منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   صفحات من التاريخ وحضارات الأمم (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=201)
-   -   من هم الأسينيون ؟ (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=29681)

أبو جمال 10 - 3 - 2013 06:36 PM

من هم الأسينيون ؟
 
من هم الأسينيون؟

ان الوهج والتعصي الأعمى للحضارة اليهودية يشعل الكثير من الأهواء الإثنية والعقائدية ونؤدي هذه التوجهات الى الجدال العقيم الممتد منذ مئات من السنين والذي كان يأتي بصاحبه في القرون الوسطى الى الملاحقات القانونية والكنسية، وصولا الى السجن والتعذيب والحرق في اكثر الأحيان.

ان خفوت الوهج المصطنع الذي كانت تسببه الخرافات اليهودية وما تبعتها تلك الخرافات من تداعيات عظيمة، ادى في نهاية المطاف الى ركود في الأفكار، ومنطقية اكثر في العالجات الأثنية والحضارية والإجتماعية والعقائدية لكل مكونات المجتمعات الشرق اوسطية ومنها على موضوعنا الآن اي الأسينيين، فهذا التوجه الذي نحن بصدده الآن لم يكن يصلح منذ ثلاثين عاما، نظرا للكثير من التعقيدات التي كانت منتشرة آنذاك والتي حسمت في حاضرنا هذا ومنها المنطق التسلسلي للحضارة اليهودية.

كثرت التأويلات عن اصل عبارة "الأسينيين"، لكن الأكثر ترجيحا والذي يتمسك بها علماء اليوم، وهي المشتقة من "آسى يواسي"، والتي تعني الشافي، ولا عجب ان احد القاب المسيح "يسوع = يسى يواسي"، او عبارة "عيسى" اي يسوع في القرآن، وهي تعني ايضا الشافي، ومن هنا ينطلق العلماء على وصل يسوع المسيح بالأسينيين القدماء، وتلك الوضعية الجديدة اي وصل شخصية المسيح بالأسينيين هو منطق اصبح شائعا وشبه مؤكد نظرا للترابط في المنطق، واستعمال المسيح للكثير من المقرات التي يسكنها الأسينيين، أثناء وجوده في العالم، ومن اشهرها جبل الكرمل والذي بالقرب منه ولد المسيح، وهو المكان الذي يتفق عليه علماء اليوم ان المسيح ترقى فيه العلم والحكمة والمعرفة، خلال وجوده الخفي قبل البدء بالبشارة. والملفت في العبارة ايضا منطقة قاديشا وقنوبين في شمال لبنان والمعروفة اليوم بـ "الوادي المقدس" هناك دير لا يعرف احد تاريخ تأسيسه وهو دير "قزحيا"، والعبارة تبدو انها ايضا مشتقة من الجذر نفسه القاف تبدل بالألف، وهو شيىء مألوف في الحضارات القديمة، "أسى" اي الشافائين، وهؤلاء الرهبان كانوا يشفون الجسد والنفس والروح (ولا تزال المغارة المقدسة بالقرب من الدير اليوم، والجنازير الموجودة خير دليل على ذلك) وهو مصطلح سنتوسع فيه لا حقا في مؤلفنا هذا عند تحدثنا عن الجبل المقدس.

اما من الناحية التاريخية، فهناك اختلاف في الأصول:
يقول العالم الأميركي المعروف بتعصبه لليهود وليام البرايت عن جماعة قمران: ... ان جماعة قمران ليست سوى الطائفة اليهودية القديمة، المعروفة بالأسينيين، الذين تحدث عنهم المؤرخين القدامى: فيلون، يوسيفوس وبيليني. فالأسينيون وفقا لهؤلاء المؤرخين، جماعة متدينة بعمق، يرتدي أعضائها ثياب كتانية بيضاء، ويحيون معا حياة جماعية مشتركة...، يتنازل الأثرياء منهم طوعا عن اموالهم وممتلكاتهم الخاصة لصالح الجماعة، ويمارس اعضائهم جميعا شعيرة العماد..."

إذا اردنا التحدث ان تلك الفرقة المسؤولة عن كتابة مخطوطات قمران، انها شيعة يهودية او فئة من اليهود، ومنع من يقول بأن تلك الجماعة قديمة في التاريخ، بهدف لصقها بثورة المكابيين، فهذا الكلام اصبح ضعيفا من الناحية الأركيولوجية والتاريخية والإجتماعية، نظرا للأسئلة "الوجودية" الكثيرة التي بات على الحضارة اليهودية الإجابة عليها لإثبات وجودها كسلسلة حضارية في التاريخ، وهو امر بات مستبعدا نظرا للإنهيارات العظيمة الواحدة تلو الأخرى في الأساسات التي تؤلف الحضارة اليهودية بشكل عام، وهي أحدى المسلمات الجديدة المهمة التي يجب ان نتعامل معها في قراءة كل حدث تاريخي ولاهوتي، والأهم من ذلك معالجة تداعيات هكذا تغيير على الحضارات المجاورة من فينيقية وكنعانية وآرامية ومصرية، وتداعياتها المباشرة على حضارات بلاد ما بين النهرين والحضارة الفارسية من ناحية الشرق، ومعالجة جديدة للحضارة الغربية الإغريقية بشكل خاص وما تلاها من يونانية ورومانية. وهناك مغالطة كبيرة للعالم البرايت، بخلع الرداء اليهودي عن جماعة قمران وهو "العماد" فالمعروف للقاصي والداني من العلماء اليوم ان اليهود لم يكونوا ابدا يمارسون هذه الشريعة على الإطلاق. فالعماد هي واحدة من الشعائر الدينية الكنعانية بإمتياز.

يبقى هناك نظرتين يجب معالجتهما بروية، طبعا بنظرة سريعة غير متسرعة منتظرة من يعالجهما بطريقة اكثر عمقا وشمولية.

الأولى ان الأسينيين هم جماعة "رهبانية" اتت مع الإستعمار المصري في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، مؤسسهم هو كاهن مصري ويدعى "موريا- ايل"، ومؤسسها يصفها بأنها حركة رهبانية توحيدية تصحيحية، للعودة الى الجذور الرهبانية الأولى للمنطق الرهباني المصري، وانتشرت تلك الحركة في الشرق القريب بأكمله، ويصف علماء اليوم بأن تلك كانت الحالة العامة للحضارة المصرية التي كانت تتصارع لاهوتيا وإجتماعيا بين التوجه لعبادة الإله الواحد "اتون" إله الآباء المصريين، وبين التوجه الآخر الى تعدد الآلهة وعبادت كل إله بشكل مستقل. والكل بات يعرف بأن سيطرة الكهنة التي كانت تنادي بتعدد الآلهة في الحكم ادى الى تقهقر عبّاد الإله الواحد في مصر لاهوتيا وعسكريا، والمطاردات العسكرية لتلك الباقية في الشرق على شكل حملات تأديبية او ما شابه.

لكن هذا التوجه الرهباني التصحيحي يلقي بأسئلة علمية جوهرية يمس بالتركيبة الإجتماعية واللاهوتية التي تمتاز بها جماعة قمران والجماعات المتشابهة التي تم العثور عليها، الأول، إذا كانت تلك الرهبنات ذات اصول مصرية وللوهلة الأولى تبدو كذلك، فلماذا هذا الوجود النسائي الكبير فيما بينهم؟ فمن الواضح والمعروف ان الحضارات المصرية والسومرية والبابلية والأكادية والأشورية واليهودية والإغريقية، يجتمعون على ان النظام الرهباني هو نظام ذكوري بإمتياز، فلماذا إذا وجود النساء والأطفال في ما بينهم؟

والسؤال الآخر المشابه، إذا كانت تلك الحركات "التصحيحية" هي مصرية المصدر كما يقولون، وتصبو فيما تصبو اليه، على غرار الكهنة المصريين، الى التوحد في البرية والإبتعاد عن الملذات الأرضية والتأمل باللاهوت المصري، فيجب ان تكون كتابات قمران ممتلئة بالآلهة المصرية وميتولوجياتها وفلسفاتها وحضاراتها المعروفة والموجودة في كل المتاحف العالمية، فلماذا اذا هي ممتلئة الى فوق بأسماء وميتولوجيات جيرانهم الفينيقيين والكنعانيين؟، طبعا وكما تلاحظون عند افول الوهج المصطنع اليهودي، تصبح النظرة افضل واسلم واكثر منطقية وأكثر شمولية، فلا لزوم للدخول في تلك المتاهات المصطنعة في ما يمكن ان يخص او لا يخص الحضارة اليهودية، ولا لزوم للدفاع عن قدسية او غير قدسية تلك المسلمات، ان المسار التاريخي يصبح اكثر سلاسة للمعالجات اللاهوتية والإجتماعية والأركيولوجية والتاريخية.

النظرة الثانية وهي الأكثر منطقية واكثر علمية، لكن الأقدم من الناحية الأركيولوجية والعلمية، الأكيد اركيولوجيا ان تلك المستوطنات هي قديمة جدا، قبل الدخول في تلك النظرة، يجب التوقف عند نقطتين اساسيتين كنا قد عالجنا النقطة الأولى المتعلقة بالتبعبة الدينية العمياء، المتمثلة في حالتنا الحالية بالأب ديفو وهو المسؤول ورئيس البعثة العلمية لمخطوطات البحر الميت، وقد ادى تصرفه على مر عشرات من السنين الى بروز ردات فعل عنيفة طالت المجتمع العلمي والكنيسة الكاثولكية على حد سواء، وكان ابرزها ما تقدم به كل من العالم اليغروا وهو العضو الوحيد في فريق الذي درس المخطوطات والذي لا ينتمي الى اي منظمة دينية وقد تمت إقالته والتشهير بسمعته بعد ان نشر دراسته التي تركزت على مخطوطات: "... تتعلق بشروحات جماعة قمران على اسفار التوراة (وهي غير النسخ الموجودة في التوراة اليوم، وسنحلل البعض منها لاحقا)، اضافة الى متفرقات شعرية تتعلق بالحكمة، والترانيم والخطب والمواعظ، اتضح لاحقا انها غير توراتية وبالغة الحساسية، لم يسبق لأحد رؤيتها من قبل، تتصل بجماعة قمران نفسها وهي نتاجها الخاص وتنتمي جميعها الى الكهف رقم 4، ذلك الكهف المثير الذي آثر الأب ديفو ورفيقه الأب ماليك بمخطوطاته..." والعالمة اليهودية "ريتشل إليور"، وهي أستاذة التصوف اليهودي في الجامعة العبرية بالقدس، طبعا لا نوافق نظرتها عن جماعة قمران وهي تقول انهم لا يمكن ان يكونوا قد وجدا على الإطلاق، وأن لا اساس لهم في التاريخ، فهذا نابع عن التعصب العلمي المعروف للمدافعين عن العقيدة اليهودية ولكن ما يهمنا هي ما اوردته من معطيات خاصة تستحق التدقيق العلمي، وخصوصا ما يتصل بالمؤرخ اليهودي جوزريفوس، والتي اتهمته بالخداع والتصرف اللاعلمي في مقاربة مسألة جماعة قمران، وتتحدث ايضا عما حصل من خيبات للأمل بعد نشر المجموعة الأولى من المخطوطات: "... وازداد شوق الباحثين لقراءة النصوص بعد ترجمتها ونشرها. للتعرف على إجابات لأسئلة ظلت تشكل ألغازا لمدة ألفى عام .. لكن الذى حدث بعد ذلك كان مخيبا للآمال. فبعد نشر المجموعة الأولى من المخطوطات توقف ظهور أى ترجمات أخرى. وأسدل ستار الصمت على مضمون المخطوطات وأسرار جماعة قمران. ... ولا شك أن الجماعة المشرفة على إعداد المخطوطات قد ساعدت على حدوث هذه التطورات السلبية. فبينما سيطرت جماعة "المدرسة البيبلية" الفرنسية على أعمال اللجنة استبعدت جماعات لها مصلحة واضحة، فلم تضم اللجنة أى من الباحثين غير الكاثوليك .. ونشب صراعا خفيا بين لجنة المخطوطات وبين سلطة الآثار الإسرائيلية منذ اليوم الأول لسقوط متحف القدس تحت سلطة الاحتلال الاسرائيلى بعد حرب 67 إلا أن الأمور استمرت على ما كانت عليه لأكثر من عشرين عاما بعد ذلك، قبل أن يبدأ الصراع المكشوف الذى أدى في النهاية إلى التخلص من السيطرة الكاثوليكية وإحلال سلطة الأثار الإسرائيلية مكانها عام 1991 .. ففى هذا العام ظهر في لندن كتاب بعنوان ( خداع مخطوطات البحر الميت) للكاتبين مايكل بيجنت وريتشارد لى إتهما فيه الفاتيكان صراحة بالتدخل في عملية ترجمة ونشر المخطوطات ومحاولة إخفاء معلومات وردت بها مخالفة للتعاليم الكاثوليكية . واعتمد المؤلفان في أدلتهما على التأخير الذى زاد على أربعين عاما في نشر مخطوطات كهف قمران رقم (4) فمن بين خمسمائة نص عثر عليها في هذا الكهف لم ينشر منها إلا مائة فقط كما أن أعضاء لجنة المخطوطات لم يسمحوا لأحد بالإطلاع على ما تحت أيديهم منها وقال المؤلفان بأن الإيكول بايبلك ــ المسيطرة على أعمال اللجنة ــ تخضع في عملها لبابا الفاتيكان مباشرة ــ وأن هذا الولاء يهدد بضياع أي نص قد يتعارض صراحة مع مصلحة الفاتيكان.

ثم بدأت حملة إعلامية كبرى في أواخر عام 90 وأوائل عام 1991 م خاصة في الصحف الأمريكية مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست تهاجم مجموعة الباحثين المسؤولة عن ترجمة ونشر المخطوطات وتتهمهم بالاشتراك في مؤامرة يحيكها الفاتيكان لمنع نشر بعض ما ورد بنصوص قمران كما انتشرت عدة شائعات بوجود مؤامرة لإخفاء بعض محتويات مخطوطات قمران لأن محتوياتها سيكون لها تأثير سلبى على بعض المعتقدات اليهودية والمسيحية... "

ان هذا التصرف يعتبر كلاسيكيا، فهذه التصرفات كانت لتبقى مخفية لو كنا في القرون الوسطى كما ذكرنا سابقا، لكن كما قلنا سنعود ونقول مرة اخرى، لا بد للحقيقة ان تنجلي، والمسيحية ليست يهودية المصدر ولا يهودية الهوية، ولا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد باليهودية، والذي يحدث هو ما تبقى من تلك التحجرات التي على الكنيسة التخلص منها سريعا، فالمسيح هو "عمانوئيل" اي ايل معنا، وايل هو اله الكنعانيون، وهو النور الذي يضيىء كل انسان آت الى هذا العالم (كل انسان، وليس كل مسيحي فقط ولا كل يهودي مسيحي).

لقد اوردنا تلك الحادثة لنقول ان ما يحدث في هذا الموضوع (مخطوطات قمران)، هو ما يمنع النظرة الثانية للظهور الى العلن، فإذا لم تكن تلك الجماعة يهودية (وهذا هو السبب الرئيس في بقاء المخطوطات لوقت طويل في الأدراج، وتحت الحماية القصوى)، وإذا لم تكن مصرية المصدر، وهو بات واضحا كما بينا سابقا، تبقى هناك النظرة الوحيدة المتبقية، وكل المعطيات تدعمها، وهي ان مجموعة قمران، والمجموعات الكثيرة الأخرى المكتشفة حديثا والمنتشرة في المنطقة بأكملها هي فينيقية- كنعانية المصدر، وهي كنعانية اللاهوت والعبادة والآلهة، وطريقة العيش، فالمرأة الكنعانية كانت مشهورة بتحررها وبتثقيها العال، وبمرتبتها المتساوية للرجل في الكثير من الأحيان (ومنها قصة ايليسا مؤسسة مدينة قرطاج)، وهذه النظرة تحل مسألة وجود النساء المؤثر في البنية الإجتماعية في قمران، والفرق الأخرى، ويدعم قصة العذراء مريم ام يسوع، وقصة انتقاء العذارى والتجسد، ويحل المسألة الأخرى التي لا تزال عالقة، وهي وجود مكتشفات كثيرة قديمة لا تحصر في إطار النظرة التصحيحية المصرية الذي قادها موريا- ايل في القرن الخامس عشر قبل الميلاد.

قبل الدخول في العامل الآخر يجب التنبه الى معطى اساس، وهو الوجود الإجتماعي الذي اثر ثأثيرا كبيرا في اكتشافات البحر الميت، وهو وجود "التعامرة" وهم من البدو الرحل، والرعاة، ومن مقومات بقائهم الى جانب الرعي، هو الإتجار الواسع بالأثريات التي كانت منتشرة بكثرة في ذلك الزمان، وهم الذين وجدوا تلك المخطوطات في بادىء الأمر، ولجنة الآثار قد اشترت ما استطاعت منهم، واستملكت بعض الأراضي لحماية الجزء الآخر من الإكتشافات في الكهوف الأخرى، واستعمال العنف معهم للحد من سرقة المخطوطات والذي اضر بعملية استعادة اللفائف المتبقية من جهة، وإحكام السرية من قبل التعامرة في اخفاء ما بقي من اللفائف من الجهة الاخرى، مما يعرضها للتلف. ان تلك العمليات الإحترازية قد فعلت فعلتها فقد تم العثور على اربعة كهوف في وادي المربعات، ومن بينها تم العثور على اهم كشف اثري شهدته المنطقة، وهو قدّوم بيد خشبية وسيور جلدية ونصل من الصوان، يعود تاريخها الى 4000- 3000 سنة قبل الميلاد، مما يدل على ان المنطقة كانت مأهولة بالكنعانيين منذ ذلك الزمن السحيق. ان استكشاف الموقع الجديد، الذي يعرف بخربة قمران، يتكون من سلسلة مترابطة من البنايات، بها غرف صغيرة وقاعات للطعام والإجتماعات والكتابة، علاوة على قنوات للمياه وصهاريج ومغاسل وحوض كبير. وتقع في الجوار مقبرة تحتوي على اكثر من الف ومئتي قبر عندما نبش بعضها ظهرت جثتان لامرأتين وأخرى لطفل. الغريب ان الجثث كانت متوجهة للشمال والجنوب، بما يتفقان مع التقاليد الكنعانية، ويختلفان مع تقاليد الدفن اليهودية والإسلامية. من الناحية الفلكية لم يذكر احدا من المؤرخين شيئا عن انفراد الأسينيين وجماعة قمران بإتباع التقوين الشمسي خلافا للتقويم القمري المتبع عند اليهود.

ان هذا المنحى الجديد، اللايهودي، والذي يتناغم مع المحيط الكنعاني لكل الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وهذا التناغم اللاهوتي لمعتقدات تلك الطائفة بشكل خاص والطوائف الأخرى الكتشفة بشكل عام ان من حيث اسماء الآلهة وتشابه الأساطير او من حيث البنية الإجتماعية، زيادة على ذلك النتائج المذهلة والمزلزلة لمكتشفات ايبلا وأوغاريت قبل ذلك (وهو ما سنتكلم عنه لاحقا في كتابنا)، جعلت كل الإهتمامات تنصب مع الأسف لحماية البنية الدينية والعقلية القديمة، على حساب تلك الحقائق الأركيولوجية الصافية.

اذا كانت كل تلك المسلمات الجديدة الغير يهودية، والتي لا يمكن بوصفها "توراتية" لأن التوراة وكما بيّنا سابقا لم تخرج كاملة الى العلن في العام 1524، وان جماعات قمران، وكل تلك المنظومة الحضارية والدينية ليس لها اية صلة بالحضارة اليهودية، فإن تداعيات كل ذلك سيكون هائلا وجذريا في نظرتنا الى الحضارة الإنسانية.

يبقى هناك قصص الأنبياء، والذي يصار الى ذكرهم كثيرا في مخطوطات البحر الميت، فلا بد من القول ان هذه المواد لا يمكن معالجتها الا من خلال فهمنا واستيعابنا لتداعيات عدم وجود الديانة اليهودية كتسلسل اجتماعي مترابط، فلا يمكن معالجة ارميا، او آشعيا، من دون وجود فعلي للشعب اليهودي، وهو غير ممكن ان يوجد بالطريقة الموصوفة في الكتاب، فالمطالعات الكثيرة حول هذا الموضوع، والدقة التاريخية المتوخات من جانبي جعلتني اميز بين ما هو حقيقي تاريخي موجود في التوراة وما هو غير يهودي، وهذا اوصلني الى خلاصة سنعالحها مطولا في الكتاب، ان كتاب التوراة الذي كتب في نسخته الحالية في العام 1524، ما هو الا مجموعة غير متناسقة من المعطيات الصحيحة التاريخية لكن الغير يهودية، جرى التلاعب بتلك المعطيات بقصد حبكت القصة، وقد زيد عليها لإعطاء الرونق التسلسلي للقصة، غير آبهين بالحقيقة التاريخانية للمعطيات الحقيقية، فخرجت التوراة برونقها الحالي. وقد امكنني نسبة الى مصادر رصينة مثل هيرودوت وغيره من الميتولوجيات، وخصوصا ملحمة البعل وعناة، من التعرف من خلالهم على الكثير من موجودات التوراة، في إطارها الطبيعي الجميل. هذا كان طرف الخيط، وهذا المنطق قادني لاحقا الى الكثير من الأخبار والقصص التي كتبت في التوراة مشوهة وهي في اصلها بسيطة وواضحة المعالم عندما تكون في وسطها الطبيعي.

أرب جمـال 10 - 3 - 2013 08:42 PM

رد: من هم الأسينيون ؟
 
وهي ان مجموعة قمران، والمجموعات الكثيرة الأخرى المكتشفة حديثا والمنتشرة في المنطقة بأكملها هي فينيقية- كنعانية المصدر، وهي كنعانية اللاهوت والعبادة والآلهة، وطريقة العيش، فالمرأة الكنعانية كانت مشهورة بتحررها وبتثقيفها العال، وبمرتبتها المتساوية للرجل في الكثير من الأحيان (ومنها قصة ايليسا مؤسسة مدينة قرطاج)، وهذه النظرة تحل مسألة وجود النساء المؤثر في البنية الإجتماعية في قمران، والفرق الأخرى، ويدعم قصة العذراء مريم ام يسوع، وقصة انتقاء العذارى والتجسد، ويحل المسألة الأخرى التي لا تزال عالقة، وهي وجود مكتشفات كثيرة قديمة لا تحصر في إطار النظرة التصحيحية المصرية الذي قادها موريا- ايل في القرن الخامس عشر قبل الميلاد.
اميل الى هذا الرأي
قصة مخطوطات قمران التي سرقها اليهود فقط ليضيفوا كذبا الى كذبهم بأنهم من اقدم من عمروا المنطقة
شكرا ابو جمال

روح الياسمين 10 - 3 - 2013 09:00 PM

رد: من هم الأسينيون ؟
 
يسلمو على المعلومات
تحية والياسمين

جمال جرار 10 - 3 - 2013 10:03 PM

رد: من هم الأسينيون ؟
 
طرحك في منتهي الروعه والفائده


كل الشكر و التقدير لك على جهودك

ودمت بكل خير



وفاء بنت غزة 10 - 3 - 2013 11:45 PM

رد: من هم الأسينيون ؟
 
حفظتهم عن غيب من دروس الثقافه العامة للتوجيهي
مع ابنائي

اسعدني المرور بصفحتك
تحياتي

ابو فداء 11 - 3 - 2013 02:33 AM

رد: من هم الأسينيون ؟
 
سأحتفظ به لأعووووود لقرأته بتأني
مبدع أخي

أبو جمال 11 - 3 - 2013 03:53 PM

رد: من هم الأسينيون ؟
 
شكرا لكم مروركم الطيب والعطر
ومداخلاتكم القيمة

shreeata 11 - 3 - 2013 04:21 PM

رد: من هم الأسينيون ؟
 
معلومات اكثر من رائعة
سلمت الايادي
تحيات لك

أبو جمال 11 - 3 - 2013 04:26 PM

رد: من هم الأسينيون ؟
 
شكرا لك فناننا الكبير شريف مرورك الطيب والعطر

بنت الأردن 18 - 3 - 2013 01:12 AM

رد: من هم الأسينيون ؟
 
مشكور ابو جمال على طرحك والمعلومات المفيدة
تحيااتي وورودي


الساعة الآن 01:26 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى