أسرار نظام تربوي رائد عالميا
أسرار نظام تربوي رائد عالميا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يروي مدير ثانوية فرنسية ما شاهده من تطورات عرفها النظام التربوي الفنلندي خلال رحلته إلى هناك ، ويسجل انبهاره ويحاول الكشف عن أسرار نجاح المدرسة الفنلندية في القضاء على الفشل الدراسي بشكل مثير للإعجاب. بدأ التشوق لزيارة هذا البلد يقول السيد المدير، منذ أن اطلعت على نتائج الروائز الدولية (تقويم PISA 2000 و 2003 ) حيث احتلت فنلندة مراتب متفوقة عالميا وظل سر نجاح هذا البلد يراودني ولم استطع أن أجد جوابا لا من خلال القراءات المتعددة أو من خلال الحوارات مع المختصين. كانت هذه الرحلة سنة 2006 ، حيث شملت 18 مسؤولا تربويا قادمين من 14 دولة من النرويج إلى تركيا وكانوا كلهم يجمعهم الشوق لمعرفة الأسباب السحرية لنجاح تلاميذ هذا البلد وتفوقهم عالميا . برنامج الزيارة الذي أعده السيد "راتي"، مكننا من زيارة مؤسسات من مختلف المستويات كرياض الأطفال،مؤسسات ابتدائية ،إعداديتان ، ثانويتان تأهيليتان ،ثانوية تقنية ، الجامعة ومركز للتكوين المستمر، كما أتاحت لنا الفرصة لقاء مسؤولين محليين عن التربية أمثال السيدة "جانة بومالين" مديرة الشؤون الدولية في" بلدية جوئنسو"السيدة " تولة فيهونن" وغيرهم من المسؤولين، كما أتاحت لنا الفرصة لقاء مجموعة من الأساتذة والتلاميذ ورؤساء المؤسسات،ومع اكتشافنا العميق لخصوصية النظام التعليمي لفنلندا تكون لدينا إعجاب عميق بهذا النظام الساحر مما خلق لدينا الرغبة في نقل بعض أسرار هذا البلد إلى أوطاننا من خلال هذا التقرير . 1. فنلندة ونظام التقويم الدولي PISA/program for international student assessment خلفت نتائج التقويم الدولي سنة 2000 ارتياحا كبيرا في فنلندة ، لأن هذا البلد الذي كان قد دشن إصلاحات منذ 30 سنة لم تتح له الفرصة للتعرف على النتائج الايجابية التي حققها في إطار مقارنة دولية واسعة مثل تقويم PISA ، لقد حققت فنلندة المرتبة الأولى عالميا ضمن تصنيف 43 دولة مشاركة في" اختبارات القراءة" كما صنفت في المرتبة الثالثة في الرياضيات وفي المرتبة الثالثة في العلوم ، وقد زاد هذا التحسن عندما شاركت في تقويمات سنة 2003 و نشرت الدولة تقريرا بعد ذلك كشفت فيه تحقيق تكافؤ الفرص بين الذكور والإناث، فاتضح للجميع أن الفوارق الاجتماعية هي الأقل تأثيرا مقارنة مع باقي الدول المتقدمة ، بحيث أن ربع تلاميذ الطبقة الاجتماعية الأقل نموا اقتصاديا حصلت على نتائج أفضل من متوسط دول منظمة تنمية التعاون OCDE. وخلاصة القول كشفت الدراسات لتلك النتائج أن الفوارق الاجتماعية كما أشرت سابقا هي الأقل تأثيرا في التربية حيث تتيح هذه الأخيرة تصحيح تلك الفوارق بحكم تكافؤ الفرص الذي تحققه على ارض الواقع سواء على المستوى سوسيو- اقتصادي أو الجنسي. من هذا المنطلق يحق لنا أن نتساءل، كيف استطاع هذا البلد أن يقدم أجوبة لإشكالات أرهقت المسؤولين لعقود في كثير من الدول ومن ضمنهم فرنسا التي لم تتمكن من معالجة مثل هذه القضايا من خلال مشروع "الإعدادية الموحدة " collège unique حتى بعد مرور 30 سنة من انطلاق التجربة . 2. مفاتيح النجاح أولا : كل تلميذ يعتبر مهما عند إصلاح النظام التعليمي الفرنسي من خلال إصدار قانون التوجيه 1989 كان السؤال المحرج الذي يؤرق المسؤولين عند صياغة الإصلاح هو :" الأولوية لمن؟ التلميذ أم المعارف ؟ " لقد تبنت فنلندا بدون تردد الاختيار الأول ، بل أكثر من ذلك أدرك النظام التربوي أن الكشف والتعرف على الحاجات الحقيقية لكل تلميذ هو مفتاح نجاح التعليم ،كما شكلت فكرة "إنماء تلميذ سعيد ، حر، ينشأ حسب إيقاعه الفردي" ، مبدءا أساسيا في توجيه العمل التربوي، كما جعلت فنلندا من احترام الفرد مبدءا موجها وراسخا في صنع القرار التربوي على جميع المستويات : الدولة ،الجماعات المحلية ،رؤساء المؤسسات ، الأساتذة، ولقد تبنى كثير من رؤساء المؤسسات شعارا مفاده "أن كل تلميذ يعتبر مهما " • بيئة دافئة ومرحبة تعمل المدرسة الفنلندية على جعل المناخ داخل المؤسسة شبيها بالوسط المنزلي بحيث أن المدرسة تعتبر فضاء للحياة قبل كل شيء ، فضاء متسعا (65 متر مربع) بالنسبة لقسم في الإعدادية ، كما تشمل المدرسة أماكن متعددة ومختلفة للاستراحة، مع العلم انه يلاحظ انعدام أية مظاهر للتكسير أو التخريب مع الإشارة إلى المستوى الجيد للنظافة في مختلف المرافق. من جهة أخرى وجب التذكير أن عدد تلاميذ المؤسسة لا يتعدى 400 تلميذ على المستوى الإعدادي و500 بالنسبة للثانوية التأهيلية مما يخلق جو القرب ويمكن المدير من معرفة جميع التلاميذ فردا، فردا. بالنسبة لعلاقة الأساتذة مع التلاميذ فيطبعها الاحترام المتبادل واستعداد الأساتذة للتعاون والاستماع لتلامذتهم ومساعدتهم باستمرار، مما يكشف عن حب عميق يكنه الأساتذة لمؤسستهم ، في هذا السياق ومن ضمن المؤشرات التي تعتمدها المؤسسة في تقويم أدائها هو جودة شعور التلاميذ بوجودهم داخل المؤسسة، ويشمل هذا الشعور الإحساس بالاطمئنان، لذلك نجد التلاميذ يضعون دراجاتهم النارية بدون إقفالها كما يضع التلاميذ ملابسهم الواقية من البرد في الممرات دون تخوف من السرقة؟ ولتوضيح مدى العناية بالطفل في المدرسة الفنلندية يكفي النظر إلى رياض الأطفال حيث لا يتعدى عددهم في كل قسم 12طفلا تسهر عليهم ثلاث مربيات ومساعدة واحدة. • تكييف إيقاعات التعلمات مع الأطفال : لا يبدأ الأطفال تعلم القراءة إلا عند سن السابعة ، قبل ذلك يتم التركيز فقط على تطوير الاستعداد والفضول والمهارات، يخصص كل يوم لمادة معينة :الموسيقى، الرياضة ،أنشطة يدوية أو فنية ،اللغة الأم ، الرياضيات) وتتم عملية التحسيس صباحا، أما بعد الظهيرة فيخصص للعب .وباختصار شديد فان تنظيم التعلمات يتم بدون عنف، بدون ضغط نفسي، وبدون إكراه مبالغ فيه ،مع العمل على إثارة الرغبة والتحفيز والاستماع الدائم لحاجات المتعلمين وبتنسيق دائم مع الآباء . من جهة أخرى يمنع القانون التكرار ويمكن السماح به بشكل استثنائي بعد موافقة التلميذ والأسرة، في نفس الوقت يتميز النظام التعليمي بتوفره على نظام اليقظة الذي يمكن التلاميذ الذين يظهرون صعوبات في مادة دراسية ما من حصص للدعم مع تعيين إطار مساعد بالقسم لمساعدة هذه الفئة من التلاميذ. إن المدرسة الفنلندية تحترم كثيرا الإيقاع البيولوجي للطفل بهدف تفادي أي إرهاق حتى حدود السن الإلزامي أي 16 سنة ، بحيث إن حصة الدرس لا تتعدى 45 دقيقة مع تخصيص 15 دقيقة للاستراحة بين كل حصة وأخرى تمنح فيها حرية تامة للتلاميذ لاسترجاع أنفاسهم (استعمال الحاسوب، الجلوس بقاعة مخصصة للراحة،الحضور إلى الممرات، مناقشة حرة الخ) • اكتشاف مبكر لاضطرابات التعلم والمساعدات الضرورية بهدف التكيف مع الحاجات الحقيقية للتلاميذ وضع النظام التربوي الفنلندي آليات للكشف عن الصعوبات التي يمكن أن تعترض المتعلمين، هكذا منذ رياض الأطفال يتم تمرير سلسلة من الروائز، وإذا ما تم كشف تلاميذ يعرفون صعوبات خاصة، فإنهم يوضعون في أقسام لا تتعدى خمسة أطفال ويشرف عليها أساتذة متخصصون، كما أن هذه الأقسام يتم دمجها في المدارس العادية ليتسنى لهذه الفئة من التلاميذ تعلم الاندماج. • نسبة تأطير مرتفعة لا يتعدى عدد التلاميذ في القسم 25 تلميذا، وخلال الأشغال التطبيقية يمكن إحداث تفويج من 6 إلى 7 تلميذ ، هذا بالإضافة إلى وجود مساعدين داخل الفصل يلجأ إليهم التلاميذ عند الحاجة ، من جهة أخري تتوفر كل مؤسسة على موجه يتكفل ب200 تلميذ فقط حيث يتمكن من تقديم الإرشاد المستمر لهم كما يتعين على كل تلميذ الاتصال بالموجه مرتين في السنة ،في هذا السياق تساءل احد المديرين الفرنسيين عن سر هذا التأطير الجيد الذي تفتقر إليه فرنسا فوجد الجواب في تقدم اللامركزية وعدم توفر جهاز التفتيش وتقليص حجم الإدارة المركزية وغير ذلك من الإجراءات التي مكنت من دعم المؤسسة التعليمية في وسائلها المادية والبشرية . • تلاميذ نشطاء ومنخرطون خلال كل زياراتي التي قمت بها لمختلف المؤسسات، لم أشاهد ولو درسا واحدا يقوم على الإلقاء،لقد رأيت دائما تلاميذ يمارسون أنشطة فردية أو جماعية ، رأيت أساتذة يعملون على تحفيز تلامذتهم أو ينتظرون مساعداتهم وبالتالي يعتبر الأستاذ كمورد من ضمن الموارد الأخرى، أما جدران الأقسام فكلها رفوف من كتب ومراجع ولا نجد قسما واحدا يخلو من التجهيزات :مسلاط ،حاسوب ، مسلاط الحاسوب ، تلفاز ،دفد .كل الوسائل التعليمية موضوعة رهن إشارة التلميذ " لكن دون إكراه بل يتحتم إعطاء فرص متعددة للتعلم واكتساب الكفايات" هكذا صرح لنا السيد "هانو نيومان" مدير" إعدادية بيلجوكي" وباختصار يتميز الفصل بروح تعاون عالية وكل واحد يساهم في بناء المعرفة بشكل جماعي . |
رد: أسرار نظام تربوي رائد عالميا
نرجوا من المشرف على الصفحة تكبير الكتابة وتغيير إلى اللون الازرق للفائدة بارك الله فيكم |
رد: أسرار نظام تربوي رائد عالميا
بارك الله فيك ايمن على الطرح وسلمت يداك على الموضوع المفيد
تقديري لك |
رد: أسرار نظام تربوي رائد عالميا
يعطيك العافية اخي العزيز ايمن
وفقك الله على الطرح تحياتي لك |
رد: أسرار نظام تربوي رائد عالميا
شكرا على الافادة اخي ايمن
يعطيك العافية تحياتي لك |
رد: أسرار نظام تربوي رائد عالميا
شكرا على الاسرار التربوية المفيدة
تحيتي لك |
الساعة الآن 05:01 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |