منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   مواضيع ثقافية عامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=67)
-   -   حملة أبرهة الأشرم , تحت المجهر ! (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=11107)

بائع الورد 22 - 10 - 2010 02:20 PM

حملة أبرهة الأشرم , تحت المجهر !
 
حملة أبرهة الأشرم , تحت المجهر !

بسم الله الرحمن الرحيم

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)

من بديهيات الأمور لدينا اعتقادنا بأن أبرهة الحبشي ( النصراني ) قاد جيشه المدرع بالفيلة لغرض هدم الكعبة في عصر الوثنية القريشية وانه أراد فعل ذلك رداً منه على تلك الاهانة التي وجهها اعرابيٌ لكنيسته العظيمة والتي يُعتقد بأنه أقامها لصرف حجاج الجزيرة عن مكة ولتكون كنيسته هي القبلة للحجاج ومن أجل ذلك وجد ذريعة لهدم الكعبة وانهاء أسطورتها ومكانتها المرموقة .
من تفسير ابن عاشور : ( وكان خبر ذلك وسببه أن حكّام الحبشة ملكوا اليمن بعد واقعة الأخدود التي عَذَّب فيها الملكُ ذو نواس النصارى ، وصار أمير الحبشة على اليمن رجلاً يقال له : ( أبرهة ) وأن أبرهة بنى كنيسة عظيمة في صنعاء دعاها القَلِيس - وكتبه السهيلي بنون بعد اللام ولم يضبطه وزعم أنه اسم مأخوذ من معاني القَلْس للارتفاع - وأراد أن يصرف حج العرب إليها دون الكعبة فروي أن رجلاً من بني فُقَيم من بني كنانة وكانوا أهل النسيء للعرب كما تقدم عند قوله تعالى : { إنما النسيء زيادة في الكفر } في سورة براءة ، قَصد الكنانيُّ صنعاء حتى جاء القليس فأحدث فيها تحقيراً لها ليتسامَعَ العربُ بذلك فغضب أبرهة وأزمع غزو مكة ليهدم الكعبة وسار حتى نزل خارج مكة ليلاً بمكان يقال له المُغَمَّس ( كمعظم موضع قرب مكة في طريق الطائف ) أو ذو الغميس ( لم أر ضبطه ) وأرسل إلى عبد المطلب ليحذره من حربه وجرى بينهما كلام ، وأمر عبد المطلب آله وجميع أهل مكة بالخروج منها إلى الجبال المحيطة بها خشية من معرة الجيش إذا دخلوا مكة . فلما أصبح هيّأ جَيْشه لدخول مكة وكان أبرهة راكباً فيلاً وجيشه معه فبينا هو يَتهيّأ لذلك إذ أصاب جنده داء عضال هو الجُدريّ الفتاك يتساقط منه الأنامل ، ورأوا قبل ذلك طيراً ترميهم بحجارة لا تصيب أحداً إلا هلك وهي طير من جند الله فهلك معظم الجيش وأدبر بعضهم ومرض ( أبرهة ) فقفل راجعاً إلى صنعاء مريضاً ، فهلك في صنعاء وكفى الله أهل مكة أمر عدوّهم ) مقتبس بتصرف .
فدفع ثمن تلك النية غالياً وهزمه الله هو وجنوده بطيور تقذف الحصى فتنهال على رؤوسهم وتلاشى جيش أبرهة لأنه أراد هدم الكعبة المحشوة بالأصنام والأوثان .

من تفسير ابن كثير :

ذكر الواقدي بأسانيده أنهم لما تعبؤوا لدخول الحرم وهيؤوا الفيل، جعلوا لا يصرفونه إلى جهة من سائر الجهات إلا ذهب فيها فإذا وجهوه إلى الحرم رَبَض وصاح. وجعل أبرهة يحمل على سائس الفيل وينهره ويضربه، ليقهر الفيل على دخول الحرم. وطال الفصل في ذلك. هذا وعبد المطلب وجماعة من أشراف مكة، منهم المطعم بن عدي ، وعمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، ومسعود بن عمرو الثقفي، على حراء ينظرون إلى ما الاحباش يصنعون، وماذا يلقون من أمر الفيل، وهو العجب العجاب. فبينما هم
كذلك، إذ بعث الله عليهم طيرًا أبابيل، أي قَطَعًا قِطَعًا صفرا دون الحمام، وأرجلها حمر، ومع كل طائر ثلاث أحجار، وجاءت فحلقت عليهم، وأرسلت تلك الأحجار عليهم فهلكوا.
وقال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن عبيد بن عمير، قال: لما أراد الله أن يهلك أصحاب الفيل، بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر، أمثال الخطاطيف. كل طير منها تحمل ثلاثة أحجار مجزعة: حجرين في رجليه وحجرا في منقاره. قال: فجاءت حتى صفت على رؤوسهم، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها، فما يقع حجر على رأس رجل إلا خرج من دبره، ولا يقع على شيء من جسده إلا وخرج من الجانب الآخر. وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة فأهلكوا جميعا.
قال ابن هشام:
الأبابيل الجماعات، ولم تتكلم العرب بواحدة. قال: وأما السجيل، فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب: الشديد الصلب. قال: وذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية، جعلتهما العرب كلمة واحدة، وإنما هو سنج وجل يعني بالسنج: الحجر، والجل: الطين. يقول: الحجارة من هذين الجنسين: الحجر والطين. قال: والعصفُ: ورقُ الزرع الذي لم يُقضب، واحدته عصفه. انتهى ما ذكره ( من تفسير ابن كثير ) .......


هذا ايجاز لقصة محاولة هدم الكعبة من قبل أبرهة وجنده وهزيمته الأسطورية من قبل الطير الابابيل وفق الفهم التقليدي ، ولكن هناك تساؤلات مشروعة يجدر بنا طرحها في هذا الصدد :


* عندما تعرضت الكعبة لخطر أبرهة تدخلت القدرة الالهية لصده ودفعه وحماية البيت رغم أن الكعبة في ذلك الزمان لم تكن قبلة للتوحيد بل للوثنية والأصنام فهل الوثنية لها مصداقية وأفضلية على النصرانية في ذلك الوقت حتى يكرمها الله ويدافع عنها ويحميها ؟
* الكعبة هُدمت في العهد الاسلامي أكثر من مرة بأيدي المسلمين فلماذا لم تتدخل القدرة الالهية وتحول بينهم وبين ذلك ؟ رغم أن الكعبة في هذا العهد قبلة للتوحيد والحنفاء فأبرهة قصد الكعبة بالفيلة ليهدمها فأرداه الله وحال بينه وبين غايته وحمى بيته العتيق وبعد عقود قام يزيد بن معاوية بضرب الكعبة بالمنجنيق ( مقابل الفيلة سلاح متطور ) وأحرق البيت الحرام فلم تتعرض له الموانع الالهية التي واجهت وابادت أبرهة رغم الفارق الكبير في مكانة الكعبة بين العهدين ؟!
وايضاً فان القرامطة قد استباحوا الكعبة واعاثوا فيها فساداً واستولوا على الحجر الأسود الذي ظل بحوزتهم 23 عاماً وقتلوا حجاج البيت بدم بارد دون أن تتدخل القدرة الالهية ولم تظهر لهم الطيور الابابيل التي نسب التاريخ لها مهمة الدفاع عن الكعبة الوثنية فقط !
من البداية والنهاية لأبن كثير :ذكر أخذ القرامطة الحجر الاسود إلى بلادهم فيها ( خرج ركب العراق وأميرهم منصور الديلمي فوصلوا إلى مكة سالمين، وتوافدت الركوب هناك من كل مكان وجانب وفج، فما شعروا إلا بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية، فانتهب أموالهم واستباح قتالهم، فقتل في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من الحجاج خلقا كثيرا، وجلس أميرهم أبو طاهر لعنه الله على باب الكعبة، والرجال تصرع حوله، والسيوف تعمل في الناس في المسجد الحرام في الشهر الحرام في يوم التروية، الذي هو من أشرف الايام، وهو يقول: أنا الله وبالله، أنا أنا أخلق الخلق وأفنيهم أنا.فكان الناس يفرون منهم فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئا.
بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذ يطوف، فلما قضى طوافه أخذته السيوف، فلما وجب أنشد وهو كذلك: ترى المحبين صرعى في ديارهم * كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوافلما قضى القرمطي _لعنه الله_ أمره وفعل ما فعل بالحجيج من الافاعيل القبيحة، أمر أن يرمى القتلى في بئر زمزم، ودفن كثيرا منهم في أماكنهم من الحرم، وفي المسجد الحرام .ويا حبذا تلك القتلة وتلك الضجعة، وذلك المدفن والمكان، ومع هذا لم يغسلوا ولم يكفنوا ولم يصل عليهم لانهم محرمون شهداء في نفس الامر.
وهدم قبة زمزم وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه، وأمر رجلا أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فيقتلعه، فسقط على أم رأسه فمات إلى النار.
فعند ذلك انكف الخبيث عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الاسود فجاءه رجل فضربه بمثقل في يده وقال: أين الطير الابابيل، أين الحجارة من سجيل ؟ ثم قلع الحجر الاسود وأخذوه حين راحوا معهم إلى بلادهم ، فمكث عندهم اثنتين وعشرين سنة حتى ردوه، كما سنذكره في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة فإنا لله وإنا إليه راجعون.) انتهى الاقتباس !
والذي اقرأه في السيرة أن أبرهة بعث لقريش طالباً منهم أن يخلوا بينه وبين الكعبة ليهدمها لأنها هي هدفه الاساس ولا يرغب بمساس أنعامهم ودورهم واعراضهم وحدثت مفاوضات بهذا الشأن ، وهنالك أحاديث عدة عن النبي عليه السلام تذكر بأن الكعبة ستهدم في آخر الزمان حيث قال :( يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ ) بخاري ومسلم ، وقال ايضاً عليه السلام ( كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَنْقُضُهَا حَجَرًا حَجَرًا.يَعْنِي الْكَعْبَةَ ) البخاري ، وهذا يدل على أنها ستهدم لاحقاً بشكل عدواني وعسكري كما أراد ابرهة وعجز عنه وكما فعل يزيد وناله ولذلك فهناك تساؤل مُحير لماذا دافع الله عنها في زمن أبرهة رغم أنها ليست رمزا للتوحيد ولم يفعل في الازمنة اللاحقة عندما باتت قِبلة ورمزاً للتوحيد والاسلام ؟
أم أن أبرهة في الحقيقة لم يرد هدم الكعبة وليست هدفه وغايته وانما أراد تدمير العرب الموالين للفرس في ذاك الزمان أي أن حملته سياسية اقتصادية بحتة تفوق هدمه للكعبة ، أحبط الله عزمه ذلك وحفظ العرب من مأساة كانت ستلحق بهم على يد متجبر طاغية لم يكن أول ولا آخر مفسد في الأرض ينال عقابه الدنيوي وينهار سلطانه بآفة أو طوفان تشتت قواته وتفسد عتاده وتجعله عبرة وآية فالتاريخ الانساني حافل بأمثال أبرهة - في التاريخ أحداث مشابهة لذلك دون ارتباطها بالكعبة - وأعتقد بأن ذكر حادثة أصحاب الفيل هام جداً لأنها كانت مرحلة حساسة بالنسبة لأهل الجزيرة العربية وانهم كانوا على المحك وعلى عتبة الفناء لولا فضل الله عليهم ولو كانت الغاية هي حماية الكعبة فقط لما كان لذكرها أي معنى في القرآن لأن الكعبة هُدمت ودُنست مرات عديدة بعد ذلك ولكن لأن قدر الله عزوجل وقع من أجل حماية أمة كاملة أصبحت فيما بعد أمة التوحيد وحاملة اللواء سواء سلمت الكعبة أم انهارت ومن أجل هذا وثق القرآن هذه الحادثة بشكل موجز لتذكير النبي عليه السلام وأتباعه بمرحلة مصيرية وهامة ومفترق وقعت فيه الأمة وهذا قبل ولادة حامل الرسالة بزمن قصير للغاية ؟!


حملة ابرهة على مكة ( نظرة من زاوية أخرى ) :


(( بعد ان استتبت الامور لابرهة في جنوب شبه الجزيرة العربية واتسق له الامر وخضعت له جميع القبائل والبدو في تلك المنطقة اخذ يفكر في غزو شمال شبه الجزيرة العربية والحجاز لاخضاعها الى سيطرته وضمها بالقوة الى حكمه كما هي عادة الملوك دائما حينما يستتب لهم الامر في مكان معين فانهم يبدؤون بالتفكير في توسيع ملكهم وضم المزيد من الاراضي والاقوام المجاورة الى دولهم.
وقد لا يخلو الامر من عوامل اخرى دفعت ابرهة الى التشريع في حملته على شمال شبه الجزيرة العربية وفي مقدمة هذه الامور المحتملة سعي ابرهة الى الاقتراب اكثر من الامبراطورية الرومانية في بلاد الشام فهما ( اي المملكتان ) تدينان بالدين المسيحي رغم ان الاحباش يعقوبيي المذهب ولهم اختلافاتهم الخاصة مع الروم ولعل الروم قد ساهموا في تحريك ابرهة ودفعه الى هذه الحملة على امل ان تقع الطرق التجارية المؤدية الى المحيط الهندي في قبضة دولة مسيحية لا يساورهم القلق بشانها.
وربما ساقه الى ذلك حسده لاهل مكة فضاق ذرعا من اتساع نشاطهم التجاري ونمو ثرواتهم بسرعة فائقة عن طريق التجارة لقد اثار ذلك الثراء وتلك المكانة الاقتصادية التي كانت تتمتع بها مكة مطامع ابرهة وجعلته يفكر في فرض هيمنته على هذا المركز الاقتصادي والتجاري والديني النشيط - مُقتبس ))
- وجدتُ بعض الأجوبة على هذا التساؤل ولكنها غير مقنعة وانما محاولة يائسة لدحض الشبهة التي تُثار حول هذه الروايات والأثار : ابن كثير ( قد سأل بعضهم سؤالا : فقال: قد أحل الله سبحانه بأصحاب الفيل - وكانوا نصارى - ما ذكره في كتابه ، ولم يفعلوا بمكة شيئا مما فعله هؤلاء، ومعلوم أن القرامطة شر من اليهود والنصارى والمجوس ، بل ومن عبدة الاصنام، وأنهم فعلوا بمكة ما لم يفعله أحد، فهلا عوجلوا بالعذاب والعقوبة، كما عوجل أصحاب الفيل ؟ وقد أجيب عن ذلك بأن أصحاب الفيل إنما عوقبوا إظهارا لشرف البيت، ولما يراد به من التشريف العظيم بإرسال النبي الكريم، من البلد الذي فيه البيت الحرام، فلما أرادوا إهانة هذه البقعة التي يراد تشريفها وإرسال الرسول منها أهلكهم سريعا عاجلا، ولم تكن شرائع مقررة تدل على فضله، فلو دخلوه وأخربوه لانكرت القلوب فضله أما هؤلاء القرامطة فإنما فعلوا ما فعلوا بعد تقرير الشرائع وتمهيد القواعد، والعلم بالضرورة من دين الله بشرف مكة والكعبة، وكل مؤمن يعلم أن هؤلاء قد ألحدوا في الحرام إلحادا بالغا عظيما، وأنهم من أعظم الملحدين الكافرين، بما تبين من كتاب الله وسنة رسوله، فلهذا لم يحتج الحال إلى معاجلتهم بالعقوبة، بل أخرهم الرب تعالى ليوم تشخص فيه الابصار، والله سبحانه يمهل ويملي ويستدرج ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ قوله تعالى ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار) البداية والنهاية .
فهمتُ من الجواب أن البيت لم يعد له شرفٌ وتدنت قيمته ومكانته وقدسيته بعد أن اصبح قِبلة للرسالة الاسلامية وانما شرفه ومكانته كانت قبل البعثة وبعد ذلك تخلى عنه ربه - للبيت ربٌ يحيمه - وجعله عرضة لأي طاغوت يرغب باهانته ويطمح لتدنيسه وان كنتُ أرى عكس ما ذهب اليه المجتهد فعندما أصبحت الكعبة مقدسة ومباركة بالتوحيد وجب حمايتها بالفعل بطيور ابابيل في كل حين .
ورد في مسند أحمد حديث حسن : قال عليه السلام ( الحجر الأسود من الجنة وهوأشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم‏ ) وقوله عليه السلام ( الحجر الأسود من حجارة الجنة ) والعديد من الأحاديث التي تبين قيمة هذا الحجر الثمينة الذي حُبس 23 سنة عند القرامطة الفجرة أوليس هذا الأمر مدعاة للحيرة اذا كنا نعتقد فعلاً بأن الله عزوجل يقيم المعجزات للدفاع عن شرف البيت قبل البعثة المحمدية ؟؟.‏ وهذا من وجهة نظري الخاصة وان كان لديكم راي مغاير يكون فيه اثراء وانعاش للطرح !
هناك بحوث علمية متطورة أثبتت أن ابرهة لم يدخل الكعبة وانما هلك بالجدري هو وجيشه دونها والقرآن الكريم لم يأت على ذكر هدم الكعبة مطلقاً وانما الاخباريون والمحدثون والمفسرون قاموا بذلك بعد قرن ونيف من وفاة الرسول عليه السلام حيث ابتدأت سياسة التدوين فوجدت طريقها الى سورة الفيل كتفسير مرافق لها أما آيات السورة فخلت من ذكرالكعبة ونوايا ابرهة من حملته تلك ( يقول ابن خلدون: لم يُؤمن فيها - كتب السيرة والأثار - من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق وكثيرا ما وقع للمؤلفين و المفسرين وائمة النقل المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا وسمينا ولم يعرضوها على اصولها ولا قاسوها باشباهها ولا سبروها بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات وتحكيم النظر و البصيرة في الاخبار فضلّوا عن الحق و تاهوا في بيداء الوهم و الغلط ) ؟


وجدتُ وجهة نظر جديرة بالبحث والقراءة وتستحق التأمل والتدبر :


(( لايلاف قريش : تاتي سورة قريش بعد سورة الفيل مباشرة في القرآن الكريم وتبتدئ بالايتين الكريمتين : (لايلاف قريش / ايلافهم رحلة الشتاء والصيف ).
وقد اختلف المفسرون في معنى اللام التي وردت في(لايلاف) فقال بعضهم : انها لام التعجب بينما ارجعها آخرون الى السورة التي قبلها (اي سورة الفيل) فيكون المعنى ان اللّه ارسل على الاحباش الطير الابابيل التي ترميهم بحجارة من سجيل ليهلكهم وتبقى قريش آمنة في رحلتيها التجاريتين : رحلة الشتاء الى اليمن ورحلة الصيف الى الشام. وقد رفض الطبري قبول هذا التفسيروقال: ان ذلك يستلزم كون السورتين سورة واحدة.
ومن الطريف ان الفقه الشيعي يعتبر السورتين سورة واحدة وبناء على ذلك فقد افتى فقهاء الشيعة بان قراءة سورة الفيل وحدها بعد الفاتحة في الصلاة غير مجز بل لا بد من ان نضيف اليها في القراة سورة قريش !!!
وقد يكون راي فقهاء الشيعة هو الاصح والاقرب الى مضمون السورتين والاكثر انسجاما مع واقع الاحداث في تلك المرحلة التاريخية اذ يقول القرآن الكريم: ان اللّه حطم جيش ابرهة ورده خائبا لكي تبقى قريش آمنة مطمئنة في سفرها التجاري نحو الشمال والجنوب وهذا بدوره كان احدى العلل التي حفزت ابرهة لمهاجمة مكة اذ حاول منعها من المتاجرة بين اليمن والحبشة وبين اليمن والمحيط الهندي.
وضمن هذا السياق جاءت الايتان من سورة قريش : (فليعبدوا رب هذا البيت / الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) ويمكن ان يكون قوله تعالى: (آمنهم من خوف) اشارة الى قطع نفوذ الاحباش في شبه الجزيرة العربية الى الابد فقد تضافرت الروايات على ان هناك ملكين هما (مسروق) و(يكسوم) وكلاهما من ابناء ابرهة حكما اليمن بعد وفاة ابيهما ثم جاء ملك الفرس انو شروان فاعان سيف بن ذي يزن في اليمن على الاحباش فطردهم من اليمن وازال ملكهم.
كان ذلك بعد سنوات من عام الفيل اذ لم تزل قريش خائفة غيرمطمئنة بعد عودة ابرهة الى اليمن، وهي تتوقع انتقامه لابنائه وجنوده الذين هلكوا هناك في اية لحظة، الى ان اذلهم اللّه على يد سيف بن ذي يزن والقائد الايراني وهرز، اللذين طرداهم من اليمن، وطهرا شبه الجزيرة العربية منهم الى الابد )) مُقتبس ....
العلم الحديث هو السبيل الوحيد الذي علينا أن نعبره للوصول الى حقيقة الأحداث فكما كان هذا العلم سبباً في اظهار حقيقة وجود قوم عاد في زمن من الأزمان وسلط الضوء على قضية فرعون الذي مات غرقاً وأنجى الله جثته وحفظها لتكون آية للناس ومصداقاً لكتابه فهو ايضاً يساعدنا الآن في الكشف عن حقيقية قصة ابرهة مع الكعبة والنقوش التي عُثرعليها فيها اجابات علمية دقيقة وذات مصداقية أكثر من روايات الاخباريين ولأن العلم صديق القرآن فانه يعطينا تفسيراً حقيقاً لحادثة أصحاب الفيل والواضح من خلال تلك النقوش أن أبرهة لم يكن ينوي هدم الكعبة بشكل خاص وانما كانت لديه أهداف أبعد من الكعبة ! وحادثة الطيور الابابيل وردت في القرآن ولكن هناك من يرفض تأويلها التقليدي ويرى أنها لم ( تقصفهم ) بالحجارة وانما هي طيور جارحة تقتات على الجثث المتحللة فوجدت جيش ابرهة النافق من الجدري متحللاً ومتهالكاً فاصبحت تقطع لحومهم وتفتتها بضربها في الحجارة وهذا سلوك الطيور الجارحة عندما تتناول وليمتها ( الصقور والنسور والعقبان )!
وهناك رأي للشيخ رشيد رضا وأستاذه محمد عبده بهذا الخصوص - مجلة المنار - ( حقيقة الطير الأبابيل : ليس عندنا دليل نقلي عن الله ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم نعرف به حقيقة تلك الطير ؛ ولكن جاء في الأخبار التاريخية التي كانت العرب تتناقلها أن أصحاب الفيل الذين جاءوا لهدم بيت الله تعالى في مكة أصابهم وباء الجدري والحصبة فأهلكهم ، فالظاهر أن تلك الطير الأبابيل أي الجماعات هي التي حملت إليهم جراثيم هذا المرض بصفة وبائية ، إذ رمتهم بحجارة من سجيل وهو الطين المتحجر ، وقد روي أنها جاءت من البحر ، فيظهر أنها كانت ملوثة بسم المرض من مستنقع في شاطئه فأصاب أبدانهم من جروح أحدثتها بها أو كانت فيهم ، واختلطت بطعامهم وشرابهم ،وجوَّز شيخنا - محمد عبده - في تفسير السورة أن تكون تلك الطير من الأحياء الصغيرة التي تسمى في عرف أطباء هذا العصر بالميكروبات ) . قال الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في تفسيره للسورة في جزء عم: ( وفي اليوم الثاني فشا في جند الجيش داء الجدري والحصبة . . قال عكرمة : وهو أول جدري ظهر ببلاد العرب ، وقال يعقوب بن عتبة فيما حدث : إن أول ما رؤيت الحصبة والجدري ببلاد العرب ذلك العام . وقد فعل الوباء بأجسامهم ما يندر وقوع مثله . فكان لحمهم يتناثر ويتساقط فذعر الجيش وصاحبه وولوا هاربين ، وأصيب قائد الجيش ، ولم يزل يسقط لحمه قطعة قطعة وأنملة أنملة حتى انصدع صدره ومات في صنعاء ) .( هذا أول ما اتفقت عليه الروايات ويصح الاعتقاد به وقد بينت لنا هذه السورة الكريمة أن ذلك الجدري أو تلك الحصبة نشأت من حجارة يابسة سقطت على أفراد الجيش بواسطة فرق عظيمة من الطير مما يرسله الله مع الريح ) ، ( فيجوز لك أن تعتقد - الكلام للشيخ محمد عبده - أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض , وأن تكون هذه الحجارة من الطين المسموم اليابس الذي تحمله الرياح فيعلق بأرجل هذه الحيوانات , فإذا اتصل بجسد دخل في مسامه , فأثار فيه تلك القروح التي تنتهي بإفساد الجسم وتساقط لحمه . وأن كثيرا من هذه الطيور الضعيفة يعد من أعظم جنود الله في إهلاك من يريد إهلاكه من البشر , وأن هذا الحيوان الصغير - الذي يسمونه الآن بالميكروب - لا يخرج عنها . وهو فرق وجماعات لا يحصي عددها إلا بارئها . . ولا يتوقف ظهور أثر قدرة الله تعالى في قهر الطاغين , على أن يكون الطير في ضخامة رؤوس الجبال , ولا على أن يكون من نوع عنقاء مغرب , ولا على أن يكون له ألوان خاصة به , ولا على معرفة مقادير الحجارة وكيفية تأثيرها . . فلله جند من كل شيء ) ...


وأختم هذا الطرح بتساؤل هام وجوهري وله صلة وثيقة بصُلب الموضوع يقول تعالى في كتابه العزيز :



* ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً )
* ( وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ )
* ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ )

هذه الآيات القرآنية لا تتماشى مع الأحداث التي تعرضت لها الكعبة والحجاج على يد القرامطة أو على يد يزيد عندما حاصرها وقصفها بالمنجنيق وأصبحت ساحة قتال في عهده ؟
وان كنتُ أميل لرؤية خاصة وهي أن الكعبة وأهلها ( كفار قريش ) لم يتعرضا لسخط الله وغضبه كما جرى مع الاقوام السابقون الذين كانوا يُعاجلون بالعقوبة في الدنيا على كفرهم وفجورهم بأن يُرسل عليهم وباءاً أو ريحاً أو يقلب قُراهم راساً على عقب فهذا الأمر لم تتعرض له مكة التي حاربت المصطفى عليه السلام وأخرجته رغم أن كفار قريش لم يختلفوا عن الكفار السابقين بل كانوا على الأغلب أقسى منهم وأشد كفراً وغطرسة وتكبراً على الله ورسوله عليه السلام ؟



والله تعالـــى أعلــم

اعجبني فنقلته للاطلاع

سنابل 22 - 10 - 2010 02:30 PM


ملك القلوب 29 - 10 - 2010 01:37 AM

متميز ومتألق دائما
ننتظر جديدك
تحياتي لك على الطرح

زهرة عمان 29 - 10 - 2010 11:13 PM


روح., 16 - 11 - 2010 09:41 PM

مشكور يا بائع الورد على الموضوع المتميز
نقل موفق
تحياتي لك

أبو جمال 17 - 11 - 2010 03:51 PM

مشكور بائع الورد
لي عودة لاكمال قراءة الموضوع بإذن الله سبحانه وتعالى

الآماكن 31 - 12 - 2010 09:20 PM

http://vb.eyesweb1.net/images/smilie...rum2/eye76.gif

موضوع مميّز من يدِ مميّزه
بارك الله فيك
تقديري لك ولجهودك


الساعة الآن 04:58 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى