منتديات المُنى والأرب

منتديات المُنى والأرب (http://www.arabna312.com//index.php)
-   رمضـــان ُمبـارك (http://www.arabna312.com//forumdisplay.php?f=254)
-   -   رمضان ميدان للعمل (http://www.arabna312.com//showthread.php?t=17744)

بن زيدون 5 - 8 - 2011 11:41 AM

رمضان ميدان للعمل
 
رمضان ميدان للعمل
[جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ]
رمضان ميدان للعمل

الخطبة الأولى
الحمد لله الولي الحميد، الغني الكريم؛ ينعم على عباده بالخيرات، ويفتح لهم أبواب البركات، ويعينهم على فعل الحسنات، نحمده فهو أهل الحمد؛ فالخير بيديه، والشر ليس إليه، ونشكره على ما أعطى وأسدى؛ فعطاياه في خلقه لا تعد، وأفضاله لا تحد؛ خلق عباده من العدم، وأمدهم بالنعم، وهداهم للإيمان، وجزاهم عليه بالإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جعل الليالي والأيام ظرفا لأعمال العباد، وكل عامل يجد ثمرة عمله أمامه [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ] {الزَّلزلة:7-8} وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ كان يبشر أصحابه برمضان، ويخبرهم أنه شهر مبارك، ويجتهد فيه بالطاعات، ويلزم المسجد معتكفا في عشره الأخيرة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واستقبلوا هذا الشهر الكريم بتجديد التوبة وكثرة الاستغفار، واعمروه بأفضل أعمالكم، وحققوا فيه ما شُرع من أجله وهو التقوى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] {البقرة:183}.
أيها الناس: في قانون الحياة الدنيا يجد كل عامل أثر عمله، ويجني ثمرة كده وسعيه، والذي لا يعمل لا يجني شيئا، والذي يرتزق بالجريمة يعاقب بجرمه، والذي يحسن في عمله يفرح بكسبه، ويجد لذة عيشه [كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا] {الإسراء:20}.
وكما أن الله تعالى جعل قانون النجاح في الحياة الدنيا معلقا بأسباب العمل والإنتاج فإنه سبحانه جعل الفلاح في الآخرة معلقا بأسباب الإيمان والعمل الصالح، فلا فوز في الآخرة بلا إيمان وعمل، بل هو الخسران المبين، والعذاب الأليم [مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا] {النساء:124}.

إن القرآن مليء بالآيات الكريمة التي فيها ترتيب الجزاء على الأعمال، وأن عمل العبد سبب لربحه أو خسارته، وأنه إنما يجني يوم القيامة ما كسبت يده [فَاليَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ] {يس:54} وفي آية أخرى [كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ] {المدَّثر:38}.
وفي القرآن تصريح بالجزاء على الأعمال سواء في حق أهل الجنة أم في حق أهل النار:
ففي أصحاب الجنة [لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ] {سبأ:4} وفي آية أخرى [فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ المُحْسِنِينَ] {المائدة:85}.
إنهم قوم زكوا قلوبهم بالإيمان والتوحيد، وزكوا جوارحهم بالأعمال الصالحة، فكانت الجنة جزاء تزكيتهم [جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى] {طه:76}.
وجزاؤهم على العمل الصالح جزاء كبير عظيم، لم تره عين من قبل، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر [فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {السجدة:17}.
وقد يغتر المستغنون بأموالهم، المستقوون بأولادهم أن ذلك ينفعهم يوم القيامة فنفى الله تعالى ذلك، وأثبت أنه لا ينفع إلا الإيمان والعمل، وأن صاحبه يجازى بأضعاف ما كان يعمل؛ فضلا من الله تعالى وكرما [وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الغُرُفَاتِ آَمِنُونَ] {سبأ:37} ثم زادهم فأعطاهم أكثر مما عملوا [جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا] {النَّبأ:36}.

والنية الصالحة مع العمل هي السبب لبلوغ هذا الأمل، وهو الأمل في رضا الله تعالى وجنته، وإلا فإن من عمل للناس وكل إليهم ليجزوه على عمله ولن يجزوه كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» رواه مسلم.
ولما ذكر الله تعالى جزاء الطائعين ذكر من أوصافهم إطعام الطعام، ولكن إطعامهم ليس لأجل ثواب البشر؛ أو ليقال ما أغناهم وما أكرمهم وما أجودهم!! بل هو لله تعالى [إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا] {الإنسان:9} وتكثر في رمضان أوجه إطعام الطعام، في مد موائد الإفطار، فليحذر من يبذلون ذلك من الرياء، فلا جزاء إلا بإخلاص.
وفي آيات أخرى يُجعل الصبر سببا للجزاء؛ لأن فعل الطاعة والكف عن المعصية يحتاج إلى صبر [أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا] {الفرقان:75} [وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا] {الإنسان:12}. فإحسانهم لا يضيعه الله تعالى [لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ المُحْسِنِينَ] {الزُّمر:34} ويجرى فيهم قانون المجازاة على الإحسان [هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ] {الرَّحمن:60}.
والجزاء على الأعمال ثابت أيضا في أصحاب النار، فلم يظلمهم الله تعالى حين عذبهم، بل عاملهم بعدله وهو الحكم العدل سبحانه وتعالى، وجازاهم بأعمالهم التي عملوها في الدنيا [وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآَخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {الأعراف:147} وبين سبحانه أن جزاءهم مقابل لكفرهم [جَزَاءً وِفَاقًا] {النَّبأ:26} أَيْ: جَزَيْنَاهُمْ جَزَاءً وَافَقَ أَعْمَالَهُمْ، وقال سبحانه وتعالى في المنافقين [إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] {التوبة:95}.
ولما قال الشيطان في آدم وذريته [أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا] {الإسراء:62} قال الله تعالى له [اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا] {الإسراء:63}.
وكما جزي أهل الإحسان بإحسانهم فكذلك جزي أهل السوء بإساءاتهم [وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ] {يونس:27}.
وفي الجمع بين الفريقين في آية واحدة [وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالحُسْنَى] {النَّجم:31}.
ومن قانون جزاء الله تعالى أنه يكون كريما مع عباده المؤمنين فيجزيهم بأحسن أعمالهم، وأحسن أعمالهم هو توحيده سبحانه [وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ] {العنكبوت:7}.
ومن عدله مع الكافرين أنه لا يجزيهم إلا بأعمالهم، ولكن لشدة مقته سبحانه لهم يجزيهم بأسوأ أعمالهم وهو الكفر به سبحانه [فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ] {فصِّلت:27}.
فالله تعالى مُحْسِنٌ إلَى عِبَادِهِ المؤمنين فِي الْجَزَاءِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ الصَّالِحَةِ إحْسَانًا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْحَمْدَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنْعِمُ بِالْأَمْرِ بِهَا؛ وَالْإِرْشَادِ إلَيْهَا، وَالْإِعَانَةِ عَلَيْهَا، ثُمَّ إحْصَائِهَا ثُمَّ تَوْفِيَةِ جَزَائِهَا. فَكُلُّ ذَلِكَ فَضْلٌ مِنْهُ وَإِحْسَانٌ؛ إذْ كُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ، وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ.
وليس جزاؤه لعباده بالجنة ثمنا لأعمالهم في الدنيا؛ لأن الجنة لا ثمن لها؛ ولأن الله تعالى قد أنعم على العباد في الدنيا نعما تربو على أعمالهم مهما بلغت، ولكن حكمته سبحانه اقتضت أن تكون الأعمال الصالحة سببا لرضوانه وجنته، التي ينالها أهلها برحمته سبحانه وتعالى لهم، ولا ينالونها بمجرد أعمالهم.
نسأل الله تعالى أن يغدق علينا من فضله، وأن يشملنا بعفوه، وأن يسعنا برحمته، وأن يعيننا على ما يرضيه، إنه سميع مجيب.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم... .......................شبكة نور الاسلام.
:الشيخ / إبراهيم بن محمد الحقيل


ا

صمت الجروح 5 - 8 - 2011 12:55 PM

بارك الله بك وأثابك الجنة وجعله في ميزان حسناتك

شكرا على الإفادة والطرح

http://files2.fatakat.com/2010/8/1281679295.gif


hakimnexen 5 - 8 - 2011 06:37 PM

جزاك الله يا اخى احمد ونفع الله بما كتبت
والله إننا نستفيد من مواضيعكم
فائدة عظيمة


أسأل الله أن لا يحرمكم الأجر ..

أبو جمال 5 - 8 - 2011 07:41 PM

بارك الله بك وجزاك عنا كل خير

اطوار 6 - 8 - 2011 01:05 AM

الخط صغيرررررررررر
جازاك الله الخير يا اخ بن زيدون ويبارك بك
جعله الله ذخرا لك في الآخرة
بورك بك

B-happy 6 - 8 - 2011 01:55 AM

جزاك الله الخير على هذه الخطبة وبارك بك على الافادة

shreeata 6 - 8 - 2011 03:45 AM

جزاك الله عنا كل خير
وجعله في ميزان حسناتك
تحيات لك

بن زيدون 6 - 8 - 2011 08:14 PM

جزاكم الله كل خير على التواجد .........ورمضان كريم إن شاء الله


الساعة الآن 06:46 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. منتديات المُنى والأرب

جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها ... ولا تعبّر عن وجهة نظر إدارة المنتدى