منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   المنقول من الشعر النبطي والشعبي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=190)
-   -   الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=33487)

بلا عنوان 7 - 10 - 2014 11:55 PM

الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري
 
الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري (1-3)

تحقيق قصيدة الشيخ خالد بن حمزة
\\\\

http://www.alriyadh.com/2007/09/15/img/159045b.jpg


القصيدة كما حققها المستشرق كاثر مير

سعد الحافي
قدم ابن خلدون للقصيدة بقوله "ومن أشعار المتأخرين منهم قول خالد بن حمزة بن عمر شيخ الكعوب من أولاد أبي الليل يعاتب اقبالهم أولاد مهلهل ويجيب شاعرهم شبل بن مسكيانة بن مهلهل عن أبيات فخر عليهم فيها بقومه".
نسب الشاعر : خالد بن حمزة بن عمر بن ابي الليل بن احمد بن كعب بن علي بن يعقوب بن كعب بن احمد بن ترجم بن حميد بن يحيى بن عيلان بن عوف بن أمرئ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان.

حياته

لم نجد من حدد مولده أو وفاته، ولكن نستنتج من مشاركته في بعض الأحداث انه ولد في مطلع القرن الثامن الهجري تقريباً سنة 700ه قبلها أو بعدها بسنوات قليلة، جاء عند ابن خلدون أن (حمزة بن عمر) والد خالد هلك سنة 740ه بيد أبي عون نصر بن أبي علي بن عبد السلام وهو أيضاً من بني كعب طعنه في بعض الحروب وقام بأمرهم من بعده ابنه عمر بمظاهرة شقيقه قتيبة، ثم أن بني كعب خرجوا على السلطان أبي يحيى بعد مقتل حمزة واتهموا أن قتل أبي عون إياه إنما كان بممالأة الدولة فنازلوا تونس ،وفي شعبان سنة 743ه بعد مهلك أبي يحيى زحفوا مع ابي العباس بظواعنهم إلى تونس لحرب أخيه السلطان أبي حفص،وفي صفر من سنة 748ه يذكر ان السلطان ابو الحسن ملك تلمسان وبعد أن لحق به ابن تافركين يأتي للاستيلاء على تونس فيوفد عليه أبناء حمزة بن عمر أمراء البدو بأفريقيا ورجالات الكعوب أخاهم (خالد) يستصرخه لثأر أخيهم (أبي الهول) فأجابهم ،وقتلوا ابي حفص وملك تونس ثم إن بني كعب أغاروا بعض الأيام في ضواحي تونس فاستاقوا الظهر الذي كان في مرعاها وأظلم الجو بينهم وبين أبو الحسن وخشوا عاديته ووفد عليه أيام الفطر (خالد بن حمزة) وأخوه (أحمد) من بني كعب واعتقلهم عنده وعسكر خارج تونس لغزوا قومهم وبلغ خبرهم الحي وانطلقوا يحزبون الأحزاب فركب (قتيبة بن حمزة) وأمه ومعهم ظعائن أبنائها متذممين لأولاد مهلهل بالعصبية والقرابة فأجابوهم واجتمعوا على حرب زناته ونهض إليهم (السلطان ابو الحسن) في عساكره من تونس أيام الحج من سنة (748ه) ولقيهم بالثنية دون القيروان فغلبهم وأجفلوا أمامه إلى القيروان ثم تذامروا ورجعوا مستميتين ثاني محرم سنة (749ه) فاختل مصافه ودخل القيروان وانتهبوا معسكره بما شمل عليه وأخذوا بمخنقه إلى أن اختلفوا فأفرجوا عنه وخلص إلى تونس. ثم إن العرب أحاطوا بالقيروان واشتدوا في حصارها ودخل عليه قتيبة بن حمزة بمكانه من القيروان زعما بالطاعة فتقبله وأطلق أخويه (خالد وأحمد). ثم خرجوا على ابي الحسن واجلبوا عليه ثانية وتولى ذلك (قتيبة بن حمزة) وخالف إلى السلطان أخوه (خالد) مع أولاد مهلهل وافترق أمرهم وخرج كبيرهم (عمر بن حمزة) حاجاً ثم اضطربت نار الفتنة بين (ابي الليل قتيبة بن حمزة) وبين أخيه (خالد بن حمزة) وكاد شملهم أن يتصدع، وبينما هم يجيشون نار الحرب ويجمعون الجموع والأحزاب إذ قدم كبيرهم (عمر بن حمزة) و(أبو محمد عبدالله بن تافراكين) من حجهم فاجتمعا وتواقفا وبعد مقتل (أبو الليل قتيبة بن حمزة) ولي على أولاد أبى الليل أخوه (خالد بن حمزة) وقام بأمرهم وفي سنة (755ه) فسد ما بين (أبى محمد بن تافراكين) صاحب الأمر بتونس وبين (خالد بن حمزة كبير أولاد أبى الليل) فعدل عنه إلى (وأولاد مهلهل) واستدعاهم للمظاهرة فأقبلوا إليه وتحيز (خالد بن حمزة) للسلطان (أبى العباس) وزحفوا معه إلى تونس فنازلوها سنة (756ه).

وبعد ذلك لم يرد ذكر (خالد بن حمزة) بل نجد ان منصور بن حمزة يتولى أمارة أولاد أبي الليل وأغلب الظن أن خالد هلك بين سنة (757ه /765ه).


تحقيق القصيدة:

تعد القصيدة أنموذجا للشعر البدوي في القبائل العربية المهاجرة لشمال إفريقيا وهي من المطولات قالها مفاخراً وذكر فيها أحداثاً وأسماء لإعلام كان لها دور في عصره ،والصورة المنشورة للقصيدة مأخوذة عن ما حققه المستشرق الفرنسي كاترمير عن طبعة باريس وقد قمت بتحقيق الأبيات وتصحيح الأخطاء كما يلي:

1(نشأ) وردت في الهوامش باحتمال (يشا) واعتقد أنها تصحيف (بنا) لسلاستها ولدلالة السياق المعنوي وقد وردت في قصائد الشعراء وبكثرة ومن ذلك قول الشاعر ابن زيد من شعراء القرنين التاسع والعاشر الهجري:

يقول ابن زيدٍ قيل باني مثايل

جداد البنا للفاهمين تشوق

ويقول راشد الخلاوي من شعراء القرن الثامن ومطلع التاسع الهجري:

يقول الخلاوي الذي ما يكوده

جديد البنا من غاليات القصايد

وكذلك قول الشاعر ابن ظاهر الماجدي من شعراء القرن الثاني عشر:

يقول الفهيم الماجدي اللي بنا

بدعٍ تراه الفاهمين امثالها

(قوارع) يقال نعوذ بالله من قوارع فلان أي من قوارص لسانه،وهنا ينون آخرها (قوارعٍ) ليستقيم الوزن، (قيعان) تصحيف (قيفان)، فالشاعر يكني عن نفسه بالمصاب الذي نظم الأبيات القارعة وقد لانت معانيها لقياده وهي صعبة القياد لغيره.إذاً البيت الصحيح:

يقول وذا قول المصاب الذي بنا

قوارع قيفان يعاني صعابها

2(جاء) وردت في الهوامش باحتمالين(حلو، حاءو) ووردت في إحدى النسخ (حادي)، ونجد أن السياق المعنوي للبيت يرجح (حادي) وهنا يبرز التساؤل حادي ماذا ؟ ولا يكون (حادي المصاب) وهو الجريح بل (حادي المطايا) إذا (المصاب) تصحيف (المطايا)وهو ما يتفق مع السياق المعنوي للبيت، (الا) تنطق (إلى) بمعنى إذا، (سعا) وردت في الهوامش باحتمال (انتقا) واعتقد أنها الأرجح لاستقامة الوزن ولدلالة السياق المعنوي للبيت، حيث يوضح انه يختار من القوافي أعذبها ،فالشاعر يبين أن تلك القوافي يتغنى بها حادي الركب الذي يختار من الشعر أعذبه.إذاً البيت الصحيح:

يريح بها حادي المطايا إلى انتقا

فنونٍ من إنشاد القوافي عذابها

3(محيرة) وردت في الهوامش باحتمال (مخبرة) بإبدال الحاء بالخاء والياء بالباء، واعتقد أنها تصحيف(محبره) بالحاء بدل الخاء،فيقال حبر الشعر أي حسنه وزينه وأصله من الحبر للجمال والبهاء وقال أهل المعاني الحبر العالم الذي صناعته تحبير المعاني بحسن البيان عنها وإتقانها، (محتارة) تصحيف (مختارةٍ) بالخاء بدل الحاء وتنون ليستقيم الوزن (حدنى) وردت في إحدى النسخ (تحدي) واعتقد أنها تصحيف (تجدني) ،(الوشا) اعتقد أنها (الوشاه) جمع (واشي) أي ساعي بالنميمة وهذا ما يؤيده السياق المعنوي للبيت، (ملتها بها) أي أنها تأخذ وقته وتفكيره بها، فالشاعر ما زال يمتدح قصيدته المحسنة والمتقنة التي يختارها المغني لان الشاعر يتعب عليها وينشغل بها بعد ان ينام الوشاة كناية عن سهره عليها لإتقانها.إذاً البيت الصحيح:

امحبره مختارةٍ من نشادها

تجدني ليا نام الوشاه ملتهابها

بلا عنوان 7 - 10 - 2014 11:56 PM

رد: الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري
 
4(مغربلة) يقصد تنقيحها (غصونها) أي اشطر القصيدة و(محكمة) يقصد إحكام حبك القصيدة و(القيعان) تصحيف (القيفان) وقد وردت بهذا في الهوامش ولدلالة السياق المعنوي، (دابى) تكون بالياء (دابي) الدأب على معاودتها وتكرارها حتى القصيدة تخرج في صورتها النهائية ،فالشاعر مازال يتحدث عن قصيدته بمقدمه فخمه ممتدحها بقوة الحبك وانه يتعب عليها ويكرر النظر فيها حتى لا يكون في اشطرها استنقاص لناقد.إذاً البيت الصحيح:

مغربله عن ناقدٍ في غصونها

محكمه القيفان دابي ودابها

5(هيض يد ركادى) وردت في الهوامش (هيض تذكارى) ووردت في إحدى النسخ (هيض بتذكاري) وأرجح أن تكون (هيض تّذكاري) ويقصد هنا الدافع لزيادة إمعانه واهتمامه بنظم القصيدة، - و(هيض) كثر استخدامها في الشعر الشعبي ومن ذلك قول سلطان بن نمر القحطاني من شعراء القرن الرابع عشر:

يقول القحطاني هيضه صوت جاره

هيض على العين المشقات جارها

وقول محمد بن مسلم من شعراء القرن الرابع عشر:

أسباب ما هيض غرامي وهاجه

صبح الثلاثا والخلايق يدوجون

(بها) وردت في إحدى النسخ (لها) واعتقد انها صحيحة، (ذوى) تكون بالياء (ذوي) أي أصحاب أو أهل، (شبل) اسم الشاعر الآخر، (وهدى) هي تصحيف (وهذي) بالذال بدل الدال، فالشاعر يوجه خطابه للكرماء (ذوي الندى) ذاكرٍ سبب اهتمامه بهذه القصيدة لأنها رداً على قصيدة شبل.إذاً البيت الصحيح:

هيض تذكاري لها يا ذوي الندى

قوارعٍ من شبل وهذي جوابها

بلا عنوان 7 - 10 - 2014 11:56 PM

رد: الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري
 
الشعر البدوي في شمال أفريقيا في القرن الثامن الهجري ( 2- 3)
قصيد ابن حمزة دليل قوي على لغة القبائل العربية المهاجرة


http://www.alriyadh.com/2007/09/22/img/229099.jpg

الأبيات كما حفظها المستشرق كاترمير

نستكمل ما بدأنا من تحقيق وتصحيح قصيدة الشيخ خالد بن حمزة والتي تعد أنموذجاً للشعر البدوي في شمال افريقيا في القرن الثامن الهجري.
1- (حسا) تصحيف (جتنا) لدلالة السياق المعنوي للبيت، (جبال) تكسر الوزن وليست ملائمة للسياق المعنوي للبيت، واعتقد انها تصحيف (خيالك)، (طرائف) يقصد أبيات القصيدة، (قراح) هي (قرايح)، فالشاعر يخاطب شبل بأنه وصلتنا من بنات خيالك ابيات شعر عذبة يتلذذ بغنائها الموجعون.

اشبل جتنا من خيالك طرايف

قرايح يريح الموجعين الغنا بها

2- الكلمات في هذا البيت جميعها صحيحة، فالشاعر يخاطب شبل بأنه فخر وتطاول في قصيدته وان الشاعر لا يعدم المفاخرة ولا ينكرها عليه إلا انه قال في مجمل القصيدة ما كان سبباً في عيبها وانتقاصها.

3- (لقولك) يقصد القدح والاستنقاص، (أم الميتمين) مبالغة في صفة الكرم والنخوة والحنو على الايتام وكأنه أم لهم، وقد يكون لقب اشتهر به أحد ابناء حمزة واحسبه يعني شيخهم (عمر بن حمزة)، فالشاعر يعيب على (شبل) قدحه في (ابن حمزة) وهو حامي الحما وباني الديار بعد ان خرجت.

لقولك ف ام الميتمين بن حمزه

حامي حماها عاد باني خرابها

4- الكلمات جميعها صحيحة فالشاعر يستفهم مؤكداً ان (ابن حمزة) هو من اقام شوكتهم واعزها بعد ان وجد استكانة بني يحيى وسوء تدبيرهم.

5- (ريت) لهجة عامية بمعنى (رأيت) ومن ذلك قول خلف ابو زويد الشمري من شعراء القرن الثالث عشر:

يا مل قلب به هواجيس وهموم

هم دخل بالقلب من كثر ما ريت

و(جاء) تنطق باللهجة العامية (جا) بحذف الهمزة (القلق) أي المشاكل والحروب (اصطلابها) أي اصطلى بنار الحرب.

شهاب من اهل الامر يا شبل خارق

وهل ريت من جا للقلق واصطلابها

6- (سواها) تصحيف (سوا ما)، (اضرمت) أي اشعلت، (اثنى) يقصد (اثناء) ولكن تنطق في العامية بحذف الهمزة (اثنا)، فالشاعر يستكمل حديثه عن عمر بن حمزة واصطلائه بنار الحرب ويوضح انه بعد ان اطفأها اضرمت مرة اخرى وكان اثناء ذلك مقداماً لا يهاب.

سوا ما طفاها اضرمت بعد طفيه

واثنا طفاها جاسر لا يهابها

7- (واضرمت) أي اشعلت مخاطباً شبل، (الن) تصحيف (الين) بمعنى (الى ان)، فالشاعر يخاطب شبل بأنه اشعل نار الفتن والحرب بعد ان طفئت مرتين وقد كبرت واهتدى بها من بين (فاس) و(بيت المنا) تلك المدينتان المتباعدتان بنظر الشاعر، كناية عن عظم هذه الفتن.

واضرمت بعد الطفيتين الين صحت

لفاس الى بيت المنا يقتدابها

8- (لوالى الامر) هي (لولي الامر)، (انشحابها) تصحيف (انشخابها) بالخاء بدل من الحاء وفي اللهجة العامية انشخبت انطلقت واسترسلت (فصارا) هي (قصار)، فالشاعر يوضح ان ولي الامر قد تبين له مبدأ انطلاق نار الفتنة التي بدأت قصيرة ولكنها مخوفة اكثر لكبر وهجها.

وبان لولي الامر في ذا انشخابها

قصار وهي عن كبر الاسنا تهابها

9- البيت واضح ومتسق معناً ووزناً فالشاعر يتحدث عن السلطان أبي يحيى بأنه كان يتجنب مواجهة رجال بني كعب التي تتقي بها القبائل لقوتها ومنعتها.

10- (ومنها في العتاب) يتضح ان ابن خلدون قد اختار أبيات من القصيدة ولم يأت بالقصيدة كاملة.

(وليدا تعاتبه) وردت في مخطوطة اخرى (نعا نعانبتوا) كما وردت في بعض النسخ (وليدا تعاتبوا) واعتقد انها تصحيف (ولبد انعاتبه) أي (ولا بد انعاتبه) لدلالة السياق المعنوي ولاستقامة الوزن، (اعنى) تصحيف (اغني) وليس المقصود الغناء بذاته وانما الشعر، لدلالة السياق المعنوي للبيت، فالشاعر يبين انه لابد من معاتبة شبل ثم يتحدث عن نفسه بأنه قال شعره في من تليق به المدائح وتجتمع به كل الصفات الحميدة.

ولابد انعاتبه وانا اغني لانني

غنيت بمعلاق الثنا واعتصابها

11- (على) هي (عليّ) فالشاعر يقصد الزام نفسه بأمر ما (وما ندفع) يقصد كل ما نقدم (مبضع) آلة حادة اصغر من السكين، فالشاعر يلتزم بأنه يتحمل ما ورد في قصيدته وكل تبعات ذلك ومستعد لذلك بالسيوف التي تصل رقاب الاعداء وتنتزعها.

عليّ وما ندفع بها كل مبضع

بأسياف ننتاش العدا من رقابها

12- البيت صحيح.

13- (وزرق) أي اسنة الرماح وينون آخرها (وزرق) ليستقيم الوزن ومن ذلك قول شهوان بن ضيغم من شعراء القرن السابع الهجري:

يقول شهوان ومن راس ماله

جواد وزرقاً في ذوابة عود

(السنة) مفرده لسان و(الحناش) مفرده حنش وهو نوع من الثعابين السامة، فالشاعر يتوعد بالسيوف الرهيفة الحد والرماح التي كأنها ألسنة الثعابين عند انطلاقها.

ولا بعدها إلا رهاف وذبل

وزرق كألسنة الحناش انسلابها

14- البيت صحيح (السبايا) في العامية الخيل ومن ذلك قول محسن الهزاني من شعراء القرن الثالث عشر:

فان كان يا مكدي السبابا الى قيل

مسدي سداد الجود واكهاف هافي

فالشاعر يوسع دائرة مخاطبته لأبناء عمومتهم بني مهلهل بأنهم أي قبيلة الشاعر لا يرضون بالذل وهم شباب اقوياء بل يعاجلون الاعداء ولو بعدوا عنهم فالخيل تقرن بالمطايا التي تحمل علفها وماءها اذا طالت المسافة الفاصلة بينهم وبين الاعداء.

15- (علما) هي (عالم)، فالشاعر يؤكد ان هؤلاء الفتية يعلمون بأن الموت يتربص بهم وان الدنيا سريع تقلبها ورغم ذلك يذهبون للاعداء ويقاتلونهم.

وهي عالم بان المنايا تغيلها

بلا شك والدنيا سريع انقلابها

16- (ومنها في وصف الظعائن) دلالة اخرى على ان ابن خلدون قد اختار من هذه القصيدة ولم يوردها كاملة (لجوبات) بتنوين آخرها (لجوباتٍ) أي الاراضي الشاسعة التي لا يسكنها أحد، فهم قطعوا الصحاري الشاسعة والمهلكة التي لا يسكنها أحد غير خائفين من الاعداء وانما يفتخر بأنهم يمضون داخلها وهي الموحشة المسالك.

17- (عرائف) تطلق على الابل او الاشياء التي يتعرف عليها صاحبها، (مهاة) تصحيف (فتاة) أي الناقة الفتية ومن ذلك قول الشاعر محسن الهزاني من شعراء القرن الثالث عشر:

يا راكب من فوق مثل السفرتات

حمراً فتاة عن لقاح معفات

(محتظنها) وردت في الهامش وفي مخطوطة اخرى (محتظيها) أي حريص عليها ويحميها (ربابها) أي صاحبها، اذاً شاعرنا وكأنه يخاطب مجهول ليخبر شبل بأنه سيجد معهم ما يعرفه من الابل التي يحميها اصحابها وكأنه يكني عن اخذهم سابقاً ابل قبيلة شبل وان شبل وقبيلته لم يستطيعوا استردادها.

بلا عنوان 7 - 10 - 2014 11:57 PM

رد: الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري
 
الشعر البدوي في شمال أفريقيا في القرن الثامن الهجري ( 3- 3)
قصيدة خالد بن حمزة وثيقة تاريخية على أحداث المنطقة ولغة أهلها



سعد بن عبدالله الحافي
كنا تناولنا في عددين سابقين تحقيق وتصحيح قصيدة الشيخ خالد بن حمزة (700ه -766ه) والتي تعد أنموذجا للشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري، واليوم سنختار أبيات من القصيدة الثانية للشيخ خالد بن حمزة، بحيث نأخذ الثلاثة أبيات الأولى من مطلع القصيدة، ثم نكتفي بالأبيات الأخيرة والتي تمثل الغرض الرئيس للقصيدة، فالقصيدة من المطولات وتعتبر كسابقتها وثيقة تاريخية على أحداث جرت في تلك المنطقة وكانت قبيلة بني كعب طرفاً رئيساً فيها.
قدم لها ابن خلدون بقوله "ومن قول خالد يعاتب إخوانه في مولاة شيخ الموحدين أبي محمد بن تافراكين المستبد بتونس على سلطانها مكفوله ابي اسحق ابن السلطان ابي يحيى وذلك فيما قرب من عصرنا".

1-(قوال)تنون (قوالٍ) أي شاعر مفوه فهو يعرف بنفسه في بداية القصيدة كعادة شعراء عصره ثم يمتدح ما يقول من شعر وانه لا يقول إلا الصواب.

2- (حبر) تنون ليستقيم الوزن(حبر ) والحبر هو واسع العلم والمعرفة ومن ذلك قول راشد الخلاوي من شعراء القرن العاشر:

فاسمع رعاك الله ما شاد راشد

حبرٍ سما في كل ما زان جايل

(ذات ذهن) أي صادرة عن عقل وتمعن (هريجا) أي كثير الكلام، (ذهاب) يعني الفقد والضياع، فيوضح إن هذه المقالة ويعني القصيدة لرجل واسع العلم ومتبحر في المعرفة صادرة عن عقل واعٍ ولم يكن كثير الكلام أو في كلامه علة وفقد.

3-(تهجست) من الهاجس وهو إيحاء داخلي يجري الشعر على لسان الشاعر، (معنى قافها) وردت في بعض النسخ(معنا نابها) وهو غير مفهوم المعنى، وما ورد في النسخة محل الدراسة هو الصحيح، (هرجا) اعتقد أنها تصحيف(هرجها) بإضافة الهاء لها، (ينقاد منه) بمعنى يأتي منه(معاب)أي انتقاد أو استنقاص.فالشاعر يخبرنا انه لم يقل هذه القصيدة لغرض معين وليست مما ينتقد أو يعاب عليه قولها.

تهجّست معنى قافها لا لحاجه

ولا هرجها ينقاد منه معاب

4- (يتيه) من التيه وهو الضلال، (يصبوا)يقصد اللهو واللعب (بحسن) تصحيف (بحس) من الحس وهو الصوت، (قوانين) جمع لآلة القانون الموسيقية، (رباب) جمع ربابة وهي آلة الربابة المعروفة في وقتنا الحاضر ويكثر استخدامها عند البادية وفي هذا البيت دلالة تاريخية على أن آلة الربابة مستخدمة في ذلك الوقت وبنفس المسمى، فالشاعر يهجو (الحاجب ابي محمد بن تافركين) بعد أن استبد على السلطان أبي اسحق ويصفه بأنه سادر في غيه مع الغانيات وحفلات الغناء التي يقيمها.

يتيه اذا تاهوا ويصبو اذا صبوا

بحس قوانين وصوت رباب

5-(يضلوه)الضلال وهو الضياع، (من عدم اليقين) أي من عدم ثقته بنفسه وان كان وردت في بعض النسخ(اليمين) ولكن اعتقد أن الصحيح (اليقين)، (يطارح) يقصد مطارحة الهوى، (ما لكنه)، وقد ردت في بعض النسخ(ما كأنه) وهذه دلالة أيضا على التحريف الذي طال النسخ على أيدي نساخها وكأني بالناسخ سأل عن معنى (لكنه) فقيل (كأنه) فدونها بذلك وكلمة (لكنه)من الألفاظ العامية الدارجة ومن ذلك قول عرار بن شهوان من شعراء القرن الثامن الهجري:

سرى بارقٍ يابو ربيعه لكنه

من البعد يومي بالثياب الرهايف

(شاب) أي كبر في السن، فالشاعر يواصل انتقاده لأبي محمد وينعته بعدم ثقته بالنفس وانه إمعة لا رأي له وربما يطارح الهوى وكأنه ليس ذلك الكهل الوقور.

يضلوه من عدم اليقين وربما

يطارح حتى ما لكنه شاب

6-(حاز) هي(جاز) بالجيم بدل الحاء وتستخدم (جاز له) في اللغة العامية بكثرة بمعنى (طاب له)، والسياق المعنوي للبيت يقوي احتمال (جاز له)، (زمنا) رسمها غير مفهوم ويكسر الوزن، ووردت في بعض النسخ (زمَّه) وهي تكسر الوزن أيضا، واعتقد (زمنا) الألف تنوين (زمنٍ) ولكنها تكسر الوزن أيضا وبالتالي هي تصحيف (زمانٍ) بزيادة الألف حيث يستقيم الوزن، فالشاعر يستكمل حديثه عن أبو محمد بأنه طاب له وقته مع الغانيات وطاعتهم لأوامره وحصوله على ما لذا وطاب من الأكل والشراب.

7-(حرام) من التحريم وهي بمحل القسم، وتنطق هنا بتنوين آخرها(حرام ) ليستقيم الوزن، (يدل بخراب) بهذا الرسم غير مفهومة المعنى وتكسر الوزن واعتقد أنها تصحيف (بدل بحراب) أي يبدل الود بالحراب وهي رؤوس الرماح والسياق المعنوي يؤيد ذلك، وأيضا ورودها في إحدى النسخ(بدل بحراب)، فالشاعر يقسم على ان (بن تافراكين)لن يجد من الود السابق إلا ما وضع بدلاً منه حراب كناية عن تحول المحبة إلى عداء.

8-(عقل رجيح) أي عقل راجح، وتنطق بالتنوين(عقلٍ رجيحٍ)ليستقيم الوزن، (يلجح) تصحيف(يلجج) أي يدخل، (اليم الغريق)أي البحر الغزير، فالشاعر يتحدى ابن تافراكين إذا كان صاحب عقل راجح وذكاء ان يدخل في ذلك البحر المتلاطم غراب فينجو، فالشاعر يكني عن قومه بالبحر المتلاطم وعن(ابن تافراكين) بالغراب ويتحداه في ان يلج إلى هذا البحر الذي لن ينجو منه وسيكون مصيره الغرق.

9-(البدا)لهجة صحيحة بمعنى البدو، (مناعل) ورسمت في بعض النسخ (مفاعل) ولاشك أن كلتاهما مصحف، فالسياق المعنوي للبيت يدل على أن موقع الكلمة من الجملة يدل على معارك او غزوات، وقد أخذ مني البحث في تصحيفها وقتاً وجهداً بين القواميس ومعاجم اللغة حتى وجدتها (معاكل) بمعنى التعارك والتصارع في قصيدة للشيخ بخيت بن ماعز العتيبي من شعراء القرن الرابع عشر الهجري، ولم أجدها عند غيره وهذا أن دل فيدل على وحدة الأصل واللغة بين شعراء الجزيرة العربية وشعراء القبائل العربية في شمال أفريقيا:

وانا عليها كل يوم حاضر

يوم اللقا ومعاكل الفرساني

(الن) بمعنى(إلى أن) ولكن تنطق بإضافة الياء (الين) وهي لهجة عامية دارجة، (يبقا) هي (تبقا)، (كباب) أي منكبين على وجوههم كناية عن كثرة القتل، فالشاعر يتوعد أن البدو لابد أن تشن عليهم الغارات والمعارك الكبيرة حتى يكثر فيهم القتلى.

10- (سلاعه)لفظة عامية دارجة حتى الآن وتعنى مجموع السلع، (يحمار) هي تصحيف(بجمار)، (مقصوب) هي تصحيف (معصوب) بمعنى مربوط بشدة، (جعاب) مفرده جعبة وهي التي توضع فيها الأسهم، فالشاعر يبين ان المعارك ستشتد وكأنها سوق وبضائعه من أنفسهم وأعواد القنا التي تصدعت ثم عصبت من كثرة الضرب والقتال وكذلك الأسهم التي تمتلئ بها الجعاب.

11-(بدوما) تصحيف(ندوما)والألف تنوين(ندومٍ) من الندم، (بناب) لفظه عامية مشتقة من (نوبه) أي مرة واحدة و(بناب) يعني ولا مره تأكيدا لنفي الصحة عنه، فالشاعر يتوعد من يحاول التطاول على ملكهم بالخذلان والندم ولن تقوم له قائمة بعد ذلك.

12- (يبغوا) بالتاء بدل الياء (تبغوا) ومن ذلك قول الشيخ تركي بن حميد من القرن الثالث عشر:

لا تفرحوا يا شامتينا من العدا

ان طالت الدنيا يجيكم بدالها

فالشاعر يكني عن الأعداء بأنهم أكلة الخبز الذين أدموه بالسم.

ومما سبق نستطيع القول إننا لم نجد ذلك الاختلاف بين الشعر البدوي في شمال أفريقيا في القرن الثامن وبين الشعر البدوي في الجزيرة العربية من حيث اللغة أو التراكيب أو الوزن.فعند قراءة قصائد الشيخ خالد بن حمزة فكأنما نقرأ قصيدة لراشد الخلاوي من أهل القرن الثامن الهجري أو ابن زيد من أهل القرن التاسع في الجزيرة العربية بل تعتبر هذه النصوص دليلاً قوياً على أن القبائل العربية المهاجرة من الجزيرة العربية بقت محافظة على لغتها الشعرية والمحكية حتى القرن الثامن الهجري.

أرب جمـال 9 - 10 - 2014 08:01 PM

رد: الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري
 
#cc#يسلمو على الطرح الرائع
لا عدمنا حضورك
تحياتي لك#cc#





روح الياسمين 10 - 10 - 2014 09:26 AM

رد: الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري
 
سلمت يداك علة التعريف بهذا الشعر
تحياتي والياسمين

جمال جرار 10 - 10 - 2014 10:42 AM

رد: الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري
 
شكرا لك على الطرح
تحياتي ويعطيك العافية

ابو فداء 12 - 10 - 2014 12:49 AM

رد: الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري
 
يسلموا
تقديري بكل وقت

shreeata 12 - 10 - 2014 04:37 PM

رد: الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري
 
سلمت الايادي على الموضوع
تحيات لك

محمد عيسى موسى ابراهيم 26 - 10 - 2014 12:04 AM

رد: الشعر البدوي في شمال إفريقيا في القرن الثامن الهجري
 
يعطيك الصحة والعافية على جهودك
تحية والتقدير لك


الساعة الآن 10:36 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى