منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   النقد الأدبي والفني (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=107)
-   -   بشرى بدر : دراسة في " خبز و ياسمين " للتونسيّ جمال الجلاصي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=24667)

المفتش كرمبو 20 - 5 - 2012 03:28 AM

بشرى بدر : دراسة في " خبز و ياسمين " للتونسيّ جمال الجلاصي
 
خبز و ياسمين


================




أسرع يا شادي، لقد حضر الخبز... يترك ساحة اللعب مستجيبا لنداء أمّه، ويعدو نحو المنزل، فقد حان وقت الذهاب إلى "المراح" لبيع الخبز.
يحمل القفّة ويمضي مصفّرا... يدخل دكان حلاق: " الله يعينك يا عم رابح، خبزتين كالعادة. "
ودون أن ينتظر جوابا يضع الخبز فوق طاولة صغيرة عليها بعض مجلات وجرائد قديمة يتسلى بها المنتظرون من الزبائن.
ينقده عم رابح الحلاق ثمن الخبزتين، ثم يضيف له خمسين مليما وهو يقول: " هذه لشراء بعض الحلوى. "
يخرج من الدكان مبتسما " مازال يحسبني صغيرا أشتري الحلوى.
يمضي بكل ما في أعوامه الخمسة عشر من خفّة ونشاط، تمرّ به فتاة خارجة من الحمّام فيتابعها بعينين لامعتين مسترجعا ما شاهده في
"عصفور السطح ." يسرح بخياله، ويستفيق على صوت ملائكي ينادي: "ياسمين، قلائد ياسمين، مشموم ياسمين".
يحمرّ وجهه خجلا وكأن ربيعة ضبطته أثناء اقترافه لخطيئة... وينادي بأعلى صوته لكي يشعرها بوجوده "خبز طابونة سخون"
تتسارع دقّات قلبها: " لقد وصل." يسلّم عليها بحرارة ويسألها: كيف حال أمّك؟
- كالعادة، لقد نصحها الطبيب باقتناء نظارات طبّية، لقد أصبح من الصعب عليها إدخال الخيط في الإبرة.
تسكت وتطلق تنهيدة لا يصدّق من يسمعها أنها تخرج من ذلك الصدر الصغير. فيغيّر بسرعة مجرى الحديث:
- هل أنهيت إعداد الدروس؟ سأرسب هذه السنة كي تلتحقي بي.
- لا شكرا... لا تتعلل بي لتغطي تراخيك هذه السنة. حذار من الرّسوب،
أقسم برأس أمي أني لن أكلّمك أبدا إذا لم تنجح! هل فهمت؟
يغطّي ارتباكه بابتسامة، يعلم أنها لا تمزح .
- هل نذهب إلى "سيدي البحري" فهناك يكثر المشترون.
يمضيان في الطريق نحو الشاطئ يناديان: بحناجرهما الصّغيرة: " خبزا وياسمين. "
عندما وصلا إلى حانة أخذ منها الياسمين ودخل، لم تمانع لأنها متأكدة أنه لن يسمح لها بالدخول،
فهي لا تزال تذكر كيف تخاصم مع أحد السكارى حين حاول أن يعابثها والجرح الغائر في جبهته شاهد على تلك الحادثة...
لقد تمنى يومها أن يجرح كل يوم كي تقبّله وهي تضمّد جراحه.
باع خبزتين وخمس مشامم ياسمين، أعطاها الثمن ومضى يحدّثها عن مجون السكارى وعن أخلاقهم الفاسدة، ويستشهد بجارهم عبد الحميد الذي يعود كل ليلة مخمورا ويضرب زوجته وأبناءه.
وصلا إلى مقهى "سيدي البحري" نادى "خبز طابونة سخون" ونادت " مشموم ياسمين، عقود ياسمين" وانتقلا بين الطّاولات يعرضان ما يحملان، لقد تعودا مزاح الزبائن وتعوّد الزبائن عليهما يبتسمان دائما ويعرضان بضاعتهما دون إلحاح وبكياسة نادرة... مرّا بسائحين، تقدّمت ربيعة وهي تقول باسمة:
Des perles de jasmin pour votre bien aimée monsieur.
فلم يجد الرجل بدّا من ابتياع عقد لزوجته ومشموم له، ثم أضاف لها دينارا وهو يقول:
Pour ton bel accent
باعت ربيعة كل ما لديها وبقيت لشادي خبزتان. قال لها: لنمش قليلا على الشاطئ وسأبيع ما تبقى في طريق العودة.
قالت له وهما يجلسان على صخرة: " هيا أسمعنا شيئا من شعرك و إلاّ قطعت رأسك. " يضحكان قليلا ويقول: " أمر مولاتي. "
يسود المكان صمت إلاّ من صوت الأمواج الهادئة تزيد اللحظة شفافية وشاعرية. يقف، ينظر إلى البحر ثم إلى عينيها ويقول:
آه يا قمر الفرح
نسكبك نسيما في أكواب قوس قزح
ملكين جئنا
نبشّر بالفجر مرفوعا كنخلة
ونكوّن ربيعنا وردة فوردة
ملكين جئنا
ننادي الخبز والياسمين
ونغني" إنهم يستطيعون قطف كل الزهور
ولكنهم أبدا لن يستطيعوا
وقف زحف الربيع"
- أحسنت يا شادي، فعلا إنها قطعة جميلة جدا، يا حاجب أعطه ألف...
- كفّي عن العبث، أنا لا أبيع قصائدي...
يتصنّع الغضب، فتبتسم له وتربّت على كتفه بحنوّ قائلة:
- تغضب دائما لأتفه الأسباب، أيعزّ عليك أن نبقى يوما دون خصام؟
- أغضب فقط حين أشعر أنك لا تهتمين بقصائدي، وأنا لا أهتم إلا برأيك...
- أعلم هذا وتعلم أنت أن كلامك غير صحيح، لأني أهتم بشعرك قدر اهتمامي بك.
يشعر بالفرحة تغمره فيلقي نفسه على الرمال ضاحكا.
- هيا نعود، لقد بدأت الشمس تغرب.
- سأوصلك إلى المنزل، لا تخافي.
- لا أخاف الظلام، لكن أمي بمفردها في المنزل وعليّ أن أعينها في إعداد العشاء.
في طريق العودة بينهما قفّة الخبز ينظران إلى ظلّيهما وقد التصقا، وبالخيال يكون الزواج الصغير...

____

المفتش كرمبو 20 - 5 - 2012 03:28 AM

قصّة قصيرة أستميح كاتبها العذر في تسميتها : كيف تكون الحياة أجمل ..
دون مقدّمات سرديّة كثيراً ما تتكئ عليها القصص لتمهيد الذهنيّة القارئة للدخول في عالم القصة
بالتدريج نجد الكاتب يرفع الستارة أمامنا فجأة ،، خطوة فقط و نكون في عالم القصّة ،، و في الحقيقة تلك براعة استهلال قصصيّ قرأت منها
أنْ لا حاجة للممهّدات فالعالم الجديد ليس غريباً عنك عنّي فهو قريب من واقع معيش جغرافيّته امتداد خريطة الأناس البسطاء و زمانه مفتوحة نوافذه
على ذات يوم كان أو يجري الآن أو نحلم أن يكون و ربّما كلّ ذلك معاً ..
خطوة .. و نجدنا في المشهد نمسك الخيوط الأولى للعالم هنا نسمع نداء الأمّ و نتعرّف الشخصيّة الأولى متابعين تحرّكاتها :

إذاً نحن في حارة شعبيّة بهموم عيشها الّتي يتسيّد فيها الفقر و الاحتياج و يمدّ سلطته على الطفولة مصادراً بعض حقوقها و زاجّاً بها في دوّامة الإعالة ،،
و لا حاجة بنا للسؤال عن الأب فتغييبه ما كان نقصاً في الأحداث لأنّ كونه على قيد الحياة أو عدم كونه أمرٌ لا يعنينا فمتطلّبات الحياة معجزة في وجوده
و أكثر إعجازاً في غيابه و في الحالين تدفع الطفولة قسطاً من ثمنها ،، و قبل أن تغمرنا السوداويّة في تلك الحارة يبادر الكاتب إلى عرض الوجه الآخر
لها فأناسها طيّبون و من يستطيع لا يتوانى عن مدّ يده لمساعدة الآخر بطريقة لطيفة لا تذلّ إنسانه .. و العمّ رابح من هؤلاء لخفّة حمله في الإعالة بدليل
الخبزتين لا غير .. لنا أن نتفّس بعض الأمان إذاً فنحن بين أهلينا و وجه شادي ليس بغريب و قد عرفنا منه بعض ملامح فهو ابن الخامسة عشرة
وكلّ ما في تلك المرحلة ندركه دونما حاجة للكاتب و من تلبيّته نداء الأمّ و ردود أفعاله مع الآخرين نعلم كونه مطواعاً و ربّما فيه نضج يفوق
عمره الزمنيّ في جانب من شخصيّته ،، أقول في جانب لأنّها في جوانبها الفيزيولوجيّة خارجة عن إرادة المحيط في إنضاجها " و الحمد لله " فنراه متحفّزاً
لكلّ الإثارات الجنسيّة العابرة و المختزنة في ذاكرته من مشاهدات السينما أو التلفاز و يعيشها دونما معطيات علميّة ثابتة فيها ( يسرح بخياله ) لكنّ ذلك يبقى
مختلفاً عن اختلاجات قلبه بفطرة مكوّناته الطيّبة و بلا وعي " لماذا " يعرف أنّ ما تأخذه إليه الغريزة يقرّبه من خطيئة مرفوضة يعدّها جرماً و أنّ ذلك مختلف
عن نقرات قلبه حين يسمع صوت ربيعة .. الّتي تحمل له الشعور ذاته و من حوارهما نعي التشابه بينهما .. فأمّها تخيط أو تنظم عقود الياسمين لتبيعها ابنتها
و أمّه تصنع الخبز ليبيعه شادي و كلتاهما في حال يستدعي مساعدة الأبناء لتحصيل لقمة العيش .. شادي و ربيعة متوحّدان في البيئة و في الهمّ و في نبض القلب
و في الحلم أيضاً ،، ففي كلماتهما ما يؤكّد السعي إلى متابعة التحصيل العلميّ و كلٌّ منهما يحثّ الآخر على ذلك .. تهدّد و يرتبك فالصدق سمة مشتركة بينهما ..
و الدرب واحد و هما في تكامل لا غنى للفرد منهما عن الآخر ،، يحميها في عالم الغرباء عنهم ( الحانة ) و لو بدمائه ، و هي بيقين الخوف من هذا العالم تترك له
أمرها و تكتفي بما يخبرها هو عن دائرة المجون و ما فيها ،، مبيّناً و بلفتة ذكيّة من الكاتب أنّ هؤلاء ليسوا في الحانات فقط بل يعيشون بيننا و عليها دوام الحذر ..
بينما في المقهى الشعبيّ حيث كلّ شيء ظاهر للعموم يتركها تتحرّك بشكا عادي و آمن فليس هناك ما يدعو للخوف ذاته و مقهى الشاطئ لا يختلف في كثير أمور
عن الحارة الشعبيّة بوجود الطيّبين إنّما هنا عالم أوسع و جنسيّات أكثر و اقتدار ماديّ أكبر يحكيه الفرق بين ملاليم الحلاّق و دولار السائح ..
ينتهي الواجب و تُسدّ حاجة الإعالة لكن للذات حاجاتها أيضاً ،، و تلبيتها تكون بهذه المساحة الزمنيّة القصيرة الّتي تُسترق من شوط الأعباء ، مساحة يقضيانها
على ثابت أرض في قسوة الواقع ( صخرة ) لكن يملأانها بجميل خيال لا ينفصل عن كونه معبّراً عن أمنيات فهي مليكته الآمرة و هو الشاعر الّذي
يتّخذ حروفه وسيلة للتعبير عن هيامه بها ،، و هنا لا بدّ من الإشارة لأمرين :
الأوّل علاقة الطبيعة بالشخوص و الحدث بشكل متناغم و كأنّ الطبيعة تسعد بكلّ فطريّ يحاكيها ،، و الثاني مقدرة الكاتب الشعريّة حيث كان المقطع رائعاً بمفرده
منسجماً مع أحداث القصّة و موظّفاً لخدمة مضمونها و كشف هدفها و رسم جزء من الشخصيّة فيها و ممهّداً للخاتمة بقرار جماعي ( ضمير جماعة المتكلّمين في نغنّي )
أنّ لا شيء قادر على إيقاف الربيع ،، تضيق الحياة و تثقل الأعباء و يضجّ القهر في جنباتها مصادراً الطفولة و قاطفاً السلام و الجمال و الزهر و .. و ..
و لكن الفجر آت و الربيع مستمرّ ..
و من هذا القرار ننظر بعين المباركة و بسمة الرضا إلى مناوشاتهما الطفوليّة و كأنّ كلّ منهما يريد بحياء أن يأخذ من الآخر كلمة تشعره بأنّه ساكن القلب ..
و قد كان ذلك بقراءة الحركات و كلمات العتب الحاني .. و بخطوات الفرح كانت العودة إلى الحارة بما منحته له من طمأنينة و بما منحه لها من حماية و أمان ..
عودة لمتابعة حمل المسؤوليّة فما زالت قفّة الخبز بينهما و هي في آن معاً صلة تربط بينهما و عثرة تقف في وجه طفولتهما ..
لكنّ الروحين ملتصقتان و الجسدان ملتصقان في ظلّ الأمنيات
..



المفتش كرمبو 20 - 5 - 2012 03:29 AM


نظرة على العناصر القصصيّة :
=====



1)الموضوع : مادّته الأوليّة من الواقع " بيئة معيشة أو معايشة " لملم منها الصور و أضاف إليها من معرفته و خياله ليكون عالماً مستقلاً بذاته
يشبه الحياة لكن لا يحاكيها حرفيّاً .. و محتواه يصنّف العمل قصّة اجتماعيّة إنسانيّة تحلّل بعض جوانب المجتمع و الحياة البشريّة .

2) الفكرة : ( الربيع مستمرّ و الفجر آت ) و قد بيّن الكاتب من خلالها وجهة نظره في الحياة و كانت بمثابة
المحور الّذي عليه و لأجله بنيت القصّة ،، و أمّا التعبير عنها فلم يكن بأسلوب مباشر طالما وضع القصص في إطار الوعظ و الإرشاد و عطّل فيها حركة الأحداث ،
إنّما كان من خلال توظيف عناصر القصّة لهذا الأمر فالشخصيّتان الرئيستان بعمر الربيع .. و لا تذمّر و لا ردود عنيفة على ضغوط الحياة بل متابعة الطريق بهدوء
و تصميم ،، ثمّ المقطع الشعريّ وسيلة تعبير أخرى عن الفكرة الهدف ،، ثمّ هناك الرمزان الأروع الخبز و الياسمين و تلك براعة تحسب للكاتب في جعل الشخصين
مرادفين للخبز و الياسمين و الخبز مهمّة شادي لكن لا غنى له عن ياسمين ربيعة ليستمرّ .. و في تكاملهما سؤال لكلّ قارئ : ماذا تحتاج في الحياة أكثر ؟
و هل لعالم مهما كان أن يبنى دونهما معاً ؟
و السؤال يتعدّى حدود القوميّات ليكون دعوة للإنسانيّة جمعاء كما الصرخة الشعرية كانت صرخة للإنسانيّة جمعاء فيها الأمل للمظلوم و التحدّي للظالم ..

3) العمل القصصي : و فيه الحدث القصصي و هو ما رأيناه من مواقف و أعمال و حركات و أقوال نسّقها الكاتب بالتصميم الهرمي التصاعديّ ..
و لم يعتمد طريقة الخطف خلفاً إلاّ في استحضار حلقة من الماضي للمساهمة في رسم الشخصيّة نفسيّاً و بيان عاديّة الحدث
( لا تزال تذكر كيف تخاصم مع أحد السكارى حين حاول ... إلخ ) كما فيه الحبكة القصصيّة و لا يخفى على قارئ كونها هنا محكمة و مرتّبة بحسب منطق الحياة ،،
و إن افتقدنا فيها إلى الذروة فذلك لأنّها بمجملها ذروة لمعاناة احتياج سابقة ( تتخيّلها من واقع ما تقرأ ) و منها بدأ الكاتب ليكون الصراع بين
الواجب الأكبر من العمر الزمني و نداء القلب الملائم للسنّ ..
و في الحبكة من تلاحم العناصر و تكاملها ما يشي بامتلاك القاصّ أدواته و براعته في إدارتها لتكون عالماً بحدّ ذاته تدخله و تخرج منه تاركاً بعضك فيه و متمنّياً أن
تكون في بعضه .. فمن منّا لم ير في شادي و ربيعة صورة من مصادرة طفولته و شقائها ؟!!
و من منّا لا يرغب في استعادة براءة الحبّ ليكون ربيعة أو شادي ؟!!

4) البيئة : و قد أشرت إليها سابقاً ،، و واضح اتّساع دائرتها الإنسانيّة الزمكانيّة ، و أمّا مكوّناتها الاجتماعيّة و الأخلاقيّة فمتغلغلة في ثنايا القصّة
و هي جزء من شخصيّاتها و بينها و بينهم علاقة تأثير و تأثّر ظهرت في التربيّة و علاقة اتّساق و تعاطف ظهرت في التربية
و في انسجام الطبيعة الخارجيّة ( الموج ) مع الحدث و الشخصيّة .
إضافة لكون الكاتب اتّخذها وسيلة من وسائل الإقناع بواقعيّة القصّة فأطلق المسميّات على عناصرها ( المراح ، دكان الحلاق ، الحمام ، ثمّ إطلاق
المسمّيات على الحلاق و الجار و مقهى الشاطئ و اسم الفيلم ... ) ..

4) الشخصيّات : و منها الثانوية و قد أسهمت في العمل القصصي ككلّ و في رسم شخصيّة شادي و ربيعة ..
و كذلك منها الرئيسة و قد توزّعها اثنان شادي و ربيعة بتغليب شادي في المساحة القصصيّة ربّما لأنّه
الخبز .. و قد اتّبع الكاتب في رسمها الطريقة التمثيليّة حيث تركها تكشف عن مقوّماتها النفسية و الاجتماعيّة و الخلقيّة من خلال حوارها و حركاتها
و علاقاتها بباقي الشخوص .. و لم يقحم ذاته ليرسمها و إنّما تركها تتصرّف بعفوية ملائمة لمكوّناتها ..
و إن كان ثمّة ما يستدعي أمنية تقول : لو كان المقطع الشعريّ متلائماً مع صفات شادي العلميّة و العمريّة لكان أفضل .. ذلك أنّ النضوج الفنّي في الشعر
لا يتناسب و النضوج الفكريّ و اللغويّ عند شادي .. اللهمّ إلاّ إذا أراد الكاتب أن يقول : إنّ الشخصيّة فوق العاديّة في هذا الجانب ..
و ربّما لو عبّر عن الفكرة ببساطة أكثر أو بأغنية ما أو بمحفوظ قرأه شادي و اختاره أقول :
ربّما كان ذلك أفضل لبناء القصّة ،، لكن في الحقيقة لا أتنازل عن جماليّة المقطع ..

5) الأسلوب : و قد وزّع الكاتب النسيج اللغويّ للقصّة بين السرد ( يخرج .. يسير .. تطلق تنهيدة .. إلخ ) و بين الوصف و قد وجدناه مركّزاً
و موظفاً ( يسود المكان صمت إلاّ من صوت الأمواج الهادئة تزيد اللحظة شفافية وشاعرية ) و بلغة خصبة واضحة و لم يطل فيه بحيث يبعد بنا
عن القصّة أو يعطّل حركتها .. و بين الحوار الّذي كان هنا بين الشخصية و الآخرين غالباً و بينها و بين الذات قليلاً ..
و قد أدّى وظائفه في تسيير الأحداث و تحليل الشخصيّة و إقناع القارئ بحيويّة المواقف و واقعيّة القصّة ،، كما حقّق شروط نجاحه في بساطته
و رشاقته دون أن يثقل بطويل العبارات و في التحامه بالعمل القصصي و ملاءمته للشخصيّة " اللهمّ إلاّ ما جاء من شعر " ..

أخيراً : ليس لي إلاّ قول : مهما جالت أبصارنا و كتبت حروفنا نبقى أعجز من أن نحيط بعالم متكامل ،، و القصّة عالم ..
نقلت منه ما رأيت و لا بدّ أنّ فيها رؤى أخرى قصّرت عنها .. و ما عزّز تقصيري جهلي بدلالة ما جاء بالفرنسيّة فتمنّيت ترجمة لها ،،
و عدم القدرة على تكوين تصوّر عن تفاصيل ذاكرة " عصفور السطح " سواء كان فيلماً أو كتاباً أو غير ذلك فتمنّيت أيضاً حاشية بشأنه ..
و أمّا القول الأوّل و الأخير فهو كلمات شكر أرفعها للكاتب المكرم جمال الجلاصي الّذي عبقر الحاضر ليرسم ملامح أجمل للآتي ..


بشرى حسن بـدر

صائد الأفكار 20 - 5 - 2012 01:42 PM

الاخ كرمبو
شكرا على هذا النقل المميز لهذه القصة والرجاء ان لا يتم ادراج المنقول في هذا القسم فهو خاص بقراءات ونقد الأعضاء وقسم النقد الادبي للمنقول
تحياتي لك
صائد

shreeata 20 - 5 - 2012 05:54 PM

مشكور اخي كرمبو
على روعة النقل
سلمت لنا بروعتك
تحيات لك

Miss Jordan 20 - 5 - 2012 09:53 PM

اختيار موفق مفتش كرمبو
رائع ما ادرجت لنا
كن بخير
تحية لك

فداء فلسطين 20 - 5 - 2012 11:48 PM

سلمت يمناك ولا عدمنا اختياراتك

ابو فداء 21 - 5 - 2012 12:59 AM

منوور كرمبوووو
كبير والله
سلمت

فارس الصحراء 26 - 5 - 2012 09:45 AM

نقل حسن فيه نفغ
شكرا على الجهد الاخ المفتش


الساعة الآن 08:18 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى