![]() |
المجرورات
المجرورات أولا ـ المجرور بحرف الجر : تعريف حرف الجر : يعرف أكثر النحاة المتقدمين حرف الجر بأنه : ما دل على معنى في غيره ، أي بارتباطه مع غيره من الكلام . والواقع أن الحروف عموما ، ومنها حرف الجر تدل على معان سواء ارتبطت بغيها ، أم لم ترتبط ، وقد أوضحنا ذلك مفصلا في باب الأحرف . والدليل على أن كثيرا من أحرف الجر يفاد منها المعنى المطلوب سواء أكانت ابتداء ، أم تبعيضا ، مثل " من " ، أو غاية مثل " إلى ، وحتى " ، وهناك أيضا بعض التراكيب في اللغة العربية دليل على أن حرف الجر يفيد معنى في ذاته ، ومنه قولهم : " رغبت في " ، فحرف الجر " في " هو الذي حدد المعنى المراد في التركيب السابق ، وهو الرغبة في الشيء ، وقولهم : " رغبت عن " نجد أن حرف الجر عن هو الذي حدد عدم الرغبة في الشيء . علة تسمية الجار والمجرور بشبه الجملة ، وضرورة تعلقه بغيره : ـ إن الجار والمجرور ، وكذلك الظرف ـ سبق الحديث ـ يسمى في اللغة العربية ، وفي غيرها من اللغات الأخرى بشبه الجملة ، وأن هذه التسمية تعود لأسباب أهمها : أن الجار والمجرور لا يؤديان في الكلام إلى معنى مستقل ، ولكن هذا المعنى الذي يؤديانه يكون فرعيا ، لذلك تكون الجملة ناقصة ، ولنقصانها أطلق عليها شبه جملة ، أي : جملة غير مكتملة لأداء المعنى ، كما أن الجار والمجرور ينوبان في الأغلب الأعم عن الجملة وينتقل إليهما ضمير متعلقهما . فعندما نقول : محمد في المدرسة . يستفاد من ذلك : أن محمدا استقر في المدرسة ، فيكون الجار والمجرور قد ناب عن الخبر المحذوف ، وهو الفعل " استقر " وفاعله . وكذلك الحال بالنسبة للضمير المستتر في الفعل قد انتقل مضمرا أيضا إلى الجار والمجرور . ومعنى أن الجار والمجرور لا بد أن يكون متعلقا ، لأنه ــ كما ذكرنا ــ لا يؤدي معنى كاملا في الجملة ، ولكن المعنى الذي يؤديه يكون فرعيا متمما للمعنى الذي يؤديه الفعل ، أو شبهه ، وهذا يعني أن الجار والمجرور يرتبط بمعنى الفعل ، أي يتعلق به . نحو : ذهب الطالب إلى المدرسة . فالجار والمجرور تعلقا بالفعل " ذهب " ، أي أن شبه الجملة قد ارتبط بالحدث الذي دل عليه الفعل . لأن قولنا : ذهب الطالب . معنى أدته الجملة تأدية كاملة ، للدلالة على الحدث والزمن في آن واحد ، ولكن زيادة شبه الجملة " إلى المدرسة " معناه زيادة معنى فرعي إلى معنى الجملة السابقة ، وهذا المعنى الفرعي الذي حدد المكان الذي ذهب إليه الطالب لا بد أن يرتبط مع ما سبقه في الحدث الذي يدل عليه الفعل وكذلك المكان ، أو الحيز الذي أفده الاسم المجرور . ومن هنا نقول " إلى المدرسة " جار ومجرور متعلقان بالفعل " ذهب " ، أو شبه الجملة متعلق بالفعل " ذهب " . وكذلك الحال إذا قلنا : الفلاح في الحقل . فالجار والمجرور ، أي شبه الجملة قد تعلق بمحذوف خبر للمبتدأ الذي هو " الفلاح " ، والجار والمجرور ليس في الأصل بالخبر ، لأنه لا بد من تعلقهما بما يدل على الحدث الذي أفاده المبتدأ . كما أوضحنا في الفعل . وتقدير الخبر الذي تعلق به الجار والمجرور هو : كائن ، أو مستقر ، أو الفلاح كان ، أو استقر في الحقل . ومما سبق يتضح أن شبه الجملة يتعلق بالفعل ، كما أنه يتعلق بما يشبه الفعل ، أي من كل كلمة تدل على حدث ، ومما تتعلق به شبه الجملة غير الفعل الآتي : ـ 1 ـ اسم الفعل . نحو : أف للغادر . للغادر جار ومجرور متعلقان باسم الفعل " أف ". 2 ـ اسم الفاعل . نحو : أنا مسافر على متن الطائرة . " على متن " جار ومجرور متعلقان باسم الفاعل " مسافر " . 3 ـ المصدر . نحو : أفضل القراءة في الصباح . " في الصباح " جار ومجرور " شبه جملة " متعلقان بالمصدر " قراءة " . 4 ـ الصفة المشبهة . نحو : محمد شجاع في قول الحق . " في قول " جار ومجرور متعلقان بالصفة المشبهة " شجاع " . 5 ـ بصيغة المبالغة . نحو : أنت حمال للضر . 1 ـ ومنه قوله تعالى : { فعال لما يريد }1 . " لما " جار ومجرور متعلقان بصيغة المبالغة " فعال " . 6 ـ ويتعلق بالاسم الجامد المؤول بالمشتق . نحو : أنت كالأسد في الشجاعة . ومنه قول الشاعر : أنت كالكلب في الوفاء وكالتيس في مقارعة الخصوم الشاهد قوله : في الوفاء ، وفي مقارعة . فكل من الجار والمجرور قد تعلق بالاسم الجامد المؤول بالمشتق وهو : الكلب في صدر البيت لأنه بمعنى " أمين " ، والتيس في عجز البيت لأنه بمعنى " مقدام أو شجاع . ــــــــــ 1 ـ 16 البروج . أقسام الجار والمجرور : تنقسم أحرف الجر من حيث العمل في الظاهر والمضمر إلى قسمين : ـ أولا ـ ما يعمل في الظاهر ، والمضمر على حد سواء وهو : من ، إلى ، عن ، على ، في ، اللام ، الباء ، خلا ، عدا ، وحاشا . مثال الاسم الظاهر : خرجت من المسجد . 2 ـ ومنه قوله تعالى : { وأعرض عن المشركين } 1 . ومثال الضمير : أخذت منه القلم . 3 ـ ومنه قوله تعالى : { وهو الذي أنزل إليكم الكتاب } 2 . وقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منا }3 . ثانيا ـ ما يختص بالاسم الظاهر : ربَّ ، مذ ، منذ ، حتى ، الكاف ، واو القسم ، تاء القسم ، كي . نحو : رب ضارة نافعة . سأنتظرك مذ اللحظة . أقسام حروف الجر من حيث الأصالة ، والزيادة : ـ تنقسم أحرف الجر إلى ثلاثة أقسام على النحو التالي : ـ 1 ـ حروف جر أصلية : هي التي تضيف المعنى الفرعي إلى ركني الجملة كما أوضحنا سابقا ، ولا بد من تعلقه . نحو : جلس محمد في البيت . في البيت جار ومجرور متعلقان بالفعل " جلس " . 2 ـ حروف جر زائدة : هي التي لا تضيف معنى فرعيا إلى ركني الجملة ، ولكنها تساعد على ربط ـــــــــــــــ 1 ـ 106 الأنعام . 2 ـ 114 الأنعام . 3 ـ 39 النور . الجملة وتقويتها ، ولا تتعلق البتة . نحو : ما التقيت بأحد . بأحد : الباء حرف جر زائد ، وأحد مفعول به ، مجرور لفظا منصوب محلا . أو منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الحر الزائد . 4 ـ ومنه قوله تعالى : { لست عليهم بمسيطر }1 . 5 ـ وقوله تعالى : { وكفى بالله شهيدا }2 . وحروف الجر التي تستعمل أصلية وزائدة هي : من ، الباء ، الكاف ، واللام . 3 ـ حروف جر شبيه بالزائد : وهي الحروف التي تضيف للجملة معنى جديدا ، ولكنها لا تتعلق بها . ولا يوجد حروف جر شبيهة بالزائدة إلا " ربَّ " . نحو : رب قول أحسن من عمل . رب : حرف جر شبيه بالزائد مبني على الفتح لا محل له من الإعراب . قول : مبتدأ مرفوع الضمة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد . أحسن : خبر مرفوع بالضمة . من عمل : جار ومجرور متعلقان بـ : أحسن " . معاني حروف الجر : ـ حروف الجر واحد وعشرون حرفا ، منها ما يدخل في باب الحرف ، ومنها ما يدخل في باب الفعل ، ومنها ما هو شاذ في عمله ، وبعضها لا يجر إلا بشروط ، وقد أشرنا لكل منها في باب الحرف ، ويهمنا في هذا المقام أن نتحدث عن حروف الجر التي تعمل بلا قيد ولا شرط ، وبدون تكلف ، وهذا منهجنا في هذه الموسوعة ، وعيه تكون حروف الجر العاملة في اللغة العربية ، والتي في متناول الدارس أربعة عشر حرفا ممثلة في الآتي : ــــــــــــــــ 1 ـ 22 الغاشية . 2 ـ 79 النساء . من ، عن ، على ، في ، إلى ، مذ ، منذ ، رب ، الكاف ، اللام ، التاء ، الباء ، الواو ، وحتى . وإليك معانيها مفصلة . أولا ـ من : تأتي لكثير من المعاني : 1 ـ لابتداء الغاية في الأمكنة ، والأزمنة . ابتداء الغاية في الأمكنة . نحو : خرج المصلون من المسجد . 6 ـ ومنه قوله تعالى : { من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى }1 . وقوله تعالى : { فأنزلنا من السماء ماء }2 . وابتداء الغاية في الأزمنة وهو قليل . نحو : انتظرتك من الصباح حتى الظهيرة . ومنه قوله تعالى : { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم }3 . فـ " من " في المجموعة الأولى جر جرَّ أسماء مكانية وهي كلمة : المسجد ، في المثال ، وفي الآية ، وذلك يعني ابتداء الغاية في تلك الأمكنة . وفي المجموعة الثانية قد جرت أسماء زمانية وهي كلمة : الصباح ، وكلمة أول ، في كل من المثال ، والآية ، ومعنى " في " في هذه المجموعة يدل على ابتداء الغاية في تلك الأزمنة . 2 ـ تأتي للتبعيض ، وهو اقتطاع جزء من كل . نحو : أكلت من الطعام ، وأنفقت من المال . 7 ـ ومنه قوله تعالى : { حتى تنفقوا مما تحبون } 4 . وقوله تعالى : { وبما أنفقوا من أموالهم }5 . والدليل على اعتبار " من " تبعيضية فقد قرئت الآية { حتى تنفقوا مما تحبون } في بعض القراءات { حتى تنفقوا بعض ما تحبون } ، لأن من علامات ذلك أن تخلف ـــــــــــــــ 1 ـ 1 الإسراء . 2 ـ 22 الحجر . 3 ـ 108 التوبة . 4 ـ 92 آل عمران . " من " كلمة " بعض " . ومنه قوله تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله }5 . 3 ـ لبيان الجنس : نحو : له عمامة من حرير . واشتريت ثوبا من قطن . 8 ـ ومنه قوله تعالى : { فاجتنبوا الرجس من الأوثان }1 . وغالبا ما تأتي " من " التي تفيد التبعيض بعد " ما ، ومهما " لفرط إبهامهما ، وعلامة ذلك يصح أن يخلفها اسم الموصول . 9 ـ نحو قوله تعالى : { ما يفتح الله للناس من رحمة } 2 . وقوله تعالى : { مهما تأتنا به من آية }3 . وقوله تعالى : { من أساور من ذهب }4 . 4 ـ تأتي " من " للتعليل . نحو : جزع من الخوف ، وأرهق من العمل . 10 ـ ومنه قوله تعالى : { مما خطيئاتهم أغرقوا }5 . وقوله تعالى : { كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة }6 . وقوله تعالى : ر وأخواتكم من الرضاعة }7 . 5 ـ تأتي بمعنى البدل . نحو : قبلت بالغث من السمين . 11 ـ ومنه قوله تعالى : { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة }8 . والمعنى أن الله يخاطب المؤمنين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، ويعاتبهم ، ويوبخهم على هذا التخلف ، فهم قد رضوا بنعيم الدنيا ومتاعها الفاني بدل نعيم الآخرة ، وثوابها الباقي (9) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ 33 النساء . 2 ـ 30 الحج . 3 ـ 2 فاطر . 4 ـ 132 الأعراف . 5 ـ 31 الكهف . 6 ـ 25 نوح . 7 ـ 50 ، 51 المدثر . 8 ـ 22 النساء . 9 ـ 38 التوبة . 10 ـ تفسير ابن كثير ج2 ص 35 . وصفوة التفاسير لمحمد الصابوني ج1 ص535 . 6 ـ للتأكيد . وهي من الزائدة ، بشرط أن يكون مجرورها : أ ـ نكرة . ب ـ أن يسبقها نفي ، أو نهي ، أو استفهام بـ " هل " . ويكون مجرورها النكرة فاعلا . نحو : لا يبخل من معلم بعلمه . هل تأخر من أحد ؟ 12 ـ ومنه قوله تعالى : { ما يأتيهم من ذكر }1 . أو مفعولا به . نحو : لم أر من زائر . هل أهملت من واجب . 13 ـ ومنه قوله تعالى : { هل تحسبن منهم من أحد }2 . وقوله تعالى : { هل ترى من فطور }3 . وقوله تعالى : { وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون }4 . أو يكون مبتدأ . نحو : ليس للمهمل من منزلة . وما للسارق من أمان . 14 ـ ومنه قوله تعالى : { هل من خالق غير الله }5 . وقوله تعالى : { وما له في الآخرة من خلاق }6 . أو مفعولا مطلقا . نحو : ما أحسن إنسان من إحسان إلا أثابه الله . 7 ـ تأتي " من " بمعنى " في " نحو : سأرحل من أول الشهر . والمعنى : في أول الشهر . 15 ـ ومنه قوله تعالى : { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة }7 . وقوله تعالى : { ماذا خلقوا من الأرض }8 . 8 ـ وتأتي بمعنى " إلى " . نحو : اقترب منك . أي إليك . 9 ـ تأتي بمعنى " الباء " . نحو : أمسكته من يده . أي : بيده . 16 ـ ومنه قوله تعالى : { ينظرون من طرف خفي }9 . ـــــــــــــــــــــــــ 1 ـ 2 الأنبياء . 2 ـ 98 مريم . 3 ـ 3 الملك . 4 ـ 208 النمل .5 ـ 3 فاطر . 6 ـ 200 البقرة . 7 ـ 9 الجمعة . 8 ـ 40 فاطر . 9 ـ 45 الشورى . 10 ـ وبمعنى " عن " . نحو : لا تبتعد من هذا المكان . أي : عن هذا المكان . 17 ـ ومنه قوله تعالى : { يا ويلتنا قد كنا في غفلة من هذا }1 . 11 ـ وبمعنى " على " . نحو : لعل الله ينصفنا من الظلم . والتقدير : على الظلم . 18 ـ ومنه قوله تعالى : { ونصرناه من القوم الذين كذبوا }2 . ثانيا ـ " عن " ، تأتي لعدة معان : 1 ـ تكون للمجاورة . نحو : رحلت عن المدينة . ورغبت عن ودك . ورميت عن القوس . 2 ـ بمعنى البدل . نحو : قم عنب بهذا الأمر . 19 ـ ومنه قوله تعالى : { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا }3 . 3 ـ بمعنى " بَعْدَ " . نحو : سحابة صيف عن قريب تقشع . أي : بعد قريب . 20 ـ ومنه قوله تعالى : { طبقا عن طبق }4 . وقوله تعالى : { عما قليل ليصبحن نادمين }5 . 4 ـ وتأتي للتعليل 21 ـ نحو قوله تعالى : { وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك }6 . وقوله تعالى : { وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه }7 . 5 ـ بمعنى " على " . إذا رضيتم عني فلم أترككم . 22 ـ ومنه قوله تعالى : { فإنما يبخل عن نفسه }8 . وقوله تعالى : { وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله }9 . 6 ـ وبمعنى " من " :23 ـ كقوله تعالى : { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده }10 . ــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ 97 الأنبياء . 2 ـ 77 الأنبياء . 3 ـ 23 البقرة . 4 ـ 19 الانشقاق . 5 ـ 40 المؤمنون . 6 ـ 53 هود . 7 ـ 115 التوبة . 8 ـ 38 محمد . 9 ـ 8 الطلاق . 10 ـ 105 التوبة . وقوله تعالى : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا }1 . ثالثا ـ " على " ، تأتي لمعان أهمها : 1 ـ تأتي للاستعلاء الحسي . نحو : ركبت على الفرس ، ووضعت الكتاب على المنضدة . 24 ـ ومنه قوله تعالى : { على الأرائك ينظرون }2 . وقوله تعالى : { وعلى الفلك تحملون }3 . وللاستعلاء المعنوي . نحو : كنا على علم بقدومك . 25 ـ ومنه قوله تعالى : { فضلنا بعضهم على بعض }4 . وقوله تعالى : { فأنزل الله سكينته على رسوله }5 . 2 ـ تأتي بمعنى المصاحبة . 26 ـ نحو قوله تعالى : { وآتي المال على حبه }6 . وقوله تعالى : { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم }7 . 3 ـ تأتي بمعنى الظرفية ، أي بمعنى ( في ) . نحو قولهم : أخذه على حين غرة . 27 ـ ومنه قوله تعالى : { أفتمارونه على ما يرى }8 . 4 ـ تأتي للتعليل . 28 ـ نحو قوله تعالى : { ولتكبروا الله على ما هداكم }9 . 5 ـ تأتي بمعنى الاستدراك . نحو : لم يحالفني الحظ على أنني لم أيأس . واذهب إلى الحفل على أن تعود مبكرا . ــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ 16 الأحقاف . 2 ـ 23 المطففين . 3 ـ 22 المؤمنون . 4 ـ 253 البقرة . 5 ـ 26 الفتح . 6 ـ 177 البقرة . 7 ـ 6 الرعد . 8 ـ 12 النجم . 9 ـ 185 البقرة . ومنه قول الشاعر : بكل تداوينا فلم يشف ما بنا على أن قرب الدار خير من البعد الشاهد قوله : " على أن " حيث استدرك بها حديثه في الشطر الأول من البيت . 6 ـ تتضمن على معنى ( عن ) . نحو : رضيت عنك . 2 ـ ومنه قول الشاعر : إذا غضبت عليَّ بنو نمير حسبت الناس كلهم غضابا 7 ـ تتضمن معنى ( عن ) . 29 ـ نحو قوله تعالى : { إذا اكتالوا على الناس يستوفون }1 . 8 ـ وتتضمن معنى ( الباء ) . نحو : رميت على القوس . والتقدير : مستعينا بها . ومنه قولهم : حريٌّ على أن تقول الصدق . رابعا ـ " في " : 1 ـ تأتي للظرف الحقيقي . نحو : في الإبريق ماء . والطالب في المدرسة . 30 ـ ومنه قوله تعالى : { يوم ينفخ في الصور }2 . وقوله تعالى : { إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض }3 . كما تأتي للظرف المجازي . نحو : نظرت في الأمر . 31 ـ ومنه قوله تعالى : { ولكم في القصاص حياة }4 . وقوله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }5 . 2 ـ تأتي للتعليل . نحو : مات في مزاح . وقتل كليب في ناقة . ومنه قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ " دخلت امرأة النار في هرة حبستها " . ـــــــــــــــــــــــــــــ 1ـ 2 المطففين .2 ـ 103 طه . 3 ـ 94 الكهف . 4 ـ 179 البقرة . 5 ـ 21 الأحزاب . 32 ـ ومنه قوله تعالى : { لمسكم فيما أخذتم }1 . 3 ـ تأتي للمصاحبة . نحو : خرج الأمير في موكبه . 33 ـ ومنه قوله تعالى : { قال ادخلوا في أمم }2 . 4 ـ تأتي للمقايسة . نحو : ما ذنبنا في عفوك إلا هفوة . 34 ـ ومنه قوله تعالى : { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل }3 . 5 ـ تتضمن معنى ( على ) ، وتسمى " في " الاستعلائية . 35 ـ نحو قوله تعالى : { ولأصلبنكم في جذوع النخل }4 . 6 ـ تتضمن معنى " إلى " . 36 ـ نحو قوله تعالى : { فردوا أيديهم في أفواههم }5 . 7 ـ تتضمن معنى " الباء " . نحو : هو بصير في المسألة . أنت خبير في شؤون الدولة . 3 ـ ومنه قول الشاعر : بصيرون في طعن الأباهر والكلى والتقدير : بطعن الأباهر والكلى . 8 ـ وتتضمن معنى " من " . 4 ـ كقول الشاعر : وهل يَعِمنْ من كان أحدث عهده تلاقين شهرا في ثلاثة أحوال خامسا ـ " إلى " : 1 ـ تأتي لانتهاء الغاية المكانية ، والزمانية . نحو : ذهبت إلى المدرسة . ـــــــــــــــــ 1 ـ 68 الأنفال . 2 ـ 38 الأعراف . 3 ـ 38 التوبة . 4 ـ 71 طه . 5 ـ 9 إبراهيم . وصمت إلى العشاء . 37 ـ ومنه قوله تعالى { من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى }1 . ومثال انتهاء الغاية الزمانية : 38 ـ قوله تعالى { وأتموا الصيام إلى الليل }2 . 2 ـ تأتي للمصاحبة . نحو : جلست إلى الضيف . 39 ـ ومنه قوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم }3 . 3 ـ تأتي بمعنى " عند " . وهي المبينة لفاعلية مجرورها ، لذلك يسميها النحاة البينة ، لأنها تبين أن مصحوبها فاعل لما قبلها ، وذلك بعدما يفيد حبا ، أو بغضا من أفعل تعجب ، أو تفضيل . نحو : ما أبغض الخائن إلىَّ ، والمطالعة أحب إلىَّ من اللعب . 40 ـ ومنه قوله تعالى : { ربِّ السجن أحب إلىَّ }4 . 4 ـ وتضمن " إلى " معنى " في " نحو قوله تعالى : { ليجعلكم إلى يوم القيامة }5 . وتضمن معنى " اللام " نحو : تركت الأمر إليك . أي : لك . ويقال إن " إلى " في هذا المقام تكون لانتهاء الغاية . أي : الأمر منته إليك . سادسا ـ حتى : تأتي لانتهاء الغاية . نحو : سرت حتى الكعبة . ويلاحظ من ذلك أن ما بعد حتى لم يدخل في حكم ما قبلها إلا إذا دلت عليه القرينة . نحو : بذلت مالي حتى آخر درهم في سبيل العلم . 41 ـ ومنه قوله تعالى : { سلام هي حتى مطلع الفجر }6 . ــــــــــــــــــــــــ 1 ـ 1 الإسراء . 2 ـ 187 البقرة . 3 ـ 2 النساء .4 ـ 33 يوسف . 5 ـ 87 النساء .6 ـ 5 الفجر . سابعا ـ الكاف : 1 ـ تأتي للتشبيه ، وهذا هو الأصل في معانيها . نحو : أنت شامخ كالطود . ومحمد كالأسد . 42 ـ ومنه قوله تعالى : { وردة كالدهان }1 . 2 ـ تأتي للتعليل . 43 ـ نحو قوله تعالى : { واذكروه كما هداكم }2 . أي : لهدايته إياكم . 3 ـ تأتي للتوكيد ، وهي الكاف الزائدة في الإعراب . 44 ـ نحو قوله تعالى : { ليس كمثله شيء }3 . والتقدير : ليس شيء مثله . وتستعمل الكاف في التمثيل بما لا مثيل له . كأن تقول : " إن من الحروف ما لا يقبل الحركة كالألف " . ويقال لها كاف الاستقصاء . 4 ـ وتضمن الكاف معنى " على " وهي ما تعرف بكاف الاستعلاء . كأن تأتي الكاف في الإجابة على سؤال كالتالي : كيف أصبحت ؟ فتقول : كخير . أي : على خير . ومنه قولهم : كن كما أنت . أي : ثابتا على ما أنت عليه . ثامنا ـ اللام : للام معان كثيرة منها ما يمكن الاستفادة منه في الحياة العملية ، وما يرجوه طالب العلم ، ومنها ما هو نادر الاستعمال . وهنا سنذكر الاستعمالات التي يمكن الاستفادة منها ، وهي كالتالي : 1 ـ تأتي للملك : نحو : المنزل لأخي . والكتاب للطالب . 45 ـ ومنه قوله تعالى : { لله ما في السموات والأرض }4 . كما تأتي لشبه الملك ، وتعرف بلام الاختصاص . نحو : الفوز للمجتهدين . ــــــــــــــــــ 1 ـ 37 الرحمن . 2 ـ 198 البقرة . 3 ـ 11 الشورى . 4 ـ 26 لقمان . واللجام للفرس . 46 ـ ومنه قوله تعالى : { الحمد لله }1 . وقوله تعالى : { ويل للمطففين }2 . كما تعرف بلام الاستحقاق . نحو : الويل للناكثين . والنار للكافرين . 2 ـ تأتي للتعليل : نحو : هربت للخوف . وحضرت لزيارتك . 47 ـ ومنه قوله تعالى : { لتحكم بين الناس }3 . ومنه قول الشاعر : وإني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر 3 ـ تأتي للصيرورة ، وتسمى لام العاقبة ، أو لام المآل . 48 ـ نحو قوله تعالى : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا }4 . 4 ـ تأتي للتوكيد ، وهي اللام الزائدة . 5 ـ كقول الشاعر : " ملكا أجار لمسلم ومعاهد " 5 ـ تأتي لتقوية العامل إذا ضعف . ويكون ضعف العامل للأسباب التالية : أ ـ إما لكونه فرعا في العمل . 49 ـ نحو قوله تعالى : { مصدقا لما معهم }5 . وقوله تعالى : ر فعال لما يريد }6 . وتكون اللام في هذه الحالة للتقوية . ب ـ أو لتأخره عن المعمول . 50 ـ نحو قوله تعالى : { إن كنتم للرؤيا تعبرون }7 . ـــــــــــــــــــــــ 1 ـ 2 الفاتحة . 2 ـ 1 المطففين . 3 ـ 105 النساء . 4 ـ 8 القصص . 5 ـ 91 البقرة . 6 ـ 16 البروج . 7 ـ 43 يوسف . وقوله تعالى : { للذين هم لربه يرهبون }1 . 6 ـ وتأتي للتعجب . نحو : لله دره رجلا ، ويا للفرح . وتستعمل اللام في هذه الحالة مفتوحة بعد الياء . 7 ـ تأتي للتبليغ . نحو : قلت للرجل . 8 ـ تأتي للتعدية . وهي الواقعة بعد فعل تعجب ، أو تفضيل لتبين أن ما بعدها مفعول لما قبلها . نحو : ما أجمع الرجل للمال . 9 ـ تأتي لانتهاء الغاية ، وهو قليل . 51 ـ نحو قوله تعالى : { كل شيء يجري لأجل مسمى }2 . 10 ـ تأتي للوقت ، وتسمى لام الوقت ، أو لام التاريخ . نحو : كتب الخطاب لغرة ربيع الأول . أي : عند غرته . 11 ـ وتضمن معاني الحروف التالية : أ ـ تضمن معنى " على " . 52 ـ نحو قوله تعالى : { يخرون للأذقان سجدا }3 . أي : على الأذقان . ب ـ تضمن نعنى " في " . نحو قولهم : مضى لسبيله . 53 ـ ومنه قوله تعالى : { ونضع الموازين القسط يوم القيامة }4 . وقوله تعالى : { لا يجلبها لوقتها إلا هو }5 . وقوله تعالى : { إني جاعلك للناس إماما }6 . ج ـ تضمن معنى " عن " . 54 ـ نحو قوله تعالى : { قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا }7 . ـــــــــــــــــــــــــ 1 ـ 154 الأعراف . 2 ـ 2 الرعد . 3 ـ 107 الإسراء . 4 ـ 47 الأنبياء . 5 ـ 187 الأعراف . 6 ـ 124 البقرة . 7 ـ 38 الأعراف . تاسعا ـ " الباء " ، تشتمل الباء كحرف من حروف المعاني ، على معان كثيرة ، تتحدد من خلال استعمالها لربط الكلام ، وتكوين جملة مفيدة . ومن معانيها الآتي : 1 ـ تأتي للإلصاق الحقيقي والمجازي . مثال الإلصاق الحقيقي : أمسكت بيده . 55 ـ ومنه قوله تعالى : { حتى يأتنا بقربان }1 . وقوله تعالى : { أيكم يأتني بعرشها }2 . ومثال الإلصاق المجازي : مررت به . 56 ـ ومنه قوله تعالى : { حتى يأتي الله بأمره }3. وقوله تعالى : { فليأتكم برزق منه }4 . تأتي بمعنى الاستعانة . أي استعنت بالشيء ، نحو : كتبت بالقلم . 57 ـ ومنه قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر }5 . وقوله تعالى : ر قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا }6 . 3 ـ تأتي بمعنى التعدية . نحو : ذهبت بمحمد . ومنه قوله تعالى : { ذهب الله بنورهم }7 . وقوله تعالى : { لو شاء الله لذهب بسمعهم }8 . 4 ـ تأتي للتعليل . نحو : قتل بذنبه . ومات بظلمه . 59 ـ ومنه قوله تعالى : { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم }9 . وقوله تعالى : { فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم }10 . ــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ 183 آل عمران . 2 ـ 38 النمل . 3 ـ 109 البقرة .4 ـ 19 مريم . 5 ـ 153 البقرة . 6 ـ 127 الأعراف . 7 ـ 17 البقرة . 8 ـ 20 البقرة . 9 ـ 160 النساء . 10 ـ 13 المائدة . 5 ـ تأتي للسببية . 60 ـ نحو قوله تعالى : { أخذته العزة بالإثم }1 . وقوله تعالى : { فأخذناهم بما كانوا يكسبون }2 . 6 ـ تضمن معنى " من " ، وتسمى باء التبعيض . 61 ـ نحو قوله تعالى : { عينا يشرب بها عباد الله }3 . 7 ـ تضمن معنى " على " ، وتسمى باء الاستعلاء . 62 ـ نحو قوله تعالى : { إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك }4 . وقوله تعالى : { من إن تأمنه بقنطار }5 . 8 ـ تضمن معنى " في " ، وتسمى باء الظرفية . 63 ـ نحو قوله تعالى : { الذين تمنوا مكانه بالأمس }6 . وقوله تعالى : { للذي ببكة }7 . وقوله تعالى : { فأصبحتم بنعمته إخوانا }8 . وقوله تعالى : { وما كنت بجانب الغربي }9 . وقوله تعالى : { نجيناهم بسحر }10 . 9 ـ وتضمن معنى " عن " . 64 ـ نحو قوله تعالى : { فاسأل به خبيرا }11 . 10 ـ تأتي للبدلية . نحو : ما يسرني أني اقتنيت المال بالعلم . 65 ـ ومنه قوله تعالى : { اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة }12 . وقوله تعالى : { يشترون الحياة الدنيا بالآخرة }13 . وقوله تعالى : { أن النفس بالنفس }14 . ـــــــــــــــــــــ 1 ـ 206 البقرة . 2 ـ 96 الأعراف . 3 ـ 16 الإنسان . 4 ، 5 ـ 75 آل عمران . 6ـ 82 القصص . 7 ـ 96 آل عمران . 8 ـ 103 آل عمران . 9 ـ 44 القصص . 10 ـ 43 القمر . 11 ـ 59 الفرقان . 12 ـ 26 البقرة .13 ـ 73 النساء . 14 ـ 45 المائدة . 11 ـ تأتي للتأكيد ، وهي الباء الزائدة . نحو قوله تعالى : { كفى بالله شهيدا }1 . وقوله تعالى : { وكفى بالله وكيلا }2 . 66 ـ وقوله تعالى : { وما نحن بمؤمنين }3 . وقوله تعالى : { وامسحوا برؤوسكم }4 . وقوله تعالى : وما أنتم بمعجزين في الأرض }5 . وقوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }6 . 12 ـ تأتي الباء بمعنى " مع " ، وتعرف بباء المصاحبة . نحو : بعتك الدار بأثاثها . 67 ـ ومنه قوله تعالى : { وقد دخلوا بالكفر }7 . أي : مع الكفر . وقوله تعالى : { واختلط به نبات الأرض }8 . وقوله تعالى : { ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }9 . وقوله تعالى : { ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء }10 . عاشرا ـ الواو ، والتاء : يكونان للقسم ، نحو : والله لأساعدن الضعيف . وتالله لأحفظنَّ ودك . 68 ـ ومنه قوله تعالى : { والقرآن ذي الذكر }11 . وقوله تعالى : { والشمس وضحاها }12 . وقوله تعالى : { والليل إذا يغشى }13 . 69 ـ وقوله تعالى : { تالله إنك لفي ضلالك القديم }14 . وقوله تعالى : { قال تالله إن كدت لتردين }15 . وقوله تعالى : { قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف }16 . ــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ 79 النساء . 2 ـ 48 الأحزاب . 3 ـ 38 المؤمنون . 4 ـ 6 المائدة . 5 ـ 22 العنكبوت . 6 ـ 195 البقرة . 7 ـ 59 الفرقان . 8 ـ 24 يونس . 9 ـ 111 الكهف . 10 ـ 38 يونس . 11 ـ 1 ص . 12 ـ 1 الشمس . 13 ـ 1 الليل . 14 ـ 95 يوسف . 15 ـ 56 الصافات . 16 ـ 85 يوسف . أحد عشر ـ مذ ومنذ : يكونان لابتداء الغاية بمعنى " من " ، إذا كان الزمان ماضيا . نحو : ما حضرت إلى العمل مذ يومين ، أو منذ يومين . ويكونان للظرفية ، إذا كان الزمان حاضرا ، وهما حينئذ بمعنى " في " . نحو : ما رأيته مذ شهرنا ، أو منذ شهرنا . وفي هذا المقام تفيد مذ ومنذ استغراق المدة ’ كما يأتيان بمعنى " من " ، و " إلى " معا إذا كان مجرورهما نكرة معدودا . نحو : ما رأيتك مذ ثلاثة أيام ، أو منذ ثلاثة أيام . اثنا عشر ـ رب : تأتي للتقليل والتكثير ، ويدل على ذلك القرينة التي تعين أحدهما . مثال التقليل : 6 ـ قول الشاعر : " ألا رب مولود ليس له أب " . فالقرينة الدالة على أن ربَّ جاءت للتقليل هو : أن المولود الذي ليس له أب قليل ، بل يكاد ينحصر في سيدنا عيسى عليه السلام . ومنه قولهم : ربَّ أخ لك لم تلده أمك . ومثال التكثير : قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ياربَّ كاسية في الدنيا عارية يوم القايمة . وقول بعض العرب عند انقضاء رمضان : يا رب صائمه لن يصومه . فوائد وتنبيهات : أولا ـ كنت قد استبعد " كي " كحرف من حروف الجر ، لأنها لا تعمل إلا بشرط ، واستعمالها كحرف من حروف النصب أقرب إلى الفهم ، والذوق السليم ، ومع ذلك آثرت ذكرها هنا موضحا الشروط التي يجب أن تتوافر فيها كي تعمل الجر : ـ 1 ـ تختص " كي " بالدخول على " ما " الاستفهامية ، إذا جاءت حرفا من حروف الجر ، وتكون للتعليل ، بمعنى " اللام " . نحو : كيم فعلت هذا . 2 ـ تختص بالدخول على " أن " المصدرية وصلتها . نحو : حضرت كي أبشرك بالنجاح . أي : لبشارتك . فاعتبر النحاة " أن " المصدرية المحذوفة مع الفعل المضارع بمثابة الاسم فدخلت عليه " كي " باعتبارها حرفا من حروف الجر ، لأنه من المتعارف عليه نحويا أن حروف الجر لا تختص بالدخول إلا على الأسماء . وفي رأيي أن ذلك التخيل لأن المحذوفة وتكوينها مع الفعل اسما ، أمر مجهد للعقل من حيث التصور ، وكان يكتفى بـ " كي " في هذه الحالة أن تكون حرفا ناصبا للفعل فقط ، لأن الغرض من دراسة النحو الوصفي ، هو الوصول إلى التطبيق على القواعد الحقيقية بيسر وسهولة ، لا تصور ما يمكن أن يكون ، لذلك أرى أن يعمل بكل كلمة في بابها الصحيح ، لأن هناك في الأبواب النحوية الأخرى ما يستعاض بها في هذا المقام دون تصور أو تخيل . والمقصود من ذلك أن " كي " إذا استعملت في باب النواصب للفعل المضارع ، وكفى خير من توزيعها ، وجعلها مع حروف الجر ، لأنها في باب النواصب تعمل كناصب للفعل بلا قيد أو شرط ، على اعتبار أنها هي الناصبة للفعل ، لا أن المصدرية المضمرة . ثانيا ـ لقد ذكر ابن هشام في أوضح المسالك على شرح الألفية ، بأن هناك بعض حروف الجر ما يشترك لفظها بين الحرفية والاسمية : أي أنها تجيء في مقام حرفا ، كما بينا في أحرف الجر ، وتجيء اسما ، كما سنوضح ذلك الآن بما ذكره النحاة المتقدمون من أمثلة بهذا الخصوص . والحروف المشتركة في لفظها بين الحرفية والاسمية هي : الكاف ، عن ، على ، مذ ، منذ . وهذه أمثلة كما وردت في كتب النحو كشاهد على مجيئها أسماء . 1 ـ الكاف : نحو : محمد كالأسد . ومنه قول الشاعر : " ويضحكن عن كالبرد المنهمِّ " فقد جعل بعض النحاة المتقدمين " الكاف " اسما بمعنى " مثل " ففي المثال الأول قالوا : محمد مثل الأسد . وأعربوا " الكاف " خبرا للمبتدأ محمد ، والأسد مضاف إليه . واستدلوا على اسميتها بدخول حرف الجر " عن " عليها كما في المثال الثاني : " يضحكن عن كالبرد " . لأنه من المتعارف عليه أن حروف الجر لا تدخل على بعضها البعض ، وإنما يكون اختصاص دخولها بالأسماء . فالكاف اسم بمعنى مثل ، لذلك دخل عليها حرف الجر عن ، والتقدير يضحكن عن مثل البرد . وأربوا " مثل " في هذه الحالة اسما مجرورا بدخول " عن "عليها ، وهي مضاف ، والبرد مجرور بالإضافة . ويمكننا القول أن ما ذكر لا يكون إلا من باب التخيل والتصور ، فهو بعيد عن الواقع العملي الملموس الذي وضع النحو من أجله ، ولكن قبل أن نحلل ما ذكره النحاة في هذا الموضوع ، لا بد أن نذكر اختلاف النحاة أنفسهم قديما حول هذه المسألة . فقد ذكر ابن هشام في شرح الألفية أن ورود " الكاف " اسما يختص بالشعر فقط ، وخص ذلك القول بسيبويه ، وغيره من المحققين ، وإن كان الكلام لسيبويه أو غيره فيكفي أن نقول : إن اختصاص اسمية الكاف بالشعر فقط دليل على عدم الجزم بأنها اسم ، لأنه لو كان الأمر كذلك لورد ذكر بعض الآيات القرآنية التي تشتمل على وجود الكاف كاسم لا حرف ، والقرآن شمل كل ما يتعلق باللغة من شواهد ما عدا " مذ ومنذ " لم يرد ذكرهما فيه لا كحرفين ولا اسمين . أما ما ذكره الزمخشري حول الآية القرآنية التي تقول : 70 ـ قال الله تعالى : { إني خالق من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه } فقل ابن هشام والقول للزمخشري : إن دخول حرف الجر " في " على الضمير في قوله " فيه " من الآية السابقة دليل على أن " الكاف " اسم بمعنى " مثل " بدليل عودة الضمير " ها " الغيبة على الكاف في كلمة " كهيئة " . وقد رد ابن هشام نفسه على الزمخشري بقوله : لو كانت الكاف اسما لكان من الحقائق أن نسمع ، أو سمع قولهم " مررت بكالأسد " ، بدخول حرف الجر الباء على الكاف باعتبارها اسما ، ولكن هذا غير وارد في لغة العرب ، ولم يرد له نظير في القرآن الكريم . وخلاصة القول : إذا ما طبقنا قواعد اللغة العربية تطبيقا عمليا ، من خلال التراكيب اللغوية السليمة ، مستدلين بما ورد في القرآن الكريم من آيات ، تطبق التطبيق الصحيح ، وبلا تكلف على تلك القواعد ، فإن هذه القواعد النحوية سوف لا يدخلها التأويل ، وكثرة الوجوه الإعرابية التي نحن في غنى عنها ما دام الغرض من دراسة النحو تقويم اللسان وحفظه من اللحن . وبما أن كلام العربية لا يخرج عن كونه اسما ، أو فعلا ، أو حرفا ، فلماذا يكون الاسم تارة اسما ، وتارة حرفا وذلك حسبما نريد ؟ ولماذا يكون الحرف تارة حرفا ، ويكون تارة أخرى اسما متى تطلب الأمر ذلك ؟ فالكاف وما جعله بعض النحاة معها من بقية الحروف كـ " عن ، وعلى ، ومذ ومنذ " هي في حقيقة الأمر أحرف جر ليس غير ، ولا داعي لأن تكون أسماء ما دام في اللغة من الأسماء ما يفي حاجة المتكلمين . ومن الأمثلة التي أوردها النحاة على اعتبار : عن ، وعلى ، ومذ ومنذ أسماء الآتي : 8 ـ مثال " عن " قول الشاعر : " من عن يميني مرة وأمامي " 9 ـ ومثال " على " قول الآخر : " غدت من عليه بعد تم ضمؤها " ومثال " مذ ومنذ " قولهم : ما رأيته مذ يومان ، أو منذ يوم الجمعة . على اعتبار أن مذ ومنذ مبتدآن ، وما بعدهما خبر . أو على اعتبار أنهما ظرفان وما بعدهما فاعل لكان التامة . والتقدير : مذ كان يومان ، أو منذ كان يوم الجمعة . ومثال اعتبار مذ ومنذ ظرفين دخولهما على الجملة الفعلية . كقول الشاعر : " ما زال مذ عقد ت يداه إزاره " أو دخولها على الجملة الاسمية وهو قليل ، 11 ـ قول الشاعر : " وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع " ويلاحظ مما سبق : 1 ـ أن الأمثلة الواردة في هذا المقام اختصت بالشعر فقط ، لأنه لم يكن هناك ما يستدل به من القرآن الكريم الذي يعتبر الدليل القاطع على صحة الشيء ، ولا سيما تلك القواعد التي يفصل لها النحاة الشواهد الشعرية على قلتها إما لضرورات شعرية ، أو لحذلقة شعرية ، أو ليطبق بها على تلك القواعد دون النظر إلى العقل والمنطق . 2 ـ كما أن مجيء حرف الجر " عن " اسما أوله النحاة بمعنى " جانب " ، وكذلك مجيء حرف الجر " على " اسما فقد أوله النحاة بمعنى " فوق " ، أو " عند " ، وذلك كما يشاء لهم ، وحسب ما تقتضيه القاعدة التي جلبوا لها ذلك الشاهد ، وما عليك أخي القارئ إلا أن تتصور ، وتتأمل ما أراده بعض النحاة . والواقع نقول : إن ما تصنعه النحاة المتقدمون ، وأجهدوا فيه العقل يعتبر عملا يحمدون عليه لما بذلوا فيه من الجهد الذي يستفيد منه من أراد دراسة النحو والتقعر فيه . ولكن من حيث التطبيق لم ينصفوا تلك القواعد ، بل حاولوا جاهدين أن يجعلوا لها شواهد ولو من غير المألوف ، أو ما لا يستوعبه العقل ، ويتقبله المنطق السليم ، لأنه بعيد عن الواقع العملي الملموس . ثالثا ـ وما ذكرناه عن عرفي الجر " عن " ، و " على " يقال في " مذ ومنذ " . فقد لاحظنا أن " مذ ومنذ " هما في الأصل حرفان من أحرف الجر ، ولا جدال في ذلك ، لأن العقل يقره ، والمنطق يؤيده . فعندما نقول : ما رأيته مذ يوم الجمعة ، أو منذ يومين . فذلك أقرب إلى الفهم والصواب . فيوم اسم مجرور بـ " مذ " باعتبارها حرف جر ، وهذا هو الصحيح . أما إذا قلنا كما تصور النحاة المتقدمون ، أو بعضهم أن مذ إذا جاء بعدها مرفوع فهي اسم سواء أكان المرفوع خبرا ، أو مبتدأ ، أو فاعلا لكان التامة المحذوفة باعتبار مذ ظرفا . ولماذا كل هذا التخيل ؟ ولماذا كل هذا البعد عن المحسوس ؟ ولماذا نحن الذين نعين فيما إذا كان الاسم الواقع بعد مذ مرفوعا ، أو مجرورا حتى نضع مسمى " مذ " ، هل هي حرف أو اسم ؟ فإذا قلت إن الاسم الواقع بعد " مذ " ، أو " منذ " مرفوعا كانت مذ اسما ، وأعربت خبرا لكان ، أو سما لها ، أو فاعلا ، وذلك حسب ما أحدده أنا ، إذن لم يكن هناك قاعدة متفق عليها ليجري عليها التطبيق العملي ، ولكن أنا الذي أحدد ، وغيري كذلك يحدد حسب ما يتبادر إلى ذهنه ، أو تصوره . ولو كانت قواعد اللغة تصورات واحتمالات لأصبح لكل نحوي نحو مستقل ، أو كان لكل متكلم بالعربية قواعد توافق ذوقه يضعها متى يشاء ، وحسب مقتضى الكلام الذي يتكلمه ، ويملى عليه حسب إدراكه وتصوره الخاص ، وبهذا يكون النحو لا قواعد موضوعة تبنى عليها التطبيقات ، ولكنه شواهد تنحت لها القواعد كلما اقتضى المقام ذلك . رابعا ـ وأخيرا يمكننا الاستدلال على حرفية كل من : " عن " ، و " على " ، و " الكاف " ، و " مذ ومنذ " كغيرها من حروف الجر ، بأن تلك الأحرف وإن قبلت ـ في الشواهد المذكورة أنفا والمخصصة لها ـ دخول بعض أحرف الجر عليها إلا أنها لم تقبل علامات الاسم : كالتنوين ، والتعريف بأل ، والإضافة ، وهذا خير دليل على حرفيتها . كما أنها لا تقبل علامات الإعراب : كالرفع والنصب والجر . فإن قالوا إن هذه الأسماء لا تأتي إلا مجرورة لقبولها أحرف الجر ، فهذا لا يكفي للدلالة على اسميتها ، لأن عدم قبولها كثيرا من علامات الاسم أولى بإخراجها من باب الأسماء بدلا من قبولها حالة واحدة من حالات الاسم وهو دخول حرف الجر عليها . كما أن دخول حرف الجر عليها مثلما بين لنا النحاة في الأمثلة السابقة كان بتأويل تلك الأحرف بمعاني أخرى لتدخل دائرة الأسماء ، كتأويلهم " الكاف " بمعنى " مثل " ، و " عن " بمعنى " جانب " ، و " على " بمعنى " فوق " أو عند . والذي هو أبعد عن الصواب أنهم لم يجعلوا لمذ أو منذ تعليلا لإدخالها في باب الأسماء ، سوى أنهم جعلوا التعليل مبنيا على التصور العقلي للقارئ أو السامع عندما يقرأ قولهم علة سبيل المثال : ما رأيتك مذ يومان ، أو ما رأيته منذ يوم الجمعة . فإذا تصور القارئ أن كلمة " يومان " ، أو " يوم " في المثالين السابقين مرفوعة ، كانت " مذ " أو " منذ " اسما ، فلماذا لا نتصور ، أو نقرأ كلمة " يومان " ، أو " يوم " على حقيقتها الصحيحة بالجر ، وتكون مذ ومنذ حرفين ، وهذا أقرب إلى الصواب ، |
ما شاء الله
تبارك الرحمن مشكورة اختي العزيزة عاشقة الوطن على طرحك القيم وبارك الله بك تحياتي وتقديري لك على هذا المرجع المبسط دمت بخير وعطاء |
طرحك في منتهي الروعه والفائده في انتظار جديدك ودمت بكل خير |
|
الساعة الآن 05:56 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |