منتديات المُنى والأرب - قبل «65» عاماً...ذكريات أهل عمان قديماً بأفراح «عيد الاستقلال»

http://www.alrai.com/img/327000/327015.jpg

كانت عمان على موعد مع الاحتفالات الاكثر بهجة وروعة وذلك حين احتفلت باستقلال الاردن يوم 25 أيار عام 1946 فكانت مشاركة الناس كثيفة.. وقد تبارى تجار العاصمة يومها جميعاً في تزيين المدينة الفتية حتى بدت في ابهى حلى ترتديها منذ نشوء الامارة.. وكان في مقدمة الافراح والاحتفالات تلك العراضات الشامية المعروفة وحلقات الدبكة والاهازيج الشعبية المؤثرة في القلوب والارواح – هذا ما ذكره فؤاد البخاري في كتابه عمان ذاكرة الزمن الجميل-.
في سينما البتراء
ويعد الاحتفال بعيد الاستقلال الذي جرى سنة 1946 من اعظم الاحتفالات التي اقيمت في عام منذ «65» عاما.. فقد اقيمت الزينات والدبكات واقواس النصر، وقدمت وفود الى عمان من مختلف مناطق امارة شرقي الأردن، ومن بعض الدول العربية الشقيقة للمشاركة بذلك ولتقديم التهنئة للأمير عبدالله الأول بن الحسين والذي سيصبح بعدها ملكاً.
هذا وقد اقامت بلدية عمان سنة 1946 حفلة بمناسبة الاستقلال في سينما البتراء برعاية الملك عبدالله الاول.. اذ افتتحت الحفلة بنشيد الشباب والقى رئيس البلدية كمال الجيوسي كلمة بالمناسبة وتخلل الحفل فقرات موسيقية ورقصات شركسية ثم اختتم الاحتفال بكلمة القاها جلالة الملك عبدالله الأول.
ضيوف الدول الشقيقة
وتتابع الدكتورة حنان ملكاوي في كتابها عمان دراسة تاريخية حول عيدالاستقلال قديماً فتقول: وكانت الحكومة قد اعدت الترتيبات اللازمة لإقامة الوفود التي حضرت للمشاركة في احتفالات الامارة بالاستقلال سنة 1946، اذ حجزت فندق فيلادلفيا وطلبت من بعض الشيوخ والوجهاء في مدينة عمان من امثال: مثقال باشا الفايز وواصف باشا البشارات واسماعيل بك البلبيسي وصبري الطباع اعداد بيوتهم (الشبيهة بالقصور) لاستقبال الوافدين ايضاً.. اذ كانت مدينة عمان آنذاك تفتقر الى الفنادق الكبيرة والمباني المناسبة لاقامة واستيعاب تلك الوفود.
ذكريات الأديب الشهير
ورصد عبدالرحمن منيف الكاتب والروائي الشهير فرحة اهالي عمان بالاستقلال الوطني سنة 1946م فوصفها قائلاً: كانت وجوه الناس وتصرفاتهم اقرب الى وجوه براءة الاطفال وتصرفاتهم اذ يضحكون وبعض الاحيان يبكون.. وقال الذين ذهبوا الى الرصيفة – وربما ماركا – انهم لم يروا في حياتهم وليمة مثل تلك التي اقيمت هناك سواء بعدد الخراف التي ذبحت او الاهازيج التي ظلت تردد في جنبات الوادي.. وقالوا ان رصاصاً غزيرا اطلق في ذلك اليوم وان فرحة الاهالي واحتفالاتهم المتنوعة بالاستقلال انما هي تعبير اكيد وصادق في رغبة الشعب ووعيهم باهمية التخلص من الانتداب البريطاني.
احتفال في ماركا – المحطة
وفي كتابه محطة عمان يذكر د. موفق خزنة كاتبي عن احداث مفرحة حدثت في المحطة – ماركا في الاربعينات ومنها مثلاً ما يلي: حفل تتويج الأمير عبدالله الأول بن الحسين ملكاً على الأردن باسم ملك المملكة الأردنية الهاشمية، كانت الحفلة في ماركا حيث اقيم عرض عسكري كبير، وكان الملك عبدالله يقف في سيارة بيضاء مكشوفة أظنها باقية الى الآن، ويقف بجانبه الأمير عبدالاله الوصي على عرش العراق، وكان الحفل في موقع المطار المدني الحالي.. ولما كانت المحطة الطريق الوحيد الى ماركا فقد ازدحمت المحطة بالناس الآتين من كل صوب وانتشر الباعة المتجولون ووضع سكان حارة المعانية واصحاب الدكاكين جرار الماء الباردة لتسقي العطشى من الناس العائدين من مشاهدة الاحتفال.. وكنت أنا واهلي ممن ذهبوا الى مكان الاحتفال، ولما كنت طفلاً كبيرا واحمل «كاميرا» تصوير خاصة لي فقد سمحوا لي ان ادخل واقترب من السيارة الملكية، وهكذا وقفت بجانب السيارة والتقط بعض الصور التي ما زلت احتفظ بها الى الآن للملك والأمير .. وكنت وقتها افاخر بها زملائي في المدرسة.
صور قديمة للاحتفالات
ونختار هنا ثلاث صور قديمة اخذت بمناسبة احتفالات عمان قديما بعيد الاستقلال الاردني عام 1946 وهذه الصور مع شرحها اخذناها للأهمية من كتب الباحث المرحوم ارسلان رمضان وهي من الكتب التالية: عمان بين الأمس واليوم، عمان تاريخ وصور، صور من ذاكرة الاردن.
الصورة رقم (1) حيث نقرأ ما جاء في شرحها ما يلي: في شباط 1946 قام الأمير عبدالله ورئيس الوزراء السيد ابراهيم هاشم بزيارة بريطانيا زيارة رسمية، وقد اجرى الامير مفاوضات انتهت بالغاء الانتداب والاعتراف باستقلال شرق يالاردن. وفي اذار 1946 بويع الملك عبدالله بن الحسين بالملك، واصبح الاردن احدى الدول العربية المستقلة.
وقوس النصر في هذه الصورة اقامه المرحوم عبدالله ابو قورة في شارع الملك فيصل الاول احتفاءً بعودة المغفور له جلالة الملك عبدالله بن الحسين المعظم من لندن بعد النجاح الذي وافق زيارته التاريخية الى العاصمة البريطانية باعلان استقلال المملكة الاردنية الهاشمية.
الصورة رقم (2) وكان تحتها هذا الشرح: جموع غفيرة مجتمعة امام مبنى بلدية عمان في نهاية شارع الملك فيصل ومدخل شارع السعادة وشارع الرضا بمناسبة الاحتفالات باستقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946، وقد زينت هذه المنطقة بالاعلام الأردنية واشجار الزينة واقواس النصر ابتهاجا بهذه المناسبة التاريخية.
الصورة رقم (3) كتب في شرحها ما يلي: جموع محتشدة من المواطنين في ساحة الملك فيصل بمناسبة الاحتفالات التي اقيمت بمناسبة عيدالاستقلال عام 1946.
الصورة رقم (4) يوم الاحتفال باعلان الاستقلال 25 أيار 1946، حيث جلالة الملك عبدالله يتأمل المصحف الشريف الذي قدمه له رئيس بلدية عمان (سامح حجازي) ويبدو في الصورة ابراهيم هاشم رئيس الوزراء وعباس ميرزا مدير الداخلية - وهذه الصورة من كتاب عمان عاصمة الاردن من تحرير المرحوم المؤرخ سليمان الموسى.
مقدمات الاستقلال
في أثناء الحرب العالمية الثانية والتي حدثت ما بين اعوام 1939 - 1945 اصبح الاردن خطاً من خطوط المواصلات العسكرية, وقد ادى ذلك الى ازدياد حجم العمل وازدياد عدد الايدي العاملة في البلاد, مما ترك تأثيره الايجابي على مدينة عمان من ناحية التوسع وازدياد العمران.
وكانت للحرب تأثيرات ايجابية على الصعيد السياسي اذ ان الاردن الى جانب الحلفاء برهنت على نضوج البلاد واستعدادها لحكم نفسها بنفسها. وفي عام 1945 وقع الاردن مع عدد من الدول العربية على ميثاق الجامعة العربية. وفي 17 كانون الثاني 1946 اعلنت الحكومة البريطانية رسمياً في اجتماع لهيئة الامم انها تعترف: «بتطور شرقي الاردن تطوراً جعلها أهلاً للاستقلال التام ورفع الانتداب عنها, وان الحكومة البريطانية ستتخذ الخطوات السريعة للاعتراف بشرقي الاردن دولة مستقلة ذات سيادة - وهذا ما حصل فعلاً - كما أشرنا سابقاً.
دولة ذات سيادة
المملكة الاردنية الهاشمية دولة مستقلة ذات سيادة, وهي حرة مستقلة مُلكها لا يتجزأ ولا يُنزل عن شيء منه, ونظام الحكم فيها ملكي وراثي نيابي.
وفي يوم 25 أيار 1946 اصدر المجلس التشريعي الاردني قراراً باعلان البلاد الاردنية دولة مستقلة وبالبيعة بالمُلك لمؤسس كيان البلاد الملك عبدالله بن الحسين وقد وافق الملك عبدالله على القرار, وبعد ذلك جرت مراسيم تقديم وثيقة البيعة بحضور ممثلي الدول وزعماء البلاد ووفود الدول العربية.
وتبع تمتع البلاد باستقلالها التام نشر دستور جديد للملكة في 1 شباط 1947 ثم جرت انتخابات نيابية وتم تعيين اعضاء لمجلس الاعيان, واخذ مجلس الامة (النواب والاعيان) بعقد جلساته ابتداءً من شهر تشرين الاول عام 1947.