أولاً : العــــدة .
لغةً : بكسر العين معناه الإحصاء ، يقال عددت الشيء عدة : أي أحصيته إحصاء،و قال صاحب المصباح المنير (2/470 ):"
وعدة المرأة أيام أقرائها ،مأخوذ من العد و الحساب ،و قيل : تربص المدة الواجبة عليها ".
شرعاً : اسم لمدة تتربص بها المرأة عن التزويج بعد وفاة زوجها ، أو فراقه لها إما بالولادة أو الأقراء أو الأشهر".( الفتح 9/380 ، النيل 6/387، السبل 3/245 )
ب- حكمها :
العدة واجبة
و الأصل في وجوبها الكتاب ،و السنة ، والإجماع .
أما الكتاب : فقوله تعالى :" و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ".( البقرة 228 )
و قوله تعالى:" و اللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ،و اللائي لم يحضن ،و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ".( الطلاق 4 )
و قوله تعالى :" و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا ".( البقرة 234 )
أما السنة : فما روته فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها البتة فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السكنى و النفقة ، فقالت :" فلم يجعل لي سكنى ،ولا نفقة ،و أمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم ". متفق عليه
و كذلك ما روته سبيعة ، و فيه : أن زوجها توفي عنها ،وهي حامل فلما وضعت جاءت تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدتها قالت : فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي ،و أمرني بالتزوج إن بدا لي . متفق عليه
أما الإجماع : فقد أجمع العلماء على وجوب العدة في الجملة ،وإنما اختلفوا في بعض أنواعها . ( المغني 7/448 ، الفقه الإسلامي 7/626 )
ج- الحكمة من وجوب العدة: ففي :
1. الطلاق الرجعي: تمكين الزوج من الرجوع . ( زاد المعاد 5/666 )
2. الطلاق البائن : لإستبراء الرحم . ( الفتح 9/384 )
3. المتوفى زوجها : رعاية حق الزوج ، وإظهارا لفقده. ( الزاد 5/665 ) و هذا قول الشافعية،و الحنابلة
قالوا : المقصود الأعظم من العدة حفظ حق الزوج دون معرفة البراءة ، و لهذا اعتبرت عدة الوفاة بالأشهر و وجبت العدة على التي لم يدخل بها زوجها تعبداً مراعاة لحق الزوج . ( مغني المحتاج 3/395 ، كشاف القناع 5/276 )
د-القاعدة في أحكام العدة :
كل طلاق أو فسخ وجب فيه جميع الصداق وجبت العدة ،وحيث سقط الصداق كله أو لم يجب إلا نصفه سقطت العدة .
مثال الفسخ : ثبوت الرضاع بين الزوجين أو العيب أو اختلاف الدين. ( الفقه الإسلامي 7/625 )
هـ- شروط , و أسباب كل نوع من أنواع العدة :
أولا : عدة الأقراء:
1- سببها: الفرقة من زواج صحيح, وشرط وجوبها: الدخول بالمرأة في زواج صحيح عند الأحناف ،و الحنابلة،و خالف في هذا الإمام مالك .
2- أو الفرقة في زواج فاسد بتفريق القاضي أو بالمتاركة،و شرط الجمهور: الدخول عليها خلافا لمالكية .
3- أو الوطء بشبهة عقد .
فائدة :
اختلف أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم في القُرء ،فقال جماعة هو : الحيض ، وهم عمر بن الخطاب وابن مسعود وعلي ، ونقل عمرو بن دينار هذا عن جماعة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو قول عطاء ، وخالفهم جماعة من السلف فقالوا: القرء هو الطهر ، وهو قول زيد بن ثابت وعبدالله بن عمر وأم المؤمنين عائشة وابن عباس ... وسيأتي
ثانيا : عدة الأشهر: و هي نوعين :
النوع الأول : يجب بدلاً عن الحيض
والنوع الثاني : يجب أصلاً بنفسه .
فالأول: هي عدة الصغيرة، و الآيسة
وسبب وجوبها : الطلاق
و شرط الوجوب :
1- الصغر أو الكبر أو فقد الحيض.
2- الدخول في نكاح صحيح ، خلا المالكية فلا يشترط عندهم صحة النكاح .
وأما الثاني: فهي عدة الوفاة ,و سبب وجوبها: وفاة الزوج
و شرط الوجوب : الزواج الصحيح فقط .
ثالثا : عدة الحمل : و هي مدة الحمل،و سببها : الفرقة أو الوفاة
و شرطها : أن يكون الحمل من الزواج الصحيح أو الفاسد . ( الفقه الإسلامي 7/633 )
و- وقت ابتدأ العدة وما يعرف به انقضاؤها :
1. إن كان الزواج صحيحا: فمبدأ العدة بعد الطلاق أو الفسخ أو الموت ،فابتداء العدة في الطلاق،ونحوه عقب الطلاق ،وفي الوفاة عقب الوفاة
وهذا بالاتفاق بين الفقهاء، و تنقضي العدة وإن جهلت المرأة بالطلاق أو الوفاة، لأن العدة أجل، فلا يشترط العلم بمضي الأجل ،فلو طلقها أو مات عنها و لم يبلغها الخبر انقضت عدتها بالاتفاق . ( السيل الجرار 2/397 )
2. إن كان الزواج فاسدا: فمبدأ العدة بعد أو عقب التفريق من القاضي بين الزوجين أو بالمتاركة وإظهار عزم الواطئ على ترك وطئها ،و هذا قول جمهور الحنفية .
3. إن كان الوطء بشبهة : قال ابن عابدين :" لم أرى من صرح بمبدأ العدة في الوطء بشبهة بلا عقد و ينبغي أن يكون من أخر الوطآت عند زوال الشبهة ، بأن علم أنها غير زوجته ".( حاشية ابن عابدين 3/522)
و الصحيح في عدة الموطؤة بنكاح فاسد أو شبهة أن تكون من آخر الوطئات عند زوال الشبهة لعدم العقد فلم يبقى سبب للعدة إلا الوطء . ( الفقه الإسلامي 7/ 6 )
ز- عدة الحامل المتوفى عنها زوجها :
1. تنتهي عدة الحامل بوضع الحمل، لحديث أم سلمة :قالت :"قتل زوج سبيعة الأسلمية،وهي حبلى فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخطبت فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،و كان أبو السنابل فيمن خطبها . متفق عليه
وهذا قول جمهور الفقهاء من السلف والخلف وأئمة الفتوى في الأمصار، وخالف في ذلك علي بن أبي طالب – فيما رواه عنه سعيد بن منصور بسند صحيح إليه كما قال الحافظ – قال : تعتد آخر الأجلين. (الفتح 9/384، شرح مسلم10/109، النيل 6/288)
و المراد بالحمل على أي صفة كان مضغة أو من علقة سواء استبان الخلق أم لا، وعلى هذا الجمهور . ( الفتح 9/385 ، شرح مسلم 10/109 ، زاد المعاد 5/600 )
2. يجوز العقد عليها إذا وضعت ولو لم تطهر من دم النفاس ، لقوله صلى الله عليه وسلم عن سبيعة :"إنها حلت حين وضعت " . رواه البخاري
وهذا قول الجمهور من الشافعية و الحنابلة ومن وافقهم ، غير إنه لا يقربها زوجها حتى تطهر . ( الفتح 9/385 ، المغني 7/456 )
3. الحامل إذا طلقت ثم توفي زوجها تنقضي عدتها بوضع حملها لقوله تعالى :"و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن "..و قد نقل الإجماع على هذا .
4. إذا كانت المرأة حاملا بإثنين و بقي من حملها شيء في بطنها لم تضع حملها و لم تنقضي عدتها إلا بوضع الثاني لقوله تعالى : "حتى يضعن حملهن ".
و على هذا جمهور أهل العلم . ( الزاد 5/600 ، الفقه الإسلامي 7/635 )
5. المرأة التي مات عنها زوجها أو المطلقة إذا شكت في الحمل فلا تعجل بنكاح حتى تستبين أنه ليس في بطنها ولد، بمعنى حتى تزول الريبة ، و هذا قول الشافعية والحنابلة ، و قال المالكية تتربص إلى منتهى أمد الحمل و عندهم خمس سنوات . ( الفقه الإسلامي 7/637 )
ح- المكان التي تعتد فيه المتوفى عنها زوجها :
عن فريعة بنت مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها :"امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله "، قالت :فاعتددت فيه أربعة أشهر و عشرا. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، و إسناده قوي، وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم 2016( الزاد 5/680 ، النيل 6/299 )
و لقد اختلف في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : أنها تمكث في المكان الذي أتاها فيه نعي زوجها ،وهو قول عمر وابنه عثمان والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسعيد بن المسيب وعطاء وابن سيرين و مالك و أبو حنيفة والشافعي و الأوزاعي
قال ابن عبد البر : و قد قال بحديث فريعة جماعة من فقهاء الأمصار بالحجاز و العراق و الشام ومصر ولم يطعن فيه أحد منهم .
قال الشوكاني : و حديث فريعة لم يأتي من خالفه بما ينهض لمعارضته فالتمسك به متعين و لا حجة في أقوال أفراد الصحابة.
و لقد دافع ابن القيم عن حديث فريعة هذا في زاد المعاد فراجعه . ( النيل 6/300 ، الزاد 5/692 )
القول الثاني : أنها تعتد حيث شاءت،و هو قول علي وابن عباس وجابر وعائشة فيما صح عنهم عند عبد الرزاق في المصنف . ( الزاد 5/681-682 ، النيل 6/300 ) و يناقش هذا القول بما يلي :
1. لا يجوز ترك صحيح السنة لقول صحابي .
2. إن هذا الأمر تلقاه عثمان و أكابر الصحابة بالقبول،و نفذه عثمان و حكم به .
ويعتذر لهؤلاء الصحابة أنه لم يبلغهم حديث فريعة ،أو تأوله,أو قام عندهم ما يعارضه. ( الزاد 5/692 )
ط- عدة الموطوءة بشبهة أو بنكاح فاسد:
تعتد من كان هذا حالها عدة الأقراء- عدة الموطوءة بنكاح صحيح- لأن المقصود منه برأة الرحم عند عامة الفقهاء، لأن وطأها كالصحيح في شغل الرحم ،و لحوق النسب. ( المغني 7/470 ، فتح القدير 4/311 ، المهذب 2/146 )
و ذكر ابن قدامة أنه يجوز لزوج الموطوءة بشبهة أن يستمتع بها فيما دون الفرج كالحائض . ( المغني 7/450 )
ي- عدة الموطوءة بزنا :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه ليس لها عدة ،لان العدة لحفظ النسب والزاني لا نسب له. ( المغني 7/450 ، تكملة المجموع 16/606 ، حاشية ابن عابدين 3/503 )
و عند المالكية و الحنابلة : تلزمها عدة كاملة إما بالأقراء، أو بالأشهر. ( المصادر السابقة ، و الفقه الإسلامي 7/625 )
ك- عدة المرأة غير المدخول بها:
1. إذا طلقت المرأة قبل أن يدخل عليها زوجها فليس عليها عدة لقوله تعالى :"يا أيها الذين أمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها..." ( الأحزاب 49 ) و لأن العدة تجب لبراءة الرحم ،و رحمها بريء بيقين فلا يجب عليها عدة ،و نقل اتفاق الفقهاء على هذا . ( الفتح 9/397 )
2. المرأة التي عقد عليها زوجها ثم مات عنها قبل المسيس ،عليها عدة الوفاة وهي أربعة أشهر و عشرا لقوله تعالى :"والذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا ".( البقرة 234 )،و لحديث أم حبيبة مرفوعا :"لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر و عشرا ". متفق عليه ،و لإجماع العلماء على ذلك .
واعلم أن غير المدخول بها إذا خلا بها الرجل ،أو أرخى عليهما الستر ،وجب لها الصداق كله ،ويجب عليها العدة ،وهو مذهب أحمد ،ويروى عن الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر وبه قال عروة وعلي بن الحسين وعطاء والزهري والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي . المغني ( 7/401 )
وقال بعضهم لها نصف الصداق ولا عدة عليها إن لم يكن جامعها وهو قول ابن عباس وابن مسعود وطاووس وشريح والشافعي . سنن البيهقي ( 7/424 ) والأم ( 5/215 )
ل- عدة من لا حيض لها من النساء :
1. إذا كانت المرأة ممن لا تحيض و لا يحيض مثلها ، كالصغيرة و الآيسة ، فعدتها ثلاثة أشهر لقوله تعالى :"و اللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ،و اللائي لم يحضن ..". ( الطلاق 4 ) ، و هذا قول جمهور الفقهاء . ( المغني 7/ 458-461 ، بدائع الصنائع 4/1999 ، بداية المجتهد 2/89 ، الزاد 5/659-664 ، الفتح 9/380 )
2. و المعتبر بالأشهر الأهلة، لقوله تعالى :" و يسألونك عن الأهلة فل هي مواقيت للناس والحج ".( البقرة 189 )
3. و إن وقع الطلاق أثناء الشهر اعتدت بقيته ثم اعتدت شهرين بالأهلة ثم اعتدت من الشهر الثالث تمام ثلاثين يوما . ( أحكام الأسرة 2/205 للقليصي )
4. إذا بلغت المرأة سنا تحيض فيه في الغالب كخمس عشر سنة و لم تحض اعتدت بثلاثة أشهر . ( أحكام الأسرة 2/205 للقليصي )
5. اختلف الفقهاء في تقدير سن اليأس ، فقال الحنفية :خمس و خمسين سنة ، وقال المالكية : سبعين سنة ، وقال الشافعية : اثنين وستين سنة ، وقال الحنابلة : خمسين سنة
و اختار ابن تيمية و تلميذه ابن القيم أنه يختلف باختلاف النساء و ليس له حد يتفق فيه النساء . ( راجع مذاهب الفقهاء في تقدير سن اليأس في الفقه الإسلامي 7/ ، و انظر زاد المعاد 5/658
م- عدة المختلعة :
ذهب عثمان بن عفان وابن عمر إلى أن المختلعة تعتد بحيضة ،ويؤيده حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء في سنن النسائي[ جزء 6 - صفحة 186 ] 3497: أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثابت فقال له خذ الذي لها عليك وخل سبيلها قال نعم فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتربص حيضة واحدة فتلحق بأهلها .
قال الشيخ الألباني : صحيح وخالف هذا ابن المسيب وعروة بن الزبير والشعبي والزهري فقالوا: عدتها عدة المطلقة .
راجع جامع أحكام الطلاق ص 248 لعمرو سليم
ن- الإنتقال من الأشهر إلى الأقراء:
1. إذا اعتدت الصغيرة أو البالغ التي لم تحض بالأشهر ثم حاضت قبل انتهاء عدتها فإنه يلزمها استئناف العدة بالأقراء ولو حاضت قبل الإنتهاء بساعة و هذا قول جمهور الفقهاء وعليه اتفاقهم ،و إنما اختلفوا في معنى القرؤ، هل هو الحيض أم هو الطهر ؟ فذهب المالكية والشافعية إلى أنه الطهر ، و ذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه الحيض، و الصحيح القول الأخير ،و الله أعلم و فيه بحث يطول به المقام . ( المغني 7/465 ، المهذب 2/145 ، الفقه الإسلامي 7/644 )
2. فإذا انقضت عدتها بالأشهر ثم حاضت لم يلزمها الإستئناف لأن المقصود فد حصل بالبدل فلا يبطل حكمه . ( الفقه الإسلامي 7/645 )
فائدة :
إذا طلقت المرأة في حيضها ،فقد ذهب جماعة كبيرة من السلف إلى أنه لا يُعتد بهذه الحيضة وهو قول ابن عمر وسعيد بن المسيب وابن سيرين والزهري وعطاء ، والنفساء حكمها حكم الحائض إن طلقت في نفسها لم تعتد به . راجع جامع أحكام الطلاق ص 245 لعمرو سليم
و- الإنتقال من الأقراء إلى الأشهر :
1. إذا مات زوج المطلقة الرجعية فإنها تلغي ما كانت احتسبته من أيام ثم تبدأ في عدة الوفاة من جديد لأنها زوجة له ، و هذا قول ابن قدامة وابن المنذر و القرطبي . ( الفقه الإسلامي 7/ 646 )
2. إذا مات زوج المطلقة البائن فإنها تمضي في عدة الطلاق و لا حداد عليها . إلا إذا طلقها في مرض الموت فإنها تعتد بأبعد الأجلين من عدة الوفاة أو ثلاثة قرؤ
وهذا مذهب الحنفية و المالكية و الحنابلة و قال الشافعية : تبني على عدة الطلاق و لا فرق بين مرض الموت وغيره . ( المغني 7/471 ، مغني المحتاج 3/396 ، الفقه الإسلامي 7/ 647 )
3. إذا حاضت حيضة أو حيضتين ثم صارت من الآسيات فتنتقل عدتها من الحيض إلى الأشهر لقوله تعالى :" و اللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر .." (الطلاق 4 ) ، و إذا كانت تحيض ثم ارتفع الحيض و لا تدري ما رفعه فعند الحنفية و الشافعية لا تعتد بالأشهر حتى تبلغ سن اليأس ثم تعتد بالأشهر ، و عند المالكية و الحنابلة تعتد سنة : تسعة أشهر من وقت الطلاق ثم بعده ثلاثة أشهر عملاً بقول عمر بن الخطاب
و هذا الأخير هو الراجح . ( الزاد 5/659 ، الفقه الإسلامي 7/645 )
4. المعتدة من طلاق إذا ظهر بها حمل من الزواج تعتد بوضع الحمل . ( الفقه الإسلامي 7/ 645 )
ن: من ارتفع حيضها :
1. أن يرتفع لعارض معروف كمرض أو رضاع ، فتنتظر حتى يعود الدم ، فتعتد بالأقراء و إن طالت المدة . ( المغني 7/465 )
2. أن يرتفع بسب غير معروف (و تسمى عدة المرتابة ) : فتمكث تسعة أشهر من انقطاع حيضها ثم تعتد بعد ذلك بثلاثة اشهر كالصغيرة ة الآيسة
و قد نقل هذا القول عن جمع من الصحابة وهو مذهب المالكية ،والحنابلة ، و قول عند الشافعية ، و ذهب الحنفية و الشافعية إلى أنها تبقى أبدا حتى تحيض أو تبلغ سن من لا تحيض ثم تعتد بثلاثة أشهر . ( الزاد 5/656 ، الفقه الإسلامي 7/ 642 )
ص: أحكام العدد :
1. تحريم الخطبة : لقوله تعالى :" و لكن لا تواعدهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ".( البقرة 235 )
قال القرطبي : "سرا" قيل : النكاح أي لا يقل الرجل لهذه المعتدة :تزوجيني، و لا يأخذ ميثاقها و عهدها أن لا تنكح غيره في استسرار و خفية
هذا قول ابن عباس و مالك و جمهور أهل العلم
و قال الطبري :معناه الزنا ،و قال الشافعي معناه الجماع . ( جامع أحكام القرآن 3/ 178 )
2. تحريم الزواج : لقوله تعالى:" و لا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله"( البقرة 235 )
قال القرطبي : حرم الله عقد النكاح في العدة و هذا من المحكم المجمع على تأوله ،و إن بلوغ أجله انقضاء العدة .
ولو تزوج في العدة عالما بالتحريم فإنه يتأبد تحريمه عند الحنابلة و المشهور من مذهب مالك ، و عند الحنفية والشافعية أنه زان عليه الحد و لا يلحق به الولد و له أن يتزوجها بعد العدة .
3. حرمة الخروج من البيت : لحديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال : طُلِّقَتْ خَالَتِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا . رواه مسلم و أحمد( صحيح مسلم رقم 1483 الطلاق/ باب جواز خروج المعتدة البائن و المتوفى زوجها ، المسند برقم 14035 ، و أبو داود برقم 2297، النسائي برقم 3550 ، و ابن ماجة برقم 2034 )،
قال الشوكاني: ظاهره يدل على أنه يجوز لها الخروج لتلك الحاجة و ما يشابهها بالقياس
و قد بوب الإمام النووي لهذا الحديث في شرحه لصحيح مسلم فقال :باب جواز خروج المعتدة البائن و المتوفى عنها زوجها في النهار لحاجتها
وقد ذهب إلى ذلك علي بن أبي طالب من الصحابة ، وهو قول أبي حنيفة ، وهو أيضا قول عند الشافعية
و يدل على اعتبار الغرض الديني أو الدنيوي تعليله صلى الله عليه و سلم بالصدقة أو فعل الخير ولا معارضة بين هذا الحديث و بين قوله تعالى :"لا تخرجوهن من بيوتهن و لا يخرجن "
بل الحديث مخصص لذلك العموم المشعور به من النهي فلا يجوز الخروج إلا للحاجة لغرض من الأغراض ، هذا هو القول الأول في المسألة .
وأما القول الثاني : فهو قول الثوري و الليث و مالك والشافعي وأحمد و غيرهم أنه يجوز لها الخروج في النهار مطلقا و تمسكوا بظاهر الحديث و ليس فيه ما يدل على اعتبار الحاجة و غايته اعتبار أن يكون الخروج لقربة من القرب كما يدل على ذلك آخر الحديث
و مما يؤيد مطلق الجواز في النهار القياس على المتوفى عنها زوجها . ( النيل 6/298 ، الفقه الإسلامي 7/656 )
ع- النفقة و السكنى :
1. إتفق الفقهاء على أن المعتدة إذا كانت عدتها من طلاق رجعي فإن لها النفقة و السكنى لأن الزوجية باقية ،لحديث فاطمة بنت قيس مرفوعا :"إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كانت لزوجها عليها رجعة ". رواه النسائي بسند ضعيف وله طرق متعددة ، وقد نقل ابن القيم الإتفاق في هذه المسألة. (الزاد 5/674 )
أما إذا كانت حاملا وجبت لها النفقة لقوله تعالى : "وإن كن أولات حملن فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن " و لحديث فاطمة بنت قيس أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقال لها :" لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا ". رواه أبو داود و النسائي ( سنن أبي داود برقم 2290، وسنن النسائي برقم 3222و3552 )
2. و هذا قول علي وأبي هريرة و ابن مسعود ،و عند الشافعية لا نفقة لها . ( شرح مسلم 10/96 ، النيل 6/300 )
3. أما إذا كانت معتدة لوفاة زوجها ففي السكنى لها خلاف ،فمنهم من قال بوجوب السكنى لها ، و هذا قول ابن عمر وأم سلمة ومالك و الشافعي و رواية عن أحمد
و منهم من قال بعدم وجوب السكنى لها و هذا قول عمر و علي وابن مسعود و عائشة وأبي حنيفة .
أما النفقة
فقد قال بوجوب النفقة عليها ابن عمر ، و ذهب الحنفية و المالكية و الشافعية إلى عدم وجوب النفقة عليها ،
قال الشوكاني : إذا تقرر هذا علمت أنه لم يكن في القرآن ما يدل على وجوب النفقة أو السكنى للمتوفى عنها كما علمت أن السنة قاضية بعدم الوجوب . ( النيل 6/301 )
4. أما إذا كانت معتدة من طلاق بائن ، فقد قال المالكية و الشافعية أن لها السكنى
و استدلوا بقوله تعالى :"أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم " ،و لإسقاط النفقة استدلوا بمفهوم قوله تعالى :"وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن". فإن مفهومه أن غير الحامل لا نفقة لها و إلا لم يكن لتخصيصها بالذكر معنى
و قالوا أن السكنى بعد البينونة حق لله تعالى .
و قال الأحناف لها النفقة و الكسوة و السكنى لقوله تعالى :"لا تخرجوهن من بيوتهن ". وهذا قول عمر و ابن عبد العزيز
و قال الحنابلة و الظاهرية أن لا سكنى لها و لا نفقة ،لحديث فاطمة بنت قيس عند مسلم لما طلقت ثلاثا قال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم :" ليس لك نفقة ولا سكنى ".
وهذا قول إسحاق و ابو ثور ، قال الشوكاني :"و أرجح هذه الأقوال – قول الحنابلة – لما في الباب من النص الصريح الصحيح ".( المحلى 11/701-704 ، النيل 6/300 )