منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القسم الإسلامي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=21)
-   -   فوائد المرض ...(( ( الفصل الثاني )) (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=14937)

الدلع عطري 4 - 4 - 2011 04:29 PM

فوائد المرض ...(( ( الفصل الثاني ))
 
بسم الله الرحمن الرحيم

فوائد المرض ( الفصل الثاني )

5 ـ ومن فوائد المرض وتمام نعمة الله على عبده ، ان ينزل به من الضر والشدائد ما يلجئه الى المخاوف حتى يلجئه الى التوحيد ،ويتعلق قلبه بربه فيدعوه مخلصا له الدين ، فسبحان مستخرج الدعاء بالبلاء ، ومستخرج الشكر بالعطاء ، يقول وهب بن منبه : ينزل البلاء ليستخرج به الدعاء
(( وإذا انعمنا على الانسن اعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض )) ( فصلت:51 ) ، فيحدث العبد من التضرع والتوكل وإخلاص الدعاء ما يزيد ايمانه ويقينه ، ويحصل له من الإنابه وحلاوة الإيمان وذوق طعمه ما هو اعظم من زوال المرض ، وما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين الذين يصبرون على ما أصابهم فلا يذهبون الى كاهن او ساحر ولا يدعون قبرا او صالحا فأعظم من ان يعبر عن كهنه مقال ، ولكل مؤمن نصيب ، فإذا نزل بهم مرض او فقر انزلوه بالله وحده ، فإذا سألوا سألوا الله وحده ، وإذا استعانوا بالله وحده ، كما هو الحاصل مع نبي الله ايوب (( وايوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين )) ( الانبياء :83) .

وتأمل عظيم بلاء ايوب فقد فقد ماله كله واهله ومرض جسده كله حتى ما بقي إلا لسانه وقلبه ، ومع عظيم هذا البلاء إلا أنه كان يمسي ويصبح وهو يحمد الله ، ويمسي ويصبح وهو راض عن الله ، لأنه يعلم ان الامور كلها
بيد الله ، فلم يشتك ألمه وسقمه لأحد ، ثم نادى ربه بكلمات صادقه (( أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين )) فكشف الله ضره وأثنى عليه ، فقال الله تعالى (( إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب ))(ص:44) وقد ورد في بعض الاثار ((يا ابن ادم ، البلاء يجمع بيني وبينك ، والعافية تجمع بينك وبين نفسك )).

6ـ ومن فوائد المرض : ظهور انواع التعبد ، فإن لله على القلوب انواعا من العبودية ، كالخشية وتوابعها ، وهذه العبوديات لها اسباب تهيجها ، فكم من بلية كانت سببا لاستقامة العبد وفراره الى الله وبعده عن الغي ، وكم من عبد لم يتوجه الى الله إلا لما فقد صحته ، فبدأ بعد ذلك يسأل عن دينه وبدأ يصلي ، فكان هذا المرض في حقه نعمة (( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن اصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنه انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخره )) (الحج:11) ، وذلك ان على العبد عبودية في الضراء كما ان عليه عبودية في السراء ، وله عليه عبوديه فيما يكره ، كما ان له عليه عبودية فيما يحب ، واكثر الناس من يعطي العبوديه فيما يحب ، والشأن في اعطاء العبودية في المكاره ، وفيها تتفاوت مراتب العباد ، وبحسبها تكون منازل عند الله ، ومن كان من اهل الجنه فلا تزال هداياه من المكاره تأتيه حتى يخرج من الدنيا نقيا .

يروى انه لما أصيب عروة بن الزبير بالأكله في رجله قال ( اللهم كان لي بنون سبعة فأخذت واحدا وابقيت سته ، وكان لي اطراف اربعة فأخذت طرفا وابقيت ثلاثه ، ولئن ابتليت لقد عافيت ، ولئن أخذت لقد ابقيت )) ثم نظر الى رجله في الطست بعدما قطعت فقال : (( إن الله يعلم اني ما مشيت بك الى معصية قط وانا اعلم )) .

7ـ ومن فوائد المرض : ان الله يخرج به من العبد الكبر والعجب والفخر ، فلو دامت للعبد جميع احواله لتجاوز وطغى ونسي المبدأ والمنتهى ، ولكن الله سلط عليه الامراض والاسقام والافات وخروج الاذى منه والريح والبلغم ، فيجوع كرها ويمرض كرها ، ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، احيانا يريد ان يعرف الشيء فيجهله ، ويريد ان يتذكر الشي فينساه ، واحيانا يريد الشىء وفيه هلاكه ، ويكره الشيء و فيه حياته ، بل لا يأمن في اي لحظه من ليل او نهار ان يلبسه ربه ما اعطاه من سمعه وبصره ، او يختلس عقله ، او يسلب منه جميع ما يهواه من دنياه فلا يقدر على شيء من نفسه ، ولا شيء من غيره ، فأي شيء أذل منه لو عرف نفسه ؟ فكيف يليق به الكبر على الله تعالى وعلى خلقه وما اتى إلا من جهله ؟
ومن هذه احواله فمن اين له الكبر والبطر ؟ كما قيل : من اكفر الناس بنعم الله الفقير الذي اغناه الله ، وهذه عادة الأخساء إذا رفع شمخ بأنفه ، ومن هنا سلط الله على العبد الامراض والافات ، فالمريض يكون مكسور القلب كائنا من كان ، فلا بد ان يكسره المرض ، فإذا كان مؤمنا وانكسر قلبه فالمريض حصل على هذه الفائدة وهي الانكسار والاتضاع في النفس وقرب الله منه هي اعظم فائدة .
يقول الله تعالى : (( انا عند المنكسرة قلوبهم )) وهذا هو السر في استجابة دعوة الثلاثة : المظلوم ، والمسافر ، والصائم ، وذلك للكسرة التي في قلب كل واحد منهم ، فإن غربة المسافر وكسرته مما يجده العبد في نفسه ، وكذلك الصوم فإنه يكسر سوْرَةُ النفس ويذلها ، وكذلك الامر في المريض والمظلوم ، فإذا أراد الله بعبد خيرا سقاه دواء من الابتلاء يستفرغ به من الامراض المهلكه للعبد حتى اذا هذبه رد عليه عافيته ، فهذه الامراض حمية له ، فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلي بنعمائه .

8ـ ومن فوائد المرض : انتظار المريض الفرج ، وافضل العبادات انتظار الفرج ، الامر الذي يجعل العبد يتعلق قلبه بالله وحده ، وهذا ملموس وملاحظ على اهل المرض او المصائب ، وخصوصا اذا يئس المريض من الشفاء من جهة المخلوقين وحصل له اليأس منهم وتعلق قلبه بالله وحده ، وقال : يا رب ، ما بقي لهذا المرض إلا انت ، فإنه يحصل له الشفاء بإذن الله ، وهو من اعظم الاسباب التي تطلب بها الحوائج ، وقد ذكر ان رجلا اخبره الاطباء بان علاجه اصبح مستحيلا ، وانه لا يوجد له علاج ، وكان مريضا بالسرطان ، فألهمه الله الدعاء في الاسحار ، فشفاه الله بعد حين ، وهذا من لطائف اسرار اقتران الفرج بالشدة اذا تناهت وحصل الإياس من الخلق ، عند ذلك يأتي الفرج ، فإن العبد اذا يئس من الخلق وتعلق بالله جاءه الفرج ، وهذه عبودية لا يمكن ان تحصل إلا بمثل هذه الشدة قال تعالى (( حتى إذا استيئس الرسل وظنوا انهم قد كُذِبوا جاءهم نصرنا )) ( يوسف : 110 ) .

9ـ ومن فوائد المرض : انه علامة على إرادة الله بصاحبة الخير ، فعن ابي هريرة مرفوعا : (( من يرد الله به خيرا يُصِب منه )) ( رواه البخاري ) ، ومفهوم الحديث ان من يرد الله به خيرا لا يصيب منه ، حتى يوافي ربه يوم القيامه ، ففي مسند احمد عن ابي هريرة قال : (( مر برسول الله عليه الصلاة والسلام اعرابي اعجبه صحته وجلده ، قال : فدعاه فقال له : متى احسست بأم ملدم ؟ قال : وما ام ملدم ؟ قال : الحمى ، قال : واي شيء الحمى ؟ قال سخنه تكون بين الجلد والعظام ، قال : ما بذلك لي عهد ، وفي رواية : ما وجدت هذا قط ، قال : فمتى احسست بالصداع ؟ قال : واي شيء الصداع ؟ قال ضربات يكون في الصدغين والرأس ، قال : مالي بذلك عهد ، وفي رواية اخرى ما وجدت هذا قط ، قال : فلما قفا ـ أو ولىّ ـ الاعرابي قال : من سرّه ان ينظر الى رجل من اهل النار فلينظر إليه )) ( واسناده حسن ) فالكافر صحيح البدن مريض القلب ، والمؤمن بالعكس .

10ـ ومن فوائد المرض : ان العبد اذا كان على طريقة حسنه من العبادة والتعرف على الله في الرخاء ، فإنه يحفظ له عمله الصالح اذا حبسه المرض ، وهذا كرم من الله وتفضّل ، وهذا فوق تكفير السيئات ، حتى ولو كان مغمى عليه ، او فاقدا لعقله ، فإنه ما دام في وثاق الله يكتب له عمله الصالح ، تعرّف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، وبالتالي تقل معاصيه ، وان كان فاقدا للعقل لم يكتب عليه معصية ويكتب له عمله الصالح الذي كان يعمله في حال صحته ، ففي مسند احمد عن عبدالله بن عمرو عن النبي عليه الصلاة والسلام : (( ما من احد من الناس يصاب بالبلاء في جسده إلا امر الله عز وجل الملائكة الذين يحفظونه ، فقال : اكتبوا لعبدي كل يوم وليلة ما كان يعمل من خير ما كان في وثاقي )).

11ـ ومن فوائد المرض : انه اذا كان للعبد منزلة في الجنة ولم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده . اخرج ابن حبان في صحيحه عن ابي هريرة ،قال : قال رسول الله عليه السلام : (( إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل ، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها )) . يقول سلاّم بن مطيع : اللهم إن كنت بلّغتَ احدا من عبادك الصالحين درجة ببلاء فبلغنيها بالعافية .

12ـ ومن فوائد المرض : ان يعرف العبد مقدار نعمة معافاته وصحته ، فإنه اذا تربى في العافية لا يعلم ما يقاسيه المبتلى فلا يعرف مقدار النعمة ، فإذا ابتلي العبد كان اكثر همه وامانيه واماله العودة الى حالته الاولى ، وان يمتعه الله بعافيته ، لولا المرض لما عرف قدر الصحة ، ولولا الليل لما عرف النهار ، ولولا هذه الاضداد لما عرفت كثير من النعم ، فكل مريض يجد من هو اشد مرضا فيحمد الله ، وكل غني يجد من هو اغنى منه وكل فقير يجد من هو افقر منه ، ثم كم نسبة صحة العبد الى مرضه فوق ما فيه من الفوائد والمنافع التي يجهلها العبد (( وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم )) ( البقرة : 216 ) ، ولهذا روي ان آدم لما نشر الله له ذريته رأى الغني والفقير وحَسَن الصورة ، ورأى الصحيح على هيئته والمبتلى على هيئته ورأى الانبياء على هيئتهم مثل السرج ، قال : يا رب ، ألا سوّيت بين عبادك ؟ قال : إني أحب ان أُشكر . فإن العبد إذا رأى صاحب البلاء قال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك ، فيعافيه الله من ذلك البلاء بشرط الحمد ، والمبتلى اذا صبر حصل على اجر عظيم .
والغريب ان العبد اذا نظر في دنياه نظر الى من هو فوقه ، لكنه اذا نظر في دينه نظر الى من هو اسفل منه ، فتجده يقول : نحن افضل من غيرنا ، لكنه لا يقول ذلك في دنياه ، ومن ذاق ألم الامراض عرف بعد ذلك قيمة الصحة ، وكم نسبة مرضه الى نسبة صحته ، روي ان الفضيل كانت له بنت صغيرة فمرض كفّها فسألها يوما : يا بنية ، كيف حال كفك ؟ فقالت : يا ابت بخير ، والله لئن كان الله تعالى ابتلى مني قليلا فلقد عافى الله مني كثيرا ، ابتلى كفي وعافى سائر بدني ، فله الحمد على ذلك .

سما 4 - 4 - 2011 04:50 PM

من يرد الله به خيرا يُصِب منه

بارك الله بك يا الدلع وجزاك خيرا

بنت فلسطين 4 - 4 - 2011 06:45 PM

سلمت الايادي على طرحك
جزيل الشكر والتقدير
لك كل الود والتتحية

lawanda 5 - 4 - 2011 09:18 PM

بارك الله بيك على الطرح
في ميزان حسناتك ان شاء الله
يعطيك العافية الدلع عطري

ناجي أبوشعيب 9 - 4 - 2011 05:10 PM

شكرا على الطرح المفيد
بارك الله لك وفيك
احتراماتي
أخوك ناجي

الدلع عطري 25 - 4 - 2012 11:34 PM

شكرا وبارك الله بكم على روعة حضوركم وردودكم
باقات ود وتقدير

منتصر أبوفرحة 25 - 4 - 2012 11:44 PM

نسأل الله الشفاء لكل مريض
نفع الله بك اخي

ابو فداء 25 - 4 - 2012 11:54 PM

يعطيڪَ العافيه..

إختيارڪَ موفق جدا..

تسلم الايادي ..

بـانتظار جديدڪَ..

شيماء يوسف 26 - 4 - 2012 12:14 AM

بارك الله تعالى فيك واحسن الله اليك


جزاك الله عنا وعن الاسلام والمسلمين خير الجزاء





الساعة الآن 12:49 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى