منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   منتدى الأخبار المحليه والعالمية (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=131)
-   -   الحكيم : صور في الذاكرة (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=10713)

المفتش كرمبو 10 - 10 - 2010 11:15 AM

الحكيم : صور في الذاكرة
 
أنطباع أول _ لست أذكر بالضبط المرة الأولى التي رأيت فيها " الحكيم " جورج حبش , فهو كأي رجل مشهور , تسبقه سيرته , فيما تميزه ومكانته فرضت علي حالة من الترقب , كيف يمكن لي أن أجلس في حضرته , وماذا عساي أفعل لألفت إنتباهه !
هو بدد هذا الترقب أو التوجس " بأبوته الحانية , ثم فرض حضوره " بكاريزماه " التي لا مثيل لها الا عند الرجل العظيم _ عبد الناصر _ , حين جسد إنحيازه الحاسم لفقراء العرب , في خطبة ما زلت أذكرها , في النادي العربي بمخيم اليرموك في دمشق , في ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية , حين هتف قائلا : يخشون على نفط الخليج ؟ بم أفاد هذا النفط الشعوب العربية ؟ ليذهب الى الجحيم اذا !
درس أول _ إلتقيته يوما , وجلست الى جواره _ وحدنا تقريبا _ لنبحث في إحتياجات الشبيبة الثقافية , يومها تعملت منه درسا أول , لم أشهده لدى أي قائد عربي , على الإطلاق , وهو حسن الاستماع والإنصات , حيث ترك لي المجال والوقت كاملا لأتحدث وأقول كل ما أود قوله , ثم بعد ذلك إستأذن بأدب جم وبأخلاق لا مثيل لها , ليبدي وجهة نظره فيما قلت !
ناجي العلي _ نظمت الشبيبة يوما عرضا لكاريكاتيرات الراحل ناجي العلي , ودعته لإفتتاحه , جاء بكل بساطة ودونما أي هيلمان أو مرافقة , تجول داخل جنبات المعرض , ثم عرج الى " دفتر الزوار " وسجل كلمته :
ناجي العلي كان تنظيما في رجل .
جبرا إبراهيم جبرا _ حين علم بأننا في الشبيبة نظمنا منتدى ثقافي على إسم الراحل غسان كنفاني , سألني إن كنت قرأت جبرا إبراهيم جبرا , وحين أجبته بالنفي , لم يمتعض , لكنه في اليوم التالي , أرسل مرافقه " سيف " بحزمة من الروايات , اذكر منها " صورة دوريان جراي " , و " البحث عن وليد مسعود " قرأتها بشغف وبإهتمام , أكثر من مرة , لتبقى بعد ذلك الرواية الأثيرة عندي , ومازلت حتى اللحظة أعتبرها واحدة من أهم ما كتب ضمن جنس الرواية العربية على الإطلاق .
غسان كنفاني _ ولإنه كان يدرك أهمية الثقافة , وكان يحرص على أن يتابع أخبارها أولا بأول , فقد كلف مدير مكتبه _ علي حمدان _ بأن يرسل له يوميا " تقريرا ثقافيا " , وكان أن عرض علي "علي حمدان" مهمة مراجعة وعرض ما يصدر من قصص وروايات , وكانت باكورة هذه المهمة مجموعة للقاص الفلسطيني حسن حميد , قرأت المجموعة , ثم كتبت عنها صفحة واحدة . بعد يومين كان يرسل في طلبي , وقد أعجب بما كتبت , ليسألني أن كنت أحتاج شيئا , حتى أنمي موهبتي , حيث قال لي , منذ رحل غسان كنفاني , لم ألتق برفيق على موهبته , مثلك , وسألني هل أجد وقتا للقراءة ؟ أجبته بأني أقرأ كل يوم لمدة أربع ساعات , بعد أن أنتهي من مهماتي المتعددة , ربت على كتفي , وكانت علامات الفرح تبدو واضحة على وجهه .
إبراهيم الراعي _ أثارت إهتمامي قصة الشهيد إبراهيم الراعي , وحيث أني كنت في دمشق , وكانت أحداث القصة قد وقعت في الضفة الغربية , طلبت من مكتبه أن يزودني بكل المعلومات الممكنة عن الشهيد الراحل , ليتسنى لي أن أكتب عنها رواية , لم يتردد لحظة في الايعاز لهم , بإرسال كل ما يتعلق بالحكاية , وصادف أني _ وقتها _ ذهبت الى لبنان لأداء الخدمة الثورية , فوجئت وأنا في روضة البقاع بالطرد البريدي يجيئني من مكتبه , وكأنه يشجعني على كتابة الرواية , التي قدر لها بعد ذلك بعدة شهور أن تفوز بجائزة سعاد الصباح , وبثقة الروائي العربي الكبير يوسف القعيد , وتنشر في القاهرة .
خليل الوزير _ حين أستشهد " أبو جهاد " , أقفل الحكيم عليه باب مكتبه , فيما كان صوت بكائه على الراحل يصل مسامع من يعمل معه في مكتب أمانة سر المكتب السياسي , دخلت عليه صحفية أجنبية , وحين رأت في مكتبه خارطة فلسطين وصورة " أبو جهاد " سألته : من هذا ؟
اجباها : أبو جهاد
ردت قائلة : هو فتح وأنت جبهة شعبية !
فطن الى خبث السؤال , فرد على الفور : هو رفيقي في النضال من أجل فلسطين .
ميشيل خليفة _ على غير عادة معظم القادة , الذين ينهمكون في الهم السياسي , كان الحكيم يهتم كثيرا بالثقافة الجادة , الملتزمة , وكانت مناسبة مهرجان دمشق السينمائي , لا تكاد تمر دون ان يهتم بها . وفي دورة شارك فيها ميشيل خليفي , دعا الحكيم نفرا من المخرجين : صلاح أبو سيف , علي بدرخان , داوود عبد السيد , نوري بوزيد , أسامه محمد , محمد ملص , عمر أميرلاي , جبريل عوض ... يومها كنت رسوله الى ميشيل , الذي أخذته اليه وهو لا يكاد يصدق بأنه سيلتقي " الحكيم " . لم تكن حميمية اللقاء من طرف واحد فقط , فقد إحتضنه الحكيم كمن وجد إبنا له , لم يلتقيه منذ سنين .
الوطن في المنفى _ إنطباع أخير / ... وبعد كل هذي السنين , يمكن القول بأني أحس بأن الحكيم جورج حبش والزعيم ياسر عرفات كانا يمثلان وطن الفلسطينيين في المنفى , الذي هو بهما كما الطريق الى إيثاكة , ربما كان أجمل من المنفى في فلسطين , وإذا كان عرفات ربان سفينة الثورة , فإن الحكيم كان روحها الوثابة وطاقتها الكامنة , وقوة الدفع التي تبث فيها روح التجديد والحيوية بإستمرار .
مستقبل الأحلام _ بقدر ما كان الحكيم حالما ثوريا , بقدر ما سيظل خالدا في قلوب وعقول الناس , حيث سنظل نجد من يؤمن بالاحلام الثورية , ويقبض على كنه الحياة , في تجددها , وفي ذهابها الى المستقبل الواعد , تماما كما رسمتها الأشعار وصورتها اللوحات , وهجس بها ذلك الجيل من المبدعين والقادة , الذين كان يتقدم صفوفهم _ هذا الحكيم _ الذي يرحل اليوم , ويترك من ورائه سيرته وسيرة ثورة عظيمة , شارك في صنعها وقيادتها وتحديد ملامح برنامجها , تلك الثورة التي جعلت من الفلسطينيين شعبا , أثار الحياة في صحراء عربية قاحلة .
رجب أبو سرية

عبدالرحمن حموده 10 - 10 - 2010 12:09 PM

مشكور اخى علي الطرح الممتاز وليعلم الجميع انهم قادتنا الاوفياء سيبقون في الداكرة الى الابد


الساعة الآن 11:29 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى