و رحلت منى..
 

كان اسمها منى...امراة من عالم الاحلام....يكفي ان تنظر اليها فتشعر انك على موعد مع الفرح..
كان اسمها منى..صبية تفوح منها رائحة الامل و الحب و الوفاء....
دائمة الطفولة هي..تقابلك دائما بابتسامة عفوية تعيدك الى زمن الحب الجميل....
لا زلت اذكر عبارتها..*بلقيس عيشي كثيرا و اعشقي اكثر الوقت لا ينتظر..*
تعلمون من منى؟؟صديقة الطفولة و الصبى و الشباب......منى كانت و ستظل صديقة عمري و حياتي
سابكيها كلما جن الليل..سابكيها كلما غربت الشمس...و سابكيها في عيد الام اليوم
لا لشيء سوى لان منى ماتت و هي تضع طفلا كانت تامل ان يكبر و يصير رجلا...
حكاية صداقتنا بدات في حي شعبي من مدينة بشار..المدينة الصامتة الهادئة الطيب اهلها طيبة منى
مدينة بشار تقع في الجنوب الغربي من الجزائر..تيتسم رمالها للشمس و الامل و لكنها لن تبتسم بعد اليوم
فرمالها الشاهقة كانت شاهدة على رحيلك يا منى....
و لدت انا بعد يومين فقط من و لادتها ..و شهدت جداران بيتهم الام المخاض ..فامي كانت تطمئن على صحة منى و امها.....و لان امي امراة عاملة..كنت ابقى طوال فترة عملها في بيت منى..
نلعب..نضحك..نتشاجر..و كثيرا ما كانت تمسكني من جدائلي الطويلة و ابدا انا بالصراخ و البكاء
و تسرع امها لانقاذي..و لا تمض الدقيقة حتى نكون تصالحنا...
دخلنا المدرسة معا..و جلسنا على الطاولة ذاتها..و كنا نتقاسم كل شيء..اقلامنا..اوراقنا..و احلامنا
و لولا الفرق الظاهر في شكلينا لظننا الاخرون شقيقتين..كنا روحا واحدة في جسدين مختلفين.
منى كانت جريئة..نشيطة..تحب المغامرات..لا تعرف الخوف مطلقا..اما انا فكنت خجولة اخاف من التاخر في العودة الى البيت..فتغضب امي..كانت تضحك و تقول..*ستكبرين و تندمين لان عمرك بلا مغامرات..*
و تضيف..*ماذا ستحكين لاحفادك؟*و كنت انا اتفوق عليها دائما في الدراسة..فتفرح هي كثيرا لنجاحي
و تقول..*اذا نجحنا كلينا من سيقوم بالاعتناء باطفالنا؟*..
يااااااااااا..يا منى كم كنت متفائلة..كم كنت تفيضين تفاؤلا؟؟؟و كم اشتاقك الان..اشتاق ان يرن جرس هاتفي..
و ارد..و تكونين انت..تقولين لي..احبك يا حمقاء..كم اشتاق الى طرقاتك على الباب و انت تغنين لي.*
زوروني كل سنة مرة حرام..*
كم تخنقني الدموع و انا اعلم انك لن تعودي و اني لن اراك بعد اليوم...
حينما تحصلت على البكالوريا..رسبت منى لانها كانت تعيش قصة حب مميزة و بدخولي الجامعة تزوجت هي
و هكذا شاء القدر...ان يغير و لاول مرة طريقتنا في الحياة..و يومها تاكدت ان عالم الكبار صار يحكمنا..
و كنت ازورها في بيتها لاكتشف ان تلك الطفلة المشاكسة..امراة واعية و زوجة مطيعة و محبة..و اما رائعة
الم اخبركم؟ لقد و ضعت طفلة جميلة حملت اسمي و فاءا لصداقتنا و عربون محبة لي.
و كنا نتشارك في الاعتناء بها.. وكاننا كنا نعيد احياء ذكريات طفولة تسكننا دائما..
قبل ايام..اتصلت بي منى لتخبرني انها في المستشفى من اجل ان تضع طفلها الثاني..كانت تبتسم رغم الالم
و هي تقول لي..*اما ان تتزوجي او ازوجك ابني وانت من سيربح..حماة و لا اروع..*
و دخلت غرفة العمليات..تاخرت..ازداد قلقي..يا رب كن معها..
خرجت الممرضة..اين زوجها..وضعت لك..طفلا..و امه؟؟صاحب الامانة اخذ امانته....
و شعرت ان الارض ترتجف تحتي...شعرت ان كل الو جوه سوداء...ان العالم يبكي....
شعرت ان الحياة تتعمد هزيمتي....و كان شريط ذكرياتنا يركض ركضا في ذاكرتي......
ترجيتهم ان اراها لاخر مرة.....و اذا بي ارى و جها لا يمكن ان انساه....
بدت و كانها نائمة..شعرت ان ملامح وجهها هي علامات الخلود....
حملت طفلها ..خنقتني الدموع و انا اذكر قولها..*لو نجحنا انا و انت من سيقوم بالاعتناء باطفالنا.....؟
منى....يا حكاية سترسمها الايام...ستظلين راسخة في ذاكرتي..ووعدا مني امام اصدقائي اليوم
ساعتني بطفليك.....وداعا منى......:sLo_heart[1]:

أبكيتِ قلبي ياغالية
ما أقسى لحظات الفراق
ما أصعب أن يذهبوا بلا عودة
بلقيس منى لم ترحل فهي خالدة في قلبك وقلب من يحبونها
كوني مع أطفالها أما لهم اغمريهم بحنان منى وبلقيس.
لاتحزني بلقوسة فمنى في جنة الرحمن.
قلبي معك.

هذه مشيئة الله اختي ولا راد لقضاءه وسبحان من قهر عباده بالموت
استعيني بالله وبري بوعدك ايتها الوفية
بارك الله بك

الرائعة بلقيس .....
أسلوب جميل في عملية السرد المقتضب لرحلة طويلة من الصداقة
مذكرات أنسانة أستخدمت الحبكة في صياغة النص ....
هناك شرارة منذ اللحظة الاولى للقراءة ...تنبئ بحدوث أمر ...
كانت الخاتمه جميلة ......أعطت مساحة للقارئ بأستخدام خياله
لاعطاء صور متعددة ......للقصة
شكرا على هذه الرائعة الباكية .....تحياتي

مشكورة على القصة الرائعه
دمت بهذا القلب المخلص