هيكل سليمان بين الحقيقة التاريخية والخيال الأدبي !
مقالي في ( مشارف مقدسية )
هيكل سليمان بين الحقيقة التاريخية والخيال الأدبي ! محمود شاهين القدس القديمة ، مدينة السماء ، التي تحرص جميع الطوائف التي تتبع الديانات السماوية الثلاث على إيجاد أكثر من مقر لها فيها ، يمثل في الكنائس والأديرة للطوائف المسيحية وأبرزها كنيسة القيامة، وفي المساجد والتكايا والزوايا للطوائف المسلمة وابرزها المسجد الأقصى ، الذي سمي الأقصى أي البعيد، لبعده عن مكة ، فيما سميت كنيسة القيامة باسمها لأنها أقيمت على المكان الذي قام منه يسوع المسيح من اللحد وصعد إلى السماء . وظل اليهود دون مكان مقدس لهم بعد هدم كنيس الخراب في حرب 1948 فراحوا يتعبدون على ساحة أقاموها إلى جانب حائط البراق المجاور للمسجد الأقصى لاعتقادهم أن المسجد الأقصى قد بني على أنقاض هيكل سليمان المزعوم ، وحفروا الأنفاق تحت المسجد في محاولة للعثور على أثر ما للهيكل ، دون جدوى ." وفي عام 2001 قررت الحكومة الإسرائيلية إعادة بناء الكنيس على مسافة 300 مترمن الجدارالغربي للمسجد الأقص بجوار المسجد العمري ، ورصدت له ميزانية بقيمة 12 مليون دولار. (1) وقد أطلق اسم الخراب على الكنيس لأنه أحرق وخرب عام 1720 بعد عشرين عاما من بنائه على أيدي يهود إشكناز ، فاًصبح خربة .أعيد بناؤه وهدمه أكثر من مرة بعد ذلك . (2) سنلقي الضوء في هذا البحث على قصة هيكل سليمان كما ورد في التوراة اليهودية ( العهد القديم ) ومدى مقاربتها للعقل والمنطق وسنتطرق إلى ما ذكره علماء التاريخ وعلماء الآثار عن مملكة اسرائيل المزعومة . مملكة اسرائيل وحكم سليمان : حسب التوراة أقيمت مملكة اسرائيل ما بين أعوام 1050 و 930 ق.م. وأن سليمان استلم الحكم من أبيه داود الذي أوصاه ببناء الهيكل ، فقد انشغل داود بالحروب وخاصة مع ابنه أبشالوم الذي حاول الإستيلاء على الحكم من أبيه . وسليمان هو ابن داود من زوجة المحارب في جيشه اوريا الحثي. ( بثشبع) التي رآها داود تستحم على سطح بيتها فاشتهاها وأرسل من يحضرها له ، لتكون سرية له ثم زوجة بعد أن أمرقائد جيشه بقتل زوجها في الحرب بوضعه في مقدمة الجيش عند الهجوم ومن ثم التراجع عنه .(3) تقدم التوراة سليمان لنا من البداية كشخصية فوق أسطورية ، حين تتحدث عن طعام يكفي لجيش يحتاج له سليمان كل يوم . فمن يتصور مثلا انسانا واقعيا يحتاج إلى التهام مائة خروف وثلاثين ثورا في اليوم ، عدا الملحقات من الأيائل والظباء واليحامير والإوز والسميد والخبز ؟! لا بد أنه كان بحجم ألف رجل على الأقل ليحتاج إلى هذا الكم من الطعام ! " 22وكان طعام سليمان لليوم الواحد: ثلاثين كر سميذ، وستين كر دقيق 23 وعشرة ثيران مسمنة، وعشرين ثورا من المراعي، ومئة خروف، ما عدا الأيائل والظباء واليحامير والإوز المسمن ( ملوك أول /4 ) وطالما أننا أمام انسان اسطورة فلن نفاجأ إذا ما وجدنا أنه اقتنى 700 زوجة و300 سرية! 1" وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون: موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات 2 من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل: لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون إليكم، لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم. فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة 3 وكانت له سبع مئة من النساء السيدات، وثلاث مئة من السراري، فأمالت نساؤه قلبه" ( ملوك أول /11) ولن يفوتنا أن نذكر أن سليمان كان ملكا حسب التوراة وليس نبيا كما هو في الإسلام ، والحال نفسها كانت مع أبيه داود . وأغرب ما في الأمر أن فرعون مصر زوجه ابنته ، وفي روايات أخرى اسلامية أنه تزوج من بلقيس ملكة سبأ اليمنية ! الأمر الآخر الذي عرف عن سليمان أنه كان حكيما وأن حكمته بلغت الآفاق وأن بلقيس ملكة سبأ سمعت بحكمته فقامت بزيارة له لتتعرف على حكمته وتستنير بها . 1 وسمعت ملكة سبا بخبر سليمان لمجد الرب، فأتت لتمتحنه بمسائل 2 فأتت إلى أورشليم بموكب عظيم جدا، بجمال حاملة أطيابا وذهبا كثيرا جدا وحجارة كريمة . وأتت إلى سليمان وكلمته بكل ما كان بقلبها (ملوك أول /10) وكنا سنأخذ بهذه الزيارة الشاقة جدا دون شك ، من جنوب أرض العرب إلى أقصى شمالها ، وكنا سنتقبل هذه الحكمة بصدر رحب لو لم يحدث ما لم يتوقعه أحد ، ربما حتى يهوة ( الإله اليهودي ) نفسه ! فقد تخلى سليمان عن عبادة يهوة : استعان سليمان بملك صور للحصول على الأخشاب ووظف ثلاثين ألفا من الرجال لنقل الأخشاب عدا آلاف الرجال الذين وظفهم في قطع الصخور وصقلها ، وتم بناء الهيكل الهائل في سبعة أعوام ونصف . لن ندخل في حجم الهيكل وهندسته وزخرفته والمجوهرات التي زينت جدرانه وتابوت الرب الذي وضع فيه والمذبح الذي أقيم فيه لتقديم القرابين ، لن ندخل في تفاصيل كل هذه الأمور لعدة أسباب يأتي في مقدمتها ، أن حكمة سليمان ( العظيمة) التي دفعته لبناء هيكل للرب هي نفسها التي دفعته للتخلي عن عبادة الرب نفسه ، وأن يتبع آلهة الكنعانيين الذين تزوج بناتهم ، وبهذا تحول الهيكل ( المعبد ) من هيكل للرب يهوة ، إلى هيكل للآلهة الكنعانية : "4 وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى، ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه 5 فذهب سليمان وراء عشتورث إلهة الصيدونيين، وملكوم رجس العمونيين 6 وعمل سليمان الشر في عيني الرب، ولم يتبع الرب تماما كداود أبيه 7 حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموآبيين على الجبل الذي تجاه أورشليم، ولمولك رجس بني عمون 8 وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن " ( ملوك أول /11) تذكر بعد المصادر أن قرابة مائتي ألف شاركوا في بناء الهيكل ، فهل يعقل أنه بعد كل هذا العناء والتعب أن يخرج سليمان على دين أبيه وأجداده لمجرد أن نساءه أملن قلبه ؟ أم لأن الدين بحد ذاته لم يكن مقنعا له ، فتخلى عنه في شيخوخته ، أي بعد أن نال من الحكمة قسطا مقبولا جعله يفكر في دينه ، فاكتشف أن دينه دخيل على ديانات المنطقة . هذا إذا أردنا أن نخضع الأسطورة لمنطق ما . ومن الجدير بالذكر أن بني اسرائيل كانوا يرتدون باستمرار عن عبادة يهوة ومنذ البداية . أي منذ أن اختارهم يهوة شعبا له وعمل على خلاصهم من العبودية المصرية حسب التوراة . وثمة أسئلة كثيرة يمكن أن تطرح : فإذا كان النص سماويا يهوويا فما الذي يريده يهوة بجعل شعبه المختار يرتد عنه ؟! وإذا كان النص من تأليف عزرا أو غيره من كتبة التوراة فما الذي أرادوا أن يقولوه ؟ هل أرادوا أن يقولوا أن التوراة نص أدبي متخيل كتب بتأثير قبيلة أو جماعة معينة تريد أن توجد تاريخا لها، يجهد لأن يقدم تفسيرا للوجود وللخلق مبنيا على تراث المنطقة السابق ، وأن التناقضات التي فيه جاءت لتثبت أنه اجتهاد قابل للخطأ والصواب طالما أنه اجتهاد مبني على تراث قابل للخطأ والصواب أيضا . ويجمع الباحثون على أن التوراة كتبت بعد السبي البابلي ( 587 ق. م.) واستمرت كتابتها لأكثر من 300 عام ، أي بعد قرابة 700 عام على الأقل من أحداثها ، وأنها كانت تخضع في كثير من الأوقات لثقافة كاتبها وثقافة الزمن الذي كتبت فيه . آن الأوان لأن نتطرق لما يقوله العلماء، ليس عن الهيكل فحسب بل عن مملكة اسرائيل نفسها التي يقال أنها انشقت بعد عهد سليمان إلى مملكتين : اسرائيل في الشمال ويهوذا في الوسط والجنوب ، حسب التوراة . ولنبدأ بالعلماء الإسرائيليين . فلنكشتاين يفجر قنبلة : "مرة اخرى.. يطل علينا عالم الآثار الإسرائيلي الشهير «إسرائيل فلنكشتاين» من جامعة تل أبيب والذي يعرف بابي الآثار، ليفجر قنبلة جديدة في وجه التوراتيين وحكام «اسرائيل» بنفيه وجود أي صلة لليهود بالقدس، اذ أكد في تقرير نشرته مجلة جيروساليم ريبورت الإسرائيلية- 5-8-2011- «أن علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة بما في ذلك قصص الخروج والتيه في سيناء وانتصار يوشع بين نون على كنعان»، مفككا بذلك وسيلة وزعما من أخطر الوسائل والمزاعم التي تلجأ اليها الدولة الصهيونية لترويج روايتها حول «يهودية المدينة المقدسة» وأساطير "ارض الميعاد»، و»شعب الله المختار»و»الحق التاريخي لليهود في القدس وفلسطين»، كما ورد من وجهة نظرهم في التوراة التي اثبت الكثيرون من الباحثين العرب والأجانب، وحتى بعض اليهود في العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، وبعد الاكتشافات الأثرية الجديدة في تل العمارنة وما كشفته الحفريات الأثرية في القدس وبعض المناطق الفسطينية الأخرى، اثبت هؤلاء بأن التوراة كتاب ادبي قصصي مبني على الأساطير والخرافات في معظمه وليس كتاب تاريخ يمكن الاستناد اليه كمرجع للاصول التاريخية والأثنية للشعوب والأمم" .(3)وهرتسوغ أيضا : "البروفيسور زائيف هرتسوغ عالم في الآثار من جامعة تلابيب ، شارك في كل أعمال الحفر في البلاد ، يقول إن كل الأحداث المذكورة في التوراة تتناقض تماما مع ما توصل إليه علماء الآثار . وأن هذه القصص لم تحدث في الحقيقة على مستوى شامل ". (4) مملكة داود وسليمان أوهام لا نهاية لها : تحت هذا العنوان كتب الباحث أحمد سليم مقالا في موقع أهل القرآن ،ومما جاء فيه : "رغم وجود أكثر من 300 موقع تقوم فيها البعثات الأثرية بأعمال الحفر، في " إسرائيل " والضفة والقطاع ، لم يتمكن الأثريون من العثور على أى دليل أثرى يؤكد أوحتى يشير إلى مملكة داود وسليمان في فلسطين ، كما لم ترد أية إشارة لهؤلاء الملوك في المصادر التاريخية وأكد ذلك كله كذب المزاعم التوراتية بوجود مملكة إسرائيلية متحدة أيام شاؤول وداود وسليمان ، وأنها روايات أسطورية لا تعبر عن الأحداث التاريخية الحقيقية . وتبين الآن أن قصص التوراة تضمنت أحداثا تاريخية لشعوب وممالك أخرى في الشرق الأوسط، تم اقتباسها لتكون جزءا من تاريخ مملكة بني إسرائيل ، فقد استعار كتبة قصة داود الرواية المتعلقة بتكوين تحتمس الثالث للإمبراطورية المصرية بين النيل والفرات قبل عصر داود بخمسة قرون ـ ونسبوها إلى ملكهم وكما يؤكد ويبين باحث المصريات الكبير العالم أحمد عثمان : لا تزال تفاصيل المعارك التي استعارها الكهنة لقصة داود بني إسرائيل ، مسجلة حتى أيامنا هذه على جدران معبد الكرنك وفي سجلات حروب تحتمس الثالث . ونحن نجد هنا صدى لأهم معركة خاضها تحتمس الثالث ـ عام 1468ق . م ـ عندما تجمع 350 ملكاً بجيوشهم لمحاربته ،عند حصن "مجيدو" بوسط كنعان ، وصار اسم هذه المدينة في اللغة ، منذ ذلك الوقت هو المجد"، تعبيرا عما حققه الملك المصري في هذه المعركة من أعلى درجات الانتصار . ولا عجب في هذه الحالة لو وجدنا أن هذه المعركة نفسها ، هي التي اختار كتبة سفر صموئيل الثاني اقتباسها لصالح داود بني إسرائيل .(5) لن يفوتنا التطرق إلى الباحث الأمريكي توماس تومبسون وكتابه " التوراة والتاريخ" الذي ترجم إلى العربية ،والذي نفى فيه معظم الأحداث الواردة في التوراة بما فيها مملكتي يهوذا وإسرائيل وحتى وجود داود وسليمان تاريخيا . وسأورد في ما يلي مقتطفات من مقال للباحث العراقي علي الشوك يتحدث فيه عن توماس تومبسون : "ينتمي توماس ل. تومبسون الى رعيل المؤرخين الذين ضربوا على وتر لاتأريخية الروايات التوراتية، أي أن هذه الروايات من صنع واختلاق كاتبيها، لأنها تتعارض مع الأحداث والوقائع التأريخية التي نعرفها عن طريق البيّنات الآثارية والوثائق التأريخية القديمة. وتومبسون من الفئة القليلة التي تحاول وضع الحقيقة في نصابها في هذا الصدد. ومع ان الكتابات التي تثبت بطلان تأريخية الروايات التوراتية اكتسبت قوة في العقدين الماضيين في ضوء البيّنات الآثارية المذهلة التي تدعمها، إلا أن هذه النظرية التي تشكك في صحة الروايات التوراتية من منظور تأريخي، لها جذور أقدم من ذلك بكثير. بيد ان هذه المحاولات كانت تتعرض دائماً الى القمع والمحاربة والتهميش. ولا تزال هذه السياسة تطاول "المتمردين" أو "المنشقين" عن الصف حتى يومنا هذاوخير مثال على ذلك، المعاملة الظالمة التي تعرض لها تومبسون بعد نشره كتاب "التأريخ القديم للشعب الإسرائيلي" في 1992، فقد فُصل من الجامعة - الأميركية - التي يدرّس فيها إثر نشره الكتاب المشار إليه، لأنه يقدم تفسيراً مخالفاً للنهج السائد الذي يجعل من الروايات التوراتية نقطة انطلاق ومرجعاً محورياً أو مركزاً لأحداث التأريخ المعاصرة لها . ولم يعاود عمله الأكاديمي إلا بعد أن احتضنته جامعة كوبنهاغن .. وتلتقي النتائج التي توصل إليها تومبسون مع كتابات وأبحاث الباحث الكندي جون فان سيترز، صاحب كتاب ابراهيم في العُرف والتأريخ الصادر في 1975، وجون هايس وجَيْ ماكسويل مِلر مُعِدّي كتاب "تأريخ اسرائيل ويهودا"الصادر في 1977، وهو كتاب كبير ومهم يحتوي على مقالات بقلم عدد من الباحثين الأكثر شباباً. ويمكن الإشارة الى كتاب إسرائيل فنكلشتاين آركيولوجيا الاستيطان الإسرائيلي، الذي يطرح نظرة جديدة حول التأريخ الإسرائيلي، تختلف تماماً عن "التأريخ" التوراتي، ويقدم أدلة على أن نظرية "الغزو" الإسرائيلي لم تعد تحتفظ بقوتها. ولعل أكثر هذه الكتابات أهمية، تقرير زئيف هرتسوغ تفكيك أسوار أريحا الذي نشر في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية في نهاية عام 1999، وأثبت فيه بطلان الكثير من الروايات التوراتية المسلّمة بصحتها. والأهم من هذا كله، انه قدم أدلة آثارية لا يأتيها الباطل على أن يهوه، إله إسرائيل، كانت له زوجة، اسمها أشيرة (6) وهي، بالمناسبة، إلاهة كنعانية أيضاً. (7) " فجر عالم الآثار الاسرائيلي " مائير بن دوف " قنبلة دوت صدىً في المنطقة حيث كشف النقاب عن أنه لا يوجد آثار لما يسمى بهيكل سليمان تحت المسجد الأقصى، مناصراً بذلك الأصوات السابقة التي كشفت عن ذلك ولاسيما علماء الآثار الاسرائيليين بقسم التاريخ بالجامعة العبرية .(8) أظن أننا أسهبنا ولم يعد ثمة متسع لمقالات كثيرة وخاصة لباحثين عربيين اعتبرا أن التوراة جاءت من جزيرة العرب وهما كمال صليبي وفاضل الربيعي . غير أن فاضل يعتبر العقيدة اليهودية عقيدة يمنية وأن اليهود جاءوا من اليمن ،وأن ملوكهم ملوك يمنيون . وأن أحداث التوراة تجري في اليمن . وفي هذه الحال قد لا نستبعد زيارة بلقيس ملكة سبأ لسليمان إن كان ملكا على اقليم أو مدينة يمنية ، طبعا بغض النظر عن وليمة القبيلة التي يحتاجها لطعامه اليومي . كما أننا لن نستغرب أن يرسل الشيطان السبئيين في سفر أيوب لنهب قطعان أيوب ومواشيه وأتنه أل 500 !!(9) وثمة قصة أخرى لفاضل عن نشيد الأنشاد الذي قيل أنه لسليمان ، فقد رأى أن هذا النشيد لسلمى أو سليمى وربما قاله راع أحب راعية بذاك الإسم فقتلت لانكشاف الحب فسمي الجبل الذي كانت ترعى فيه جبل سلمى ،فراح الشعراء يتطرقون لذاك الجبل في أشعارهم (10) وخير ما نختتم به مقالنا هذا مقتطفات من مقال الياس خوري الذي نشره في القدس العربي ونشره على صفحته في الفيس بتاريخ 27 /تموز / 2015 يتطرق فيه إلى بقرة حمراء يكون مقتلها شرطا لإعادة بناء هيكل سليمان : المستعمرون و"البقرة الحمراء"» أقيم في إسرائيل متحف بتمويل حكومي من أجل «مهجري غوش قطيف»، وأربع مستعمرات صغيرة ومعزولة بالقرب من جنين. متحف للذاكرة ونوستالجيا «العودة» نشأ بتمويل حكومي. فالمستعمرات أو الكوبانيات اليهودية في فلسطين قبل 1948 وبعدها، وقبل 1967 وبعدها، لا تختلف في شيء عن المستعمرات الفرنسية التي أقامها أصحاب «الأقدام السوداء» في الجزائر. طبعا، يجب أن لا يحجب هذا الوصف إمكانية اختلاف المصائر بين المستعمرين الفرنسيين والمستعمرين الإسرائيليين، نتيجة كون المشروع الصهيوني يحمل طبيعتين متكاملتين هما الطبيعة الكولونيالية والمشروع القومي، لكن الحديث عن المصائر لا يزال مبكرا، فالمشروع الكولونيالي الإسرائيلي لا يزال في طور صناعة النكبة الفلسطينية المستمرة، ولن يبدأ الحديث الجدي عن المصائر إلا حين تنكسر شوكته . المستوطنات كلمة مضللة، لأنها توحي بأنها قرى أو مدن يجري بناؤها، وهذا غير صحيح، انها مستعمرات تُنتزع أراضيها من أصحابها بالقوة كي يقيم فيها مهاجرون قرروا استعمار البلاد والاستيلاء عليها . يستخدم المشرفون على المتحف كلمات من نوع «اقتلاع» و»طرد» للحديث عن تفكيك مستعمرات غزة، ولا يشيرون إلى كلمات مثل انفصال أو فك اشتباك، ثم تبلغ بهم الوقاحة إلى حد الحديث عن النوستالجيا إلى شواطئ غزة ورمالها، محولين تجربة المستعمرات إلى عصر ذهبي، وجاعلين من الجلاد الإسرائيلي ضحية عملية اقتلاع، وحنين «عودة»، إلى أرضه .) لم يسبق أن وصلت الوقاحة إلى هذا الحد، وهي وقاحة يختص بها الاسرئيليون، وهذا يذكّرنا بممارسة «حقوق» عودتهم إلى أحيائهم في القدس الشرقية التي غادروها عام 1948. يشاهد زوار المتحف، المقام على مدخل نيتزان، الواقعة بين أسدود والمجدل (عسقلان)، فيلما يقودهم إلى الحكاية. بطل الفيلم طفل يدعى أفيخاي كان آخر طفل ولد في غوش قطيف ليلة الرحيل، وهو يريد أن يتعرف إلى «جذوره» من خلال الحوار مع شقيقه الضابط في سلاح المشاة. مزيج من البراءة المخادعة والحنين الكاذب إلى غزة التي تبدو كخريطة مستعمرات، حيث يجري تهميش مدنها وقراها ومخيماتها أمام جماليات المستعمرات الصهيونية! الطفل «البريء» لا يعرف مثلا أن عدد المستعمرين اليهود الصهاينة كان ثمانية آلاف في قطاع غزة الذي يقيم فيه مليون ونصف مليون فلسطيني، كما لا يعرف أن غوش قطيف أقيمت على أراض فلسطينية احتلت عام67 19 ليس المهم ان تعرف بل المهم ان تعيد انتاج الأسطورة في أشكال لا متناهية، هذه هي لعبة الذاكرة الإسرائيلية. انهم يخترعون لأنفسهم ذاكرة من الأوهام كي يكونوا الضحية في أعين أنفسهم. ضحايا مدججون بالسلاح، يرقصون على إيقاع قنابلهم النووية المكدّسة، ويستغيثون ويبكون. احتلال يصير حنينا وهمجية تتحول حنانا، يا للمفارقة، يكذبون ويدعون الصدق! حفلة تنكرية تحوّل الذاكرة إلى مهزلة، والتاريخ إلى مسخرة . وبعد المتحف يعدّ لنا الإسرائيليون مفاجأة البقرة الحمراء. هنا تصل كوميديا الأسطورة إلى ذروتها، فهم يبحثون عن بقرة «مقدسة»، يقول تراثهم الأسطوري إنها شرط بناء هيكل سليمان. بقرة توراتية حمراء لا يتخلل جلدها أي لون آخر، ويبدو أنهم وجدوا ثورا يمتلك هذه المواصفات في مكان ما من أميركا، وسيلقحون بقرات إسرائيلية بسائله المنوي، وصولا إلى البقرة المنتظرة التي سيسمح لهم رمادها بالتطهر من دنس الموتىهذا التطهر هو الشرط اليهودي الديني للصعود إلى جبل الهيكل، تمهيدا لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه. وعندما سيحين موعد هذه الكارثة سوف نجدهم وقد امتلأت أعينهم بالدموع، وهم يستعيدون ذاكرة أساطيرهم على أشلاء الحاضر الفلسطيني . **** (1) كنيس الخراب . ويكيبيديا الموسوعة الحرة . (2) المصدر نفسه . (3) نواف الزرو . الدستور الأردنية 8آب 011 (5) أحمد سليم . موقع أهل القرآن . نت .30 أكتوبر 2012 (6) أشيرة أو عشيرة هي زوجة الإله الكنعاني إيل وهي وإيل أبوان لعشرات الآلهة الكنعانية ، ومن أهمهم بعل وعناة وعشتاروت وموت . ومن الجدير بالذكر أن يهوة اتخذ لنفسه أسماء كثيرة منها اسم إيل الذي ينسب اسم اسرائيل إليه . ليقول لنا كتبة التوراة أن يهوة هو الإله الذي يجمع جميع الآلهة في شخصه ،وأنه الإله الكلي المطلق .( م. ش ) مقال مطول بعنوان : مملكة داود وسليمان أوهام لا نهاية لها . وللكاتب كتاب يحمل العنوان نفسه صدر عن " الهيئة العامة لقصور الثقافة " عام 2014. (7) الحياة . عدد 13916 تاريخ 22/4/2001 (8) من لقاء منقول عن صحيفة القدس نشر على صفحة القدس في الفيس بوك في ( 1 تموز 2013) (9) راجع سفر أيوب في التوراة ( العهد القديم ) أو يحثنا على النت بعنوان ( أيوب التوراتي وفاوست جوته . بحث مقارن ) (10) يمكن العودة لكتب الربيعي وهي كثيرة ومنها (القدس ليست اورشليم ) و(فلسطين المتخيلة : أرض التوراة في اليمن القديم ) وغيرها : وقد اقتطعت هذه الفقرة من مقال عن الكتاب الثاني في الجزيرة نت تاريخ 2/1/2009: "بينما يُزعم أن الهيكل بني في فلسطين فإن الحقيقة التي لا مناص من التمعن فيها اليوم هي أن القبائل اليهودية اليمنية العائدة من الأسر البابلي هي التي أعادت بناء الهيكل في السراة اليمنية وليس في فلسطين" 11) ) إلياس خوري . صفحته على الفيس . 27/7/2015. |
الساعة الآن 04:02 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |