضارة *** أية لعنة قذفت بك الى جحيمي؟ اية لعنة قد تنتزعك من جحيمي؟ و هل كانت صدفة ان التقينا للمرة الاولى في مطار و افترقنا كعابرين في قطارين مسرعين كل منهما متجه الى ناحية معاكسة؟ *** و التقينا و من يومها اقتادني حبيبي الى الليل و لم يطلق سراحي .... *** و افترقنا و صوتك ذاكرة الايام الآتية يهمس كنبوءة: سأراك و سأسمعك و سأحبك... و قررت لا أحب ان يعذبك احد سواي اهذا هو ان احبك؟ لا ادري لكنني انتظرتك مثل شجرة وحيدة في جزيرة تحلم بغريق يحتضر بالقرب منها ثم ينجو من الموت و يبقى سجين الشجرة... *** ذلك اللقاء المختزل في المطار صرخت بصمت حين اعلنوا عن اقلاع طائرتك هات قلبك و اتبعني هات جرحك و اتبعني هات جسدك و اتبعني فقلبي حزين و الليل طويل و اعرف انك لو تلمسني سازدهر مثل شجرة مستها اصابع الربيع و ساشتعل بالزهر الابيض... وودعتني بصمت قاتل كصمت الحديد المصهور و ببرود الثلج الحارق و كانت شفافيتك شرسة كموجة بحر هائلة الابعاد... همست فقط ساراك و ساسمعك و ساحبك و لم اهمس لا اريد ان يعذبك احد سواي ! و مضيت يا شاردا كالريح و اخترقتني و لم تخترقني كسحابة ضباب لا تفارقني ... *** احزري من انا تظاهرت بانني لم احزر انك انت الذي لا اريد ان يعذبه احد سواي! *** . و لم تسالي عني !. سالت عنك يا حبيبي العناوين كلها التي اعرف سالت عنك فندق الليل و شارع الامواج و حانات المغاور و ازقة الشواطىء كلها و على شاطىء البحر انتظرتك و كان راسي ينبض كقلب و توقعت ان اراك قادما الى حياتي ( عكس التيار ) *** و سألت عنك الفجر البحري و النوارس المتناثرة فوق الزرقة الزرقاء سالت عنك الاسماك و الاصداف و المرجان و القواقع سالت عنك مخلوقات شباك الصيادين و بحثت عن وقع اقدامك فوق رمال المد و الجزر و ناديتك :سعيد من له مرقد قلب في عمرك يا من تحتلني و تربط راياتك فوق اعصابي و ترفع شاراتك فوق ارض جسدي و انتظاري و تهوم فوق ليلي كخفاش اسطوري... كل اللذين عرفتهم قبلك شيدوا مدينة عزلتي التي تفتح لك الان اسواراها و عمروها حجرا حجرا و بابا بابا و قفلا قفلا.. و كنت تبتعد تقترب تختفي تلوح و مدينة عزلتي تنتظرك لتستيقظ كما في الاساطير... و لم احاول ان انسى ذلك اللقاء على اجنحة الطائرات أنساك؟ كمن يحاول حفر نفق في الجبل بإبرة... *** و انتظرتك سالت عنك حديد الكورنيش الصدىء و قرأت اسمك مكتوبا بحشائش البحر في القاع و ناديتك... و احببتك حبا غير داجن ينتشر و يتسع كالنباتات الليلية الملعونة و صرخت باسمك من قاع الانتظار و على سطح الماء اتسعت دوائر العنفوان... و انتظرتك و فيه كفلاحة و مرهفة كجرح و متهدجة بحبي غير المحتضر: لن يعذبك أحد سواي ! *** حتى جاءني صوتك الهامس الذي يملأ حنجرتي كالغبار الملون و اقرر: لن تعذبك بعد اليوم امرأة سواي! 2/5/1977 ___ |
(( اعتقال لحظة دموية )) ايها الشقي هل كنت تقاتل ام تنتحر و انت تشهر رمحك بيد و هدنتك بالاخرى ؟ *** يوها قلنا : لأجل ان نحيا علينا ان نقتل قليلا... و ان نقتل قليلا... *** ايها الشقي لقد انزلقت شؤون القلب في مغاور النسيان - الا صورتك لحظة انفجارك- و استقرت الرؤيا في محرق الغضب الدموي.. *** لانك همست بلا صوت - لحظة سقطت- دوى صوتك كالرعد: الرافة باجلاد عهر و فعل زنا – مع الموت – بحق الحياة .... لا تخونوا حلمي ... *** و لن اخون حلم الفرح بالطفولة و لن اخون تلك الاجساد كلها التي سئمت الذبح و تتوق لشهقة الولادة... *** و اليوم اقول: لأجل ان نحيا علينا ان نقتل كثيرا و ان نقتل كثيرا ... 7/7/1976 |
(( اعتقال زخة مطر ملونة )) تنهدتك زمنا ... ثم استعدت عنان رئتي انا الطالعة من حقول ثلجك و رمادك ارفع اهدابي المكسورة نحو الافق... و انتظر املا جديدا يزدهر في جسدي ... *** تنهدتك زمنا .... و توهمت زمنا انك رجلي و حبيبي و انك يد العطاء و الفرح... و صرخت : اشهد ان لا حب الا حبك... و لكنني كنت كالساعي الى حتفه...بقلبه! تنهدتك زمنا... حتى ضربت عنقي بسيف جحودك و مزقتني و نثرت اشلائي في تلال الليل... و جاء النسيان يحنو على عظامي و يلملمها و يضيئها كقنديل ... *** تنهدتك زمنا ... و ها هي الذاكرة كالمحراث تنبش ارض الهشيم بحثا عن وتد يقين لم يمزقه زلزالك... *** تنهدتك زمنا ... لكن ذلك الصوت الصارخ بي : اهربي قد افترس اصوات القلب الاخرى ..اهربي ..اهربي ... و زحفت من عالمك الكابوسي ممزقة ... هاربة من كونك المكهرب ... اه كيف استطعت النجاة قبل ان تبتلعني غيومك المخدرة؟؟ *** تنهدتك زمنا و كان البرد الانيق مكوما خلف نافذة الفندق النائي و الظلام المسكون بالظلال محايدا و لا مباليا كضحكات عابري السبيل... *** تنهدتك زمنا ... و كانت المسافة بين جرحي و غرورك ليلة احتضار... و كانت المسافة بين صرختي و اذنيك قارة لا مبالاة و كانت المسافة بين راسي و راسك وسادة شوك... و ها انا اجلس في المكان العتيق و قد فرغ تماما من حضورك ... *** تنهدتك زمنا... و اسمتك مقاليد روحي ... فبعثرتني على اجنحة الطائرات... و مزقتني و نثرتني مطرا ملونا في ليل الغرباء لكنني رددت في ليل الفراق اينما كنت ساكون معك اينما كنت ستظل معي حتى ضاع صوتي ... *** و لم تكن حقا تسكن البحر كنت تسكن لعبة السلطة ... و لم تكن حقا بريئا كعناصر الطبيعة كنت مدنسا ككل القادة و العظماء و لم تكن حقا حبيب الغابات و الطيور كنت حبيب النفوذ و التملك ولم ...ولم ...ولم *** و لم تترك لي الخيار ... كان علي ان اختار بين موتي معك او موتي بدونك فاخترت ان ارمي بزمننا على قارعة النسيان ... علني انجو منك ... *** تنهدتك زمنا و ها انا اطير وحيدة من جديد تحدني من الشمال الغربة و من الجنوب الغربة و من الشرق الغربة و من الغرب الغربة و قد رميت بزمننا على قارعة النسيان ... 1/6/1976 _________ |
(( اعتقال غيرة بحرية !)) و كان حبك وردة ذهبية مدماه باللعنة في اعماق بحر غامض الانواء ... ابحرت خلفها و على الشاطىء تركت راسي ... *** و حين جاءت الطيور البحرية لتنقر عيني شاهدت صورتك داخلهما و ضحكت كثيرا قهقهت بمناقيرها السود و البرتقالية و تهامست كثرثرة عجائز القرى و تابعت ضحكها الساخر ... فقد شاهدت صورتك يا حبيبي في عيون عشرات الرؤوس المقطوعة المشلوحة على طول الشاطىء نفسه لنساء أخريات !... 13/12/1977 __ |
(( اعتقال الاصوات اللامسموعة )) الاصوات اللامسموعة تخاطبنا بما تعجز عنه الابجدية : صرير الظفر على السبورة ... صرير العظم داخل رباطها لخلاف بين الاعصاب ... *** صرير يد الكمنجة فوق جسر الاوتار في نوطة غير مكتوبة لم تتسلق السلم الموسيقي و ظلت في حديقة الصمت .. و العازف يحتضر حبا بصمت ... *** صرير اللغة داخل الفكرة و الصرخة على اوتار الحنجرة وشهقة الرفض ( الامشهوقة ) في شارع المومياءات الراكضة ... *** آه تلك الأصوات الامسموعة للجلافات التي لما يصقلها الزمن بعد لتتناسق الأوعية مع ما تضمه من سوائل ! *** آه صرخة روح عصرية داخل جسد من عصر نياندرتال ... آه صرخة الأبجدية الثاقبة الامكتشفة داخل ابجدية متوارثة هشة.. *** و كما في المغاور كذلك في الشارع: الديناصورات ما تزال تهرول بين ناطحات السحاب .. دون ان تنصت للأصوات اللامسموعة ... *** اذهبوا بسلام و حذار ان تكونوا آمنين!... بيروت30/12/1977 ___________ |
(( اعتقال عذوبة هاربة من حرب )) القصف قد هدأ و رائحة البارود تلاشت و خرجنا من جحورنا الصراصير و الفئران و نحن... *** البحر شاسع الزرقة و السكينة و الغروب جرح وردي يمتد على طول الافق ... و ثلاث نخلات و ست غيمات شفافات و نجمة مبكرة و الريح نسمة حنان و انت الى جانبي اتحسسك بفرح لانك ما زلت حيا و انا ايضا ...و هذا الكون الجميل ... *** حضورك كثيف و آثر و مفرط الحنان .. و كل ما هو أنا ينبض حبا لك برقة متناهية ... و كل ما هو انا مسكون بالسلام في حضورك *** هذا المساء اسمه : ..الحنان ..الرقة .. السلام .. و لا استطيع ان اصدق ان الحرب ما تزال تدور و حتى لفظة ( حرب ) تبدو هذه اللحظة دونما معنى *** تنطلق رصاصة و يتمزق المساء !!... خبئني و اختبىء داخلي ! بيروت 24/8/1976 _______________ |
(( اعتقال ( تلكس ) حب !)) سيدي رجل الأعمال : لا اعرف كيف اخاطبك فانا لا املك الة حاسبة و ليس لدي دفتر شيكات لأكتب لك على ورقة ( شيك ) أحبك *** و اعرف ان الابجدية في عالمك تبدو لك غريبة و منقرضة مثل سرب من طيور الرخ.. فماذا اكتب لك غير ( تلكس ) حب ؟... *** لنجرب الارقام .. عشرة ايام انقضت على فراقنا لن اقول لك ان كنت قد افتقدتك ام لا عشرة ايام منذ طارت كفك من كفي كعصفور نادر عشرة ايام ؟ بل 864000 ثانية ! اهذا اكثر وضوحا؟ *** فلنجرب الارقام على نحو اخر : 3 بليون هو عدد سكان العالم أي 3000 مليون شخص و اريد ان اكون معك انت من دونهم جميعا اهذا اكثر وضوحا ؟ *** فلنجرب الارقام على نحو اخر : كل دقيقة ارضية معك تعادل 11 سنة ضوئية في كوكب اخر مع سواك و السنة الضوئية يا سيدي تعادل 9.6 بليون من الكيلومترات يخطوها الضوء في سنة و 11 سنة ضوئية تعادل 105600000000 خطوة ضوئية أي بحجم الثروة التي تطمح اليها اهذا اكثر وضوحا ؟ *** سيدي رجل الاعمال : هل تستطيع ان تقول لي لماذا انفجرت الة التلكس ؟ 22/2/1975 |
( اعتقال ذاكرة رجيمة !)) ادير المذياع و لا اسمعه ... ارد على الهاتف و لا اعي ما اقول ... أقرأ و لا أقرأ... افكر بك و استحضرك .. و ذاكرتي الرجيمة لا تغفل شيئا ... *** ....و كان جسدك صخرا و شفتاك من عسل *** و عيناك مدينتا نسيان اوصد على نفسي جفونهما ... ابوابا بلا افقال ... لاضيع داخلها زمنا ما *** ...و اهدابك راعشة كاهداب طفل رجيم اشتعلت فيه النيران و الاغاني و الصلوات ... و الدخان يركض من لفافتك كالموسيقى العذبة .... *** ...و ملمسك كطعم الاسطورة و انفاسك ريح قادمة من صفصاف النهر و لجلدك رائحة غابات من المطر !... ... و ذقنك مغارة مسحورة و رقبتك وتد الشهوة و الحنان ... *** ... و كتفاك شراعان في وجه الريح و ذراعاك رشيقان كشلال قويتان كشلال و صدرك شاطىء شاسع اركض فيه حافية الذاكرة و القدمين ... *** ... و خصرك مرسى يدي و ساقاك ركض فرس بري في براري الضياء ... و ظهرك نهر طولاني ابحر فيه الى منابع الاسترخاء ... و شارباك جناحا نسر و انا احب الرخ الاسطوري العربي ... و ماذا اقول ؟ اعود الى مذياعي و هاتفي و كتابي لا جدوى... لا املك الا استحضرك من جديد... منذ البداية ... اكرر ...و كان جسدك صخرا و شفتاك من عسل ... و .... الى آخره.. 6/8/1976 _________ |
(( اعتقال لمسة حنان )) آه الحنان ذلك التدفق من الانقطة الى اللاهدف ذلك التدفق: نهر كهارب مضيئة راكضة في الزمان دون مبالاة بالمكان ... *** الحنان لمسة على الم مجهول لوجه مجهول في قطار معتم ... دونما مصففين ..و دونما مقابل 19/8/1975 |
(( اعتقال مسدس)) إلى " ر.ف " رفيقي " مع وقف التنفيذ " الذي اهداني مسدسا محشوا بورقة كتب عليها : من اجل وقف النزيف هذا هو الطريق و تقول لي : هذا هو الطريق و اركض على حدود جرحك الشاسع الممدود من محيط الجرح الى خليج الدم و من محيط الذاكرة الى خليج المستقبل : هذه الدرب اعرفها جيدا ... لا تضىء اصابعك شموعا هذه الدرب اعرفها حقا معرفة الطير لمسالك ربيعه لقد حفظت طرقات شرايينك و تنفست رعدك و ادمنت الركض عكس السير داخل دورتك الدموية و احببتك على طول " فقراتي المئة و الخمسين مليونا " *** و تقول لي " من اجل وقف النزيف : مسدس " يا غجري الفرح علمني كيف اخيط جرحي بالسكين مثلك و كيف ارتق انهيارات السماء بالبرق مثلك " هذا هو الطريق "؟ مرة قلتها مثلك ... و لحظتها أحسست الموت اكثر عذوبة من لقاء المطر مرة كان اليقين يضيء روحي منارة صافية كعين العاشق مرة قلتها مثلك لكنهم اقتلعوا الاشجار عن جانبي الطريق و رموا بنا في البئر و حفروا تلك السراديب و نصبوا المرايا على جانبيها و قالوا عن المتاهة : هي الطريق و ضعت في التعقيد ...و الخيبة لكنني ظللت أحبك على طول فقراتي المئة و الخمسين مليونا ... *** آه يا رفيق جرحي امنحني لحظة ايمان يصيير جسدي مسدسا و حنجرتي طلقة خذني الى عوالم الطيبين المنقرضين و علمني كيف اغفر للمرابين المزروعين على اطراف مرآه المحيط المشروخة آه يا رفيق جرحي علمني كيف أحشو ثقوب الروح بالديناميت مثلك و كيف احمي نفسي من الريح بأن أكون عاصفة !... و أنا احبك على طول فقراتي المئة و الخمسين مليونا ... 30/8/1977 _______ |
(( اعتقال لحظة اختناق )) قلبي الليلة مرهف كجرح حزين كالمطر الاسود في محطة قطار فقيرة نائية حتى الاصوات تؤلمني حتى كلمات الحب ترهقني... فقلبي الليلة مرهف كجرح و كل ما هو أنا يتقو الى الصمت و السكينة ... و لكن الناس يمارسون الكلام مستعيضين بالصوت عن المعنى يثرثرون ...يثرثرون... و لا يصمتون لحظة واحدة ربما خوفا من سماع صوت اعماقهم كلمات ...كلمات ...كلمات تتطاير في الفضاء سحابة كثيفة من البعوض تقتحمني تكاد تخنقني تضيق انفاسي ... كلمات ...كلمات ...كلمات... *** آه توجعني الاصوات البشرية الليلة لو يصمتون لحظة و ينصتون الى صوت البحر و صوت النسغ الراكض في الشجر و صوت تفتح الازهار الليلية و صوت دبيب السلطعان فوق الرمل و حوار القمر و الامواج في لعبة المد و الجزر... و صوت السكون لقلب سئم لعبة الكلمات المتقاطعة الحضارية الملقبة خطأ بالحوار ... آه الصمت و اشتهي لو كان حبيبي سمكة يسبح الى جانبي بصمت يحدق في وجهي بصمت و يحبني بصمت و يهجرني بصمت 26/8/1977 __________ |
(( اعتقال يقين )) التصق بي كي أصدق حلمي بك... لم يعد بوسعي حمل ليل بيروت على كتفي دونما حبك ... كيف اطيق الشوارع المفروشة بالاجساد المحتضرة و القمامة و الذباب و ارصفة الامعاء الممزقة لولا حبك؟ كيف احتمل الرصاص الذي يطلق علي فجأة دونما مبرر و الصبية العابثين بالموت متباهين باسلحتهم كالغواني بزينتهن... ووقفتنا في طوابير الذل الطويلة امام باعة الخبز المر و انين المكومين في اروقة المستشفيات و صراخ الاطفال المختبئين مع الجرذان يقاسمونهم الظلمة و فتات الاكل .... كيف اطيق المدينة الموبوءة بالنزف و الحقد و الخيلاء لولا انتظاري لحظة شروقك؟ *** نقف على ارصفة الصيف اشجارا جافة مذعورة و يركض بيننا مرضى القسوة اصابعهم مواسير بنادق و تعول سيارات الاسعاف محشوة بالقنابل لا بالجرحى آه لولا حبك كيف اطيق موت الماء و موت الموسيقى و موت الضوء و موت الاصوات كلها حتى اصوات الاستغاثة ... في هذه المدينة الداجنة الوحشية .. و لن يسرقوا مني حريتي و لن يدقوا حدواتهم في قدمي و لن يسكبوا لجامهم في حنجرتي و لن تروضني البشاعة و لن اصفق لفرقعة سياط الجلاد مدعية كالآخرين انها موسيقى بيتهوفن و ساظل قادرة على الحلم و التحليق ما دمت احبك و انتظرك و اعرف ان شروقك محتوم بيروت5/9/1976 ____________ |
( العجوز تعتقل عرسها )) العجوز تعتقل عرسها الهارب ببساطة سريالية ساذجة تذهل خشب الصندوق العتيق ... *** ها هو ثوب العرس ملفوف بالزمن و حشرات العتق مهترىء مصفر ببصمات اصابع نصف قرن *** و لكن العجوز الفقيرة و الغنية ما تزال تفتح صندوقها من آن لآخر دونما انقطاع على طول آلآف السنين و تفتح صناديق الذاكرة و تخرج صرتها و تنشر الثوب الذي تبدل كوجهها كصوتها تلحظ الفارق و لا تلحظه *** تتحسس الثوب مغمضة العينين فتطالعها صورة زين الشباب مختالا يوم عرسها الى جانب الثوب و هي شابة بداخله!... تاتيها اصوات ذلك الزمن و تهب موسيقاه و روائحه ... و ترتعش في اعماقها لثانية الفرحة المنسية ذاتها .... 22/5/1975 ________ |
(اعتقال لحظة تفاؤل)) تستطيع الريح ان تعصف و تطفىء الشموع السود لمدينة كسرت مصابيحها... *** يستطيع البحر ان يثور مدمرا مراكب الهرب كلها و قوارب نجاق القلب الوحيد... *** يستطيع جسد الغربة ان يلفني بذراعيه من جديد و يجرني مع من جديد الى فراش الثلج و الرماد *** يستطيع الحب خلع قناعه فيصيير وجهه مرابيا عتيقا .. و يستطيع حبيبي اهمالي كاسطوانة عتيقة مل سماعها *** لكن شيئأ من ذلك كله لا يستطيع اطفاء تلك الجمرة المشتعلة ابدا في اعماقي كنار الآلهة المقدسة ... *** لقد تعثرت و سقطت مرة تلو المرة و صار جبلي هوة و سهلي مستنقعا ... لقد احترقت مرة تلو المرة و شاهدت الشمس تصير لهبة شمعة و العمالقة يتحولون اقزاما... لكن شيئا من ذلك كله لم يستطع اطفاء تلك الجمرة المشتعلة ابدا في اعماقي... *** و اعرف ان الليل قادم و انه قد يطول هذه المرة و قد لا شاهد الشروق المقبل للشمس لكن تلك الجمرة في اعماقي ستظل تضيىء كعيني طفل ولد للتو... 17/1/1975 _______ |
(( اعتقال شاطىء البحر ذات مساء !)) ربما لانك كنت معي استحال البحر الى مراة خرافية شاسعة من الفضة و الصخور الى تلال من الذهب و العاج و خرجت السلاطعين حمراء كالمرجان و تمددت على طول الشاطىء... و بدأت الاسماك ترقص فوق صفحة الماء و حصان البحر يمضي برشاقة اسطورية في الريح *** ...و يدي داخل يدك محمرتان نابضتان كانهما قلبان عاريان ... و على الرصيف بدأت تتكسر عدة اوان فضية من ضوء القمر *** و تضمني الى صدرك رغم فضول المارة فالصق اذني بقلبك منصتة الى دقات الرعد و الريح ... *** يا حبيبي اذا غادرت صورتك عيني استحالتا الى ندبين في وجهي لجرح نصف مندمل ... *** يا رفيق البحر ذات مساء ... في الليل تحول جسدي الى اسطوانة تحمل اصواتك و بصماتك و ادور فوق سطح الظلمة و السكون و تركض فوقي ابرى الذكرى و اسمع كل كلمة قلتها لي و استعيد كل لمسة و أحبك 30/6/1976- فندق البحر – شاطىء الليل |
-- حاشية : بعد عامين لحظة رفعتني في المكان نفسه بعد عامين على يدك نحو السماء الريح كالروح موحية و خرافية و الليل كلأم وديا باسطا ذراعيه و النجوم غامقة الضياء بصورة استثنائية احسستني حقا نجمة جديدة ترتسم على خرائط الفلكين و يرصدها العشاق ..كان المكان ذاته ... و السحر ذاته ...و لم اعد متاكدة مما اذا كنت الرجل ذاته و لكن ما الفرق ؟ لقد كان الاحساس ذاته و قد تمرس على الاحساس فازداد كثافة و رهافة و صقلته اللامبالاة بالتفاصيل و الامعان في عيش الجوهر |
(( اعتقال ر.ف)) قبل ان تضجر علمني كيف ادير خدي الايمن لمن انتهى للتو من التهام خدي الايسر و علمني كيف اصلي بصوت عال من اجل اللذين قطعوا لساني و كيف امزق رادار الوعي المنتشر كشبكة عنكبوت على طول روحي علمني كيف امنح ببراءة للذين يتاجرون بي باجرام علمني كيف احب اصدقائي و انا كفيلة بحب اعدائي! 3/9/1977 |
(( لحظة هاربة تعتقلني )) كلؤلؤة فتحت محارتي لك فنفضت فيها رماد لفافتك و مضيت! *** وقرعت أبواب الليل آملة أن يطل وجهك القديم فأطل أحد أقنعتك و نبح في وجهي *** و كان الليل لا متناهيا كجرحي و أنا وحيدة و مبتلة و مسكينة كثقب في جورب متسول شتائي و سقطت تحت أكداس الظلمة المتراكمة فوقي كانهيارات الثلج الاسود.. هنا سقطت ..هنا نبت العشب.. هنا تقمص الجرح... و حين طلع الفجر ظنني زهرة أحرقتها صاعقة فغطاني بالندى *** اني حزينة و مذهولة لا لفراقك آه كيف استطعت ارتداء قناع الحب طويلا هكذا؟!.. أحببتك أمام بحار ثلاثة : الحنان و الود و الأمل ... من الصعب أن تظل حيا حين يموت كل ما حولك الأبواب و النوافذ و الأفق و المطر و المحراث و الأشجار و الانسان الذي أحببت أحببت ..أحببت.... *** متى يتقدم سيف العقل الحاد داخل غابة عشقي الهوجاء النمو الوحشية الكثافة ( حيث تعتقلني لحظاتنا الهاربة ) و يقص نافذة للشمس و بابا لي للهرب ؟.. 2/11/1977 |
(( اعتقال شجار )) و بدأنا نقول الكلمات المراوغة و الأكثر مراوغة من الأسماك *** ثم صرت صامتة كالغبار مفتتة كالغبار و كان صمتي صرخة استغاثةلم تسمعها! و استحال الحب سكينا نتبادل بها الطعنات و صارت نظراتنا عواء لكلبين جائعين في الثلج! *** و اشعر بالرغبة في ضربك ضربا مبرحا و اكور قطعة (كلينكس) و اقذفك بها... و تقول انني صلبة كالفولاذ المقسى و احس انني هشة كالرماد و شرسة كمنجل القطاف في آن واحد... و في صدري بركان تتلاحق انفجاراته فاقضم الثلج بصمت و هدوء دون أن اشرب من كأسي و أعي بهلع: ان بذور الشجار حين تنمو تصيير سورا من الأشواك اسمها الفراق. 6/9/1975 |
(( اعتقال تخاطر)) أفكر بك بكثافة أتذكرك أمثل في حضرتك البهية و في الوقت ذاته أبذل جهدا خارقا لمتابعة قراءة كتابي المشوق لكن حادثا اثيريا ما قد طرا و ها هي مفاتيحي الاخلية السرية أسيرة مغناطسية مجهولة غامضة تجتذبها.. و ها أنا أفكر بك بكثافة اتذكرك أمثل في حضرتك البهية و أسمع صوتك و أنا واثقة من أنك تعاني الشيء ذاته في اللحظة ذاتها و اننا في هذه الثانية نتواصل عبر هاتف روحي ما و يجتذب كل منا صاحبه بطريقة ما عبر كهارب اثير كوني غامض *** ارجوك كف عن الصراخ في اذني هكذا و انت بعيد هكذا... 5/8/1976 ________ |
(( اعتقال مظلة الحلم)) و تذهب لتشتري خبزا فتعود وقد فقدت اسنانك و تذهب لتتسول ماء فتعود مشنوقا بامعائك.. و تذهب لتشتري نفاحا فتعود بتفاحة و تفقد انثاك و تخلفها ممزقة على بوابة مستشفى يدمرها مطر النار الديك صار يصييح وقت الغروب و القطط تعول صرخاتها "الشباطية" في منتصف آب و النمل يخرج من حنفيات المياه الجافة و الفئران تتسكع على أسلاك الكهرباء الميتة... صار الأكل ترفا و الاستحمام طموحا *** و تخرج من جحرك و تذهب الى شاطىء البحر لتتذكر التنفس المجاني فتعود و في رئتك شظية.... *** و اختلطت العناصر و سكنت الحياة في الموت و لولاك... لولا حلمي المحموم بك لولا يقيني بولادتك شابا مفترسا لولا انتظارك لانهرت على الشاطىء مثل قذيفة فارغة لم تصب هدفها... 5/7/1976 بيروت |
(( اعتقال اشارة استفهام)) يا غريب الى اين تذهب الاغاني بعد أن نسمعها؟... *** الى اين تمضي كلمات الحب بعد أن نقولها؟... *** الى اين ترحل اللحظات الحلوة بعد أن نعيشها؟... *** الى اين يذهب لهب الشمعة بعد احتراقها؟... *** الى اين تذهب لمساتك بعد أن تمضي يدك؟ *** اين يذهب البرق بعد انطفائه؟ و عواصف الغابات بعد رحيلها؟ و الشهب بعد احتراقها؟ قل لي الى اين لانتظرك هناك يا حبيبي 21/7/1976 ______ |
الساعة الآن 03:14 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |