منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   لغتنا العربية (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=104)
-   -   المعارضات الأدبية في النثر الأندلسي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=845)

صائد الأفكار 6 - 11 - 2009 04:28 PM

المعارضات الأدبية في النثر الأندلسي
 
المعارضات الأدبية في النثر الأندلسي (1-2) ... د.أيمن ميدان



إنَّ قراءة واعية للأصل اللغوي للفظة (المعارضة) (1) تشي باحتضانها لمنظورين دلاليين يتكاملان أكثر مما يتفاضلان ، هما : المماثلة التي ترتكز على غريزة المحاكاة (2) والمقابلة التي تُجَسِّدُ غريزةَ المنافسة التي فُطِرَ الإنسانُ عليها (3) ، والمعارضة بهذين المنظورين المتكاملين " لا تحدُث إلا حين يأنس المعارِض من نفسه رغبة التحدِّي وحُبَّ الغَلبِ ، وفي هذا ما فيه من شهوة التفوق والتفرُّد بالكمال " . (4)

والمعارضة باعتبارها ضرباً من ضروب نَظْمِ الشعر يختصُّ به الأدب العربي وسُنَّةً أدبية اتبعها العرب منذ القِدَم – لم تَحْظَ بدراسة علمية تضبط مصطلحاً أو تدقق مفهوماً (5) ، فظَل المصطلح ضبابيَّ الدلالةِ غائمَ المفهومِ ؛ ففي الوقت الذي يُوَسِّعُ الدكتور فتّوح من حدود المصطلح (الظاهرة) ، فيزيل الحدود الفاصلة بين المعارضة القائمة على أسس فنية بحتة ، والنقيضة القائمة على مُحَرِّضاتٍ قبلية أو عِرْقِيّة أو دينية (6) ، يأتي الدكتور محمد محمود قاسم ليخفِّفَ من شرائط المعارضة قائلاً بمعارضة ناقصة ، فأوشك أن يُدْخلَ فيها الشعر العربي كُلَّهُ!!. (7)

حَقَّقَ النثر الفني الأندلسي في القرنين الخامس والسادس الهجريين طفرة هائلة على درب التطور والنضج " حين شرع .. يغزو المجالات التي كانت وَقْفاً على الشعر.." (8) فراح الكُتّابُ الباحثون عن صيغ فنية جديدة يرتادون آفاق المعارضة ، تحدوهم رغبةٌ صادقةٌ في " إقامة الحُجَّة على أنَّ من بين الأندلسيين مَنْ يُوضَعُ مع أعلام المشارقة في كِفَّتي ميزان" (9) ، وسطَ عوامل متعددة تضافرت – فيما بينها – لتجعلَ من أندلس تلك الحِقْبَةِ بيئة حاضنة للمعارضات شعرية ونثرية ، تمثَّلت فيما يلي :

أ- الولاة : لعب بعض الولاة الأندلسيين دوراً كبيراً في تهيئة مُناخ المنافسة بين الشعراء والكُتَّاب ، من ذلك ما يُرْوَى عن المُعْتَضِدِ العَبّادي (ت461هـ) ، عندما أنشده حبيب الحِمْيَرِيّ (ت440هـ) مدحيةً دبَّج صدرها بمقدمة رَوْضِيَّةٍ ، ضاديةَ الروِيِّ يحاكي بها قصيدة للفقيه أبي الحسن بن علي ... حيث أمر بإحضار كُلٍّ من : أبي بكر بن القُوطِيَّة (ت367هـ) وأبي جعفر ابن الأبّار (ت423هـ) .. وغيرهما وأمرهم بمعارضتها. (10)

وكان لعشق المنصور بن أبي عامر (ت392هـ) للأزهار وتسمية بناته بأسماء بعضها دورٌ في استثارة قرائح شعراء بلاطه وكُتَّابِهِ ، فراحوا يُدَبِّجون القصائد والرسائل التي تدور حول المفاضلة والمعارضة. (11)

ب- النقاد: ذهب أبو عامر أحمد بن شُهَيْد (ت426هـ) إلى أن المعارضة تُعَدُّ سِمَةً من سمات التفوق وأمارة من أمارات الإجادة ، فقال في تضاعيف ترجمته لعبد الرحمن بن أبي فَهْدٍ إنه : " غزير المادة ، واسع الصدر ، حتى إنه لم يَكَدْ يُبْقي شاعراً جاهليّاً ولا إسلاميّاً إلا عارضه وناقضه ، وفي كل ذلك تراه مثل الجواد إذا استولى على الأمَدِ ، لا يني ولا يُقَصِّرُ..." (12) وهـو موقـف نقدي غير مسبوق ، فلأول مرة " نرى ناقداً يُقِرُّ مبدأ المعارضة معياراً للتفوق " (13) متخذاً منها أداة " يلتمس بها التقدير والتكريم عند مَنْ هم أعلى قـدراً مـن معاصريـه وأوفى شهرة ، وأعلى كَعْباً في الأدب بفرعيه : الشعر والنثر " (14) . وسواء اتفقنا مع ابن شُهَيْد على صحة ما ذهب إليه أو اختلفنا معه فإن موقفه هذا ترك أثراً إيجابياً في شيوع ظاهرة المعارضات بصفـة عامـة ، ولـم لا؟ وقد كان أحد " أعظم اثنين تمرَّساً بالنقد في القرن الخامس" (15) وواضع أسس النقد الأدبي في الأندلس . (16)

جـ - مؤرخو الأدب : كان لمؤرِّخي الأدب الأندلسي أثرهم الفاعل في شيوع ظاهرة المعارضات النثرية ، من بين هؤلاء يأتي ابن بسّام الشنتريني (ت542هـ) نسيجَ وَحْدِهِ ، فقد كان يحمل الرسائل المتميزة لكُتِّاب آخرين مُحَرِّضاً إياهم على معارضتها ، ففي تضاعيف ترجمته للوزير الكاتب أبي محمد عبد الغفور (ت531هـ) يقول : "وعَرَضْتُ عليه رسالة أبي عمر الباجيِّ وأبي القاسم بن الجدِّ المتقدمتين في صفة المطر بعد القَحْطِ فعارضهما برقعة قال فيها : وللهِ جلّتْ عظمتُه أوامرُ تُحيلُ المنيرةَ عن طباعِها ، وتسلبُ من حصى المِعْزاءِ فَضْلَ شعاعها...". (17)

ويبدو أن ما أقدم عليه ابن بسّام كان سلوكاً شائعاً في الوسط الأدبي آنذاك ، ففي تضاعيف ترجمته لأبي المغيرة عبد الوهاب بن حَزْم (ت438هـ) قال : "وعُرِضَتْ – ببناء الفعل للمجهول – على أبي المُغِيرة رسالةُ بديع الزمان في الغلام الذي خطب إليه وُدَّه بعد أن عَذَّرَ وبَقَلَ وجهُهُ وأزْهَر ، فعارضها برقعة يقول فيها : ورد كتابُكَ تَنْشُدُ ضالّةَ وُدِّنا ، وترفعُ خَلَقَ عَهْدِنا...". (18)

من أجل هذا شهدت الأندلس حركة أدبية نشطة اتخذت من المعارضة – شعريةً ونثريةً ، داخليةً وخارجيةً – محوراً لها ونقطةَ انطلاق ، وهي حركة تسترعي الانتباه وتحفز الهِمَمَ للاقتراب منها أكثر ، ومعالجتها بأسلوب علمي أشمل وأدقّ .

على أنني أسارع فأقرر أن المعارضات الشعرية وإن كانت فنّاً مشرقيَّ النشأةِ ، أحادِيَّ الأداءِ ، قديماً قِدَمَ الشعر العربي ذاته ، ممتدّاً غير منقطع ، فإن المعارضاتِ النثرية ظاهرةٌ – نعم ظاهرة – أندلسيةُ النشأةِ ، جماعيةُ الأداءِ ، محدودةُ الوجودِ ، منقطعةُ الامتدادِ . فلا يعرفُ الباحثُ كاتباً مشرقياً أُعْجِبَ بنص نثري سابق عليه أو معاصر له فراح يعارضه بأسلوب يشفُّ عن قُدْرةٍ على المحاكاة ورغبةٍ في التفوق ، ناهيكَ عن أن يأخذَ هذا السلوكُ منحى جماعياً كما حدث لدى كُتَّابِ الأندلس في القرنين الخامس والسادس الهجريين ، إذ كثيراً ما يستثير نصٌّ نثري إعجابَ مجموعة من الكتّاب المعاصرين له فينبرون لمعارضته ، مُعَبِّرين – بصنيعهم هذا – عن دهشتهم بهذا النصَّ طرافةَ مَنْحَى وبراعةَ طرْحٍ ومعالجة ، ومُجَسِّدين – أيضاً – رغبتَهم في تجاوزه تجاوزاً فنياً .

يضاف لما سبق أن المعارضاتِ النثريةَ – باعتبارها ظاهرةً أندلسية – كانت محدودةَ الوجودِ زمنياً ، ثم تلاشت فأضحت أثراً بعد عَيْـنٍ ، وسبيـلاً "بُدِئَتْ ثم لم يَمْضِ فيها مَنْ هم في مستوى هذا الرعيل من الأدباء وقدرتهم الأدبية". (19)

أنماط المُعارَضة :

للكُتّابِ الأندلسيين نمطان من المعارضة الأدبية ، تمثل النمط الأول في معارضة أعلام النثر المشرقي كبديع الزمان الهمذاني والمعرّي وغيرهما ، أما النمط الثاني فتجسّد في عدد من النصوص النثرية الأندلسية التي راحوا يعارضونها .

المحور الأول – المعارضات الخارجية :

كان تأثير النثر المشرقي في نظيره الأندلسي عظيماً (20) ، وقد تجلّى هذا التأثير عبر مسارات متعددة ، بعضها فني ، وبعضها الآخر موضوعي ، فقراءة الرسالة الهَزْلِيّة لابن زَيْدون (ت463هـ) (21) تستدعي نصّاً غائباً للجاحظ (ت255هـ) ، نبزهُ بـ "رسالة التربيع والتدوير" (22) ، وقراءة رسالة ابن بُرْد الأصغر "البديعة في تفضيل أُهُبِ الشَّاءِ على ما يُفْتَرَشُ من الوِطاءِ" (23) تستحضر رسالة سَهْل بن هارون (ت215هـ) إلى بَني عمّه من آلِ راهبون ، حين ذمّوا مذهبه في البخل ، وتتبعوا كلامه في الكُتب (24) – مضموناً ووسائلَ تعبيرٍ وغاية (25) ، وهو ملمح مُتَفَشٍّ في نثرهم الفني لا تُخْطِئُهُ عينُ باحثٍ يُعْنى بدراسة نثر المشرق والأندلس من منظور مقارن . (26)

ولم تنحصر عناية الكُتَّاب الأندلسيين بالنثر المشرقي والتأثر به عند حَدِّ الاستسلام لبعض السمات الفنية الطاغية عليه ، أو بعض المضامين المميزة له ، بل تجاوزتهما إلى نمط من المحاكاة الناضجة ، فراحوا يعارضون بعض نماذجه معارضة تتكىء على عنصري : المماثلة والمقابلة ، فكانت لهـم معارضـات صريحة وأخرى ضمنية لكل من : بديـع الزمان الهمذاني (ت398هـ) ، وأبي العلاء المعرّي (ت449هـ) ، وابن نُباتَة السَّعْدِيّ (أبو النصر ، عبد العزيز بن محمد ت405هـ) ، والحريريِّ (ت516هـ) ، وهاكم تفصيل الأمر :

1/أ- بديع الزّمان الهمذاني : نال بديع الزمان مكانة راقية في نفوس الأندلسيين ، تجلّت عبر صور متعددة ، من إشارة إلى سَبْقِهِ ، إلى الفخر عليه ومطاولته (27) ، على أن هذه المكانة لم تُثْمِرْ جيلاً ينسج على منـوال ما أبـدع من مقامـات ، فظل أثره في هذا المجال ضيّقاً لا يتجاوز بعض سمات هذا الفن (28) ، وأضحى بديعُ الزمان لديهم – كاتبَ رسائلَ وصانعَ أشعارٍ – ميداناً للمعارضة .

وإذا كان الكلاعِيُّ قد أُعجب بمقامات بديع الزمان إعجاباً حدا به إلى الاستشهاد بمقتطفات منها ، فإن هذا الإعجاب لم يدفعه إلى تَعَقُّبِ ما خلّف من آثار ، مُنَزِّهاً كتابه – حسب تعبيره – عن إيراد مقامات الذين عارضوه وقلّدوه" (29) فطمس بفعله هذا جانباً من الأثر الذي تركه الهمذاني في كُتِّابِ الأندلس المعاصرين له .

عارض أبو المُغِيرة عبدُ الوهاب بن حَزْمٍ (ت438هـ) بديعَ الزمانِ الهمذاني في رسالته التي كتبها ردّاً على مَنْ أبدل الزمانُ كِبْرَهُ صَغاراً ، وترفُّعَهُ ضِعَةً ومهانة ، فعاد يطلب مودّة مَنْ أساء إليه ، ويستجدي حُسْنَ مَعْشَرِ مَنْ تطاول عليه ، فقال ساخراً : "وردتْ رقعتُكَ – اطال اللهُ بقاك – فأعَرْتُها طَرْفَ التعزُّزِ ، ومددتُ إليها يدَ التقزُّزِ ، وجمعتُ عنها ذيلَ التحرُّزِ ، فلم تندّ على كبدي ، ولم تَحْظَ بناظري ويدي ، وخَطَبْتَ من مودّتي ما لم أجدك لها كفؤاً ، وطلبتَ من عِشْرتي ما لم أَرَكَ لها أرضاً ... وتناسيتَ أيامك إذ تُكَلِّمُنا نَزْراً ، وتلحظنا شذراً..." (30) – برسالة أورد ابن بَسّام نصَّها ، فقال : "وعُرِضَتْ على أبي المغيرة رسالةُ بديع الزمان ... فعارضها بِرُقْعَةٍ يقول فيها : "ورد كتابُكَ تنَشُدُ ضالّةَ وُدّنا ، وتَرفعُ خَلَقَ عهدِنا ، وتطلُبُ ما أفاتَتْهُ جريرتُكَ إلينا ، وذهبتْ به جنايتُك علينا ، أيّامَ غُصْنُكَ ناضِر ، وبَدْرُكَ زاهر ، لا نجدُ رسولاً إليك غيرَ لحظةٍ تَخْرِقُ حجابَ الدُموع ، أو زَفْرةٍ تُقيمُ مُنآدَ الضُلُوعِ ؛ فإنْ رُمْنا شكوَى يَنْفُثُ بها مصدورُنا ، أو يستريحُ إليها مَهْجُورُنَا ، لقينا دونها أمْنَعَ سدّ ، وأفدحَ رَدّ" (31) .

إن قراءة هاتين الرسالتين تؤكد أن رسالة أبي المغيرة تحذو حَذْوَ رسالة بديع الزمان مضامينَ ووسائلَ تعبيرٍ ، فكلتاهما موغلةٌ في السَّجْعِ والغُلُوِّ في السخرية ، والإلحاح في الشماتة ، والاتكاء على الشعر تعميقاً لإحساس أو انتصاراً لفكرة ، على أن ابن حَزْمٍ وإن نقل كُلَّ معاني بديع الزمان فإنه "صاغها في أسلوب أقرب إلى الحضارة ، وأدنى إلى الرِّقَّةِ ، وأبعد عن حـرارة العنف التي عُرِفَ بها بديعُ الزمان" (32) ، فجاء أسلوبه مُوَشّى بـ "نعومة الصياغة ، ولطافة الإيقاع الموسيقي ، والاعتماد الكُلّي على الصورة" (33) .

أما ابن شُهَيْد (ت426هـ) الذي اتخذ من المعارضة وسيلة لإفحام خصومه الذين اتهموه بالسَّطْوِ على أشعار القدماء وآثارهم النثرية ، وانتزاع الإجازة طَوْعاً أو كَرْهاً (34) – فقد عارض بديعَ الزمان في بعض رسائله الوصفية التي تناول فيها الماء والبرغوث والثعلب والحَلْوَى ، وهي جوانب تطرَّق إليها الدكتور مصطفى الشكعة تطرّقاً دقيقاً (35) .

ولابن عَبْدون (ت520هـ) معارضاتٌ شعرية أخرى للهمذاني أورد ابن بسام بعضها ، ولكنها خارجة عن نطاق بحثنا هذا (36) .

1/ ب- ابن نُباتَة السَّعْدِيّ : كان ابن نُباتة السَّعْدِيّ شاعراً مجيداً ، وخطيباً بارعاً جمعه والمتنبي بلاطُ سيف الدولة ، فأضحى المتنبي شاعَره الأثير ، وابن نباتة خطيبَهُ المُقَرَّب ، فكان له في سيف الدولة غُرَرُ القصائد ، وفي حملاته الجهادية ديوانُ خُطَبٍ ، أجمع الناس على أنها مما "لم يُعْمَلْ مثلها في موضوعها". (37) عارضه ابن أبي الخِصال (ت540هـ) في بعض خطبه ورسائله التي كانت "تروع الناس ، وتناقلها الأدباء والرواة" (38) ، إذ عارضه في خطبة دينيـة تحـضُّ على الجهاد ، وثانية في الشكر على نزول غَيْثٍ ، وأخرى في عيد الأضحى . (39)

1/ جـ- أبو العلاء المعرّي : عُنِي الكُتَّابُ الأندلسيون بنثر أبي العلاء المعرّي عناية حدت بأبي القاسم محمد بن عبد الغفور (ت543هـ) أن يتخذ منه نموذجاً أرقى للنثر الفني حتى زمانه ، ودفعت طائفة منهم لمعارضته في بعض كتبه ورسائله ، من بين هؤلاء يأتي ابن عبد الغفور الكَلاعيُّ نسيجَ وَحْدِهِ ؛ إذ قام بمعارضة المعرّي في أربعة كتب (40) ، معارضة تتكىء على عنصري : المماثلة التي ترتكز على غريزة المحاكاة والمقابلة التي تُجَسِّدُ رغبةَ المنافسة اللَذْين فُطِرَ الإنسانُ عليهما ، فقال : "جمعني وإيّاه – أدامَ اللهُ عَلياه – مجلسٌ ثالثٌ ، فأخذنا في ذِكْرِ الشعراء العلماء ، حتى جاء ذِكْرُ أبي العلاء ، فتذاكرنا ما له من التواليف البديعة التصنيف ، التي اغترفها من بحره ، واعتمد فيها على فكره ، فذكر أنه لا يُضْاهى فيها ولا يُجارى ، ولا يُعارَضُ في واحدٍ منها ولا يُبارَى . فسوَّلتْ لي نفسي مناهضَته ، وزَيَّنَتْ لي نفسي مُضاهاته ومعارضته" (41) .

عارض ابنُ عبد الغفور الكَلاعي أبا العلاء المعرّي في أربعة كتب ، ثلاثة من بينها تنتمي إلى النثر فنياً وعلمياً ، وواحد ينتمي إلى الشعر ، وهي : "السّاجعة والغربيب" وعارض بها "رسالة الصاهل والشاحج" ، و"خطبة الإصلاح" وعارض بها "خطبة الفصيح" ، و "السَّجْع السلطاني" وعارض به كتاباً للمعرّي يحمل العنوان ذاته ، وأخيراً "ثمرة الأدب" وعارض به "سِقْطَ الزَّنْدِ" .

ج/ا رسالة الصّاهل والشاحج : أُعْجِبَ الكَلاعيّ بهذه الرسالة إعجاباً حدا به إلى معارضتها برسالة وسمها بالساجعة والغربيب ، وتضمين كتابه (إحْكام صَنْعَةِ الكلام) قطعاً متناثرة منها (42) .

وقراءة ما تَبَقَّى من رسالة (الساجعة والغربيب) تشي بمحاكاة دقيقة لرسالة المعرّي عنواناً ومضموناً وآليات تعبير ، إذ أدار الحوار فيها بين حمامة وغراب ، متخذاً من المزج بين النثر والشعر واللغة التي تشي ولا تفصح وسيلةً ، ونَقْدِ سلوكيات مجتمعه غايةً (43) .

وقـد نالـت رسالـة الكَلاعِـي إعجاب معاصـريـه وعنايتهـم ، فقـام أبـو بكر بن العربي (ت543هـ) (44) بمعارضتها في رسالة نبرها بـ (لمحة البارق في تقريظ لواحظ السابق) ، أورد ابن عبد الغفور الكَلاعي قطعة منها (45) وراح الوزير أبو أيوب بن أبي أمية يثني عليها (46) .

ومع علوِّ قَدْرِ هذه الرسالة فإن الكلاعي يُقِرُّ بضآلة قَدْرِها أمام رسالة (الصّاهل والشّاحج) لأبي العلاء المعرّي ، إذ جاءت بمنزلة النُّغْبَةِ من عُبابِ البحر المائج (47).

ج / ب السجع السلطاني (48) : كان لانتقاص أحد رفاقه لمقدرته على الخَوْضِ في كل فنون القول كبيرُ أثر في الإقدام على معارضة المعرّي في كتاب ثانٍ وسمه بـ (السجع السلطاني) ، على أن ضياع الكتاب وقلّـة ما بقي منه ، لا يأخذان بأيدينا صوب تلمُّس جوانب الاتفاق وملامح الاختلاف. (49) ، وإن أشار الكَلاعيّ في معرض الاستشـهاد بقطعة منه إلى أنه "مما يجب أن يُحْتذى عليه ، ويُفـْزَعُ في الاهتـداء والاقتداء إليه" (50) .

ج /ج خطبة الفصيح : ولم تقف رغبة الكلاعي في معارضة المعرّيّ عند النثر الفني الخالص ، بل تخطته إلى النثر العلمي ، فعارض "خطبة الفصيح" التي راقته فعدّها .. من أطْرَفِ الخُطَبِ مَعْنىً وأعذبها منحىً ومَبْنىً..." (51) بخطبة الإصلاح ، مُخْتَطّاً نهجه ؛ فإذا كان أبو العلاء قد اتخذ من مضمون كتاب الفصيح لثَعْلَب (ت291هـ) مادة لخطبته ، "وتحميد الله وما قاربه من العظاتِ غايةً" (52) ، فإن الكلاعيَّ قد بنى خطبته على كتاب المُنَخَّل للوزير المغربي أبي القاسـم الحسيـن بن علـي (ت418هـ) وهـو مُجَـرِّدُ (إصلاح المَنْطِق) لابن السِّكِّيت (ت244هـ) ، مع اتفاق في الغاية مع المعرّي ، أقرّ به قائلاً : ".. كرهتُ أن يُخْلَقَ بُرْدُ الشبابِ قبل أن أطرِّزَهُ بعلم المتاب ، فعمدتُ إلى خطبة الفصيح فعارضتها بخطبة الإصلاح" (53) .


صائد الأفكار 6 - 11 - 2009 04:29 PM

كما عارض هذه الخطبةَ – أيضاً – عالمٌ أندلسي آخر يُدعى الحافظ أبا الربيع سليمان بن موسى الكلاعي (ت634هـ) بكتاب وسمه بـ "جهد النصيح وحظ المنيح في مساجلة أبي العلاء في خطبة الفصيح" (54) .

على أن الكلاعيَّ الذي أجهد نفسه زمناً في معارضة أبي العلاء ومحاولة مُضاهاته ، عاد ليُقرَّ بسعةِ الهُوَّةِ الفاصلة بينه وبين المعرّي ، فقال : "اللهِ إني لأعلمُ قَدْري ومساحةَ صدري ... وقصوري عن إشاراته ، وعجزي عن أدنى عباراته .. وهيهات!! ما ناهضُته في (سِقْطِ الزَّنْدِ) إلا بما لففتُ بهِ رأسي حياءً من المجد ، وما أنا في مضاهاته في رسالة (الصاهل والشاحج) إلا كمن ضاهى بالنُّغْبةِ عُبابَ البحر المائج . وما أنا في معارضته في (خطبة الفصيح) إلا كمن عارض بالنَّفَسِ هبوبَ الريح . فليجفْ قلم المعترض ، وليَخِبْ سهم المُتَعَقِّبِ المُغرِض" (55) .

ج / د مَلْقَى السبيل : رسالة صغيرة كتبها أبو العلاء المعرّي في الطور الأخير من حياته (حوالي سنة 430هـ) ، اتسمت بشرف الغاية وطرافة الطَّرْحِ والمَنْحى ، فدارت حول الزُّهْدِ مضموناً والوعظ وسيلة ، واشتملت على فقرات مسجوعة رُتِّبَتْ وفق الترتيب المشرقي لحروف المعجم ، فُصِلَ بينها بمقطعات شعرية تحتضن نفس المعنى ، مع اتفاقٍ في الفواصل والقوافي ، وتراوحت الفقرات بين سطر وثلاثة أسطر ، والمُقَطَّعات الشعرية بين بيتين وثمانية أبيـات ، مثال ذلك ما جاء في حرف الثاء : "من أعظم الحَدَث ، سُكنى الجَدَث . (من المتقارب)

"يـدومُ القديـمُ إلــهُ السـمـاء

ويَفْنَـى بـأقـداره مـا حَـدَثْ

ومـا أرْغَـبَ المـرءَ في عَيْشِهِ

ولكن قُصاراه سُكْنى الجَدَث" (56)


وكان لطرافة مَنْحَى رسالة "مَلْقَى السَّبيل" وشرفِ غايتها كبيرُ أثرٍ في قيام ثلاثة كُتَّابٍ أندلسيين بمعارضتها معارضةً تُجَسِّدُ تقديرهم للمعرّي ذاتاً مبدعة وإبداعاً مدهشاً ، تحدوهم رغبةٌ في المحاكاة والتفوقِ وشيوع الذِّكْرِ . فعارضها ابن أبي الخِصال (57) ، وأبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي (ت634هـ) في "منابذة الأمل الطويل بطريقة المعرّي في مَلْقَى السبيل" (58) ، وتلميذه أبو عبدالله محمد بن الأبّار القُضاعي (ت658هـ) في "مُظاهرة المَسْعى الجميل ، ومحاذرة المَرْعى الوبيل في معارضة ملقى السبيل" (59) .

إن تدبر ما سبق تناوله من معارضات أندلسية نثرية اتخذت من أربعة أعمال معرِّيَّةٍ محوراً لها ونقطة انطلاق يُفْضي بنا إلى رصد ملحظين ، يتمثلان في عناية أربعة كُتّاب أندلسيين بمعارضة المعرّي ينتمون إلى القرنين السادس والسابع الهجريين ، هم : ابن أبي الخِصال (ت540هـ) ، وأبو القاسم محمد بن عبد الغفور الكلاعي (545هـ ظنّاً) ، وأبو الربيـع سليمان بن موسى الكَلاعيّ (ت643هـ) ، وتلميذه محمد بن الأبّار القُضاعي (652هـ) . وأنهم في اتخاذهم لهذه الأعمال العلائية الخمسة دون غيرها مجالاً للمعارضة إنما يجسدون الموقف الأندلسي من إبداع الرجل بصفة عامة ؛ فهذه الأعمال تتوزع بين الفني الخالص (السجع السلطاني) ، والأخلاقي النزعة (الصّاهل والشّاحج ، وخطبة الفصيح ، ومَلْقَى السبيل) .

د- الحريريّ : جاء أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحَرِيريّ البَصْرِيّ (ت516هـ) فأنسى الأندلسيين ذِكْرَ بديعِ الزمان الهمذاني ، إذ شرقت مقاماته وغرّبت "حتى صار ابتذالُها عَيْبَها" فوجدت من بين الأندلسيين من سمعها روايةً عنـه أو عـن بعـض تلاميذه (60) ، ومَنْ عُنِي بشرحها كمحمد بن أحمد بن سليمان المالقي (ت617هـ) (61) ، وعبدالله بن ميمون العبدري الغرناطيّ (567هـ) (62) ، وأبي العبّاس الشَّرِيسيّ (ت619هـ) الذي شرحها ثلاثة شروح (63) . ومَنْ حذا حَذْوَها فحاكاها صياغة ومضموناً وسمات فنية ، وعارضها معارضة ضمنية وصريحة .

د / ا ابن أبي الخِصال: كان ابنُ أبي الخِصال أحد الكُتَّاب الأندلسيين الذين عارضوا الحريريَّ في مقاماته ، إذ عارضه بمقامة طويلة ، وردت ضمن ديوان رسائله ، وصُدِّرتُ بما يشي بأن ابن أبي الخِصال أنشأها معارَضةً للحريريِّ ، فقيل : "وله – رحمه اللهُ – مقامةٌ عارض بها الحريريَّ في بعض مقاماته" (64) .

يتجلّى لقارئ هذه المقامة أن ابن أبي الخصِال حذا حَذْوَ الحريريِّ بناءً ومضموناً ، وإن احتفظ لنفسه بشيء مـن التميز . فمضمون هذه المقامة يُشْبِهُ إلى حَدٍّ كبير مضمون المقامة التفليسية (65) ، وبطلاها هما بطلا مقامات الحريريِّ اسماً وحِيلاً وغاياتٍ ، فقد اتخذ ابن أبي الخِصال من الحارث بن همّام راوِياً ، ومن أبي زيد السُّروجيّ بطلاً ، ومن استثارة النفوس إلى البذل بالفصاحة والتذَلُّل والنحيب حِيلاً ، مُشيراً لما آلت إليه حرفةُ الأدب من كساد وما أصاب حياة الأدباءَ من تَرَدٍّ ، مثال ذلك قوله على لسان أبي زيد السروجيِّ : "قد شكرتم قولاً فاشكروا طَوْلاً ، وأثنيتم لفظاً فاثنوا لدى البرِّ والصلة لحْظاً" (66) ، ثم يرصد الحارث بن همّام وسائل أخرى من وسائل التكدّي تتمثل في النحيب واستدرار الدمع ، وما أحدثته من آثار فقال : ".. ثم جعل الشيخُ ينتحب ، ويستقيد الدمعَ فيصحب ، ولا مغيض إلا الخَيْش، ولا داءَ إلا العيش ... فلم تَبْقَ قَلَنْسُوَه .. إلا زُحْزِحَتْ ، ولا عَبْرَةٌ إلا سُفِحَتْ ، ولا مُبْهَمةٌ من الصُّرَرِ إلا فُتِحَتْ ، فطلع سَعْدُه الغائب ، وانثالتْ عليه الرغائب ، فما شَبَّهْتُ مطرَ عطائهم إلا بمطر سمائهم ، والشيخ يَتَلَقَّفُ ولا يتوَقَّف ؛ ويلتقط ما يسقط ، ويدّخِرُ ولا يُؤَخِّر..." (67) .

على أنني أسارع فأقرر أن ابن أبي الخِصال قد احتفظ لمقامته ببعض الجوانب التي تميزها ، يأتي في مقدمتها سمة الطول إذ جاءت مفرطةَ الطولِ ، تعكس "ميل منشئها إلى أن يُجَرِّبَ قلمه في وصف عدة "مقامات" ، فهناك منظر في الريف ، وآخر في بيت الحارث ، ثم ثلاث قصائد متتابعة ، ثم تفتيش عن السروجي ، ثم وصف للحَانِ وحوار طويل بين الحارث وربِّ الحَان ، ثم اللقاء والحوار بين الحارث والسروجيِّ ، ثم وصف لليوم الذي خُتِمَتْ به تلك الأحداث ؛ ولا يلتزم هذا المنهج إلا كاتب لا يودُّ أن ينشئ عدّة مقامات متفرقة ، وإنما هو ينشئ مقامة أو اثنتين ويحاول أن يعرض براعته في رسم مناظر متعددة يجمعها معاً في مقامة واحدة" (68) .

- ثمة ملمحٌ ثانٍ يتَّصل بالحارث بن همّام الذي حرص الحريريُّ على أن يكون راوِياً سلبياً لا يُشارك في صُنْعِ أحداث مقاماته ، بينما جاء لدى ابن أبي الخِصال قريباً من عيسى بن هشام الذي اتخذه الهمذاني راوِياً لمقاماته ، فلم يقتصر دوره على رواية الأحداث فقط ، بل تجاوزه إلى التمهيد للحدث وتنميته "بالتنقل من مكان إلى مكان ، ووضع عنصر الاغتراب فيها" (69) .

- جارى ابن أبي الخِصال أبا محمد الحريريَّ في الميل إلى استخدام الألفاظ الغريبة ، وتوشية الكلام بما خَفَّ من السجع وراق من وسائل الصَّنْعة ، وإن لم يتمادَ فيما رمى الحريريُّ إليه من تعقيد وإلغاز كما في مقامته "الرَّقْطاء" (70) والسَّمَرقندِيّة" (71) ... وغيرهما (72) .

- كما جاءت مقامة ابن أبي الخِصال عُطْلاً من اسم تختصُّ به ، ويشي بما تنطوي عليه من مضامين ، بينما حرص الحريريُّ على أن تأتي مقاماته الخمسون ممهورة باسم شديد الصِلة بمضمونها والدلالة عليه (73) .

د / ب – السَّرَقُسْطِيّ : كان أبو طاهر السَّرَقُسْطِيِّ (ت538هـ) أكثر الكُتَّاب الأندلسيين احتفاء بالمقامة ، وإعجاباً بالحريريِّ ؛ إذ أبدع خمسين مقامة عارضه بها "عند وقوفه على ما أنشأه ... بالبَصْرَة" (74) ، مُقتفياً أثره ، فعُرِفَ بها ، وتميَّز عن غيره مِمَّن اكتفوا من هذا الفن بالقليل .

تكشف مقارنةُ مقاماتِ السرقسطيِّ بمقامات الحريريِّ عن نقاط تلاقٍ متعددة تشمل العناصر الأساسية لفن المقامة ، كالعدد والشخصيات الأساسية والحِيلِ والغايات ، وتختلفان تسميةً وصَنْعَةً فنية .

حاكى السرقسطيُّ الحريريَّ في عددِ ما أنشأ من مقامات ، وشذّ عنه في تسمية مقاماته الخمسين ، فإذا كان الحريريُّ شديدَ حرصٍ على أن تحمل كل مقامة من مقاماته الخمسين اسماً دالاً على الموطـن الذي دار فيه الحدث ، أو ما انطوت عليه به من مضامين (75) فإن السرقسطيَّ شذّ عنه في هذا الجانب ، فجاءت ثمان وثلاثون مقامة غُفْلاً من الاسم بينما سميت المقامات الأُخر باسم يدل على مواطن حدثها ، أو مغزاها أو نمط السجع الشائع فيها ، فسميت المقامة السابعة بالبحرية ، والثامنة والعشرون بالحمقاء ، والثلاثون بمقامة الشعراء ، والحادية والأربعون بمقامة الدُّبِّ ، والأربع التاليات بالفرسية والحمامة والعنقاوية والأسديّة ، أما المقامة الخمسون فقد سُمّيت بمقامة النظم والنثر ، وسُمِّيَتْ ثلاثٌ منها بنمط السَّجْعِ السائد فيها ، "فواحدة تُسَمَّى "المُثَلَّثَةُ" لأنها بُنِيَتْ على ثلاث سجعات ، وأخرى تُسَمَّى "المُرَصَّعَةُ" لتقابُلِ عبارتها في سجعتين ، وثالثة تُسَمَّى "المُدَبَّجَةُ" لتقابُلِ كل عبارتين منها في ثلاث سجعات" (76) .

وقد استلهم السرقسطيُّ شخصياتِ مقاماته الرئيسية من الحريريِّ ، إذ اتكأ على شخصيتين أساسيتين ، هما : السائب بن تمام الرّاوي ، وأبو حبيب السَّدوسِيّ بطل مقاماته ، وراح يحاكيه فيما طرح عليهما من سمات وأدوار ، "فالسائب بن تمام هو الذي يقوم بالمغامرة ، ويلتقي في معظم الأحيان بالشيخ العبقري المحتال السدوسيّ الذي لا تختلف فلسفته عن فلسفة بطل الحريري" (77) . وقد اعتمد كلاهما على شخصيات ثانوية تُغَذِّي الأحداث بمـزيـد من الحِيَلِ ، فاعتمد البطل في بعض مقامات الحريريِّ على ابنه وزوجته (78) ، بينما اعتمد بطل السرقسطيِّ على زوجته وابنته وولدين له هما حبيبٌ وغريب ؛ فتارة "يستعين الشيخ على إنفاذ حيلته بابنه حبيب ، فيجعله الخطيب الذي يستدِرُّ عطف الناس لحال أبيه ، وقد يستعين بابنته إذ يتخذها جارية فيعرضها للبيع ، فإذا بيعت وقبض الثمن ، لم يسمح أمين البلدة بإخراجها لأنها حرّةٌ لا يجري البيع عليها" (79) .

وإذا كان الحريريُّ قد اتخذ من أبي زيد السروجيِّ راوِيةً لأحداث مقاماته فإن السرقُسْطِيَّ قد أضاف في بعض مقاماته راوياً آخر يَرْوي عن السائب بن تمام يُدْعى المنذر بن تمام ، وإن كان محدود الأثر في مجريات الأحداث ، وقد يهمل عنصر الرواية إهمالاً تاماً كما في المقامة الحادية عشرة .

وتُشْبِهُ مقاماتُ السرقسطيِّ مقاماتِ الحريريِّ في العقدة ووسائل حلِّها ممثلة فيما كان يقوم به البطل من حِيَلٍ ، فالعقدة "تقوم على تَنَكُّرِ الشيخ المحتال ، وعلى مهارته في الوعظ ، ووعظه غالباً تذكيرٌ بالآخرة والموت ، ثمّ انكشاف حال الشيخ للسَّائب بن تمام ، وكثيراً ما يَفِرُّ هذا الشيخ بعد أن يفوز بما يُريد ، لكنه في كل مرَّة يتركُ رْقعةً ، فيها شعر يشرح فيه حاله وحيله" (80) .

وعلى الرغم من أن السرقسطيَّ قد حاكى الحريريَّ – ومن قبله الهمذاني – في مقاماته فجاء المضمون مُنْصَبّاً على الوَعْظِ والكُدْيَةِ ، متخذاً من كثرة العيال وتَغَيُّرِ الأحوال مبرراً لذلك ، فإن السرقسطيَّ فاق سابقيه توسّعاً في المضمون وتنويعاً في الحِيَلِ والأساليب ، فاستخدم "القصة السردية التي تعتمد على المادة الإخبارية ، والأحلام والخرافات ، كما أنه شارك بمقاماته في كتابة القصة المُبكِيَة والقصة المُضَحِكة ، فحققت أعماله المقومات الفنية للقصة بما فيها من أسلوب وتصوير وسرد وصراع ومفاجآت ، من خلال حبكة ممتعة لم تُفْسِدْها ألوانُ الجناس والبديع والتضمين والاقتباس" (81) ، وقد تجلّت هذه السمات في المقامة العنقاوية التي اتخذت من الصين مسرحاً لأحداثها ، ومن قصص "ألف ليلة وليلة" مصدراً اقتبس منه شخصية (السندباد) والمناخَ الأسطوريَّ للمشرق (82) وكذلك المقامة الحادية عشرة والمقامة الثامنة والأربعون .

وقد تجلّى أثر المشرق في مقامات السرقسطيِّ عبر ملامح متعددة ، تمثلت في استحياء بعض القصص الشائع فيه كقصص الحُبِّ العذريِّ التي شاعت في العصر الأموي ، فأخذت سبيلها صوب تضاعيف إحدى مقاماته ، إذ أورد قصة المجنون دون تصريح ، فقال : "أكبَّ عليّ فتى كالكوكب المشبوب في خلق مألوف .. وجعل يُقَبِّلُ راحتي ، ويُكْبِرُ ساحتي ويقول لي : عمّاه يا عمّاه .. كنتُ علقتُ بابنة عمِّي ، وكانت وفقي وهمّي، وكان الحُسْنُ قد كساها جلبابه ... وكان وعدني بها العَمُّ ، وساعدني فيها الأخَصُّ والأعمُّ .. فمال بها إلى بعض الغرباء" (83) .

كما تجلّى أثر المشرق في اتخاذ مدن المشرق مسرحاً لأحداث أغلب مقاماته ومجالاً للتنقل بينها ، بينما خفتت البيئة الأندلسية أو كادت تتلاشى ، إذ انحصرت في ثلاثة مواطن هي : القيروان وطنجة وجزيرة طريف ، فكان بصنيعه هذا أكثر الأندلسيين عزوفاً عن اتخاذ المواطن الأندلسية مسرحاً لمقاماته ، فلا "نجد في هذه المقامات صبغة محلية كالتي وجدناها في بعض المقامات الأندلسية الأخرى التي تُصوّر رحلاتٍ في داخل الأندلس نفسها" (84) . وقد فاق السرقسطيُّ سابقيه في تنوّع المكان المشرقيِّ لديه ، إذ أدخل العنصر البحري مجالاً لأحداث أربع مقامات ، هي : المقامة السادسة ، والسابعة (البحرية) والرابعة والأربعون (العنقاوية) ، والسابعة والأربعون ، وقامت أحداثها مُتعاقبةً في المواطن الآتية : ميناء عَدَن ، ومرفأ الشحر ، والصين ، وجزائر الهند .

وقد تجلّى تعلُّق السرقسطيِّ بالمشرق في المقامة الثلاثين أيضاً والتي ضمَّنها أحكامه حول الشعراء ، إذ أدارها حول طائفة من الشعراء المشارقة بدءاً بالجاهلية وانتهاء بزمانه ، دون تطرُّقٍ إلى شاعر أندلسي واحد معاصرٍ له أو سابقٍ عليه ، وهي "أحكام قديمة متداولة معروفة ، ليس فيها جديد غير الصياغة ، وقد لا تكون" (85) . والسرقسطيُّ في صنيعة هذا يشبه الحريريَّ الذي أدلى بدلوه في الحوار النقدي حول بعض الشعراء وما اتصل بأشعارهم من سمات وظواهر ، وتجلّى هذا في المقامة الحلوانية (86) والمقامة المراغية (87) والمقامة الشعرية (88) .

بقى أن نشير إلى أن السرقسطيَّ جارى الحريريَّ في إدخال عنصر التصنيع على مقاماته ، وإن فاقه الحريريُّ كمّاً وتنوُّعَ أساليب ، ولم لا؟ وقد "كان التصنيع في تلك الفترة مقياس النبوغ" (89) . فجاراه في مدح الشيءِ وذمِّه ، ووصف الأشياء متخذاً منها مجالاً لإظهار براعته الأسلوبية ، فله مقامات في : وصف الدينار وحال العاشق وسِرْبٍ من الحِسان... إلخ .

على أن للسرقسطيِّ مجالاً فاق فيه معاصريه وسابقيه عندما اتخذ من السجع مجالاً لإظهار براعته ، فلزم في منثور كلامه ومنظومه مالا يلزم ناقلاً هذا النمط من الشعر إلى النثر ، متأثراً بما استحدثه أبو العلاء المعرّي في بعض أشعاره ومنثور كلامه . (90) و"هو مذهبٌ وإن كنا نقبله في الشعر ، فإننا نستغرب استخدامه في الكتابات النثرية" (91) .

فقد بنى السرقسطيُّ تسعَ مقامات من مقاماته وفق نمط خاص في السَّجْعِ ، فجاءت أسجاع خمس مقامات (32-36) مبنية على الحروف ؛ فهناك الهمزية والبائية والجيمية والداليـة والنونية . ثم بنى اثنتين (37-38) على نسق الأبجدية المغربية ، واثنتين أخريين (39-40) على نسق : أبجد هوز... ، وثمة مقامات أخرى سميت بالنمط السجعي السائد فيها ، وهي : المثلثة والمرصعة والمدبجة ، وهذه المقامات "أشدُّ مقاماته تَصَنُّعاً وتكلفاً ، وأما ما عداها فإن السجع فيها سهل سائغ لا يحس قارئه فيه تعسفاً أو مغالاة" (92) .

د. أيمن محمد علي ميدان*




الهوامـش :

(1) ابن منظور (أبو الفضل، محمد بن مكرم المصري): لسان العرب مادة (عرض)، والرّازي: مختار الصِّحاح مادة (عرض)، وطبانة: معجم البلاغة العربية ص416، ووهبة: معجم مصطلحات الأدب ص389 والطرابُلْسِي: خصائص الأسلوب في الشوقيّات ص239.
(2) محمود عباس العَقّاد: شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي ص89-90، حيث ذهب إلى أن التقليد يُعَدُّ المرحلة الفنية الأولى للتكوين الفني للمبدع.
(3) علي الجارم: الجارميات ص222.
(4) د. محمد فتّوح أحمد: معارضات البارودي في ضوء الدراسات النقدية الحديثة ص4.
(5) د. محمد الهادي الطرابلسي: خصائص الأسلوب في الشوقيّات ص239.
(6) د. فَتّوح: معارضات البارودي ص4-10، ولعلَّه جارى الشاعر علي الجارم فيما رمى إليه، انظر: جارميات، الفصول الخمسة التي تناولت ظاهرة المعارضات في الشعر العربي تناولاً تاريخياً ص219-253.
(7) د. قاسم: تاريخ المعارضات في الشعر العربي ص13 وما بعدها.
(8) د. علي بن محمد: النثر الأدبي الأندلسي ص203.
(9) د. سعد شلبي: الأصول الفنية للشعر الأندلسي (عصر الإمارة) ص207.
(10) أبو الوليد الحِمْيرِيّ: البديـع في وصـف الربيـع ص42، وتيّارات النقـد الأدبي في الأندلس ص426.
(11) ابن بسَّام: الذخيرة ق4 م1 ص47-48.
(12) الحُمَيْدِي: جَذْوَة المقتبس ص277.
(13) د. إحسان عبّاس: تاريخ النقد الأدبي عند العرب ص484.
(14) د. مصطفى الشَّكْعَة: الأدب الأندلسي ص641-642. ود. مصطفى عليان عبد الرحيم: تيارات النقد الأدبي في الأندلس ص315 – 317.
(15) المرجع السابق ص482.
(16) د. عبدالله المِعْطاني: ابن شُهَيْد الأندلسي وجهوده في النقد الأدبي ص25.
(17) ابن بسّام: الذخيرة ق2 م1 ص342.
(18) المصدر السابق ق1 م1 ص140، ونصُّ رسالة البديع في: زَهْر الآداب ص732.
(19) د. علي بن محمد: النثر الأدبي الأندلسي.. ص547.
(20) د. الشكعة: الأدب الأندلسي، موضوعاته وفنونه ص569 وما بعدها. ود. إحسان عبّاس: تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين) ص228.
(21) الرسالة الهَزْلِيّةُ: رسالة كتبها ابن زيدون على لسان معشوقته ولادة بنت المُسْتَكْفي إلى الوزير ابن عبدوس، ساخراً منه سخرية مريرة، وشرحها ابن نُباتَةَ المصري في كتاب: سَرْح العيون في شرح رسالة ابن زيدون.
(22) د. وداد القاضي: بين الجاحظ وابن زيدون (ص86-184) ضمن كتاب "دراسات في الأدب الأندلسي" بالاشتراك.
(23) ابن بسّام: الذخيرة ق1 م1 ص532-544. وانظر أيضاً: نثر ابن بُرْد الأصغر، دراسة فنية ص259-262 (صحيفة دار العلوم، العدد 14، ديسمبر 1999م).
(24) الجاحظ: البُخلاء ص33-46. وانظر أيضاً: العصر العباسي الثاني ص536-539، وبلاغة الكُتّاب في العصر العبّاسي ص152، والنثر الفني وأثر الجاحظ فيه ص169.
(25) أيمن ميدان: نثر ابن بُرْد الأصغر، دراسة فنية ص259-262.
(26) رصد الباحث هذا الملمح من خلال تأثير المعرّي في البيئة الأدبية الأندلسية كُتّاباً وشعراء، انظرتأثير أبي العلاء المعرّي في الأدب الأندلسي (مجلة كلية الآداب/جامعة المنصورة – إصدار خاص، يناير 2001م). وانظر أيضاً تأثر ابن شهيد بكل من الهمذاني والجاحظ وعبد الحميد في ابن شهيد الأندلسي حياته وأدبه ود. حازم خضر ص201 – 206.
(27) تطرّق ابن بسّام إلى ذكر بديع الزمان وأدبه في مواطن كثيرة من كتاب "الذخيرة" انظر ق1 م1 ص11 وص372، ق3 م1 ص49... إلخ.
(28) ميدان: نثر ابن بُرْد الأصغر، دراسة فنية ص262، فمقامة النخلة متأثرة في طريقة بنائها بمقامات بديع الزمان، إذ حفلت بمزج القالب السردي بالمسائل اللغوية، والاتكاء على فكرة الكُدْيَة، التي نلمح لها ظلالاً أيضاً في الأجزاء المتبقية من مقامةٍ لعمر بن الشَّهيد (الذخيرة ق2 م1 ص676)، وأخرى لأبي محمد بن مالك القرطبي، كتبها للمعتصم بن صمادح، وأورد ابن بسام قطعاً منها (ذ ق1 م2 ص741-752).
(29) الكَلاعيُّ: إحكام صَنْعَةِ الكلام ص208 ود. محمد رضوان الداية: تاريخ النقد الأدبي في الأندلس ص353.
(30) ابن بسّام: الذخيرة ق1 م1 ص117.
(31) د. الشكعة: بديع الزمان الهمذاني ص136.
(32) د. الشكعة: الأدب الأندلسي ص588.
(33) د. علي بن محمد: النثر الأدبي الأندلسي ص542.
(34) مـن الإجـازات المنتزعة كرْها لقاؤه مع تابع البحتري في أرض الجِنّ، انظر: التوابع والزوابع (طبعة د. محي الدين ديب) ص200.
(35) د. الشكعة: الأدب الأندلسي ص679-681، ود. زكي مبارك: النثر الفني في القرن الرابع ج2/315 ود. شوقي ضيف: المقامة ص31، والفن ومذاهبه في النثر العربي ص322. ود. أحمد هيكل: الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلاقة ص415 – 416. ود. عمر موسى باشا: نظرات جديدة في غفران أبي العلاء ص232-235. ود. حازم خضر: ابن شهيد الأندلسي، حياته وأدبه 201 وما بعدها.
(36) ابن بسّام: الذخيرة ق1 م1 ص140.
(37) جميل سلطان: فن القصة والمقامة ص123.
(38) د. شوقي ضيف: المقامة ص59.
(39) ابن أبي الخِصال: رسائله ص56، 119، 128.
(40) أشار د. محمد رضوان الداية إلى أن الكَلاعِيَّ عارض أبا العلاء المعرّي في ثلاثة كتب فقط، متجاهلاً إشارة الكَلاعيِّ إلى معارضة ديوان "سِقْطِ الزَّند" بكتاب وسمه بـ (ثمرة الأدب)، انظر: تاريخ النقد الأدبي في الأندلس ص403، وإحكام صنعة الكلام ص35. وقد تناول الباحث معارضات الأندلسيين للمعرّي – شعراء وكتّاباً – بالبسط والتحليل في بحث له بعنوان "تأثير أبي العلاء المعرّي في الأدب الأندلسي" نُشِرَ بمجلة كلية الآداب جامعة المنصورة. يناير 2001م، ص21 – 28.
(41) الكلاعيّ: إحكام صنعة الكلام ص33.
(42) المصدر السابق ص186، والمقَّري: نفح الطيب.. 2/372، وأشار ابن خير الإشبيلي إلى أن أبـا العلاء المعرّي شرح رسالته في كتاب (لسان الصاهل والشاحج)، انظر: فهرسة ابن خير ص386. وذهب ياقوت الحموي إلى أنه كتب رسالته برسم أبي شجاع فاتك المُلَقَّبِ بعزيز الدولة والي حلب من قَبلِ المصريين، انظر: تعريف القدماء بأبي العلاء ص110.
(43) الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص154-157.
(44) أبو بكر بن العربي: هو أبو بكر، محمد بن عبدالله المُعافِرِيّ الإشبيلي، عُرِفَ بأبي بكر بن العربي. قاضٍ مُحَدِّثٌ، صَنَّفَ كتباً ذائعة في الحديث والفقه والأصول والتفسير والتاريخ والأدب، منها: قانون التأويل فسّر فيه القرآن الكريم، وأحكام القرآن، وآخر شرح فيه سنن التِّرْمِذِيّ...، رحل إلى المشرق صحبة أبيه وطاف مُدَنَ المعرفة الكبرى به، ولقي بها جِلّةَ العلماء والمبدعين، ثم عاد إلى إشبيلية مثقلاً بعلم كثير لم يدخل أحد قبله بمثله ممن كانت له رحلة إلى المشرق، على حد تعبير ابن بَشْكُوال، وكانت له مع ابن السِّيد البَطَلْيُوسي خصومةٌ حول شعر المعرّي... انظر ترجمته في: إحكام صنعة الكلام ص188، والصلة 532، والمغرب 1/249، ورايات المبرزين ص5، ووفيات الأعيان 3/423-424، ومطمح الأنفس ص62 والديباج المُذَهَّب ص281. وتاريخ النقد الأدبي في الأندلس ص346-351.
(45) الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص188.
(46) المصدر السابق ص143.
(47) المصدر السابق ص34 و 39.
(48) ياقوت الحموي: إرشاد الأدَيب (ضمن تعريف القدماء) ص107.
(49) الكلاعيّ: إحكام صنعة الكلام ص32، 33، وقد أورد قطعة صغيرة منه.
(50) المصدر السابق ص219.
(51) المصدر السابق ص178.
(52) ابن خير الإشبيلي: فهرسة ابن خير ص386.
(53) الكلاعيّ: إحكام صنعة الكلام ص35-36.
(54) المقَّري: نَفْحُ الطِّيب 2/796، وتعريف القدماء بأبي العلاء ص109 و 385.
وسليمان بن موسى بن سالم بن حسّان بن سليمان، يُكْنى أبا الربيع، ويُعْرَفُ بابن سالم الكلاعي الحميري، كان حافظ الأندلس ومحدِّثها في زمانه ومن بقية الأكابر من أهل العلم بصُقْعِ الأندلس الشرقي، توفي مجاهداً في وَقْعَة أنيشة على ثلاثة فراسخ من بَلَنْسِية سنة 634هـ. انظر: نفح الطيب 2/769، وبرنامج الوادي آشي ص219.
(55) الكلاعي: إحكام صنعة الكلام ص38-39. والنُّغْبَةُ: الحسوة من الماء يلقطها الطائر بمنقاره.
(56) محمد كُرْد علي: رسائل البلغاء (ط3) ص285.
(57) ابن أبي الخصال: رسائله ص370-390.
(58) المقّري: نفح الطيب 2/769، وشرح المختار من لزوميّات أبي العلاء للبَطَلْيُوسي ص26.
(59) طه حسين وآخرون: تعريف القدماء بأبي العلاء ص43.
(60) ابن الأبّار: التكملة ص27، 260، 875.
(61) جلال الدين السيوطي: بغية الوعاة ص11.
(62) ابن سعيد: المغرب في حلي المغرب 1/11.
(63) الشَّريسي: شرح المقامات 1/3-4.
(64) ابن أبي الخِصال: رسائله ص420.
(65) الحريري: مقاماته 1/404.
(66) ابن أبي الخِصال: رسائله ص423.
(67) المصدر السابق ص425.
(68) د. إحسان عباس: تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين) ص252.
(69) د. يوسف نور عوض: فن المقامات بين المشرق والمغرب ص189.
(70) الحريري: مقاماته ص3/43. وفي مقامته تلك راعى أن تتولى حروفها بالتبادل بين الإعجام والإهمال أو بين النَّقْطِ وعدم النقط، وهي تجرى على هذا النمط: "أخلاق سيّدنا تُحَبُّ، وبِعَقْوَتِهِ يُلَبُّ".
(71) المصدر السابق 1/27. وقد ضمّن مقامته تلك خطبة وردت كل كلماتها غير منقوطة من مثل ذلك قوله: "اعملوا – رحمكم اللهُ – عمل الصلحاء، واكدحوا لمعادكم كدْحَ الأصحاء...".
(72) د. شوقي ضيف ص56-60، وقد تعقّب د. ضيف هذه الأنماط وذيّلها بقوله: "والحريريُّ في هذا كله كأنه حاوٍ من الحُواة".
(73) د. أحمد أمين مصطفى: فن المقامة بين البديع والحريريِّ والسيوطيِّ ص125.
(74) د. عوض: فن المقامات بين المشرق والمغرب ص305.
(75) د. مصطفى: فن المقامة بين البديع والحريري والسيوطي 124-125.
(76) د. عباس: تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين) ص254.
(77) د. عوض: فن المقامات.. ص305.
(78) د. مصطفى: فن المقامة.. ص121.
(79) د. عباس: تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف..) ص256.
(80) المرجع السابق ص256.
(81) د. عزة الغنام: الفن القصصي العربي القديم ص210.
(82) المرجع السابق ص211.
(83) د. عوض: فن المقامات.. ص308-309.
(84) د. عباس: تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف..) ص255.
(85) د. الداية: تاريخ النقد الأدبي في الأندلس ص354.
(86) الحريري: مقاماته ص16.
(87) المصدر السابق: ص40.
(88) المصدر السابق: ص169.
(89) د. مصطفى: فن المقامة ... ص152.
(90) د. ميدان: تأثير أبي العلاء المعري في الأدب الأندلسي ص20.
(91) د. عوض: فن المقامات... ص311.
(92) د. عباس: تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف...) ص255.


بيسـان 12 - 11 - 2009 11:35 PM

يسلمووووووووووووو

صائد الأفكار 4 - 1 - 2010 11:46 PM

http://www.amiraa.com/pr/up/44903.gif

روح., 6 - 1 - 2010 11:13 PM

يسسسسسسلمو يعطيك العافيه ع الجهد المميز

Mr.who 1 - 2 - 2010 12:01 AM

اشكرك على الموضوع
سعدت بالمرور بصفحتك

قبلة الخليج 16 - 2 - 2010 11:18 PM

مشكوووووووووووووووور
مشكوووووووووووووووووووووور
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ــ¤©§¤°حلوو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــ¤©§¤°حلوو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§ ©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــ¤© §¤°حلوووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ ¤©§¤°حلوووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو° ¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§ ¤°حلو ووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــ رائع جدا جدا جدا جدا ــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلو ووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــ يعطيك العافية والمزيد من الابداع ــــــــ¤©§¤°حلو ووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤ ©§¤°ح لو ووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤ ©§¤°ح لو ووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§ ¤°حلو ووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤ °حلو ووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو° ¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ ¤©§¤°حلوووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــــــــــــــ¤© §¤°حلوووو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــــــــــ¤©§¤°حلوووو°¤§ ©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ـــــــــــــ¤©§¤°حلوو°¤§©
©§¤°
يسلموو°¤§©¤ــ¤©§¤°حلوو°¤§©
مشكوووووووووووووووووووووور
مشكوووووووووووووووور
مشكوووووووووور



الساعة الآن 07:49 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى