منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   القرآن الكريم والأحاديث وسيرة الأنبياء والصحابة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=95)
-   -   كتاب " أخلاق القرآن هي الحل " لهارون يحي (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=7411)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:12 AM

كتاب " أخلاق القرآن هي الحل " لهارون يحي
 
مقدمة

"وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا."؟ (سورة النساء: 75)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/1936.jpgيندرج غالبية الناس حول العالم تحت فئة المضطهدين. ذلك أنهم يتعرضون للتعذيب، وسفك الدماء، ويعيشون مشردين في فقر مدقع، كما أنهم مجبرون على العيش دون حماية من قوى الطبيعة، ويواجهون المرض دون الحصول على عناية طبية مناسبة. ويوجد أولئك الذين لا يستطيعون حتى أن يشتروا رغيف خبز. كما يوجد الشيوخ الذين يواجهون الإهمال، والهجر، والحرمان من العناية الطبية. ويوجد أيضا أولئك الذي يعانون من التمييز، والترحيل من منازلهم وأراضيهم بل وحتى المذابح لمجرد أنهم ينتمون لعرق، أو لغة، أو جنس، أو قبيلة معينة. أما بالنسبة للأطفال الأبرياء الذين لا يجدون من يحميهم، والذين يعانون من سوء التغذية، والذين لا حول لهم ولا قوة فيضطرون للعمل أو التسول من أجل الحصول على المال.
ويعيش عدد لا حصر له من الناس وهم خائفون على حياتهم وقلقون من قدرتهم على البقاء على قيد الحياة وسط عالم، يوجد فيه أيضا إلى جانب الفقر والاضطهاد، قدر هائل من التبذير، والامتيازات، والثراء. ويمر أولئك الذين ينعمون "بحياة كريمة" بالمتشردين، ويرون صورا ويشاهدون مناظر في التليفزيون لمن هم أقل منهم حظا. وفي بعض الأحيان ينتابهم شعور بالشفقة للحظة خاطفة، ولكنهم سرعان ما يغيرون قناة التليفزيون، ويطردون الصورة من ذهنهم، وخلال فترة قصيرة يمحون تماما تلك الوخزة العابرة التي أثرت في ضمائرهم.
إن كثيرا ممن ينعمون بالرفاهية وسبل الراحة لا يفكرون قط في بذل جهد لإنقاذ من هم أقل حظا منهم من الظروف التي يعيشون فيها. فهم يعتقدون أن إنقاذ هؤلاء الناس ليس من واجبهم، لأن هناك كثيرين يفوقونهم ثراء وقوة ومكانة بإمكانهم أن يساعدوا من هم أقل حظا.
ومع ذلك، لن يكفي الرخاء والقوة وحدهما لإنقاذ الأقل حظا وتحويل هذا العالم إلى مكان خير تسوده العدالة، والسلام، والثقة، والرفاهية. وعلى الرغم من انتشار البلدان المتقدمة حول العالم، فما زال هناك الكثير من البلدان أيضا، مثل إثيوبيا، التي لا يزال الناس يموتون فيها يوميا بسبب المجاعة. ومن الواضح أن ثراء بعض الأمم وقوتها لا يكفيان في حد ذاتهما لحل آلام القحط، والفقر، والحروب الأهلية.
لا شك في أن أصحاب الضمائر الحية هم وحدهم القادرون على توجيه الموارد والقوى لما فيه خير الفقراء واليائسين. والسبيل الوحيدة لصحوة الضمائر هي الإيمان. ذلك أن المؤمنين وحدهم هم الذين يعيشون دائما وفقا لما تمليه عليهم ضمائرهم.
وأخيرا، لا يوجد سوى حل واحد للظلم، والفوضى، والإرهاب، والمذابح، والجوع، والفقر، والاضطهاد المنتشر في العالم؛ وهذا الحل هو: خُلق القرآن وقيمه.
لقد نشأت تلك الظروف السيئة في المقام الأول بسبب الكراهية، والحقد، والأنانية، واللامبالاة، والقسوة؛ لذلك ينبغي أن تمُحى بالحب، والشفقة، والرحمة، والكرم، والإيثار، ورقة الإحساس، والتسامح، والفطرة السليمة، والحكمة. ولا تتوافر سمات الشفقة هذه إلا في أولئك الذين يعيشون حياتهم بأكملها وفقا للخلق التي تعلموها من القرآن الكريم، الذي يعتبر مرشدنا المباشر من خالقنا جل جلاله. ويشير الله سبحانه وتعالى في إحدى آيات الذكر الحكيم إلى قدرة القرآن على إخراج البشرية من الظلمات إلى النور.
"... قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ." (سورة المائدة: 15-16)
وفي آية أخرى، يبين الله سبحانه وتعالى أن الفساد والفوضى سيحلان بكل شيء إذا ما جاء الحق موافقا لأهواء البشر:
"وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ." (سورة المؤمنون: 71)
أثناء قراءتك لهذه الآية، سيكون ملايين الناس في معاناة كبيرة اما من البرد والجوع، أو لمواجهتهم خطر الترحيل من أوطانهم. ولهذا السبب، يجب أن يفكر أصحاب الضمائر الحية في هذا الأمر، ويتخذوا إجراءات لحل هذه المشكلات وكأنهم هم أنفسهم أو أحبابهم الذين يواجهونها. كما يجب أن نتصرف على الصعيدين الروحي والمادي للتقليل من المعاناة والاضطهاد. وفي إحدى آيات الذكر الحكيم، يأمر الله أصحاب الضمائر الحية والمؤمنين بتحمل هذه المسؤولية:
"وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا."؟ (سورة النساء: 75)
وعندما نتدبر الأوامر القرآنية، تتضح لنا ماهية التزاماتنا. ويتمثل أهم شيء بالنسبة للمسلمين في أن يبدؤوا أولا النضال في الميدان العقلي حتى تتغلب خلق القرآن والسنة وقيمها على قيم الكفر. وتتمثل السبيل الوحيدة لخلاص الضعفاء، والبائسين، والشريدين، والمعدمين في تطبيق الإرشادات القرآنية الموجهة إلى البشرية جمعاء. لذا، فإن من واجبنا أن ننشر كلمة الله ونبلغ رسالته، ويشكل هذا مكونا أساسيا من مكونات العبادة بالنسبة لجميع المسلمين.
ويجب أن نذكّر بأن أولئك الذين لا يتبعون ما تمليه عليهم ضمائرهم، ولا يبالون بمعاناة الآخرين، وينفقون ثرواتهم على أشياء تافهة عديمة الجدوى، ولا يبدون اهتماما بالأيتام، وينظرون إلى النساء والأطفال والشيوخ المضطهدين بقدر من اللامبالاة، ولا يسعدون إلا عندما يسود العالم الفسوق والقبح، سوف يُسألون لا محالة عن تلك الأعمال في الآخرة.
"أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ. وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ." (سورة الماعون: 1-7)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:13 AM

انعدام الغاية لدى الكفار

"ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ." (سورة الحجر: 3)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...n/kolombia.jpg
يفتقر الناس بشدة في عصرنا الحالي إلى وجود غاية في الحياة؛ إذ يتبع الجميع تقريبا أسلوبا معيشيا نمطيا. فقد أصبح إطعام الشخص لنفسه، والبحث عن منزل يسكن فيه، وتكوين أسرة، والعمل في وظيفة هي القيم المحمودة التي يطمح إليها المرء في أغلب الأحيان. وفي إطار هذا الأسلوب المعيشي النمطي، يتمثل أهم هدف في إيجاد سبل لتحسين الأسلوب المعيشي وتنشئة الأطفال.
ولكي نفهم بصورة أفضل ما يتخلل حياة مجتمعنا من انعدام للغاية والمغزى، سيكون من المفيد أن نلقي نظرة على مجالات أخرى للاهتمام غير تلك المذكورة آنفا. سنجد أن غالبية الناس ينظرون إلى الأمور بنظرة محدودة. ففي أغلب الأحيان، يعتبر هؤلاء أن عدم تفويت حلقة من مسلسل تليفزيوني أو مشاهدةَ فيلم رائج بين الناس هو الذي يعطي لحياتهم اليومية معنى. وبالنسبة لهؤلاء الناس، يتمثل الهدف الأسمى في الحياة، إن وجد، في الانضمام إلى ناد اجتماعي.
وهناك مجموعة أخرى من الناس يمثل العمل الشغل الشاغل لها؛ إذ يقضي هؤلاء الناس حياتهم بأكملها في التنقل بين المكتب والمنزل. ويظل الشخص، الذي بدأ مستقبله المهني في أوائل العشرينيات من عمره، يعمل بنفس الوظيفة لمدة 40 سنة تقريبا. وفي غضون ذلك، يجد نفسه في أغلب الأحيان ينتظر قدوم أيام الجمع. وتتمثل طموحاته الأساسية في إقفال الشهر الضريبي دون مشاكل، وتدبير الإيجار كل شهر، وتأمين مستقبل أطفاله. ولا تكاد تثير اهتمامه أي أحداث وطنية أو عالمية، ولا يستوعب أي أحداث غير تلك التي تؤثر على عمله. وبما أنه لا يتأمل مطلقا في الأحداث، فهو يقبل الوضع الراهن بسهولة ولا يبدي أي اهتمام بأي قضية إلا عندما تتعارض مع عمله. ولكي يعبِّر هذا الشخص عما يقلقه، يشترك في البرامج الحوارية بالتليفزيون أو يتحدث حتى الساعات الأولى من الصباح دون أن يصل إلى حل أو استنتاج جوهري. وفي اليوم التالي، يبدأ يوما جديدا شبيها باليوم الذي سبقه.
ويعاني الشباب أيضا، من انعدام الغاية ذاته، ويفتقرون إلى العوامل الضرورية التي تعطي للحياة معنى. ذلك أن السواد الأعظم من المراهقين لا يعرفون حتى أسماء قادة بلدانهم، ولا القرارات السياسية التي يتخذونها، ولا أثر هذه القرارات على الأمن القومي أو الاقتصاد أو النظامين التعليمي والقضائي. وهم غافلون تماما عن الأحداث والتطورات الهامة في العالم، لأنهم يضيعون وقتهم باستمرار في الموضوعات التافهة وغير المجدية. ويحرمهم هذا من المهارات التي تساعدهم على استيعاب أهمية العديد من الأحداث التي يحفل بها تاريخ العالم. وتقتصر حواراتهم في الغالب على ألعاب الكمبيوتر، أو الدردشة على الإنترنت، أو المواعدة، أو الأحداث التافهة التي تحدث في المدرسة، أو الغش في الامتحانات، أو خطط عطلة نهاية الأسبوع، أو الملابس، أو مباريات كرة القدم. وفي استطلاعات الرأي التي تجريها المجلات وتطلب فيها من المراهقين أن يرتبوا "أعظم الأهداف الجديرة بالسعي لتحقيقها"، يأتي على رأس القائمة التشبه بعارضة أزياء مشهورة أو العزف على الجيتار مثل عازف جيتار في فرقة مشهورة.
ونظرا لانجراف الشباب مع التيار السائد، فهم لا يفكرون مطلقا في توسيع آفاقهم. فمثلا، لا يفكرون حتى في تحسين مهاراتهم في التخاطب، لأنهم ببساطة ليست لديهم أدنى فكرة عن التحدث إلى الناس أو التأثير عليهم. وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم لا يقرأون. فالشخص الذي لديه غاية ووجهة نظر عن العالم يقرأ ليثري معلوماته وليتعرف أيضا على وجهات النظر المعارضة. وتتمثل الغاية من ذلك في الارتقاء بفهم الأيديولوجيات التي من المرجح أن تتعارض مع أفكار الشخص وتحديد نقاط الضعف في كل منها. ولكن من المؤكد أن وجود أفكار معينة لن يعني أي شيء بالنسبة لشخص ليست لديه غاية أو رؤية للعالم. وعلاوة على ذلك، لا يدرك هؤلاء الناس حتى الأفكار الحالية ووجهات نظر الأشخاص الآخرين الموجودين في العالم. وفي العديد من مجتمعات اليوم، يعاني الناس من نقص خطير في الاهتمام بقراءة الكتب والصحف في حين يتزايد الطلب على الصحف الصفراء، وأعمدة النميمة في الصحف والمجلات، والبرامج التليفزيونية. وعلى الرغم من تمتع غالبية الناس بقدر كبير من وقت الفراغ، فإنهم يميلون إلى قضاء أيامهم أمام أجهزة التليفزيون وهم يشاهدون المسلسلات والبرامج التي لا تضيف شيئا لملكاتهم العقلية، وهو ما يعتبر دليلا واضحا على انعدام الغاية والانحطاط الفكري.
ويشكل انعدام الغاية في الحياة والغفلة عن الجوانب الأخرى للوجود تهديدا للإنسانية. ومع ذلك، وبالإضافة إلى ما سبق، فإن غالبية الناس الذين يتخذون موقفا معينا في الحياة يؤيدون آراء تفتقر إلى القيم الحقيقية وتضر بالإنسانية، وهذا هو التهديد الحقيقي. ويرجع السبب في ذلك إلى أن أصحاب الأفكار الخطيرة ومؤيديها يجدون آذانا صاغية لدى الجماهير التي تفتقر تماما للملكات العقلية التي تستطيع من خلالها أن تدرك الخطر، ومن ثم تتقبل أي افتراض مسبق دون أن تخضعه للتدقيق المستقل.

ونتيجة لهذه الظروف، لا يواجه أصحاب الأفكار الخطيرة أي مقاومة تثنيهم عن محاولاتهم لجذب الأنصار؛ والمؤمنين بالمبادئ الفوضوية؛ والإرهابيين، الذين يكنون عداوة راسخة لبلدانهم وشعوبهم. فمثلا، في كافيتيريا الكلية، حيث يغرسون آراءهم بشكل هدام ليحققوا غرضهم، سنجد أن المراهق الخامل يشاهد الشباب المجاورين له مباشرة وهم يخضعون لعملية تلقين دون أن يفهم ما يدور حوله. ولا يدرك على الإطلاق أن هؤلاء الشباب سرعان ما سيبدأون في التصرف تحت تأثير الفوضويين والإرهابيين ويصبحون مجرمين عديمي الرحمة يمكنهم بسهولة أن يضعوا أيديهم على الأسلحة ليستخدموها ضد الشرطة، والجنود، والأبرياء من أبناء وطنهم. وحتى إذا أدرك المراهق هذا التهديد، فسيظل غير مبال بالخطر. وعلى أي حال، فإن هذا الشخص ليس لديه ما يكفي من الإدراك أو الإحساس بالمسؤولية ليمكنه من معالجة الموقف بحكمة.

وفي إحدى الآيات، يشير الله سبحانه وتعالى إلى انعدام الغاية لدى الناس، لذا: "ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ." (سورة الحجر: 3)
ويلاحظ الشخص اليقظ أن رد فعل جماعات معينة تجاه أي سياسة جديدة يتم اتباعها في الجامعات يثبت في الغالب أن ضرره أكثر من نفعه. وينتج ذلك عن موقف الجماعة، لأن الجماعة لا تدافع عن الصواب والخير. ومن ناحية أخرى، ستجد مجموعة أخرى تفضل التزام الصمت وتكتفي بتجاهل هذه الأحداث بدلا من دعوة الناس إلى السلوك القويم، ونصحهم بالحفاظ على ولائهم لدولهم والابتعاد عن التمرد. وفي غضون ذلك، تظهر جماعات أخرى بحقدها وعدائها وتمشي في مسيرات وتحمل الشعارات، والأحجار، والعصي لتكشف عن نوع آخر من الاضطهاد والإرهاب. ومع ذلك، لم تسفر جهودهم عن أي فائدة؛ ذلك لأنهم لا يؤيدون القيم التي أوصانا بها الله سبحانه وتعالى، بل يمارسون كل أنواع السلوكيات التي لا تتماشى مع القرآن. وفي إحدى آياته جل جلاله، يصف الله جهود الكفار في هذا العالم بأنها تضيع سدى:
"مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ." (سورة إبراهيم: 18)
وتوجد بلا شك سبل تستطيع البشرية من خلالها أن تتجنب مثل هذا الوضع، وتتمثل هذه السبل في: التأكد من عدم تحول البشر إلى أشخاص لا يهتمون إلا بعيش حياتهم وسد احتياجاتهم. ولتحقيق هذا الغرض، يجب أن يشجَّع هؤلاء الأشخاص على أن يصبحوا أفرادا يسعون إلى خدمة غيرهم من الناس ومعالجة لا مشكلاتهم أو مشكلات بلدانهم فحسب، بل مشكلات العالم أيضا. ويبين الدين الذي اختاره الله سبحانه وتعالى للناس وأظهره لهم في القرآن الكريم هذا المقصد الأساسي:
"فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ." (سورة الروم: 30)
لقد شرع الله، خالق الإنسان، الدين ليناسب الإنسان إلى أقصى الحدود ويضمن له أقصى درجات السلام والأمن. ومن ثم، لا يمكن لأي فلسفة أو أيديولوجية من أي نوع كان، باستثناء الدين، أن توفر الكمال والسعادة التي يبحث عنها الناس. ولهذا السبب، يجب أن نوضح لأنصار الأفكار الخاطئة سبب خطأ أفكارهم، كما يجب أيضا أن نقدم لهم الأدلة والإرشادات ذات الصلة التي تجعلهم يتبنون الأفكار الصحيحة بدلا من الأفكار الخاطئة.
ومن الضروري أن نتحدث مع الأشخاص عديمي الهدف والخاملين وأولئك الذين يتعلقون تعلقا أعمى بالأفكار الخاطئة عن القرآن. وعندئذ فقط، سيتمكنون من إدراك وفهم حقيقة أن هذا العالم قد خلق لغاية مهمة. وفي القرآن الكريم، يخبرنا الله بغايته من خلق الإنسان: "وما خلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدونِ". (سورة الذاريات: 56).
كلنا سيموت في يوم من الأيام. عندئذ ستبدأ حياتنا الحقيقية الخالدة. ويكمن الهدف من حياتنا الفانية في أن يكافح الإنسان كي يصبح شخصا يرضى عنه الله ويستضيفه في جنته. ومن خلال سلوك كل إنسان، ومثله العليا، ومعتقداته سيتحدد ما إذا كان سيقضي حياة الآخرة الأبدية في النار أم في الجنة. ولهذا السبب، فإن أولئك الذين يقضون وقتهم بشكل غير ذكي في وظائف عديمة الجدوى والقيمة، ويكرسون حياتهم لهذه الوظائف، ويتصرفون وكأن وجودهم على الأرض لا غاية منه، ينبغي أن يتم تحذيرهم وإيقاظهم بشكل عاجل من الغفلة التي يعيشون فيها.
وإذا أدركنا أن الغاية من وجودنا في هذا العالم هي كسب رضا الله سبحانه وتعالى، وتأييده، وجنته، لا يمكن أن نظل غير مبالين أو متبلدي المشاعر تجاه أي حدث يقع حولنا. ذلك أننا نعلم أن كل حدث إنما هو فرصة لكسب رضا الله، ومن ثم سنتصرف دائما بناء على ذلك. وسنشعر بوخز الضمير كلما شهدنا ظلما أو اضطهادا يحدث في الجوار أو في العالم. فمثلا، سنشعر بالمسؤولية تجاه كل غلام شريد يعيش في ظروف صعبة ويضطر لقضاء حياته على أرصفة الشوارع في الشتاء البارد. ولكي نلتزم بأمر الله جل جلاله الوارد في الآية التالية: "فأمَّا اليتيمَ فلا تقهرْ، وأمَّا السائلَ فلا تنهرْ" (سورة الضحى: 9-10)، سنعامل هؤلاء الغلمان بلطف. وسنكافح لإيجاد طريقة ننقذهم بها من الظروف غير المواتية التي يعيشون فيها. ولكننا ندرك أن هؤلاء الأطفال لا يمكن أن يتم إنقاذهم بجهودنا أو بجهود الأشخاص القليلين غيرنا الذين يتصرفون بما يتماشى مع القرآن. ولهذا السبب، سنكافح من أجل نشر قيم القرآن والسنة بين الناس.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:14 AM

انعدام الغاية هو السبب في الأنانية

إن انعدام الغاية يجعل الناس، والمجتمعات على حد سواء، أنانيين وغير مبالين. إذ يميلون للاهتمام بشؤونهم فقط دون إظهار أي رد فعل أو في اهتمام بالأحداث التي تقع حولهم. ذلك أن الشخص الذي يتمثل هدفه الوحيد في أن يعيش حياته في خضم كل الأحداث التي تقع حوله، لن يلاحظ إلا الأحداث التي ترتبط بحياته ولن يبالي بأي شيء آخر. فمثلا، في حال اندلاع حرب أهلية في أحد البلدان التي يتاجر معها هذا الشخص، فإنه لن يهتم إلا بالأموال التي سيخسرها. ولن يفكر قط في الأشخاص الذين ذُبحوا، وفي الأطفال الذي قُتلوا بوحشية، وفي الحياة المخيفة والمحزنة التي يعيشها الناس في ذلك البلد. ولن تطرأ هذه الصور المؤلمة على ذهنه قط. ونظرا لأن اهتمامه لا ينصب إلا على تعقب أمواله، فلن يفكر قط في مساعدة هؤلاء الناس بطريقة أو بأخرى. ومع ذلك، ما هذا إلا مثال واحد من أمثلة اللامبالاة التي يراها غالبية الناس أمرا معقولا، ويعتبرونها أمرا مسلما به.
"إِلَّا الْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُون. وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ. لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ. وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ. وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ." (سورة المعارج: 22-27)
وفي كل يوم تقريبا، تطالعنا الصحف والتليفزيون بتغطية شاملة لقصص أناس في جميع أرجاء العالم يتعرضون لقدر لا يُحتمل من المصاعب والعنف. وتعتبر الفوضى الناشئة عن عدم الالتزام بقيم القرآن والسنة، بالإضافة إلى الكفر، هي السبب في غالبية هذه المحن. وسواء كان ذلك في فلسطين، أو إندونيسيا، أو كوسوفا، أو الشيشان، أو أي مكان آخر في العالم، سترى صورا لأناس يُسحبون على الأرض أو يُركلون أمام أعين أطفالهم بسبب حفنة من التراب. وعلى نحو مشابه، ألِف الجميع مشاهدة الأطفال الصغار وهم يقذفون الأحجار بعنف دفاعا عن أنفسهم. ومع ذلك، وعلى الرغم من مشاهدة هذه المناظر الفظيعة، ما زال الناس قادرين على أن يخلدوا للنوم وأن يمارسوا حياتهم بشكل اعتيادي لأنهم لم يصابوا شخصيا بأي أذى. وبما أن هؤلاء الناس لم يعتادوا التفكير على نطاق "كبير" ويفتقرون أيضا إلى القيم السامية والضمائر، فإن مثل هذه القسوة - ببساطة - لا تحرك مشاعرهم.
وإذا تخيل المرء نفسه مكان المضطهدين، سيتبين لنا بالتأكيد كيف أن هؤلاء الناس تخلَّوا تماما عن ضمائرهم تجاه هذه الأحداث المحزنة. ماذا سيحدث إذا وُضع أحد هؤلاء الناس في بيئة يُقتل فيها الأبرياء، وتتعرض فيها زوجاتهم، وأطفالهم، وإخوانهم، وآباؤهم وأمهاتهم للمجاعة والمعاملة الوحشية؟... ماذا سيحدث إذا تعرض للفقر الشديد؟... ماذا سيحدث إذا لم يكن لديه المال أو الوسائل الضرورية ليؤمن العناية الطبية لطفله المريض؟... ماذا سيحدث إذا طُرد من وطنه دون أي سبب واضح؟... ومن جهة أخرى، ماذا سيعتقد إذا قابل شخصا لم يعان من كل هذه المحن، ولم يكن لديه هم سوى المال الذي يمكن أن يجنيه، وكان فكره يتجسد ببساطة فيما يلي: "هل أنا الذي يجب عليه أن ينقذ هؤلاء الناس؟" ألن يعتقد أن هذا الشخص بلا ضمير، وغير مبال، وقاس؟
ومع ذلك، ليس من الضروري أن تعاني من الاضطهاد كي تصبح شخصا ذا ضمير حي يراعي مشاعر الآخرين وحقوقهم. إذ يكفيك أن تنظر إلى محنة الناس وتفكر فيها في إطار قيم القرآن. ولكن، كلما ابتعد الناس عن القرآن، ازداد إحساس ضمائرهم تبلدا. ويروي لنا الله سبحانه وتعالى في الآيات التالية كيف يتصرف الأشخاص غير المتدينين بأنانية، وتبلد، وقسوة:
"إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا. إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا." (سورة المعارج: 19-21)
وفي الآيات التالية، يبين لنا الله أن هناك أناسا ليسوا "أنانيين" يهتمون بالمحتاجين:
"إِلَّا الْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ. وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ. لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ. وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ. وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ." (سورة المعارج: 22-27)
وكما أوضح الله جل جلاله، فإن هناك أناسا يخافون الله ويتحملون مسؤولية المعدمين. ويبين لنا الله أن هناك طريقين أمام الناس في هذه الحياة، أحدهما هو طريق الخير والآخر هو طريق الشر. وقد قال جل جلاله في القرآن الكريم:
"وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ. فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ. أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ." (سورة البلد: 10-20)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...avutnw0599.jpg
تذكر أن الاضطهاد، والظلم، والطغيان، والعذاب المنتشر اليوم في جميع أرجاء العالم هي قضايا يجب على كل ذي ضمير حي أن يبحث لها عن حل. ومع ذلك، فالأرجح أن الشخص الذي يوافق على الاضطهاد سيتجاهل كل هذه النداءات.
إن طريق الخير المبين في الآية المذكورة أعلاه واضح جدا. لذا، من غير المحتمل بالنسبة لشخص ذي ضمير حي، يسعى لكسب رضا الله ورحمته وجنته، أن يظل متبلد المشاعر تجاه الممارسات الظالمة في العالم، أو تجاه المعدمين والمحتاجين، وألا يفكر في مستقبلهم.
"فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ." (سورة البلد: 13-17)
ويجب أن يتذكر كل شخص بداخله ضمير حي أن الفوضى، والاضطهاد، والظلم المنتشر في مختلف أرجاء العالم اليوم هو السبب الذي جعل ملايين الأشخاص ينجرفون في موجة من الشقاء والرعب. ويقول البعض: "هناك أشخاص معينون مسؤولون عن هذا الشقاء، فهل أتحمل أنا مسؤولية ذلك؟" ولكن هذه كلمات لا يمكن أن تصدر عن شخص ذي ضمير حي. وفي النهاية، سوف يأخذ الله في الآخرة كل الأشخاص الذين وهبهم إدراكا وصحة سليمة ليحاسبهم عن هؤلاء الفقراء. ولا شك في أن أولئك الذين يتبنون أيديولوجيات تضع أساسا ملائما لازدهار العنف والوحشية تجاه الإنسانية يظلون – سواء رضوا أم أبوا – في نفس الدرجة مع الظالمين. وينطبق ذات الشيء أيضا على أولئك الذين يتجنبون مواجهة هذه الأيديولوجيات. وسيؤدي عدم الالتزام بمبادئ الدين حتما إلى ظهور نمط من المجتمعات يكوِّنه أناس غير مسؤولين وغافلون يفترضون أنهم سيغادرون هذه الدنيا دون أن يحاسبهم أي أحد. وهؤلاء الناس هم في الواقع أولئك الذين يهتمون أولا، أكثر من أي شخص آخر، بمصالحهم الشخصية، ويضعون خططا لبقائهم على قيد الحياة دون اكتراث بغيرهم.
وفي الواقع، يكمن في أساس نظرية التطور، التي "يفترض" أنها تقدم دعما علميا للفلسفة المادية والمذهب المادي اللذين يشكلان أساس الكفر، طموح لتكوين نموذج من البشر غير مسؤول وغافل ومجرد من جميع القيم الروحية. إذ يشعر إنسان هذا النموذج أنه غير ملزم بتبرير تصرفاته لأي أحد. ذلك أن الإنسان، وفقا لنظرية التطور، هو حيوان متقدم تطور عن القرد وتكوّن بالصدفة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يؤدي النظر إلى الإنسان بوصفه كائنا بدائيا إلى التضحية من أجل الآخرين، أو إنقاذ إنسان يعاني، أو الشعور بالرحمة والشفقة تجاهه. وعلاوة على ذلك، تعتبر الحياة، وفقا لنظرية التطور، مكانا للصراع لا يحق لغير القوي أن يعيش فيه. ومن ناحية أخرى، يُكتب على الفقراء والضعفاء الهلاك. لقد ظل الناس في جميع أنحاء العالم يُلَقَّنون هذه الآراء لسنوات من المدارس، والتليفزيون، والصحف، والناس المحيطين بهم. وتتمثل السبيل الوحيدة للتخلص من هذا التلقين ولترسيخ أواصر الحب، والرحمة، والتعاون، والتكافل بين الناس في إبلاغ الناس بقيم القرآن والسنة وتوضيح الخسائر التي سيجلبها عليهم الكفر في كل من الدنيا والآخرة. وهذا واجب مهم على كل المؤمنين، لأن الله سبحانه وتعالى يعِد أولئك الذين يتحملون هذه المسؤولية المهمة والمشرفة بعاقبة حسنة.
"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ." (سورة النور: 55)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:16 AM

ماذا يحدث إذا لم يَخف الإنسان من الله؟

"كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ. وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا. وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا." (سورة الفجر: 17-20)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...n/terorbas.jpg
فكر في رجلين، أحدهما يعرف أنه سيقابل الله جل جلاله ويعي أنه سيجازى عن كل فعل يقوم به؛ والآخر، على العكس من ذلك، يفترض أنه لن يُحاسب على الإطلاق. هناك فرق كبير بالتأكيد بين تصرفات هذين الرجلين. إذ يرجح أن يقوم الشخص الذي لا يخاف الله بارتكاب أي إثم وتجاهل جميع الأخلاقيات عندما يشعر أن مصالحه في خطر. ومن ثم، فإن الشخص الذي يسهل عليه قتل إنسان آخر، على سبيل المثال، دون أي سبب واضح أو لمصلحة دنيوية، يفعل هذا لأنه لا يخاف الله. ولو كان إيمانه بالله واليوم الآخر راسخا، لما تجرَّأ على فعل أي شيء لا يستطيع أن يبرره في الآخرة.
وفي القرآن الكريم، ضرب الله مثلا قصة ابنَي نبي الله آدم، عليه السلام، ليلفت انتباهنا إلى الاختلاف الحاد بين الشخص الذي يخاف الله والشخص الذي لا يخافه:
"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ." (سورة المائدة: 27-28)
فقد تجرأ الأخ الذي لا يخاف الله على قتل أخيه دون أن تطرف له عين، علما بأن الأخ القتيل لم يرتكب ذنبا. في حين أن الأخ الضحية، على الرغم من أنه مهدد بالقتل، قال إنه لن يحاول أن يقتل أخاه، وهذا نتيجة خوفه من الله. ومن ثم، بمجرد أن يشعر أفراد مجتمع ما بالخوف من الله، سوف ينتهي القتل، والاضطهاد، والظلم، والجور الذي لا يرضى عنه الله.
إن اشتهاء الدنيا هو سبب أيضا في الأعمال الوحشية وغير الأخلاقية التي يرتكبها الناس. إذ إن الشغل الشاغل لكثير من الناس هو خوفهم من أن يصبحوا فقراء أو من عدم قدرتهم على تأمين مستقبلهم. وتفسر هذه المخاوف بالضرورة السبب الذي جعل من الرشوة، والفساد، والسرقة، وشهادة الزور، والبغاء أسلوب معيشة بالنسبة لكثير من الناس. ومع ذلك، فبالنسبة لشخص مؤمن بالله، يتقدم رضا الله عنه على كل ما عداه. لذا، يتجنب هذا الشخص أي شيء من شأنه أن يفقده رضا الله. ولا يملأ قلبه غير الخوف من الله جل جلاله؛ فلا الموت، ولا الجوع، ولا أي نوع آخر من المصاعب يمكن أن يحيد به عن طريق الحق.
ونتيجة لذلك، لا يمكن أبدا أن يحيد الشخص الذي يخاف الله عما جاء في القرآن، مهما كانت الظروف. وبشكل مساو، ستجد أن هذا الشخص جدير بالثقة ويتصرف دائما بضمير حي. وبما أن لديه شعورا عميقا بأن الله يرى ويسمع كل شيء، فلن يحاول التصرف ضد ما يمليه عليه ضميره حتى عندما يكون بمفرده.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/trende.jpg
إن الافتقار إلى الضمير الحي هو من أخطر الأضرار التي تنشأ عن انعدام الخوف من الله سبحانه وتعالى. ذلك أن من يفتقرون إلى الضمير الحي لا يحاولون حتى مساعدة المكروبين.
إن قلة التدين تحرض على فقدان الضمير. ولتوضيح هذه النقطة، فكر في شخص لا يتردد في الهرب بعد أن يصدم شخصا آخر بسيارته في الشارع. هذا مجرد مؤشر على بعده عن الدين. ولا شك في أن انعدام الضمير لدى هذا الشخص - الذي يترك إنسانا يتألم بمفرده في وسط الشارع، وقد كان من الممكن في أحوال أخرى أن تتوفر له فرصة للنجاة - يدعوه للاعتقاد بأنه يستطيع أن يتفادى الناس بالهروب منهم. ومع ذلك، فهو لا يعتقد مطلقا أن الله يحيط به، ويراه، ويسمعه في كل ثانية. ولا يمكن لأي إنسان قط أن يهرب من حساب الله في يوم الحساب. فسيجازي الله في هذا اليوم كل واحد عن كل ما ارتكبه من أفعال ظالمة، ووحشية، ومجردة من الضمير الحي:
"... وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ." (سورة آل عمران: 161-162)
وعندما نذكّر الناس بآيات الله، ونرشدهم إلى هذه الحقيقة المهمة، لن تحدث هذه الأفعال المنافية للأخلاق.
ويتجسد أحد الأمثلة على الأفعال المنافية للأخلاق التي يقوم بها الأشخاص البعيدون عن الدين في أولئك الذين يقدمون العناية الطبية في بعض المجتمعات وكأنهم أطباء، مع أنهم لا يمتلكون أي خلفية طبية. وعلى الرغم من أن هؤلاء الناس جاهلون تماما بأي فرع من فروع الطب، فإنهم يخدعون المرضى بسهولة ويتجرؤون على معالجتهم دون أن يعيروا اهتماما للعواقب الخطيرة التي تهدد صحتهم. بل قد تنتهي هذه الأفعال المنافية للأخلاق بموت المريض. وبينما يتجاهل مثل هؤلاء الناس تماما هذه الآثار السلبية، فإنهم لا يفكرون إلا في الحصول على بعض المنافع وجني الأموال. ومع ذلك، يأمر الله المؤمنين في القرآن الكريم بما يلي: "أن تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهلِها" (سورة النساء: 58). وتعتبر صحة الإنسان، أيضا، أمانة غالية. ومن ثم، يجب على الناس، امتثالا لما جاء في الآية السابقة، أن يتجنبوا ممارسة مهنة لا يحق لهم العمل بها وألا يقوموا بأي محاولات من شأنها أن تضر الآخرين.
ومن المرجح أن يقابل المرء في جميع مجالات الحياة أناسا لا يخافون الله ويرتكبون أفعالا منافية للأخلاق. وإذا تعذر على المرء أن يدرك مدى قرب يوم الحساب ولم يتأمل فيه، سيسهل عليه أن يفتري على شخص بريء. وفي غضون ذلك، لن يفكر في إقناع الناس ببراءة هذا الشخص بل سيركز جهوده على إقناعهم بصدق كلامه هو. ومن الواضح أن مثل هذا الشخص لا يفهم مطلقا أن الله شاهد على كل شيء، بلا استثناء، وأنه سيحاسب الإنسان في الآخرة على كل ما فعله في الدنيا. ومن هذا المنطلق، لن ينزعج ضمير هذا الشخص إذا عرف أن الشخص البريء يمر بمحنة، أو يشعر بضيق، أو أودع السجن. ويوضح الله سبحانه وتعالي في القرآن عقاب من يفتري على الآخرين على النحو التالي:
"... وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ. أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ." (سورة آل عمران: 161-162)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ekardoktor.jpg

نتيجة انقيادهم الأعمى وراء طموحهم لنيل المكاسب المادية، يتحكم البعض في صحة الناس ويعرضون حياة البشر للخطر. وهؤلاء بالتحديد هم الذين لا يخافون الله وبالتالي لا يعتبرون أن حياة الإنسان غالية.
"وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا." (سورة النساء: 112)
"إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ." (سورة النور: 11)
إن الشخص الذي لا يخاف الله لا يحترم الآخرين ولا يقدرهم. ويفسر انعدام الخوف هذا عدم اهتمام الكثير من أصحاب المطاعم بنظافة مطاعمهم وعدم احترام غالبية الناس لكبار السن. وعلى نحو مشابه، يفسر عدم الخوف من الله موت المرضى بغرف الطوارئ بسبب قلة العناية، وذبح المستضعَفين والفقراء وملايين الأبرياء من أجل حفنة من التراب، إلخ.
أما في المجتمعات التي تخاف الله، فلن يفعل أحد أيًّا من الأعمال السابقة، لأن الكل يعلم أن أي ذنب يرتكبه الإنسان في هذه الحياة الفانية سوف يلقى جزاءه في الآخرة. وإذا تحلى أفراد المجتمع بضمير حي سليم، يحق لهذا المجتمع أن ينعم بالسلام والإحساس بالثقة. وتجدر الإشارة إلى أن تجنب الفسوق، والبغاء، وأي شكل آخر من أشكال الأعمال اللاأخلاقية تجنبا تاما وما يصحبه من التحلي بقيم مثل الاحترام، والشفقة، والرحمة يضمن تكوين روابط عائلية لا تنفصم، وهذا أمر ضروري بلا شك من أجل إقامة مجتمع قوي ينعم بهذه الأسس المتينة في المقام الأول لأن أفراده يخلصون لبعضهم البعض.


ميارى 8 - 6 - 2010 02:18 AM

فعل الخير دون انتظار مقابل

لا شك في أن الشخص الذي يخاف الله هو نفسه شخص يستمع إلى ضميره ويتصرف دوما وفقا لأحكام القرآن الكريم. فقد أمر الله سبحانه وتعالى الناس في القرآن بأن يعملوا الأعمال الصالحة دون أن يتوقعوا أي مكافأة دنيوية، وأن يمدوا يد العون للآخرين، وأن يكافحوا ليوفروا حياة جيدة لهم. وفي الآية التي تقول: "ولا تَمنُن تَسْتَكْثِر" (سورة المدثر: 6)، يؤكد هذا النهي على ضرورة أن يمتنع الناس عن طلب المكاسب الدنيوية مقابل المعروف الذي يقدمونه ويرجون به مرضاة الله. إن الشخص الذي يتبع أوامر الله ولا يتوقع أي مكاسب دنيوية يفعل كل هذا من أجل غاية واحدة؛ هي نيل رضا الله حتى يقبله ضمن عباده الصالحين الذين يستحقون دخول الجنة.
ومع ذلك، فإن عددا كبيرا من أعمال الخير في عصرنا الحالي تُؤدَّى بهدف الحصول على مكافأة دنيوية. فعلى سبيل المثال، رجل الأعمال الذي يتعهد بإنشاء دار للفقراء تحت مسمى الأغراض الخيرية، يبدو ظاهريا أنه لا يجني أي كسب مادي من هذا التعهد. ولكن الحقيقة مختلفة، لأنه يبني هذا المشروع في المقام الأول من أجل الدعاية لاسمه، الذي سيظهر على الصفحات الأولى بالجرائد وفي برامج التليفزيون الإخبارية، مما يحول هذا العمل الخيري إلى شكل من أشكال التباهي. وفي غضون ذلك، ستوفر شركته أموالا لأن تكاليف هذا العمل الخيري تخصم من ضرائبه. وعلاوة على ذلك، فإن العمل الخيري الذي يُقدم من أجل الحصول على مزايا مشابهة غالبا ما يكون بعيدا كل البعد عن الاحتياجات الفعلية للمستفيدين منه. إذ سنجد، على سبيل المثال، أن الشاحنة المحملة بالطعام التي يتم إرسالها إلى منطقة ضربها زلزال لا تسد حاجات المتضررين، إما لأنها فاسدة من الأساس أو لأنها لا تلائم احتياجات الضحايا الفعلية.
ويكفينا الاستشهاد بمواقف السياسيين لإيضاح هذه المسألة. إذ يكرر السياسيون في خطبهم، على مدار حملاتهم الانتخابية المطولة، شعارات تعبر عن التزامهم العميق بخدمة بلدهم. ومع ذلك، إذا لم يعينوا في منصب وزاري، سرعان ما يقطعون كل صلة تربطهم بحزبهم، وينسون "الأهداف" المزعومة المذكورة في جدول أعمالهم، ويكشفون عن دوافعهم الخفية المرتبطة بدخول مجال العمل السياسي. ويتبين أنهم ترشحوا من أجل الحصول على "المنصب" والمكانة الاجتماعية. ولن تصدق كم هي قليلة المزايا التي يجنيها المجتمع من مثل هذه العقليات.
وباختصار، يصبح المعروف بلا ثمرة في الآخرة إذا خلا من الإخلاص. ويبين الله ذلك في الآية التالية:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ." (سورة البقرة: 264)
ولكن من ناحية أخرى، يثبت أن المعروف الذي يؤدَّى بإخلاص لمساعدة الناس وكسب رضا الله مربح ومفيد، كما جاء في العديد من آيات الذكر الحكيم. وفي مقابل هذه النوايا المخلصة، يقود الله جل جلاله الناس إلى النجاح في كل أعمالهم ويضمن لهم نتائج مثمرة لما عاهدوه عليه. وقد تمت الإشارة إلى ذلك في الآية التالية:
"وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ." (سورة البقرة: 265)
إن من يسعى فقط لنيل مرضاة الله لا يقصر جهده على مجالات معينة لعمل الخير والتضحية. وفي مجتمع بعيد عن التدين، يميل الناس في الغالب للاعتقاد بوجود مصلحة خفية وراء التضحية، وما هذا إلا منطق الكفار الذي غرسوه في عقول الناس. وفي مجتمع لا يسعى أفراده لنيل مرضاة الله، يقدم الناس المصالح الشخصية على كل ما عداها. ومن ناحية أخرى، يسعى المؤمنون لنيل مرضاة الله جل جلاله دون سواها:
"يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا. وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا. إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا. فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا." (سورة الإنسان: 7-11)
وتقدم الفصول التالية من هذا الكتاب تغطية شاملة للحلول التي تطرحها آيات الذكر الحكيم للمشكلات التي تتطلب حلولا عاجلة. وعند قراءة هذه الحلول، تذكّر أن مجرد العيش وفقا لقيم القرآن سيوفر حلولا دائمة لكل المشكلات. ومن أمثلة هذه المشكلات في عصرنا الحاضر: التعامل مع احتياجات الفقراء، وتوفير العناية الجيدة لكبار السن، وغرس القيم الصالحة في الأطفال، وتحرير المراهقين من قبضة الانحلال الأخلاقي، وتوفير مساعدة عاجلة للبلدان التي تحل بها الكوارث، والإطاحة بالأيديولوجيات القاسية المتأصلة في العقول والمسؤولة عن انجراف البلدان في الحروب وقتل آلاف الأبرياء، ومواجهة المتمردين على بلدانهم، والعديد من القضايا الأخرى التي تنتهي غالبا إلى طريق مسدود. ومن هذه الناحية، فإن الحل الوحيد لمختلف المشكلات التي نواجهها في حياتنا لا يتأتى إلا من خلال الالتزام بما جاء في القرآن الكريم، المرشد الوحيد للبشرية في عصرنا الحالي، الذي قدمه الله لها لكي ينير طريقها. ذلك أن العيش وفقا لأوامر الله سبحانه وتعالى سيزيل كل أنواع الشرور من الأرض. أما في حالة الابتعاد عن هذه المبادئ، فسيلزم الناس أنفسهم عمدا بنظام قاس. ويلفت الله الانتباه في القرآن الكريم إلى الأذى الذي يسببه الناس لأنفسهم:
"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ." (سورة الروم: 41)
الحلول التي تظهر باستخدام العقل والحكمة
يعتبر التحلي بسمات العقل والحكمة، والبصيرة، والحصافة من الضروريات التي تساهم في حل المشكلات الملوِّثة للأرض، في كل ميادين الحياة، والتي تجلب الخير للإنسانية. ولن يتسنى اكتساب هذه السمات إلا من خلال اتباع ما جاء في القرآن الكريم. وفي الآية التالية، يؤكد سبحانه وتعالى على الحكمة الذي يمنحها الإيمان للإنسان:
"يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ." (سورة الأنفال: 29)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...okakcocuk2.jpg
يوجد اليوم آلاف الأطفال المشردين ممن يتعاطون المخدرات وممن هم عرضة لارتكاب الجريمة، وهو ما يعد نتيجة طبيعية للبيئات الملوثة التي نشؤوا فيها. والأرجح أن هؤلاء الأطفال عندما يكبرون سيصبحون أفرادا معاقين اجتماعيا وغير قادرين على تقديم أي خدمات مفيدة للمجتمع الذي يعيشون فيه.
وفي بعض الأحيان، قد يشعر الناس بضرورة السعي لإيجاد حلول للمشكلات التي يواجهونها. ومع ذلك، فهم لا يصلون إلى النتائج المرجوة لأنهم ليسوا جهات متخصصة في تقديم الحلول كما أنهم ينقصهم الحدس، والحصافة، والبصيرة، وكلها صفات تنتج عن الإيمان. وبما أن الحماس الذي يدفع هؤلاء الناس غير صادر عن الإيمان، فإن قراراتهم تتأخر في الغالب عندما تصل إلى مرحلة التنفيذ. ومن ناحية أخرى، فإن عدم إدراكهم لتفاصيل مهمة أو تغاضيهم عنها يجعلهم يواجهون طرقا مسدودة في مختلف المراحل.
فعلى سبيل المثال، هناك مشكلة كبيرة في عصرنا الحالي تبحث عن حل حاسم، ألا وهي مشكلة الأطفال المشردين والأيتام المنتشرين في جميع أنحاء العالم الذين تُركوا للعيش في الشوارع. وتجدر الإشارة إلى أن بعثات المعونة والإجراءات التي تتناول المشكلات المتعددة للمشردين، لا سيما تلك التي يُستهدف بها منع الأطفال المشردين من الانحراف نحو الجريمة أو إدمان المخدرات، أثبتت في أغلب الأحيان أنها غير فعالة، مما يدفع هؤلاء الأطفال إلى طريق التشرد الذي ينحدر بهم إلى الشوارع ومنها إلى الإصلاحيات أو تتهيأ لهم الظروف المواتية للانتحار أو الموت بسبب نقص العناية. ومع ذلك، فسيختلف الوضع بالتأكيد إذا تلقى هؤلاء الأطفال تدريبا يستند إلى القرآن الكريم مصحوبا بالخدمات المناسبة. ذلك أنهم نتيجة خوفهم من الله، لن يميلوا إلى النشاط الإجرامي، بل على العكس من ذلك، سيبلغون سن الرشد ويكافحون لتقديم أفضل الخدمات لبلدهم وشعبهم.
وستتضح هذه النقطة أكثر إذا تعرضنا إلى أولئك الذين يعانون من أمراض تحتاج إلى علاج مكلف. يمتلك الأغنياء، الذين لا يواجهون عادة مشكلات في دفع فواتيرهم، الموارد الضرورية لإبقائهم على قيد الحياة. ومن ناحية أخرى، يُترك الفقراء، الذين لا يملكون تأمينا صحيا، فريسة للموت. ويندر أن يؤثر هذا الوضع في أي أحد، والدليل على ذلك أنه لم يبادر أي أحد باتخاذ أي إجراءات.
ومرة أخرى، يعتبر انعدام الخوف من الله، وما يتبعه من انعدام الحكمة، مسؤولا عن حالة اللامبالاة هذه. إذ يتعذر على الذين لا يميزون بين الخير والشر أن يصلوا إلى حل للمشكلات التي يواجهونها. وتجدر الإشارة إلى أن انعدام التمييز بين الخير والشر صفة يتميز بها الكفار. ويبين الله كيف يتصرف هؤلاء الناس:
"وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ." (سورة البقرة: 171)
ومع ذلك، يمتلك الأشخاص الذين يعيشون وفقا لأحكام القرآن والسنة، بفضل الحكمة التي يتحلون بها، ملكات عقلية متطورة جدا تمكنهم من إيجاد الحلول، وتكوين الموارد، والتنظيم. ويمكن أن تساعد المنظمات التي يديرونها ومساهمات الموسرين بشكل كبير في بناء حياة أفضل لهؤلاء التعساء. أولا، يمكن تنبيه الناس إلى المشكلات الموجودة، وبناء عليه يمكن أن يقدم لهم النصح بشأن الحلول المناسبة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتعهد بعض رجال الأعمال ببناء أو تجديد ملاجئ للأطفال المشردين وتعليمهم، الأمر الذي يتطلب في الواقع قدرا بسيطا من التنظيم. وفي مجتمع يعيش وفقا لأحكام القرآن والسنة، ستختفي هذه المشكلة إلى الأبد بفضل هذه الحلول العملية. إذ يمكن أن تتعهد كل أسرة لديها قدر كاف من الموارد المالية، مثلا، برعاية طفل واحد وتعليمه. ويستطيع الناس الذين وهبهم الله قيم القرآن والحكمة أن يتعاملوا مع جميع أنواع المشكلات بمثل هذه الحلول العملية. وعلى نحو مشابه، يمكن حصر المرضى الذين ليس لديهم تأمين صحي على أن تتم تغطية تكاليف علاجهم من صندوق مخصص لهذا الغرض. وفي مثل هذه الأمور، لا بد من استخدام أكثر الطرق إنتاجية لتوجيه موارد العالم إلى المجالات الصحيحة، دون السماح حتى بأدنى قدر من التبذير. ويطالب الله سبحانه وتعالى الإنسان في القرآن الكريم باتباع هذا النوع من السلوك.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/034.jpg http://www.harunyahya.com/arabic/ima...ution/aids.jpg
على الرغم من توفر كل الموارد الضرورية في متناول اليد، فإن غياب التنظيم الجيد والتوزيع السليم للموارد يتسبب في تردي مستوى الرعاية الطبية التي يحصل عليها الناس من المستشفيات. وبسبب الفقر، لا يحصل البعض على أي علاج طبي. والأمر المثير للسخرية هو أن شعار هذه المرحلة أصبح: "لا مال، إِذن لا رعاية طبية".
ويتمكن الأشخاص الذين يتبعون ضمائرهم ويستخدمون عقولهم من السيطرة على الأحداث، وبالتالي يستطيعون التعرف على الطرق المسدودة والاحتياجات بسرعة، ومن ثم يضعون الحلول. وفي أغلب الأحيان يتعذر على الناس أن يكتشفوا مواضع الفشل في النظم أو يتظاهرون ببساطة بأنهم لا يدركونها. وحتى إذا وخزت الظروف ضمائرهم، فإنهم لا يعرفون ما يجب عليهم فعله، أو يشعرون بالكسل إلى درجة لا تجعلهم يبدؤون في اتخاذ أي إجراء. ونتيجة لترددهم خشية تعكير صفوهم، ستجد أنهم يتجنبون قضاء الوقت أو بذل الطاقة في مثل هذه الأمور. ومع ذلك، سيتمكن أصحاب الضمائر الحية والحكماء، من خلال ما يبذلونه من مجهود لتنظيم الناس حسب قوتهم وقدراتهم، من إيجاد حلول سريعة لمشكلات كثيرة تحتاج إلى الصبر.
وقد أثنى الله في القرآن ثناء كبيرا على من يشجعون الناس على فعل الخير:
"مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا." (سورة النساء: 85)
في حين ذكر القرآن السلوك المضاد بوصفه صفة من صفات الكفار وصنفه باعتباره نوعا من الشرور:
"كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ. وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا. وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا." (سورة الفجر: 17-20)

ميارى 8 - 6 - 2010 02:19 AM

العيش وفقا لخلق القرآن الكريم يحقق العدالة الحقيقية

"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ." (سورة النحل: 90)
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...yugoslavya.jpg
إن العدالة شرط ضروري للحفاظ على النظام الاجتماعي. ولكل بلد نظام قضائي خاص به. ومع ذلك، نظرا للصعوبات المستمرة التي يعاني منها الناس في النظم القضائية المعاصرة، لم ينته البحث قط عن نموذج مثالي.
ويتمثل جوهر النظام القضائي المثالي الذي يطمح إليه الناس في أرجاء العالم في: وضع آلية قضائية يُجازَى بها كل شخص عن جميع تصرفاته دون أن يخضع لأي شكل من أشكال التمييز. ومع ذلك، على الرغم من المناهج الجديدة، والوسائل المختلفة، والمشروعات، والحلول التي ابتكرت للوصول إلى هذا النموذج المثالي، فإن تطبيق العدالة ما زال طريقا وعرا لم يسلكه أحد بعد.
إن التدهور الأخلاقي للمجتمع هو السبب في وجود هذه الأوضاع غير المواتية. وبسبب هذا التدهور، الذي يعد تبعة بسيطة لعدم الالتزام بالقيم التي أمر الله بها، تلحق الأضرار بالمجتمعات في جميع ميادين الحياة.
ومرة أخرى، فإن هذا التدهور هو المسؤول عن الاحتيال، والرشوة، والغش، والظلم، والكثير من الشرور الاجتماعية. وتزخر الحياة اليومية بأمثلة من هذا النوع. ومن المواقف التي نواجهها كثيرا في الحياة العملية، على سبيل المثال، رجال الأعمال الذين يغشون شركاءهم ويخدعونهم عن طريق اختلاس أموالهم، أو منازلهم، أو سياراتهم. وفي غضون ذلك، لن تعني الصداقة الطويلة والخسائر المادية والمعنوية التي يعاني منها الطرف الآخر أي شيء بالنسبة للمحتال. وبما أن هذا المحتال لا يهتم في المقام الأول إلا بمصالحه الذاتية، فإن قيما مثل الصداقة، والروابط الأسرية، والروحانية، والتماسك الاجتماعي، والأخلاق الحميدة لا تعني له شيئا البتة.
ويؤثر هذا المنطق على كل العلاقات التي يقيمها هذا الشخص مع الآخرين لأنه لا يدرك أن الله يعلم كل ما يفعله، وأن المولى عز وجل سيسأله عن كل تصرف يصدر عنه. ويتدعم هذا المنطق الملتوي بسبب النسيان التام لحقيقة أن الاحتيال كسب حرام وسلوك ظالم.
وسيساهم المثال التالي في إيضاح هذه النقطة بشكل أفضل: إن الشخص الذي يؤمن بأن الاحتيال جريمة فظيعة، سيتجنبه تجنبا تاما طوال حياته. ولكن بمجرد أن يعتقد الشخص أن باستطاعته الحصول على منفعة شخصية، قد يدلي هذا الشخص ذاته بشهادة زور ضد شخص آخر أو يفتري على هذا الآخر بأن ينسب له شيئا هو بريء منه تماما. وفي غضون ذلك، قد يتذرع شاهد الزور بعذر ما فيقول إن الظروف اضطرته إلى ذلك أو أن مسؤولياته تجاه أسرته مهدت الطريق لمثل هذه الجريمة... إلخ. ومهما كانت الأعذار، ستظل الحقيقة أن الافتراء على الناس شيء فظيع مهما كانت الظروف.
ويظهر النمط المذكور آنفا بالتحديد في الأوقات التي يشعر فيها الناس أن مصالحهم في خطر. وينطبق هذا المنطق أيضا على اللصوص، والمحتالين، والظالمين. وفي مجتمع يكثر فيه أصحاب المصالح، يصبح الظلم، وتضارب المصالح، والفوضى أمورا لا يمكن تفاديها.
قد يصبح الاحتيال، والفساد، والسرقة أسلوب معيشة بالنسبة للشخص الذي لا يعيش وفقا لقيم القرآن، وهو قد لا يشعر مطلقا بوخز الضمير عندما يرتكب هذه الآثام.
وعلى الرغم من ذلك، مهما كانت القوة الاضطرارية، فإن الشخص الذي يعيش وفقا لأحكام القرآن لن ينحدر أبدا إلى مثل هذه الأفعال الشريرة ولن تصدر عنه أبدا مواقف لا تتلاءم مع قيمه. ذلك أن الشخص الذي يخاف الله كثيرا لا ينسى أبدا حقيقة أنه في يوم ما سيلقى جزاءه عن كل فعل قام به وعن كل كلمة تفوه بها. وإذا تأملنا في الظلم الناتج عن التدهور الأخلاقي مثل السعي وراء المصالح الشخصية فقط، واكتناز الأموال، وتجاهل المحتاجين وأصحاب المشاكل، سنجد أن هذا الظلم ليس له إلا حل أوحد هو: نشر قيم القرآن بين الناس، لأن الله يأمر عباده المؤمنين الذين يعيشون وفقا لهذه القيم السامية في القرآن بأن يكونوا عادلين:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا." (سورة النساء: 135)
"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ." (سورة النحل: 90)
وفي مجتمع يفهم فيه الناس العدالة على النحو الموضح في الآية المذكورة آنفا، لن ينتشر الظلم. ذلك أن البيئة التي تتبع فيها قيم القرآن والسنة، تطبق فيها العدالة تطبيقا كاملا بحيث لا يوجد ما يبرر الاستثناء بسبب القرابة، أو الثروة، أو المكانة الاجتماعية، أو أي عوامل أخرى. وعلى الرغم من ذلك، سنجد أن نظم العدالة التي تطبق حاليا حول العالم تختلف عما ذكرناه. ففي بعض الحالات، يتم التغاضي ببساطة عن جرائم شخص ما أو يتم تخفيف عقوبته، مراعاة لثروته، أو مكانته، أو بيئته الاجتماعية. ويُستبعد أن يحدث ذلك في مجتمع تسود فيه العدالة الحقيقية. إذ لن تصبح قط عوامل مثل القرابة، أو الثروة، أو المكانة الاجتماعية سببا في الانحراف عن طريق العدالة.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:20 AM

ما نوع المشكلات التي تظهر في المجتمعات التي لا تطبق فيها العدالة الحقيقية؟

زيادة حنث اليمين

يلعب الشهود دورا رئيسيا في اكتشاف الحقيقة وترسيخ أسس العدالة. ذلك أن شهادة شهود العيان توضح كثيرا من القضايا بسرعة وتميز الحق عن الباطل. ولكن في المجتمعات التي لا تتبع قيم القرآن والسنة، لا يمكن قط التعويل على شهادة الشهود من أجل اكتشاف الحقيقة. ويرجع هذا ببساطة إلى أن الناس الذين لا يتبعون أحكام القرآن والسنة يمكنهم أن يكذبوا مقابل منفعة أو مال بنفس السهولة التي يتنفس بها معظم الناس. وهم بذلك يديرون ظهورهم لكل سلوك أخلاقي مثل قول الحقيقة أو مناصرة البريء.
بل إن الأمر قد يصل في بعض الحالات إلى امتناع الناس عن الإدلاء بالشهادة في قضية معينة، مهما كانت أهمية شهادتهم بالنسبة لسير العدالة. وتفسر عادة سلوكيات هذا النوع من الناس بأفكار غير واقعية، مثل الخوف من التورط في مشاكل أو التعرض لظروف غير مواتية. ويؤكد المولى عز وجل في الآية التالية على أهمية الكشف عن الحقيقة:
"... وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ." (سورة البقرة: 283)
وقد يكون الحقد والكراهية الموجهان نحو شخص ما سببا في إغراء الناس بتلفيق الشهادة. فمن خلال شهادة الزور وتشويه الحقائق، يستطيعون أن يعرقلوا سير العدالة. وقد فسر أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية الصدق في الحديث التالي:
"عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا. وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا".1
إن الناس الذين لا يعيشون وفقا لقيم القرآن والسنة لا يطبقون العدالة، خاصة عندما تكون الأسبقية عندهم لمصالحهم وأهوائهم الشخصية، ولا يفكرون أبدا في تبعات شهادة الزور التي يدلون بها. إذ لا يخطر ببالهم قط ما يعانيه الشخص البريء وأسرته في أثناء مدة سجنه الطويلة ظلما، لأنهم لا يضعون أنفسهم مكان الآخر لكي يتخيلوا كيف ستكون الحياة حينئذ...
ويولي المولى عز وجل في القرآن الكريم أهمية خاصة لهذا الموقف الذي يتعرض له الناس، ويأمرنا بأن نكون عادلين مهما كانت الظروف:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ." (سورة المائدة: 8)
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث التالي لكي يتجنب الناس الظلم: "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان2
وينحرف بعض الناس عما هو صحيح وعادل بدافع الخوف، أو المال، أو الطمع. ولن يتحرر هؤلاء الناس من هذه العبودية إلا باكتساب قيم القرآن. لأنهم عندئذ لن يميلوا قط إلى إلحاق الأذى بالناس، مهما كانت الظروف، سواء كانوا تحت تأثير التهديد أو الإكراه أو تحت إغراء أي منفعة شخصية، لأنهم يدركون أن الله محيط بهم في كل لحظة. كما يدرك المؤمنون أنهم سيُسألون في الآخرة عن كل إثم ارتكبوه وكل شر نطقوا به. ويعلن الله في الآية التالية أن عباد الرحمن لا يشهدون زورا:
"وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا." (سورة الفرقان: 72)
ويجدر بنا أن نلفت الانتباه هنا إلى نقطة أخرى تتعلق بأولئك الذين يسعون وراء مصالحهم مفضلين ذلك على تطبيق العدالة، وهذه النقطة هي: أنه في يوم ما قد يلحق بهم نفس الأذى. وإذا حدث ذلك، لا شك في أنهم سينزعجون كثيرا من المظالم التي ستقع عليهم وسيسعون لإيجاد شاهد موثوق به لا يلفق الشهادة. وعلى أولئك الذين لا يودون أن يمروا بهذه التجربة أن يكافحوا لنشر القيم التي أمرنا الله بها وأن يلتزموا التزاما كاملا بالمبادئ الأخلاقية التي أثنى الله عليها في القرآن الكريم.


ميارى 8 - 6 - 2010 02:21 AM

معايير الحكم على الناس هي المال والمستوى الاجتماعي

يشكل المال والمكانة الاجتماعية المعيارين الأساسيين لتقييم الناس في المجتمعات التي لا تتبع قيم القرآن والسنة. وفي هذه المجتمعات، سنجد أن كل الطبقات مشبعة بهذه العقلية، مما يوفر لنا قدرا وافرا من الأمثلة لتحليلها.
ويمدنا سلوك صاحب المتجر تجاه زبونين مختلفين بمفاتيح مذهلة لفهم خفايا هذه المشكلة. إذ يتعامل صاحب المتجر بأدب واهتمام مع الشخص الذي يوحي مظهره بالثراء. في حين أنه لا يتعامل بنفس الطريقة مع الزبون الآخر الذي يوحي مظهره بالفقر. ولا يتغير هذا الأسلوب على الرغم من أن كلا الزبونين يذهب إلى المتجر لشراء نفس الأشياء وإنفاق نفس القدر من المال. ولكن المظهر والمكانة هما اللتان تحددان الطريقة التي يتعامل بها صاحب المتجر مع زبائنه.
ولكن هذه المعايير لا تصح لدى شخص يعيش وفقا لأحكام القرآن الكريم. لأن المؤمن حسن الخلق مع غيره من البشر لمجرد أنهم "بشر". كما أنه لا يميز بأي شكل من الأشكال بين من حوله. وهو لا يحتاج إلى "ألقاب" كي يقدر شخصا ما. كما أنه لا يبالي بما إذا كان الشخص غنيا أو فقيرا، يعيش في كوخ أو في فيلا. كما أن ثياب المرء الغالية، أو وجهه الجميل، أو شهادته الجامعية التي حصل عليها من أعرق الجامعات، أو مكانته الاجتماعية، أو غير ذلك من رموز المكانة الاجتماعية المشابهة لا تعني له شيئا البتة. فقد ذكر الله جل وعلا في كتابه الحكيم أن إيمان المرء بالله وقربه منه هو المعيار الوحيد الذي يجب أن يطبق على حب الناس.



مشكلات التعليم
التعليم حق لكل فرد. وبصرف النظر عن اعتبارات الدين، أو اللغة، أو الجنس، أو المكانة الاجتماعية، يحق لكل فرد أن يسعى للحصول على المعرفة. ومع ذلك، فالظلم الاجتماعي يجعل تحقيق ذلك مستحيلا، لأنه يتسبب في مشكلات كثيرة تتطلب حلولا عاجلة، تتمثل أهمها في عدم توفر التعليم المجاني لكل فرد من أفراد المجتمع. وفي بلدان كثيرة، يتسبب الفقر في حرمان أعداد ضخمة من الأطفال والمراهقين من التعليم الجيد؛ في حين يخصص عدد قليل جدا من المدارس الجيدة للأقلية الثرية. ولا يكاد الناس العاديون يحصلون على التعليم المدرسي الذي يفي باحتياجاتهم التعليمية الفعلية. ومن ثم، يحصل الأغنياء على أفضل تعليم بينما يكتفي الفقراء بما يقدمه لهم النظام فقط.
ويمكن تطوير مهارات الأطفال من خلال المختبرات والعديد من الوسائل الأخرى شريطة أن تتلقى المدارس الدعم المادي المناسب. ومن ناحية أخرى، تشكل الموارد المحدودة لبعض المدارس عائقا أمام تطور الشباب من نواح كثيرة.
ويجب أن يُسمح للناس بتلقي التعليم في أي مجال يرغبونه. وفي الواقع، ثبت أن النظام التعليمي الذي يتيح للناس الفرصة لكي يحصلوا على تعليم مدرسي يتوافق مع اهتماماتهم، وميولهم، ومهاراتهم يحقق قدرا أكبر من النفع والإنتاجية للمجتمع. ومع ذلك، ففي وقتنا الحاضر، تضطر الظروف الاقتصادية والاجتماعية كثيرا من الناس للتخلي عن التعليم المدرسي أو إكماله في مجال لا يثير اهتمامهم.
ولكن العيش وفقا لقيم القرآن يتعامل مع مثل هذه المشكلات الاجتماعية ويضع لها حلولا، لأن البيئة التي تضمنها هذه القيم لا تسمح بوجود خدمات تعليمية لا تفي بالمطلوب. ومن خلال ما يوفره القرآن الكريم من حكمة وقدرة على الإدراك، يتصرف الناس كجهات متخصصة في حل مشكلات التعليم، كما هي حالهم في مجالات الحياة الأخرى. وفضلا عن ذلك، لا يوجد في هذا المجتمع تمييز بين الفقير والغني. وكما ذكرنا آنفا، فإن أولئك الذين يحبون الله سبحانه وتعالى ينفقون ما يفيض عن حاجتهم من أجل منفعة الآخرين. وبمجرد أن توجه هذه الأموال المجمعة إلى المجالات الكثيرة التي تحتاج لحلول عاجلة مثل التعليم والصحة العامة، فسرعان ما ستحَل هذه المشكلات. وإذا طبقت هذه الحلول على مستوى العالم، فسوف يتضاءل التمييز الموجود بين البلدان الفقيرة والغنية؛ لأن البلدان الغنية سوف تحول فائض مواردها إلى البلدان المتخلفة دون أن تتوقع أي شيء في المقابل.
ولا شك في أن تقديم الحلول مهمة كبيرة تقع على عاتق المسلمين لأنهم مسؤولون عن توفير نوعية التعليم التي توجه الشباب في حياتهم إلى ما يتوافق مع أحكام القرآن. وهذا هو التعليم الذي يوضح للشخص غايته الفعلية في الحياة ويبين له آيات الله سبحانه وتعالى على الأرض وفي الكون. وإذا لم يحدث هذا، فستكبر الأجيال الجديدة، التي ستُغرس فيها أيديولوجيات الكفر التي لا صلة لها بالإسلام، وتتحول إلى شباب غير منتجين لا ينفعون أوطانهم، وشعوبهم، ودينهم. إن التعليم الخاطئ هو المسؤول عما يتبعه الشباب من أنماط حياتية غير محبذة تفقدهم بالتالي البركة التي يجلبها الدين فيضلون الطريق. ولا شك في أن صاحب الضمير الحي الذي يخاف الله لن يخاطر بهذه المسؤولية.


ميارى 8 - 6 - 2010 02:23 AM

عدم المساواة بين الرجال والنساء

في المجتمعات التي تخلو من العدالة الحقيقية، يشكل عدم المساواة بين النساء والرجال قضية اجتماعية خطيرة تنتج عنها مشكلات كبيرة. وفي بلدان كثيرة حول العالم، تعامل النساء في أحيان كثيرة كمواطنات من الدرجة الثانية بل حتى كمنبوذات، ويتعرضن كثيرا لسوء المعاملة، إذ يُعتبرن كائنات ضعيفة بحاجة إلى الحماية. ولهذا السبب ذاته، سنجد أن النساء لا يؤدين دورا ذا قيمة في المجتمع يكسبهن الاحترام.
وفي المجتمعات التي ينتشر فيها هذا التحيز، يندر أن تحظى المرأة التي تنعم بمسار باهر في الحياة العملية بالقبول. إذ يُنظر إلى النساء، عموما، بوصفهن أشخاصا يفتقرون إلى الثقة في النفس والعزيمة، ويمتلكون ملكات عقلية ضعيفة. ويجب أن نشير هنا إلى أن هذا التبرير الذي يضع "قالبا نمطيا للمرأة" في المجتمع يُتخذ – دون وجه حق - تفسيرا لكل خطأ ترتكبه المرأة. وفي الواقع، لا تقتصر هذه الأخطاء على النساء بل تشمل كل البشر.
وعند التقدم لشغل وظائف شاغرة، يتم تفضيل الرجال على النساء، حتى إذا كان للنساء نفس الخلفيات ونفس القدر من الذكاء والمهارة مثل الرجال تماما. وتفسر هذه النزعة محدودية الفرص المتاحة للنساء في الحياة العملية.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...lution/45b.jpg







The Independent, 29 Sep. 2000

ما زالت بلدان كثيرة تعاني حتى اليوم من تبعات مذهلة للتفرقة الاجتماعية بين الجنسين، تظهر أخبارها كل يوم في الصحافة ضمن الحوادث الاعتيادية.
وفي كثير من البلدان، تتعرض النساء للعنف إما في أماكن عملهن أو على أيدي أزواجهن.
ومن ناحية أخرى، تتصرف غالبية النساء بما يتوافق مع هذه الصورة المنسوبة إليهن. وهذا التوافق يجعلهن يقبلن بسهولة الأدوار الدونية التي تنسب إليهن في كثير من المجتمعات.
ولا شك في أن التحيز في الحياة الاجتماعية لجنس على حساب الآخر له تبعات مذهلة في البلدان المتخلفة. فإذا تجاوزنا عن حرمان النساء من حقهن في التعليم والعمل، فسنجد أنهن يحرمن حتى من حقهن في اتخاذ قراراتهن الخاصة بمسألة الزواج. ذلك أن كل أشكال القرارات الشخصية الخاصة بالنساء يتخذها لهن آباؤهن أو أزواجهن.
وهناك جهود مستمرة لوضع حلول لهذه الممارسات المعيبة التي لم نذكر إلا بضعًا منها في هذا الكتاب. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاتحادات التي تأسست لحماية حقوق النساء، ومبادئ الحرية والمساواة، والحركة النسوية، والحلقات الدراسية، والمناقشات العامة لم تساهم كثيرا في إيجاد حل عملي. فقد ثبت أن كل هذه الجهود تؤدي إلى حلول تلازمها تعقيدات أكثر. وهذه نتيجة طبيعية؛ لأن الحل الحقيقي الوحيد، كما هي الحال في جميع الميادين الأخرى هو: اتباع أحكام القرآن الكريم.
"وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ." (سورة التوبة: 71)
ففي مجتمع يتبع أحكام القرآن والسنة، لن يحدث أي تمييز بين أفراده سواء كانوا نساء أو رجالا، أغنياء أو فقراء، شبابا أو شيوخا. ذلك أن المكانة الاجتماعية، أو المهنة، أو الثراء، أو الجنس لا يعطي الناس الحق في التمتع بمزايا معينة دون سواهم. فالأعمال الحسنة التي يعملها المرء وخوفه من الله هو الذي يميزه، كما ألمح الخالق جل جلاله في الآية التالية: "وتزوَّدوا فإن خيرَ الزادِ التقوَى" (سورة البقرة: 197). وفي القرآن الكريم، لا يُصنف الناس بشكل متحيز كرجال أو نساء، لأن الله سبحانه وتعالى يخاطب الرجال والنساء المؤمنين به الذين يعملون الأعمال الصالحة. ويؤكد المولى عز وجل أهمية العيش وفقا للقيم التي أمر بها. ومن هذه الناحية، لا يشكل كون العبد ذكرا أو أنثى أي أهمية. وفيما يلي بعض الآيات التي تؤكد هذا المعنى:
"وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ." (سورة التوبة: 71-72)
"إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا." (سورة الأحزاب: 35)
"وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا." (سورة النساء: 124)
المشكلات التي تعاني منها النساء في الحياة الاجتماعية

في المجتمعات البعيدة عن الدين، تواجه النساء مصاعب كثيرة، لا سيما تلك التي يواجهنها بعد الطلاق. إذ يتسبب الطلاق في مشكلات كثيرة للمرأة التي منعها زوجها من العمل وأصبحت بالتالي تعتمد عليه اقتصاديا.
ومما يصعِّب الوضع بالنسبة للنساء المطلقات أن غالبيتهن لا يمتهِنَّ مهنة، أو لسن صغيرات بما يكفي للحصول على عمل، أو ليس لهن أي حقوق اجتماعية. ويجب ألا ننسى أن المنافع الإضافية التي يطلبها طرفا الطلاق من بعضهما البعض وإصرارهما على السعي وراء مصالحهما الشخصية يساهم في نشوب النزاعات بين الطرفين ويزيد الوضع سوءا.
ومع ذلك، ففي مجتمع المؤمنين، لا يمر الناس بكل هذه المتاعب عندما يلتزمون بأحكام القرآن والسنة. ذلك أن الاحترام والحب الذي يشعر به الطرفان في بداية الزواج لا يضيع عندما يقرران إنهاء الزواج لأن هذا القرار يتم بموافقة الطرفين. وينبع هذا السلوك من المنطق القائم على أن الطرفين لا ينظران إلى بعضهما البعض بوصفهما مجرد رجل أو امرأة بل بوصفهما بشرا مؤمنين بالله، وبالتالي فهم أسمى خلق الله. ويحافظ هذا السلوك على استمرار المودة بعد الطلاق.
وقد وضع القرآن الكريم تدابير كثيرة لتأمين حقوق المرأة بعد الطلاق. إذ تحافظ التدابير المتصلة بوضعها الاقتصادي على رفاهية المرأة المطلقة. وتخبرنا الآيات التالية بالمزايا والمساعدات المالية التي تخصص للمرأة، برضا الطرفين، وكذلك بالمعاملة الصحيحة للمرأة بعد الانفصال:
"وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ." (سورة البقرة: 241)
"وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ. وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ." (سورة البقرة: 236-237)
"لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا." (سورة الطلاق: 7)
ومرة أخرى، نعرف من الآيات، أنه بعد الطلاق، لا يحق للرجل شرعا أن يسترد أي شيء أعطاه لزوجته في أثناء الزواج. كما يضمن الدين للمرأة المطلقة أيضا كل احتياجاتها المتصلة بالمسكن في أثناء فترة العدة التالية للطلاق. ووفقا لما جاء في القرآن الكريم، لا يحق للرجل أيضا أن يرث المرأة بالإكراه.
إن ما رويناه حتى الآن يبين أن اتباع أحكام القرآن الكريم يجلب الحلول. ففي مجتمع يعيش فيه الناس وفقا لأحكام القرآن، لا تتعرض المرأة لسوء المعاملة والإهانة كما هي الحال في مجتمعات أخرى.

ميارى 8 - 6 - 2010 02:24 AM

المساواة في توزيع الموارد



لا يحصل كل الأفراد في العالم، اليوم، على حصص متساوية من الموارد. إذ تقدر احتياجات الذكر البالغ من الطاقة الأساسية نحو 2800 سعرة حرارية في اليوم. وتكفي الموارد الغذائية المتوفرة على الكوكب لسد احتياجات كل فرد. ومع ذلك، ما زال قسم كبير من العالم محروما من هذه المنافع، ويعاني أكثر من 800 مليون شخص على الأرض من سوء تغذية شديد. كما أن مقدار السعرات الحرارية اليومية المتاحة لنسبة 75% من سكان العالم (4.03 بليون شخص في عام 1991) يقل كثيرا عن الحد الأدنى المطلوب يوميا من هذه السعرات. ويختلف عدد المصابين بسوء التغذية من بلد إلى آخر، بسبب عدم التوازن في توزيع الغذاء حول العالم. وتشير إحصائية أخرى إلى أن تأمين ما يلزم البلدان النامية من الاحتياجات الأساسية (الغذاء، ومياه الشرب، والصرف الصحي، والرعاية الصحية، والتعليم) يتكلف سنويا نحو 40 مليون دولار. ويساوي هذا الرقم 4% من مجموع ثروات أغنى 225 شخصا في العالم.3
كما تشير تلك الإحصائيات إلى أن فائض الموارد الموجود في بعض البلدان غير متوفر في بلدان أخرى، على الرغم من الأهمية الحيوية لهذه الموارد. ففي البلدان الغنية، يتم الإبقاء على بعض الموارد التي لم تعد مستخدمة دون الاستفادة منها، على الرغم من أنها يمكن أن تُنقل إلى البلدان الفقيرة. ويعتبر البؤس الذي تعاني منه بعض البلدان الأفريقية مثالا مألوفا للجميع.
ولا تقتصر مظاهر الظلم حول العالم على الغذاء والماء. إذ ينطبق الظلم ذاته أيضا على الخدمات الصحية، الأمر الذي يتسبب في مشكلات خطيرة حول العالم. وبفضل البحوث والتقدم الذي حدث في مجال الطب، أصبح من السهل اليوم معالجة الكثير من الأمراض والوقاية منها. ويتسنى ذلك من خلال التكنولوجيا الطبية والموارد المالية المتوفرة لدى البلدان الغنية. ومع ذلك، يصعب قول الشيء ذاته بالنسبة للبلدان المتخلفة والنامية. ذلك أن المشكلات الصحية البسيطة، التي تتغلب عليها البلدان الغنية بسهولة، تشكل تهديدات خطيرة بالنسبة للبلدان الفقيرة.
فعلى سبيل المثال، هناك مرض الجذام الذي هو مرض بكتيري غادِر يزدهر في الغالب في "حزام الفقر" العالمي. واليوم، أصبح من السهل نسبيا معالجة هذا المرض الذي أصاب البشرية منذ قديم الأزل. وبينما يشكل الجذام تهديدا خطيرا بالنسبة للبلدان التي تعاني من الفقر، لا توجد سوى حالات متفرقة بل لا توجد أي حالات منه في العالم المتقدم. ويعتبر طول فترة العلاج وارتفاع التكلفة سببا رئيسيا في عدم القضاء على هذا المرض في البلدان الفقيرة. ولكن الحقيقة هي أن المساعدة الطبية التي تقدمها البلدان الغنية يمكن أن تساهم في القضاء على هذه المشكلة.
وعند دراسة كل المشكلات الصحية بشكل عام، يظل الجذام قطرة في محيط. ففي البلدان المتخلفة، تقف التكنولوجيا عاجزة أمام أوبئة أخرى كثيرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه نظرا لنقص الموارد المالية، يكون من المستبعد أن تتم معالجة هذه الأمراض ناهيك عن القضاء عليها. ومع ذلك، فحل كل المشكلات الصحية بسيط؛ فبقدر معقول من التنظيم، يمكن استخدام طرق كثيرة مثل نقل المعدات الطبية غير المستخدمة المخزنة في مستودعات البلدان المتقدمة إلى البلدان الفقيرة.
http://www.harunyahya.com/arabic/ima...n/colyesil.jpg
في عصرنا الحالي، يمكن أن يتم تحويل الأراضي القاحلة إلى حقول منتجة بفضل التكنولوجيا الزراعية التي تستخدمها بعض البلدان مثل الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. ويجب أن تنقل هذه التكنولوجيا على الفور إلى البلدان التي تعاني من الجفاف.
وتتضح أيضا مظاهر الظلم في توفر تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم. فلكي تتوسع البلدان المتقدمة في مناطقها الزراعية، لا بد أن تستثمر هذه البلدان استثمارات ضخمة في البحوث الخاصة بتكنولوجيا الزراعة والري، حتى تجعل الأنشطة الزراعية ممكنة في الأراضي غير المنتجة، بل حتى في الصحاري. واليوم، بدأت نظم الري تتغير بفضل قدرة تكنولوجيا المعلومات. فمن خلال نظم الري المدعمة بأجهزة الكمبيوتر، التي تهدف إلى تقليل فاقد المياه إلى أقصى حد، يتم توجيه المياه مباشرة إلى جذور النباتات تحت التربة، مما يوفر كل قطرة ماء للاستفادة منها في الزراعة. وقد قُدمت مشروعات لتكرير كل الموارد المائية، مثل استخدام مياه البحر والفيضان في ري الصحاري.
وتتيح هذه النظم الزراعية الحديثة إنتاج المحاصيل حتى في الصحاري. وكل هذه أخبار جيدة. ولكن بما أن البلدان التي تعاني من الفقر لا تستفيد من هذه الابتكارات، فإن الأمر لا يزال يمثل مشكلة تحتم التفكير فيها بشكل جدي. ذلك أن التكنولوجيا المتواضعة المستخدمة في تلك البلدان لا تعطي إنتاجية عالية حتى في الأراضي الخصبة، وبالتالي يشكل الجوع تهديدا خطيرا بالنسبة لشعوبها.
وفي بعض الحالات، يعيش كل سكان البلد تحت تهديد الجوع. وتفرد الجرائد والمجلات صفحات لهذا الشقاء الإنساني لكي يدرك الجميع خطورة الموقف، ولكنها تقف عاجزة عن خلق البصيرة التي تؤدي إلى إيجاد الحلول. وهناك مساع لحل المشكلة من خلال التدابير المؤقتة والمشروعات قصيرة الأجل، ولكن مثل هذه الإجراءات الواهية التي تفتقر إلى البصيرة لا تقدم حلولا.
وعند هذه المرحلة، يكون الناس في حاجة فعلية لحلول سريعة وعملية تتعامل مع احتياجاتهم الحقيقية. واليوم، تتلقى الدول التي تعاني من الفقر كميات كبيرة من المعونات الغذائية. ومع ذلك، فمعظم هذه المعونات غير مفيدة لأنها تُقدَّم لمجرد التباهي ولا تتفق مع احتياجات من يعانون من المجاعة. ومن ناحية أخرى، إذا تأخر وصول المعونات الغذائية، أو حدثت معوقات تنظيمية، يفسد الطعام قبل أن يصل إلى وجهته. وعلى الرغم من إنشاء جمعيات لتنظيم وصول هذه المعونات، فإن هذه الجمعيات تفتقر إلى المصداقية، لأنها مليئة في الغالب بالفساد.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...tion/israf.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/israf2.jpghttp://www.harunyahya.com/arabic/ima...ion/israf3.jpg
تقوم بعض البلدان اليوم برمي حمولات شاحنات عديدة من الخضراوات والفاكهة واعدامها لكي ترتفع اثمانها مع انه يوجد ملايين الأشخاص الذين يعيشون على الكفاف في العديد من الاماكن في العالم. ومن خلال التوزيع السليم لموارد العالم، يمكن أن يوضع حد للبذخ كما يمكن في الوقت نفسه إنقاذ الناس الذين يتضورون جوعا في أماكن مختلفة من العالم.
ويعزى عدم الوصول إلى حلول جذرية إلى الغرور، والمصالح الشخصية، والطموح، والغفلة، وغير ذلك من أوجه الضعف الأخلاقي المشابهة. وتتمثل السبيل الوحيدة لإنهاء هذه العيوب الأخلاقية في تبليغ القرآن الكريم إلى الناس وتذكيرهم بأنهم سيُسألون عن كل أعمالهم في الآخرة.
"...كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ." (سورة الأنعام: 141)

وكما هي الحال في الأمثلة السابقة التي وردت في الأقسام المتصلة بالصحة والتعليم، فسوف تضع العدالة نهاية لكثير من المشكلات المنتشرة حول العالم. ومع ذلك، هناك نقطة تجدر الإشارة إليها بشكل خاص ألا وهي: عندما نتحدث عن التوزيع العادل، يجب ألا يُفهم من ذلك أن كل شيء سيكون متوفرا لكل شخص في كل مكان بنفس القدر. ذلك أن ما نعنيه فعليا هو سد احتياجات الناس بالكامل. ولا شك في أن نظام الري الخاص المستخدم في الصحاري لن يفيد في مكان آخر. وعلى نحو مشابه، لا يتوقع المرء من أي بلد أن يرسل أدوية إلى بلد آخر إذا كانت هناك حاجة لهذه الأدوية داخل هذا البلد ذاته. وفضلا عن ذلك، ليس من الضروري أن يمتلك كل المواطنين نفس القدر من الممتلكات بالضبط. فالمهم فعليا هو ألا يوجد أناس ينغمسون في حياة البذخ بينما يوجد، على مقربة منهم، أناس آخرون يعانون من الفقر. ومن الضروري أن نتفادى حدوث فجوة لا تُسد بين الفقراء والأغنياء.

http://www.harunyahya.com/arabic/ima...olution/52.jpg
Newsweek, 24 February 1997
إن حقيقة وجود ملايين الأشخاص حول العالم ممن لا يزالون يعانون من الجوع، تعد دلالة على الاستخدام غير الفعال لموارد العالم.
ومتى تم اتباع أمر الله التالي: "يسألونَكَ ماذا يُنفقونَ قلِ العفوَ" (سورة البقرة: 219)، سيظهر تلقائيا التوزيع العادل الذي يؤدي إلى نشر السلام في المجتمعات.
"يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ." (سورة البقرة: 215)
السلام: النتيجة الطبيعية لإقامة العدالة الحقيقية

ما إن تتم دراسة كل هذه الحقائق، سوف نصل إلى استنتاج بأن العيش وفقا لأحكام القرآن الكريم هو وحده القادر على أن يضمن لنا هيكلا اجتماعيا عادلا تماما. ذلك أن قواعد السلوك القرآنية هي وحدها التي توصل إلى السلوك الأخلاقي والحكمة. إذ سيتحول الأنانيون، والمغرورون، والغافلون إلى رحماء منصفين يفكرون في مصلحة الآخرين وبالتالي يكونون قادرين على إيجاد الحلول. ويعني هذا ببساطة وضع نهاية لمشكلات كثيرة.
وفي المجتمعات التي تنعم بالعدالة الحقيقية، لا ينحدر الناس إلى مرحلة الضعف الأخلاقي المتمثلة في السعي وراء المصالح الشخصية، أو الاحتيال، أو انتهاك حقوق الآخرين. وتحض تعاليم القرآن الأساسية على أمور مثل التعاون والرحمة، تمثل جوهر المجتمع العادل. وفي مثل هذا المجتمع، يحمي كل فرد مصلحة الآخر وبالتالي يتم تأمين حقوق الجميع ومصالحهم، وهذا ما يشيع السلام والأمن في المجتمع بأكمله. ومن هذه الناحية، تتمثل مسؤولية جميع المؤمنين في تبليغ العالم بأكمله بالقيم التي أثنى عليها المولى عز وجل والدين العادل. وهذه واحدة من أهم صفات المؤمنين:
"وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ." (سورة آل عمران: 104)
"التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ." (سورة التوبة: 112)
يذكر الله جل جلاله أن هناك أناسا يعيشون وفقا لهذه القيم وبالتالي يدعون الناس إليها. ولن ينجو في الآخرة إلا أولئك الذين يحضون الناس على تجنب المعاصي:
"فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ." (سورة الأعراف: 165)


الساعة الآن 08:32 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى