منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   صفحات من التاريخ وحضارات الأمم (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=201)
-   -   من التراث الجزائري (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=18172)

بن زيدون 26 - 8 - 2011 09:03 PM

من التراث الجزائري
 
الرابط : فولكلور
علاوة امير فنور – الجزائر
في أواسط سنوات السبعينات من القرن الماضي, ظهر شاب جزائري مغمور يُدعى "
حميد شريت " مقدما أغنية بعنوان " أفافا إينوفا " ( يا أبي إينوبا ), حيث
بدت من الوهلة الأولى أنها ستكون عملا رائعا, و قد كانت فعلا واحدة من
الأغاني النادرة القادمة من العالم العربي, التي أفلحت عبر ألحانها و
كلماتها و معانيها في تحريك و مخاطبة وجدان المجتمعات الغربية الفاتر, و
صنعت الملمح العام و الواجهة الرئيسية للثقافة الجزائرية العابرة للحدود و
المؤثرة في الثقافات الأخرى منذ الاستقلال. فهي الأغنية التي أحدثت ثورة
حقيقية في مفهوم الهوية الوطنية في بعدها البربري, و التي كانت و لا تزال
تعاني من التناقضات, فقد قربت بين الجزائريين من الناطقين بالعربية و
الناطقين بالأمازيغية, و أزالت الكثير من العقد التي خلفها الاستعمار و
كرستها هفوات النظام الحاكم بين أبناء الشعب الواحد, فرغم بساطة الأغنية
تلحينا و كلمات, إلا أن أجيالا و أجيال من الجزائريين على اختلاف مشاربهم و
انتماءاتهم أحبتها و حفظتها و لا تزال تتغنى بها إلى اليوم.فبصوته الدافئ و
بمشاركة صوت أنثوي ناعم, أدى المطرب حميد شريت المعروف فنيا باسم:
إيدير(1) أغنيته باللغة الأمازيغية, بلحنها البربري الهادئ الذي يهيئ النفس
للدخول المباشر في الجو القصصي الخرافي لهذه الحكاية الجميلة, التي تقص
أسطورة جزائرية قديمة بطلتها الفتاة " غريبا ", أو كما يلقبها البعض
بالقبعة الحمراء الجزائرية, التي تصارع قسوة الأيام و صعوبة الزمن و
تقلباته, من أجل إعالة أسرتها الفقيرة, بعد أن يُقعد المرض والدها
الكهل.فينطلق الفنان و شريكته في الأغنية في سرد الأسطورة بأسلوب حِواري
غنائي ساحر, لا يترك المجال للمستمع حتى لو لم يكن يتقن تلك اللغة الضاربة
في أعماق جذور الشعب الجزائري لآلاف السنين, إلا أن يرحل إلى تلك الأزمنة
الغابرة, التي عاش فيها الأمازيغ في قرى تحيط بها أصوار من أحجار مشيدة على
سفوح الجبال فوق مستوى السحب, بعيدا عن متناول القبائل المحاربة و الممالك
المتوسعة, و وحوش الجن الغريبة و السحرة و الشياطين التي كانت تعيش في
كهوف الغابات الكثيفة المظلمة. حيث يضرب فصل الشتاء بعباءته الباردة
الثقيلة ذات اللون الأزرق الداكن على البلد كل سنة, فيحجب نور الشمس و
يُسكت زقزقة الطير و يعري الأشجار و النبات و يُضيق على الأرزاق, ليفرض جوا
رماديا كئيبا و صامتا لا يعلوه سوى عواء الذئاب الجائعة, التي تبدأ في
التجمع من أجل الانطلاق في البحث عن قطعان الأيل البربري السغب و المنهك من
الزمهرير القادم من أرض الروم الشمالية الواقعة وراء البحر المتوسط.هناك
أين تعود الفتاة غريبا تجر ذاتها المتثاقلة حاملة بعض القوت تحاول الإسراع
قبل أن يدركها الظلام بعد يوم من الكدح في الحقول, فتصل عتبة الكوخ المعزول
عن بقية المساكن القروية وسط الطود المظلم و هي تلتفت خلفها بين الفينة و
الأخرى خوفا من ذاك المسخ, الذي لا تعرف ملامح وجهه و شكل جسمه إلا في
خيالها و كوابيسها الطفولية البريئة, فتفترض أنه في طريقه إليها يتتبع آثار
قدميها على بساط الثلج, أو هو يتربص بها بين أشجار البلوط و الصنوبر في
تلك اللحظات, فتهم الصغيرة بدق الباب بيدها المزرقة من البرد و بلهفة ترجو
والدها " إينوبا " أن يفتح لها حتى تلج البيت, أين يوجد دفء الكانون
الممتلئ بالجمر و العيدان المحترقة تحت القِدر, و صراخ و ضحكات الإخوة
الأربعة الذين يلعبون بدماهم المصنوعة من قماش محشو و هم يفترشون جلود
الأنعام, و الحساء الساخن الذي تكابد يوميا كغيرها من أبناء المجتمع من أجل
أن لا ينقطع عن عائلتها, و الأمان الذي تبعث به نظرات الجدة الطاعنة في
السن ذات الجبين المليء بتجاعيد السنين.لكن الأب يتأخر مترددا, فتصرخ
الفتاة باكية في ذلك الجو المثلج و هي ترجو والدها أن يفتح الباب, لأنها
تخشى أن تدركها دابة الغابة المخيفة, فتخطفها في جمح الظلام و تأخذها إلى
عالمها الرهيب الذي لم يره أحد من قبل, تحت جذور الأشجار و الصخور في أعماق
الأرض, فلا تستطيع الرجوع إلى عالم البشر مرة أخرى. فيخطو الأب الشيخ بحذر
و بطء نحو الباب و هو غير مقتنع بأن تلك التي تلطم و تبكي هي ابنته
الحبيبة, و يساوره الشك في أن المتحدث هو دابة الغابة البارعة في تقليد
الأصوات و اللعب بالقلوب لافتراس ضحاياها في لحظات ضعفهم القاسية, فهل
يغامر بفتح الباب لقادم مجهول قد يدخل إلى داره و يحدث مجزرة في أهله العزل
؟, أم يعدل عن ذلك ليترك ابنته البكر و سنده في الحياة لتكون هي ضحية
البرد و الذئب و الغول ؟.إنه لمشهد إنساني صعب للغاية بالنسبة لأب مسكين
ضعيف الموقف قليل الحيلة, و قلبه يحترق حزنا أمام ذلك الاختبار القاسي.
لكنه يتذكر في لحظة يأسه أن الابنة تضع بعض الأساور في أطرافها, و في
اللحظات التي تستمر فيها بالتوسل خلف الباب, يطالبها هو بأن ترج تلك
الأساور التي يعرف صوتها جيدا, ليتأكد أن تلك هي ابنته الحقيقية, لكن
الفتاة ترتعب في تلك الأثناء و هي تخبره بأنها تخشى مسخ الغابة, الذي قد
يسمع بدوره الأساور و يُسارع نحو صوتها فيتحول الكابوس إلى حقيقة, فيعود
الأب مجيبا بكل ألم, بأنه هو الآخر يخشى ذاك الغول على أهله, فهو لا يستطيع
أن يفك القفل قبل أن يتأكد من أن الصغيرة غريبا هي فعلا الواقفة هناك.
فبعد أن يتأكد من كل شيء, يفتح الباب أخيرا لترتمي الصغيرة بين أحضانه و هي
تبكي بحرقة تعبر له عن شدة خوفها من ذلك المجهول الذي يعيش في عمق الجبل و
يخشاه السكان, و هما لا يعلمان أنه في يوم ما سيتحول الكابوس إلى حقيقة,
عندما يكتشف المسخ سر خدعة الأساور. إنه اليوم الذي ستجد فيه الفتاة نفسها
رهينة الوحش الذي سيحملها إلى عرينه, أين تندلع معركة بينه و بين الإخوة
الذين يهبون رفقة القرويين لنجدة غريبا الفتاة المضحية.هذا ما يفعله فصل
الشتاء القارص في تلك البلاد البعيدة, أين يحتمي الشيخ في برنسه و هو
يتدفأ, في حين ينهمك ابنه في تحصيل خبز العيش, يتأمل مفكرا في أيام
المستقبل القريب و صباحه المنظور. و تلك المرأة الجالسة هناك تنسج على
آلتها المصنوعة من حطب, و ألائك الصبيان الذين يجتمعون حول العجوز يُمعنون
السمع للقصص و الأحاجي و الحِكم. و في الوقت الذي يستمر فيه الثلج بالتكدس
على العتبة خلف الباب, ينضج الطعام على النار في القدر بهدوء, في حين يحلم
الأعيان و سكان القرية بالربيع القريب و ما يحمله من الثمار و الأعياد و
الأعراس, رغم أن الصمت و السكون لا يزالان يخيمان على آغورا(2) المفروش
بطبقات الثلج , و القمر و النجوم قد احتجبوا عن أنظار الجميع, دلالة على أن
الشتاء لن يرحل بعد. لكن العائلات المتضامنة تجتمع و هي تسترجع الذكريات و
حكايات الماضي, في محاولة لجمع صبرها و حشد همتها في مواجهة ما بقي من
أيام هذا الفصل, التي تقف خلفها أيام الربيع المشمس, بعد مرحلة مريرة و
صعبة مر بها السكان و البلد.بهذه العبارات و المضامين عبر الفنان إيدير عن
هذه الأسطورة التراثية الرائعة, التي تحمل كما هائلا من الرسائل و المعاني
الإنسانية العميقة حول واقع الحياة و تناقضاتها بين لدغها و ترياقها, و
التي تحولت بها أغنية إيدير نفسها إلى جزء من التراث الموسيقي الجزائري –
العالمي, فقد سحرت كل من سمعها في جميع أقطار العالم, حيث تمت ترجمة
كلماتها إلى أكثر من ست عشرة لغة, و قد كانت آخرها اللغة
الصينية.______________________-1 إيدير اسم أمازيغي معناه: سوف يعيش.-2
آغورا أو ثاجماعث: هو مكان يوجد في القرى و المداشر الجزائرية, حيث تختلف
تسميته من منطقة لأخرى, لكنه يخصص للمناسبات الاجتماعية و الدينية و
الالتقاء بين القرويين في الأيام العادية أو الاستثنائية من أجل النقاش و
تبادل الأفكار و توطيد العلاقات.., حيث يعد مقياسا لحالة العلاقاتالإجتماعية...
وأغنية Avava inuva مستمدة من أسطورة أمازيغية قبايلية، يبلغ عمرها عشرات القرون، و تحكي حكاية فتاة صغيرة تشبه قصتها قصة ساندريلا، مع فارق أن "غريبا" تنتمي إلى أسرة فقيرة و معوزة و أبواها ليسا من العائلة الملكية عكس ساندريلا . غريبا الصغيرة تعمل في حقول الزيتون، تقطف الثمار، تحرث الأرض و تعلف المواشي، وتبدأ عملها من طلوع الشمس إلى ما بعد غروبها، لتجر تعبها نحو بيت والدها الفقير المسن، تدق الباب وتنتظر هل من مجيب، تطلب من أبيها أن يفتح الباب، لكن الوالد يتوجس خيفة من كثرة اللصوص وقطاع الطرق أو من تسميهم الأسطورة بوحش الغابة، فيحتار من أمره ويطالب ابنته أن ترج أساورها والتي يعرف صوت نغماتها، فإذا سمعه أنذاك ينطلق لفتح الباب لابنته الصغيرة ولما تحمله معها من رزق، وتنطلق "غريبا" لتلج البيت وتسقط في حضن والدها الهرم، معاتبة إياه قائلة: "أخاف وحش الغابة يا أبي" ويطمئنها والدها مؤكدا لها أنه هو أيضا يخاف من ذات الوحش.
وتحكى الأغنية أسطورتها كما يلي:

هي : أرجوك يا أبي "إينوفا" .. إفتح لي الباب
هو : آه يا إبنتي "غريبا" .. هزي معصمك لأسمع صوت خلخالك
هي : أخشى من وحش الغابة يا أبي إينوفا
هو : آهٍ يا إبنتي " غريبا " .. وأنا أيضاً أخشاه ............منقول

شيرين 27 - 8 - 2011 01:08 AM

مشكور على هذه القصة بن زيدون
تحياتي الك

hakimnexen 27 - 8 - 2011 01:29 AM

شكرا لك احمد من احسن الاغانى القبائلية الجزائرية التى احبها .. هى وزيت رويت لادير
ويعتبر ايدير من المطربين المفضلين لدى
شكرا

الاغنية بالعربية


[COLOR="rgb(47, 79, 79)"] يا أبي إينوفا هي : أرجوك يا أبي "إينوفا" .. إفتح لي الباب هو : آه يا إبنتي "غريبا" .. دعي أساورك ترجّ هي : أخشى من وحش الغابة يا أبي إينوفا هو : آهٍ يا إبنتي " غريبا " .. وأنا أيضاً أخشاه هو : الشيّخ متلفّع في بُرْنُسِهِ منعزلاً .. يتدفّأ وابنه المهموم بلقمة العيش يعيد في ذاكرته صباحات الأمس والعجوز ناسجة خلف مندالها دون توقّف .. تحيك الخيطان والأطفال حولها يتلقنون ذكريات أيام زمان هي : أرجوك يا أبي "إينوفا" .. إفتح لي الباب هو : آه يا إبنتي "غريبا" .. دعي أساورك ترجّ هي : أخشى من وحش الغابة يا أبي إينوفا هو : آهٍ يا إبنتي " غريبا " .. وأنا أيضاً أخشاه هو : الثلج رابض خلف الباب و " الإيحلولين " يسخن في القِدْرِ والأعيان تحلم منذ الآن بالربيع المقبل و القمر .. و النجوم .. مازالوا مختفون و حَطَبة البلّوط تحلّ محلّ حصيرة الصفصاف العائلة مجتمعة تستمع بشغف لحكايا زمان هي : أرجوك يا أبي "إينوفا" .. إفتح لي الباب هو : آه يا إبنتي "غريبا" .. دعي أساورك ترجّ هي : أخشى من وحش الغابة يا أبي إينوفا هو : آهٍ يا إبنتي " غريبا " .. وأنا أيضاً أخ
+++++++++++++
[الأغنية بالفرنسية []


[COLOR="rgb(47, 79, 79)"]Je t'en prie père Inouba ouvre-moi la porteO fille Ghriba fais tinter tes braceletsJe crains l'ogre de la forêt père InoubaO fille Ghriba je le crains aussi.Le vieux enroulé dans son burnousA l'écart se chauffeSon fils soucieux de gagne painPasse en revue les jours du lendemainLa bru derrière le métier à tisserSans cesse remonte les tendeursLes enfants autour de la vieilleS'instruisent des choses d'antanJe t'en prie père Inouba ouvre-moi la porteO fille Ghriba fais tinter tes braceletsJe crains l'ogre de la forêt père InoubaO fille Ghriba je le crains aussiLa neige s'est entassée contre la porteL'"ihlulen" bout dans la marmiteLa tajmaât rêve déjà au printempsLa lune et les étoiles demeurent claustréesLa bûche de chêne remplace les claiesLa famille rassembléePrête l'oreille au conteJe t'en prie père Inouba ouvre-moi la porteO fille Ghriba fais tinter tes braceletsJe crains l'ogre de la forêt père InoubaO fille Ghriba je le crains aussi[/COLOR]-

++++++++++
وكذلك بالانجليزية
"[COLOR="rgb(47, 79, 79)"]I ask you father inouva, open the door O daughter ghriba, shake your bracelets I fear the monster of the forest father Inouva O daughter ghriba, I fear him too The old one is rolled up in his "burnous" (traditional trenchcoat in the distance, to warm himself His son is scared to earn bread Looking at the days to come The grand-dauhter-in-law sews Without stopping putting the cloth The children around the grandmother learn the teachings from the old days 3- The snow pushes up against the door the stew in the large cooking pot the elders begin dreaming of springtime the moon and the stars being the canopy the oak tree replaces the view the family gathers together ready to listen to the story"

http://www.youtube.com/watch?v=UXJlkc-iog0

أبو جمال 27 - 8 - 2011 02:50 AM

مشكور على الاغنية وقصة الاغنية اخي بن زيدون
تحياتي واحترامي

shreeata 27 - 8 - 2011 06:17 AM

مشكور اخي بن زيدون على الروعة
تحيات لك
سلمت

بن زيدون 27 - 8 - 2011 07:59 PM

شكرا لمروركم الطيب الذي عطر الصفحة ، وشكري الخاص لأخي حكيم على الاضافة الطيبة والتي استمتعت بما جاء فيها وسماعي للاغنية ...فتحية من القلب ..

بلا عنوان 31 - 8 - 2011 12:16 AM

يعطيك العافية بن زيدون والاخ حكيم وبارك الله بكما على تعريفنا بهذا النوع من التراث


الساعة الآن 10:31 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى