منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   خواطر قصصية - أرب (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=172)
-   -   ابتسامة لها طعم الراحة والشقاء معا".. (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=22128)

أرب جمـال 2 - 2 - 2012 10:39 PM

ابتسامة لها طعم الراحة والشقاء معا"..
 
[frame="15 98"]
ابتسامة لها طعم الراحة والشقاء معا"..

بغصة قلب ومرارة حلق خوفا" من المجهول.. وقفت على قارعة الطريق تنتظر القادم من السفر.. لاتملك وسيلة للوصول اليه لإستقباله .. كل ماتملكه يضع فكّة ادخرتها لهذا اليوم لتشتري حلوى توزّعها على المهنئين بعودته.
طال انتظارها تحت هذه الشمس اللاسعة فآوت إلى شجرة تستظل بها لحين عودته.
هدّّها الإرهاق والتعب ومسابقة الزمن في انتظار عودته.. وانتظار الحافلة التي ستقله... حافلة وحيدة هي التي تجوب الطريق من وإلى هذه البلدة... وكلما سمعت صوتا" تهب واقفة لعله يكون صوت هذه الحافلة..
وحيدها سيعود من غربته .. فأيّ صبر ومعاناة حملت طوال هذه السنوات؟؟ ايّ صبر؟؟
مسكت عصا" صغيرة وخطت على الأرض حروف كثيرة وكلمات مبهمة لم تستطع هي تفسيرها.. شاردة هي في كل شيء الاّ من صوت تترقبه .. صوت الحافلة...
ماذا عليها ان تقول لوحيدها حين يعود؟؟ وكيف ستستقبله؟؟
اسئلة كثيرة دارت في رأسها المليء بصور طفولته.. وكيف سيكون شكله؟؟ هل تغيّر كثيرا" ؟؟ لا..لا.. طفلي لا يتغير فأنا لا أحفظ سوى صوره في ذاكرتي وهي محفورة بها أحفظ لون عينيه وابتسامته حتّى سنّه المكسور احفظه..
لم تكن الأرض تسعها حين عاد.. قبلته كثيرا" ولا تدري من اين بدأت وكيف انتهت وعانقته عناقا" اشبعت به سنوات غربته.. وضمته في حناياها إلى ان غابت عن العالم للحظات..
استفاقت على نفسها وهي حاملة على رأسها حقيبة سفره وهو يمشي أمامها ملوحا" بيديه لهذا وذاك من ابناء البلدة.. وهي ترد التهنئة بسلامة عودته على كل من يهنؤها...
في البيت دخل غرفته.. وحط جسده على سريره وغرق في النوم.. وقفت تتأمله ثم اسرعت لتذبح له دجاجة من الدجاجات التي تعيش على بيع بيضها في غربته وتقول في نفسها هذا وحيدي ليس خسارة به كل طيور الدنيا.
حضرّت الطعام وانكفأت قليلا لحينما يصحو وحيدها من نومه..
شردت بفكرها وحلمها بعيدا" بعيدا" أبعد من حدود بلدها بقليل فهي لم تخرج من هذه البلدة الاّ مرة واحدة وهذه هي المسافة التي تستطيع أن تصل اليها بفكرها...
وبقيت في تأملها وأحلامها تسهو لحظة ثم تفتح عيناها..أصبحت أمّ المهندس! .. لعلّه يصحو ولا تكون جاهزة لإطعامه.. ذهبت اليه لتوقظه .. استيقظ من نومه وقبّل يدها.. غريب انه لم يقبّلها حين نزل من الحافلة أمام الناس.. ظنّت انه نسي هذه العادة..لأنه أصبح مهندسا" !!
على مائدة الطعام جلس ليأكل وبدأت تقسم وتفتّت له الدجاج كما كانت تفعل طوال حياتها معه وقبل سفره وتعطيه ليأكل.. كان يأخذ من يدها.. ويضع لقمة في فمه واخرى في صحنه..
- ألا يعجبك الأكل يابني؟ ُكلْ فأنت قادم من سفر ووجهك شاحب.. ُكلْ يابني.. اشك انك كنت تعتني بنفسك في بلاد الغربة.. من كان يعتني بك ؟؟.. كل لحظةٍ كنت اقول في نفسي هل أكل جيّدا ؟؟ هل تغطى .. هل هو مريض ام معافى ؟؟
ُكلْ يابني فلن تجد أطيب من طعام امك!!!
حاضر يا أمي سآكل ولكن دعيني آكل براحتي.. لقد أصبحت كبيرا" يا امي كفاك دلالا" لي.
مهما كبرت يا بني تبقى طفلا" في نظري.. من لي في هذه الدنيا سواك؟؟ بالله عليك قل لي؟.. انت لا تدري كم عانيت حتّى اراك كما أراك اليوم!!
ومن قصة إلى قصة ومن حكاية إلى حكاية مضى الوقت وصياح الديك يملأ المكان هنا وهناك , وانبلج الصباح.. ولم تنم..
عرفت ان وحيدها قد تزوج امرأة من دولة عربية.. تعرفها جيدا"... وغٌصت حين لم يخبرها لكنها كتمت غصتها.. وعرفت انّ لديه ابنة.. لم تحاول ان تسأله عن اسمها.. رغم غصتها خشيت ان لا يكون أسماها على اسمها فلم تحاول سؤاله لعله في سياق الحديث ينطق باسمها.. ولم ينطق.
كل الهواجس مرت بها.. أيقنت لا محالة انّ وحيدها راحل.. وانها ستعود لتفترش الأمل طريقا" والدعاء سبيلا" ليبقى عندها..
لاحظ الأبن علامات وأسئلة كثيرة في محيّا والدته.. لكنه آثر أن لا يجيب على تساؤلاتها ولا يتطرق لها..
تركته يعيش الوقت الذي يريد في هذا البيت ولم تحاول يوما" أن تسأله لماذا لو تحضر زوجتك وابنتك.. فلو أراد.. البقاء هنا ومعها لكان أحضرهم.. فهل يتصرف ابناؤنا بطيش حال رحيلهم عنّا؟؟ أم انهم ينتظروا اوّل فرصة ليثبتوا ذاتهم بعيدا" عن رقابتنا؟؟ تساؤلات لم تجد لها إجابة وتركتها مبهمة لترى الزمن كيف سيجيب عليها ويعالجها...
وجاء يوم كأنه الطامة الكبرى في نظرها.. طلب منها أن تبيع البيت والأرض وترحل معه...!!!
كيف ستجيبه وبماذا سترد عليه؟؟ برباطة جأش قالت: أتراني استطيع ترك حياتي هنا يابني؟ إن كنت تريد العودة إلى زوجتك وابنتك فالباب مفتوح أمامك ولن أمنعك.. كنت أظنك ستعود لتكمل حياتك هنا بين اهلك وناسك.. معي أنا.. انا التي كنت انتظرك لأراك عريسا".. كنت أظن انك ستريد إحضار اسرتك الجديدة بعدما أخبرتني عنها لتعيشوا معي.. ولكنك آثرتهم على أمك.. آثرتهم على سنوات صبري وانتظاري لك.. آثرت نفسك علي.. تريد بيع الأرض والبيت؟؟ وما فكرت بي اين سأذهب بعد هذا العمر.. ستأخذني معك؟؟ كم شهرا" تتحملني انت وزوجك؟؟ بل كم يوما"؟؟
صورة لزوجتك أو ابنتك لم تريني بعد لأعرف مع من سأعيش!! وتريد ان تبيع البيت والأرض؟؟ أما فكرت يوما" بأنّي سأموت؟؟ كنت انتظرت وبعدها تصرّف كما تشاء في ايّ شيء تشاء...
كيف سيرد عليها؟ كيف؟ بقيت الأم تسأل وهو يحاول أن يرد ولكن كثرة اسئلتها لم تترك له مجالا".
وخرج وحيدها ليتمشّى في البلدة التي تغيرت بعض ملامحها الاّ من ملامح قلية مازالت باقية على أصلها وتاريخها.. وتحدّث مع الكثير وناقش وفاصل و..عاد الى البيت.
لم يتكلم ولم تحاول حتّى سؤاله اين كان ومن قابل ومع من تكلم..ولا كيف وجد البلدة بعد هذه السنوات.. لزمت الصمت كما لزمه هو.. صمتها أعمق من صمته لأنه يخشى والدته حين تعاقبه بالصمت.. موزّع هو بين أمه وبين زوجته وابنته.. كيف سيرضي الطرفين ؟؟ ومن سيكون الخاسر الأول في هذه اللعبة الناطقة بالواقع والخرساء تجاه هذا الواجب؟؟!!
صمتها يتوزع على كل حجر من حجارة البيت فيتكسر اشفاقا" لما ستتخذه من قرار..
في الليل.. وحين صمت الكون الاّ من نسمات داعبت ستارة بالية.. حزمت ما أرادته.. ورحلت مع عتمة الليل الى المجهول..
سأل عنها في كل مكان ولم يجدها.. وطال انتظاره لعودتها.. لكنها لم تعد.. وبالطبع لن تعود.
باع البيت وما يملك وعاد الى زوجته.. هل حسّ بتأنيب الضمير؟؟وحده الله يعلم بذلك.
ومضى في حياته .. واشتهر في شغله.. وكبرت ابنته.. وماسأل عن امه.. كل ماخمنّه ان تكون قد عادت لتعيش مع أحد اخوانها في بلدها الأصل ومسقط رأسها.
ُترى لماذا لم يذهب الى هناك باحثا" عنها ؟؟ هل هو الخجل منها ؟ .. أم خشي ان تواجه عيناه عيناها فينهار ويتراجع عما فعل وبعد فوات الأوان ؟؟
خدمت في البيوت كثيرا" حتى انحنى ظهرها وتقوس.. وكانت قد استأجرت غرفة صغيرة لتعيش بها.. وفي الغرفة لا يوجد سوى سجادة تكسو الجدار وسريرا" وخزانة تبرعت لها بهم امرأة عملت عندها لفترة.
وجاء يوم المواجهة... فالله يمهل ولا يهمل.. فمن عادة الأغنياء ان يدّّلوا بعضهم على العاملات الأمينات ليساعدوا العاملات المقيمات في المناسبات.
دخلت بيتا" اشبه بقصر لتساعد اهل البيت في نجاح صاحب البيت في الحملة الأنتخابية.. أصبح عضوا في البرلمان وربما يصبح وزيرا" يوما" ما!!
شاهدت الصور ولم تقتنع ولا تريد ان تقتنع للحظة ان هذا هو وحيدها الذي خرجت به من الدنيا فأصرّ ان يمحو كل دنيتها وعالمها معه.. ولكن الله سبحانه وتعالى يدبّر في الغيب مالم ولن نطلع عليه الاّ في الوقت الذي يشاءه.
هل تنسحب أم تبقى لتراه ؟؟ ولو عن بعد.. لا بدّ لها ان تراه..! تقول في نفسها أنها ستتعرف عليه واسرته عن قرب ولن تشعرهم بذلك.. ولكن الهزيمة من فلذة كبدها لن تنساها مطلقا" ولن تنسى ما أوصلها إليه.
دخلت البيت وجدّت في عملها وعبرات حارقة تخرج الى لا سبيل..لا مكان سوا ُكمّ ثوبها فأشبعته حرقة تلو حرقة... وهي تشاهد وترى وتترقب ان تأتي عينها بعينيه لتريه اين موقعها منه الآن..!
وخرجت بعد انتهاء عملها... صراع في نفسها لم تستطع مقاومته وانتظرت القادم علّه يجعلها ُتنفّذ ما يجول برأسها.
لبست ثوبا" من أفضل ما لديها.. ثوب أعطتها إيّاه واحدة ممن تخدم عندهم, وعادت إلى بيته.. ليست كعاملة ولكن كأمّ هذه المرّة.. و.. قرعت الباب..! كان يجلس على أريكة يتصفح الجريدة.. حين أرادت الخادمة إدخالها من باب المطبخ وأصرت هي أن تدخل من باب الضيوف أو المدخل الرئيسي.
سلّمت عليه.. رفع رأسه ليجيب صوتا" غاب عنه لزمن طويل.. لكنه ما زال شبه يتذكره.. !!
عناق طويل كما كان العناق حين عاد للبلدة لكنه الآن من الأبن للأم وليس من الأم لأبنها..
كلام طال وقصر وطال .. وعتاب تلاه عتاب.. والزوجة مشدوهة لا تصدق ما تسمع! فهل سيكون لها موقف في هذه اللحظة؟؟
برّرت لزوجها كل ما فعله وبررت لحماتها تصرفها.. لم تتوقع هذه الأم ان تكون زوجة ابنها بهذه الرجاحة من العقل خاصة حين عنّفت زوجها في البداية.. وحين نادت ابنتها لتسلم على جدّتها.. وما تبع ذلك.
أفضل غرفة في البيت سكنت هذه الجدة وأفضل ثياب اشترتها لها زوجة الأبن لعلها تكفّر بعض الشيء عما فعله زوجها. بفخر كانت تستقبل ضيوفها وتعرّفهم عليها حتّى من عملت عندهم.. وتجاهلت الكثير من الكلام والتساؤلات.. وبقيت نظرة الخجل تعتلي وجه وحيدها كلما جلس معها ونظر اليها أو طلب منها مسامحته.. فهل تسامح الأم كل سنوات الشقاء التي عاشتها في انتظار وفي خدمة؟؟
لم لا تسامح أليس هذا وحيدها الذي ارتجته من دنياها؟
اليست هذه الزوجة هي البلسم الذي ارتجته منها وما ارتجته من ابنها ؟؟
اليست ابنته وحيدة كما قدّّر له أن يعيش وحيدا" ؟؟؟
السنا في قرارة انفسنا نسير في هذه الحياة بقدر مكتوب علينا وامتحانات علينا تجاوزها ؟؟؟ ربما تكون نتيجة الإمتحان أفضل مما نخشاه ونخافه و.. ربما يكون الخير كل الخير فيما نخاف ونخشى...من يدري؟

أيقنت الآن انّ جيلها يختلف في الإنتماء عن الجيل الذي نربيه.. ايقنت الآن انّ الإنسان يخلق وطنا" له في كل الأوطان وأن الشخص ليس مرهون بقطعة ارض أو أناس.. فلكل جيل سقف جديد وهو حرّ في اختيار سقفه ومساحته ما دام يجد الهواء النقي ونفس الهواء الذي تنفسه صغيرا".. ومادام لا يعترف بحدود وهمية فرضت عليه.. ولكن يبقى الحنين لكل ما مضى من العمر في القلب..
تساؤلات كثيرة تدور في خلدها كلما نظرت الى اسرتها الجديدة.. وعلى وجهها ابتسامة لها طعم الراحة والشقاء معا".
بقلم: ارب

3/7/07


[/frame]

ابو فداء 3 - 2 - 2012 12:22 AM

أه أخت أرب
أخدتناااا من حبكة لأخرى
ومن جررح لأخررر
قصه جميله بجماال معانيها
مشكوووره

المفتش كرمبو 3 - 2 - 2012 12:39 AM

ارب

يتدرج الوجع من منطقة لاخرى

وسقط صريع فكرة

وردة المسااااء 3 - 2 - 2012 01:33 AM

أيقنت الآن انّ جيلها يختلف في الإنتماء عن الجيل الذي نربيه.. ايقنت الآن انّ الإنسان يخلق وطنا" له في كل الأوطان وأن الشخص ليس مرهون بقطعة ارض أو أناس.. فلكل جيل سقف جديد وهو حرّ في اختيار سقفه ومساحته ما دام يجد الهواء النقي ونفس الهواء الذي تنفسه صغيرا".. ومادام لا يعترف بحدود وهمية فرضت عليه.. ولكن يبقى الحنين لكل ما مضى من العمر في القلب..
تساؤلات كثيرة تدور في خلدها كلما نظرت الى اسرتها الجديدة.. وعلى وجهها ابتسامة لها طعم الراحة والشقاء معا".

رائعه جدا وواقعية
سلمت الايادي

الآماكن 13 - 2 - 2012 08:30 PM

قصة مميزة وبها العبرة والخير موجود في المجتمع وقلب الام درة لا يستهان بها والابن لا ينسى امه
ضربت زوجته المثال الحسن في خدمتها لام زوجها
بورك بك وبقلمك

بنت فلسطين 13 - 2 - 2012 09:04 PM

مبدعة اختي ارب كما انت
قصة جميلة ورائعة
اشكرك على هذه الاطلالة الجميلة
سلمت الايادي
تحيت لك

أصدق احساس 14 - 2 - 2012 12:09 AM

لم لا تسامح أليس هذا وحيدها الذي ارتجته من دنياها؟
اليست هذه الزوجة هي البلسم الذي ارتجته منها وما ارتجته من ابنها ؟؟
اليست ابنته وحيدة كما قدّّر له أن يعيش وحيدا" ؟؟؟
السنا في قرارة انفسنا نسير في هذه الحياة بقدر مكتوب علينا وامتحانات علينا تجاوزها ؟؟؟ ربما تكون نتيجة الإمتحان أفضل مما نخشاه ونخافه و.. ربما يكون الخير كل الخير فيما نخاف ونخشى...من يدري؟
مؤثرة يا عزيزتي
سلمت الايادي مع التحية الرقيقة لك

شيماء يوسف 14 - 2 - 2012 12:26 AM

قصة رائعة
و لها عدة اوجه في الحياة

تقصير من ابن لم يبحث عن امه

وام خشت ان تعامل كحماه غير مرغوب بها

كانت ممكن ان تنتظر لكى تعرف ما سيكون من ابنها وزوجته

وزوجة لم تسأل عن ام زوجها ولم تحثه على البحث عنها

وابنه لم تسأل اين جدتي

الم ووجع بين جنبات القصة


دمت متألقة ارب

سماح 14 - 2 - 2012 01:22 AM

قصة راااااائعة جدا
تلقائية في التعبير
والله انك مبدعه وفي داخلك شاعره سلسه رقيقه مشاعر
غاليتي ارب
تقديري لك



shreeata 14 - 2 - 2012 03:30 PM

قصة اكثر من رائعة
جميلة سيدتي
سلمت لنا
تحيات لك


الساعة الآن 10:52 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى