![]() |
اسماء الله الحسنى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دروس اسماء الله الحسنى للدكتور محمد راتب النابلسي / اسم الله الستّير اسم الله : الستير 1 – ( الستّير ) وليس الستَّار : أيها الإخوة الأكارم ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، وهو اسم ( الستير ) ، وقد يدور على ألسنة الناس اسم الستار ، واسم الستار لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة أما الذي ورد اسم ( الستير ) ، فقد ورد هذا الاسم في السنة ، ولم يرد في القرآن مقروناً باسم الحَيِيّ ، والاسم الحقيقي في هذا الموضوع اسم ( الستير ) ، وليس الستار . 2 – ورودُ اسم ( الستّير ) في السنة الصحيحة : هذا الاسم ورد مطلقاً مُنَوّناً ، مراد به العلمية ، دالاً على كمال الوصف . في الحديث الشريف الصحيح عَنْ يَعْلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : (( إِنّ اللهَ عزّ وَجَلّ حَلِيمٌ حَيّ سِتّيرٌ ، يُحِبّ الحَيَاءَ والسّتْرَ ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمُ فَلْيَسْتتِرْ )) . [ النسائي ] وفي سنن البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنه : (( إن الله ستير يحب الستر )) . 3 – لابد أن يكون السترُ من صفات المؤمن : الله عز وجل يقول : ﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ . ( سورة الأعراف الآية : 180 ) . ولا بد من وقفة عند كلمة : ﴿ فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ ، يعني تقربوا إلى الله بالتخلق بالكمالات الإلهية ، ويمكن أن تتقرب إلى الرحيم بأن تكون رحيماً ، ويمكن أن تتقرب إلى العدل بأن تكون منصفاً ، ويمكن أن تتقرب إلى ( الستير ) بأن تكون ستّيراً . الإنسان بين طبع الفضائح وتكليف الستر : ولا بد من التنويه إلى أن طبع الإنسان يقتضي الفضيحة ، يستمتع في أن يذكر فضائح الناس ، وأن يكشف عوراتهم ، وأن يتندر بسقوطهم ، والله عز وجل يقول : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ . ( سورة النور الآية : 19 ) . الإنسان معه طبع ، ومعه تكليف ، الطبع يتناقض مع التكليف ، طبعه يقتضي أن يبقى نائماً ، مسترخياً ، غارقاً في نوم لذيذ ، والتكليف يقتضي أن يستيقظ ليصلي الفجر في جماعة . عَن جُنْدَب بْن عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ )) . [ مسلم ] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا )) . [ متفق عليه] . إذاً : الطبع يقتضي أن أخوض في فضائح الناس ، والتكليف يأمرني أن أستر ، الستر يحتاج إلى إرادة ، إلى قوة إرادة ، معك قصة ممتعة جداً تسرّ الحاضرين ، يتلهفون إليك ، وتشرئب أعناقهم إليك ، لكنك مؤمن ، والمؤمن ستّير ، فيسكت . فلذلك هذا الذي يمشي مع طبعه ، نقول له : (( أَلَا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ ، ثَلَاثًا ، أَلَا إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ )) . [ أحمد عن ابن عباس ] . قضية سهلة جداً ، يسترخي ، أيّ شيء يعرفه تكلم به ، لكن : عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ )). [ رواه مسلم ] هناك إنسان وصل إلى شيء أذنه فينشره ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا أن إنساناً يحدثك بحديث ، ولم يقل لك : هذا الحديث أمانة ، إطلاقاً ، لكن سمع خطوة نعال وراءه فالتفت قلقاً ، فالتفاتته القلقة تعني أن هذا الحديث بالأمانة ، ما قال لك شيئاً ، لكن رأيته قد أصابه قلق حينما سمع وقع خطوات وراءه ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ )) . [ أبو داود والترمذي ] وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ ... )) . [ أبو داود وأحمد ] الطبع في الإنسان يقتضي أن تنشر فضائح الناس ، لذلك أعظم ما عند المؤمنين أنهم مجتمع ستّير ، وأحقر ما في مجتمع الكفر أنه مجتمع فضائحي ، أساسه الفضائح ، والآن الإعلام أساسه الفضائح . الفضائح إمّا مالية أو جنسية : بالمناسبة : لو تتبعت فضائح أهل الدنيا من آدم إلى يوم القيامة لا تزيد الفضائح على موضوعين ، فضيحة مالية ، وفضيحة جنسية ، وأنت حينما تحصن نفسك في موضوع المال وفي موضوع الجنس تكون في حصن حصين ، وفي حرز حريز . لذلك أيها الإخوة ، الحديث الشريف : (( إِنّ اللهَ عزّ وَجَلّ حَلِيمٌ حَيّ سِتّيرٌ ، يُحِبّ الحَيَاءَ والسّتْرَ ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمُ فَلْيَسْتتِرْ )) . والحديث الآخر : (( إن الله ستير يحب الستر )) . أختك حدثتك عن مشكلة بينها وبين زوجها ، والمجلس بالأمانة ، فضحتها ، وذكرتَ ذلك لأختها الثانية ، والثالثة ، والرابعة ، ولأخواتها ، ولأخيها ، فإذا مشكلتها مع زوجها بين كل الناس ، هذا ليس من صفات المؤمن . إن الإنسان يمكن أن يتقرب إلى الله بكمال مشتق من كمال الله ، الله ستّير ، فالمؤمن يجب أن يكون ستّيراً . معنى ( الستِّير ) : المعنى الأول : أولاً : ( الستّير ) في اللغة على وزن فعيل ، وهذه الصيغة من صيغ المبالغة ، يستر مليون فضحية ، ويستر أكبر فضيحة ، صيغ المبالغة تأتي في الكم والنوع ، الله غفار صيغة مبالغة ، يغفر أكبر ذنب ، ويغفر مليار ذنب ، كماً ونوعاً ، الستّير على وزن فعّيل ، وهو من صيغ المبالغة ، ومعنى ستر الشيء ؛ أخفاه . الفرق بين السَّتر ـ بكسر السين ـ والسِّتر ـ بالفتح ـ : ملاحظة : فرق بين السِتر ، والسَتر ، السَتر مصدر ، ستر يستر ستراً ، أما السِتر فهو اسم ، هذه القماشة التي توضع على النافذة اسمها سِتر ، وهناك فرق بين الاسم والمصدر ، المصدر يدل على حدث ، تماماً كشق يشق ، الآن هذه العملية اسمها شَق ، أما هذا الخط اسمه شِق ، الله عز وجل يستر عباده . أولاً : ( الستير ) من شأنه حب الستر والصون والحياء ، وأساساً الله عز وجل جعل في الإنسان خصيصة ، أن سرك لا يطلع عليه أحد ، لا صديق ، ولا قريب ، ولا زوجة ولا ملِك ، لذلك أعجب العجب ممن ستره الله عز وجل وهو يفضح نفسه ، هذا يشيع بين الشباب والشابات بعد الزواج ، تحدثه عن ماضيها ، مَن سألكِ عن هذا ؟ وهو نوع من الحق ، فإذا شك في ماضيها وقع النفور ، أو يحدثها عن علاقاته السابقة ، وحينما يبتعد الإنسان عن الله يسوقه الشيطان دون أن يشعر ، مع أن الله عز وجل سترك . حدثني أخ قال لي : إن إنسانا صالحا ذكر له بعضُ أصدقائه أنه زنى في وقت مضى ، قال لي : والله مضى على هذه القصة ثلاثون عاماً ، كلما نظرت إليه تذكرت أنه زنى . الإنسان لا يغفر ، فإذا وقع من إنسان زلة واللهُ ستره ، فليس له حق في أن يفضح نفسه ، وليس عندنا في الإسلام ما يسمى بالبوح ، تقف أمام رجل دين ، وتبوح له بكل أخطائك ، هذا شيء ليس واردا عندنا إطلاقاً ، الله ( ستّير ) ، ما دام أن الله سترك فيجب أن تستر نفسك ، ولا داعي أبداً أن تبوح بأخطاء صدرت منك لأيّ إنسان . إذاً : ( الستير ) هو الذي مِن شأنه حب الستر والصون والحياء . تروي الكتب قصة رمزية : أن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام استسقى ربه ، فقال الله له : يا موسى ، إن فيكم عاصياً ، فلا مطر ، إن فيكم عاصياً ، فقال : من كان يعصي الله فليغادرنا ، ما غادره أحد ، وبعد حين نزلت الأمطار كأفواه القرب ، قال : يا رب ، مَن هذا الذي كان يعصيك ؟ قال : عجبتُ لك يا موسى ، أستره عاصياً ، وأفضحه تائباً ؟! من تاب الله عليه ، وستره ينبغي ألا يفضح نفسه إطلاقاً ، حتى لو كان عليك ذمة في الجاهلية ، وتبت إلى الله ، ولا بد من أن تؤدى هذه الذمة لصاحبها يمكن أن ترسلها له بحوالة بريدية ، من دون أن تفضح نفسك ، تقول له كنت عندك مرة ، واختلست هذا المبلغ منك من الطاولة ، حتى لو كان عليك حق فلا بد من أن تؤدي هذا الحق من دون أن تفضح نفسك ، لأن الله ( ستّير ) ، أسبغ عليك ستره ، فلا تفضح نفسك . المعنى الثاني : ( الستير ) يأتي بمعنى آخر ، معنى المنع والابتعاد عن الشيء ، فقد ورد في الحديث الصحيح أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : (( جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا ، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ : مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ )) . [ متفق عليه ] مَن يصدق أنه إذا ربّى بنتاً أو بنتين ، فأحسن تربيتهما ، ربّاهما على الصلاح والحياء ، والورع والتقوى ، ثم اختار لهما زوجين صالحين من المؤمنين ، ومات فله الجنة ؟! يكفي أن تربي بنتين ، وفي بعض الروايات بنتاً واحدة ، يكفي أن تربي بنتاً ، أن ترعاها ، أن تؤدبها بأدب الإسلام ، أن تحجبها ، أن تختار لها زوجاً مؤمناً ، يكفي هذا العمل لتكون في الجنة . إذاً : الستر هنا بمعنى البعد ، فتربية هذه البنت تربية صالحة تبعدك عن النار . إخواننا الكرام ، من البيت هناك مئات الطرق إلى الله ، من البيت ، من الطريق هناك مئات الطرق إلى الله ، من عملك هناك مئات الطرق إلى الله ، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، هل هناك بيت ما فيه بنات ؟ هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام ، يقول سيدنا سعد ابن أبي وقاص : << ثلاثة أنا فيهن رجل ، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس >> ، ومعنى رجل لا تعني أنه ذكر ، تعني أنه بطل . ﴿ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ . ( سورة النور الآية : 37 ) . كلمة رجال في القرآن لا تعني أنهم ذكور ، تعني أنهم أبطال . قال : ثلاثة أنا فيهن رجل ، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ، واحد من عامة المؤمنين ، ما هذه الثلاثة ؟! يقول : << ما سرتُ في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها >> ، معنى ذلك أن الجنازة لها قول ، القول قد يكون بلسان المقال ، أو بلسان الحال . ورد في بعض الآثار " أن روح الميت ترفرف فوق النعش تقول : يا أهلي يا ولدي ، لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال مما حل وحرم ، فأنفقته في حله ، وفي غير حله ، فالهناء لكم والتبعة علي " . قال : << ما سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها >> . لذلك إذا مشى الإنسان في جنازة فهذا الذي في النعش انقضى أجله ، وخُتم عمله سيحاسب عن كل شيء . ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ . ( سورة الحجر ) . كل مخلوق يموت ولا يبقَ إلا ذو العزة والجبروت . والليل مهما طال فلا بد من طلوع الفجر والعمر مهما طال فلا بد من نزول القبر *** وكل ابن أنثى وإن طلت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول فإذا حمــلت إلى القبور جنازة فاعلم أنك بعدها مــحمول *** لذلك قالوا : أندم الناسِ عالِمٌ دخل الناس بعلمه الجنة ، ودخل هو بعلمه النار ، ما طبق علمه ، وأندم الناسِ غني دخل ورثته بماله الجنة ، ورثوه حلالاً ، وأنفقوه في طاعة الله ، فدخلوا بمال أبيهم الجنة ، ودخل هو بماله النار ، لأنه كسبه بطرق متعددة لا ترضي الله عز وجل . فلذلك المعنى الدقيق : << ثلاثة أنا فيهن رجل ، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ما سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها >> . الآن يمشي الرجل في الجنازة فيتحدث عن الصفقات ، والبيت الفلاني ، والمحل الفلاني ، والحفلة الفلانية ، قال له : هل حضرتها ؟ كانت رائعة ! وهو يمشي في جنازة . << ما سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها ، ولا صليت صلاة فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها >> . ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ . ( سورة المؤمنون ) . في الجنازة بطل ، والصلاة بطل . الثالثة ، وهي موطن الشاهد : << وما سمعت حديثاً من رسول الله إلا علمت أنه حق من الله تعالى >> . إذا ربيت هذه البنت ، وأحسنت أخلاقها ، وحجبتها ، ودللتها على الله ، واخترت لها زوجاً مؤمناً فلك الجنة ، هذا عمل يكفي لدخول الجنة . أيها الإخوة : (( مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ )) . ( الستير ) هو سبحانه وتعالى ، ويحب الستر ، ويبغض القبائح ، ويأمر بستر العورات ، ويبغض الفضائح ، ويستر العيوب على عباده ، وإن كانوا بها مجاهرين ، ويغفر الذنوب مهما عظمت ، طالما كل عباده موحِّدون . قصة مناسبة لموضوع الستر : ليس من عادتي أن أروي قصصا مبنية على منامات ، لكن هناك قصة مؤثرة جداً ، أن أحد خطباء دمشق ، والقصة من خمسين سنة تقريباً ، رأى في المنام رسول الله ، وتأثر تأثراً بالغاً بهذه الرؤيا ، وقد ورد عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي )) . [ أخرجه أحمد في مسنده وصحيح البخاري والترمذي ] . هذا الخطيب رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ، وقال له : قل : لجارك فلان ، وجاره بائع متواضع جداً ، إلى جانب المسجد ، قل لجارك فلان : إنه رفيقي في الجنة ، هذا الخطيب تألم ألماً شديداً ، البشارة لي أم له ؟ لجاره ، وهو إنسان متواضع ، من عامة الناس طرق بابه ، دخل إلى بيته ورحب به ، قال له : لك عندي بشارة من رسول الله ، ولن أعلمك إياها إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك ؟ امتنع ، فلما ألح عليه ، قال له : والله لن أنقلها إلى مسامعك إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك ، قال له : والله أنا خطبت امرأة وتزوجتها ، وفي الشهر الخامس ، كانت حاملاً في الشهر التاسع ، يعني أن الحمل ليس مني ، قال له : زلت قدمها ، قال له : بإمكاني أن أفضحها ، بإمكاني أن أطلقها ، بإمكاني أن أسحقها ، لكن أردت أن أجعلها تتوب على يدي ، جئت لها بولاّدة ، وولدت في الليل ، وحملت الطفل الصغير الذي ليس منه تحت عباءتي ، ودخلت جامع في السنجقدار ، دخل المسجد بعد أن نوى الإمام فريضة الفجر ، وضع الغلام وراء الباب ، والتحق بالمصلين ، ولم يره أحد ، فلما انتهت الصلاة تحلق الناس حول الغلام ، ودهشوا ، فجاء هو ، وكأنه لم يعلم ما الخبر ، قال : ما الخبر ؟! قالوا : تعال انظر ، قال : أنا أكفله ، أعطوني إياه ، فأخذه أمام أهل الحي على أنه لقيط ، وهو تولى تربيته ، ورده إلى أمه ، وتابت على يديه ، الله عز وجل قال : ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ﴾ . ( سورة النحل الآية : 90 ) . العدل أن تطلقها ، وأن تسحقها ، وأن تركلها بقدمك ، لكن الله أمرك بالإحسان ، فأنت إذا فعلت هذا فقد أنقذتها من الفضيحة ، وأنقذتها من الضياع ، وما كل قضية تحل بالعدل ، بل تحل آلاف القضايا بالإحسان ، ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ﴾ ، لا تكن فضّاحاً ، كن ستّيراً . الله عز وجل ( ستّير ) ، يحب كل ستّير ، وتخلق بهذا الكمال الإلهي ، وتقرب إلى الله بهذا الكمال الإلهي ، ولا تكن فضّاحاً . فلذلك في مجتمع الفضاح ما من قصة يرويها إنسان إلا وهي بعد أيام بين كل الناس . لذلك النبي عليه الصلاة والسلام وصف المرأة المؤمنة بأنها ستيرة ، وأما التي تخرج من بيتها تشتكي على زوجها فهي فضاحة ، لا ينظر الله إلى امرأة تشتكي على زوجها ، يحب الله المرأة الستيرة ، المرأة الستيرة امرأة مؤمنة . خاتمة : أيها الإخوة الكرام ، حينما أتخلق بهذا الاسم ، وبهذا الكمال أتقرب إلى الله . ﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ . نحن في علاقاتنا الاجتماعية الغيبة هي أحد أسباب الفضائح ، حتى قال الواحد للثاني : لقد اغتبتني ، قال له : من أنت حتى أغتابك ؟ لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت أبي وأمي ، لأنهما أولى بحسناتي منك ، فالقضية تنطلق من غيبة ، وتنتشر . فهذا الذي أتمنى أن يكون واضحا عند إخوتنا الكرام ، في أن الله سبحانه وتعالى من أسمائه الحسنى أنه ( ستّير ) ، ويمكن أن تتقرب إلى الله بهذا الكمال ، وهو أن تستر . الكلام له قواعد شرعية في موضع الفتوى ، في موضوع إنكار المنكر ، في حالات أخرى ، أما الأصل أنه ينبغي أن تستر ، والمجالس بالأمانة . والحمد لله رب العالمين |
شكرا لك
اخي ابو جمال على هذه المعلومات جميل ان نعرف كل ما هوجديد وكل خطاء كنا نقع فيه تحيات لك دمت بخير |
http://www.alhsa.com/forum/imgcache2/99594.gif وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك شكرا على الإفادة والطرح http://reemah999.jeeran.com/%D9%8A%D...9%85%D9%88.gif |
|
شكرا على عبق المرور
وجزاكم الله خيرا |
الساعة الآن 06:09 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |