![]() |
فــــــوائد المـــــرض ... ((الفصل الاول))
بسم الله الرحمن الرحيم فوائــــد المرض ..الحمدلله الذي لا اله إلا هو ، وهو للحمد أهل ، وهو على كل شي قدير ، وبعد ،، * فإن الذي دعاني الى كتابة هذه الرساله هو النصح لعامة المسلمين ، وما رأيت من جهل الناس بفوائد المرض الى درجة أني سمعت أناسا يقولون : ألا ترحمه يا رب ، ومنهم من يقول : إما ارحمه أو ريحه ، مع أن الله تعالي يقول في بعض الاثار :(( كيف ارحمه من شيء به ارحمه ؟))، وكذلك ما سمعت ورأيت من بعض المرضى الذين ابتلوا بامراض مستعصية كالسرطان او غيره من الامراض التي لا يوجد لها علاج ، فبلغ بهم اليأس مبلغا عظيما فتجد الواحد منه قد ضعف صبره وكثر جزعه وعظم تسخطه وانفرد به الشيطان يوسوس له ويذكره بالمعاصي الماضية حتى يؤيسه من روح الله ويوقعه في القنوط ، ويقول الله عز وجل :(( إنما النجوى من الشيطن ليحزن الذين امنوا )) (المجادلة:10) ، مع ان المريض لا خوف عليه ما دام موحدا ومحافظا على الصلاة ، حتى ولو لم يصلي إلا لما مرض فإن من تاب توبة صادقه قبل الغرغرة تاب الله عليه ولو وقع في كبائر الذنوب ، فإنه يرجى لكل من مات من الموحدين ولم يمت على الكفر (( من مات من امتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنه )) فقال ابو ذر : وإن زنى وان سرق ، قال :(( وان زنى وان سرق ))، ويقول صلى الله عليه وسلم :(( لا يموتن احدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل )) ( رواه مسلم ) ، ويقول الله تعالى :( انا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما يشاء)). * فعلى المؤمن ان يصبر على البلاء مهما اشتد فإن مع العسر يسرا ، وعذاب الدنيا اهون من عذاب الاخرة ، يقول انس : إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت ، فقال : (( كيف تجدك ؟)) قال : ارجو رحمة الله يا رسول الله ، واخاف ذنوبي ،، فقال :(( لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف )) ، فلا تسىء العمل وانت صحيح بحجة هذا الحديث ، فلعل الموت يأتيك بغته . وعلى كل فالمؤمن يصبر ويرضى بقضاء الله ، فإن عاش لم يحرم الاجر ، وإن مات فإلى الله ، يقول عليه افضل الصلاة والسلام :(( تحفة المؤمن الموت )) ((رواه الطبراني بسند جيد )) . * فإذا تقرر هذا كله فإليكم فوائد المرض العظيمه وما يترتب عليه من مصالح ومنافغ قلبيه وبدنية ، وقبل الشروع لا بد من مقدمه قبل الدخول في المقصود . * إن الله تعالى لم يخلق شيئا إلا وفيه نعمة إما على جميع عباده أو على بعضهم ، وان الله عز وجل خلق البلاء نعمة ايضا ، إما على المبتلي أو على غير المبتلي ، حتى ان الم الكفار في نار جهنم نعمة ، ولكنها في حق غيرهم من العباد ، فمصائب قوم عند قوم فوائد ، ولولا ان الله تعالى خلق العذاب والالم لما عرف المتنعمون قدر نعمته عليهم ولجهلت كثير من النعم ، ومن هنا خلق سبحانه الأضداد لحكم كثيرة منها معرفة النعم ، فلولا الليل لما عرف النهار ، ولولا المرض لما عرف قدر الصحة ، وكذا الفقر والسماء والجنه ، ففرح اهل الجنه انما يتضاعف إذا تفكروا في آلام أهل النار ، بل إن من نعيم أهل الجنة رؤية أهل النار وما هم فيه من العذاب ، مع العلم ان كل بلاء يقدر العبد على دفعه ، لا يؤمر بالصبر عليه ، بل يؤمر بإزالته ففي الحديث :( ليس للمؤمن ان يذل نفسه ، ان يحمل نفسه ما لا يطيق )). وانما المحمود الصبر على ألم ليس له حيلة في إزالته ، كما ان من النعم نعمة تكون بلاءا على صاحبها ، فإنه يبتلى بالنعماء والبأساء ، وكم من بلاء يكون نعمة على صاحبه ، فرب عبد تكون الخيرة له في الفقر والمرض ، ولو صح بدنه وكثر ماله لبطر وبغى ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض ) ( الشورى :27) . * فكل نعمه سوى الايمان وحسن الخلق قد تكون بلاء في حق بعض الناس وتكون اضدادها نعم في حقهم ، فكما ان المعرفه كمال ونعمه ، إلا انها قد تكون في بعض الاحيان بلاءا وفقدها نعمه مثل اجل العبد او جهله بما يضمر له الناس ، إذ لو رفع له الستر لطال غمه وحسده . وكم من نعمة يحرص عليها العبد فيها هلاكه ، ولما كانت الآلام والأمراض أدوية للأرواح والابدان وكانت كمالا للإنسان ، فإن فاطره وبارئه ما امرضه إلا ليشفيه ، وما ابتلاه إلا ليعافيه ، وما اماته الا ليحييه ، وقد حجب سبحانه اعظم اللذات بأنواع المكاره وجعلها جسرا موصلا اليها ، ولهذا قال العقلاء قاطبة : ان النعيم لا يدرك بالنعيم ، وان الراحة لا تنال بالراحه ، فهذه الآلام والمشاق من اعظم النعم ، اذ هي اسباب النعيم ، فمثلا نزول الامطر والثلوج وهبوب الرياح وما يصحبها من الآلام فانها مغمورة جدا بالنسبه الى المنافع والمصالح التي تصحبها ، فمثلا لو ان المرأة نظرت الى آلام الحمل والولادة لما تزوجت ، لكن لذة الامومه والاولاد اضعاف اضعاف تلك الآلام ، بل انها إذا حرمت الاولاد لم تترك طبيبا الا وذهبت اليه من اجل الحصول على الابناء ، انه لا يوجد شر محض ، وما نهى سبحانه وتعالى عن الاعمال القبيحه الا لان مفسدتها راجحه على خيرها ، وهكذا.. وقد قال الله تعالى عن الخمر : اثمهما اكبر من نفعهما ، فلو نظر العبد كم يحصل له من المضار والمفاسد منها لما اقدم عليها . * فإذا تقرر هذا كله ، فإليكم اعزائي فوائد ومصالح ومنافع الامراض والتي تزيد عن المائة فائدة نقتصر على بعض منها : 1- من فوائد المرض : انه تهذيب للنفس ، وتصفية لها من الشر الذي فيها ( وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفوا عن كثير ) ( الشورى :30) فإذا اصيب العبد فلا يقل : من اين اتيت ؟ فما اصيب الا بذنب ، وفي هذا تبشير وتحذير إذا علمنا ان مصائب الدنيا عقوبات لذنوبنا ، اخرج البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال :(( ما يصيب المؤمن من وصب ولا هم ولا حزن ولا اذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه )). وقال عليه السلام :(( ولا يزال البلاء بالمؤمن في اهله وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئه ))، فإذا كان للعبد ذنوب ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن اوالمرض ، وفي هذا بشاره فإن مرارة ساعة وهي الدنيا افضل من احتمال مرارة الابد . 2- ومن فوائد المرض : ان ما يعقبه من اللذة والمسرة في الاخرة اضعاف ما يحصل له من المرض . فإن مرارة الدنيا حلاوة الاخرة والعكس صحيح ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام :(( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر )) ، واذا نزل بالعبد مرض او مصيبة فحمد الله عليها بني له بيت في جنة الخلد ، وفوق ما ينتظره من الثواب ، اخرج الترمذي عن جابر مرفوعا :(( يود اناس يوم القيامه جلودهم كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا لما يرون من ثواب اهل البلاء )). 3_ ومن فوائد المرض : قرب الله تعالى من المريض ، وهذا قرب خاص ، يقول الله عز وجل :(( ابن آدم ، عبدي فلان مرض فلم تعده ، اما لو عدته لوجدتني عنده )) ( رواه مسلم عن ابي هريرة ) واثر :(( انا عند المنكسرة قلوبهم )). 4_ ومن فوائد المرض : انه يعرف به صبر العبد . فكما قيل : لولا الامتحان لما ظهر فضل الصبر ، فاذا وجد الصبر وجد معه كل خير ، واذا فات فقد معه كل الخير ، فيمتحن الله صبر العبد وايمانه به ، فإما ان يخرج ذهبا او خبثا .. وعن انس مرفوعا :(( ان عظم الجزاء من عظم البلاء ، وان الله تعالى اذا احب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط .)) . فاذا احب الله عبدا اكثر غمه ، واذا ابغض عبدا وسع عليه دنياه وخصوصا اذا ضيع دينه ، فاذا صبر العبد ايمانا وثباتا كتب في ديوان الصابرين ، وان احدث له الرضا كتب في ديوان الصابرين ، وان احدث له الحمد والشكر كتب في ديوان الشاكرين ، فإذا انعم الله على الانسان بالصبر والشكر كان جميع ما يقضي الله له من القضاء خيرا له ، اخرج مسلم من حديث صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( عجبا لامر المؤمن ، إن امره كله خير ، وليس ذلك لاحد إلا للمؤمن ، إن اصابه سراء فشكر الله فله اجر ، وإن اصابهته ضراء فصبر فله اجر ، فكل قضاء الله للمسلم خير )) وفي رواية لأحمد :(( فالمؤمن يؤجر في كل امره ))، فالمؤمن لا بد وان يرضى بقضاء الله وقدره في المصائب ، اللهم اجعلنا ممن اذا اعطى شكر ، واذا اذنب استغفر ، واذا ابتلي صبر ، ومن لم ينعم الله عليه بالصبر والشكر فهو بشر حال ، وكل واحده من السراء والضراء في حقه تفضي الى قبيح المال ، ان اعطاه طغى وان ابتلاه جزع وسخط . يتبع ...... |
مشكورة اختي الدلع عطري وبارك الله بك
بانتظار ما يتبع جزاك الله عنا كل خير |
الأخت الدلع عطري شكرا على الطـّرح احتراماتي |
جزاك الله عنا كل خير
وجعله في ميزان حسناتك تحيات لك |
بارك الله بك وجزاك الله كل الخير يا الدلع عطري
سلمت الايادي على الفائدة |
سلمت الايادي على طرحك
جزيل الشكر والتقدير لك كل الود والتتحية |
بارك الله بيك على الطرح
في ميزان حسناتك ان شاء الله يعطيك العافية الدلع عطري |
شكرا وبارك الله بكم على روعة حضوركم وردودكم
باقات ود وتقدير |
مشكور اخي وجزيت خيرا
|
بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك شكرا على الإفادة والطرح |
الساعة الآن 03:38 PM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب
جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى |