منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   واحة الأدب والشعر العربي (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=199)
-   -   بين الخليفة جعفرالمتوكل على الله وجاريته (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=14604)

بن زيدون 19 - 3 - 2011 06:10 PM

بين الخليفة جعفرالمتوكل على الله وجاريته
 
قال عليّ بن الجّهم: لمّا أفضت الخلافة إلى جعفر المتوكّل على الله، أهدي إليه ابن طاهر من خراسان هديّةً جليلةً فيها جوارٍ، منهنّ جاريةٌ يقال لها محبوبة كانت قد نشأت بالطّائف، وكان لها مولىً قد عنى بها، فبرعت في فنون الأدب، وأجادت الشّعر. وكانت راويةً ظريفةً، مجيدةً للغناء. فقربت من قلب المتوكّل. وغلبت عليه.قال: فخرج عليّ يوماً، وقال لي: يا علي، دخلت السّاعة على قينة وقد كتبت بالمسك على خدّها جعفراً، فما رأيت أحسن منه، فافعل فيه السّاعة شعراً. فأخذت الدّواة والقرطاس، فانقفل عليّ، حتّى كأنّي ما عملت بيتاً قط فقلت: يا أمير المؤمنين، لو أذنت لمحبوبة أن تقول شيئاً عسى أن ينفتح لي. فأمرها، فقالت مسرعةً، وأخذت العود فجسته، وصاغت لحناً، واندفعت وغنّت:
وكاتبةٍ بالمسك في الخدّ جعـفـراً،


بنفسي خطّ المسك، من حيث أثـرّا
لئن أودعت سطراً من المسك خدّها،

لقد أودعت قلبي من الشّوق أسطرا.
فاعجب لمملوكٍ يظـلّ مـلـيكـه

مطيعاً له فيمـا أسـرّوأجـهـرا

قال عليّ: وغضب عليها مرّة، وكان لا يصبر عنها، فأمر جواري القصر أن لا تكلّمها واحدةً منهنّ. فكانت في حجرتها أيّاماً، وقد تنغّص عيشه لفراقها، فبكرت عليه يوماً، فقال: يا علي. قلت لبّيك يا أمير المؤمنين. قال: رأيت الليلة في منامي كأنّي رضيت عن محبوبة فصالحتها وصالحتني. فقلت: خيراً يا أمير المؤمنين، أقرّ الله عينك وسرّك. إنّما هي عبيدتك، والسّخط والرّضا بيدك، فوالله، إنّا لفي حديثنا إذ جاءت وصيفةً، فقالت: يا أمير المؤمنين سمعت صوت عودٍ من غرفة محبوبة. قال: فقم بنا يا عليّ ننظر ما تصنع، فنهضنا حتّى أتينا حجرتها، فإذا هي تضرب العود وتغنّي:
أدور في القصر، لا أرى أحـداً

أشكو إلـيه، ولا يكـلّـمـنـي
كأنّني قـد أتـيت مـعـصـيةً،

ليست لها توبةٌ تخـلّـصـنـي.
فهل شفيعٍ لنـا، إلـى مـلـكٍ،

قد زارني في الكرى فصالحني،
حتّى إذا ما الصّباح لاح لـنـا،

عاد إلى هجره فصـادمـنـي.

قال: فصاح أمير المؤمنين، وصحت معه. فتلقته وأكّبت على رجله تقبّلها، فقال: ما هذا? فقلت: يا مولاي رأيت في ليلتي هذه كأنّك صالحتني، فتعلّلت بما سمعت. قال: فأنا والله قد رأيت مثل ذلك. وقال: يا عليّ أرأيت أعجب من هذا وكيف اتّفق ورجعنا إلى الموضع الذي كنّا فيه. واصطلح. وما زالت تغنّيه هذه الأبيات يومنا ذلك. وازدادت حظوتها عنده حتّى كان من أمره ما كان. فتفرّقت جواريه، فصارت محبوبة إلى الوصيف الكبير، فما زالت باكيةً حزينةً، فدعاها يوماً مع من صار إليه من جواري المتوكّل فأمرهنّ فغنّين. ثمّ أمرها فاستعفته فأبى، فقلن لها: لو كان في حزننا فرحٌ لطال حزننا معك. وجيء بعودٍ فغنّت به:
أيّ عيشٍ يلـذّ لـي

لا أرى فيه جعفرا
كلّ من كان ذا ضناً

وسقامٍ فقـد بـرا
غير محبوبة التـي

ترى الموت يشترى



المصدر:
كتاب أخبار النساء



ابن الجوزي





سما 19 - 3 - 2011 09:49 PM

قصة رائعه ونعم الوفاء من هذه الجارية
بورك بك على الطرح بن زيدون

shreeata 19 - 3 - 2011 11:09 PM

رائع ما ادرجت اخي الكريم
سعدت بالمرور
هنا قصة اكثر من رائعة
تحيات لك

أرابيلا 20 - 3 - 2011 12:53 AM

اختيار موفق اخ بن زيدون
سلمت يداك

تراتيل المطر 20 - 3 - 2011 01:11 AM


sad one 20 - 3 - 2011 01:50 AM

يسلمو على القصة الجميلة

الهنوف 20 - 3 - 2011 01:15 PM

مشكور بن زيدون وبارك الله بيك

بن زيدون 20 - 3 - 2011 07:34 PM

سعادتنا مرهونة بتواجدكم ن في صفحتي ..جزاكم الله كل خير.

صائد الأفكار 20 - 3 - 2011 08:22 PM

قصة جميلة يا بن زيدون
مرحبا بك وبما تختاره لنا من مواضيع شيقة وجميلة

صائد


الساعة الآن 08:18 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى