منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   صفحات من التاريخ وحضارات الأمم (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=201)
-   -   آثار وأسـرار مراكب الشمس والفراعنة (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=17254)

المُنـى 10 - 7 - 2011 12:59 AM

آثار وأسـرار مراكب الشمس والفراعنة
 
آثار وأسـرار مراكب الشمس والفراعنة

بسم الله الرحمن الرحيم

مازلنا نبحث في أسرار مراكب الشمس لنعرف وظيفتها لدي المصري القديم‏,‏ وكيف أنها كانت قوارب رمزية فقط يستعملها الإله رع ـ إله الشمس ـ في رحلة الليل والنهار‏,‏ تساعده النجوم في الإبحار والتجديف ويقوم الإله في تلك الرحلة بتنظيف العالم من الأرواح الشريرة‏,‏ وبالتالي يقدسه الشعب ويقدم له القرابين شكرا وعرفانا‏.‏(على حد تفكيرهم وزعمهم )

لكننا اليوم نقول ان هناك أنواعا أخري من المراكب عرفها المصري القديم منها‏:‏
أولا‏:‏ المراكب الدينية‏,‏ وهذا النوع من المراكب كان رمزيا يستخدم للإله فقط‏,‏ وتوضع هذه المراكب غالبا بقدس الأقداس داخل المعابد‏,‏ وكان الكهنة يحملون المركب وبداخلها تمثال الإله كي يزور المعابد الأخري‏,‏ مثل زيارة حورس لمعبد حتحور بدندرة‏,‏ أو زيارة الإله آمون لمعبد الأقصر‏.‏

ثانيا‏:‏ المراكب الجنائزية‏,‏ وهذا النوع كان يستخدم لنقل مومياء الملك لزيارة الأماكن المقدسة الخاصة بالإله أوزوريس ومنها أبيدوس في الجنوب وبوتو في الشمال‏,‏ هذا بالإضافة إلي أن هذا النوع من المراكب كان يستعمل أيضا في نقل جثمان الملك من قصره الذي يقيم فيه إلي الجبانة حيث يوجد هرمه‏.‏

ثالثا‏:‏ المراكب الدنيوية‏,‏ وكانت تستخدم في النيل لنقل الجرانيت من محاجر أسوان‏,‏ أو الألباستر من حتنوب بمصر الوسطي‏,‏ أو الحجر الجيري من طره‏,‏ أو لنقل المسلات من محاجر أسوان إلي معابد الأقصر والكرنك‏,‏ بالإضافة إلي استعمالها لنقل العمال الذين يحفرون في الصخر للعمل في بناء الأهرامات‏,‏ وهناك مراكب سافرت عبر البحار إلي جبيل‏(‏ لبنان‏)‏ لإحضار أخشاب الأرز ويسجل حجر باليرمو المراكب التي كان يرسلها الملك سنفرو أبو الملك خوفو إلي لبنان لإحضار هذه الأخشاب وهذه الأنواع من المراكب مسجلة علي معابد الدولة القديمة خاصة معبد الملك ساحورع بأبو صير‏,‏ بالإضافة إلي المراكب التي كانت تستعمل للسفر إلي الجنوب خاصة بلاد بونت لإحضار البخور والزيوت العطرية والذهب‏.‏

رابعا‏:‏ المراكب الحربية‏,‏ التي استخدمت في الدولة الحديثة والمصورة بمعابد الدولة الحديثة خاصة معبد مدينة هابو الذي يصور المعارك البحرية للملك رمسيس الثالث آخر ملوك مصر المحاربين ضد شعوب البحر‏.‏

خامسا‏:‏ المراكب التي استعملها المصري القديم للنزهة في النيل‏,‏ وهذه المراكب ممثلة بأشكال مختلفة علي المقابر‏,‏ بل إن قصة خوفو والسحرة التي تشير إلي قصة حدثت في عهد الملك سنفرو فقد خرج الملك للنزهة في مراكب داخل البحيرة الملحقة بالقصر‏,‏ ترافقه فتيات جميلات يجدفن ويتغنين بأجمل الأغاني‏,‏ وأثناء التجديف سقط قرط إحداهن‏,‏ واستطاع رئيس المرتلين بسحره أن يخلي البحيرة من الماء ليعطيها القرط‏.‏

سادسا‏:‏ أما النوع الأخير فهو المراكب الشمسية وهي أيضا مراكب رمزية‏,‏ واحدة لرحلة النهار أطلق عليها المصري القديم اسم معنجت وأخري لرحلة الليل أطلق عليها اسم مسكتت وهذا النوع كان يستعمله الإله رع فقط كي يبحر بها وتجدف له النجوم وتستعمل هنا المجاديف ذوات السنون المدببة لقتل الحيوانات والأرواح الشريرة الموجودة في العالم ليفني الشر وبالتالي يعترف بفضله الشعب ويعبده‏.‏(على حد تفكيرهم وزعمهم )

ونعود إلي حفر القوارب الموجودة بالمجموعة الجنائزية للملك خوفو حيث كانت حفرتا القوارب الشرقية التي تجاور المعبد‏,‏ مخصصتين للملك باعتبار توجيههما من الشمال علي الجنوب‏,‏ حيث إن الملك باعتباره حورس لديه القوة التي تمكنه لأن يمتد من الشمال إلي الجنوب‏.‏

وهاتان الحفرتان تختلفان تماما عن الحفر الجنوبية‏,‏ وتقعان بجوار المعبد‏,‏ حيث ترتبطان بنشاط الملك‏,‏ كما تشير المناظر الممثلة داخلهما إلي نشاطه كحورس علي الأرض‏,‏ أي انه يؤكد سيطرته الكاملة علي مصر العليا والسفلي‏(‏ الجنوب والشمال‏).‏

أما الحفرة الثالثة التي تأخذ شكل مركب وتقع شمال الطريق الصاعد‏,‏ فأعتقد أنها مركز رمزية خصصت للإلهة حتحور كما هو ثابت ومكتوب في بردية أبو صير‏.‏

أما الحفرتان الجنوبيتان اللتان عثر داخلهما علي الأخشاب‏,‏ فقد ثبت من المناقشة السابقة أنهما ليستا جنائزيتين بل هما مركبان شمسيان‏.‏

وتشير متون الأهرام إلي أن الإله رع‏(‏ خوفو‏)‏ يمتلك قاربين استخدمهما في تنقلاته شرقا وغربا‏.‏

وهنا تشرق الشمس وتدور حول الأرض في قاربين من الشرق إلي الغرب ومن الغرب إلي الشرق وينتقل من قارب إلي آخر عند شروق الشمس وغروبها‏.‏

وكانت الشمس تبحر غربا فوق سطح الأرض‏,‏ وشرقا تحت سطح الأرض وقد تم توجيه القارب الليلي مسكتت‏(msktt)‏ نحو الشرق‏,‏ والنهاري نحو الغرب معنجت‏(m,ndt)‏ وقد أثبتت الدراسات أن القارب المكتشف يمثل قارب النهار خاصة لأنه موجه غربا‏,‏ أما القارب الآخر والموجود داخل الحفرة الأخري فهو خاص بالليل ومقدمته تتجه شرقا‏.‏

ويمكن التوصل إلي دليل من هذا الافتراض‏,‏ والذي وجد في تصميم الحفرتين الجنوبيتين ويفصل بينهما جدار من الصخر وموجود علي المحور الشمالي الجنوبي من الهرم‏.‏

وسوف نجد أن الفتحة الجنوبية الموجودة داخل حجرة الدفن لهرم خوفو والتي يطلق عليها خطأ فتحة التهوية تقع مباشرة علي المحور الذي يفصل بين المركبين وهما مركب النهار ومركب الليل ويقوم الملك خوفو في شكل الإله رع بالخروج رمزيا من هذه الفتحة كي يستقل المركب طبقا للرحلات التي سوف يقوم بها‏.‏

وقد أكدت بردية أبو صير التي عثر عليها داخل معبد الملك نفر ـ إير ـ كارع من الأسرة الخامسة أن وجود الأخشاب داخل فتحة المركب مهمة جدا لأن الملك سوف يستقله بعد أن يتم تجميعه‏,‏ ولذلك كان لابد من وجود هذه الأخشاب‏,‏ وقد أثبت زكي إسكندر أن مركب خوفو قد صنع بجوار الحفرة ثم تم فكه كي يوضع داخلها‏.‏

ومن المعروف بالنسبة لهم أن الإله رع سوف يستقل هذا المركب وسينقله في رحلة الليل والنهار‏,‏ وسوف تقوم النجوم بالتجديف للإله وعندما يقابل الإله أي حيوان شرير أثناء رحلته فكان يتخلص منه عن طريق المجاديف المدببة‏,‏ لأن واجب هذا الإله هو تطهير العالم من الشر‏,‏ والأرواح الشريرة‏,‏ وبالتالي يقدر شعبه ذلك المجهود والفضل الذي صنعه من أجلهم‏,‏ فيعبدونه كإله أعظم‏.‏

وقد احتار العلماء في تفسير وظيفة مركب الملك خوفو نظرا لأنهم يدرسون المركب كأثر قائم بذاته من الناحية الدينية فقط حيث إنه من الخطأ أن تتم دراسة أي عنصر معماري‏,‏ أو قطعة أثرية في أي موقع دون دراسة ما حولها من آثارومعابد وأهرامات ومناظر ممثلة بالمعبد والتماثيل وغيرها‏,‏ وهذا ما قمنا به‏,‏ حيث لم ننظر في هذه الدراسة إلي المركب كوحدة مستقلة بذاتها عن باقي عناصر المجموعة الهرمية‏,‏ بل فسرنا جميع عناصر المجموعة ككل من خلال وحدة واحدة‏,‏ لذلك استطعنا أن نصل إلي هذه النتائج‏.‏

ولكن يجدر بنا الإشارة إلي أن المجموعة الهرمية كانت مخصصة لعبادة الثالوث المكون من الإله رع إله الشمس‏,‏ حورس ثم حتحور التي عبدت في منف وكانت تجلس تحت شجرة الجميز لذلك عرفت باسم‏(‏ سيدة شجرة الجميز‏),‏ وهناك أدلة لعبادتها في جبانة الجيزة‏.‏

وسوف نجد أن كل إله منهم كان يعبد في مكان معين داخل المجموعة الهرمية‏,‏ وأيضا سوف نجد ارتباط المراكب الخمسة بهذا الثالوث‏,‏ وفي نفس الوقت لابد أن نعرف أنه خلال الأسرة الرابعة ظهر فكر ديني جديد لم نعرفه من قبل‏,‏ حيث قام الملك خوفو بطرد كهنة هليوبوليس وأصبح هو نفسه الإله رع أثناء حياته‏,‏ لذلك فإن المركبين الموجودين شمال وجنوب المعبد الجنائزي‏,‏ هما مركبان خاصان بالملك خوفوكحورس كي يبسط نفوذه وقوته علي جنوب مصر‏.‏

أما المراكب الواقعة علي جنوب مصر‏,‏ والمراكب الجنوبية هي مراكب رمزية خاصة بالشمس أثناء رحلة النهار ورحلة الليل‏.‏

أما المركب الخامس فكان خاصا بالإلهة حتحور التي هي‏(‏ عين رع‏,‏ وزوجة الملك الحي حورس وهي في نفس الوقت أم الملك القادم‏.‏

هذه هي حقيقة المركب‏..‏ بالعلم‏,‏ والمنطق‏,‏ والأدلة هي مراكب شمس‏,‏ إلا أن بعض العلماء ذكروا أنها مراكب جنائزية بدون أدلة موضوعية سليمة‏,‏ وقد كان كمال الملاخ مصيبا وذلك علي الرغم من أنه لم ينشر أدلة علمية تدعم رأيه حين أطلق عليها‏(‏مركب شمس‏)‏ بعد كشفه لها في‏25‏ مايو‏.1954‏

وقد استطاع الراحل الحاج أحمد يوسف عبقري الترميم أن يعزف أجمل الألحان بيديه الذهبيتين ليعيد المركب إلي حالته الأولي‏.‏ ويضيف إلي مقتنياتنا الأثرية قطعة جديدة رائعة‏.‏



بقلم‏:‏ د‏.‏ زاهي حواس

يتبع >>

المُنـى 10 - 7 - 2011 01:00 AM

الهواة لايدخلون الهرم الأكبر‏!‏
بقلم : د‏.‏ زاهي حواس



‏*‏ سوف يظل هرم الملك خوفو بمنطقة الجيزة مادة خصبة للجدل والاثارة والخيال‏,‏ وأصبح حلم المغامرين والهواة بل وبعض المتخرصين الكشف عن حجرات سرية ومزامير داود وأدلة لقارة أطلانتس‏.‏

وهرم الملك خوفو يرجع تاريخه إلي نحو‏4500‏ سنة‏,‏ وهو أضخم وأشهر الأهرامات المصرية علي الإطلاق والتي يبلغ عددها الآن حوالي‏118‏ هرما‏,‏ وتنسب جميعها إلي ملوك وملكات مصر علي مر العصور بداية من عصر الأسرة الثالثة وحتي نهاية الدولة الوسطي‏.‏

وتأتي روعة وابداع هرم الملك خوفو في تمكن المهندس المصري القديم حم أيونو ابن عم الملك خوفو من جعل زاوية بنائه‏52‏ و‏51‏ كما استطاع ان يجعل واجهاته الأربع تواجه الجهات الأصلية تماما‏,‏ كما أنه وصل بارتفاعه إلي نحو‏146‏ م‏,‏ وقد استغرق بناء هذا الهرم نحو‏32‏ عاما وليس‏23‏ عاما‏,‏ كما كان يعتقد البعض من قبل‏.‏ بل إن عدد احجاره لاتزيد علي مليون حجر وليس‏2,300,000‏ حجر‏.‏

واستطعنا ان نصل إلي كشف العديد من الأسرار الخاصة بهرم الملك خوفو في السنوات العشر الماضية‏.‏ فتمكنا من تحديد ان قاعدته عبارة عن‏9‏ م من الصخر الطبيعي للهضبة‏.‏ وفي عام‏1993‏ م كشفنا داخله عن باب ذي مقبضين من النحاس داخل الفتحة الجنوبية الموجودة في الحجرة الثانية التي اطلق عليها العرب خطأ اسم حجرة الملكة‏,‏ وعثر الإنسان الآلي خلف هذا الباب من خلال فتحة لايزيد قطرها عن‏20*20‏ سم وبعمق نحو‏60‏ م علي سدة أخري‏.‏ واستطعنا منذ عامين ان نثبت للجميع ان هذا الباب لايوجد وراءه مزاميز داود كما كان يدعي البعض أو أسرار القارة المفقودة‏(‏ أطلانتس‏)‏ بل ان هذا الهرم هو خلاصة ابداع وفكر المهندس المصري القديم‏.‏

وكمتخصص في هذا العصر اعتبر الباب الذي عثر عليه داخل الهرم من أهم الاكتشافات الأثرية التي تمت داخل الهرم الأكبر بعد ان دخله العرب في القرن التاسع الميلادي‏.‏ وللأسف الشديد يخالف رأيي هذا اراء الكثيرين الذين كانوا يريدون العثور علي كنز من الذهب وراءه‏,‏ وهنا أود أن اشير الي ان كشف هذا الباب بالنسبة للعلماء الجادين أهم من كشف الكنوز الذهبية‏.‏ أما المفاجأة الثانية فقد بحثنا داخل الفتحة الشمالية التي كنا نعتقد انها مغلقة علي بعد‏20‏ م ولكن وجدنا ان الممر لاينتهي عند هذا الحد بل يستمر وينحني يمينا ويسارا إلي مسافة‏8‏ م‏,‏ ويستمر بعد ذلك في اتجاه مستقيم لنري علي بعد‏60‏ م بابا آخر ذا مقبضين من النحاس مثل الموجود في نهاية الفتحة الجنوبية‏,‏ هذه هي آخر أسرار الهرم الأكبر‏.‏

والسبب في تلك المقدمة عن هرم الملك خوفو أنه نشر الأسبوع الماضي في الصفحات الأولي بالجرائد الفرنسية خبر عن كشف مهندسين فرنسيين عن حجرة سرية داخل الهرم‏.‏ وان القائمين علي العمل الأثري في مصر منعوهم من الكشف عن هذه الحجرة السرية‏!!‏
أما القضية الحقيقية الخاصة بهذا الموضوع فترجع إلي‏1986‏ عندما سمحت هيئة الآثار المصرية في ذلك الوقت لهواة وهما المهندسان الفرنسيان بالعبث داخل الهرم‏,‏ حيث قاما بعمل ثقوب في الجدار الأيمن الذي يؤدي إلي الحجرة الثانية داخل الهرم‏.‏ وأعلنا وقتها في كل مكان أنهما واثقان من الكشف عن حجرة سرية‏,‏ الا أنهما لم يكشفا أي شيء وعلي الرغم من ذلك قاما بعمل دعاية إعلانية في كل مكان ونشرت لهما صور بالصحف والمجلات العالمية بعنوان إحنا إللي خرمنا الهرم بل وقاما بعمل دعاية لذلك بان روجا بعض الملابس المكتوب عليها اسم خوفو وباعاها في كل مكان وكان المستشار الثقافي الفرنسي في ذلك الوقت معترضا علي التصريح لهذين الهاويين بالعبث داخل الهرم‏.‏ ومن المعروف ان قانون الآثار رقم‏117‏ لسنة‏1983‏ يسمح للعلماء والباحثين التابعين للمؤسسات العلمية فقط بالعمل الأثري داخل مصر‏.‏ ومن ضمن التجاوزات التي حدثت وقتها أن تم السماح لبعثة من النساء الأمريكيات بالعمل في معبد الكرنك وبعثة أخري لسيدة يونانية للبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر بسيوة‏,‏ وهاو آخر فرنسي بعمل ثقب في الهرم الأكبر‏.‏

ومنذ عامين تم تفعيل قانون الآثار‏,‏ كما تم تنظيم البعثات الأجنبية بحيث يسمح فقط للعلماء والباحثين التابعين للمتاحف والجامعات بالعمل في الآثار المصرية‏,‏ وعليه فقد وجدنا انه يوجد أكثر من‏90‏ بعثة أجنبية تعمل في مصر ولاينطبق عليها قانون الآثار‏,‏ ولأول مرة في مجال العمل الأثري يتم تنظيم البعثات في مصر بحيث تعمل لمصلحة مصر وليس لمصلحة الأفراد‏.‏

ومنذ خمسة أعوام جاء المهندسان الفرنسيان مرة أخري إلي مصر ولديهما نفس الفكرة وهي أن هناك حجرة سرية موجودة أسفل الحجرة الثانية داخل هرم الملك خوفو ووضعوا بعض الأدلة علي ذلك وكان لابد للكشف عن هذه الحجرة من عمل ثقب في منتصفها للبحث عن الحجرة المزعومة‏!!‏ وكنتيجة طبيعية لما بدر منهما من قبل ولكونهما غير أثريين رفضت الفكرة تماما‏.‏ وكنت علي علم بأن هؤلاء الهواة لهم اتصالات ببعض الأثريين المغمورين الباحثين عن الشهرة حيث استغلا هذا الموضوع للاثارة غير الشريفة‏.‏ لذلك فقد دخلت معهما الهرم منذ خمس سنوات وقاما بشرح الفكرة لي‏,‏ وعلي الفور أيقنت أنها مجرد نظرية قد تقبل الصواب والخطأ وهنا يجب ان أوضح نقطة مهمة تكاد تكون غائبة عن ذهن الكثيرين منا وهي أن الآثار المصرية القديمة تخصص غاية في الدقة‏,‏ أي بمعني أنه من غير المقبول لأي عالم متخصص مثلا في اللغة المصرية القديمة أو في احد فروع علم المصريات غير الآثار ان يتحدث عن الآثار‏,‏ والعكس تماما بل والمتخصصون في آثار الدولة الحديثة مايجب ألا يخوضوا في مجادلات غير ذي فائدة عن آثار الدولة القديمة‏.‏ ورغم ذلك قمت بعرض الفكرة علي راينر شتادلمان ومارك لينر وهما عالمان متخصصان في عصر الأهرامات‏.‏ ونعتبر نحن الثلاثة من المتخصصين في هذه الفترة بل إن رسالتي للدكتوراه كانت عن المجموعات الهرمية لكل من خوفو وخفرع ومنكاورع بمنطقة الجيزة‏,‏ وقام شتادلمان ولينر برفض الفكرة تماما‏.‏

وبناء علي هذه النتيجة قلت لهما اننا لايمكن ان نصرح لكما لأنكما غير متخصصين ولاتتبعان مؤسسة علمية‏,‏ هذا بالاضافة إلي أننا لايمكن ان نسمح بثقب الهرم لمجرد اثبات فكرة وهمية ولم تنته القصة عند هذا الحد فمنذ عام ونصف عام تقريبا تقدم نيقولا جريمال المدير السابق للمعهد الفرنسي للآثار بطلب كي يرأس هذه البعثة‏,‏ ومن المعروف ان جريمال من المتخصصين في تاريخ مصر القديم وليس له صلة بعمل الأهرامات بل ولم ينشر مقالا واحدا عن الهرم‏,‏ وقد عاش في مصر مدة طويلة وللأسف لم يستطع ان يدخل قلوب المصريين نظرا لعدم تواضعه ولتدخله في سياسة الآثار بصفة مستمرة عكس علماء الآثار الفرنسيين الذين يقدمون لمصر خدمات في أعمال الكشف والترميم فلهم منا جميعا كل تقدير واحترام‏,‏ وتم عرض هذا الموضوع علي اللجنة الدائمة للآثار المصرية والتي رفضت عمل المهندسين الفرنسيين بقيادة جريمال داخل الهرم‏.‏

وصدر لهم الأسبوع الماضي كتاب بعنوان الحجرة السرية داخل هرم خوفو واعلنوا في الصحف انهم عثروا علي الحجرة وايدهم للأسف جريمال وأثري فرنسي آخر يدعي كارتوجاني وهو يعمل في دير المدينة بالأقصر‏,‏ وعلي الفور قام الكثير من العلماء الاجلاء أمثال يويوت وآدم وآخرين بشن هجوم عنيف علي جريمال وفريقه‏,‏ وصرحوا بأن هذا الموضوع ما هو إلا نظرية بل وتحدثوا عن الجريمة التي قاموا بها في عام‏1986‏ ومرت دون عقاب‏.‏

وبخبرتي في مجال العمل الأثري تمكنت من معرفة الهدف الرئيسي من الهجوم علينا نحن المصريين فصدور هذا الكتاب الجديد والزوبعة والاثارة التي تدور حوله يقصد بها الترويج للكتاب‏,‏ هذا بالاضافة إلي أن المؤتمر التاسع للآثار المصرية الذي عقد بمدينة جرينوبل مسقط رأس الفرنسي شامبليون الذي فك رموز الكتابة الهيروغليفية كان مسرح الإعلان عن هذا الكشف‏,‏ولا أعرف أين هذا الكشف؟ وأين الحجرة السرية التي يتحدثون عنها‏.‏

إننا لانسمح لاحد بان يتخذ من هرم الملك خوفو وسيلة للشهرة بل وان آثار مصر ليست مباحة للهواة والباحثين عن الشهرة من الاجانب هذا في الوقت الذي أعلنا فيه خلال مؤتمر صحفي بالقاهرة ان الهجوم الذي تعرضنا له من هؤلاء الهواة وبعض علماء الآثار الفرنسيين لن يؤثر علي العلاقات القوية بيننا وبين العلماء الفرنسيين الذين قدموا لمصر ولآثار مصر أعمالا جليلة‏,‏ وذلك بالاضافة إلي أن هناك قانونا ينظم عمل البعثات لابد ان يحترمه الجميع‏.‏

ودائما ما أقول إن هرم خوفو مازال يثير الخيال حيث يعتقد البعض ان هناك أسرارا لم تكتشف بعد ورغم ذلك فإن الهرم يبيح ببعض هذه الأسرار ليثبت للعالم عظمة المصريين القدماء‏,‏

يتبع >>

المُنـى 10 - 7 - 2011 01:01 AM

من قتل توت عنخ آمون ؟
بقلم‏:‏ د‏.‏زاهي حواس


حتي اليوم‏..‏ مازال الملك الطفل الفرعون توت عنخ آمون يثير الخيال بسحره وذهبه وكنوزه التي بهرت العالم كله‏,‏ إن كل من زار هذا المعرض الخاص بهذا الملك والذي طاف كلا من أمريكا وأوروبا واليابان لايستطيع أن ينسي تلك اللحظة التي شاهد فيها روائع المقبرة التي عثر عليها في‏4‏ نوفمبر‏1922..‏ لعنة الفراعنة‏..‏ طرد كارتر من مصر‏..‏ موت اللورد كارنافون‏.‏ قصص مثيرة سوف تظل في ذاكرة العلماء والمهتمين بالآثار بل والعامة‏.‏ ولكن موضوع دراسة وصيانة مومياء توت عنخ آمون قوبل بالرفض من مرشد سياحي وأثري مازال في بداية حياته العلمية وللأسف يعلو دائما صوت الرفض علي صوت العلم‏,‏ وللأسف أيضا هناك أشياء علمية عظيمة دائما ترفض من غير المتخصصين لأن أصواتهم هي الأعلي‏.‏
وهنا أود أن أستعرض قصة ترميم وفحص المومياء‏,‏ وأيضا أعرض الحقائق الخاصة بتاريخ المومياء منذ اكتشافها وحتي الآن‏,‏ حتي لا ندع الفرصة للبعض كي ينسج قصصا وروايات غير علمية‏.‏

فقد تقدم الدكتور صالح بدير عميد كلية طب قصر العيني السابق والمسئول عن الاشراف علي المومياوات بالمجلس الأعلي للآثار‏,‏ وهو أيضا عضو باللجنة الدائمة للآثار المصرية التي قدم لها مذكرة علمية أشار فيها إلي ضرورة أن تتم العناية بمومياء الملك كما يجب أن يتم ترميمها‏,‏ وأبدي الدكتور صالح الأسباب العلمية لذلك‏,‏ بل وطلب نقل المومياء إلي المتحف المصري‏.‏ ووافق جميع أعضاء اللجنة الدائمة بدون استثناء علي هذه المذكرة واستصدروا قرارا بذلك‏.‏

وللحقيقة فأنا من المعارضين دائما لنقل المومياوات من مقابرها‏,‏ والدليل علي ذلك أنني تركت المومياوات الذهبية المكتشفة بمنطقة الواحات البحرية داخل مقابرها دون نقلها إلي أي مكان آخر‏,‏ بل ولدي حلم أتمني أن يتحقق في يوم من الأيام وهو نقل مومياوات الفراعنة إلي مقابرها مرة أخري‏,‏ وقد صرحت بذلك في أحاديث صحفية وكذلك بمقالات علمية‏.‏

وقد تم اعلان هذا الموضوع من خلال مؤتمر صحفي عقد بمدينة بون بألمانيا ـ وليس من خلال بيان صحفي ـ وذلك علي هامش افتتاح معرض توت عنخ آمون هناك‏,‏ وللأسف الشديد نشر خطأ بأننا سوف نقوم باجراء اختبارات‏DNA‏ علي المومياء‏,‏ وهي معلومات غير صحيحة بالمرة لأن موقفي واضح جدا حول اختبارات‏DNA‏ بالنسبة للمومياوات التي لم تتقدم علميا حتي الآن‏,‏ وذلك لأن نسبة الخطأ في هذه الدراسة تصل إلي نحو‏40%‏ ولن تتم هذه التجربة إطلاقا علي أي مومياء داخل مصر‏.‏ إلا أن حقيقة الدراسة التي سوف تتم علي مومياء الملك توت عنخ آمون تشمل إجراء فحص بالأشعة المقطعية‏(CT-Scan)‏ وذلك لمعرفة إذا كانت هناك أمراض تعرض لها الملك‏,‏ وكذلك معرفة الأسباب التي أدت إلي وفاة الملك الصغير توت عنخ آمون‏.‏

وأحد الأسباب التي دعت إلي إجراء هذه الدراسة تلك الخرافات التي تدور حول الملك‏,‏ فقد ظهر أخيرا فيلم تليفزيوني علق عليه‏BobBrier‏ بعنوان من قتل توت عنخ آمون‏,‏ وهم يشيرون فيه إلي أن الملك مات مقتولا‏,‏ كما يحاولون البحث عن قتلة الملك الصغير‏.‏ كما أن هناك فريقا آخر يشير إلي أن وفاة الملك كانت طبيعية‏,‏ لذلك وجدنا أن هذه الدراسة قد تحدد السبب الحقيقي لوفاة الملك وهو الذي من شأنه أن يوقف تلك الادعاءات‏,‏ وسوف تلقي الدراسة المزيد من الضوء حول فترة من أهم الفترات في التاريخ المصري وهي فترة العمارنة ومافيها من أحداث مازالت مبهمة للعلماء حتي الآن‏.‏

وعندما اعترض بهاء أبوالحمد عضو مجلس الشعب عن دائرة الأقصر علي نقل المومياء من الأقصر إلي القاهرة‏,‏ احترمنا وجهة نظر أهالي مدينة الأقصر وقررنا عمل كل الدراسات داخل المقبرة بوادي الملوك بفريق مصري وعدم نقل المومياء إلي القاهرة‏,‏ كما تم عرض هذا الأمر علي اللجنة الدائمة صاحبة الاختصاص والتي استصدرت قرارا بالموافقة علي ذلك‏.‏

وهنا يجب أن نوضح حقيقة أخري‏,‏ وهي أن القراءات العلمية التي سوف تتم علي أي مومياء فرعونية سوف يقوم بدراستها فقط المتخصصون في قراءة الأشعة‏,‏ حتي لانسمح بأي تكهنات أو تخيلات غير علمية‏.‏ وبعدها يقوم بالتفسير علماء المصريات‏.‏

أما تاريخ دراسة المومياء فقد بدأ في‏11‏ نوفمبر‏1925‏ بعد اكتشاف المقبرة بنحو ثلاثة أعوام‏,‏ حيث قام كارتر بدراسة المومياء بالاشتراك مع‏D.E.Derry‏ ديري المتخصص في مجال دراسة المومياوات وصالح بك حمدي من جامعة الاسكندرية‏,‏ وقد اتضح لهم أن المحنطين قد صبوا الراتنج والزيوت علي جسد الملك كله في أثناء عملية التحنيط واللف بالكتان‏.‏ وهو ما أدي إلي التصاق القناع الذهبي بالرأس‏,‏ وكذلك الجسد بالتابوت‏.‏ ثم قاموا بعد ذلك بوضع المومياء في الشمس بأمل أن تذيب حرارتها الزيوت والمواد اللزجة إلا أن محاولتهم لم تفلح في ذلك‏.‏
وبعدها قاموا بنقل المومياء إلي الممر الخاص بمقبرة الملك سيتي الثاني بوادي الملوك والمعروفة باسم‏KV15‏ لإجراء اختبارات أخري من أجل دراسة أكثر وضوحا للمومياء‏,‏ والتي وجدوا خلالها أن الكفن الكتاني الموجود علي المومياء كان سريع التحلل‏,‏ وهو مطلي بطبقة من شمع البارافين‏,‏ فما كان منهم إلا أن مزقوه بواسطة سكين الي قطع كبيرة‏,‏ كما قاموا بازالة الأغلفة الخارجية الفاسدة‏.‏ واتضح لهم أيضا أن الأغلفة الداخلية كانت صغيرة‏,‏ وذلك من أجل تماسك اللفائف الكتانية‏.‏

وطبقا لما قاله العالم الكيميائي لوكس‏:‏ إن بعض حالات الاهتياج تكون تدريجية وتلقائية بحيث إنه في الغالب تقوم الفطريات المتنامية بالقيام بدور عليه لذلك فقد تم اختبار المومياء داخل التابوت‏.‏

وفي أثناء دراستهم للمومياء وجدوا أن الملك توت عنخ آمون كان يرتدي صنادل ذهبية وأغطية لأصابع اليدين والقدمين‏,‏ كما وجدوا أكثر من مائة قطعة أثرية قد وضعت مع الملك في طبقات مختلفة داخل المومياء‏.‏

وبعد أن انتهي فريق العمل المصاحب لهيوارد كارتر من تمزيق الأربطة الكتانية للمومياء‏,‏ تمكنوا أخيرا من إخراجها من التابوت وذلك باستخدام سكاكين ساخنة‏,‏ والتي تمكنوا عن طريقها من نزع القناع الذهبي عن الوجه‏,‏ كما فصلوا الرأس عن الجسد وكذلك فصلوا عظمة الحوض عن الجذع‏,‏ بل وفصلوا أيضا الذراعين والساقين وقاموا بنزع الأيدي والأقدام‏.‏ وقد تم اكتشاف كل هذا من خلال فحص المومياء بأشعة‏X‏ عام‏1968,‏ لأن كارتر لم ينشر ذلك علميا‏.‏ وقد اتضح لهم أيضا أن قضيب الملك كان ظاهرا بوضع منتصب‏,‏ إلا أنهم لم يستطيعوا الاستدلال إن كان الملك قد ختن أم لا‏,‏ كما ظهر أيضا وجود إصابات نتيجة للتحنيط عند منطقة السرة وحتي عظمة مفصل الساق الأيسر‏,‏ أما الذراعان فهما مثنيتان عند الكوع متقاطعتان عند الخصر‏,‏ وأن الذراع اليسري فوق اليمني‏,‏ والرأس حليق ومغطي بغطاء سميك أبيض ثم بقبعة مليئة بالخرز وخراطيش آتون‏.‏ وقد استطاع ديري من خلال دراسته للمومياء أن يحدد عمر الملك عن الوفاة كان مابين‏18‏ ـ‏22‏ عاما‏,‏ ولاحظ أيضا أن شكل الجمجمة مشابه لجماجم مومياوات المقبرة رقم‏KV55‏ بوادي الملوك‏.‏

وقام فريق العمل بعد ذلك باعادة المومياء إلي المقبرة في أكتوبر عام‏1926‏ م‏,‏ واصبحت المومياء عارية حيث قاموا بوضعها علي الرمال من أجل إخفاء الاصابات الحديثة‏,‏ كما تمت إعادة تركيب الأقدام والأيدي في الكاحل والرسغ بواسطة الراتنج‏,‏ ثم تم دفنه بعناية ووضعت المومياء مرة أخري في التابوت الخارجي‏,‏ ومن ثم في التابوت الحجري كما تم وضع طبقة زجاجية أعلي غطاء التابوت‏.‏

وفي عام‏1968‏ قام ر‏.‏ج هاريسون‏R.G.Harricon‏ استاذ علم التشريح بجامعة ليفربول بتحليل ودراسة المومياء بأشعة إكس‏,‏ وذلك بعد أن رفع الغطاء الزجاجي وفتح التابوت‏,‏ وقد شاهد هذه التجربة مجموعة من السائحين كانوا في زيارة المقبرة‏.‏ واكتشف هاريسون أن المومياء مفككة إلي قطع وأن عملية إعادة دفن المومياء قد تمت بطريقة سيئة‏,‏ وأرجع ذلك إلي سببين وهما‏,‏ إما أن يكون كارتر نفسه قد دفنها دون حرص‏,‏ أو شخص آخر قام بذلك بعد كارتر‏.‏

واتضح أيضا أن الجمجمة كانت خالية تماما عدا تراكمات بسيطة من مواد داكنة وهي غالبا من الراتنج المتحجر‏,‏ بالإضافة إلي جزء من عظمة‏.‏ وقد استند هاريسون علي تلك الدراسة ليؤكد أن الملك توت عنخ آخون مات مقتولا بضربه علي رأسه‏.‏ كما اكتشف أيضا أن القفص الصدري وأجزاء من عظام مقدمة الصدر مفقودة وذلك طبقا لتقرير‏NicholasReeves‏ مؤلف كتاب توت عنخ آمون‏.‏

وقد حدث هذا بناء علي دلائل أثرية قبل أو في أثناء التحنيط مما يدل علي أنها ليست إصابة حديثة واقترح ريفز أن فقد تلك الأجزاء قد حدث في أثناء نقلهم للأحشاء والتي استبدلت بقطع من القماش‏.‏ أما فوربس‏Forbes‏ فقد اقترح أن الملك اصيب في حادث بعجلته الحربية والذي تسبب في كسر مقدمة قفصه الصدري‏,‏ وقد ظهر أيضا إصابة في الفك الأيسر وعولجت علاجا جزئيا طبقا لرأي فوربس الذي قال‏:‏ أريد أن أتعقب ذلك قبل الإدلاء بأي رأي‏,‏ مالم يكن الملك قد ضرب عن عمد من أي أحد آخر‏,‏ وقد حصل علي صورة للرأس تجعله يقول إن ذلك قد حدث قبل الوفاة‏.‏ وقد اقترح أن الاصابة من حادث العجلة الحربية قد أخذت وقتا كي تلتئم في أثناء احتضار الملك‏.‏ أما القضيب الذي ظهر في صورة بارتون‏Barton‏ فقد أصبح مفقودا الآن‏,‏ وتم الاتفاق علي أن سن الوفاة مابين‏18‏ ـ‏22‏ عاما‏,‏ وتم دفن المومياء للمرة الثانية‏.‏

وفي عام‏1978‏ تم اخراج المومياء مرة أخري عن طريق فريق أمريكي من جامعة ميتشجان‏,‏ برئاسة استاذ تقويم الأسنان جيمس هاريس‏JomesNarris‏ والذي فحص المومياء مرة أخري بأشعة إكس‏,‏ وقال‏:‏ إن الصور التي التقطت في أثناء العمل خلال هذا اليوم‏,‏ ويحضور فريق من المصريين توضح ان عيني الملك قد فقئتا وأن الأذن اليمني مفقودة ولم تنشر هذه الدراسة علي عكس الدراسة الأولي التي نشرت كاملة‏.‏ وقد أشار هاريس أيضا إلي أن نتائج تحليل الدم الذي تم عن طريق أخذ عينة من العظام‏,‏ قد أوضحت أن فصيلة دم الملك هي‏A2‏ بواسطة مصل الدم‏MN.‏

وفي عام‏1972‏ نشر طبيب الأسنان البريطاني فليس ليك‏FilceLeek‏ البقايا الآدمية من مقبرة توت عنخ آمون‏,‏ وكان ليك عضوا في فريق جامعة ميتشجان‏,‏ وقد حدد عمر الوفاة مابين‏16‏ ـ‏17‏ ـ عاما بناء علي حالة الأسنان‏.‏

وقد استطعنا الحصول علي أشعة إكس التي أجريت عام‏1968‏ من انجلترا وهي موجودة الآن لدي المجلس الأعلي للآثار‏,‏ وتوضح هذه الدراسة أن المومياء في حاجة إلي ترميم‏,‏ كما تبين أن الدراسات التي تمت باستخدام أشعة إكس لم توضح لنا أي معلومة علمية عن سن الملك عن وفاته أو سبب الوفاة‏.‏ وقد أشار العديد من العلماء إلي أن المومياء ليست في الوضع الصحيح والمناسب لما أراده لها المصريون القدماء‏,‏ لذلك كان يجب علينا التحرك لانقاذ المومياء وإجراء الدراسات التي من شأنها أن تفيد العلم والعلماء‏.‏ هذه هي الحقائق العلمية الخاصة بوضع مومياء الملك توت عنخ آمون‏.‏


يتبع>>

المُنـى 10 - 7 - 2011 01:02 AM

وجها لوجه مع توت عنخ آمون‏!‏
بقلم‏:‏ د‏.‏زاهي حواس

اتفقنا علي أن يكون مساء‏5‏ يناير‏2005‏ هو اللحظة التي يتم فيها اجراء تجربة الاشعة المقطعية للملك توت عنخ آمون‏,‏ وقد وصلنا الي الاقصر صباح هذا اليوم ونحن نضع اهتمامنا الاول في سبيل اتمام التجربة ونجاحها‏,‏ وكذلك معرفة حالة المومياء الحقيقية كي نحافظ عليها ونعرف سبب وفاته والسن التي مات فيها بالتحديد‏,‏ ونبحث عن اجابات تكشف لنا الكثير من اسراره‏,‏ وكنت سعيدا لأن هذه التجربة سوف تتم لأول مرة بأيدي المصريين سواء المرممون او الأثريون او الذين يقومون بتشغيل الجهاز الخاص بالاشعة المقطعية الذي يعتبر الاول من نوعه في مصر‏,‏ حيث لا يوجد له مثيل في اي مستشفي مصري‏.‏

في الخامسة مساء وصلنا الي وادي الملوك وهناك وجدنا مئات من السائحين الايطاليين واليابانيين الذين قابلونا بمظاهرة حب كبيرة‏,‏ وفي الوادي تحدثت مع الفنان فاروق حسني وزير الثقافة ورئيس المجلس الاعلي للآثار ووضعت امامه الترتيبات التي اتخذت من اجل الحفاظ علي المومياء‏,‏ وفي ذلك الوقت وجدنا الوادي تجتاحه عاصفة شديدة والاتربة والغبار تحول دون الرؤية وهنا تذكرت لعنة توت عنخ آمون التي اصابت اللورد كارنافون ومات بعد الكشف مباشرة‏,‏ وتذكرت ايضا مقتل عصفور الكناريا الذي كان موجودا داخل خيمة هيوارد كارتر عن طريق ثعبان الكوبرا‏,‏ وطرد هوارد كارتر من مصر وكيف ان المهندس مهدي رئيس مصلحة الآثار صدمته عربة امام المتحف المصريي بعد ان وقع عقد سفر آثار توت عنخ آمون الي لندن‏.‏ ودخلنا المقبرة ووجدت الدكتور احمد شعيب المسئول عن الترميم في المجلس الاعلي للآثار والدكتورة عبلة عبد السلام مديرة الترميم بالمتحف المصري يضعان القفازات علي ايديهما ويضعان ايضا كمامة علي وجهيهما‏.‏

وكان يقف الي جواري الاستاذ صبري عبد العزيز رئيس قطاع الآثار المصرية وطلب منا الدكتور شعيب ان نضع كمامة علي وجوهنا‏,‏ وقلت له انني دخلت العديد من المقابر التي يوجد بها مومياوات وكشفت عن‏234‏ مومياء بوادي المومياوات الذهبية بالواحات البحرية‏,‏ كما دخلنا آبارا ومقابر عديدة مغلقة ولم أضع طوال عمري الاثري اي شيء للوقاية‏,‏ ولكنه اجابني قائلا‏:‏ إنني اخاف عليك وبدأنا في ازالة اللوح الزجاجي الذي يغطي التابوت الرملي داخل المقبرة‏,‏ وبعد ذلك نظرنا الي داخل التابوت ووجدنا ان الغطاء الداخلي الرائع الذي يأخذ شكل الملك ويمسك في يديه علامات الحكم‏,‏ ومغطي برقائق ذهبية في حالة سيئة جدا لأن يد الترميم لم تنله منذ ان كشف عن التوابيت في عام‏1925‏ م‏.‏

وهنا أخذنا القرار الاول ان تبدأ بعثة اثرية مصرية عاجلة لعلاج غطاء التابوت وتثبيت الرقائق الذهبية التي بدأت تتآكل وتتساقط بفعل الزمن والرطوبة داخل المقبرة‏.‏

وبديء في ربط الغطاء من اسفل بالحبال وبخفة ومهارة تم نقل الغطاء من الداخل الي خارج التابوت‏,‏ ونظرت اسفل التابوت لأري مومياء الملك توت عنخ آمون راقدة اسفل التابوت‏.‏ كانت المومياء مغطاة بغطاء من القطن عبارة عن قطع طولية وعرضية وكلنا قد اعتقدنا من خلال الوصف الذي تم عام‏1968‏ ان المومياء مغطاة بالقطن الأبيض‏.‏

ووجدنا علي صدر المومياء بطاقة مدونا عليها نص باللغة الانجليزية يذكر ان المومياء قد تم اخراجها في‏11‏ نوفمبر‏1925‏ م بواسطة هيوارد كارتر وديري وصالح بك حمدي وانها اعيدت الي داخل التابوت في اكتوبر‏1926‏ م‏,‏ وعلي الوجه الآخر نص آخر يشار فيه إلي ان المومياء فحصت بالاشعة السينية عام‏1968‏ بواسطة الانجليزي هارسون من جامعة ليفربول‏,‏ وهناك ايضا توقيع بدون تاريخ من المرحوم زكي اسكندر والاثري ابراهيم النواوي واعتقد ان ذلك هو تاريخ قيام الامريكي جيمس هاريس بالتجربة الثالثة عام‏1968‏ م وبعد ذلك قمت بإزالة الغطاء من علي وجه توت عنخ آمون لأقابله وجها لوجه وأنظر الي قسمات وجهه الصغيرة والتي تظهر انه فتي في سن العشرين‏.‏ وقد احسست ان علي وجهه السعادة لأن فريق اليوم هو فريق مصري‏100%‏ لا يوجد به اجنبي واحد وكأنه سعيد بأحفاده الذين جاءوا للحفاظ علي موميائه كي يبقي المزيد من آلاف السنين ويظل خالدا مدي الحياة كما اراد هو قبل ان يوضع في مقره الأبدي‏.‏

وهنا قطع خلوتي مع الملك صوت علي الأصفر مدير آثار القرنة وهو يقول‏:‏ إن العاصفة في الوادي قد هدأت تماما وكأنما يحاول طمأنة الملك انه سوف يخرج من المقبرة في هدوء كامل وبسلام‏.‏ وبدأ المرممون في فحص المومياء ووجدنا ان المومياء مقسمة الي‏13‏ قطعة‏,‏ القدمان منفصلتان والصدر عبارة عن قطع متجلطة تماما من تأثير مادة الراتنج والرأس منفصل عن الجسد واليدان بعيدتان عن الجسم ولا توجد اي آثار للفائف كتانية علي الجسم وهنا تأكد لنا ما سجله هاريسون عن حالة المومياء وكيف ان السبب في هذه الحالة هو ما قام به هيوارد كارتر وهو يحاول ازالة القناع الذهبي الملتصق بجسم المومياء‏,‏ نتيجة لأن الذين قاموا بتحنيط جثة الملك في العصر الفرعوني وضعوا مادة الراتنج ومواد أخري سائلة علي التابوت مما جعل المومياء بهذه الحالة‏,‏ بالاضافة الي وجود كتل متحجرة داخل المومياء وهنا كان كارتر امام احد امرين‏,‏ اما ان يترك القناع الذهبي علي المومياء او يزيله بهذه الطريقة وقد كان هذا القرار صعبا جدا ولكنه أتلف المومياء تماما ولا يوجد غير الوجه في حالة جيدة جدا‏,‏ وهنا اخذنا القرار الثاني بترك المومياء كما هي داخل التابوت علي ان توضع اجهزة داخل التابوت للحفاظ علي درجة الحرارة والرطوبة‏,‏ كما نفعل مع المومياوات الملكية الاخري داخل قاعات المومياوات بالمتحف المصري‏.‏ ووجدنا ان اجزاء المومياء المبعثرة موضوعة علي لوح خشبي حديث مغطي بالرمال بعد محاولة لتركيب اجزائها علي اللوح الخشبي سواء عن طريق كارتر او هاريسون او هاريس‏.‏

وبعد ذلك وبحرص شديد قام الفنيون باخراج المومياء باللوح الخشبي من داخل التابوت واخراجها علي الاكتاف الي خارج المقبرة حتي وصلنا الي داخل جهاز الاشعة‏,‏ ودخلت المومياء الجهاز وأغلقنا الباب ودخلنا الي الحجرة الثانية التي يوجد بها جهاز الكمبيوتر والشاشة التي تسجل البيانات‏,‏ وكان يجلس بجواري الدكتور هاني عبد الرحمن وهو من المتخصصين المصريين المدربين وعلي دراية كاملة بتشغيل هذا الجهاز وايضا فني الاشعة صلاح الدين محمد من قصر العيني وهشام الريحاني الذي يتبع شركة‏siemens‏ وهو ايضا من الفنيين المدربين علي استعمال الجهازخاصة جهاز الكمبيوتر‏,‏ وكانت المفاجأة عندما تعطلت مروحة الكمبيوتر دون اي اسباب واضحة وانتظرنا ساعة تقريبا لنبدأ من جديد بعد ان احضرنا مروحة عادية لادخال بعض الهواء البارد الي الكمبيوتر‏,‏ والمفاجأة الثانية انه تم تشغيل الكمبيوتر دون وضوح اي سبب فني وبعد ذلك بدأنا في فحص المومياء واستطاع الدكتور هاني عبد الرحمن ان يسجل بالاشعة المقطعية كل اجزاء المومياء من الرأس وحتي القدمين‏.‏ كما حاول ان يسجل بدقة كل ما يتعلق برأس المومياء‏,‏ خاصة أن بعض الدارسين الذين فحصوا المومياء من قبل بالاشعة السينية الموجودة لدي المجلس الاعلي للآثار‏,‏ اشار الي وجود دلائل تشير الي وجود تهتك بالرأس مما يوضح ان الملك توت عنخ آمون مات مقتولا او عن طريق حادث اثناء ركوبه عجلته الحربية‏,‏ وقد استمرت هذه الدراسة نصف ساعة فقط‏.‏ وجاءت المرحلة الثانية وهي نقل المومياء مرة اخري الي داخل المقبرة وتم ذلك بسهولة وحرص شديدين ايضا حتي دخلنا مرة اخري الي داخل مقبرة الملك الذهبي‏.‏ وتم وضع المومياء داخل التابوت وتمت تغطيتها كما كانت‏,‏ ووضعنا بطاقة ورقية اخري كتبنا فيها انه في يوم‏5‏ يناير‏2005‏ م قام فريق مصري بفحص المومياء بالأشعة المقطعية وأن هذا العمل استغرق نحو ثلاث ساعات تقريبا‏,‏ ووجدنا ان وجود هذا الجهاز بوادي الملوك فرصة جديدة لفحص المومياوات الاخري الموجودة داخل المقابر اذ ان هذا الجهاز قد يصعب نقله مرة اخري الي الاقصر‏.‏

ونقلنا ثلاث مومياوات كانت موجودة داخل مقبرة الملك امنحتب الثاني‏,‏ وهذه المومياوات كانت ضمن خبيئة اخري عثر عليها الفرنسي فيكتور لوريه وبها‏13‏ مومياء قام هيوارد كارتر اثناء وجوده للعمل بوادي الملوك بنقل عشر مومياوات للمتحف المصري وترك الثلاث مومياوات الاخري في حالة سيئة جدا ولم يستطع العلماء تحديد هويتها‏,‏ ولكن هناك العديد من التكهنات الخاصة بها فقد اعتقد البعض ان مومياء السيدة الكبيرة هي لزوجة امنحتب الثاني ومومياء الصبي قد تكون لابنه‏,‏ اما المومياء الثالثة فهي التي دار حولها نقاش واعلنت جوان فلتشر خطأ انها خاصة بالملكة نفرتيتي‏,‏ وقمنا ايضا بنقل مومياء كانت موجودة داخل مقبرة الملك تحتمس الرابع وهي مومياء لطفل في سن السابعة‏,‏ واخيرا مومياء اخري داخل مقبرة الملك سيتي الثاني‏,‏ اما المومياء الوحيدة الموجودة بالوادي والتي لم يتم فحصها فهي المومياء التي يعتقد انها خاصة بالملكة الشهيرة حتشبسوت والموجودة داخل المقبرة رقم‏60‏ بالوادي وكان يصعب نقلها من داخل المقبرة التي تقع اسفل مقبرة حتشبسوت مباشرة‏.‏

اما المرحلة القادمة فسوف تتم قراءة صور الاشعة المقطعية عن طريق علماء متخصصين في قراءة الاشعة‏,‏ لأنه من الضروري ان يدرس ويناقش المتخصصون التفاصيل الدقيقة لكل صور الاشعة وتتم المناقشة بينهم حتي يصلوا الي رأي قاطع لحالة المومياء الصحية‏,‏ وبعد ذلك يقدمون هذه النتائج الي المجلس الاعلي للآثار كي يتم اعلانها في مؤتمر صحفي في المتحف المصري‏.‏

هذه هي قصة فحص مومياء الملك توت عنخ آمون والتي نشرتها الصحف المصرية بالتفصيل واستطعنا ان نري علي القناة الاولي للتليفزيون المصري تفاصيل نقل المومياء وصور الاشعة‏,‏ وسوف يتم عمل فيلم يطلق عليه اسم داخل توت عنخ آمون‏InsideofKingTut‏ وسوف يعرض هذا الفيلم داخل القاعة‏39‏ بالمتحف المصري في محاولة لإعادة إظهار مجد عصر توت عنخ آمون للزائرين‏,‏ وسيتم عرض الفيلم بطريقة السينما المجسمة‏.‏ كما تم بالمتحف البريطاني عن طريق دراسة مومياء لأحد الكهنة المعروفين داخل المتحف‏,‏ حيث استطاعوا ان يخرجوا فيلما اوضحوا لنا فيه حياة الكاهن الدينية والدنيوية‏.‏

هذه هي قصة الملك توت عنخ آمون الذي عاد للأضواء مرة أخري سواء عن طريق فحص موميائه أو معرضه الموجود في مدينة بون بألمانيا والذي سوف ينتقل الي امريكا ولندن كي تستمر الأضواء علي الملك الذهبي الذي أثار الدنيا كلها‏,‏ سواء عن طريق كشف خمسة آلاف قطعة داخل مقبرته وهو ما جعل بريق الذهب يبهر العالم كله‏,‏ او عن طريق لعنة الفراعنة التي ارتبطت باسمه ومازلنا نفسر علي اساسها اي حدث في حياتنا اليومية يأتي بالمصادفة كما يحدث في حياة اي انسان‏,‏ ولكن العالم كله تبهره لعنة الفراعنة ولعنة توت عنخ آمون‏.‏


المُنـى 10 - 7 - 2011 01:03 AM

الفراعنة‏..‏ تحت العلاج‏!‏
تحقيق‏:‏ وجيه الصقار

منذ أن تم الإعلان عن مشروع الكشف علي مومياء الملك المصري الشاب توت عنخ آمون بالأشعة المقطعية هو وبعض المومياوات الملكية‏,‏ ثارت العديد من الاجتهادات والتفسيرات لتلك الخطوة‏,‏ وفي حين رفضها البعض بشدة علي اعتبار أنها يمكن أن تضر المومياوات فقد أيدها الآخرون لأهميتها في الحفاظ علي هذا الكنز المصري النادر‏,‏ وما بين هذا وذاك خرجت أصوات أخري نشاز في وسائل الإعلام الأجنبية تربط بين تلك الخطوة والأديان في إطار البحث عن فرعون الخروج من مصر‏,‏ فما هي حقيقة الأمر؟ ما الهدف من وراء توقيع الكشف الطبي علي مومياء توت عنخ آمون وغيره من المومياوات؟‏!‏

جاء مشروع الكشف علي مومياء الملك المصري الشاب توت عنخ آمون‏,‏ بعد انتظار طويل للتعرف علي ظروف كثيرة ظلت غامضة منذ اكتشاف مقبرته في عام‏1922,‏ ولعل هذه هي المرة الأولي التي يقوم فيها علماء مصر من المجلس الأعلي للآثار والمركز القومي للبحوث وكلية طب قصر العيني في تخصصات متكاملة بحسم قضايا التشكيك والاتهام التي تدور حول شخص وحياة الفرعون المصري وتحديد حالته الصحية‏,‏ ومدي تعرضه للاغتيال أو الإصابة التي أدت لوفاته يقول الدكتور زاهي حواس رئيس المجلس الأعلي للآثار‏:‏ إن هذه رابع مرة يتم الكشف فيها علي مومياء الفرعون الصغير فالأولي كانت في‏11‏ نوفمبر عام‏1925,‏ والثانية في عام‏1968,‏ والثالثة في‏1987,‏ وعقدت من خلال أجانب وبعض المصريين‏,‏ وهذا العام يستحق أن يطلق عليه عام توت عنخ آمون‏,‏ حيث كشفت الفحوص الأولية تدهور حالة المومياء‏,‏ مما يتطلب ضرورة معالجتها‏,‏ وتوفير درجة حرارة ثابتة ورطوبة معينة لتحقيق الثبات‏,‏ ومنع أية إصابات جديدة‏,‏ وأن هذه أول مرة تستخدم فيها أجهزة علي مستوي عال لتصوير‏1700‏ صورة أشعة للمومياء‏.‏

تبدأ القصة عندما تقدم الدكتور صالح بدير عميد كلية طب قصر العيني السابق‏,‏ والمشرف علي المومياوات بالمجلس الأعلي للآثار‏,‏ بمذكرة علمية طالبا العناية بمومياء الملك توت عنخ آمون وترميمها ونقلها إلي المتحف المصري‏,‏ إلا أن الدكتور زاهي حواس رئيس المجلس الأعلي للآثار اعترض علي النقل‏,‏ وأكد أنه يفضل بقاء المومياوات في مواقع اكتشافها الأصلية‏,‏ كما عارض اختبارات‏dna‏ للكشف عن المومياوات وأصولها علي أساس أن هناك نسبة‏40%‏ خطأ في التشخيص والتحديد‏,‏ وبالتالي كان الاتجاه لإجراء فحص بالأشعة المقطعية‏,‏ للتعرف علي تعرض الملك المصري للأمراض والأسباب التي أدت للوفاة في صغره‏.‏

الخرافات

وقال د‏.‏ زاهي حواس‏:‏ إن أحد الأسباب التي دعت لإجراء هذه الأشعة ودراستها‏,‏ تلك الخرافات التي تدور حول الملك‏,‏ خاصة بعد ظهور أفلام منها ما يحمل عنوان‏:‏ من قتلة توت عنخ آمون‏,‏ مشيرة إلي أن الملك مات مقتولا‏,‏ وتطوع البعض للبحث عن قتل الملك‏,‏ وهناك فريق آخر يشير إلي أن وفاة الملك كانت طبيعية‏,‏ وأن البحث وتحليل الصور سيظهر حقيقة هذه الإدعاءات مع إلقاء المزيد من الضوء علي الفترة التي حكم فيها‏,‏ وهي فترة العمارنة‏,‏ وما فيها من أحداث مازالت غامضة أمام العلم حتي الآن‏,‏ وكان القرار بإجراء التصوير والدراسات في مقبرة الملك بوادي الملوك‏.‏

وقال‏:‏ إن القراءات العلمية علي المومياء ستتحدد من خلال المتخصصين في قراءة الأشعة لاستبعاد أي احتمالات أو تكهنات أو تخيلات غير علمية‏,‏ بعد أن يقوم علماء المصريات بالتفسير‏,‏ وأنه يجب أن ندرك أن دراسات سبقت للمومياء أولاها كانت في‏11‏ نوفمبر عام‏1925,‏ في مرحلة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون‏,‏ بعد‏3‏ سنوات من الاكتشاف‏,‏ حيث قام هيوارد كارتر مكتشف المقبرة بالاشتراك مع العالم ديري المتخصص في المومياوات‏,‏ وصالح بك حمدي من جامعة الإسكندرية بالفحص‏,‏ واتضح لهم أن المحنطين صبوا الراتنج والزيوت علي جسد الملك كله في أثناء عملية التحنيط واللف بالكتان‏,‏ وهو ما أدي إلي التصاق القناع الذهبي بالرأس‏,‏ وكذلك الجسد بالتابوت‏,‏ ثم وضعوا المومياء في الشمس أملا في أن تذيب حرارتها الزيوت والمواد الراتنجية والمواد اللزجة‏,‏ إلا أنها لم تؤثر‏.‏

وأضاف د‏.‏ زاهي أن كارتر ومساعديه نقلوا المومياء للممر الخاص بمقبرة الملك سيتي الثاني بوادي الملوك لإجراء اختبارات أخري‏,‏ والتحقق من طبيعة المومياء‏,‏ حيث تبين لهم أن الكفن الكتاني الموجود عليها كان سريع التحلل‏,‏ وهو مطل بطبقة من شمع البارافين‏,‏ فقاموا بتمزيقه بواسطة سكين إلي قطع كبيرة‏,‏ وأزالوا الأغلفة الخارجية الفاسدة‏,‏ واتضح أن الأغلفة الداخلية كانت صغيرة ووضعت بهدف تماسك اللفائف الكتانية‏,‏ وخوفا من زيادة تأثر المومياء بسبب سرعة نمو الفطريات‏,‏ وتم اختبار المومياء بداخل التابوت‏,‏ واتضح من الفحوصات أن توت عنخ آمون كان يرتدي صنادل ذهبية‏,‏ وأغطية لأصابع اليدين والقدمين‏,‏ مع وجود أكثر من مائة قطعة أثرية وضعت مع الملك في طبقات مختلفة داخل المومياء‏.‏

تمزيق الأربطة
وأضاف أنه بعد أن انتهي كارتر ومعاونوه من تمزيق الأربطة الكتانية‏,‏ أخرجوا المومياء من التابوت باستخدام سكاكين ساخنة‏,‏ تمكنوا بها من نزع القناع الذهبي عن الوجه‏,‏ كما فصلوا الرأس عن الجسد‏,‏ وعظمة الحوض عن الجذع‏,‏ والذراعين والساقين‏,‏ ونزعوا الأيدي والأقدام‏,‏ حيث تم اكتشاف كل ذلك من خلال فحص المومياء بأشعة إكس في عام‏1968,‏ لأن كارتر لم ينشر ذلك‏,‏ كما ظهرت إصابات نتيجة التحنيط في وسط البطن وحتي عظمة مفصل الساق اليسري‏,‏ أما الذراعان فهما مثنيتان عند الكوع متقاطعتان عند الخصر وأن الذراع اليسري فوق اليمني‏,‏ والرأس حليق ومغطي بغطاء سميك أبيض‏,‏ ثم بقبعة مليئة بالخرز وطراطين آتون‏,‏ وحدد ديري عمر الملك عند الوفاة ما بين‏18‏ و‏22‏ عاما‏.‏

وأضاف أن فريق العمل برئاسة كارتر أعاد المومياء لمقبرتها في أكتوبر‏1926,‏ وأصبحت عارية ووضعوها علي الرمال لإخفاء الإصابات الحديثة‏,‏ كما تم إعادة تركيب القدمين واليدين لكل من الكاحل والرسغ بواسطة الراتنج‏,‏ وتم دفنها بعناية ووضعت المومياء مرة أخري في التابوت الخارجي ثم التابوت الحجري‏,‏ ووضعوا طبقة زجاجية علي غطاء التابوت‏.‏

في عام‏1968‏ حلل العالم هاريسون أستاذ التشريح بجامعة ليفربول‏,‏ المومياء وأجري دراسة عليها بأشعة إكس بعد رفع الغطاء الزجاجي‏,‏ وفتح التابوت‏,‏ واكتشف أن المومياء مفككة إلي قطع‏,‏ وأن إعادة الدفن تمت بطريقة سيئة بواسطة كارتر أو شخص آخر جاء بعده‏,‏ وأن الجمجمة خالية تماما عدا تراكمات بسيطة من مواد داكنة‏,‏ وهي غالبا من الراتنج المتحجر‏,‏ بالإضافة إلي جزء من عظمة‏,‏ واستند العالم في ذلك إلي أن الملك المصري مات مقتولا بضربة علي رأسه‏,‏ كما اكتشف أن القفص الصدري وأجزاء من عظام مقدمة الصدر مفقودة‏,‏ غير أن هناك من العلماء المتخصصين في علم المصريات من يري أن الملك مات في حادث في أثناء ركوبه العجلة الحربية‏,‏ مما تسبب في كسر مقدمة قفصه الصدري‏,‏ وأصيب أيضا في الفك الأيسر وعولج‏.‏

أما في عام‏1978‏ فقد تم إخراج المومياء مرة ثالثة عن طريق فريق أمريكي متخصص من جامعة ميتشجان وفحصت المومياء مرة أخري بأشعة إكس وأوضح الفريق أن الصور التي التقطت توضح أن عيني الملك قد فقئتا‏,‏ وأن الأذن اليمني مفقودة‏,‏ وأن نتائج تحليل الدم الذي أخذ من العظام أوضحت أن فصيلة دم الملك هي إيه‏2,‏ وفي كل الحالات أوضحت الأشعة حاجة المومياء إلي ترميم إلا أنها لم توضح صراحة العمر الحقيقي للملك وقت الوفاة أو سببها‏.‏

علاج المومياء
وأشار إلي أن الفحص يتم بأيد مصرية لأول مرة حيث سيمكن التعرف علي حالة المومياء بالكامل ومعرفة وسائل علاجها وترميمها‏,‏ بالإضافة للتعرف علي أسباب الجرح الموجود في الصدر‏,‏ وحياة الملك وسبب وفاته‏,‏ وعلي حالة المومياء‏,‏ والأمراض التي كان يعانيها الملك والتي كانت في عصره‏,‏ إضافة لتلافي تعرض المومياء للتغيرات الجوية والعمل علي ثبات درجة الحرارة بها لأن العوامل الجوية السيئة التي كانت بالمقبرة أثرت سلبيا عليها‏.‏

وقال الدكتور حسن الشريف أستاذ التاريخ الفرعوني‏:‏ إن تطورات الاجتهادات في المرحلة الأخيرة حول مقتل توت عنخ آمون ظهرت في تفسيرات تناولتها أفلام عن حياة الملك الشاب سواء في أمريكا‏,‏ أو بريطانيا‏,‏ وأظهرت أفلام وثائقية قتله علي أيدي بعض الأفراد الطامعين في الحكم‏,‏ حيث بحث فريق أمريكي سبب غموض مصرع الفرعون منذ نحو‏3‏ آلاف و‏350‏ عاما في سن التاسعة عشرة‏,‏ الذي خلف والده اخناتون ليصبح أصغر ملك في تاريخ مصر‏,‏ وأنه توفي إثر تعرضه لإصابة أثرت علي نخاعه الشوكي‏,‏ وأن هناك إعوجاجا غير طبيعي في العمود الفقري‏,‏ مما نتج عنه صعوبة في الحركة والسير قبل وفاته‏,‏ وهذا ما جعل المحققين يجمعون علي أن الملك المصري تم قتله في عملية اغتيال للاستيلاء علي الحكم من جانب أحد الطامعين في عرشه‏,‏ ولم يستبعدوا مشاركة زوجته‏,‏ وأخته غير الشقيقة أنخس آمون في التدبير لعملية اغتيال الفرعون المريض للزواج من القاتل بعد الحصول علي العرش‏.‏

وحدد فريق الباحثين الأمريكيين‏,‏ المشتبه فيهم بقتل الفرعون في‏4‏ أشخاص‏,‏ وجمع الفريق الأدلة علي ذلك من مصر ولندن وأمريكا‏,‏ وأجريت مقابلات مع شهود عيان من علماء المصريات والأطباء الشرعيين والنفسيين‏.‏

ووضع الفريق البحثي سيناريو متصورا لموت الفرعون الشاب من خلال الأدلة‏,‏ ومن بينها دليل وجوده لدي فحص الجثة باستخدام أشعة إكس‏,‏ ودليل آخر علي الجدار الجنوبي لمقبرة توت عنخ آمون التي لم يكتشف موقعها الفراعنة الذين خلفوه حتي لصوص المقابر‏,‏ كما كشفت الدراسات التي أجراها الفريق الأمريكي عن أن الدليل الأول يتمثل في عظمة ناتئة في مؤخرة رأس الجمجمة‏,‏ ورجحوا أن يكون نتوء هذه العظمة نتيجة ضربة شديدة في مؤخرة الرأس‏.‏

وانتهي المحققون إلي أن الوزير الأكبر لتوت عنخ آمون‏,‏ الذي يدعي آي خطط لقتل الفرعون الشاب وطلب من الكهنة ترسيمه وريثا للعرش في الشعائر الملكية‏,‏ كما قام بمحو الكتابات التي تتحدث عن توت عنخ آمون في المعابد‏,‏ واستبدلها بأخبار انتصاراته وأمجاده‏,‏ ويعد هذا التفسير البحثي أول تفسير لوفاة توت عنخ آمون في ظروف غامضة شغلت علماء الآثار علي مدي‏81‏ عاما‏.‏ وقال‏:‏ إن هذه القضية ظلت مثار بحث لمدة طويلة دون أن يحسمها أحد لأنها احتمالية‏.‏

وحول مشروع تصوير المومياء يقول الدكتور عبدالحليم نور الدين عميد آثار بني سويف‏:‏ إنه سبق التصوير بالأشعة لجسد الملك في مرتين سابقتين ولا شئ يعتبر جديدا في الموضوع‏,‏ إلا أن ذلك لا يمنع من أن عدد الصور الكبير قد يفيد في التعرف علي مدي تعرض الملك المصري للقتل‏,‏ وسبب وفاته والأمراض التي أصابته‏,‏ والتي كانت شائعة في ذلك الوقت‏.‏

المُنـى 10 - 7 - 2011 01:04 AM

مراكب الشمس‏..‏ كيف خرجت إلي النور؟
بقلم‏:‏ زاهي حواس



تحدثنا في مقالنا السابق‏,‏ عن المرمم صاحب الأصابع الذهبية‏,‏ العبقري أحمد يوسف‏,‏ ووقفنا عند مشوار العبقرية وبداياته‏,‏ وآن لنا أن نلقي ضوءا علي مهاراته ونجاحه في أن يعيد تجميع مركب خوفو المكتشفة عام‏1954‏ م وقد حدث في اثناء مقابلتي للحاج أحمد أن شرح لي قصة الكشف والتي بدأت منذ عام‏1944,‏ خلال زيارة جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود للهرم في صحبة الملك فاروق‏,‏ وهما يستقلان العربة الملكية التي تجرها الخيول‏,‏ وكان يشرح لهم المنطقة الأثرية العالم الفرنسي مسيو درويتون مدير مصلحة الآثار في ذلك الوقت‏,‏ وفي أثناء مرور العربة الملكية خلف هرم خوفو‏,‏ لاحظ العاهل االسعودي وجود رمال وأحجار بارتفاع شاهق بجوار ضلع الهرم الجنوبي‏,‏ وأشار بذلك الي الملك فاروق‏,‏ والذي أعطي بدوره أمرا لـ درويتون بإزالة تلك الرمال والأحجار‏,‏ وفعلا اعتمدت مصلحة الآثار مبلغ‏(‏ خمسين جنيها مصريا‏)‏ للصرف علي عملية النظافة‏,‏ وبعد أن تمت ازالة ما يقرب من ستين ألف متر مكعب من الاتربة والاحجار‏,‏ ظهرت بقايا السور الأثري الذي كان يحيط بالهرم‏,‏ وهو جزء من المجموعة الهرمية للهرم الأكبر‏,‏ وكلف بالعمل بعد ذلك مدير اعمال المنطقة المهندس كمال الملاخ والذي كان حاصلا علي دبلوم دراسة الآثار المصرية‏,‏ وكان يعمل معه الريس جرس يني‏,‏ وهنا يتكلم شاهد عيان آخر وهو الكاتب الكبير أنيس منصور صديق الملاخ‏,‏ ورفيقه في رحلته الصحفية‏,‏ ويقرر ان الريس جرس يني تحدث مع الملاخ تليفونيا وهما يتناولان الغداء في مطعم الاكسلسيور بوسط القاهرة‏,‏ وبعد ذلك حدثت القصة التي رويتها من قبل‏,‏ وكان أمين المنطقة في تلك الأثناء هو المرحوم زكي نور‏,‏ الذي ألف كتابا علميا عن كشف المركب‏,‏ وكان من المفترض أن يكون العمل تحت اشرافه برغم انه عمل هندسي صرف‏,‏ ولكن كمال الملاخ كان مهندسا نشيطا وهو أثري أيضا‏,‏ لذلك فإن الكشف ينسب إليه‏,‏ وبدأت أعمال الحفائر حتي ظهرت حفرة مستطيلة نحتت في الصخر طولها نحو واحد واربعين مترا‏,‏ وعرضها ثلاثة أمتار‏,‏ ومغطاة بكتل حجرية ضخمة وتنتهي بثلاث قطع صغيرة جعلها المصري القديم مفتاحا لزحزحة الاحجار بسهولة‏.‏

وقام كمال الملاخ بعمل ثقب صغير واستطاع من خلاله أن يشاهد ما هو موجود بالداخل‏,‏ ثم قام باذاعة الخبر عبر وكالات الانباء واصبح بسرعة البرق الخبر الرئيسي في كل مكان في العالم‏,‏ وذاع صيت الملاخ الا انه حقق معه بعد ذلك وخصم خمسة عشر يوما من راتبه‏,‏ وكان ذلك خيرا علي الملاخ‏,‏ حيث ترك مصلحة الاثار وعمل بالصحافة‏,‏ الا ان الآثار ظلت عشقه الأول طوال حياته‏.‏

وفي يوم‏23‏ نوفمبر‏1954‏ احتفل برفع أول حجر من الاحجار التي كانت تغطي المركب بعد ازالة المفتاح الحجري من الجهة الغربية‏,‏ وفي اثناء القيام بعملية الزحزحة والربط كما يشرحها الحاج أحمد‏,‏ في مذكراته‏,‏ روعي الحفاظ علي الكتل الحجرية من التلف‏,‏ وبعد سحب الكتلة الحجرية تم نقلها علي زحافات خارج الموقع‏.‏

ويقول المرمم العظيم ان عملية ازالة الكتل استغرقت نحو ثلاثة شهور‏,‏ وبعد ذلك وضع جهاز لقياس نسبة الرطوبة وظل الجهاز داخل الحفرة ما يقرب من ستة أشهر‏,‏ وخرجت القراءات التي اظهرت ان الرطوبة داخل الحفرة وصلت الي نحو‏88%,‏ ودرجة الحرارة‏22‏ درجة مئوية‏,‏ واستطاع بعد ذلك الحصول علي ثلاث عينات من الخشب من اماكن مختلفة وارسلها للتحليل بمعامل كلية العلوم جامعة القاهرة‏,‏ وبعد ذلك قام المرحوم زكي اسكندر بمعالجة الاخشاب كيميائيا‏.‏

وهنا يقول الحاج أحمد‏,‏ ما يدعم رأيي الشخصي ان هذه المراكب هي مراكب للشمس كما شرحت في مقال سابق‏,‏ وذلك بسبب ان اجزاء المركب داخل الحفرة مفككة وفي ترتيب وتنظيم دقيق يخيل لمن يشاهده وينظر اليه ان المركب مشيدة وليست مفككة‏,‏ واشار الي أن مقدمة المركب تقع في قلب الحفرة‏,‏ ووضعت المؤخرة في شرقها‏,‏ ورصت اجزاء جسم المركب في شمال وجنوب الحفرة حسب التركيب الاصلي للمركب‏,‏ وهنا قام الحاج احمد بممارسة هوايته الثانية وهي تسجيل هذا العمل فوتوغرافيا‏,‏ ووضع آلة التصوير علي ارتفاع خمسة أمتار من سطح الحفرة‏,‏ وكان يحرك الكاميرا للحصول علي صور من زوايا مختلفة وهذه الصور الفريدة مازالت أهم تسجيل لمراحل الكشف والترميم‏.‏

بعد رفع الأجزاء الخشبية من الحفرة ونقلها الي مبني الترميم الواقع بجوار الحفرة نفسها‏,‏ تبين للحاج احمد اصابة بعض تلك الاجزاء بتلف شديد بسبب عوامل الزمن‏,‏ وتم بحرفية شديدة معالجة هذه الأخشاب بالترميم الدقيق‏,‏ وكانت معالجة الالواح الكبيرة اسهل نسبيا عنها بالنسبة لقطع الاخشاب الصغيرة‏,‏ وقد استعمل الحاج أحمد في اثناء الترميم بعضا من اجزاء صغيرة من الخشب الجديد مع مراعاة تناسبه مع الخشب القديم وقام بنفسه باختياره وتركيبه‏.‏

واذا ما دخلنا في تفاصيل اعمال الترميم فسوف نعرف مدي الجهد والصبر الذي تحمله هذا الرجل العظيم في اعادة المركب الي حالتها الطبيعية‏,‏ فبعد ان تمت اعمال الترميم لكل قطعة خشبية داخل المركب‏,‏ وهو الأمر الذي تطلب مجهودا شاقا‏,‏ اصبح تجميع هذه الاخشاب لاعادة بناء المركب من الأعمال المعقدة والعسيرة نظرا لعدم وجود أي عمل مثل هذا تم في اي مكان بالعالم‏,‏ وقام هو شخصيا بعمل دراسات وابحاث كالاطلاع علي الرسوم والمناظر للمراكب المصورة داخل مقابر الدولة القديمة‏,‏ وصور بنفسه نحو خمسمائة شكل لهذه المراكب‏,‏ وبعد ذلك قام بقراءة كل ما نشر عن المراكب باللغة العربية‏,‏ وقام اصدقاؤه بترجمة كتاب مهم جدا لـ شارل بورد عن المراكب الفرعونية‏,‏ بل ودرس المراكب التي كشفها دي مورجان بجوار هرم الملك سنوسرت الثالث بدهشور‏,‏ والتي يوجد بعضها بالمتحف المصري ومتحف شيكاجو وكرنيجي بأمريكا‏,‏ هذا بالاضافة الي نماذج المراكب التي صنعها المصري القديم والموجودة بالمتحف المصري مثل ما عثر عليه داخل مقبرة مكت رع بالاقصر‏,‏ ومن الغريب أن الحاج احمد كان يزور كل المواقع التي يتم فيها صناعة المراكب الحديثة ويجلس مع العاملين لكي يعرف دقائق العمل‏,‏ سواء بالنسبة لمراكب الصيد أو المراكب السياحية والمعديات والعوامات المقامة علي النيل‏,‏ وبعد ذلك بدأت عملية التركيب بعد ان فصل كل جزء علي حدة سواءبدن المركب أو المقدمة‏,‏ وبعد تركيب البدن وتثبيت العوارض في أماكنها تبين ان هناك عدد ست عوارض مفرزة من الجانبين وان سمك هذا الافريز يعلو عن سطح الارض بمقدار خمسة سنتيمترات‏,‏ وظهر أن هذه العوارض الست مخصصة لتقسيم سطح البدن وطوله الي اقسام محددة لاجزاء الارضية الخشبية للمركب‏,‏ ثلاثة أقسام منها جهة المقدمة وثلاثة اقسام جهة المؤخرة‏,‏ وبينهما مساحة بسيطة لباب او فتحة صغيرة غير متطورة للنزول الي ساحة المركب والتي تسمي اصطلاحيا بالخن‏,‏ وفي اثناء عملية فرز الاخشاب كان من الصعب علي هذا الرجل العظيم أن يعرف أجزاء المقصورة الرئيسية للمركب‏,‏ ولكن استطاع بعد مجهود كبيرتركيب المقصورة فوق ارضية المركب وسطح البدن بعد معرفة المكان المخصص لها والتحقق منه‏,‏ وذلك بوضع واقامة الجانب الايسر لها وهو مكون من خمسة أجزاء‏,‏ ثم اضيف الي هذا الجانب وثبت فيه القواطع الثلاثة ذات الابواب‏,‏ وبعد ذلك وضع الجانب الايمن مقابلا للايسر ثم غطيت المقصورة بوحدات السقف المحمولة علي الاعمدة‏,‏ وطول هذه المقصورة يصل الي نحو تسعة أمتار‏,‏ وارتفاعها متران ونصف المتر‏,‏ وامام المقصورة من جهة المقدمة توجد مظلة ربان المركب وتتكون من عشرة أعمدة صغيرة وسقف بسيط‏.‏

بعد تركيب المركب وجد ان أحد المجاديف الخلفية في حالة سيئة جدا‏,‏ لذلك وضع مجدافا جديدا بدلا منه واصبح الطول الكلي للمركب‏42,32‏ م واكبر عرض مقاس من مستوي السطح‏5,66‏ والعمق‏1,78‏ م وارتفاع مقدمة المركب فوق مستوي القاعدة‏6,82‏ م‏.‏

وتم افتتاح المتحف المخصص لعرض المركب رسميا في‏6‏ مارس سنة‏1982‏ وبعد ذلك ترك الحاج احمد يوسف استراحة الهرم ليعيش داخل منزله في سوق السلاح‏,‏ والذي حوله الي مؤسسة ترميمية مهمة جدا‏,‏ وكان في ذلك الوقت يلازمه صديقه محمود القيسوني والذي استطاع ان ينادي بأعلي صوته مؤكدا‏,‏ ضرورة تكريم هذا الرجل‏,‏ وجعله يتبرع بمكتبته الي مركز تسجيل الآثار‏,‏ وحينما اشتقت لزيارته في اثناء عملي بمنطقة الهرم‏,‏ رجوت الصديق القيسوني ان نذهب له معا‏,‏ وكان لقاء جميلا سمعت منه قصصا عظيمة‏,‏ وأجمل القصص عندما جاء الدكتور ثروت عكاشة علامة عصره والرجل الذي تظل اعماله شاهدة علي عظمته لزيارة المركب ومعه شخصية مهمة‏,‏ وعندما وصل المنطقة كان الحاج احمد يصلي‏,‏ وظل الدكتور عكاشة ينتظره مدة طويلة‏,‏ وعندما جاء الحاج احمد اعتذر عن التأخير‏,‏ ثم قام بالشرح للدكتور ومن معه‏,‏ وفي النهاية طلبت الزائرة ان تحصل علي قطعة خشبية صغيرة جدا من الخشب غير المستعمل في المركب‏,‏ وسأل الدكتور عكاشة الحاج احمد عن مكان ذلك‏,‏ وتحير الحاج احمد فقد ترك الوزير ينتظر رده‏,‏ كيف سيرفض له طلبا؟‏,‏ وهداه تفكيره ولباقته لان يقول للضيفة‏:‏ انه مستعد لاعطائها قطعة الخشب لكنه لا يضمن حياتها لان لعنة الفراعنة سوف تصيبها‏,‏ قالت علي الفور انها لن تأخذ الخشب‏,‏ وهنا ضحك الجميع‏,‏ وافلت الحاج احمد من حرج الموقف‏.‏

لقد رحل ذلك الرجل العظيم وترك لنا ثروة لا تقدر بثمن من الصور والمخطوطات والسجلات‏,‏ التي تثبت بدقة كيف استطاع ان يعيد هذه المركب الي حالتها وتصبح من أهم الآثار الموجودة لدينا بمصر‏,‏ ولما كان واجبا علينا تكريم هذا الرجل فسوف نقيم له متحفا صغيرا بجوار المركب بعد الانتهاء من المشروع الذي خصص لترميم وتطوير المتحف الموجود جنوب هرم الملك خوفو‏,‏ رحم الله الحاج أحمد فقد كان رجلا عظيما‏,‏ واعتقد ان الخطأ الوحيد الذي يؤخذ عليه هو انه لم يترك لنا تلميذا واحدا يخلفه‏,‏ حيث لم يتعلم علي يده أحد‏,‏ فهل كان ذلك متعمدا؟ ام ان تلاميذ اليوم لم يحاولوا ان يتعلموا منه؟ والرأي الأخير هو الاصوب لأن الحاج احمد حاول ان يدرس ما يعرفه لطلاب الآثار وطلاب الترميم ولكنهم انصرفوا عنه لانهم لم يعشقوا الآثار مثلما عشقه الراحل العبقري ذو الاصابع الذهبية‏.‏

المُنـى 10 - 7 - 2011 01:05 AM

لعنة توت طاردت كارتر
‏..‏ عندما هتف المصريون لـ مرقص حنا‏!‏
بقلم‏:‏ د‏.‏ زاهي حواس



برغم أن تعبيرات‏‏ لعنة المومياء‏,‏ ولعنة الفراعنة‏,‏ ولعنة توت عنخ آمون‏)‏ قد ظهرت منذ اكتشاف خبيئة المومياوات والكشف عن مقبرة الملك الذهبي الصغير‏.‏ فإنه حتي الآن‏,‏ مازال هذا الموضوع حديث العامة في كل مكان‏.‏ ومازالت الصحف والبرامج التليفزيونية العالمية تثير القصص والحكايات عن الحوادث التي وقعت لعلماء الآثار من لعنة الفراعنة‏,‏ وهناك بعض الحقائق التي حدثت وأضيف إليها خيال وإثارة جعلت الناس في كل مكان يؤمنون بأن هناك لعنة تسمي‏:‏ لعنة الفراعنة‏.‏

لقد ظهرت هذه الأسطورة وانتشرت بعد كشف مقبرة توت عنخ آمون عن طريق الأثري الإنجليري هيوارد كارتر الذي ظل يعيش في استراحته بوادي الملوك باحثا عن مقبرة الفرعون الذهبي الصغير وبتمويل من اللورد كارنارفون‏,‏ وهناك كثيرون لا يعرفون أن اللورد فكر في التخلي عن البحث عن مقبرة الفرعون الذهبي قبل نهاية موسم حفائر‏1921‏ ـ‏1922‏ وقبل الكشف عن المقبرة بفترة قليلة‏,‏ وذلك بعد أن قام كارتر بالحفائر في هذه المنطقة لفترة تصل إلي أربع سنوات وأنفق اللورد الكثير من أمواله للبحث عن هذه المقبرة‏.‏ وخلال صيف عام‏1922‏ أخبر كارنارفون كارتر بأنه لن يمول هذا الكشف بعد الآن‏.‏ وكان كارتر يتوقع هذا‏,‏ لذلك قرر أن يتحمل مصاريف الموسم التالي أملا في الكشف عن المقبرة‏,‏ وعندما عرف كارنارفون بذلك أشفق علي كارتر ووافق علي ان يمول الحفائر بشرط ان يكون هذا الموسم هو الأخير فقط‏.‏

وقبل حضور كارتر من انجلترا إلي مصر‏,‏ أشتري عصفور كناريا ووضعه في قفص وأحضره معه إلي مصر‏,‏ وعندما وصل إلي وادي الملوك ومعه العصفور قابل العمال ورئيس العمال‏.‏ وهنا نظر الريس أحمد دردير ريس العمال الذي أحضره من بلدته قفط ومعه العمال المدربون علي الحفائر‏.‏ وقال‏:‏ إن هذا العصفور سوف يجلب لنا الحظ يا جناب المدير‏.‏ وابتسم كارتر وكأنه يود أن تتحقق النبوءة ويكتشف المقبرة هذا العام فهي الفرصة الأخيرة أمامه للعمل في وادي الأسرار الغامض الغريب‏.‏

وبدأ كارتر وعماله الحفائر في اليوم التالي مباشرة‏.‏ وتم تركيز العمل في المنطقة الواقعة بالقرب من مقبرة الملك رمسيس السادس الذي حكم مصر بعد توت عنخ آمون بنحو‏200‏ سنة وكانت هذه المنطقة هي الموقع الوحيد الذي لم يحفره كارتر في السنوات السابقة‏,‏ وكان كارتر قد عثر عام‏1917‏ علي مجموعة من بقايا الأكواخ التي سكنها العمال الذين شيدوا هذه المقابر العظيمة‏.‏ وقبلها عثر دافيز عام‏1907‏ علي حفرة مقبرة صغيرة أطلق عليها فيما بعد‏KV44‏ عثر بداخلها علي أوان فخارية واسم توت عنخ آمون منقوش علي قطعة من الكتان‏,‏

وكذلك بقايا جنائزية‏,‏ بالإضافة إلي قناع مذهب صغير‏,‏ وقد كان هذا هو الدليل المهم لإقناع كارتر بوجود المقبرة في هذا المكان‏,‏ ولم يحاول أن يحفر داخل هذه الأكواخ لأنه رأي أنها لن تصل إلا إلي مقبرة رمسيس السادس‏.‏ لذلك قام بتسجيل هذه الأكواخ وأمر العمال بأن يحفروا بعيدا عنها غير مدرك أنه بهذا يبتعد عن مقبرة الملك الذهبي‏.‏ واستمر العمال في الحفائر‏.‏ تارة يغنون الأغاني الشعبية الشهيرة وتارة يظلون صامتين كصمت الوادي الرهيب‏,‏ ويبدأون العمل في الصباح الباكر مع برودة الجو الشديدة تعقبها حرارة شديدة في وسط النهار‏,‏ والغبار الناتج عن الحفائر يغطي الوجوه الباحثة عن المقبرة المفقودة لأن كل الأدلة التي جمعها كارتر أثبتت وجود هذه المقبرة في الوادي‏,‏ ولزم كارتر خيمته‏.‏ قليل الكلام عابس الوجه‏.‏ وكان العمال يلتمسون له العذر لأن المقبرة لم يعثر عليها للعام الخامس‏.‏

ويبدو أن الحظ بدأ يبتسم للعالم الإنجليزي‏,‏ كان ذلك في هذا اليوم الذي سوف يظل عيدا للآثار وهو اليوم الرابع من نوفمبر‏1922.‏ أما قصة الكشف فقد جاءت عندما وصل الصبي الذي يحضر الماء للعمال كل يوم داخل جرة علي ظهره للحفائر‏.‏ وبدأ الصبي في إنزال الجرة ليضعها علي الأرض بعد أن غطي فتحتها العليا‏,‏ وبدأ أيضا في حفر فجوة علي الأرض لكي تسند الجرة‏,‏ وبينما يقوم بالحفر وجد درجة سلم من الحجر الجيري‏,‏ وعلي الفور ترك الجرة علي الأرض وجري حتي وصل إلي خيمة كارتر ليخبره بما عثر عليه‏,‏ وجري كارتر وراء الصبي علي أمل ان تكون هذه الدرجة هي مدخل مقبرة الملك توت عنخ آمون‏,‏

وصل كارتر إلي الموقع المجاور للحفائر أسفل مقبرة الملك رمسيس السادس وهي المنطقة التي أمر العمال بعدم الحفر فيها وعندما وقعت عيناه علي الموقع بدأت عيناه تلمعان وظهر الفرح علي وجهه‏,‏ وهنا تأكد ان حلمه قد تحقق وأنه عثر علي المقبرة التي ظل يحلم بها طوال حياته وظل يبحث عنها في الوادي خمسة مواسم كاملة من الحفائر‏.‏ وبدأ في تنظيف درجات السلم ووجده بالفعل يقود إلي مقبرة بابها مغلق بعدة أختام ومنها ختم حراس الجبانة‏,‏ ومن هنا عرف كارتر انه أمام واحدة من المقابر الملكية وكان شبه متأكد أنها مقبرة توت عنخ آمون‏,‏ وذهب كارتر إلي خيمته وبدأ في كتابة البرقية التي سوف يرسلها إلي اللورد كارنارفون وهذا هو نصها‏:‏ أخيرا عثرنا علي اكتشاف مدهش بالوادي‏,‏ مقبرة رائعة مغلقة بأختام الجبانة‏.‏ سوف نفتحها حين حضورك‏.‏

وبعد أن طوي البرقية ليعطيها لأحد العمال ليرسلها نظر كارتر إلي حيث يوجد عصفور الكناريا فوجده قتيلا داخل القفص واعتقد أن ثعبانا قد لدغ العصفور الذي جلب له الحظ‏.‏ وهنا خرجت أول علامة من علامات لعنة الفراعنة وبدأت المتاعب فعلا تصيب العالم الإنجليزي‏.‏

وجاء اللور كارنارفون إلي مصر ومعه ابنته السيدة ايفلين هيربرت في يوم‏23‏ نوفمبر‏1922‏ وبينما كان اللورد وابنته يشاهدان العمال أثناء الحفائر للكشف عن المقبرة كانت المفاجأة العثور علي اسم توت عنخ آمون لأول مرة علي الأختام المنتشرة علي الباب‏.‏ ولاحظ كارتر أن ختم المقبرة نزع وأعيد ختمها مرة أخري بواسطة حراس الجبانة‏,‏ ومن هنا عرف ان المقبرة تمت محاولة سرقتها بعد دفن الملك‏,‏ بل تلتها محاولة ثانية لسرقة مقبرة الملك توت‏.‏ ولكن يبدو أن الحظ قد ساعد علي كشفها كاملة لم تمس من قبل‏.‏ وفي يوم‏26‏ نوفمبر‏1926‏ قام كارتر بعمل ثقب في باب المقبرة وكان ممسكا بشمعة وقرب عينيه من الثقب وفجأة سكت عن الكلام‏,‏ ومن خلفه كان يقف اللورد كارنارفون ويسأله بلهفة عما يراه‏.‏ ورد عليه كارتر‏:‏ أشياء رائعة أشياء رائعة فكل ما أراه أمامي من الذهب‏,‏ وعندما دخل كارتر المقبرة وشاهد طريقة وضع الآثار أدرك للوهلة الأولي أن اللصوص قد دخلوا المقبرة من قبل ولكن القدر تدخل لإنقاذها من السرقة‏.‏

وحظي هذا الكشف بقدر كبير من الاهتمام لأن هذه المقبرة هي الوحيدة التي كشف عنها سليمة بجميع محتوياتها حيث عثر داخلها علي ما يقرب من‏5000‏ قطعة أثرية من ملابس ومجوهرات وأثاث وأسلحة وعجلات حربية وأدوات استخدمها الملك في حياته وأخري أعدت للاستعمال في العالم الآخر وقناع ذهبي رائع وكرسي للعرش تحفة فنية لا تتكرر‏.‏

وكل قطعة أثرية تعطينا بعد دراستها فكرة عن حياة هذا الفرعون الصغير‏.‏ بل وتعطينا بعد دراستها تفاصيل عن هذه الحياة وعن قصة الحب والغرام بينه وبين رفيقة حياته وزوجته الملكة عنخ إس إن با آتون والتي غيرت اسمها بعد ذلك عند انتقالهم إلي طيبة إلي عنخ إس إن آمون وهناك العديد من القطع الأثرية التي كانت مخصصة لأخناتون ووضع اسم توت عنخ آمون بدلا منه‏,‏ وجزء كبير من القطع الأثرية يحمل الطرز الفنية للفن الآتوني وأخري لفن طيبة‏.‏ وجذب هذا الكشف انتباه العالم كله‏,‏ وتناقلت أسلاك البرق أحداث الكشف يوما بعد يوم وأصبح وادي الملوك مركزا صحفيا يقيم فيه العديد من الصحفيين بغية الحصول علي أي أخبار‏,‏ ولكن اللورد باع حق النشر فقط إلي جريدة لندن تايمز البريطانية‏.‏ وقد كان هذا سببا مباشرا لمشاكل عديدة واجهها كارتر واللورد مع الحكومة المصرية لأنهما اعتبرا مقبرة توت عنخ آمون إنجليزية وليست مصرية‏,‏

وعاملا الصحفيين والضيوف معاملة سيئة جدا‏,‏ بل منع كارتر بعض المصريين من دخول المقبرة وأصيب اللورد بصدمة عندما عرف أنه ليس من حقه الحصول علي أية قطع أثرية من المقبرة ولن تكون هناك عملية قسمة لأن القانون يمنع القسمة إذا كانت المقبرة قد اكتشفت كاملة ولم تمس‏,‏ وهذا ما دفع اللورد وكارتر إلي سرقة العديد من القطع من داخل المقبرة وقد شهد علي ذلك كتاب توماس هوفنج عن الكشف وهو‏.‏ مدير متحف المتروبوليتان السابق ومازال علي قيد الحياة حتي الآن‏,‏ وكذلك ما عثر عليه مخبأ داخل قلعة اللورد في انجلترا‏.‏ وقد جاء العديد من القصص والروايات التي أكدت للناس في كل مكان وجود لعنة الفراعنة ومنها عندما أحبت ايفلين ابنة اللورد العالم كارتر ووقعت في غرامه ولكنه كان مشغولا بالكشف عن المقبرة ولذلك لم يعرها انتباها وبدأت تثير الوقيعة والمشاكل بينه وبين أبيها‏.‏ واستطاع مرقص باشا حنا الوزير المسئول في ذلك الوقت عن الآثار أن يطرد كارتر من مصر لعناده وإصراره علي عدم دخول المصريين لزيارة المقبرة‏.‏ ولذلك خرجت مظاهرات عديدة في الشوارع تهتف لمرقص باشا حنا وتقول يحيا وزير توت عنخ آمون‏.‏

وقد استطاع الكاتب الكبير محسن محمد في كتابه سرقة ملك مصر أن يحصل علي الوثائق والأدلة التي تثبت سرقة الملك توت عنخ آمون ومقبرته والقصص التي أثيرت حول هذا الموضوع‏.‏ ولكن لعنة الفراعنة بدأت أسطورتها الحقيقية في نهاية فبراير‏1923‏ أثناء قيام كارنارفون بحلاقة ذقنه حيث لدغته بعوضة أدت إلي أصابته بتسمم دموي وهناك قصص أخري أن حية الكوبرا قد لدغته ومات اللورد في مصر في يوم‏5‏ إبريل عام‏1923‏ بعد الكشف بنحو خمسة أشهر‏,‏ وجاء موت اللورد فرصة لاختلاق العديد من القصص والروايات حول لعنة الفراعنة‏.‏

بعض هذه القصص حقائق حدثت بالمصادفة وربطت بلعنة الفراعنة مثلما روي من أن اللورد كان داخل حجرته بفندق سميراميس بالقاهرة وبدأ النور يطفأ ثم يعود مرة أخري ثم مات اللورد‏.‏ وهذا بلا شك ليس له صلة باللعنة وإنما صلته الوثيقة بإدارة الكهرباء والغاز حيث كانت شبكة الكهرباء ضعيفة في ذلك الوقت‏,‏ وأن اللورد عندما فاضت روحه إلي السماء مات كلبه داخل قلعته بانجلترا في نفس الوقت‏.‏ وهذه لم تكن قصة حقيقية لأن التليفونات والاتصالات لم تكن تسمح بإثبات هذه الحالة ولكن الكاتبة‏MarieCorelli‏ كتبت أنها توقعت ان اللورد كارنارفون سوف يموت من لعنة الفراعنة ونشرت قصصا وحكايات مثيرة عن لعنة الفراعنة‏

المُنـى 10 - 7 - 2011 01:05 AM

وكان موت اللورد كارنارفون هو بداية لعنة الفراعنة‏!‏
بقلم‏:‏ د‏.‏ زاهي حواس

ما زالت لعنة الفراعنة ملتصقة بالمصريين القدماء ومازلنا حتي الآن نعتقد فيها‏,‏ والدليل علي ذلك أنه في أثناء فحصنا الأخير لمومياء الفرعون الذهبي الصغير توت عنخ آمون بالاشعة المقطعية‏,‏ حدثت عاصفة مدوية محملة بالأمطار الغزيرة‏,‏ قبل دخولنا المقبرة‏,‏ وبعد أن وضعنا المومياء داخل الجهاز توقفت تماما دون معرفة السبب‏,‏ ثم عادت للعمل مرة أخري من تلقاء نفسها‏,‏ وفي نفس اليوم اصيب الفنان فاروق حسني وزير الثقافة بأزمة قلبية نقل علي اثرها الي مستشفي دار الفؤاد‏,‏ وبعدها خرجت الصحف المصرية والأجنبية تعلن أن مومياء توت عنخ آمون تطارد فاروق حسني وكل من قام بفحص المومياء‏.‏ وهناك العديد من أصدقائي الذين يؤمنون بلعنة الفراعنة‏,‏ ومنهم الكاتب الكبير أنيس منصور‏,‏ الذي ألف كتابا مهما عن لعنة الفراعنة‏,‏ ودائما يؤكد لي أن صديقه كمال الملاخ اصيب بمرض جلدي خطير بعد أن وضع يديه داخل حفرة المركب التي كشف عنها بجوار هرم خوفو‏.‏

ومن الطريف انه في أثناء تسجيلي لبرنامج‏(‏ ضي الليل‏)‏ مع المذيعة عزة مصطفي بالقناة الأولي منذ أيام‏,‏ وكان ضيفنا الدكتور مصطفي الفقي وكنا نتحدث عن لعنة الفراعنة‏,‏ وفجأة قلت له أرجو أن تكف عن الحديث عن لعنة الفراعنة لأن اللعنة يمكن أن تنصب علينا أو علي آلات التصوير‏,‏ وفجأة تعطلت الكاميرا‏,‏ وانتظرنا ساعتين حتي وصلت كاميرا أخري‏,‏ وشكونا الي صديقي أنس الفقي وزير الاعلام فقال ضاحكا‏:‏ واحنا مالنا اللي حصل من لعنة توت عنخ آمون‏,‏ وضحكنا جميعا فالموضوع ما هو إلا مصادفة.

ومن القصص الأخري التي تقع تحت مقولة لعنة الفراعنة‏,‏ ما حدث في الواحات البحرية‏,‏ فبينما كنت أحفر هناك اسفل منازل اهالي قرية الباويطي وعلي عمق نحو‏10‏ أمتار تحت سطح الارض‏,‏ للكشف عن مقبرة حاكم الواحات البحرية واسرته‏,‏ عثرنا داخل المقبرة علي تابوت ضخم‏,‏ وقد احضرت الريس طلال الكريتي واخاه أحمد من منطقة سقارة لتحريك غطاء التابوت الذي يصل وزنه الي‏22‏ طنا‏,‏ وهما مشهوران في العالم كله بأنهما يستطيعان تحريك الأحجار والتوابيت الضخمة باستخدام نفس أسلوب الفراعنة‏,‏ وعندما وصلا الي الواحات البحرية جلسا معي لشرب الشاي‏,‏ وفجأة جاء لهما خبر وفاة والدهما وتوجها الي القاهرة عائدين في نفس اليوم‏,‏ وانتشرت في الواحات كلمة اللعنة‏,‏ لعنة الفراعنة التي اصابت الريس طلال واخاه أحمد‏.‏

وفي اليوم التالي كنت أحفر تحت الأرض في نفس المكان وكانت في يدي اليمني فأس صغيرة ازيل بها الرمال من داخل فتحة صغيرة اعتقدت انها توصل الي مقبرة أخري‏,‏ وفي يدي اليسري مصباح كهربائي تم توصيله بالكهرباء لانارة السراديب السفلية التي نعمل فيها‏,‏ ويمكنكم ان تتصوروا هذا الجو الخانق الصعب المليء بالغبار والتراب‏,‏ هذا بالاضافة الي اننا لا نعرف ما يخبئه لنا القدر‏,‏ ولكن لحظة الكشف هي أجمل مفاجأة ومعها لا يشعر المرء بالخطورة‏,‏ وفجأة جاءت هذه اللحظة ووجدت أمامي عيون تمثال براقة تنظر الي‏,‏ ولذلك قمت بشد سلك الكهرباء كي اقرب المصباح وحتي اشاهد هذا الكشف‏,‏ وفي لحظة انقطع سلك الكهرباء وصعقتني الكهرباء وسقطت علي الارض في اغماءة استغرقت نحو نصف دقيقة‏,‏ وبعد ان نهضت وأفقت من الصدمة كان بجواري الزميل محمود عفيفي وقلت له لو كنت توفيت من هذه الصدمة لاعتقد الناس ان السبب في موتي هو لعنة الفراعنة‏,‏ كما قيل من قبل في نهاية فبراير عام‏1923‏ م‏,‏ عندما لدغت اللورد كارنارفون بعوضة في أثناء حلاقته لذقنه‏,‏ واصابه تسمم دموي ومات اللورد في‏5‏ ابريل عام‏1923,‏ بعد كشف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون بنحو خمسة شهور فقط‏,‏ وجاء موت اللورد كارنارفون فرصة لاختلاق العديد من القصص حول لعنة الفراعنة عن طريق عدد من الصحفيين الذين كانوا مستائين من عدم اعطائهم فرصة لنشر اكتشاف المقبرة‏,‏ وهكذا بدأت لعنة الفراعنة في النمو‏.‏

وعرفت لعنة الفراعنة قبل ذلك باسم‏(‏ لعنة المومياء‏)‏ وبدأ ذلك في عام‏1827,‏ حيث كان هناك كاتب روائي انجليزي شاب يدعي جان وب لودن كتب رواية خيال علمي باسم المومياء وتحكي هذه الرواية عن باحث شاب يسمي ادريك‏,‏ يحارب مومياء غاضبة عادت للحياة‏,‏ وكانت هذه هي المحاولة الاولي التي يتعرض لها الكاتب للحديث عن لعنة المومياء‏,‏ وتبعته كاتبة صغيرة تسمي لويز ماي الكوت‏,‏ حيث صدرت لها رواية عام‏1869‏ م عرفت باسم الهرم المفقود ولعنة المومياء‏,‏ وفي هذه القصة يستخدم البطل قطعة من جسد أحد الكهنة كشعلة تنير له الطريق داخل الهرم‏,‏ وعثر داخله علي صندوق ذهبي به ثلاث حبوب ذات شكل غريب جدا وعاد بالصندوق الي امريكا‏,‏ وقامت خطيبته بزرع تلك الحبوب‏,‏ وارتدت زهور تلك النباتات في حفلة زفافها‏,‏ وعندما استنشقت رائحتها غابت عن الوعي تماما ولم تفق وتستمر الأحداث مع لعنة المومياء‏.‏

ولكن هذه القصص وغيرها من الحكايات والروايات الأخري‏,‏ تعد خيالا علميا مثلها مثل تلك القصص التي تحكي عن دراكولا ومصاصي الدماء أو فرانكشتين‏,‏ وكانت مثل هذه القصص قد ظهرت لأول مرة بعد الكشف عن مقبرة توت عنخ آمون في‏4‏ فبراير‏1922,,‏ وبعد فتح المقبرة مباشرة‏.‏

ففي الوقت الذي كان فيه اللورد كارنارفون الانجليزي الذي قام بتمويل الكشف عن المقبرة يرقد مريضا في غرفته بفندق شبرد بالقاهرة‏,‏ انتشرت قصة اللعنة بواسطة الصحفية الانجليزية ماريا كوريلا حيث ادعت انها تمتلك كتابا عربيا نادرا عن التاريخ القديم للاهرامات‏,‏ وادعت ايضا ان موت كارنارفون لايمكن ان تسببه البعوضة فقط‏,‏ ومن المؤكد ان هناك سببا آخر واخترعت اسم لعنة الفراعنة‏,‏ ويبدو ان هذا الموضوع قد انتشر مرة أخري بعد وفاة اللورد‏,‏ كما ذكرت سلفا‏,‏ حيث كتب احد الصحفيين انه عندما كان اللورد راقدا في سريره بالفندق في مصر اخذت الانوار فجأة تضاء وتطفأ عدة مرات‏,‏ وبعدها بدأ اللورد في الحديث بلغة غير مفهومة قبل أن يموت‏,‏ وهناك ايضا ما اذاعه ابن اللورد كارنارفون وأخذ يردده اكثر من مرة من ان كلب والده أخذ ينبح بشكل غريب وقت وفاة والده بالقاهرة ثم توفي بعد ذلك‏.

وادعي صحفي آخر أن البعوضة التي كانت سببا في وفاته اتت من نفس المكان الذي انتزع منه قناع توت عنخ آمون‏,‏ وقامت الصحف بنشر صورة للمقصورة الذهبية التي كانت تحوي الاواني الكانوبية‏(‏ وهي تلك الاواني التي اعتاد المصري القديم ان يضع داخلها احشاء جسده التي تستخرج قبل اتمام عملية التحنيط‏,‏ وكانت تلف وتوضع داخلها وسميت بذلك الاسم لأنه عثر عليها في البداية ببلدة كانوب بالاسكندرية‏),‏ وذكروا ان هذه المقصورة الذهبية كان عليها نص هيروغليفي يقول‏:‏ هؤلاء الذين سيدخلون المقبرة المقدسة سوف تزورهم أجنحة الموت سريعا‏,‏ وقد قاموا ايضا بترجمة النقوش الهيروغليفية الموجودة علي مقدمة تمثال الإله أنوبيس خطأ‏,‏ فجاءت كالتالي‏:‏ سوف اقتل من يعبرون هذه العتبة الي المنطقة الملكية المقدسة‏,‏ بالاضافة الي عدد آخر من الحوادث الجانبية التي ألصقوها بلعنة الفراعنة‏,‏ منها وفاة أخي اللورد كارنارفون فجأة في سبتمبر‏1923‏ م ووفاة عالم المصريات الانجليزي ارثر ماس الذي عمل في المقبرة‏,‏ ووفاة خبير الاشعة الذي استدعاه كارتر لفحص المومياء ومات وهو في طريقه الي مصر‏,‏ وايضا وفاة الأمريكي جاي جولد بعد زيارته للمقبرة حيث كان مصابا بالبرد‏,‏ والذي تحول بعد الزيارة الي التهاب رئوي وادي الي وفاته‏,‏ وتوفي أيضا أثري فرنسي يسمي جورجيس بينديت كان من ضمن فريق العمل بالمقبرة‏,‏ وفي اثناء العمل سقط وتوفي بعدها بفترة متأثرا بجروحه‏,‏ وفي ذلك الوقت قتل أمير مصري في فندق بلندن علي يد زوجته‏,‏ وزعمت الصحف ان روح الفرعون توت تملكت الزوجة وقتلت زوجها‏,‏ ليس هذا فقط فأي حادثة قتل وقعت في مصر بعد وحتي قبل اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي الصغير نسبت الي لعنة الفراعنة‏,‏ فعلي سبيل المثال يعتقد البعض ان وفاة العالم الفرنسي جان فرانسوا شاملبيون في تلك السن الصغيرة كانت بسبب لعنة الفراعنة‏.‏

وهناك حادثة أخري ارتبطت بلعنة الفراعنة‏,‏ ففي نهاية القرن التاسع عشر تم الكشف عن تمثالين في غاية الروعة والجمال وعثر عليهما في صندوق لشخص يدعي رع حوتب رئيس الجيوش وبجواره زوجته الجميلة نفرت‏,‏ ويعود تاريخهما الي عصر الملك خوفو صاحب الهرم الأكبر بالجيزة‏,‏ ونظرا لروعة وجمال هذين التمثالين اعتقد انهما يخصان أحد الملوك أو انها تماثيل آلهة‏,‏ حيث مازال هذان التمثالان يحتفظان بألوانهما ويبدو كما لو انه تم نحتهما بالأمس‏,‏ وكان التمثالان مخبئين بداخل مقصورة وعثر عليهما الاثري الفرنسي الشهير أوجست مارييت عام‏1871‏ م‏,‏ ويقول البعض ان مارييت ارسل احد العمال لفتح المقبرة وعند الكشف عنهما وعندما رأي العامل التمثالين وبريق عينهما في الظلام الدامس ظن انهما انسانان حقيقيان‏,‏ ويقال انه صرخ ووقع ميتا‏,‏ وعادت لعنة الفراعنة الي الظهور مرة أخري في عام‏1970‏ م عندما تم اختيار عدد من كنوز توت عنخ آموت لتذهب في رحلة حول العالم لعرضها‏,‏ وكان يرأس هيئة الآثار في هذا الوقت محمد مهدي‏,‏ وفي اليوم التالي الذي وقع فيه عقد المعرض والسماح لـ‏50‏ قطعة من آثار توت عنخ آمون للسفر للولايات المتحدة الأمريكية ولندن وفي اثناء مغادرته المتحف المصري صدمته عربة مسرعة ومات‏.‏

وبعد أن كتبت هذه الفقرة تذكرت اني سوف أوقع عقد سفر‏50‏ قطعة موجودة بأمريكا الي لندن واليابان‏..‏ وتستمر الأسطورة‏..!!‏


المُنـى 10 - 7 - 2011 01:07 AM

راهب الآثار الإسلامية‏..‏ ولعنة الفراعنة
بقلم‏: ‏د‏.‏ زاهي حواس



تصلني رسائل كثيرة من د‏.‏ هنري أمين عوض‏,‏ وهو طبيب عاشق للآثار الإسلامية لدرجة أن البعض يسميه راهب الاثار الإسلامية وقد ارسل لي هذا الاسبوع عن لعنة الفراعنة‏,‏ توقعت أن ينفي فيها موضوع لعنة الفراعنة مشيرا إلي أنها وهم أو خيال لكن المفاجأة أنه يؤمن باللعنة ويؤكد وجودها‏,‏ حيث يقول في رسالته‏:‏

تعليقا علي مقالاتك الاخيرة في جريدة الأهرام عن لعنة الفراعنة‏...‏ لعنة الفراعنة حقيقة مؤكدة‏..‏ وقد عايشت مئات الاحداث التي تؤكدها‏.‏ أنا طبيب ومن ضمن المرضي المترددين علي العيادة جامعو الاثار ومهربوها وسارقوها‏..‏ وشاهدت الكثير‏,‏ انا شخصيا تعرضت لحادثين منذ أكثر من ثلاثين عاما الاول‏:‏ اهدي إلي أحد مرضاي من أبو صير مجموعة من التماثيل المجيبة ـ الاوشابتي ـ صغيرة الحجم وضعها في علبة سجائر وعند عودتي للمنزل تحطمت عربتي الفارهة‏(‏ استوديو بيكر‏)‏ نتيجة اصطدام بعربة‏(124)‏ صغيرة لم تصبها إلا خدوش بسيطة ووجدت نجلي الصغير مصابا بحمي خطيرة ولم يستطع الاطباء وعلي رأسهم أ‏.‏د خليل الديواني تفسيرها‏.‏ فكرت ونزلت وألقيت بالعلبة في النيل أمام منزلي وصعدت إلي المنزل ووجدت حالة ابني تحسنت بشكل ملحوظ‏.‏

والحادث الثاني‏:‏ اهداني عالم الآثار الفرعونية‏(‏ بيانكوف‏)‏ وكان يستأجر فيلا ملكنا بالهرم خاتما فرعونيا اسطوانيا وتوالت المصائب فتخلصت منه واستبدلته من تاجر بخان الخليلي أ‏.‏ن بعملات اسلامية هوايتي‏,‏ وقد سعد تاجر الآثار بالحصول علي هذا الخاتم‏,‏ وفي نفس الليلة أصيب بجلطة في القلب وتوفي في ظرف أسبوع‏.‏

واليك أمثلة أخري‏.‏ وكيف يمكن تفسيرها منها‏:‏ أحد كبار جامعي الجعارين والمجوهرات الفرعونية مصري مقيم في فرنسا أقام معرضا لها بفيلته‏,‏ وفي نفس اليوم قتلت كريمته الوحيدة في حادث تصادم‏,‏ والقصة يرويها المرحوم الدكتور الخشاب‏.‏

تاجر آثار شهير ف‏.‏ش يموت نتيجة جرح بسيط في قدمه‏,‏ ويقتل نجله في حادث سيارة‏,‏ وابن آخر يموت بفشل كلوي رغم زراعة كلي له‏,‏ وابن يدمن ويقتله الادمان‏,‏ وابن يحكم عليه بالمؤبد في قضية تهريب آثار‏,‏ والابن الوحيد الباقي في صحة جيدة‏,‏ لانه لم يتعامل مع الآثار‏,‏ وفي مركز اجتماعي مميز‏.‏

مهرب آثار أرمني عالمي هـ‏.‏س اشتري جزءا من كتاب الموتي من أبوصير ـ والتي تقع بالجيزة ـ وجد مقتولا عاريا‏,‏ وتنبثق من رأسه نافورة دماء‏,‏ عرضت الصور علي مباحث الجيزة وعلي الرغم من المرور عشرات السنوات إلا أنه لم يستدل علي طريقة قتله حتي الان‏.‏

زوجتا اثنين من المتهمين في قضية تهريب آثار تتوفيان والزوجان في السجن وذلك علي الرغم من أنهما كانتا تتمتعان بصحة جيدة‏,‏ وأعرفهما لانهما من المترددين علي العيادة مع أنجالهما‏.‏ المهتمان ط‏.‏س‏.‏ أنا لا أخشي عليك‏,‏ فأنت الحارس لتراثهم‏,‏ والمكتشف له‏,‏ والمحافظ عليه‏,‏ والذي تحترمه وتعرضه العرض اللائق‏.‏ هذه الرسالة قطرة من بحر وشكرا
د‏.‏هنري أمين عوض

وأقول‏..‏ فعلا‏...‏ إنها رسالة غريبة ومثيرة خاصة أنها من أحد العلماء المتخصصين في طب الامراض الجلدية‏,‏ يعتقد في وجود لعنة الفراعنة‏,‏ ويبدو أن موضوع اللعنة وخاصة لعنة المومياء أصبح حديث العامة في كل مكان‏,‏ وخاصة بعد عرض آثار توت عنخ امون في الولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ ولم يعد حديث الصحف والتليفزيون غير موضوعات وقصص عن لعنة الفراعنة حتي إن المذيعة الشهيرة ديان سيور قد فزعت عندما انطفأ كشاف الانارة في استوديو‏GoodMorningAmirca‏ صباح الخير يا أمريكا وهي تتحدث معي عن لعنة توت عنخ آمون‏,‏ بل انهم يرجعون سبب اعصار كاثرينا وغرق نيو أورليانز بعد عرض آثار البحث عن الخلود بها إلي لعنه الفراعنه ومن الغريب ايضا أن صديقي الكاتب الكبير أنيس منصور يقسم في وجود لعنة الفراعنة ويؤكد أن كمال الملاخ أصيب بمرض جلدي بعد أن أدخل يده في حفرة مراكب الشمس بعد كشفها بل ويقول لي دائما بأنه يخاف علي من لعنة الفراعنة‏.‏

لكن هذه الرسالة تجعلني أتحدث عن صاحبها لانه علم من اعلام مصر ولم يحصل علي حقه بعد من الجوائز والتكريم‏.‏

الدكتور هنري أمين عوض مسيحي قبطي أي مسيحي مصري يعشق الاثار الإسلامية لدرجة غريبة جدا لم أجدها إلا في العالم الكبير عبدالرحمن عبدالتواب‏,‏ فقد عشقا وأحبا الآثار بجنون‏,‏ ولذلك فقد وهبا حياتهما من أجل البحث والدفاع عن الاثار والدكتور هنري تخرج في كلية الطب جامعة القاهرة عام‏1950‏ م‏,‏ وهو متخصص في الامراض الجلدية والتناسلية‏,‏ وأرسل لي خطابا يؤكد فيه أن عيادته الخاصة مفتوحة بالمجان لكل العاملين بالمجلس الاعلي للاثار‏,‏ وحصل علي دبلوم الدراسات العليا في الاثار الاسلامية عام‏1973‏ م‏,‏ وقامت الدكتورة سعاد ماهر عميدة الكلية في ذلك الوقت بتكليفه لتدريس التدريبات العملية للمسكوكات الإسلامية لطلاب الدراسات العليا‏,‏ وسافر في بداية حياته إلي السودان‏,‏ وهناك تقابل وصادق اللواء محمد نجيب أول رئيس جمهورية لمصر‏.‏ وقد كان اللواء نجيب مغرما بالاثار واقتنائها‏,‏ كما كان مغرما بالكتب الخاصة بالتاريخ والاثار‏,‏ وقد أصبح الدكتور هنري بعد ذلك طبيبه الخاص لذلك أهداه العديد من الآثار ومكتبته الاثرية‏.‏ وقد بدأ الدكتور هنري أمين عوض في جمع واقتناء العملات الإسلامية في وقت كان القانون يسمح بذلك وتم تسجيل مجموعته عندما صدر القانون‏117‏ لسنة‏1983‏ م‏,‏ واصبح لديه اهم مجموعة لعملات إسلامية لا يوجد لها مثيل حتي في المتاحف المصرية‏,‏ وقد قدم لي هذا الرجل العظيم صديقي الكاتب الساخر أحمد رجب في نصف كلمة ولكن من خلالها عرفت رجلا عظيما وعالما متواضعا‏.‏

وقد بدأ الرجل في القيام بواجبه من الوفاء لبلده الذي يحبه‏,‏ وأيقن أن مالديه من مقتنيات أثرية رغم أنها مسجلة لدي الآثار‏,‏ ورغم أنه دفع في اقتنائها الآف الجنيهات قد تكون في طريقها للخارج وخاصة أن آثارنا كانت تباع وتصدر بموجب القانون حتي عام‏1983‏ م‏,‏ لذلك فقد قام الدكتور هنري بعمل مبادرة هي الاولي من نوعها فقد تبرع بالمكتبة التي اهداها له اللواء محمد نجيب إلي مكتبة الاسكندرية‏,‏ وقام الدكتور إسماعيل سراج الدين بالتالي باهدائه درع مكتبة الإسكندرية مرتين لان مقتنياته أضافت الكثير إلي المحتوي الثقافي للمكتبة‏.‏

وتبرع ايضا بمجموعة من العملات الإسلامية إلي المتحف الإسلامي وذلك من الفترة من‏1956‏ م ـ‏1970‏ م‏,‏ ومجموعة أخري إلي المتحف القبطي وأخري إلي كلية الاثار لكي تكون مادة ملموسة للتدريس للطلاب‏,‏ وأخري إلي المتحف المصري بالقاهرة اغلبها عملات ذهبية‏.‏ واهدي مجموعة أخري إلي جامعة جنوب الوادي‏,‏ ولذلك فقد اقاموا متحفا بالجامعة يحمل اسم هنري أمين عوض‏.‏

وقد وجدت أن العملات علي مر العصور منذ العصر اليوناني الروماني حتي عصر محمد علي يجب أن يكون لها متحف خاص‏,‏ نستطيع من خلاله دراسة العملة وتطورها وأشكالها لنعرف تاريخ مصر علي مر العصور‏,‏ ويصبح هذا المتحف من أهم المتاحف المتخصصة في العالم كله‏,‏ لذلك فقد اخترنا مكانا هاما بالقلعة كان يتم فيه صك العملة خلال العصر الإسلامي وجار الآن اعداد متحف العملة‏,‏ وسوف نخصص قاعة داخل هذا المتحف تحمل اسم عاشق الإسلاميات‏.‏

وقد قام مركز البحوث الأمريكي والجامعة الأمريكية باعداد كتاب يحمل اسم كنوز الفسطاط‏,‏ وقد اهدي هذا الكتاب إلي عاشق مصر الدكتور هنري وفيه قام العلماء بمناقشة مجموعة الآثار والعملة والمخطوطات والاخشاب التي خرجت من أهم المناطق الإسلامية في مصر وهي الفسطاط‏.‏

والدكتور هنري له اهتمام خاص بأدوات الجراحة ودراستها في العصر الإسلامي‏,‏ وقد اشترك في مناقشة العديد من رسائل الماجستير عن هذا الموضوع ونقوم الان باعداد السيناريو الخاص بمتحف تاريخ الطب الذي سوف يقام داخل قصر السكاكيني‏,‏ وسوف يحكي هذا المتحف تاريخ الطب من العصر الفرعوني حتي عصر محمد علي‏.‏

وقد ارسل لي خطابا يرجو فيه التحدث في موضوعين اهتمت بهما الصحافة المحلية والعالمية‏,‏ الاول عن موسي بن ميمون ومعبده‏,‏ والاخر عن الحمض النووي وتطبيقه علي الموميارات‏.‏ ومن المعروف أن موسي بن ميمون كان الطبيب الخاص المعالج لــصلاح الدين الايوبي‏,‏ وكان دائما يستمع اليه‏.‏ وبدأت اليونسكو التفكير في عمل احتفالية خاصة به علي أنه عربي وقد ولد في مصر بديانته اليهودية ولكن فلسفته تأثرت بالإسلام وهذا واضح في كل مؤلفاته بالعربية‏,‏ ومعبده موجود في حارة اليهود بمصر وطلب الدكتور هنري أن نركز علي أن مصر هي التي وهبته العلم والفلسفة‏.‏

أما الموضوع الخاص بالحامض النووي وتأثيره علي المومياوات فيؤكد فشله بالنسبة للمومياوات المصرية لانها عاشت في درجة حرارة عالية وتقوم بتكسير الحمض النووي عكس المومياوات الموجودة في الكهوف الجليدية في شمال أوروبا‏,‏ وعلي العكس يقول صديقي الدكتور محمد العبادي أن هناك دراسات علمية يقوم بها المركز الان لمحاولة معرفة هل يصلح الحامض النووي لدراسة المومياوات المصرية أم لا؟ ومازال الموضوع يخضع لدراسات كثيرة ولكني سعيد بقيام معهد المصل واللقاح بالاهتمام بهذا الموضوع الشيق والهام‏.‏ واخيرا هناك نقطة أود أن أوضحها وهي تفسر سبب عشق د‏.‏ هنري للاثار الإسلامية فهو يعتبر أن التاريخ الإسلامي متحرك وشيق بأحداثه‏,‏ أما الخبر الهام فهو أنه اتفق مع العالم الكبير الدكتور علي رضوان علي أن يهدي كل مالديه من آثار لمتحف الحضارة‏,‏ الذي اقيم بالفسطاط‏.‏

المُنـى 10 - 7 - 2011 01:07 AM

أصل المصريين‏...‏ مصريون
بقلم : د‏.‏ زاهي حواس




تعتبر الشخصية المصرية فريدة من نوعها فقد غيرت تقلبات التاريخ في اللغة والدين علي مر العصور منذ العصر الفرعوني وحتي دخول الإسلام إلي مصر ولكن لم تستطع أي ظروف أن تغير من روح هذا الشعب العظيم‏,‏ فعندما دخل الهكسوس إلي مصر لأول مرة وعاشوا ما يقرب من‏150‏ عاما لم يؤثروا في شعب مصر بل تأثروا به وعاشوا في مصر مثل المصريين وجاء اليونانيون وعاشوا‏300‏ عام فتمصروا تماما وبنوا المعابد المصرية وتشبهوا بالملوك بل وأصبحوا مصريين‏.‏ ونفس الحال بالنسبة للرومان‏.‏

وعلي العكس تماما لو قابلت أي مصري يعيش في أمريكا أو أوروبا لوجدت أن مصريته لازالت موجودة في تصرفاته وعاداته وتقاليده ولم تستطع الحضارة التي يعيش فيها أن تحول مصريته‏,‏ وهذا سر الشخصية المصرية وهي تمسك الإنسان المصري بالأرض وبتراب مصر‏.‏وقد فطن لعظمة هذه الحضارة اليونانيون الذين بدأوا في زيارة مصر منذ القرن السابع ق‏.‏م وانبهروا بالحضارة المصرية وعظمتها ورغم جمودها إلا أن الحضارة تجعل الإنسان يحس بالعظمة والرهبة والسحر الذي لا يوجد في أي حضارة أخري‏.‏ فقد وجدوا أن نهر النيل يفيض من الجنوب إلي الشمال ومظاهرة لا تتشابه مع أي نهر آخر‏.‏ وللمصريين تقاليد وعادات لاتتشابه مع أي حضارة أخري‏.‏

ونعرف أن هناك حضارات عظيمة قديمة عاصرت الحضارة المصرية مثل حضارة الشرق الأدني القديم وسوريا وفلسطين بل واليونان والإمبراطورية الرومانية ولكن الحضارة المصرية هي الحضارة الوحيدة التي تركت لنا آثارا فريدة جعلتنا مبهورين بهذه العظمة خاصة الهرم الأكبر‏.‏ هرم الملك خوفو العظيم وجعل هذا الهرم العالم في حيرة من كيفية بنائه ومازال في حيرة من الكشف عن أسراره‏,‏ وتمثال أبوالهول الذي يربض في شرق الأهرامات وله نظرة غريبة تحمل سر الحضارة الفرعونية‏.‏ فقد آمن الفراعنة بالحياة مرة أخري في العالم‏,‏ لذلك فقد وجهوا اهتمامهم بالكامل إلي المقبرة أكثر من المنزل واهتموا بالإعداد للموت ولذلك أصبح الهرم أو المقبرة هو المشروع القومي لمصر كلها‏,‏ ووجه المصريون كل اهتمامهم إلي بناء مقبرة الفرعون بل إن العائلات الكبيرة التي كانت تحكم صعيد ودلتامصر كانت مسئولة عن طريق إرسال العمال والطعام لمشاركة الفرعون في بناء هذه المقبرة التي سوف تساعده ليصبح إلها في العالم الآخر‏.‏ لذلك فقد أبدع المصريون القدماء في الفلك والعمارة والفنون والحساب والطب والتحنيط والعلوم من أجل بناء الهرم لذلك فإنني أقول دائما إن بناء الهرم هو الذي بني مصر‏.‏ ورغم ذلك ك
ان المصريون القدماء محبين للحياة واهتموا بمنازلهم فقد كان المنزل المصري القديم مؤسسا مثل منازلنا في العصر الحديث‏,‏ بل واهتموا بالغناء والطرب وعرفوا الموسيقي والأغاني‏.‏ وهذا عكس الحضارات الأخري‏,‏ فنجد أن ما تركوه من مقابل لايتناسب مع عظمة البناء عند الفراعنة الأجداد ولذلك فقد وصلت الحضارة الفرعونية للقمة نظرا لأنها تمت بمميزات لم تصل إليها حضارة أخري في العالم القديم‏.‏

وإذا حاولنا الآن أن نحلل اسم مصر الحالي كذلك أسماء مصر القديمة فسوف نجد أن الفراعنة أطلقوا علي أرض مصر اسم كمت بمعني‏(‏ الأرض السوداء‏),‏ وذلك رمزا إلي خصوبة التربة المصرية حيث كان نهر النيل الذي يفيض صيفا كل عام يعطي الخصوبة إلي الأرض المصرية التي تعطي لنا الخير الدائم‏.‏ ونظر الفراعنة إلي الأرض المتاخمة لوادي النيل وهي الصحراء فأطلقوا عليها اسما آخر وهو دشرة بمعني‏(‏ الحمراء‏)‏ وسوف نجد أن المصريين القدماء بدأوا يرددون في نصوصهم وأحاديثهم اسم كمت‏.‏ وأطلق المصريون القدماء علي مصر اسم تاوي بمعني الأرضين وهذا الاسم كان مرتبطا بالفرعون الذي يحكم مصر فهو نسوت تاوي بمعني ملك الأرضين الوجه القبلي الذي أطلق عليه اسم شمعو والوجه البحري الذي يعرف باسم محو وكان المصري يضيف لهذه الكلمات اسم تا بمعني‏(‏ أرض‏).‏ وكان الفرعون يؤكد دائما وحدة البلاد وأنه المسيطر علي الوجهين القبلي والبحري ولذلك اعتبرهذا اللقب من أهم ألقاب الفرعون الذي يحكم البلاد‏.‏

وهنا يجب أن نفسر معني كلمة فرعون لأننا نستخدمها في بعض الأحيان دون معرفة معناها بل ونحاول أن نشير إلي أن كلمة فرعون تعني الطاغي أو الظالم وذلك من خلال قراءة الكتب السماوية خاصة القرآن الكريم في قصة موسي عليه السلام‏,‏ والفرعون الذي طغي وقد جعلنا هذا نعتقد أن كل الفراعنة طغاة وجعل البعض ينظر إلي الآثار كأنها أصنام لأنها من صنع الطغاة‏.‏ وهنا يجب أن نشير إلي أن اسم فرعون ينسب إلي الاسم المصري القديم بر‏-‏ عا بمعني‏(‏ المنزل العظيم‏)‏ وهذا الاسم عرف فقط وارتبط بالفرعون منذ عصر الدولة الحديثة أي منذ حوالي‏1550‏ ق‏.‏م‏.‏ وقد حرف الاسم بالعبرية إلي فرعو ثم بالعربية إلي فرعون وبالتالي فإن الاسم يعني الملك الذي يعيش في القصر العظيم وقد عرف حكام مصر قبل الدولة الحديثة باسم ملك وبعد الدولة الحديثة باسم فرعون‏.‏ وتظهر عظمة القرآن الكريم في قصة سيدنا يوسف حيث لم تذكر القصة كلمة فرعون لأن الحادثة وقعت قبل الدولة الحديثة‏.‏ أما قصة سيدنا موسي فقد حدثت عندما كان الملك يطلق عليه اسم فرعون‏.‏

أما كلمة مصر فقد فسرها العالم الراحل العظيم عبدالعزيز صالح‏,‏ وأوضح لنا أن أقدم ذكر لهذا الاسم جاء في رسالة كتبها أمير من كنعان إلي فرعون مصر وذلك في القرن الرابع عشر ق‏.‏م وقال فيها إنه سوف يرسل أهله إلي ماتو مصري بمعني أرض مصر وخاصة أن جيرانه يهددونه‏,‏ بالإضافة إلي ذكر اسم مصر في نصوص فينيقية وآشورية‏.‏ وبعد ذلك ذكرتها النصوص اليمنية القديمة وكذلك الآرامية‏.‏

واستطاع العالم المصري أن يكون أول من قدم لنا تفسيرا رائعا وتحليلا للاسم وأعتقد أن اسم مصر هو صورة لفظية لكلمة مصرية مجر وتعني المصور أو المكنون‏.‏ وأن هناك استعاضة فيها عن حرف ج بحرف ص وتحويلها إلي مصر‏.‏ واعتقد آخرون أن اسم مصر ذو صلة بكلمة سامية كنعانية أو اشتق من كلمات تشبه في اللفظ مثل صر وصور ومصورا أو أن يكون ذا صلة بتفسير العرب لاسم مصر وهو أن المصريين قسموا إلي جزئيين الشيئيين أو الحديين الأرضين‏.‏

ومن المعروف أن اليونانيين أطقلوا إيجوبتوس علي النيل وأرض مصر وكتبه الرومان بعد ذلك اسم إيجبتوس وشاع بعد ذلك في اللغات الأجنبية باسم‏Egitto‏ في الإيطالية و‏Agypten‏ في الألمانية و‏Egypt‏ في الإنجليزية و‏Egypte‏ في الفرنسية‏.‏ واعتقد العلماء أن اليونانيين قد سموا اسم إيجوبنوس لمصر وذلك لاحتمال الاشتقاق من اسم أجبي وهو اسم ينسب إلي الماء الأزلي أو إلي النيل والفيضان‏.‏

واعتقد آخرون أن الاسم اليوناني إيجوبتوس هو اسم حت كا بتاح أو حوت بتاح وهذا يشير إلي أن اسم المعبد طغي علي مدينته فعرفت المدينة بهذا الاسم وبعد أن عرف اليونانيون أهمية هذه المدينة خلال عصر الأسر‏26‏ أطلقوا الاسم علي مصر كلها‏.‏ ومع النظر في دراسات علم الأنثروبولوجي لن نجد ردا كافيا في محاولة معرفة أصل المصريين‏,‏ فهناك رأي يشير علي أن أصل المصريين هو سامي حامي بمعني أنهم يرجعون إلي أصل منطقة الجزيرة العربية وكذلك إلي أفريقيا‏.‏ ودللوا علي ذلك بشكل المصريين الذين يعيشون في الدلتا مقارنة بشكل ولون نفس الإنسان الذي يعيش في منطقة الجزيرة العربية‏.‏ أما الإنسان الذي يعيش في الصعيد بوجهه الغالب إلي السمرة فيمكن إلحاقه بالإنسان الذي يعيش في أفريقيا‏.‏ وهذا الرأي مازال الكثيرون يؤمنون به‏.‏ وجاء بعد ذلك الشيخ أنتا ديوب وأعلن أن أصل المصريين القدماء يعود إلي العنصر الزنجي ودلل علي ذلك بتماثيل للملك توت عنخ آمون و رمسيس الثاني وهي تأخذ الشكل الأسود‏,‏ وكذلك أشار إلي أن اللغة المصرية القديمة تعود إلي لغات شرق أفريقيا ولغات بربر شمال أفريقيا بعد أن امتزج بعضها بالبعض الآخر‏.‏ وقد عقد اليونسكو مؤتمرا في باريس لمناقشة هذا الرأي وخرج في النهاية بتوصية تشير إلي ضرورة عمل دراسات وأبحاث أنثربولوجية وأثرية وتاريخية حتي يمكن الاعتراف بهذا الرأي‏.‏ أما الرأي الثالث فهو الرأي الذي أعلنه سير فلندرز بتري أبوالمصريات الذي كشف عن جبانة بصعيد مصر واعتقد أن هؤلاء هم الذين صنعوا الحضارة المصرية ودلل علي ذلك بأن النيل موجود في العديد من بلاد أفريقيا بل إن الجو في تلك البلاد أحسن من الجو في مصر وأغلب هذه الدول لديها مصادر ثروة طبيعية لكنها لم تقم حضارة مثل الحضارة المصرية في أي مكان ولذلك أعتبر أن أصل المصريين‏.‏ مصريون وأنا شخصيا أعتقد في صحة الرأي الثالث وأميل إلي أن هذه الحضارة العظيمة بناها المصريون العظماء الذين نشأوا حول نهر النيل العظيم‏.‏ أعتقد أن هذه السطور قد تظهر عظمة الشخصية المصرية وتؤكد أن المستعمر أو الحكام الظلمة أو الديكتاتورية لم تؤثر في هذا الشعب‏.‏ فهو شعب يظل دائما قويا وعنيدا وطيبا أيضا‏.‏ إنها أصالة شعب عظيم هو شعب مصر‏.‏


الساعة الآن 02:13 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى