منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   مواضيع ثقافية عامة (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=67)
-   -   اللغة الصومالية وآدابها -1- (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=15867)

المفتش كرمبو 12 - 5 - 2011 04:03 PM

اللغة الصومالية وآدابها -1-
 
الأدب الشامل الرقيق يتطلب مجموعة كلمات مختلفة ومفردات لغوية كثيرة، ولذلك فليس غريبا أن تكون اللغة الصومالية احدى اللغات الغنية الواسعة التي تلائم احتياجات الحياة.
واللغةالصومالية لغة معقدة لا يتعلمها أي شخص ما لم يتخذها كلغة أم، ففيها طبقتان واضحتان من المفردات اللغوية تستعمل احداهما في الحديث الدارج بينما تختصر الأخرى على الأشعار والأمثال وهذه المجموعة الأخيرة من المفردات اللغوية التي يمكن أن يطلق عليها "الأدب الصومالي" وتستخدم كلمات كثيرة مهجورة لقدمها كما أن لقصائد الشعرية صيغت من كلمات من أصل صومالي وبعضها استعيرت من اللغة العربية لقرب الثقافتين من عقل الشاعر، ومع أن اللغة الصومالية المختصـة بالعلوم والادارة لا تستعمل في الحديث اليومي فإن الشعــر الصومالي الكلاسيكي يستخدم كلي طبقتي اللغة.

كثير من الكلمات الصومالية لها طبيعة وصفية تسترعي النظر، وغالبا ما تتضمن الكلمة الواحدة معنــى كبير ( لا يعبر عنه في اللغات الأخرى الا ببضع كلمات) فمثلاً كلمـــة "هيــل" Hiil، (معناها الإحساس البار الذي يمنع الفرد من مخالفة قواعده) ذلك الإحساس الذي يضفي على صاحبه احتراما من نوع خاص، هذا الاحترام يتعدى ذلك الشخص الى أقاربه فيحترمونه بموجب القرابة التي يحملونها لذلك الشخص.

وفي الوقت الحديث حينما يلزم الأمران تستحدث كلمات جديدة لتقابل الحالات الحديثة في مجالات السياسة والعلوم والفنون، ونجد أن الصوماليين قد اتجهوا الى الكلمات القديمة للاستعمال المادي، واللغة الصومالية تنتمي الى هذا النوع من الابداع والإختراع لأنها تحتوي على امكانيات لا حد لها من نشاء الكلمات وصوغها، وقد انشئت كلمات عديدة ذات كفاءة عظيمة من الأصوات القديمة ومن ذلك كلمــة "رئيس الدولــة" فهذه الكلمة لم تكن موجودة في اللغة الصومالية قبل الاستقلال واستحدثها الصوماليين لتكون " مدح وينِ" بكسر النون، وكلمــة "مجلس الأمن" "جودجا نبد سكنتا"، والأسلحــة النووية "هوبكا هلستا" ...الخ.

وقد قامت الاذاعة بدور هام في تكوين الكلمات الجديدة، والمذيعون يفخرون بأنهم لا يستعملون كلمات مستعارة أو أجنبية عدا طبعاً "لغة القرآن" ودائما ما يبتكرون كلمات صومالية تتماشى مع حاجات نقل الأخبار وتبليغها.

هؤلاء الرجال هم الرواد الحقيقيون في مجال اللغة، وهم في السابق لم يكونو فقط يعملون في اذاعات ومحطات المحلية بمقديشوا، وهرجيســا فقط، بل وفي نيروبي وجيبوتي والقاهرة بل وأكثر من ذلك في لندن وموسكو وغيرها حيث كانت تذاع برامج باللغة الصومالية.

واللغة الصومالية لها كيان مبني على قواعد نحوية راقية وواضحة، غير أنه من الممكن تمييز الكلمات بنبرة الصوت وطريقة النطق فقط، فمثلا "الولد" باللغة الصومالية "انان" بالتشديد على المقطع الأول، والبنت باللغة الصومالية "انان" بالتشديد على المقطع الثاني، والمقاطع التي تنطق بالتفخيم وتشديد الحرف ، هي الخصائص الواضحة في اللغة الصومالية.

والشعب الصومالي كله يتحدث باللغة الصومالية، وهذا لا يمنع من وجود لهجات ثلاث في البلاد، ولكن كلها تقريبا من أصل واحد، واللهجات الثلاث هي " لهجـــة ايلاي او رحانوين" و لهجـة " البنادر" او السواحلية الصومالية "واللهجة الصومالية العامة. ، فلهجــة بنادر او السواحلية الصومالية هي لهجــة "حديثة" تخص أهل بنادر فقط، واللهجة الصومالية العامة هي اللهجة الغالبة في كافة مدن الصومال، وعلى كل حال فاللهجة البنادرية او العامة لهجتان واضحتان جليتان لا التباس فيهما، ويسهل تعلمها او تبادلها، أما لهجـة رحانوين فلا يمكن فهمها بسرعة لمن يتكلمون اللهجتين الأخريين، وعلى أي حال فان الطابع العام في اللهجات هو التقارب الشديد، والصفة البارزة هي أن للشعب لهجة شائعة في كل مكان.

وتحتوي اللغة الصومالية على كثير من الكلمات العربية، ولكنها تنتمي الى المجموعة " الكوشية" اساساً، وان كان بينهما اختلاف بسيط، ويتكلم بهذه اللغة الكوشية جماعات "الجالا" ونصف الأحباش تقريباً و" الدناكل" "والعفــار".

واللغات في المجموعة الكوشية لها بعض الملامح المشتركة مع لغــة البربر والمصريين القدماء، ويعتقد بعض العلماء ان اللغة الصومالية تكونت في الزمن البعيد جزءا من المجموعة التي تسمــى "الحامية السامية" التي تشمل لغـة البربر والمصريين القدماء بالإضافة الى العربية.

ويرى بعض العلماء أن لـغة "الجــالا" ولغة الصوماليين من ناحية التاريخ تسلسل النسب لغتان "شقيقتان" وليست اللغة الصومالية باللغة المكتوبة من الناحية الرسمية وربما يبدوا غريبا كيف مثل هذا الأدب الروائي الكبير لوقت طويل من الصوماليين ظل من غير ان يحول لغتهم الى لغة مكتوبة، ولكن هناك اسباب طبيعية ادت الى هذه الحالة منها :-
اولا: معظم الشعب الصومالي كان شعبا بدويا رحلا واللغة المكتوبة لا تنمو بين الشعوب الدائمة الهجرة كما تنمو في المجتمعات المستقرة والمستوطنة .

ثانيا : كانت الحاجة إلي الكتابة قليلة منذ الف سنة مضت لإن اللغة العربية لغة الإسلام "الدين" استعملها الصوماليون قديما في الصلاة والتسبيح فكان من الطبيعي ان تستعمل ايضا في شئون التجارة وفي العلاقات مع الأجانب مثل المعاهدات والاتفاقيات قبل قيام الاستعمار في شبه جزيرة الصومال حتى أن جميع الحكام والسلاطين كانوا لا يوقعون على أي مكتوب إلا بالعربية لدرايتهم بها فهما وكتابة .

وحينما قام المؤرخ العربي ابن بطوطة بزيارة الصومال في القرن الرابع عشر تأثر بالآداب العربية والمدارس العربية في الصومال وما زال المعلمون في مدارس القرى لتعليم القرآن الكريم والفقه والتشريع الإسلامي وتوجد كليات متنقله متجولة تعرف باسم "الحر" بكسر الحاء ، لتزويد المتعلمين بدراسات أعلى في اللغة العربية على يد فقهاء وعلماء متخصصين في العلوم الإسلامية واللغة العربية.

وفي المدن الكبرى والصغرى ظهرت مدارس عربية أخرجت كثيرين من أبناء الأمة على قدر كبير من الأدب العربي الذين كتبوا قصائد بالعربية وتتضمن قصائد صوفية ذات عمق وتصور شعري بارع ، وظهر من الصوماليين معلمون اللغة والنحو والأدب وعلماء وشيوخ في الفقه والتشريع الإسلامي على قدر كبير من المعرفة باللغة العربية لذا كانت في الماضي والى حين قيام "دولة سياد بري" لغة واسعة الانتشار في داخل الوطن وفي الاتصال بالعالم الخارجي حتى اصبحت هناك جريدة للدولة تصدر يوميا باللغة العربية بالإضافة إلى البرنامج العربي بالاذاعة .

وقد بذلت محاولات عديدة لكتابة اللغة الصومالية بحروف عربية وبحروف لاتينية في ستينات القرن الماضي واختلف الصوماليون في ذلك الى أن تدخل النظام الشيوعي لينتصر للفكر الغربي ويصدر أوامره بكتابة اللغة الصومالية وبناءاً على استعمال "الأحرف اللاتينية". ولتأتي بعد ذلك الحرب الأهلية لتقضي على ثقافتنا كما قضت على كل شـــئ آخر.

المفتش كرمبو 12 - 5 - 2011 04:05 PM

تظهر العبقرية الصومالية في الأدب ولا سيما في الشعر الذي يروي شفاهاً باللغة الصومالية، وليس الشعر الصومالي فناً منعزلا عن الحياة الصومالية، ولكنه ينتمي عن قرب الى العادات وطريق المعيشة للسكان، فهو شعر متصل وحي، ويحفظ المعجبون بالشعر الجيد مؤلفاتهم وينشدونها باستمرار، ويتناقش الصوماليون في الشعر ومستوياته المختلفة، وغالباً ما يكون النقد لاذعا، وينبذون وينسون الشعر الذي لم يصل الى المستوى اللائق...
ويتناقل الشعر من جيل الى آخر مشافهة بين الناس أو الرواة المتخصصين وذلك للشعر ذي المستوى الرفيع، وغالباً ما يبقى مئات السنين في صدور الناس دون تحريف حيث لم تكن اللغة الصومالية لغة مكتوبة كما ذكرنا في السابق في المقال الأول.
ويمتاز رواة الشعر الصومالي والمنشدون له بقوة الذاكرة فالمنشد الصومالي يمكنه ان يحفظ عن ظهر قلب أي قصيدة يسمعها من أول مرة أو مرتان.. والحقيقة أن عدد المنشدين كبير جدا.. وذاكرتهم قوية لدرجة انهم قادرون على انشاد القصائد التي يحفظونها من مســـاء الى مســــاء ومن دون أن يكرروا نفس القصيدة، وفي هذا النقل الشفوي والذاكرة القوية للأدب الصومالي ما جعلها تبقي القصائد مطابقة للأصل بشكل يثير الدهشــة.
وهذه الأمانة في النقل لا ترجع فقط الى قوة ذاكرة المنشدين، ولكن كذلك الى أسلوب الشعر الصومالي والى القواعد الشكلية للتأليف التي تجعل الشعر دائما في حالته الأصلية فإذا حدث أي تغيير لا يتماشى مع القواعد الأدبية، فسرعان ما يلاحظ المستمعون الخلل ويعلنونه في سخرية وتهكم على الراوي، وأيضاً السبب في هذا النقل البارع افتخار عشيرة الشاعر بشعره والتسابق في حفظه وخاصة اذا كان الشعر مميز جداً حيث هذا دليل العشيرة على أنها بارعة في الشعر وفصيحة في البيان.
هذا الاعتزاز بالشعر والشاعر من قبل العشيرة هو خلف بقاء تلك القصائد الغير مكتوبة ولمئات السنين في صدور الرواة وبين المجتمع، تلك القصائد التي تطرقت لجميع جوانب الحياة، وهذا دليل على المكانة الهامة التي يشغلها الشعر في عقول وقلوب عامة الناس. والقصائد التي يمكن تسميتها بالقصائد الكلاسيكية هي أحسن أنواع الشعر، فالقصائد الصومالية أبعد ما تكون عن البساطة حيث أنها معقدة ودقيقة وتتبع قواعد صعبة سواء قواعد أدبية أو اجتماعية، فلا يسمح للشاعر مثلاً أن يهجوا النساء، أو يذكرهم بسوء في قصيدته والا اعتبر شاعرا دون المستوى وتجتمع العشيرة لأخذ قرار بمنعه من الشعر والقاء القصائد سواء لمدة محددة أو للأبد حسب مدى مخالفة قصيدته للقواعد، وأيضاً لا يسمح له بأن يهجوا العلماء أو الأموات.
ويؤلف الشعر الصومالي بنوع من النغمات تستعمل عندما تنشد القصيدة او تغنــى، ولها نوع من الجرس الموسيقي ومقاييس الامتياز والاتقان شائعة بين الصوماليين رغم انها تبدو مفهومة تقديريا أكثر من كونها واضحة كنظام موضوع للقياس الأدبي.
أما ان تطرقنا لتاريخ الشعر الصومالي فيصعب علينا تحديد فترات زمنية لتاريخ الشعر الصومالي لاعتمادنا في تدوينه على الرواة واختلاف آرائهم نحو تاريخ الشعر.. ولكن شخصياً كـ (ورفا) قسمت الشعر الصومالي الى ثلاث مراحل مر عليها منذ نشأته وكالتالي :-
المرحلة الأولى :-مرحلـــة ما دون القرن الثامن عشـــر
قليل ما وصل الينا من الشعر الصومالي فيها لقلة السكان وضعف الروابط بينهم ، وقلة ما يملكونه من الأنعام والمواشي التي كانت سبباً رئيسياً للنزاع سواء عليها او على الكلأ ومن ثم القاء القصائد المختلفة من شعراء القبائل المتنازعة، هذا بالاضافة الى اندثار التاريخ لعدم جود لغة مكتوبة ، وأما ما حفظه الرواة نسي معظمه مع طول الزمن، ومن أمثال هذه الطبقة من الشعراء : الشاعر ســـاهد قمام ، راغي أغاس ، اجاس روبلي ، آو موســـى.
المرحلة الثانية : مرحلة من منتصف القرن التاسع عشرة الى منتصف القرن العشرين وقبل قيام الدولة.
وهي مرحلة النضوج في الشعر وظهور مساجلات تاريخية شعرية بين القبائل مثل حادثة ( هلع طيري) التي أثارها علي شرماركي (والد ثاني رئيس للصومال عبدالرشيد رحمة الله عليه) وتدخل فيها الكثير من الشعراء أمثال "قمام بلحن" و المناضل الصومالي "سيد محمد عبالله حسن" و "فارح عيتمي" من جهــة فهم عشرة واحدة و من جهة صاحب القصيدة ومطلق المساجلة وشعراء عشيرته "علي شرماكي" و "علي طوح" (وانصحكم بالاطلاع على تلك المساجلات والقصص التي صاحبتها فإنها جداً ظريفة وممتعة).
ويمتاز شعر هذه الفترة كما هو الحال في العصر الجاهلي وصدر الاسلام بالحماسة ويدور حول القبيلة والكر والفر، وذكر مفاخر القبيلة وهجاء الأخرى، وذكر أيام العشيرة في الحرب من فخر في حالة الانتصار او الندب والدعوة للأخذ بالثأر في حالة الهزيمة، هذا الى جانب النزر اليسير من الغزل ووصف الخيل والجمال والنصح والارشاد، والظريف أن الشاعر العربي دائما يبدأ شعره "بالنسيب" وهو الغزل وذكر النســاء، أما الشاعر الصومالي يبدأ قصيدته بمدح نفسه وشعره ذاكرا قوة بيانه. ويمتاز شعر هذه الفترة بأن الكلمات الأجنبية ناذرا ما تظهر فيه.

المفتش كرمبو 12 - 5 - 2011 04:05 PM

المرحلة الثالثة : الشعر السياسي "عصر الاستعمار وقبل قيام الدولة" :-
وهي مرحلة الشعر السياسي والحماسي نحو الحرية والاستقلال وتقرير المصير وأصبح في كل ناد وحزب سياسي شعراؤه لإذاعة برامجهم السياسية، ومن شعراء النهضة الحديثة "فارح غيط علمي" وعلي حسين" "وعلي أفيري" "واحمد شيخ دون" و "موسى جلال" و "جامع عيسى". وكثيرون غيرهم وللسيد موسى جلال قصائد ترجمت باللغة الانجليزية.
ويقال أن أشعر الشعراء الصومالين على الاطلاق هو "راغـــي أجاس" حيث يطلق عليه الصوماليون "اب الشعـــر"، ولكن للأسف فالمحفوظ من شعره القليل، وقلما توجد له قصيدة مكتملة.
في مقالي القادم انشاء الله سأتطرق الى أنواع الشعر الصومالي "وأمثلة" مترجمة طبعا بالعربي لكل نوع.

المفتش كرمبو 12 - 5 - 2011 04:06 PM

2- الجيفتو "Jiifto"

يتميز شعر الجيفتو بالناحية الجماعية في انشاده وان كان لا يختلف كثيراً عن شعر الجباي "Gabeyفي الطول والجرس الموسيقي غير أنه أقل شيوعا من الجباي

وفي الأبيات التالية من شعر "الجيفتو" للسيد محمد عبدالله حسن قد نظمها كوسيلة لدحض اتهامات البريطانيين في أنه قاطع طريق ويغير علىهم للسرقة، ثم بعد ذلك أخذ بدوره يكيل لهم التهم :-

أنا أشكوا وأنتم عن الاغارات عليكم تتجدثون..
أنتم السارقون لثرواتهم ولمساكنهم تنهبون..
أنتم المفسدون لأوطانهم، وبالروث تلوثون..
دفعتوهم الى الجوع فأصبحوا للعفن والضواري يأكلون..
وهذا ما جلبتموه لهم واليوم تظنونهم ينهبون؟..
واذا التفاهات من بين ما في أكواخهم يسرقون..
فلا أشكوا اليكم ولا ألــي تشكون
فأنا أشكوا وأنتم عن الاغارات عليكم تتحدثون..

3 - الجيــرار "Geeraar"

الجيرار هو الشعر القصير، قياسا بالجبــايو وغالباً ما يستعمل في تزويد أغاني الاغارات بين الجماعات ويمتاز بسرعة التفعيلات بسرعة تشبه وقع سنابك الخيل التي تعدو.. وهو أيضاً يستعمل لمختلف الأغراض ولكن أكثرها للحرب أو لوصف الخيل، والجيــرار الآتي لوصف "الخيل" مما أعجبني :-

واذا في الفجـر أسرجت جوادي..
وبعيدا بعيدا قد ركبت..
عبر السهول والأنهار البعيـدة..
فقبل الغروب سرعان ما يعود..
فهو معي دائما فمن دونه لا يمكن الحياة..
فهو بجوار مأواي كما لو كان قريبي..

4- البرامبر (Buraambur)

يتكون الشعر الكلاسيكي الصومالي من "الجباي" والجيفتو" والجيرار" أما الأنواع الأخرى من الشعر الصومالي فهي أخف وزناً وأبسط من الشعر الكلاسيكي مثل "البرامبر" الذي هو عبارة عبارة عن أغان نسائية تصاحبها أحيانا الطبول والكورس والتصفيقات ومن أمثلة هذا الشعر ما كتبته "ســراد هاد" بعنوان " رثاء حبيب متوفي" :-

لقد كنت كالسياج المنيع...
بين أرنا وبين أحفاد علي..
الآن، وليت وأصبحت الآن كالسماء..
البخيلة بالمطر ولكنها تغطي الأرض بالضباب..
والقمر لأشعته لا يرسل..
وكالشمس المشرقة التي بأضوائها تبخل..
وكالقمر بين "البصرة" المفقودة في أعماق البحر..

5- الهيلـــو "Heello"

يعتبر الهيلو احد الأنواع الشعرية المحبوبة في الصومال وخاصة بين الشباب فهو يشبه الأغاني العربية الشعبية ويؤلفه شعراء شبان وموضوعه في العادة يتناول الغزل والغرام والحب، وتعتبر هذه الأغاني من أنواع الشعر الصومالي غير الجيــــد، ولذا كان دائما محل انتقاد من جانب كبار الشعراء الصوماليين لإستهتار الشباب في اشعارهم ومع هذا فيعتبر هذا الشعر من الأناشيد ذات الجمال.

ويعيب الهيلوا أن عمره قصير كما هو الحال في "الأغاني الهابطة" ويوجد بعض الجيد من الهيلو يمكن مقارنتها بالأغاني الاستعراضية الشعبية الشرقية، وحسب ما سمعت فإن أول "هيلوا ألف في عام 1945 بواسطة سائق يدعى "عبدي ديكسي" ولقبـه "سيمــــا"، والسبب أنه عندما تعطلت سيارته في مكان منعزل عن المدينة.

ويستعمل الهيلو في العادة بعض الرمزيات والمحسنات البديعية لكي يعبر عن معان كثيرة في قصيدة قصيرة، وهذه هيلو لشاعر مجهول :-

عندما قد تخمد فالسرور
وبسكون الأرض تستقر
فلا تجعل الآن القديس
يبعدك عن أغانيك
فجمالك الفضي يبدو لي
كمكان فيه الحشائش تميل
بعد أن باركته الأمطار
وعندما ترسل الشمس أشعتها
فالرجل المفتون يحلم يقطانا
الحب أقتحم قلبه كالجن ليسكنه
لا يمكن أن ينام فهذه الليالي
رمته بعيدا وسحب السماء تسير

وقصيدة جميلة جدا لشاعر آخر

في الأيام الخالية رأيتك
بين شعب الأشجار
رأيتك أيام كنت تحبينني
كبدي وقلبي يخفقان عند رؤيتك
وعندما غبت عني
عشقك الجميل مزق جسمي
ولم أعد استسيغ الطعام
وعندما تركت حبكم
انظر.. جسمــي ازدهر كحبــة رمان

أنت أيها الهدهد الراحل في الهواء
أتستطيع أن تبلغ سلامي لهواي
ان الله أعطاك جناحاني
فنجني من المرض ولا تجعل للطبيب سبيل الي

لا ينكر أحد العشق
لأن الله العادل جعله في العالم كله
ان العشق ليس لعبا
فهو الذي قتل قيسا من قبل
يا شباب لا تضحكوا لحالي
اذا عرفتم خبر عشقي
ان عشقي لها ينحل جسمي
حتى الطعام الذي آكله يصيبني بالمرض

كل ليلة وانا فوق الفراش
أحلم بها تضاحكني تلاعبني
حتى توهمت الصدق في حلمي..

المفتش كرمبو 12 - 5 - 2011 04:06 PM

- الهيس "Hees"

يمكن أن نسميه بالشعر الحضري، لأنه يتناول موضوعات محلية او سياسية او غرامية، وهو في العادة بسيط ومباشر في أغراضه، وأي شخص يجيد اللغة يستطيع أن ينظمه بشكل ما، ولا يعمر الهيس طويلا كما الحال مع "الهيلو" فسرعان ما يحل الجديد منه، وقد ألفت المقطوعة التالية من الهيس بمناسبة احتفالات الاستقلال وقيام الجمهورية ، واتحاد الاقليمين الشمالي والجنوبي :-

الحريـــة والكرامة ملك لك
والبلدان اتحــدا
المجــد لله.. قل انه نصر الله
هيا غنوا ونغموا راقصين
فكل منا يا قوته كامل
وهذا يكفينا
انه نصر الله
انه نصر الله

وترديد الأغان فن تقليدي صومالي للرجال والنساء، وخاصة للتهوين والترويح عن النفس أثناء القيام بالأعمال الشاقة، مثل سقي الجمال للرجال، او طحن الحنطة عند النساء، او حتى عند يحكن للحصــر
ولا يحضرني مثل لمثل هذه الأغاني الا "أغنية عند سقي الجمال" :-

ضع فاك في الماء بالبركة
فلا يوجد به شر
فعظامك الجافة
هي الآن رطبة وأصبحت ممتلئة..
-------------------

وأخير الشعر والمرأة،

تغزل الصوماليون بالمرأة وان كانو لا يكثرون بذكرها في أشعارهم لما يعتبر هذا انتقاصا من شاعريتهم وظانا بأن هذا فيه نوع من "التميع" والترف، وبعيداً عن الرجولة، ولكن ذكروها كثيراً في أشعارهم عند "النصيحة لهم" او عندما تزوج من يريدها بغيره، وقد حدثت حروب مشهورة بين القبائل من أجل "امرأة" قتل فيها المئات :-

يقول أحد الشعراء الصوماليين متغزلا بامرأة :-

من أجلك نسيت كل شئ حتى بني جلدتي
اذكريني قبل أن ادخل سجنا أو قبراً
اذكريني ان حياتي معلقة بك
اني مفرط بالحب لك
ابحث في كل مكان عنك
ولأرض لها موحلة من المطر
لا يسير هائم سواي
ولقد هلكت بجثا عنك

ويقول شاعر آخر

أنت زهرة قلبي ومحرك أشجاني..
القلب عالق بك والعين تحب رؤيتك..
اسعى اليك ولا أدري كيف أنت...
لأن العين والقلب أجمعت رؤيتك..

وختاماً

من الصعوبة بمكان ترجمة الشعر الصومالي، وان كنت أجيد اللغتين، ولكن ما صعب الترجمة هو البعد في المصطلحات الرمزية والصور الشعرية، والمحسنات البديعية، وحتى الجرس الموسيقي، فهذه الأمور هي روح القصيدة لا أحد يستطيع ترجمتها، لذا اعتذر اليكم ان لم تستطيعوا تذوق حلاوة الشعر من التراجم أعلاه، فأنا ترجمت "جسد" القصيدة دون روحهـــا.

المفتش كرمبو 12 - 5 - 2011 04:07 PM

ينقسم الشعــر الصومالي الى عدة أقسام حسب التالي :-

1 - الجــباي (Gabey)

يعتبر الجباي أرفع أنواع الشعر الصومالي ، وهو قصيدة روائية طويلة وفلسفيه ومن طراز الشعر القصصي الذي يروي سيرة الأبطال، ونغمته ضخمة، ولا يصاحب الجباي أي موسيقى او طبل او تصفيق فالشاعر ينشد الجباي بنفسه فقط مع اختلاف طريقة الالقاء بالنغمة الصوتية من اقليم الى آخر، وسرعة الانشاء بطيئة ووقورة ويمكن مقارنتها "بالقناع" المتبقيات في الترجيديا اليونانية، لأن التأثير ضد الفخامة المتسعة والايقاع الفاخر الذي يبعث المؤثرات الدراماتيكية والفكاهية في الجباي ليست فكاهة خفيفة ولكنها شائكة وفيها سخرية وكآبة.

ويؤلف الجباي في أي موضوع غير أن الحرب من أهم أغراضه وكذلك الدين والنصح والارشاد والتوفيق بين الجماعات المتشاحنة ليسود السلم والأمان، ومن بعد الستينات اصبح يستعمل في نقل الرسائل السياسية فهو وسيلة للنقد السياسي والمناظرات.

ويعتبر الزعيم الوطني "السيد محمد عبدالله جسن" من أعظم الشعراء الصوماليين بعد "راغي أوجاس" فقد كان الشعـر وسيلته الطبيعية للإتصال بإخوانه ومؤيديه في نضالهم ضد الاستعمار البريطاني في أوائل القرن الماضي، وغالباً ما كان يعطي تعليماته لأتباعه بطريقة شعرية.. وكان لاذعا في صب هجائه على اعدائه من القبائل الصومالية التي تقاعست عن المشاركة معه في النضال، وحلوا شجياً في تمنياته الطيبة لأنصاره في النضال.

وفي الأبيات التالية مقتطفات من احدى قصائد الجباي للسيد "محمد عبدالله حسن" يدعوا بسلامة احد اصدقائه الذي كان مسافرا في احدى الرحلات:-

انك راحل الآن في الطريق الذي يقودك...
عبر غابات كثيفة ومقبضة بأشجارها المتشابكة...
حرارة وجفاف مميت في كل مكان تخطوا فيه...
لا يصلها نسيم عليل، ولذا أصبح التنفس شاقا...
ويمنحك الله درعا من رطب الهواء...
فيحول بين جسمك والشمس الهوجاء..

حيث اللهب الريح المحرقة الهائمة...
اللاسعة اللاحفة للحلق المتألم..
لعل الله برحمته يهديك الى ..
الشجرة ذات الغصون تحميك وتظلك..

سأمنحك الآن على كل حال من حالاتك..
ابتهالات من القرآن الكريم لتبارك طريقك...
فلا يصيبك الأذى ولا تنزل عليك المحن..
فبسلامة الله يمكنك السفر..
فاياك أمنح من حولك البركات..
فقل يا صديقي بنفسك الآن.. آمين..

ويقول شاعر معاصر هو السيد "عبدالله موسى" الشاعر الصومالي الكبير في قصيدة بعنوان "توبيخ عجوز لزوجته" حيث يقص علينا قصة رجل تزوج فتاة جميلة ودفع لها مهراً كبيرا ثم وجد بعد ذلك أن العيوب اتهمت بها أكثر خطورة مما كان يظن.. فهي سفيهة، وعاصية والنصيحة معها لا تجدي.

وتعتبر هذه القصيدة بطرقها الموضوع بطريقة غير مباشرة شعراً صوماليا من النوع الجبـاي وذلك عن طريق المحسنات البديعية.. حيث انه يعتبر من عدم الكياسة وعدم المهارة أن ينغمس الشاعر في الموضوع مباشرة دون وجود محسنات بديعية كمقدمة دراماتيكية تشحد همة اشاعر في نفس الوقت...

وفي قصيدة السيد "عبدالله موسى" نجد خصائص شعر الجباي كما سنرى سردها التالي :-

حتى النهر الخـالد لا يستطيع اختراقه...
خلال الصخور ليحرر التربة الخصبة الراقدة هناك..
ولكن الوادي المنتظر ..والسهل المنبسط..
يستقبل النهر منتجدا عشباً جديدا..
ويصبح الانسان دون انقطاع لهذا التل البعيــد...
ولكن هذه الرابية الطينية الصامتة.. لا تجيب .....
فهذا الغبي عقلـه كمسكن خاوي..
لا يستوعب شيئا لأنه مقفل موصد...

عدما تسدي النصيحة الطيبة نجد معظمهم منتفعين
ولكنك، ولعل الله يغيرك، ابداً سوءا تزدادين..
حتى البلهاء اذا ما انصتت لقول حكيم...
عولج حمقها.. ولكن انت هل لك من دواء..؟
يا من تعاندين،، ولنصيحة زوجك ترفضين..

وبالله يرانا أفما كنت تنتصحين..
في الوقت الذي قضيناه معاً قبل أن نصبح متزوجين..
عن الصفات التي جعلتني في نظرك أقل شأناً..
هل حالت بيني وبينك كمتشاركين..؟
ولكني قسماً بربي ان عريق الدم يسري في عظامي..
فالتفاهات والصغائر ليست ممارستها خصالي..
فقد تجاهلت كل أولئك البلهاء..
وتزوجتك يا أعند النســاء..

وأحيانا تغرق السفينه المحملة في العاصفة الهوجاء..
بكل حمولتها.. فخسارة تلك عظيمة للانسان..
وما من سفينة غارقة .. قبل ذلك تفقدني ...
ثرواتي اذ انها لت تزيد عن المهر الذي منحتك..
البنادق اللامعة والخيول العادية.. كلها قد ضاعت..
أفلا تردين شيئاً تبعاً للعرف القديم..؟

آه أيتها المرأة .. كثيرا ما فقدت صبري..
ولكن مادام قد فشلت جميع العظات..
فإنني ممسك عن الكلام، واحد ثلاث تختارين..
العقــــاب، أو الإهمــال، أو الطلاق... اختاري منها ما تشائين..



المفتش كرمبو 12 - 5 - 2011 04:08 PM

ســلان عربيي (Salaan carabeey) ، احد الشعراء الصوماليين المرموقين وصاحب قصائد كثيرة منتشرة في كل مكان لما لها من قوة وجمال، والأبيات التالية من جبـاي طويلةلهذا الشاعر تحت عنوان "صديق خائن" يعتبر الشاعر عن مرارته وأسفه لفشل هذه الصداقة.. فيقول :-

قبل أن تمطر السماء وعندما تكون الرياح ساكنــة...
تصبح حركة السفينة ذات الشراع العريض غير ممكنة..
والكتل الخشبية الكبيرة يصبح اشتعاله محالا..
دون ان يساعدها لهب القش الجاف..

ولا يعيش وحده الانسان دون حاجة في يوم ما..
لمعاونة اخوانه، ليخففوا عنه احزانه..
فالانتصار لك تصحلت عليها في لعبة الحياة..
اذ لم أكن منعزلا وحدي دون عون الاخوان..
ان خير الجياد يثور اذا ضرب بقسوة..
ضل عناني.. والحظ يفزعني..
فهل لك ان تدعني في سلام ولا تجعلني اصيح..

انظر الــي... اني كنسر السهول الواسعة..
في مكان قاحل اجلس جزينا..
في وقت الاجتماع ذلك الوقت المهيب..
عندا يتلاقى الرجال واللسان حاد متأهب..
كنصل السيف لروح الرجال يزهق..
حجة الرجل المغلوب تسمع والحكم يصدر..

بعض الناس بجانب الحق لا يقفون..
ولا للحق يسمعون.. فمثل هؤلاء يرسلهم القدر..
فهم للكراهية والحقد صنوان.. غلاظ القلوب..
وهذا الصديق الذي ظننته من الأعوان..
لم يمنحني الا السخرية والهوان...

موقف الأغبياء يسئ لكرام الرجال..
منحتك يا صديقي الثقة ورددت الجميل..
فدنست اسمي جاهدا أمام الجميع..
ويوما اذا كان عندي لك ود وحب..
فقسماً بالله قد تعثر وولـــى...
تلك هي سنة الحياة وكم لها من مرارة..
الشفقة نحو الرجال تولد الكراهية المستترة..

في هذه الحياة في صداقتنا قد فشلنا..
سيحسم الله في الآخرة خصامنا..
فصادق أحد آخر من أقاربك..
لأني عن الولاء لك قد ابتعدت..
ولآن مصيرك بطرف ردائك اعقله...
ولله وحده أتر الحكم فيك..


حنان مازن 12 - 5 - 2011 11:33 PM

طرح قيم ومفيد
تعرفنا الكثير عن الادب الصومالي واللهجات
تحياتي وباقة ورد يا مفتش كرمبو

بنت فلسطين 13 - 5 - 2011 10:44 AM

شكرا لك على موضوعك الرائع

طرح موفق

تقديري واحترامي

سما 13 - 5 - 2011 09:15 PM

سلمت الايادي على المعلومات والطرح الرائع
تحياتي لك مفتش كرمبو


الساعة الآن 02:35 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى