![]() |
هل تعرفين أمُّي يا أمّ جلعاد .. ؟
هل تعرفين أمُّي يا أمّ جلعاد .. ؟
هذا اسمك الذي كان توطئة يشوع بن نون للعبور في ظلّ الجبل، وتد أسطورتك يا جلعاد، الذي ذبحني، وشردني، وشتّت دمي، وأضاعه بين اثنتي عشرة قبيلة، وحرق ما تبقى لي من أقحوان، كان يعبق إنسانية وتعايشاً ومحبة . فحين أرى أمَّك افيفة - ربيعة – في التقارير الاخبارية على شاشة التلفاز باكية، يملؤها الأسى على فقدانك المؤقت . وألحظ حزن عينيها مُدركاً في نفس الوقت أنّها أم بالرغم من فجيعة الدم واللغة الغريبة .. حينها أدرك أنّك وشعبك لا تعرفون اسم أمُّي وحزنها وألمها على فراقي في طقوس السياسات والاجراءات التعسفية التي يمارسها أخوتك على حواجز القمع الإنسانية، والتفتيش اللا أخلاقي للعوائل الفلسطينية القادمة من كنتونات ماضيكم الحديث، لزيارتنا في الغربة الحديدية الجاثمة بقسوة فوق أرضنا الطاهرة. إذ عندما رأتك افيفة في الشريط المصور سليماً معافى، لم أكن أنا أسعى إلى تفحصك، بقدر ما كنت أبحث عن شعور ما في داخلي المحروق لمواساة أمّك المفجوعة والمنكوبة عليك .. ولكن عذراً فلن أجد سوى الصمت وزفرةً حارةً في وجه زمن لا يرأف بالورد وأطفال الأرض، وليس لديه الوقت الكافي لكي يأخذ درساً في الأخلاق والأعراف الإنسانية .. كما أنّني أعلم أيضاً يا وتد أسطورتك وعرق متاهتك أنّ بيتكم الجميل مبنيٌ على أنقاض بيتي أو بيت أمّي أو بيت جد أبي، هناك في أعالي الخريطة، حيث كان اسم القرية هيلا " وليس متسبيه هيلا " .. وأعلم أنا أنّ نزوة أخوتك المريضة، حطّّتك من شمالٍ يناجي الربّ الى جنوب ٍ يتألم في كثافة القذائف والصواريخ والأنفاق من كلّ حربٍ وصواب بما فيها نفقك .. فهل تشبه أمّي أمّك في الوجع والدمع والحسرة ؟ ! وأمّا أبيك " نعوم " الذي بات ضليعاً في شؤون الأسرى الفلسطينيين، فلم يدّخر في خيمة اعتصام، ولا مسيرة تضامن، ولا برلمان أوروبي، ولا أمم متحدة، ولا جماعات ضغط ، إلا وقام بها، فلا تخف ... وأمّا هنا في الغربة الحديدية .. تخيّل أنّ أبي ذي الدمع السخي، الذي يبوح دوماً بحاجته لي ولعناقي، لا يملك نفوذاً ولا مساحة للتحرك مثل أبيك .. وآه يا إلتباس ماضيك لو أنً زمنك وزماني، يدركان معنا دمع الرجال، لزال الحقد، وعشنا سوياً في ظلِّ شجرة، ترويها أمّي وأمّك ويأكل من ثمرها أبي وأبوك. لكن وحدي أنا أعرف، ووحدك أنت لاتعرف .. إذ إنّني أعرف أنً أمّك اسمها افيفة وأباك اسمه نعوم وأختك اسمها هداس وأخاك اسمه يوفال، ولكن أنت وهم، لا تعرفون اسم ابي وأمّي واهلي... فلا تقل لي: اشعر معي، ولكنّني سأصمت فقط من أجل دمع أمّك .. وكم نحن نعرف أيضا أنّ هناك ثمّة أسرى أمضوا أكثر من نصف أعمارهم في غياهب الحديد، ويا لسخرية التناقد حين لاتعرف أنت وأهلك أنّ أولئك الأسرى، باتوا يخافون عليك وعلى مصيرك المتقاطع مع مصيرهم .. ويتمنّون لك الحرية وأن تعود إلى أمّك سليماً معافى، بعد أن فقد معظمهم أمّهاتهم في جحيم الانتظار . فافرح يا فتى، لأنّك ستعود من دون أدنى نقصان وفقدان .. واعلم، وأرجو أن تعلم أمّك أيضاً شيئاً عن أولئك الذين يذوي زهر أعمارهم خلف القضبان من دون انحناء، ولا استجداء، بل تأكيداً على الانتماء وبأنّ حريتهم باتت قريبة أكثر من أيّ وقت مضى .. حين ذاك قد ينمو الأقحوان، ويبزغ نوره من أعماق محروقةً، وقد أشعر أنّني استعدت إنسانيتي المفقودة، كي أدرك دمع أمّك أكثر .... ـــــــــــــــــ ايار 2010 الاسير باسم الخندقجي سجن جلبوع المركزي عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني الحكم مدى الحياة عنوان سجن باسم الاسير باسم محمد صالح اديب الخندقجي اسرائيل بيسان _ جبال جلبوع _ سجن جلبوع المركزي _ قسم 5 _ غرفة رقم 4 ص_ب : 10900 |
من اروع ما سطرته يد شاب في المعتقل
بارك الله فيك على نشر هذاه الرساله |
بارك الله بك على اطلاعنا على هذه الرسالة الاليمة
وسيرى الظالمون اي منقلب سينقلبون |
واعلم، وأرجو أن تعلم أمّك أيضاً شيئاً عن أولئك الذين يذوي زهر أعمارهم خلف القضبان من دون انحناء، ولا استجداء، بل تأكيداً على الانتماء وبأنّ حريتهم باتت قريبة أكثر من أيّ وقت مضى .. حين ذاك قد ينمو الأقحوان، ويبزغ نوره من أعماق محروقةً، وقد أشعر أنّني استعدت إنسانيتي المفقودة، كي أدرك دمع أمّك أكثر ....
اللهم فك اسر باسم الخندقجي وكل الأسرى في سجون الاحتلال اثرت بي هذه الرساله لأنها واقعيه صادقة المشاعر والأحاسيس اشكرك جدا يا بلا عنوان على هذه الرساله |
بارك الله فيك على نشر هذاه الرساله
|
الساعة الآن 03:10 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |