منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   قصص بأقلام الأعضاء (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=6)
-   -   الشارع (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=3224)

فتى الأحزان 8 - 1 - 2010 11:24 PM

الشارع
 
الشارع كان في غاية الازدحام و لا يطاق، جميع المسارات ممتلئة و مختنقة بالسيارات، لا توجد نسمة مساحة لتوغل سيارتها الصغيرة.

تحاول عبير ذا العشرون سنة و بسيارتها أن تجتاز الطريق و تسلك المسار الأيمن، حيث أضاءت ضوء إشارة سيارتها للسماح لها بالدخول، فبات يعمل طويلا تستنجد من أحد أن يسمح لها بالدخول، و لكن دون جدوى، فالجميع ضجرمن الانتظار تحت رحمة الإشارة الضوئية متلهفين أن تنقلب لتصبح خضراء ، خصوصا وان حرارة الجور الحار مع لهيب الشمس لا ترحم.

بدأت عبير تحاول أن تسلك ذاك المسار بسيارتها فطال انتظارها، بدأت تستطلع المسارات عبر نافذتها أو عبر مرآة السيارة، فكانت تشاهد العديد من المشاهد، فتارة ترى ذاك الشاب جالسا في سيارته يرمقها بنظرات غضب معلن عن عندما السماح لها بالدخول أمامه، أو تلك الفتاة و برفقتها صديقاتها فيبدو يدور بينهن حديث شيق فالوجوه الضاحكه تدل على ذلك، أو ذاك الشاب الذي أتى بسيارته الراقصه التي بدأت تتمايل على أنغام أغنية قد رج الشارع بها، و كأنما اجواء المناخ مختلفة لديه و غير مكترث للغير بتاتا.

حاولت عبير بالمرور إلى ذاك المسار الذي بدأ مستحيل، لكن بعد ثوان معدودة لمحت الفرصة بالخروج من مسارها الذي قبعت فيه لدقائق، فدخلت عنوة امام سيارة رجل في الثلاثين من عمره بسيارته الفارهة، و النتيجة كانت اصطدامه بسيارتها.

هنا صمتت عبير ، عندها ترجل الرجل من سيارته لينهي الموضوع، فطرق نافذتها، ولكنه لم يجد إلا تمثال مصدوم من هول الموقف، فعبير و لهول الموقف باتت غير قادرة على الحركة، لذا فألحق النافذة بضربه اخرى، ففتحت عبير النافذة و بصعوبة بيدها المرتجفة ، و دار هذا الحديث:

الرجل و بغضب و دون تحية: هل ارتحتي، هذا نتيجة تهورك، و استعجالك، انا لم افسح لك المجال للدخول، و انتِ دخلتي علي عنوة.
عبير: صامتة و قد انعقد لسانها عن الكلام.
الرجل وبدأ يهاتف قسم الحوادث بالمرور: ألو. مرحبا، للتو قد حدث حادث بسيط، في المنطقة الفلانية…. ماذا لابد أن نحضر إليكم، طيب سنأتي.
الرجل موجه انظاره لعبير: سمعتي، هيا لنذهب لقسم الحوادث.
عبير: اكتفت بهز رأسها.

و حتى يطمئن الرجل من أن عبير لن تفر من فعلتها قام يسير وراءها مع تدوين رقم سيارتها، و أخيرا وصلا لقسم الحوادث المرورية.

دخلت عبير، فتفاجأت بمسلسل آخر من الازدحام، يا للعجب، نصف الناس في قسم الحوادث، مستغربه من ما شاهدته، فدخلا و اخذا رقما ليتم ندائهما و التحقيق معهم في الموضوع، فكان رقمهما بعيد.

و بعد ساعة و نصف مرت، تم النداء عليهما، و هنا قامت عبير مع ذاك الرجل، و هنا بدأ رجل المرور في التحقيق:

رجل المرور:من يصف لي الحادث؟
الرجل و بغضب (بدأ يحرك يده كثيرا ليجسد ما حدث): أنا يا سيدي، أنا كنت سالك مساري، فتفاجأت بهذه الفتاة تدخل علي بسيارتها عنوة، بالرغم من إني لم اسمح لها بالدخول، فأنتهى الأمر بأن صدمتها و قد تسببت في شرخ بسيط لبابها الأيسر وضرر آخر لحق بسيارتي نتيجة الارتطام.
رجل المرور سائلا عبير: هل هذا الكلام صحيح؟
عبير: أجل صحيح
رجل المرور: هل لديكِ كلام آخر: لا
رجل المرور: هيا أروني الضرر الذي لحق بسيارتكما.
هنا خرج الرجل مندفعا و بعصبية، بينما عبير أخذت تسير ببطء، و قام رجل المرور بمعاينة أضرار الحادث.
ثم عاد الجميع لقسم الحوادث مرة أخرى، وهنا تم تحرير مخالفة على عبير التي لازالت صامته.
فطلب منها المرور التوجه للمحاسب لدفع قيمة المخالفة.

هنا صمت الرجل، مندهش لصمت عبير، لماذا لم تعارضه، لماذا لم تدافع عن نفسها حتى لو كانت هي المخطئة، لماذا ولماذا، بدأت مجموعة من الاسئلة تحير ذاك الرجل فبات ينظر لها بينما كانت في الطابور لتدفع تلك قيمة المخالفة.

هنا تحركت مشاعر الطيبة في قلبه، و عاد مسرعا لرجل المرور، طالبا منه التنازل عن تحرير المخالفة، فأندهش المرور، و اخبره بأن كل الأمور قد تم تسويتها في نظام الحاسوب، و لا يمكن إلغاؤه.

بعدها خرجت عبير بعد جهدا جهيد وقد دفعت قيمة المخالفة، و خرجت مسرعه لمواقف السيارات تجاه سيارتها، هنا سمعت صوتا يناديها: يا آنسة، هنا ألتفت عبير، فتفاجئت بذاك الرجل.

عبير: نعم.
الرجل: هل تسمحين لي بالسؤال؟
عبير: تفضل
الرجل: لاحظت عليك الصمت، و قلة الكلام ولم تدافعي عن نفسكِ و لو بقليل، بل و لم تستنجدي بأحد من أقاربك ليحضر، فهل بالامكان ان اعرف السبب؟
عبير: انا كنت مخطئة، فما فائدة الكلام!!!
الرجل: أها ، طيب لو لم تكوني مخطئة لتكلمتي؟
عبير: طبعا
الرجل: و لكن كيف تتحملين الصمت، و بينما شخص مثلي كان غضب و متنرفز و بدأ يهول من الحادث وانتِ صامتة بلا تعليق؟
عبير: الصمت مهارة نتعلمها بل و ندرب انفسنا عليها، فياليت نلتزم الصمت في حال شعرنا بأخطائنا، عوضا من الكلام الذي يلحق خطئنا بخطأ آخر.

بعدها ركبت عبير سيارتها ، و انطلقت بعيدا، بينما الرجل بدأ واقفا مندهشا من كلام عبير، التي اخجلته بكلامها و بمنطقها، فبالرغم من فارق السن بينهما، إلا انها بدأت اكبر منه في طريقة و نهج تفكيرها، فالحياة ليست برصيد العمر، و إنما برصيد ما نتعلمه.

أزهار 9 - 1 - 2010 12:01 AM

فتي الاحزان
قصة جميلة فيها استرسال محبب, اسلوب شيق و سهل
انا متشوقة لمتابعة قصصك
سلمت يداك

أرب جمـال 9 - 1 - 2010 08:04 PM

قصة واقعية جميلة وسردها سهل ولطيف
حين يعترف المرء بالخطأ تكون العواقب اسهل بكثير فيما لو أصر على عناده.
اعتقد ان علينا أن ننهج نهجا مشابها لما نهجته عبير في أي موقف نكون فيه على خطأ.

اشكرك وبانتظار باقي ما في جعبتك اخي فتى الأحزان

فتى الأحزان 9 - 1 - 2010 10:00 PM

بارك الله فيكم اسعدني مروركم
فعلا انتم اخوة ياريت كل الناس متلكم

المُنـى 10 - 1 - 2010 01:58 AM

جميلة جدا ونص راقي بمعنى الكلمة
سأتابع كتاباتك

انتظرك

تحياتي فتى الأحزان

الوردة البيضاء 10 - 1 - 2010 01:54 PM



الساعة الآن 01:08 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى